شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان الشيخ أحمد حطيبة يوميا فى رمضان
|
رد: شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان الشيخ أحمد حطيبة يوميا فى رمضان
|
رد: شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان الشيخ أحمد حطيبة يوميا فى رمضان
https://upload.3dlat.com/uploads/13591567081.gif شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان - فضل الصيام ومن يجب عليه الصوم والقضاء - للشيخ : ( أحمد حطيبة ) (3) جعل الله للصائمين شهر رمضان إيماناً واحتساباً أجراً عظيماً، وغفر لهم بذلك ما تقدم من ذنوبهم، ورهب المفطرين فيه عمداً وعدواناً، وتوعدهم بالعقاب الأليم؛ إذ قد هيأ لهم وللناس جميعاً أسباب القرب من الرحمن والبعد من الشيطان، ففتح أبواب الجنان، وأغلق أبواب النيران، وسلسل الشياطين، ولذلك استحق من بغى وتجبر في ذلك الشهر، العذاب الأليم. ومن رحمته سبحانه أنه لم يوجب الصيام على الجميع في كل حال، بل قد عذر أصحاب العذر، ولهم أحكام خاصة في الصيام. https://upload.3dlat.com/uploads/13777463663.gif فضل صوم رمضان إيماناً واحتساباً الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحابته أجمعين.جاءت أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضل الصوم عموماً، وأحاديث أخرى في فضل صوم رمضان خاصة، ومن هذه الأحاديث ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه). وفي حديث آخر: (من صام رمضان وقامه إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه).وذكرنا أن إيماناً معناها: أنه مصدق بأن هذا الصوم حق وفريضة فرضها الله سبحانه وتعالى، وأن يكون صومه ابتغاء وجه الله سبحانه وتعالى قاصداً فضيلة هذا الصوم. واحتساباً: أي: محتسباً الأجر عند الله، فيرجو الثواب من الله لا من غيره سبحانه وتعالى، ولا يقصد تسمية ولا يقصد أن يُري الناس أنه صائم، إذ لا رياء ولا سمعة في ذلك.ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنب الكبائر)، فهذه مكفرات جعلها الله عز وجل من فضله ورحمته تكفيراً لسيئات العبد، فجعل له مكفرات في اليوم، وفي الليلة، وفي العام، وغير ذلك من المكفرات.ومن ذلك الصلوات الخمس في اليوم، فمن الصلاة إلى الصلاة تكون صلاته التي صلاها كفارة لما وقع في مصائب وذنوب قبلها. وكذلك الجمعة إلى الجمعة، وكذلك رمضان إلى رمضان، فكل هذه من المكفرات لذنوب الإنسان المؤمن إذا أتى بهذه الأعمال على الوجه الذي يرضي به ربه سبحانه وتعالى. الترهيب من عدم الإخلاص في صوم رمضان جاء في مستدرك الحاكم عن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (احضروا المنبر) يعني: احضروا عند المنبر، قال: (فحضرنا، فلما ارتقى درجة قال: آمين، فلما ارتقى الدرجة الثانية قال: آمين، فلما ارتقى الدرجة الثالثة قال: آمين).وكانت درجات منبر النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث درجات. يقول: (فلما نزل قلنا: يا رسول الله! لقد سمعنا منك اليوم شيئاً ما كنا نسمعه، قال: إن جبريل عرض لي فقال: بعد)، ومعناه: هلك هذا الإنسان وابتعد عن رحمة الله واستحق العذاب، (بعد من أدرك رمضان فلم يغفر له! فقلت: آمين، فلما رقيت الثانية قال: بعد من ذكرتَ عنده فلم يصل عليك! فقلت: آمين -عليه الصلاة والسلام-، قال: فلما رقيت الثالثة قال: بَعُد من أدرك أبويه الكبر عنده أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة! فقلت: آمين)، فجبريل دعا على الإنسان الذي يصنع هذه الأشياء الممنوع منها، أو يترك الأشياء التي تقربه من الله سبحانه وتعالى المذكورة في الحديث، ومنها: من أدرك رمضان ولم يغفر الله عز وجل له، إما لكونه كان يفطر في رمضان، أو يفعل في رمضان ما يجعل صومه معدوماً من الأجر كما سيأتي في أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: (رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش، ورب قائم ليس له من قيامه إلا السهر)، فمثل هذا يصوم رمضان ولكنه يؤذي الخلق، ويستحق العقوبة، إذ لم يمنعه صومه ولا صلاته عن الفحشاء والمنكر فاستحق عقوبة الله سبحانه.فقوله: (بَعُد) أي: هلك واستحق العذاب، (من أدرك رمضان فلم يغفر له)، فلقد دعا جبريل وأمن النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك. والدرجة الثانية قال فيها: (بَعُد من ذكرتَ عنده فلم يصل عليك)، والنبي صلى الله عليه وسلم يرقى على المنبر وجبريل يقول ذلك فيدعو ويؤمن النبي صلى الله عليه وسلم وآله وسلم. يقول: (قال: فقلت: آمين، قال: فلما رقيت الثالثة قال: بَعُد من أدرك أبويه الكبر عنده أو أحدهما) يعني: أدرك الكبر أبويه أو أحد أبويه: (فلم يدخلاه الجنة)، وهذا يدل على أن بر الوالدين يدخل العبد الجنة فضلاً عما يكون له من بركة في الدنيا ببر الوالدين في الدنيا ونيل الثواب في الآخرة، فيعجل له الخير في الدنيا بصلة الرحم وبر الوالدين، ثم يكونان سبباً في دخوله الجنة عند الله عز وجل. https://upload.3dlat.com/uploads/13777463663.gif بيان ما يحدث عند دخول شهر رمضان روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب السماء، وغلقت أبواب جهنم، وسلسلت الشياطين)، وكأنه احتفال في السماء لدخول شهر رمضان، فيقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (فتحت أبواب السماء)، وكأنها تفتح للمباهاة بالصائمين عند الملائكة، وكأن الله يقول لهم: انظروا إلى عبادي يصلون ويصومون ويقومون.ويري الله عز وجل الملائكة رحمته في عباده. ونحن لا نرى أبواب السماء، ولكن إذا فتحت فإنه إما ينزل منها ملائكة وإما يعرج إليها ملائكة، وذلك بنزول وعروج أعمال صالحة للعباد إلى السماء، فالله عز وجل يفتح أبواب السماء ليتلقى من عباده الأعمال الصالحة، ويزين السماء فيباهي بعباده الملائكة. قال: (فتحت أبواب السماء، وغلقت أبواب جهنم، وسلسلت الشياطين)، فقوله: (غلقت أبواب جهنم)؛ وذلك ليري ربنا سبحانه عباده وملائكته سبحانه وتعالى أنه يغفر لعباده بسبب صيامهم وقيامهم في هذا الشهر فيغلق أبواب جهنم.وقوله: (وسلسلت الشياطين)، وفي حديث آخر: (سلسلت أو صفدت مردة الشياطين)، والحديث رواه الترمذي وفيه: (إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين) فصفدت أي: غلت بالأغلال وأوثقت بالأغلال.قال: (وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب، وينادي مناد: يا باغي الخير! أقبل) أي: يا من يريد أن يهتدي! لتقبل على الطاعة وعلى العبادة في هذا الشهر العظيم حتى تعتاد عليها في باقي العام وباقي العمر، قال: (ويا باغي الشر! أقصر) أي: كف عن شرك، وكف عن مؤاذاة خلق الله، واكتف بذلك، وإلا كانت نهايتك النار والعياذ بالله. (ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة)، وهذا فضل الله العظيم. أيضاً روى هذا الحديث الإمام النسائي وفيه زيادة: (أتاكم رمضان شهر مبارك -شهر فيه البركة-، فرض الله عز وجل عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب السماء، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه مردة الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرم خيرها فقد حرم)، وهذه الليلة هي ليلة القدر، فهي ليلة خير من ألف شهر ليس فيها شهر رمضان ولا ليلة القدر. يقول الحليمي فيما ينقله الحافظ ابن حجر : (يحتمل في الحديث أن يكون المراد من الشياطين مسترقي السمع منهم) يعني: يريد أن يجمع بين أنه تغل الشياطين وتسلسل وتصفد، وبين أنه يحصل في رمضان معاصي كثيرة، فيقول: بأن الذي يغل ويصفد ويسلسل هم مردة الشياطين أو جنس منهم وهم من يسترقون السمع من السماء، يقول: (وأن تسلسلهم يقع في ليالي رمضان دون أيامه)، يريد أن يقول: أنهم يسلسلون في الليل دون نهار رمضان، قال: (لأنهم كانوا منعوا في زمن نزول القرآن من استراق السمع فزيدوا التسلسل مبالغة في الحفظ.ويحتمل أن يكون المراد أن الشياطين لا يخلصون من افتتان المسلمين إلى ما يخلصون إليه في غيره؛ لاشتغالهم بالصيام) يعني: أن الشر الذي يكون في غير رمضان قد يكون شراً بدرجة عظيمة جداً، فإذا غلت الشياطين يقل الشر، وليس معناه أنه يزول وإنما يقل. فالإنسان الذي يصوم ويحسن صومه، ويتقي الله، فهو وإن كان فيه شر، إلا أن هذا الشر كبت بسبب أن الله غل عنه الشياطين أو بعض الشياطين وهذا معنى حسن.يقول: (لاشتغال الصائمين بالصيام الذي فيه قمع الشهوات وبقراءة القرآن والذكر) وقال غيره المراد بالشياطين أي: بعض الشياطين، يقول هذا من أجل أن يجمع بين كون الناس يعصون ربنا سبحانه وتعالى في رمضان في نهاره وليلة، والمقصد أن بعض الشياطين يصفدون، وهم الذين يؤذون المؤمنين ويوسوسون لهم، فالله يغلهم بفضل صيام هؤلاء وقيامهم وطاعتهم لله سبحانه وتعالى.قوله: (صفدت الشياطين) بمعنى: شدت بالأصفاد، والأصفاد: الأغلال، والأغلال: القيود التي تربط الأيدي بالأعناق، وهذا معنى سلسلت أيضاً. يقول القاضي عياض : يحتمل الحديث أنه على ظاهره وحقيقته، وأن ذلك كله علامة للملائكة لدخول الشهر وتعظيم حرمته، ولمنع الشياطين من أذى المؤمنين، ويحتمل أيضاً في المعنى أنه إشارة إلى كثرة الثواب والعفو، وأن الشياطين يقل إغواؤهم فيصيرون كالمصفدين، ولا مانع من أن يُحمل على حقيقته. يقول الطيبي : (فائدة فتح أبواب السماء توقيف الملائكة على استحماد فعل الصائمين) أي: أن الله عز وجل يري الملائكة أنه يحمد للصائمين هذا الذي يصنعونه، ويشكر لهم عبادتهم، ويثيبهم بهذا الذي يريهم إياه. قال: (وأنه من الله بمنزلة عظيمة -يعني: الصوم أو الصائم-، وفيه إذا علم المكلف ذلك بإخبار الصادق صلوات الله وسلامه عليه ما يزيد في نشاطه ويتلقاه بأريحية). يقول القرطبي : (فإن قيل: كيف نرى الشرور والمعاصي واقعة في رمضان كثيرة فلو صفدت الشياطين لم يقع ذلك؟) يعني: كأنه يقول: هذا سؤال متوقع من الآخرين. يقول: (والجواب أنها إنما تغل -يعني: تصفد- الشياطين الذين يريدون إغواء الصائمين، فمن كان منهم كذلك حيث صام الصائم وأراد أن يغويه فإن الله سبحانه وتعالى يمنع هذا الشيطان من الوسوسة لهذا الصائم أو التمكن منه بتصفيد الشيطان وسلسلته). كأن مردة الشياطين أو البعض من الشياطين الذين يغوون المؤمنين، يقول: (إنما تغل عن الصائمين الصوم الذي حوفظ على شروطه) بمعنى: أنه ليس أي صوم تغل فيه الشياطين، بل لا تغل إلا في الصوم الصحيح المتقن، بأن يصوم ابتغاء وجه الله سبحانه، فلا يرائي بصيامه ولا يسمع به، ويكون محافظاً على آداب الصيام، أما الصائم الذي يكون في صومه متعصباً غضبان، يريد أن يتعارك مع الناس بسبب أنه صائم، فليس هذا بالصوم الذي تصفد عن مثله الشياطين، وإنما يكون عن الإنسان المؤمن الذي يصوم صوماً يرضي به ربه سبحانه وتعالى، صوماً قد حوفظ فيه على شروطه وروعيت آدابه.قال: (أو المصفد بعض الشياطين كما في بعض الروايات، أو المقصود تقليل الشرور).وقال غير القرطبي : في تصفيد الشياطين في رمضان إشارة إلى رفع عذر مكلف، كأنه يقال له: قد كفت الشياطين عنك فلا تعتل بهم) يعني: الصيام يزيدك من البركة، ويزيدك من القرب من الله عز وجل، فعندما تقع في معصية لا تتعلل وتقول: الشيطان هو الذي أغواني، وإن كان الإنسان إذا تاب يقول كما قال تعالى: وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ [الكهف:63].فالإنسان إذا تاب إلى الله عز وجل تاب الله عليه، أما أنه يقع في المعاصي ويترك الصيام ويقول: الشيطان أغواني. فإن الله عز وجل يقول له: قد غلت عنك الشياطين، وقدرة الشيطان عليك في رمضان ضعيفة، ولكن شهوتك وأذاك في الخلق هو الذي جعلك تصنع ذلك، والله أعلم. https://upload.3dlat.com/uploads/13777463663.gif ذكر بعض أسباب دخول الجنة والعتق من النار روى الإمام أحمد عن أبي هريرة أو عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن لله عتقاء في كل يوم وليلة، لكل عبد منهم دعوة مستجابة) أي: عتقاء يعتقهم الله عز وجل من النار، نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من عتقائه من النار.وروى الإمام مسلم عن جابر رضي الله عنه: (أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أرأيت إذا صليت الصلوات المكتوبة، وصمت رمضان، وأحللت الحلال، وحرمت الحرام، ولم أزد على ذلك شيئاً، أأدخل الجنة؟)، أي: أن الفرائض التي فرضها الله عز وجل لو أن العبد أتى بها على الوجه الذي ينبغي فهل يمكن أن يدخل الجنة بالفرائض فقط من غير نوافل معها؟ يقول: (أرأيت إذا صليت الصلوات المكتوبات) أي: صليت الخمس الصلوات وواظبت عليها كما أمر الله سبحانه، (وصمت رمضان) أي: على الوجه الذي يرضي به الله سبحانه وتعالى، (وأحللت الحلال، وحرمت الحرام، ولم أزد على ذلك شيئاً) يعني: ما قال عنه الله: حرام بعدت عنه، وما قال عنه: حلال فعلته، فهل بإتيان الفرائض وترك الحرام ندخل الجنة؟ (قال: نعم، قال الرجل: والله لا أزيد على ذلك شيئاً).وفي الحديث الآخر وهو حديث جميل وعظيم، وقد رواه ابن حبان عن عمرو بن مرة الجهني رضي الله عنه قال: (جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! أرأيت إن شهدت أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، وصليت الصلوات الخمس، وأديت الزكاة، وصمت رمضان وقمته)، ويلاحظ هنا أنه ذكر أربعة أركان من أركان الإسلام، وكأن الرجل لم يبلغه فريضة الحج، أو أن الحج ليس على كل إنسان، وإنما على القادر فقط، فذكر في كلامه هذا أربعة أركان هي قوله: (أرأيت إن شهدت أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله)، الركن الأول، والثاني قوله: (صليت الصلوات الخمس)، والثالث: (أديت الزكاة)، والرابع: (وصمت رمضان وقمته) وقوله: قمته أي: صليت التراويح فيه، قال: (فممن أنا؟ قال: من الصديقين والشهداء)، وهذا فضل واسع، وكرم عظيم من الله سبحانه وتعالى أن يجعل العبد بتأديته الفرائض من الصديقين والشهداء، نسأل الله عز وجل أن يجعلنا منهم ومعهم. https://upload.3dlat.com/uploads/13777463663.gif جزاء المفطرين عمداً في رمضان روى النسائي في السنن الكبرى التي اختصرها في المجتبي وهو ما يسمى بالسنن الصغرى عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (بينا أنا نائم إذ أتاني رجلان فأخذا بضبعي فأتيا بي جبلاً وعراً) أي: أخذا بذراعي النبي صلى الله عليه وسلم وخرجا به عليه الصلاة والسلام، قال: (وأتيا بي جبلاً وعراً -أي: صعب المرتقى- فقالا لي: اصعد فقلت: إني لا أطيقه)؛ لأنه جبل صعب جداً. قال: (فقالا: إنا سنسهله لك، قال: فصعدت، حتى إذا كنت في سواء الجبل إذا أنا بأصوات شديدة، فقلت: ما هذه الأصوات؟!) أي: أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع صراخاً وهو على الجبل، وكان هذا في رؤيا منامية رآها صلى الله عليه وسلم، قال: (فقالا: هذا عواء أهل النار) أي: عواء كعواء الذئاب والكلاب والعياذ بالله.(قال: ثم انطلق بي، فإذا أنا بقوم معلقين بعراقيبهم، مشققة أشداقهم، تسيل أشداقهم دماً)، وهؤلاء أناس معلقون بأرجلهم من عراقيبهم، شفاههم مشققة الأشداق، (تسيل أشداقهم دماً) أي: يسيل الدم من أفواههم، قال: (قلت: من هؤلاء؟ قالا: هؤلاء الذين يفطرون قبل تحلة صومهم) أي: هذا حال الذين يفطرون في رمضان قبل غروب الشمس، لا لعلة أو عذر، بل لهوى متبع، واستخفافاً بحرمة ذلك اليوم، فأمثال هؤلاء يكون حالهم يوم القيامة كما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم: (مشققة أشداقهم، تسيل أشداقهم دماً)، وأيضاً يعوون وهم في نار جهنم والعياذ بالله. يتبع |
رد: شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان الشيخ أحمد حطيبة يوميا فى رمضان
https://upload.3dlat.com/uploads/13591567081.gif شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان - فضل الصيام ومن يجب عليه الصوم والقضاء - للشيخ : ( أحمد حطيبة ) (3) بيان من يجب عليهم الصوم والقضاء يجب الصوم على كل مسلم بالغ عاقل قادر مقيم، والمسلمة كذلك مع شرط الطهارة من الحيض والنفاس. والصيام: هو الإمساك عن الطعام والشراب والشهوة من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس بنية التقرب إلى الله. فأما الكافر فإنه إن كان أصلياً لم يطالب به، لوجود المانع من القبول وهو: الكفر، ولأن من شروط قبول الصيام توافر الشروط وانتفاء الموانع، فمن موانعه الكفر، ومن شروطه وهو أهمها أن يأتي الصائم بركن الإسلام وهو لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الله عز وجل: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ [الأنفال:38].إذاً: هذا الإنسان إذا كان كافراً ومكث عمراً من عمره على ذلك، ثم أسلم فإن الله عز وجل يغفر له ما قد سلف، ولا يطالب بقضاء الأيام والشهور التي فاتته، ولأن في إيجاب قضاء ما فات في حال الكفر تنفيراً عن الإسلام، وهذه علة صحيحة، وحكمة عظيمة، فلو أن كافراً يبلغ من العمر خمسين سنة وأسلم، فعلى القول بإيجاب القضاء عليه سنطالبه بخمسة وثلاثين أو ستة وثلاثين شهراً وهذا صعب جداً.ولو قيل لإنسان ذلك لنفر عن الدين، ولكن الله عز وجل برحمته العظيمة الواسعة قال له: إِنْ يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ [الأنفال:38]، والإسلام يجب ما قبله. والأصل أن العبادة التي يأتي بها في حال كفره لا تقبل منه، ولكن جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم استثناء في الصدقة والعتق، حيث من تصدق بشيء وأسلم، فقد أسلم على ما أسلف من خير، وتكتب له حسنات هذا الذي أنفق، أما الصيام فهو عبادة بدنية يشترط لقبوله أن يكون الصائم مسلماً، وكذلك باقي العبادات. روى البخاري ومسلم عن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال: (قلت: يا رسول الله! أرأيت أشياء كنت أتحنث -أي: أتعبد- بها في الجاهلية من صدقة وعتاقة وصلة رحم فهل فيها من أجر؟)، فهذا حكيم بن حزام يصل الرحم، ويعطيهم الهدايا، وينفق عليهم، وكان يتعبد بذلك في جاهليته، وكان في ذلك الوقت كافراً، إذ كان إسلامه متأخراً، قال: (أرأيت أشياء كنت أتحنث بها في الجاهلية من صدقة وعتاقة وصلة رحم فهل فيها من أجر؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: أسلمت على ما أسلفت من خير) يعني: من هذه النفقات، فالصدقة نفقة، وعتق العبيد بأن تجعلهم أحراراً وصلة رحم بالإنفاق عليهم وغيره صدقة، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال له: (أسلمت على ما أسلفت من خير)، فهذا هو الحال في الكافر الأصلي.أما المرتد -وهو من كان مسلماً ثم ارتد وكفر- فإنه إذا رجع للإسلام بعد ذلك هل يلزمه قضاء ما فاته في ذلك؟ الراجح أنه لا يلزمه ذلك، وإن كان الأولى أن يقضيه؛ لأن العلة هي التي ذكرناها في الكافر الأصلي، إذ لعل هذا المرتد تمر عليه سنون وهو في ردته كعشر سنوات أو عشرين سنة ثم يسلم بعد ذلك، فلو قيل له صم عشرين شهراً! لكان هذا الأمر صعباً عليه، ولعله ينفر ولا يرجع إلى الإسلام بسبب ذلك، ولذلك نقول: الإسلام يهدم ما قبله، وأمره إلى الله عز وجل.وعليه فالمرتد إذا أسلم لا يلزمه قضاء الصوم، ولا يطالب بأدائه في حال ردته؛ لأنه لو صام وهو مرتد لم يقبل منه.وبهذا قال أبو حنيفة ومالك وأحمد ، وقال الشافعي : يلزمه قضاؤه، ويناقش هذه المسألة ابن العربي في أحكام القرآن فيقول: (إذا أسلم المرتد وقد فاتته صلوات وأصاب جنايات)، والصلوات حق لله، والجنايات حق للآدمي، قال: (فإن الشافعي قال: يلزمه كل حق لله وللآدمي)، ووجهة نظر الإمام الشافعي أنه طالما ستلزمه بعض الحقوق فإذاً يلزمه جميع الحقوق، فيلزمه إذا أتلف لآدمي شيئاً وهو في حال ردته إصلاح ما أفسد، أو دفع ثمن ما أتلفه على الآدمي، فطالما أننا نلزم المرتد بذلك فنلزمه أيضاً بحقوق الله عز وجل كالصيام وغيره. وقال أبو حنيفة : (ما كان لله يسقط وما كان للآدمي يلزمه)، يعني: يفرق بين حق الله وبين حق الآدمي، فإن الآدمي لا يتنازل عن حقه بل يطلبه، أما الله عز وجل فإنه هو الغفور الرحيم سبحانه وتعالى، يقول ابن العربي : (وبه قال علماؤنا) يعني: المالكية. قلنا: وكذلك هو مذهب أحمد رحمه الله تعالى.يقول: (ودليلهم عموم قول الله تعالى: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ [الأنفال:38]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الإسلام يهدم ما كان قبله)، هذا الحديث في صحيح مسلم من حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه، وهو عام في الحقوق التي تتعلق بالله كلها.فإن قيل: المراد بذلك الكفر الأصلي) يعني: يريد أن يقول في المناقشة مع الإمام الشافعي رحمه الله، إذا قال قائل منهم: هذا في الكفر الأصلي وليس في المرتد، بدليل أن حقوق الآدميين تلزم المرتد، يعني: كأنه يفرق بين الكافر الأصلي إذا كان مع الكفار وهاجموا المسلمين، ثم أتلفوا في المسلمين، وبعد ذلك تاب ودخل في دين الله عز وجل فلا يطالب بشيء، أما المرتد، فإن أتلف ثم رجع إلى الإسلام طولب بضمان هذه الأشياء التي أتلفها. يقول: (بدليل أن حقوق الآدميين تلزم المرتد ولا تلزم الإنسان الكافر الأصلي، فوجب أن تلزم المرتد حقوق الله تبارك وتعالى، فالجواب: أنه لا يجوز اعتبار حقوق الآدميين بحقوق الله)، أي: لا يجوز قياس الآدمي على ربه سبحانه وتعالى، ولا اعتبار حق الآدمي بحق الله عز وجل، ولا حقوق الله بحقوق الآدميين في الإيجاب والإسقاط، يقول: (لأن حق الله يستغني عنه) أي: أن الله يستغني عن حقه سبحانه ويعفو ويتجاوز سبحانه، والإسلام يهدم ما قبله، أما حق الآدمي فهو مفتقر إلى حقه، ويطالب به. يقول: (ألا ترى أن حقوق الله لا تجب على الصبي) وهذا قياس آخر أجمل وأقوى، حيث إن الصبي لا تجب عليه حقوق الله سبحانه وتعالى، فلو تكلم بما يوقع الكبير في الكفر فإنه لا يطالب بحق الله عز وجل في ذلك، أما حقوق الآدمي فتلزمه، فلو أن هذا الصبي الصغير أتلف مالاً لآدمي لزمه حق هذا في ماله أو مما عنده من مال. يقول: (فرق بين حق الله وحق الآدمي، فإن الله عز وجل يعفو ويتجاوز، والآدمي يطلب حقه). https://upload.3dlat.com/uploads/13777463663.gif حكم صوم الصبي الصبي لا يجب عليه صوم رمضان ولا قضاء ما فات قبل البلوغ، لكن المميز وهو الذي بلغ سبع سنوات، أو كان يميز ويدرك الصواب من الخطأ ويميز العورات، فهذا إذا صام يؤجر على هذا الصيام، وإذا لم يصم فليس عليه إثم في ذلك؛ لما روى علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل) فإذاً: قلم التكليف وهو كتابة الإثم على العبد أنه آثم أو أنه يعاقب على كذا قد رفع عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، فالإنسان النائم لو تكلم في نومه بكلام هذا الكلام لو تكلم به وهو يقظ لأثم، أما وهو نائم فلا شيء عليه، وكذلك إذا جاء وقت الصلاة على الإنسان وهو نائم فلم يسمع أذاناً، ولم ينتبه من نومه، فخرج وقت الصلاة فلا شيء عليه، فإذا استيقظ من نومه لزمه أن يصلي، أما ما ضاع من وقت نومه فلا يأثم على تضييعه طالما أنه ليس مفرطاً، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنه ليس في النوم تفريط).قال: (وعن الصبي حتى يحتلم) أي: وعن الصبي حتى يبلغ.قال: (وعن المجنون حتى يعقل) أي: لا إثم على هؤلاء، لكن إذا أصبح الصبي والصبية مميزان وهما عند الحنابلة من جاوزا السبع سنوات أو ثمان سنوات، وعند الشافعية من كان يُدرك الصواب من الخطأ ويفرق بين العورات، ومن إذا سئل عن شيء أجاب، فهو يفهم السؤال ويفطن لرد الجواب. فهذان المميزان على الولي أن يأمرهما بالصوم لسبع، ويضربهما على تركه لعشر قياساً على الصلاة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر ذلك في الصلاة، وقال: (مروا أولادكم بالصلاة لسبع)، فقوله: (مروا) أي: بالكلام، (واضربوهم عليها لعشر)، ولكن لاحظ أنه لم يقل ذلك في الصوم، ولذلك ينظر في الصوم إذا كان الصبي قد أفاق بأن كان مميزاً يطيق الصوم، فهذا يؤمر به لسبع ويضرب عليه لعشر قياساً على الصلاة، أما إذا كان لا يطيق الصوم فيؤمر ولو بعضاً من الوقت؛ ليتمرن عليه، حتى لو وصل سنه إلى عشر سنوات وهو أيضاً لا يطيق، فإذا كان الكبير قد جعل الله عز وجل له عذراً فالصبي من باب أولى، وعلى ذلك لا يضرب على الصوم من كان سنه في العشر سنوات طالما أنه لا يقدر أو يشق عليه. ويلاحظ هنا أن الأمر في الصلاة أشد حيث قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (مروا أولادكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر)، فالصلاة سهلة إذ سيصلي الصبي صلاة الظهر أربع ركعات وهذا أمر سهل عليه، أما الصوم فهو الإمساك عن الطعام والشراب من طلوع الفجر حتى غروب الشمس وهذا صعب. قال النووي في المجموع: (الصواب في حقيقة الصبي المميز أنه الذي يفهم الخطاب، ويحسن رد الجواب، ومقاصد الكلام ونحو ذلك، ولا يضبط بسن مخصوص، بل يختلف باختلاف الأفهام) وهذا قيد جميل أيضاً، فهو يريد أن يقول: إذا كان سن صبي تسع سنوات مثلاً وهو لا يفهم كأن تقول له: الصلاة، فلا يفهم الصلاة، فهذا غير مميز، إذ ليس القيد بالسن، فإذا جاوز هذا السن وهو لا يفهم ما صلاة وما صوم فعنده تخلف في الإدراك عن غيره ممن هم في سنه، وعند ذلك يصبر عليه حتى يفهم. قال ابن قدامة: (واعتباره بالعشر الأولى؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالضرب على الصلاة عندها، واعتبار الصوم بالصلاة أحسن؛ لقرب إحدى العبادتين من الأخرى، واجتماعهما في أنهما عبادتان بدنيتان من أركان الإسلام، إلا أن الصوم أشق فاعتبرت له الطاقة) وهذا كلام جيد، حيث قد يطيق الصلاة من لا يطيق الصوم، فمن عنده عشر سنوات قد يطيق الصلاة ولا يطيق الصوم. إذاً: عند الجمهور أنه يقاس على الصلاة وإن كان الخلاف في المميز وغير المميز، أما عند المالكية فإن الصوم لا يجب على الصبيان، بل ولا يستحب! وهذا فيه نظر، إذ كيف لا يستحب وقد جاء عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يمرنون أولادهم على الصيام، ففي الصحيحين عن رُبيع بنت معوذ رضي الله عنها قالت: (أرسل النبي صلى الله عليه وسلم غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار: من أصبح مفطراً فليتم بقية يومه، ومن أصبح صائماً فليصم)، فقوله: (من أصبح مفطراً فليتم بقية يومه) أي: بالصوم وليس بالفطر. قالت الرُّبيع رضي الله عنها: فكنا نصومه بعد، ونصوم صبياننا. فهذا يدل على أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يفعلون ذلك، ويستحيل عليهم فعل شيء ثم نقول نحن: لا يستحب ذلك، فهم فعلوا ذلك في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، ولو كان ممنوعاً لنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فتقول رضي الله عنها: (ونجعل لهم اللعبة من العهن) يعني: نعمل لهم لعباً من العهن: وهو الصوف المصبوغ، تقول: (فإذا بكى أحدهم على الطعام) أي: لا نأتي له باللعبة من أول النهار، بل نحبس عنه اللعبة حتى يجوع ويبكي ثم نعطيه اللعبة يتسلى بها عن جوعه.قالت رضي الله عنها: (حتى إذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذاك حتى يكون عند الإفطار)، وفي لفظ لـمسلم : (ونصنع له اللعبة من العهن فنذهب به معنا، فإذا سألونا الطعام أعطيناهم اللعبة تلهيهم حتى يتموا صومهم)، فهذا تمرين جميل، وفيه المكافأة على الشيء الحسن الذي يفعله الصبي. https://upload.3dlat.com/uploads/13777463663.gif حكم صوم المجنون لا يلزم المجنون الصوم في الحال. والمجنون يدخل تحته أصناف كثيرة منها: من يجن حيناً ويفيق حيناً، بأن تكون به نوبة صرع، والمجنون فاقد العقل، وغيرهما. وعليه فإن المجنون لا يلزمه الصوم في الحال؛ لحديث علي الذي تقدم وفيه: (وعن المجنون حتى يفيق) وهذا مجمع عليه.وإذا أفاق المجنون لم يلزمه قضاء ما فاته بالجنون. وذلك المجنون إذا كانت أياماً تامة كاملة، وسواء قل أو كثر، وسواء أفاق بعد رمضان أو في أثنائه، كأن جن شخص من بداية شهر رمضان إلى يوم عشرة رمضان، ثم بعد ذلك أفاق، فنقول: هو الآن مكلف، وكان في خلال العشرة الأيام الأولى ليس مكلفاً فلا يلزمه القضاء؛ لأنه غير مكلف؛ ولأنه صوم فات في حال سقط فيه التكليف؛ لنقص في الأهلية، فلم يجب قضاؤه كما لو فات في حال الصغر.الصورة الثانية: إذا وجد الجنون في جزء من النهار كمن نوى من الليل وأصبح بالنهار صائماً، ثم بين الظهر والعصر ذهب عقله، بأن حدث له صرع أو ما شابه، وسواء كان الصرع الذي جاء له أوقعه على الأرض وأغمى عليه ثم ذهب بعقله، أو أن عقله ذاهب وهو مفيق، فتراه يتكلم ولكنه في غياب عن الوعي والإدراك، حتى وإن كان جالساً، وهذا يحدث عند البعض وخاصة كبار السن، حيث تراه يجلس ثم يذهب في غيبوبة ولا يدري بشيء أبداً، ويأتي عليه وقت الصلاة فينبه لها فلا يفهم شيئاً، ويمكن أن يرفع يده ويكبر ثم يذهب ولا يدري بشيء، فهذا عقله ذاهب الآن، وهو غير مكلف في هذه الحالة، ولكن يستمر ساعة أو ساعتين ثم يرجع له عقله مرة ثانية.فمثل هذه الصورة نقول فيها: هذا الجزء الذي ذهب فيه عقله لم يكن مكلفاً فيه فلا ينقض صومه، بل لا زال صائماً، حتى لو كان في هذا الجزء أكل أو شرب أو فعل شيئاً مما ينقض صيام غيره؛ لأنه ذاهب العقل غير مكلف في هذا الجزء. ومثله في الحكم من جن وذهب عقله فجاء إنسان ووضع له دواءً في فمه؛ ليفيق من جنونه. فهذا الرجل مكره على هذا الشيء وهو ذاهب عقله فلا شيء عليه، وإذا أفاق فصومه صحيح؛ لأنه أكره على ذلك. ولذلك نقول: إذا وجد الجنون في جزء من النهار لم يفسد الصوم، أما إذا وجد في جميع النهار فلا ينفع الصوم هنا، وذلك كمن جن من الفجر حتى غروب الشمس، فلا يصح صومه، وليس عليه القضاء. قال الشافعي رحمه الله: (إذا وجد الجنون في جزء من النهار أفسد الصوم؛ لأنه معنى يمنع وجوب الصوم فأفسده وجوده في بعضه كالحيض)، وهذه هي وجهة نظر الشافعي حيث قاس الصوم على الحيض، فالمرأة إذا كانت صائمة ثم نزل عليها الحيض فسد صومها ولزمها القضاء، والجنون مثلها أيضاً في الإفساد. يقول ابن قدامة راداً على ذلك: لنا أنه زوال عقل في بعض النهار فلم يمنع صحة الصوم قياساً على الإغماء، أي: هناك فرق كبير بين الجنون وبين الحيض، فالمرأة الحائض إنسانة مفيقة عاقلة، أما المجنون فقد ذهب عقله، وأقرب أصل لهذا هو المغمى عليه، والمغمى عليه أجمعوا على أن صومه صحيح، إن كان الإغماء في بعض النهار لا كله، فنقيس المجنون على المغمى عليه في صحة الصوم بالشرط المذكور. يقول: (لم يمنع صحة الصوم كالإغماء والنوم، ويفارق الحيض، فإن الحيض لا يمنع الوجوب) يعني: أن الحيض لم يمنع وجوب الصوم، بل يجب عليها الصوم، ولكن لا يصح منها لوجود المانع، ولذلك فهي ملزمة بقضاء أيام حيضها. فإن الحيض لا يمنع الوجوب، وإنما يجوز تأخير الصوم، ويحرم فعله، ويوجب الغسل، ويحرم الصلاة والقراءة واللبث في المسجد والوطء، فلا يصح قياس الجنون عليه؛ لوجود فروق كثيرة بين هذا وذاك؛ لذلك فهذا قياس مع الفارق.يقول: (وأما إن أفاق في بعض اليوم فلنا منع في وجوب قضائه وهو الصواب)، أي: وهو الصواب أنه لا يجب قضاء من جن في بعض اليوم؛ لأنه غير مكلف في هذا الجزء، بل مكلف في الباقي، واجتمعت النية مع الإمساك في باقي اليوم فصيامه صحيح. يقول: (وإن سلمنا، فإنه قد أدرك بعض وقت العبادة) يقول: بفرض التنزل، فالذي نقوله: إن المجنون في بعض اليوم فاقد للإدراك، لكنه قد أدرك بعض وقت العبادة فيلزمه القضاء كالصبي إذا بلغ.والصواب أن الصبي إذا بلغ لا يلزمه القضاء طالما أنه أمسك باقي الجزء من اليوم الذي بلغ فيه، وكذلك الكافر إذا أسلم في بعض النهار، وكما لو أدرك بعض وقت الصلاة، فهذا يذكره ابن قدامة تنزلاً منه. https://upload.3dlat.com/uploads/13777463663.gif حكم صوم المغمى عليه ووجوب القضاء عليه يقول: (متى أغمي على الصائم جميع النهار فلم يفق في شيء منه لم يصح صومه)، إذاً: هنا الإغماء كان جميع النهار، ونحن نقول: الصيام عبارة عن إمساك مع نية، إذ لابد ولو في جزء من النهار أن يكون ممسكاً ويحس، فالنائم مثلاً يستشعر الجوع، ولو أيقظه أحد لاستيقظ، أما المغمى عليه فإنه وإن ضرب فلا يحس بشيء، فإذا كان الإغماء من أول الفجر حتى غروب الشمس فإنه وإن كان ممسكاً، إلا أنه لا نية عنده، فهو لم يفق بحيث يستشعر هذا الجوع؛ ولأنه لا يحس بشيء فيها، فعلى ذلك إذا أغمي عليه بعض النهار أو أكثره وأفاق في بعضه فصومه صحيح، أما لو أغمي عليه جميع النهار فلا يصح منه هذا الصوم. يقول لنا: (فلم يفق في شيء منه لم يصح صومه، وهذا قول مالك والشافعي وأحمد ، وقال أبو حنيفة : يصح)، وكأن أبا حنيفة يقيس ذلك على النوم، وإن كان هنا فارق بين النوم وبين الإغماء، فالنائم يستشعر الجوع وهو نائم، وكذلك النائم لو أيقظته استيقظ، لكن المغمى عليه لا يستشعر بجوع ولا بشيء، ولو أيقظته لم يستيقظ، إذ لو كان يستيقظ لنفعه صوم بعض النهار فصح باقيه.قال أبو حنيفة : (يصح؛ لأن النية قد صحت، وزوال الاستشعار بعد ذلك لا يمنع صحة الصوم)، وكأنه يريد أن يكتفي بالنية إذا صحت بالليل. قال مالك : (إن كان أغمي عليه من أول النهار إلى الليل رأيت أن يقضي يوماً مكانه، وإن أغمي عليه وقد قضى أكثر النهار أجزأه ذلك)، يريد أن يقول: إن الإغماء إذا كان له أكثر النهار فعليه أن يقضي يوماً مكانه، أما إذا كان الإغماء أقل النهار فلا قضاء عليه، وكأنه يفرق بين القليل والكثير. والراجح فيه أنه إذا أفاق بعض النهار وكان قد جمع بين النية مع الإمساك فصومه صحيح ولا يلزمه القضاء، أما إذا أغمي عليه النهار كله فهذا يبطل صومه ويلزمه القضاء؛ لقوله تعالى: فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:184].والإغماء يلحق بالمرض وليس بالجنون، فالمجنون إنسان ذاهب العقل غير مكلف، والمغمى عليه مريض، فعلى ذلك يلزمه أنه يقضي يوماً مكانه.فالجنون نقص في الأهلية، أما هذا فهو مريض، ولهذا لا يجوز الجنون على الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، ويجوز عليهم الإغماء. والدليل على ما رجحناه قول الله عز وجل في الحديث: (كل عمل ابن آدم له، إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، يدع طعامه وشرابه من أجلي)، فهذا الجزء من الحديث فيه الشاهد على أن الواجب في الصيام هو الترك مع النية، ولو كان الترك كأن أغمي عليه في الباقي فيصح منه ذلك، أما إذا أغمي عليه اليوم كله فلا يضاف الإمساك إليه. أما النوم فلا يؤثر في الصوم سواء وجد في جميع النهار أو بعضه؛ لأن النوم عادة يجري على جميع الخلق، ولا يزيل إحساس الإنسان بالكلية، ومتى نبه النائم استيقظ، أما الإغماء فعارض يزيل العقل فأشبه الجنون.ومن زال عقله بمرض أو بشرب دواء شربه لحاجة فهو ملحق بالجنون في حكمه، كأن أصابه صرع أو ما شابه، أما من كان مريضاً فأغمي عليه بسبب المرض كمن أصابته حمى فأغمي عليه في الحمى، فهذا مريض الآن، وحكمه حكم المريض، قال تعالى: فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:184] أي: عليه قضاء تلك الأيام التي أفطر فيها. إذاً: نفرق بين من حالته الجنون فهو غير مكلف في هذا الوقت، وفيه التفصيل الذي تقدم، وبين من كان في مرض فأغمي عليه بسبب المرض، كأن يكون مريضاً بالحمى أو أغمي عليه بسبب أنه مريض الكبد أو الكلى أو غير ذلك، فيلزم هذا الإنسان قضاء الصوم دون الصلاة؛ لمشقة التكليف بقضاء الصلاة دون الصوم. وهو غير آثم لترك الصيام في تلك الأيام؛ لأن زوال عقله كان بعذر صحيح، أما إذا زال عقله بمحرم، كأن يشرب مسكراً، من حشيش، وخمر، وغيرهما، فهذا يلزمه القضاء، وهو آثم بالترك في هذه الحال. https://upload.3dlat.com/uploads/13777463663.gif حكم من بلغ أو أسلم في نهار رمضان إذا نوى الصبي الصوم من الليل فبلغ في أثناء النهار أتم صومه ولا قضاء عليه، وكان أول صومه نافلة وآخره فريضة. ولا يلزمه القضاء على الراجح في ذلك؛ لأن نية الصوم حصلت لهذا الإنسان ليلاً فيجزئه كالبالغ، ولا يمتنع أن يكون أول الصوم نافلة وباقيه فرضاً كما لو شرع في صوم يوم تطوعاً ثم نذر إتمامه، وصورة هذا النذر أن يكون أول النهار صائماً بنية النفل، ثم قال: اليوم الذي سيقدم فيه فلان لله علي نذر أني أصومه، فقدم صاحبه في نفس اليوم، فيصير اليوم الذي بدأه بصوم النافلة فريضة عليه بسبب نذرهن أما ما مضى من الشهر قبل بلوغه فلا قضاء عليه.وإذا أسلم الكافر في شهر رمضان صام ما يستقبل، فيلزمه صوم بقية الشهر، أما اليوم الذي أسلم فيه فإنه إن كان إسلامه عند صلاة الظهر فقد وجب عليه الصوم في ذلك الوقت، فإن صام من ذلك الوقت فالراجح أن صومه هذا يكفيه كصوم عاشورا من قبل الصحابة، حيث أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالإمساك بقية اليوم، ولا يلزمه شيء أكثر من ذلك، فإن صام يوماً مكان هذا اليوم فهو أفضل احتياطاً للخلاف الذي في هذه المسألة.وهذا قول الإمام أحمد ، وبه قال إسحاق ، لكن قال مالك وأبو ثور وابن المنذر: لا قضاء عليه، ولو لم يصم ذلك اليوم أيضاً فلا قضاء عليه؛ لأنه لم يدرك يوماً كاملاً في إسلامه.وهذا مروي أيضاً عن أحمد رحمه الله.أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم.وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. |
رد: شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان الشيخ أحمد حطيبة يوميا فى رمضان
|
رد: شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان الشيخ أحمد حطيبة يوميا فى رمضان
5)
|
رد: شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان الشيخ أحمد حطيبة يوميا فى رمضان
|
رد: شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان الشيخ أحمد حطيبة يوميا فى رمضان
|
رد: شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان الشيخ أحمد حطيبة يوميا فى رمضان
https://upload.3dlat.com/uploads/13591567081.gif شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان - ما يحرم على الصائم وما يباح له [2] - للشيخ : ( أحمد حطيبة ) (8) http://uploads.sedty.com/imagehostin...1494771604.gif نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الحجامة للصائم في بادئ الأمر ثم رخص فيها، ما لم يكن فيه ضررٌ على الصائم، ويكره مضغ العلك للصائم، ويجوز للصائم مضغ الطعام لولده إذا لم يحصل الاستغناء عن مضغه، والصائم ينزه صومه عن اللغو والرفث وقول الزور والسب والشتم والغيبة والنميمة، وهذه كلها من آداب الصوم وأحكامه، فلا بد للصائم أن يلتزمها. حكم الحجامة للصائم https://upload.3dlat.com/uploads/13777463663.gif الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين. وصلنا في كتاب الصيام إلى مسألة الحجامة للصائم، والحجامة معروفة وصى بها الملائكة النبي صلوات الله وسلامه عليه، وأخبروا أن فيها شفاء، والحجامة سحب الدم بطريقة معينة ومن مواضع معينة في جسم الإنسان، وفيها شفاء من أمراض كثيرة بإذن الله سبحانه وتعالى، ولعل المسلمين كانوا هجروها فترة طويلة، حتى جاء العلم الحديث وأثبت أن الحجامة فيها بفضل الله عز وجل شفاء كما قال النبي صلى الله عليه وسلم فرجعوا إليها مرة ثانية. ذكر ما جاء من احتجام النبي صلى الله عليه وسلم ونهيه عن الحجامة ثم ترخيصه فيها الحجامة: هي تشريط في جلد الإنسان في مواضع معينة يشفط بها الدم من هذا الموضع فيكون فيه شفاء لأمراض يعلمها الله سبحانه وتعالى، وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه احتجم وهو صائم، وجاء عنه أنه نهى عن الحجامة، وجاء عنه أنه رخص في الحجامة، وجملة الأحاديث التي جاءت عنه صلى الله عليه وسلم في النهي عن الحجامة: (مر برجلين أحدهما يحجم الآخر فقال: أفطر هذان؟)، وجاء عنه أنه رخص في الحجامة صلى الله عليه وسلم، الرخصة تكون بعد العزيمة، فكأنه نهى عن الحجامة صلى الله عليه وسلم، ثم بعد ذلك رخص صلوات الله وسلامه عليه فيها، وإنما كرهت للصائم لأنه يضعف بسبب ذلك.ففي صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم، واحتجم وهو صائم)، فدليل الجواز: (احتجم وهو محرم واحتجم وهو صائم)، صلى الله عليه وسلم، وجاء عنه أنه قال: (أفطر الحاجم والمحجوم)، وجمع العلماء بين هذا وبين كونه احتجم وبين كونه رخص صلى الله عليه وسلم: بأنه لعل هذا في وقت، ثم جاءت الرخصة بعد ذلك، أو أنه قال ذلك باعتبار ما يئول إليه، فقد يئول الأمر بالمحجوم أن يضعف، يخرج منه الدم فيضعف بسبب ذلك.والحاجم كان في الماضي يشفط الدم بفمه، وذلك بوضع أنبوبة في فمه ويشفط بها، وكان في أيام النبي صلى الله عليه وسلم لا يوجد أنابيب، إنما كان يأتي بقرن مجوف ويجعله على المكان الذي يشرطه، ومن ثم يشفط منه، فلعل الدم ينسحب إلى فمه ويقع في الفطر بسبب ذلك، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أفطر الحاجم والمحجوم) .وجاء عن أنس رضي الله عنه قال: (أول ما كرهت الحجامة للصائم أن جعفر بن أبي طالب احتجم وهو صائم فمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أفطر هذان ثم رخص النبي صلى الله عليه وسلم في الحجامة للصائم) لاحظ الحديث فيه ترتيب، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: (أفطر هذان ثم رخص) إذاً: هنا النهي كان عزيمة في الوقت، ثم جاءت الرخصة للخروج عن هذا النهي الذي هو عزيمة، فيحمل النهي على الكراهة فقط، ولذلك في سنن أبي داود عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم (أن رسول الله https://upload.3dlat.com/uploads/13777463663.gif صلى الله عليه وسلم نهى عن الحجامة والمواصلة)، وسيأتي الكلام عن المواصلة، قال: (ولم يحرمهما)، صحابي يقول ذلك، ففهم من النبي صلى الله عليه وسلم أنه لم يحرم ذلك، قال: (إبقاء على أصحابه)، فلو أنهم احتجموا ونزل منهم كمية من الدم لضعفوا وما استطاعوا الصيام، فإبقاء عليهم حتى يقدروا على الصوم نهاهم عن الحجامة، (فقيل له: يا رسول الله! إنك تواصل إلى السحر، فقال: إني أواصل إلى السحر وربي يطعمني ويسقيني)، وسيأتي الكلام فيه. إذاً: هنا الحديث فيه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الحجامة)، وأنه (احتجم وهو صائم)، صلى الله عليه وسلم وأنه رخص في الحجامة، إذاً: جملة الأحاديث أن النهي كان في وقت، حين قال: (أفطر هذان)، إذاً: كان على التحريم، ثم بعد ذلك رخص النبي صلى الله عليه وسلم وثبتت الرخصة فتجوز الحجامة في أثناء الصيام.والحجامة: إخراج دم من الإنسان، ويقاس على ذلك التبرع بالدم في نهار رمضان، فلو أن إنساناً مريضاً يحتاج إلى الدم ويطلب متبرعين بالدم لهذا المريض واحتاجوا لذلك، فالراجح: أن هذا لا يفطر الصائم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم رخص في الحجامة ، واحتجم وهو صائم صلوات الله وسلامه عليه، فلو أن إنساناً تبرع بالدم وهو صائم فصومه صحيح ولا يلزمه الإعادة، ولكن الإنسان إذا كان هذا يضعفه، ويئول أمره إلى أنه يفطر، فلا يتبرع بالدم في أثناء صومه إلا للضرورة.إذاً: حديث: (أفطر الحاجم والمحجوم) الراجح: أن هذا إما باعتبار ما يئول إليه أمرهما، أو أن هذا منسوخ بأن النبي صلى الله عليه وسلم رخص بعد ذلك. حكم مضغ العلك للصائم يكره للصائم مضغ العلك، والعلك: اللبان، وهو نوع من اللبان قوي ليس له طعم ولا يتفتت في فم الإنسان، فهذا لا يحرم عليه وإنما يكره له؛ لأنه يجمع الريق ويورث العطش، وكانوا يحتاجون إلى ذلك أحياناً ليجروا به الريق، ولكن على قدر ما يجر الريق على قدر ما يورث العطش من بعده، فيكره ذلك.وأهل المدينة وأهل مكة وأهل الحجاز بلاد حارة جداً، والصوم يشق عليهم، لكن الآن يسهل عليهم الصوم؛ لوجود مراوح وتكييفات، وأشياء تيسر ذلك عليهم، ولكن تخيل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم الحرارة القاسية العالية جداً تتجاوز الخمسة والخمسين درجة مئوية، والصحابة يشكون إلى النبي صلى الله عليه وسلم حر الظهيرة وإنه يسجد ويطيل السجود على الأرض فقالوا: (شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حر الأرض فلم يشكنا) يعني: لم يرفع ولم يزل عنا شكوانا، صلى كما كان يصلي صلى الله عليه وسلم، ولم يرخص في شيء عليه الصلاة والسلام، فكانوا يصلون ويأتي أحدهم بكمه ويطيله حتى يضع كفه عليه من حرارة الأرض، فلو كنت أنت هناك في عمرة وحج، فجرب هل تستطيع أن تصلي في الشارع، فلو قُدِّرَ لك أنك تصلي في الشارع، وليس على بلاط الحرم، فإنك ستجد الأمر لو صليت على إسفلت الشارع تتسلخ منه، ولو حصل لك مرة وأنت في الحرم ما لقيت حذاءك وخرجت حافياً لتشتري حذاءً من السوق، فإن المسافة الذي تمشيها حافياً كافية لسلخ رجليك فيها، والصحابة كان منهم الحفاة رضوان الله تبارك وتعالى عليهم، وكانوا يصلون مع النبي صلى الله عليه وسلم ويشتكون إليه شدة الحر، ولكن هو الأمر على ما فرضه الله سبحانه وتعالى.إذاً يكره للصائم مضع اللبان، لكن لو أخذ لباناً فيه سكر ومضغه وهو صائم فيفطر بلا شك في ذلك؛ لأنه ابتلع السكر الذي فيه، وإذا مضغ شيئاً يتفتت في فمه وابتلعه يفطر بذلك، ولكن العلك نوع جيد قوي من اللبان لا طعم له. ما يكره للصائم https://upload.3dlat.com/uploads/13777463663.gif يكره للصائم مضغ الخبز وذوق المرق والخل وغيرهما من غير عذر، فلا يبق الإنسان شرهاً يمر على الحلة فيها إدام فيذوق ويتفل، فإن هذا ممنوع منه، فإذا ابتلعه أفطر بذلك، لكن يكره له ذلك، فإن كان الإنسان طباخاً أو يصنع أشربة للناس فإنه يجوز له أن يتذوق ويتفل بعده، إذاً: يذوق هذا الشيء هذا جائز لا يكره له؛ لأنه يطبخ للناس ويعد أشربة لهم، فهذا يجوز له، ولذلك ذكر أنه يكره للصائم مضغ الخبز وذوق المرق والخل وغيرهما من غير عذر، لكن إن كان لعذر من أعذار كالمرأة تطبخ وتريد أن تذوقه لتعرف هل هو حلو أو مر أو غير ذلك فإنه يجوز لها ذلك، لكن تذوق وتتفل ولا تبتلع، فلو ابتلعت أفطرت. حكم الصائم إذا أراد مضغ الطعام لولده ولم يحصل الاستغناء عن مضغه إن احتاج الصائم إلى مضغ الطعام لولده أو غيره ولم يحصل الاستغناء عن مضغه، فالشريعة عظيمة كريمة ورحيمة، فإنه يمكن الآن أن تأخذ اللبن الصناعي وتضعه في الرضَّاعة وتعطيه للطفل الرضيع، ولكن في الماضي لا يُعرف هذا الشيء، ولعل المرأة تأتي وترضع ابنها وهي صائمة، ولا يوجد لبن في صدرها فتحتاج إلى أن تمضغ الطعام وتضعه في فم ابنها ، فيجوز لها ذلك بشرط أنها لا تبلع أثره. قال ابن عباس رضي الله عنه لا بأس أن يتطعم القدر أو الشيء، ابن عباس يقول: لا حرج أن يتطعم القدر حتى يطبخ الطعام جيداً، أو المرأة تتذوق الطعام، وقال الحسن : لا بأس بالمضمضة والتبرد للصائم، فالصائم يمضمض للوضوء أو يمضمض من شدة العطش؛ لأن الحر شديد جداً عليه، فاحتاج أن يضع ماء في فمه ليبرد فمه ويتفل بعد ذلك، فإن هذا جائز، هذا قول الحسن البصري ، يعني: لا بأس بالمضمضة والتبرد للصائم أو دخول الحمام فيقف تحت الدش عند شدة الحر أو يغطس في البحر عند شدة الحر. ذكر ما يجب على الصائم أن ينزه به صومه يجب على الصائم أن ينزه صومه عن الشتم والتشاجر وسوء الخلق والهمز واللمز والفحش، فالصائم ليس صائماً عن طعام وشراب وشهوة فقط، بل الإنسان يمسك لسانه ويتأدب بآداب الإسلام في الصيام، ولا بد أن يوجد فرق بين يوم الصوم ويوم الإفطار، ففي يوم الصوم يزداد حسن الخلق عند المؤمن، فلا يؤذ أحداً من خلق الله عز وجل، ويتمرن على ذلك في رمضان حتى يستمر على الأخلاق الطيبة دائماً، فينتهي رمضان ويكون على نفس الأخلاق الطيبة عاماً بعد عام. قال الله عز وجل: وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ [الهمزة:1]، والهمز واللمز: العيب، يهمز بالإشارة ويلمز باللسان، يهمز من أمامه ويلمز من خلفه، فهو هماز ولماز، فالهمزة: الإنسان الكثير الهمز في الخلق، والهمزة على وزن فُعَلة، كما يقال: فلان صُرعَة يعني: إنسان بطل وقوي، فلان هُمَزَة https://upload.3dlat.com/uploads/13777463663.gif يعني: كثير الهمز في الناس، لُمَزَة يعني: لماز في الناس، يلمز فيهم ويعيب ويقدح فيهم. وفي الحديث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس المؤمن بالطعان ولا باللعان ولا الفاحش ولا البذيء)، فالإنسان المؤمن طيب الخلق لا يكذب إلا فيما رخص الله عز وجل فيه، في ثلاثة أشياء يجوز له أن يعرض، فإن لم يقدر على التعريض فله البوح في ذلك، في الحرب يكذب وفي الإصلاح بين الناس، كذلك إذا كان يحدث امرأته، وغير هذه الثلاثة الأشياء لا يجوز للإنسان أن يكذب، فالمؤمن صادق ولا يحتاج إلى أن يحلف، لأن الكاذب دائماً يؤكد كلامه بالحلف فيحلف كثيراً.ولذلك ذم الله عز وجل الحلاف وقال: حَلَّافٍ [القلم:10]، وذكر الإنسان الذي يهمز والمشاء بالنميم والكثير الحلف والمهين، فالإنسان الذي يحلف بالله عز وجل ويقسم كثيراً فكأنه يهين هذا اليمين العظيم، فلا تطع مثل هذا الإنسان الحلاف الكثير الحلف؛ لأنه يكذب في النهاية.أيضاً يقول صلى الله عليه وسلم: (ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان)، الطعن في الناس أن يعيب في الناس ولا يعجبه أحد، فهذا الطعان هل يستحق أن يوصف بأنه مؤمن قريب من الله وعلى درجة عالية، وأنه على أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم؟! هذا الطعان في الخلق لا يستحق ذلك.قال:(ولا اللعان) أي: الكثير اللعن، يسب كثيراً، ويشتم الناس ويلعن في الناس. قال: (ولا الفاحش) أي: يتكلم بالفحش من القول، فإذا به يتكلم عن النساء، ويتكلم عن الجماع، ويتكلم بأشياء فيفحش، ويتكلم في غير موضع هذا الكلام، والبذيء: كثير الشتم بلسانه، إذا أغاظه أحد مباشرة يسب ويشتم، فليس المؤمن بهذه الأخلاق، والصائم كذلك؛ لأن الصائم إنسان مؤمن يتقرب إلى الله عز وجل بالصوم، والصوم فيه الصبر، والصبر يكون عن مثل هذه الأخلاق التي نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنها.وفي الصحيحين عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الصيام جنة فلا يرفث ولا يجهل وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل: إني صائم)، مرتين، فقوله: (الصيام جنة) أي: وقاية وحماية للإنسان، فالصوم المقبول: الذي يحميك من نفسك، ويحمي الناس من شرك ويحميك من عذاب ومن غضبه الله سبحانه وتعالى، فاحذر أن ترفث أو أن تتكلم بالكلام الفاحش والبذيء، أو أن تتكلم بالكلام الذي لا يقال إلا في أوقات معينة، ككلام الرجل مع امرأته فيقول مثل هذا الكلام مع الخلق، فإن هذا لا يجوز. قال: (فلا يرفث ولا يجهل)، فالإنسان الجاهل الذي لا يعرف معلومة من المعلومات يتعلم، ولكن الجهل هنا جهل الأخلاق، أن يكون جاهلاً في خلقه عصبي كثير الغضب، كثير الشتم والمشادة مع الناس، لا يمسك نفسه وهو صائم. فالصائم عبد لله، يتواضع لله سبحانه وتعالى، ويصوم ويري من نفسه أنه عبد، وأنه ممسك عن الطعام والشراب والشهوة، ويري ربه من نفسه حسن الخلق، فهذا المؤمن لا يرفث ولا يجهل، ولو أن أحداً تعرض له بذلك وأراد أن يتعارك معه، لا يدخل معه في التعارك، ولكن يقول: إني صائم، ويبتعد عن ذلك، فيذكر نفسه ويذكر غيره أن الصيام لا ينبغي فيه ذلك، أي: إني صائم لا تجهل علي فإني لا أرد عليك بالجهل، أيضاً فيه زجر لمن يؤذي الصائم، فإن هذا صائم لله عز وجل لا يصوم لك أنت، صائم لله، فهل تظن أنك حين تؤذيه أن الله عز وجل يتركك؟ هذا ليس ممكناً أبداً، أن تؤذي إنساناً صائماً ويقول لك: أنا صائم لا أرد عليك، بل ترد عليك الملائكة، ويرد عليك ربك سبحانه وتعالى، ويجازيك ربك على ما تصنع، لذلك احذر من أن تؤذي الصائم.رأينا في حديث لـأبي بكر الصديق رضي الله عنه وهو مع النبي صلى الله عليه وسلم، وجاء رجل يشتم أبا بكر رضي الله عنه فحلم أبو بكر رضي الله عنه وسكت، والرجل ما زال يشتم ويشتم ويشتم وأبو بكر ساكت، والنبي صلى الله عليه وسلم ساكت، وفي النهاية حين الرجل زاد من الشتم رد عليه أبو بكر رضي الله عنه، فقام النبي صلى الله عليه وسلم وتعجب أبو بكر وقال: هو يشتمني يا رسول الله! وأنت موجود، فلما رددت عليه وانتصفت منه قمت! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنه كان هناك ملك يرد عنك)، ما قال شيئاً إلا ورده عليه الملك، الملك يرد عليه الذي يقول، وأنت لست أحق بهذا الوصف، فالله يكذب هذا الكذاب، ويصدق الملك بما يقول، فالملك يشهد على هذا الإنسان بأنه بذيء وأنه طويل اللسان، وأنه كذاب وكفى بهذه الشهادة ليعاقب عليه هذا الإنسان، فلما انتصف وانتصر أبو بكر رضي الله عنه حضر الشيطان ليوسوس لـأبي بكر قل له كذا، وقل له أيضاً، وقل له أيضاً، فقام النبي صلى الله عليه وسلم وقال: (لم أكن لأقعد في مجلس فيه الشيطان). https://upload.3dlat.com/uploads/13777463663.gif لذلك إذا إنسان عابك وأساء إليك فثق أن الله يدافع عنك سبحانه وتعالى، قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا [الحج:38]. ويحرم على الصائم الغيبة والنميمة وقول الزور ونحو ذلك، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه)، (من لم يدع قول الزور)، الزور: القول المزور، وأصله انحراف، زور: انحرف، فقول الزور: القول المنحرف عن الصواب والمائل عن الحق، فلا بد أن تدع قول الزور فلا تكذب في كلامك ولا تنافق ولا تراء ولا تشهد على إنسان زوراً، دع عنك كل ما هو انحراف عن دين الله سبحانه وتعالى.قال:(والعمل به) أي: العمل بمقتضى هذا الزور، يقول الكلام الكذب فيقنع به من أمامه أنه صادق وهو كذاب، ثم يعمل بمقتضى ذلك فيأخذ حق غيره، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لعل أحدكم يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له بنحو ما أسمع، فمن قضيت له من حق أخيه شيئاً فهي قطعة من النار فليأخذ أو فليذر). إذاً: إذا تحاكم اثنان إلى القاضي، ولعل أحدهما يجيد الكلام ويتكلم بالزور ويكذب ويعمل بمقتضاه، والقاضي يحكم له فيأخذ حق غيره، إذاً: هذا قول الزور، وهذا العمل بمقتضى قول الزور. قال: (والجهل) أي: السخط وسوء الخلق (فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه)، ومعنى ذلك: أن صومه ليس مقبولاً، فهل نأمر هذا الإنسان أن يفطر؟ لا يقال له: افطر، ولكن يقال: إن الله لا يقبل مثل هذا الصوم، كما أنه لا يقبل الصلاة من إنسان يسرق أو يصلي ويزني ويفعل الفاحشة، فإن هذه الصلاة لم تنهك عن الفحشاء والمنكر، وربنا يقول: إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ [العنكبوت:45]، فهي صلاة غير مقبولة، لو كانت صلاة مقبولة لنهتك عن الفحشاء والمنكر، فإن كانت غير مقبولة لا نقول له: لا تصل، ولكن نأمر بالصلاة، والأمر لله عز وجل في القبول أو عدمه.أيضاً في الحديث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع، ورب قائم ليس له من قيامه إلا السهر)، رب صائم صام وأفطر على أعراض الناس وأفطر على الكذب وأفطر على إيذاء الناس، ورب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش، وليس له أجر ولا ثواب، كذلك: (رب قائم ليس له من قيامه إلا السهر)، قام يصلي حتى تعبت قدماه وأصبح يؤذي خلق الله، فهذا لا تقبل منه هذه الصلاة، ولو كانت صلاة مقبولة لنهته عن الفحشاء والمنكر.وقال في الحديث الآخر: (ليس الصيام من الأكل والشرب فقط، إنما الصيام من اللغو والرفث)، أيضاً جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدروهم)، يخمشون أظفارهم، قَلَبَها الله عز وجل نحاساً يخمش ويمزع بها وجهه ويمزع بها صدره، قال النبي صلى الله عليه وسلم (فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟! قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم) أي: يجلسون مع بعضهم يتكلمون في سيرة فلان وسيرة علان، يأكلون في لحوم الناس ويقعون في أعراضهم، وسمى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك من الربا، بل أربى الربا قال: (إن من أربى الربا استطالة الرجل في عرض أخيه بغير حق)، هذه بعض الأشياء التي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عنها. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم. وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. http://majles.alukah.net/imgcache/2018/07/45.jpg |
رد: شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان الشيخ أحمد حطيبة يوميا فى رمضان
|
رد: شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان الشيخ أحمد حطيبة يوميا فى رمضان
المسافر في نهار رمضان https://upload.3dlat.com/uploads/13777463663.gif يجوز للمسافر في نهار رمضان أن يفطر، فالعذر ثابت للمريض والمسافر؛ لقول الله تعالى: فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:184]؛ وفي هذه الآية محذوف تقديره: من كان مريضاً فأفطر لزمه أن يقضي، وهذا نوع من أنواع الدلالات، وهي دلالة الاقتضاء، فالكلام فيه حذف أو شيء مضمر والمقام يقتضي أن نعبر عنه بذلك.إذاً من كان منكم مريضاً فأفطر أو على سفر فأفطر، لكن المريض الذي لم يفطر، أو المسافر الذي لم يفطر ليس عليهما عدة من أيام أخر، وهذه تسمى دلالة الاقتضاء: من كان منكم مريضاً فأفطر لزمه أن يقضي مكان اليوم الذي أفطره.روى أصحاب السنن عن أنس بن مالك الكعبي -غير أنس بن مالك الخزرجي الأنصاري رضي الله عنه- قال: (أغارت علينا خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتيت صلى الله عليه وسلم فوجدته يتغدى فقال: ادن فكل -أي: يتناول طعام الإفطار في الصباح، والغداء في الغدو، ونحن نقول: الغداء أي: طعام الظهر، ولكن الغداء أصلاً معناه طعام الصبح وهو الإفطار- قال: فقلت: إني صائم، فقال صلى الله عليه وسلم: ادن أحدثك عن الصوم، إن الله تعالى وضع عن المسافر الصوم، وشطر الصلاة) أي: رخص الله عز وجل للمسافر أن يفطر وعليه أن يقضي، وطالما أنه سيصلي فليس عليه قضاء؛ لأنه قد أتى بشطر الصلاة. وهذا حديث حسن صحيح.فإن كان سفره فوق مسافة القصر على اختلاف بين العلماء في مسافة القصر فنقول: ابتداء إذا كان السفر مسافة قصر وليس سفر معصية فله الفطر في رمضان، والسفر قد يكون واجباً، وقد يكون مستحباً، وقد يكون مباحاً، وقد يكون مكروهاً، فللمسافر أن يفطر في ذلك، أما إذا كان سفر معصية فليس له أن يفطر فيه؛ لأن الإفطار في السفر إعانة على مشقة السفر، وهذا الذي يسافر ليعصي المفترض أن يمنع من السفر، كأن يسافر ليشتري خمراً، أو يزني، فالأصل أن يمنع، ولا يجوز له أن يفطر أو يقصر؛ لأنه بهذه الرخصة أعين على المعصية.إذاً: إذا كان سفره فوق مسافة القصر، وليس السفر في معصية فله الفطر في رمضان؛ لقوله تعالى: فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:184] سواء كان سفر حج أو جهاد أو تجارة، وأنواع السفر: سفر حج، وهذا قد يكون فريضة، وقد يكون مستحباً، وسفر جهاد وهذا قد يكون فرض عين أو كفاية أو قد يكون مستحباً، أو سفر تجارة فقد تكون مستحبة أو مباحة أو مكروهة، ونحو ذلك من الأسفار.ومذهب الأئمة الأربعة: أنه يجوز للمسافر أن يصوم وأن يفطر، فالأيسر عليه يفعله.وأما في الصلاة فقد استحب الجمهور قصرها في السفر، وذهب الأحناف إلى أنه يجب القصر. والمسافر تجب عليه الصلاة ولا يصح أن يقال له: إذا رجعت من السفر فاقضها كالصيام، ولكن له أن يصلي الرباعية ركعتين، لكن الصوم لا يقال له: صم نصف الصوم، فإما أن يصوم أو يفطر، وإذا أفطر لزمه القضاء وبقي متعلق بذمته، وإذا صام فليس عليه قضاء. اختلاف العلماء في أيهما أفضل في السفر الصوم أو الفطر https://upload.3dlat.com/uploads/13777463663.gif اختلف العلماء في أيهما أفضل: الصوم في السفر أو الإفطار؟ والراجح في ذلك: هو أن الأيسر عليه يفعله سواء الصوم أو الإفطار.روى البخاري ومسلم عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: (خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره في يوم حار، حتى يضع الرجل يده على رأسه من شدة الحر، وما فينا صائم إلا ما كان من النبي صلى الله عليه وسلم وابن رواحة)، والمعنى أن هذا الصوم كان فريضة في رمضان، فالذي كان صائماً هو النبي صلى الله عليه وسلم وابن رواحة وبقية الصحابة كانوا مفطرين.وعن جابر كما في الصحيحين: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فرأى زحاماً ورجلاً قد ظلل عليه فقال: ما هذا؟ قالوا: صائم، فقال: ليس من البر الصوم في السفر)، وهذا الحديث لا يؤخذ الجزء الأخير منه من غير نظر إلى سببه، فلا يقال: إن قوله: ليس من البر الصوم في السفر تعتبر قاعدة عامة؛ لأنه إنما قال ذلك نتيجة سبب من الأسباب، فلا ينبغي أن يلغى السبب ويؤخذ بالنتيجة، فالنبي صلى الله عليه وسلم، صام في السفر، ولكنه رأى صلى الله عليه وسلم رجلاً صائماً في السفر وحوله أناس مزدحمين كل يقدم له خدمة، فقال: (ما هذا؟) فقالوا: صائم. إذاً: كان القوم مسافرين، والسفر قطعة من العذاب، وكل واحد مشغول بنفسه، وهذا الصائم شغلهم وضيق عليهم بحيث وصل إلى مشقة لا يقدر معها على الصوم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس من البر الصيام في السفر)؛ لأنه ليس من التقرب إلى الله أن تشق على صاحبك وتجعل الناس يخدمونك.إذاً هذا الحديث فيما إذا كان الصائم سيشق على نفسه وعلى رفقته.وعن أنس -كما في الصحيحين- قال: كنا نسافر مع النبي صلى الله عليه وسلم فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم، فلا الصائم يعيب على المفطر، ولا المفطر يعيب على الصائم، فطالما الصائم لا يتعب غيره فلا بأس أن يصوم، قال الله عز وجل: وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ [البقرة:185]، فالأفضل هو الأيسر، والله يريد بنا اليسر. وأيضاً عن ابن عمر -كما في المسند مرفوعاً-: (إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته)، فالله يكره من عبده أنه يأتي المعصية، كذلك يحب من عبده أن يأتي الرخصة.وروى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها: أن حمزة بن عمرو الأسلمي قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أأصوم في السفر؟ وكان كثير الصيام -والمعنى أن الرجل كان كثير الصيام في غير رمضان، فلما جاء عليه شهر رمضان سأل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك- فخيره النبي صلى الله عليه وسلم وقال: (إن شئت فصم، وإن شئت فأفطر)؛ لأنه إذا أفطر في رمضان لزمه القضاء بعد رمضان، كسائق السيارة من الإسكندرية إلى القاهرة فهو مسافر دائماً، فله أن يفطر في رمضان، وله أن يصوم، وإذا أفطر لزمه القضاء بعد رمضان، ولعله يكون مسافراً أيضاً، فالذي يتيسر له من الأمرين يفعله سواء كان الصوم أو الإفطار.كذلك في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة، فصام حتى بلغ عسفان، ثم دعا بماء فرفعه إلى يديه ليريه الناس، فأفطر صلى الله عليه وسلم)، فظل صائماً إلى أن وصل إلى عسفان، وبعد ذلك بلغه أن الناس شق عليهم الصوم، فأفطر صلى الله عليه وسلم أمام الناس. وكان ذلك في فتح مكة في رمضان.وفي رواية: (أن ذلك كان بعد العصر) .إذاً النبي صلى الله عليه وسلم الذي يقتدي به الناس أفطر بعد العصر وإن كان الوقت قد قرب من المغرب، ولكنه وجد أن ذلك سيشق على الناس فأفطر صلوات الله وسلامه عليه حتى يفطر الناس، فكان ابن عباس رضي الله عنهما يقول: قد صام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفطر -يعني في السفر- فمن شاء صام ومن شاء أفطر.ويذكر الحافظ ابن حجر مذاهب العلماء في الصوم أو الإفطار في السفر، فأكثرهم كـمالك والشافعي وأبي حنيفة على أن الصوم أفضل لمن لم يشق عليه؛ لأنه إذا صام لا يتعلق بذمته. وقال كثير من العلماء: الفطر أفضل؛ عملاً بالرخصة، فإذا كان الإنسان لم يرفض الرخصة أصلاً ولكن خاف ألا يتمكن من القضاء، والأداء سهل عليه كان الصوم أفضل له.وقال آخرون: هو مخير بين الأمرين، وقال https://upload.3dlat.com/uploads/13777463663.gif آخرون: أفضلهما أيسرهما، وهذا الأرجح، فإذا تيسر الصوم صام، وإن شق الصوم أفطر، وإن كان الصيام أيسر كمن يسهل عليه الأداء ويشق عليه القضاء بعد ذلك فالصوم في حقه أفضل، وكثير من الناس يسهل عليهم الصيام، فإذا دخل رمضان اعتاد على الصيام، وصام مع الناس وارتاح من القضاء.وآخر يشق عليه وهو مسافر أن يصوم، فقد يمرض أو يعطش عطشاً شديداً لا يقدر معه على أن يقضي حاجته في سفره، فهذا الأفضل في حقه أن يفطر؛ حتى يتمكن من قضاء حاجاته، ثم يقضي بعد ذلك.فالفطر أفضل لمن اشتد عليه الصوم وتضرر به كما ذكرنا، كذلك من ظن أنه رغب عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم ورفض الرخصة، فالأفضل أن يأخذ بالرخصة التي رخصها الله عز وجل له.إذاً: الذي قبل الرخصة وصام له ذلك، والذي قبل الرخصة وأفطر له ذلك، لكن الذي رد الرخصة ورفضها فالأفضل في حقه أنه لا يعرض عن رخصة رخصها الله له ولو بالقول؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من رغب عن سنتي فقد رغب عني، أو فليس مني).كذلك من خاف على نفسه العجب أو الرياء، فقد يكون مسافراً مع الناس، والكل مفطر فيخاف أن يصيبه العجب من كلام الناس، فالأفضل في حقه أنه يبتعد عن الرياء وأن يفطر، وغيره يجوز له أن يصوم ويجوز له الإفطار كما قدمنا.روى البخاري ومسلم عن أنس رضي الله عنه قال: (كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم أكثرنا ظلاً الذي يستظل بكسائه، وأما الذين صاموا فلم يعملوا شيئاً، وأما الذين أفطروا فبعثوا الركاب وامتهنوا وعالجوا).فالصائمون في تلك الحالة فائدة صيامهم مقتصرة عليهم لا تتعدى إلى غيرهم، لكن الذين أفطروا قاموا وخدموا الجميع وأحضروا الطعام، وبعثوا الركاب، وامتهنوا أي: قاموا بالمهنة وبقضاء حوائج المسافرين، فكان نفعهم متعدياً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ذهب المفطرون اليوم بالأجر) .فإذا كان الصائمون لهم أجر على قدر صيامهم، فالأجر العظيم أخذه المفطرون الذين قاموا بأمر السفر، ويسروا على غيرهم، وقاموا بما طلب منهم، فكان لهم الأجر العظيم، فكأنه إذا قورن أجر الصائم بأجر هؤلاء في تعبهم وامتهانهم لكان أجر الصائم قليلاً بالنسبة لأجر ذلك المفطر، وليس معنى ذلك أن الصائم ليس له أجر، بل له أجر عظيم، ولكن أجر أولئك الذين قاموا بالخدمة أعظم.أيضاً أخرج مسلم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة ونحن صيام -أي: في فتح مكة في رمضان- فنزلنا منزلاً فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنكم قد دنوتم من عدوكم والفطر أقوى لكم فأفطروا -فكانت رخصة- فمنا من صام ومنا من أفطر).ومعنى (إنكم قد دنوتم) أي قربتم من العدو، فالفطر أقوى لكم؛ حتى تقدروا على قتال أعدائكم، فمنهم من صام ومنهم من أفطر، قال: (فنزلنا منزلاً فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنكم مصبحوا عدوكم والفطر أقوى لكم فأفطروا، فكانت عزيمة) أي: أن الصبح هو موعد القتال، وربما يصعب عليهم القتال وهم صائمون، فأمرهم بالإفطار صلى الله عليه وسلم؛ لأن الفطر أقوى لهم. ففي المرة الأولى كانت رخصة؛ لأن العدو مازال بعيداً فلم يعزم عليهم، لكنهم لما أصبحوا لقتال العدو قال لهم: أفطروا، قال: (فأفطروا إلا قليلاً منهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم -لما سمع أن فلاناً وفلاناً ما أفطروا-: أولئك العصاة) وهذا دليل على أن أمره لهم كان عزيمة. فقد كانوا ذاهبين إلى مكة مكان الكفر ليحولوه إلى بلد للإسلام، وقد لا يقدرون مع الصوم على ذلك، فعليهم أن يفطروا، وإذا أفطر أحدهم وقاتل حتى قتل فإنه في هذه الحالة لم يتمكن من القضاء، فما عليك شيء، ولا يصوم عنه وليه، فكان الأفضل لهؤلاء أن يفطروا؛ لأنه أقوى لهم، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم عمن لم يفطروا: (أولئك العصاة).ونسبته صلى الله عليه وسلم الصائمين إلى العصيان؛ لأنه عزم عليهم أن يفطروا؛ لأنهم مصبحوا العدو، فأصبحوا صائمين.وكذلك الحديث الذي رواه النسائي عن جابر بلفظ: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر برجل في ظل شجرة يرش عليه الماء فقال: ما بال صاحبكم هذا؟ قالوا: صائم يا رسول الله، فقال: إنه ليس من البر أن تصوموا في السفر، وعليكم برخصة الله التي رخص لكم فاقبلوه) فقد قال هذا الكلام لسبب معين فما كان مثله كان كذلك. مسافة القصر https://upload.3dlat.com/uploads/13777463663.gif الراجح في مقدار السفر الذي يجوز فيه الفطر والقصر أنه ما يسمى سفراً، وخرج فيه الإنسان من مكان إلى مكان آخر، أو من بلدة إلى أخرى فله أن يفطر وله أن يقصر من الصلاة فيه، فما سمي سفراً عرفاً سواء كان قصيراً أو طويلاً يجوز فيه القصر والفطر، بشرط ألا يقل السفر عن أقل مسافة قصر فيها النبي صلى الله عليه وسلم، فأقل المسافات التي قصر فيها النبي صلى الله عليه وسلم كما جاءت في الحديث: (أنه كان يقصر صلى الله عليه وسلم إذا سافر ثلاث فراسخ أو ثلاثة أميال)، وفي هذه الرواية شك، وفي بعض الروايات: (ثلاثة أميال) بغير شك، فعلى ذلك يحطاط بثلاثة فراسخ، ومقدارها نحو ستة عشر كيلو من آخر عمران البلد، أي: بعد آخر البيوت التي يعيش فيها، فإذا كان بين قرية وأخرى مسافة ستة عشر كيلو فما فوقها فله أن يقصر وأن يفطر.قال يحيى بن يزيد الهنائي : (سألت أنساً عن قصر الصلاة فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ صلى ركعتين).لكن العلماء أخذوا بأطول من ذلك، فذهب مالك والشافعي وأحمد إلى أنه مسيرة يومين على الإبل أو الأقدام، قالوا: وتقديرها بستة عشر فرسخاً أي: بمقدار واحد وثمانين كيلو متراً تقريباً.واختار البخاري أنها مسيرة يوم وليلة، وكأنه على النصف من ذلك، أي: بمقدار أربعين كيلو متراً.وقال أبو حنيفة : أنها مسيرة ثلاثة أيام، وبعض فقهاء الأحناف يقولوا: أنها تقدر بخمسة عشر فرسخاً، وذلك ست وسبعون كيلو متراً.إذاً من العلماء من يرى أنها ستة عشر فرسخاً، والبعض يرى أنها خمسة عشر فرسخاً، ولكن الحديث على أنها ثلاثة فراسخ أو ثلاثة أميال، فإذا احتطنا في الأخذ بالحديث تكون ثلاثة فراسخ، وتقدر بستة عشر كيلو، ويقيد ذلك بأن يسمى سفراً عرفاً.وقد يكون ما بين آخر العمران الذي بين بلد وآخر حوالي ستة عشر كيلو.يقول ابن تيمية رحمه الله: تنازع العلماء: هل يختص القصر والفطر بسفر دون سفر، أم يجوز في كل سفر؟ قال: وأظهر القولين أنه يجوز في كل سفر، قصيراً كان أو طويلاً، كما قصر أهل مكة خلف النبي صلى الله عليه وسلم بعرفات ومنى، وبين مكة وعرفة نحو بريد، يعني: أربعة فراسخ، بما يقدر بواحد وعشرين كيلو متراً، والمعنى: أنه قصر أهل مكة وكانوا وراء النبي صلى الله عليه وسلم في عرفات، ولم يأمرهم بإتمام الصلاة.يقول: ولم يحد النبي صلى الله عليه وسلم مسافة القصر بحد لا زمنه ولا مكانه، والأقوال مذكورة في ذلك ومتعارضة، وليس على شيء منها حجة، والواجب أن يطلق ما أطلقه صاحب الشرع -يعني: النبي صلى الله عليه وسلم- ويقيد ما قيده، فيقصر المسافر الصلاة في كل سفر، وكذلك في جميع الأحكام المتعلقة بالسفر من القصر، والصلاة على الراحلة، والمسح على الخفين، ومن قسم الأسفار إلى سفر طويل وقصير، وخص بعض الأحكام بهذا وبعضها بهذا فليس معه حجة يجب الرجوع إليها.هذا كلام شيخ الإسلام رحمه الله وهو كلام قوي متين، فالراجح: أنه إذا سمي السفر سفراً، أو سميت المسافة التي يقطعها الإنسان من بلد إلى أخرى سفراً فيجوز له أن يقصر من الصلاة، وأن يفطر، والله أعلم. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم. وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. |
رد: شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان الشيخ أحمد حطيبة يوميا فى رمضان
https://i.imgur.com/sriREhp.gif شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان - الفطر في رمضان ومن لا يرخص له فيه وأحكام الكفارة - للشيخ : ( أحمد حطيبة ) (11) http://uploads.sedty.com/imagehostin...1494771604.gif يجب على المسلم أن يعرف أحكام العبادات التي يتعبد بها ويتقرب بها إلى ربه سبحانه وتعالى، حتى تكون هذه العبادات صحيحة فيقبلها رب العالمين، ومن أهم العبادات فريضة الصيام فهي الركن الرابع من أركان الإسلام، ومع أهمية الصيام ومكانته في دين الله، فإنك تجد كثيراً من الناس يجهل بعض أحكامه، فيجب علينا أن نتنبه لهذا الأمر. https://i.imgur.com/gsejV2p.gif مسائل في الصيام حكم من أفطر ناسياً أو جاهلاً أو مكرهاً الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.أما بعد: فإن الصائم إذا أفطر ناسياً أو جاهلاً أو مكرهاً، فإن صومه صحيح، وعليه أن يكمل صومه ذلك، والدليل على ذلك في النسيان قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا نسي الصائم فأكل أو شرب فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه)، وكذلك ما جاء في سنن ابن ماجة أنه صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)، فإذا أخطأ الإنسان فأكل، أو نسي فأكل، أو أكره على ذلك فأكل مكرهاً، فإنه مجرد ما يرجع إلى حالته الأولى يلزمه أن يمسك ويتم صومه.فإذا كان جاهلاً بالصيام، وهذا لا يتصور في إنسان يعيش في بلد إسلامي، ولكن في بلاد الكفر قد يتُصور ذلك، فقد يصوم كما يصوم أهل الكتاب، فهذا جاهل، فلا يجب عليه إلا أن يمسك، والأحوط له أن يعيد ما أفطره، لكن إن لم يعد فلا شيء عليه؛ لأنه جاهل.كذلك المكره، ففي الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)، فإذا أكره إنسان من قبل قوم بأن جعلوا بداخل فمه ماء أو طعاماً أو أدخلوه في الماء بحيث أنه يضطر أن يشرب من هذا الماء، فهذا كله لا يبطل صومه، بل ويكمله بعد ذلك إن استطاع.أيضاً النبي صلى الله عليه وسلم ذكر أن من ذرعه القيء فليس عليه قضاء، وذرعه أي: غلبه القيء، فهذا إكراه من نفسه؛ لأن المعدة هاجت فأفرغت ما فيها، فمن ذرعه القيء فليس عليه قضاء، وإنما القضاء على من استقاء عمداً، وكذلك الحكم في الطعام والشراب ونحو ذلك، فإن الإنسان إذا أكره عليها ولا يد له في ذلك، أي: أكره إكراهاً ملجئاً بآلة أو سلاح أو نحوها، فلا شيء عليه وليكمل صومه.كذلك إذا أكره إنسان على الوطء، بأن قيل له: جامع في نهار رمضان وإلا قتلناك، لو حدث هذا الشيء وفعل المكره ما أكره عليه فالراجح أيضاً أنه لا يفطر ولا قضاء عليه في ذلك. حكم المضمضة والاستنشاق للصيام المضمضة والاستنشاق مشروعان للصائم باتفاق العلماء، وجاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماءً ثم لينتثر) ولم يقيد لغير رمضان فهو على إطلاقه، فهذا يعني: أنه إذا كان الإنسان في رمضان أو في غير رمضان وأراد الوضوء، فليجعل في أنفه ماءً أي: يدخل ماء في أنفه، ثم لينتثر، يعني: يخرج بقوة الزفير هذا الماء الذي دخل في أنفه.لكن قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث لقيط: (وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً)، فهنا استثناء واحتراز وهو أنك إذا كنت صائماً فلا تبالغ في المضمضة أو الاستنشاق، فنهى عن المبالغة فيها، ولم ينه عنها بالكلية، وأما حكمها فقد قدمناه فيما مضى. حكم من أفطر بلا عذر في نهار رمضان لو أن إنساناً أفطر في نهار رمضان، بطعام أو بشراب أو بجماع وكان معذوراً مريضاً أو مسافراً، فعليه أن يقضي هذه الأيام ولا إثم عليه في ذلك؛ لأنها رخصة من الله سبحانه تبارك وتعالى، ولكن الذي يفطر بغير عذر فهذا إثمه عظيم جداً، وسمعنا في حديث النبي صلى الله عليه وسلم عقوبة هؤلاء الذين يفطرون قبل تحلة صومهم، فإنهم يعلقون كالذبيحة من أعقابهم في نار جهنم والعياذ بالله، منكوس، مشققة أشداقه تسيل دماً، والسبب هو أنه كان يفطر متعمداً في نهار رمضان بغير عذر، فإذا أفطر وجب عليه أن يتوب من هذا اليوم الذي أفطر فيه، ويجب عليه أن يمسك؛ لأنه ليس من حقه أن يفطر طالما أنه قادر على الصيام ولا رخصة له ولا عذر، ويجب عليه أن يقضي يوماً مكان هذا اليوم، ولكن هل يجب عليه مع القضاء الكفارة؟ أي: هل يجب عليه مع هذا القضاء أن يكفر بعتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو بإطعام ستين مسكيناً؟الراجح أن الدليل خص حالة واحدة من حالات الإفطار وهي الإفطار بالجماع في نهار رمضان، ولا يلحق غيره به، فمن جامع في نهار رمضان فهذا الذي جاء فيه نص النبي صلى الله عليه وسلم في الأمر بالقضاء مع الكفارة.فالذي تعمد الإفطار في نهار رمضان يلزمه أن يمسك بقية يومه، وإن كان إمساكه ليس صوماً، ولكن لمراعاة حرمة اليوم. حكم الجماع في نهار رمضان https://i.imgur.com/gsejV2p.gif الذي يفطر بجماع، هذه الصورة الوحيدة التي يلزمه فيها القضاء والكفارة، سواء جامع أهله أو جامع غيرها، أي: وقع في الزنا أو في اللواط وإن كانا حراماً في رمضان وفي غيره لكن كلامنا هنا فيما يجب على من فعل ذلك، فيجب عليه أن يتوب إلى الله عز وجل، وأن يمسك بقية هذا اليوم، وعليه القضاء والكفارة أيضاً، والدليل على ذلك ما ورد في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: (بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل فقال: يا رسول الله! هلكت، قال صلى الله عليه وسلم: مالك؟ قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل تجد رقبة تعتقها؟ فقال: لا، -بدأ النبي صلى الله عليه وسلم بذكر الرقبة فدل على أن الكفارة على هذا الترتيب الذي ذكره صلى الله عليه وسلم- فقال للرجل: هل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ فقال الرجل: لا، - لم يقل له: حاول لعلك تستطيع؛ لأن الشخص أدرى بنفسه إن كان يقدر أو لا يقدر - ثم قال صلى الله عليه وسلم: فهل تجد إطعام ستين مسكيناً؟ قال: لا، فمكث النبي صلى الله عليه وسلم - أي: سكت وانتظر - فبينما نحن على ذلك، أتي النبي صلى الله عليه وسلم بعرق فيه تمر، فقال: أين السائل؟ قال: أنا، قال: خذها فتصدق بها، فقال الرجل: أعلى أفقر مني يا رسول الله؟ فوالله ما بين لابتيها أهل بيت أفقر من أهل بيتي! فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه، ثم قال: أطعمه أهلك).هنا أمره النبي صلى الله عليه وسلم بالكفارة، ولم يذكر زوجة الرجل وما الحكم بالنسبة لها، ولذلك اختلف العلماء هل الكفارة خاصة بالرجل فقط أم أنها تجب على كل من الرجل والمرأة؟ فالبعض يقول: تجب على الاثنين؛ لأن الرجل سأل عن حكم نفسه، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، والمرأة تقاس على الرجل فيها، والبعض يقول: لا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الرجل بكفارةٍ واحدة، وقد علم أنه جامع أهله، ومع ذلك لم يذكر الكفارة على الزوجة، والراجح في هذه المسألة أن الشخص إذا أكره امرأته على ذلك فوافقته خوفاً منه، فيكون عليه القضاء والكفارة وهي عليها القضاء فقط، وإذا دعته هي إلى ذلك، فتكون هي مطيعة ومريدة للمعصية، فيلزم الاثنين القضاء والكفارة.فالرجل إن استطاع أن يعتق رقبة فليفعل وعليه مع ذلك أن يقضي يوماً مكان اليوم الذي جامع فيه، وإذا لم يقدر على عتق رقبة ينتقل إلى صيام شهرين متتابعين، فإذا لم يكن يقدر على ذلك ينتقل إلى إطعام ستين مسكيناً، فإذا لم يقدر في الوقت الحاضر يصبر وينتظر حتى يقدر، وإذا لم يقدر فإنه مع العجز الدائم يسقط عنه ذلك.والمرأة إذا كانت تقدر على العتق لزمها، وإذا كانت لا تقدر على العتق وتقدر على الصيام لزمها، فلا تعلق لكفارة الرجل بكفارة المرأة، فقد يكون الرجل فقيراً والمرأة غنية؛ ولذلك جاز إذا كان الزوج فقيراً والمرأة غنية ولها مال أن تعطي زكاة مالها لزوجها، ولم يجز العكس، فالرجل إذا كان غنياً لا يجوز أن يعطي زكاة ماله لامرأته؛ لأنه يجب عليه أن ينفق عليها، فالمقصود أن الشخص يكفر عن نفسه، سواء أكان الرجل أم المرأة بما يقدر عليه، على الترتيب الذي ذكر في الحديث. وإذا كان الشخص متزوجاً أربع نسوة، ووطئ الأربع في نهار رمضان، فالراجح أن عليه كفارة واحدة مع القضاء، وعليه ذنب عظيم لانتهاك حرمة اليوم بذلك، والنساء فيهن التفصيل الذي ذكرناه آنفاً، وهو أن المطاوعة له في ذلك عليها القضاء والكفارة، أما المغلوبة على أمرها فإن عليها أن تقضي فقط.لكن لو أن المرأة قاومت ولم ترد هذا الشيء فأجبرها بالقوة، فنرجع إلى حكم الإكراه، وهو أنها إذا كانت مكرهة لا تقدر على الفكاك ولا المقاومة، فإنها تبقى على صيامها وليس عليها القضاء إلا أن تخاف منه فتمكنه، أي: إذا ألجأها لذلك فليس عليها شيء، ففرق بين أن تكره إكراهاً ملجئاً وبين أن لا تكون كذلك. حكم من طلع عليه الفجر وهو مجامع https://i.imgur.com/gsejV2p.gif من طلع عليه الفجر وهو مجامع فاستدام الجماع مع العلم بذلك، فإن عليه القضاء والكفارة؛ لأنه أفطر بجماع في يوم من أيام رمضان وهو يعلم بحرمة ذلك، أما إذا كان مجامعاً وأذن الفجر فنزع، فلا شيء عليه. الجهل عذر في عدم وجوب الكفارة من المهم أن نعلم أن الجهل يكون عذراً في عدم الكفارة، ومثال ذلك إذا أكل شخص في نهار رمضان ناسياً، وجهل أن الأكل ناسياً لا يبطل الصوم، فظن أنه قد أفطر بذلك، فذهب وجامع أهله، فهنا عليه القضاء فقط وليس عليه كفارة في هذه الحالة؛ لأنه يجهل أن النسيان لا يبطل الصوم. حكم من جهل تحريم الجماع في نهار رمضان إذا وطئ في نهار رمضان وقال: جهلت تحريمه، ففي هذه الحالة: نفرق بين إنسان في بلاد المسلمين وفي غير بلاد المسلمين، ففي غير بلاد المسلمين قد يسمع عن الصيام بأنه الامتناع عن الأكل والشرب، ولم يسمع عن الجماع وحكمه في نهار رمضان، فأمسك عن الطعام والشراب وجامع في نهار رمضان، فالراجح أن هذا الإنسان ليس عليه شيء لجهله، ولكن الأحوط أن يقضي يوماً مكان هذا اليوم، أما الكفارة فليس عليه شيء، أما في بلاد المسلمين فلا عذر بالجهل بذلك؛ لأنه معلوم واضح. ترتيب الكفارة وكيفيتها الكفارة على الترتيب، إما أن يعتق رقبة إذا وجدها وقدر عليها، فإذا لم يقدر على ذلك أو لم يجدها، فيصوم شهرين متتابعين، بحيث لا يفصل بينهما ولو بيوم، فإن فصل بينهما استأنف من جديد إلى أن يكمل الشهرين، فإذا بدأ من نصف الشهر فيكمل ستين يوماً، وإذا بدأ من أول شهر عربي فيكمل شهرين عربيين، سواء كان أحد الشهرين تسعة وعشرين يوماً والثاني ثلاثين يوماً أو كان كلاهما ثلاثين يوماً.فإذا لم يقدر على العتق ولا على الصيام، فيطعم ستين مسكيناً، والراجح أن الإطعام يكون وجبة لكل مسكين، فيعطي كل مسكين مداً، والمد يقدر بربع صاع إذا كان من تمر، ففي التمر يكون الصاع كيلو وربع الكيلو، إذاً فالمد من التمر سيكون أربعمائة جرام تقريباً، فإذا كان من القمح أو من الأرز ونحو ذلك سيكون أكثر من نصف كيلو بقليل، فإذا أعطى كل مسكين نصف كيلو من الأرز أو من القمح أو نحو ذلك، فالراجح أنه يجزئ عنه ذلك، وإن كان الأفضل أنه يعطي للمساكين من جنس الذي يأكل. حكم من جامع وهو صائم قضاءً عن رمضان لو أن إنساناً كان يصوم عن رمضان في أي شهر من الشهور، فأفطر بجماع، فهذا يأثم؛ لأنه انتهك حرمة صوم الواجب، والواجب عليه في مثل هذه الحالة قضاء الأصل؛ لأن صيام هذا اليوم قد فسد بالجماع، ولا يلزمه الكفارة؛ لأنها لحرمة رمضان. حكم النوم والإغماء والجنون في نهار رمضان https://i.imgur.com/gsejV2p.gif لو أن إنساناً نام في نهار رمضان أو أغمي عليه أو جن، نقول: لو نام جميع النهار وكان قد نوى من الليل أنه سيصوم غداً، فالراجح أن هذا صومه صحيح؛ لأن النائم يستشعر الجوع والعطش ويستشعر من حوله، ولو أيقظته استيقظ، فهو يختلف عن المغمى عليه، ومن باب أولى إذا نام بعض النهار، فإنه لا شيء عليه. فقد أجمع العلماء على أنه لو استيقظ لحظة من النهار -مهما كانت قليلة ولو دقيقة واحدة- ونام بقية يومه صح صومه، وأما إذا نام جميع النهار فهنا المسألة فيها خلاف باعتبار أنه لم يستيقظ وأن حكمه حكم المغمى عليه، ولكن الراجح -كما قلنا- إن هناك فرقاً بين المغمى عليه وبين النائم، فالمغمى عليه لا يشعر مهما عملت معه ومهما حاولت أن تصحيه إلا أن يشاء الله سبحانه تبارك وتعالى؛ لأنه فاقد العقل، أما الإنسان النائم فعقله موجود وإنما ذهبت بعض أحاسيسه فقط. فالمغمى عليه لو نوى الصيام من الليل ثم أغمي عليه جميع النهار، لم يصح منه صوم؛ لأنه لم يوجد منه إلا النية فقط، أما الشعور فلا يوجد؛ لأنه ذاهب العقل بسبب هذا الإغماء، فيقضي يوماً مكان هذا اليوم الذي أغمي عليه فيه.ولو أن إنساناً تصيبه نوبات من الجنون في النهار كالصرع ونحو ذلك، فالراجح أنه لو كان جزءاً من النهار فلا شيء عليه طالما أنه نوى بالليل الصيام وبعض النهار كان صائماً ممسكاً، وإنما عرض له الجنون في جزء من النهار، وكذلك الحكم بالنسبة للإغماء في جزء من النهار.أما من جن وذهب عقله النهار كله، فهذا ذاهب العقل غير مكلف، فلا يلزمه القضاء ولا يجب عليه، فنفرق بين هؤلاء الثلاثة: النائم اليوم كله، والمغمى عليه اليوم كله، والمجنون اليوم كله.فالنائم اليوم كله: صومه صحيح طالما نوى الصيام من الليل.والمغمى عليه اليوم كله: صومه باطل، ويلزمه القضاء؛ لأن حكمه حكم المريض.والمجنون اليوم كله: يعتبر فاقد أهلية التكليف؛ لعدم وجود العقل، فلا يخاطب وهو في حالة جنون، ولا يلزم بالقضاء، بخلاف ما إذا ذهب عقله في بعض اليوم فإن صومه في باقي اليوم صحيح. حكم المرأة إذا حاضت أو نفست في أثناء الصيام لو حاضت الصائمة في أثناء النهار أو نفست بطل صومها، ولو ولدت ولم تر دماً، وهذا نادر جداً، فصومها صحيح، فعليها أن تبقى صائمة ولا شيء عليها. حكم صيام من ارتد وهو صائم ثم تاب لو أن إنساناً صائماً ارتد، فقد أبطل عمله، فلذلك يبطل صومه وعليه القضاء إذا تاب وعاد إلى الإسلام، فإذا كان الطعام أو الشراب في نهار رمضان معصية يبطل بها الصوم، فكيف بالكفر بالله عز وجل؟! نسأل الله العافية والسلامة. حكم من ذهب عقله بفعل نفسه في نهار رمضان لو نوى الصوم من الليل ثم شرب دواءً فزال عقله نهاراً بسبب هذا الدواء، فهذا حكمه حكم المغمى عليه فيلزمه القضاء إذا ذهب عقله جميع النهار، أما إذا زال عقله بعض النهار فإنه يكمل صومه ولا قضاء عليه. ولو أن إنساناً شرب مسكراً بالليل وبقي سكره إلى النهار، فهذا لا يصح منه صيام ويلزمه التوبة إلى الله عز وجل والقضاء. جواز غطس الصائم في الماء يجوز للصائم أن ينزل إلى الماء يغطس فيه إذا احتاج إلى ذلك؛ لأن ذلك قد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، كما روى أبو بكر بن عبد الرحمن عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الناس في سفره عام الفتح بالفطر وقال: (تقووا لعدوكم)، وصام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال الذي حدثني: لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعرج -مكان قرب مكة- يصب على رأسه الماء وهو صائم من العطش أو من الحر، فهذا يدل على أن الصائم له أن يغسل رأسه للتبرد أو لتقليل شدة العطش، وله كذلك أن ينزل في الماء ويغطس فيه، فلو أنه نزل في ماء ودخل بعض الماء -رغماً عنه- إلى أنفه أو إلى فمه، فالراجح أنه يلزمه إخراج هذا الماء، فإن لم يقدر فصومه صحيح؛ لأنه أكره على ذلك أو دخل وهو مخطئ غير متعمد، والله أعلم.نكتفي بهذا القدر، وأقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم.وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. https://i.imgur.com/J7dBgLY.jpg |
رد: شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان الشيخ أحمد حطيبة يوميا فى رمضان
https://upload.3dlat.com/uploads/13591567081.gif شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان - الوصال في الصيام - للشيخ : ( أحمد حطيبة ) (12) http://uploads.sedty.com/imagehostin...1494771604.gif لقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه عن الوصال في الصوم؛ إبقاء عليهم، ورحمة بهم، ورخص لهم في ذلك إلى السحر، وقد كان صلى الله عليه وسلم يواصل اليومين والثلاثة، فقد أعطاه الله قوة الطاعم والشارب.وقد جاءت الأحاديث الدالة على استحباب تعجيل الفطور وتأخير السحور، وذلك دليل على خيرية هذه الأمة، وظهورها على أعدائها. حكم الوصال في الصوم https://upload.3dlat.com/uploads/13777463663.gif الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين. جاء في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال، فقالوا: إنك تواصل، فقال صلى الله عليه وسلم: إني لست مثلكم؟! إني أطعم وأسقى) وفي رواية قال صلى الله عليه وسلم: (وأيكم مثلي إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني) وهذا عن أبي هريرة رضي الله عنه.ومعنى الوصال: أنه يظل صائماً يوماً مع الليل لا يفطر ويجمع إليه اليوم التالي، وهذا الفعل فعله النبي صلى الله عليه وسلم، ونهى أصحابه أن يفعلوا ذلك؛ إبقاء عليهم وشفقة عليهم، ورحمة بهم، فهو بالمؤمنين رءوف رحيم صلوات الله وسلامه عليه، والصحابة كانوا يحبون النبي صلى الله عليه وسلم ويحبون ما يفعله، فيريدون أن يقتدوا به في كل شيء، فبين لهم وقال: (إني لست مثلكم) فالنبي صلى الله عليه وسلم مخصوص بهذا الشيء، فإنه عند ربه يطعمه ويسقيه، فالله عز وجل يجعل له طعاماً وشراباً محسوساً، وفي رواية ابن عمر قال: (إني أطعم وأسقى) وقال صلى الله عليه وسلم في رواية أبي هريرة في الصحيحين أيضاً: (إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني)، فالله عز وجل أعطاه قوة الإنسان الطاعم الساقي، فبعض العلماء قال: إن الله يطعمه ويسقيه حقيقة. فقوله صلى الله عليه وسلم: (إني أظل عند ربي يطعمني ويسقيني) يعني: أن الله عز وجل يعطيه قوة الطاعم الشارب صلوات الله وسلامه عليه، ويعينه على ذلك عليه الصلاة والسلام، فهو يصوم ويجمع أياماً وليالي من غير أن يفطر، فالصحابة أحبوا أنهم يقلدون النبي صلى الله عليه وسلم، فجاء في صحيح البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة قال: (فلما أبوا أن ينتهوا عن الوصال واصل بهم يوماً ثم يوماً، ثم رأوا الهلال) يعني: كان ذلك في آخر شهر رمضان. فأصحاب https://upload.3dlat.com/uploads/13777463663.gif النبي صلى الله عليه وسلم لما وصلوا إلى آخر الشهر، وجدوا النبي صلى الله عليه وسلم يواصل الصيام، فإذا بهم يريدون أن يواصلوا في آخر الشهر معه صلى الله عليه وسلم، ومن رحمة رب العالمين لهذه الأمة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهاهم عن الوصال، ولكن الظاهر أن النهي منه صلى الله عليه وسلم لم يكن للتحريم؛ لأنه لو كان على التحريم لفهموا ذلك، ولما صام الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم ليله مع نهاره، ولكن كأنهم فهموا أنه نهاهم صلى الله عليه وسلم ولم يعزم عليهم، فأرادوا أن يواصلوا، فصام النبي صلى الله عليه وسلم يوماً فصاموا معه، فواصل بهم اليوم الذي يليه فرأوا الهلال، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: (لو تأخر الهلال لزدتكم، كالمنكل لهم حين أبوا أن ينتهوا)، ولو كان ذلك معصية لقال لهم: إن هذه معصية، فيسلمون لذلك، ولكن لم يفعل صلى الله عليه وسلم وإنما واصل بهم يوماً ويوماً ويوماً فظهر الهلال رحمة من رب العالمين، فكان العيد فأفطروا رضوان الله تعالى عليهم. فهذا الحديث فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحرم ذلك عليهم، وإنما رحمهم وأشفق عليهم صلى الله عليه وسلم بذلك، فأمرهم أن يصوموا ويفطروا كما أمر الله، وهذه الزيادة له صلى الله عليه وسلم، زيادة قربى إلى الله عز وجل. وهنا في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال رحمة بهم، فقالوا: إنك تواصل؟ قال: إني لست كهيئتكم إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني). وفي الصحيحين عن أنس قال: (واصل رسول الله صلى الله عليه وسلم في أول شهر رمضان فواصل ناس من المسلمين، فبلغه ذلك فقال لهم: لو مد لنا الشهر لواصلنا وصالاً يدع المتعمقون تعمقهم) يعني: لو زاد الشهر لكنا واصلنا وصالاً حتى يدع المتعمقون تعمقهم، ثم قال: (إنكم لستم مثلي أو فإني لست مثلكم إني أظل يطعمني ربي ويسقيني)، ففيه الذي ذكرناه. إذاً: الوصال المنهي عنه: هو أن تواصل يوماً وليلة وتصبح صائماً، لكن الوصال الجائز: هو أنك تؤخر الإفطار إلى السحور، فذلك لك، وإن كان الأفضل أنك تفطر وقت الإفطار بعد غروب الشمس، لما سيأتي من حديث عنه صلى الله عليه وسلم. وفي صحيح البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنهأنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تواصلوا، فأيكم أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر، فقالوا: فإنك تواصل يا رسول الله؟ قال: إني لست كهيئتكم، إني أبيت لي طاعم يطعمني وساق يسقيني) يعني: الله عز وجل يجعل له قوة الطاعم الشارب، أو يجعل له من يطعمه، وهذا شيء معنوي له صلوات الله وسلامه عليه، وفي الحديث الآخر: (إني أظل) يعني: لو كان يطعم حقيقة من عند الله، لأفطر في نهار رمضان صلى الله عليه وسلم، ولكن جعل الله له قوة الطاعم الشارب عليه الصلاة والسلام. حكم السحور وبيان وقته وفضله https://upload.3dlat.com/uploads/13777463663.gif السحور سنة، جاء في الصحيحين عن أنس قال النبي صلى الله عليه وسلم: (تسحروا؛ فإن في السحور بركة) والسحور: هو طعام السحور، وفي رواية لـأحمد عن أبي سعيد : (السحور أكله بركة، فلا تدعوه ولو أن يجرع أحدكم جرعة من ماء؛ فإن الله عز وجل وملائكته يصلون على المتسحرين)، لذلك جاز لك إذا أردت الوصال ألا تفطر، لكن تأكل عند السحر، فلا تضيع هذه الفضيلة، وهي أن الله يصلي ويسلم على المتسحرين. وفي سنن أبي داود عن العرباض بن سارية قال: (دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السحور في رمضان، فقال: هلم إلى الغداء المبارك)، وهنا واضح من قوله: (هلم إلى الغداء) أنه قرب الصلاة، فكان سحور النبي صلى الله عليه وسلم قرب الفجر، ولذلك كان يتسحر ويخرج إلى صلاة الفجر صلوات الله وسلامه عليه. كذلك حث عليه كما في صحيح مسلم عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر).أما وقت السحور فقد ورد في الصحيحين عن أنس (أنهم تسحروا عند النبي صلى الله عليه وسلم ثم قاموا إلى الصلاة، قال: انظر كم بينهما؟ قال: قدر قراءة خمسين أو ستين آية) إذاً: يستحب أن يكون السحور في آخر الليل. مشروعية اتخاذ مؤذنين لصلاة الفجر في رمضان جاء في الصحيحين: (أن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم) يعني: أن بلالاً كان يؤذن الأذان الأول، وكان يقول فيه: الصلاة خير من النوم، وهو الذي كان يقيم الصلاة للنبي صلى الله عليه وسلم، فـبلال كان يؤذن بليل، فلكم أن تأكلوا وتشربوا، أما ابن أم مكتوم فكان إذا أذن امتنعوا عن الأكل والشرب. نقول لو أنك سمعت الأذان الأول أو سمعت الأذان الثاني وشككت هل المؤذن أذن قبل الوقت؟ فلك أن تشرب، لكن لو عرفت أن الفجر قد طلع فليس لك أن تأكل ولا أن تشرب. ثم قال: (ولم يكن بينهما إلا أن ينزل هذا ويرقى هذا) لم يكن الأذان من فوق المسجد، إنما كان من فوق بيت قريب من المسجد، وهذا البيت هو لامرأة من الأنصار، وكان بلال يصعد فوق هذا البيت ويؤذن، فإذا نزل بلال من فوق البيت صعد ابن أم مكتوم وأذن الأذان الثاني، وذهاب ابن أم مكتوم وصعوده على البيت يكون في حوالى ربع ساعة أو ثلث ساعة أو عشر دقائق، ولكن هذا قد يرجع في البلاد إلى حاجة الناس؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحدد الوقت بينهما، وإنما يكون بحسب مصلحة الناس، ففي بعض البلاد مثل: السعودية الفرق بين الأذان الأول والثاني ساعة تقريباً، حتى يتجهز الناس لذلك لكن في بعض المساجد يكون الفرق بين الأذانين قدر ربع ساعة أو ثلث ساعة، وهذا بحسب حاجة الناس، فلا يقال: إن الساعة هي السنة؛ لأن الذي جاء في هذا الحديث أن الزمن ما بين الأذانين قليل، وهو أن ينزل هذا ويصعد هذا، فالسنة أن الوقت قليل. الحكمة من الأذان الأول والأذان الثاني حكمة الأذان الأول أنه كانت عادة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة، فكانوا يقومون فيصلون من الليل، إما في نصف الليل وإما في الثلث الأخير، وإذا صلى في أول الليل نام في آخر الليل، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: (إن بلالاً يؤذن بليل؛ ليرجع قائمكم ويوتر نائمكم) يعني: حتى يستيقظ النائم ليصلي صلاة الفجر في وقتها، والأذان الثاني هو الأذان لصلاة الفجر، وبعد الأذان الثاني لا يجوز أن تصلي أكثر من ركعتين؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تصلي بعد أذان الفجر إلا ركعتي السنة فقط. وبعض الناس لعله يأتي إلى المسجد بعد الأذان الثاني فيصلي ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين، ويطيل فيها، مع أن سنة النبي صلى الله عليه وسلم صلاة ركعتين فقط بعد أذان الفجر الثاني.أما الأذان الأول فله أن يصلي بعده ما شاء أو يجلس يدعو الله عز وجل، لكن الأذان الثاني لا يصلي إلا ركعتين، وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يطيل فيهما، وإنما كان يقرأ الفاتحة وقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون:1]، والفاتحة وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1]. استحباب تعجيل الفطر https://upload.3dlat.com/uploads/13777463663.gif يستحب تعجيل الإفطار، قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث: (لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر) فدليل خيرية هذه الأمة أنهم يعجلون الفطر، ورمضان شهر أحبه الله سبحانه وتعالى، فله أول وله آخر، فقبله يوم الشك وهو منهي عن صيامه، وبعده يوم العيد وهو منهي عن صيامه، ويوم رمضان بعده الليل فنهى عن مواصلة الصيام، وجاء في الحديث (للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه)، والله يعجبه من عبده أن يفرح وقت فطره، فأنت صمت عما منعك الله عز وجل عليه، وأفطرت على ما أحل الله عز وجل لك عند وقت الإفطار، فقال صلى الله عليه وسلم: (لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر). وجاء في صحيح مسلم من حديث أبي عطية قال: (دخلت أنا ومسروق على عائشة فقلنا: يا أم المؤمنين رجلان من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم: أحدهما يعجل الإفطار ويعجل الصلاة، والآخر يؤخر الإفطار ويؤخر الصلاة، قالت: أيهما الذي يعجل الإفطار ويعجل الصلاة؟ قال: قلنا: عبد الله -يعني: ابن مسعود - قالت: كذلك كان يصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم) يعني: النبي صلى الله عليه وسلم كان يعجل الإفطار، وأحياناً كان يواصل الصيام صلوات الله وسلامه عليه. وفي سنن النسائي هذا الحديث وفيه: فقال: (رجلان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: أحدهما يعجل الإفطار ويؤخر السحور، والآخر يؤخر الإفطار ويعجل السحور، فقالت: أيهما الذي يعجل الإفطار ويؤخر السحور؟ قال: قلت: عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قالت: هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع) يعني: من سنن النبي صلى الله عليه وسلم تعجيل الإفطار وتأخير السحور، يعجل الإفطار حتى يتفرغ بعد ذلك لصلاة العشاء والعشاء وقيام الليل، ويؤخر السحور عليه الصلاة والسلام ليكون في النهار على الصيام وعلى العمل وعلى الدعوة إلى الله عز وجل. أيضاً يحث المؤمنين على تعجيل الإفطار بقوله: (لا يزال الدين ظاهراً ما عجل الناس الفطر؛ فإن اليهود والنصارى يؤخرون). استحباب الإفطار على رطب أو تمر إذا أفطرت فالمستحب أن تفطر على رطبات البلح الرطب، وفي حديث أنس (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر على رطبات قبل أن يصلي، فإن لم تكن رطبات فعلى تمرات، فإن لم تكن حسا حسوات من ماء) يعني: أن النبي صلى الله عليه وسلم عند غروب الشمس كان يفطر على رطبات، وهو البلح الأسود، فإذا كان البلح أو الرطب موجوداً أفطر عليه، فإذا لم يوجد فعلى تمرات، فإذا لم تكن حسا حسوات من ماء، والتمر أو الرطب فيه سعرات حرارية عالية، والصائم عند غروب الشمس تكون كمية السكر في مخه قليلة، والمخ يحتاج إلى سكر حتى يشتغل، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يفطر على رطبات، وفيها أعلى السعرات الحرارية، أو تمرات، فإذا لم يكن هذا أو ذاك أفطر على ماء. استحباب الإكثار من الدعاء للصائم والذكر عند الإفطار https://upload.3dlat.com/uploads/13777463663.gif كان صلى الله عليه وسلم إذا أفطر قال: (ذهب الظمأ، وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله) فيستحب للصائم بعدما يفطر أن يقول ذلك؛ لأن الله هو الذي أذهب عنه الظمأ، وبل له عروقه، وأعطاه الأجر إن شاء الله سبحانه. كذلك يستحب للصائم الإكثار من الدعاء؛ لأن الصائم دعوته مستجابة، فأكثروا من الدعاء، سواء بطلب حاجة، أو أنك تدعو بخيري الدنيا والآخرة، أكثر من الدعاء في وقت الرخاء حتى يستجاب لك في وقت البلاء، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ثلاث دعوات مستجابات: دعوة الصائم، ودعوة المظلوم، ودعوة المسافر) فيستحب للصائم أن يكثر من الدعاء، لعل الله عز وجل يستجيب له، ومن أفضل ما يقول: رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة:201]. استحباب إطعام الصائم يستحب للمسلم أن يدعو أخاه المسلم ليفطر عنده؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من فطر صائماً كان له مثل أجره، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء)، فالصائم أجره كامل ومضاعف عند الله عز وجل لمن يشاء، والذي أطعم هذا الصائم يؤجر مثل هذا الذي كان صائماً، لذلك يستحب للإنسان أنه يعطي الصائمين طعاماً ليفطروا عليه، ويعطي للفقراء والمساكين، وأن يطعم إخوانه وأقرباءه، وأن يطعم من يحتاج إلى الطعام، فيؤجر على ذلك هذا الأجر، قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر: (اعبدوا الرحمن، وأطعموا الطعام، وأفشوا السلام، تدخلوا الجنة بسلام) ، فحض على إطعام الطعام.إذاً: على المؤمن في رمضان وفي غير رمضان أن يعود نفسه على أن يعطي المحتاجين، فإذا فطر صائماً أعطاه طعام الإفطار، أو دعاه ليأكل عنده، فهذا فيه أجر عظيم، فإن لك صومك ولك مثل أجر صوم من أطعمته. نسأل الله عز وجل أن يعيننا على الإنفاق في سبيله، وعلى ذكره وشكره وحسن عبادته. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم. وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. https://i.imgur.com/J7dBgLY.jpg |
رد: شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان الشيخ أحمد حطيبة يوميا فى رمضان
|
رد: شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان الشيخ أحمد حطيبة يوميا فى رمضان
|
رد: شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان الشيخ أحمد حطيبة يوميا فى رمضان
|
رد: شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان الشيخ أحمد حطيبة يوميا فى رمضان
https://i.imgur.com/J7dBgLY.jpg |
رد: شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان الشيخ أحمد حطيبة يوميا فى رمضان
|
رد: شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان الشيخ أحمد حطيبة يوميا فى رمضان
|
رد: شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان الشيخ أحمد حطيبة يوميا فى رمضان
|
رد: شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان الشيخ أحمد حطيبة يوميا فى رمضان
|
رد: شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان الشيخ أحمد حطيبة يوميا فى رمضان
|
رد: شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان الشيخ أحمد حطيبة يوميا فى رمضان
|
رد: شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان الشيخ أحمد حطيبة يوميا فى رمضان
|
رد: شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان الشيخ أحمد حطيبة يوميا فى رمضان
https://upload.3dlat.com/uploads/13591567081.gif شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان - فضائل القرآن الكريم [2] - للشيخ : ( أحمد حطيبة ) (24) http://uploads.sedty.com/imagehostin...1494771604.gif للقرآن فضائل عظيمة لا يدركها إلا من عمل بها، واجتهد في قراءة القرآن والعمل به، والتحاكم إليه، فأهل القرآن فضائلهم معلومة، ودرجاتهم عالية، ومقاصدهم سامية، فهم للأجر يطلبون، وعن الجنة يبحثون، وإلى العمل بالقرآن مسارعون. ما جاء في فضل قراءة القرآن https://upload.3dlat.com/uploads/13777463663.gif شرح حديث: (من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين ...) الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.مما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من أحاديث في فضائل القرآن: ما رواه أبو داود عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين، ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين).وروى أبو داود في شعب الإيمان عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا قام أحدكم يصلي من الليل فليستك، فإن أحدكم إذا قرأ في صلاته وضع ملك فاه على فيه، ولا يخرج من فيه شيء إلا دخل فم الملك).هذا القرآن العظيم تقوم من الليل لتصلي لله سبحانه وتعالى ولو بأقل ما تقدر عليه، فإذا قمت وقرأت عشر آيات لم تكتب من الغافلين، وإذا قمت من الليل وقرأت مائة آية كتبت عند الله من القانتين، وإذا قرأت ألف آية كتبت من المقنطرين. شرح حديث: (إذا قام أحدكم يصلي من الليل فليستك ...) كذلك جاء عنه صلى الله عليه وسلم في فضل هذه القراءة -وخاصة بالليل- أنه قال: (إذا قام أحدكم يصلي من الليل فليستك) فإذا قمت لصلاة الليل فتهيأ لها واستعد لهذه الصلاة العظيمة بأن تدعك أسنانك بالسواك أو الفرشاة والمعجون، حتى تكون رائحة فمك طيبة، وما الذي يكون وراء ذلك؟ قال صلى الله عليه وسلم: (فإن أحدكم إذا قرأ في صلاته وضع ملك فاه على فيه)، انظر إلى هذا الجمال والجلال وإلى هذه الرحمة من الله عز وجل! هل تتخيل أن ملكاً يكون أمامك يكلمك مثلاً؟ فإنه يقف الملك من ورائك ثم يقرب منك حتى يضع فاه على فيك، فهذا الملك الذي خلق من نور وأنت الذي خلقت من تراب يشرفك الله عز وجل بأن يجعل الملك يتلقى كلام الله من فمك، وهذا شيء عظيم جداً من فضل الله سبحانه وتعالى، قال: (ولا يخرج من فيه شيء إلا دخل فم الملك).القرآن عزيز وعظيم، ولذلك جعله الله عز وجل يخرج من فمك، وفمك طاهر، فيخرج من فمك إلى فم ملك من ملائكته سبحانه وتعالى.وفي رواية ثانية عن علي رضي الله عنه أنه قال: (إذا قام أحدكم من الليل فليستك)، هذا من قول علي ولكن له حكم المرفوع؛ لأنه يوافق الحديث الذي قبله، فإن الرجل إذا قام من الليل فتسوك ثم توضأ ثم قام إلى الصلاة، جاءه الملك حتى يقوم خلفه يستمع إلى القرآن، ثم لا يزال يدنو منه حتى يضع فاه على فيه، فلا يقرأ آية إلا دخلت جوفه.وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه حث على قيام الليل، وعلى القراءة في قيام الليل ما شاء الله عز وجل ولو كان شيئاً أنت تظنه قليلاً. شرح حديث: (أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة؟ ..) وروى مسلم عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة؟ قالوا: وكيف يقرأ ثلث القرآن في ليلة؟) فالصحابة استكثروا أن يختم أحدهم القرآن في ثلاث ليال، فهذا صعب جداً، وقد كان منهم من يحفظ القرآن، ومنهم من لا يحفظ القرآن، فإذا كان ثلث القرآن كيف سيقوم وهو لا يحفظ ولا يجيد الكتابة والقراءة حتى يقوم بذلك؟! قال صلى الله عليه وسلم: (قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن) هذه السورة القصيرة في عدد آياتها، العظيمة الكبيرة في فضلها وثوابها تعدل ثلث القرآن.فالقرآن جاء بالعقيدة والتوحيد، وجاء بصفات الله سبحانه وتعالى، وهذه عقيدة، وجاء بالتشريع والقصص والمواعظ والأخبار، فإذا نظرنا إلى هذه الثلاثة الأنواع وجدنا التوحيد ثلث القرآن، و(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) فيها التوحيد، وفيها صفات الله العظيمة سبحانه وتعالى: الله، الواحد، الأحد سبحانه، الصمد، وهو السيد الذي عظم في سؤدده سبحانه، والذي تصمد إليه الخلائق، جميعهم يطلبون من فضله ورحمته، ويسألونه، وهو السيد الذي لا سيد سواه سبحانه وتعالى، الكامل الذي كمل في كل فضل، وفي جلاله وإكرامه وعلوه، فهو السيد الصمد سبحانه وتعالى، لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص:3-4] ففي هذه السورة العظيمة صفات الله عز وجل فاستحقت أن تعدل ثلث القرآن، وأن يؤجر العبد عليها، فمن قرأها كأنه قرأ ثلث القرآن، فإذا قمت من الليل فقرأت (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) كأنك قمت بثلث القرآن.وكان صلى الله عليه وسلم يقوم بثلث القرآن حقيقة، فيقرأ من أول القرآن حتى سورة براءة صلوات الله وسلامه عليه، ولم يكتف بأن يقوم بـ (قل هو الله أحد) وحدها، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم يهون على المؤمنين وييسر عليهم، فقد بعث بالحنيفية السمحة صلوات الله وسلامه عليه.وهذه السورة عددها أربع آيات، وفيها هذا الفضل كله، فلو أنك قرأتها وأنت جالس كأنك قرأت ثلث القرآن.وروى أحمد عن معاذ بن أنس الجهني صاحب النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من قرأ (قل هو الله أحد) حتى يختمها عشر مرات بنى الله له قصراً في الجنة)، فابن لنفسك قصوراً في الجنة، واقرأ (قل هو الله أحد) وكرر واقرأها عشر مرات، فكلما قرأت (قل هو الله) أحد عشر مرات بني لك قصر في الجنة، فهذا ثمن تدفعه بفعل قليل ولكنه عند الله عظيم، فيكتب لك هذا الأجر والثواب عند الله سبحانه. شرح حديث: (من قرأ بمائة آية في ليلة ...) https://upload.3dlat.com/uploads/13777463663.gif روى الإمام أحمد عن تميم الداري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قرأ بمائة آية في ليلة كتب له قنوت ليلة)، القنوت: حسن القيام وطوله، والقنوت: الخشوع في الصلاة، والقنوت له صفات عظيمة جداً، فكلمة (قنت لله سبحانه) أي: خشع لله وأخبت وذل بين يدي الله سبحانه، وقام لله سبحانه، وصمت وأنصت لكلام الله سبحانه وتعالى، فيكتب لك قنوت ليلة إذا صليت هذه الليلة وقرأت قدر مائة آية، والمئون من القرآن كسورة الكهف فهي مائة آية وزيادة، وسورة الإسراء تزيد على المائة، وكذا سورة النحل ويونس وهود فإنها تتعدى المائة، فإذا قرأت هذه السور فلك هذا الأجر العظيم.وتقرأ سورة الصافات وعددها مائة وثلاثة وثمانون آية، وسورة الشعراء وعددها مائتان وسبعة وعشرون آية، فهذه آيات كثيرة وإن كانت قصيرة الألفاظ، وإذا قارنا سورة البقرة مع سورة الشعراء فإن عدد آيات سورة البقرة مائتان وستة وثمانون آية، فهي طويلة وتأخذ وقتاً طويلاً، وعدد آيات سورة الشعراء مائتان وسبعة وعشرون آية، فإذا قرأت هذا في قيام الليل فإنه يكون لك أجر عظيم كأنك قمت الليل كله.فهذا أجر الذي لم يقم الليل كله فكيف بمن يقوم بأكثر من ذلك؟ وكيف بمن يقوم الليل كله؟! فالأجر عظيم من الله، وهذه أيام المسابقة والمسارعة، فسابقوا وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض، فهذه الليالي الباقية من هذا الشهر -عشر ليال أو تسع ليال- احذر أن تفرط فيها، واحذر أن تقول: أنام الليلة وغداً سأقوم، وبعده سأقوم ليلة سبع وعشرين، فالقيام بين يدي الله عز وجل له حلاوة بالتعود، والذي يقوم مرة ثم يترك ويجد الكسل، هذا لأنه ليس متعوداً على القيام، ولذلك ينبغي -حتى تقدر على حسن العبادة ليلة القدر- أن تكون قد اعتدت على ذلك، فعود نفسك، وهنا النبي صلى الله عليه وسلم يخبرنا أن الذي يقرأ بمائة آية يكتب له قنوت ليلة.وانظر إلى أبي بكر رضي الله عنه كيف كان يقرأ القرآن؛ فقد روى البخاري عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: (لم أعقل أبوي إلا وهما يدينان الدين)، أول من عرض عليهم الإسلام من الرجال هو أبو بكر رضي الله عنه، فكان أول من أسلم، وأم عائشة هي أم رومان وكانت من أول من أسلم، بخلاف أم أسماء أخت عائشة رضي الله عنها، فقد كانت كافرة، وجاءتها متأخرة جداً راغبة وراهبة، لكن أم عائشة أسلمت مع أبي بكر رضي الله تبارك وتعالى عنها أو أسلمت بعد ذلك حين تزوجها رضي الله عنه.والمقصود أنها قالت: (لم أعقل أبوي إلا وهما يدينان الدين، ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفي النهار بكرة وعشياً).فقد كان يذهب رسول الله إلى أبي بكر الصديق، وهذا فيه فضيلة لـأبي بكر الصديق أن يزوره النبي صلى الله عليه وسلم في اليوم مرتين بالصبح والليل، أو في البكور والعشي أي: بعد الظهر.قالت: ثم بدا لـأبي بكر فابتنى مسجداً بفناء داره، وأبو بكر الصديق من حبه للقرآن يريد مكاناً يعتكف فيه ليقرأ القرآن، فبنى وهو في مكة في فناء داره مسجداً، وقد كان له فناء -أي: كان له حوش كبير فيه عدد من البيوت- وكان يسكن معه أناس من المشركين في هذه الدار، فـأبو بكر بنى مسجداً في فناء داره، وكان يجلس ويقرأ القرآن.قالت عائشة رضي الله عنها: فكان يصلي فيه ويقرأ فيه، فيقف عليه نساء من المشركين وأبناؤهم فيعجبون منه وينظرون إليه، أي: لجمال قراءته بالقرآن، ولشدة خشوعه وبكائه وهو يقرأ القرآن.قالت عائشة : وكان أبو بكر رجلاً بكاءً لا يملك عينيه، أي: إذا قرأ القرآن أو سمعه رضي الله عنه، قالت: فأفزع ذلك أشراف قريش من المشركين، وحالهم: أبو بكر قد تتبعه نساؤنا وأبناؤنا ولا نعرف كيف نمنعهم، لأن خشوعه وصدقه في قراءة القرآن جلب هؤلاء ليسمعوا إليه، فشكوا أبا بكر رضي الله عنه في ذلك. شرح حديث: (من رأى منكم الليلة رؤيا؟ ..) https://upload.3dlat.com/uploads/13777463663.gif كذلك من الأحاديث التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه وفيه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى صلاة أقبل علينا بوجهه وقال: من رأى منكم الليلة رؤيا)، فكان يسألهم صلى الله عليه وسلم ويستبشر بالرؤيا الصالحة، وكان يخبر أنه إذا انقطع الوحي من السماء بقيت المبشرات، قالوا: (وما المبشرات؟ قال: الرؤيا الصالحة يراها المؤمن أو ترى له)، فكان يسأل أصحابه: هل رأى أحد منكم الليلة رؤيا؟ فكان أصحابه من رأى منهم رؤيا يخبر النبي صلى الله عليه وسلم.وفي يوم من الأيام أصبح صلى الله عليه وسلم فسألهم كما كان يسألهم ولم يرد عليه أحد، فقال: (لكني رأيت الليلة رجلين أتياني فأخذا بيدي فأخرجاني إلى الأرض المقدسة) ، أخذا بيدي النبي صلى الله عليه وسلم وخرجا به إلى بيت المقدس أو الأرض المقدسة، قال: (فإذا رجل جالس ورجل قائم بيده كلوب من حديد) رأى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، وسنعلم في آخر الحديث أنه عذاب البرزخ، يعذب الله عز وجل أناساً في قبورهم بهذا الذي رآه النبي صلى الله عليه وسلم، فهم معذبون في قبورهم، لم يعذبوا؟! وما الذي عملوه؟! لننظر في هذا الحديث، قال: (فإذا رجل جالس ورجل قائم بيده كلوب من حديد، فيدخل ذلك الكلوب في شدقه حتى يبلغ قفاه ثم يفعل بشدقه الآخر مثل ذلك، ويلتئم شدقه هذا فيعود فيصنع مثله، قلت: ما هذا؟ قالا: انطلق).وهنا في هذه الصورة رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً جالساً على الأرض وآخر واقف عليه يعذبه، فهو ماسك بيده كلوباً من حديد، والكلوب: سيخ معقوف، شكله مثل الخطاف، فيجعل السيخ بداخل فمه فيشرشر شدقه حتى يبلغ إلى قفاه، ويفعل بالشدق الآخر مثل ذلك، فلا ينتهي من الثاني حتى يكون الأول قد التأم فيرجع ويفعل به كذلك، وهذا عذاب شديد جداً حيث يستمر يفعل به هذا إلى يوم القيامة، فيا ترى ماذا عمل هذا الإنسان؟! لا بد أنه كان يعمل شيئاً.قال صلى الله عليه وسلم: (فأتينا على رجل مضطجع على قفاه، ورجل قائم على رأسه بفهر أو صخرة، فيشدخ به رأسه، فإذا ضربه يتدهده الحجر فينطلق إليه ليأخذه فلا يرجع إلى هذا حتى يلتئم رأسه، ويعود كما هو، فعاد إليه فضربه، قلت: من هذا؟، قالا: انطلق)، وهذا رجل آخر نائم مضطجع على قفاه في الأرض، ورجل قائم يعذبه، ومعه حجارة، فيمسك بالحجارة ويضرب هذا الإنسان في رأسه حتى يشقه، ويذهب ليحضر الحجر فلا يرجع حتى يلتئم مرة ثانية، ولا يزال هكذا في عذاب شديد، فلو أن إنساناً في الدنيا ضرب ضربة بالحجر في رأسه لجاء له ارتجاج في المخ وذهب شعوره فلا يحس مهما ضرب بعد ذلك، أما أن يضرب ويرجع حياً ليضرب مرة ثانية فهذا عذاب شديد، نسأل الله العفو والعافية، عذاب شديد جداً لا يزال يفعل بهذا الإنسان ذلك إلى يوم القيامة.ثم قال صلى الله عليه وسلم: (فانطلقنا إلى ثقب مثل التنور أعلاه ضيق وأسفله واسع يتوقد ناراً) فرن مثل الهرم، أعلاه ضيق وأسفله واسع يتوقد ناراً، قال: (فإذا اقترب ارتفعوا) يعني: هذا الفرن فيه أناس تقرب منهم النار وترفعهم مثل القدر الذي فيه لحم عياذاً بالله! قال: (حتى يكادوا أن يخرجوا، فإذا خمدت رجعوا فيها، وفيها رجال ونساء عراة) أي: بداخل هذا الفرن التنور رجال ونساء عراة، (فقلت: من هذا؟ قالا: انطلق) لم يخبروه وسنعرف بعد ذلك.قال صلى الله عليه وسلم: (فانطلقنا حتى أتينا على نهر من دم فيه رجل قائم، وعلى وسط النهر رجل بين يديه حجارة، فأقبل الرجل الذي في النهر، https://upload.3dlat.com/uploads/13777463663.gif فإذا أراد أن يخرج رمى الرجل بحجر في فيه فرده حيث كان، فجعل كلما جاء ليخرج رمى في فيه الحجر، فيرجع كما كان، فقلت: ما هذا؟ قالا: انطلق)، وهذه صورة أخرى من صور العذاب، أي: عذاب البرزخ، فهذا إنسان يسبح في نهر من دم، حتى إذا وصل إلى شط النهر وأراد أن يخرج فيجد الذي ينتظره على شط النهر ومعه حجر، فيقذفه بالحجر في فمه، فيرجع مرة أخرى إلى مكانه، ولا يزال يسبح في هذا النهر هكذا، حتى إذا وصل بدلاً من أن يساعده يرميه بحجر فيرده كما كان والعياذ بالله!قال صلى الله عليه وسلم: (فانطلقنا حتى انتهينا إلى روضة خضراء) هذا كله في الرؤيا المنامية، ورؤيا الأنبياء حق، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنهم وصلوا إلى روضة، وهي بستان عظيم، فهي روضة عظيمة خضراء، قال: (فيها شجرة عظيمة، وفي أصلها شيخ وصبيان)، أي: تحت الشجرة شيخ كبير ومعه كثير من الصبيان، (وإذا رجل قريب من الشجرة بين يديه نار يوقدها، فصعدا بي في الشجرة وأدخلاني داراً لم أر قط أحسن منها، فيها رجال شيوخ وشباب ونساء وصبيان، ثم أخرجاني منها فصعدا بي الشجرة فأدخلاني داراً هي أحسن وأفضل، فيها شيوخ وشباب، فقلت: طوفتما بي الليلة فأخبراني عما رأيت)، أي: أخبروني ما هذا الذي رأيته؟ (قالا: نعم، نخبرك بالذي رأيت، أما الذي رأيته يشرشر شدقه فهو الرجل كان يحدث بالكذبة فتحمل عنه حتى تبلغ الآفاق) يحدث الناس أنه حصل الشيء الفلاني، والناس يحدثون إشاعة بين الناس، وبعد ذلك يظهر أنه كذاب، فهذا الكذاب هذه حاله في البرزخ في عذاب القبر، حتى تقوم القيامة فيرى سبيله بين يدي الله عز وجل، قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: (فيصنع به إلى يوم القيامة) أي: هذا العذاب لا يرفع عنه حتى يوم القيامة.قالا: (والذي رأيته يشدخ رأسه رجل علمه الله القرآن) يقرأ القرآن ويحفظه لكنه ينام عنه بالليل، لا يقوم الليل أبداً، ويضيع صلاة الفجر، ويضيع صلاة العشاء، فليس على باله هذا الأمر، وقد حفظ القرآن ليقال: حافظ وعالم.قالا: (ولم يعمل فيه بالنهار)، فيكون ليله نائماً ونهاره لا يعمل بهذا القرآن، فهو ترك هذا القرآن وراءه ظهرياً، وليس معنى الحديث: أن الذي ينام الليل ولا يقومه آثم، ولكن هذا جمع الاثنين: فلا هو استفاد من القرآن ليرتفع به الدرجات يوم القيامة فقام من الليل، ولا هو واظب على صلاة الليل والعشاء وصلاة الفجر، فلم يفعل ذلك، فترك صلاة الجماعة، وترك المواظبة على الصلاة، وهو تارك للقرآن ليس له في أمر القرآن شيء، لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر، بل هو موافق لأصحاب المنكر في منكراتهم، فيفعل به ذلك إلى يوم القيامة، فاحرص على أن تتعلم القرآن لله عز وجل، وتعمل به، وقم لله سبحانه ولو بـ (قل هو الله أحد).ثم قالا: (والذين رأيتهم في الثقب فهم الزناة) الذين رأيتهم في مثل التنور الذي أعلاه ضيق وأسفله واسع، وتأتي عليهم النار من تحت فترفعهم إلى فوق، وإذا خمدت نزلوا، فهؤلاء هم الذين يقعون في الزنا والعياذ بالله، والزنا من أخبث الخبائث، وأفحش الفواحش، فهذا عذاب أصحابه في قبورهم حتى تقوم الساعة فيكون مصيرهم إلى النار والعياذ بالله!ثم قالا له: (والذي رأيته في النهر فهو آكل الربا) الإنسان الذي يأكل الربا ويتعامل بالربا، فهذا حاله في قبره والعياذ بالله! فهو يعذب هذا العذاب، حيث يسبح في نهر من دم، ويقطع النهر كله حتى يتعب ويكاد أن يهلك، فهو ميت أصلاً، ولكن الله عز وجل يجعل له حياة يتذوق فيها العذاب، فإذا به يعذب عذاباً في البرزخ، وإذا أراد أن يخرج وجد هذا القائم على النهر فيلقمه في فمه حجراً فيرده مرة أخرى إلى النهر.ثم قالا: (والشيخ في أصل الشجرة إبراهيم -عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام- والصبيان https://upload.3dlat.com/uploads/13777463663.gif حوله فأولاد الناس) وكلمة (الصبيان) هنا ليس معناها أنهم ذكور فقط، ولكن هذا من باب التغليب ومعناه: كل أولاد الناس، فكل من مات وهو لم يبلغ الحلم من أولاد الناس، ولم يقل: (المسلمين) بل كل أولاد الناس الذين لم يبلغوا الحلم وماتوا وهم أطفال صغار يكونون مع إبراهيم في هذا المكان.ورأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً قريباً من الشجرة بين يديه نار يوقدها، وهذه نار جهنم يشعلها لأصحابها نسأل الله العفو والعافية، فقالا: (والذي يوقد النار مالك خازن النار) .والدار الأولى يقول صلى الله عليه وسلم (فصعدا بي الشجرة وأدخلاني داراً لم أر قط أحسن منها) صعدا بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى الشجرة، فرأى داراً لم ير أبداً داراً مثلها، وفيها رجال وشيوخ وشباب ونساء وصبيان، قال: (فقلت: من هؤلاء؟ فقالا: إنها الجنة)، دار عامة للمؤمنين، ففيها هؤلاء جميعهم من رجال وشيوخ وشباب ونساء وصبيان.ثم علا به الملك داراً هي أعلى من الأولى، قال: (فصعدا بي الشجرة فأدخلاني داراً هي أحسن وأفضل فيها شيوخ وشباب) ولم يذكر الصبيان، وهذه الدار الأولى كانت عامة للجميع، لكن هذه الأخرى هي لمن عمل أكثر واجتهد في عبادة الله سبحانه، لمن وصل إلى درجة عالية، ففيها شباب وفيها شيوخ، قال:(فقالا: وأما هذه الدار فدار الشهداء) الذي قتل شهيداً يكون فيها، فكأن هذه الدار الأغلب فيها الذين هم من الشيوخ والشباب المجاهدين في سبيل الله عز وجل.قال: (وقال الملكان: وأنا جبريل وهذا ميكائيل، وقالا لي: ارفع رأسك، قال: فرفعت رأسي فإذا فوقي مثل السحابة) فقد رأى دار عامة المؤمنين، ودار الشهداء، وبعد ذلك رأى شيئاً مثل السحابة فوق الشجرة، فهي سحابة عالية جداً، فقالا للنبي صلى الله عليه وسلم (ذاك منزلك) فالنبي صلى الله عليه وسلم في أعلى ما يكون من المنازل، نسأل الله عز وجل أن يرزقنا رفقته في الجنة صلوات الله وسلامه عليه.قال: (قلت: فدعاني أدخل منزلي) يقول هذا في الرؤيا، قال: (فقالا: إنه بقي لك عمر لم تستكمله) أي: أنت لم تستكمل عمرك، فلو استكملت عمرك أتيت منزلك.فهذا الذي رآه النبي صلى الله عليه وسلم هو ما يكون في البرزخ من عذاب لأهل العذاب، ومن نعيم لأهل النعيم، فالنبي صلى الله عليه وسلم يخبرنا بذلك. والشاهد من هذا الحديث: أنك تحرص على قراءة القرآن، وعلى حفظ ما استطعت منه، وعلى أن تقوم بالليل فتذكر الله عز وجل حتى تفلت من مساءلة الله عز وجل للعباد، وحتى تكون من أهل أعلى الديار في الجنة، نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من أهل جنته، وأن ينجينا من عذابه وناره. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. https://i.imgur.com/J7dBgLY.jpg |
رد: شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان الشيخ أحمد حطيبة يوميا فى رمضان
|
رد: شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان الشيخ أحمد حطيبة يوميا فى رمضان
|
رد: شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان الشيخ أحمد حطيبة يوميا فى رمضان
|
رد: شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان الشيخ أحمد حطيبة يوميا فى رمضان
|
رد: شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان الشيخ أحمد حطيبة يوميا فى رمضان
|
رد: شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان الشيخ أحمد حطيبة يوميا فى رمضان
|
رد: شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان الشيخ أحمد حطيبة يوميا فى رمضان
|
الساعة الآن : 12:39 AM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour