رجل الفكر والايمان ( حسن البنا )
رجل الفكر والايمان ( حسن البنا ) http://forum.amrkhaled.net/images/st.../wol_error.gifإضغط هنا لرؤية الصورة بحجمها الطبيعي.http://www.aljazeeratalk.net/forum/a...3&d=1188743335 http://www.shamela.net/get/picture-a...pictureid_2398 http://forum.amrkhaled.net/images/st.../wol_error.gifإضغط هنا لرؤية الصورة بحجمها الطبيعي.http://img143.imageshack.us/img143/6109/q4v93612.jpg http://www.yemen-sound.com/ysuploade...an_algalal.gif http://www.aljazeeratalk.net/forum/a...3&d=1188743335 http://img143.imageshack.us/img143/6109/q4v93612.jpg http://img.youtube.com/vi/vghoKK7pSkE/0.jpg |
رد: رجل الفكر والايمان ( حسن البنا )
من أقوال حسن البنا من أقوال حسن البنا للإمام كتباً و مقالات وخطبا و لكننا اخترنا لك بعض كلماته النورانية المعبرة : * كونوا كالشجر يرميهم الناس بالحجر فيرمونهم بأحســـن الثـــمر * أحلام الأمس حقائق اليوم و حقائق اليوم أحلام الأمس . *نفوسكم هي الميدان الأول إذا استطعتم عليها كنتم على غيرها أقدر . *الواجبات أكبر من الأوقات *راحتي في تعبي و سعادتي في دعوتي . * رسالة امتدت طولا حتى شملت أماد الزمن ، و امتدت عرضاً حتى انتظمت آفاق الأمم ، و امتدت عمقاً حتى استوعبت شؤون الدنيا والآخرة أحب أن أصارحكم، إن دعوتكم لا زالت مجهولة عند كثير من الناس،ويوم يعرفونها ويدركون مراميها وأهدافها ستلقى منهم خصومة شديدة وعداوة قاسية،وستجدون أمامكم الكثير من المشقات وسيعترضكم كثير من العقبات، وفي هذا الوقت وحدهتكونون قد بدأتم تسلكون سبيل أصحاب الدعوات، أما الآن فلا زلتم مجهولين ولا زلتمتمهدون للدعوة وتستعدون لما تتطلبه من كفاح وجهاد سيقف جهل الشعب بحقيقة الإسلامعقبة في طريقكم، وستجدون من أهل التدين ومن العلماء الرسميين من يستغرب فهمكمللإسلام وينكر عليكم جهادكم في سبيله، وسيحقد عليكم الرؤساء والزعماء وذوو الجاهوالسلطان، وستقف في وجهكم كل الحكومات على السواء، وستحاول كل حكومة أن تحد مننشاطكم وأن تضع العراقيل في طريقكم . وسيتذرع الغاصبون بكل طريق لمناهضتكموإطفاء نور دعوتكم وسيستعينون من أجل ذلك بالحكومات الضعيفة، والأخلاق الضعيفة،والأيدي الممتدة إليهم بالسؤال، وعليكم بالإساءة والعدوان، ويثير الجميع حول دعوتكم غبار الشبهات وظلم الاتهامات، وسيحاولون أن يلصقوا بها كل نقيصة وأن يظهروها للناس في أبشع صورة، معتمدين على قوتهم وسلطانهم، ومعتدين بأموالهم ونفوذهم } يريدون أنيطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون{ [التوبة32]. وستدخلون بذلك ولا شك في دور التجربة والامتحان، فتسجنون وتعتقلون وتقتلون وتشردون، وتصادر مصالحكم وتعطل أعمالكم وتفتش بيوتكم، وقد يطولبكم مدى هذا الامتحان } أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يُفتنون { [العنكبوت20].. ولكن الله وعدكم من بعد ذلك كله نصرة المجاهدين ومثوبة العاملينالمحسنين } يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم{ [الصف10] } فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين { [الصف14]. فهل أنتم مصرون على أن تكونوا أنصار الله؟ |
رد: رجل الفكر والايمان ( حسن البنا )
حسن البنا في
مدرسة الرشاد الدينية: رحم الله أستاذنا الشيخ محمد زهران صاحب مدرسة الرشاد الدينية، الرجل الذكي الألمعي، العالم التقي، الفطن اللقن الظريف، الذي كان بين الناس سراجا مشرقا بنور العلم والفضل يضئ في كل مكان، وهو وإن كانت دراسته النظامية لم تصل به إلى مرتبة العلماء الرسميين، فإن ذكاءه واستعداده وأدبه وجهاده ند جعله يسبق سبقاً بعيداً في المعارف وفي الإنتاج العام. كان يدرس العامة في المسجد ويفقه السيدات في البيوت. وأنشأ مع ذلك مدرسة الرشاد الدينية في سنة 1915 م. تقريبا لتعليم النشء على صورة كتاتيب الإعانة الأهلية المنتشرة في ذلك العهد في القرى والريف، ولكنها في نهج المعاهد الرائعة التي تعتبر دار علم وعمل! تربية على السواء ممتازة في مادتها وطريقتها، وتشتمل مواد اللهراسة فيها - زيادة عل المواد المعروفة في أمثالها حينذاك - على الأحاديث النبوية حفظأ وفهما، فكان على التلاميذ أن يدرسوا كل أسبوع في نهاية حصص يوم الخميس حديثا جديدأ يشرح لهم حتى يفقهوه، ويكررونه حتى يحفظوه ثم يستعرضون معه ما سبق أن درسوه فلا ينتهي العام إلا وقد حصلوا ثروة لا بأس بها من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأذكر أن معظم ما أحفظ من الأحاديث بنصه هو مما علق بالذهن منذ ذلك الحين، كما كانت تشتمل كذلك على الإنشاء والقواعد والتطبيق، وطرف من الأدب في المطالعة أو الإملاء ومحفوظات ممتازة من جيد النظم أو النثر ولم يكن شيء من هذه المواد معروفا في الكتاتيب المماثلة. وكان للرجل أسلوب في التدريس والتربية مؤثر منتج، رغم أنه لم يدرس علوم التربية ولم يتلق قواعد علم النفس، فكان يعتمد أكثر ما يعتمد على المشاركة الوجدانية بينه وبين تلامذته، وكان يحاسبهم على تصرفاتهم حسابا دقيقا مشربا بإشعارهم الثقة بهم والاعتماد عليهم، ويجازيهم على الإحسان أو الإساءة جزاء أدبيا يبعث في النفس نشوة الرضا والسرور مع الإحسان، كما يذيقها قوارص الألم والحزن مع الإساءة، وكثيرا ما يكون ذلك في صورة نكتة لاذعة أو دعوة صالحة أو بيت من الشعر - إذ كان الأستاذ يقرضه على قلة - ولا أزال أذكر بيتا من الشعر كان مكافأة على إجابة في التطبيق أعجبته فأمر صاحب الكراسة أن يكتب تحت درجة الموضوع. حسن أجاب وفي الجواب أجادا فالله يمنحه رضا ورشادا كما أذكر بيتا آخر أتحف به أحد الزملاء على إجابة لم ترقه فأمره أن يكتب تحت درجته: يا غارة الله جدي السير مسرعة في أخذ هذا الفتى يا غارة الله ولقد ذهبت مثلا وأطلقت على هذا الزميل اسماً فكنا كثيراً ما نناديه إذا أردنا أن نغيظه” يا غارة الله”. وإنما كان الأستاذ يوصي صاحب الكراسة بأن يكتب بنفسه ما يمليه عليه لأنه رحمه الله كان كفيفاً ولكن في بصيرته نور كثير عن المبصرين” فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور” ولعلى أدركت منذ تلك اللحظة وإن لم أشعر بهذا الإدراك - أثر التجاوب الروحي والمشاركة العاطفية بين التلميذ والأستاذ، فلقد كنا نحب أستاذنا حباً جماً رغم ما كان يكلفنا من مرهقات الأعمال. ولعلي أفدت منه رحمه الله مع تلك العاطفة الروحية حب الإطلاع وكثرة القراءة إذ كثيراً ما كان يصطحبني إلى مكتبته وفيها الكثير من المؤلفات النافعة لأراجع له وأقرأ عليه ما يحتاج إليه من مسائل، وكثيراً ما يكون معه بعض جلسائه من أهل العلم فيتناولون الموضوع بالبحث والنظر والنقاش وأنا أسمع. وهكذا يكون لهذا الاتصال المباشر بين الأستاذ والتلميذ أجمل الآثار. وحبذا لو قدر ذلك المعلمون والمربون واعتمدوا عليه وعنوا به ففيه إن شاء الله الخير الكثير. وفي هذه المدرسة المباركة مرت فترة من فترات العمر بين الثامنة إلى الثانية عشرة. |
رد: رجل الفكر والايمان ( حسن البنا )
حسن البنا في طفولته......نموذج هل يتكرر؟! حلم راود كثير من الآباء.. يحلم الأب أن يكون طفله في مستقبله أحد الزعماء أو القادة أو العلماء أو الدعاة من المشاهير الذين حفل بهم التاريخ القديم أو المعاصر. و لكن هل راود أحدهم حلم أن يصبح طفله مثل إمام العصر ( حسن البنا ) ؟! فيكون قائدا ناجحا و مُصلحا اجتماعيا و داعية ملهم.... في شخص واحد؟. تقول ( مُنى حسين ) بالطبع راودني حلم أن يكون أحد أبنائي مثل هذا الإمام الجليل فلقد كان ذا شخصية قائدة مقدامة و كان لا يهاب في الحق أحدا و أنا بالطبع لا أتمنى لابني غير هذا، و تضيف أن هذا يتطلب جهد جهيد من الوالدين على السواء، و تعتقد مُنى أن البداية هي تنشئة الطفل على فهم مبادئ الإسلام الصحيحة و يبدأ ذلك بتحفيظه القرآن الكريم ثم محاولة إحاطته بصحبة صالحة. أما ( محمود علي ) فيؤكد على دور المسجد و يقول حاولت أن أحبب ابني في المسجد لأن المسجد هو المحضن الأساسي لتخريج الدعاة المصلحين المهتمين بشئون المسلمين لذا أحرص على اصطحاب طفلي معي في الصلوات و الدروس و الخطب. و يختلف معه (عبد الغني فتحي) فيقول يظن كثير من الآباء للأسف أن مجرد سماع الطفل لخطبة في المسجد أو درس علم هو في حد ذاته اهتمام بأمر المسلمين و لكن أعتقد أن تعويد الطفل و تشجيعه على الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر هو خطوة البداية لتنشئة طفل يهتم بأمر المسلمين كأن يجد من يسرف في استعمال الماء أثناء الوضوء فينصحه برفق أو تفقد بعض أقرانه من رواد المسجد في حالة الغياب عن الصلاة فيزورهم ، ثم سيتدرج الأمر معه حتى يهتم بالحي الذي يسكن فيه ثم أحوال المسلمين في دولته ثم في العالم بأسره و أعتقد أن هذه هي بداية الإمام البنا في طفولته. أما (أم عبد الله) فتؤكد على وجوب إعطاء الآباء لأبنائهم قدرا من الحرية للانطلاق و الإبداع في كيفية خدمة المسلمين و الاهتمام بأمورهم و تنتقد بشدة خوف بعض الآباء و الأمهات السلبي بشكل يؤدي إلى منعهم من الانخراط في العمل الجماعي الخدمي في المجتمع من منطلق الحرص عليهم ، أما من يريد طفلا مثل حسن البنا فعليه أن يُحفز الايجابية بداخله و يبدأ ذلك من تشجيعه على إزاحة الأذى عن الطريق إلى القيام بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر بكافة صوره كما كان يفعل البنا في صباه من انضمامه لجمعية منع المحرمات. بينما يؤكد (محمد خضر) على ضرورة القدوة الصالحة فيقول: كيف لطفل أن يكون مثل حسن البنا و والده يقصر في أداء العبادات أو يقطع علاقته بذوي رحمه أو لا يهتم بأمر المسلمين ؟! لذا ينصح الآباء أن يقدموا من أنفسهم قدوة صالحة لأبنائهم مع تقديم التوجيه ثم بعدها ينتظروا النتيجة. و ترى (عايدة محمود) أن المفتاح هو تدريب الأبناء على الانضباط و الالتزام و تعويدهم على مجاهدة النفس لأن ترك الطفل للعشوائية و الفوضى لن يربي طفلا مثل حسن البنا ، فيوم أن نعود الطفل أن يكون له هدفا أسمى يحيا من أجله و أن يضع لهذا الهدف خطة تفصيلية لتحقيقه مع ضرورة محاسبة نفسه إذا قصر ربما يتكرر حسن البنا، و تشير إلى فكرة جدول المحاسبة المصور للأطفال الذي يجعل الطفل يقوم بمتابعة و محاسبة نفسه بنفسه لنقوي لديه الإرادة و مجاهدة النفس و الانضباط. و تكتفي (أم خالد) بأن ترفع يديها إلى السماء و تبتهل إلى الله أن يجعل من أبنائها صالحين مصلحين هداة مهتدين ، و تقول لولا حفظ الله و عنايته لما رأينا الثمرة الصالحة في أبنائنا. و تعليقا على آراء الآباء و الأمهات يحدثنا الدكتور جابر قميحة أستاذ الأدب الحديث عن طفولة الإمام حسن البنا و أهم العوامل المؤثرة في نشأته: في واحة الأسرة فيقول لقد تربى الإمام الشهيد في بيت علم و صفاء و خلق فوالده هو (أحمد عبد الرحمن البنا) الرجل العالم المحدث الحافظ لكتاب الله و يؤكد أن هذه البصمات ظهرت في حسن البنا منذ صغره ، فالطفل حسن البنا تربى في بيئته المنزلية – و البيئة الأسرية هي المنطلق – و كما يقول الشاعر: و ينشأ ناشئ الفتيان منا على ما كان عوده أبوه لذا فإن ما تلقاه عن أبيه فتح ذهنه على الإسلام و ملأ نفسه بالجو الديني الذي كان يشيع في المنزل و الطفل حسن البنا كان وديعا بطبعه يحب الآخرين و يحبه الآخرون. التفتح الذاتي للمعرفة و يضيف الدكتور قميحة أن هناك عاملا آخر أصيلا في نفسه و هو ( التفتح الذاتي للمعرفة ) فقد كان يقرأ في مكتبة والده بنهم شديد كما أنه حفظ القرآن الذي هو مدرسة تتميز بطوابعها الروحية و المعرفية و الاجتماعية و السياسية فهو يعد مدرسة روحانيات و عبادات و أخلاقيات و مدرسة معارف في التاريخ و المجتمع . فقد استوعب الطفل حسن البنا بالحب و التعشق هذه الطوابع القرآنية لذا كانت توجهاته الأولى صوفية ، و كل هذا وجهه لأن يتعلم تعلما دينيا عربيا مما جعله يتوجه إلى كلية دار العلوم فيما بعد ، و لا عجب أن يكتب في موضوع للإنشاء كان عنوانه ( ما آمالك في الحياة ؟) : ( إن أملي في الحياة أن أكون رجل دعوة للخير ..... و دعوة للدين..... و دعوة للتواصل.....) و قد حقق الله أمله و أصبح كما يقول – روبير جاكسون – ( الرجل القرآني ) و ( رجل الشرق ) و كان جديرا أن يحمل اللواء كما حمله من قبل جمال الدين الأفغاني و الإمام محمد عبده . و إن خالفهما في اعتماده على قاعدة شعبية أصيلة من مزاياها أنها لم تكن مجموعة ( صفوة ) و لكنها كانت مجموعة ( شَعْب ) ثم سرعان ما انتشرت ( الشُعَب ) في كل مكان و كل شعبة كانت تمثل بؤرة نور جمعت بين الطبيب و المهندس و العامل و الفلاح و الطالب.... أي أنه مجتمع نموذجي . صحبة أستاذ أما عن دور الأساتذة و المشايخ في طفولة البنا فيوضح الدكتور قميحة أن الطفل حسن البنا كان من مزاياه أنه يتشرب و يتأثر بما يقوله من توجيهات أساتذته حتى في مراحله الأولى و قد سجل في مذكراته أنه لا ينسى يوما أحد أساتذته و قد دخل و الدموع في عينيه و هو يقول يا أبنائي لقد مات اليوم علم من أعلام الأمة و هو محمد فريد باشا ، مما يدلل على شدة تأثره به ، كما كان يبدي إعجابه في مذكراته بأستاذه محمد عبد المطلب و كان شاعرا فذا يطلق عليه الشاعر البدوي. المسجد مدرسة تربية و يواصل الدكتور قميحة الحديث عن العوامل المؤثرة في طفولة الإمام حسن البنا فيؤكد على محورية دور المسجد في حياته فقد كان رحمه الله ينظر للمسجد على أنه دار عبادة خالصة لله و هذا المعتقد هو القاسم المشترك بين المسلمين جميعا و لكنه كان ينظر للمسجد كذلك على أنه مدرسة تربية لذلك كان يقول ( إن حضارتنا يجب أن تنطلق من المسجد ) فالمسجد في نظره دار عبادة و دار قيادة و مدرسة سلوكيات تربوية. و قد كان الطفل حسن البنا شديد الارتباط بالمسجد منذ طفولته الباكرة. الصحبة الصالحة و عن دور الصداقة و الصحبة يذكر الدكتور قميحة أن الإمام البنا توثقت صداقته الباكرة بالأستاذ أحمد السكري و الذي كان أكبر منه ببضع سنين و هو في موضوع التعبير الذي كتبه في دار العلوم تحدث عن الصداقة الحقة و جعل الإخلاص لها جزءا من منهج حياته و طابعا من طبائع أخلاقياته و كان دائما يتحدث عن أحمد السكري حديثا طيبا على أساس أنه الصديق المخلص الذي أخلص له الحب و الوفاء، لكن مفهوم الصداقة عنده اتسع إلى ما نسميه ( الحب في الله ) و هو الذي جعله يحب كل إخوانه بإخلاص شديد. المواهب الإلهية و التربية العملية ويؤكد الدكتور عبد الستار فتح الله سعيد ( أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر ) أن الإمام البنا في طفولته تميز بمميزات عديدة منها ما كان فتحا و موهبة من الله و هذا من الصعب زرعه في الطفل فمثلا كان البنا لديه ذكاء خارق ويتمتع بذاكرة إلهية و قدرة عجيبة على تذكر أدق التفاصيل و لو بعد حين ( ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ). أما الصفات الأخرى فهي مكتسبة من الأسرة التي نشأ في رحابها حيث كان فاهما لكتاب الله و عاملا به و داعيا إلى تطبيق منهجه و هذه يمكن التأسي بها لأن الإمام البنا هو حلقة من حلقات الإسلام العظيم و بالتالي فهو قابل للتكرار إذا شاء الله لأن الإسلام يتميز بأنه دين مستمر إلى يوم القيامة لذا لا بد أن يأتي علماء عاملين له في زمان و مكان . و يحدد الدكتور فتح الله ثلاث مفاتيح ينبغي على الأسرة الاهتمام بها و هي : 1 – التربية العلمية المحضة من تعلم كتاب الله و سنته من خلال حفظ القرآن الكريم و الأحاديث النبوية و دراسة معانيها. 2 – التربية العملية على أساس كتاب الله و سنته من خلال تطبيق ما في الكتاب و السنة. 3 – التربية الدعوية بتعويد الأبناء على محبة الإسلام و الغيرة على محارم الله بدعوة الناس للعمل بكتاب الله و سنة رسوله من خلال الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر كما كان الإمام البنا يشعر منذ نعومة أظفاره بما يدور حوله من انحراف و فساد و تجلى ذلك في انضمامه لجمعية منع المحرمات و كذلك مكارم الأخلاق و هذا ما ينبغي على الأسرة توجيه أبناءها إليه انطلاقا من قوله تعالى (و لتكن منكم أمة يدعون إلى الخير و يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر و أولئك هم المفلحون) و فيه توجيه إلى العمل في إطار جماعي. تكامل جوانب النفس البشرية و ينصح الدكتور جمال عبد الهادي ( أستاذ التاريخ الإسلامي ) كل مرب بالاهتمام بجميع جوانب النفس البشرية في التربية فلا تقتصر على التربية الإيمانية فقط بل تشمل جميع الجوانب البدنية و الجهادية و الاجتماعية و السلوكية و الخلقية و أيضا العقلية و ذلك حتى يستطيع الطفل أن يواجه التحديات التي تواجهه. و يؤكد الدكتور جمال عبد الهادي أن الأمة الإسلامية ولود و قد الله قيض لهذه الأمة نماذج متفردة صعبة التكرار و لكنها متعددة فلدينا مثلا الشيخ أحمد ياسين و الدكتور عبد العزيز الرنتيسي و كذلك من المرشدين السابقين كالأستاذ عمر التلمساني و مصطفى مشهور و غيرهم ممن حملوا هم الإسلام و كانوا نماذج يحتذى بها و كل منهم يستقي قدوته من سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم و كلهم زهور في حديقة الإيمان و ثمر مختلف ألوانه.و بالتالي فانه يستبعد تكرار نموذج البنا بحذافيرها لأنه شخصية نموذج من الصعب تكرارها بنفس الخصائص و الصفات . و لكنه ربما مع الاجتهاد من المربين يقيض الله لهذه الأمة من هؤلاء الأطفال عالما ربانيا . لذا فان مسئولية الأسرة مسئولية عظيمة لأن الأب و الأم قد حملا أمرا عظيما لأن الأسرة هي المحضن التربوي لذا يقدم نصائحه للأسرة التي تهدف إلى تنشئة طفل ايجابي أن تهتم بما يلي: 1- البيت الذي يجب أن يتسم بالأمن و السكينة و الطمأنينة فيجب أن يبتعد الأبوان عن الشجار أمام ابنائهما لأن البيت يجب أن تسوده المودة و الرحمة ليشبوا أطفالا أسوياء. 2 – الرفق في معاملة الأبناء لأن رسولنا الكريم يخبرنا أن (الرفق ما كان في شئ إلا زانه ولا نزع من شئ إلا شانه) 3 – التربية المتدرجة مع الأبناء لأن مسئولة الأسرة بناء الفرد المسلم و بالطبع سيكون هؤلاء الأطفال لبنة في بناء الصرح الإسلامي. و ختاما نقول لكل مربٍ: إذا أردت طفلا مثل الإمام الشهيد في طفولته ليكون في مستقبله كالإمام الشهيد في دعوته فاحرص على نقاء الأسرة و حفظ القرآن و حب المسجد و الأستاذ القدوة و الصحبة الصالحة.و كما يقول الشاعر: أخي لن تنال العلم إلا بستــة سأنبيك عن تفصيلها ببيـان ذكاء و حرص و اجتهاد و بلغة و صحبة أستاذ و طول زمان |
رد: رجل الفكر والايمان ( حسن البنا )
|
رد: رجل الفكر والايمان ( حسن البنا )
حسن البنا إلى المدرسة الإعدادية: ولقد شغل أستاذنا بعد ذلك عن مدرسته، وعهد بها إلى غيره من العرفاء الذين ليس لهم مثل روحه المشرق وعلمه الواسع وأدبه الجم وخلقه الجذاب، فلم يرق لهذا الناشئ الذي تذوق حلاوة هذه الخلال أن يصبر على صحبتهم، رغم أنه لما يتم القرآن حفظاً بعد، ولم يحقق رغبة والده الملحة في أن يراه حافظا لكتاب الله، فهو لما يتجاوز بعد سورة الإسراء ابتداء من البقرة - وهو نصف الختمة تقريباً - وعلى حين فجأة صارح والده في تصميم عجيب أنه لم يعد يطيق أن يستمر بهذه الكتاتيب وأنه لا بد له من الذهاب إلى المدرسة الإعدادية. والمدرسة الإعدادية حينذاك على غرار المدرسة الابتدائية اليوم بحذف اللغة الأجنبية وإضافة بعض مواد القوانين العقارية والمالية وطرف من فلاحة البساتين، مع التوسع نوعاً في دراسة علوم اللغة الوطنية والدين. وعارض الوالد الحريص على أن يحفظ ولده كتاب الله، في هذه الرغبة ولكنه وافق عليها بعد أن تعهد له صاحبها بأن يتم حفظ القرآن الكريم” من منزله”. وما جاء أول الأسبوع حتى كان الغلام طالباً بالمدرسة الإعدادية يقسم وقته بين الدرس نهاراً، وتعلم صناعة الساعات التي أغرم بها بعد الانصراف من المدرسة إلى صلاة العشاء، ويستذكر هذه الدروس بعد ذلك إلى النوم، ويحفظ حصته من القرآن الكريم بعد صلاة الصبح حتى يذهب إلى المدرسة. |
رد: رجل الفكر والايمان ( حسن البنا )
إخوان» مصر يستنفرون ضد مسلسل «الجماعة»: خطة حكومية لتشويه صورتنا قبل الانتخابات الثلاثاء, 17 أغسطس 2010 القاهرة - أحمد مصطفى استنفرت جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر عناصرها للرد على مسلسل «الجماعة» الذي بدأ التلفزيون الرسمي وقنوات أخرى بثه منذ بداية شهر رمضان، معتبرة أنه «إساءة إلى مسيرة الإخوان، وتشويهاً لصورتهم قبل الانتخابات البرلمانية» المقررة في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. وفي وقت يستعد «الإخوان» لمقاضاة كاتب المسلسل وحيد حامد الذي يتناول تاريخهم، والمطالبة بوقف إذاعته، أخذ نشاط شباب الجماعة منحى آخر، إذ ركزوا على بث مقاطع مصورة على شبكة الإنترنت للرد على مشاهد العنف التي أظهرها المسلسل. وكان «الإخوان» تبرأوا من المسلسل في وقت سابق، وأعلنوا إعدادهم فيلماً يروي تاريخ الجماعة ومؤسسها من وجهة نظرها. واعتبر عدد من مدوني «الإخوان» أن المسلسل أظهرهم «كالإسرائيليين الذين يضربون المواطنين الأبرياء بالعصي»، في إشارة إلى المشاهد التي عرضها المسلسل عن أحداث العنف التي وقعت في جامعة عين شمس عام 2006 وسقط فيها عشرات الجرحى، ومشاهد أخرى عن عرض الفنون القتالية الذي شهدته جامعه الأزهر وما تبعه من عمليات اعتقال واسعة في ما عرف إعلامياً بـ «قضية ميليشيات الأزهر» التي صدرت فيها أحكام بالسجن بحق عدد من قياديي الجماعة. وأقرت مصادر في «الإخوان» بـ «تأثير المسلسل في صورة الجماعة في الشارع»، معتبرة أن الضرر الذي سيسببه «سيحتاج من الإخوان شهوراً، وربما أعواماً، لرفعه». ورأت أن «الحكومة حققت هدفها من تبني عرض المسلسل»، إذ أشارت إلى أن «أعضاء مكتب الإرشاد رفضوا مشاهدته، كما أن كثيرين من قادة الجماعة وكوادرها رفضوا عرضه في منازلهم». واعتبرت أن عرض المسلسل على التلفزيون الرسمي في وقت مشاهدة متميز بعد شرائه بـ 20 مليون جنيه «يطرح تساؤلات كثيرة عن الهدف من المسلسل في هذا التوقيت، خصوصاً أن البلاد مقبلة على انتخابات مجلس الشعب». ولفتت إلى أن كاتب المسلسل «استخدم الحرفية في سرده للشخصيات حين لجأ إلى أسماء غير حقيقية لشخصيات واقعية حتى لا تمكن متابعته قضائياً». وأشارت إلى أن الجماعة ستنتظر إلى حين ظهور شخصية مؤسسها حسن البنا، «ومن المؤكد أن هناك مغالطات كثيرة ستسردها الأحداث، وبالتالي سيكون لنجل البنا الحق في مقاضاة كاتب المسلسل ومخرجه». وعلق المرشد السابق لـ «الإخوان» محمد مهدي عاكف الذي ظهرت شخصيته خلال الحلقات التي عرضت من المسلسل، لكن من دون ذكر اسمه، قائلاً لـ «الحياة» إن «محاولات تشويه الجماعة لا تهز فينا شعرة، فالإخوان ليسوا شخصاً بل كيان متجذر في المجتمع المصري لا يمكن تشويه صورته أمام شعب يعلم جيداً كيف يقاسي الإخوان من أجل تحقيق الإصلاح وإعلاء مصلحة الوطن». واعتبر أن «محاولات النظام تشويه صورة الجماعة لن تفلح». من جهة أخرى، يستعد «الإخوان» لاستقبال قادة قوى المعارضة على إفطار جماعي حددوا له الأربعاء المقبل في مقر مكتب الإرشاد. وأفيد بأن اجتماعاً سيحدث عقب تناول الإفطار سيبحث في كيفية توحيد الرؤية في شأن المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة أو مقاطعتها، كما سيتناول الاجتماع إمكان تنسيق التحرك بين المرشحين في الدوائر في حال اتخذ قرار بالمشاركة. وقالت المصادر إن مرشد الجماعة الدكتور محمد بديع «سيعرض على الحاضرين عدداً من الخطوات والأفكار التي تكفل نزاهة الانتخابات. وعلى رغم أن هناك إجماعاً داخل الجماعة على ضرورة المشاركة في الانتخابات المقبلة، غير أنه في حال اتخذت المعارضة بانتماءاتها كافة قراراً بالمقاطعة، سنكون اول منفذي هذا القرار». |
رد: رجل الفكر والايمان ( حسن البنا )
أسرة البنا تقيم دعوى قضائية أمام ثلاث محاكم ضد "الجماعة".. و"محسن راضى" يتهم المسلسل بالضعيف دراميا ويرد بعمل مكون من 32 حلقة يتم مراجعته الآن تاريخيا الثلاثاء، 17 أغسطس 2010 - 19:30 حسن البنا كتب شعبان هدية استمرارا لردود أفعال جماعة الإخوان تجاه مسلسل الجماعة الذى يتم عرضه حاليا عبر شاشة التلفزيون المصرى وبعض الفضائيات، قررت اللجنة القانونية الممثلة لأسرة حسن البنا التقدم بدعوى قضائية أمام ثلاث محاكم فى توقيت واحد، وهى المحكمة الاقتصادية ومحكمة الأمور المستعجلة ومحكمة القضاء الإدارى ،وذلك بعد انتهاء الحلقة العاشرة، وبررت الأسرة التأخير بأنهم انتظروا ليعرفوا حقيقة نوايا الكاتب وحتى لا يتهمهم أحد بالتسرع أو التجنى عليه وتقديم وقائع ومشاهد من المسلسل وما بها. أوضح محسن راضى عضو الكتلة البرلمانية للإخوان، ورئيس شركة إنتاج تتولى إعداد مسلسل عن البنا أن المسلسل الذى ينتجه بالمشاركة مع أحمد سيف البنا نجل مؤسس الجماعة يتم مراجعته الآن تاريخيا من جانب مؤرخين يعلمون تاريخ البنا، وانتهوا من 32 حلقة منه تمهيدا لاختيار الممثلين وفريق العمل فى وقت لاحق. وأشار راضى إلى أن لديه ملاحظات على مسلسل "الجماعة"، كلها تدور حول أن الرؤية الدرامية رؤية أمنية والسيناريو تمت كتابته بمعرفة ومراجعة أجهزة الأمن، مدللا على ذلك بمحاولة تكرار مبدأ أن الحزب الوطنى سيئ والإخوان أسوأ. أوضح راضى أن أولى ملاحظاته هى إظهار الأمن والنيابة بأنهم حياديون لأبعد حد بل وملائكيون وكأنهم ليسوا جزءا من النظام ولا يأتمرون بأمره، وثانى الملاحظات أنهم لا يثقون فى نقل وحيد حامد للتاريخ طالما أنه زيف الواقع الذى يعيشونه الآن، معتبرا أن التعامل مع المرشد بالطريقة التى وصفها بالساذجة وغير اللائقة، وكذلك التعامل مع الطلاب وشباب الجماعة أنهم قوالب طوب ويدخلون الجماعة دون علم أسرهم وللمنفعة والاستغلال فقط، كل هذا يعد تزييفا للواقع ولا يضمن أمانة لنقل التاريخ. راضى قال إن المسلسل لا يوجد فيه قالب درامى يجمع الأحداث سوى لقطات ومشاهد من التاريخ والواقع الحديث غير متناسقة لا يتضح منه بنية درامية إلا لتصيد ثغرات الجماعة ومؤسسها حسن النبا بهدف الهدم ليس أكثر، من خلال اقتطاع أحداث بعينها غير متكاملة لإظهار أن البنا كان يهوى العمل السرى حتى فى الإعدادى وفى كل مراحل حياته. أضاف راضى أن المعالجة الدرامية للمسلسل غير صحيحة ولا يعرف المشاهد ما هى النتيجة التى يمكن أن يصل إليها أو ماذا يريد أن يقول المؤلف غير أنه يشوه التاريخ، وما يريد أن يحوله لمأرب خاص، ولا يعبر عن رؤيته بطريقة ذكية، ولا يقدم المعالجة الدرامية التى تتضمن الأحداث التاريخية كما هى ولكنه يصبغها برأى المحيطين بما يشوش العمل ولا يعرف معه المشاهد ماذا يريد، هل يريد أن يقضى على الإخوان "أم يريد أن يؤيدهم فى حقهم فى البقاء أم يؤيد الإجراءات التى يتخذها الحزب والنظام ضد الإخوان"، كذلك فقد المسلسل- حسب راضى- الجاذبية الدرامية فيتأكد ضعفه وإقحام بعض المشاهد على الواقع بطريقة ضعيفة تجعل العرض مملا. أكد راضى أنه تقدم بسؤال لوزير الإعلام حول إهدار المال العام بشراء مسلسل بـ24 مليون جنيه رغم أن أحدى القنوات أشترت المسلسل حصريا وبأقل من هذا، مضيفا أنهم لديهم كأفراد من الجماعة تحركات فردية ولا يوجد تحرك رسمى أو توجيهات خاصة من كتب الإرشاد بذلك، معتبرا أن الشارع والجمهور المصرى أصبح لديه حصانة من تزييف وتغيير الحقائق التى يتبعها النظام ومن معه، وأنهم يراهنون على وعى الشارع وقدرته على تفنيد الحقائق. فى سياق متصل اتهمت صحيفة "جولف نيوز" الإماراتية الصادرة باللغة الإنجليزية النظام بالوقوف وراء مسلسل "الجماعة" من أجل تشويه صورة الجماعة قبيل الانتخابات فيما يواصل شباب الجماعة وأعضائها تحليل حلقات المسلسل عبر "جروبات" خاصة بالفيس بوك وعبر مواقع الجماعة المختلفة. |
رد: رجل الفكر والايمان ( حسن البنا )
عاكف: لايمكن تشويه صورة الإخوان بمسلسل تليفزيوني مشهد من مسلسل الجماعة القاهرة: يتابع قادة جماعة الاخوان المسلمين في مصر بقلق مسلسلا يقدمه التليفزيون المصري عن نشأة الجماعة وتاريخها، متوقعين ان يقدم حقائق مشوهة عنهم بهدف التأثير على الرأي العام قبيل الانتخابات المرتقبة. وعلق محمد مهدي عاكف المرشد السابق لجماعة الاخوان المسلمين علي احداث الحلقة الاولي التي اذيعت امس الاربعاء قائلا: "محاولات تشويه الجماعة لا تهز فينا شعرة فالاخوان ليسوا شخصا بل كيان متجذر في المجتمع المصري لا يمكن تشويه صورته امام شعب يعلم جيدا كيف يقاسي الاخوان من أجل تحقيق الاصلاح واعلاء مصلحة الوطن". ونقلت صحيفة "الدستور" عن عاكف قوله: "كما يعلم الشعب المصري ان الاخوان يتكبدون المصاعب من محاكم عسكرية ومصادرة اموال واعتقالات لافرادهم من اجل مصلحة مصر لذلك فإن محاولات النظام الحاكم لتشويه صورة الجماعة لن تفلح". علي جانب آخر، أعلن مجموعة من شباب جامعة الازهر وعين شمس من طلاب الاخوان عن رفضهم تشويه صورتهم بتلك الطريقة. وتساءل علي زكريا من طلاب جامعة عين شمس لماذا حاول وحيد حامد تقديم طلاب الاخوان علي انهم بلطجية؟ وحاول المخرج محمد ياسين التخديم علي ذلك بتقديم شباب الجماعة اصحاب اجساد ضخمة واشبه بالعصابة التي تسيطر علي الجماعة بالعصي وقنابل المولوتوف؟. وتابع زكريا: لماذا لا يدقق الكاتب في حقيقة الوقائع التي يقدمها فخلط بين العرض المسرحي لطلاب الاخوان في جامعة الأزهر وبين حوادث الاعتداء علي طلاب الاخوان بجامعة عين شمس التي سقط فيها لاكثر من 13 طالبا جريحا وفي حالات حرجة بعدما استعان امن الجامعة بالبلطجية من ضرب طلاب الاخوان ووثائق المستشفي الجامعي بعين شمس خير دليل علي براءة طلاب الاخوان. وشن مجموعة من شباب الجماعة هجوما علي وحيد حامد عبر الموقع الإلكتروني "فيس بوك" وقاموا باطلاق حملة جديدة تحت عنوان "هنرد علي مسلسل الجماعة بمزيد من التوقيعات علي بيان التغيير والمطالب السبع للدكتور البرادعي". وتبدأ الأحداث الأولي من مسلسل "الجماعة" في عام 2006 عندما قام شباب الاخوان بمظاهرة شبه عسكرية داخل جامعة الازهر ويتم القبض علي العديد من الطلاب المشاركين فيها إلي جانب عدد كبير من قيادات الجماعة ونري ونتابع موقف مرشد الجماعة "مهدي عاكف" والذي يجسد دوره الفنان سامي مغاوري ، ثم نتابع موقف النيابة و تحقيقاتها مع الطلاب حيث يجسد الفنان حسن الرداد دور وكيل النيابة الذي يحقق مع الطلاب. ويظهر في هذه الحلقات نجوم السينما الفنان احمد حلمي ومنة شلبي ومني زكي وكلهم يتم التحقيق معهم حيث يجسدون ادوار طلبة ينتمون لجماعة الاخوان ، ثم نتابع مع حسن الرداد وكيل النيابة الذي يرتبط بابنه المستشار عبد الحميد كساب "عزت العلايلي" حيث يبدأ في سرد حكاية الاخوان منذ البداية وقبل ان يسرد تفاصيل نشـأة الجماعة يتحدث عن نشأة مؤسسها الامام حسن البنا والذي يجسد دوره الأردني إياد نصار. ولكننا في الحلقات الاولي نتابع حسن البنا الطفل الذي ولد في اسرة كبيرة لاب صوفي وحفظ القران وهو في سن مبكر حتى يلتحق بكلية دار العلوم ويبدأ عمله كمدرس لغة عربية بالاسماعيلية وهي المدينة التي ستشهد ميلاد جماعة الإخوان المسلمين ، المسلسل من تأليف وحيد حامد ومن إخراج محمد ياسين ويقوم بالبطولة مجموعة كبيرة من النجوم المصريين والعرب. |
رد: رجل الفكر والايمان ( حسن البنا )
حسن البنا و جمعية الأخلاق الأدبية: وكان من بين أساتذة هذه المدرسة” محمد أفندي عبد الخالق” رحمه الله وكان مدرس حساب ورياضة، ولكنه كان صاحب خلق وفضيلة، فاقترح على طلبة السنة الثالثة أن يؤسسوا من بينهم جمعية مدرسية يطلقون عليها اسم” جمعية الأخلاق الأدبية” وضع بنفسه لائحتها، واعتبر نفسه المشرف عليها وأرشد الطلاب إلى اختيار مجلس إدارتها. وكانت لائحتها الداخلية تتلخص في أن: من شتم أخاه غرم مليماً واحدا، ومن شتم الوالد غرم مليمين، ومن شتم الأم غرم قرشا، ومن سب الدين غرم قرشين، ومن تشاجر مع آخر غرم مثل ذلك - وتضاعف هذه العقوبة لأعضاء مجلس الإدارة ورئيسه - ومن توقف عن التنفيذ قاطعه زملاؤه حتى ينفذ، وما يتجمع من هذه الغرامات ينفق في وجوه من البر والخير، وعلى هؤلاء الأعضاء جميعاً أن يتواصوا فيما بينهم بالتمسك بالدين وأداء الصلاة في أوقاتها والحرص على طاعة الله والوالدين ومن هم اكبر سنا أو مقاماً. وكانت ثروة مدرسة الرشاد الدينية سببا في أن يتقدم هذا الناشئ إخوانه وأن تتجه إليه أنظارهم حتى إذا أريد اختيار مجلس إدارة جمعية الأخلاق الأدبية وتع اختيارهم عليه رئيسا لهذا المجلس. وزاولت الجمعية عملها وحاكمت الكثيرين على مخالفات وتعت منهم وجمع من هذه الغرامات مبلغ من المال لا بأس به أنفق بعضه في تكريم الزميل الطالب لبيب اسكندر شقيق طبيب الصحة الذي نقل إلى بلد آخر نقل أخوه معه، وأنفق البعض الآخر في تجهيز ميت غريب غريق ألقى به النيل إلى جوار سور المدرسة فقامت الجمعية بتجهيزه من هذه الأموال. ولا شك أن جمعية كهذه تنتج في باب تكوين الأخلاق اكثر مما ينتج عشرون درسا من الدروس النظرية، وعلى المدارس والمعاهد أن تعنى اكبر العناية بأمثال هذه الجمعيات... |
رد: رجل الفكر والايمان ( حسن البنا )
حسن البنا
على شاطئ النيل: وأذكر أن كان من أثر هذه الجمعية في نفوس أعضائها الناشئين أنني مررت ذات يوم على شاطئ نهر النيل حيث يشتغل عدد كبير من العمال في بناء السفن الشراعية، وهي صناعة كانت منتشرة في محمودية بحيرة، فلاحظت أن أحد أصحاب هذه السفن المنشأة قد -علق في ساريتها تمثالا خشبيا عاريا على صورة تتنافى مع الأدب، وبخاصة وأن هذا الجزء من الشاطئ يتردد عليه السيدات والفتيات يشقين منه الماء، فهالني ما رأيت وذهبت فورا إلى ضابط النقطة - ولم تكن المحمودية قد صارت مركزا إداريا بعد - وقصصت عليه. القصص مستنكرا هذا المنظر. وتد اكبر الرجل هذه الغيرة وقام معي من فوره حيث هدد صاحب السفينة وأمره أن ينزل هذا التمثال في الحال وقد كان، ولم يكتف بذلك بل إنه حضر صباح اليوم التالي إلى المدرسة وأخبر الناظر الخبر في إعجاب وسرور. وكان الناظر مربيا فاضلا هو الأستاذ محمود رشدي - من كبار رجال وزارة المعارف الآن - فسر هو الآخر وأذاعه على التلاميذ في طابور الصباح مشجعاً إياهم على. بذل النصيحة للناس والعمل على إنكار المنكر أينما كان. ويظهر أن هذا الاهتمام بمثل هذه الشئون قد انصرف عنه اليوم - مع الأسف - الكثير من النظار والضباط على السواء. |
رد: رجل الفكر والايمان ( حسن البنا )
|
رد: رجل الفكر والايمان ( حسن البنا )
|
رد: رجل الفكر والايمان ( حسن البنا )
إعداد: عبد الحليم الكناني
1- فضيلة الإمام الأكبر الشيخ محمد مصطفى المراغي (رجل غيور على دينه) يقول فضيلة الإمام الأكبر الشيخ محمد مصطفى المراغي شيخ الجامع الأزهر- رحمه الله- في مقدمة أول عدد من مجلة (المنار) حين كُلّف الأستاذ البنا بإعادة إصدارها بعد وفاة مؤسسها العلاَّمة المجدِّد محمد رشيد رضا، قال فيها:"والآن قد علمت أن الأستاذ حسن البنا يريد أن يبعث (المنار) ويُعيد سيرتها الأولى فسرَّني هذا, فإن الأستاذ البنا رجلٌ مسلمٌ غيورٌ على دينه، يفهم الوسط الذي يعيش فيه، ويعرِف مواضعَ الداء في جسم الأمة الإسلامية، ويفقَه أسرارَ الإسلام، وقد اتصل بالناس اتصالاً وثيقًا على اختلافِ طبقاتهم وشغَل نفسَه بالإصلاح الديني والاجتماعي على الطريقة التي كان يرضاها سلف هذه الأمة". ********** 2- مفتي مصر الأسبق فضيلة الشيخ حسنين مخلوف (من أعظم الشخصيات الإسلامية في هذا العصر) "الشيخ حسن البنا أنزله الله منازل الأبرار.. من أعظم الشخصيات الإسلامية في هذا العصر، بل هو الزعيم الإسلامي الذي جاهد في الله حق الجهاد، واتخذ لدعوةِ الحق منهاجًا صالحًا، وسبيلاً واضحًا، واستمده من القرآن والسنة النبوية، ومن رُوح التشريعِ الإسلامي, وقام بتنفيذه بحكمةٍ وسداد، وصبرٍ وعزم، حتى انتشرت الدعوة الإسلامية في آفاق مصر وغيرها من بلاد الإسلام واستظل برايتها خلق كثير.عرفته رحمه الله منذ سنين، وتوثَّقَت الصداقةُ بيننا في اجتماعاتِ هيئة وادي النيل العُليا لإنقاذ فلسطين الجريحة، وتحدثنا كثيرًا في حاضر المسلمين ومستقبل الإسلام، فكان قويَّ الأمل في مجد الإسلام وعزة المسلمين، إذا اعتصموا بحبل القرآن المتين، واتبعوا هدْيَ النبوة الحكيم، وعالَجوا مشاكلهم الاجتماعية والسياسية وغيرها بما شرعه الله في دينه القويم. ففي الإسلام من المبادئ السامية، والتعاليم الحكيمة ما فيه شفاءٌ من كل مرض، وعلاجٌ لكل داء، وحلٌّ لكل مشكلة، وفيه من الأحكام ما لو نفِّذ، ومن الحدود والعقوبات ما لو أُقيم لسَعِد الناس في كل زمان ومكان بالاستقرار والاطمئنان، وعاد المسلمون إلى سيرتهم الأولى يوم كانوا أعزاء أقوياء. تلك لمحةٌ من حديثه وهي عقيدة كل مسلم، وأمل كل غيور على الإسلام، غير أنَّ العلماء حبسوا هذا العلم الزاخر في الصدور، ولم يردِّدوه إلا في حلقاتِ الدروس وفي زوايا الدور. أما الشيخ حسن البنا- رحمه الله- فقد أخذ على نفسه عهدًا أن يرشد العامَّة إلى الحق، وينشرَ بين الناس هذه الدعوة، وينظِّم طرائقَها ويعبِّد سبيلها، ويربِّي الناشئة تربيةً إسلاميةً تنزع من نفوسهم خواطر السوء، ويعرفهم بربهم ويدينهم بدينه الذي ارتضاه الله لهم، فكان له ما أراد، وتحمَّل في ذلك من المشاق والمتاعب ما لا يقدر على احتماله إلا الرجل الصبور، والمؤمن الغيور الذي يبغي رضاءَ ربه بما يعمل، ويشعر بدافعٍ نفسي قوي إلى إنقاذ أمته من شرٍّ وبيلٍ وذلٍّ مقيمٍ. من الطبيعي- وهذه دعوته- أن يمس السياسة عن قرب، وأن يأخذَ في علاج مختلف الشئون على ضوء التعاليم القرآنية، وهنا يقول الأستاذ بحقٍّ ما نقوله نحن، ويقوله كلُّ من درَس الإسلام، وأحاط خبرًا بالقرآن: إن الإسلام دين ودنيا، وسياسة ودولة، والمسلم الحق هو الذي يعمل للدين والدنيا معًا، فقد جاء القرآن بالعقائد الحقَّة، وبالأحكام الراشدة في العبادات والمعاملات ونظم الدولة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وجاء بالأوامر والنواهي وما يصونها من العقوبات والزواجر، وألزم المسلمين كافةً العمل بها، وإقامة الدولة على أساسها، فإذا دعا حسن البنا إلى ذلك فقد دعا إليه الله ورسوله، ودعا إليه الصحابة والتابعون وسائر الأئمة والفقهاء وزعماء الإسلام في كل زمان. يعيب عليه البعض أنه توغَّل في السياسة، وقد نوَّهت بالردِّ على ذلك في عدة أحاديث أذعْتُها في مناسبات شتَّى، فالسياسة الراشدة من صميم الدين، والصدارة فيها من حق العلماء بل من واجبهم، الذي لا يدفعهم عنه أحد، وما أصيب العلماء بالوهن والضعف وما استعلى عليهم الأدنون وتطاول عليهم الأرذلون إلا من يوم أن استكانوا لأولئك الذين يحاولون احتكار السياسة، ويستأثرون بالسلطان في الشعوب والأمم الإسلامية قضاءً للبناتهم واغتصابًا للحقوق. وإذا صحَّ فصْلُ الدين عن السياسة أو بعبارة أخرى الحجر على رجال الدين في الاشتغال بسياسة الدولة _ بالنسبة لسائر الأديان _ فلا يصح بالنسبة للدين الإسلامي الحنيف، الذي امتاز على غيره بالتشريع الكفيل بسعادة الدين والدنيا معًا. وقد كان الأئمة في مختلف عهود الإسلام أعلام دين وسياسة، فما بال الناس اليوم ينكرون على علماء المسلمين أن يعنوا بشئون الشعوب الإسلامية، ويغضبوا لكرامتها، ويجاهدوا لإعزازها، وتبصير الناس بما يموه به الاستعماريون من حيل، ويدبرون من فتن ويدسون من سموم. وما الذي خولهم حق احتكار الساسة والحكم؟! إنَّ من حق العلماء وأعني بهم القائمين بالدعوة إلى الله، لا خصوص حملة الشهادات العلمية الرسمية أن يمثلوا في كل شئون الدولة وخاصة في السلطة التشريعية، حتى لا يشرع في الدولة الإسلامية ما ينافي أحكام الإسلام، وأن يكون للتشريع الإسلامي الذي لهم به اختصاص واضح الأثر الأول في التشريع والتنفيذ. إن الدعوة في جوهرها دعوة واضحة المعالم، والقلوب الموفقة قد انعطفت إليها، والشعب قد آمن بها، ومن إنكار الحقائق أن يزعم زاعم انصراف السواد الأعظم من الأمة عنها. وكلما أمضت السياسة في توهينها ازدادت قوة وذيوعًا، وأيقن الناس بما فيها من خير وصلاح ومن الإخلاص لولاة الأمور الصدق في القول والأمانة في الأداء، فليعلموا أن الدعوة عقيدة استقرت في النفوس، وأن مقاومة السياسة لها ولدعاتها لا يزيدها إلا ثباتًا ورسوخا، وإن من الراسخ في العقائد أن اليهود ومن ورائهم الدولة الغاصبة والدولة الاستعمارية هم الذين يكيدون لها ويبذلون كل ما في استطاعتهم لاستئصالها، ولكن هيهات ما يريدون!! وبعد فإنا نسأل الله تبارك وتعالى للمسلمين خيرًا عميمًا ورشدًا أمينًا وتوفيقًا سديدًا لكل مَن يدعو إلى خير ورشاد ورحمة واسعة للأستاذ العظيم". (مجلة الدعوة- 13 فبراير 1951م). ************ 3- فضيلة الشيخ أحمد حسن الباقوري وزير الأوقاف المصري الأسبق(الإنسانية هي الخاسرة) "في مثل هذه الأيام منذ عامين مضيا أذن الله أن يلقى الأستاذ المرشد عصا التسيار من دنيا الناس وأن يتفيَّأ في الملأ الأعلى مكانًا قدسيًّا في ظلٍّ من رحمة الله ورضوانه فاطمانت نفسٌ طالما أزعجها القلقُ واستراح جسدٌ شدَّ ما أرهقته الحركة والاضطراب.كذلك أُصور لنفسي موتته رحمه الله كلمَّا استبدَّ بي الألمُ وساورني الجزع وأخذ الشعور بالفجيعةِ يُغشِّيني بمثْل لفحِ الهجير من قمةِ رأسي إلى أخمص قدمي، فلا يكاد ذهني يستوعب هذه الصورة حتى أجدُ برد العزاء ينسابُ في نفسي كما ينساب الماء المثلوج في أحشاء الصديان يلهبها الظمأ ويسعر نارها الهيام. وكذلك أرجو للمؤمنين أن يصوروا لأنفسهم هذه الصورة كلما وجدوا لوعة الذكرى تغلي في قلوبهم مراجلها وتستعر في أحشائهم نيرانها، وإنهم لواجدون بها عزاءً مستنيرًا ومستبصرا قائمًا على تقدير منطقي خاص لا على مجرد أن الموت قدر لا حيلة فيه ولا سبيل إلى دفعه على نحو ما يقال لكل من ذاق الموت من هذه المخلوقات. لم يخسر الأستاذ البنا بموتته تلك شيئًا- أي شيءٍ- هكذا يقول كل أحد، أو هكذا يجب أن يقول كل أحد، سواء المؤمن الذي يسمو بمعنى الجزاء حتى يلتمسه عند الخالق في خوالد الجنات، والكافر الذي يسف بمعنى الجزاء حتى يلتمسه عند المخلوقين في خلودِ الذكر واعتبار التاريخ. لقد عاش الأستاذ حسن البنا لغايةٍ آمنَ بها إيمانًا شغلته عن كل ما يشغل الناس سواه، شغلته عن أهله وعن ولده وعن نفسه، فلو أنه سُئِل عن كل ساعةٍ أنفقها في تفكيرٍ محرق، أو رحلةٍ جاهدة، أو كتيبةٍ مؤرقة، أو صلاة خاشعة.. ولو أنه سُئل عن مقدار التضحية التي بذلها في سبيل إيمانه هذا لاستطاع أن يقول ضحيتُ بمالي، وبولدي وراحتي، ولم أقصرْ حياة الشظف والخشونة على نفسي حتى جاوزتُها إلى كل ما لهم صلة بي، ثم أخيرًا ضحيتُ بنفسي. ولو أنه سُئل عن الغايةِ التي تحرَّاها من كل هذا العناء العالي لاستطاع أن يقول بارًا صادقًا: "لم أرد عرض الحياة الدنيا، وإنما أردتُ الله وابتغيتُ ثوابَه العظيم"، ومثل ذلك حق على الله أن يُرضيه حتى يرضى وأن يفتح له أبواب جنته يتبوأ منها حيث يشاء إن شاء الله. ولقد عاش الأستاذ البنا في الناس حبيبًا إلى قلوبِ أوليائه، مهيبًا في نفوسِ أعدائه، وكانت الكلمة تنطلق من فمه لتملأ الأسماع والقلوب والعقول فيجد فيها الولي بسمة الأمل ونشر الغبطة، ويجد فيها العدو بلبلة الفكر وشوك المضجع، ومن حقه رحمه الله، وهو بهذا المحل الرفيع في أمته الإسلامية جمعاء أن يتحرك التاريخ مزهوًا ليروي سيرته بين مَن يُروى سيرهم، ممن قامت دعائم عظمتهم على الإيمان والإنتاج لا على الدعاية والتهريج. لم يخسر الأستاذ إذن شيئًا بميتته تلك.. وإنما خسرت الإنسانية.. نعم خسرت الإنسانية، ولا أقول خسر الإسلام.. فإن الإنسانية تتعرض في هذه الظروف لأشدِّ محنةٍ تعرضت لها في تاريخها الطويل، وهي محنة المادية الثقيلة التي تريد أن تظفر بالمعاني الروحية، لتعود الإنسانية كلها بعد ذلك حيوانيةً تتحرك في دفع الشهواتِ كما تتحرك الآلاتُ في دفع البخار. وقد كان حسن البنا لسان الروحانية المبين، وكان حجتها الواضحة ودليلها الهادي، وكان قوتها المليئة حيويةً ونشاطًا.. ولا نحب أن نستمرئ أحضان اليأس حتى نقول: "لقد كان الأستاذ كل شيء وبموته انهار كل شيء.. فإنَّ رحمةَ الله بالناس أرحب من هذا وأوسع، ولئن مضى حسن البنا إلى ربه، لقد كان فيمن ترك من أبنائه مجتمعين القوة التي تكفُل لهذه الدعوة أن تهدي وأن تنقذ إن شاء الله". إن خير ما يحيى به المؤمنون ذكرى الأستاذ المرشد هو أن يجتمعوا على الحق، وأن يُعاهدوا الله في صدقٍ وإخلاصٍ أن يكونوا أصحابَ رسالةٍ وأعلام خيرٍ ودعاة أُخوة ورُسل إسلامٍ وسلام". (مجلة الدعوة- 13 من فبراير 1951م) ************* 4- د. رؤوف شلبي- عميد كلية الدعوة الإسلامية بالأزهر(قدَّم من التضحيات أغلاها) "شغل نفسه بالدعوة، وقدَّم من الجهود أضناها، ومن التضحياتِ أغلاها وأعمقها، في سبيل إرساء دعائم الحق، ونُصرة الدين". (كتاب: حسن البنا ومدرسة الإخوان المسلمين)************ 5- فضيلة الشيخ علي حسب الله أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم(البنا فهم الدين على أنه عمل متواصل لإعزاز الأمة) "في صيف سنة 1927م دخلتُ مكتبةَ دار العلوم فوجدتُ الداعيةَ المخلص إلى الله في دعواه الشيخ: محمد عبد العزيز الخولي رحمه الله ومعه شاب ممن تخرجوا ذلك العام في دار العلوم، وما كاد الشيخ يرد التحيةَ حتى قال: تعال أسرع إن صاحبك هذا "حسن البنا" عُيِّن مدرسًا ببلدكم الإسماعيلية وهو غير مستريحٍ لهذا التعيين، فتحدثتُ إليهما حديث المعتز ببلده، وذكرتُ للزميل الكريم ما في طباعِ أهل تلك البلد من التودد إلى الوافدِ عليهم، وأنه سيجد فيهم أهلاً بأهل، وإخوانًا بإخوان، وقد صادف هذا الكلام هوًى في نفس الشهيد رحمه الله، ظهرت آثاره بعد سفره.جاء الفقيدُ الإسماعيليةَ عقب نزاعٍ ديني انقسم فيه المسلمون قسمين: قسم متمسكٌ بالقديم على علاته، وآخر عاملٌ لإصلاحِ عقائد الناس وتطهيرها من أدران البدعِ والخرافات، وظهر الخلاف في مسائل فرعية كان كل فريق يتمنَّى أن يسمع من الداعية الجديد ما يؤيد وجهة نظره فيها، ولكن حسن البنا كانت غايته أسمى وأعمق من أن يُثير خلافًا أو ينصر فريقًا على آخر، كانت غايته أن يُؤلِّف بين القلوب بالمحبةِ ويوجهها إلى الله، ويعدها للتضحية في سبيل الحق، ويرى أن هذا كفيلٌ برفعِ أسبابِ النزاع، فإن النفوس الطاهرة والقلوب الخالصة في منعةٍ من وساوسِ الشيطان وعوامل الفرقة والخذلان. وقد كان له ما أراد بالنيةِ الصادقة والإخلاص إلى الله، وإذا كان قد تقدمه من المصلحين في العصر الحديث من كان عمله نظريًّا يبدأ من أعلى أو من الوسط فإن حسن البنا رأى أن يبدأ من الأساسِ الذي بدأ به النبيون دعواتهم، وهو إصلاح العامة والفقراء، فلم يعتمد في بادئ أمره على المال ولا على الأغنياء، ولهذا كان يُفضِّل في دعوته أن يغزو المجالس الشعبية العامة كالمقاهي، وشهدت الإسماعيلية بجهوده انقلابًا هامًّا، فإن ذلك الشباب الذي أعماه الجهل وأضله الفساد الشائع بين الناس، والذي يئس العقلاء من إصلاحه، انقلب شبابًا متدينًا متحمسًا للدين معتزًّا به، وقد فهم لأول مرةٍ وبطريقةٍ عمليةٍ أنَّ الدينَ ليس عبادة في المحرابِ فقط، بل هو مع هذا عملٌ متواصلٌ قوي لجمع الشمل وتآزر القوى وإعزاز الأمة، وإحلالها المحل اللائق بها، ومن الرعيل الأول ألفت الجماعة "الإخوان المسلمون" التي كان أول شعار لها ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾ وأسمى غايتها ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾، ثم نمت الشجرة وأينعت وآتت ولا تزال تُؤتي أكلها كل حينٍ بإذن ربها فبارك الله فيها، ومتَّع غارسها برضوانه، وآنسه بالذين أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا". (مجلة الدعوة- عدد 105). ************* 6- د. محمد يوسف موسى الأستاذ بكلية أصول الدين(داعية أول عاش لرسالته) "لا بد لكل رسالةٍ ما من دعاةٍ يقومون بها، ومن داعيةٍ أول يعيش لها وبها، ولعل أهم ما يميز الداعية الأول بعد ذلك عمله على كشفِ الأكفاء لمعاونته في تحقيقِ رسالته، وعلى كسبهم أنصارًا له واستبقائهم دائمًا بجانبه.وقد كان صديقنا المغفور له الأستاذ حسن البنا "داعيةً" دينيًّا واجتماعيًّا من الطراز الأول، قد جمع الله تعالى له كل ما يجب لنجاحِ الدعوة، ولعل من أهم ذلك ما لمسته فيه من بصره النافذ بمَن يصلحون للقيام معه بدعوته، ثم عمله على ضمِّهم إليه بكل قلوبهم وعقولهم ومواهبهم، عرفت ذلك منه بخاصة، حين رغب إليَّ وآخرين معي في أن نكون رفقاء له في رحلةٍ من القاهرة إلى الإسكندرية ثم رشيد بعد الحرب الماضية. وأملنا قوي في أن تزداد الدعوة.. دعوة الإخوان المسلمين.. كل يوم قلوبًا وعقولاً جديدةً، ولا سيما في الأيام التي تنتظر الأمة منهم الكثير، وتدعوهم إلى التقدم بما يرون من خططٍ ودراساتٍ ومشروعاتٍ للإصلاح". (مجلة الدعوة- عدد 105) ************ 7- د. عبد العظيم المطعني الأستاذ بجامعة الأزهر(دعوة البنا لن تموت) "لم يستطيع الغرب أن يبتلع بلاد الشرق الإسلامي عن طريق الحروب الصليبية التي باءت بالفشل، ولم ينصرف الغرب عن التفكير في الشرق بعد فشل تلك الحروب، فحلت مساعي الاستعمار الحديث المسلحة محل تلك الحروب، وخرجت قوافل التبشير إلى ربوع أسيا ومجاهل أفريقيا يساندها تعصبٌ حاقدٌ على الإسلام والمسلمين، ووُضعت الخطط السرية لصرف المسلمين عن دينهم ووضعت بإزائها الاعتمادات المالية السخية للإنفاقِ عليها حتى تبلغ مرادها، فأصبح الإسلام والمسلمون بين فكي كماشة: صراع عسكري يدك المعاقل ويحطم الحصون.. وصراعٌ فكريٌّ ينتزع الإسلامَ من القلوب انتزاعًا أو يُشوه صورته في نفوس بنيه؟!وقد تعرَّض الشرق الإسلامي لأحداث عنيفة أطاحت بالكثير من معالم حضارته فحروب أو غزوات التتار والمغول التي انتهت بسقوط بغداد ثم الحروب الصليبية ثم تآمر دول أوروبا على دول الخلافة وإسدال الستار على سياسية الباب العالي "الرجل المريض" وتقسيم ميراثه بينهم، وتقسيم الأقطار الإسلامية إلى دويلات كل هذه أحداث حرَّكت المشاعر وأيقظت الهمم في كل مكان، وقد انضم إليها سببٌ آخر داخل الأقطار الإسلامية نفسها وهو تخلف المسلمين وبُعدهم عن دينهم وتفككهم في وقتٍ كان ينبغي أن يكونوا على مستوى الأحداث المحيطة بهم لمقاومتها ورأب ما أحدثته وتحدثه من صدوع؟! وكان من رد الفعل أن ظهرت حركات الإصلاح في مواقع متعددة من البلاد الإسلامية، قامت حركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب المعروفة بالحركة الوهابية، وكانت ثورة على البدع المستحدثة في الدين ومحاولة لتنقيةِ الدين مما علق به من شوائب، وكان مسرحها شبه الجزيرة العربية وقامت الثورة المهدية في جنوب وادي النيل وكانت تهدف إلى الإصلاح السياسي والاجتماعي في إطار التوجيهات الدينية التي حاول الاستعمار طمسها وتشويهها. وفي شمال غرب أفريقيا قامت الحركة "السنوسية" لكنها كانت ترتكز على التربية الروحية والنزعة الصوفية أكثر من اهتمامها بمشكلات الحياة. وقام الشيخ جمال الدين الأفغاني بدعوته المعروفة حول إنشاء الجامعة الإسلامية ولكن مطلبه كان عزيز المنال؛ لأنه مطلب سياسي يقل من يستجيب له من السادة الكبار. والتف حول هؤلاء تلاميذ لهم اتجهوا إلى المنهج الأكاديمي في الدعوة، وظلت قطاعات الشباب في كل مكان تنتظر مَن ينفث فيها روح القوة، ويلمس بتوجيهه شغاف قلوبهم، وقد ادخرت العناية الإلهية لهذه المهمة الجليلة الإمام الشيخ حسن البنا الذي أصبح شعلةً لم تنطفئ رغم محاولات الحاقدين من عملاء الاستعمار وأعداء الإسلام محليين ومستوردين. شاب يدعو الشباب إلى الإسلام: بدأ الإمام الشهيد دعوةَ الشباب إلى التمسك بالدين في وقتٍ مبكرٍ من عمره إذْ كان في الثانية والعشرين منه بعد تخرجه من دار العلوم بعامٍ واحد، وشابٌّ في هذه السن المبكرة يضطلع بهذه المهمة الجليلة، فهو شابٌّ نشأ في طاعةِ ربه وعبادته ولم تعرف حياته "الباكرة" لهو الشباب وعبثهم، وإلا بدأ دعوته في مرحلةٍ متأخرةٍ قطعًا. اتجه الإمام الشهيد- إذن- إلى إصلاحِ عقيدة الشباب وفكره فأنشأ أول دارٍ للإخوانِ المسلمين بالإسماعيلية فكانت القطرة التي انهمرت منها الغيث وعم القمم والسهول، وباشر دعوته بعقلٍ ناضجٍ وأسلوبٍ واضح. منذ عام 1928م كانت دعوته من أول عهدها شعبية فيمم الشباب وجوههم شطرها، وسرعان ما خرجت من مدينة الإسماعيلية إلى كل أنحاءِ العالم ثم انتقلت إلى الأقطارِ الإسلامية والعربية في سرعةِ البرق ورقة النسيم. وقد وَهَبَ الله الإمام الشهيد البيانَ الواضح والأسلوبَ الحكيم إلى ما عمرت به شخصيته من أدبِ النفس واستقامةِ السلوك وفقهه بمقاصدِ الإسلام، وحفظه للقرآن الكريم والوقوف على أسرارِه ومعانيه، وروايته للحديث، وإلمامه بعبر التاريخ وفهمه لسيرة أصحاب الرسول- صلى الله عليه وسلم-، ومعرفته بمواطن الضعف في الأمة، وبهذا قد استكمل الإمام الشهيد كل مقومات الداعية المؤثر، والمصلح المطاع كان يعرف إلام يدعو؟ وكيف يدعو؟ ومَن يدعو؟ ومتى يدعو؟ بقلبٍ شجاعٍ وسلوكٍ طيب، ولسانٍ فصيح، وحجةٍ ساطعة، فلا غرابةَ أن يلتف الشباب كله في عزمٍ وثباتٍ حول ذلك المصلح المخلص.. إلام كان يدعو الإمام الشهيد؟ كان الإمام متبعًا وليس مبتدعًا، والاتباع هو منهجُ كل مصلحٍ صادق، أما الابتداع فإنه مسلك كل دجال كاذب، كان الإمام متبعًا ولأنه اتخذ من التمسك بالدين طريقًا للإصلاح، وفي هذا يقول "دعوتنا إسلامية بكل ما تحمل الكلمة من معاني فافهم ما شئت، وأنت في فهمك هذا مقيدٌ بكتابِ الله وسنةِ رسوله، وسيرة السلف الصالحين من المسلمين، فأما كتابُ الله فهو أساس الإسلام ودعامته، وأما سنة رسوله فهي مبينة الكتاب وشارحته، وأما سيرة السلف الصالح فهم رضوان الله عليهم منفذو أوامره، وهم الصورة الماثلة والعملية لهذه الأوامر والتعاليم، وكان هدف الإمام من تلك الدعوة أن يعيد الشبابَ المسلمَ إلى الإسلامِ الصحيحِ بجلاءِ مفاهيمه، وإيضاح مراميه، فالإسلام منهج حياةٍ بكل ما تتسع له كلمة "الحياة" من معاني فهو عقيدةٌ وشريعة، ودنيا وآخرة، بيانٌ وفكر وجهاد ونضال قد وسع النشاط البشري كله، لكل مسألة فيه حكم وتوجيه، ولكل مشكلة حل، هو مع المسلم أينما حل في صحوه ونومه، في معمله ومصنعه، وفي محرابه ومصلاه، في أكله وشربه، هو معه في كل شئونه، وكل محاولةٍ للإصلاحِ لم تتخذ من إسلام زادها وعدتها باءت بالفشل، ولا سبيلَ لإصلاحِ شئوننا إلا بالعودةِ للإسلام، ولهذا فإنه يطالب بالخطوات الآتية: 1- إصلاح القوانين: وهذا يكون بموافقة القوانين لأصول الفقه الإسلامي 2- إصلاح مظاهر الاجتماع: وهذا يكون بموافقة السلوك لمبادئ الدين الحنيف. 3- محاربة الإباحية: وهي تتحقق بقمع الشهوات والتحلي بالفضائل. 4- تنظيم التعليم: بحث يهدف التعليم إلى حماية العقيدة واستقامة الخلق. 5- المؤاخاة بين المسلمين: بحيث يكون المسلمون رجلاً واحدًا وقلبًا واحدًا ويدًا واحدًا وكونوا عباد الله إخوانًا. قيمة هذه الدعوة جاءت دعوة الأستاد الإمام رد فعل هام للأحداث الخطيرة التي تجمعت آثارها في مطلع العشرين، فقد نشطت الأصوات التي كانت تنادي بترك الحجاب وتدعو إلى سفورِ المرآة، ونشطت الأقلام التي كانت تدعو إلى القضاءِ على اللغةِ العربيةِ الفصحى لتحل العامية محلها، بل وتطالب بأن تكون الكتابة بالحروف اللاتينية لتحل محل الحروف العربية، وأخذ مَن يُسمون أنفسهم "أنصار المرآة" ينادون بالاختلاطِ بين الرجال والنساء في كل مكان بحجة تحرير المرأة، كما فعلت المرأة الأوربية وتعرضت مبادئ الإسلام نفسه للإهمال فترك العمل بكتابِ الله وشريعته في الحكم ودور القضاء والنيابة، وحلت محلها القوانين الوضعية، وصار الربا مصدرًا من مصادرِ الكسب لدى الجماعات والأفراد، ونشط عملاء الاستعمار في توجيه الطعنات للإسلام في الصميم، فقبيل قيام الأستاذ الإمام بدعوته الشجاعة بعامين أصدر الدكتور طه حسين كتابه في الشعر الجاهلي، وقد طعن في صدق القرآن الكريم، وقال إنَّ ورود قصة إبراهيم وإسماعيل في القرآن ليس بدليل كافٍ على وجودهما التاريخي، كما شبَّه القرآن بقصائد أمية أبن أبي الصلت الشاعر الجاهلي وبرئ الدكتور طه حسين في مقدمةِ كتابه ذلك من دينه وعقيدته، وأخذ يُدرِّس تلك السموم التي احتوى عليها كتابه للشبابِ في الجامعة المصرية الناشئة. هذه النزعات الخطيرة لو لم تقم في وجهها دعوةٌ صلبةٌ تؤمن بالحقِّ وتذود عنه- وقد تمثلت تلك الدعوة في جهودِ الإمام الشهيد- لانتزعت الإيمانَ من قلوبِ الناس انتزاعًا وخاصةً الشباب، ومن هنا تكتسب دعوة الإمام البنا قيمتها. ولم يأبه أنصارها مما أصابهم في سبيلها من أذى، والتاريخ على هذا خيرُ شاهدٍ، قيامًا بالحق، وذودًا عن الدين وحراسةً لقيمه في إباءٍ وشمم، وما زالت دعوته تُؤتي ثمارها- ولا تزال حتى ينصر الله حزبه وجنده وجند الله هم الغالبون. سر بقائها واستمرارها: تجاوزت دعوة الإمام البنا الخمسين عامًا تعمل بجدٍّ وإخلاصٍ لنصرةِ الإسلام عقيدةً وشريعة، وهي قوة وصلابة لم يلحقها تغيير ولا تبديل في مبادئها الأصيلة التي عرفت بها من إنشائها، ولم يزهد أنصارها فيها أنهم تعرضوا لضرباتٍ غاشمةٍ ثلاث كرات استشهادًا واعتقالا وسجنًا واضطهادًا وتعذيبًا ورميًا لهم بالإرهابِ والوحشية، بل أنهم كانوا يخرجون من كل محنةٍ وهم أصلبُ عودًا وأثبت قدمًا، حتى أصبحت حركة الإخوان أكبر حركةٍ إسلاميةٍ في العصرِ الحديث وأبقى أثرًا.. فهل لذلك ولهذا سبب؟ نعم: أما ثباتها واستمرارها فلأنها دعوة قامت على الحق والحق ثابت لا يتغير، فمبادئ الإسلام هي هي منذ أقرها عليه الصلاة و السلام، وكل دعوة تعتمد على مبادئ الإسلام لا ينالها تغيير ولا تبديل، أما النظم الأخرى عُرضةً للخطأ، ولهذا فإنَّ الخمسين عامًا هذه قد تبدلت فيها أحوال وتغيرت.. فكم من المذاهب قامت ثم سقطت وحلَّت محلها اتجاهات أُخرى مرات ومرات في كل بلدٍ من بلدان العالم المعاصر، بل إنَّ مصر نفسها- موطن الدعوة قد مرَّت بكثيرٍ من التجاربِ الفكرية والسياسية خلال هذه المدة، ويقرر اليوم منهج ثم يأتي الغد فيلغي ويبحث عن بديل له، بل إن عهد الثورة المصرية الأخيرة قد عرف حتى اليوم اتجاهات عدة وما زلنا نرى سلوكًا يحل محل سلوك، نستقبل الجديد بالثناء والأمل ونودع القديم بالذم ونرميه بالقصور. وأما التفاف الشباب حولها في عزمٍ وثباتٍ فيفسره لنا العلامة ابن خلدون في مقدمته حيث يقول: إنَّ العربَ لا يجتمعون إلا حول قيادة دينية ولا ينتصرون إلا بقيادة دينية، وقد صدق التاريخ هذه القاعدة فقبائل العرب المتفرقة المتناحرة صنع منها الإسلام بقيادة محمد- صلى الله عليه وسلم- خير أمة أخرجت للناس دكت عروش كسرى فارس وقيصر الروم وملأت الأرض عدلاً ونورًا، وصلاح الدين الأيوبي حينما تمسك بالإسلام وحد صفوف العرب والمسلمين جميعًا، فكانت كل المنابر في العالم الإسلامي تدعو له مخلصةً بالنصر، ويؤمن المصلون في صوتٍ هادر قائلين آمين. ذلك هو الطريق فهل نحن سالكوه؟.. ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ (55)﴾ صدق الله العظيم. |
رد: رجل الفكر والايمان ( حسن البنا )
الخميس 11 فبراير 2010
د.محمود ماضي - أمل الأمة " من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضي نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا " يهل علينا شهر فبراير بذكري استشهاد الإمام البنا والذين اغتالوه ذهب بهم خيالهم المريض أنه بقتل الرجل تموت فكرته وينتهي منهجه في التربية والدعوة والجهاد , فقبروا ولم تمت الدعوة ولم يخنع تلامذته فلم يتقلص أحبابه ومريديه بل ازدادوا وازدادوا فبعد أن كانوا يعدون بالمئات أصبحوا يعدون بالآلاف , ودعوته المباركة نبتت في مصر فإذا بها تتجاوز الحدود المصطنعة – بفضل الله تعالي - إلي المشارق والمغارب والذين فرحوا باغتياله وباركوه قبروا ولم يعد يسمع بهم أحد بعد أن كانوا يملأون الدنيا صياحا وضجيجا ف " فاروق" الذي أمر باغتياله هو حيث هو الآن نسيه الكبار ولم يعرفه الصغار , ظلم فسلط الله عليه الظلمه أما البنا ففي قلوب الذين أحبوه واتبعوه ومنهجه حملوه واسمه تلهج به ألسنة الكثير والكثير من المسلمين في مشارق الارض ومغاربها شمالها وجنوبها أما العهدو الصهيوني الذي أذاع خبر اغتياله فرحا ومهللا لموت الذي أزعجهم وعصاباتهم فإذا بتلاميذ البنا من الفلسطينيين والمصريين يحملون لواء الجهاد , وهاهي الفئة المنصورة في غزة من تلاميذ البنا تقف صخرة كأداء تتكسرعليها مؤامرات الحلف الصهيو أمريكي وأذياله من عرب الإعتدال (!) لتصفية القضية الفلسطينية القضية المحوريةللمسلمين كافة ومعهم أحرار العالم هلك من هلك من أعداء الإسلام وبقي البنا يتردد إسمه علي ألسنة الملايين فماذا قالوا عن البنا ؟ 1 - يقول الشيخ أحمد عيسي عاشور " كان الناس يرون حسن البنا غريبا في محيط الناس ..بل وفي محيط الزعماء .. بطابعه وطبيعته .. فقد صنع تاريخا .. وحول مجري الطريق .. فلما مات كان غريبا غاية الغرابه في موته.. فلم يصل عليه في المسجد غير والده ولم يمش خلف نعشه أحد من هؤلاء الأتباع الذين كانوا يملأون الدنيا .. لسبب بسيط هو أنهم كانوا في هذا الوقت يملأون السجون " ثم يقول الشيخ " وإذا كان الإمام الشهيد حسن البنا قد مات فإن فكره لن يموت وتأثيره باق وممتد يتمثل في أجيال صنعها علي مائدة الإسلام بإسلوب العصر ويتمثل هذا في المد العالمي للحركة الإسلامية التي وضع بذورها الاولي , وحسن البنا بعد كل هذا : هو مجدد الإسلام في القرن العشرين " 2- أما الشيخ المفسر طنطاوي جوهري فيقول " إن في حسن البنا شجاعة علي وحكمة معاوية إن الشجاعة بلا حكمة قد تتحول إلي تهور وطيش لا تحمد عقباه والحكمة بلا شجاعة هي أيضابلا وجود 3- في تقديمه لكتاب مذكرات الدعوة والداعية يقول العلامة الشيخ ابو الحسن الندوي " ..أما جماعة الأخوان المسلمون فقد حافظت علي وجودها منذ بدأت وإلي الآن ويرجع ذلك إلي أسباب كثيرة منها : شخصية مؤسس الجماعة وهو الإمام الشهيد حسن البنا كداعية له قدرته الفذة علي تربية النفوس وبناء الرجال فلم يكن مجرد رجل دين يعلم الناس أمور دينهم ويؤلف الكتب بل كان يؤلف الرجال الذين يستطيعون أن يحملوا لواء الدعوة من بعده وإذا قارنا بينه وبين مصلحين سابقين لهم تاريخ مثل الامام محمد عبده ورشيد رضا وجمال الدين الأفغاني نجد أن كل واحد من هؤلاء قد ذهبوا ولم يخلفوا وراءهم دعوة واضحة المعالم ولا رجال دعوة يحافظون عليها من بعدهم أما الشيخ حسن البنا فقد استطاع بشخصيته الفذة أن يضع دعوة بداخلها من العوامل ما يضمن بقاءها واستمرارها " 4-استطاع البنا أن يقيم جماعة بداخلها من العوامل ما يضمن بقاءعا واستمرارها وهو ما يؤكده المستشرق الامريكي ( جون كوني ) بقوله " إن جماعة الاخوان المسلمين محصنة ضد الفناء " 5- أما المستشرق الامريكي (روبير جاكسون ) فقد وضع كتابا عن حسن البنا تحت عنوان ( حسن البنا الرجل القرآني) قال فيه : " كنت أتوقع أن يجئ اليوم الذي يسيطر فيه هذا الرجل علي الزعامة الشعبية لا في مصر وحدها بل في الشرق كله , إن معركة فلسطين ومعركة التحرير الأخيرة في القناة قد أثبتتا بوضوح أن الرجل صنع بطولات خارقة قل أن نجد لها مثيلا إلا في تاريخ العهد الأول للدعوة الإسلامية لقد كان فيه من الساسة دهاؤهم ومن القادة قوتهم ومن العلماء حججهم ومن الصوفية إيمانهم ومن الرياضيين حماسهم ومن الفلاسفة مقايسهم ويستطرد جاكسون قائلا : لقد أخذ من عمر خصلة من أبرز خصاله تلك هي ابعاد أهله عن مغانم الدعوة ولطالما كان يحاسب أهله كما كان عمر يحاسب أهله ويضاعف لهم العقوبة إذا قصروا وأفاد الرجل من تجارب من سبقوه ومن تاريخ القادة والمفكرين والزعماء الذين حملوا لواء الدعوة ولم يقنع بأن يكون مثلهم ،ولكنه ذهب إلي آخر الشوط فأراد أن يستمد من عمر وخالد وأبي بكر فأخذ من أبي بكر السماحة ومن عمر التقشف ومن خالد عبقرية التنظيم وفي موضع آخر يقول :ولم يكن الغرب ليقف مكتوف اليدين أمام مثل هذا الرجل الذي أعلي كلمة الإسلام علي نحو جديد وكشف لرجل الشارع حقيقة وجوده ومصيره وجمع الناس علي كلمة الله وخفت بدعوته ريح التغريب والجنس ونزعات القومية الضيقة " ثم يختم جاكسون كلامه بالقول : لما سألته عن الإسلام والسياسة وأنا أري أنهما لا يتصلان بحال قال لي : أتري أن الإسلام بغيرالسياسة لا يكون إلا هذه الركعات وتلك الألفاظ وأن الإسلام في الحق عقيدة ووطن وجنس وسياسة وثقافة وقانون ولو انفصل عن السياسة لحصر نفسه في دائرة ضيقة ولما ترك للمسلمين إلا القشور والمظهريات والأشكال فحدثوني بربكم إذا كان الإسلام شيئا غير السياسة وغير الاجتماع وغير الاقتصاد وغير الثقافة فما هو إذا ؟ ويختم جاكسون حديثه بالقول : إنني علي ثقة من أن البنا رجل لا نظير له في هذا العصر وأنه قد مر في تاريخ مصر مرور الطيف العابر الذي لا يتكرر لقد وصف البعض البنا بأنه مجدد القرن العشرين ووصفه العض الآخر بأنه الملهم الموهوب ووصفه جاكسون بالرجل القرآني وفيه قال الشيخ المحدث ناصر الدين الألباني : لو لم يكن للشيخ حسن البنا رحمه الله من الفضل علي الشباب سوي أنه أخرجهم من دور الملاهي في السينما ونحو ذلك والمقاهي وكتلهم وجمعهم علي دعوة واحدة ألا وهي دعوة الإسلام لو لم يكن له من الفضل إلا هذا لكفاه فضلا وشرفا هذا نقوله معتقدين لا مرأئين ولا مداهنين رحم الله البنا وأسنه فسيح جناته |
رد: رجل الفكر والايمان ( حسن البنا )
صور ووثائق للإمام الشهيد "حسن البنا" صور للإمام الشهيد "حسن البنا" http://www.ikhwanonline.com/data/tassis/25555.jpg صورة للرعيل الأول من الإخوان المسلمين بالإسماعيلية التقطت عام 1930م يظهر فيها ثلاثة من الستة المؤسسين للجماعة (زكي المغربي- أحمد الحصري- عبدالرحمن حسب الله) ويظهر فيها الشيخ: علي الجداوى أول نائب للإخوان بالإسماعيلية بعد الإمام البنا، كما يظهر فيها الشيخ: محمد فرغلي نائب الإخوان ورئيس منطقة الإسماعيلية وعضو مكتب الإرشاد بعد ذلك. http://www.ikhwanonline.com/data/banaa/ikh1.jpg الإمام الشهيد في مظاهرة بالأزهر http://www.ikhwanonline.com/data/banaa/ikh2.jpg الإمام الشهيد مع إخوانه في موسم الحج http://www.ikhwanonline.com/data/banaa/ikh3.jpg الإمام الشهيد يؤم المصلين http://www.ikhwanonline.com/data/banaa/ikh4.jpg الإمام الشهيد على جبل أحد عام 1364هـ http://www.ikhwanonline.com/data/banaa/ikh5.jpg الإمام الشهيد http://www.ikhwanonline.com/data/banaa/ikh16.jpg الإمام الشهيد يلقي كلمة في إحدى الاحتفالات http://www.ikhwanonline.com/data/banaa/ikh15.jpg الإمام الشهيد يتحدث في الإذاعة باسم اتحاد وادي النيل عن فلسطين http://www.ikhwanonline.com/data/banaa/ikh18.jpg الإمام الشهيد يلقي كلمة في المركز العام http://www.ikhwanonline.com/data/banaa/ikh17.jpg الإمام الشهيد خطيبًا في إحدى المناسبات http://www.ikhwanonline.com/data/banaa/ikh22.jpg الإمام الشهيد يستعرض فريقًا من جوالة الإخوان http://www.ikhwanonline.com/data/banaa/ikh13.jpg الإمام الشهيد بزي الجوالة http://www.ikhwanonline.com/data/banaa/ikh9.jpg الإمام الشهيد بالزي الأزهري |
رد: رجل الفكر والايمان ( حسن البنا )
حسن البنا في المسجد الصغير: ولقد دأب كثير من تلامذة هذه المدرسة على أداء الصلاة في المسجد الصغير ) وهو مسجد مجاور لها وبخاصة صلاة الظهر حيث تجمعهم فسحة بعد النداء. ومن الطرائف التي أذكرها أن إمام هذا المسجد الأهلي الشيخ محمد سعيد رحمه الله، مر ذات يوم فرأي مؤذنا يؤذن وجماعة تقام وإماما يتقدم وعددا كثيراً من التلامذة -يزيد على ثلاثة صفوف أو أربعة يصلي فخشي الإسراف في الماء والبلى للحصير، وانتظر حتى أتم المصلون صلاتهم ثم عمل على تفريقهم بالقوة مهددا ومنذرا ومتوعدا، فمنهم من أذعن وفر ومنهم من وقف وثبت. وأوحت إلى خواطر التلمذة أن أقتص منه ولا بد. فكتبت إليه خطابا ليس فيه إلا هذه الآية (ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء فتطردهم فتكون من الظالمين ) ولا شيء في ذلك، بعثت به إليه في البريد مغرماً واعتبرت أن غرامة قرش صاغ كافية في هذا القصاص. وتد عرف رحمه الله ممن جاءته هذه الضربة وقابل الوالد شاكياً معاتباً، فأوصاه بالتلاميذ خيراً وكانت له معنا بعد ذلك مواقف طيبة عاملنا فيها معاملة حسنة، واشترط علينا أن نملأ صهريج المسجد بالماء قبل انصرافنا، وأن نعاونه في بع التبرعات للحصر إذا ما أدركها البلى وقد أعطيناه ما شرط. |
رد: رجل الفكر والايمان ( حسن البنا )
حسن البنا جمعية منع المحرمات: وكأن هذا النشاط الداخلي لم يرض رغبة هؤلاء الناشئين في العمل للإصلاح فاجتمع نفر منهم. كان من بينهم الأستاذ محمد على بدير المدرس بالمعارف الآن، والأستاذ عبد الرحمن الساعاتي الموظف بالسكة الحديدية الآن، والأستاذ سعيد بدير المهندس الآن. وقرروا تأليف جمعية إسلامية باسم جمعية منع المحرمات ) وكان اشتراك العضو فيها يتراوح بين خمسة مليمات وعشرة أسبوعيا، وكانت أعمالها موزعة على أعضائها. فمنهم من كانت مهنته تحضير النصوص وصيغ الخطابات، وآخر مهنته كتابه هذه الخطابات بالحبر الزفر، وثالث مهنته طبعها، والباقون توزيعها على أصحابها. وأصحابها هم الذين تصل إلى الجمعية أخبارهم بأنهم يرتكبون بعض الآثام أو لا يحسنون أداء العبادات على وجهها، خصوصا الصلاة، فمن أفطر في رمضان ورآه أحد الأعضاء بلغ عنه فوصله خطاب فيه النهي الشديد عن هذا المنكر، ومن قصر في صلاته ولم يخشع فيها ولم يطمئن وصله خطاب كذلك، ومن تحلى بالذهب وصله خطاب نهي فيه حكم التحلي بالذهب شرعا، وأيما امرأة شاهدها أحد الأعضاء تلطم وجهها في مأتم أو تدعو بدعوى الجاهلية وصل زوجها أو وليها خطاب، وهكذا ما كان أحد من الناس صغيرا أو كبيرا يعرف عنه شيء من المآثم إلا وصله خطاب من الجمعية ينهاه أشد النهي عما يفعل. وكان من اليسير على الأعضاء لصغر سنهم وعدم اتجاه الأنظار إليهم أو وقوع الشبهة عليهم أن يعرفوا كل شيء ولا يتحرز الناس منهم. وكان الناس يظنون أن هذا من عمل أستاذنا الشيخ زهران رحمه الله ويقابلونه ويلومونه لوماً شديدا ويطلبون إليه أن يتحدث إليهم فيما يريد بدلا من هذه الكتابة. والرجل يتنصل من ذلك ولدفع عن نفسه، وهم لا يكادون يصدقون حتى وصله ذات يوم خطاب من الجمعية يلفت نظره إلى أنه صلى فريضة الظهر بين السواري - وذلك مكروه - وهو عالم البلد، فيجب عليه أن يبتعد عن المكروهات ليبتعد غيره من العوام عن المحرمات. وأذكر أن الشيخ رحمه الله دعاني حينذاك - وقد كانت صلتي مستمرة به في اللهروس العامة وإن كنت قد تركت مدرسته أو مكتبته - لنراجع معا هذا الحكم في كتاب فتح الباري في شرح صحيح البخاري، ولا زلت أذكر الموضوع كأنه اليوم وكنت أقرأ له وأنا أبتسم وهو يتساءل عن هؤلاء الذين كتبوا له ووجد أن الحق معهم -، وأنهيت ذلك إلى أعضاء الجمعية فكان سرورهم به عظيماً. واستمرت الجمعية تؤدى عملها أكثر من ستة أشهر وهي مثار عجب الناس ودهشتهم. حتى اكتشف أمرها على يد صاحب قهوة استدعى راقصة فوصله خطاب من الجمعية، وكانت الخطابات لا ترسل بالبريد اقتصادا في النفقات، وإنما يحملها أحد الأعضاء ويضعها في مكان يلفت نظر صاحبها إليها فيستلمها ولا يرى من جاء بها. ولكن المعلم كان يقظاً فشعر بحركة حامل الخطاب فقبض عليه بخطابه وعاتبه عتابا شديدا أمام من في القهوة. وعرفت الجمعية عن هذا الطريق فرأي أعضاؤها أن يخففوا من نشاطهم ويعملوا بأسلوب آخر لمنع المحرمات. |
رد: رجل الفكر والايمان ( حسن البنا )
حسن البنا إلى مدرسة المعلمين الأولية بدمنهور: وكان هذا الطالب قد وفي بعهده فاستمر يحفظ القران الذي خرج به من مدرسة الرشاد وأضاف إليه ربعاً آخر إلى سورة يس. وقرر مجلس مديرية البحيرة إلغاء نظام المدارس الإعدادية وتعديلها إلى مدارس ابتدائية فلم يكن أمام الطالب إلا أن يختار بين أن يتقدم إلى المعهد الديني بالإسكندرية ليكون أزهريا أو إلى مدرسة المعلمين الأولية بدمنهور ليختصر من الطريق ويكون بعد ثلاث سنوات معلما. ورجحت كفة الرأي الثاني في النهاية وجاء موعد تقديم الطلبات وتقدم بطلبه فعلا، ولكن كان أمام عقبتين: عقبة السن فهو ما يزال في منتصف الرابعة عشرة وأقل سن القبول أربع عشرة كاملة، وعقبة إتمام حفظ القران الكريم إذ إن ذلك هو شرط القبول في الدخول ولا بد من أداء امتحان شفهي في القران الكريم، ولقد كان ناظر المدرسة حينذاك، هو الأستاذ” بشير الدسوقي موسى - المحال إلى المعاش - كريما متلطفا، فتلطف بالطالب وتجاوز عن شرط السن، وقبل منه التعهد بحفظ ربع القرآن الباقي، وصرح له بأداء الامتحان التحريري والشفهي فأداهما بنجاح، ومنذ ذلك الوقت أصبح طالباً بمدرسة المعلمين الأولية بدمنهور. |
رد: رجل الفكر والايمان ( حسن البنا )
حسن البنا
و الطريقة الحصافية: وفي المسجد الصغير رأيت” الإخوان الحصافية” يذكرون الله تعالى عقب صلاة العشاء من كل ليلة، وكنت مواظبا على حضور درس الشيخ زهران رحمه الله بين المغرب والعشاء، فاجتذبني حلقة الذكر بأصواتها المنسقة ونشيدها الجميل وروحانيتها الفياضة، وسماحة هؤلاء الذاكرين من شيوخ فضلاء وشباب صالحين، وتواضعهم لهؤلاء الصبية الصغار الذين اقتحموا عليهم مجلسهم ليشاركوهم ذكر الله تبارك وتعالى، فواظبت عليها هي الأخرى. وتوطدت الصلات بيني وبين شباب هؤلاء الإخوان الحصافية ومن بينهم الثلاثة المقدمون: الشيخ شلبي الرجال والشيخ محمد أبو شوشة والشيخ سيد عثمان، والشبان الصالحون الذين كانوا أقرب الذاكرين إلينا في السن: محمد أفندي الدمياطي وصاوي أفندي الصاوي وعبد المتعال أفندي سنكل، وأضرابهم. وفي هذه الحلبة المباركة التقيت لأول مرة بالأستاذ أحمد السكري - وكيل الإخوان المسلمين - فكان لهذا اللقاء أثره البالغ في حياة كل منا. ومنذ ذلك الحين أخذ اسم الشيخ الحصافي يتردد على الأذن فيكون له أجل وقع في أعماق القلب وأخذ الشوق والحنين إلى رؤية الشيخ والجلوس إليه والأخذ عنه يتجدد حينا بعد حين، وأخذت أواظب على الوظيفة الروحية صباحا ومساء، وزادني بها إعجابا أن الوالد قد وضع عليها تعليقا لطيفا جاء فيه بأدلة صيغها جميعا تقريبا من الأحاديث الصحيحة وسمى هذه الرسالة تنوير الأفئدة الزكية بأدلة أذكار الرزوقية ولم تكن هذه الوظيفة أكثر من آيات من الكتاب الكريم، وأحاديث من أدعية الصباح والمساء التي وردت في كتب السنة تقريبا، ليس فيها شئ من الألفاظ الأعجمية أو التراكيب الفلسفية أو العبارات التي هي إلى الشطحات أقرب منها إلى الدعوات. وفي هذه الأثناء وقع في يدي كتاب المنهل الصافي في مناقب حسنين الحصافي وهو شيخ الطريقة الأول - ووالد شيخها الحالي السيد الجليل الشيخ عبد الوهاب الحصافي مد الله في عمره ونفع الله به - والذي توفي ولم أره حيث كانت وفاته الخميس 17 من جمادى الآخرة 1328 الهجرية، وكنت إذ ذاك في سن الرابعة عشرة فلم أجتمع به على كثرة تردده على البلد فأقبلت على القراءة فيه وعرفت منه كيف كان السيد حسنين رحمه الله عالما أزهريا تفقه على مذهب الإمام الشافعي ودرس علوم الدين دراسة واسعة وامتلأ منها وتضلع فيها ثم تلقى بعد ذلك الطريق على كثير من شيوخ عصره، وجد واجتهد في العبادة والذكر والمداومة على الطاعات حتى إنه حج أكثر من مرة وكان يعتمر مع كل حجة اكثر من عمرة. وكان رفقاؤه وأصحابه يقولون ما رأينا أقوى على طاعة الله وأداء الفرائض والمحافظة على السنن والنوافل منه - رحمه الله - حتى في آخر أيام حياته وقد كبرت سنه ونيف عن الستين. ثم أخذ يدعو إلى الله بأسلوب أهل الطريق، ولكن في استنارة وإشراق وعلى تواعد سليمة قويمة، فكانت دعوته مؤسسة على العلم والتعليم، والفقه والعبادة والطاعة والذكر، ومحاربة البدع والخرافات الفاشية بين أبناء هذه الطرق والانتصار للكتاب والسنة على أية حال والتحرز من التأويلات الفاسدة والشطحات الضارة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبذل النصيحة على كل حال حتى إنه غير كثيرا من الأوضاع التي اعتقد أنها تخالف الكتاب والسنة، ومما كان عليه مشايخه أنفسهم. وكان أعظم ما أخذ بمجامع قطبي وملك على لبى من سرته رض اله عنه شدته في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأنه كان لا يخشى في ذلك لوم لائم ولا يدع الأمر والنص مهما كان في حضرة كبير أو عظيم. ومن نماذج ذك أنه زار رياض باشا حين كان رئيس الوزارة، فدخل أحد العلماء وسلم على الباشا وانحنى حتى قارب الركوع فقام الشيخ مغضبا وضربه على خديه بمجمع يده ونهره بشدة قائلا: استقم يا رجل فإن الركوع لا يجوز إلا لله، فلا تذلوا الدين والعلم فذلكم اله. ولم يستطع العالم ولا الباشا أن يؤاخذاه بشيء. ودخل أحد الباشوات من أصدقاء رياض باشا وفي إصبعه خاتم من الذهب وفي يده عصا مقبضها من الذهب كذلك، فالتفت إليه الشيخ وقال: يا هذا إن استعمال الذهب في الحلية هكذا حرام على الرجال حلال للنساء فأعط هذين لبعض نسائك، ولا تخالف عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأراد الرجل أن يعترض، فتدخل رياض باشا وعرف بعضهما ببعض والشيخ مصر على أنه لا بد من خلع المقبض والخاتم معا حتى يزول هذا المنكر. ودخل مرة على الخديوي توفيق باشا مع العلماء في بعض المقابلات فسلم على الخديوي بصوت مسموع فرد عليه الخديوي بالإشارة بيده، فقال له في عزم وتصميم: رد السلام يكون بمثله أو بأحسن منه،. فقل وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، والرد بالإشارة وحدها لا يجوز ). فلم يسع الخديوي إلا أن يرد عليه باللفظ ويثنى على موقفه وتمسكه بدينه. وزار مرة بعض مريديه من الموظفين في بعض دوائر المساحة فرأي على مكتبه بعض تماثيل من الجبس فسأله: ما هذا يا فلان؟ فقال: هذه تماثيل نحتاج إلها في عملنا. فقال: إن ذلك حرام. وأمسك بالتمثال وكسر عنقه، ودخل المفتش الإنجليزي في هذه اللحظة ورأي هذا المنظر فناقش الشيخ فيما صنع. فرد عليه ردا جميلا وأفهمه أن الإسلام إنما جاء ليقيم التوحيد الخالص وليقضي على كل مظهر من مظاهر الوثنية في أية صورة من صورها ولهذا حرم التماثيل حتى لا يكون بقاؤها ذريعة لعبادتها. وأفاض في هذا المعنى بما طلب له المفتش الذي كان يظن أن في الإسلام لوثة من الوثنية، وسلم للشيخ وأثنى عليه. وزار مسجد السيد الحسين رضى الله عنه مع بعض مريديه ووقف على القبر يدعو الدعاء المأثور: السلام على أهل الديار من المؤمنين ) فقال له بعض المريدين: يا سيدنا الشيخ سل سيدنا الحسين يرضى عني، فالتفت إليه منضبا وقال: “ يرضى عنا وعنك وعنه: الله ) وبعد أن أتم زيارته شرح لإخوانه أحكام الزيارة وأوضح لهم الفرق بين البدعية والشرعية منها. وحدثني الوالد أنه اجتمع بالشيخ رحمه الله في منزل وجيه من وجهاء المحمودية هو حسن بك أبو سيد حسن رحمه الله، مع بعض الإخوان فدخلت الخادم، وهي فتاة كبيرة، تقدم له القهوة وهي مكشوفة الذراعين والرأس فنظر إليها الشيخ منضبا وأمرها بشدة أن تذهب فتستتر وأبى أن يشرب القهوة وألقى على صاحب المنزل درسا مؤثراً في وجوب احتشام الفتيات وإن كن خدما وعدم إظهار الرجال الأجانب علين. وله رحمه الله في ذلك أمور في غاية الكثرة والدقة معا وكذلك شأنه دائما. هذه الناحية هي التي أثارت في نفسي أعظم معاني الإعجاب والتقدير وكان الإخوان يكثرون من الحديث عن كرامات الشيخ الحسية فلم أكن أجد لها من الوقع في نفسي بقدر ما أجده لهذه الناحية العملية، وكنت أعتقد أن أعظم كرامة أكرمه الله بها هي هذا التوفيق لنشر دعوة الإسلام على هذه القواعد السليمة وهذه الناحية العملية على محارم الله تبارك وتعالى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وكل ذلك ولم تتجاوز سني الثانية عشرة. وزادني تعلقا بالشيخ الجليل رحمه الله - أنني رأيت في هذه الأثناء، وعلى أثر تكراري للقراءة في المنهل، فيما يرى النائم: أنني ذهبت إلى مقبرة البلد فرأيت قبرا ضخما يهتز ويتحرك، ثم زاد اهتزازه واضطرابه حتى انشق فخرجت منه نار عالية امتدت إلى عنان السماء وتشكلت فصارت رجلاً هائل الطول والمنظر واجتمع الناس عليه من كل مكان فصاح فيهم بصوت واضح مسموع وقال لهم: أيها الناس: إن الله قد أباح لكم ما حرم عليكم، فافعلوا ما شئتم. فانبريت له من وسط هذا الجمع وصحت في وجهه” كذبت” والتفتُّ إلى الناس وقلت لهم: “ أيها الناس هذا إبليس اللعين وقد جاء يفتنكم عن دينكم ويوسوس لكم فلا تصغوا إلى قوله ولا تستمعوا إلى كلامه” فغضب وقال: “ لا بد من أن نتسابق أمام هؤلاء الناس فإن سبقتني ورجعت إليهم ولم أقبض عليك فأنت صادق”. فقبلت شرطه وعدوت أمامه بأقصى سرعتي. وأين خطوي الصغير من خطوه الجبار، وقبل أن يدركني ظهر الشيخ - رحمه الله - من طريق معترض وتلقاني في صدره واحتجزني بيساره ورفع يمناه مشيرا بها إلى هذا الشبح صائحا في وجهه: اخسأ يا لعين، فولى الأدبار واختفي، وانطلق الشيخ بعد ذلك، فعدت إلى الناس وقلت لهم: أرأيتم كيف أن هذا اللعين يضلكم عن أوامر الله. واستيقظت وكلي شوق و تقدير وترقب لحضور السيد عبد الوهاب الحصافي نجل الشيخ - رحمه الله - لأراه وأتلقى عنه الطريق ولكنه لم يحضر هذه الفترة. * ويذكرني حديث المقبرة بما كان لأخينا في الله الشيخ محمد أبو شوشة التاجر بالمحمودية علينا من فضل في التربية الروحية، إذ كان يجمعنا عشرة أو نحوها ويذهب بنا إلى المقبرة حيث نزور القبور ونجلس بمسجد الشيخ النجيلى نقرأ الوظيفة ثم يقص علينا من حكايات الصالحين وأحوالهم ما يرقق القلوب ويسيل العبرات، ثم يعرض علينا القبور المفتوحة ويذكرنا بمصرنا إليها، وظلمة القبر ووحشته ويبكى فنبكي معه، ثم نجدد التوبة في خشوع وحرارة واستحضار عجيب وندم وعزم، ثم كثيرا ما كان يربط لكل واحد منا حول معصمه سوارا من الخيط الغليظ” الدوبارة” ليكون ذكرى التوبة، ويوصينا بأن أحدنا إذا حدثته نفسه بالمعصية أو غلبه الشيطان فليمسك بهذا السوار، وليتذكر أنه تاب إلى الله وعاهده على طاعته وترك معصيته، وكنا نستفيد من هذه النصيحة كثيراً وجزاه الله عنا خيرا. وظللت معلق القلب بالشيخ - رحمه الله - حتى التحقت بمدرسة المعلمين الأولية بدمنهور وفيها مدفن الشيخ وضريحه وقواعد مسجده الذي لم يكن تم حينذاك، وتم بعد ذلك، فكنت مواظبا على الحضرة في مسجد التوبة في كل ليلة وسألت عن مقدِّم الإخوان فعرفت أنه الرجل الصالح التقي الشيخ بسيوني العبد التاجر، فرجوته أن يأذن لي بأخذ العهد عليه ففعل، ووعدني بأنه سيقدمني للسيد عبد الوهاب عند حضوره، ولم أكن إلى هذا الوقت قد بايعت أحدا في الطريق بيعة رسمية وإنما كنت محبا وفق اصطلاحهم. وحضر السيد عبد الوهاب - نفع الله به - إلى دمنهور وأخطرني الإخوان بذلك فكنت شديد الفرح بهذا النبأ، وذهبت إلى الوالد الشيخ بسيوني ورجوته أن يقدمني للشيخ ففعل، وكان ذلك عقب صلاة العصر من يوم 4 رمضان سنة 1341 الهجرية وإذا لم تخني الذاكرة، فقد كان يوافق يوم الأحد حيث تلقيت الحصافية الشاذلية عنه وأدبني بأدوارها ووظائفها. وجزى الله عنا السيد عبد الوهاب خير الجزاء، فقد أفادتني صحبته أعظم الفائدة وما علمت عليه في دينه وطريقه إلا خيرا، وقد امتاز في شخصيته وإرشاده ومسلكه بكثير من الخصال الطيبة: من العفة الكاملة عما في أيدي الناس، ومن الجد في الأمور والتحرر من صرف الأوقات في غير العلم أو التعلم أو الذكر أو الطاعة أو التعبد سواء أكان وحده أم مع إخوانه ومريديه، ومن حسن التوجيه لهؤلاء الإخوان وصرفهم عمليا إلى الأخوة والفقه وطاعة الله. وأذكر من أساليبه الحكيمة في التربية أنه لم يكن يسمح للإخوان المتعلمين أن يكثروا الجدل في الخلافيات أو المشتبهات من الأمور، أو يرددوا كلام الملاحدة أو الزنادقة أو المبشرين مثلا أمام العامة من الإخوان ويقول لهم اجعلوا هذا في مجالسكم الخاصة تتدارسونه فيما بينكم. أما هؤلاء فتحدثوا أمامهم بالمعاني المؤثرة العملية التي توجههم إلى طاعة الله، فقد تعلق بنفس أحدهم الشبهة ولا يفهم الرد فيتشوش اعتقاده بلا سبب، وتكونون أنتم السبب في ذلك. وأذكر أن من كلماته التي لا أزال أحفظها والتي وجهها إلى وإلى الأخ الأستاذ أحمد السكري في بعض هذه الجلسات ما معناه: إنني أتوسم أن الله سيجمع عليكم القلوب ويضم إليكم كثيرا من الناس، فاعلموا أن الله سيسألكم عن أوقات هؤلاء الذين سيجتمعون عليكم أفدتموهم فيها، فيكون لهم الثواب ولكم مثلهم، أم انصرفت هباء، فيؤاخذون وتؤاخذون؟.. وهكذا كانت توجيهاته كلها إلى الخير وما علمنا عليه إلا خيرا (وما شهدنا إلا بما علمنا وما كنا للغيب حافظين) وفي هذه الأثناء بدا لنا أن نؤسس في المحمودية جمعية إصلاحية هي” جمعية الحصافية الخيرية” واختير أحمد أفندي السكري التاجر بالمحمودية رئيسا لها وانتخبت سكرتيرا لها، وزاولت الجمعية عملها في ميدانين مهمين: الميدان الأول: نشر الدعوة إلى الأخلاق الفاضلة، ومقاومة المنكرات والمحرمات الفاشية كالخمر والقمار وبدع المآتم. والميدان الثاني: مقاومة الإرسالية الإنجيلية التبشيرية التي هبطت إلى البلد واستقرت فيها، وكان قوامها ثلاث فتيات رأسهن مسز” ويت”، وأخذت تبشر بالمسيحية في ظل التطبيب وتعليم التطريز وإيواء الصبية من بنين وبنات، وقد كافحت الجمعية في سبيل رسالتها مكافحة مشكورة وخلفتها في هذا الكفاح جمعية” الإخوان المسلمين” بعد ذلك. واستمرت صلتنا على أحسن حال بشيخنا السيد عبد الوهاب حتى أنشئت جمعيات الإخوان المسلمين وانتشرت، وكان له فيها رأي ولنا فيها رأي، وانحاز كل إلى رأيه، ولا زلنا نحفظ للسيد - جزاه الله عنا خيرا - أجل ما يحفظ مريد محب مخلص لشيخ عالم عامل تقي، نصح فأخلص النصيحة وأرشد فأحسن الإرشاد. |
رد: رجل الفكر والايمان ( حسن البنا )
رأي حسن البنا في التصوف:
ولعل من المفيد أن أسجل في هذه المذكرات بعض خواطر - حول التصوف والطرق في تاريخ الدعوة الإسلامية - تتناول نشأة التصوف وأثره وما صار إليه وكيف تكون هذه الطرق نافعة للمجتمع الإسلامي. وسوف لا أحاول الاستقصاء العلمي أو التعمق في المعاني الاصطلاحية فإنما س مذكرات تكتب عفو الخاطر فتسجل ما يتوارد في الذهن وما تتحرك به المشاعر، فإن تكن صوابا فمن الله ولله الحمد، وإن تكن غير ذلك فالخير أردت ولله الأمر من قبل ومن بعد. حين اتسع عمران الدولة الإسلامية في صدر القرن الأول، وكثرت فتوحاتها وأقبلت الدنيا على المسلمين من كل مكان، وحببت إليهم ثمرات كل شيء، وكان خلفيتهم بعد ذك يقول للسحابة في كبد السماء: شرقي أو غربي فحيثما وقع قطرك جاءني خراجه. وكان طبيعيا أن يقبلوا على هذه الدنيا يتمتعون بنعيمها ويتذوقون حلاوتها وخيراتها في اقتصاد أحيانا وفي إسراف أحيانا أخرى، وكان طبيعيا أمام هذا التحول الاجتماعي، من تقشف عصر النبوة الزاهر إلى لين الحياة ونضارتها فيما بعد ذلك، أن يقوم من الصالحين الأتقياء العلماء الفضلاء دعاة مؤثرون يزهدون الناس في متاع هذه الحياة الزائل، ويذكرونهم بما قد يسره من متاع الآخرة الباقي: “وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون” ومن أول هؤلاء الذين عرفت عنهم هذه الدعوة - الإمام الواعظ الجليل - الحسن البصري، وتبعه على ذلك كثير من أضرابه الدعاة الصالحين، فكانت طائفة في الناس معروفة بهذه الدعوة إلى ذكر الله واليوم الآخر. والزهادة في الدنيا، وتربية النفوس على طاعة الله وتقواه. وطرأ على هذه الحقائق ما طرأ على غيرها من حقائق المعارف الإسلامية فأخذت صورة العلم الذي ينظم سلوك الإنسان ويرسم له طريقا من الحياة خاصا: مراحله الذكر والعبادة ومعرفة الله، ونهايته الوصول إلى الجنة ومرضاة الله. وهذا القسم من علوم التصوف، واسمه” علوم التربية والسلوك”، لا شك أنه من لب الإسلام وصميمه، ولا شك أن الصوفية قد بلغوا به مرتبة من علاج النفوس ودوائها، والطب لها والرقي بها، لم يبلغ إليها غيرهم من المربين، ولا شك أنهم حملوا الناس بهذا الأسلوب على خطة عملية من حيث أداء فرائض الله واجتناب نواهيه، وصدق التوجه إليه، وإن كان ذلك لم يخل من المبالغة في كثير من الأحيان تأثراً بروح العصور التي عاشت فيها هذه الدعوات: كالمبالغة في الصمت والجوع والسهر والعزلة.. ولذلك كله أصل في الدين يرد إليه، فالصمت أصله الإعراض عن اللغو، والجوع أصله التطوع بالصوم، والسهر أصله قيام الليل، والعزلة أصلها كف الأذى عن النفس ووجوب العناية بها.. ولو وقف التطبيق العملي عند هذه الحدود التي رسمها الشارع لكان في ذلك كل الخير. ولكن فكرة الدعوة الصوفية لم تقف عند حد السلوك والتربية، ولو وقفت عند هذا الحد لكان خيرا لها وللناس، ولكنها جاوزت ذلك بعد العصور الأولى إلى تحليل الأذواق والمواجد، ومزج ذلك بعلوم الفلسفة والمنطق ومواريث الأمم الماضية وأفكارها، فخلطت بذلك الدين بما ليس منه، وفتحت الثغرات الواسعة لكل زنديق أو ملحد أو فاسد الرأي والعقيدة ليدخل من هذا الباب باسم التصوف والدعوة إلى الزهد والتقشف، والرغبة في الحصول على هذه النتائج الروحية الباهرة وأصبح كل ما يكتب أو يقال في هذه الناحية يجب أن يكون محل نظر دقيق من الناظرين في دين الله والحريصين على صفائه ونقائه. وجاء بعد ذلك دور التشكل العملي للفكرة فنشأت فرق الصوفية وطوائفهم، كل على حسب أسلوبه في التربية. وتدخلت السياسة بعد ذلك لتتخذ من هذه التشكيلات تكأة عند اللزوم، ونظمت الطوائف أحيانا على هيئة النظم العسكرية، وأخرى على هيئة الجمعيات الخاصة.. حتى انتهت إلى ما انتهت إليه من هذه الصورة الأثرية التي جمعت بقية ألوان هذا التاريخ الطويل، والتي ممثلها الآن في مصر مشيخة الطرق الصوفية ورجالها وأتباعها. ولا شك أن التصوف والطرق كانت من اكبر العوامل في نشر الإسلام في كثير من البلدان وإيصاله إلى جهات نائية ما كان ليصل إليها إلا على يد هؤلاء الدعاة، كما حدث ويحدث في” بلدان أفريقيا وصحاريها ووسطها، وفي كثير من جهات آسيا كذلك. ولا شك أن الأخذ بقواعد التصوف في ناحية التربية والسلوك له الأثر القوي في النفوس والقلوب، ولكلام الصوفية في هذا الباب صولة ليست لكلام غيرهم من الناس.. ولكن هذا الخلط أفسد كثيرا من هذه الفوائد وقضى عليها. ومن واجب المصلحين أن يطيلوا التفكير في إصلاح هذه الطوائف من الناس، وإصلاحهم سهل ميسور، وعندهم الاستعداد الكامل له، ولعلهم أقرب الناس إليه لو وجهوا نحوه توجيها صحيحا، وذلك لا يستلزم اكثر من أن يتفرغ نفر من العلماء الصالحين العاملين، والوعاظ الصادقين المخلصين لدراسة هذه المجتمعات، والإفادة من هذه الثروة العلمية، وتخليصها مما علق بها، وقيادة هذه الجماهير بعد ذلك قيادة صالحة. وأذكر أن السيد توفيق البكري رحمه الله فكر في ذلك، وقد عمل دراسات علمية عملية لشيوخ الطرق وألف لهم فعلا كتابا في هذا الباب، ولكن المشروع لم يتم ولم يهتم به من بعده الشيوخ، وأذكر من ذلك أن الشيخ عبد الله عفيفي رحمه الله كان معنيا بهذه الناحية وكان ييل الحديث فيها مع شيوخ الأزهر وعلماء الدين، ولكنه كان مجرد تفكير نظري لا أثر للتوجه إلى العمل فيه، ولو أراد الله والتقت قوة الأزهر العلمية بقوة الطرق الروحية بقوة الجماعات الإسلامية العملية، لكانت أمة لا نظير لها: توجه ولا تتوجه، وتقود ولا تنقاد، وتؤثر في غيرها ولا يؤثر شيء فيها، وترشد هذا المجتمع الضال إلى سواء السبيل. |
رد: رجل الفكر والايمان ( حسن البنا )
رائع اخي الحبيب
احسنت |
رد: رجل الفكر والايمان ( حسن البنا )
حسن البنا أيام دمنهور: كانت أيام دمنهور ومدرسة المعلمين أيام الاستشراق في عاطفة التصوف والعبادة، ويقولون إن حياة الإنسان تنقسم إلى فترات، منها هذه الفترة التي صادفت السنوات التي أعقبت الثورة المصرية مباشرة من سنة 1920 إلى سنة 1923 م. وكانت سني إذ ذاك من الرابعة عشرة إلا أشهرا إلى السابعة عشرة إلا أشهرا كذلك، فكانت فترة استغراق في التعبد والتصوف، ولم تخل من مشاركة فعلية في الواجبات الوطنية التي ألقيت على كواهل الطلاب. نزلت دمنهور مشبعا بالفكرة الحصافية. ودمنهور مقر ضريح الشيخ السيد حسنين الحصافي شيخ الطريقة الأول، وفيها نخبة صالحة من الأتباع الكبار للشيخ. فكان طبيعيا أن أندمج في هذا الوسط، وأن أستغرق في هذا الاتجاه. وضاعف في هذا الاستغراق أن أستاذنا الحاج حلمي سليمان - والذي لا يزال إلى الآن مدرسا بدمنهور - كان مثالا من أمثلة التعبد والصلاح والتقوى والتأدب بأدب الطريق، وكانت بيني وبينه رابطة روحية خاصة لهذا السبب، وأن زميله وصديقه الأستاذ الشيخ حسن خزبك رحمه الله - وكان مدرسا بدمنهور أيضا - كان يعقد كثيرا من الاجتماعات العلمية والوعظية في بيته، وكان يدرس” الإحياء” قبل صلاة الفجر من رمضان في مسجد الجشي، و كان الحاج حلمي يصحبني معه إلى تلك الاجتماعات، فأجد نفسي وأنا الطالب الصغير مع رجال كبار فيهم الأساتذة الذين يدرسون لي في المدرسة، وغيرهم من العلماء والفضلاء، وكلهم يشجعونني ويشجعون أمثالي من الشباب على السمير في هذه الطريق، طريق طاعة الله، فكانت هذه كبها عوامل للتشجيع والثبات على هذه الخطة التعبدية الصوفية. ولست أنسى مناقشاتي الطويلة مع أستاذنا الشيخ عبد الفتاح أبو علام، أستاذ الشريعة والتفسير والحديث في المدرسة، حول ما يثار من اعتراضات على الطرق والأولياء والصوفية، وكان الرجل يبتسم في النهاية، ويشجعني على طاعة الله ويوصيني بالدراسة العميقة، وإطالة النظر في أسرار التشريع الإسلامي وتاريخه، وتاريخ المذاهب والفرق والطوائف لينكشف لي وجه الحق: والحقيقة بنت البحث. ومع اختلافنا في الرأي في كثير من الأحيان فقد كنت أشعر بعاطفة الأستاذ تغمرني، ورغبته الصادقة في حسن توجيهي، فكنت أحبه وأقدره، ولا يتجاوز النقد حد الإدلاء بالحجة، والرغبة في تعرف الحق. |
رد: رجل الفكر والايمان ( حسن البنا )
حسن البنا
وليالي الجيشي: ولست أنسى في دمنهور ليالي مسجد الجيشي، أو مصلى الخطاطبة عند كوبري إفلاقة، فلقد تطور حضور درس الأستاذ الشيخ حسن خزبك قبل فجر رمضان إلى اعتكاف ليال بطولها مع لفيف من الإخوان الحصافية الصالحين في هذا المسجد: نصلى العشاء ثم نتناول قليلا من الطعام بحضرة الشيخ محمد عامر أو الأستاذ حسين فوزي أفندي المقيم بالقاهرة الآن، ثم نذكر الله بعض الوقت، وننام قليلا، ونقوم نحو منتصف الليل للتهجد إلى الفجر، ثم قراءة الوظيفة والأوراد، والانصراف بعد ذلك إلى المدرسة، إلى الوعظ للطلاب وإلى العمل لغيرهم. وكثيرا ما كنا نستيقظ ونحن في بيوتنا قبل الفجر بوقت طويل، لم تكن المساجد قد فتحت أبوابها فيه، فنمض إلى مصلى على شاطئ ترعة الخطابة عند كوبري إفلاقة، حيث نصلى إلى قبل الفجر ونسرع إلى المسجد لندرك الجماعة. |
رد: رجل الفكر والايمان ( حسن البنا )
حسن البنا
و الزيارات والصلات: وكنا في كثير من أيام الجمع التي يتصادف أن نقضيها في دمنهور، نقترح رحلة لزيارة أحد الأولياء الأقربين من دمنهور، فكنا أحيانا نزور دسوق فنمشي على أقدامنا بعد صلاة الصبح مباشرة، حيث نصل حوالي الساعة الثامنة صباحاً، فنقطع المسافة ني ثلاث ساعات وهي نحو ع!ثرين كيلو مترا، ونزور ونصل الجمعة، ونسترح بعد الغداء، ونصل العصر ونعود أدراجنا إلى دمنهور حيث نصلها بعد المغرب تقريباً. وكنا أحيانا نزور عزبة النوام حيث دفن في مقبرتها الشيح سيد سنجر من خواص رجال الطريقة الحصافية والمعروفين بصلاحهم وتقواهم، ونقض هناك يوماً كاملاً ثم نعود. حسن البنا و أيام الصمت والعزلة: وكانت لنا أيام ننذر فيها الصمت والبعد عن الناس، فلا يتكلم أحدنا إلا بذكر أو قرآن. وكان الطلبة على عادتهم ينتهزونها فرصة للمعاكسة فيتقدمون إلى الناظر أو الأساتذة مبلغين أن فلانا الطالب قد أصيب في لسانه، ويأتي الأستاذ ليستوضح الأمر، فكنا نجيبه بآية من القرآن فينصرف. وأذكر بالخير أستاذنا الشيخ فرحات سليم رحمه الله، الذي كان يحترم هذه الحالة فينا و”يزجر الطلاب، ويوصى بقية الأساتذة ألا يحرجوننا بالأسئلة في فترة صمتنا، وكانوا يعلمون حقا أن ذلك ليس هرباً من إجابة أو تخلصاً من امتحان، إذ كنا متقدمين دائما في الدروس مجيدين لها إجادة تامة. وما كنا نعرف الحكم الشرعي في هذا ولكننا كنا نفعل، هذا الصمت تأديبا للنفس وفرارا من اللغو وتقوية للإرادة حتى يتحكم الإنسان في نفسه ولا تتحكم فيه. ولقد كانت هذه الحالة تتطور في بعض الأحيان حتى تصل إلى نفور من الناس يدعو إلى العزلة وقطع للعلائق. حتى أنني أذكر أن خطابات بعض الأصدقاء كانت تأتيني إلى المدرسة فلا أحاول أن أقرأها أو أفتحها، ولكن أتركها كما هي حتى لا يكون فيها تعلق بشيء جديد، والصوفي متخفف يجب عليه أن يقطع علائقه بكل ما سوى الله، وأن يجاهد في هذه السبيل ما أمكنه من ذلك. حسن البنا و الشعائر في المدرسة: ومع هذه الحال التي كانت تطرأ في كثير من الأحيان فقد كانت النزعة إلى الدعوة تتغلب في كثير من الأحيان، فكنت أؤذن الظهر والعصر في مصلى المدرسة، وكنت أستأذن المدرس، إذ كان وقت العصر يصادف حصة من الحصص، لأداء الأذان، وكنت أعجب لماذا لا تكون نظم الحصص خاضعة للمواقيت ونحن في مدارس إسلامية. وكان بعض الأساتذة يسمح وهو مسرور، وبعضهم يريد المحافظة على النظام فأقول له: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. وأناقشه مناقشة حادة لا يرى معها بداً من السماح حتى يتخلص منها ومني. ولم أكن أذهب إلى المنزل في فترة الظهر، بل كان مقري فيها المصلى وفناء المدرسة لدعوة الزملاء إلى الصلاة حتى إذا أذنت الفريضة جلست مع الأخ العزيز الأستاذ محمد شريف - المدرس بوزارة المعارف الآن - نقرأ القران معا هو يقرأ وأنا أستمع، أو أنا أقرأ وهو يستمع حتى يجيء موعد الدخول. حسن البنا و مشكلة حول الزي: وأذكر أفي في يوم من الأيام، وقد دخلت حجرة ناظر مدرسة المعلمين لأسلم ورقة الغياب، إذ كنت المنوط بذلك في الفصل، رأيت عنده مدير التعليم، وهو الأستاذ السيد راغب - الذي كان في أوائل هذأ العام مراقبا مساعدا بوزارة المعارف - فلفت زيي نظر مدير التعليم، إذ كنت ألبس عمامة ذات عذبة، ونعلا كنعل الإحرام في الحج ورداءً أبيض فوق الجلباب. فسألني لماذا ألبس هذا الزي؟ فقلت: لأنه السنة فقال: وهل عملت كل السنن ولم يبق إلا سنة الزي؟ فقلت لا ونحن مقصرون كل التقصير، ولكن ما نستطيع أن نفعله نفعله. قال: وبهذا الشكل خرجت عن النظام المدرسي. فقلت له ولم يا سيدي؟ إن النظام المدرس مواظبة وأنا بر أغب عن الدروس أبدا، وسلوك وأخلاق، وأساتذتي راضون عني والحمد لله، وعلم ودراسة، وأنا أو ل فرقتي. ففيم الخروج عن النظام المدرسي إذن؟ فقال: ولكنك إذا تخرجت وأصررت على هذا الزي فسوف لا يسمح مجلس المديرية بتعيينك مدرساً، حتى لا يستغرب التلاميذ هذا المظهر. فقلت: على كل حال هذا لم يجيء وقته بعد، وحين يجيء وقته يكون للمجلس الحرية ويكون لي الحرية كذلك، والأرزاق بيد الله ليست بيد المجلس ولا الوزارة. فسكت المدير وتدخل الناظر في الأمر، فقدمني إلى المدير بكلمة طيبة وصرفني فانصرفت وانتهت المشكلة بسلام. حسن البنا و الحركة الوطنية: كانت الثورة المصرية سنة 1919 م. وكنت إذ ذاك تلميذا بالإعدادية بالمحمودية في سن الثالثة عشرة. ولا زالت تتراءى أمام عيني مناظر المظاهرات،الجامعة والإضراب الشامل الذي كان ينتظم البلد كله من أوله إلى آخره، ومنظر أعيان البلد ووجهائه وهم تقدمون المظاهرات ويحملون أعلامها ويتنافسون في ذلك. ولا زلت أحفظ تلك الأناشيد العذبة التي كان يرددها المتظاهرون في قوة وحماس: حب الأوطان من الإيمان وروح الله تنادينـــا إن لم يجمعنا الاستقلال ففي الفردوس تلاقينـا ولا زلت أذكر منظر بعض الجنود الإنجليز، وقد هبطوا القرية، وعسكروا في كثير من نواحيها، واحتك بعضهم ببعض الأهالي، فأخذ يعدو خلفه بحزامه الجلدي.. حتى انفرد الوطني بالإنجليزي فأوسعه ضرباً ورده على أعقابه خاسئا وهو حسير. ولا زلت أذكر الحرس الأهلي الذي أقامه أهل القرية من أنفسهم وأخذوا يتناوبون الحراسة ليالي متعددة حتى لا يقتحم الجنود البريطانيون المنازل ويهتكوا حرمات الناس. وكان حظنا من هذا كله كطلاب أن نضرب في بعض الأحيان، وأن نشترك في هذه المظاهرات، وأن نصغي إلى أحاديث الناس حول قضية الوطن وظروفها وتطوراتها. |
رد: رجل الفكر والايمان ( حسن البنا )
حسن البنا
و ذكريات وشعر: ولا زلت أذكر يوم دخل علينا أستاذنا الشيخ محمد خلف نوح - المدرس بالمعارف بالإسكندرية الآن - والدموع تترقرق في عينيه فسألناه الخبر فقال: مات اليوم “فريد بك”. وأخذ يحدثنا عن سيرته، وكفاحه وجهاده في سبيل الوطن حتى أبكانا جميعاً، وأوحت إلي هذه الذكرى ببضعة أبيات لا زلت أحفظ مطلعها وشطرا آخر: أفريد نم بالأمن والايمان أفريد لا تجزع عل الأوطان أفريد تفديك البلاد بأسرها ............... ولا زلت أذكر أحاديث الناس حول لجنة ملنر وإجماع الأمة على مقاطعتها، وكيف كان هذا الشعور فياضاً غامراً حتى إنه يدفع بتلميذ في الثالثة عشرة إلى أن يقول في قصيدة طويلة لا أذكر منها إلا هذين البيتين: يا ملنر ارجع ثم سل وفدا بباريس أقام وارجع لقومك قل لهم لا تخدعوهم يا لئام ولقد جمعت من هذه البواكير الوطنية الفجة ديواناً كبيراً. كان نصيبه الحرق الكامل بعد ذلك في فترة التصوف التي لازمت عهد مدرسة المعلمين. كما كان الإهمال حظ مؤلفات في الفقه على المذاهب الأربعة، والأدب على نمط قصة تودد الجارية، كتبتها مع الأخ الأستاذ محمد على بدء في “صندرة” الجامع الصغير، ثم أضاعها عهد العمل الذي كنت أرى فيه أن الاشتغال بالعلم الكثير معطل عن العمل النافع والتفرغ لعبادة الله، وحسب الإنسان لدينه أن يتعرف ما يصحح به أحكامه، وحسب الإنسان لدنياه أن يتعرف ما يحصل به على رزقه، ثم عليه بعد ذلك أن ينصرف بكليته وجهده ووقته إلى العبادة والذكر والعمل. حسن البنا و إضرابات ومظاهرات: وبعد الانتقال إلى مدرسة المعلمين كانت حركة الثورة قد هدأت قليلاً ولكن بقيت الذكريات تتجدد فتجددت معها الإضرابات والمظاهرات والاشتباك مع البوليس. وكذلك كان شأننا في دمنهور، وكانت التبعات تقع أول ما تقع على الظاهرين من الطلاب والمتقدمين منهم كنت رغم اشتغالي بالتصوف والتعبد أعتقد أن الخدمة. الوطنية جهاد مفروض لا مناص منه. فكنت بحسب هذه العقيدة وبحسب وضعي بين الطلاب إذ كنت متقدما فيهم - ملزما بأن أقوم بدور بارز في هذه لحركات وكذلك كان. ولست أنسى أستاذنا الشيخ الدسوقي موسى ناظر المدرسة، الذي كان يخشى هذه التبعات كثيرا، وتد أخذ بيدنا إلى مدير البحيرة حينذاك - محمود باشا عبد الرازق - وألقى مسئولية إضراب الغير علينا وقال: إن هؤلاء هم الذين يستطيعون أن يقنعوا الطلاب بالعدول. عن إضرابهم. وعبثا حاول محمود باشا أن يقنعنا بالوعد أو بالوعيد أو بالنصح، ثم صرفنا على أن نتدبر الأمر. فكان تدبيرنا أن أوعزنا إلى الطلاب جميعا بالتفرق في الحقول المجاورة طول اليوم - وكان يوم 18 ديسمبر ذكرى الحماية البريطانية - وذهبنا نحن إلى المدرسة، وسلمنا أنفسنا لإدارتها، وانتظرت.. وانتظرنا من يجيء ولا من مجيب، فانصرفنا بعد فترة، وتم الإضراب وانتهي اليوم بسلام. ولست أنسى يوم أضرب الطلاب في يوم من الأيام الثائرة، واجتمعت اللجنة في سكننا في منزل الحاجة خضرة شعيرة بدمنهور، وداهم البوليس المجتمعين واقتحم البيت يسأل عنهم، فكان جوابها: أنهم خرجوا منذ الصباح الباكر ولم يعودوا وأنها مشغولة كما رآها” بتنقية البقلة” ولكن هذا الجواب غير الصادق لم يرقني فخرجت إلى الضابط السائل وصارحته بالأمر - وكان موقف الحاجة خضرة حرجاً للغاية - وناقشته بحماس وقلت له: إن واجبه الوطني يفرض عليه أن يكون معنا، لا أن يعطل عملنا، ويقبض علينا، ولا أدري كيف كانت النتيجة أنه استجاب لهذا القول فعلاً، فخرج وصرف عساكره وانصرف معهم بط أن طمأننا، ورجعت إلى الزملاء المختبئين وأنا أقول لهم هذه بركة الصدق، ولا بد أن نكون صادقين ونتحمل تبعة عملنا، ولا لزوم للكذب أبدا مهما كانت الأحوال. |
رد: رجل الفكر والايمان ( حسن البنا )
رحمه الله وأسكنه فسيح جناته مجهود رائع بارك الله فيك أخي الكريم |
رد: رجل الفكر والايمان ( حسن البنا )
|
رد: رجل الفكر والايمان ( حسن البنا )
حسن البنا بين المحمودية ودمنهور: كنت أمضي الأسبوع المدرسي في دمنهور، وأعود ظهر الخميس إلى المحمودية حيث أمضى ليلة الجمعة وليلة السبت، ثم أعود صباح السبت إلى المدرسة فأدرك الدرس الأول، في موعده. وكانت لي في المحمودة مآرب كثيرة تقضى في هذه الفترة، يخر زيارة الأهل وقضاء الوقت معهم، فقد كانت الصداقة بيني وبين الأخ أحمد أفندي السكري قد توثقت أواصرها إلى درجة أن أحدنا ما كان يصبر أن يغيب عن الآخر هذه الفترة أسبوعا كاملاً دون لقاء.يضاف إلى ذلك أن ليلة الجمعة في منزل الشيخ شلبي الرجال بعد الحضرة يتدارس فيها كتب التصوف من” الإحياء” وسماع أحوال الأولياء والياقوت والجواهر وغيرها، ونذكر الله إلى الصباح كانت من أقدس مناهج حياتنا، وكنت قد تقدمت في صناعة الساعات وفي صناعة التجليد أيضا، أقضي فترة النهار في الدكان صانعاً وفترة الليل مع الإخوان الحصافية ذاكراً، ولهذه المآرب جميعاً لم اكن أستطيع أن أتخلف عن الحضور يوم الخميس إلا لضرورة قاهرة، وكنت أنزل من قطار الدلتا إلى الدكان مباشرة، فأزاول عملي في الساعات إلى قبيل المغرب حيث أذهب إلى المنزل لأفطر إذ كان من عاداتنا صوم الخميس والاثنين، ثم إلى المسجد الصغير بعد ذلك للدرس والحضرة ثم إلى منزل الشيخ شلبي الرجال أو منزل أحمد أفندي السكري للمدارسة والذكر، ثم إلى المسجد لصلاة الفجر، وبعد ذلك استراحة يعقبها الذهاب إلى الدكان وصلاة الجمعة والغذاء، والدكان إلى المغرب فالمسجد فالمنزل وفي الصباح إلى المدرسة. وهكذا دواليك في ترتيب لا أذكر أ نه تخلف أسبوعاً إلا لضرورة طارئة. حسن البنا في الإجازة الصيفية: وكانت الإجازة الصيفية ظرفا مناسبا لتطبيق هذا المنهاج يوميا، ويدخل عليه عمل جديد هو المذاكرة كل صباح من طلوع الشمس تقريباً إلى الضحوة الكبرى مع أستاذنا الشيخ محمد خلف نوح في منزله، حيث بدأنا بألفية ابن مالك نحفظها ونقرأ عليها شرح ابن عقيل، ونتدارس فيها كتبا أخرى في الفقه والأصول والحديث مما كان له أكبر الأثر في تهيئة دخولي لدار العلوم، مع أنني لم أكن أفكر في دخولها حينذاك وإنما كنا نقول نطلب العلم لمجرد العلم. حسن البنا نداء الصباح: وكان من أعمالنا بالمحمودية خلال الإجازة الصيفية أو في صباح الجمعة أن نتقاسم أحياء القرية وكنا ثلاثة أو نزيد في بعض الأحيان ة الأخ محمد أفندي الدمياطي والأخ عبد المتعال سنكل لنوقظ الناس لصلاة الصبح قبل الفجر بقليل وبخاصة الإخوان، منهم، وكنت أجد سعادة كبرى وارتياحاً غريباً حين أوقظ المؤذنين لأذان الصبح، ثم أتف بعد ذلك لي هذه اللحظة السحرية الشاعرة على نبر النيل وأصغي إلى الأذان ينطلق من حناجرهم في وقت وأحد إذ كانت المساجد على مسافات متقاربة في القرية، ويخطر ببالي أنني سأكون سببا ليقظة هذا العدد من المصلين، وأن لي مثل ثوابهم مصادقة لقول الرسول ص: “ من دعا إلى هدىً فله أجره، وأجر من عمل به إلى يوم القيامة، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً” وكان يضاعف هذه السعادة أن أذهب بعد ذلك إلى المسجد فأرى نفسي أصغر الجالسين فيه، في هذا الوقت سناً، فأحمد الله وأسأله أن يديم التوفيق.. حسن البنا التهيؤ لدخول دار العلوم: كانت أيام مدرسة المعلمين في سنواتها الثلاث أيام استغراق في التصوف والتعبد، ولكنها مع ذلك لم تخل من إقبال على الدروس وتحصيل العلم خارج حدود المناهج المدرسية. ومرد ذلك إلى أمرين فيما أظن أولهما: مكتبة الوالد.وتشجيعه إياي على القراءة والدرس وإهدائه إياي كتباً لا أزال أحتفظ ببعضها ومن أعمقها أثراً في نفسي: “ الأنوار المحمدية للنبهاني” و “مختصر المواهب اللدنية للقسطلاني” و “نور اليقين في سيرة سيد المرسلين للشيخ الخضري” وقد كونت لي - بناء على هذا التوجيه، وما تولد منه من شغف بالمطالعة وإقبال عليها - مكتبة خاصة فيها مجلات قديمة وكتب متنوعة. وكنت وأنا في المحمودية في المدرسة الإعدادية أترقب الشيخ حسن الكتبي يوم السوق بفارغ الصبر لأستأجر كتبا بالأسبوع لقاء مليمات زهيدة ثم أردها إليه لآخذ غيرها وهكذا. وكان من أشد هذه الكتب في هذا الدور وأعمقها أثرا” في نفس قصة الأميرة ذات الهمة. وإذ ذكرت ما كنا نطالع من قصص كلها حماسة وشجاعة وذود عن الوطن، واستمساك بالدين وجهاد في سبيل الله وكفاح لنيل العلا والمجد، ثم ذكرت ما يطالع شباب اليوم وناشئوه من روايات كلها ميوعة وخنوثة وضعف ولين، وأدركت مدى التطور الغريب بين ثقافة الأمس العامة وثقافة اليوم العامة كذلك، وأعتقد أننا في أشد الحاجة إلى غربلة هذا الغذاء الثقافي الذي يقدم إلى الجمل الجديد، في صورة كتب أو روايات أو صحف أو مجلات. وكان العامل الثاني: أن مدرسة المعلمين حينذاك قد جمعت نخبة من فضلاء الأساتذة - مثل أستاذنا عبد العزيز عطية ناظر مدرسة المعلمين بالإسكندرية الآن ورئيس الإخوان بها، وأستاذنا الشيخ فرحات سليم رحمه الله، وأستاذنا الشيخ عبد الفتاح أبو علام، وأستاذنا الحاج على سليمان، وأستاذنا الشيخ البسيوني جزاهم الله خيرا - امتازوا بالصلاح والخير وتشجيع طلابهم على البحث والدرس وكانت لي بحضراتهم صلة روحية كنت أجد فيها الكثير من التشجيع. ولا زلت أذكر أن الأستاذ عبد العزيز عطية، وقد كان يدرس لنا التربية العملية، وقد أجرى لنا اختبارا شهرياً فأعجبته إجابتي فكتب على الورقة أحسنت جداً ولو كان هناك زيادة على النهاية لأعطيتك. وحجز الورقة بيده عند توزيع الأوراق، ثم طلبني وسلمها إلى و زودني بكثير بن عبارات النصح والتشجيع والحث على القراءة والدر!ن والمطالعة، واختصني بتصحيح بعض” بروفات كتابة”المعلم” ني التربية الذي كان يطبع إذ ذاك بمطبعة المستقبل بدمنهور. كان لهذه العوامل أثرها في نفس فحفظت وأنا في هذه المرحلة من التعليم خارج المناهج المدرسية كثيراً من المتون في العلوم المختلفة فحفظت ملحة الإعراب للحريري ثم الألفية لابن مالك والياقوتية في المصطلح والجوهرة في التوحيد والرجبية في الميراث وبعض متن السلم في المنطق وكثيرا من متن القدوري في فقه إلى حنيفة ومن متن الغاية والتقريب لأبي شجاع في فقه الشافعية، وبعض منظومة ابن عامر في مذهب المالكية. ولست أنسى أبدا توجيه الوالد لي بالعبارة المأثورة” من حفظ المتون حاز الفنون” و لقد كان أثرها في نفسي عميقا إلى درجة أفي حاولت حفظ متن الشاطبية في القراءات مع جهلي التام بمصطلحاتها، وحفظت مقدماتها فعلا ولا زلت أحفظ -بعضها إلى الآن. ومن الطرائف أن بعض المفتشين زارنا في حصة من حصص اللغة العربية بالسنة الثالثة الإعدادية ولم أكن أحفظ حينذاك إلا ملحة الإعراب للحريري فسأل عن علامة الاسم وعلامة الفعل في القواعد، ثم سأل عن علامة الحرف فانتدبني الأستاذ للإجابة - وهو الأستاذ الشيخ محمد على النجار حينذاك - فكان ا الجواب بيتا من الملحة وهو قول الحريري: والحرف ما ليست له علامة فقس عل قولي تكن علامة فابتسم الرجل وقال حاضر يا سيدي سأقيس على قولك لأكون علامة، وشكر الأستاذ وانصرف. هذه الثروة العلمية وجهت نظر بعض إخواننا الذين كانوا يعدون أنفسهم للتقدم إلى دار العلوم العليا في ذلك الوقت. من مدرس المدرسة الأولية الملحقة بالمعلمين إلى أن يعرضوا على أن نذاكر معا لنتقدم معا وفي مقدمتهم الأخ العزيز الشيخ على نوفل، حينذاك، والأستاذ على نوفل الآن. وقد رغب في أن نذاكر معاً ونتقدم معاً إلى دار العلوم العليا وكانت دار العلوم حينئذ قسمين: القسم التجهيزي، وهذا يتقدم إليه من شاء من طلاب الأزهر ومدارس المعلمين، والقسم العالي المؤقت ويتقدم إليه من شاء كذلك من هؤلاء الطلاب ويرنون غالباً قد حصلوا على الشهادة الثانوية الأزهرية، وكان القسم العالي هذا لم يبق للتقدم إليه إلا هذا العام: عام 23 – 24 الدراسي. ثم يلغى ليحل محله القسم العالي الذي يستمد من التجهيزي، وقد أراد بعض إخواننا من طلاب المعلمين أن يتقدم إلى هذا القسم التجهيزي وكثر الإقبال على القسم العالي المؤقت على اعتبار أنها الفرصة الوحيدة لمن يريدون اللحاق به. أراد الأستاذ الشيخ على نوفل أن نذاكر معا، وكنت في السنة الثالثة، أي في السنة التي سأؤدي فيها امتحان شهادة الكفاءة للتعليم الأولي، وكان هو مدرساً بالملحقة للمعلمين. فاعتذرت عن المذاكرة معه ولكنه دخل علي من باب حقوق الأخوة ووجوب معاونة الإخوان والاستماع لرأيهم فلم أر بدا من الإصغاء إليه. |
رد: رجل الفكر والايمان ( حسن البنا )
رأي حسن البنا في العلم والشهادات: كان لي في هذه الأيام رأي في العلم وطلبه والشهادات والحصول عليها، كان أثراً من آثار مطالعتي للإحياء: لقد كنت محباً للعلم حباً جماً، وكنت شديد الميل إلى القراءة والاستزادة من العلم، وكنت مؤمناً بفائدة العلم للفرد وللجماعة -ووجوب نشره بين الناس حتى إني أذكر أنني عزمت على إصدار مجلة شهرية أسميتها “الشمس” وكتبت منها العددين الأول والثاني تقليداً لأستاذنا الشيخ محمد زهران الذي كان يصدر مجلة” الإسعاد” الشهرية وتشبهاً بمجلة” المنار” التي كنت كثير المطالعة فيها. ولكن طريقة الغزالي وأسلوبه في ترتيب العلوم والمعارف وطلب العلم كانت قد أثرت في نفسي تأثيرا شديداً فكنت في صراع عنيف: هذه الرغبة الملحة تدعوني إلى الاستزادة من طلب العلم، وإرشادات الإمام الغزالي، وتعريفه العلم الواجب بأنه العلم المحتاج إلهه في أداء الفرائض وكسب العيش، ثم الانصراف بعد ذلك إلى العمل، تدعوني إلى الأخذ بالضروري وترك ما سواه وعدم ضياع الوقت فيه. وجاءت فكرة التقدم إلى دار العلوم وما يتبعها من بعثة إلى الخارج للمتقدمين الأوائل في دبلومها، فاشتد هذا الصراع وقوي. وكنت أقول لنفسي دائماً: لماذا تريد أن تدخل دار العلوم؟ هل للجاه حتى يقول الناس إنك مدرس عال لا مدرس أولي – وهذا حرام لأن طلب الجاه والحرص عليه داء من أدواء النفس وشهوة من شهواتها يجب مقاومتها – أو للمال حتى يتضاعف مرتبك وتجمع الأموال وتلبس الملابس الفاخرة وتطعم المطاعم اللينة وتركب المراكب الفارهة؟ وهذا شر ما يعمل له إنسان و” تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد القطيفة، تعس وانتكس، وإذ شيك فلا انتفش” وصدق الله العظيم: “ زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث: ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن الثواب. قل أؤنبئكم بخير من ذلكم: للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها” الآيات - أو للتكاثر بالعلم والمعرفة لتنافس العلماء أو تماري الجهلاء أو تستعلي على الناس وأول من تسعر به النار يوم القيامة: من تعلم لغير الله ولم يعمل بعلمه. وأشد الناس عذابا يوم القيامة عالم لم ينفعه الله بعلمه. وقد تقول لك نفسك إنك تتعلم لتكون عالما تنفع الناس وأن الله وملائكته يصلون على معلمي الناس الخير، وإنما بعث رسول الله ص معلماً فقل لها إذا كنت صادقة في أنك تريدين العلم لإفادة الناس ابتغاء مرضاة الله فلم تريدين دخول دار العلوم والعلم في الكتب وعند الشيوخ والعلماء؟ والشهادة فتنة، وهي المطية إلى الدنيا وإلى الحياة والمال، وهما سم قاتل، محبط للأعمال، مفسد للقلوب والجوارح. فتعلمي من الكتب ولا تعلقي بالشهادات المدرسية ولا بالدبلومات الرسمية. كادت هذه الفلسفة تتغلب على نفسي، بل هي قد تغلبت فعلاً. فلم أذاكر مع الأخ الأستاذ علي نوفل تذمماً. ولكن أستاذنا الشيخ فرحات سليم رحمه الله، وكان يحبني حباً جماً ويظهر عطفه علي في كل مناسبة، وينزل من نفسي منزلة كريمة استطاع بلباقة ولطف أن يدفعني إلى المذاكرة بجد، وإلى التقدم إلى دار العلوم فعلاً. وكان من قوله: إنك الآن على أبواب شهادة الكفاءة والعلم لا يضر، وتقدمك إلى امتحان دار العلوم تجربة للامتحانات الكبيرة، وهذه فرصة لا تعوض، فتقدم لتحفظ لنفسك حقها، وأنا واثق من نجاحك إن شاء الله، ثم أمامنا بعد ذلك مجال تفكر فيه كما تشاء ولك أن ترفض أو تدخل. وهكذا استطاع بتأثيره القوى أن يدفعني دفعاً إلى التقدم بطلبي مع المتقدمين فتقدمت، وكان الامتحان قبل امتحان شهادة الكفاءة بفترة قليلة. |
رد: رجل الفكر والايمان ( حسن البنا )
حسن البنا و طريقتان: وأحب أن أسجل هنا ذكريان إحداهما عملية والأخرى نظرية، أعجبت بهما واسترعتا تفكيري فترة من الوقت. أما أولاهما فذكرى العلامة المفضال الشيخ أحمد الشرقاوي الهوريني رحمه الله، والذي لم أره إلا مرة واحدة: حين زار أبناءه وطلابه ومريديه وأحباءه بدمنهور، وتفقد شئونهم في منازلهم وبيوتهم، وقضى معنا ليلة لم يخرج فيها عن طبعه المألوف. وعرفت عن الرجل ما جعلني أكبره ولا أزال أذكره. عرفت عنه أنه أحب العلم والتعليم من كل قلبه فدفع إليه أهل بلدته، وكان يعين غير القادر على نفقات التعليم من ماله الخاص حتى يتم تعليمه، ثم بعد أن يتخرج يعمل على أن ينفق على طالب آخر من غير القادرين حتى يرد الدين - لا نقداً، ولكن علماً ومعرفة - وبهذه الطريقة لم يكن في هورين عاجز عن التعليم مهما كان أهله فقراء، ففد أغناهم جميعاً هذا التكافل العلمي، فضلاً عن تلك الرابطة الروحية التي كانت تجمع بين هؤلاء المتعلمين جميعا. وكانت متعة الرجل الوحيدة أن يتجمعوا من حوله، في الإجازة الصيفية فيرى عشرين أزهريا إلى جوار عشرين درعمياً - كما كان يسمى طلاب دار العلوم - إلى جانب خمسين من طلاب دار المعلمين الأولية.. إلى أعداد كثيرة من طلاب المعاهد على اختلاف أنواعها، يذاكرهم ويسامرهم ويورد عليهم الألغاز والاعتراضات، ويتلقى منهم الأسئلة والإجابات، ويشحذ بذلك الأذهان والهمم إلى الدرس والعلم والمعرفة، ومن هنا كان طلاب المعلمين الأولية بدمنهور الهورينيون عدداً عظيما، و قد زارهم زيادة تشجيعية قضاها في هذه النكات والمحاورات العلمية ولم أنج من أسئلته واعتراضاته وألغازه وإيراداته رحمه الله وأفسح له في جنته. والذكرى الثانية ذكرى الشيخ صاوي دراز رحمه الله، وهو شاب فلاح، كان حينذاك لم يتجاوز الخامسة والعشرين من عمره، وقد توفي بعد ذلك إلى رحمة الله، ولكنه كان نادرا في الذكاء ودقة الفهم، وتصوير الأمور، أخذنا نتحدث عن الأولياء والعلم، وتطرق بنا الحديث إلى سيدي إبراهيم الدسوقي المجاور لبلدهم، ثم إلى سيدي أحمد البدوي بطنطا فقال: أتدري ما نبأ سيدي أحمد البدوي؟ فقلت له لقد كان ولياً كريماً وتقياً صالحا وعالما فاضلا فقال: ذلك فقط؟ هذا ما نعلم، فقال: اسمع وأنا أحدثك. جاء السيد البدوي إلى مصر من مهجره من مكة وكان أهله من المغرب، ولما نزل مصر كانت محكومة بالمماليك، مع أن ولايتهم لا تصح لأنهم ليسوا أحراراً وهو سيد علوي اجتمع له النسب والعلم والولاية، وأهل البيت يرون الخلافة حقاً لهم وقد انقرضت الخلافة العباسية وانتهي أمرها في بغداد، وتفرقت أمم الإسلام دويلات صغيرة يحكمها أمراء تغلبوا عليها بالقوة، ومنهم المماليك هؤلاء. فهناك أمران يجب على السيد أن يجاهد في سبيلهما: إعادة الخلافة واستخلاص الحكم من أيدي المماليك الذين لا تصح ولايتهم. كيف يفعل هذا؟ لا بد من ترتيب خاص. فجمع بعض خواصه ومستشاريه -- ومنهم سيدي مجاهد وسيدي عبد العال وأمثالهما—واتفقوا على نشر الدعوة وجمع الناس على الذكر والتلاوة وجعلوا اشارات هذا الذكر السيف الخشي أو العصا الغليظة لتقوم مقام السيف والطبل يجتمعون عليه، والبيرق ليكون علماً لهم والدرقة - وهذه شعائر الأحمدية - فإذا اجتمع الناس على ذكر الله وتعلموا أحكام الدين استطاعوا بعد ذلك أن يشعروا وأن يدركوا ما عليه مجتمعهم من فساد في الحكم وضياع في الخلافة فدفعتهم النخوة الدينية، واعتقاد واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إلى الجهاد في سبيل تصحيح هذه الأوضاع وكان هؤلاء الأتباع يجتمعون كل سنة. واختار السيد طنطا مركزا لحركته - لتوسطها في البلدان العامرة في مصر، ولبعدها عن مقر الحكم - فإذا اجتمع الأتباع سنوياً على هيئة” مولد” استطاع هو أن يدرك إلى أي مدى تأثر الناس بالدعوة. ولكنه لا يكشف لهم عن نفسه بل يعتكف فوق السطح ويضرب اللثام مضاعفاً ليكون ذلك أهيب في نفوسهم، وهذا هو عرف ذاك الزمان، حتى كان أتباعه يشيعون أن النظرة بموته فمن أراد أن ينظر إلى القطب فليستغن عن حياته في سبيل هذه النظرة. وهكذا انتشرت هذه الدعوة حتى أجتمع عليها خلق كثير. ولكن الظروف لم تكن مواتية لتنجح هذه الحركة، فقد تولى مصر الظاهر بيبرس البندقداري، فانتصر على الصليبيين مرات، وانتصر على التتار مع المظفر قطز. ولمع اسمه وارتفع نجمه وأحبه العامة، ولم يكتف بذلك بل استقدم أحد أبناء العباسيين وبايعه بالخلافة فعلاً، فقضى على المشروع من أساسه، ولم يقف عند هذا الحد، بل أحسن السياسة مع السيد واتصل به ورفع من منزلته، وكلفه بأن يكون القيم على توزيع الأسرى حين تخليصهم من بلاد الأعداء لأهليهم لما في ذلك من تكريم وإعزاز، وكل ذلك قبل تمام هذا المشروع الخطير، واستمر الملك والحكم فعليا في المماليك، و إسميا لهذا الخليفة الصوري حيناً من الدهر. كنت أسمع هذا التعليل والتسلسل في تاريخ السيد البدوي وأنا أعجب لعقلية هذا الشاب الفلاح الذي لم يتعلم اكثر من التعليم الأولي في القرية، و كم في مصر من ذكاء مقبور، وعقل موفور لو وجد من يعمل على إظهاره من حيز القوة إلى حيز الفعل؟؟.. ولا زالت كلمات الشيخ الصاوي دراز رحمه الله تتمثل لي كأنما أسمعها الآن، وفيها عبرة وفيها طرافة والأمور بيد الله، إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين. |
رد: رجل الفكر والايمان ( حسن البنا )
حسن البنا إلى القاهرة: وأعود فأقول إنني تقدمت إلى دار العلوم وأخطرت بعد ذلك بموعد الكشف الطبي والامتحان. وكان على أن أستجيب للدعوة و أن أسافر إلى القاهرة لأدائهما.وكان ذلك في رمضان. أراد الوالد أن يصحبني فلم أر لذلك موجباً، واكتفيت بأن زودني بالدعوات الطيبات، ووصف لي الطريق وأعطاني خطاباً إلى صديق له من كبار تجار الكتب الميسورين بالقاهرة، طالما قام له الوالد بخدمات جليلة معتقداً فيه الصلاح والوفاء والخير. ووصلت إلى القاهرة لأول مرة في حياتي، وكان سني حينذاك قد أربت على السادسة عشرة بشهور، ونزلت في باب الحديد مع العصر تقريباً، وركبت الترام إلى العتبة، ثم السوارس إلى سيدنا الحسين حيث نزلت وقصدت دكان هذا التاجر وسلمته الخطاب فلم يكترث به ولم يعبأ بما فيه، وكل الذي فعله أنه كلف أحد عمال المحل بملاحظتي. وكان العامل رجلا صالحاً كريماً، وللوالد ولي به معرفة سابقة، فرحب بي و أكرمني وأخذني إلى منزله فافطرنا، وخرجنا نقضي بعض الوقت وعدنا إلى المنزل للسحور، ونمت بعد صلاة الصبح، واستيقظت مبكرا أطالب صاحبي بأن يدلني على مدرسة دار العلوم حيث قد سبقني إليها بعام الصديق الحميم والأخ الكريم الأستاذ محمد شرف حجاج - المدرس بالمعارف الآن - لألقاه لأستوضح منه طريقة الكشف الطبي والامتحان. وقد دلني العامل الطيب على طريقة لموصول إلى دار العلوم، فركبت السوارس إلى العتبة ثم الترام إلى شارع قصر العيني مقابل دار العلوم، وانتظرت خروج الطلاب حيث لقيت صديقي وتعانقنا، وأخذ بيدي إلى منزله في حارة عبد الباقي ببركة الفيل بالدور الثاني حيث كان يسكن مع فريق من الطلاب. كان عملي في اليوم الثاني منذ الصباح أن قصدت إلى ذلك التاجر الكتبي،بعد أن ذهب صديقي إلى المدرسة، ليدلني على صانع نظارات ليصنع لي نظارة. طبية استعداداً للكشف، ولكنه أعرض كعادته فلم أشأ أن أضيع الوقت، وذهبت من فوري إلى الأزهر ودخلته لأول مرة وراعني ما رأيته من سعته وبساطته، وحلق الطلاب فيه يدرسون ويذاكرون ووقفت على الحلق واحدة فواحدة، ثم رأيت حلقة يتحدث أهلها عن دخول دار العلوم، وفهمت أنهم متقدمون لامتحانها الذي سيكون بعد نحو عشرة أيام، وللكشف الذي سيتم بعد ثلاثة أيام تقريباً فاندمجت فيهم، وتحدثت إليهم عن رغبتي وعن حاجتي إلى من يرشدني إلى طبيب لأصنع نظارة طبية، فتطوع معي أحدهم وقام من فوره إلى عيادة دكتورة يونانية فيما أظن ولكنها متمصرة، وصفها بالحذق والمهارة، وأنها صنعت له نظارة مناسبة مع اعتدال القيمة، وعندما وصلنا إليها بدأت عملها وأخذت في نظير الكشف خمسين قرشاً ودلتنا على محل النظارات الذي أخذ بدوره ثمناً للنظارة مائة وخمسين قرشاً وأنجز النظارة فوراً، وبذلك لم يبق أمامي إلا انتظار الكشف بعد يومين. |
رد: رجل الفكر والايمان ( حسن البنا )
حسن البنا و الكشف الطبي: ولست أبالغ حين أقول إن التوفيق حالفني في هذا الكشف محالفة عجيبة في الوقت الذي رأيت بعض من أعرف يخونهم الحظ “وسبحان من قسم الحظوظ فلا عتاب ولا ملامة”. لقد كان الأطباء ثلاثة، وكنت آخر اسم في كشف أولهم وهو أطيبهم وأيسرهم كشفاً. وكان الأخ الأستاذ علي نوفل من نصيب ثالثهم. وهو أقساهم قلباً وكشفاً. وبقدر ما كانت نسبة النجاح عند طبيبي عالية، كانت نسبة الرسوب عند هذا الآخر أعلى. فنجحت مع شكي التام في النجاح، ورسب هو مع تأكده التام من سلامة بصره وبدنه ومع استعداده الكامل لهذا النجاح. وأوصاه الطبيب بعمل نظارة يعيد بها الكشف ففعل، ولكن خبث هذا حال بينه وبين النجاح مرة ثانية فضاعت منه الفرصة، ولكنه بعد ذلك انتسب إلى كلية الآداب قسم اللغة العربية وثابر على هذا الانتساب حتى ظفر بالليسانس منها، وصاحب الهمة لا يعجزه شيء. |
رد: رجل الفكر والايمان ( حسن البنا )
حسن البنا و أسبوع في الأزهر: ظهرت نتيجة الكشف وكانت في الحقيقة مفاجأة لي أن كنت من الناجح ولذلك واجهت مهمة الامتحان في جد لا هزل معه فلم يكن إلا الجد ولم يبق إلا أسبوع واحد فلا ينفع إلا التبتل، وقد كان. فقد حملت أمتعتي وكتبي ويممت شطر الأزهر المعمور وهناك، في القبلة القديمة بالضبط، حططت رحالي. وتعرفت إلى بعض الزملاء المتقدمين إلى دار العلوم، ونوينا الاعتكاف هذا الأسبوع للعلم وللبركة معاٌ: نتناوب الخروج لإحضار طعام الإفطار والسحور، ونتناوب الحراسة في النوم فلا ننام إلا غراراً. وقاتل الله علم العروض فلم أكد أفقه شيئا من زحافه وعلله وضروبه وقوافيه وكان جديداً علي بكل معنى الكلمة، ولكنني أخذت أستذكر والسلام، وما كنت أخشى العلوم الرياضية والمدنية ولكني كنت أخشى النحو والصرف إذ كنت أتصور أني لا أشق فيهما غبار الطلاب المتقدمين من الأزهر بين الذين جاوزوا الشهادة الأهلية ودرسوا في السنوات العالية. نعم إنني أحفظ الألفية، وقرأت لنفسي شرح ابن عقيل عليها، وشاركني الوالد في بعض هذه الشئون، ولكنها لم تكن الدراسة المنظمة التي تهدأ معها النفس، ويسكن إليها القلب. وجاءت أيام الامتحان ومرت بسلام، ولا زلت أذكر بيت العروض الذي امتحنا فيه وأذكر أنه طلب إلينا أن نقطعه ونذكر ما فيه من علل وزحاف ومن أي بحر هو: لو كنت من شيء سوى بشر كنت المنور ليلة البدر |
رد: رجل الفكر والايمان ( حسن البنا )
حسن البنا و رؤيا صالحة: وإن من فضل الله تبارك وتعالى أنه يطمئن ويسكن نفوس عباده وإذا أراد أمرا هيأ له الأسباب فلا زلت أذكر أن ليلة امتحان النحو والصرف “وليس الجبر كما جاء في بعض القول” رأيت فيما يرى النائم: أنني أركب زورقاً لطيفاً مع بعض العلماء الفضلاء الأجلاء يسير بنا الهوينا في نسيم ورخاء على صفحة النيل الجميلة، فتقدم أحد هؤلاء الفضلاء، وكان في زي علماء الصعيد، وقال لي: أين شرح الألفية لابن عقيل؟ فقلت: ها هو ذا. فقال: تعالى نراجع فيه بعض الموضوعات، هات صفحة كذا، وصفحة كذا، لصفحات عينها. وأخذت أراجع موضوعاتها حتى استيقظت منشرحاً مسروراً. وفي الصباح جاء الكثير من الأسئلة حول هذه الموضوعات فكان ذلك تيسيرا من الله تبارك وتعالى، والرؤيا الصالحة عاجل بشرى المؤمن والحمد لله رب العالمين. |
رد: رجل الفكر والايمان ( حسن البنا )
حسن البنا و مدرسة خربتا بحيرة: عدت من القاهرة بعد الامتحان. وبعد- قليل أديت امتحان كفاءة التعليم الأولى. وظهرت النتيجة فكنت الأول في المدرسة، والخامس في القطر وظهرت نتيجة امتحان دار العلوم فكنت من الناجحين، وكان هذا النجاح مفاجأة لي كذلك فإني لأذكر في هذه اللحظة أستاذنا أحمد بدير، وقد كان ممن يمتحنون شفهياً، و كان كثير الدعابة فيما يشبه الغلظة لمن لم يعرفه، وقد جلست أمامه فقال: أنت تتقدم للقسم العالي؟ فقلت: نعم يا سيدي. فنظر إلي شزراً ثم قال: دار العلوم حتصغر إنت سنك كام؟” فقلت له: ستة عشر عاماً ونصف. فقال لماذا لم تنتظر حتى تكبر؟ فقلت له: تفوت الفرصة. فقال: إذن فاقرأ باب جمع التكسير، ألست تحفظ الألفية، فقلت: نعم، فقال: إقرأ. وكان زميله في الامتحان الأستاذ عبد الفتاح عاشور ولم أكن ألفت مثل هذه المداعبات مع من لم أعرف - وكانت سني تلفت إلى نظر الزملاء حتى كان بعضهم يقول: امتحان القسم التجهيزي في الجهة المقابلة. فأقول له إني متقدم إلى القسم العالي فينظر وينصرف - فتأثرت بدعابة الأستاذ بدير وكدت أتوقف عن الإجابة لولا أن الأستاذ عاشور تدخل فزجر الأستاذ بدير في دعابة وأخذ يستمع لي وأنا أقرأ، ثم جاء دور المطالعة والمحفوظات والمناقشة الشفهية فدعا لي الأستاذ بدير بخير وشجعني وانصرفت. وكان امتحان القرآن الكريم أمام الأستاذ أحمد بك زناتي رحمه الله فكان ظريفا متلطفا. ولكني مع هذا لم أكن واثقاً من النجاح فكان ظهور النتيجة مفاجأة. وكانت مفاجأة ثالثة أن مجلس مديرية البحيرة عينني فعلاً مدرسا بمدرسة خربتا الأولية، ودعيت إلى تسلم عملي عقب الأجازة الصيفية مباشرة. فكان علي بناء على هذا أن أختار بين الوظيفة أو العودة إلى طلب العلم بدار العلوم، ولكني في النهاية فضلت أن أستمر في سلك التعلم، وأن أشد الرحال إلى القاهرة، حيث دار العلوم، وحيث المقر الرسمي لشيخنا السيد عبد الوهاب الحصافي ولم يكن يقلقني إلا شيء واحد هو الشعور بطول الغيبة عن المحمودية، وفيها الصديق الحميم، والأخ الحبيب أحمد أفندي السكري، ولكننا اتفقنا على إنفاذ هذا العزم، ما دام هو الأفضل ثم نتزاور بعد ذلك أو نتكاتب والعلم نوع من الجهاد، علينا أن نضحي في سبيله مهما كانت التضحية عزيزة غالية. |
رد: رجل الفكر والايمان ( حسن البنا )
حسن البنا في السنة الأولى بدار العلوم: انتهت الأجازة الصيفية، وقدمت إلى القاهرة وسكنت مع بعض الاخوة الأعزاء بالمنزل رقم 18 بشارع مراسينة بحي السيدة زينب رضي الله عنها، وكان أول منزل سكناه. وغدوت يوم افتتاح الدراسة إلى دار العلوم، وكلي شوق إلى العلم، وقد وجهني الله إلى الدرس توجيهاً حميداً، ولا أنسى الحصة الأولى، ولم نكن قد تسلمنا الكتب والأدوات بعد، وقد وقف أستاذنا الشاعر البدوي الشيخ محمد عبد المطلب أغدق الله عليه شآبيب الرحمة والرضوان - أمام السبورة على المنصة بقامته المديدة يحيي الطلبة الجدد، ويتمنى لهم النجاح والتوفيق، ثم كتب على السبورة: قال عبيد بن الأبرص: ولنا دار ورثنا مجدها الـ أقدم القدموس عن عم وخــــال منـــزل منــه آبــاؤنا الــ مورثونا المجد في أولي الليالي ثم أمسك بطوق جبته الأعلى، على عادته - رحمه الله - وقرأهما في جرس يحمل معنى الفخار والاعتزاز، ثم طالبنا بإعرابهما، فقلت في نفسي” بدأنا بالجد من أول يوم” وأخذت أتساءل: ما هذا القدموس؟ ولماذا قال منه وكان في وسعه أن يقول أسسه؟! وما زلنا ننحت في إعراب البيتين حتى نقلنا الحوار إلى الكلام عن عبيد بن الأبرص والحياة العربية وما فيها من خشونة ولين، وأيام العرب وأوابدها وأدواتها في حربها وسلمها، وأنواع الرماح والسيوف والسهام إلى السهم المريش والذي لا ريش له، واستشهد الأستاذ بالبيت المعروف: ومتى بسهم ريشه الكحل لم يضر ظواهر جلدي وهو للقلب جارح وأخذ يرسم على السبورة السهام بأنواعها، وأنا مأخوذ بهذا النوع من الاستطراد والتوسع في البحث، أتابعه بشغف وشوق، وزادني هذا الأسلوب للعلم حباً، ولدار العلوم وأساتذتها احتراماً وتقديراً وعجباً. |
رد: رجل الفكر والايمان ( حسن البنا )
حسن البنا
في السنة الأولى بدار العلوم: انتهت الأجازة الصيفية، وقدمت إلى القاهرة وسكنت مع بعض الاخوة الأعزاء بالمنزل رقم 18 بشارع مراسينة بحي السيدة زينب رضي الله عنها، وكان أول منزل سكناه. وغدوت يوم افتتاح الدراسة إلى دار العلوم، وكلي شوق إلى العلم، وقد وجهني الله إلى الدرس توجيهاً حميداً، ولا أنسى الحصة الأولى، ولم نكن قد تسلمنا الكتب والأدوات بعد، وقد وقف أستاذنا الشاعر البدوي الشيخ محمد عبد المطلب أغدق الله عليه شآبيب الرحمة والرضوان - أمام السبورة على المنصة بقامته المديدة يحيي الطلبة الجدد، ويتمنى لهم النجاح والتوفيق، ثم كتب على السبورة: قال عبيد بن الأبرص: ولنا دار ورثنا مجدها الـ أقدم القدموس عن عم وخــــال منـــزل منــه آبــاؤنا الــ مورثونا المجد في أولي الليالي ثم أمسك بطوق جبته الأعلى، على عادته - رحمه الله - وقرأهما في جرس يحمل معنى الفخار والاعتزاز، ثم طالبنا بإعرابهما، فقلت في نفسي” بدأنا بالجد من أول يوم” وأخذت أتساءل: ما هذا القدموس؟ ولماذا قال منه وكان في وسعه أن يقول أسسه؟! وما زلنا ننحت في إعراب البيتين حتى نقلنا الحوار إلى الكلام عن عبيد بن الأبرص والحياة العربية وما فيها من خشونة ولين، وأيام العرب وأوابدها وأدواتها في حربها وسلمها، وأنواع الرماح والسيوف والسهام إلى السهم المريش والذي لا ريش له، واستشهد الأستاذ بالبيت المعروف: ومتى بسهم ريشه الكحل لم يضر ظواهر جلدي وهو للقلب جارح وأخذ يرسم على السبورة السهام بأنواعها، وأنا مأخوذ بهذا النوع من الاستطراد والتوسع في البحث، أتابعه بشغف وشوق، وزادني هذا الأسلوب للعلم حباً، ولدار العلوم وأساتذتها احتراماً وتقديراً وعجباً. __________________ |
الساعة الآن : 09:21 PM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour