ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=91)
-   -   شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=240319)

ابوالوليد المسلم 05-07-2025 05:55 PM

رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله
 
شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الإمارة
شرح سنن أبي داود [587]
الحلقة (617)





شرح سنن أبي داود [587]

الاستئذان وعدم النظر في بيوت الآخرين أو دخولها إلا بإذن من أهم الآداب التي يجب على الإنسان أن يتأدب بها؛ حتى لا تكشف العورات، وتنتهك الحرمات، وقد أباح الإسلام فقء عين من نظر إلى بيت بغير إذن أهله، كما أمر من يدخل البيت أن يسلم على من فيه.

ما جاء في الاستئذان


شرح حديث (أن رجلاً اطلع من بعض حجر النبي فقام إليه رسول الله بمشقص...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الاستئذان. حدثنا محمد بن عبيد حدثنا حماد عن عبيد الله بن أبي بكر عن أنس بن مالك رضي الله عنه: (أن رجلاً اطلع من بعض حجر النبي صلى الله عليه وسلم، فقام إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بمشقص أو مشاقص، قال: فكأني انظر إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يختله ليطعنه) ]. أورد الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى باباً في الاستئذان. أي: الاستئذان للدخول على الإنسان، أي: أن الإنسان يسلم ويستأذن للدخول ثم يدخل إن أذن له، هذا هو المقصود بالاستئذان الذي ترجم له أبو داود رحمه الله. والاستئذان فائدته ألا يحصل الدخول من الشخص فيرى ما لا يريد صاحب البيت أن يراه غيره، فيحتاج الأمر إلى استئذان حتى يكون صاحب المحل قد تنبه وأخفى الشيء الذي يريد ألا يطلع عليه غيره، أو يكون الناس على غرة فيحصل من الاستئذان عدم الاطلاع على شيء من العورات، ومن أجل كون الإنسان لا يدخل إلا وقد أذن له؛ لأنه قد يكون الإنسان مشغولاً وعنده ظروف تضطره ألا يستقبل أحداً. أورد أبو داود حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: (أن رجلاً اطلع من بعض حجر النبي صلى الله عليه وسلم) يعني: وضع عينه ينظر من في الداخل، فالرسول صلى الله عليه وسلم تنبه له وأخذ مشقصاً وهو نصل طويل، فكان يختله ليصيب عينه التي حصل منها العدوان في حال عدوانها. قوله: [ (فكأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يختله) ] يعني: أنه يسير إليه برفق من أجل أن يصل إليه حتى يطعنه بهذا المشقص الذي معه صلى الله عليه وسلم. وهذا يدلنا على تحريم النظر في بيوت الناس، ومن أجل ذلك جاء الاستئذان لمن يريد أن يدخل حتى لا يحصل منه الوقوع على شيء من العورات أو النظر إلى شيء لا يريد صاحب البيت أن ينظر إليه.
تراجم رجال إسناد حديث (أن رجلاً اطلع من بعض حجر النبي فقام إليه رسول الله بمشقص...)


قوله: [ حدثنا محمد بن عبيد ]. هو محمد بن عبيد بن حساب وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم و أبو داود و النسائي . [ حدثنا حماد ]. هو حماد بن زيد وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبيد الله بن أبي بكر ]. هو عبيد الله بن أبي بكر بن أنس، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أنس بن مالك ]. هو جده أنس بن مالك رضي الله عنه خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام. وهذا الإسناد من الأسانيد العالية عند أبي داود التي هي الرباعيات.
شرح حديث (من اطلع في دار قوم بغير إذنهم ففقئوا عينه فقد هدرت عينه)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن سهيل عن أبيه حدثنا أبو هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من اطلع في دار قوم بغير إذنهم ففقئوا عينه فقد هدرت عينه) ]. أورد أبو داود حديث أبي هريرة في إهدار عين من اطلع على دار قوم بغير إذنهم، وهذا من قوله صلى الله عليه وسلم والأول من فعله. قوله: [ (من اطلع في دار قوم بغير إذنهم ففقئوا عينه فقد هدرت عينه) ] يعني: أنه لا دية له؛ لأنه هو الذي جنى على نفسه، وقد عوقب في حال حصول الجناية منه. فإذاً: تكون عينه هدراً، فلا ضمان على من فقأها وعلى من أصابها ما دام أنه ينظر في بيت الناس بغير إذنهم. فالحديث مثل الذي قبله، والأول من فعله، وهذا من قوله صلى الله عليه وسلم.
تراجم رجال إسناد حديث (من اطلع في دار قوم بغير إذنهم ففقئوا عينه فقد هدرت عينه)


قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ]. هو موسى بن إسماعيل التبوذكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا حماد ]. هو حماد بن سلمة بن دينار البصري وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن. [ عن سهيل ]. هو سهيل بن أبي صالح وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة، ورواية البخاري عنه مقرونة. [ عن أبيه ]. هو أبو صالح ذكوان ولقبه السمان ويقال له: الزيات ؛ لأنه كان يجلب الزيت والسمن ويبيعهما، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا أبو هريرة ]. هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه.
شرح حديث (إذا دخل البصر فلا إذن)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا الربيع بن سليمان المؤذن حدثنا ابن وهب عن سليمان -يعني: ابن بلال - عن كثير عن الوليد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا دخل البصر فلا إذن) ]. أورد أبو داود حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا دخل البصر فلا إذن) يعني: أن الإنسان عندما يستأذن يستأذن وهو لا يرى ولا يدخل بصره في بيوت الناس بغير إذنهم، فإن الإذن إنما يكون من أجل البصر، كما جاء في الحديث: (إنما الاستئذان من أجل البصر). فإذاً: الإنسان يستأذن من أجل ألا يقع بصره على شيء لا يناسب رؤيته، ولا يريد أهل البيت أن يروه، فإذا دخل البصر فلا معنى لذلك الاستئذان ولا فائدة من ورائه، وكون الإنسان يقف بالباب وينظر ثم يستأذن هذا غير صحيح، وإنما يقف في جوانب الباب ويسلم ويستأذن، وإذا أذن له اتجه إلى البيت. والحديث في إسناده كثير بن زيد وقد ضعف الألباني الحديث بسببه، لكن الرجل حسن حديثه الحافظ ابن حجر كما ذكر ذلك الشيخ ناصر ، وأيضاً أثنى عليه عدد من الأئمة، وتضعيفه لم يأت مفسراً؛ لأن الذين ضعفوه جاء التضعيف عنهم مجملاً، وقد قال الحافظ في التقريب: صدوق يخطئ، فمثله يحسن حديثه.
تراجم رجال إسناد حديث (إذا دخل البصر فلا إذن)


قوله: [ حدثنا الربيع بن سليمان المؤذن ]. الربيع بن سليمان المؤذن ثقة، أخرج له أصحاب السنن. [ حدثنا ابن وهب ]. هو عبد الله بن وهب المصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سليمان يعني: ابن بلال ]. هو سليمان بن بلال ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن كثير ]. هو كثير بن زيد وهو صدوق يخطئ، أخرج له البخاري في جزء القراءة، و أبو داود و الترمذي و ابن ماجة . [ عن الوليد ]. هو الوليد بن رباح، وهو صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً، و أبو داود و الترمذي و ابن ماجة . [ عن أبي هريرة ]. أبو هريرة مر ذكره.
شرح حديث (...فإنما الاستئذان من النظر)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا حفص عن الأعمش عن طلحة عن هزيل قال: (جاء رجل -قال عثمان : سعد -فوقف على باب النبي صلى الله عليه وسلم يستأذن فقام على الباب، قال عثمان : مستقبل الباب، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: هكذا عنك، أو هكذا، فإنما الاستئذان من النظر) ]. أورد أبو داود حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، وهو: أن رجلاً وقف في الباب يستأذن فالنبي صلى الله عليه وسلم قال له: هكذا عنك! يعني: يشير إلى أن يكون في جوانب الباب ولا يكون في وجه الباب. قوله: [ (فإنما الاستئذان من النظر) ]، وهذا يوضح معنى الحديث الذي قبله، يعني: إنما يستأذن الإنسان من أجل البصر، وإذا كان الإنسان يرى فمعنى ذلك أنه لم يحصل منه الشيء الذي يريده صاحب المنزل وهو ألا يطلع أحد على بيته بغير إذنه، فالرسول صلى الله عليه وسلم أرشده إلى أن يذهب إلى جهة يمين الباب أو يساره ولا يكون في وجه الباب، حتى يرى ما بداخله، ثم بين أن الاستئذان من أجل البصر.
تراجم رجال إسناد حديث (...فإنما الاستئذان من النظر)


قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي ، وإلا النسائي فأخرج له في عمل اليوم والليلة. [ حدثنا جرير ]. هو جرير بن عبد الحميد الضبي الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ]. ح للتحول من إسناد إلى إسناد و أبو بكر بن أبي شيبة اسمه عبد الله بن محمد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ حدثنا حفص ]. هو حفص بن غياث وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الأعمش ]. هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن طلحة ]. هو طلحة بن مصرف وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن هزيل ]. هزيل وهو ثقة مخضرم، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ قال: جاء رجل قال عثمان : سعد ]. عثمان هو شيخ أبي داود الشيخ الأول أما أبو بكر فقال: جاء رجل، وكأن أبا داود ساقه على إسناد أبي بكر ، ولهذا أشار إلى قول عثمان : إنه سعد يعني: الذي جاء هو سعد. و هزيل هذا تابعي لم يشهد القصة، فيكون الحديث مرسلاً بالنسبة للطريقة الأولى، وفي الطريقة الثانية قال: إنه سعد ، فيحتمل أن يكون روايه، ويحتمل أن يكون حكاية مثل الأول: جاء سعد أو جاء رجل، وهو بمعنى واحد وأن فيه الإرسال، ولكن الحديث الذي سيأتي ذكر فيه أن ذلك الرجل يروي عن سعد فيكون بذلك متصلاً، ويكون ذلك الرجل المبهم هو هزيل . فقوله: [ عن طلحة بن مصرف عن رجل عن سعد ]. هزيل هو الرجل الذي أبهم، فيكون في الإسناد الأول مسمى وأبهم في الإسناد الثاني، وعلى هذا فيكون متصلاً. ثم يشهد له حديث سيأتي فيما بعد بمعناه من فعل الرسول صلى الله عليه وسلم، أنه لم يكن يستقبل الباب وإنما يكون على يمين الباب أو عن شماله، وهو عن عبد الله بن بسر : (كان صلى الله عليه وسلم إذا أتى باب قوم لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه) فهذا أيضاً يشهد له. وعلى هذا فيكون هذا الحديث متصلاً؛ لأن هذا الرجل روى عن سعد فيكون الرجل الذي أبهم في الإسناد الآتي هو الذي جاء في الإسناد الأول. و سعد هو: ابن أبي وقاص ، صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة.
إسناد حديث (...فإنما الاستئذان من النظر) من طريق ثانية وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا هارون بن عبد الله حدثنا أبو داود الحفري عن سفيان عن الأعمش عن طلحة بن مصرف عن رجل عن سعد رضي الله عنه نحوه عن النبي صلى الله عليه وسلم ]. وهذا هو الإسناد الثاني. قوله: [ حدثنا هارون بن عبد الله ]. هارون بن عبد الله الحمال البغدادي ، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم وأصحاب السنن. [ عن أبي داود الحفري ]. وهو عمر بن سعد ، وهو ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ عن سفيان ]. سفيان الثوري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الأعمش عن طلحة بن مصرف عن رجل عن سعد ]. وقد مر ذكرهم.
كيف الاستئذان


شرح حديث (...ارجع فقل السلام عليكم)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب كيف الاستئذان؟ حدثنا ابن بشار حدثنا أبو عاصم حدثنا ابن جريج ح وحدثنا يحيى بن حبيب حدثنا روح عن ابن جريج قال: أخبرني عمرو بن أبي سفيان أن عمرو بن عبد الله بن صفوان أخبره عن كلدة بن حنبل : (أن صفوان بن أمية رضي الله عنه بعثه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بلبن وجداية وضغابيس والنبي صلى الله عليه وسلم بأعلى مكة، فدخلت ولم أسلم، فقال: ارجع فقل: السلام عليكم). وذلك بعدما أسلم صفوان بن أمية . قال عمرو : وأخبرني ابن صفوان بهذا أجمع عن كلدة بن حنبل ولم يقل: سمعته منه ]. أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: باب كيف الاستئذان؟ والاستئذان: طلب الإذن، يقول: السلام عليكم أأدخل؟ أولاً يسلم، ثم يقول: أأدخل؟ فيجمع بينهما ويبدأ بالسلام قبل الاستئذان. وهنا قال: كيف الاستئذان؟ المقصود أن الترجمة معقودة بكيف الاستئذان؟ وهل يكون مرة أو مرتين أو ثلاثاً؟ فأورد أحاديث أولها حديث كلدة بن حنبل : أنه أرسله إليه صلى الله عليه وسلم صفوان بن أمية في لبن وجداية وضغابيس. والجداية: هي لحم الظباء الصغار. والضغابيس: القثاءة الصغيرة. فدخل ولم يستأذن فقال له: ارجع واستأذن، ومعنى ذلك: أن الإنسان لابد أن يستأذن، والاستئذان يكون بالسلام أولاً ثم بطلب الإذن ثانياً.
تراجم رجال إسناد حديث (...ارجع فقل السلام عليكم)


قوله: [ حدثنا ابن بشار ]. محمد بن بشار الملقب بندار ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو شيخ لأصحاب الكتب الستة. [ حدثنا أبو عاصم ]. وهو أبو عاصم الضحاك بن مخلد النبيل اسمه: الضحاك ولقبه: النبيل ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا ابن جريج ]. عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ ح وحدثنا يحيى بن حبيب ]. يحيى بن حبيب بن عربي ، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم وأصحاب السنن. [ حدثنا روح ]. روح بن عبادة ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن جريج قال: أخبرني عمرو بن أبي سفيان ]. ابن جريج مر ذكره، و عمرو بن أبي سفيان ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ أن عمرو بن عبد الله بن صفوان أخبره ]. عمرو بن عبد الله بن صفوان ، وهو صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن. [ عن كلدة بن حنبل ]. كلدة بن حنبل رضي الله عنه صحابي أخرج له البخاري في الأدب المفرد و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ قال عمرو : وأخبرني ابن صفوان بهذا أجمع عن كلدة بن حنبل ولم يقل: سمعته منه ]. عمرو هو عمرو بن عبد الله بن صفوان . [ أخبرني ابن صفوان بهذا ]. ابن صفوان قيل: هو أمية بن صفوان ، وهو مقبول، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ قال أبو داود : قال يحيى بن حبيب : أمية بن صفوان ، ولم يقل: سمعته من كلدة بن حنبل . وقال يحيى أيضاً: عمرو بن عبد الله بن صفوان أخبره: أن كلدة بن الحنبل أخبره ].
شرح حديث (...اخرج إلى هذا فعلمه الاستئذان ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو الأحوص عن منصور عن ربعي قال: حدثنا رجل من بني عامر: (أنه استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في بيت، فقال: أألج؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم لخادمه: اخرج إلى هذا فعلمه الاستئذان فقل له: قل السلام عليكم أأدخل؟ فسمعه الرجل فقال: السلام عليكم أأدخل؟ فأذن له النبي صلى الله عليه وسلم فدخل) ]. أورد أبو داود حديث رجل من بني عامر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: جئت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقلت: أألج؟ يعني: أأدخل، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال لأحد الذين كانوا عنده: اذهب وعلمه الاستئذان، فليقل: السلام عليكم أأدخل؟ فالرجل سمع ولم يحتج إلى أن ينتظر الشخص الذي خرج ليعلمه فقال: السلام عليكم أأدخل؟ فأذن له فدخل. فهذا يدل على أن كيفية الاستئذان: أن الإنسان يسلم أولاً، ثم يستأذن بعد ذلك؛ لأن السلام يمكن أن يرد عليه، ولكن الاستئذان قد لا يوافق عليه، قد يكون هناك شيء يمنع منه بأن يكون هناك شغل يحول بينه وبين استقبال الزائرين، فيكون السلام أولاً ثم بعد ذلك يكون الاستئذان الذي هو: أأدخل؟ فإن أذن له دخل وإلا رجع.
تراجم رجال إسناد حديث (...اخرج إلى هذا فعلمه الاستئذان ...)


قوله: [ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو الأحوص ]. أبو بكر بن أبي شيبة مر ذكره. وأبو الأحوص هو سلام بن سليم الحنفي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن منصور ]. منصور بن المعتمر ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ربعي ]. ربعي بن حراش ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا رجل من بني عامر ]. وهو مبهم.
تراجم رجال إسناد حديث (...اخرج إلى هذا فعلمه الاستئذان ...) من طريق ثانية


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا هناد بن السري عن أبي الأحوص عن منصور عن ربعي بن حراش قال: (حدثت: أن رجلاً من بني عامر استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم بمعناه) ]. أورد أبو داود الطريقة الثانية إلا أن فيها إشارة إلى الانقطاع، لأنه قال: (حدثت عن رجل) فمعنى ذلك أنه توجد واسطة. قوله: [ حدثنا هناد بن السري ]. هناد بن السري أبو السري ، ثقة، أخرج حديثه البخاري في خلق أفعال العباد و مسلم وأصحاب السنن. [ عن أبي الأحوص عن منصور عن ربعي قال: حدثت: أن رجلاً من بني عامر ].

تراجم رجال إسناد حديث (...اخرج إلى هذا فعلمه الاستئذان ...) من طريق ثالثة


[ قال أبو داود : وكذلك حدثنا مسدد حدثنا أبو عوانة عن منصور ولم يقل: عن رجل من بني عامر ]. معناه: أنه مرسل. [ قال أبو داود : وكذلك حدثنا مسدد ]. مسدد بن مسرهد البصري ، ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ عن أبي عوانة ]. أبو عوانة وضاح بن عبد الله اليشكري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
تراجم رجال إسناد حديث (...اخرج إلى هذا فعلمه الاستئذان ...) من طريق رابعة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي قال: حدثنا شعبة عن منصور عن ربعي عن رجل من بني عامر: (أنه استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم بمعناه قال: فسمعته فقلت: السلام عليكم أأدخل؟)]. أورد الحديث من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله، وفيه أنه قال: (السلام عليكم أأدخل؟) يعني: بعدما سمع التوجيه الذي أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يبلغه إياه. قوله: [ حدثنا عبيد الله بن معاذ ]. عبيد الله بن معاذ العنبري ، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري و مسلم و أبو داود و النسائي . [ حدثنا أبي ]. معاذ بن معاذ العنبري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا شعبة ]. شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن منصور عن ربعي عن رجل من بني عامر ]. وقد مر ذكرهم.

الأسئلة



حكم الاستئذان في الفصول الدراسية


السؤال: هل يجب الاستئذان في الفصول الدراسية؟ الجواب: هذا على حسب الاصطلاح والاتفاق، إذا الشخص متأخراً وأنه قد يؤذن له بالدخول وقد لا يؤذن له فيستأذن، فهذا على حسب الاصطلاح. وأما إذا لم يكن هناك اصطلاح، كأن يدخل متى شاء ويخرج متى شاء فهذا لا يحتاج إلى استئذان، هذا يرجع إلى الذي يتعارف عليه الناس في الفصول سواء من جهة المدرسين أو من جهة الجهة المسئولة، فإذا كان المدرس يريد ألا يدخل أحد إلا وقد استأذن، وقد يؤذن له وقد لا يؤذن له فإنه يستأذن، وإن كان الأمر لا يحتاج إلى استئذان فإنه يدخل ويجلس.

فتح الباب لا يكفي في الإذن بالدخول


السؤال: الآن يستخدم الجرس، فهل دق الجرس يقوم مقام الاستئذان، فإذا فتح الباب معناه أنه سمح له بالدخول؟ الجواب: هذا محتمل؛ لأنه قد يكون الذي استأذن يظن أنه واحد من أهل البيت، فيفتحون لواحد من أهل البيت فيدخل عليهم أجنبي، فإذا كان لديهم هذا الجهاز الذي يكون بواسطته الكلام فقالوا له: ادخل، يدخل، وهذا إذا عرف بنفسه وأذنوا له يدخل. أما مجرد كونه يفتح الباب وهو ما سمع كلاماً ولا أحداً دعاه، فقد يظنون أنه واحد من أهل البيت ما معه مفتاح، ففتحوا له الباب. أما إذا كان يوجد جهاز تكليم فهذا يتوقف الدخول أو عدم الدخول عليه إن قالوا ادخل دخل، وإن قالوا: مشغولين الآن ائت في وقت آخر لا يدخل.

حكم اعتبار رد السلام إذناً بالدخول


السؤال: إن من العادات في بلادنا أن يدخل الإنسان على بيت غيره ويكتفي بالسلام فقط، فصار رد السلام إذناً له، فهل هذا يقوم مقام الاستئذان؟ الجواب: إذا كان الناس متعارفين على أن مجرد رد السلام يحصل به الإذن فلا بأس، وإذا تعارف الناس على شيء فلا بأس بذلك، فمجرد كونهم ردوا عليه السلام معناه أنه يدخل، وهذا على حسب عرف الناس.

حكم السلام إذا لم يجد أحداً في البيت

السؤال: إذا دخل الرجل بيته ولم يجد أحداً فهل يسلم؟ الجواب: كونه يسلم إذا دخل ويعود نفسه على السلام لا شك أن هذا أمر طيب.

حكم الاستئذان

السؤال: ما حكم الاستئذان؟ الجواب: الاستئذان واجب، فيجب على الإنسان أن لا يدخل بيت أحد إلا بإذن، ولكنه إذا كان قد دعاه والباب مفتوح فيمكن أن يدخل، وأما كون الإنسان يأتي لنفسه فلا يدخل إلا بإذن.

حكم استئذان صاحب البيت


السؤال: هل يستأذن صاحب البيت وهو يعلم أنه لن يرى إلا زوجته أو أمه أو أباه؟ الجواب: صاحب البيت لا يطرق الباب ويستأذن، وإنما يدخل ويتكلم حتى يسمع صوته.


التنحنح لا يقوم مقام الاستئذان


السؤال: هل يقوم التنحنح مكان الاستئذان؟ الجواب: لا يقوم مقامه، وإنما المستأذن الذي عند الباب يقول: السلام وعليكم. ويدخل، ولا يتنحنح ويدخل.

حكم دخول الأعمى بدون استئذان


السؤال: إذا كان الاستئذان لأجل البصر، فهل يجوز للأعمى أن يدخل بدون استئذان؟ الجواب: لا؛ لأننا قلنا: إن الاستئذان يكون لحالتين: من أجل أن لا يطلع على شيء، ومن أجل أن الإنسان قد لا يكون عنده الاستعداد لاستقبال من يريد أن يدخل؛ لأنه قد يكون عنده شغل يمنعه، فيستأذن الأعمى فإن قيل له: ادخل، يدخل، وإن قيل له: انصرف، ينصرف. أما كونه يفتح الباب ويدخل لأنه لا يرى فهذا لا يصلح هذا.

حال حديث (إذا دخل البصر فلا إذن)


السؤال: حديث أبي هريرة : (إذا دخل البصر فلا إذن) الذي فيه كثير بن زيد وضعفه الشيخ الألباني ، أليست الأحاديث التي بعده تشهد له، فلماذا لم يحكم له بالصحة للشواهد؟ الجواب: هي لا شك أنها شواهد، لكن لا أدري، والرجل نفسه وثقه جماعة وأثنوا عليه كما في ترجمته في تهذيب التهذيب.


حكم الاستئذان في غرف السكن الجامعي


السؤال: في مساكن الجامعة كل غرفة أعطيت لعدة طلاب، وكل طالب منهم صنع بالقماش غرفة صغيرة خاصة به في داخل تلك الغرفة الكبيرة، فهل يجوز لنا أن ندخل الغرفة الكبيرة بدون استئذان ونستأذن إذا وقفنا أمام الستارة التي خصصها له؟ الجواب: هذا لا يناسب؛ لأنه قد تكون الستارة مرفوعة، وإنما يستأذن الإنسان عند الباب ما دام ليس من أهل الغرفة. أعني أن صاحب الغرفة مثل صاحب البيت، فالناس المشتركون في الغرفة مثل الناس الذين هم في البيت، يدخل الإنسان إلى محل سكنه وذاك بينه وبينه ساتر، وأما من ليس من أهل السكن فلا يدخل وإنما يطرق الباب، وإذا أذن له دخل.

معنى قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم...)


السؤال: ما معنى الآية التي في سورة النور: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَاتٍ [النور:58]؟ الجواب: هذا الاستئذان من ناحية الدخول عليهم في الأماكن الخاصة، وليس معناه أنهم يستأذنون عند الدخول من الخارج، نعم هو يدخل ولكن هناك أوقات ثلاثة يكون فيها التكشف وعدم الظهور بالمظهر الذي يمكن أن يطلع عليه كل أهل البيت، فهنا يستأذن."



ابوالوليد المسلم 05-07-2025 05:59 PM

رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله
 
شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الإمارة
شرح سنن أبي داود [588]
الحلقة (618)



شرح سنن أبي داود [588]

الاستئذان من أخلاق المؤمنين، ويكون الاستئذان ثلاث مرات، فإن أُذن للمستأذن وإلا فليرجع، ويستحب السلام عند الاستئذان لا الدق على الباب، إلا إذا كان المكان بعيداً، ولا يستقبل المستأذن الباب من تلقاء وجهه، ولكن من ركنه الأيمن أو الأيسر.

كم مرة يسلم الرجل في الاستئذان


شرح حديث (..إذا استأذن أحدكم ثلاثاً فلم يؤذن له فليرجع..)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب كم مرة يسلم الرجل في الاستئذان؟ حدثنا أحمد بن عبدة أخبرنا سفيان عن يزيد بن خصيفة عن بسر بن سعيد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (كنت جالساً في مجلس من مجالس الأنصار، فجاء أبو موسى رضي الله عنه فزعاً، فقلنا له: ما أفزعك؟ قال: أمرني عمر أن آتيه فأتيته فاستأذنت ثلاثاً فلم يؤذن لي، فرجعت فقال: ما منعك أن تأتيني؟ قلت: قد جئت فاستأذنت ثلاثاً فلم يؤذن لي، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا استأذن أحدكم ثلاثاً فلم يؤذن له فليرجع. قال: لتأتين على هذا بالبينة. قال: فقال أبي بن كعب رضي الله عنه: لا يقوم معك إلا أصغر القوم، قال: فقام أبو سعيد رضي الله عنه معه فشهد له) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: باب كم مرة يسلم الرجل في الاستئذان؟ يعني: عندما يأتي عند الباب ويطرقه كم مرة يسلم في حال استئذانه؟ ومعلوم أن الإتيان بالسلام هو من أجل الاستئذان وإنما جاء ليدخل، ولكنه مع ذلك يضيف: أأدخل، لكن كم مرة يسلم ويقول: أأدخل؟ جاء في حديث أبي سعيد رضي الله عنه: أن أبا موسى كان على موعد مع عمر ، فجاء أبو موسى الأشعري رضي الله عنه واستأذن ثلاث مرات ثم رجع فقال: لماذا لم تأت؟ فقال: أتيت واستأذنت ثلاثاً فلم يؤذن لي، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (إذا استأذن أحدكم ثلاثاً فلم يؤذن له فليرجع) فقال: لتأتين ببينة، يعني: على ذلك. ومعلوم أن خبره رضي الله عنه كاف، ولكن عمر رضي الله عنه أراد أن يتثبت وأن يحصل على زيادة علم، وليس ذلك من أجل أن ذلك لا يكفي؛ لأن خبر الواحد كاف، ومعلوم أن خبر الاثنين هو أيضاً من أخبار الآحاد لأنه ليس من قبيل المتواتر، ولكن عمر رضي الله عنه أراد أن يتثبت. ومن المعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم أرسل معاذاً إلى اليمن، وكان يبلغهم الأحكام الشرعية سواء كانت في العقيدة أو غير العقيدة، وقامت الحجة عليهم بذلك، فدل على أن خبر الواحد حجة في العقائد وفي سائر الأحكام، ولكن عمر رضي الله عنه إنما فعل ذلك من أجل التثبت لا من أجل أن ذلك غير كاف، فإن كثيراً من الأحاديث منها ما هو فرد، ومن ذلك الحديث الذي رواه عمر نفسه وهو حديث: (إنما الأعمال بالنيات)فإنه لم يروه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا عمر ، وهو من الغرائب التي ما جاءت إلا من طريق واحد، فعمر رضي الله عنه هو الذي انفرد بروايته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورواه عنه علقمة بن وقاص الليثي ، وهو شخص واحد، ثم رواه عن علقمة بن وقاص محمد بن إبراهيم التميمي ، وهو شخص واحد، ثم رواه يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن إبراهيم التميمي ، وهو شخص واحد، ثم كثر رواته عن يحيى بن سعيد . وهذا الحديث من الأحاديث التي اعتمد العلماء عليها كما يعتمدون على غيرها. والحاصل: أن خبر الرجل الواحد يكتفى به، وعمر رضي الله عنه نفسه اكتفى بالشخص الواحد كما في قصة عبد الرحمن بن عوف في الطاعون الذي وقع في الشام، وكان عمر رضي الله عنه ذهب إلى الشام فاستقبله أبو عبيدة -وهو من أمراء الأجناد- وقال له: كيف تدخل الشام وفيها الطاعون وتعرض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم للموت؟ فاستشار المهاجرين، واستشار الأنصار، واستشار مسلمة الفتح، ثم عزم على أن يرجع بعد أن اختلفوا، ثم إن عبد الرحمن بن عوف جاء وقال: عندي سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، وأخبر بالحديث الذي عنده؛ ففرح عمر رضي الله عنه؛ لأن اجتهاده وقع مطابقاً لما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. فالحاصل: أن عمر رضي الله عنه كان أراد أن يتثبت، وأن يحمل الناس على التثبت وينبه الناس إلى العناية بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وحفظه وتأديته.
تراجم رجال إسناد حديث (..إذا استأذن أحدكم ثلاثاً فلم يؤذن له فليرجع..)


قوله: [ حدثنا أحمد بن عبدة ]. أحمد بن عبدة الضبي ، وهو ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ أخبرنا سفيان ]. سفيان بن عيينة ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن يزيد بن خصيفة ]. يزيد بن خصيفة ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن بسر بن سعيد ]. بسر بن سعيد ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي سعيد الخدري ]. أبو سعيد الخدري رضي الله عنه، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. [ فجاء أبو موسى ]. أبو موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه، وهو عبد الله بن قيس ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ (قال أبي بن كعب : لا يقوم معك إلا أصغر القوم) ]. معنى هذا: كأن هذه السنة معلومة عند الأنصار، ومشهورة عندهم، ولهذا قال: لا يقوم معك إلا أصغر القوم؛ لأن العلم عندهم جميعاً، فيقوم أصغرهم، وأصغرهم أبو سعيد .
شرح حديث (...يستأذن أحدكم ثلاثاً فإن أذن له وإلا فليرجع...) من طريق ثانية


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا عبد الله بن داود عن طلحة بن يحيى عن أبي بردة عن أبي موسى رضي الله عنه: (أنه أتى عمر رضي الله عنه فاستأذن ثلاثاً فقال: يستأذن أبو موسى ، يستأذن الأشعري ، يستأذن عبد الله بن قيس ، فلم يؤذن له فرجع، فبعث إليه عمر : ما ردك؟ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يستأذن أحدكم ثلاثاً، فإن أذن له وإلا فليرجع. قال: ائتني ببينة على هذا، فذهب ثم رجع فقال: هذا أبي ، فقال أبي رضي الله عنه: يا عمر ! لا تكن عذاباً على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عمر : لا أكون عذاباً على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم) ]. أورد أبو داود حديث عبد الله بن قيس من طريق أخرى، وفيه مثل الذي قبله إلا أنه ذكر توضيح الاستئذان؛ لأنه مرة قال: يستأذن عبد الله بن قيس والثانية قال: يستأذن الأشعري والثالثة قال: يستأذن أبو موسى فكل مرة يأتي بلفظ غير اللفظ الأول مما يعرف به نفسه، فعبد الله بن قيس هو اسمه رضي الله تعالى عنه. فهو مثل الذي قبله، وفيه: أنه سأله وقال: ائتني ببينة ثم إنه قال له أبي : لا تكن عذاباً على أصحاب رسول الله! فقال: لا أكون عذاباً على أصحاب رسول الله. والمقصود من ذلك أن هذا ليس فيه ذكر الشاهد، وقصة أبي سعيد حين ذهب إليه كما في الرواية السابقة، وهنا أبي الذي قال: لا يقوم معك إلا أصغرنا ورد أنه لقي عمر وقال له: لا تكن عذاباً على أصحاب رسول الله؛ يعني: لأن هذا فيه تشديد على أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم من ناحية الرواية، فقال: لا أكون عذاباً على أصحاب رسول الله.
تراجم رجال إسناد حديث (...يستأذن أحدكم ثلاثاً فإن أذن له وإلا فليرجع...) من طريق ثانية


قوله: [ حدثنا مسدد حدثنا عبد الله بن داود ]. مسدد مر ذكره. و عبد الله بن داود هو: الخريبي ، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري وأصحاب السنن. [ عن طلحة بن يحيى ]. وهو صدوق يخطئ، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ عن أبي بردة ]. أبو بردة بن أبي موسى الأشعري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي موسى ]. أبو موسى قد مر ذكره.
شرح حديث (..يستأذن أحدكم ثلاثاً فإن أذن له وإلا فليرجع..) من طريق ثالثة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا يحيى بن حبيب حدثنا روح حدثنا ابن جريج قال: أخبرني عطاء عن عبيد بن عمير : (أن أبا موسى استأذن على عمر رضي الله عنهما بهذه القصة، قال فيه: فانطلق بأبي سعيد فشهد له، فقال: أخفي علي هذا من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ألهاني الصفق بالأسواق، ولكن سلم ما شئت ولا تستأذن) ]. أورد أبو داود حديث أبي موسى من طريق أخرى، وفيه مثل الذي قبله وذكر القصة، وأنه طلب بينة، وأنه أتي بأبي سعيد فقال: أخفي علي هذا من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! ألهاني الصفق بالأسواق! يعني: الاشتغال بالبيع والشراء، ومعناه: فاتته معرفة هذه السنة بسبب ذلك. ومعلوم أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يحضرون مجلسه، فمنهم من يحضر فيحدث النبي صلى الله عليه وسلم بحديث فيغيب عنه من غاب، ويحضره من حضر، فالذي حضر عرف، والذي لم يحضر لم يعرف. ومعلومة قصة عمر رضي الله عنه مع جاره الأنصاري الذي كان مجاوراً له في مزرعة، وكانا يتناوبان النزول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا يأتي يوم، وهذا يأتي يوم، وإذا رجع الذي نزل في اليوم أخبر صاحبه الذي لم ينزل بما سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم. فهو يقول: إن هذه السنة فاتتني، بسبب انشغاله في بعض الأحيان بالصفق في الأسواق يعني: في البيع والشراء من أجل جلب الرزق لأهله. قوله: [ (ولكن سلم ما شئت ولا تستأذن) ]. كأن معناه: أنه يسلم ويكرر السلام وإن لم يحصل الاستئذان؛ لأن السلام: السلام عليكم والثاني: أأدخل؟ ثم أيضاً هو نفسه دعاه في قضية ما، فهو ما جاء زائراً وإنما جاء مدعواً كما مر.
تراجم رجال إسناد حديث (..يستأذن أحدكم ثلاثاً فإن أذن له وإلا فليرجع..) من طريق ثالثة


قوله: [ حدثنا يحيى بن حبيب حدثنا روح حدثنا ابن جريج قال: أخبرني عطاء ]. يحيى بن حبيب و روح و ابن جريج مر ذكرهم. و عطاء بن أبي رباح ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبيد بن عمير ]. عبيد بن عمير ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أن أبا موسى ]. مر ذكره. [ فانطلق بأبي سعيد ]. مر ذكره.
شرح حديث (يستأذن أحدكم ثلاثاً فإن أذن له وإلا فليرجع...) من طريق رابعة وتراجم رجاله


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا زيد بن أخزم حدثنا عبد القاهر بن شعيب حدثنا هشام عن حميد بن هلال عن أبي بردة بن أبي موسى عن أبيه رضي الله عنه بهذه القصة قال: فقال عمر رضي الله عنه لأبي موسى : إني لم أتهمك ولكن الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شديد ]. وهذا أيضاً عذر من عمر رضي الله عنه، وأنه لم يكن ذلك اتهاماً منه وإنما كان للتثبت والاحتياط. قوله: [ حدثنا زيد بن أخزم ]. زيد بن أخزم ، ثقة، أخرج حديثه البخاري وأصحاب السنن. [ عن عبد القاهر بن شعيب ]. وهو لا بأس به، أخرج له أبو داود و الترمذي . [ حدثنا هشام ]. هشام بن حسان ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن حميد بن هلال ]. وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي بردة بن أبي موسى عن أبيه ]. أبو بردة وأبوه قد مر ذكرهما.
شرح حديث (..يستأذن أحدكم ثلاثاً فإن أذن له وإلا فليرجع..) من طريق خامسة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن وعن غير واحد من علمائهم في هذا، فقال عمر لأبي موسى رضي الله عنهما: أما إني لم أتهمك ولكن خشيت أن يتقول الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم ]. أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى وفيه: أن عمر قال: أما إني لم أتهمك، ولكن خشيت أن يتقول الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومعنى ذلك: يريد أن الناس يحسبون حساباً للحديث وللرواية ولا يتساهلون، وأن الأمر ليس بالهين إذا عرفوا من عمر رضي الله عنه أنه يرى مثل هذا الرأي أو يقف مثل هذا الموقف، فإنهم يعتبرون الأمر عظيماً وأنه ليس بالأمر الهين، وهذا مثل قوله: إن الحديث عن رسول الله شديد، يعني: أنه ليس بالأمر الهين، فيحتاج إلى تثبت واحتياط.
تراجم رجال إسناد حديث (..يستأذن أحدكم ثلاثاً فإن أذن له وإلا فليرجع..) من طريق خامسة


قوله: [ حدثنا عبد الله بن مسلمة ]. عبد الله بن مسلمة القعنبي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ عن مالك ]. مالك بن أنس ، إمام دار الهجرة المحدث الفقيه، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن ]. وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث (زارنا رسول الله في منزلنا فقال السلام عليكم ورحمة الله..)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا هشام أبو مروان ومحمد بن المثنى المعنى قال محمد بن المثنى : حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا الأوزاعي قال: سمعت يحيى بن أبي كثير يقول: حدثني محمد بن عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة عن قيس بن سعد رضي الله عنهما قال: (زارنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في منزلنا فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فرد سعد رداً خفياً، قال قيس : فقلت: ألا تأذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: ذره يكثر علينا من السلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: السلام عليكم ورحمة الله. فرد سعد رداً خفياً، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: السلام عليكم ورحمة الله، ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم، واتبعه سعد فقال: يا رسول الله! إني كنت أسمع تسليمك وأرد عليك رداً خفياً لتكثر علينا من السلام، قال: فانصرف معه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر له سعد بغسل فاغتسل، ثم ناوله ملحفة مصبوغة بزعفران أو ورس فاشتمل بها، ثم رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه وهو يقول: اللهم اجعل صلواتك ورحمتك على آل سعد بن عبادة . قال: ثم أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الطعام، فلما أراد الانصراف قرب له سعد حماراً قد وطأ عليه بقطيفة، فركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال سعد : يا قيس ! اصحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال قيس : فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: اركب، فأبيت، ثم قال: إما أن تركب وإما أن تنصرف، قال: فانصرفت) ]. هذا الحديث وارد تحت هذه الترجمة، وهي: باب كم مرة يسلم؟ والمقصود أنه يسلم ثلاث مرات ثم ينصرف كما مر في حديث أبي موسى وأبي سعيد رضي الله تعالى عنهما. وقد أورد أبو داود حديث قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري رضي الله تعالى عنه وعن أبيه وعن الصحابة أجمعين: أن النبي صلى الله عليه وسلم زارهم في منزلهم فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فرد أبوه سعد بن عبادة رداً خفياً، فقال له ابنه: ألا تجب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: دعه يكثر السلام علينا، ثم قال: السلام وعليكم ورحمة الله، فرد سعد رداً خفياً ثم قال: السلام وعليكم ورحمة الله، فانصرف. وهذا محل الشاهد من إيراد الحديث، وهو أن السلام يكون ثلاث مرات؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلَّم سلم ثلاث مرات ثم انصرف. ثم إن سعداً تبعه وأخبره بالذي حصل، وأنه كان يسمعه ولكنه كان يجيبه ويرد عليه رداً خفياً من أجل أن يكثر الرسول صلى الله عليه وسلم من السلام عليهم؛ لأن السلام دعاء للمسلم. فطلب منه أن يعود، فعاد إلى منزله ودخل معه، فأعطاه غسلاً وهو ماء يغتسل به وفيه خطم، ثم إنه أعطاه ملحفة يلتحف بها، ثم إنه أكل من طعامهم عليه الصلاة والسلام، ولما أراد الانصراف وطأ له سعد حماراً عليه قطيفة، فركب الرسول صلى الله عليه وسلم وخرج معه قيس يريد أن يمشي معه، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال له: اركب يعني: رديفاً له، فلم يشأ أن يركب، فقال له عليه الصلاة والسلام: إما أن تركب وإما أن تنصرف. فانصرف. ومحل الشاهد من الحديث هو ما جاء في أوله من كون النبي صلى الله عليه وسلم سلم ثلاث مرات ثم انصرف، فدل على أن الاستئذان يكون ثلاث مرات. وهذا الذي حصل من سعد رضي الله عنه تتعارض فيه مصلحتان: مصلحة دخول النبي صلى الله عليه وسلم من أول وهلة، وكونه يدعو لهم، وكل من الأمرين له شأن: دخول النبي صلى الله عليه وسلم من أول وهلة، والمبادرة إلى إجابته لا شك أن هذا له شأن، وهذا الذي أراده سعد رضي الله عنه وقصده من كثرة الدعاء له، وكونه يكرر السلام عليه أيضاً له شأن. وفي الحديث كما هو واضح ما ترجم له المصنف من الاستئذان: أن الاستئذان يكون ثلاثاً، وأن المستأذن عندما يسلم ثلاث مرات ولم يرد عليه فإنه ينصرف. وفيه حرص الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم على دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم لهم، ومحبتهم لذلك، وكذلك أيضاً إكرام الرسول صلى الله عليه وسلم، واحتفاؤهم به، وكذلك أيضاً تواضع الرسول صلى الله عليه وسلم لركوب الحمار، وكونه أراد من الذي تبعه ألا يمشي، بل إما أن يركب وإما أن ينصرف. وفيه تشييع الزائر ومرافقته عند الدخول والخروج؛ لأن قيساً أراد أن يرافقه وأن يمشي معه، والرسول صلى الله عليه وسلم أراد منه إما أن يركب وإما أن ينصرف، فانصرف.
تراجم رجال إسناد حديث (زارنا رسول الله في منزلنا فقال السلام عليكم ورحمة الله..)


قوله: [ حدثنا هشام أبو مروان ]. هشام أبو مروان ، صدوق، أخرج له أبو داود وابن ماجة. [ ومحمد بن المثنى المعنى ]. هو أبو موسى الزمن العنزي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة. [ قال محمد بن المثنى : حدثنا الوليد بن مسلم ]. يعني: ساقه على لفظ محمد بن المثنى ، والوليد بن مسلم هو الدمشقي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا الأوزاعي ]. أبو عمرو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي ، فقيه الشام ومحدثها، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قال: سمعت يحيى بن أبي كثير ]. يحيى بن أبي كثير اليمامي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثني محمد بن عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة ]. وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن قيس بن سعد ]. قيس بن سعد بن عبادة رضي الله تعالى عنه وعن أبيه وعن الصحابة أجمعين، وهو صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وقيس هذا كان مشهوراً بالطول، وذكر في ترجمته أن شخصاً من الروم كان طويلاً فطلب من يطاوله، فقيل لقيس في ذلك: فأعطاهم سروايله وقال: أعطوه إياها، فلما لبسها الرومي وصلت إلى حلقه. [ قال هشام أبو مروان : عن محمد بن عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة ]. هشام أبو مروان مر ذكره. [ عن محمد بن عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة ]. محمد بن عبد الرحمن يعني: أنه روى بلفظه عن الشيخ الأول؛ لأنه ساقه على لفظ محمد بن المثنى الشيخ الثاني، وكان الأول فيه الإخبار والثاني فيه العنعنة. هذا هو الفرق بين الطريقين: طريق محمد بن المثنى فيها الإخبار بين يحيى بن أبي كثير وبين محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة . وأما طريق هشام أبي مروان ففيها: أن رواية يحيى بن أبي كثير عنه بالعنعنة. [ قال أبو داود : رواه عمر بن عبد الواحد وابن سماعة عن الأوزاعي مرسلاً ولم يذكرا قيس بن سعد ]. [ رواه عمر بن عبد الواحد ]. عمر بن عبد الواحد ، وهو ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ و ابن سماعة ]. إسماعيل بن عبد الله بن سماعة الرملي ، وهو ثقة، أخرج له أبو داود و الترمذي و النسائي . [ عن الأوزاعي مرسلاً ]. يعني: لم يذكروا قيساً، ومعناه أن محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة لم يذكر قيساً . و الألباني ضعف هذا الحديث وقال: إنه ضعيف الإسناد، ولا أدري ما هو وجه هذا التضعيف، إلا أن يكون رجح المرسل على المسند، وإلا فرجاله كلهم ثقات، وفيه التصريح بالتحديث لأن يحيى بن أبي كثير اليمامي مدلس ولكنه صرح بالتحديث. فهو من حيث الإسناد واضح أن الذي ساقه المصنف إسناد صحيح؛ لأن رجاله كلهم ثقات، و الألباني قال: إنه ضعيف الإسناد، ولا أعرف له وجهاً إلا كونه لعله رأى أن المرسل مقدم على المسند.

حكم رد السلام بصوت منخفض عند عدم الرغبة في استقبال المستأذن


السؤال: هل في الحديث دليل على أنه إذا استأذن أحد وأنت لا تريد أن يدخل فترد عليه السلام بصوت خفي؟ الجواب: إذا كنت لا تريد أن يدخل يمكن أن تخرج إليه وتعتذر. وإن لم تفعل فلا شك أن كون الإنسان يرد عليه رداً خفياً هو الذي ينبغي، لكن كونه يخرج إليه ويعتذر ويطلب منه أن يأتي في وقت آخر يتفقان عليه أولى.

حكم الاكتفاء بالسلام عند الاستئذان


السؤال: هل يدل هذا الحديث على الاكتفاء بالسلام دون أن يقول: أأدخل؟ الجواب: نعم. هو يكفي كما سبق أن مر، والأولى الجمع بينهما، ولكن السلام يكون أولاً، فإذا حصل رد السلام يستأذن بالدخول.

حكم لبس الثياب المزعفرة


السؤال: مر في حديث قيس بن سعد: (ثم ناوله ملحفة مصبوغة بزعفران أو ورس فاشتمل بها)، وهذا يخالف أحاديث النهي عن الثوب المزعفر؟! الجواب: سبق أن مر في بعض الأحاديث أن التزعفر هو لبس الثياب المزعفر والمعصفر، وقد جاءت الأحاديث في ذلك، وهنا جاء فيه ذكر المزعفر، فلعل هذا قبل أن يحصل تحريم المزعفر.

جواز التنشف بعد الغسل


السؤال: هل يستفاد من الحديث جواز التنشيف بعد الطهارة؛ لأن هناك من يكره تنشيف الأعضاء بعد الطهارة؟ الجواب: نعم هو يدل على الجواز، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم كان ينفض الماء بيده ويكتفي، والتنشيف جائز.
شرح حديث (كان رسول الله إذا أتى باب قوم لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مؤمل بن الفضل الحراني في آخرين قالوا: حدثنا بقية بن الوليد حدثنا محمد بن عبد الرحمن عن عبد الله بن بسر رضي الله عنهما قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى باب قوم لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه، ولكن من ركنه الأيمن أو الأيسر، ويقول: السلام عليكم، السلام عليكم، وذلك أن الدور لم تكن عليها يومئذ ستور) ]. أورد أبو داود حديث عبد الله بن بسر رضي الله عنه: أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان إذا جاء إلى بيت فإنه لا يستقبل الباب، وإنما يكون في ركنه الأيمن أو الأيسر ويقول: السلام عليكم، السلام عليكم، ثم قال: وبيوتهم ليس عليها ستور، يعني: الستور التي تكون في الأبواب، فإذا كان الباب مفتوحاً وعليه ستر فإنه يمنع من البصر ومن النظر إلى ما في الداخل، فإذا كان ليس فيه ستر والباب مفتوح فإن الإنسان يرى ما أمامه. قوله: [ (والأبواب يومئذ ليس عليها ستور) ] وهذا شاهد للحديث الذي سبق أن مر من قوله صلى الله عليه وسلم: ولكن هكذا وهكذا! يعني: أنه يكون على الجوانب، فهذا من فعله وذاك من قوله صلى الله عليه وسلم. وهذا من الآداب الجميلة والأخلاق الكريمة، يعني: كون الإنسان لا يستقبل الباب؛ لأنه إذا استقبل الباب قد يرى من في الداخل، ولكنه إذا كان على اليمين أو الشمال يكون بعيداً عن أن يقع بصره على أمر لا يريد صاحب المكان أن ينظر إليه أو يطلع عليه.
تراجم رجال إسناد حديث (كان رسول الله إذا أتى باب قوم لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه...)


قوله: [ حدثنا مؤمل بن الفضل الحراني في آخرين ]. مؤمل بن الفضل ، صدوق، أخرج له أبو داود و النسائي . [ في آخرين ]. يعني: ومعه غيره، أي: جماعة، ولكنه ذكر واحداً منهم وأشار إلى الباقين بقوله: (في آخرين). [ قالوا: حدثنا بقية بن الوليد ]. بقية بن الوليد ، صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [ حدثنا محمد بن عبد الرحمن ]. محمد بن عبد الرحمن بن عرق ، وهو صدوق أخرج له البخاري في الأدب المفرد و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ عن عبد الله بن بسر ]. عبد الله بن بسر رضي الله عنه، وهو صحابي أخرج له أصحاب الكتب الستة. وهذا من الرباعيات عند أبي داود ، وهي أعلى ما يكون عنده من الأسانيد."



ابوالوليد المسلم 05-07-2025 06:15 PM

رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله
 
شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الإمارة
شرح سنن أبي داود [589]
الحلقة (619)





شرح سنن أبي داود [589]

إن من الآداب الإسلامية التي حث عليها الإسلام أدب استئذان المرء على أخيه المسلم وعلى أهل بيته، وبذلك حفظ الله عورات المسلمين من التكشف، ويشرع للمستأذن الدق على الباب إذا كان المكان بعيداً، وإلا فإن السلام أولى، ويكره للمستأذن إذا دق أن يقول: أنا، أنا وإنما عليه ذكر اسمه أو كنيته أو لقبه، ودعوة الرجل لأخيه إذنٌ لمن دُعي ومجيئه مع الرسول، والصبي يستأذن في ثلاث عورات.

ما جاء في الرجل يستأذن بالدق



شرح حديث (..أنا أنا! كأنه كرهه)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الرجل يستأذن بالدق. حدثنا مسدد حدثنا بشر عن شعبة عن محمد بن المنكدر عن جابر رضي الله عنه: (أنه ذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم في دين أبيه، فدققت الباب فقال: من هذا؟ قلت: أنا. قال: أنا أنا. كأنه كرهه) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: باب الاستئذان بالدق، يعني: دق الباب وطرقه، وهذا يمكن أن يكون فيما إذا كان المكان بعيداً قد لا يصل إليه الصوت، والدق هو الذي يصل، وإلا فإن السلام هو الأولى، وإذا دق الباب فإنه يحصل به المقصود من جهة أنه صاحب المكان يتنبه فيأتي لمن طرق الباب. فالرسول صلى الله عليه وسلم لما سمع الطرق قال: من هذا؟ فقال جابر : أنا، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: أنا أنا. كأنه كره ذلك؛ لأن هذا لا تحصل به فائدة؛ لأن (أنا) لا يفيد التعيين؛ لأن كل واحد يصدق عليه أن يقول: أنا، ولكن كونه يعين نفسه إما باسمه أو بكنيته أو بنسبته أو ما إلى ذلك فهذا هو الذي يحصل به المقصود والفائدة، أما كونه يقول: أنا، فإن هذا ما حصل به المقصود؛ لأن (أنا) يمكن أن تكون مع المشاهدة والمقابلة. وأما مع المشاهدة فيكفي (أنا) مثلما جاء في حديث أبي بكر الذي قاله الرسول صلى الله عليه وسلم لجماعة من أصحابه فيهم أبو بكر : (من منكم أصبح اليوم صائماً؟ فقال أبو بكر : أنا. قال: من منكم عاد اليوم مريضاً؟ قال أبو بكر : أنا. قال: من منكم شهد جنازة؟ قال أبو بكر : أنا) فكلمة (أنا) مع المشاهدة واضحة، وأما مع عدم المشاهدة وأن الإنسان من وراء الجدار أو من وراء الباب فلا يحصل بها المقصود، والإبهام لا يزال قائماً، وإنما الإيضاح والبيان يكون بذكر ما يعرف به الشخص من اسم أو كنية أو لقب. وفي هذا دليل على أن الاستئذان يكون بالطرق أيضاً، ولكنه بالسلام أولى، ويمكن أن يكون بالطرق إذا كان المكان بعيداً وكان السلام لا يصل، وأن الطرق هو الذي يصل.
تراجم رجال إسناد حديث (..أنا أنا! كأنه كرهه)


قوله: [ حدثنا مسدد ]. مسدد بن مسرهد البصري ، ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا بشر ]. بشر بن المفضل ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن شعبة ]. شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن محمد بن المنكدر ]. محمد بن المنكدر ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن جابر ]. جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما، وهو أحد الصحابة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
شرح حديث (خرجت مع رسول الله حتى دخل حائطاً فقال لي أمسك الباب..)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا يحيى بن أيوب -يعني: المقابري - حدثنا إسماعيل -يعني: ابن جعفر - حدثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن نافع بن عبد الحارث رضي الله عنه قال: (خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دخلت حائطاً، فقال لي: أمسك الباب. فضرب الباب فقلت: من هذا؟ وساق الحديث). قال أبو داود : يعني: حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال فيه: (فدق الباب) ]. أورد أبو داود حديث نافع بن عبد الحارث رضي الله عنه قال: (خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دخلت حائطاً فقال لي: أمسك الباب فضرب الباب فقلت: من هذا؟..) وساق الحديث. قوله: [ (أمسك الباب) ] يعني: حتى لا يدخل أحد إلا بإذن. قوله: [ فطرق الباب فقلت: من هذا؟] وساق الحديث..، يعني: كما في قصة أبي موسى الذي جاء وقال: لأكونن بواباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء أبو بكر وطرق الباب قال: من؟ قال: أبو بكر ، فقال: على رسلك، فذهب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وقال: أبو بكر يستأذن؟ فقال: ائذن له وبشره بالجنة، حتى جاء عمر و عثمان رضي الله تعالى عنهما، وكل منهما بشره بالجنة، إلا أنه قال في عثمان : بشره بالجنة على بلوى تصيبه، ومحل الشاهد منه أنه قال: (دق الباب). يعني: أن الذي جاء من الخارج دق الباب، فهذا يدل على أن الاستئذان يكون بدق الباب.
تراجم رجال إسناد حديث (خرجت مع رسول الله حتى دخل حائطاً فقال لي أمسك الباب..)


قوله: [ حدثنا يحيى بن أيوب يعني: المقابري ]. يحيى بن أيوب المقابري ، هو ثقة، أخرج له البخاري في خلق أفعال العباد و مسلم و أبو داود و النسائي في مسند علي . قوله: [ يعني: المقابري ] هذه قالها غير أبي داود ؛ لأن أبا داود الذي هو تلميذه لا يحتاج إلى أن يقول: يعني؛ لأن التلميذ ينسب شيخه كما يريد، إن أراد التطويل في نسبته طول، وإن أراد الاختصار في نسبته اختصر، ولكن الذي يحتاج إلى ذلك هو من دون التلميذ، وعلى هذا: فالذي قال: (يعني) هو من دون أبي داود ، وهو أحد الرواة الذين رووا عن أبي داود ، فهذا مما يبين أن الزيادة قد تكون من غير المؤلف. وكلمة (يعني) هذه فعل مضارع لها قائل ولها فاعل، ففاعلها ضمير مستتر يعود إلى التلميذ، وفاعلها الذي قال: يعني (هو) يرجع إلى أبي داود الذي هو التلميذ، وقائلها هو من دون أبي داود ، أراد أن يوضح هذا الشخص، وأنه المقابري فأتى بكلمة (يعني) حتى لا يفهم أنها من كلام أبي داود ؛ لأنه لو لم يذكر كلمة (يعني) لصارت من كلام التلميذ، فلما أتى بها عرف أن فاعل (يعني) ضمير يرجع إلى أبي داود ، وقائلها هو من دون أبي داود . [ حدثنا إسماعيل يعني: ابن جعفر ]. إسماعيل بن جعفر ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا محمد بن عمرو ]. محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي ، صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي سلمة ]. أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن نافع بن عبد الحارث ]. نافع بن الحارث رضي الله عنه، وهو صحابي، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ قال أبو داود : يعني: حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال فيه: (فدق الباب) ]. حديث أبي موسى الأشعري الذي فيه قصة الطرق والاستئذان.
ما جاء في الرجل يدعى أيكون ذلك إذنه؟



شرح حديث (رسول الرجل إلى الرجل إذنه)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الرجل يدعى أيكون ذلك إذنه؟ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن حبيب وهشام عن محمد عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (رسول الرجل إلى الرجل إذنه) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: باب في الرجل يدعى أيكون ذلك إذنه؟ أي: إذن له في الدخول، يعني: كون شخص ذهب يدعوه وجاء به فيدخل بناءً على أنه مأذون له؛ لأنه جاء مع الرسول الذي أرسل لدعوته، فيكون ذلك إذناً له. وقد جاء في حديث آخر عن أبي هريرة : (أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمره بأن يدعو أهل الصفة، فذهب ودعاهم، وجاءوا واستأذنوا) فقيل: إنه يستحب أن يستأذنوا، وإن دخلوا بدون استئذان فإن ذلك سائغ؛ لأن الأحاديث وردت في ذلك عن رسول صلى الله عليه وسلم، ومعنى ذلك أنه يكون هناك استئذان، وهناك عدم استئذان واكتفاء بمجيئه مع الرسول الذي أرسل إليه. قوله: [ عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (رسول الرجل إلى الرجل إذنه) ]. يعني: دعوته إذن له بالدخول ما دام أنه جاء هو والرسول الذي ذهب يستدعيه ويطلب منه الحضور؛ لأنه أرسل إليه وجاء هو والداعي.
تراجم رجال إسناد حديث (رسول الرجل إلى الرجل إذنه)


قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ]. موسى بن إسماعيل التبوذكي البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا حماد ]. حماد بن سلمة بن دينار البصري ، ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن حبيب ]. حبيب الشهيد ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ وهشام ]. هشام بن حسان ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن محمد ]. وهو: ابن سيرين ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. أبو هريرة قد مر ذكره.
شرح حديث (إذا دعي أحدكم إلى طعام فجاء مع الرسول فإن ذلك له إذن) وتراجم رجاله


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا حسين بن معاذ حدثنا عبد الأعلى حدثنا سعيد عن قتادة عن أبي رافع عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا دعي أحدكم إلى طعام فجاء مع الرسول فإن ذلك له إذن) ]. أورد أبو داود حديث أبي هريرة أيضاً: أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إذا دعي أحدكم إلى طعام فجاء مع الرسول فإن ذلك له إذن) وهذا مثل الذي قبله، يعني: مجيئه مع الرسول إذن له. قوله: [ حدثنا حسين بن معاذ ]. حسين بن معاذ ، ثقة، أخرج له أبو داود . [ حدثنا عبد الأعلى ]. عبد الأعلى بن عبد الأعلى ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا سعيد ]. سعيد بن أبي عروبة ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن قتادة ]. قتادة بن دعامة السدوسي البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي رافع ]. أبو رافع نفيع الصائغ ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. أبو هريرة رضي الله عنه قد مر ذكره. [ قال أبو علي اللؤلؤي : سمعت أبا داود يقول: قتادة لم يسمع من أبي رافع شيئاً ]. أورد هذا الكلام اللؤلؤي ، وهو راوي السنن: أن أبا داود قال: لم يسمع قتادة من أبي رافع شيئاً، وقد روى بالعنعنة هنا، فإذاً: هو مرسل، وعلى هذا فيكون فيه انقطاع، ولكن الحديث الذي قبله شاهد له.
الاستئذان في العورات الثلاث



شرح أثر ابن عباس (لم يؤمر بها أكثر الناس)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الاستئذان في العورات الثلاث. حدثنا ابن السرح قال: حدثنا ح وحدثنا ابن الصباح بن سفيان وابن عبدة ، وهذا حديثه، قالا: أخبرنا سفيان عن عبيد الله بن أبي يزيد ، سمع ابن عباس رضي الله عنهما يقول: لم يؤمر بها أكثر الناس آية الإذن، وإني لآمر جاريتي هذه تستأذن علي ]. أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: باب في الاستئذان في العورات الثلاث، أي: في الأوقات الثلاثة التي يكون فيها التكشف، وهي قبل صلاة الفجر، وذلك في آخر الليل حين يكون الناس في آخر نومهم، وعندما يضعون ثيابهم من الظهيرة للقيلولة، ومن بعد صلاة العشاء الذي هو أول النوم، فهذه أحوال يكون الرجل متكشفاً مع أهله، فلا يدخل عليه من يطوف عليه كالخدم والصبيان إلا بإذن، حتى لا يقع بصرهم على شيء في هذه الأوقات الثلاثة. قوله: [ لم يؤمر بها أكثر الناس آية الإذن، وإني لآمر جاريتي هذه تستأذن علي ]. لم يؤمر بها أكثر الناس يعني: آية الإذن، وفي بعض الألفاظ: (لم يؤمن بها أكثر الناس). أي: لم يعمل. وقد جاء في بعض الروايات أنهم كانوا في أول الأمر وليس في البيوت ستور، وبعد ذلك كثرت الستور، فكان كثير من الناس لا يحتاج إليها؛ لأن هناك ستوراً لا يتجاوزها الداخلون، فلا يقعون على شيء من العورات. وفي بعض الألفاظ التي وردت أنه لم يؤمن بها -يعني: لم يعمل بها- مما يبين أن العمل من الإيمان، وأنه داخل في الإيمان، وهنا قال: لم يؤمر بها أكثر الناس، والرواية الثانية: (يؤمن) أوضح، والأمر موجود ولكنه كما هو معلوم أنه هنا للخدم وللأولاد الذين لم يبلغوا الحلم، وأما غيرهم فإنهم يستأذنون في جميع الأوقات كما جاء ذلك بالنسبة للأجانب، فإنهم يستأذنون كما جاء في أول سورة النور. قوله: [ وإني لآمر جاريتي ]. معناه: أنها تستأذن، ولو حصل فيما بعد أن وجد ستور، ولا شك أن هذا أكمل وأحوط، فيستأذن الصبي بالكلام بحيث يعرف حتى ينتبه له، ومعناه أنه يتكلم ويسلم أو يحصل منه شيء يجعل الناس يعرفونه حتى يواروا عنه ما يحتاج أن يوارى.
تراجم رجال إسناد أثر ابن عباس (لم يؤمر بها أكثر الناس)


قوله: [ حدثنا ابن السرح ]. أحمد بن عمرو بن السرح ، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ قال: حدثنا ح وحدثنا ابن الصباح بن سفيان وابن عبدة ]. أتى بالتحويل قبل ذكر الشيخ لهؤلاء؛ لأن الأول قال: حدثنا والآخران قالا: أخبرنا، والحديث ساقه على لفظ الشيخ الثالث الذي هو أحد الاثنين اللذين قالا: أخبرنا. [ قال: ح وحدثنا ابن الصباح بن سفيان ]. محمد بن الصباح بن سفيان ، وهو صدوق، أخرج له أبو داود و ابن ماجة . [ وابن عبدة ]. وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم وأصحاب السنن. [ قال: وهذا حديثه قالا: أخبرنا سفيان ]. أي: وهذا حديث أحمد بن عبدة. و سفيان هو: ابن عيينة ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبيد الله بن أبي يزيد ]. وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عباس ]. عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ، ابن عم النبي عليه الصلاة والسلام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. [ قال أبو داود : وكذلك رواه عطاء عن ابن عباس يأمر به ]. يعني: يأمر به جاريته. [ قال أبو داود : وكذلك رواه عطاء ]. عطاء بن أبي رباح ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. يقول في العون: قال في فتح الودود: والمراد أنهم لا يعملون بها، فكأنهم لا يؤمنون بها، وكأنه رضي الله عنه كان يرى أولاً ذلك ثم رجع عنه. معنى (لا يؤمنون) يعني: لا يعملون بها، هذا هو معنى (لا يؤمنون بها) الذي جاء في بعض الروايات.

أثر ابن عباس (إن الله حليم رحيم بالمؤمنين يحب الستر)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبد الله بن مسلمة حدثنا عبد العزيز -يعني: ابن محمد - عن عمرو -يعني: ابن أبي عمرو - عن عكرمة : أن نفراً من أهل العراق قالوا: يا ابن عباس ! كيف ترى في هذه الآية التي أمرنا فيها بما أمرنا ولا يعمل بها أحد؟ قول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ [النور:58]قرأ القعنبي إلى: عَلِيمٌ حَكِيمٌ [النور:58]. قال ابن عباس : إن الله حليم رحيم بالمؤمنين، يحب الستر، وكان الناس ليس لبيوتهم ستور ولا حجال، فربما دخل الخادم أو الولد أو يتيمة الرجل والرجل على أهله، فأمرهم الله بالاستئذان في تلك العورات، فجاءهم الله بالستور والخير، فلم أر أحداً يعمل بذلك بعد ]. وهذا يبين الذي جعلهم لا يعملون؛ لأنه قبل ذلك لم يكن هناك ستور ولا أماكن يكون فيها التحرز والاختفاء، فلما جاءهم الله بالخير واتخذوا الستور، وصار هناك حجاب يوضع ولا يتجاوز لم يكونوا يعملون بالآية؛ لأن الذي يحذر قد أمن، فصار الرجل لا يمكن الوصول إليه من وراء الستر، ومع ذلك فإذا سلم أو استأذن حتى يعرف وينتبه له لا شك أن هذا هو الأولى. ثم أيضاً الآية هي خاصة بملك اليمين الذين هم في خدمة الإنسان، وكذلك الأولاد الذين لم يبلغوا الحلم، وهذه الآية هي الدليل على أن الصبيان مأمورون؛ لأنه قال: لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ [النور:58]فهذا أمر للصبيان، فهي الدليل الذي فيه التنصيص على حصول الأمر للصبيان، وإلا فإن الروايات والأحاديث الأخرى الدالة على أمر الصبيان هي موجهة لآبائهم: مروا أبناءكم، وكذلك: مره فليراجعها، والآباء مأمورون بأمر الصبيان بالصلاة وهم أبناء سبع، لأنهم الذين يتولون تأديبهم، ويتولون الإشراف عليهم، لكن هذه الآية الأمر فيها للصبيان مباشرة؛ لأنه قال: لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ [النور:58].
تراجم رجال إسناد أثر ابن عباس (إن الله حليم رحيم بالمؤمنين يحب الستر)


قوله: [ حدثنا عبد الله بن مسلمة ]. عبد الله بن مسلمة القعنبي ، ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ عن عبد العزيز يعني: ابن محمد ]. عبد العزيز بن محمد الدراوردي ، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عمرو يعني: ابن أبي عمرو ]. عمرو بن أبي عمرو ، وهو ثقة ربما وهم، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عكرمة ]. عكرمة مولى ابن عباس ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عباس ]. ابن عباس قد مر ذكره. [ قال أبو داود : حديث عبيد الله وعطاء يفصل هذا الحديث ]. قال أبو داود : حديث عبيد الله وعطاء أي: السابق الذي فيه الأمر بالاستئذان، يفصل هذا الحديث أي: يضعفه؛ لأن هذا فيه أنهم كانوا لا يستأذنون، وذاك فيه الاستئذان، ولكنه بالنسبة لابن عباس رضي الله تعالى عنه كان يأمر جاريته أن تستأذن مطلقاً، ومعنى ذلك أن كثيراً من الناس ما كانوا يستأذنون لأنهم اكتفوا بوجود الستور والحجاب والذي حصل، وأما ابن عباس فرأى أن ذلك يكون مستمراً، وأن الأولى هو حصول الاستئذان ولو وجدت الستور.
الأسئلة



آية الاستئذان عامة للمزوجين وغيرهم


السؤال: هل آية الاستئذان هذه خاصة بالمتزوجين أو تشمل غيرهم؛ لأن العلة هو ما يجري بين الأزواج؟ الجواب: تشمل حتى غير المتزوجين؛ لأن الإنسان قد يكون متكشفاً أو عنده شيء من التكشف، ولكنه إذا كان معه أهله فلا شك أن هذا أعظم وأولى.

معنى قوله: (وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة)


السؤال: قوله: وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ [النور:58]هل المراد به قبل صلاة الظهر أم بعده؟ الجواب: المقصود من ذلك القيلولة، ومعلوم أنهم كانوا يقيلون قبل الظهر؛ لأنه كما جاء في حديث (ما كنا نقيل إلا بعد الجمعة) لأنهم كانوا يبكرون فلا يتمكنون من القيلولة لتبكيرهم إلى الصلاة. معناه: أن هذا خلاف الشيء الذي اعتادوه من أجل أنهم يبكرون إلى صلاة الجمعة."



ابوالوليد المسلم 05-07-2025 06:20 PM

رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله
 
شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الإمارة
شرح سنن أبي داود [590]
الحلقة (620)





شرح سنن أبي داود [590]

إن من أسباب المحبة بين المسلمين إفشاء السلام، وإفشاء السلام من أسباب زيادة الإيمان ودخول الجنة؛ ولذلك جعله النبي صلى الله عليه وسلم من خير الإسلام، والبدء بالسلام سنة ورده واجب، والذي يبدأ بالسلام أفضل من المجيب، ويستحب للمجيب أن يزيد في لفظ السلام على الذي بدأ.

ما جاء في إفشاء السلام


شرح حديث (والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أبواب السلام. باب في إفشاء السلام. حدثنا أحمد بن أبي شعيب حدثنا زهير حدثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أفلا أدلكم على أمر إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: باب في إفشاء السلام، وإفشاء السلام هو إظهاره وإشاعته، وأن يسلم المرء على من عرفه ومن لم يعرفه، فيفشى السلام ويشاع ويحرص الناس عليه؛ لأن ذلك هو دعاء، ومن أسباب المودة والمحبة. وقد أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم). قوله: [ (والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة) ]. هذا ليس نهياً وإنما هو إخبار، والأصل أن تكون النون موجودة فيقول: (لا تدخلون الجنة) لأن (لا) هذه ليست ناهية، فيكون هذا من قبيل الخبر الذي هو بمعنى النهي، كما يأتي عكسه وهو أن يكون النهي بمعنى الخبر مثل: فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ [البقرة:197] يعني: فلا يرفث ولا يفسق؛ لأنه خبر بمعنى النهي. والحديث يدلنا على فضل إفشاء السلام، وعظم شأنه، وأنه من أسباب المحبة، وفيه الدعاء للمسلمين بعضهم لبعض. وقد سبق أن مر بنا الحديث الذي فيه أن سعد بن عبادة رضي الله عنه لم يرد على الرسول صلى الله عليه وسلم جهراً، يريد أن يكثر الرسول صلى الله عليه وسلم من السلام عليه، لأنه دعاء.
تراجم رجال إسناد حديث (والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا...)

قوله: [ حدثنا أحمد بن أبي شعيب ]. أحمد بن عبد الله بن أبي شعيب ، وهو ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا زهير ]. زهير بن معاوية ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا الأعمش ]. سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي صالح ]. هو ذكوان السمان ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. أبو هريرة قد مر ذكره.
شرح حديث (تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: (أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الإسلام خير؟ قال: تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف) ]. أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: (أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أي الإسلام خير؟) يعني: أي خصال الإسلام أو أعمال الإسلام أفضل من بعض؟ لأن كلمة (خير) هنا بمعنى أخير التي هي من صيغ التفضيل؛ لأن (خير) تأتي اسماً في مقابل الشر، وتأتي أفعل تفضيل بمعنى: أخير، وهي هنا بمعنى: أخير وأفضل. وتأتي (خير) اسماً في مقابل الشر مثل: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه [الزلزلة:7-8]. وقد جمع الله عز وجل بين هذين اللفظين الدالين على معنيين مختلفين في آية في سورة الأنفال: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ [الأنفال:70]، (( إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا )) هذه مقابل الشر، (( يُؤْتِكُمْ خَيْرًا )) بمعنى: أفعل التفضيل يعني: أخير وأفضل. وهذا يدل على حرص الصحابة على معرفة تفاوت الأعمال حتى يأتوا بالأفضل، وحتى يقدموا على ما هو أفضل، وحتى يحصلوا على الأفضل، ولهذا قال: (أي الإسلام خير؟) أي: أي خصال الإسلام خير؟ فقال عليه الصلاة والسلام: (تطعم الطعام)، يعني: لكل من هو محتاج إليه سواء كانوا ضيوفاً أو غير ضيوف. (وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف) تسلم على كل من تعرف ومن لم تعرف، ولا يكون السلام للمعرفة فقط، فالإنسان يسلم على من يعرف ومن لا يعرف إلا إذا تحقق أنه كافر فإنه لا يبدؤه بالسلام.
تراجم رجال إسناد حديث (تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف)


قوله: [ حدثنا قتيبة بن سعيد ]. قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا الليث ]. الليث بن سعد المصري ، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن يزيد بن أبي حبيب ]. وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي الخير ]. وهو مرثد بن عبد الله المزني ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن عمرو ]. عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، وهو أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
ما جاء في كيفية السلام


شرح حديث (جاء رجل إلى النبي فقال السلام عليكم فرد عليه السلام ثم جلس ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب كيف السلام؟ حدثنا محمد بن كثير قال: أخبرنا جعفر بن سليمان عن عوف عن أبي رجاء عن عمران بن حصين رضي الله عنهما قال: (جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليكم، فرد عليه السلام ثم جلس فقال النبي صلى الله عليه وسلم: عشر. ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فرد عليه فجلس فقال: عشرون. ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فرد عليه فجلس فقال: ثلاثون). أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: باب كيف السلام؟ يعني: صيغته والكيفية التي يكون عليها، وهي: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وهذا هو الأكمل. فحده الأدنى: السلام عليكم، والدرجة الثانية: ورحمة الله، والثالثة التي هي الأكمل: ورحمة الله وبركاته, فيروي عمران بن حصين رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في أصحابه، فجاء رجل وسلم فقال: السلام عليكم ثم جلس، فرد عليه السلام وقال: عشر. ثم جاء آخر وقال: السلام عليكم ورحمة الله. فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: عشرون. ثم جاء آخر وقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فقال: ثلاثون. لأن الحسنة بعشر أمثالها، يعني: كل واحدة لها حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، فيكون بقوله: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ثلاثون، وإذا قال: السلام عليكم عشر، وإذا قال: السلام عليكم ورحمة الله عشرون. فإذاً: كيفية السلام وصيغته الكاملة هي: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تراجم رجال إسناد حديث (جاء رجل إلى النبي فقال السلام عليكم فرد عليه السلام ثم جلس ...)


قوله: [ حدثنا محمد بن كثير ]. محمد بن كثير العبدي ، ثقة، أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا جعفر بن سليمان ]. وهو صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن. [ عن عوف ]. عوف بن أبي جميلة الأعرابي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي رجاء ]. وهو العطاردي عمران بن ملحان ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عمران بن حصين ]. عمران بن حصين أبو نجيد رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث (جاء رجل إلى النبي فقال السلام عليكم، فرد عليه السلام ثم جلس ...) من طريق ثانية


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا إسحاق بن سويد الرملي حدثنا ابن أبي مريم قال: أظن أني سمعت نافع بن يزيد قال: أخبرني أبو مرحوم عن سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعناه زاد: (ثم أتى آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ومغفرته، فقال: أربعون. قال: هكذا تكون الفضائل). أورد أبو داود حديث معاذ بن أنس بعد حديث عمران بن حصين ، وهو مثل الذي قبله، إلا أنه قال: جاء رابع بعد الثالث وقال: السلام عليكم ورحمة وبركاته ومغفرته. فزاد (ومغفرته) فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أربعون) ثم قال: (هكذا تكون الفضائل) يعني: أنه كلما أتى بالزيادة كثر الفضل، فالذي قال: السلام عليكم حصل على عشر، والذي قال: ورحمة الله حصل على عشرين، والذي قال: وبركاته حصل على ثلاثين والذي قال: ومغفرته حصل على أربعين. والثابت هو السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأما مغفرته فهذه غير ثابتة.
تراجم رجال إسناد حديث (جاء رجل إلى النبي فقال السلام عليكم، فرد عليه السلام ثم جلس ...) من طريق ثانية


قوله: [ حدثنا إسحاق بن سويد الرملي ]. إسحاق بن سويد الرملي ، ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي . [ حدثنا ابن أبي مريم ]. وهو: سعيد بن أبي الحكم بن أبي مريم المصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قال: أظن أني سمعت نافع بن يزيد ]. نافع بن يزيد ، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ قال: أخبرني أبو مرحوم ]. وهو صدوق، أخرج له أبو داود و الترمذي و النسائي في عمل اليوم والليلة و ابن ماجة . [عن سهل بن معاذ بن أنس ]. وهو لا بأس به -بمعنى صدوق- أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و ابن ماجة . [ عن أبيه ]. معاذ بن أنس ، وهو صحابي، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و أبو داود و الترمذي و ابن ماجة. والإسناد فيه قول سعيد : أظنه ولم يجزم.
ما جاء في فضل من بدأ بالسلام


شرح حديث (إن أولى الناس بالله تعالى من بدأهم بالسلام)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في فضل من بدأ بالسلام. حدثنا محمد بن يحيى بن فارس الذهلي حدثنا أبو عاصم عن أبي خالد وهب عن أبي سفيان الحمصي عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن أولى الناس بالله تعالى من بدأهم بالسلام) ]. أورد أبو داود هذه الترحمة، وهي: باب في فضل من بدأ بالسلام؛ لأن الذي يبدأ بالسلام أفضل من الذي يجيب، وهذه من المسائل التي قالوا فيها: إن السنة أفضل من الواجب؛ لأن السنة البدء بالسلام، ورده واجب، ومع ذلك فالذي يفعل السنة أفضل من الذي يأتي بالواجب, لأن هذا هو الذي بدأ بالخير وبدأ بهذا الدعاء، فيكون أفضل وأولى من غيره. وقد أورد أبو داود حديث أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن أولى الناس بالله تعالى من بدأهم بالسلام) يعني: من يبدأ إخوانه بالسلام بأن يسبق إلى السلام، ومعلوم أن هذا فيما إذا كانوا متماثلين، أما إذا كان رجل جالساً وآخر مشى من عنده، فالسنة جاءت بأن يسلم الراكب على الماشي، والماشي على الجالس، والقائم على القاعد.
تراجم رجال إسناد حديث (إن أولى الناس بالله تعالى من بدأهم بالسلام)


قوله: [ حدثنا محمد بن يحيى بن فارس الذهلي ]. محمد بن يحيى بن فارس الذهلي ، ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ حدثنا أبو عاصم ]. وهو الضحاك بن مخلد ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي خالد وهب ]. وهب بن خالد الحميري وهو ثقة، أخرج له أبو داود و الترمذي و ابن ماجة . [ عن أبي سفيان الحمصي ]. أبو سفيان الحمصي ترجمته موجودة في تهذيب الكمال فلا أذكر اسمه. [ عن أبي أمامة ]. وهو صدي بن عجلان الباهلي ، وهو صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
تضعيف حديث (زارنا رسول الله في منزلنا فقال السلام عليكم ورحمة الله، فرد سعد رداً خفياً ...)

بالنسبة للحديث الذي سبق عن قيس بن سعد: (زارنا رسول الله في منزلنا فقال: السلام عليكم ورحمة الله فرد سعد رداً خفياً ...إلخ). وفيه رواية محمد بن عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة عن قيس بن سعد رضي الله عنهما. محمد بن عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة من السادسة كما في التقريب وتوفي سنة ستين، ومعنى هذا أنه لم يلق أحداً من الصحابة. وقيس بن سعد توفي سنة أربع وعشرين، فهو إذا كان ليس بمعمر فلا شك أن بينهما انقطاعاً، فإذا كان الزهري نفسه لم يلقه وهو من الطبقة الخامسة ومات سنة مائة وأربع وعشرين فهو مثله في وقت الوفاة فالأمر يرجع إلى كونه ما أدركه، وإذا كان أدركه إدراكاً لا يمكن الاجتماع معه فيكون فيه انقطاع. وبين وفاتيهما أربع وستون سنة فقيس توفي في ستين وذاك توفي في مائة وأربعة وعشرين، وإذا لم يكن من المعمرين فهو ما أدركه، وعلى هذا إذا كان يوجد انقطاع فهذا هو العلة في تضعيف الحديث، لكن ينظر في ترجمة محمد بن عبد الرحمن هذا هل أرسل عن فلان أو لا؟! والحافظ ما جزم بموت قيس فهو يقول: مات سنة ستين تقريباً، وقيل: بعد ذلك، لكن إذا كان الزهري الذي توفي سنة مائة وأربع وعشرين وهو من صغار التابعين لم يلقه، وإنما لقي بعض صغار الصحابة كأنس بن مالك فلأجل ذلك جعله من الخامسة فكذلك محمد بن عبد الرحمن لم يلق قيساً .
الأسئلة



حال حديث (من قال في الصباح والمساء اللهم أجرني من النار) سبع مرات
لا تمسه النار

السؤال: هل هناك حديث صحيح بأن من قال سبع مرات في الصباح والمساء: (اللهم أجرني من النار لا تمسه النار)؟ الجواب: الذي ورد في المغرب والفجر وفيه كلام، وأما هذا فلا أدري عن صحته شيئاً.

الاستدلال بحديث قيس بن سعد (زارنا رسول الله في منزلنا ...) على مشروعية رفع اليدين
بالدعاء بعد الطعام


السؤال: حديث قيس بن سعد (زارنا رسول الله في منزلنا ...) هل فيه دلالة على مشروعية رفع اليدين بالدعاء بعد الطعام لصاحب الطعام؟ الجواب: ليس فيه دليل على هذا؛ لأن الدعاء كان قبل الطعام.

حال حديث (ليس لي صديق اسمه أنا)


السؤال: ما حال حديث: (أن رجلاً دق الباب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من؟ فقال: أنا؟ فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: ليس لي صديق اسمه أنا) . الجواب: ما سمعت بهذا، ولفظه فيه نكارة.

حكم من يدق جرس البيت أكثر من ثلاث مرات


السؤال: ما حكم من يدق جرس البيت أكثر من ثلاث مرات بدعوى أن أهل البيت ربما لم يسمعوا فيريد أن يؤكد وصول صوت الجرس؟ الجواب: إذا كان يسمع صوت الجرس فلا ينبغي له أن يزيد، وإن كان ما يسمع ولكن قد يكون الجرس فيه خراب أو خلل فليطرق الباب.

حكم قياس الاتصال بالهاتف على دق جرس الباب


السؤال: وهل يقاس العدد في الاستئذان على الاتصال بالهاتف، بأنه إذا قفل الخط ثلاث مرات فلا يتصل؟ الجواب: الهاتف قد يكون الشخص قريباً منه وقد يكون بعيداً، لكن الإنسان ليس بلازم أن يدق ثلاث دقات، بل يمكن أن يدق الهاتف حتى ينقطع، ولو رجع مرة ثانية فلا بأس. ورنين الهاتف ليس من قبيل الاستئذان؛ لأن الاستئذان فيه دخول وفيه نظر، وهذا ليس فيه نظر ولا دخول، فالأمر في ذلك واسع، سواء كثر أو قلل لأنه ليس له دخل في الاستئذان. والله تعالى أعلم.

توجيه عبارة عمر لأبي موسى (سلم ما شئت ولا تستأذن)


السؤال: توجيه لعبارة عمر : (سلم ما شئت ولا تستأذن) هل ممكن أن توجه بأن يقال: إن عمر رضي الله عنه علم بالحديث فرأى أنه يسلم ولا داعي للاستئذان؛ لأنه ربما يسمعه ولكن لا يريده أن يدخل عليه، فلما فرغ من شغله دعاه؟ الجواب: ليس بمستقيم هذا التوجيه، والذي يبدو أنه غير مستقيم؛ لأن القضية معناها أنه كان مشغولاً وقد فرغ من شغله، وإنما الذي يبدو أنه ما سمعه عندما جاء يستأذن، وقد واعده، وإلا فإنه يمكنه أن يخرج ويقول له: ائتني في وقت آخر، ولو كان قد علم بأنه أتاه لما قال له هذا الكلام وعاتبه أنه لم يأته على الموعد. وإن قيل: ألا يكون معنى (سلم ما شئت ولا تستأذن ): أنه يكرر السلام أكثر من ثلاث مرات، أي: لا يحسب ويقتصر على الاستئذان ثلاث مرات فقط؟ الجواب: لا، هو قال: ولا تستأذن، كأن معناه: أنه لو أتى بالسلام فإنه يغني عن الاستئذان.

توجيه حول مسألة الغضب من الشخص إذا لم يفتح الباب أو اعتذر أنه مشغول


السؤال: في هذا الزمان يسلم عليك الزائر، فإذا أجبته بالسلام فإنه يغضب إذا لم تخرج إليه، أو إذا لم تأذن له بالدخول، وربما صارت بينهما مشاحنة؟ الجواب: الإنسان يعامل الناس بمثل ما يحب أن يعاملوه به، وهو إذا كان يعلم من نفسه أنه إذا كان مشغولاً لا يمكن غيره من أن يدخل عليه، فكذلك يعتبر غيره مثلما يعتبر نفسه، فكما أنه إذا كان مشغولاً ولا يوجد عنده الاستعداد للاستقبال؛ لأن عنده شغلاً شغله، ولا يتمكن من استقبال الناس، كذلك الناس أنفسهم يعذرهم إذا عملوا معه مثلما يعمله مع غيره.

حكم استئذان الرجل في بيته إذا كان عند زوجته نساء


السؤال: ذكرتم أن صاحب البيت لا يستأذن وإنما يفتح الباب ويدخل، فكيف لو تأكد أن عند زوجته ضيوفاً من النساء؟ الجواب: على كل هو يتكلم، وإذا كان عندها ضيوف فستقوم وتعمل الاحتياطات اللازمة، ثم أيضاً هذا نادر، والغالب أنه لا يوجد أحد.

حكم التورية عند الاستئذان

السؤال: إذا استأذن أحد وكان الشخص في بيته في داخل مكتبته، فهل يجوز لأهله أن يقولوا: إنه غير موجود، ومرادهم أنه موجود في المكتبة وليس موجوداً عندهم؟ الجواب: المناسب أن يبلغوه وهو بعد ذلك إما أن يأذن بالدخول أو يعتذر.

حكم المقاطعة للمنتجات الأجنبية


السؤال: كثيراً ما نسمع بما يسمى بالمقاطعة للمنتجات الأجنبية، فهل هذا العمل جائز؟ الجواب: إذا كانت هذه المقاطعة سيترتب عليها فائدة ومصلحة للناس فما فيها بأس، لكن إذا كانت لا يترتب عليها مصلحة فلا حاجة إليها.

معنى قول البخاري (فلان مقارب الحديث)


السؤال: يقول الإمام البخاري في بعض الرواة: فلان مقارب الحديث فما معناه؟ الجواب: (مقارب الحديث) معناه في الأصل: أن حديثه قريب من القبول، وأنه يعتضد به ويفيد في الاعتضاد، ولا أدري ما يقصد البخاري .

حكم إلزام الناس بشراء البيوت بالتقسيط


السؤال: في بلد من بلدان الكفر إذا أردت أن تشتري بيتاً يجب أن تشتريه بالتقسيط - بالقرض - فهل يجوز أن يشترى بهذه الطريقة لأنه من باب الضرورة؟ الجواب: التقسيط أصلاً لا يصار إليه إلا عند عدم القدرة على شراء البيت نقداً، وإذا كانت القيمة موجودة والإنسان يريد أن يدفع القيمة فما الذي يمنعه؟ فلا أدري عن صحة هذا الخبر هل هو صحيح أو غير صحيح؟ ثم إذا كان صحيحاً فما هي الحكمة من وراء هذا؟ مع أن الكفار من أحرص الناس على الدنيا، ومعلوم أن وصول المال إليهم بسرعة من صالحهم.

أبو هريرة أكثر الصحابة حديثاً


السؤال: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (ما من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحد أكثر حديثاً مني إلا ما كان من عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب ولا أكتب) رواه البخاري و الترمذي ، فهل يدل هذا على أن عبد الله بن عمرو أكثر رواية من أبي هريرة ؟ الجواب: الواقع أن أبا هريرة أكثر رواية من عبد الله بن عمرو ومن غيره، وهو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق، ومعلوم أن كثرة حديث أبي هريرة لها أسباب منها: كونه لازم النبي صلى الله عليه وسلم، وقد تأخر إسلامه؛ لأنه أسلم في عام خيبر في السنة السابعة، ولكنه لازم النبي صلى الله عليه وسلم فصار يأخذ عنه، وغيره يشتغلون في أشغالهم، وأما هو فلازم النبي صلى الله عليه وسلم يأكل مما يأكل ويتابعه ويأكل من طعامه، فمن أجل ذلك صارت عنده هذه الكثرة. ثم أيضاً الدعوة التي دعا بها الرسول صلى الله عليه وسلم له بالحفظ. وأيضاً: كونه كان مقيماً في المدينة والناس يفدون إلى المدينة ويصدرون عنها، ومن المعلوم أنهم إذا جاءوا إلى المدينة وفيها أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فإنهم يحرصون على لقيه والأخذ عنه، وإعطائه ما عندهم، يحدثونه بما عندهم من الأحاديث، ويأخذون ما عنده من الأحاديث، فمن أجل ذلك كثر حديثه رضي الله تعالى عنه وأرضاه. وأما الكثرة التي أشار إليها فهي من جهة الكتابة، وأنه كان يكتب، وهو ما كان يكتب ولكنه كان يحفظ. وأما من حيث الواقع فأبو هريرة هو أكثر من غيره؛ لأن السبعة المعروفين بكثرة الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أكثرهم على الإطلاق أبو هريرة رضي الله عنه.

حكم الرسوم المتحركة التي فيها صور حيوانات


السؤال: ما رأي فضيلتكم في الرسوم المتحركة للصغار وربما سميت بالإسلامية؟ الجواب: الرسوم التي فيها صور حيوانات لا يجوز استعمالها لا للصغار ولا لغير الصغار.

حكم التسبيح بالمسبحة لمن ينسى العدد


السؤال: إنني أنسى عدد التسبيحات فلذلك أستخدم السبحة في التسبيح حتى لا أنسى؟ الجواب: الشيء المشروع له أن يأتي به ويعده بأصابعه مثلما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعد بالأصابع، ولا يحتاج إلى سبحة، فالرسول صلى الله عليه وسلم ما كان يستعمل السبحة، والصحابة ما كانوا يستعملون الحصى، ولا ما يسمى بالسبحة، وكانوا يسبحون بأصابعهم، والله تعالى يقول: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب:21]. الناس يكفيهم ما كفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وليسوا بحاجة إلى أن يأتوا بشيء ما أتى به الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، يسبحون بأصابعهم مثلما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل، فإذا كان الشيء يحتاج إلى عدد فإنه يعد بالأصابع، وإذا كان شيئاً مطلقاً فإنه يسبح بدون حساب، والله تعالى يحصيه ولا يضيع منه شيء عند الله عز وجل.

حكم الدخول إذا دعا صاحب البيت شخصاً وترك الباب مفتوحاً


السؤال: البعض إذا دعاك يجعل الباب مفتوحاً في الوقت الذي ستأتيه فيه، فهل تدخل أم تطرق الباب؟ الجواب: اطرق الباب؛ لأنه قد يكون الباب انفتح أو فتحه صبي ولم يكن مفتوحاً من أجل أن من جاء يدخل، وإنما يستأذن ولا يدخل إلا باستئذان. لكن إذا جاء مع الرسول الذي ذهب يستدعيه ودخل معه فهذا هو الإذن الذي يدل عليه الحديث المذكور في بابه."



ابوالوليد المسلم 05-07-2025 06:27 PM

رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله
 
شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الإمارة
شرح سنن أبي داود [591]
الحلقة (621)





شرح سنن أبي داود [591]

من آداب الإسلام: أن يسلم الصغير على الكبير، والراكب على الماشي، والماشي على الجالس حتى وإن كانوا صبياناً، ويجوز السلام على النساء المجتمعات من غير المحارم إن أمنت الفتنة، وأما أهل الذمة فإنهم لا يبدءون بالسلام، ويجزئ في السلام والرد عن المجموعة أحدهم.

ما جاء في من أولى بالسلام


شرح حديث: ( يسلم الصغير على الكبير ... )


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب من أولى بالسلام؟ حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (يسلم الصغير على الكبير، والمار على القاعد، والقليل على الكثير) ]. قال الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله سبحانه وتعالى: [ باب من أولى بالسلام؟ ]. سبق ذكر أن خير المتلاقيين الذي يبدأ بالسلام، وأن كل واحد يحرص على أن يكون سابقاً بالخير، لكن هناك أحوال يكون السلام فيها من بعض الناس أولى من البعض الآخر، أي: يكون السلام من أصحاب حالة وهيئة معينة على أصحاب حالة وهيئة معينة؛ كأن يكون أحدهما ماشياً والثاني جالساً، فإن الماشي هو الذي يسلم على الجالس لا العكس، ولهذا قال: [ من أولى بالسلام؟ ] يعني: أن هناك أحوالاً للناس إذا مر بعضهم على بعض أن يكون بعضهم هو الأولى بأن يسلم وليس من شأن الجالس أن يسلم على الماشي، وإنما الماشي هو الذي يسلم على الجالس، هكذا جاء في السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن إذا حصل نسيان، أو أن الماشي كان ذاهلاً فإذا سلم الجالس عليه ونبهه على ما قد حصل له من الذهول فهذا شيء طيب، وأما أن الجالس ينتظر القادم ثم يسلم عليه قبل أن يصل من أجل أن يسبق؛ فقد خالف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. إذاً: يسلم الصغير على الكبير، والراكب على الماشي، والماشي على الجالس، فهذه أحوال وهيئات لبعض الناس يكونون فيها هم أولى بأن يحصل السلام منهم على غيرهم: فيسلم الصغير على الكبير ويحترمه ويوقره، وإذا حصل التلاقي وسلم الكبير على الصغير فلا بأس، وكذلك يسلم الراكب على الماشي، والماشي على الجالس. فهذا هو الأصل كما جاءت بذلك السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويجوز عكسه؛ ولكنه -بالنسبة للجالس- إذا كان هناك ذهول من الماشي فكونه يسلم عليه الجالس وينبهه أو يريد أن يتكلم معه ويسلم قبل الكلام، فهذا هو الذي ينبغي، والصغير يوقر الكبير، ويعوّد على الأخلاق الكريمة، والآداب الحميدة فيما يتعلق بآداب السلام وغيره. قوله: (والقليل على الكثير). يعني: إذا كانت هناك جماعة كثيرة فالقليلون هم الذين يسلمون على الكثيرين.
تراجم رجال إسناد حديث ( يسلم الصغير على الكبير .. )


قوله: [ حدثنا أحمد بن حنبل ]. أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الإمام الفقيه المحدث أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عبد الرزاق ]. عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا معمر ]. هو ابن راشد الأزدي البصري ثم اليماني وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن همام بن منبه ]. همام بن منبه ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق.
صحيفة همام بن منبه وكيفية رواية الأئمة لأحاديثها


هذا الإسناد هو إسناد الصحيفة المشهورة بـ: صحيفة همام بن منبه التي يرويها عن أبي هريرة، وهي تشتمل على مائة وأربعين حديثاً، وقد أوردها الإمام أحمد بكاملها في مسند أبي هريرة من هذا الطريق، والإمام أحمد يروي عن عبد الرزاق، و عبد الرزاق يروي عن معمر ، و معمر يروي عن همام ، و همام يروي عن أبي هريرة، وهذا إسناد صحيح رجاله كلهم أخرج لهم أصحاب الكتب الستة. والبخاري و مسلم أخرجا منها أحاديث، واتفقا جميعاً على إخراج أحاديث، وقد أوردها الإمام أحمد في مسند أبي هريرة بإسناد واحد، ويفصل بين كل حديث والذي يليه بـ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وقال رسول الله كذا، وهكذا تكرر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدد الأحاديث؛ لأن إسنادها واحد، وقد استخرج البخاري منها أحاديث، و أبو داود كذلك وغيرهما من الأئمة، لكن طريقة البخاري أنه يذكر الإسناد، ثم في بعض الأحيان يذكر الحديث الأول الذي يتصل به الإسناد، ثم يقول وقال كذا، ويأتي بالحديث الذي يريد، وأول حديث في الصحيفة: (نحن الآخرون الأولون يوم القيامة)، فالبخاري أحياناً يذكر الإسناد، ثم يذكر: (نحن الآخرون الأولون)؛ لأنه هو الذي يتصل بالإسناد، ثم يأتي بالذي يريد منها، وأحياناً يأتي بالحديث الذي يريد بعد الإسناد مباشرة. وأما الإمام مسلم رحمه الله فله طريقة جميلة، فهو عندما ينتهي من الحديث يقول: هذا ما حدثنا أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم يقول: فذكر أحاديث منها: وقال رسول الله، ثم يأتي بالحديث الذي يكون في وسط الصحيفة، أو في آخرها، أو في أثنائها. وهذه الصحيفة يتضح منها تماماً أن البخاري و مسلم لم يقصدا استيعاب كل حديث صحيح؛ لأنهما لو قصدا ذلك للزم أن يأتيا بالصحيفة كلها من أولها إلى آخرها، وهما لم يفعلا ذلك بل انتقيا منها.
شرح حديث (يسلم الراكب على الماشي...) وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا يحيى بن حبيب بن عربي أخبرنا روح حدثنا ابن جريج أخبرني زياد أن ثابتاً مولى عبد الرحمن بن زيد أخبره أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (يسلم الراكب على الماشي) ، ثم ذكر الحديث ]. أورد أبو داود حديث أبي هريرة وفيه: (يسلم الراكب على الماشي) ، ثم ذكر الحديث الذي تقدم، وهو: (القليل على الكثير، والصغير على الكبير، والماشي على القاعد). قوله: [ حدثنا يحيى بن حبيب بن عربي ]. يحيى بن حبيب بن عربي ثقة، حديثه أخرجه مسلم وأصحاب السنن. [ أخبرنا روح ]. روح بن عبادة ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا ابن جريج ]. هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرني زياد ]. زياد بن سعد الخرساني ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أن ثابتاً مولى عبد الرحمن بن زيد ]. ثابت مولى عبد الرحمن بن زيد ثقة، أخرج له البخاري و مسلم و أبو داود و النسائي . وهو مولى زيد بن أسلم وزيد بن أسلم مولى عمر، و عبد الرحمن أيضاً مولى عدوي؛ لأنه منسوب إليه ولاءً، وهو نسب عمر رضي الله عنه؛ لأن عمر نسبه عدوي، وأما هنا فقال: مولى عبد الرحمن بن زيد يعني: مولى مولى. [ عن أبي هريرة ]. مر ذكره. قوله في الترجمة: [ باب من أولى بالسلام ] الذي يبدو أنه للاستحباب وليس للوجوب؛ لأنه لو سلم الكثير على القليل أو عكسه لصح، لكن الأولى أنه يكون بهذا الترتيب وبهذه الهيئة. كذلك إذا كان المار هو الكبير والجالس هو الصغير، فإنه يسلم الكبير على الصغير لأن الماشي هو الذي يسلم على الجالس، وأما إذا حصل التلاقي فكما في الحديث: (وخيرهما الذي يبدأ بالسلام) ، وأما من كان جالساً فإن الماشي هو الذي يسلم عليه، ويسلم القليل على الكثير، ويسلم أحدهم ولا يلزم أن يسلموا كلهم.
ما جاء في الرجل يفارق الرجل ثم يلقاه أيسلم عليه



شرح حديث ( ... فإن حالت بينهما شجرة أو جدار أو حجر ثم لقيه فليسلم عليه أيضاً )


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الرجل يفارق الرجل ثم يلقاه أيسلم عليه؟ حدثنا أحمد بن سعيد الهمداني حدثنا ابن وهب ، قال: أخبرني معاوية بن صالح عن أبي موسى عن أبي مريم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه، فإن حالت بينهما شجرة أو جدار، أو حجر، ثم لقيه فليسلم عليه أيضاً) . قال معاوية : وحدثني عبد الوهاب بن بخت عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مثله سواء ]. أورد أبو داود : [ باب في الرجل يفارق الرجل، ثم يلقاه أيسلم عليه؟ ]. أي: أنهم كانوا يمشون، ثم افترقوا لغرض من الأغراض، وقد يكون حال أو فرق بينهم شيء، ثم تلاقوا فيما بعد، فإنه مطلوب منهم أن يسلم بعضهم على بعض ولا يكتفى بالصحبة والرفقة التي كانت موجودة من قبل، ولا يقال: بأنه حديث عهد به، بل عليه أن يسلم فالسلام دعاء، والمسلمون بحاجة إلى أن يدعو بعضهم لبعض ولو تكرر ذلك. وأورد أبو داود حديث أبي هريرة وهو موقوف عليه في الطريق الأولى، وأما الثانية فمرفوعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم واللفظ واحد كما قال: [ مثله سواء ]. قال: (إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه، فإن حالت بينهما شجرة أو جدار، أو حجر، ثم لقيه فليسلم عليه أيضاً) . قوله: (فإن حالت بينهما شجرة أو جدار، أو حجر) ، أي: صخرة كبيرة فرقت بينهم، لا الحجر الصغير، أو الشيء النازل، وإنما شيء يحجب بعضهم عن بعض، أو يبعد بعضهم عن بعض كأن تكون صخرة كبيرة، أو شيء على مقدار الإنسان أو أقل منه، وأما إذا كان شيئاً في الأرض ثم حصل بينهما مفارقة بسبب أن هذا مشى عن يمين الحصاة وهذا عن شمالها، فهذا لا يحتاج إلى سلام؛ لأنها لم تفصل الفصل الذي يتميز به أحدهما عن الآخر وتحصل به المفارقة، فالمقصود بالحجر الحجر الكبير مثل الجدار، (فإذا لقيه فليسلم عليه) أي: فليسلم عليه مرة أخرى، وهذا يدلنا على أن الإنسان يكرر السلام إذا خرج وإذا دخل، فالمفارقة قد حصلت، وعندما يمشيان وتفرق بينهما شجرة، أو جدار، أو صخرة كبيرة، أو ما إلى ذلك فليسلم أحدهما على الآخر. والسلام غير المصافحة التي تحدث عند التلاقي أول مرة.
تراجم رجال إسناد حديث ( ... فإن حالت بينهما شجرة أو جدار أو حجر ثم لقيه فليسلم عليه أيضاً )


قوله: [ حدثنا أحمد بن سعيد الهمداني ]. أحمد بن سعيد الهمداني صدوق أخرج له أبو داود . [ حدثنا ابن وهب ]. هو عبد الله بن وهب ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرني معاوية بن صالح ]. معاوية بن صالح بن حدير صدوق، أخرج له البخاري في جزء القراءة، و مسلم وأصحاب السنن. [ عن أبي موسى ]. أبو موسى مجهول، أخرج له أبو داود . [ عن أبي مريم ]. أبو مريم ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، و أبو داود و الترمذي. عن أبي هريرة رضي الله عنه، وقد مر ذكره. وهذا الإسناد موقوف، وفيه هذا المجهول، لكن الطريق الثانية المرفوعة صحيحة. [ قال معاوية : وحدثني عبد الوهاب بن بخت ]. هذه طريق أخرى عن معاوية بن صالح، و عبد الوهاب بن بخت ثقة أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ عن أبي الزناد ]. هو عبد الله بن ذكوان المدني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا هو المرفوع، والإسناد صحيح، وأما الأول ففيه الوقف، وجهالة أبي موسى .
شرح حديث ( أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في مشربة له فقال يا رسول الله السلام عليكم أيدخل عمر ) وتراجم رجاله


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عباس العنبري حدثنا أسود بن عامر حدثنا حسن بن صالح عن أبيه عن سلمة بن كهيل عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس رضي الله عنهما عن عمر رضي الله عنه: (أنه أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو في مشربة له فقال: يا رسول الله! السلام عليكم أيدخل عمر ؟) ]. أورد أبو داود حديث عمر رضي الله تعالى عنه، وفيه أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في مشربة له، وهي غرفة أو مكان مرتفع، فقال له: (يا رسول الله، السلام عليكم أيدخل عمر ؟)، فجمع بين الاستئذان والتسليم، وتسمية نفسه؛ وهذا فيه تعريف به؛ لأنه من وراء الباب، والحديث لا يستقيم إلا إذا كان لقي النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يدخل إلى هذه المشربة، وإلا فإنه لا يناسب الترجمة. قوله: [حدثنا عباس العنبري ]. عباس بن عبد العظيم العنبري ثقة أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ حدثنا أسود بن عامر ]. أسود بن عامر ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عن حسن بن صالح ]. حسن بن صالح بن حي وهو ثقة أخرج له البخاري في الأدب المفرد، و مسلم وأصحاب السنن. [ عن أبيه ]. صالح بن صالح بن حي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سلمة بن كهيل ]. سلمة بن كهيل ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سعيد بن جبير ]. سعيد بن جبير ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عباس ]. عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي عليه الصلاة والسلام، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام. [ عن عمر ]. عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمير المؤمنين، وثاني الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة، والفضائل الكثيرة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
ما جاء في السلام على الصبيان



شرح حديث ( أتى رسول الله على غلمان يلعبون فسلم عليهم )


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في السلام على الصبيان. حدثنا عبد الله بن مسلمة حدثنا سليمان -يعني: ابن المغيرة - عن ثابت قال: قال أنس رضي الله عنه: (أتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على غلمان يلعبون فسلم عليهم) ]. ثم أورد أبو داود [ باب في السلام على الصبيان ]. والسلام هو اسم مصدر بمعنى: التسليم، والتسليم هو المصدر، فهو اسم المصدر، مثل: الكلام والتكليم، والبيان والتبيين، فهذا مصدر، وهذا اسم مصدر، واسم المصدر -السلام- يستعمل كثيراً بمعنى التسليم. أورد أبو داود حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على غلمان يلعبون فسلم عليهم). وهذا يدل على التسليم على الصبيان؛ وفيه تواضع الكبير في السلام على الصبيان، وفيه أيضاً تعويد الصبيان وتأنيسهم وتفريحهم بإلقاء السلام عليهم، وفي ذلك فائدة للجهتين: فالكبير يحصل منه التواضع، وتعليم الصغار، وتعويدهم السلام، والصغار يحصل لهم الاستئناس والفرح والابتهاج بحصول ذلك من الكبار لهم. وفي ذلك أيضاً تعويد لهم على الحرص على السلام وإلقائه، وعدم التهاون فيه، وأيضاً كونهم يلعبون لا يمنع في السلام عليهم؛ لأن الصبيان شأنهم اللعب، فحصول السلام عليهم سواء كانوا يلعبون أو لا يلعبون أمر مطلوب.
تراجم رجال إسناد حديث ( أتى رسول الله على غلمان يلعبون فسلم عليهم )

قوله: [ حدثنا عبد الله بن مسلمة ]. عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ حدثنا سليمان -يعني: ابن المغيرة - ]. سليمان بن المغيرة ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ثابت ]. ثابت بن أسلم البناني ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أنس ]. عن أنس بن مالك رضي الله عنه، خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا الإسناد من الرباعيات التي هي أعلى ما يكون عند أبي داود من الأسانيد. وهذا الحديث لا يعارض ما سبق من أن الصغير هو الذي يسلم على الكبير؛ لأن هذا يمشي، وهؤلاء واقفون يلعبون.
شرح حديث ( انتهى إلينا رسول الله وأنا غلام في الغلمان فسلم علينا ... ) وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا ابن المثنى حدثنا خالد -يعني: ابن الحارث - حدثنا حميد قال: قال أنس رضي الله عنه: (انتهى إلينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنا غلام في الغلمان فسلم علينا، ثم أخذ بيدي فأرسلني برسالة، وقعد في ظل جدار، أو قال: إلى جدار حتى رجعت إليه) ]. ثم أورد أبو داود حديث أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى عليهم وهو مع الغلمان فسلم عليهم -وهذا محل الشاهد- ثم أخذ بيد أنس وأرسله في حاجة، وجلس في ظل جدار ينتظره. قوله: [ حدثنا ابن المثنى ]. محمد بن المثنى العنزي أبو موسى الملقب بـ: الزمن ، ثقة، وهو شيخ لأصحاب الكتب الستة. [ عن خالد -يعني: ابن الحارث - ]. خالد بن الحارث ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، وكلمة [يعني] هذه التي جاءت للتعريف بخالد بن الحارث قائلها هو أبو داود ، أو من دون أبي داود؛ والمقصود منها أن الشيخ مازاد على كلمة خالد ، ولكن أبا داود أو من دون أبي داود هم الذين أضافوا ابن الحارث من أجل أن يتضح لمن يطلع على الإسناد أن هذا ليس من كلام التلميذ، وفاعل كلمة (يعني) ضمير مستتر يرجع إلى التلميذ، وقائلها هو من دون التلميذ، فهي من أبو داود أو من دون أبي داود . [ عن حميد ]. حميد بن أبي حميد الطويل وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أنس ]. وقد مر ذكره، وهذا أيضاً من الرباعيات عند أبي داود .
ما جاء في السلام على النساء



شرح حديث ( مر علينا النبي في نسوة فسلم علينا )


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في السلام على النساء. حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا سفيان بن عيينة عن ابن أبي حسين سمعه من شهر بن حوشب يقول: أخبرته أسماء بنت يزيد رضي الله عنها: (مر علينا النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في نسوة فسلم علينا) ]. أورد أبو داود : [ باب في السلام على النساء ]، والسلام على النساء إذا كنّ محارم وأقارب أمره واضح لا إشكال فيه، وأما إذا كنّ أجنبيات فلا يكون ذلك إلا مع أمن الفتنة؛ لأن السلام مطلقاً قد يتوصل به بعض الرجال إلى بعض النساء التي قد تكون من جنسه، وذلك بأن يكون عنده سوء وعندها سوء، فيكون السلام مدخلاً إلى ذلك، لكن إذا كانت الفتنة مأمونة، أو كن النساء مع أهله، أو مع أقاربه وسلم على الجميع، أو كن نساء كبيرات فلا يكون معهن فتنة، وعلى كل حال يشترط أن تؤمن الفتنة، وألا يكون هناك محذور، ومتى أمنت الفتنة فإن ذلك سائغ له، وأما مع احتمال الفتنة واحتمال الضرر، فلا يسلم الرجال على النساء، والنساء كذلك لا يسلمن على الرجال، وعندما يتلاقى الرجل والمرأة في الطريق لا يسلم الرجل على المرأة، والمرأة لا تسلم على الرجل. (قالت أسماء بنت يزيد : مر علينا النبي صلى الله عليه وسلم في نسوة فسلم علينا). وفي بعض الروايات: (كنت في نسوة من النساء في المسجد جلوس، فألوى بيده بالتسليم) ، يعني: كأنه بعيد وأشار باليد مع السلام.
تراجم رجال إسناد حديث ( مر علينا النبي في نسوة فسلم علينا )


قوله: [ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ]. أبو بكر بن أبي شيبة ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ حدثنا سفيان بن عيينة ]. سفيان بن عيينة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن أبي حسين ]. عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ سمعه من شهر بن حوشب ]. شهر بن حوشب صدوق كثير الإرسال والتدليس أخرج له البخاري في الأدب المفرد، و مسلم وأصحاب السنن. [ أخبرته أسماء بنت يزيد ]. أسماء بنت يزيد رضي الله عنها، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة. و شهر بن حوشب هنا له متابع ولم يأت الحديث من طريقه فقط.
السلام على الأقارب من النساء


مسألة: السلام على الأقارب من النساء: النساء إذا كن أقارب مثل ابنة عم، وابنة خال، أو ابنة خالة، والفتنة مأمونة وأراد أن يلقي السلام إلقاءً فلا بأس بذلك إذا كان عنده أهله، أو كان معه أهله، سواء كن جالسات مع أهله فسلم عليهن، أو تكلم معهن وأمنت الفتنة فلا بأس بذلك.

ابوالوليد المسلم 05-07-2025 06:27 PM

رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله
 
ما جاء في السلام على أهل الذمة


شرح حديث ( لا تبدءوهم بالسلام ... )


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في السلام على أهل الذمة. حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة ، عن سهيل بن أبي صالح قال: خرجت مع أبي إلى الشام فجعلوا يمرون بصوامع فيها نصارى فيسلمون عليهم، فقال أبي: لا تبدءوهم بالسلام، فإن أبا هريرة رضي الله عنه حدثنا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (لا تبدءوهم بالسلام، وإذا لقيتموهم في الطريق فاضطروهم إلى أضيق الطريق) ]. أورد أبو داود [ باب السلام على أهل الذمة ]، وقد سبق أن مر بنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما كان يكاتب الملوك ويقول: (السلام على من اتبع الهدى) ، فإذا حصل سلام عليهم بهذه الطريقة فلا بأس بذلك؛ لأنه سلام على من اتبع الهدى، ودعاء لمن اتبع الهدى، فهم إذا اتبعوا الهدى كانوا من أهل هذا السلام، وكذلك الذين وفقهم الله عز وجل للدخول في الإسلام هم ممن اتبع الهدى، فالسلام إنما هو عليهم. وأما السلام الذي هو المخاطبة: (السلام عليكم)، فهذه لا يجوز للمسلمين أن يسلموا بها على الكفار وعلى أهل الكتاب ولا يبدءوهم به، ولكن إذا قالوا: السلام على من اتبع على الهدى فلا بأس بذلك. وقد سبق أن مر هذا في باب الكتابة إلى أهل الذمة (من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم) ، وفيه: (السلام على من اتبع الهدى) ، فأبو هريرة يحدث عن رسول الله أنه قال: (لا تبدءوهم بالسلام، وإذا لقيتموهم في الطريق فاضطروهم إلى أضيق الطريق)، يعني: إذا كان مزدحماً فإنهم يجعلون في حافة الطريق ولا يتركون في وسطه؛ لأنهم ليسوا أهلاً للتكريم وللاحترام والتوقير، وأما إذا كان الطريق واسعاً فكل يمشي في الطريق بدون ضرورة إلى أن يضيق على أحد.
تراجم رجال إسناد حديث ( لا تبدءوهم بالسلام )


قوله: [ حدثنا حفص بن عمر ]. حفص بن عمر ثقة أخرج له البخاري و أبو داود و النسائي . [ حدثنا شعبة ]. شعبة بن الحجاج الواسطي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سهيل بن أبي صالح ]. سهيل بن أبي صالح صدوق أخرج له أصحاب الكتب الستة و البخاري أخرج عنه مقروناً. [ عن أبيه ]. أبو صالح السمان وهو ذكوان أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن أبي هريرة ]. وقد مر ذكره.
شرح حديث ( إن اليهود إذا سلم عليكم أحدهم فإنما يقول السام عليكم ... ) وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبد الله بن مسلمة حدثنا عبد العزيز -يعني: ابن مسلم - عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إن اليهود إذا سلم عليكم أحدهم فإنما يقول: السام عليكم، فقولوا: وعليكم) ]. أورد أبو داود حديث ابن عمر أن اليهود إذا سلموا يقولون: السام عليكم ولا يقولون: السلام عليكم، والسام هو الموت، وهذا دعاء على من يخاطبونه، وليس دعاءً له، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: (فقولوا: وعليكم)، يعني: هذا الذي قلتموه هو عليكم. قوله: [ حدثنا عبد الله بن مسلمة حدثنا عبد العزيز -يعني: ابن مسلم - ]. عبد العزيز بن مسلم ثقة ربما وهم، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ عن عبد الله بن دينار ]. عبد الله بن دينار ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن عمر ]. عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وهو أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام، وهذا الإسناد من الأسانيد الرباعية عند أبي داود . [ قال أبو داود : وكذلك رواه مالك عن عبد الله بن دينار، ورواه الثوري عن عبد الله بن دينار قال فيه: (وعليكم) ]. هذه طريق أخرى قال فيها: (وعليكم)، وفي بعض الروايات قال: (عليكم) بدون واو. [ قال أبو داود : وكذلك رواه مالك عن عبد الله بن دينار ]. مالك مر ذكرهما. [ ورواه الثوري عن عبد الله بن دينار ]. الثوري هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث ( ... قولوا وعليكم ) وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عمرو بن مرزوق أخبرنا شعبة عن قتادة عن أنس أن أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ورضي الله عنهم قالوا للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إن أهل الكتاب يسلمون علينا فكيف نرد عليهم؟ قال: قولوا: وعليكم) ]. أورد أبو داود حديث أنس أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: (إن أهل الكتاب يسلمون علينا، فكيف نرد عليهم؟ فقال: قولوا: وعليكم) ، وهذا مثل الذي قبله. قوله: [ حدثنا عمرو بن مرزوق ]. عمرو بن مرزوق ثقة له أوهام، أخرج له البخاري و أبو داود . [ أخبرنا شعبة ]. شعبة مر ذكره. [ عن قتادة ]. قتادة بن دعامة السدوسي البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أنس ]. أنس رضي الله عنه خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد مر ذكره، وهذا أيضاً من الرباعيات. [ قال أبو داود : وكذلك رواية عائشة ، و أبي عبد الرحمن الجهني ، و أبي بصرة يعني: الغفاري رضي الله عنهم أجمعين ]. أشار إلى أن الحديث جاء عن ثلاثة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم غير أنس وهو كما جاء في حديث أنس بلفظ: (وعليكم). [ قال أبو داود : وكذلك رواية عائشة ]. عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام. [ و أبي عبد الرحمن الجهني ]. و أبو عبد الرحمن الجهني أخرج حديثه ابن ماجة . [ و أبي بصرة يعني: الغفاري ]. أبو بصرة الغفاري هو حميل بن بصرة . وهو صحابي ذكره الحافظ وقال: حميل بن بصرة ، وهناك بصرة بن أبي بصرة الغفاري صحابي ابن صحابي، والمحفوظ أن الحديث لوالده أبي بصرة، واسمه حميل بن بصرة أخرج له البخاري في الأدب المفرد و مسلم و أبو داود و النسائي .
ما جاء في السلام إذا قام من المجلس


شرح حديث ( ... فإذا أراد أن يقوم فليسلم ... )


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في السلام إذا قام من المجلس. حدثنا أحمد بن حنبل و مسدد قالا: حدثنا بشر -يعنيان: ابن المفضل - عن ابن عجلان عن المقبري -قال مسدد : سعيد بن أبي سعيد المقبري- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فليسلم، فإذا أراد أن يقوم فليسلم، فليست الأولى بأحق من الآخرة) ]. أورد أبو داود باب في السلام عند الانصراف، يعني: عندما يريد الإنسان أن ينصرف من جماعة هو جالس معهم فإنه يسلم عليهم، وذلك أن السلام دعاء، وفيه أيضاً تنبيه للإنسان حتى يعلم انصرافه وقيامه؛ لأن بعض الحضور قد يريد منه حاجة، فقد ينصرف ولم يدر به لكن إذا سلم تنبه له، فالسلام مطلوب عند القدوم وعند الانصراف. وقد أورد أبو داود حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فليسلم، وإذا أراد أن ينصرف فليسلم، فليست الأولى بأحق من الآخرة) ، يعني: أن الأولى مطلوبة وهي الأصل، والثانية أيضاً مطلوبة.
تراجم رجال إسناد حديث ( ... فإذا أراد أن يقوم فليسلم ... )


قوله: [ حدثنا أحمد بن حنبل ]. أحمد بن حنبل مر ذكره. [ و مسدد ]. مسدد بن مسرهد البصري ثقة أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي ، و النسائي . [ حدثنا بشر ]. بشر بن المفضل ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. وهنا قال: (يعنيان) أي: أن اللذين حدثا عنه اثنان، وكلاهما ذكراه بدون ذكر أبيه، فقال: يعنيان، وإذا كان مفرداً قال: يعني، إذاً فالفاعل الضمير هنا يرجع إلى التلميذين، والذي قال: (يعنيان) هو أبو داود أو من دون أبي داود . [ عن ابن عجلان ]. هو محمد بن عجلان صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن المقبري ]. المقبري اثنان: سعيد, وأبوه أبو سعيد ، وكل منهما يروي عن أبي هريرة ، فلما كان كل منهم يروي عن أبي هريرة قال ما قال. [ قال مسدد : سعيد بن أبي سعيد ]. مسدد قال: سعيد بن أبي سعيد فهذا في رواية مسدد دون رواية أحمد بن حنبل ، فتبين أنه الابن، وكل منهما يروي عن أبي هريرة مباشرة. [ عن أبي هريرة ]. مر ذكره. إذاً: فعند الانصراف الأصل أنه يلقي السلام ويمشي ولا يشغل الناس بالمصافحة لاسيما إذا كانوا مشتغلين بشيء ما، وإذا كان شخصاً واحداً بعينه وأراد أن يصافحه فلا بأس بذلك، لكن كونه يصافح الناس كلهم فالذي يبدو أن غيره أولى.
ما جاء في كراهية أن يقول: عليك السلام



شرح حديث ( .. لا تقل عليك السلام؛ فإن عليك السلام تحية الموتى )


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب كراهية أن يقول: عليك السلام. حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو خالد الأحمر عن أبي غفار عن أبي تميمة الهجيمي عن أبي جري الهجيمي رضي الله عنه قال: (أتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقلت: عليك السلام يا رسول الله! قال: لا تقل: عليك السلام؛ فإن عليك السلام تحية الموتى) ]. أورد أبو داود باب لا يقل: عليك السلام، وإنما يقول: السلام عليكم، وأورد أبو داود حديث أبي جري الهجيمي أنه قال: (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: عليك السلام، قال: لا تقل: عليك السلام؛ فإن عليك السلام تحية الموتى) ، ومعلوم أن الموتى يسلم عليهم بأن يقال: (السلام عليكم -كما جاء في السلام على أهل البقيع- أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون) ولا نعلم شيئاً يدل على غير ذلك، وهنا قال: (عليك السلام تحية الموتى) ، وقد جاء في الشعر شيء من هذا، كما جاء في قيس بن عاصم التميمي المنقري الذي رثاه شخص من بني تميم وقال فيه: عليك سلام الله قيس بن عاصم ورحمته ما شاء أن يترحما ثم قال: وما كان قيس هُلْكُه هُلْكَ واحد ولكنه بنيان قوم تهدما فبدأ بقوله: عليك السلام، ولا أدري هل كان هذا في الجاهلية وأنهم لا يبدءون إلا بهذا؟ والمعروف عن النبي صلى الله عليه وسلم عندما يسلم أنه كان يقول: (السلام عليكم أهل الديار) ، ولا يقول: عليكم السلام أهل الديار، وهذا هو الذي كان يسلم به الرسول صلى الله عليه وسلم على أهل البقيع.
تراجم رجال إسناد حديث ( ... لا تقل عليك السلام؛ فإن عليك السلام تحية الموتى )


[ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو خالد الأحمر ]. هو سليمان بن حيان، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي غفار ]. هو غفار الغفاري ضبط بالتخفيف، وهو ليس به بأس، أي: صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ عن أبي تميمة الهجيمي ]. هو طريف بن مجالد ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ عن أبي جري الهجيمي ]. أبو جري الهجيمي صحابي أخرج له أبو داود و الترمذي و النسائي .
ما جاء في رد الواحد عن الجماعة



شرح حديث ( ... ويجزئ عن الجلوس أن يرد أحدهم )


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما جاء في رد الواحد عن الجماعة. حدثنا الحسن بن علي حدثنا عبد الملك بن إبراهيم الجدي حدثنا سعيد بن خالد الخزاعي قال: حدثني عبد الله بن المفضل حدثنا عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه -قال أبو داود : رفعه الحسن بن علي- قال: (يجزئ عن الجماعة إذا مروا أن يسلم أحدهم، ويجزئ عن الجلوس أن يرد أحدهم) ]. أورد أبو داود [ باب في رد الواحد عن الجماعة ]، يعني: إذا سلم مسلم على جماعة جالسين فرد واحد منهم فإن ذلك يجزئ عنهم، وكذلك لو كانوا ماشيين جماعة وسلم واحد منهم أجزأ. وأورد أبو داود حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يجزئ عن الجماعة إذا مروا أن يسلم أحدهم، ويجزئ عن الجلوس أن يرد أحدهم) . ومعنى ذلك: أنه لا يلزم الجميع أن يسلموا، ولا أن يلزم المسلَّم عليهم أن يردوا السلام جميعهم، بل إذا سلم واحد من الجميع الماشيين على القاعدين أو على القاعد فإن ذلك يجزئ، ولو كان الماشون عدد وحصل السلام ورد واحد من الجالسين، فإن ذلك يكفي عن الجالسين، فالإجزاء بواحد حاصل من الجهتين، سواء في إلقاء السلام أو في رده.
تراجم رجال إسناد حديث ( ... ويجزئ عن الجلوس أن يرد أحدهم )


قوله: [ حدثنا الحسن بن علي ]. الحسن بن علي الحلواني ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي . [ حدثنا عبد الملك بن إبراهيم الجدي ]. عبد الملك بن إبراهيم الجدي صدوق، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا سعيد بن خالد الخزاعي ]. سعيد بن خالد الخزاعي ضعيف، أخرج له أبو داود . [ حدثني عبد الله بن الفضل ]. الصواب الفضل، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عبيد الله بن أبي رافع ]. عبيد الله بن أبي رافع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن علي ]. علي رضي الله عنه أمير المؤمنين، ورابع الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة، والفضائل الكثيرة، رضي الله عنه وأرضاه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة. والحديث في إسناده ضعيف، ولكن له شواهد.
الأسئلة



عدم جواز بدأ أهل الكتاب بالسلام


السؤال: هل يجوز أن نقول لليهود والنصارى: السام عليكم؟ الجواب: لا نبدأهم بالسلام، ولا نقول لهم: السام عليكم، بل نقول: السلام على من اتبع الهدى أو نسكت، وإذا سلموا نقول: وعليكم.

التسوية بين الكتابة والمشافهة في السلام


السؤال: مقولة: السلام على من اتبع الهدى كانت في كتابة النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يكن ذلك منه مشافهة، فلماذا لا يفرق بين الكتابة والمشافهة؟ الجواب: لأن الكتابة مثل المشافهة، والسلام الذي منعنا منه هو: ألا نقول السلام عليكم، ولكن السلام على من اتبع الهدى هذا عام، ونحن ممن اتبع الهدى، فنحن نسلم على أنفسنا، وعلى غيرنا.

حكم بدء صاحب البدعة بالسلام

السؤال: ما حكم بدء السلام على المبتدع الذي بدعته غير مكفرة؟ الجواب: لا بأس بذلك، لكن إذا كان داعية إلى بدعته فيترك ويبتعد عنه، ويحذر منه، وتظهر له الكراهية والبغض إذا ترتب على ذلك فائدة، وهذا طيب، وأما من كانت بدعته مكفرة فهو مثل الكفار الذين لا يبدءون بالسلام.

صيغة رد السلام على الكافر


السؤال: إذا سلم علينا الكافر ففهمنا منه كلمة: السلام عليكم، فبم نجيبه؟ الجواب: نقول: وعليكم.

حكم من سلم على مبتدع دون العلم بحاله


السؤال: من سلم على شخص وهو لا يعرفه، ثم تبين له بأنه مبتدع، فما الحكم؟ الجواب: الأصل السلامة، وسلامه وقع في محله، وإذا كان مبتدعاً ومعروفاً بالسوء، وكان من الدعاة إلى بدعته فلا يسلم عليه، وإذا جهل حاله ولم يعرفه لم يضره؛ لأن هذا شيء قد مضى.

حكم استرجاع السلام


السؤال: ما رأيكم فيما ذكره صاحب العون فقال: وقال الطيبي : المختار أن المبتدع لا يبدأ بالسلام، ولو سلم على من لا يعرفه فظهر ذمياً أو مبتدعاً يقول: استرجعت سلامي؟ الجواب: هذا غير مستقيم.

كيفية السلام على مجلس فيه مسلمون وكفار


السؤال: إن كان يجتمع في المجلس أهل كتاب مع مسلمين، فكيف يسلم الداخل عليهم؟ الجواب: يسلم على المسلمين، كما كان الرسول عليه الصلاة والسلام يسلم على الجماعة الجالسين وفيهم المنافقون، وذلك لما كان راكباً على الحمار، وكان عبد الله بن أبي يتكلم بالكلام القبيح مع الرسول صلى الله عليه وسلم، فإنه سلم على أناس من أصحابه ومعهم بعض المنافقين.

سنة تضييق الطريق على الكافرين


السؤال: كيف نضيق الطريق عليهم؟ الجواب: إذا كان الطريق مزدحماً فلا يترك يمشي في وسطه، بل يضطرونه إلى أن يذهب إلى حافته، وأما إذا كان الطريق فارغاً، فالكل يمشي كما يريد، لكن إذا كان الطريق ضيقاً، فلا يذهب الناس للحافات ويتركون له وسط الطريق؛ لأن في هذا إكراماً له، وهو لا يكرم وإنما يهان.

حكم بدء الكافر بالسلام


السؤال: إذا اضطر أحد لابتداء الكافر بالسلام فهل يجوز له أن يقول بدلاً عن السلام: صباح الخير، أو مساء الخير أو نحوها؟ الجواب: لا ينبغي أن يقول له كلاماً فيه احترام أو توقير، ولا يبدأهم بشيء.

حكم السلام


السؤال: ما الدليل على أن إلقاء السلام مستحب فقط، خصوصاً وأن ألفة المسلمين وتماسكهم واجب شرعي، وعدم إلقاء السلام يولد العداوة والفرقة، وسوء الظن، وقد ذكر أن شيخ الإسلام ابن تيمية في الاختيارات ذهب إلى وجوب إلقاء السلام؟ الجواب: المشهور أنه مستحب ورده واجب، ويقولون: بأن هذا من قبيل ما كان فيه السنة أفضل من الواجب. وفي الأدب المفرد للبخاري ما يدل على الحكم بالاستحباب، يقول: حدثنا محمد بن يوسف حدثنا سفيان عن هشام عن الحسن قال: (التسليم تطوع، والرد فريضة) ، قال عنه الشيخ: صحيح الإسناد.

جواز الإفراد في لفظ السلام


السؤال: ما حكم السلام بالإفراد فيقول: السلام عليك، ويرد عليه يقول: وعليك السلام؟ الجواب: لا بأس به.

حكم تقبيل رأس غير المحارم


السؤال: امرأة عجوز من أقاربي وليست لي بمحرم، ولكني أسلم على رأسها فهل هذا جائز؟ الجواب: لا ينبغي للإنسان أن يصافح الأجنبية، ولا أن يقبل لا رأساً ولا غيره.

حكم الإشارة باليد مع التسليم


السؤال: زيادة الإشارة باليد ضعيفة؛ لأن زيادة الإلواء باليد في حديث أسماء بنت يزيد عند الترمذي تفرد بها شهر بن حوشب ، واختلف عليه فيها، فهذه الزيادة ضعيفة مع ثبوت الأصل، وهذا الذي ذهب إليه الشيخ الألباني رحمه الله في كتابه: جلباب المرأة المسلمة. الجواب: نعم إذا كانت ما جاءت إلا من طريق شهر بن حوشب ، وليس لها ما يقويها، لكن أذكر أن هناك بعض الروايات بهذا اللفظ، وعندما يكون الإنسان بعيداً فإنه يسلم ويشير بيده مع السلام حتى ينتبه الشخص فيرد عليه السلام، ولا بأس بذلك.

حكم الكلام قبل السلام


السؤال: هل ثبت حديث: (السلام قبل الكلام) ؟ الجواب: لا، لكن هذا هو الأصل، فلا يكون كلام قبل السلام.

صيغة رد السلام على أهل الكتاب


السؤال: فائدة: إذا اتضح من أهل الكتاب أنهم قالوا: السلام عليكم، فإن المسلم يرد عليهم: وعليكم السلام ورحمة الله، لعموم الآية: وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ [النساء:86]، أفاده الشيخ الألباني في الصحيحة، وهو اختيار ابن القيم . الجواب: نعم بعض أهل العلم قال هذا، لكن الأحاديث التي مرت كلها فيها: (إذا سلم عليكم أهل الكتاب، فقولوا: وعليكم)، وهذه لفظة مطلقة.

حكم المصافحة باليدين معاً


السؤال: بعض الناس في بلادي اعتادوا أن المصافحة تكون باليدين كلتيهما فما حكم ذلك؟ الجواب: الأصل أن المصافحة بيد واحدة، وأما أن توضع اليد الثانية على ظهر اليد المسلَّم بها فلا نعلم أصلاً لهذا، وليس عندي علم بها.

حكمة السلام على الأموات


السؤال: لماذا نسلم على الأموات وهم لا يسمعوننا؟ الجواب: السلام دعاء، والدعاء ينفع، وقضية كونهم يسمعون أو لا يسمعون الله تعالى أعلم بها، والذي ورد فيما يتعلق بالسماع فإنه يثبت، والباقي يمسك عنه، ويقال: الله أعلم!

حكم الفرار من الطاعون


السؤال: اتصل أحد الإخوة من الصين ويقول: في المدينة التي ندرس فيها انتشر وباء خطير قاتل اسمه: الالتهاب الرئوي، فهل يجوز لنا الرجوع إلى المملكة، أم نجلس حتى لا يكون هذا فراراً من الوباء قياساً على الطاعون؟ الجواب: إذا كان هذا يدخل تحت اسم الطاعون فليس للإنسان أن يخرج فراراً منه، ولكنه إذا كانت مدة دراسته قد انتهت والخروج هو لانتهاء الدراسة فهذا ليس فيه إشكال، لكن لو كان هذا من جنس الطاعون الذي يعتبر وباء ويدخل تحت عموم الحديث، فلا، وإذا كان ليس كذلك فلا بأس منه."




ابوالوليد المسلم 05-07-2025 06:35 PM

رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله
 
شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الإمارة
شرح سنن أبي داود [592]
الحلقة (622)





شرح سنن أبي داود [592]

إذا التقى المسلمان فتصافحا غفر لهما، وأول من جاء بالمصافحة هم أهل اليمن، وقد جاءت السنة النبوية ببيان المواطن التي تسوغ فيها المعانقة والتقبيل وغير ذلك من صور التحية، وقد كان من هديه عليه الصلاة والسلام أنه يقوم إلى فاطمة رضي الله عنها فيقبلها ويجلسها مكانه وهي تصنع مثل ذلك معه.

ما جاء في المصافحة


شرح حديث ( إذا التقى المسلمان فتصافحا وحمدا الله عز وجل واستغفراه غفر لهما )


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في المصافحة. حدثنا عمرو بن عون أخبرنا هشيم عن أبي بلج عن زيد أبي الحكم العنزي عن البراء بن عازب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إذا التقى المسلمان فتصافحا، وحمدا الله عز وجل واستغفراه غفر لهما) ]. يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [ باب في المصافحة ]. لما ذكر الأبواب المتعلقة بالسلام ذكر المصافحة التي هي متممة له، وتابعة له، وهي لا تكون بدون سلام. والمصافحة هي: أن يضع كل واحد يمينه في يمين الآخر، وقيل لها مصافحة؛ لأنها مأخوذة من صفحة اليد، ولأن كل واحد يمد صفحة يده إلى الآخر، فيكون كل منهما أخذ بصفحة يد غيره. وقد جاءت السنة في ذلك عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وجاء عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، وكان الصحابة إذا تلاقوا تصافحوا، وإذا قدموا من سفر تعانقوا، وقد أورد أبو داود حديث البراء بن عازب رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (إذا التقى المسلمان فتصافحا، وحمدا الله عز وجل واستغفراه غفر لهما) وهذا فيه إثبات المصافحة، وأنهما إذا تلاقيا وتصافحا غفر لهما مع السلام. والمصافحة جاءت في أحاديث متعددة منها هذا الحديث، لكن القيد الذي جاء فيه هو: الحمد والاستغفار، وهي لا تخلوا من كلام، وأما ما يتعلق بالمصافحة، فإنه جاء فيها أحاديث أخرى. قوله: [وحمدا الله عز وجل واستغفراه]، هذا القيد هو الذي جاء من هذه الطريق وفيه كلام، وأما قضية المصافحة من أصلها فقد جاءت في هذا الحديث وغيره. (... غفر لهما). وقد جاءت أحاديث أخرى تدل على المغفرة.
تراجم رجال إسناد حديث ( إذا التقى المسلمان فتصافحا وحمدا الله عز وجل واستغفراه غفر لهما )


قوله: [ حدثنا عمرو بن عون ]. عمرو بن عون ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا هشيم ]. هو هشيم بن بشير الواسطي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي بلج ]. أبو بلج هو يحيى بن سليم، وهو صدوق ربما أخطأ، أخرج له أصحاب السنن. [ عن زيد أبي الحكم العنزي ]. زيد أبو الحكم العنزي مقبول، أخرج له أبو داود . [ عن البراء بن عازب ]. البراء بن عازب رضي الله عنه صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
حديث ( إذا التقى المسلمان فتصافحا ... ) من طريق أخرى وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو خالد و ابن نمير عن الأجلح عن أبي إسحاق عن البراء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يفترقا) ]. أورد أبو داود حديث البراء بن عازب من طريق أخرى، وفيه ما في الذي قبله، ولكن ليس فيه ذكر الحمد والاستغفار، وفيه أنه يغفر لهما قبل أن يفترقا. قوله: [ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ]. أبو بكر بن أبي شيبة هو عبد الله بن محمد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي. [ حدثنا أبو خالد ]. هو أبو خالد الأحمر سليمان بن حيان، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و ابن نمير ]. ابن نمير هو عبد الله بن نمير، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الأجلح ]. صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن. [ عن أبي إسحاق ]. هو أبو إسحاق السبيعي، وهو عمرو بن عبد الله الهمداني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن البراء ]. هو البراء بن عازب رضي الله عنه مر ذكره.
حديث (... قد جاءكم أهل اليمن وهم أول من جاء بالمصافحة ) وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد حدثنا حميد عن أنس بن مالك قال: (لما جاء أهل اليمن قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: قد جاءكم أهل اليمن، وهم أول من جاء بالمصافحة) ]. أورد أبو داود حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (قد جاءكم أهل اليمن، وهم أول من جاء بالمصافحة) وقد ذكر أن هذه الأولية مدرجة وليست من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم. قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ]. هو موسى بن إسماعيل التبوذكي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا حماد ]. هو حماد بن سلمة، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ حدثنا حميد ]. هو حميد بن أبي حميد الطويل، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. عن [ أنس بن مالك ]. هو أنس بن مالك رضي الله عنه خادم النبي عليه الصلاة والسلام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا من الأسانيد العالية عند أبي داود وهي الرباعيات.
ما جاء في المعانقة


شرح حديث أبي ذر في التزام النبي له

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في المعانقة. حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد أخبرنا أبو الحسين -يعني خالد بن ذكوان - عن أيوب بن بشير بن كعب العدوي عن رجل من عنزة: (أنه قال لأبي ذر حيث سير من الشام: إني أريد أن أسألك عن حديث من حديث رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: إذاً أخبرك به إلا أن يكون سراً قلت: إنه ليس بسر، هل كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصافحكم إذا لقيتموه؟ قال: ما لقيته قط إلا صافحني، وبعث إلي ذات يوم ولم أكن في أهلي، فلما جئت أخبرت أنه أرسل إلي، فأتيته وهو على سريره فالتزمني فكانت تلك أجود وأجود) ]. أورد أبو داود باباً في المعانقة. فهو لما ذكر السلام، ثم ذكر المصافحة، ذكر بعد ذلك المعانقة، فجمع بين ثلاثة أمور: السلام، والمصافحة، والمعانقة، وقد جاء عن أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا إذا تلاقوا تصافحوا، وإذا قدموا من سفر تعانقوا، وعلى هذا فلا تكون معانقة بدون مصافحة، ولا يكونان بدون سلام، بل يجمع بين الأمور الثلاثة. أورد أبو داود حديث أبي ذر رضي الله عنه لما سير من الشام فلقيه رجل وقال له: إني سائلك عن حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: إذاً أخبرك به إلا أن يكون سراً. يعني: من الأشياء التي ليس من المناسب إشاعتها وإظهارها، ومن المعلوم أن هناك أشياء يمكن أن تخفى، مثل ما جاء في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم مع معاذ بن جبل رضي الله عنه حيث قال: (لا تبشرهم فيتكلوا) وكذلك أيضاً فيما يتعلق بحديث أبي هريرة لما ذهب الصحابة يبحثون عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولقيه أبو هريرة في حائط، فأعطاه نعليه، وخرج إلى الناس يخبرهم ويبشرهم بالبشارة التي أمره الرسول صلى الله عليه وسلم أن يبشرهم بها، فطعنه عمر رضي الله عنه في صدره، وطلب منه ألا يخبر الناس بما قاله النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن مثل هذه الأشياء إذا ذكرت تؤثر على الناس، وتحملهم على الاتكال عليها، وتجعلهم لا يعملون، فمثل ذلك إذا كان يترتب على نشره مثل هذه المفسدة فإنه لا ينشر. فقال: إنه ليس بسر، وسأله عن المصافحة، وأخبره أبو ذر أنه ما لقي رسول الله عليه الصلاة والسلام إلا صافحه، وجاء إليه مرة والتزمه. والحديث في إسناده ضعف، ولكن المعانقة جاءت عن أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو الذي ذكرته من أن أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام ورضي الله عنهم إذا تلاقوا تصافحوا، وإذا قدموا من سفر تعانقوا، والمعانقة هي: كون الإنسان يخالف بين عنقه وعنق الآخر بحيث يكون عنق واحدهم على عاتق الآخر. قوله: [ قلت: إنه ليس بسر ]. يعني: هذا السؤال ليس بسر فهو يتعلق بالمصافحة. قوله: [ هل كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصافحكم إذا لقيتموه؟ قال: (ما لقيته قط إلا صافحني، وبعث إلي ذات يوم ولم أكن في أهلي، فلما جئت أخبرت أنه أرسل لي، فأتيته وهو على سريره، فالتزمني فكانت تلك أجود وأجود) ].
تراجم رجال إسناد حديث أبي ذر في التزام النبي له


قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا حماد ، أخبرنا أبو الحسين -يعني خالد بن ذكوان - ]. خالد بن ذكوان صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أيوب بن بشير بن كعب العدوي ]. أيوب بن بشير مستور، يعني: مجهول الحال، أخرج له أبو داود . [ عن رجل من عنزة ]. وهو مجهول مبهم غير مسمى. قال الحافظ في المبهمات: هو عبد الله ولا يعرف، أخرج له أبو داود . يعني: أنه عرف اسمه، ولا يعرف شيئاً عنه. ففيه شخصان متكلم فيهما. [ عن أبي ذر ]. أبو ذر هو جندب بن جنادة رضي الله عنه، صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث (...قوموا إلى سيدكم)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما جاء في القيام. حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن سعد بن إبراهيم عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن أبي سعيد الخدري: (أن أهل قريظة لما نزلوا على حكم سعد أرسل إليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم فجاء على حمار أقمر فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قوموا إلى سيدكم، أو إلى خيركم، فجاء حتى قعد إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم) ]. أورد أبو داود باباً في القيام، والقيام يكون للرجل، ويكون إلى الرجل، ويكون على الرجل، فله أحوال ثلاثة: القيام للرجل: بأن يقوم احتراماً له بلا مصافحة ولا معانقة وإنما هو محض قيام وجلوس، وهذا هو الذي لا يسوغ، وهذا هو الذي كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفعلونه لما يعلمون من كراهيته صلى الله عليه وسلم له، وأما إذا كان لاستقباله أو لمعانقته أو لمصافحته فإن ذلك سائغ؛ لأنه قيام إليه وليس قياماً له، ومن ذلك هذا الحديث الذي أورده أبو داود في قصة سعد بن معاذ رضي الله عنه سيد الأوس، لما نزل بنو قريظة على حكمه وجاء على حمار، قال عليه الصلاة والسلام: (قوموا إلى سيدكم أو قوموا إلى خيركم) فهذا قيام إليه، إما لمساعدته في النزول أو لمرافقته أو لاستقباله، وليس هذا قياماً له؛ لأن القيام له هو قيام احترام وتوقير فقط بدون سلام أو بدون استقبال أو أنه يكرمه بذلك، وأما القيام على الرجل فهو القيام على رأسه وهو جالس، وهذا جاءت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية حيث كان المغيرة بن شعبة واقفاً على رأس الرسول صلى الله عليه وسلم يحرسه ومعه السيف، فهذا قيام سائغ إذا دعت الحاجة إليه وحصل أمر يقتضيه، مثلما حصل في هذه القصة، وعلى هذا فالقيام له ثلاثة أحوال، والذي في الحديث هو الحالة الثانية التي هي القيام إليه، فالقيام إليه سائغ، والقيام له غير سائغ، والقيام عليه سائغ عندما تدعو الحاجة إليه.
تراجم رجال إسناد حديث (...قوموا إلى سيدكم)


قوله: [ حدثنا حفص بن عمر ] . حفص بن عمر ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و النسائي . [ حدثنا شعبة ] . هو شعبة بن الحجاج الواسطي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سعد بن إبراهيم ]. سعد بن إبراهيم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف ]. أبو أمامة بن سهل بن حنيف اسمه أسعد له رؤية، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي سعيد الخدري ]. أبو سعيد الخدري هو سعد بن مالك بن سنان الخدري صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام مشهور بكنيته أبو سعيد ومشهور بنسبته وهي الخدري، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
حديث (...قوموا إلى سيدكم...) من طريق أخرى وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن بشار حدثنا محمد بن جعفر عن شعبة بهذا الحديث، قال: (فلما كان قريباً من المسجد قال للأنصار: قوموا إلى سيدكم) ]. ثم أورد المصنف الحديث من طريق أخرى وهو مثل ما تقدم. قوله: [ حدثنا محمد بن بشار ]. محمد بن بشار الملقب بندار وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة. [ حدثنا محمد بن جعفر ] . محمد بن جعفر الملقب غندر وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن شعبة بهذا الحديث ]. شعبة مر ذكره.
شرح حديث قيام النبي لفاطمة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ قال حدثنا الحسن بن علي و ابن بشار قالا: حدثنا عثمان بن عمر أخبرنا إسرائيل عن ميسرة بن حبيب عن المنهال بن عمرو عن عائشة بنت طلحة عن أم المؤمنين عائشة قالت: (ما رأيت أحداً كان أشبه سمتاً وهدياً ودلاً -وقال الحسن : حديثاً وكلاماً، ولم يذكر الحسن السمت والهدي والدل- برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من فاطمة، كانت إذا دخلت عليه قام إليها فأخذ بيدها وقبلها وأجلسها في مجلسه، وكان إذا دخل عليها قامت إليه فأخذت بيده فقبلته وأجلسته في مجلسها) ]. أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها أم المؤمنين الذي تبين فيه أنها ما رأت أشبه برسول الله صلى الله عليه وسلم في مشيته وهيئته من فاطمة ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله تعالى عنها، وكانت إذا جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس (قام إليها فأخذ بيدها وقبلها وأجلسها في مجلسه) يعني: أوسع لها وأجلسها معه في مجلسه، وهذا فيه التقبيل، وفيه القيام إلى الرجل أو إلى المرأة؛ لأن هذا قيام إليها، وهذا يدل على أن الإنسان إذا وجد في مجلس وكان في المجلس مصافحة أو معانقة فإنه يقوم؛ لأنه هنا قام إليها وقبلها، فمثل ذلك المعانقة والمصافحة، وكذلك إذا جاء إليها في منزلها قامت إليه وقبلته وأجلسته في مجلسها، يعني: معها في مجلسها، وبالمكان الذي جلست فيه بحيث جلسا متجاورين.
تراجم رجال إسناد حديث قيام النبي لفاطمة


قوله: [ حدثنا الحسن بن علي ]. هو الحسن بن علي الحواني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي . [ و ابن بشار ]. ابن بشار مر ذكره. [ حدثنا عثمان بن عمر ]. عثمان بن عمر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا إسرائيل ]. إسرائيل هو ابن يونس بن أبي إسحاق، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ميسرة بن حبيب ]. ميسرة بن حبيب صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ عن المنهال بن عمرو ]. المنهال بن عمرو صدوق أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ عن عائشة بنت طلحة ]. عائشة بنت طلحة ثقة، أخرج لها أصحاب الكتب الستة. [ عن أم المؤمنين عائشة ]. أم المؤمنين عائشة الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام.
ما جاء في قبلة الرجل ولده


شرح حديث ( ...من لا يرحم لا يرحم )


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في قبلة الرجل ولده. حدثنا مسدد حدثنا سفيان عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة: (أن الأقرع بن حابس أبصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو يقبل حسيناً فقال: إن لي عشرة من الولد ما فعلت هذا بواحد منهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: من لا يرحم لا يرحم) ]. أورد أبو داود باباً في قبلة الرجل لولده. ومعلوم أن الرجل ذكره ليس له مفهوم، فالأم أيضاً تقبل ولدها، وإنما لكون الأحكام غالباً تكون مع الرجال، والخطاب مع الرجال، وقد جاء ذلك في التبويب للمحدثين، وكذلك جاء في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأن الغالب أن الكلام والخطاب للرجل، ومن أجل ذلك يأتي الكلام بذكر الرجل والمرأة تكون في الحكم مثله، والأصل التساوي بين الرجال والنساء في الأحكام إلا إذا وجد شيء يميز ويفرق بأن يكون الرجل له حكم والمرأة لها حكم، مثل: النضح من بول الغلام والغسل من بول الجارية، ومثل: الوقوف عند رأس الرجل ووسط المرأة في صلاة الجنازة، ومثل: الأمور الخمسة التي تكون المرأة فيها على النصف من الرجل، وهي: الدية؛ لأنها على النصف من الرجل، والشهادة كما في آية الدين، والعقيقة؛ لأن الغلام له شاتان والجارية شاة واحدة، والعتق؛ فمن أعتق شخصاً كان فكاكه من النار، وإذا أعتق جاريتين كانتا فكاكه من النار، الميراث؛ لأن للذكر مثل حظ الأنثيين، فهذه أمور جاء الشرع بالتفريق فيها بين الرجال والنساء في الأحكام، وإلا فإن الأصل هو التساوي. وقد أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (أن الأقرع بن حابس أبصر النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقبل الحسين رضي الله تعالى عنه فقال: إن لي عشرة من الولد ما أقبلت واحداً منهم، فقال عليه الصلاة والسلام: من لا يرحم لا يرحم)؛ لأن التقبيل رحمة؛ وهو من العطف والحنان على الصغار ففيه رحمة من الوالد وإيناس وتفريح للصبي بمعاملته هذه المعاملة.
رجال إسناد حديث ( ...من لا يرحم لا يرحم )


قوله: [ حدثنا مسدد ]. هو مسدد بن مسرهد البصري، وهو ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا سفيان ]. سفيان هو ابن عيينة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الزهري ]. الزهري هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي سلمة ]. هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. هو أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو أكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه.
شرح حديث (... قومي فقبلي رأس رسول الله...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد أخبرنا هشام بن عروة عن عروة أن عائشة قالت: (ثم قال: -تعني النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أبشري يا عائشة فإن الله قد أنزل عذرك، وقرأ عليها القرآن، فقال أبواي: قومي فقبلي رأس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقلت: أحمد الله عز وجل لا إياكما) ]. أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها لما نزلت براءتها مما رميت به من الإفك، وكان النبي صلى الله عليه وسلم تألم وتأثر وجعلها تذهب إلى أهلها وتبقى عندهم، وكان لا يعلم الحقيقة والواقع، وهو عليه الصلاة والسلام لا يعلم من الغيب إلا ما أطلعه الله عليه، ولهذا لم يكن يعرف حقيقة ما حصل لعائشة ، ولهذا قال لها عليه الصلاة والسلام: (يا عائشة ! إن كنت ألممت بذنب فتوبي إلى الله واستغفريه)، إذ لو كان يعلم الغيب لم تكن هناك حاجة إلى أن يقول لها هذا الكلام، وإنما بمجرد ما يأتيه الناس الذين قالوا ما قالوا في عائشة ، يقول: أنا أعلم الغيب وما حصل هذا الشيء، لكنه تألم وتأثر واستشار في طلاقها، وقال لها هذه المقالة: (إن كنت ألممت بذنب فتوبي إلى الله واستغفريه)، ومكثت مدة حتى أنزل الله براءتها، ثم جاء وبشرها بالآيات التي نزلت في براءتها مما رميت به، فقال لها أبواها: (قومي فقبلي رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: أحمد الله عز وجل لا إياكما) ]. أي: أن الله هو الذي مَنَّ عليّ وهو الذي أظهر وأنزل براءتي، وكانت رضي الله عنها وأرضاها تقول: إنها كانت تتمنى أن يرى النبي صلى الله عليه وسلم في منامه رؤيا يبرئها الله بها، ورؤيا الأنبياء وحي، ثم قالت رضي الله عنها من تواضعها وتهوين شأنها في نفسها وبعدها عن التكبر: (ولشأني في نفسي أهون من أن ينزل الله في آيات تتلى)، يعني: أنا لا أستحق أن ينزل في قرآن. وابن القيم رحمه الله لما ذكر في كتابه: جلاء الأفهام في الصلاة والسلام على خير الأنام، عند ذكر الصلاة على الآل ذكر ترجمة مختصرة لكل واحدة من أمهات المؤمنين أشار فيها إلى شيء من مناقبها وفضائلها، وكان مما ذكره في عائشة: تواضعها وأنه لما نزل فيها القرآن قالت: (ولشأني في نفسي أهون من أن ينزل الله في آيات تتلى)، وهذا شأن أولياء الله يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة، فهي في المنزلة الرفيعة والمنزلة العالية، ومع ذلك تقول عن نفسها: ولشأني في نفسي أهون من أن ينزل الله في آيات تتلى. ولهذا يقول ابن القيم : فأين هذا ممن يصوم يوماً أو يصلي ركعات، ثم يقول: أنا عملت كذا وكذا أو أنا كذا وكذا وهي هذه حالها وهذا شأنها ومع ذلك تقول هذه المقالة. والحديث فيه جواز تقبيل الرأس لأنه قال: (قبلي رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم). والحديث فيه دليل على تقبيل الزوجة رأس زوجها ولكن لا يدل على أن على كل من يبشر بأي شيء يسر أن يقبل رأس البشير، وإنما جاء هذا في حق الرسول صلى الله عليه وسلم لمنزلته ولعلو مكانته، وقد يكون المبشر صغيراً والمبشر كبيراً فالعكس هو المناسب.

تراجم رجال إسناد حديث (...قومي فقبلي رأس رسول الله...)


قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل عن حماد عن هشام بن عروة عن عروة]. هشام بن عروة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. وعروة ثقة فقيه أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج له أصحاب الكتب الستة. عن عائشة رضي الله عنها، وقد مر ذكرها.

ابوالوليد المسلم 05-07-2025 06:36 PM

رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله
 
ما جاء في قبلة ما بين العينين


حديث ( أن النبي تلقى جعفر بن أبي طالب فالتزمه وقبل ما بين عينيه ) وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في قبلة ما بين العينين. حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا علي بن مسهر عن أجلح عن الشعبي : (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم تلقى جعفر بن أبي طالب فالتزمه وقبل ما بين عينيه) ]. أورد أبو داود باب تقبيل ما بين العينين، وأورد هذا الحديث عن الشعبي وهو مرسل: (أن النبي صلى الله عليه وسلم تلقى جعفر بن أبي طالب فالتزمه وقبل ما بين عينيه) والحديث مرسل كما هو معلوم؛ لأن الشعبي تابعي لم يدرك تلك الحادثة. قوله: [ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة عن علي بن مسهر ]. علي بن مسهر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أجلح عن الشعبي ]. أجلح مر ذكره، و الشعبي هو عامر بن شراحيل الشعبي وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. وتقبيل الجبهة عموماً هو من الرأس، وإذا قبل جبهة الرسول صلى الله عليه وسلم فمعناه أنه قبل رأسه؛ لأن الجبهة من الرأس، لكن هذا الحديث مرسل وليس بثابت.
ما جاء في قبلة الخد


أثر (رأيت أبا نضرة قبل خد الحسن بن علي) وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في قبلة الخد. حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا المعتمر عن إياس بن دغفل قال: رأيت أبا نضرة قبل خد الحسن بن علي رضي الله عنهما ]. أورد أبو داود باباً في تقبيل الخد، وأورد أثر أبي نضرة أنه قبل خد الحسن بن علي رضي الله عنهما، وهذا المتن صحيح مقطوع؛ لأن المتن ينتهي إلى تابعي، والمتن الذي ينتهي إلى التابعي يقال له: مقطوع. قوله: [ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا المعتمر ]. المعتمر بن سليمان بن طرخان التيمي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن إياس بن دغفل ]. إياس بن دغفل ثقة، أخرج له أبو داود . [ عن أبي نضرة ]. أبو نضرة هو المنذر بن مالك بن قطعة، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن.
أثر تقبيل أبي بكر لعائشة في خدها


قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبد الله بن سالم حدثنا إبراهيم بن يوسف عن أبيه عن أبي إسحاق عن البراء قال: دخلت مع أبي بكر أول ما قدم المدينة فإذا عائشة ابنته مضطجعة قد أصابتها حمى، فأتاها أبو بكر فقال لها: كيف أنت يا بنية؟ وقبل خدها ]. أورد أبو داود حديث البراء بن عازب رضي الله عنه أن أبا بكر قدم المدينة وكانت ابنته عائشة قد أصابتها حمى فجاء وقبل خدها، وقال: كيف أنت يا بنية؟ يعني: كيف حالك، والمقصود من ذلك: أنه قبل خدها؛ لأن الباب معقود لتقبيل الخد. قوله: [ حدثنا عبد الله بن سالم ]. عبد الله بن سالم ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي في مسند علي و ابن ماجة . [ حدثنا إبراهيم بن يوسف ]. إبراهيم بن يوسف صدوق يهم، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ عن أبيه ]. هو يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي إسحاق عن البراء ]. أبو إسحاق و البراء مر ذكرهما.
ما جاء في قبلة اليد


شرح حديث ( فدنونا من النبي صلى الله عليه وسلم فقبلنا يده )


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في قبلة اليد. حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زهير حدثنا يزيد بن أبي زياد أن عبد الرحمن بن أبي ليلى حدثه أن عبد الله بن عمر حدثه وذكر قصة قال: (فدنونا -يعني: من النبي صلى الله عليه وسلم- فقبلنا يده) ]. أورد أبو داود باباً في تقبيل اليد، وتقبيل اليد جاء ما يدل عليه، لكن لا ينبغي أن يتخذ ذلك عادة؛ لأن ذلك قد يؤدي إلى اغترار الشخص الذي يحصل له ذلك، وكذلك أيضاً الغلو في الشخص مثل ما يحصل الآن عند بعض الصوفية حين يعطي الناس يده ويتعاقبون عليها وكأنهم يتعاقبون على أمر مطلوب التعاقب عليه. وأصل التقبيل جائز وجاء ما يدل عليه، وقد أورد أبو داود حديث ابن عمر، وفيه قصة، ثم قال: (فقبلنا يده) وهذا هو محل الشاهد.
تراجم رجال إسناد حديث ( ...فدنونا من النبي صلى الله عليه وسلم فقبلنا يده )


قوله: [ حدثنا أحمد بن يونس ]. أحمد بن يونس هو أحمد بن عبد الله بن يونس، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا زهير ]. هو زهير بن معاوية، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا يزيد بن أبي زياد ]. يزيد بن أبي زياد ضعيف، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ أن عبد الرحمن بن أبي ليلى ]. عبد الرحمن بن أبي ليلى ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أن عبد الله بن عمر ]. عبد الله بن عمر رضي الله عنه الصحابي الجليل أحد العبادلة الأربعة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. والحديث في إسناده هذا الرجل، وقد ضعفه الألباني ، ولكن له شواهد، ومنه الحديث الذي سيأتي، والذي فيه تقبيل اليد والرجل؛ فإن تقبيل اليد شاهد له، وأما تقبيل الرجل الذي انفرد به فذاك الحديث معلول.
ما جاء في قبلة الجسد



شرح حديث ( ... فاحتضنه، وأخذ يقبل كشحه ... )

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في قبلة الجسد. حدثنا عمرو بن عون أخبرنا خالد عن حصين عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أسيد بن حضير -رجل من الأنصار- قال: (بينما هو يحدث القوم -وكان فيه مزاح- بينا يضحكهم فطعنه النبي صلى الله عليه وآله وسلم في خاصرته بعود فقال: أصبرني، فقال: اصطبر، قال: إن عليك قميصاً وليس علي قميص، فرفع النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن قميصه فاحتضنه، وأخذ يقبل كشحه، قال: إنما أردت هذا يا رسول الله) ]. أورد أبو داود باباً في قبلة الجسد، يعني: كونه يقبل جسد إنسان. عن أسيد بن حضير رضي الله عنه أنه جاء إليه النبي صلى الله عليه وسلم وطعنه في خاصرته بعود، فقال: أصبرني -معناه: أريد أن أستقيد منك بأن أفعل بك مثل ما فعلت بي- وهو لا يريد ذلك، وإنما يريد شيئاً آخر، فقال له: (اصطبر) يعني: استقد وافعل، (فقال: إن عليك قميصاً وأنا ليس علي قميص، فرفع النبي عن قميصه فاحتضنه وأخذ يقبل كشحه صلى الله عليه وسلم)، هذا هو المقصود من قوله: تقبيل الجسد، ومعلوم أن ذلك من التبرك بالرسول صلى الله عليه وسلم، والصحابة رضي الله عنهم كانوا يتبركون بجسده صلى الله عليه وسلم، ويتبركون بعرقه وبمخاطه وبفضل وضوئه وبشعره، وهذا من الخصائص المتعلقة بجسد الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأن الصحابة ما فعلوا هذا مع أحد بعد رسول الله عليه الصلاة والسلام لا مع أبي بكر ولا مع غيره، وإنما كان هذا خاصاً به عليه الصلاة والسلام.
تراجم رجال إسناد حديث ( .. فاحتضنه، وأخذ يقبل كشحه ... )


قوله: [ حدثنا عمرو بن عون ]. عمرو بن عون مر ذكره. [ أخبرنا خالد ]. خالد هو ابن عبد الله الواسطي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن حصين ]. هو حصين بن عبد الرحمن السلمي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أسيد بن حضير ]. عبد الرحمن بن أبي ليلى مر ذكره، و أسيد بن حضير صحابي أخرج له أصحاب الكتب الستة. والكشح هو: الخاصرة إلى الضلع الخلفي، وكأنه جاءه من الخلف.
ما جاء في قبلة الرجل



شرح حديث ( ... فجعلنا نتبادر من رواحلنا فنقبل يد النبي صلى الله عليه وسلم ورجله ... )


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في قبلة الرجل. حدثنا محمد بن عيسى بن الطباع حدثنا مطر بن عبد الرحمن الأعنق حدثتني أم أبان بنت الوازع بن زارع عن جدها زارع وكان في وفد عبد القيس قال: (لما قدمنا المدينة فجعلنا نتبادر من رواحلنا فنقبل يد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ورجله، قال: وانتظر المنذر الأشج حتى أتى عيبته فلبس ثوبيه، ثم أتى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال له: إن فيك خلتين يحبهما الله: الحلم والأناة، قال: يا رسول الله! أنا أتخلق بهما أم الله جبلني عليهما؟ قال: بل الله جبلك عليهما، قال: الحمد الله الذي جبلني على خلتين يحبهما الله ورسوله) ]. أورد أبو داود: باباً في تقبيل الرجل، يعني: رجل الإنسان، وقد أورد أبو داود حديث الزارع بن عامر العبدي رضي الله عنه: أنه جاء في وفد عبد القيس حتى جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فتبادروا إليه وجعلوا يقبلون يده ورجله صلى الله عليه وسلم، وكان فيهم الأشج وكان رجلاً حليماً، فذهب إلى عيبته، والمقصود بالعيبة الوعاء الذي فيه الثياب، فلبس ثيابه وجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: (إن فيك لخلتين يحبهما الله: الحلم والأناة، فقال: أجبلت عليهما أم تخلقت بهما؟ قال: بل جبلت عليهما، قال: الحمد لله الذي جبلني على خلتين يحبهما الله ورسوله صلى الله عليه وسلم). والمقصود من ذلك أنهم قبلوا يده ورجله، لكن الحديث فيه ضعف، وفيما يتعلق باليد فإن الحديث الذي سبق يكون شاهداً له، وأما الرجل فلم تأت إلا في هذا الحديث وفي إسناده ضعف. أما فيما يتعلق بتقبيل الزوجة لرجل زوجها، فإن قضيه النساء مع الرجال مختلفة؛ لأنها تفعل الشيء الذي يكون فيه الأنس والمودة، وما أعلم شيئاً يدل على منعه لو فعلت، والحديث ضعفه الشيخ الألباني.
تراجم رجال إسناد حديث (... فجعلنا نتبادر من رواحلنا فنقبل يد النبي صلى الله عليه وسلم ورجله ...)


قوله: [ حدثنا محمد بن عيسى بن الطباع ]. محمد بن عيسى بن الطباع ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً و أبو داود و الترمذي في الشمائل و النسائي و ابن ماجة . [ حدثنا مطر بن عبد الرحمن الأعنق ]. مطر بن عبد الرحمن الأعنق صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و أبو داود . [ حدثتني أم أبان بنت الوازع بن زارع ]. أم أبان مقبولة، أخرج لها البخاري في الأدب المفرد و أبو داود . [ عن جدها زارع ]. جدها زارع صحابي، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و أبو داود.
الأسئلة



حكم المعانقة قبل السفر


السؤال: ما قولكم في المعانقة عند توديع المسافر هل هو سائغ؟ الجواب: الذي يبدو أنه لا بأس به، ولا تكون المعانقة عند كل لقاء، وإنما إذا حصل التلاقي تكون المصافحة، وأما المعانقة عند السفر وعند القدوم من السفر فلا بأس بها؛ لأن هذا السلام يعقبه فراق.

حكم معانقة الوالدين


السؤال: ما حكم معانقة الوالدين؟ الجواب: الأولى للإنسان أن يقبل رأس والديه، ولا تكون هناك معانقة، وإنما يكون هناك شيء أكثر من ذلك وهو توقيرهما واحترامهما وتقبيل رأسيهما.


حكم معانقة المحارم


السؤال: هل يجوز معانقة ذوات المحارم عند اللقاء مثل الأخت ؟ الجواب: لا بأس بذلك.

حكم تكرار السلام على جماعة يصافحهم


السؤال: إذا كانوا جماعة وصافحهم فهل يسلم على كل واحد؟ الجواب: الذي يبدو أنه على كل واحد.

حكم المعانقة لمن طال غيابهما عن بعض


السؤال: هل المعانقة خاصة بالقدوم من سفر أم تشرع إذا غاب الرجل عن أخيه حتى لو كانا في نفس البلد؟ الجواب: الأثر الذي جاء عن الصحابة أنهم كانوا إذا قدموا من سفر، وإذا كان الإنسان افتقد أخاه لمدة طويلة وكان كل واحد منهما يحسب للآخر أنه قدم من سفر أو أنه مسافر، فليس في ذلك بأس.

حكم المعانقة بعد صلاة العيدين


السؤال: ما حكم المصافحة والمعانقة بعد صلاة العيدين، فهذه العادة توجد في منطقتنا حيث يتصافحون ويعانق بعضهم بعضاً بعد صلاة العيد مباشرة؟ الجواب: هذا هو الذي يجري دائماً لكونها مناسبة طيبة فيها تهنئة وفرح، ويبدو أنه لا بأس بذلك.

حكم المصافحة بعد الصلوات


السؤال: ما حكم المصافحة بعد الصلوات خصوصاً بعد صلاة الصبح والعصر؟ الجواب: المصافحة بعد الصلاة لا نعلم لها أصلاً، وإنما تكون المصافحة عند اللقي، وإذا كان الشخصان متلاقيين قبل الصلاة وسلم بعضهما على بعض، وحصلت المصافحة، ثم قاموا إلى الصلاة، وحصل السلام من الصلاة فلا يصافح من أجل الصلاة؛ لأن التلاقي كان موجوداً من قبل، وأما إذا جاء الإنسان والصلاة قد أقيمت، ثم صف بجوار إنسان، ولما سلم من الصلاة سلم عليه؛ لأن هذا أول لقائه به فلا بأس به؛ لأن هذا سلام من أجل اللقاء، وليس من أجل الصلاة، والمحذور أن يكون من أجل الصلاة.

جواز تقبيل الأب لابنته


السؤال: كيف يقبل الأب بنته؟ الجواب: يمكن أن يقبلها في خدها.

حكم القيام للمدرس عند دخوله الفصل


السؤال: يوجد عندنا في المدرسة الحكومية أنه إذا دخل الأستاذ قاموا له بدون معانقة ولا مصافحة، فهل الفعل صحيح؟ الجواب: هذا غير سائغ، وهو الذي جاء في الحديث: (من أحب أن يتمثل له الرجال قياماً فليتبوأ مقعده من النار)، لكن لعلهم يأخذون ذلك من قول الشاعر: قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا وهذا ليس بحجة، فالحجة فيما جاء عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم, وأما الاحتجاج بمثل هذا البيت الذي يعرفه كثير من الطلاب ويعملون به فهذا غير صحيح.

حكم الوقوف في الصف عند الحديث


السؤال: في المدرسة يأمر المدرس الطالب إذا أراد أن يتكلم أو أن يجيب أن يقف، فهل هذا يدخل في الفعل الجائز أو المحرم؟ الجواب: هذا لا بأس به؛ لأن هذا يقوم حتى يظهر ويراه الطلاب، وهذا ليس من القيام للداخل أو للقادم، وإنما يقوم حتى يكون الكل سواء المدرس والطلاب، وحتى يكون بارزاً وكأنه واقف على منصة.

حكم القيام للمصافحة


السؤال: ما هو الأولى: القيام للمصافحة أم المصافحة حال الجلوس؟ الجواب: الأولى القيام للمصافحة، حتى لو كان القادم يعرف الحكم مثل طالب علم أو شيخ.

حكم القيام على رءوس الرجال لصب القهوة


السؤال: ما حكم قيام الرجل على رأس الرجال ليصب لهم القهوة؟ الجواب: هذا لا يدخل في المنع، وهذه عادة إكرام الضيوف، فنحن لا نستطيع أن نطلب منه أن يجلس في مكانه وهم يأتون إليه ليأخذوا منه، ولكن هذا يصح إذا كانوا عدداً، وأما إذا كان واحداً فإنه يجلس بجواره ولا يكلفه الوقوف على رأسه.

حكم تقبيل الميت بين عينيه


السؤال: ألا يستدل على جواز تقبيل ما بين العينين بفعل أبي بكر رضي الله عنه لما قبل بين عيني النبي صلى الله عليه وسلم عند وفاته؟ الجواب: إذا كان قبل بين عينيه فهو دليل على ذلك.

حكم تقبيل المحارم والأطفال في الخد


السؤال: هل يقال: إن تقبيل الخد عموماً للمحارم ليس خاصاً بين الأب وابنته؟ الجواب: الحديث دليل لما يكون بين الأب وابنته، أما ما يخشى منه وقوع محذور في حق بعض المحارم فالامتناع عنه مطلوب. أما في حديث إياس بن دغفل عن أبي نضرة فهو كان طفلاً صغيراً، والأطفال الصغار الأمر فيهم واسع وليس فيهم إشكال. أما الرجل فلا يقبل خد الرجل، والذي يبدو أن المعانقة هي التي وردت.


توجيه رؤية البراء لعائشة وهي مضطجعة


السؤال: كيف رأى البراء عائشة وهي مضطجعة؟ الجواب: سواء كانت مضطجعة أو غير مضطجعة فالرؤية ليس فيها إشكال؛ لأن والدها نزل عليها وانحنى حتى قبلها، فهو رأى الفعل الذي قد حصل، ثم إن هذا كان قبل الحجاب؛ لأنه كان في أول الهجرة.

حكم تقبيل رجل الوالد

السؤال: أبي أحياناً يأمرني بتقبيل رجله مازحاً؟ الجواب: لا مانع من أن تقبلها.

حكم العمل بالحديث الضعيف


السؤال: إذا لم يصح الحديث في تقبيل الرجل، وكذلك بعض الأحاديث التي مرت، فهل يؤخذ منها البقاء على الجواز -ولا يقال: على الاستحباب-؟ الجواب: كون الناس يتقيدون بما ورد لا شك أنه هو الذي ينبغي لهم.

الصورة الصحيحة للمعانقة


السؤال: من المعلوم أن المعانقة في هذا العصر تختلف باختلاف الجنسيات والعادات، فما هو النوع الصحيح من هذه المعانقات الموجودة؟ الجواب: المعانقة نوع واحد وهي المخالفة بين العنقين وهي شيء واحد غير متعدد. أما وضع خد مع خد فليس هذا معانقة، فالمعانقة مخالفة العنقين، وهي مأخوذة من العنق لا من الخد، فهي ليست بمخاددة ولكن معانقة.

حكم تقبيل المرأة لرجل زوجها


السؤال: ألا نستشهد بحديث: (لو كنت آمراً أحداً بالسجود لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها) على جواز تقبيل رجل الزوج؟ الجواب: إذا فعلت المرأة هذا مع زوجها وكان فيه استئناس أو أنس فلا بأس به، ولا أعلم شيئاً يمنعه.

ما تحصل به المعانقة

السؤال: المعانقة هل تكون مرة أو ثلاث مرات؟ الجواب: ما نعلم تحديداً لذلك، سواء كانت مرة أو مرتين، وأما كونها تكرر وتردد فلا أعلم فيها شيئاً، لكن تحصل بمرة أو مرتين.

الصورة الصحيحة للمصافحة


السؤال: في السودان يكون السلام بأن يضع أحدنا كفه الأيمن على الكتف أو الصدر الأيسر للشخص الآخر ثم يصافحه بعد ذلك، فهل هذه الكيفية تجوز؟ الجواب: الأصل المصافحة مباشرة بدون وضع اليدين على الصدر.

يبدأ في السلام بالمصافحة ثم المعانقة


السؤال: بأي الإثنين يبدأ: بالمصافحة أو المعانقة أم أن الأمر واسع؟ الشيخ: كما هو معلوم المصافحة أولاً بأن يضع يده في يده ثم يتعانقان.

حكم السلام بالإشارة فقط


السؤال: هل يجوز السلام بالإشارة فقط من بعيد؟ الجواب: لا يكون السلام بالإشارة وإنما بالسلام، ولكن إذا أشار من أجل أن ينبه الشخص أنه يسلم عليه فليس هناك بأس، وحتى يعرف الإنسان أنه ألقى عليه السلام.

حكم المصافحة باليدين


السؤال: هل من السنة المصافحة باليدين؟ الجواب: لا أعلم دليلاً على هذا، والمصافحة تكون بيد واحدة، لكن في عون المعبود ذكر أن حماداً صافح ابن المبارك ووضع يده على يديه، ولا أدري عن ثبوته، ولا نعلم دليلاً عليه.

حكم تقبيل الأنف


السؤال: ما حكم تقبيل الأنف عند اللقاء؟ الجواب: هذا من جنس تقبيل ما بين العينين، لكن الحديث الذي فيه ذكر تقبيل ما بين العينين فيه ضعف.

حكم تقبيل الميت قبل الصلاة عليه


السؤال: ما حكم تقبيل الميت قبل الصلاة عليه؟ الجواب: ليس فيه بأس؛ لأن أبا بكر قبل الرسول صلى الله عليه وسلم قبل أن يصلى عليه.

حكم المصافحة مع الانحناء


السؤال: ما حكم المصافحة مع الانحناء من أحد الطرفين أو منهما جميعاً؟ الجواب: لا يجوز أن ينحني أحد لأحد.

حكم تقبيل اليد ووضعها على الجبهة


السؤال: ما حكم من يقبل اليد ثم يضعها على جبهته؟ الجواب: لا نعلم لهذا أساساً، وهو عمل منكر.

حكم المعانقة عند كل لقاء


السؤال: أصبحت العادة في قومنا المعانقة عند كل لقاء، بحيث لو تركت هذه العادة قد يحصل في نفس المقابل شيء، فما حكم ذلك؟ الجواب: ينبغي أن يتعودوا على خلاف هذه العادة ويتقيدوا بالمصافحة فقط، وأن يتذكروا ما كان عليه أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد كانوا إذا تلاقوا تصافحوا, وإذا قدموا من سفر تعانقوا.

حكم تقبيل يد الوالد والزوج


السؤال: ما حكم تقبيل الابن ليد والده، وتقبيل المرأة ليد زوجها؟ الجواب: لا بأس به، وتقبيل اليد ثابت.

حكم القيام للمعلم عند دخول الصف الدراسي


السؤال: بالنسبة لقيام الطلبة للمعلم عندنا أمر لازم من الحكومة ولا نستطيع أن نتركه، فما العمل؟ الجواب: إذا اتفقوا مع المعلم، فالحكومة لن تأتي وتؤاخذهم، فعليهم أن يتفاهموا مع المعلم على أنهم يتبعون السنة.

حكم الصور التلفزيونية


السؤال: الصور التلفزيونية هل تدخل في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تدخل الملائكة بيتاً فيه صورة)؟ الجواب: هذه الصورة تذهب وتأتي وليست ثابتة، ولكن استعمال الصور سواء كانت ثابتة أو غير ثابتة ليس للإنسان أن يشغل نفسه بها، وإنما عليه أن يبتعد عن هذا وهذا.

حكم خطبة الجمعة بغير اللغة العربية


السؤال: في بلادنا أكثر الناس لا يعرفون اللغة العربية، والخطيب يخطب ويقرأ من الكتاب، والناس لا يعرفون ما يقرأ عليهم، فما الحكم لو خطب الخطيب بلغة أهل البلد المتعارف عليها؟ الجواب: هذا هو المطلوب، ولكن إذا كان هناك من يفهم العربية فينبغي أن يكون بعضها بالعربية وبعضها بلغة القوم، وإذا أتي بها باللغة العربية وهم لا يفهمونها فلن تحصل لهم فائدة، وإنما ستكون -وكما يقولون- صيحة في واد."




ابوالوليد المسلم 05-07-2025 06:45 PM

رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله
 
شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الإمارة
شرح سنن أبي داود [593]
الحلقة (623)





شرح سنن أبي داود [593]

جاءت السنة النبوية المطهرة بآداب عظيمة في الخطاب بين الناس، وما يجوز من الألفاظ وما يكره، ومن ذلك ما يجوز من التفدية للغير بالنفس أو بالأبوين، وكيفية إبلاغ السلام والرد عليه والدعاء بالحفظ ونحوه، والإجابة بلبيك وسعديك، وغير ذلك.

ما جاء في الرجل يقول: (جعلني الله فداك)



شرح حديث (يا أبا ذر! فقلت لبيك وسعديك يا رسول الله وأنا فداك)


قال الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [ باب في الرجل يقول جعلني الله فداك. حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد ح وحدثنا مسلم حدثنا هشام عن حماد -يعنيان ابن أبي سليمان - عن زيد بن وهب عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (يا أبا ذر ! فقلت: لبيك وسعديك يا رسول الله! وأنا فداك) ]. قال أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: باب في الرجل يقول جعلني الله فداك. أي: في بيان حكمه وأن ذلك سائغ. وقد أورد أبو داود حديث أبي ذر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم دعاه، وقال له: (يا أبا ذر ! فقلت: لبيك وسعديك يا رسول الله! وأنا فداك). يعني: وأنا فداء لك. وهذا جواب حسن من أبي ذر لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام عندما يناديهم يقول الواحد منهم: (لبيك يا رسول الله وسعديك)، كما جاء في حديث معاذ بن جبل لما كان رديفه على حمار، وبعد ذلك بين له حق الله على العباد وحق العباد على الله عز وجل. وكلمة: (لبيك وسعديك) هي من الكلمات التي يجيب بها الإنسان بجواب حسن عندما ينادى ويدعى، وهي من الأدب في القول والأدب في الجواب عند النداء. و(لبيك) تعني: إجابة بعد إجابة، وأنه مجيب له ومستمر على ذلك. (وسعديك) أيضاً تعني: إسعاداً بعد إسعاد. (وأنا فداؤك) تعني: أنا أفديك بنفسي. هذا هو معنى هذه الكلمات التي أجاب بها أبو ذر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو من الجواب الحسن، وكان أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام كثيراً ما يقولون: (فداك أبي وأمي)، أو (بأبي أنت وأمي)، أي: أنت مفدى بأبي وأمي، وهذا من أدبهم مع الرسول صلى الله عليه وسلم ومحبتهم له عليه الصلاة والسلام. وكونهم يفدونه بأرواحهم وأنفسهم ويرخصون كل شيء في محبته؛ وذلك أن النعمة التي ساقها الله عز وجل للمسلمين على يديه هي أعظم وأجل نعمة، وهي أعظم من النعمة التي حصلت من الوالدين وهي الإحسان إلى الإنسان وتنشئته وتربيته؛ لأن نعمة الإسلام لا تماثلها نعمة ولا تعادلها نعمة، وقد جاء الله تعالى بها للمسلمين على يدي الرسول صلى الله عليه وسلم.
تراجم رجال إسناد حديث (يا أبا ذر! فقلت لبيك وسعديك يا رسول الله وأنا فداك)


قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ]. موسى بن إسماعيل التبوذكي البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا حماد ]. هو حماد بن سلمة بن دينار، وهو ثقة أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ ح وحدثنا مسلم ]. ح: هي للتحول من إسناد إلى إسناد، ومسلم هو ابن إبراهيم ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا هشام ]. هشام بن أبي عبد الله الدستوائي، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن حماد ]. حماد بن أبي سليمان صدوق أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [ يعنيان ابن أبي سليمان ]. يعني: أن شيخي شيخي أبي داود وهما حماد بن سلمة و هشام الدستوائي لم يزيدا على قولهما: حماد فأتى أبو داود أو من دون أبي داود بكلمة (يعنيان)، وكلمة (يعنيان) الفاعل فيها ألف المثنى التي ترجع إلى شيخي شيخي أبي داود وهما حماد بن سلمة و هشام الدستوائي. فكلمة (يعنيان) قائلها أبو داود أو من دون أبي داود ، وفاعلها ضمير متصل يرجع إلى شيخي شيخي أبي داود . [ عن زيد بن وهب ]. زيد بن وهب ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي ذر ]. هو جندب بن جنادة رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
حكم تفدية غير الرسول وإجابته غيره بـ( لبيك وسعديك )


يمكن أن يفدى غيره عليه الصلاة والسلام إذا كان له منزلة ومكانة، فالتفدية لا بأس بها، لكن التفدية بالأب والأم لا تناسب ولا تصلح إلا للرسول صلى الله عليه وسلم، فلا يفدي الإنسان بأبويه أحداً من الناس؛ لأن الأبوين لهما حق عليه، ولكن حصل ذلك للرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأن النعمة التي حصلت على يدي الرسول صلى الله عليه وسلم أعظم من النعمة التي حصلت على يدي الأبوين. وتفدية الرسول صلى الله عليه وسلم هي من تعظيمه عليه الصلاة والسلام وسلوك مسلك الأمم السابقة.. الصحابة سلف هذه الأمة، ومعلوم أنهم كانوا يقولون هذه الكلمة وآباؤهم غير موجودين، وإنما هذا كله لتعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم وبيان عظيم منزلته، فالصحابة كانوا يقولونها وآباؤهم وأمهاتهم قد ماتوا. أما لفظة: (لبيك وسعديك) فيمكن أن تقال في حق الله وفي حق الرسول صلى الله عليه وسلم وفي حق كل الناس. وسعديك تابعة للبيك ولا تأتي وحدها، فهي لفظ تابع للفظ ولا يأتي وحده مستقلاً بل يأتي تابعاً لغيره، فيمكن أن يقال هذا في الجواب الحسن عندما ينادى الإنسان، وأما جعلني الله فداك، فهي لا تصلح لكل أحد.

ما جاء في الرجل يقول أنعم الله بك عيناً



شرح حديث (كنا نقول في الجاهلية: أنعم الله بك عيناً وأنعم صباحاً)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الرجل يقول أنعم الله بك عيناً. حدثنا سلمة بن شبيب حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن قتادة أو غيره أن عمران بن حصين رضي الله عنهما قال: (كنا نقول في الجاهلية: أنعم الله بك عيناً، وأنعم صباحاً، فلما كان الإسلام نهينا عن ذلك) . قال عبد الرزاق : قال معمر : يكره أن يقول الرجل: أنعم الله بك عيناً، ولا بأس أن يقول: أنعم الله عينيك أو عينك ]. أورد أبو داود باباً في الرجل يقول: أنعم الله بك عيناً. وأورد فيه حديث عمران بن حصين رضي الله تعالى عنهما الذي فيه: أنهم كانوا في الجاهلية يقولون: أنعم الله بك عيناً، وأنعم صباحاً. وهذه من التحيات التي كانت في الجاهلية، فجاء الإسلام وصاروا يستعملون آداب الإسلام وأمروا بأن يأتوا بآداب الإسلام وبتحية الإسلام التي هي السلام، كما جاءت بذلك السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتركوا ما كانوا يستعملونه في الجاهلية، وقد نقل أبو داود هذا الأثر عن عمران بن حصين. قوله: [فلما كان الإسلام نهينا عن ذلك. قال عبد الرزاق : قال معمر : يكره أن يقول الرجل: أنعم الله بك عيناً، ولا بأس أن يقول: أنعم الله عينيك أو عينك ]. قوله: أقر الله عينك، هذه دعوة له، وأنعم الله بك عيناً دعوة لغيره، وأن تقر عين غيره به فإن المعنى يكون مستقيماً، ولكن كما هو معلوم تحية الإسلام يؤتى بها، وإذا أتي بهذا يقال: أقر الله عينك بكذا، يعني إذا أراد أن يدعو له بمناسبة أو بولد أو بشيء يسره وأما الأشياء التي كانت في الجاهلية فتركها والإتيان بما هو سائغ سواها هو المطلوب. والفرق بين أقر الله عينك وأنعم الله عينك وبين: أقر الله بك عيناً: أن الأخير معناه الدعاء لغيره، وأن تقر عين غير المخاطب، وأما أقر الله عينك فهو دعاء للمخاطب.

تراجم رجال إسناد حديث (كنا نقول في الجاهلية أنعم الله بك عيناً وأنعم صباحاً)

قوله: [ حدثنا سلمة بن شبيب ]. سلمة بن شبيب ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ حدثنا عبد الرزاق ]. عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا معمر ]. معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن قتادة أو غيره ]. هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، وقد شك هل هو عنه أو عن غيره. [ عن عمران بن حصين ]. وهو صحابي أخرج له أصحاب الكتب الستة. والحديث ضعيف؛ لأن فيه انقطاعاً بين قتادة وبين عمران بن حصين .

ما جاء في الرجل يقول للرجل حفظك الله


شرح حديث (... حفظك الله بما حفظت به نبيه)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الرجل يقول للرجل حفظك الله. حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن ثابت البناني عن عبد الله بن رباح الأنصاري قال: حدثنا أبو قتادة رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان في سفر له فعطشوا، فانطلق سرعان الناس، فلزمت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تلك الليلة، فقال: حفظك الله بما حفظت به نبيه) ]. أورد أبو داود باباً في الرجل يقول للرجل: حفظك الله، أي: يدعو له بأن يحفظه الله، وأورد فيه حديث أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في سفر فذهبوا يبحثون عن الماء وبقي أبو قتادة مع الرسول صلى الله عليه وسلم يحرسه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (حفظك الله بما حفظت به نبيه). يعني: أنه حصل منه الجلوس معي لحراسته، فدعا له بأن يحفظه الله جزاء حفظه رسوله صلى الله عليه وسلم، والجزاء من جنس العمل؛ لأن العمل حفظ الرسول صلى الله عليه وسلم وحراسته، والشيء الذي دعا له به أن يحفظه الله عز وجل.

تراجم رجال إسناد حديث (... حفظك الله بما حفظت به نبيه)


قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن ثابت البناني ]. ثابت البناني هو ثابت بن أسلم البناني، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن رباح الأنصاري ]. عبد الله بن رباح الأنصاري ثقة أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ حدثنا أبو قتادة ]. أبو قتادة الحارث بن ربعي رضي الله عنه، وهو صحابي أخرج له أصحاب الكتب الستة.
ما جاء في قيام الرجل للرجل


شرح حديث (من أحب أن يمثل له الرجال قياماً فليتبوأ مقعده من النار)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في قيام الرجل للرجل. حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن حبيب بن الشهيد عن أبي مجلز قال: خرج معاوية رضي الله عنه على ابن الزبير و ابن عامر رضي الله عنهم، فقام ابن عامر وجلس ابن الزبير ، فقال معاوية لابن عامر : اجلس فإني سمعت رسول صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (من أحب أن يمثل له الرجال قياماً فليتبوأ مقعده من النار) ]. أورد أبو داود باباً في قيام الرجل للرجل، وسبق أن مرت ترجمة بعنوان: باب القيام، وهي مطلقة، وهذه مقيدة بأنها قيام له، وهناك أورد تحتها القيام إليه، وذكرنا أن القيام له ثلاث حالات: الأولى: القيام له، والثانية: القيام إليه، والثالثة: القيام عليه. وذكرنا أن القيام إليه سائغ، بأن يكون قيامه إليه ليستقبله أو ليعانقه أو ليصافحه أو ليرافقه في الدخول، وكذلك القيام عليه إذا كان هناك حاجه تدعو إلى ذلك، كما حصل من المغيرة بن شعبة حين وقف على رأس الرسول صلى الله عليه وسلم في وقت كتابة صلح الحديبية بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبين كفار قريش، وهذا فيه إظهار احترام الإمام والحرص عليه وتوقيره. وأما القيام له احتراماً ثم يجلس فهذا لا يجوز. والذي جاء في حديث معاوية رضي الله عنه أنه لما دخل على ابن الزبير و ابن عامر قام ابن عامر ولم يقم ابن الزبير ، فمعاوية رضي الله عنه قال: اجلس، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من أحب أن يمثل له الرجال قياماً فليتبوأ مقعده من النار)، فهذا يدل على أنه لا يجوز القيام الذي هو مجرد قيام وجلوس للاحترام وليس قياماً إليه. والحديث يدل أيضاً على ما كان عليه أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم من بيان السنن والتحذير مما فيه مخالفة ولو كان في ذلك احترام للإنسان؛ لأن ابن عامر قام و ابن الزبير جلس، وأمر معاوية الذي قام أن يجلس، ثم ساق الحديث مع أن ابن عامر قام احتراماً له، لكنه لما كان مخالفاً للسنة لم يسكت على ذلك، بل أمره بأن يجلس. وفيه أيضاً إتباع القول بالدليل؛ لأن معاوية رضي الله عنه قال له: (اجلس) ثم ذكر له الدليل، الذي هو حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام يذكرون الحكم ودليله، وهذا فيه ذكر الحكم ودليله، الحكم الذي هو الجلوس، والدليل الذي هو: (من أحب أن يمثل له الرجال قياماً فليتبوأ مقعده من النار).
تراجم رجال إسناد حديث (من أحب أن يمثل له الرجال قياماً فليتبوأ مقعده من النار)


قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن حبيب بن الشهيد ]. حبيب بن الشهيد ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي مجلز ]. أبو مجلز هو لاحق بن حميد، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن معاوية ]. معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما أمير المؤمنين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث (... لا تقوموا كما تقوم الأعاجم يعظم بعضها بعضاً)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عبد الله بن نمير عن مسعر عن أبي العنبس عن أبي العدبس عن أبي مرزوق عن أبي غالب عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: (خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم متوكئاً على عصاً، فقمنا إليه، فقال: لا تقوموا كما تقوم الأعاجم يعظم بعضها بعضاً) ]. أورد أبو داود حديث أبي أمامة صدي بن عجلان الباهلي رضي الله عنه: (أن الرسول صلى الله عليه وسلم خرج عليهم وهو يتوكأ على عصاً فقاموا إليه، فقال: لا تقوموا كما تقوم الأعاجم يعظم بعضهم بعضاً). يعني: أنهم يقومون ويجلسون تعظيماً، وقد جاء في الحديث أنه لما حصل له السقوط من فرس، وجحش شقه، صلى وصلى الناس وراءه، وكانوا قياماً، فأشار إليهم أن اجلسوا فجلسوا، ثم قال عليه الصلاة والسلام لما فرغ من الصلاة: (كدتم أن تفعلوا فعل فارس والروم، يقومون على رأس ملوكهم وهم جلوس).
تراجم رجال إسناد حديث (... لا تقوموا كما تقوم الأعاجم يعظم بعضها بعضاً)


قوله: [ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ]. أبو بكر بن أبي شيبة ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ حدثنا عبد الله بن نمير ]. عبد الله بن نمير ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن مسعر ]. مسعر بن كدام، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي العنبس ]. أبو العنبس مقبول أخرج له أبو داود . [ عن أبي العدبس ]. أبو العدبس مجهول، أخرج له أبو داود و ابن ماجة . [ عن أبي مرزوق ]. أبو مرزوق لين أخرج له أبو داود و ابن ماجة . [ عن أبي غالب ]. أبو غالب صدوق يخطئ أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن. [ عن أبي أمامة ]. أبو أمامة صدي بن عجلان الباهلي رضي الله عنه صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. وهذا الإسناد أكثره بالكنى، وليس فيه إلا ابن نمير و مسعر بن كدام والباقون كلهم مذكورون بكناهم، وثلاثة من الرواة متوالون فيهم كلام؛ فيهم المقبول والمجهول واللين، فهو غير ثابت.
الكلام على أحاديث القيام للرجل


أما ما يتعلق بكون الأعاجم يقومون على رءوس ملوكهم وهم جلوس فإن هذا ثابت في الحديث الصحيح: (كدتم أن تفعلوا فعل فارس والروم يقومون على ملوكهم وهم جلوس) وأما الحديث الذي بين أيدينا فهو بهذا الإسناد فيه هؤلاء الثلاثة، ولكن هذا الذي قاله الرسول صلى الله عليه وسلم فيه مخالفة الفرس والروم ولا يعارض قصة وقوف المغيرة بن شعبة على رأس الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأن ذلك ليس دائماً وأبداً، وإنما هو في حالة مجيء الكفار وإظهار احتفاء المسلمين بالنبي صلى الله عليه وسلم، فيكون مستثنى من الذي أنكره الرسول في الحديث الصحيح الذي جاء في الصلاة وقال: (لقد كدتم أن تفعلوا فعل فارس والروم، يقومون على رأس ملوكهم وهم جلوس)، لأن فيه إظهار الاحترام والتوقير للإمام أمام الكفار الذين يأتون لأمر ما ويلتقون بالإمام. أحياناً يكون القيام للرجل لمعانقته ومصافحته وذلك عند وصول الرجل إلى مكانه أو يكون القيام عند دخوله، وقد يكون الجمع كبيراً؛ فإذا دخل أول المجلس قام الجميع، فإذا كان سيلتقي به أو يستقبله ويتحرك من مكانه لاستقباله فلا بأس، أو كان الناس يقومون ويتحركون من أماكنهم، أو كان يمشي ويدور عليهم وهم واقفون فلا بأس أيضاً؛ لأنه قيام للمصافحة.

ما جاء في الرجل يقول فلان يقرئك السلام


شرح حديث (... إن أبي يقرئك السلام ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الرجل يقول فلان يقرئك السلام. حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا إسماعيل عن غالب قال: إنا لجلوس بباب الحسن إذ جاء رجل فقال: حدثني أبي عن جدي قال: (بعثني أبي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: ائته فأقرئه السلام، قال: فأتيته فقلت: إن أبي يقرئك السلام، قال: عليك وعلى أبيك السلام) ]. أورد أبو داود باباً في قول الرجل: فلان يقرئك السلام، أي: أن نقل السلام أو تحميل السلام من إنسان وإيصاله إلى إنسان سائغ، وأن المرسل إليه السلام يقول: عليك وعليه السلام، أو يقول: عليه السلام، ولكن كونه يجمع بينهما هذا هو الأولى، لأن ذلك مرسل السلام وهذا مبلغ السلام فكلهم يرد عليهم السلام فيقول: عليك وعليه السلام. أورد أبو داود حديث رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم غير معروف، وأنه أرسل ابنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له: (قل له إن أبي يقرئك السلام، فلما ذهب إليه وقال: إن أبي يقرئك السلام، قال: عليك وعلى أبيك السلام)، والحديث في إسناده ضعف؛ لأن فيه رجلاً مبهماً، وهو ابن ابن المرسَل، وأما الابن المرسَل فهو الصحابي الذي ذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
تراجم رجال إسناد حديث ( ...إن أبي يقرئك السلام ...)


قوله: [ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا إسماعيل ]. إسماعيل هو إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم المشهور بابن علية ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن غالب ]. غالب بن خطاف صدوق أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن رجل ]. لم أقف عليه.
شرح حديث (إن جبريل يقرأ عليك السلام ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن زكريا عن الشعبي عن أبي سلمة أن عائشة رضي الله عنها حدثته أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لها: (إن جبريل يقرأ عليك السلام، فقالت: وعليه السلام ورحمة الله) ]. أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها في كون النبي صلى الله عليه وسلم أخبرها بأن جبريل يقرئها السلام، فأخبرها رسول الله عليه الصلاة والسلام، فقالت: وعليه السلام ورحمة الله، وهذا فيه الدليل على أنه يمكن أن يقول الذي أبلغ السلام: وعليه السلام، وإن أتى بعليك وعليه السلام فلا شك أن هذا فيه دعاء للاثنين: المبلغ والذي بلغ عنه.
تراجم رجال إسناد حديث ( إن جبريل يقرأ عليك السلام ...)


قوله: [ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة عن عبد الرحيم بن سليمان ]. عبد الرحيم بن سليمان ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن زكريا ]. زكريا بن أبي زائدة ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الشعبي ]. عامر بن شراحيل الشعبي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي سلمة ]. أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أن عائشة رضي الله عنها]. هي أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ما جاء في الرجل ينادي الرجل فيقول: لبيك



شرح حديث ( ... لبيك وسعديك وأنا فداؤك ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الرجل ينادي الرجل فيقول: لبيك. حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد أخبرنا يعلى بن عطاء عن أبي همام عبد الله بن يسار أن أبا عبد الرحمن الفهري رضي الله عنه قال: (شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حنيناً فسرنا في يوم قائظ شديد الحر، فنزلنا تحت ظل الشجرة، فلما زالت الشمس لبست لأمتي وركبت فرسي، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو في فسطاطه، فقلت: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته قد حان الرواح؟ قال: أجل! ثم قال: يا بلال قم، فثار من تحت سمرة كأن ظله ظل طائر، فقال: لبيك وسعديك وأنا فداؤك، فقال: أسرج لي الفرس، فأخرج سرجاً دفتاه من ليف ليس فيه أشر ولا بطر، فركب وركبنا) وساق الحديث. قال أبو داود : أبو عبد الرحمن الفهري ليس له إلا هذا الحديث، وهو حديث نبيل جاء به حماد بن سلمة ]. أورد أبو داود باباً في الرجل ينادي الرجل فيقول: لبيك، يعني أنه يجيب إذا نودي وقيل له: يا فلان، فيقول لبيك، وقد سبق مثل هذا في باب قول الرجل: جعلني الله فداءك، وهو بمعنى ذاك الحديث المتقدم، في أنه يأتي بقول: لبيك وسعديك، وجعلني الله فداك، أو وأنا فداؤك. وأورده أبو داود من أجل اشتماله على هذا الجواب، ومن أجل الإجابة على النداء بقوله: لبيك. فإذاً: لبيك وسعديك، وجعلني الله فداك، أو أنا فداؤك. يجاب بها أو ببعضها عند النداء، وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون: لبيك وسعديك، وفي هذا الحديث والذي قبله أنه قال: وجعلني الله فداءك. قال: (شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حنيناً فسرنا في يوم قائظ شديد الحر، فنزلنا تحت ظل الشجرة، فلما زالت الشمس لبست لأمتي وركبت فرسي) ]. هذا أبو عبد الرحمن الفهري يحكي أنهم كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة حنين، وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان في ظل شجرة، وأنه جاء إليه وقد لبس لأمته وركب فرسه، وقال: يا رسول الله الرواح، يعني: الانتقال، والرواح هو الذهاب؛ لأن الغدو يكون في أول النهار والرواح يكون في آخر النهار بعد منتصفه، أي بعد الزوال. فقال: أجل! ثم دعا بلالاً وكان بلال تحت شجرة، فقام مسرعاً كأن ظله ظل طائر، قيل معناه بأنه ضعيف، وقيل: كان تحت ظل شجرة ظلها قليل غير ظليل فقد كان شيئاً يسيراً يكفي طائراً يستظل به، ومعنى ذلك أن الظل الذي كان يستظل به بلال يسير جداً كظل يستظل به طائر. مبالغة في قلته. (فقال: لبيك وسعديك وأنا فداؤك، فقال: أسرج لي الفرس، فأخرج سرجاً دفتاه من ليف) . (أسرج لي الفرس)، يعني: اجعل السرج عليه، والسرج هو الغطاء الذي يكون على ظهر الفرس يركب عليه الراكب بدلاً من أن يكون راكباً على الفرس وهو عري ليس عليه سرج. (دفتاه من ليف). يعني حاشيتاه وطرفاه من ليف، والليف هو ليف النخل. (ليس فيه أشر ولا بطر). يعني: ليس فيه تكبر أو ليس فيه مبالغة كما يحصل من المتكبرين، ولكن ليس معنى ذلك أن كل من يكون غير ذلك فهو متكبر، لكن من شأن أهل التكبر التفاخر والظهور بمظهر فيه غلو ومبالغة.

ابوالوليد المسلم 05-07-2025 06:45 PM

رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله
 


تراجم رجال إسناد حديث (.. لبيك وسعديك وأنا فداؤك ..)


قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد أخبرنا يعلى بن عطاء ]. يعلى بن عطاء ثقة أخرج له البخاري في جزء القراءة و مسلم وأصحاب السنن. [ عن أبي همام عبد الله بن يسار ]. أبو همام عبد الله بن يسار مجهول أخرج له أبو داود و النسائي في مسند علي . [ أن أبا عبد الرحمن الفهري ]. أبو عبد الرحمن الفهري رضي الله عنه صحابي أخرج له أبو داود . وهذا الحديث فيه ضعف. وكذلك إسناد حديث: (جعلني الله فداك) موسى بن إسماعيل عن حماد فيه حماد بن أبي سليمان . يعني: ذلك يشهد لهذا من ناحية الإجابة، (لبيك وسعديك وأنا فداؤك). [ قال أبو داود : أبو عبد الرحمن الفهري ليس له إلا هذا الحديث، وهو حديث نبيل جاء به حماد بن سلمة ]. المقصود أن يعلى بن عطاء جاء بحديث. وجاء به حماد بن سلمة يرويه عنه، فالنبل وصف للرجل وهو يعلى بن عطاء، مثل أبي عاصم النبيل .

ما جاء في الرجل يقول للرجل أضحك الله سنك



شرح حديث (أضحك الله سنك)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الرجل يقول للرجل أضحك الله سنك. حدثنا عيسى بن إبراهيم البركي وسمعته من أبي الوليد الطيالسي وأنا لحديث عيسى أضبط، قال: حدثنا عبد القاهر بن السري -يعني: السلمي - حدثنا ابن كنانة بن عباس بن مرداس عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال: (ضحك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال له أبو بكر أو عمر رضي الله عنهما: أضحك الله سنك) وساق الحديث ]. أورد أبو داود باب قول الرجل للرجل أضحك الله سنك. يعني: عندما يضحك يقال له ذلك، وهذا كلام يخاطب به من ضحك عندما يراد أن يدعى له. أورد أبو داود حديث عباس بن مرداس (أنه ضحك رسول صلى الله عليه وسلم فقال له أبو بكر أو عمر :أضحك الله سنك) ]. والحديث في إسناده ضعف، ولكن هذا الدعاء جاء في بعض الأحاديث الصحيحة مثل حديث عمر المشهور: (لما جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وعنده نسوة من قريش مرتفعة أصواتهن فلما سلم حصل خفضهن لأصواتهن، فدخل عمر فرأى الرسول الله يضحك، فقال: أضحك الله سنك، قال: أضحك لهؤلاء النسوة كن كذا وكذا فلما سمعن صوتك خفضن أصواتهن، فقال: يا عدوات أنفسهن! تهبنني ولا تهبن رسول الله صلى الله عليه وسلم) والحديث صحيح. فقوله: (أضحك الله سنك) هذه ثابتة، فقد قالها عمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما هذا الحديث ففي إسناده ضعف، ولكن معناه ثابت في حديث آخر وهو الذي أشرت إليه.

تراجم رجال إسناد حديث (أضحك الله سنك)


قوله: [حدثنا عيسى بن إبراهيم البركي ]. عيسى بن إبراهيم البركي صدوق ربما وهم أخرج له أبو داود . [ قال: وسمعته من أبي الوليد الطيالسي ]. أبو الوليد هذا شيخ آخر لأبي داود وقال: وأنا لحديث عيسى أضبط يعني: أشد إتقاناً. و أبو الوليد الطيالسي هو هشام بن عبد الملك، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثنا عبد القاهر بن السري -يعني السلمي - ]. عبد القاهر بن السري مقبول، أخرج له أبو داود و ابن ماجة . [حدثنا ابن كنانة بن عباس بن مرداس ]. ابن كنانة بن عباس بن مرداس هو عبد الله وهو مجهول، أخرج له أبو داود و ابن ماجة . [ عن أبيه ]. مجهول، أخرج له أبو داود و ابن ماجة . [ عن جده ]. وهو صحابي أخرج له أبو داود و ابن ماجة . ففي السند مجهولان ومقبول، والحديث كما ذكرت معناه ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الأسئلة



حكم إقراء السلام


السؤال: ما حكم إقراء السلام؟ الجواب: إقراء السلام سائغ، كما جاء في حديث عائشة.

حكم من يُحمل السلام


السؤال: ما حكم من يُحمل السلام؟ الجواب: إذا حمل يتحمل ويبلغ. لكن من الأشياء التي ينبغي أن ينبه عليها بالنسبة لتحميل السلام: ما يفعله بعض الناس إذا كان قادماً إلى المدينة حيث يوصيه من يوصيه فيقول: أبلغ سلامي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، فإن مثل ذلك لا نعلم له أصلاً ثابتاً يعتمد عليه، ولكن الذي ينبغي للإنسان عندما يحمل السلام أو يطلب منه إبلاغ السلام إلى الرسول صلى الله عليه وسلم أن ينبهه إلى ما وردت به السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو أن يكثر من الصلاة والسلام على رسول الله عليه الصلاة والسلام، والملائكة تبلغه؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (إن لله ملائكة سياحين يبلغوني عن أمتي السلام)، وقال عليه الصلاة والسلام: (لا تجعلوا بيوتكم قبوراً، ولا تتخذوا قبري عيداً، وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم)، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ قبره عيداً، وهو التردد والتكرار للصلاة والسلام عليه، وقد أرشد إلى ما يقوم مقام ذلك بقوله: (وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني) أي: بواسطة الملائكة حيث كنتم، كما بين ذلك الحديث الذي أشرت إليه: (إن لله ملائكة سياحين يبلغوني عن أمتي السلام).

تبيين المبهم في حديث (إن أبي يقرئك السلام)


السؤال: في الحديث الأول: إنا لجلوس بباب الحسن إذا جاء رجل فقال: حدثني أبي عن جدي قال بعثني أبي، هل هو رجل أو رجلان؟ الجواب: الرجل المبهم هو هذا الذي يخبر عن أبيه، وأبوه هو الشخص المرسل، وجدُّ الرجل المبهم هو من أرسل أبا الرجل المبهم، والرجل المبهم صحابي وأبو المبهم كذلك؛ لأنه قال: أرسلني أبي. والجد الذي أرسله لا دخل له في الرواية، إذ الجد المبهم هو الذي أرسل إلى الرسول؛ إذاً: المسألة فيها شخصان مبهمان: الأب والجد. وقد حسن الشيخ الألباني هذا الحديث للشواهد، وما بعده هو شاهد له.

الفرق بين تحية الأموات ورد السلام على حامله


السؤال: مر بنا أنه لا يجوز أن يقال: عليك السلام؛ لأنها تحية الموتى؟ الجواب: هذا لا يتنافى؛ لأن (عليك وعليه السلام جواب)، وليس ابتداء سلام، فإذاً: لا إشكال، الإشكال فيما إذا بدأ المسلم يقول: عليك السلام.


حكم من تحمل السلام ولم يبلغه عمداً


السؤال: ما حكم من تحمل السلام ولم يبلغه عمداً؟ الجواب: ينبغي له أن يقول: قد لا يتيسر لي، أو يعتذر بعذر يجعل صاحبه يبحث عن آخر، وأما إذا تعمد الكذب عليه، وأوهمه بأنه سيبلغ ولا يحتاج إلى أن يبحث عن شخص آخر فلا، والأولى أن يعتذر بجواب حسن إذا كان لا يريد أن يبلغ ويقول: أنا قد لا يتيسر لي ذلك، قد لا يتيسر لي أن ألقاه، أو أخشى أنني أنسى، فيعتذر إليه بعذر مناسب ولا يترك الأمر بدون أن يعطي الذي حمله جواباً يجعله يحرص على أن يحمل غيره.

حكم رد السلام على المرسل والمبلغ به


السؤال: نقل صاحب العون عن الحافظ في فتح الباري، قال: ولم أر في شيء من طرق حديث عائشة أنها ردت على النبي صلى الله عليه وسلم، فدل على أنه -أي: الرد على المبلغ- غير واجب، فما معنى ذلك؟ الجواب: أي أن عائشة اكتفت بقولها: (وعليه السلام ورحمه الله) ورد السلام واجب كما هو معلوم، لكن الرد هو على المسلم، والمسلم هو الأصل الذي أرسل السلام، فإذاً: ما دام أنه لم يأت في هذا الحديث أو في طرق أخرى له أن عائشة قالت: عليك وعليه السلام، فمعناه: أن الرد على المبلغ ليس بواجب؛ لأنها لما اكتفت بعليه السلام فمعناه: أن الرد على المسلم الذي أرسل السلام واجب، ومن بلغه لم يحصل له رد في حديث عائشة فليس بواجب؛ لأنه لو كان واجباً لما تركت عائشة إضافة ذلك إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، والرسول صلى الله عليه وسلم كان أيضاً سيعلمها بأن تقول: عليك وعليه السلام. هذا هو معنى كلام الحافظ .


حكم الانحناء لتقبيل اليد أو السلام


السؤال: عندنا عادة قديمة هي: حينما تأتي العروس تنحني وتقبل أيدي النساء احتراماً لهن، فما الحكم؟ الجواب: الانحناء سواء كان من الرجال أو النساء لا يجوز، كما جاء في الحديث: (أينحني له؟ قال: لا)، لكن إذا كن جالسات وهي انحنت لأنها تسلم عليهن وهن جالسات فهذا شيء آخر، وأما كونها تأتي وتنحني وهن واقفات، ولم يكن هناك أمر يقتضي الانحناء، فهذا هو الذي لا يسوغ.


حكم تفدية الرجل السيئ


السؤال: ما حكم من يقول لرجل سيئ: أفديك، كأن يقول: بالروح بالدم أفديك يا فلان؟ الجواب: مثل هذا الكلام لا يستقيم، وقد يكون الفادي من جنس المفدى.

حكم قول (زارتنا البركة) لمن زاره ضيف


السؤال: هل يجوز قول: زارتنا البركة، إذا قدم عليك الضيف؟ الجواب: لا بأس بذلك، ولعله دعاء بأن تزورنا البركة، وليس إخباراً.


حكم الألفاظ العامة المشتملة على الدعاء


السؤال: هل: أنعم الله بك عيناً، مثل الألفاظ الجارية المنتشرة: صباح الخير، صباح النور، مساء الخير، مساء النور؟ الجواب: ليس مثل هذا؛ لأن صبحك الله بالخير دعاء، ولا بأس بذلك، ومثل أقر الله عينيك لا بأس بها.

حكم من قال (عاش من شافك)


السؤال: هل يلحق بأنعم الله بك عيناً ما يذكر في بلادنا إذا رآه يقول: (عاش من شافك)؟ الجواب: هذا يدعو لنفسه وما دعا للمخاطب، ومثل هذا غير مستقيم.

الفرق بين الرعاية والحفظ

السؤال: ما الفرق بين حفظك الله ورعاك الله؟ الجواب: الرعاية قد تكون أعم من الحفظ.

الفرق بين التفدية بالنفس والتفدية بالأب والأم

السؤال: أشكل علينا أنكم قلتم: التفدية بالأب والأم لا تليق إلا بالنبي صلى الله عليه وسلم، وقلتم بأن قول الرجل: جعلني الله فداك لمن له مقام رفيع يجوز، ونعلم أن الفداء بالأنفس أعظم من الفداء بالأب والأم، فأفيدونا؟ الجواب: الإنسان يفدي بنفسه؛ ولا يرخص أباه وأمه وكونه يهون من شأن نفسه أهون من تهوينه من شأن أبويه.

حكم القيام للنشيد الوطني

السؤال: في بلادنا إذا أنشد النشيد الوطني فواجب على كل من سمعه أن يقوم له، فهل في هذا محظور؟ الجواب: أي نعم فيه محذور، وهو شيء محظور.

حكم القيام للداخل لإجلاسه في المكان


السؤال: إذا قام الرجل ليعطيه مكانه فهل هذا يجوز؟ الجواب: جاء في الحديث: (ولكن تفسحوا)، وكان ابن عمر رضي الله عنه إذا قام أحد له لا يجلس مكانه، ولكن يفسح له كما هو صنيع الرسول صلى الله عليه وسلم فيحصل المقصود بدون مخالفة، وإذا كان الرجل كبيراً والجالس صغيراً وأراد أن يظهر له براً والأماكن غير كافية؛ فلا شك أن من توقير الكبير أن يجلس، فالصغير أهون من الكبير في مثل ذلك.


توجيه قول النبي لسعد (ارم فداك أبي وأمي)

السؤال: جاء في قول النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص : (ارم فداك أبي وأمي)، فكيف يوجه؟ الجواب: هذا الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (فداك أبي وأمي) لسعد ، وأبوه وأمه ليسا مسلمين، وهذه من الأمور التي كانوا اعتادوها وألفوها، لكن الإنسان لا يخص أبويه عند أحد من الناس فيقول: أبي وأمي فداء لك، وإنما يجعل نفسه فداء له إذا أراد، وأما كونه يرخص أبويه فلا؛ لأن لهما عليه فضل الولادة والإحسان والتربية والتنشئة، فلا يرخصهما لأحد من الناس، ولا أدري هل جاء عن أحد من السلف أنهم كانوا يقولون لبعضهم مثل هذا الكلام؟

حكم قول (الله يسلمك ويسلمه) لمبلغ السلام


السؤال: في بلادنا عادة وهي: إذا قيل: إن فلاناً يسلم عليك. يرد المسلَّم عليه بقوله: الله يسلمك ويسلمه؟ الجواب: هذا ليس مطابقاً للسنة، وإنما يقول: عليك وعليه السلام، وإن كان: الله يسلمك ويسلمه دعاء له بالسلامة، ولكن (عليك وعليه السلام) هي السنة، والإنسان يأتي بالوارد أفضل.

حكم التوكؤ على العصا


السؤال: ما حكم التوكؤ على العصا وهل هو سنة؟ الجواب: إذا كان لحاجة يتوكأ عليها، وأما إذا كان لغير الحاجة فلا حاجة إلى ذلك.

حكم رد السلام على حامله


السؤال: بالنسبة لحديث عائشة رضي الله عنها أنها لما ردت السلام على جبريل: وعليه السلام، ولم تقل: وعليك، أليس لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان حاضراً عندها فلذلك لم تحتج لأن تقول (وعليك) بخلاف الذي جاء يبلغ السلام، فإنه كان غائباً عن المسلم عليه؟ الجواب: لا. قد يكون الجالس قد جلس مع شخص آخر، ثم يقول له بعد أن يتذكر: فلان يقرئك السلام. فلا فرق بين من يبلغ السلام سواء كان داخلاً أو جالساً من قبل.

حكم القيام للسلام على الذمي

السؤال: هل يجوز القيام للسلام على ذمي؟ الجواب: الذمي لا يستحق الاحترام والتوقير ولا يبدأ بالسلام، ولكنه إذا مد يده يمكن أن تمد يدك، وأما كونك تقوم من أجل أن تسلم عليه، فلا تسلم عليه ولا تصافحه ولا تبدأه بالسلام، ولكن إذا سلم عليك فرد عليه، وإن مد يده مد يدك.

حكم القيام لمصافحة الداخل


السؤال: سمعنا أنه إذا دخل رجل ويريد المصافحة أن يبقى الجالس على مكانه ويصافح وهو في مكانه من غير قيام، وأن هذا أفضل من القيام له؟ الجواب: القيام إليه لا بأس به، فأن يقوم إليه ليصافحه أو يعانقه وهو قائم أحسن من أن يعانقه وهو جالس، ويكون مساوياً له.

حكم تقبيل يد غير ذوات المحارم


السؤال: ما حكم تقبيل يد العجائز من كبار السن من غير ذوات المحارم؟ الجواب: ليس للإنسان أن يقبل غير ذوات المحارم، لا عجائز ولا غير عجائز، فلا مصافحة ولا تقبيل للأجنبيات.

حكم الانحناء الزائد عن الحاجة للاحترام


السؤال: عندنا أن المرأة إذا جاءت لتقديم الماء للرجل تنحني أو تهوي بركبتيها احتراماً له، فهل ذلك جائز؟ الجواب: لا يجوز فعل شيء غير الأمر الذي يقتضيه الانحناء في طبيعة الإنسان، فعندما تناول من كان جالساً لا يجوز أن تعمل شيئاً زائداً عن الحاجة من أجل الاحترام، وهذا داخل في الانحناء الممنوع، وأما الانحناء الذي يقتضيه وضع الإنسان القائم على الجالس فهو شيء طبيعي وجبلي.

حكم تخصيص زيارة القبور في أيام معينة


السؤال: هل تسن زيارة أحد كل خميس والبقيع يوم الجمعة؟ الجواب: لا يوجد ما يدل على تخصيص أيام معلومة بالزيارة للقبور، لا خميس ولا جمعة ولا أي يوم آخر.

صحة حديث (الدنيا ملعونة...)


السؤال: ما حال حديث: (الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله) ؟ الجواب: هذا حديث صحيح.

صحة حديث (الدعاء هو العبادة)

السؤال: أي اللفظين صحيح: (الدعاء مخ العبادة)، أو (الدعاء هو العبادة) ؟ الجواب: (الدعاء هو العبادة)وأما (الدعاء مخ العبادة) فضعيف.

حكم الدعاء بصيغة كثر الله من أمثالك


السؤال: ما حكم الدعاء بصيغة: كثر الله من أمثالك؟ الجواب: يبدو أنه لا بأس به إذا كان طيباً ويدعى أن يكثر من أمثاله الطيبين. فهذا شيء طيب.

حكم قول هذا من بركاتك

السؤال: هل يجوز أن يقول الرجل للرجل: هذا من بركاتك؟ الجواب: الأولى ألا يقال ذلك.

تفضيل الرسول لأحد أصحابه في علم من الشريعة لا يدل على أن الصواب معه دائماً


السؤال: إذا صرح النبي صلى الله عليه وسلم بتفضيل أحد الصحابة في علم ما، فهل هذا دليل على اعتبار قوله إذا خولف في مسألة من هذا العلم، كقوله صلى الله عليه وسلم: (أفرضكم زيد)؟ الجواب: لا أعرف عن ثبوت هذا الحديث شيئاً، وهذا الحديث مشهور، لكن هل هو ثابت أو غير ثابت لا أدري، لكن لا يعني ذلك أن يكون الصواب معه في كل شيء؛ لأن الإنسان قد يكون متمكناً كثيراً، لكن لا يعني ذلك أن يكون الصواب معه في كل شيء.

عدم محرمية أم زوجة أبيه


السؤال: أم زوجة أبي هل هي محرم لي؟ الجواب: أم زوجة أبيك محرم لأبيك، وأما أنت فإنك أجنبي عنها. وللإنسان أن يتزوج أم زوجة أبيه، ويصير عنده الكبيرة وأبوه عنده الصغيرة.

جواز تفدية الرسول بالآباء والأمهات


السؤال: في الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب وقال: (إن عبداً خيره الله بين أن يؤتيه من الدنيا وبين ما عنده فاختار ما عنده، فبكى أبو بكر وقال: فديناك بآبائنا وأمهاتنا) وهذا كان بعد إسلام أبي قحافة فإنه خطب بهذه الخطبة قبيل وفاته صلى الله عليه وسلم بقليل؟ الجواب: التفدية بالأبوين للرسول صلى الله عليه وسلم ليس فيها إشكال، فإن الرسول يفدى بالآباء والأمهات؛ لأن النعمة التي ساقها الله على يديه أعظم من النعمة التي سيقت على أيدي الآباء والأمهات، ولهذا يجب أن تكون محبته فوق محبة الأب والأم، (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين) وليست القضية أنهما إذا كانا كافرين يفدى بهما، وإذا كانا مسلمين لا يفدى بهما بالنسبة للرسول صلى الله عليه وسلم، وذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم يفدى بالآباء والأمهات مطلقاً.

حكم نهي الداخل القائمين للسلام عليه عن القيام


السؤال: الداخل على مجلس هل الأولى له أن يقول: امكثوا مكانكم ولا تقوموا أم لا؟ الجواب: لا بأس إذا قال ذلك حتى لا يكلفهم ولا يتعبون، ولا يحتاج الأمر إلى أن يقوموا لمصافحته.

حكم قول (سلم على كل من لقيت والسلام قبل الكلام)


السؤال: فائدتان: الفائدة الأولى: بعض الناس اليوم يقول للمسافر: سلم على الذي تراه، فالشيخ ابن عثيمين رحمه الله يقول: هذا قد يوقع الرجل في الحرج، فينبغي أن يقول له: سلم على من يسأل عنا. حتى لا يوقع أخاه في الحرج؟ الجواب: لا شك أن قوله لكل من لقي: فلان يسلم عليك، سواء كان يعرفه أم لا يعرفه، فيه حرج، ولكن من يسأل إذا قال: كيف حال فلان؟ يقال: طيب يسلم عليك. فهذا طيب لا بأس به، وهذا كلام صحيح. الفائدة الثانية: قبل أيام سئلتم عن السلام قبل الكلام، وهو حديث رواه الترمذي برقم (2170) عن جابر رضي الله عنه مرفوعاً، وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود وفي الصحيحة رقم (816).

حالات القيام

السؤال: نرجو أن تعيدوا حالات القيام الثلاثة؟ الجواب: الحالات الثلاث هي: قيام للرجل معدى باللام، وقيام إليه معدى بـ: إلى، وقيام عليه معدى بـ: على. فالقيام له هو الذي جاء في حديث معاوية الذي مر: (من أحب أن يمثل له الرجال قياماً فليتبوأ مقعده من النار)، وهو قيام وجلوس فقط. وأما القيام إليه فلما جاء في حديث: (قوموا إلى سيدكم)، وقيام الرسول صلى الله عليه وسلم لفاطمة وقيام فاطمة إليه. وكذلك القيام عليه جاء فيه قيام المغيرة بن شعبة على رأسه وهو جالس عندما جاء الكفار للصلح مع الرسول صلى الله عليه وسلم عام الحديبية: هذه ثلاث حالات: قيام له. وهو غير سائغ، وقيام إليه. وهذا سائغ، وقيام عليه. يسوغ في بعض الأحيان ولا يسوغ في بعض الأحيان، فيسوغ في مثل الحالة التي جاءت عن الرسول صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية، ولا يسوغ في غير ذلك، لقوله صلى الله عليه وسلم: (كدتم أن تفعلوا فعل فارس والروم، يقومون على رءوس ملوكهم وهم جلوس) ]."





الساعة الآن : 07:27 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 268.78 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 268.28 كيلو بايت... تم توفير 0.50 كيلو بايت...بمعدل (0.19%)]