ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   رمضانيات (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=23)
-   -   رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=233428)

ابوالوليد المسلم 01-05-2020 01:04 AM

رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
 
إعلانات رمضان.. البطن أولا















إعلانات رمضان فقيرة التوعية والتثقيف.. "البطن أولاً"

د. زيد بن محمد الرماني





لا تكاد تسير في شارع أو تفتح صحيفة أو مجلة هذه الأيام قبيل دخول شهر رمضان المبارك، إلا وتجد إعلانات وبشكل مكثف لأنواع شتى من المشروبات والمأكولات، وبأساليب تسويقية جاذبة، يخيل للإنسان أن هذه الأطعمة لا تصنع إلا لهذا الشهر الفضيل، الذي يفترض أن تزداد فيه الجوانب الإيمانية وتكثيف حملات التوعية والتثقيف الصحي وليس العكس.





ويرى متخصصون أن شهر رمضان المبارك فرصة سانحة للتجار لترويج بضائعهم بشكل كبير، مؤكدين أن التسوق في هذه الفترة من السنة يتضاعف عن الأشهر الأخرى، رغم أن الاستهلاك ذاته لا يتغير، وذلك جراء العادات الخاطئة لدى الأسر السعودية، إضافة للأساليب الترويجية الذكية من قبل التجار التي تغري المستهلكين على الشراء.





وقال لـ"الاقتصادية" الدكتور سعود الضحيان أستاذ الخدمة الاجتماعية في قسم الدراسات الاجتماعية في جامعة الملك سعود، إن أصحاب المراكز التجارية التموينية تستغل شهر رمضان المبارك بترويج بضائعها، بل تعمل وبشكل مكثف بنشر الإعلانات في كل مكان، لعلمها أن المجتمع السعودي شديد الاستهلاك، وأن الإعلان من أهم الأساليب لجذب المستهلكين للشراء.





ويصف الدكتور الضحيان هوس الأسر بشراء مستلزمات رمضان من المواد الغذائية بالخاطئ، فهم يقومون بشراء كميات لا يحتاجون إليها، واصفاً الحملة الإعلانية التي ينتهجها التجار بالشرسة، وذلك للاستفادة بشكل أكبر من المردود المادي، داعياً إلى الاستفادة من هذا الشهر روحياً وجسدياً.





من جهته، يرى زياد الرماني المستشار الاقتصادي في معهد الأمير نايف للبحوث والخدمات الاستشارية، أن غالبية الأسر السعودية تفتقد مفاهيم الثقافة الاستهلاكية المتزنة، حيث إنها لا تعترف بسلم الأولويات في تحديد حصص الإنفاق، ولا تستغل العروض الترويجية التي بدأت بعض المتاجر الكبرى في طرحها قبل منتصف شهر حزيران (يونيو) الجاري، لافتاً إلى أن أسعار المواد الاستهلاكية خلال الفترة المقبلة، من المتوقع أن تتفاوت تصاعديا بشكل لن يكون مقبولا فيه النزول، وأن تلك الأسعار ستشهد ارتفاعات متتالية كلما زاد حجم الطلب، الذي من المتوقع أن يكون في آخر ثلاثة أيام قبل شهر رمضان.





وأوضح الرماني، أن توجه بعض المتاجر الكبرى إلى تقديم عروض أسعار على بعض المنتجات الاستهلاكية، التي تصل فيها نسبة الخصم إلى أكثر من 30 - 40 في المائة، يعود إلى عدة مبررات، منها: بعض المتاجر، بالتنسيق مع الموردين، يتوجهون إلى تصريف البضائع من المستودعات بكميات كبيرة وبأسعار مناسبة، دعوة للإقبال على المنتجات التي سيرتفع سعرها حتما بمجرد زيادة حجم الإقبال عليها، خاصة مع دخول شهر رمضان، وإما لأن بعض تلك المنتجات أوشك تاريخ صلاحيتها على النهاية في ظل عدم بلوغ حجم الثقافة لدى بعض المستهلكين إلى مستوى يجعلهم يتأكدون من مثل هذا الأمر، أو لأن بعض تلك البضائع لم تشهد أي نوع من الطلب عليها، وهو ما جعلها تتكدس داخل المخازن والمستودعات.





وقالت الدكتورة تهاني العجاجي عضو هيئة التدريس في كلية الاقتصاد المنزلي في جامعة الأميرة نورة، إن التسوّق في شهر رمضان المبارك يتضاعف عن الأشهر الأخرى رغم أن الاستهلاك ذاته لا يتغير، مبينة في الوقت ذاته أن الأسر تتهافت على شراء بعض المنتجات، مثل العصائر والشوربات وبعض منتجات الحلى بكميات كبيرة رغم أن الاستهلاك الفعلي لا يتجاوز نصف الكمية أو حتى ربعها التي تشتريها الأسر، والتي تبقى في العادة إلى رمضان القادم أو حتى إلى أن تنتهي مدة صلاحيتها دون استهلاكها.





وفسّرت العجاجي في حديث سابق نشر في "صحيفة الاقتصادية" نمط الشراء لدى الأسر السعودية في رمضان بالعادة الاجتماعية، وخاصة أن بعض الأسر تحب أن تكدس سفرة الإفطار بجميع المأكولات، وخاصة في الولائم والعزائم، مشيرة إلى أن الإعلانات وطرق عرض المنتجات في الأسواق تلعب دوراً مهماً في تهافت المتسوّقين على بعض المواد، منوّهة بأن ذلك من شأنه أن يرهق ميزانية الأسر ويزيد من كميات الأطعمة الفائضة التي قد تنتهي بها الحال إلى سلة القمامة. وحثت العجاجي على ضرورة برمجة النفقات للفترة المقبلة بما يتناسب مع حجم دخلها، حيث يتم توزيع دخولها المالية وفق الأولويات والضرورات بعيداً عن التكلف ومجاملة الغير على حساب مصلحة الأسر وعدم دفعها إلى تحمُّل أعباء مالية تفوق طاقتها بفعل ممارسات استهلاكية غير محببة في الشهر الفضيل، لافتة إلى أن مسؤولية توجيه وحماية الأسرة السعودية وتوعيتها تقع على عاتق الجميع، وليست حكراً على أحد.




ابوالوليد المسلم 02-05-2020 08:18 PM

رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
 
فضائيات


د. خالد بن سعود الحليبي




أخي الصائم:

إن المسلم الحق يفرح فرحًا شديدًا بإدراك رمضان؛ ليستثمره في طاعة الله، ولكن بعض العادات الاجتماعية تستطيع - بقوة سلطانها على الناس - أن تغتصب من رمضان حقَّه في خلوص أوقاته فيما يرضي الله تعالى، ومن ذلك صرفُ كثيرٍ من الناس أوقاتًا طائلة في الجلوس بين يدي الشاشة الصغيرة، التي أصبحتْ بعد البث الفضائي تضع العالَمَ بين يدي جليسها من شرقه إلى غربه.

لقد أصبح فضاؤنا العربي والإسلامي ميدانًا لتنافسٍ شرس بين عشرات القنوات الفضائية المتزايدة يومًا بعد يوم، بينما مضامينها - إلا ما رحِم ربي - لا تزال تنهار من الناحية الفكرية والأخلاقية؛ فجُلُّ ما يُبَثّ دعايات فجَّة، ومواد خليعة تتاجر بغرائز المشاهدين، وتحتقر ذواتهم وعقولهم، وأي احتقار أشد وأنكى من أن تُعرَض الرذيلة دون حياء، وتلغى كل رقابة شرعية عن تلك البرامج، بحُجة أن المشاهد العربي المسلم لا يريد غير هذا المستوى الدنيء من البرامج، ولا تتدخل رقابة هذه الفضائيات إلا عندما تشاهد من الفاحشة ما يُقام عليه الحد، مع أن هذه القنوات تدرك يقينًا أنَّ المقبلات الجنسية التي تسمح بها، تكون عادة أقوى تأثيرًا ونفاذًا لاستثارة الغرائز الجنسية من الممارسة نفسها.


وتزداد صولة هذه الفضائيات في شهر رمضان، حيث تستعد ببرامجَ خاصةٍ تحت مسمَّيات كثيرة؛ مثل: الفوازير، والمسابقات، والمسلسلات، وكلُّها تشترك في هتك حرمة شهر الله المعظَّم، وفيما يسميه أحد كتابنا: "العهر الإعلامي"، وكأنَّما اختار منفِّذوها هذا الشهرَ المبارك ليصرفوا الناس عن العبادات، بِما يقدّمونه خلال برامِجهم من رقصٍ وعري وفجور يندى له جبين المسلم الغيور على دينه.


يقول الكاتب الغيور: "ولو انصرف المشاهدون عن مشاهدة مثل هذه البرامج؛ لَمَا وجدتْ هذه البضاعةُ الفاسدة مَن يروِّجها، ولَوجدتْ محطاتُ التلفزة المعنيَّة حالها مضطرة إلى تقديم البرامج النافعة، التي تَحترم وعي المشاهد، وتُراعي حرمة الشهر الكريم، وتحسن إلى المسلم بدلاً من أن تسيء إليه".



ويقول كاتب آخر: "من مجمل مشاهداتي هذه السَّنة خرجت بانطباع جازم؛ أن غالبية هذه القنوات لا تحترم عقولَ مشاهديها، ولا وقتهم، ولا تذوقهم البسيط، ولا المعنى العميق لوظيفة هذا الشهر الكريم في حياتنا، فلدى القائمين على إدارة وبرمجة هذه المحطات شعورٌ مستحكم أن جمهرة المشاهدين هم أناسٌ أقربُ إلى الجهل، وبسطاء لا يحتملون قدرًا من التركيز والجهد، وفارغون نفسيًّا ووجدانيًّا ينتظرون الأغاني والرقصات الموشاة بأجساد فرحة متمايلة؛ لكي تشبع أفئدتهم الفارغة، والقائمون أيضًا يعانون أنفسهم من الثقافة والمعرفة والهدف الذي ينطوي على هذه المحطات، وهم ضمن وعيهم الهزيل هذا لا يعترفون بأن عقل المشاهد أسمى قليلاً من هذه الفوضى من الألوان والأزياء والحركات".


أخي الصائم، لن أزيدك على قول هؤلاء الغيورين عليك، وأنت أغيرُ منهم على نفسك وأهلك وذريتك، فاحْمِ أسرتَك من هذا الاستخفاف بدينهم ومشاعرهم وعقولهم وقيمتهم، واتَّق الله أن تطيعه في النهار صائمًا, ويعود البعيد في الليل عاصيًا.


حماني الله وإياكَ من كل فتنة.




ابوالوليد المسلم 02-05-2020 08:18 PM

رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
 
بعد أن جمعنا الصيام

هل نملك حلم الوحدة؟!!



د. خاطر الشافعي



مع تعدُّد فضائل شهر رمضان الكريم، تبقى مظلته الإيمانية الراقية، تكسوا أيامنا بنفحاته الطاهرة، التي ما تلبث تضع أقدامنا على وادٍ للطهر، إلا ونقلتنا إلى عالم من الروحانيات التي بها حبانا ديننا الحنيف، وتبقى قدرة رمضان على إحياء نوازع الخير داخلنا، تؤجِّج مشاعرنا، فما نزال نستشعر قيمةً ما، إلا واستهوتنا فضائله السامية، للهرولة بأحلامنا نحو ساحات الصفاء، التي تتسع لتشمل كل الكون، حيث كل الأعضاء صائمة، لاهمَّ لها سوى الفوز بغنائم الشهر الفضيل، ويرنو العقل للسمو أكثر وأكثر، فتأخذه أحلامه إلى حيث يتمنى كمسلم، بعدما عزَّز الشهر الكريم مكارم الأخلاق لديه، وكلنا يعلم أن بقاء الأمم مرهون بسمو أخلاقها وقِيَمها، واستكانتها لسقف يحمي هويتها، ويبعث نوازع الخير داخل نفوس أبنائها، وهذا هو المُفترض أن يكون حالنا بعدما جمعنا الصيام، فهل نستطيع الآن أن نطمع بحلم أكبر يجمعنا على اختلاف الأماكن والجنسيات والنزعات الفردية، التي نجح في توطيد أركانها عدوٌ لا همَّ له منذ بداية الدعوة سوى هدم ديننا؟؟!!، فأنشأ من الحدود ما أدخل أبناء الجلدة الواحدة في عالم التأشيرات، الذي ضيَّق مفهوم العروبة، وعضَّد مفهوم الفردية، وما لهذا كان ديننا، فديننا نبراسٌ للعالمين، ولكننا اخترنا الهرولة - بل واستسغناها - نحو ثقافات الغير، التي دبَّت معاولها في جسد أمتنا، فضاقت الرؤى، وانحسرت الأحلام، وانحصرت الآمال انحصار المبادئ والقِيَم التي من أجلها جاهد رسول الله - صلى الله عليه وسلَّم - وصحابته الأتقياء الأنقياء، الذين كان يؤرِّقهم (تعثُّر دابَّة) في أي بقعة من بقاع المسلمين، فهل يا تُرى - بعدما صار حالنا لا يحرِّك ساكناً ل (تعثُّر مسلم) - نستطيع الحلم بالوحدة؟! وهل نستطيع إحياء مفهوم (الأمة الإسلامية) كهدف نجتمع عليه كما جمعنا الصيام في الشهر الكريم؟!.

لن يُطيل المرء التفكير، ليقع على الأرض خجلاً، ويتوارى عن الأعين من تقصيرٍ وإهمال، وبعدٍ عن الدين وسعي حثيث نحو مفاهيم ليست من ديننا، وليس بينها وبين ثوابتنا قيد أنملةٍ من توازن، بعدما تنازلنا عن خير لواءٍ يجمعنا (لواء الدين)، وأبهى صورةٍ رسمها لنا الشرع بكمال لا يقترب من رُقيِّه إلا ذو العقل اللبيب والفكر الراجح المستنير، الذي يعتز يثوابت دينه وجمال وأصالة هويته، التي جعلت للجماعة فيها القامة والقيمة، وما انحازت أبداً لفرقةٍ أو خلاف، ووالله لولم يجمعنا الدين فلن ترى (وحدتنا) أبداً النور، إذ أنه الحبل المتين وصراط الحق المستقيم.

متى يأتي الوقت الذي أستطيع فيه كمسلم التجول في شتى بقاع أرضي العربية وأمتي الإسلامية بلا تأشيرة رسمها الغرب حدوداً تفصلنا أملاً في إضعاف الدين؟!! (وأنى لهم ذلك)، ولننظر هل نجحت خططهم؟!!، وهل قلَّت مثلاً (المساجد)، وهل قلَّ مثلاً عدد المسلمين؟!!، وهل نقص عدد (المصاحف)؟؟!!!، وتساؤلاتٍ شتى تخبرنا إجاباتها أنَّ للدين ربٌّ يحميه مهما حاول العدو ومهما كان تقصيرنا، وتبقى أزمتنا (أزمة هويَّة) و(استحضار حكمة وجودنا)، وأننا (أصحاب رسالة).

متي يأتي الوقت الذي أستطيع فيه أن أصلي الفجر في (الأزهر الشريف)، والظهر في (المسجد الأقصى)، والعصر في (المسجد الأموي)، والمغرب في (المسجد النبوي)، والعشاء في (بيت الله الحرام)؟؟!!.

قد تسافر بنا أحلامنا بعيداً جداً عن حدود الممكن والمعقول!!!

ولكن هل نجح من نجح إلا بولادة حلم؟!!

وهل ارتقى من ارتقى إلا بالإيمان بفكرة رقيُّه؟!!!

متى أستطيع الخروج من نطاق (التضييق والتمييز) بين أبناء الأمة الواحدة الذي رسمه لنا أعداء ديننا؟!!، وسرنا نحن على نهجهم نقوِّي الحدود التي رسموها لنا لتفصلنا!!!

لنتأمل كيف يجمعنا الدين في كل الفرائض، و(لنخجل) مما آل إليه حالنا!!!

ï´؟ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا غڑ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا غڑ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ غڑ ذَظ°لِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَظ°كِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ï´¾ [الروم: 30].

نعم (ذلك الدين القيِّم)!!!

إنه طوق النجاة ومفتاح السعادة في الدنيا والآخرة.

اللَّهم أصلح أحوالنا، إنك على كل شيء قدير، وبالإجابة جدير.

وصلِّ اللَّهم وسلِّم على الحبيب المصطفى وآله وصحبه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.



ابوالوليد المسلم 03-05-2020 11:36 PM

رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
 
مبارك عليك الشهر (1)


أ. محمود توفيق حسين





عندما تستيقظين وقت العصر

على إشارات رسائل الواتس أب
وورود وابتسامات تعبيرية
من شاب تشغلين وقتك بالثرثرة الفارغة معه
وقد ختم رسائله بتهنئة على الشهر الكريم
لا تفكِّري في أنه لا يخدش صيامك الردُّ على تهنئته طالما أن الحديث مجرد ثرثرة
بل فكِّري في أن هذا الشاب الذي تسمين ما بينك وبينه (صداقة)
لا يرضى أن تصل إلى أخته رسائل من أغرابٍ وترد عليهم
حتى ولو كانت لغواً
فكري في أنه بات واستيقظ على ما هو عليه
ولم يبق لديه عن الشهر الذي أهلَّ إلا رسائل التهنئة
يبثها لكل الناس ولا شيء بعد
فكِّري بأنه لا يهنأُ بهذا الشهر من تلقى التهنئات وكفى
بل يهنأ به من صامه إيماناً واحتساباً.

مبارك عليكِ الشهر
وقد خرجتِ منه حييَّةً محتشمة





ابوالوليد المسلم 03-05-2020 11:36 PM

رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
 
هل ستغلبه أم سيغلبك؟




د. خالد بن سعود الحليبي







لا تزال نداوة رمضان ترطِّب القلوبَ المؤمنة, ولا يزال أريج العبادة فيه ينعش الأرواح الصائمة, ولا تزال نفحاته العطِرة تبعث الهمم العالية لمواصلة المسيرة الخيِّرة في اغتنام أوقاته؛ لاجتناء الطيبات من الأعمال والأقوال.



رمضان شهر يعود فيه الإنسانُ إلى أطيب عناصره وأرقاها، وهو الروح, فيزكِّيها ويلبي رغباتها، حتَّى يشفَّ عن إيمان رفيعٍ يستجيب معه لأوامر الله طائعًا مُختارًا، راغبًا في المزيد، مُستمْتعًا بالعبادة ولذائذها، ويعيش الجسد فيه حالةً من التَّراجُع في البحث عن مُشتهياته؛ فالهمُّ الأوَّل لِلمُسلم في هذا الشهر هو الحصول على هدفِ التَّشريع الإلهي للصوم في مثل قول الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183]، والتقوى شرط القبول: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة: 27].



وهل يَحصل الإنسان على شيء قيِّم إلا بثمنٍ مماثِل, ولذلك كان على استعداد تام للتضحية بكل ثمين يمكن أن يقدَّم لله تعالى؛ من أجل القبول، هذا الذي ركب في الصالحين الهمَّ بعد العمل {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ} [المؤمنون: 60]، هذا الشعور يجعل النفس تتحرَّر من كثير من قيودها التي ترهقها، وهي مشدودة إلى الدنيا أكثر من الآخرة خلال ممارسات الحياة المعاصرة وتعقيداتها؛ ولذلك فإنَّها تستريح في رمضان، وتستجيب إلى كثيرٍ من نِداءات الخير - التي كانتْ مشغولةً عنها في غيره - ملبِّيةً مُشتاقة، وهنا فرصة أخذها بما كانت تأباه من السلوكيَّات الحسنة، والأخذ بزمامها عن الممارسات الخاطئة.



ولعلَّ من أبرز الأمراض العصيَّة التي انهار أمام سُلْطانِها كثيرون، هي عادة التَّدخين، فعلى الرغم من أن المدخن أعلم الناس بمضارِّ التدخين؛ لما يراه من أثره على نفسه وصحته، وماله وعياله ومجتمعه، حتَّى إنَّك لو طلبت منه أن يسردها عليك لسدَّ عليك الأفق، ولكنه لا يملك الإرادة الكافية للإقلاع عنه، يمنعه من ذلك وهمٌ غرير بأنه أصبح يَجري في دمه، ولا يمكن أن يستغني عنه، وأنَّه أصبح جزءًا من شخصيته، وأنَّه...



والواقع يقول غير ذلك، الواقع يقول: إن آلاف المدخنين قد أقلعوا عن هذه العادة السيئة بكل المقاييس، والبداية دائمًا تنبع من الذات، حين يقتنع المدخن بهذا القرار الصائب، ويعمل على تحقيقه، والفرصة في شهر رمضان مواتية أكثر من غيره؛ فالنفس تكون قريبة من الخير، حريصةً على ما يرضي الله، ولا شك أن ترك التدخين هو إقلاعٌ عن ذنبٍ تَجب التوبةُ منه، وفي رمضان يمضي الصائم أكثر من نصف اليوم ممتنعًا عن ممارسة هذه العادة، مما يضع المدخنَ أمام اختبار يومي، يرى أنه ينجح فيه بامتياز، فما الذي يجعله يتردد عن إكمال بقية اليوم، وإن وجود عيادة خاصة لمساعدة المدخنين على ترك الدخان - فرصةٌ ثمينة يجب استغلالها، وقد قمتُ بزيارة ميدانية لها فوجدتها عيادة هادئة، قد هيِّئت للنجاح في أداء مهمتها، ولكن أيضًا مع أهل الإرادة القوية، والعزيمة التي تكتسح التردد منذ أن يطرأ.



أخي الصائم:


كن عونًا لأخيك على نفسه، ولا تكن عونًا للشيطان عليه، فانصحه برفق، وقوِّ عزيمتَه بدلاً من تخجيله، واحمل لواءَ مكافحة التدخين في هذا الشهر الكريم.


وأنت، يا أخي العزيز، يا من ابتُلِيتَ بهذه العادة، أرجوك - من أجل الله تعالى - أن تُقلِع عن شيء يضرك اليوم، ويضر أولادَك في المستقبل، ويضر بمجتمعك ما دامت سيجارتك تنفُث سمَّها في أجوائه.



فهيَّا انتزع نفسك من قائمة المدخنين، واندرج في قائمة الأصحَّاء المعافين!

أخي الصائم:


ابوالوليد المسلم 07-05-2020 12:35 AM

رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
 
مبارك عليك الشهر (2)


أ. محمود توفيق حسين




















عندما تنصب في الشارع مائدة لإفطار الصائمين





ويتفقد أحد عمالك الأطباق المقدمة قبيل الإفطار





فيدعو له أحد البسطاء بدوام العزِّ وعمار البيت دعاءً مطولاً





ظنًا منه أنه صاحب الطعام





فتتقدَّم - وقد اعترتك غَيرة - إلى رأس المشهد





وتوجه العامل برصانة وثقل الآمر الناهي بأن يقدم المزيد ولا يبخل على الناس





فيفهم الجلوس أنك أنت أنت، وأن كل هذا من خيرك





فيعرفونك، ويمدحونك ويشكرونك





فتهز رأسك راضياً وقوراً؛





لا تفكِّر بأن كل ما في الأمر أنك طربت لهذا الدعاء من المساكين ورغبت فيه





بل فكِّر في أنك كرهت أن تكلِّف على نفسك ويُمدَح غيرك





فكِّر في أن الخيبة هي أن يؤجر هؤلاء الجلوس يوم القيامة على شكرهم هذه النعمة





ويؤجر من غرفَ لهم ومن قدَّم لهم





ومن سقى لهم بالنية الخالصة





ولا تجد لنفسك إلَّا ما قد سلف في الدنيا من قِيلهم: هذا فلان.








مبارك عليكَ الشهر


وقد خرجت منه مخلصًا لله






ابوالوليد المسلم 07-05-2020 12:36 AM

رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
 
[70] ومضة رمضانية















(أعمال، أفكار، توجيهات )




خالد بن عبدالرحمن الدغيري






الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم وبعد:


فهذه [70] ومضة رمضانية (أعمال، أفكار، توجيهات) سريعة مختصرة، فيها تذكير وتنبيه وتحفيز، حاولت أن تكون جامعة ووافية لجميع شهر رمضان قدر الاستطاعة، فأسأل الله أن ينفعني بها ومن اطلع عليها ويجعلها خالصة لوجهه الكريم، اللهم آمين.





1- رمضان موسم عظيم من مواسم الخيرات يتزود فيه المسلم من الطاعات ويستعد للآخرة.





2- أكثر من دعاء الله أن يبلغك رمضان، وأن يعينك فيه على العمل الصالح.





3- جدد نيتك واعزم على الاجتهاد في الأعمال الصالحة في رمضان.





4- التوبة امتثال لأمر الله، قال الله تعالى: ï´؟ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ï´¾ [النور: 31].





5- توبتك تدل على صدق عزمك ورغبتك بما عند الله، وخير عمل تستقبل به مواسم الخيرات.





6- استماع بعض المحاضرات والمقاطع، وقراءة بعض الكتب عن رمضان، تزيدك علمًا وعملاً واستغلالاً لرمضان.





7- لا تشغلك برامج التواصل الاجتماعي عن الاجتهاد في رمضان؛ لأنك ستجدها بعد رمضان.





8- بكر لصلاة العشاء ولا يلهيك ما يعرض في الشاشات! وتهيأ لصلاة العشاء والتراويح، ففرق بين من يأتي مبكرًا، ومن يتأخر وقد تفوته بعض ركعات صلاة العشاء!





9- تعيين ما ستقوم به من أعمال صالحة قبل رمضان، يساعدك على استغلال رمضان، وكذلك تحديد الأوقات التي ستعمل فيها الأعمال الصالحة، يريحك من التخبط والعشوائية.





10- رمضان مدرسه؛ فاغتنمها.





11- للقلوب عند قرب رمضان وفي رمضان إقبال على الخير، فمن كمال المحبة استغلال ذلك في تقديم النصيحة لمن عندهم تقصير، برسالة أو مكالمة أو زيارة.





12- في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم: قال: "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"، و"مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"، و"مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"، فتعرض لهذه المغفرات علّك تصيبها.





13- اجعل لك نية الاستمرار بعد رمضان، ولو بعض الأعمال الصالحة.





14- احذر الاندفاع في أول رمضان، كما يفعله الكثير من الناس والذين يفترون آخره!





15- قد يكون رمضان هذا العام آخر رمضان في حياتك، فتزود فيه من الطاعات قبل أن يوافيك الأجل!





16- لتكن تلاوتك للقرآن في كل مكان، في المسجد، في البيت، في العمل إن كان هناك فرصة، تستغل وقتك، وتكن قدوة لغيرك.





17- رمضان كما قال الله تعالى: ï´؟ أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ ï´¾ [البقرة: 184] فخير ما تستغل به هذه الأيام المعدودة؛ العمل الصالح.





18- كن حازما في توقيف كل ما يؤثر على عبادتك.





19- مطبخكِ والأسواق والزيارات؛ سارقة لوقتكِ في رمضان! فاقتصدي فيها قدر الإمكان.





20- الفرح بقدوم رمضان والمسارعة بالأعمال الصالحة فيه، من علامات الإيمان ومن الفرح المحمود ï´؟ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ï´¾ [يونس: 58].





21- إصلاح ذات البين له أجر عظيم، فينبغي أن يكون هناك دور لأهل الصلاح والإصلاح في هذا الشهر، واستغلال تقارب القلوب واجتماعهم.





22- ليكن هذا الشهر فرصة في التواصل بين الأقارب وخصوصا من بينهم قطيعة، ففرص الاجتماع تكثر في هذا الشهر.





23- نوع من صدقات في رمضان: مال، إطعام، ماء، على أقاربك، أيتام، أرامل، في السر والعلانية، بالليل والنهار،.. وهكذا.





24- قد يفتح لك باب من أبواب الخير فالزمه وأكثر منه، مثلاً: تجد من نفسك إقبالاً على تلاوة القرآن فأكثر من ذلك، وفي نفس الوقت ليكن لك سهم في أبواب أخرى من أبواب الخير.





25- احرص على صلاة التراويح كاملة خلف الإمام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَامَ مَعَ الإِمَام حتَّى يَنْصَرِفْ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَة"؛ أخرجه الترمذي، وصححه الألباني.





26- كان السلف يحفظون صيامهم بالجلوس في المسجد، فأكثر من الجلوس فيه.





27- وأنت تقرأ القرآن، خطط للبقاء على مقدار معين بعد رمضان ولو قل.





28- صلاتكِ أقيميها في وقتها وكمليها بالنوافل واحذري من نقرها وتأخيرها!





29- في صلاة التراويح أحضر قلبك واستشعر وقوفك بين يدي الله، واخشع في صلاتك وتدبر كلام الله، ولا تأخذك الهواجس هنا وهناك!





30- إدراك ليلة القدر من أعظم ما يهم المسلم، فليكن من دعائك، أن يوفقك الله لإدراك ليلة القدر وقيامها إيمانًا واحتسابًا.





31- التقوى من أعظم ثمار الصيام فقد ختمت الآية الأولى والأخيرة من آيات الصيام بالتقوى في قوله تعالى: ï´؟ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ï´¾ وï´؟ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ï´¾ [البقرة: 187] فلتكن التقوى لك شعاراً في رمضان وغير رمضان.





32- الجلوس في المسجد بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس، في رمضان وغيره، وكذلك المرأة لها أن تجلس في مصلاها، ففي صحيح مسلم عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ أَنَّ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا صَلَّى الْفَجْرَ جَلَسَ فِى مُصَلاَّهُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ حَسَنًا.





33- مما يعين على مواصلة العمل الصالح، أن تجعله هدفًا معينًا، فمثلاً: ختم القرآن كل (10) أيام يعني في كل يوم (3) أجزاء، وألزم نفسك به.





34- مصحفكِ لا يفارقكِ في رمضان، فأكثري من تلاوته وتدبره وحفظ شيء منه.





35- أخرج صدقة في الليل وصدقة في النهار كل يوم ولو بضع ريالات، واجمع ذلك ثم أعطه المحتاجين، فقليل دائم خير من كثير منقطع، قال الله تعالى: ï´؟ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ï´¾ [البقرة: 274]، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إِلاَّ مَلَكَانِ يَنْزِلاَنِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا وَيَقُولُ الآخَرُ اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا)؛ متفق عليه.





36- انتظار الصلوات فيه فضل عظيم من دعاء الملائكة وتكفير الخطايا ورفع الدرجات، فليكن لك نصيب منه.





37- اربط أعمالك الصالحة بروابط حتى لا تدعها، مثلاً: قراءة القرآن بعد صلاة معينة، مثلاً: بعد صلاة الفجر وبعد صلاة العصر، فلا تخرج حتى تقرأ ما حددت لنفسك.





38- حاول قدر الاستطاعة الانتهاء من تجهيزات العيد من ملابس ونحوها قبل دخول الشهر، أو على الأقل في أوله.





39- وضع حلقة لحفظ القرآن في المسجد لمن يرغب من جماعة المسجد وحفظ ما تيسر، فهناك من يريد الحفظ ولكن يحتاج من يساعده.





40- قال الله تعالى: ï´؟ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ï´¾ [البقرة: 186] فأكثر من دعاء الله، وخاصة أوقات الإجابة.





41- قراءة تفسير الآيات التي سيقرؤها الإمام في التراويح، من أعظم ما يساعد على فَهم الآيات وتدبرها والخشوع في الصلاة.





42- وضع صندوق في البيت خاص بجمع الصدقة، وحث أهل البيت من النساء والبنين والبنات على الصدقة، ولتكن البداية في رمضان وتستمر جميع الأيام.





43- التنويع في الأعمال الصالحة، يقضي على الملل ويحقق الاستمرار.





44- تذكر أن قليل دائم خير من كثير منقطع، وأن أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل، فعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم َكَانَ يَقُولُ: "خُذُوا مِنَ الأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ فَإِنَّ اللَّهَ لَنْ يَمَلَّ حَتَّى تَمَلُّوا)، وَكَانَ يَقُولُ (أَحَبُّ الْعَمَلِ إِلَى اللَّهِ مَا دَاوَمَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ وَإِنْ قَلَّ"؛ أخرجه البخاري ومسلم.





45- عبادتكِ في رمضان لها أثر عليكِ في حياتكِ؛ في رمضان وبعد رمضان، فجميل أن يكون أول هذه الآثار: اختيارك لملابسك في العيد موافقة لشرع الله.





46- تذكر وأنت تصوم شهر رمضان، أنه بمقدورك صيام ثلاثة أيام من كل شهر بتوفيق الله وإعانته.





47- كم هو جميل أن يقوم الأب أو الأم بحث الأبناء والبنات على تلاوة القرآن، وختمه وحفظه، ووضع الجوائز والحوافز المشجعة لهم.





48- الاعتكاف سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر، فاعتكف العشر أو بعضها.





49- رمضان فرصة للتغيير، فغير ما في نفسك مما لا يرضي ربك، وتخفف من كل ما يثقل ظهرك من الذنوب والآثام، تجد توفيق الله لك، وتذكر قول الله: ï´؟ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ï´¾ [الرعد: 11].





50- (لاَ يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ)؛ فأكثر من ذكر الله في كل وقت في صيامك وفطرك.





51- لا تكن رمضانيًّا لا تعرف الله إلا في رمضان، بل كن ربانيًّا تعرف الله في كل وقت، وتجتهد في مواسم الخيرات وتسارع فيها بالطاعات.





52- وأنت تقرأ القرآن تدبر ما تقرؤه، وليكن لك ختمة خاصة للتدبر والرجوع للتفسير ومعاني الكلمات، ولو لم تنته منها في رمضان، بل تستمر معك، ستجد فائدتها العظيمة.





53- احرص على نوافل الصلوات: سنن رواتب، صلاة الضحى، نوافل مطلقة، بعض الركعات في الليل.





54- كن أجود الناس في رمضان كما كان نبيك صلى الله عليه وسلم: فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ فَلَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ؛ أخرجه البخاري، ومسلم.





55- يوم الجمعة له فضل عظيم ويعظم فضله في رمضان لشرف الزمان، فاجعل لك نصيبًا في التبكير لصلاة الجمعة وخصه بمزيد من العبادة وكثرة الدعاء وذكر الله.





56- فطِّر ولو بعض الأيام بعض الفقراء والعمال والأُسر، تكسب أجر الصائم وتعوِّد نفسك وأهلك على الصدقة والإطعام.





57- التبكير للصلوات من علامات حب الخير والمسارعة للخيرات، وفيه تحصيل لفضائل عظيمة لها أثر كبير في الخشوع في الصلاة.





58- تعويد الصغار على الصيام فيه تربية وتنشئة على الطاعات، وجميل بيان الأجر لهم، وجعل منافسة بينهم، وجوائز لمن يصوم ولو بعض الأيام.





59- إفطار جماعة المسجد في المسجد مرة أو أكثر، فيه تقارب للقلوب ومزيد من التعارف والمحبة والألفة.





60- في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم- قَالَ: (إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ)، فشهر هذا حاله جدير بأن يكون له شأن عظيم في قلب المسلم، فيخصه بمزيد، عبادة واجتهاد، وألا يكون حاله فيه كحاله في بقية الشهور.





61- فرق بين من ينتظر رمضان؛ ليتزود من العمل الصالح ويستعد للدار الآخرة، وبين من ينتظره ليستمتع بمشاهدة المسلسلات! حتى وإن كانت في قنوات محافظة!





62- احذر أن يدخل عليك الشهر ويخرج وأنت تسمع وتقرأ كلام الله ولم يتأثر قلبك! بل حاول أن تحضر قلبك وأن تدمع عينك خشية لله.





63- وأنت تصوم: استشعر أنك تصوم إيمانًا واحتسابًا لا عادة وموافقة! وبهذا يهونك عليك ما قد تجده من تعب وعطش، بل ينقلب إلى لذة وفرح.





64- احذر أن تصوم عن الطعام والشراب وتفطر على المحرمات! فعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ"؛ أخرجه البخاري، قال ابن عثيمين: (وعلى هذا يتأكد على الصائم القيام بالواجبات وكذلك اجتناب المحرمات من الأقوال والأفعال، فلا يغتاب الناس ولا يكذب، ولا ينمّ بينهم، ولا يبيع بيعًا محرمًا، ويتجنب جميع المحرمات، وإذا فعل الإنسان ذلك في شهر كامل فإن نفسه سوف تستقيم بقية العام).





65- للسلف اجتهاد في العبادة في رمضان؛ يحسن الاطلاع عليه، لترتفع همتك في العمل الصالح والتزود للآخرة، وخصوصا ما يتعلق بتلاوة القرآن، فالشافعي له (60) ختمة في رمضان.





66- الإمام في رمضان تزداد مسؤوليته تجاه مسجده وجماعته وحيه، فجميل أن يكون له دور في التوجيه والوعظ وجمع الجماعة على المحبة والأخوة والصفا.





67- قيل: لا تأكل كثيرًا، فتشرب كثيرًا، فتنام كثيرًا، فتخسر كثيرًا! فتنبه من هذا كله في رمضان خاصة، وتأمل في هذا الحديث العظيم: عن النبي-صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (ما ملأ ابن آدم وعاء شرًّا من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لابد فاعلاً فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه)؛ رواه الترمذي وحسنه.





68- وأنت تشتري بعض مشتريات رمضان، لا تنس أن تتلمس حوائج من حولك من الفقراء، وخصوصًا بعض الفقراء من الأقارب، فخذ بعض المشتريات واذهب بها بنفسك، تجد الأجر وانشراح الصدر.





69- في صلاة المغرب من أول يوم من رمضان، يحضر للمسجد بعض المصلين الذين لا يشاهدون في الأيام العادية، فمن المتعين على إمام المسجد والجماعة الاهتمام بهم، وتقديم النصيحة لمن لا يشهد صلاة الجماعة.





70- الاستغفار شأنه عظيم وفضله كبير، فأكثر من الاستغفار في كل وقت وخص الأسحار بمزيد من الاستغفار، قال الله تعالى: ï´؟ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ï´¾ [الذاريات: 18]؛ قال السعدي: ï´؟ وَبِالْأَسْحَارِ ï´¾ التي هي قبيل الفجر (هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) الله تعالى، فمدوا صلاتهم إلى السحر، ثم جلسوا في خاتمة قيامهم بالليل، يستغفرون الله تعالى، استغفار المذنب لذنبه، وللاستغفار بالأسحار، فضيلة وخصيصة، ليست لغيره، كما قال تعالى في وصف أهل الإيمان والطاعة: ï´؟ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَا ï´¾ [آل عمران: 17].[انتهى كلام السعدي].





ختاما:


هذا ما تيسر من هذه الومضات التي هي عبارة عن إشارات وتنبيهات لاستغلال رمضان، وعمارة أوقاته بطاعة الله، والتزود فيه للدار الآخرة.





فأسأل الله أن يوفقنا لاستغلال أوقات رمضان بما يقربنا إليه، واغتنام نعمة إدراكه، فالموفق من يبادر بالعمل الصالح، وخصوصًا عندما يعلم أن العمر قصير والموت قريب، فلا يدري إن بَلَغَ رمضان هذا العام هل يدركه مرة أخرى!





لذلك جدير بمن بلّغه الله شهر رمضان أن يجتهد فيه بالعبادة، فلعله يكون آخر رمضان في حياته، نسأل الله حسن الخاتمة. اللهم آمين.





شكر خاص:


لمن راجعها وصححها ولمن نشرها وطبعها ووزعها فكتب الله لنا ولهم الأجر اللهم آمين.


والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.





ابوالوليد المسلم 08-05-2020 09:48 PM

رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
 
رمضان السلَف.. وإعلام الخلَف!!!


د. خاطر الشافعي


كعادتها، لا تتواني آلاتنا الإعلامية، عن الإعلان بقرب حلول خير شهور العام – شهر رمضان -، في ظاهرٍ عنوانه الفرح والسرور، ولكن كيف؟؟ ولماذا؟؟!!!.

كيف لا تخفي على أحد، فها هي إعلانات عن مسلسلات (رمضانية) ورمضان منها براء!!!..

و هاهي إعلانات عن برامج أكلات (رمضانية) وكأن غاية صيامنا البحث عن أشهى المأكولات !!!..

إنه الإعلام الموجَّه نحو طمس مفاهيم الدين، يربط في خبثٍ شديد بين رمضان (كزمانٍ) وبين اللهو بالمسلسلات والفوازير والمسابقات والبرامج لدرجة أن هناك الكثير من العادات ترسخت في أذهان الكثيرين مرتبطة برمضان، ما بين فانوس رمضان وفوازير رمضان ومسلسلات رمضان!!!

إنه الربط الخبيث بين رمضان (كقيمة) و (كمفهوم) وبين مظاهر وعاداتٍ ما كان بينها وبين بقية شهور العام من تناسق، فما بالنا بخير الشهور؟؟!!!

إنه محاولة الإعلام الخبيث تفريغ المعنى من مفهومه، وإهالة الحُجُب على العقول، لتأخذ النفس بعيداً عن روحانية الشهر وصيام الجوارح!!!

إنه محاولة اختزال القيمة في لهوٍ غير خافٍ على كل ذي عقلٍ رشيد!!!

إنه محاولة الإطاحة بقِيَم الشهر الفضيل، وربطه بما لا يليق ولا يصح ولا يجوز!!!

ما لهذا كان رمضان أبداً!!!

نظرة بسيطة جداً لسلفنا الصالح ستوضح الصورة..

قال ابن القيم -رحمه الله تعالى-: "وكان من هديهِ صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان: الإكثار من أنواع العبادات، فكان جبريل -عليه الصلاة والسلام- يدارسه القرآن في رمضان، وكان إذا لقيهُ جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة، وكان أجـودَ الناس، وأجود ما يكونُ في رمضان، يكثر فيـه الصدقة، والإحسان، وتلاوة القرآن والصلاة والذكر، والاعتكاف. وكان يخص رمضانَ من العبادةِ ما لا يخص غيره به من الشهور، حتى إنه كان ليواصلُ فيه أحياناً ليوفر ساعات ليلهِ ونهارهِ على العبادة) "زاد المعاد في هدي خير العباد(2/30). الناشر: مؤسسة الرسالة - مكتبة المنار الإسلامية -بيروت- الكويت. الطبعة الرابعة عشرة (1407). تحقيق: شعيب الأرناؤوط - عبد القادر الأرناؤوط).

وهذا الإمام البخاري -رحمه الله- كان إذا كان أول ليلة من شهر رمضان، يجتمع إليه أصحابه فيصلي بهم ويقرأ في كل ركعة عشرين آية، وكذلك إلى أن يختم القرآن. وكان يقرأ في السحر ما بين النصف إلى الثلث من القرآن، فيختم عند الإفطار كل ليلة ويقول: عند كل الختم؛ دعوة مستجابة.(صفة الصفوة (4/170). الناشر: دار المعرفة- بيرت. الطبعة الثانية (1399). تحقيق: محمود فاخوري- د.محمد رواس قلعه جي).

وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: "إذا صمت فليصم سمعك وبصرك، ولسانك عن الكذب والمحارم، ودع أذى الجار، وليكن عليك وقار وسكينة يوم صومك، ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء".

إذا لم يكن في السمع مني تصاون https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وفي بصري غض وفي منطقي صمت https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

فحظي إذا من صومي الجوع والظمأ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فإن قلت إني صمت يومي ما صمت https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


(لطائف المعارف، صـ(168). لابن رجب).

لنرى إذاً ماذا فعل بنا الربط بين أجمل شهورنا وعادات جاهلية تجعل كل هم النفس إشباع غرائزها وكأنها تصوم كمادة وليس كروح، تجوع وعيونها معلقة بأشهى المأكولات، لا بما كان من تقصير وخطايا!!!.

لتكن نظرتنا أعمق لمغزى عباداتنا، فكما أنَّ الصلاة ليست حركاتٍ تُؤَدى، فالصوم ليس جسد يمتنع عن طعام!!!.

مفهوم عباداتنا أوسع وأرحب وأشمل لما فيه فلاحنا وصلاحنا..

مفهوم عباداتنا يحلِّق بنا بعيداً عن كل الشهوات..

فلنرى كيف كان سلفنا، ولنصُّم أذاننا عن إعلامٍ خبيث، ولنَصُم كما صام السلف..

أسأل الله لي ولكم العافية..

وكل عام وأنتم جميعاً بخير..


والحمد لله رب العالمين، وصلِّ اللَّهم وسلِّم على سيدنا محمد وآله وصحبه والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.




ابوالوليد المسلم 08-05-2020 09:50 PM

رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
 
لصوص رمضان



نانسي خلف





مع اقتراب شهر رمضان الكريم يشرّفني أن أدعوكم - قرّاءنا الكرام - لمشاركتي في استرجاع (شريط سلوكياتنا في رمضانياتنا) لنقوم سوياً بالمونتاج والإخراج، فنسدل الستار عن رمضان جديد بنكهة الحلاوة الإيمانية.




في كل عام يُقبل علينا شهرُ الجود والقرآن وتُقبل معه الأطعمة الغنية والوجبات الشهية، ولكن هذه المرة ليست الوجبات المغذية، وإنما الوجبات الإعلامية المُشْبَعة بدهون الفساد الأخلاقي لترفع نسبة البعد الديني فتُضعف المناعة ولا ننتفع بعدها بأي غذاء روحي يقدمه لنا شهر رمضان المبارك.




من فضلك عزيزتي القارئة، عزيزي القارئ:


هل هذا الإعلام يمثلك؟ هل هذا الإعلام يمثل الصورة الحقيقية للإعلام الرمضاني؟ وهل هذا الإعلام يصل بك لذروة أدائك الإيماني؟




هل يوجِّه، يصوِّب، ويصحّح السلوك والاتجاه ليتّفقا مع أهداف الشهر الفضيل؟


للأسف سَمَّوْه «إعلام رمضاني» وادَّعَوْا أنه موجَّه للصائمين، مما يوحي أنه وُضِعَ لمساعدة الصائمين على استقبال الشهر الفضيل وإعداد خطة أعمال لاستثمار الأوقات بالطاعات والابتعاد قدر الإمكان عن اللهو ومضيعة الأوقات!




ولكن إذا وضعنا هذا الإعلام الذي يدّعي أنه رمضاني تحت المجهر، نرى أنه يشحن أوقات الصلاة بالجواذب الإعلامية حتى يتركَ الناسُ صلاةَ التراويح أو يصلّوا بأجسادهم والعقل في المسلسلات!




وهذا ليس بأمر جديد، فهذه هي عادة الإعلام في شهر رمضان، وأهدافه لا تخفى على كل فَطِن ذكيّ حريص على دينه، ولكن الجديد الذي رأيناه تحت المجهر ولم تره العين المجردة هي «سُوسة» الفساد الجهري والدعوة للفاحشة ولكن هذه المرة بشكل رسمي!




ومن هنا البداية: ماذا يريد هذا الإعلام منا في شهرنا؟


إنه «سُوسة» تنخر في أجساد صائمي هذا الشهر الفضيل لتذيب الحسنات، وبدل أن تخرِّج مَدرسةُ رمضانَ أفراداً صالحين يمتد أثرهم لما بعد الشهر الكريم، فلا خِرّيجين ولا صالحين!!




والإنسان ابن إعلامه! لذلك فلا بد من الوقوف أمام إعصار مفاسد وسائل الإعلام بقوة الإيمان!




والخلاصة، ظهور هذا النوع الجديد من اللصوص -وهم لصوص رمضان الذين سرقوا الصلوات بالمسلسلات، وسرقوا السجدات بالتفكير في الشهوات وسرقوا القيام بما يعرضونه من مُغْرِيات، حتى إنهم سرقوا من أجر الصيام بالمفسدات -والنتيجة: تغيير بوصلة الكثير من الصائمين... عزيزتي وأعِزّائي: رمضان سوق للطاعات قام وسينفَضُّ بعد شهر، ربح فيه من ربح وخسر فيه من خسر!




فلنفتح نافذة رمضان ثم نردد بصوت مسموع: من فضلك يا مدعي الإعلام الرمضاني لن يسبقني إلى الله أحد، وأنا من سيكون بطل مسلسل رمضان، شهر الفضيلة لا الرذيلة.





فهل من أبطال آخرين يشاركونني في هذا المسلسل؟!



ابوالوليد المسلم 08-05-2020 09:51 PM

رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
 
مبارك عليك الشهر (3)


أ. محمود توفيق حسين


عندما تذهب إلى مصنع الحلوى

وتمرُّ وتشتري بثمنٍ رخيص تشكيلةً من الحلويات

التي تنتهي صلاحيتها اليوم

وتضعها في علب أخرى

وتقف بها في الشارع التجاري

في طريق العائدين لبيوتهم قبل موعد الإفطار

وتهلل وتعلن عن تخفيضٍ مغرٍ للزبائن لبيعها بالجملة

ويتزاحمون عليك بأطفالهم الفرحين بالعلب

حتى ينفضَّ بيعك في دقائق

وتعدّ النقود مسروراً

وتتوجه لشراء خبزك وطعامك قبل أن تعود للبيت

لا تفكِّر بأنك صمت كالصائمين عن الطعام

بل فكِّر في أنه ليس للصائم أن يمتنع عن الطعام الحلال..

ثم يفطر على الطعام الحرام!



مبارك عليك الشهر
وقد خرجت منه طيِّب المَطعَم





ابوالوليد المسلم 09-05-2020 11:03 PM

رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
 
بين الغطيط والسهر ضياعٌ!





د. خالد بن سعود الحليبي








دعنا نتساءل: هل الصيام يدعونا إلى الحركة والإنتاج، أم إلى السكون والدعة؟







لو تأمَّلْنا حياة عدد من أفراد المجتمع لوجدنا الإجابة تقول بلسان الحال: إن الصيام تسبَّب في الخمول والتَّراخي، فقلّةُ الأكْلِ تؤدِّي إلى نقص الطَّاقة الجسديَّة، مِمَّا يؤدّي بالتَّالي إلى البحث عن وسائل الراحة، وزيادة حصَّة النوم من ساعات اليوم.



هكذا يعتذر الخاملون لأنفسهم، ولو تأمَّلتَ حياتَهم في غير رمضان لما وجدتَ فرقًا كبيرًا في قدر الإنتاج؛ ذلك لأنَّهم مَرْضى نفوس، يتعلَّلون لكل زمان بما يلائمه؛ ليستمروا في سلبيتهم، وإلا فأين الضعف الذي يتحدَّثون عنه حينما ينظّمون أوقاتَهم؛ ليحفظوا طاقاتهم ويوظفوها فيما يفيدهم؟



إنَّ أوَّل العلاج - أخي الصائم الكريم - أن نُحِسَّ بقيمة الوقت، وأن نوقن أنه يمثل الحياة، والحياة أغلى ما ينبغي أن نحافظ عليه من أماناتنا، والفراغ جوهرة نفيسة قد لا يكتشف الإنسان ثمنَها الحقيقي إلا حين تُنزع منه، وكما أن الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى، كما قيل:




وَالوَقْتُ أَنْفَسُ مَا عُنِيتَ بِحِفْظِهِ وَأَرَاهُ أسْهَلَ مَا عَلَيْكَ يَضِيعُ





إنَّ أمتنا خسرتْ كثيرًا من الطاقات الشابة؛ سخَّروا ما أوتوا من مواهبَ في خدمة شهواتهم، وتلبية غرائزهم، وحسبوا أنهم يعيشون؛ ليأكلوا ويشربوا، ثم ليموتوا، دون أن يتركوا أي أثر إيجابي لهم على هذه الأرض التي كانت تنتظر محراثهم، وبذرهم، وسقيهم.


والسؤال الآن
: هل الوقت في رمضان أقل أهمية منه في غيره؟


على العكس تمامًا؛ فالوقت في رمضان يزداد قيمة وأهمية؛ بسبب الفضل العظيم الذي خصه الله به.


والوقت يتضاعف حينما نستطيع أن نتجاوز الضغوط الاجتماعية علينا، التي تحاول أن تلزمنا السهر الطويل ليلاً، بحجة أن أجواء رمضان الاجتماعية هذه هي طبيعتها عندنا منذ عقود من الزمان، وبطبيعة الحال حين يسهر الإنسان كل الليل، فلا بد أن يعوضه نومًا طوال النهار.



وهنا المعضلة؛ فالليل الرمضاني الذي كان يُقضى أولُه في عصر السلف في صلاة التراويح، ثم النوم حتى ثلث الليل الأول؛ ليكمل مع صلاة التهجد - أصبح في برنامج هؤلاء مدينةً للألعاب يتنقَّلون فيها بين المراجيح، والمسابح، وفطائر الوجبات السريعة.



والنهار الذي كان لكسب الرزق، والسعي في الأرض؛ لإعمارها كما أراد خالقها وخالقنا - أصبح غطيطًا يذهب بالقلوب حتى عن واجباتِها العبادية والاجتماعية.



لقد كنا نقرأ عن السلف مَن يقول: "والله، إنني أتأسف في الفوات عن الاشتغال بالعلم في وقت الأكل؛ فإن الوقت والزمان عزيز"، وقرأنا ما أذهلنا عن النووي - رحمه الله - أنه يقول: "إذا غلبني النوم استندت إلى الكتب لحظة ثم أنتبه".



نهار رمضان يتبارك ويزداد حينما يأخذ الجسم راحته في الليل، الموطن الأصلي للنوم، وحينما يعمل المسلم بالسُّنة فيتسحر متأخرًا، ويُفطِر مبكرًا؛ فإن الامتناع عن الأكل نهارًا يوفر له الزمن الذي كان يقضيه في تناوله، ويزيد من نشاطه؛ ذلك لأن الأكل في وسط النهار سبيل للخمول، وهو ما نشاهده من الرغبة في النوم ظهرًا بعد الغداء مباشرة، ومن ثم الكسل عن أعمالنا، التي ربما كنا ننوي القيام بها قبل أن نتخم بطوننا.



أخي الصائم:


أليس هدرًا أن نضيع شهرًا مباركًا كهذا الشهر في سهر عقيم، وتبديد لأجلِّ نعمة بعد نعمة الإيمان، هي نعمة الوقت الغالية؟!!


حتمًا سيكون جوابك "لا"!!

أخي الصائم:

__________________

ابوالوليد المسلم 09-05-2020 11:04 PM

رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
 
مبارك عليك الشهر (4)


أ. محمود توفيق حسين






عندما تحدث مشادَّة بين زميليك في العمل
وأحدُهما أقربُ لك من الآخر
ويطلب منك صديقك أن تشهدَ أمام الإدارة
بأن الآخر هو المخطئ
وأن تذكر أنه كثيراً ما يسيء لزملائه
وتمضي في الطُّرقة معه رغم أنك لم تحضر المشادة؛
لا تفكِّر بأن الأمر من أعباء الصداقة
ومما للصاحب عند صاحبه
بل فكِّر في أنها شهادة زور
فكِّر بقول الرسول صلى الله عليه وسلم:
(مَنْ لَمْ يَدَعْ قَولَ الزُّورِ وَالعَملَ بِهِ وَالجهْلَ، فَلَيسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ).


مبارك عليك الشهر
وقد خرجتَ منه صادقَ اللسان.







ابوالوليد المسلم 09-05-2020 11:06 PM

رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
 
تستحوذ مبيعات الاتصالات على 1.5 مليار ومدن الترفيه على 200 مليون







مختصون لـ"الاقتصادية":


15 مليارًا حجم إنفاق الأسر خلال الأسبوع الأخير من رمضان


د. زيد بن محمد الرماني





وجدي القرشي - مكة المكرمة



قدر اقتصاديون معدلات صرف الأسر السعودية خلال الأسبوع الأخير من رمضان بأكثر من 15 مليار ريال، بينما سجلت مبيعات قطاع الاتصالات في مكة وحدها أكثر من مليار ونصف المليار خلال العشر الأواخر من رمضان.






وقال الدكتور زيد الرماني، المستشار الاقتصادي وعضو هيئة التدريب في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية:



"قبل عدة سنوات قريبة كنا نقيس معدلات صرف الأسر السعودية بالملايين، ولكننا في هذه الآونة الأخيرة تجاوزنا هذه الأرقام وأصبحنا نتحدث عن معدلات صرف بالمليارات، وهذا مؤشر خطر في ظل غياب الحراك الفعال لمعالجة هذا الوضع الخطير سواء من الدولة أو من قبل الأسرة نفسها، وأصبح رمضان والعيد أقرب إلى قبح التبذير من حسن التدبير".






وقدر المستشار الاقتصادي معدل صرف الأسر في آخر ستة أيام من شهر رمضان بنحو 15 مليار ريال، يذهب 40 في المائة منها إلى شراء الكماليات، و60 في المائة منها لشراء الأساسيات، بينما قدر معدل الإنفاق على المدن الترفيهية في مدن كالرياض أو جدة أو المنطقة الشرقية بنحو 200 مليون ريال في اليوم الواحد.






وأضاف الدكتور الرماني:



"راتب شهر رمضان لن يستطيع رب الأسرة السيطرة عليه، وذلك للمتطلبات الكبيرة التي تنتظره بمجرد ما يحصل على الراتب، فبحسبة بسيطة نتوقع أن 10 في المائة من هذا الراتب يذهب إلى شراء مستلزمات رمضان المتبقية وجلها تكون في الأطعمة والمشروبات، بينما يذهب 10 في المائة إلى سداد الفواتير والأقساط بحكم أن الغالبية العظمى من السعوديين يرزحون تحت وطأة الأقساط، بينما يذهب 40 في المائة من الراتب إلى شراء مستلزمات العيد، و30 في المائة ستذهب حتما إلى شراء مستلزمات المدارس ومتطلباتها على اعتبار أن بداية المدارس ستكون قبل حلول راتب شهر شوال، وبالتالي لا بد أن تدخل هذه الأمور في حسبة راتب شهر رمضان، أما المتبقي من الراتب وهو 10 في المائة، فهل ستكفي في أن يصرفها رب الأسرة على العيد؟، ولا سيما أن هناك زكاة ستخرج لمستحقيها، وترفيه للأبناء، وولائم للعيد".






من جانبه قال الحضري همام، وهو رجل أعمال:



"إن معدلات البيع اليومية لمحال الاتصالات في العاصمة المقدسة يبلغ نحو 100 مليون ريال، وترتفع هذه الأرقام خلال العشر الأواخر من شهر رمضان بحيث تلامس المبيعات سقف المليار ونصف المليار تقريباً في هذه الفترة فقط من أيام الخير من هذا الشهر الفضيل".







وأضاف الحضري، "بكل تأكيد هناك انخفاض في المبيعات لهذا العام نظراً لأن الأعداد القادمة من خارج السعودية تم تقليصها بسبب المشاريع التنموية التي تنفذ في المسجد الحرام، وبالتالي خروج نسبة كبيرة كنا نعول عليها في القوة الشرائية وهم الزوار والمعتمرون من خارج السعودية، حيث أصبح هناك انخفاض في المبيعات يصل إلى أكثر من 60 في المائة".






من جانبه، أبان عماد نوري، وهو أيضاً رجل أعمال، وصاحب متاجر غذائية في العاصمة المقدسة أن مبيعات الحلويات في مواسم العيد تصل إلى أكثر من 700 مليون ريال، مشيراً إلى أن هناك ارتفاعاً في أسعار الحلويات، ولكنه ارتفاع طفيف قد لا يتجاوز 2 في المائة".

وأضاف نوري، إضافة إلى الحلويات فهناك أيضا مبيعات المواد الغذائية التي تنافس مبيعات الحلويات وخصوصاً أن الأسر المكية تفضّل المواد الغذائية كالأجبان وغيرها في موائد إفطارهم صباح يوم العيد.


ابوالوليد المسلم 11-05-2020 01:30 AM

رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
 
سُرَّاق روحانية رمضان











عبدالله عبدالحكيم






من نعم الله على الإنسان المسلم في هذه الحياة أن هيأ له الأماكنَ والأزمانَ لاغتنامِ الأوقات ومنَّ عليه بكرمه بمضاعفة الأجورِ في الأعمالِ رحمةً من الله وحباً بتقرب عبادهِ إليه.






فمن ذلك شهرُ رمضانَ الكريم الذي أُنزل فيه القرآن وفيهِ ليلةٌ خيرٌ من ألف شهر ولله في كلِّ ليلة عتقاء من النار وفضائل عظيمة كلها عطايا وهبات أنزلها على العباد للازديادِ من الطاعاتِ، وتكثيرِ الحسناتِ، والفوز برضوانِ الله، وجبر للمعاصي والذنوب فنعيشُ أجواء إيمانية وروحانية طيلةَ الشهر.






ولكن في المقابل هناك أمور تسرقُ روحانيةَ رمضان، وخاصة في العالم الإسلامي والعربي فها هي الأزمات، والصراعات، والظلم، والقتل، والمجازر، والمذابح اليومية في البلدان الإسلامية من سوريا، وفلسطين، وبورما، والعراق، إلى مصر وغيرها جعلتنا نفقد لذة الطمأنينة والطاعةِ والراحة النفسية، ولننظر أيضا إلى تلك المسلسلاتِ الهابطة والبرامجِ الهدامة للمبادئ والقيم الإسلامية بدأت تتغلغل في نفوسنا، وتختار شهر العبادات لتحتل محل الشياطينِ المصفدة، وتنسلخَ ما تشربنا من وحي الهدى والنور بأفكار غربية وبث الفتنة، والشبهات، وكشف المرأةِ وبيع كرامتها لتجارة خاسرة.






ثم تتعجب من الإعلامِ الذي يتجاهلُ عظمة هذا الشهر الذي يغيبُ عن نقل الصورةِ الحسنة لينشغلَ بقضايا تافهة أو غير مهمة في الوقتِ الذي تحتاجُ الأمة في الزمنِ الراهن إلى بذلِ جميع الطاقات الإعلاميةِ لمعالجة قضايا الأمةِ الإسلامية والسياسيةِ والاجتماعية وبرامج هادفة قوية تسعى لنشرِ الوعي، وإصلاحِ المجتمع.






وأما دورُ الفرد في رمضان في الواقع ترى أصنافاً من الناس فمنا من يقضي أوقاتهُ في موائد الغيبة والنميمة والقيل والقال، ومنا من يصومُ نهاره في النوم ويسهر على اللعب والمجالس والأسواق، ومنا من تشغلهُ الأجهزة الحديثةُ لفترات طويلة، ومنا من يكونُ حبيس الجوعِ في النهار وغارق في الأكل الملهي عن العبادة في الليل، ومنا من يسرقُ الأمانة ومراقبة الله بالغلاءِ الفاحش في السلع وزيادة الأسعار لاستغلالِ الحاجةِ في هذه المواسم.






هذه وغيرها والله المستعان سُرقت روحانية رمضان من كثيرٍ من الناس، وأصبحنا نتغافلُ عن الطاعات وقراءة القرآن والصدقات والأعمالِ الصالحة وغيرها من الفضائلِ في هذا الشهر.






لنعلم أن جميعنا في تقصيرٍ وغفلة وخاصة وأنَّ رياحَ الشهوات المستوردة تحيطنا من كل جانب، لنتذكر الغايةَ التي من أجلها شُرعَ الصيام ألا وهي التقوى.






وأخيرا يا من سرقتَ روحانية رمضان حدك قطعك لطرق الشهوات والإقبال على الله وطرق أبوابِ التوبة والرحمات، وكتب الله لنا ولكم العتق من النيران.






ابوالوليد المسلم 12-05-2020 02:25 AM

رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
 
الصيام وآثاره في الفرد والمجتمع



الشيخ محمد الطاهر النيفر




{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183].



مِن أعظم مِنَن الله - تعالى - على هاتِه الأمَّة المحمديَّة، أن كَتَبَ عليها الصِّيام كما كَتَبَه على الذين من قبلها، فكان أحدَ الأُسُس المتينة التي أقيم عليها الإسلام، وإحدى دعائمه المُحْكَمة، التي لا يقوى على تخريبها تقادُم العصور، ومَعَاول الأيام، فأثارُه في تقويم النُّفوس البشرية أعظم من أن تُحْصى، وفوائده للمجتمع أكثر من أن تستقصى، وناهيكَ بعبادة ضَمَّت للتقريب من الله زُلْفى، تطهير النفوس مما عسى أن يلتحقَ بها من خشونة الطبع، وضعف العاطفة نحو ذلك البائس الفقير، الذي ترتبط معه بهاتيكَ الرابطة العظمى، رابطة الإسلام التي لا تَنْفَصِم عُراها، ومتى عَمِلَتْ هاتِه العبادةُ عَمَلَها في النفوس، بَسَطَتْ بعضًا منَ النّعَم التي آثَرَها بها المُتصرف الحكيم على السائل والمحروم، فتصبح سعادة البَشَر عامة ولو إلى حين، وإذ قد لَمَّحنا لك في هاته النّبْذَة لعظيم فوائده، وجليلِ قَلائده، فيجدُر بنا أن نُفَصِّلَ لكَ - أيها القارئ الكريم - بعضًا من هاتيكَ الفضائل الجمَّة، في الحال والمَآل، والله الموفق وعليه الاتِّكال.


إنَّ مَن نظر بعين الهداية والتوفيق، لما سَنَّه الله لنا في هاتِه الشَّريعة السَّهلة، المُحْكَمة النظام، وجده لا يخرج عن إصلاح مفردنا وجمهورنا، في دُنيانا وبعد نُشُورنا، حتى نكونَ في سعادة شاملة، وخيرات فضائلها مُتكامِلة، وقد كانتْ عبادة الصَّوم جامعة لهاتِهِ الفضائل الثلاث؛ أعني: خير الآخرة، وإصلاح الفرد، والمجتمع؛ ولذا رأينا أنَّ الحديث في هذا المقام يتناوله من ثلاث جهات: فضائله الأخروية، فوائده الفردية، آثاره الاجتماعيَّة.


فضائله الأخرويَّة:
إنَّ الله - تبارك وتعالى - أوجَبَ الصوم في شهره المبارك، ورغَّب فيه، ووعد بجزيل العطاء عليه، فقال: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 184]، ونسبه الله لنفسه مِن بين سائر العبادات إظهارًا لشريف مقداره، وجلائل آثاره، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم -: ((قال الله - عز وجل - كُلّ عمل ابن آدم له، إلاَّ الصَّومَ، فإنَّه لي، وأنا أجزي به، والصيام جُنَّة، فإذا كان يوم صيام أحدكم، فلا يَرْفُث، ولا يصخب، فإن سَابه أحد أو قاتَلَه، فلْيَقل إنِّي صائم، إني صائم، والذي نفس محمد بيده، لَخَلُوفُ فم الصَّائم أطيب عند الله مِن ريحِ المِسْك، للصَّائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه))؛ رواه البخاري وغيره، واللفظ له. والوجه في اختصاص هاتِهِ العبادة بالانتساب للذَّات العَلِيَّة، أنه لا يداخلها ما يمكن أن يصاحب العبادات العمليَّة، من رياءٍ وتظاهر بالطاعة، فهي العبادة التي لا يَطَّلع عليها سواه، ولا تكون إلاَّ لله؛ وإظهارًا لمزيد فضل الصوم، خَصَّ الله - تبارك وتعالى - باب الرَّيان في الجنة بالصائمين؛ تمييزًا لهم عن سائر عباده، الذين شَملهم فضله وإحسانه، فكانوا منَ الفائزين؛ كما وعد - جل فضله - بِمَحْو جميع الخطايا والذنوب، لِمَن أتمَّ صومه على الوجه المطلوب، وشَفَّعَه في صاحبه يوم لا يغني مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم؛ فعن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((الصِّيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أَيْ ربِّ، منعته الطعام والشهوة، فشَفِّعْني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل، فشفعني فيه، قال: فيشفعان))؛ رواه أحمد، والطبراني في الكبير، ورجاله محتج بهم في الصحيح، ورواه الحاكم، وقال صحيح على شرط مسلم.


فإذا كانت هاتِه فَضَائلَه، وتلك مَزَاياه، فالعَجَب كُلُّ العَجَب ممَّن عنه يُعْرِضون، ويستبدلون هاتيكَ السعادة الأبديَّة بإرضاء الشَّهوة البهيميَّة، واتباع مَلَذَّاتهم الدَّنِيَّة، فيخرجون بصفقة المغبون، شأن مَن أَضَلَّه الشيطان، واتَّبَع هواه، فانقلب على وجهه مذمومًا مدحورًا، خَسِر الدنيا والآخرة، ذلك هو الخسران المبين، وليس صوم المُؤمن بتَرْك طعامه وشرابه، والإعراض عن إرضاء الشَّهوة الغريزيَّة فقط؛ وإنما الصَّوم بِتَرْك ذلك كله، مع الإعراض عن القيل والقال، وتجنب لغو الكلام وفواحشه، والابتعاد عن انتهاك الحرمات، والتَّعَرُّض لعيوب المخلوقات.


فقد ثَبَت في بعض الآثار، أنَّ جُرْم التَّعَرُّض للغير بما لا يُرضيه - يساوي ما أَعَدَّهُ الله من عظيم الجَزَاء على صومه، وعليه أن يَتَجَنَّبَ الرَّفَث والصَّخب، وما يُؤَدِّي لإيقاد العَوَاطف وجَلْب اللعن والغضب، فإن سابَّه أحد أو شاتَمه، فلْيَقُل: إنِّي صائم، إني صائم، وفي الحديث الشَّريف عن أبي هريرة - رضيَ الله عنه -: ((مَن لم يدع قول الزُّور، والعمل به، فَلَيْس لله حاجة في أن يدع طعامَه وشَرابه))؛ أخرجه البخاري.


وإذا كان الصيام جُنَّة - كما في حديث أبي هريرة المُتَقَدِّم - أي: ساترًا منَ النَّار، فكيف نجعله مطيَّة للوقوع فيها، فإنَّا أصبحنا نشاهد - ويا لَهَول ما نشاهد - في أغلب أوقات الصيام كَثْرةَ الخِصَام والسباب، والإفراطَ في المُوَاجهة ببذيء القول، وفواحش الخطاب، وَلَرُبَّمَا وصل بهم الأمر للخروج عن دائرة الإسلام، وهم لا يشعرون، فإذا أنحيت على مرتكب ذلك باللَّوم والتَّعنيف، اعتَذَر بأنَّه صائم؛ كأنَّما صومه بذلك أغْرَاه، وما درى المسكينُ أنَّه عن مِثْل ما وَقَع فيه ينهاه، وأنَّه جاء بما يُوازِي إحباط مسعاه، فالواجب المُحَافظةُ على اللسان، فإنَّه أصل كلِّ بليَّة للإنسان، وتعمير أوقاتِه بمختلف الطَّاعات، وذكر خالِق الأرضِ والسَّموات، سبحانَه الكبير المُتعال، فالطاعة يعظم جَزَاؤُها بزيادة فضل أوقاتها، وتَتَفَاوَت درجاتها بِتَفاوت أمكنتها في الشَّرَف والفضل؛ فعن سلمان - رضي الله عنه - قال: خَطَبنا رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - في آخر يوم من شعبان، قال: ((يا أيها الناس قد أَظَلَّكم شهر عظيم مبارك، شهر فيه ليلةٌ خير من ألف شهر، شهر جَعَل اللهُ صيامه فريضة، وقيام ليلِه تَطَوُّعًا، مَن تَقَرَّبَ فيه بخصلة كان كمَن أَدَّى فريضةً فيما سواه، ومَن أَدَّى فريضةً فيه كمَن أَدَّى سبعين فريضة فيما سواه، وهو شهر الصَّبر، والصَّبرُ ثوابه الجنة، وشهر المواساة، وشهر يُزَاد في رزق المؤمن فيه، مَن فَطَّر فيه صائمًا كان مغفرة لذنوبه، وعتق رَقَبَتِه منَ النار، وكان له مثل أجره، مِن غير أن ينقصَ من أجره شيء))؛ رواه ابن خُزَيْمة في صحيحه، ثمَّ قال: صَحَّ الخبر، ورواه من طريق البيهقي، ومما أرى لزامًا التَّعَرُّضَ له في هذا المقام - ما اعتاده غالب المسلمين من تعمير لياليه بألعاب اختلفت أنواعها، وتَعَدَّدَتْ أوضاعها، وجميعها لا يخرج عما كانت الشريعة تأباه؛ رأفةً بنا، وحرصًا علينا من أن نضيع الوقت الثمين، فيما لا نجني من ورائه فائدة بإحدى الدارين، والأنكى من ذلك كله أنَّ منَّا مَن يقضي هاتيك الليالي الفُضْلَيات في الميسر، أو غشيان الملاهي، ودور الفسق والفجور، حيث تُهْتَك ستور الشريعة الطاهرة، ويُدَاس الخُلُق النبيل، ولا يرى أرباب هاتيك المحلات بأسًا، في الإعلان عن تلك الحفلات الجامعة لشَتَات المُنكرات، فيكون عاملاً على إفشاء الفاحشة في قومه، وتعميم الرذيلة بينهم؛ كأنما إسلامه عن ذلك لا ينهاه، والخُلُق الفاضل لا يأباه، وإني لأعجب من مثل هذا الخِبِّ اللَّئيم، كيف ارتضى لنفسه هاتِه المهانة؟! وَتَدَلَّى بها لدرك الحقارة والإدانة، فجعلها واسطةَ سوءٍ، بين فُجَّار بني آدم والساقطات من بنات حواء، فجمع بينهما في محله؛ طمعًا في الاستحصال على بعض الدُّرَيْهِمات، التي تكون سُحْتًا عليه، ولا تُثْمِرُ - بحمد الله - لديه، فأَعْرِضوا - أيها المؤمنون - عن جميع ذلك، فإنَّ مَنِ اتَّبَعَ هواه وجد الشيطان إلى قلبه سبيلاً، فَأَضَلَّهُ طريق الرشاد، وأوشك أن يأخذه الله بما كسبت يداه، فيصبح من النادمينَ، وهيهات أن يعود له ما فات، أو تُفِيده الحسرات والتَّأَوهات، واستبدلوا ذلك بإحياء لياليه بالعبادة، والتوبة من الذنوب والدعاء بالإنابة، فمن ليالِيهِ ليلةُ القدر، التي هي خير من ألف شهر، ومَن أحياها بما يُرْضي الرب الكريم، غُفِر له ما تَقَدَّمَ مِن ذنبه؛ فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه و سلم - قال: ((مَن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا، غُفِر له ما تَقَدَّمَ من ذنبه، ومَن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غفر له ما تَقَدَّمَ من ذنبه))؛ أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما، وقد أخفاها الله – تعالى - ترغيبًا لنا في إحياء جميع لياليه، حتى يَعْظُمَ الزاد لِيَوم اللقاء والمعاد، فنكون منَ الذين ابْيَضَّتْ وجوههم؛ فكانوا منَ الآمنينَ.


فوائده الفردية:
أولها الصِّحَّة، فالصَّوم رياضة تُجَفِّف الرطوبات البدنية، وتُفْني المواد المُنْهِكَة للقوى، التي كثيرًا ما يتولد عنها أمراض، يصعب علاجها، ويخفى سببها، فقد أثبت ابن سينا الحكيم أنَّ هاته المواد تَتَوَلَّد منَ الطعام، وتكثر حتى ينجم عنها أمراض معضِلة، يخفى عن الحكيم سببها في غالب الأحيان، ولا وقاية منها إلاَّ بالإعراض عن كثرة الأكل زمنًا في كل سنة، وتابعه فيما قرره حكماء أُورُبَّا من بعده؛ إذًا فالصَّوم وإن تولد عنه الضعف والذبول في بعض الأحيان، فعاقبته القوة والنمو، ألا ترى إلى النبات، الذي يُمْنَعُ في بعض الأحيان السَّقْيَ، حتى يذبل، ثم يُفَاض عليه الماء، فيعاوده نُمُوُّه وَزَهْوُه بصفة أتم وأحسن مما لو استمرَّ سقيه، والكثير منَ النباتات استمرارُ سقيها يؤدي لتَلَفِها، ومنها كسر صورة الشهوة، وكبح جماحها، حتى يصبح قيادها بيده، ولا يتم ذلك إلاَّ بتيسيريها طبق رغبته، لا طبق مرغوبها، ولا أرى خطرًا يقضي على كيان الإنسان في هاتِه الحياة، ويسلب سعادته بعد موته، كتَغَلُّب الشهوة على العقل، فإن مَن طَغَت شهوته عليه أفرط في اتباع هواه، وانغمس في مَلَذَّات هاته الحياة، وعندئذ تنطمس من نفسه أشعة الصفات الكريمة؛ كالعفة، والقناعة، والحياء، والسخاء، فتصبح الفضيلة وقد تَهَدَّمَت من نفسه أركانها، وَتَزَعْزَع بنيانها، وفي ذلك البلاء العظيم لأمته جمعاء، فصلاح الأمة بحسن تهذيب أفرادها.



ومن فوائده العظيمة




آثاره الاجتماعية: أعظمها التَّسوية بين الأغنياء والبائسين، وأهل الخصاصة والمترفين، في فَقْد دواعي اللَّذَّة، وموجبات النعم، وفي هاته التسوية تعميم الألفة بين أفراد الأمة الواحدة، والإعراض عما يدعو للتخالف الناشئ عن تَرَفُّع بعضهم عن بعض، ومتى صَفَتِ النفوس منَ الأحقاد والتنافر، حصلت السعادة العامة للجميع، والتآلف بين أفراد الأمة المحمدية في مقدمة الأمور التي جاء الإسلام داعيًا إليها، في كتابه الحكيم، وعلى لسان الصادق الأمين قال - عليه الصلاة والسلام -: ((ترى المؤمنين في تراحمهم، وتوادهم، وتعاطفهم، كَمَثَلِ الجسد، إذا اشتكى عضو منه، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى))؛ أخرجه البخاري، عن النعمان بن بشير - رضي الله عنه - ومنها تَعَدِّي نِعَمِ ذَوِي اليسار لأهل الخَصَاصَةِ والإعسار؛ لأن مَن تَذَوَّقَ طعم المكاره، حَنَّ قلبه لأهلها، فكان ذلك حاملاً له على مُوَاساتهم، وإعانتهم على التَّخَلُّص من الشدة، التي يتخبطون فيها، وفي هذا القَدْر كفايةٌ وذِكْرى، لمن ألقى السمع وهو شهيد.

: توطين النَّفس على المكاره، وتعويدها الصَّبرَ، وعدم الجزع؛ حتى يتمكن من تأديبها، طبق ما يمليه الشرع والعقل، ويقتضيه الشرف وحسن الشيم، ومن لم يوطن نفسه على هاته الصفات، أصابه يوم يعضه الدهر بنابه، والزمان ذو ألوان من جراء ذلك العذاب الأليم، فالذي لا يملك نفسه عند الجزع والشدة لا يقدر على التَّخَلُّص منها، وفي ذلك هلاكه المحقق، وخسرانه المبين؛ ولذا كانت العرب تضرب للإبل الأخماس بالأسداس، استعدادًا بها للسفر في الصحاري والقفار؛ حتى تتمكن من قطع هاتيك المسافات الشاسعات، التي قَلَّ أن يظفر مجتازها بمرغوبه من زلال الماء، ومن أعظم الأغراض التي يرمي إليها الإسلام، وتوطين نفوس أهله على هاته الصفات الجليلة، التي بها سعادة البشر في جميع أطوار حياته، ومن فوائده أيضًا معرفة قيمة النِّعَم، حتى يحسن التصرف فيها والاحتفاظ بها، فإن النعم لا تدرك حقَّ الإدراك إلاَّ بزوالها، والأشياء تعرف بأضدادها.






ابوالوليد المسلم 12-05-2020 02:32 AM

رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
 

https://dl.dropbox.com/u/63580683/f604.gif





رمضان.. شوقاً إلى الجنة

د. هاني درغام


هل تشتاق إلى موطنك الأصلي؟


هل تذكر يوماً وأنت في طريق عودتك إلى مدينتك أو بلدتك بعد رحلة طويلة أو قصيرة سافرت فيها بحثاً عن الرزق والمعاش أو طلباً للعلم أو العلاج.. هل تذكرت مشاعر الشوق والحنين وأنت في طريق عودتك وأنت تُمنّي نفسك بالوصول إلى بيتك حيث الراحة والسكينة والطمأنينة؟

هل علمت أنك مخلوق أُخروي بالدرجة الأولى تنتظر مثلما ينتظر المسافر الفرصة المناسبة للعودة إلى وطنك الأصلي.. (الجنة)؟ وهذا ما صرح به إبراهيم بن أدهم رحمه الله فقال:

(نحن نسْلٌ مِن نسْل الجنَّة، سبَانا إبليس منها بالمعصية، وحقيقٌ على المسبي ألا يهنأَ بعيشه حتى يرجعَ إلى وطنه).

أواه.. إنها الجنة:

هل تشتاق إليها؟؟ هل تحن إليها؟

قل لي بربك.. كم مرة تفكر فيها في اليوم أو في الأسبوع أو حتى في الشهر؟

وا حسرتاه... لقد طغى ظلام المادة في حياتنا على نور الحق وسمو الروح.. واستحوذت الدنيا بمُتعها التافهة الزائلة على اهتمام الكثير من الناس وصارت أكبر همهم ومبلغ علمهم وشغلوا بها عن الحياة الآخرة الدائمة ونعيمها.

دعني أسألك .. كم مرة تفكر في الدنيا في الساعة أو في اليوم؟

ما الذي يشغل بالك في هذه اللحظة؟

هل شيء غير المال والبنون والملبس والمطعم والشهادات والألقاب والأفكار التافهة والنزوات الفارغة الوضيعة ومطالب النفس الحيوانية الباطنة والظاهرة إلا من رحم ربك؟

رمضان ونسائم الجنان:

ما أجمل أن تستغل رمضان هذا العام للتحرر من أسر هذه المادية البغيضة.. لتستعيد النفوس شوقها ولهفتها إلي الجنة, وتسترجع الروح سموها وصفائها.. كيف لا وفي شهر رمضان تفتح أبواب الجنة وتتزين لعباد الله الصائمين.. فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا دخل رمضان فُتحت أبواب الجنة وغُلقت أبواب جهنم وسُلسُلت الشياطين) (متفق عليه).

وعنه رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا كان أولُ ليلةٍ من رمضانَ صفدت الشياطين ومردة الجن.. وغُلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب.. وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منه باب وينادي مناد: يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر.. ولله عتقاء من النار وذلك كُلَ ليلة) (رواه الترمذيُ وابنُ ماجه والنسائي وحسنه الألباني).

أخي.. أبواب الجنة مفتوحة طوال هذا الشهر الكريم.. فهل شممت عبيرها؟

هل تنسمت أريجها؟.. أم زكمت أنوفنا بالمعاصي والآثام فلم تجد الجنة فيها موضعاً؟!

وا عجباه.. كيف لا تشتاق إلى الجنة وللصائمين بابا يدخلون منه إلى الجنة لا يدخل منه أحد غيرهم.. فعن سهل بن سعد رضي الله عنه أنّ النبيَّ عليه الصلاة والسلام قال: (إنَّ في الجنة بابًا يقال له الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا يدخل منه أحد غيرُهم يقال: أين الصائمون؟ فيقومون لا يدخُل منه أحدٌ غيرهم فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد) (متفق عليه).

للمشتاقين.. صور من نعيم الجنة:

إن سألت عن أرضها وتربتها فهي المسك والزعفران.. وإن سألت عن سقفها فهو عرش الرحمن.

وإن سألت عن بلاطها فهو المسك الأذفر.. وإن سألت عن حصبائها فهو اللؤلؤ والجوهر.. وإن سألت عن بنائها فلبنة من فضة ولبنة من ذهب.

وإن سألت عن طعامهم ففاكهة مما يتخيرون ولحم طير مما يشتهون ï´؟ وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ ï´¾ (الطور: 22).

وإن سألت عن شرابهم فالتسنيم والزنجبيل والكافور ï´؟ وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا * عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا ï´¾ [الإنسان: 17-18].

وإن سألت عن عرائسهم وأزواجهم فهن الكواعب الأتراب اللاتي جرى في أعضائهن ماء الشباب فللورد والتفاح ما لبسته الخدود, وللرمان ما تضمنته النهود ,واللؤلؤ المنظوم ما حوته الثغور , وللرقة واللطافة ما دارت عليه الخصور, تجري الشمس من محاسن وجهها إذا برزت ويضيء البرق من بين ثناياها إذا ابتسمت.. كلما نظر إليها ملأت قلبه سرورا وكلما حدثته ملأت أذنه لؤلؤا منظورا ومنثورا وإذا برزت ملأت القصر والغرفة نورا.

وإن سألت عن فرشها وسررها فهي فرش بطائنها من الإستبرق وزرابي مبثوثة في كل مكان بأجمل الأشكال والألوان تسر العين والخاطر وتبهج النفس ï´؟ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا ï´¾ [الكهف: 31].

وإن سألت عن أسواقها .. فدونك قول النبي عليه الصلاة والسلام : (إن في الجنة سوقا يأتونها كل جمعة فتهب ريح الشمال، فتحثو في وجوههم وثيابهم ، فيزدادون حسنا وجمالا، فيرجعون إلى أهليهم وقد ازدادوا حسنا وجمالا، فيقول لهم أهلوهم: والله لقد ازددتم بعدنا حسنا وجمالا، فيقولون: وأنتم الله لقد ازددتم حسنا وجمالا ) (رواه مسلم).

وإن سألت عن الصحبة فيها.. فهل هناك أعظم وأشرف من صحبة النبي المختار وصحابته الأطهار والتابعين لهم بإحسان من الأخيار والأبرار... تَصَوَّرْ نفسَكَ وأنتَ مَعَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم- تجلسُ في مجلسِهِ، وتأكلُ على مائدتِهِ، وتتأمَّلُ قسماتِ وجهِهِ، وتُمتِّعُ نفسَكَ بابتساماتِه العاطرةِ ونظراتِه الآسرةِ، تقبِّلُ جبينَهُ، تضعُ كفَّكَ بكفِّهِ، تستمعُ إلى كلامِهِ.. تصور نفسك وأنت تتحدث مع أبو بكر الصديق, وتقبّل الفاروق عمر, وتناجي عثمان بن عفان, وتصافح علي بن أبي طالب, وتجلس إلى خالد بن الوليد يحدثك عن جهاده وبطولاته و..

وأروع المسرات وأعظم اللذات على الإطلاق لذة النظر إلى وجه ربك الكريم ï´؟ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ï´¾ [القيامة: 22-23] .. فأي مستوى من الرفعة هذا؟ أي مستوى من السعادة؟

وخلاصة القول:

الجنة فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ï´؟ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ï´¾ [السجدة: 17].

أخي في الله:

ألا خاطبٌ في هذا الشهر إلى الرحمن؟ ألا هل من مشتاق إلى الحور الحسان؟

ألا راغب فيما أعده الله للطائعين في الجنان؟

ألا من مشتاق لدخول الجنة من باب الريان؟

ألا طالب لما أخبر به من النعيم المقيم مع أنه ليس الخبر كالعيان؟

إن العجب كل العجب ممن يصدق بدار البقاء وهو يسعي لدار الفناء.. ويعلم أن رضا الله في طاعته وهو يسعي في مخالفته.

عجبا لك يا مغرور.. ما هذا التواني والفتور؟.. باطنك خراب والظاهر معمور.. آه لو تفكرت في سكرات الموت وفتنة القبور؟

لو تدبرت كتاب ربك لعلمت أن الحياة الدنيا متاع الغرور.

كيف ترجو النجاة وأنت غارق في المنكر والزور؟

فيا من أُخرج أبويه من الجنة بذنب واحد بعد أن كان لها مالكاً.. كيف تطمع بدخولها بذنوب كالجبال لست لها تاركاً؟!

أيها الكسالى والنائمون .. متى تستيقظون؟ متي لفراش الغفلة تهجرون؟ متي تبادرون؟ ï´؟ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ï´¾ [آل عمران: 133].

وصية عملية:

استحضر وأنت تؤدي العبادات والطاعات في هذا الشهر الكريم نعيم الجنة وألوان المتعة واللذة فيها, مستعينا في ذلك بقراءة الآيات التي تتحدث عن وصف الجنة ونعيمها بقلب متدبر ونفس مشتاقة.. فهذا مما يشحذ الهمم ويقوي النفوس كلما أصابها الملل أو زارها الفتور.

احرص في دعائك وخاصة قبل الإفطار أن تقول : (اللهم إني أسألك الجنة وما قرب اليها من قول وعمل.. وأعوذ بك من النار وما قرب اليها من قول وعمل).. ولا تنسى صاحب هذا الكتاب من دعوة صالحة بمرافقتك في الجنة.

إضاءة:

بكى أحد الصالحين عندما قرأ قوله تعالى ï´؟ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ï´¾[آل عمران: 133] فقيل له: لقد أبكتك آية ما مثلها يبكي.. إنها جنة عريضة واسعة.. فقال: يا بن أخي وما ينفعني عرضها إن لم يكن لي فيها موضع قدم؟!

المصدر : كتاب (هكذا علمني رمضان)

ابوالوليد المسلم 15-05-2020 03:05 AM

رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
 
مبارك عليك الشهر (5)


أ. محمود توفيق حسين












عندما تضع زوجتك لكم طعام الإفطارِ بالأطايب المختلفة


وقد بدا عليها الإنهاك بعد أن غابت لساعتين في المطبخ


وتسألها عن نوع الحلوى المفضل لديك؛


الذي دخلتَ إليها المطبخ وطلبته منها


وتُحرج منك، وتعتذر إليك لأنها نسيت


فلا تصرخ في وجهها معترضاً على التجاهل


لا تفكِّر بأنها فعلت ما أرادت فعله ولم تهتمَّ بما يشغلك


بل فكِّر في ألاَّ تنشغل في رمضان بغذاء بطنك.. بل بغذاءِ روحك


لا تفكِّر بأن هذه الحلوى ترتبطُ برمضان


بل فكِّر في أن رمضان لا يرتبط تذوقاً إلاَّ بحلاوة الإيمان.






مبارك عليك الشهر



وقد خرجت منه ولم تعُد همَّتك بطنك




ابوالوليد المسلم 15-05-2020 03:06 AM

رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
 
ونحن في رمضان








حقوق المستهلك وحمى الشراء وجشع التجار!!




د. زيد بن محمد الرماني




مدخل:



إن هناك سلوكيات اقتصادية بدأت في الظهور والانتشار في المجتمعات المعاصرة تمثل عبئاً اقتصادياً لها آثار ضارة على الاقتصاد الأسري، وكذا الاقتصاد الوطني فضلاً عن اقتصاد المجتمعات والدول.






وتعد سلوكيات التخمة وإدمان الشراء والاستهلاك الشره وهوس التسوق والإسراف والترف والتبذير أمثلة نموذجية لتلك السلوكيات الاقتصادية.






وقد ساعد على انتشار تلك السلوكيات والعادات عوامل عديدة، أهمها: إغراق السوق بصنوف الكماليات والإعلان عنها بطريقة مثيرة، وكذا انخفاض الوعي الاستهلاكي لدى معظم أفراد المجتمع، وعدم توجيه الناس بشكل مباشر.






إن الإدمان على الشراء لا يقل خطراً ودماراً نفسياً عن خطر الإدمان على الكحول والمخدرات. جاء في بعض التحقيقات الصحفية: أحدهم يقول: أنزل إلى السوق وليس لدي نية للشراء فخطرت على بالي أشياء فاشتريتها. وآخر يقول: إننا نستسلم للإغراء، فنشتري ما لا نحتاج إليه. وثالث يقول: دائماً أشتري أشياء زائدة عن حاجتي. وإحداهن تقول: إن السبب الرئيس الذي يكون وراء دفع النساء إلى الإفراط في إنفاق المال في الشراء هو السعي الدائم منهن من أجل الحصول على إحساسهن بالرضا.






وللأسف، فلقد باتت حمى الشراء والتسوق تستشري كثيراً؛ لأن ضغوط الشراء الدعائية والتسابق من أجل رفع مستوى المعيشة وتسهيلات البيع وأسلوب العرض تتحكم في الإنسان، وقد أوقعت بأسر كثيرة في شباك الهوس.






إن ظاهرة حمى الشراء، ظاهرة انتشرت بين الناس أفراداً وأسراً ومجتمعات ودولاً وعوالم. ظاهرة اخترقت حواجز العرف والعادة، ودمرت قواعد العقل والقيم، وأجهزت على ما تبقى من الأهداف الشريفة والغايات النبيلة. ظاهرة فريدة في نوعها، ذات ارتباطات قوية مع أخواتها: النهم الاستهلاكي، وهوس التسوق، وإدمان الإنفاق. ظاهرة تنخر في جسد الأمة، وتهدم كيانها باستمرار من قديم الزمن وإلى الآن.






الشراء بين الأمس واليوم:



فيما مضى، كان كل شيء يُقتنى ويُشترى موضع رعاية وعناية خاصة واستخدام إلى آخر حدود الاستخدام، وكانت الأشياء والسلع ت-ُشترى ليحافظ عليها، وكأن شعار ذلك الزمان: ما أجمل القديم.






أما اليوم، فقد أصبح التأكيد على الاستهلاك وليس على الحفظ، وأصبحت الأشياء تشتري كي ت-ُرمى فأياً كان الشيء الذي يُشترى، سيارة، أو ملابس أو آلات من أي نوع، فإن الشخص سرعان ما يمل منه ويصبح توّاقاً للتخلص من القديم وشراء آخر طراز وموديل، وكأن شعار هذا الزمان: ما أجمل الجديد.






يقول أحد الباحثين:



شخص يحتاج إلى سيارة واحدة فقط، لكننا نجده يجمع ثلاث سيارات، زعماً منه بأن منزلته الاجتماعية سوف ترتفع وتكون له وجاهة بين الناس. وآخر يحتاج إلى هاتف، ولكنه يطلب - أيضاً - هاتفاً نقالاً، وجهاز نداء آلي، وهاتفاً خاصاً بالفاكس. إنه إغراء الاستهلاك غير المتزن!!!






المدمن على الشراء فأر تجارب:



إن الإنسان المدمن على الشراء والاستهلاك لا يعدو كونه فأراً لتجارب المصانع التجارية ذات الأهداف الاقتصادية البحتة بكل المعايير. حيث تتسابق المصانع لتسويق منتجاتها وإغراء المستهلكين لشرائها وتملكها، غير آبهين بالأضرار الصحية أو الاجتماعية أو الاقتصادية التي قد تسببها بعض تلك السلع!!.






السلع المعدة للشراء نماذج كرتونية:



للأسف، فقد أصبحت المصانع تنتج آلاف السلع الكرتونية التي لا يتجاوز عمرها الافتراضي بضع سنوات قليلة، مما يجعلها لا تعدو كونها قبراً متناقلاً يدفع ثمنه الفرد برضى تام، ومَنْ يبقى على قيد الحياة، فإنه - بلا شك - سوف يقوم بإصلاح ذلك القبر المتنقل بكل مدخراته أو جزءاً كبيراً منها، فهناك السموم المزخرفة خارجياً، المليئة بالكيماويات والمواد الحافظة والملونة والمسرطنة داخلياً!!!






الشراء النزوي:



إن الشراء النزوي أو التلقائي كما اصطلح عليه، يعني شراء سلع لم تكن في ذهن المشتري قبل دخوله المتجر أو السوق. وقد أصبح هذا النوع من الشراء عادة استهلاكية وظاهرة سلوكية نتيجة لحدوثها باستمرار، خاصة بعد انتشار المتاجر وما يعرف بالسوبر ماركت - الأسواق المركزية - التي تعرض السلع بشكل جيد وجذاب وتستخدم أسلوب الخدمة الذاتية.






وحسب بعض الدراسات والإحصاءات فإن هناك 60% من قراراتنا قرارات نزوية!!.






أسباب الإدمان على الشراء:



إن الإدمان على الشراء قد يكون ردة فعل للكآبة والتوتر النفسي وحالات القلق. فيجد المرء المتنفس الوحيد له في الإغراق في الشراء. وقد يشتري سلعاً ليس في حاجة لها. ثم إن المدمن على الشراء يعاني من نوع من الندم أو تأنيب الضمير؛ لأنه يندم بعد الشراء. كما أن المدمن على الشراء كثيراً ما يعاهد نفسه ألا يفعل ذلك. ومما يلاحظ أن الإدمان على الشراء ينتشر كثيراً بين الناس غير السعداء في حياتهم الزوجية وهم يجدون فيه عملية هروب من وضع غير مريح.






وللأسف، فإن نتيجة للإدمان على الشراء، فإن المدمن على ذلك يصاب بنوع من الاستهتار بالالتزامات وربما يكون عرضة لمشاكل الديون والأقساط. يقول أحد الباحثين: تنشأ المشكلات الزوجية بسبب رغبة قوية في نفس الزوجة بالشراء، شراء ما تحتاجه وما لا تحتاجه.






حكمة اقتصادية:



ذات يوم أوقف الفاروق عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ابنه عبدالله (وقيل جابر بن عبدالله) رضي الله عنهم - وسأله إلى أين أنت ذاهب؟ فقال عبدالله: للسوق. فقال الفاروق له لماذا؟! فأجاب: لأشتري لحماً، وبرر ذلك الشراء بأنه اشتهى لحماً فخرج للسوق ليشتري بعضاً منه، فقال له الفاروق: أكلما اشتهيت شيئاً اشتريته. إنها حكمة اقتصادية خالدة، وقاعدة استهلاكية رشيدة، خاصة ونحن نشهد في أيامنا هذه سباقاً محموماً يترافق معه أساليب تسويقية جديدة وأساليب إعلانية مثيرة ووسائل إعلامية جذابة ودعايات كثيفة من أجل الشراء والمزيد منه.






نصائح لمن ابتلي بحمى الشراء:



1- تخلص من القيم الاستهلاكية السيئة الضارة، حتى لا يتسبب الاستهلاك الترفي في وجود الفقر وسط الرخاء، إذ باستمراره قد تضيع موارد الأسرة ويُفقد معها التوازن الأسري والنفسي والاجتماعي.






2- قدِّر الكميات المطلوبة والجودة والنوعية والفترة الزمنية لاستهلاك السلع والخدمات.






3- اكبح جماح انفعالاتك العاطفية المتعلقة بالكميات المطلوب شراؤها واستهلاكها سواء على مستوى الأطفال أو النساء أو الأسرة.






4- راقب الاستهلاك بصفة مستمرة وتحكم فيه عن طريق التوعية المستمرة والقرارات الرشيدة ونبِّه أفراد الأسرة على خطورة الاستهلاك المرتفع.






5- شجِّع أفراد أسرتك ومجتمعك أطفالاً وشباناً ونساءً على الادخار الإيجابي وضرورة تيسير قنوات فعالة وأوعية مناسبة لاستثمار مدخراتهم.






6- احذر تأثير وسائل الإعلان وفنون الدعاية التي تدعو إلى الشراهة الاستهلاكية ونهم الإنفاق وحمى الشراء والتسوق.






7- ابتعد عن تقليد المجتمعات المترفة ذات النمط الاستهلاكي الشره المتلاف المترف.






خطوات إيجابية:



ينبغي للمرأة عندما تشعر بأن حافز الإنفاق يدفعها إلى مزيد من الإسراف والتبذير والتسوق والشراء أن تتعامل مع ذلك باتباع الخطوات التالية:



أولاً: تمهلي قليلاً قبل أن تخرجي نقودك، واسألي نفسكِ إن كان هذا الشعور حقيقياً أم انفعالياً.






ثانياً: احرصي على ألا تشتري محبة الآخرين بالهدايا والإنفاق المفرط.






ثالثاً: اسألي نفسكِ قبل الشراء إذا كان بالإمكان شراء ما هو أفضل إذا اتيحت فرصة عرض سعري أفضل.






رابعاً: اسألي نفسكِ عن الحاجة الضرورية للشراء هذا اليوم.






خامساً: حدِّدي جوانب النقص العاطفي عندكِ؛ لمعرفة إن كان هذا الشراء المفرط يعوِّض هذا النقص.





ابوالوليد المسلم 15-05-2020 03:07 AM

رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
 
أنت بطل التغيير



د. خالد بن سعود الحليبي






أخي الصائم:



أعجبتني كلمةُ أحدهم : "الإنسان هو بطل التغيير الاجتماعي في الإسلام"، ومصدر إعجابي بهذه المقولة هو إسباغ صفة البطولة على الإنسان القادر على التغيير، فما أكثر ما نفكر في التغيير الإيجابي ونتمناه، ولكنَّنا نجبن حتى عن تغيير ما نكرهه في ذواتنا، فضلاً عن محاولة تغيير ما حولنا مما نعتقد خطأه مهما كان ذلك في إمكاننا.

منذ أن يهل رمضان ومنادي الله ينادي: يا باغي الخير أقبلْ! ويا باغي الشر أقصرْ! إنه نداء خاص بشهر رمضان، يخاطب كل مَن شهده خطابًا منفردًا وكأنه موجه له، وهو خطاب مزدوج الطلب، ينادي في المرء جانبَ الخير: أنْ أقبلْ؛ فهذا موسمك الذهبي، كل بذرة تضعها اليوم ستحصدها سبعين ضعفًا ويزيد، وينادي جانبَ الشر فيه: أنْ أقصرْ؛ فكل أعوانك قد صُفِّدوا، ولن يَخلُصوا إلى ما كانوا يخلصون إليه مِن قبلُ.


إنَّ هذا التَّغيير مطلوب في كل الشهور، ولكنَّه ميزة هذا الشهر، الذي يمثل لمن يدخل جامعته المبجلة دورةً تدريبية متخصصة في قضية من أهمّ قضاياه، وهي التعامل مع حياته بشجاعة تؤهله أن يُحدِث فيها التغييرَ المناسب؛ لتطويرها في الوقت المناسب، فالنمطية والرتابة تجمد الشخصية، وتَفتِك بخلايا المخ وتُعيقُه عن التفكير التطويري.


كلّ ابْنِ آدم خطَّاء، وليس مِن الشَّجاعة بمكانٍ الثباتُ على الخطأ والإصرار على التشبث به؛ فإنَّ ذلك ليس علامة رجولة، ولا ذكاء، ولا أريحيَّة؛ بل هو عكس ذلك كله تمامًا، إنه زيادة طغيان، واسترسال في الطريق المهلك.


لقد هبَّت نفحاتُ رمضان على قلوبنا كالنسائم الطريَّة فأنعشتها، وأحدثت فيها تغييرًا سريعًا، لم نستطع أن نتعرَّف سِرَّه، ولكنَّنا نعيش نعيمه، أحسَسْنَا بقُربنا من الله أكثر من ذي قبل بِمجرَّد أن هلَّ الهلال، وشعرنا بالنّداء الحبيب يُحَرِّك قلوبنَا الساكنة، يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر.


وتَلفَّتنا مِن حوْلِنا فوجدنا مُجتمعَ الخير يستقبل ضيفَه بكلّ حفاوة وإكرام في كل المظاهر العبادية والاجتماعية والدراسية والوظيفيَّة، كلّ شيء تغيَّر من أجل رمضان، ولكن السؤال يصارحنا: هل هذا التغيير يمثل استجابةَ الحياءِ المؤقتة؛ للظرف الطارئِ الماضي عن قريب؟ أم استجابة المُخبِت الذي دخل الشهرُ أجواءَ روحه، فاكتسح ما في داخلها من لغط الأيام، وسفه الشباب، وعناد الشيوخ، وبدلها كما تبدل الثياب للصلاة؟!


إنَّ التغيير قضية هائلة، بعيدة الغور، واسعة الأفق، ولكنها تبدأ من الإنسان ذاته، يقول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد: 11]؛ ففي رمضان فرصة لإخضاع سلطة العادة لسلطة الإرادة، فالتغيير فيه شامل لكل المظاهر الحياتية، ويشترك فيه كل المجتمع، وسريع يقع بين عشية وضحاها، وواقعيٌّ يكشف للنفس التي كانت تتمسك بِمحبوباتها السيئة، متعلِّلةً بأنها لا تستطيع الاستغناء عنها - أنها أقوى من ذلك، وأنها قادرة حقًّا على هجرها مدة من الزمن ليست يسيرة، فإذا كانت جادة في التغيير الإيجابي نجحتْ في الاستمرار على هذا الهجر الجميل.


أخي الصائم:

هل عرضتَ عددًا من عاداتك التي كنتَ تتمنى التخلص منها على آلة التغيير العجيبة في شهر رمضان؟!

جرِّب فقد تكون نهايتها التي تترقبها منذ أمد طويل، ولكن وصيتي لك أن تكون قويًّا في وجه العادة، هادئًا في التعامل مع عنادها؛ لتضمن - بإذن الله - دوام الإقلاع عنها، لا أريد أن أحدد لك عادة معينة؛ بل يكفيني أن تمتلك الشجاعة الكافية على امتلاك آلية التغيير التي يمنحها لك رمضان، يا صائم رمضان.





ابوالوليد المسلم 15-05-2020 03:08 AM

رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
 
فَاطِرٌ، ومُفْطِرٌ











د. أحمد عيد عبدالفتاح حسن










كلا اللفظينِ اسمُ فاعلٍ، لكنَّ الأولَ منهما مأخوذٌ من الفعل الثلاثيِّ المجرد، وهو (فَطَرَ)، والثاني مأخوذٌ من الفعل الثلاثيِّ المزيد فيه حرفٌ واحدٌ، وهو (أَفْطَرَ). وبين مَعْنَيِ اللفظينِ فرقٌ كبيرٌ.







ذلك أنَّ كلمةَ (فَطَرَ) تُؤدي معانيَ غير التي تُؤديها كلمة (أَفْطَرَ)، ألا ترى أنَّك تقول:



♦ فَطَرَ اللهُ الخلقَ فَطْرًا من باب (قَتَلَ يَقْتُلُ)، أعني: مفتوح العين في الماضي مضمومها في المضارع، والمعنى الذي تُريده: خَلَقَهُمْ.







♦ والله تعالى فاطر السماوات والأرض، والمعنى: مبتدعهما ومبتدئهما على غير مثال سَبَقَ.







وقد خَفِيَ معنى كلمة (فاطر) على حبر الأمة وترجمان القرآن عبدالله بن عباس - رضي الله عنهما -، وفي ذلك قال: " ما كنتُ أدري ما فاطر السماوات والأرض حتى اختصم إليَّ أعرابيانِ في بئر، فقال أحدهما: أنا فطرتُها، أي: ابتدأتها " [1].







♦ وقيل: فاطر السماوات والأرض، والمعنى: خالق السماوات والأرض.







♦ ويقال: فَطَرَ نابُ البعيرِ فَطْرًا من باب (قَتَلَ يَقْتُلُ) - أيضًا- فهو فاطرٌ، والمعنى: شَقَّ اللحمَ وطَلَعَ، وفَطَرَ النَّبَاتُ، والمعنى: شَقَّ الأرضَ ونَبَتَ منها، وفَطَرَ الرجلُ الشيءَ، والمعنى: شَقَّهُ.







♦ وفَطَرَ العالمُ الأمرَ، والمعنى: اخترعه وابتدأه.







أما كلمة (أَفْطَرَ) فلها معانٍ متعددة، والسياقُ يُحَدِّدُ المراد منها، تقول:



♦ أَفْطَرَ عليٌّ في نهار رمضان، والمعنى: قَطَعَ صيامَهُ وأفسده بسبب تناوله شيئًا من المفطرات.







♦ وتقول: إذا غربت الشمس فقد أَفْطَرَ الصائمُ، والمعنى: دخل في وقت الفطر، مثلما تقول: أصبحَ المسافرُ وأمسى، والمعنى: دَخَلَ في وقت الصباح والمساء وغير ذلك.







♦ وتقول: أَفْطَرَ حمدي على تمرٍ، والمعنى: جَعَلَهُ فَطُورَهُ بعد الغروب.







وتقول في غير رمضان: أَفْطَرَ الرجلُ قبل خروجه إلى العمل، والمعنى: تناولَ طعامَ الصباح.







وكلمة (فَطُور) على وزن كلمة (رَسُول)، ومعناها: ما يُفْطَرُ عليه.







واسم الفاعل من هذا الفعل الثلاثي المزيد فيه حرف هو (مُفْطِرٌ).







فإذا أردت أن تُخبر عن شخصٍ تناولَ شيئًا مفطرًا في نهار رمضان - فاللغة العربية تقتضي منك أن تقول: فُلانٌ مُفْطِرٌ، وإيَّاك أن تقولَ: فاطرٌ، وأنت تُريد أن تُخبر عن هذا المعنى، فإن قلتَ ذلك فقد تعديتَ حدودَ العربية، وسلكتَ طريقًا غيرَ طريق الفصحاء.







فكلمة (صائم) مقابلها ومضادها كلمة (مُفْطِر) لا فاطر.







ومن حقِّ العربية عليَّ وعليك تصحيحُ الخطأ الذي يدور على ألسنة بعض الناس في هذا العصر المريض بمرض البعد عن العربية، فالفاطرُ شيءٌ، والمفطرُ شيءٌ آخر، وضدُّ الصائم هو: المفطر لا الفاطر.







أمَّا إذا أخضعنا كلمة (فَاطِر) لنظرية التطور الدلالي للكلمات فلا خطأ حينئذ، ولا إشكال. والله الموفق والهادي.







[1] شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم للحميري 8/5215.








ابوالوليد المسلم 16-05-2020 01:03 AM

رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
 
أفكار حول رمضان







د. عبدالحكيم الأنيس




الحياةُ عندما تكون كشريطٍ واحدٍ تُمَلُّ، ولذلك كان فيها المناسبات كالجُمَع والأعياد وما إلى ذلك، كي تُقلِّص من شعور الناس بـ (الرتابة) المملة، وتجعلهم يعيشون أياماً تختلفُ عن أيامهم في سائر السنة، وتكون بمثابة الأمل، وقديماً قيل: لولا الأمل لبطل العمل، وشهرُ رمضان له الأثر الكبير في هذا المجال في كثيرٍ من نواحي الحياة، وأنماط أحداثها، وبه يشعرُ الناسُ بتغييرٍ تامٍّ عمّا تعودوه صباحَ مساء، وبهذا تتجدَّدُ الحياةُ وتتبلور صورُها.









وشهر رمضان كثيراً ما يُساعد على (عبادةٍ) قد أعرض كثيرٌ من الناس عنها ولم يعودوا يُعيرونها أيَّ اهتمام، تلك هي عبادةُ التفكُّر في آلاء الله، وعظمته، وإبداع خلقه، والتفكر في المبدأ والمصير، ومساعدةُ شهر رمضان على هذه العبادة إنما هو من باب خلاء المعدة من كثرة الأطعمة والأشربة مما ترتخي معه الأعضاءُ، ويكسلُ الجسم، وتنشلُّ حركة العقل، فالبطنة تُذهب الفطنة، والامتلاءُ الدائمُ سببٌ كبير لإفساد الفكر، وإبعاده عن وظيفته ووجوده.










ومن أهم دروس رمضان ذلك الدرس الذي تفتقرُ إليه الأمةُ بأجمعها: (الصبر)، فالمسلمُ عندما يُكابِد ألم الجوع والعطش، ويَحْمل نفسَه على ما تكره، ينصاعُ له ما يعصيه من الصبر، إلى أنْ يصيرَ له سجية وجبلة، وإذا ما اعترضتْهُ خطوبُ الحياة وأكدارُ الدنيا كان ذا سلاحٍ قويٍ أمينٍ يدافِعُ به عن إيمانه ويقينه، وعزته وكرامته، هذا أولاً، وثانياً يُساعِد على حمل أمانة التبليغ واستعذاب الأذى في سبيل الحق والسلام.






كلُّنا بحاجة إلى الصبر كي نستطيعَ مواكبة السير وقلع الأشواك من الطريق، ومرحباً برمضان عندما يُملي علينا هذا الدرسُ البليغُ.










وفي رمضان تتجلى وتترقرقُ أسمى وأعظم آيات الحبِّ للخالق العظيم، فهذا هو المسلمُ وقد صام نهارَه وقام ليله لا يأبه بالجوع والعطش ولا بالسهر والسمر، انصرف بكليته إلى ربه تائباً منيباً، داعياً راجياً، ما له مِن همٍّ إلا القبول والتجاوز عمَّا مضى، قد تُعرَضُ أمامه أشهى الأطعمة فيُعرض عنها، ويلوح له أعذب الشراب فلا يلتفت له، كلُّ رغبته أن يرضى الله عنه، ويقول له يومَ القيامة بعد كل هذا التعب والنَّصَب: لقد بلوتُك يا عبدي ووجدتُك عند العهد، والآن ï´؟ كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ï´¾، وهناك ما أشدَّ خيبة من خسِرَ الامتحان.










وساعات رمضان كلها خيرٌ وبركةٌ، وإنَّ مِن أجلها بهجة ونقاء وقرباً واتصالاً ساعة السحر، مُنى أنفس العُبَّاد والزهاد، وبُغية الطالبين والراغبين.






كثيرٌ أولئك الذين يَمرُّ عليهم السَّحَرُ وهم في غفلة النوم غارقون، يأتيهم الخير إلى أبوابهم وهم عنه راغبون، ولكن رمضان شهر الرحمة والحنان يأبى إلا أنْ يجعل للجميع نصيباً من هذه الساعة المباركة العظيمة، فلا بُدَّ للصائم من سحور، ولا بُدَّ للسحور من استيقاظ، ولا يكادُ الإنسان يشمُّ عبيرَ السَّحَر حتى تنتعشَ نفسُه، وتتفتح ذابلاتُ وروده، فيلجأ إلى مُصلَّاه يناجي ربَّه، ويذرف أمامَه دموعَ الخوف والرجاء، ويشكر شهرَ رمضان الذي كان السبب في تعريفه بهذه الساعة الغنّاء، حيث يفيض بحرُ الكرم، وتمتد يدُ المغفرة إلى كلِّ الغرقى والتائهين: (هل من سائل فأعطيه، هل من مستغفر فأغفرَ له، هل من تائب فأتوب عليه...).










أمّا ما يُسبغه شهرُ رمضان على النفس من صفات طيبة، ومشاعر نبيلة حية، فذلك ما ليس بالغامض ولا البعيد، فقد عَوَّدَ رمضانُ النفوسَ أن يُهذبها، ويرقى بها إلى قمم المساواة والعدالة، إذ تذوقُ معاناةَ الآخرين فلا يخفى عليها بعدُ ما تنطوي عليه صدورُ الفقراء والمحتاجين من ألمٍ حزينٍ راضٍ، وصمتٍ متدثرٍ شفّاف، فتتقرَّبُ إليها وتمسحُ عنها غبارَ الفقر والحاجة، وتقدِّمُ لها المعونة والبسمة، والشعورَ الإنساني الصادق، تتقرَّبُ إليها لتقول بأننا جسدٌ واحدٌ إذا اشتكى منه عضوٌ تداعتْ له سائرُ الأعضاء بالسَّهر والحمّى.










ورمضان بصيامهِ وقيامهِ وتسبيحاتهِ وقرآنهِ قوةٌ إيمانية هائلة، تشحذُ عزيمة المسلم، وتنيرُ له الدرب طيلة أيام السنة، كلما سَلطت الشمسُ أشعتَها على نهره فأضرمته، وكلما حاول الألمُ واليأسُ أن يقتربا من شاطئه... قوةٌ تمنحُ القلبَ حلاوةَ اليقين، وتهب العين قرّةَ السرور، وهو بهذا محطةٌ سنوية يقفُ المسلمُ بها ليملأ عقله وقلبه مِن معينها، محطةٌ سنوية تتخللها محطاتٌ أخرى لك الخيارُ أن تنهل منها أي وقتٍ شئتَ.






رمضان فرصة ذهبية، ونفحة إلهية، علينا جميعاً أن نتعرضَ لها، ونستسقي منها كؤوسَ المحبة والصفاء، ونتزودَ لغدنا في الدنيا، وغدنا في الآخرة، وعسى الرحمة أن تطل علينا - بعد حبس الجوارح عن متطلباتها - وتهتف بنا في الدارين قائلةً: اذهبوا فأنتم الطلقاء.




ابوالوليد المسلم 16-05-2020 01:04 AM

رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
 
الصيام والوظيفة



د. خالد بن سعود الحليبي






أخي الصائم:







لعلَّك تُشاركُني العَجَبَ من قومٍ جعلوا صيامَهم حُجَّةً لهم، وعُذرًا عن تقصيرهم في أداء واجبَاتهم على الوجه الحسن, فعلَّلوا تأخُّرهم في قدومهم إلى وظائفهم بأنهم كانوا نائمين، ونوم الصَّائم عبادة!! وعلَّلوا تراخيَهم عن إتقان أعمالهم بأنهم مرهَقون بسبب الجوع أو العطش، وللصائم الحق في أن يخفف عنه من جهد العمل ومشقته!! وعلَّلوا خروجهم المبكر قبل أن يستوفي وقت العمل حقَّه، بأنَّهم محتاجون لقضاء بعض اللوازم للإفطار!! وعللوا تذمرهم من المراجعين، وسلاطة ألسنتهم على الناس بأنهم - أستغفر الله - صائمُون!!




فيا ليت شعري؛ كيف يفسّر هؤلاء أثرَ الصيام على أنفسهم،؟ وكيف يُفصِّلونه على قُدُودِ مشتهياتهم؟!




رمضان شهر العمل والبذل والعطاء، لا شهر الكسل والخور والضعف، شهر وقعتْ فيه أكبرُ الانتصارات في الإسلام في القديم والحديث، فلم يكن عائقًا عن أداء مهمَّة، ولا داعيًا للتقاعس عن إتقان عمل، ((إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه)).




حديث جليل لا يتخلَّف مراده بتغيُّر الأزمان، وقاعدة عظيمة لا تختل بظرف طارئ، كيف والصوم عبادة تؤدَّى لله، هدفها الأول تربية التقوى في النفس المؤمنة؟! يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183]، والتقوى وازعٌ إيماني عميق الجذور، إذا تغلغل في النفس كان حاجزًا مانعًا لها عن كل ما يسخط الله، ودافعًا قويًّا لها إلى كل ما يحب الله، والإتقان مما يحب اللهُ، وهو من صفات الكمال التي اتَّصف بها - عز وجل، قال تعالى: {الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ} [النمل: 88]، فأولُ ثمرةٍ متوخَّاة مِن تقوى الله تعالى في العمل - مراقبتُه عزَّ وجلَّ في كلّ الساعات التي تُمضيها - أخي الموظف الصائم - وأنت تُمارس عملك، بأن تكون في مرضاة الله، وألا تضيع منها دقيقة واحدة في غير ما يخص وظيفتك، وأن تنشط لمهامك بوعي تام، وأن تكون في موقعك ينبوعَ أخلاق، ونهرَ عطاء، تتدفق بكل خير على مراجعيك، دون تذمر منهم، أو مشقة عليهم، فقد صحَّ عنه - صلى الله عليه وسلم - قولُه: ((اللهُمَّ مَن ولي مِن أمر أمتي شيئًا فشقَّ عليه، فاشقُق عليه، ومَن ولي من أمر أمتي شيئًا فرفق بهم، فارفُق به)).




وصح عنه - صلى الله عليه وسلم - قوله: ((والصيام جُنَّة، وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب؛ فإن سابَّه أحد أو قاتله فليقُلْ: إنّي امرؤ صائم))، تخيَّل معي لو أنَّ كلَّ صائم منَّا حَمل هذه الرايةَ البيضاء، إذًا لبكى الشيطان بكاء مرًّا!! لأننا أفشلنا أكبر مؤامرة خَطَّط لها من أجل إفساد عبادتنا وذاتِ بيننا.




فما رأيك - أخي الصائم - أن تحمل الراية معي؛ لنكون في كوكبة الصابرين، ونواجه كل متحدٍّ لمشاعرنا، أو مستفز لأعصابنا بهذا الهتاف الإيماني: "إني امرؤ صائم"؛ بل فلنحاول أن ننصح زملاءنا في العمل ونذكِّرهم إذا رأينا منهم بعض ظواهر هذه الممارسات الخاطئة؛ فلعلنا نفوز باستجابة، ودعوة، ومثوبة.





ابوالوليد المسلم 16-05-2020 01:05 AM

رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
 
مزعجات رمضان



الشيخ علي الطنطاوي










أنا أكتب في الصُّحف والمجلات مِن ثلاثين سنة، والكتابة هي حِرفَتي، ولم أكن مع ذلك منَ المُجَلينَ السابقين في درس "الإنشاء" في المدرسة، وكان بعض إخواننا في "الصف"، ممن صاروا اليوم أبعد الناس عنِ الكتابة، وإن صاروا من أعلام السِّياسة، أوِ العلم، أوِ الاقتصاد - يأخذون مِن علامات النَّجاح أكثر مما آخُذ...



لا لأنَّهم كانوا يكتبون أحسن مما أكتب؛ بل لأنَّ المُدَرِّس كان يُحَدد لنا الموضوع، وعدد الأسطر، ووجهة التفكير، فلا أستطيع مع هذه القيود أن أسيرَ، كماء الساقية إن أقمت في وجهه السدود، ومنعته أن يجريَ في مجراه، وقف ثم انقلبَ مِن رقراق عذب مُتَحدر إلى بركة آسنة.


لذلك كنتُ أخيب، فلا عجب إذا خبتُ اليوم، وقد جاء مُحَرر مجلة الإذاعة يُعيد معي قصة مُدَرِّس الإنشاء، فيُحَدد لي الموضوع والأسطر: فالموضوع "تقاليد رمضان الماضي"، والمجال صفحة أو صفحتان منَ المجلة.


وأنا أعرف رمضان الذي كان يجيء دِمَشق من أكثر من أربعين سنة، ولا أزال أذكُر ملامح وجهه، ولون ثيابه، والذي افتقدتُه مِن زمن بَعِيد، فلم أعد أراه.


لقد تَبَدَّلَ كما تَبَدَّلْتُ أنا، ونحن كل يوم في موتٍ وحياة، لقد مات كما مات فيَّ ذلك الطفل، الذي كان يذهب إلى المدرسة قبل إعلان الحرب الأولى، وأين ذلك الطفل؟ إنه مضى كما مضى رمضان، إلى لا يعود الذَّاهبون، وجاء في مكانِه إنسانٌ آخر يحمل اسمه؛ ولكنه ليس إيَّاه، كما يحمل رمضان هذا اسم رمضان الماضي، وليس ذلك الـ"رمضان".


أنا أعرفه، وأذكر كيف كان يستقبله الشَّاميُّون، وأعرف أنَّ للحديث عنه مُتعةً ولَذَّةً، ولكنِّي قاعد من ساعتين أحاول أن أحصرَ ذهني لأكتبَ عنه، فلا أجد في ذهني إلا "مُزعجات رمضان"، يجول الفِكر فيها، ثم يقف عليها، ويستقر عندها، وقد يكون الفِكر كالفرس الجامح لا يمشي بك حيث تريد أنت؛ بل حيث يريد هو، ولم يبقَ أمامي إلاَّ أحد أمرين: إمَّا أن تعفيني المجلة منَ المقال، وإمَّا أن أكتبَ في "مُزعجات رمضان".


ولستُ أعني بالمُزعجات الجوع، والعطش، واضطراب ميزان اليَقَظة، والمنام، فذلكَ شيء لا بدَّ منه، ولولاه لم يكن لِرَمضان معنى، وأي معنى يبقى لـ"التدريب العسكري"، إذا خلا من الشُّقَّة والتَّعب، وبَذْل الجُهد، وصار نومًا مُتَّصلاً، وأكلاً مُتَّصلاً، وأكلاً، وشربًا، واسترخاء؟


ولكني أعني مزعجات الناس، وإذا كان قُرَّاء المجلة يَعِدونني بأن يكتموا ما أقول عن مدير الإذاعة، لَقُلتُ لهم: إن شطر هذا الإزعاج منَ الإذاعة، والشطر منَ الناس.


إزعاج يستمر منَ الصباح إلى المساء، ولا ينقطع لحظةً واحدةً، نرجع فيها إلى أنفسنا ونستطيع أن نستجليَ فيها طلعة رمضان، أو نحس بِوُجوده، ورمضان أجمل مرحلة في طريق الزمان، يمر فيه ركب الإنسانيَّة على الرَّوض الأنيق، فيرى المشهد البارع، ويشم العطر العبق، ويسمع من صدح البلابل، وهديل الحمام، ما يرقص منَ الطرب القلوب.


ولكن كيف يرى المشهد مَن يزدحم عليه الناس، حتى يسدوا في وجهه منافذ النَّظَر؟ وكيف يشم الأريج مَن تهب من حوله العواصف؟ وكيف يسمع الصوت الرقيق مَن تحف به ضجة تزلزل الأرض؟


إنها مائدة حافِلة؛ ولكنَّكم لا تدعونني أتناول لُقمة منها حتى تصدوني عنها.


إنَّه شهر التَّأَمُّل والعِبادة، ولَذَّة الرُّوح، وأنس القلب، ولكنَّكم لا تتركون لي ساعة، ساعة واحدة أستمتع بهدأة التَّأَمُّل، وذهلة الحلم، ونَشْوة المناجاة.


وهذا هو الموجز، وهاكم تفصيل الأنباء كما يقول المُذيع:

أمَّا الإذاعة، فهي لا تَسْكُت من صباح الله الباكِر إلى نصف الليل، ولا تستريح ولا تريح، ولا تكف لِسَانها دقيقة، ولو كانت تذيع ما يُعين على الخُشُوع والعبادة في رمضان، وما يُذَكِّر بالله، لَهَان الخطب؛ ولكنَّها تذيع الأغاني التي أجمعتْ كلمةُ الإنس والجن على استنكار أكثرها، وأنا لا أقول للإذاعة: لا تُغَنِّي؛ لأنِّي لا أحبُّ أن أقولَ كلمة، أَعْلَم أنه لن يُستَجاب لها، ولكن أقول: إن موسيقى الناس نصفها ألحان معبرة، ونصفها كلام ملحن، وموسيقانا كلها كلام، وإن الكلام في موسيقاهم نصفه للمرأة، ونصفه للطبيعة، والوطن، والحياة، وما عندنا كله للمرأة، وإن ما للمرأة عندهم نصفه منَ الغزل السامي والاتباعي (الكلاسيك)، ونصفه غزل خفيف، وليس عندنا إلاَّ هذا الغزل الخفيف، بلفظ عاميٍّ فظيع، ومعانٍ شنيعة مُبْتَذلة، ونغم مسترخ متخنث، وهم يجدون كل يوم جديدًا، ونحن لِعُقم القرائح نُرَدِّد ونُعيد، ولماذا أعمم القول فأكون ظالمًا؟ لا ليس كله كذلك، وقد نسمع أغانيَ تبلغ في جمال لفظها، وحسن معناها، وتوقيع لحنها ذروة الكمال؛ ولكنَّا نسمعها أول مرة فنَسْتَجدها، ونستجيدها، ونستعيدها، ونسمعها الثانية فنطرب لها ونُسَر بها، ونسمعها الثالثة فنستملحها، والرابعة فلا نكرهها، والخامسة فنبدأ بالإعراض عنها، والسادسة فنضيق بِتَكرارها، فلا تزال الإذاعة تعيدها حتى تأتي المرة العاشرة والخامسة عشرة والسادسة والسبعون، فتطلع منها أرواحنا، ولو كانتِ الشَّهد المُصَفى، أو الفالوذج، وأطعمتها إنسانًا كل يوم عشر مرات، وحشوت به فمه جائعًا وشبعان، راغبًا وكارهًا، لَصَار لها في فمه طعم العَلْقم.

أمَّا الناس فإزعاجهم أكبر وأنكر، وأنا أستطيع أن أسد الراد فلا أسمع ما تذيع الإذاعة، أو آخذ منه ما صفا، وأدع ما كدر؛ ولكن ما أصنع بِمَن لا يطرب إلاَّ أن أشرك معه بِسَماع الأغنية مائة جارة وجار، من أمام، ومن خلف، وعنِ اليمين، وعنِ اليسار؟ فكيف ننام، وكيف نشتغل، وكيف نخلص التَّوَجُّه إلى الله، ومِن كل جهة من حولنا، هذه المصائب الثِّقال، والضَّجَّة المروعة، وفريد الأطرش، وهذا الآخر عبدالحليم حافظ؟!


فإذا سكت الرَّاد في الساعة الثانية عشرة وحاولتَ أن تنام، لم تمر نصف ساعة حتى يجيء "أبو طبلة"، هذه الآفة التي لا دافع لها، المُسَحر، الذي ضاقت به الصناعات والمهن، فلم يجد له صنعة إلاَّ أن يحمل طبلاً، ثم يأتي نصف الليل ليقرع به رأسك، ويوقظك من منامك، وأعجب العجب أن يعترفَ المجتمع بهذه الصَّنعة، ويعدها منَ الصناعات المُقَررة، ويوجب عليك أن تقولَ له: أشكرك، وأن تدفعَ له في آخر الشهر أجرته على أنه قد حَطَّم أعصابك، وكسر دماغك.


وأنا أفهم أن يكون للمسحر موضعًا في الماضي، أما اليوم وفي البلد إذاعة، وفي كل بيت ساعة، وفي كل حي منارة عليها مُؤَذن، وفي البلد مدفع يوقظ صوته أهل المقابر، فليس للمسحر موضع فينا.


فإذا انقضى السحور، وأردت أن تنام عادت أختنا الإذاعة إلى "وراك وراك"، و"يا بياع الورد"، وعاد الجيران إلى تطبيق الجو بهذه الأصوات، وجاء بَيَّاع الحليب، وبَيَّاع الفول، ومصلح البوابير، و"الذي عنده خزانات للبيع، والذي عنده كنبات للبيع"، وزلزلت الأرض بأبواق السيارات، وصراخ الأولاد...


فإن هربت إلى المسجد الأموي، لتأخذ منه موعظة أو تسمع درسًا، رأيت النائمينَ مصفوفينَ بالطول وبالعرض، يشخِّرون ويتنفسون من كلِّ منفذ، وحلقات المتحدثين يضحكون ويمزحون ويغتابون ويكذبون، ووجدت العوام يُدَرِّسون بلا رخصة، ولا إِذن؛ لأن العلماء غائبون، ولم تجد في المسجد شيئًا مما يجب أن يكونَ فيه!


فإن سِرْت في الشوارع رأيتَ المطاعم مفتوحة، والمفطرين في كل مكان، وركب أمامك في الترام مَن يُدَخن، وينفخ الدخان في وجهك، مع أن القانون والعُرف يمنعان التدخين في الترام، والذوق - إن لم نَقُل الدِّين - يمنع إعلان الفطر في رمضان في البلد المسلم.


فمن أين مع هذه المزعجات، من أين "يا مجلة الإذاعة" أستطيع أن أنفذ إلى الموضوع الذي تريدون منِّي أن أكتبَ فيه؟!



ابوالوليد المسلم 17-05-2020 01:43 AM

رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
 
لنطرق باب الريان


راشد عبدالرحمن العسيري





رمضان شهر البر والإحسان، شهر فضله الله فأعلى في العالمين ذكره، ورفع بين الشهور منزلته وقدره، شهر تُضاعف فيه الحسنات، من رب الأرض والسماوات، أختص الله ثوابه لنفسه، فأجره لم يُطلع عليه أحد من خلقه، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث: ((... قَالَ اللَّهُ عَزَّوَجَلَّ: إِلا الصَّوْمَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ)).




ومن فضل الله وكرمه أن أبواب الجنان تفتح كلها في هذا الشهر المبارك، ترغيباً للنفوس وشحذاً للهمم، لما عند الله من عظيم الثواب وجليل النعم،يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إِذَا كَانَتْ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ، فتّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهنّم، فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ)).




يكفي للصائمين شرفاً أن بشرهم نبيهم - صلى الله عليه وسلم - بأعظم بشارة، هي للصائمين وحدهم، حين ينادون يوم القيامة لدخول الجنة من باب أختصه الله لهم، إكرام منه وتفضلاً وإنعاماً، فيدخلون من باب الريان، باب للصائمين لا يدخل غيرهم فيه، فعن سهل رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَاباً يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ ، يُقَالُ: أَيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَقُومُونَ، لا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ ، فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ، فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ)).




أما من كان سبّاقاً لأعمال الخير، طارقاً لأبوابها؛ فإنه يُدعى من أبواب الجنة كلها، وهو شرف ما بعده شرف كما أخبر به الصادق المصدوق، فعن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ نُودِيَ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا خَيْرٌ، فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلاةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلاةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الْجِهَادِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ)) فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عَلَى مَنْ دُعِيَ مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ، فَهَلْ يُدْعَى أَحَدٌ مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ كُلِّهَا؟ قَالَ: ((نَعَمْ، وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ)).




فضل عظيم وأجر جزيل أعده الله لعباده المتقين، ونحن في هذا الشهر المبارك نلتمس الأجر من رب كريم، يحب التائبين ويقبل العائدين ويمهل العاصين ويفرح لعودة الآيبين، أعد الله لهم من الأجور مالا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.




وللفوز بدخول باب الريان لأبد أن يكون الصيام مصاناً مما ينقص ثوابه، فليس المقصود من الصوم مجرد الامتناع عن الطعام والشراب وسائر المفطرات الحسية فقط، بل وجب حفظه وصونه من كل ما يدنسه أو ينقص أجره، فلنسارع إلى الخيرات ولنغتنم هذه الفرصة العظيمة لدخول جنة عرضها الأرض والسموات أعدت للمتقين.






إذا هبت رياحك فاغتنمها https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

فإن لكل خافقة سكون https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif



ولا تغفل عن الإحسان فيها https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

فلا تدري السكون متى يكون https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif





ابوالوليد المسلم 17-05-2020 01:44 AM

رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
 
شهر ربيع القلوب











الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل





طيلة العام ينشغل أكثر الناس عن القرآن بأمور حياتهم ومعاشهم، ثم جاءت أجهزة الاتصال الحديث في الفضائيات والإنترنت فسرقت البقية الباقية من أوقات الناس، وصار القرآن مهجورا أو شبه مهجور عند كثير من المسلمين، وخاصة من هم في سن الشباب.






وإذا قدم رمضان أقبل كثير من المسلمين على قراءة القرآن في أوله، ثم يضعف كثير منهم فلا يبقى في ميدان القراءة إلا القليل منهم، وأغلبهم من كانوا مداومين على القراءة في رمضان وغيره فلم يجدوا صعوبة في الاستمرار على التلاوة وزيادتها، وأقل منهم من بقوا بسبب مجاهدتهم لأنفسهم، ويجدون عنتا ومشقة، وهم خير ممن ترك القرآن إلى مجالس اللهو، وعاد إلى ما اعتاد قبل رمضان.






وقلوبنا هي أوعية ما تتلقاه من كلام بالقراءة أو بالسماع، وهي أوعية ما تشاهده من صور ثابتة أو متحركة، وكلما كان ما تتلقاه القلوب من الألسن والأسماع والأبصار سيئا موبقا أضر بالقلوب ضررا بالغا، وأفسدها وقساها، وأصابها بالغفلة والموت، وإذا سلمت الأبصار والأسماع والألسن من المعاصي، وأقبلت على الطاعات كان ما تتلقاه القلوب أطيب الثمار وأزكى الغذاء، فتتغذى عليه وتكون قلوبا حية مطمئنة موقنة ثابتة لا تزعزعها الأهواء، ولا تميد بها الفتن، ولا تلين مع شدة المحن. وأعظم دواء وغذاء تتغذى به القلوب، وبه تشفى وتعافى وتقوى كلام الله تعالى، فهو ربيعها الجامع بين شفائها وغذائها.






وإذا كنا نشكو قسوة قلوبنا وغفلتها، وانصرافها عما فيه نفعنا ونجاتنا فلا بد من تغذيتها بالربيع؛ لزيادة قوتها وصلابتها، وسلوانها في شديد المصائب، وتثبيتها لئلا تميد بها الفتن والمحن عن الجادة السوية، فكل الناس يحسن التنظير والادعاء بالثبات حال العافية والرخاء والأمن، ولا يثبت في المحن والفتن والخوف إلا قلائل الناس، ممن ملكوا قلوبا ثابتة على الحق، موقنة بالله تعالى، واثقة بوعده لعباده.. وشهر رمضان هو شهر القرآن، والقرآن هو ربيع القلب.






وربيع القلب وصف به الصبر؛ فقيل: الصبر ربيع القلب، ووصف به الصدق، فقيل: الصدق ربيع القلب، ووصفت به الحكمة فقيل: الحكمة ربيع القلب. في كلام منقول عن العرب والعجم، ولم أقف على صفات أخرى وصفت بأنها ربيع القلب غير هذه.






والقرآن كتاب صدق، وأمر الله تعالى فيه بالصدق وبالصبر ï´؟ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ï´¾ [التوبة: 119] ï´؟ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا ï´¾ [آل عمران: 200] وهو كتاب حكمة ï´؟ ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ ï´¾ [الإسراء: 39]، وسبب ذلك أنه كتاب محكم ï´؟ كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آَيَاتُهُ ï´¾ [هود: 1].






إذن ما ذكره العرب والعجم ربيعا للقلوب فكله موجود في القرآن، وهو منزل في شهر رمضان، فصار رمضان ربيعا لقلوب المؤمنين بكثرة قراءة القرآن فيه، وسماعهم له، فقلوبهم بالقرآن في جنات وأنهار ونعيم ولو كانت أبدانهم في شدة الحر، وتحت الهاجرة، وفي أرض مغبرة، وأبعد ما تكون عن الربيع الحسي.






وربيع القلوب أعلى وأجل وأولى بالرعاية والعناية من ربيع الأبدان، ونحن نرى كثيرا من الناس وقت الربيع يلتمسون الفياض والرياض والخضرة، فيقصدون أجمل الأراضي المربعة فيخيمون فيها أياما يحسون خلالها بالسعادة والحبور، والقلوب أحوج إلى ربيعها من الأبدان إلى ربيعها.






قال الله تعالى ï´؟ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ ï´¾ [البقرة: 185] وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "ما أَصَابَ أَحَداً قَطُّ هَمٌّ وَلاَ حَزَنٌ فقال: اللهم إني عَبْدُكَ بن عبدك بن أَمَتِكَ ناصيتي بِيَدِكَ مَاضٍ في حُكْمُكَ عَدْلٌ في قَضَاؤُكَ أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هو لك سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ أو عَلَّمْتَهُ أَحَداً من خَلْقِكَ أو أَنْزَلْتَهُ في كِتَابِكَ أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ في عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قلبي وَنُورَ صدري وَجَلاَءَ حزني وَذَهَابَ همي إِلاَّ أَذْهَبَ الله هَمَّهُ وَحُزْنَهُ وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَجاً قال: فَقِيلَ: يا رَسُولَ اللَّهِ أَلاَ نَتَعَلَّمُهَا فقال بَلَى ينبغي لِمَنْ سَمِعَهَا أَنْ يَتَعَلَّمَهَا" [رواه أحمد: 1/391، وصححه ابن حبان: 972].






فالربيع هو أحسن فصول السنة، ويأنس فيه الناس ما لا يأنسون في غيره من الفصول حيث الأمطار والنبات والخيرات. والقرآن أحسن الكلام، وعلومه ومعارفه أعلى المعارف والعلوم، ومواعظه أرق المواعظ وأجزلها، فكان ربيع القلوب.






قال ابن الأثير رحمه الله تعالى:



جعل القرآن ربيع قلبه؛ لأن الإنسان يرتاح قلبه في الربيع من الأزمان، ويميل إليه. [جامع الاصول: 4/299].






وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:



فسأل الله أن يجعله ماء يحيي به قلبه كما يحيي الأرض بالربيع، ونورا لصدره. والحياة والنور جماع الكمال، كما قال ï´؟ أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا ï´¾ [الأنعام: 122]، وفي خطبة أحمد بن حنبل: يحيون بكتاب الله الموتى، ويبصرون بنور الله أهل العمى؛ لأنه بالحياة يخرج عن الموت وبالنور يخرج عن ظلمة الجهل فيصير حيا عالما ناطقا وهو كمال الصفات فى المخلوق. [الفتاوى: 18/310-311].







وقال ابن القيم رحمه الله تعالى:



فتضمن الدعاء أن يحيي قلبه بربيع القرآن وأن ينور به صدره فتجتمع له الحياة والنور. [الفوائد: 26].






وقال القاري رحمه الله تعالى:



كما أن الربيع سبب ظهور آثار رحمة الله تعالى وإحياء الأرض بعد موتها كذلك القرآن سبب ظهور تأثير لطف الله من الإيمان والمعارف وزوال ظلمات الكفر والجهل. [المرقاة: 5/363].






ونلحظ أنه صلى الله عليه وسلم سأل الربيع للقلب، وسأل النور للصدر، والسبب هو: أن الغيث لا يتعدى محله، فإذا نزل الربيع بأرض أحياها، أما النور فإنه ينتشر ضوءه عن محله، فلما كان الصدر حاويا للقلب جعل الربيع فى القلب والنور فى الصدر لانتشاره. [ينظر: فتاوى ابن تيمية: 18/312].






قال ابن القيم رحمه الله تعالى:



ولما كان الصدر أوسع من القلب كان النور الحاصل له يسري منه إلى القلب؛ لأنه قد حصل لما هو أوسع منه. ولما كانت حياة البدن والجوارح كلها بحياة القلب تسري الحياة منه إلى الصدر ثم إلى الجوارح؛ سأل الحياة له بالربيع الذي هو مادتها. [الفوائد: 26].






وفي سؤال الله تعالى أن يجعل القرآن ربيع قلبه أن القلب المعرض عن القرآن معرض عن الربيع، فهو معرض عن دواء القلوب وغذاؤها، وعن سبب سعادتها وقوتها وثباتها. وهو يفيد أيضا: أن الإنسان قد يقرأ القرآن لكن القرآن لا يكون ربيع قلبه، كمن يقرأ رياء وسمعة، ومن يهمل التدبر، ويهذرم القرآن هذرمة، وهذا يشبه سحابا مركوما بالغيث المبارك يمر بأرض جدباء صفراء مغبرة، ولكنه لا يمطر فيها، بل يتعداها إلى غيرها، فلا تنتفع بمجرد مرور السحاب فوقها، بل تبقى كما هي جدباء مغبرة، وهكذا آيات القرآن إذا مرت على القلوب ولم تلامسها وتداخلها فإن الانتفاع به ينعدم كلية أو يقل بحسب قلة التأثر بالقرآن، وكان مالك بن دينار رحمه الله تعالى يقول: يا أهل القرآن، ماذا زرع القرآن في قلوبكم؟ فإن القرآن ربيع القلوب كما أن الغيث ربيع الأرض. [تفسير القرطبي: 16/55].






وغالب الانصراف عن قراءة القرآن هو بسبب أنه لم يكن ربيعا لقلب قارئه؛ لعدم إتيانه بالأسباب من الإخلاص وحضور القلب، فيمل وينصرف، كما يمل من أقام في أرض ميتة مغبرة، وإلا لو كانت أرضا حية مخضرة لما فارقها.






ونحن الآن في شهر ربيع القلوب؛ فلتأخذ قلوبنا حظها من هذا الربيع.






اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا، ونور صدورنا، وجلاء أحزاننا، وذهاب همومنا.





ابوالوليد المسلم 17-05-2020 01:45 AM

رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
 
خلق الصائم



الشيخ عبدالوهاب خلاف

عندما تجتمعين مع النساء اللاَّئي قدمنَ إليكِ
تلبيةً لدعوة الإفطار في بيتك
وتنفتح قبل موعد الإفطار سيرةُ إحدى معارفكنّ
التي غضبت في بيت أهلها تاركة بيت الزوجية مرة أخرى
وتبدأنَ في تبادل ما سمعتنَّ عن أحوال هذه الأسرة
وكيف هي مدللة وغير قادرة على تحمل مسؤولية بيت
وكذلك ما سمعتُنَّه عن علاقاته النسائية، وحبيبته الأولى التي عاود الاتصال بها
أديري الحديث بعيداً عن أسرار الناس
لا تفكِّري بأن هذا حديث نسويٌّ عادي
تتسلَّين به قبل أن يأكل ضيوفُك مما أحسنتِ إعداده
وأنكن جميعاً تُبدين الأسف لا الشماتة
بل فكري في أنه لا يليق بمن سيفرحنَ بعد قليلٍ بأكلهن ما أعددتِ من لحومٍ شهية؛
أن يتلهَّين قبلها بأكل لحوم إخوانهن موتى!
مبارك عليك الشهر
وقد خرجت منه معرضةً عن اللغو

ابوالوليد المسلم 18-05-2020 03:07 AM

رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
 
رمضان في المدينة المنورة



أم حسان الحلو









ألا ما أجمل تَعانُق شرف المكان والزمان، بل لعلي بُهرت حقاً بليالي رمضان وأنا في رحاب المدينة المنوّرة. أذكر حين نزلت في مدينة الحبيب صلى الله عليه وسلم وكان ذلك في رمضان المبارك في عام ظ،ظ£ظ©ظ©من هجرته صلى الله عليه وسلم، كنت أرى أموراً مبهرة مذهلة مدهشة حقاً... كنا نعبر قبل صلاة الفجر زقق «العنّابيّة» القديمة سيراً على الأقدام، ولشد ما كانت دهشتي حين كنت أرى المحالّ وقد أُغلقت بقطع من قماش ليس إلا!! قطع تقف حائلاً دون عبث القطط فقط. ولربما كذبت عيني حين رأيت النقود مرتبة على طاولة في محل صرافة دون حارس ولا بائع! فتسمرت في موقعي وقد ارتدت أطرافي دهشة غريبة وبدت الحيرة عليّ وكأني (أليس في مدينة العجائب)!!! فيتنقل بصري وإذ بي أرى قِطَعَ الذهب والمجوهرات وقد رُصّت في محالّ الذهب دون أن يلتفت إليها أحد! فأدركت أن هؤلاء قوم يُثبتون لنا أن الصلاة والطاعة والعبادة والإقبال على الله أغلى من الذهب والفضة وكنوز الأرض جميعاً.




مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم منورة وغيرها من المدن مُضاء، شتّان ما بين الإضاءة والنور... كل ما في المدينة يتلألأ طهراً وجمالاً. أكاد أجزم أنني لم أرَ أطيب ولا أنبل ولا أكرم من أهل طيبة الطيّبة. هم كرماء في كل الليالي والأيام، لكنهم في ليلة استقبالهم لشهر الخير والبركة كانوا يُسرجون ليلهم وهم يوزعون التمور على جيرانهم أياً كانت جنسيّاتهم بمحبة وبشر وسعادة غامرة. والسعيد من زار سوق التمور في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم هناك ترى الكرم والجود والعطاء والثقة بما عند الله. حدثتني صديقتي أنها كانت تزور المدينة للمرة الأولى في حياتها، وكانت تسير بسوق المدينة تنتقي هداياها لأهلها وبجانبها أختها... لم تصدق زميلتي حين سمعت صاحب الحانوت يقول لها: لقد بعت اليوم وجاري في الزاوية هناك لم يبدأ يومه بعد، فهلا اشتريت منه ما تريدين!!! تقول: فتحت عينيّ وأذنيّ لئلاّ يسقط مني سهواً أي خير يتردد حولي... وفي لحظة تعب وإعياء قالت لأختها: هيا عجلي فقد أنهكني الجوع... فسمعها أحد المارّين وقال منفعلاً: أتجوعين في مدينة رسول الله؟ والله لن يكون هذا. وقدم لها طعاماً يكفيها ويكفي أختها ليالي وأياماً!! أعوام مضت على هذه الحادثة ولا تزال صاحبتنا تدعو لذاك الغريب خاصة ولأهل المدينة عامة بالخير والبركة..




ويوم دعتني امرأة غريبة إلى مائدة عامرة فاخرة تنبعث منها روائح لذيذة يذوب الصائم شوقاً لها، رفضت وفي نفسي أنها رأتني غريبة الدّيار فأشفقت عليّ!! وأنا أمقت مشاعر الشفقة هذه فكيف وفي بيتي ولله الحمد ما لذ وطاب! ثم علمت فيما بعد أن أهل المدينة يستقبلون الصائمين على موائدهم العامرة بجوار الحرم، وكلما امتدت موائدهم ازداد أملهم بالله في مضاعفة الأجور. سلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومدينته وأهلها الطيبين إلى يوم الدين...


ابوالوليد المسلم 18-05-2020 03:07 AM

رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
 
رمضان.. ليس شهر الأكل والنوم!!





صدقي البيك




المظهر الإسلامي في شهر الصوم لا بد أن يكون انعكاساً للنية الصادقة.


"شهر رمضان، هذا الموسم الديني المتجدد، وهذا المهرجان الإسلامي العظيم، شهر الخير والبركة.


إنه الشهر الوحيد الذي ذكر اسمه في القرآن الكريم، وهو بهذا الشرف جدير، فهو الشهر الذي فيه أنزل القرآن جملة واحدة إلى بيت العزة في السماء الدنيا، وفيه بدأ تنزيل القرآن على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.


وهو الشهر الذي شهد أول وأخطر معركة خاضها المسلمون بقيادة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، تلك هي غزوة بدر الكبرى، التي أظهر الله فيها الحق وأزهق الباطل، وفيه جرت أيضاً أشهر المعارك الإسلامية الحاسمة في التاريخ كعين جالوت وغيرها.


فضائل الصوم في رمضان:

يقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: لو علمتم ما في رمضان من الخير لتمنيتم أن يكون رمضان الدهر كله. فالصيام في هذا الشهر يمثل قمة الإيمان الخالي من كل مظاهر الرياء والنفاق، لأنه عبادة لا يراها إلا الله، فليس لها مظاهر تدركها حواس الناس، أما الصلاة والزكاة والحج والجهاد.. فهي عبادات إيجابية، تؤدى بأعمال يراها الناس، ومن هنا قال الله تعالى في الحديث القدسي: "كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي"، هذا كله لأن الصائم لا يكون إلا مخلصاً لله، وصيامه سرٌّ بينه وبين ربه، ويعتمد الصيام في الأساس على عدم القيام بأعمال بل بالامتناع عن أعمال.


حكم الصيام:

من أبرز حكم الصيام وفوائده أنه يدرب المسلم على الصبر، فأي صبر أوضح من أن يردع الإنسان نفسه عن الطعام والشراب وهما ماثلان أمامه ونفسه تتوق إليهما؟ وأي صبر أقوى من أن يتحمل الإنسان المشاق النفسية والجسدية استجابة لأمر الله وامتثالاً لتعاليمه؟


والمسلم يتدرب بصومه على ملاقاة الظروف القاسية التي قد تعترض حياته إذا انقطعت به السبل، فلا يجزع ولا ينهار لأول صدمة.


والصيام يدرب المسلم على الإحساس بمشاعر الآخرين، ومعاناة ما يعانونه، فإذا كان الغني قد تيسر له كل ما يشاء من طيبات الدنيا وحينما يشاء، فإن الفقير يعاني من عضة الجوع وحرقة العطش، ويتعرض لأذاهما طويلاً، فإذا صام المسلم الغني أدرك أن هناك أناساً يجوعون ويعطشون ويألمون من غير اختيار أو صيام، فيرق قلبه لهم ويجود عليهم بما يخفف بلواهم.


والصيام في رمضان يدرب المسلمين على النظام والدقة في الوقت، فيقيسون الزمن، فيه. بالدقائق والثواني. على غير ما يفعلونه في غيره من الشهور! فلا يتقدمون عن وقت الإفطار دقيقة ولا يتأخرون عن وقت الإمساك ثانية! وبذلك يتعلم المسلمون الدقة في المواعيد والالتزام بها، فقبيل الإفطار تدب الحركة في حياة الناس وتصرفاتهم، فكل منهم يهرع إلى البيت، ويسير على عجل يسابق الآخرين، حريصاً على الوصول إلى أهله قبل الغروب، فإذا حانت لحظة الإفطار هدأت الحركة في الشوارع وخلت الطرقات من المارة فلا تكاد تسمع إلا همساً، ولا ترى إلا متعجلاً يسابق الريح فاتته لحظة الهدوء والاستقرار فهو يحاول إدراكها.


فما أحوجنا إلى دروس رمضان فلا نضيع أوقاتنا وأوقات الناس بالانتظار للمواعيد أو بإهمالها.


وما أكثر الدروس والعظات التي يمدنا بها رمضان والصيام فيه، وما أجدرنا بأن نستفيد منها ونتزود بها كلما مررنا بمحطة رمضان في سفرنا عبر الحياة.


حالنا الآن في رمضان:

هذا ما كان عليه رمضان لدى المسلمين الأوائل، وعند كثير منهم حديثاً، وهذا هو الوجه المشرق المتلألئ لرمضان وللصائمين فيه، ولكن هناك أناساً، وما أكثرهم، أصبح رمضان عندهم شيئاً آخر، المظهر مظهر إسلامي وعبادة مرجوة الأجر، ولكن الاهتمام عندهم ينصبّ على الطعام بأنواعه والأشربة بألوانها!! فكأن رمضان عندهم معرض غذائي لشتى المأكولات والمشروبات التي تزدحم بها موائد الإفطار! ويقبلون عليها بنهم، ويكثرون منها حتى يصابوا بالتخمة، ويثقلون على معداتهم متناسين حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-... فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفَسه. وبذلك يتلاشى عندهم الإحساس بما يعاني منه الفقراء، وتنقلب عندهم الأمور فينامون النهار و(يقومون!) الليل، ويتأخر العاملون منهم عن الدوام بحجة أنهم (قاموا) ليل رمضان (يعنون سهروا فيه حتى الفجر!!) وإذا لحقوا بأعمالهم كانت عيونهم مفتحة وقلوبهم نائمة، بل لا يتورع كثير منهم عن النوم قلباً وعيوناً، وبذلك تتعطل المصالح والأعمال، وتتوقف عجلة الإنتاج، ويكثر التسويف في الإنجاز للمعاملات، والحضور المتأخر والانصراف المبكر، أهكذا يكون النظام في رمضان؟ أهكذا نحرص على الدقة فيه؟ نحافظ على الدقائق والثواني ونضيع الساعات والأيام!!


وأما الصبر فأين هو عندهم؟ وعلام يصبرون وهم في ظل ظليل وبرودة محببة تهب من المكيفات، وأعمال لم يبق فيها مشاق، سهلت ولانت وقلّت، وقصرت فترة الدوام، وتُقضى فترة الصيام والصائم نائم فلا يحس بجوع ولا عطش؟!


ومع ذلك فإنهم تثور أعصابهم لأبسط الأسباب ويعبرون عن انفلاتهم العصبي بشتى الطرق من غضب وصخب وعدم احتمال كلام الآخرين، مبتعدين عن تحقيق الصفاء النفسي والسمو الروحي بتطبيق حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- فإن سابّك أحد فقل إني صائم.




ابوالوليد المسلم 18-05-2020 03:08 AM

رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
 
أنواع الصيام





حسن سعد الدين














إذا عرفنا أن معنى "الصيام" في اللغة هو "مطلق الامتناع والإمساك"، سواء عن الطعام والشراب والجماع، أو العمل أو الكلام. اتضحت لنا أنواعُ الصيام وطبيعته، فالصيام عن الكلام عرف قبل الإسلام، كما في القرآن عن السيدة مريم فيما أمرت به: {فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا} [مريم: 26].

واكتفت السيدة مريم "بالإشارة" في تفاهمها مع قومها، فليس من كلام يفيد في حالتها، وهي تحمل عيسى الذي ولدته دون أب، فكان كلامه في المهد إعلانًا ببراءتها من أي سوء ظنه بها قومها، فيقول الله في كتابه الحكيم: {فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا * يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا * فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا * قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ...} [مريم: 27-30].

وكان صيام مريم على شريعتها التي كانت عليها هي وقومها قبل مبعث عيسى بالرسالة المسيحية، وذكرت بعضُ الروايات أن اليهود كانوا إذا صاموا في شريعتهم يحرم عليهم الطعام والكلام، وعن ابن إسحاق عن حارثه قال: "كنت عند عبد الله بن مسعود، فجاء رجلان فسلم أحدهما ولم يسلم الآخر، فقال: ما شأنك؟ قال أصحابه: حلف أن لا يكلم الناس اليوم.. فقال ابن مسعود: كلم الناس وسلم عليهم، فإن تلك امرأة -يقصد السيدة مريم- علمت أن أحدًا لا يصدقها أنها حملت من غير زوج ليكون عذرًا لها إذا سئلت"، كما ذكر أنه في عهد الرسول وكان يخطب الناس فرأى رجلا واقفًا في الشمس من دون المستمعين، ولما سأل عنه قيل: له هذا أبو إسرائيل نذر أن يصوم واقفًا في الشمس.

كما أن الصوم عن الكلام موجود بالمسيحية، قررته طائفة الكاثوليك، وجعلته فرضًا على رجال الدين في بعض الأحوال، ومستحبًّا لمن عداهم.

وكانت فرقة "الترابيست" من أشد فرق الكاثوليك التزامًا بهذا النوع من الصوم، حتى لقد فرضته على أتباعها مدى الحياة، فكانوا يعتزلون العالم في مهاجر يقيمون فيها صائمين صامتين عن الكلام حتى الموت، وكما يذكر د. عبد الله وافي في بحثه القيم عن الصيام بين الإسلام ومختلف الشرائع، فان هذه الفرقة نشأت حوالي القرن الثاني عشر وظلت قائمة حتى القرن التاسع عشر الميلادي.

وقد عرف العرب في جاهليتهم هذا النوع من الصوم ومارسوه، وكان يطلق عليه عندهم اسم "الضَرْس" -بفتح الضاد وسكون الراء - ويعني في اللغة، صمت يوم إلى الليل، وقد ظلت بعض عشائر العرب محافِظة على هذا النوع من الصوم حتى بعد الإسلام.

ويروى أن أبا بكر الصديق دخل على امرأة اسمها زينب، من "الحُمْس"، فرآها لا تتكلم، فقال: ما لها لا تتكلم؟ فقالوا: حجت مصمتة -أي حجت وهي صائمة عن الكلام ولم تنته بعد مدة صيامها- فقال لها أبو بكر: تكلمي؛ فإن هذا لا يحل، هذا من عمل الجاهلية، فتكلمت.

وقد حرم الرسول - صلَّى الله عليه وسَلَّم - صيام الصمت عن الكلام طول اليوم حتى الليل، فقاول: "لا صمات يوم إلى الليل".

وغير صيام الصمت، هناك نوع آخر من الصيام هو "الصيام عن العمل"، وهو إن وجد عند طوائف كالبرهمية والجينية والبوذية، فإنه أيضًا مقرر في الشريعة اليهودية.

إذ حرم على اليهود العمل يوم السبت، ويؤكد القرآن ذلك فيما رواه عن عصيانهم في هذا اليوم وقيامهم بالعمل والصيد، فعاقبهم بأن أصبحوا مثل القردة، فيقول الله مخاطبًا اليهود: {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} [البقرة: 65]، والسبب الذي من أجله حرم العمل على اليهود في يوم السبت، يرجع في زعمهم إلى أن الله تعالى قد خلق السماوات والأرض في ستة أيام، ثم استراح في اليوم السابع وهو يوم السبت، فوجب عليهم أن يكونوا مثل الرب فلا يعملون في هذا اليوم، ولكن القرآن يكذب هذا الادعاء فيقول: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ} [ق: 38]، أي لم يمسسنا تعب حتى نحتاج إلى راحة.







كما يتضمن صيامُ اليهود في اليوم العاشر من شهر تشري العبري وهو الشهر الأول من شهر سنتهم المدنية، الامتناعَ عن معظم الأعمال، ويسمي اليهودُ هذا اليوم الذي يصومونه، يومَ "كبور"، يعني يوم الكفارة، عن عبادتهم للعجل الذهبي في أثناء غياب موسى عنهم لتلقي الألواح من ربه.

ومع أنه لا يوجد نص في تحريم العمل يوم الجمعة، الذي يعد عادة يوم إجازة وراحة للمسلمين تمييزًا لهم عن اليهود في يوم سبتهم، وعن النصارى في يوم الأحد، فإن القرآن الكريم يأمر المسلمين بأن يدعوا أعمالهم وقت صلاة الجمعة بحيث لا يتخلف أحد منهم عن صلاة هذا الفرض الذي لا يصلح إلا في جماعة، فيقول الله في كتابه الكريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِن كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الجمعة: 9].
و"ذروا البيع" أي اتركوا البيع، وإذا لم يكن هناك بيع فليس هناك شراء، وقد اتفق العلماء على تحريم البيع بعد الأذان الثاني لصلاة الجمعة الذي تبدأ بعده خطبه الجمعة.

هذا وقد اعتاد المسلمون، بالإضافة إلى صيامهم في رمضان، أن يكونوا في شبه صوم عن العمل، خاصة في مصر التي دأبت على تقصير أوقات العمل في شهر رمضان رغبة في التخفيف عن الصائمين وإتاحة السبل أمامهم للتعبد وقضاء لوازمهم المنزلية.

ويرجع هذا التقليد إلى العصر الطولوني، فقد حدث أن زار أحمد بن طولون مسجده وقت بنائه -وكان ذلك في رمضان- فرأى الصناع يعملون إلى وقت الغروب، فقال: متى يشترى هؤلاء الضعفاء إفطارًا لعيالهم؟ وأمر أن يتركوا العمل وقت العصر، ولما انتهى شهرُ رمضان قيل له: هل سيرجعون إلى العمل حتى الغروب؟ فقال: لقد بلغني دعاؤهم وقد تبركت، اصرفوهم عصرًا، فصارت سنة في مصر من بعده.

وتشير كل الدلائل إلى أن حجم الإنتاج يكون أقل من معدله الطبيعي في شهر رمضان في الوقت الذي يزيد فيه الاستهلاك، مع أن العكس كان يجب أن يكون.

وبالعودة إلى أنواع الصيام غير صيام الكلام وصيام العمل - نجد الصيام عن الطعام والشراب، وهذا هو الشائع، ولكنه يختلف من أمة إلى أمة.

فعند المسيحيين مثلا يقتضي بعض أنواع صيامهم الامتناعَ عن بعض أنواع المأكولات والمشروبات دون بعضها الآخر، فيصومون فقط عن الحيوانات البرية وما يستخرج منها، وبعض صيامهم يقتضي منهم الامتناع عن تناول لحوم الحيوانات البحرية وما يستخرج منها إضافة إلى لحوم الحيوانات البرية وما يستخرج منها.




ومن أنواع صيام المسيحيين أيضًا: ما يقتضي الإمساك عن المفطرات نهار اليوم وليله.

ومن الصيام: الامتناع عن المأكولات والمشروبات والجماع من طلوع الشمس إلى غروبها كصيام البوذيين والصابئة والمانويين.

أو صيام يوم واحد أو ليلة واحدة أو جزء من يوم وليلة كصيام اليهود.

أو الصيام الليلي الذي يبدأ بعد صلاة العشاء إلى غروب شمس اليوم التالي، كما كان يفعل المسلمون في بدء صيامهم.





ابوالوليد المسلم 18-05-2020 03:08 AM

رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
 
القلب الأبيض




د. خالد راتب





نسمع كثيرًا هذه الكلمة:

"الحمد لله أنا قلبي أبيض"، وصاحبُ هذه الكلمة قد لا يُصلي ولا يُزكي، ولا يَمتثِل لأوامر الشرع، ولا يَنتهي عن نواهيه، ورغم ذلك هو مُصمِّم على بياض قلبه؛ لذا يجب أن نُبيِّن لهؤلاء وغيرهم علامات القلب الأبيض من خلال حديث حذيفة رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((تُعرَض الفِتن على القلوب كالحصير عودًا عودًا، فأيُّ قلب أُشربها، نُكت فيه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرَها، نُكت فيه نكتة بيضاء؛ حتى تَصير على قلبَين؛ على أبيض مثل الصفا، فلا تضرُّه فِتنة ما دامت السموات والأرض، والآخَر أسود مربادًا كالكوز مجخيًا، لا يعرف معروفًا، ولا يُنكِر مُنكرًا، إلا ما أُشرب من هواه"؛ رواه مسلم.


ومِن أبرز علامات صاحب القلب الأبيض:

1- قلبه مثل الصَّفا لا تضرُّه فتنة:

الصفا هو الحجر الأملَس الشديد الذي لا تؤثِّر فيه عوامل التعرية، ولا يتأثَّر بالاضطرابات المحيطة به، فهو ثابت على حاله، وكذلك القلب الأبيض ثابت على الإيمان، وسليم من الخلل، لم تُلصَق به الفتن ولا تُحرِّكه.


والإنسان يحتاج إلى معونة من الله - سبحانه وتعالى - كي يَثبُت قلبه على هذا البياض، ولا يتلوَّن، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يُكثِر أن يقول في دعائه: ((يا مُقلِّب القلوب، ثبِّت قلبي على دينك))، فقيل له: يا نبيَّ الله، آمنا بك وبما جئتَ به، فهل تخاف علينا؟ فقال: ((نعم، إن القلوب بين إصبعين من أصابع الله - عز وجل - يُقلِّبها كيف يشاء))؛ أخرجه الإمام أحمد والترمذي من حديث أنس - رضي الله عنه.


2- انشراح الصدر:

وانشراح الصدر هو: سعته وانفِساحه، وتقبُّله للخير، واستمرار النور فيه.


وقيل: شرح الصدر إنما هو توسيعه للمَعرفة والإيمان ومعرفة الحق، وجعل قلبه وعاءً للحِكمة، والذي يشهد له القرآن أن الشرح هو الانشراح والارتياح، وهذه حالة نتيجة استقرار الإيمان والمَعرفة والنور والحكمة، كما في قوله تعالى: ï´؟ أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ ï´¾ [الزمر: 22]؛ أضواء البيان (8: 537).


وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه سُئل عن هذه الآية الكريمة، فقيل: كيف يُشرَح صدره يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم؟ قال: ((نور يُقذَف فيه، فيَنشرح له، ويَنفسح))، قالوا: فهل لذلك من أمارة يُعرَف بها؟ قال: ((الإنابة إلى دار الخلود، والتجافي عن دار الغرور، والاستعداد للموت قبل لقاء الموت))؛ انظر: "السلسلة الضعيفة" (2: 383).


3- التأثر:

من علامة القلب الذي يتَّسم بالبياض التأثُّر بكلام الله، والإصغاء إليه بوعي؛ قال تعالى: ï´؟ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ï´¾ [ق: 37]، يقول ابن القيم: "إذا أردتَ الانتفاع بالقرآن، فاجمع قلبك عند تلاوته وسماعه، وألقِ سمعك، واحضر حضور من يُخاطبه به من تكلم به - سبحانه - منه إليه، فإنه خاطب منه لك على لسان رسوله، وذلك أن تمام التأثير لما كان موقوفًا على مؤثر مُقتضٍ، ومحل قابل، وشرط لحصول الأثر، وانتفاء المانع الذي يمنع منه، تضمَّنت الآية بيان ذلك كله بأوجز لفظ وأبيَنِه وأدلِّه على المراد، فقوله: ï´؟ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى ï´¾ أشار إلى ما تقدَّم من أول السورة إلى هنا، وهذا هو المؤثِّر، وقوله: ï´؟ لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ ï´¾ فهذا هو المحل القابل، والمراد به القلب الحي الذي يَعقِل عن الله؛ كما قال تعالى: ï´؟ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ * لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا ï´¾ [يس: 69، 70]؛ أي: حي القلب، وقوله: ï´؟ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ ï´¾؛ أي: وجَّه سمعه وأصغى حاسة سمعه إلى ما يُقال له، وهذا شرط التأثر بالكلام، وقوله: ï´؟ وَهُوَ شَهِيدٌ ï´¾؛ أي: شاهد القلب، حاضر غير غائب؛ قال ابن قتيبة: استمع كتاب الله وهو شاهد القلب والفهم، ليس بغافل ولا ساهٍ، وهو إشارة إلى المانع من حصول التأثير، وهو سهو القلب وغيبته عن تعقُّل ما يُقال له، والنظر فيه وتأمله، فإذا حصل المؤثر، وهو القرآن، والمحل القابل، وهو القلب الحي، ووجد الشرط، وهو الإصغاء، وانتَفى المانع، وهو اشتغال القلب وذُهوله عن معنى الخطاب وانصِرافه عنه إلى شيء آخَر، حصَل الأثر، وهو الانتفاع"؛ كتاب الفوائد لابن القيم.


وتَصل درجة التأثُّر بالقرآن الكريم أن الجُلود تتفاعل مع كلام الله وتقشعَر؛ قال تعالى: ï´؟ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ï´¾ [الزمر: 23].


4- الانكسار:

فئة قليلة مَن تدخل على الله من باب الانكِسار؛ مع أن هناك فئات كثُرًا يدخلون على الله بالعجب، فيفعلون الطاعات ويَفخرون بها ليصل أحدهم إلى المنِّ والأذى، ونسي كثير من العباد أن باب الانكسار من أعظم الأبواب التي تُثقِّل القلب وتثبته على الطريق؛ يقول ابن القيم: "فإن الذل والانكسار روح العبودية ومخُّها ولُبُّها، والله - سبحانه - أقرب ما يكون إلى عبده عند ذلِّه وانكِسار قلبه، كما في الأثر الإسرائيلي: "يا رب أين أجدك؟ قال: عند المُنكسِرة قلوبهم من أجلي"، ولأجل هذا كان أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد؛ لأنه مقام ذل وانكسار بين يدي ربه، وهذا والله أعلم هو السر في استجابة دعوة الثلاثة: المظلوم والمسافر والصائم؛ للكَسرة التي في قلب كل واحد منهم، فإن غربة المسافر وكسرته مما يَجده العبد في نفسه، وكذلك الصوم فإنه يَكسِر سَورة النفس السبعية الحيوانية ويُذلُّها"؛ مدارج السالكين (1: 298).


ومن أراد بياض القلب وسلامته، فليلزم القرآن ويجعله رفيقًا له وواعظًا، ويُطهر قلبه ليتأثَّر بالمواعظ والتذكير، ويُداوم على انشراح الصدر بالإنابة إلى دار الخلود، والتجافي عن دار الغرور، والاستعداد للموت قبل لقاء الموت، وبالانكِسار التامِّ لرب العالمين.








ابوالوليد المسلم 19-05-2020 12:25 AM

رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
 
مبارك عليك الشهر [7]














أ. محمود توفيق حسين









عندما تجتمع أنت وبعض الأصدقاء والمعارف والأقارب على اختلاف مستوياتهم



عندك في البيت



وقد دعوتهم على الإفطار



وتتبادلون قبل الموعد أخبار النجاحات الشخصية لبعض الحاضرين وبعض الغائبين:



هذا الذي اشترى قطعة أرض



وهذا الذي ارتفعت مكاسبهُ في البورصة



وذاك الذي ترقى في الشركة وأرسلته في مهمات عمل في دولٍ سياحية



واستعرض صوره للحضور..



حتى بدا على وجه البسطاء من الجالسين الحسرةُ..



وانكمشوا صامتين



غيِّرْ مجرى الحديث، وذكرهم بمعيشة الكفاف لخير الأنام والصحابة



لا تفكِّر بأنه حديثُ فألٍ حسَنٍ وبشرى على قلوب الجالسين جميعاً



بل فكِّر في أن هذا شهر الاستكثار من الطاعات



الذي يجب أن يتذاكر فيه المؤمنون ما أعده الله لمن صامَه إيماناً واحتساباً



لا أن يفتنوا الناس ويشغلوا قلوبهم بما فاتهم من النعم وأرصدة الحسابات..



عما يجب أن ينشغلوا به من أرصدة الآخرة.









مبارك عليك الشهر



وقد خرجت منه والدنيا ليست أكبرَ همِّك







ابوالوليد المسلم 19-05-2020 12:25 AM

رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
 
الفقراء ينتظرون رمضان



د. محمود حسن محمد




مما لا شك فيه أنَّ الفرْحة تغمر الفُقراء، والبَهْجة تُزيِّن حياتهم؛ لقدوم شهر رمضان، فكل دقيقة تقرِّبهم منَ الشهر الكريم تزيد السعادة في قلوبهم، وتريح نفوسهم؛ لأنهم يقْتربون من رمضان، وأملهم القوي أن الأغنياء لن يتخلوا عنهم، أو يبخلوا عليهم، وأن فضل الله الواسع سوف يشملهم، وسوف ينعمون بالخير الكثير.

فرمضان شهر لتعزيز التراحُم بين المسلمين، وهو بالنِّسبة للفقراء موسم الجود الذي يفيض عليهم، مما أعطى الله الأغنياء، وفتح لهم من أبواب الرِّزق الواسع، والنِّعَم الكثيرة.

ينتظر الفقراءُ شهر رمضان من العام للعام؛ لاعتبارات كثيرة: فلأنه شهر الخير والإنفاق؛ حيث لا يجد بعضهم الفرْصة للاستفادة مما ينفقه المسلمون إلا في هذا الشهر الكريم؛ لأن بعض المسلمين لا يُخرج ماله إلا في رمضان، فهو شهرُ المسارَعة إلى الخير، وفِعْل الطاعات، والإنفاق في سبيل الله.

وبعضهم يستقبل الشهر بالتوبة، والإنابة، والإقبال على الصلاة، والذِّكر، وقراءة القرآن، فهؤلاء نصيبُهم من الخير كبيرٌ؛ لأنَّ رغبتهم في عطْف الأغنياء عليهم لا تنسيهم الحكمة من فرض الصوم، ولا تلهيهم عن ذِكْر الله وعن الصلاة.

كما يحتاج الفقراء إلى رمضان القادم أكثر من احتياجهم إلى هذا الشهر في الماضي؛ لغَلَبَة الفقر، وارتفاع الأسعار، وانتشار الأزمة الاقتصادية العالمية، مما كان له تأثيره على هذه الفئات الضعيفة أولاً قبل غيرهم من الناس.

يشعر الفقراء عند قُدُوم رمضان بعجْزٍ شديد في توفير نَفَقات هذا الشَّهر الكريم، مما يجعلهم في هَمٍّ، وغمٍّ، وحُزن، ولكن رحمة الله - عز وجل - لا تنساهم ، فجعل الله - عز وجل - لهم حقًّا على كل غنيٍّ؛ كيلا يفتقدوا فرحة هذا الشهر الكريم.

أيها الأغنياء:
إنَّ الفقراء ينتظرون عطفكم في هذا الشهر الكريم، والصدقة في رمضان يضاعفها الله - عز وجل - إلى سبعين ضعفًا، والله يضاعف لِمَن يشاء، والصدقة تُطفئ غضب الله تعالى، كما يطفئ الماءُ النار؛ قال تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 261].

إن الفرصة التاريخية قادِمة ومهيَّأة لكم؛ لتنالوا من البَرَكات والحسنات، فلا تترددوا في العطاء والإنفاق، وحرِّروا أنفسكم من الشُّحِّ، والبخل، واستعدوا لرمضان بالجود والإحسان، فليس للإحسان جزاء إلا الإحسان، ولا تَتَبَرَّموا إن قصدوكم بالسؤال، وضعْف الحال، فإسعاد هؤلاء الفقراء سبيل إلى رضوان الله والجنة.

أسأل - وبالله التوفيق -: هل استعدَّ أغنياءُ المسلمين لفقراء هذا الشهر الكريم؟ وهل أعد المسلمون خططهم، ومشاريعهم الرمضانية؛ لسدِّ حاجة هؤلاء قبل حلول الشهر الكريم؟ وهل جعلت الجمعيات الإسلاميَّة في مقدمة أولوياتها التفكير في تقديم العَوْن والمساعدة للمحتاجين، وإدخال السرور على الفقراء؟



ابوالوليد المسلم 19-05-2020 12:26 AM

رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
 
كيف يصوم اللسان؟



أحمد عبدالرحمن










اللِّسان من أهمِّ الجَوارح وأخطَرِها، وهو الجارحةُ التي تَنطِقُ بكلمة الإيمان أو الكُفر وتُعمِّر أو تُدمِّر، وتُصلِح أو تُفسِد.

فاللِّسان يُورِدك الجنَّة أو يَقذِفُ بك في النار؛ فلذلك للِّسان صيامٌ خاص في رمضان وغيره، ولكنَّه في رمضان يتأدَّب ويتهذَّب، ويجبُ على المسلم أنْ يُربِّي نفسَه على الكلام الطيِّب، ويجتنب سيِّئ الكلام.


وصدَق رسولُنا الكريمُ - صلَّى الله عليه وسلَّم - عندما قال لمعاذ: ((كُفَّ عليك هذا)) وأشار إلى لسانه، فقال معاذ: أوَإنَّا لَمُؤاخَذون بما نتكلَّم به يا رسول الله؟ فقال - عليه الصلاة والسلام -: ((ثكلتك أمُّك يا مُعاذ، وهل يكبُّ النَّاس في النارِ على وُجوههم إلا حَصائد ألسنتهم))؛ (رواه أحمد 5/ 231، وصحَّحه الألباني في "الصحيحة" 3/ 115 رقم 1122).


يقول الشاعر:


لِسَانُكَ لاَ تَذْكُرْ بِهِ عَوْرَةَ امْرِئٍ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فَكُلُّكَ عَوْرَاتٌ وَلِلنَّاسِ أَلْسُنُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

وكان ابن عباس - رضي الله عنهما - يقول للِسانه: يا لسان، قُلْ خيرًا تغنم، أو اسكُت عن شرٍّ تسلَمْ، رَحِمَ الله مسلمًا حبَس لسانه عن الخنا، وقيَّدَه عن الغِيبة، ومنَعَه من اللَّغْوِ، وحبَسَه عن الحَرام.


فحاوِلْ أيُّها الصائم في هذا الشهر المبارك أنْ تُربِّي نفسك على طيِّب الكلام؛ فتُحاسِب ألفاظك، وتُؤدِّب منطقك، وتزن كلامك؛ لأنَّك مُحاسَب على كلِّ كلمة تصدُر منك، سواء أكان ذلك في رمضان أم في غيره؛ يقول - تعالى -: ï´؟ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ï´¾ [ق: 18]، ويقول الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن يضمن لي ما بين لحيَيْه وما بين فَخِذَيْهِ أضمَن له الجنَّة))؛ (رواه البخاري).


وقال ابن مسعود - رضي الله عنه -: "والله ما في الأرض أحقُّ بطول حبسٍ من لسانٍ".


يريدُ الصالحون الكلامَ فيذكرون تبعته وعُقوباته ونتائجه فيصمتون.


فهل صامَ مَن أكَل لحوم البشر ونهَش أعراضَهم وأفسَد فيما بينهم؟ هل صام مَن كانت مجالسه عامرةً بأذيَّة المسلمين وهتْك محارمهم ونشْر الرَّذيلة بينهم؟ هل صامَ مَن أطلَق لسانه بالقيل والقال وقذَف الأبرياء وشوَّه سمعة الأتقياء؟


وكيف يصومُ مَن كذب واغتاب، وأكثَرَ الشَّتْمَ والسباب، ونسي يوم الحساب؟ يقول الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم -: (((المسلم مَن سَلِمَ المسلمون من لسانه ويده))؛ (رواه مسلم)، هذا هو الإسلام؛ عمل وتطبيق، ومنهج انقِياد، وسُلوك وامتِثال.


قال - تعالى -: ï´؟ وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ ï´¾ [الإسراء: 53]


فاحرِصْ أخي الصائم على اجتِناب آفات وعُيوب اللسان وهي: الكَذِبُ، والغيبة والنميمة، والبذاءة والسب، والفحش والزور واللعن، والسُّخرية والاستهزاء... وغيرها.


واجعَلْ لسانَك طريقًا إلى الخير بذِكر الله - تعالى - وتسبيحه وتحميده واستغفاره وشُكره.




ابوالوليد المسلم 20-05-2020 01:37 AM

رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
 
مبارك عليك الشهر (8)

أ. محمود توفيق حسين

















عندما تكون على الطريق مسرعاً حتى تصل بيتك قبلَ الإفطار..



تضرب البوق، وتمرقُ من بين السيارات



وتقلب النورَ لمن هم أمامك حتى يفسحوا لك الطريق



وقد ركبهم الرعب من هذا الصاروخ المنطلق من خلفهم؛



الذي يكاد يلامس أعجاز عرباتهم..



لا تفكِّر بأنك حريص على التواجد على المائدة بين أطفالك



في لحظة الإفطار الودود المفعمة بالرجاء والرحمات



بل فكِّر في أنك تروِّع الآمنين الذاهبين لأطفالهم مثلك



لا تفكِّر بأن أولادك ينتظرونك لذا لا بد أن تسرع



بل فكِّر في أن أولادك ينتظرونك؛



لذا لا بد أن تتوقف عن القيادة الطائشة حتى لا يفتقدوك



فكِّر بأن الصوم ليس نصف العجلة.. كما يقول لسان حال كثيرٍ ممن يقودون السيارات



بل الصوم نصفُ الصبر.. كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم.









مبارك عليك الشهر



وقد خرجت منه متأنٍّياً




ابوالوليد المسلم 20-05-2020 01:37 AM

رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
 
طاقات رمضانية



أحمد بن خالد العبدالقادر










لا يعدو الوقت أن يكون هو الوقت، والزمان هو ذاته الزمان، فساعاتنا لا تتبدل، والأوقات تحتمي بلحظاتها المرتمية بداخلها، وإنما يَبين عند ذلك ما يختبئ خلف تلك اللحظات من دوافع ومرغبات تحفز المرء لأن يقبض على كل جزء منها باهتمام شديد، واندفاع من حديد، وهو يشعر حينها أن عمره يفرط منه، وأن ساعاته الأخيرة قد بدأت تلوح له في الأفق، فيهمُّ فيها بجدة ونشاط، ويجابهها بعزيمة متوقدة لاستثمار كل دقيقة منها، واستجلاب فوائدها والغايات التي يرومها، فلا نختلف في تقرير أن المرء يركن إلى الدعة حينًا، وإلى الأهبة والقوة حينًا آخر، وذلك بحسب علائق الأوقات من محفزات وبواعث تستنفر لها الطاقات بعنانها وكل حماسها.

ولا تزال أنفسنا تعيش وصلا من رياحين شهر رمضان الكريم، الذي غادرنا ولم يغادر قلوبنا، وإن كان قد غادر همم البعض فخارت معها العزائم ووهنت حيالها القوى، التي وقفت طوال ثلاثين يومًا في بحبوحة العبادة ومعين الطاعة، فكان رمضان لهم روضة تفيء إليها الأرواح، وتنقاد إليها النفوس طائعة باذلة، وكأن هذه الطاقات لن تستنهض قدرتها إلا في ثلاثين يومًا من أيام السنة كاملة، ولنرى العزائم كيف تتضعضع أمام مسكنات الأيام بعيدًا عن محفزاتها من مناسبات الخير والبر، حتى يظن المرء أن فعال الخير ووصال حبل الأرض بالسماء لا تتم إلا في مناسباتها الباعثة لها، ومرغباتها الدافعة إليها.


فارقنا رمضان وكانت النفوس فيه تواقة، والقلوب فيه رقراقة، والجباه فيه شاخصة، والأجساد معه وجلة واجفة، تنضح ببديع الأقوال، وتضوع بجميل الأفعال؛ حتى يتم صيام هذا الشهر وقيامه بأكمل وجوهه وأحسن صوره، لا سيما أنها مناسبة شهرية يفتر ثغر العام عنها مرة، ولتأمل النفس حيال ذلك كله أن يكون رمضان طول العام، وموصول الليل بالنهـار حتى تسعد فيه النفس، وتبرق بما تحوز فيه من الأجور والبركات، وما تبصر أمامها من حسن الأفعال والتصرفات.

وددت أن لم نخنق طاقاتنا، وتضيق عزائمنا، وتقف على مجرد مناسبات تكون حجر عثرة عن وصال فتوتها وحماستها، بل أن يصل من فورانها أن تصل القمة وتشمخ إلى الاحتذاء بسنة الهادي الأمين صلوات الله وسلامه عليه، الذي كان قوله وعمله، وليله ونهاره، بل وكل حياته في خضوع للواحد الديّان، فلا تختزل الجهود في ساعات دون ساعات، ولا يضيق نطاقها عن لحظات ولحظات، فلا فرق بين جدٍّ وهزل، ولا خير في قول يصدمه عمل، بل إن المرء يكون على جادة واحدة، واطراد مستمر في بذل الغاية والمهجة، فلا نجترّ مبادئ مادية فتنقسم أعمارنا في تناقضات مشوهة بأن نغمرها ساعات في الخير وبذله، وساعات في الوهن والتقصير، في حين غمره آخرون في الشر وعطنه.

إن التغيير المأمول والمنشود هو المصاحب لحافزه في كل وقت وكل حين، الموائم له في كل لحظاته، فلا تفتر حياله النفس وتختبئ تحت غطاء التسويف والتقصير، فتستجلب الهمة كل جوانبها في سبيل الاستمرارية واطراد قوتها في كل ساحة وميدان، وتنتظم مع كل وقت، فلا تغيب تحت ظرف زماني، ولا يناوشها فتور يقبع تحت سكون عاتم من الغايات والأهداف، برغم أن النفس ميالة لمحفزها وباعثها لما تصبو إليه، وإنما يكمن الحديث عن غايات سامية لا تغيب عن حَذِق يستشرف أقصى الغد بكل أبعاده، حينها لا تدخر الطاقات جهدًا من قوتها، ولا تختزلها في مناسبات دون أخرى، ولهذا كان سلفنا الصالح لا تثنيهم المناسبات عن بذل المهج واستنزاف الجهود في أوقاتهم وأدق أعمالهم، بل وكان عرى ارتباطها بالهمم السامقة وثيقًا جدًا، لا سيما وأن أمانيهم -وهي كذلك أمانينا- (ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر) [رواه البخاري].

وحتى وإن سكنت النفس عن اندفاعها فلا تغيب عن جادتها، ولا تنكص أعقابها عن درب بهي تسلكه كل حينها، بل يخمد سكونها تحت أضواء الخير وأنوار البركة.

فلا تقف النفس في ارتقاء همتها وصعود مراقي الفلاح تحت الانقياد لإطلالة مناسبة تتوثب معها لارتداء ثوب النشاط والهمة، فالأصـل أن تمضي على دربـها النافع والناجح طوال سويعاتها التي تقضيها في هذه الدنيا، فإن العمر قصير، والوقت أقصر بكثير، (وما عند الله خير وأبقى).



ابوالوليد المسلم 20-05-2020 01:38 AM

رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
 
مبارك عليك الشهر (9)

أ. محمود توفيق حسين


















عندما تركب سيارتك لزيارة صديق لك في مدينة أخرى



وتركن سيارتك بالقرب من بيته



ويراك أطفالُ ابن عمك الواقفون في الشرفة العالية



ويلوحون لك، ظانين أنك قادم إلى زيارتهم



وليس لصديقك الذي يقطن بالعمارة المجاورة لابن عمك



- ابن عمك الذي تخاصمتما بسبب الزوجتين وتنافسهما -



لا تخيِّب رجاء هذه الوجوه البريئة التي تهللت برؤيتك من بين أحبال الغسيل



اصعد له واطرُق بابه.. وابدأه بالسلام



لا تفكِّر بأن هذا الانفصال وقطع العلاقة حل به السلام، وذهب به التلاسُن والغلط



بل فكِّر في أن هذا الانفصال يحلُّ به غضب الله



لا تفكِّر بأنه قد يردُّك من عند الباب



بل فكِّر في أن الله لن يردَّ واصِلَ الرَّحم



لا تفكِّر بأن هذا شارعٌ عامٌّ تدخل فيه متى تشاء لمن تشاء



ولا حرج عليك أن تمر تحت شرفته حتى لو كان هو نفسه واقفاً



بل فكِّر بأن هناك ما هو أهمُّ من دخول هذا الشارع وعدمِ دخوله:



وهو أنهُ (لا يَدخلُ الجنَّةَ قاطعُ رَحِمٍ) كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم



فكِّر بأن شهر الرحمات فرصةٌ للصفوِ والتصالح والعفو عمَّا فات.









مبارك عليك الشهر



وقد خرجت منه واصلاً للرحم






ابوالوليد المسلم 21-05-2020 03:36 AM

رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
 
تغريدات رمضانية (1)











نبيل جلهوم







1- في رمضان: لذة التراويح تمتعنا، وكثرة الركعات تريحنا، ومزيد السجدات يرفعنا، وطول الوقوف بين يدي الله ينسينا دنيانا ومشاغلَنا.





2- في رمضان: صلاة القيام أثابكم الله، كلمات كلَّ يوم تتكرَّر؛ فتدغدغ الآذان، وتتحول لأجمل ألحان.





3- في رمضان: صفوف المصلِّين في التراويح تتزاحم، والأكتافُ تتلاحم، والأقدام تلتصق، والخشوع يُهيمن، والرحمة تتنزَّل، والجنة أمامَ الأعيُن تحضر، ثم تتمايل.





4- في رمضان: تستقر أعين المصلين موضعَ السجود، وتسرح قلوبُهم في تسبيحات الله، وتتثبت أيديهم فوق صدورهم، وتتحول أرجُلُهم إلى أوتاد تصلي، تأبى أن تخرج من الصلاة بحالة فرح وسرور.





5- في رمضان: يحرص الجميع أن يكمل التراويح، حتى دعاء الإمام؛ ليختم بها، فيدعو والناسُ تؤمِّن، ويرجو والناس من الله تطلب، والأيادي تُرفع، والأكُف تتعانق، وما أن ينتهي من الدعاء حتى يستشعر المصلون أن دعواتِهم قابت قوسين أو أدنى من الاستجابة، وأن السماء قد انفتحتْ على مصراعيها.





6- في رمضان: شعور واستشعار برحمات الله، بمغفرته، برضاه، يسيطر على الروح، ويجلب الأمانَ.





7- في رمضان: إحساس غريب، وثقة غالية تدب في النفس كلَّ ليلة، بأن الله قد أعتق الرقبةَ، وغفر الذنب.





8- في رمضان: تجدك تتلمس النجاح، وتتوسم في ربِّك النجاة من نيرانه، ومن عذابه، ومن خزيِه.





9- في رمضان: تتعايش روحُك مع مقاصد التقوى، وتصعد روحك في مراتبَ علويةٍ سماوية.





وإلى لقاء في تغريدات جديدة في الحلقة القادمة.












ابوالوليد المسلم 21-05-2020 03:37 AM

رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
 
تغريدات رمضانية (2)
نبيل جلهوم









10- في رمضان تتحول البيوت إلى جنان ورياحين، تفوح منها طبائع جديدة جميلة، تتمنى الدنيا كلها أن تعمُر هذه الطبائع، وتلكم الروح والبيوت على الدوام طول العام، فترق المشاعر، وتتآلف القلوب، وتَكثُر البسمات، ويلين الجانب، ويحسن التعامل بين أفراد منظومة هامة، تنطلق منها حياة جديدة، برونق ذي مذاق، ربما يكون غير مألوف من ذي قبل، فتَحُلُّ السعادة.




11- في رمضان، يهدأ الزوجان، وما قد يكون بينهما من سوء يذهب إلى خبر كان، فيصبحان بأروع بُنيان.




12- في رمضان يتفنن الزوج لزوجته في حسن الاستيعاب، ويتأهل بمهارات تنموية سلوكية، ويسامح فيما حدث وكان، فيكسب الأجر، ويمتلك القلب، ويسعد بالروح، قبل الطعام والجسد.




13- في رمضان تصبر الزوجة على زوجها بصنعة جميلة، قد تصنع منه رجلاً عظيمًا، سعيدًا، قرير النفس، ثابت الكيان، فتنال بذلك رضاه، وتأسِر عاطفته، وتعانق بذلك رُوحه وفكره.




14- في رمضان تستجمع البيوت روحها وطاقتها، وتتفجر منها ينابيع الخير، بعدما كانت من قبل صخبًا وبُركانًا.




15- في رمضان تستلهم البيوت ذكر ربها، وقراءة القرآن، فتتحول إلى خلايا تنبعث منها أشِعة السكينة على الدوام، فتنصرف منها الشياطين، وتسكن بدلاً منها الملائكة السماويون، فتتغير النفوس وتلين.




16- في رمضان تستلهم البيوت حُبَّها للنبي - صلى الله عليه وسلم - وتحاول الاقتداء به: في إفطاره، وفي سحوره، فتحظى بأجر الاهتداء، وشرف الاقتداء، فتقترب بذلك خطوات وخطوات نحو شفاعة سيد الخلق والبريات.




17- في رمضان تجتهد الزوجة في إعداد إفطار وسحور للزوج والأبناء، يتقون به جوع النهار، فتنال بذلك شرف الخدمة، وجميل الأجر، فتملك قلب زوجها، وأُلفة وطاعة أبنائها، بذلك البيوت سلوكيات رائعة من القيم الأصيلة.




18- في رمضان يمسك أصحاب البيوت ألسنتهم، فتتمايل وتترنَّح فيما بينهم كلمات الود، والسهولة، والتغافر؛ فتَرِقّ القلوب، وتنزل على البيوت ملائكة تتشرف بصحبة ذلك البيت، والمكث فيه، فتهرب الشياطين، وتنزل الرحمات والسعادة.




19- في رمضان تعانق البيوت كتاب ربها، تقرأ وتتنافس فيما بينها، فتحل البركة، ويزداد الشعور بشهر عظيم كريم جميل، شعور قد لا يوجد في وقت غير رمضان، إلا ما رحم ربُّنا الرحمن.




إلى هنا دعونا نكتفِ بهذه التغريدات، وانتظرونا في حلقتنا الثالثة؛ لنغرِّد بها في سماء رمضان الحبيب.




(ومرحبًا بالحبيب رمضان).




ابوالوليد المسلم 21-05-2020 03:38 AM

رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
 
ليالي رمضان











راشد عبدالرحمن العسيري







ليالي رمضان، مطيَّة المتَّقين إلى ربِّ العالمين، وزاد المسافرين في الدَّربِ الطويل، أعدَّ الله فيها مِن الأجر الكبير والثواب العميم ما تَهْفو إليه النُّفوس، وتتطلَّع إليه الأرواح.






ليالي رمضان ليستْ كبقيةِ اللَّيالي، ليالٍ مضيئة مبارَكة خصَّها الله بتنزُّل الرَّحَمات والبرَكات، وفتح أبواب الجِنان، وهي تزداد شرفًا بشرفِ الزمان، فكيف إذا اجتمع مع شَرفِ الزَّمان شرفُ العِبادة والطاعة.






وها هي هذه الليالي المبارَكة قدْ بدأت بالتناقُص، فكما كنَّا بلهفةٍ واشتياق لاستقبالها والأُنس بها، ها هي تستعدُّ للرحيل، وقد حملتْ في صحائفها أجورَ الصائمين والقائمين، والذاكرين والمستغفرين.






ليالي رمضان مليئةٌ بالأعمال الصالحة التي يتقرَّب بها المؤمنون، فالسعيدُ مَن عمِل فيها واغتنمَها.






ليالي رمضان تعظُم منزلةً أنَّ في كل ليلة مِن لياليها عتقاءَ عند المليك الغفَّار، يعتق الله مِن النار ما شاء ومَن شاء مِن خلْقه؛ قال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إذا كانتْ أوَّلُ ليلة مِن رمضان، فُتِّحتْ أبوابُ الجنة فلم يُغلقْ منها باب، وغُلِّقتْ أبواب جهنم فلم يُفتحْ منها باب، وصُفِّدتِ الشياطين، ويُنادِي مناد: يا باغيَ الخير أقبِل، ويا باغيَ الشرِّ أقصِر، ولله عتقاءُ مِن النار، وذلك في كلِّ ليلة)).






ليالي رمضان ليالٍ عامِرة بتلاوةِ القرآن؛ فقدْ كان جبريلُ - عليه السلام - يَلْقَى النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - في كلِّ ليلة مِن ليالي رمضان فيدارسه القرآن؛ لذا كان همُّ الصالحين تلاوةَ كتاب ربِّهم آناءَ الليل وأطراف النهار؛ ليكون شفيعًا لهم يومَ القيامة؛ يقول النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((الصِّيامُ والقرآنُ يَشْفَعانِ للعبدِ يومَ القيامة؛ يقول الصيام: أي ربِّ، منعتُه الطعامَ والشهوات بالنهار، فشفِّعْني فيه، ويقول القرآن: منعتُه النومَ بالليل، فشفِّعْني فيه، قال: فيُشفَّعَانِ)).






ليالي رمضان صلاة وتهجُّد وقِيام؛ يقول المصطفى - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن قام رَمضانَ إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تَقدَّم مِن ذنبِه)).






ليالي رمضان، دعاء وتضرُّع وابتهال، ومناجاة لربِّ الأرض والسماء، يقول الحق سبحانه: ï´؟ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ï´¾ [البقرة: 186].






ليالي رمضان مِن أفضل ليالي العام، ليلة مِن لياليه خيرٌ من عبادة ألف شهر؛ قال عنها النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن قام ليلةَ القَدْرِ إيمانًا واحتسابًا، غُفِر له ما تَقدَّم مِن ذنبِه)).






ليالي رمضان سُويعات معدودات، أفضلُها وأمثلها وقتُ السَّحَر، هذه الساعة الشريفة المبارَكة، والتي قال الله فيها مثنيًا على عبادِه المتقين: ï´؟ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ï´¾ [الذاريات: 18]، فيها مِن التجليات والبرَكات ما لا يَعلمها إلاَّ الله؛ يقول عنها النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((يَنزِل ربُّنا - تبارك وتعالى - كلَّ ليلةٍ إلى السماء الدُّنيا حين يبقَى ثُلُث الليل الآخِر، يقول: مَن يدعوني فأستجيبَ له؟ مَن يسألني فأعطيَه؟ مَن يستغفرني فأغفرَ له؟))، فحريٌّ بنا أن نغتنمَها، وخاصَّة في هذه الأيَّام المعدودات.






فليكُن همُّنا فيما بقِي مِن ليالي هذا الشهر المبارَك أن نُرِيَ الله منا خيرًا بالاجتهاد في الطاعاتِ والقُربات، وعدَم تفويت هذه الساعات، فالمحرومُ مَن حُرِم هذه الليالي المبارَكة، جعَلَنا الله ممَّن ينال ثوابَها وبركتَها.






ابوالوليد المسلم 21-05-2020 03:39 AM

رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
 
كانوا معنا!



راشد عبدالرحمن العسيري






يمرُّ علينا رمضان وحال الدُّنيا في تغيُّر واختلاف، وهذه حِكمة الله في خَلْقه، وسُنَّته الجارية على عباده، فكم مِن قريب وعزيز مِن الآباء والإخوان والأحباب كانوا معنا في عامٍ مضَى، وهم الآن في قُبورهم موسدون، كأنهم ما عاشُوا ولا ساروا ولا ضحِكوا، اندرستْ سيرُهم، وما بقِي منهم إلا ذِكرُهم!









أتراهم لو كانوا معنا، فما كان بوُسعهم أن يفعلوا؟ أتراهم سيضيِّعون أوقاتهم؟ أم سيعمرونها في طاعةِ خالقهم؟ أتراهم سيؤدُّون ما افترضَه الله عليهم؟ أم سيُسوِّفون أعمالَهم؟ أتراهم..؟ أتراهم..؟ أتراهم..؟






هذا حال مَن يتمنَّى أن يعود إلى الدنيا ليزيدَ حسناتِه ويمحو سيئاتِه!






ولكن ما بال مَن لاحت أمامَه الفُرص، وما زال في عمرِه متَّسَع، هل سيصحو مِن غفلته، ويعتبر بمَن مضى، ويغيِّر مِن نهجه وسيرته، أم سيبقى في غفلتِه وغيِّه، حتى يفاجئه طارِقُ الموت بلا استئذان، فهل نعتبر بمَن مضى، أم نجعل أنفسنا عبرةً لمن بعدنا؟!






فُرَص تتوالَى، ومِنح تتعاقَب، والعُمر فُرص، ولا فائدة مِن الندم على عُمر قد مضى، أو ساعة قد فاتتْ، أو فرصة قد ولَّت، إذا لم تستغلَّ في مرضاة الله.






هذا نبيُّنا - صلَّى الله عليه وسلَّم - يحضُّنا على اغتنام الفُرص، والمسارعة في اقتناصها؛ يقول - عليه الصلاة والسلام -: ((اغتنمْ خمسًا قبل خمس: شبابَك قبلَ هَرَمِك، وصحَّتَك قبل سَقَمِك، وغناءك قبل فَقرِك، وفراغَك قبل شُغلِك، وحياتَك قبل موتِك))، فُرص غالية بيَّنها النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - ويَدْعونا لاغتنامها، فإذا لم تُستغلَّ في حينها، فلا فائدةَ من التحسُّر حال انقضائها.






فما دامتْ هذه الفُرص بين أيدينا فلنستعدَّ لاغتنامها، ولنغيِّر فيها من أنفسنا، ولنستغلَّها قبل أن نندَمَ على ضياعها.






ولا أعظمَ مِن مِنح الله، ولا أطيبَ مِن التعرُّض لنفحاته وعطاياه، خاصَّة في مواسم الخيرات والبَركات، فالحكيم مَن يتعرَّض لنفحات مولاه، ويستغل مواسم الطاعاتِ ليظفرَ بأعْلى الدرجات.






وهذا رمضان قد مضَتْ أيَّامه، وتصرَّمت لياليه، وعن قريبٍ يتأذَّن بالرحيل، فهل يَسعُنا أن نلحق بأجوره، فأبوابُ الطاعات فيه أكثرُ مِن أن تُحصَى، وأنواع القُربات أكثر مِن أن تُعدَّ، فهل مِن مشمِّر، وهل مِن لاحِق بالرَّكْب، وهل مِن معمِّر لساعاته ولحظاته.






فلنُرِ الله من أنفسنا خيرًا، فرمضان فرصة ومِنحة، فهو قد يأتي مرةً أخرى، وقد لا يأتي، فقدْ يأتي رمضان ونحن تحتَ التراب سلَّمنا الروح لبارئها، وقد يأتي رمضان ونحن على الصِّيام غيرُ قادرين.






فالحمدُ لله الذي بمنِّه بلَّغَنا رمضان، ونسأله تعالى أن يُعيننا على الصِّيام والقِيام، وأن يُوفِّقنا للتَّمام، وأن يحسِن لنا الختام، وأن يجعلَنا من عتقائِه مِن النيران.






الساعة الآن : 03:41 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 290.60 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 288.83 كيلو بايت... تم توفير 1.77 كيلو بايت...بمعدل (0.61%)]