رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله
شرح سنن أبي داود (عبد المحسن العباد) كتاب الإمارة شرح سنن أبي داود [574] الحلقة (604) شرح سنن أبي داود [574] قد جاءت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ترشدنا إلى ما ينبغي على المسلم من تأدبة أذكار يقولها عند النوم، والحث على آداب وسنن يعملها المسلم عند نومه، وذلك أن النوم موت أصغر، فيكون آخر عهده من الدنيا إن توفاه الله في منامه أن يموت على طهارة وذكر الله عز وجل. تابع ما يقال عند النوم شرح حديث (أن رسول الله كان إذا أوى إلى فراشه قال: الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا ...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا أوى إلى فراشه قال: الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وكفانا وآوانا، فكم ممن لا كافي له ولا مؤوي) ]. أورد أبو داود حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا أوى إلى فراشه قال: (الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وكفانا وآوانا، فكم ممن لا كافي له ولا مؤوي). يعني: الحمد لله الذي رزقنا الطعام ومكننا من استعماله وجعلنا نستفيد منه. قوله: [ (وسقانا) ] يعني: أنزل علينا الماء من السماء وأنبعه من الأرض فيكون بذلك حصول طعامنا وشرابنا. قوله: [ (وكفانا) ] أي: من كل شر. قوله: [ (وآوانا) ] يعني: هيأ لنا المساكن التي نستكن بها من الحر ومن البرد ونأوي إليها، وكل هذه نعم من الله عز وجل، فهو وحده الذي تفضل بها، وهو الذي جاد بها، وهو المنعم المتفضل بكل نعمة. قوله: [ (فكم ممن لا كافي له ولا مؤوي) ] يعني: كثير من الناس لا يحصل لهم هذا الشيء ويحرمون هذه النعمة، ونحن قد أنعم الله علينا بها، وتفضل بها علينا، فنحن نشكر الله عز وجل على ذلك ونثني عليه ونعظمه. تراجم رجال إسناد حديث (أن رسول الله كان إذا أوى إلى فراشه قال: الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا ...) قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي ، وإلا النسائي فقد أخرج له في عمل اليوم والليلة. [ حدثنا يزيد بن هارون ]. هو يزيد بن هارون الواسطي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا حماد بن سلمة ]. حماد بن سلمة وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن ثابت ]. هو ثابت بن أسلم البناني وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أنس ]. هو أنس بن مالك رضي الله عنه خادم رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. شرح حديث (أن رسول الله كان إذا أخذ مضجعه من الليل قال: باسم الله وضعت جنبي ...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا جعفر بن مسافر التنيسي حدثنا يحيى بن حسان حدثنا يحيى بن حمزة عن ثور عن خالد بن معدان عن أبي الأزهر الأنماري رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أخذ مضجعه من الليل قال: باسم الله وضعت جنبي، اللهم اغفر لي ذنبي، وأخسئ شيطاني، وفك رهاني، واجعلني في الندي الأعلى) ]. أورد أبو داود حديث أبي الأزهر الأنماري رضي الله تعالى عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أخذ مضجعه من الليل قال: باسم الله وضعت جنبي). يعني: إذا بدأ بالنوم وضع جنبه، وقد ورد في الحديث أنه كان ينام على شقه الأيمن ويقول: (باسم الله وضعت جنبي). قوله: [ (اللهم اغفر لي ذنبي) ]. يعني: أنه يسأل الله عز وجل المغفرة للذنوب. قوله: [ (وأخسئ شيطاني) ] . يعني: اجعله خاسئاً. والمقصود من ذلك الشياطين الذي يريدون إيذاءه أنهم يخسئون ويندحرون، وقيل: إن المقصود به القرين من الجن، ولكن قد جاء في الحديث أنه أسلم فكان لا يأمره إلا بالخير كما في صحيح مسلم حيث قال: (ما منكم من أحد إلا وله قرين من الجن وقرين من الملائكة، قالوا: وأنت يا رسول الله، قال: وأنا إلا أن الله أعانني عليه فأسلم، فلا يأمرني إلا بخير)، فيكون المقصود من ذلك الشيطان الذي يريد أن يؤذيه، مثل الشيطان الذي جاء إليه وهو يصلي فأمسكه وقال: (لولا دعوة أخي سليمان: قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي [ص:35] لربطته حتى يلعب به الأطفال) أو كما جاء في الحديث. قوله: [ (وفك رهاني) ]. المقصود بالرهان الدين سواء كان ديناً لله عز وجل أو للآدميين، فكل هذا يجري فيه الرهان، والنفس مرتهنة بالأعمال، فإن كانت حسنة فإنها تسلم، وإن كانت غير ذلك فإنه تحصل لها ما يحصل بسبب ذلك، وكذلك فيما يتعلق بالدين عندما يكون فيه رهن، فإنه لا يفك إلا بحصول الدين وسداده. قوله: [ (واجعلني في الندي الأعلى) ]. الندي هو المجتمع أو الجماعة، والمقصود بذلك في الملأ الأعلى، بحيث يذكر في الملأ الأعلى. تراجم رجال إسناد حديث (أن رسول الله كان إذا أخذ مضجعه من الليل قال: باسم الله وضعت جنبي ...) قوله: [ حدثنا جعفر بن مسافر التنيسي ]. جعفر بن مسافر التنيسي صدوق ربما أخطأ ، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ حدثنا يحيى بن حسان ]. يحيى بن حسان هو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ حدثنا يحيى بن حمزة ]. يحيى بن حمزة هو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ثور ]. هو ثور بن يزيد الحمصي وهو ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ عن خالد بن معدان ] . خالد بن معدان وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي الأزهر الأنماري ]. أبو الأزهر الأنماري وهو صحابي، أخرج له أبو داود . طريق أخرى لحديث أبي الأزهر الأنماري وترجمة رجال إسنادها [ قال أبو داود : رواه أبو همام الأهوازي عن ثور قال: أبو زهير الأنماري ] . أورد أبو داود طريقاً أخرى معلقة عن أبي همام الأهوازي واسمه محمد بن الزبرقان وهو صدوق ربما وهم، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ عن ثور ، قال: أبو زهير الأنماري ]. قال: أبو زهير بدل أبو الأزهر . شرح حديث: (أن النبي قال لنوفل: اقرأ: قل يا أيها الكافرون ثم نم على خاتمتها...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا النفيلي حدثنا زهير حدثنا أبو إسحاق عن فروة بن نوفل عن أبيه رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لنوفل : اقرأ: (( قل يا أيها الكافرون )) ثم نم على خاتمتها؛ فإنها براءة من الشرك) ]. أورد أبو داود حديث نوفل الأشجعي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (اقرأ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون:1]، ثم نم على خاتمتها؛ فإنها براءة من الشرك) وهذا يدل على مشروعية قراءة هذه السورة عند المنام، كما أن: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] ، و قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ [الفلق:1]، و قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ [الناس:1] أيضاً تقرأ، ومثل آية الكرسي أيضاً كما جاءت بذلك الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذه السورة هي إحدى سورتي الإخلاص؛ ولهذا يقال لها ولـ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1]، سورتا الإخلاص؛ لأن سورة الكافرون تتعلق بتوحيد العبادة و قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] تتعلق بتوحيد أسماء الله عز وجل وصفاته. فإذاً: سورة : قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون:1] تتعلق بتوحيد العبادة؛ لأنها مشتملة على البراءة من الشرك. تراجم رجال إسناد حديث (أن النبي قال لنوفل: اقرأ (قل يا أيها الكافرون) ثم نم على خاتمتها ...) قوله: [ حدثنا النفيلي ]. هو عبد الله بن محمد النفيلي ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ حدثنا زهير ]. هو زهير بن معاوية ثقة ، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا أبو إسحاق عن فروة بن نوفل ]. أبو إسحاق قد مر ذكره. وفروة بن نوفل الأشجعي مختلف في صحبته، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ (أن النبي قال لنوفل) ]. هو نوفل الأشجعي وهو صحابي، أخرج له أبو داود و الترمذي و النسائي . الجمع بين حديث (واجعلهن آخر ما تقول) وحديث (ثم نم على خاتمتها) مر معنا في حديث البراء : (واجعلهن آخر ما تقول). وهنا قال: (نم على خاتمتها). فيمكن أنه يكون كل منهما في الآخر؛ بأن يقدم أحدهما على الآخر؛ ولكن قوله: (نم على خاتمتها) لم يأت أنها تكون في الآخر، وإذا كان متعدداً فيمكن أن يقدم هذا في بعض الأحيان، وهذا في بعض الأحيان. وحديث نوفل هذا ضعفه الشيخ مقبل رحمه الله وتكلم فيه الترمذي وقال: إنه لا يثبت، وتكلم فيه ابن عبد البر وقال: إنه لا يثبت؛ ولكن جاءت روايات كثيرة وأغلبها يدور على أبي إسحاق السبيعي ، وقد روى بالعنعنة وهو مدلس، ولكن حسنه الحافظ ابن حجر ، وصححه الألباني، وذكره ابن كثير عند تفسير هذه السورة، ذكر أرجح الطرق له، وذكر طريقاً آخر ليس من طريق أبي إسحاق ، ولكن بيض لاسم الصحابي، وبعض العلماء حسنه من أجل وروده من طرق أخرى غير طريق أبي إسحاق السبيعي . شرح حديث (أن النبي كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا قتيبة بن سعيد و يزيد بن خالد بن موهب الهمداني قالا: حدثنا المفضل -يعنيان ابن فضالة - عن عقيل عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة رضي الله عنها: (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما وقرأ فيهما: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ [الفلق:1]، وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ [الناس:1] ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده، يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده، يفعل ذلك ثلاث مرات) ]. أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه قرأ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1]، وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ [الفلق:1]، وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ [الناس:1] وينفث في يديه ويمسح بهما وجهه ورأسه وما أمكنه من جسده، وهذا فيه بالإضافة إلى القراءة المسح. تراجم رجال إسناد حديث (أن النبي كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما وقرأ فيهما... ) قوله: [ حدثنا قتيبة بن سعيد ]. قتيبة بن سعيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و يزيد بن خالد بن موهب الهمداني ]. يزيد بن خالد بن موهب الهمداني ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ عن المفضل -يعنيان ابن فضالة - ]. يعني: أن الشيخين ذكراه بدون نسبة، والذي دون الشيخين هو الذي نسبه، سواء كان أبا داود ، أو من دون أبي داود . والمفضل بن فضالة المصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عقيل ]. هو عقيل بن خالد بن عقيل المصري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن شهاب ]. هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عروة ]. هو عروة بن الزبير بن العوام ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ عن عائشة ]. هي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. صفة المسح والنفث عند قراءة المعوذتين والإخلاص عند النوم أما كيفية هذا الذكر وكيفية المسح فإن النفث يكون قبل القراءة أو بعدها ثلاث مرات، والذي يبدو أن المسح هو للنفث، والمقصود من ذلك أن ينفث ثلاث مرات؛ لأنه يقرأ وينفث ثم يمسح، فالمقصود من ذلك هو مسح الذي صار في اليد من النفث، والنفث ليس بصاقاً وإنما هو نفخ يسير، والنفث بعد القراءة والمسح هو للمقروء. أما المراد من قوله: (ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده) يعني: الذي يمكنه من جسده؛ لأن بعض المواضع من الجسد لا تصل إليها اليد. وأيضاً قوله: (يفعل ذلك ثلاث مرات) الإشارة تعود إلى المسح بعد النفث ثلاث مرات وعلى القراءة، يعني: أنه يكررها ويمسح. شرح حديث (أن رسول الله كان يقرأ المسبحات قبل أن يرقد ...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مؤمل بن الفضل الحراني حدثنا بقية عن بحير عن خالد بن معدان عن ابن أبي بلال عن العرباض بن سارية رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يقرأ المسبحات قبل أن يرقد، وقال: إن فيهن آية أفضل من ألف آية)]. أورد أبو داود حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ المسبحات قبل أن يرقد فيقول: إن فيهن آية هي أفضل من ألف آية). المسبحات: هي السور التي تبدأ بتنزيه الله عز وجل، وهن سبع سور، (سَبّحَ) في الماضي في ثلاث سور: سورة الحديد، وسورة الحشر، وسورة الصف، و(يُسبح) فعل مضارع في سورتين: الجمعة، والتغابن، والأمر (سبِّحْ) سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى [الأعلى:1] و(سبحان) الإسراء. ويقول: (إن فيهن آية هي أفضل من ألف آية) ولكن الحديث ضعيف فيه ابن أبي بلال وهو مقبول. تراجم رجال إسناد حديث (أن رسول الله كان يقرأ المسبحات قبل أن يرقد ...) قوله: [ حدثنا مؤمل بن الفضل الحراني ]. مؤمل بن الفضل الحراني صدوق، أخرج له أبو داود و النسائي . [ حدثنا بقية ]. هو بقية بن الوليد وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن. وبقية مدلس. [ عن بحير ]. هو بحير بن سعد وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، وأصحاب السنن. [ عن خالد بن معدان ]. خالد بن معدان مر ذكره. [ عن ابن أبي بلال ]. هو عبد الله بن أبي بلال وهو مقبول، أخرج له أبو داود و الترمذي و النسائي . [ عن العرباض بن سارية ]. العرباض بن سارية رضي الله عنه، صحابي أخرج له أصحاب السنن. شرح حديث (أن رسول الله كان يقول إذا أخذ مضجعه: الحمد لله الذي كفاني وآواني ...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا علي بن مسلم حدثنا عبد الصمد حدثني أبي حدثنا حسين عن ابن بريدة عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه حدثه: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول إذا أخذ مضجعه: الحمد لله الذي كفاني وآواني وأطعمني وسقاني، والذي منّ عليّ فأفضل، والذي أعطاني فأجزل، الحمد لله على كل حال، اللهم رب كل شيء ومليكه وإله كل شيء، أعوذ بك من النار) ]. أورد الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أخذ مضجعه من النوم، قال: (الحمد لله الذي كفاني وآواني وأطعمني وسقاني) يعني: أنه كفاه الشرور وكفاه ما يخاف ويحذر. وآواه يعني: رزقه المسكن، ومكنه من حصول السكن الذي يستكن به، وأطعمه وسقاه، وهذه الأمور الأربعة سبق أن مرت: (الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وكفانا وآوانا). قوله: [ (والذي منّ علي فأفضل) ]. يعني: من عليه وتفضل عليه بالعطاء، فحصل منه المن والتفضل. قوله: [ (والذي أعطاني فأجزل) ]. يعني: أعطاه وأكثر له من العطاء. قوله: [ (الحمد لله على كل حال) ]. يعني: الله تعالى هو المحمود سبحانه وتعالى في جميع الأحوال، سواء كان الحال حسناً أو كان غير حسن؛ لأن الله تعالى هو المقدر لكل شيء وهو الذي بيده ملكوت كل شيء، فهو سبحانه الذي يحمد على كل حال بدون استثناء حال من الأحوال، بخلاف غيره فإنما يحمد ويمدح ويثنى عليه إذا حصل منه ما يقتضي ذلك محبوب ومما هو مرغوب. وهذا يدل على أن هذا الدعاء يؤتى به في المكروهات وغير المكروهات، ولا يقال إنه خاص بالأمور المكروهة. قوله: [ (اللهم رب كل شيء ومليكه، وإله كل شيء) ]. فالله عز وجل هو الرب وهو المليك الذي بيده ملكوت كل شيء، المتصرف في كل شيء، المربي خلقه بالنعم الموجد لهم من العدم، وهو إلههم وإله كل شيء. ففيه الإقرار بربوبية الله عز وجل وألوهيته، أي بكونه رب الناس وخالق الناس، والمتصرف في الخلق كيف يشاء، وكونه الذي يعبد ويخص بالعبادة ولا يُشْرك معه أحد فيها، فكما أنه لا رب سواه وهو الإله الذي لا إله بحق سواه، فلا تصرف العبادة إلا له، ولا يجوز أن يصرف شيء من العبادة لغير الله؛ لأن المتفرد بالخلق والإيجاد هو الذي يجب أن يفرد بالعبادة سبحانه وتعالى؛ ولهذا يقول العلماء: إن توحيد الربوبية مستلزم لتوحيد الألوهية، يعني: من أقر بأن الله تعالى هو الخالق وحده، الرازق وحده، المحيي وحده، الذي ليس له شريك في الخلق والإيجاد، فيجب أن يفرد بالعبادة وحده، كما أنه واحد في أفعاله كالخلق والرزق والإحياء والإماتة والتدبير، فهو أيضاً الواحد في ألوهيته، ويكون معبوداً وحده فيها، فلا يعبد مع الله سواه، ولا يصرف من أنواع العبادة شيء لغير الله، فلا بد من هذا ومن هذا. قوله: [ (أعوذ بك من النار) ]. بعد أن أثنى على الله عز وجل بذلك الثناء، وهو من الوسائل التي يؤتى بها بين يدي الدعاء؛ طلب منه ما يحتاج، فهنا بعد هذا الثناء استعاذ بالله من النار. تراجم رجال إسناد حديث (أن رسول الله كان يقول إذا أخذ مضجعه الحمد لله الذي كفاني وآواني ...) قوله: [ حدثنا علي بن مسلم ]. علي بن مسلم هو ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و النسائي . [ حدثنا عبد الصمد ]. هو عبد الصمد بن عبد الوارث العنبري صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثني أبي ]. هو عبد الوارث بن سعيد العنبري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا حسين ]. هو حسين بن ذكوان المعلم وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن بريدة ]. هو عبد الله بن بريدة بن الحصيب وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عمر ]. هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام. وجه تقديم الربوبية ثم الملك ثم الألوهية في سورة الناس أما عن ترتيب الربوبية ثم الملك ثم الإلهية في سورة الناس فكما هو معلوم أن الله تعالى هو الذي خلق وملك وهو مالك لكل ما خلق، وهو الذي يجب أن يعبد؛ ومعلوم أن العبادة تأتي بعد الخلق والملك، والله عز وجل هو المالك لكل شيء وهو الخالق لكل شيء، فيطلب من العباد أن يخصوه بالعبادة، ولعلّ هذا الترتيب؛ لأن الله تعالى خالق مالك فهو خالق الخلق ومالكه، لا يكون خالقاً ثم يكون غير مالك، بل هو خالق مالك، ومن خلق فهو المالك لما يخلقه، وهؤلاء المكلفون من المخلوقين مأمورون بأن يفردوا الله عز وجل ويخصوه بالعبادة سبحانه وتعالى. ثم إن الربوبية والملك مستلزمان للألوهية، فمن حصل منه الإقرار بهما لزمه أن يقر بها؛ لأنه لا يعقل أن يكون هو الخالق وحده وهو الملك وحده المتصرف بالكون وحده، الذي أوجدهم من العدم، ثم يصرف لهم شيئاً من العبادة؟! وكيف يليق بالإنسان أن يعبد مخلوقاً مثله، بل المعبود هو الخالق الذي خلق الخلق وأوجدهم من العدم ورباهم بالنعم، فهو الذي يجب أن يفرد بالعبادة. شرح حديث (من اضطجع مضجعاً لم يذكر الله تعالى فيه إلا كان عليه ترة يوم القيامة ..) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا حامد بن يحيى حدثنا أبو عاصم عن ابن عجلان عن المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من اضطجع مضجعاً لم يذكر الله تعالى فيه إلا كان عليه ترة يوم القيامة، ومن قعد مقعداً لم يذكر الله عز وجل فيه إلا كان عليه ترة يوم القيامة) ]. أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (من اضطجع مضجعاً لم يذكر الله فيه إلا كان عليه ترة يوم القيامة، ومن قعد مقعداً لم يذكر الله فيه إلا كان عليه ترة يوم القيامة) والترة: هي النقص والحسرة، وهي مصدر: وتره يتره ترة، ومنه: وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ [محمد:35]، يعني: ينقصكم. وهذا فيه بيان أهمية الذكر عند النوم، وأهمية الذكر في المجلس، وأن الإنسان إذا لم يحصل منه الذكر عند النوم يكون هذا نقصاً عليه وحسرة؛ وكذلك إذا ترك الذكر في المجلس يكون نقصاً عليه وحسرة. تراجم رجال إسناد حديث (من اضطجع مضجعاً لم يذكر الله تعالى فيه إلا كان عليه ترة يوم القيامة ... ) قوله: [ حدثنا حامد بن يحيى ]. حامد بن يحيى ثقة، أخرج له أبو داود . [ حدثنا أبو عاصم ]. هو الضحاك بن مخلد أبو عاصم النبيل وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو من كبار شيوخ البخاري ، الذين روى عنهم الثلاثيات التي هي من الأسانيد العالية عنده، وهي من طريق ثلاثة أشخاص أو أربعة من شيوخه، و أبو عاصم هذا أحدهم، وقد روى عنه جملة من الأحاديث الثلاثية؛ لأنه من أتباع التابعين، وكذلك مكي بن إبراهيم روى عنه بعض الثلاثيات ومحمد بن عبد الله الأنصاري روى عنه بعض الثلاثيات. [ عن ابن عجلان ]. هو محمد بن عجلان المدني صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، و مسلم وأصحاب السنن. [ عن المقبري ]. وهو أبو سعيد المقبري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب، و سعيد وأبوه كلاهما ثقتان. [ عن أبي هريرة ]. أبو هريرة رضي الله تعالى عنه، وهو الصحابي الجليل أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام، بل هو أكثر السبعة حديثاً على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه." |
رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله
شرح سنن أبي داود (عبد المحسن العباد) كتاب الإمارة شرح سنن أبي داود [575] الحلقة (605) شرح سنن أبي داود [575] قد جاءت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بما ينبغي على المسلم إذا استيقظ من الليل، من ذكر الله عز وجل والثناء عليه بما هو أهله، بحيث لو دعا بعد ذلك استجيب له، فإن قام وتوضأ ثم صلى قبلت صلاته، وهذا فضل من الله عز وجل على عباده. وكذلك جاءت الأحاديث في مشروعية الذكر عند النوم، وأنه من أسباب القوة والنشاط عند القيام بالأعمال الصالحة. بيان ما يقول الرجل إذا تعار من الليل شرح حديث (من تعار من الليل فقال حين يستيقظ: لا إله إلا الله وحده لا شريك له ...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما يقول الرجل إذا تعار من الليل. حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي حدثنا الوليد قال: قال الأوزاعي : حدثني عمير بن هانئ حدثني جنادة بن أبي أمية عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من تعار من الليل فقال حين يستيقظ: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم دعا: رب اغفر لي -قال الوليد: أو قال: دعا- استجيب له؛ فإن قام فتوضأ ثم صلى قبلت صلاته) ]. أورد أبو داود [ باب ما يقول الرجل إذا تعار من الليل ] يعني: من استيقظ من الليل وذكر الله عز وجل، وقد مر الحديث في التعار من الليل وأنه الاستيقاظ. وقيل: إن المقصود به هيئة الاستيقاظ وأنه يحصل منه صوت أو يحصل منه تمط، ولكنه كما هو معلوم سواء حصل هذا أو لم يحصل المهم أنه إذا قام من نومه واستيقظ فإنه يذكر الله عز وجل. قوله: [ (من تعار من الليل فقال حين يستيقظ: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير) ] وهذا ثناء على الله عز وجل فيه الاعتراف بأُلوهيته، وأنه هو الإله الحق وحده لا شريك له الذي لا تكون العبادة إلا له، و(لا) نافية و(إله) اسمها فهي نافية للجنس أي: نافية لجنس الإله، إلا أن يكون بحق وهو الله سبحانه وتعالى، والتقدير لا إله حق إلا الله، ولا يكون التقدير لا إله موجود فإن هذا كلام غير صحيح؛ لأنه مخالف وغير مطابق للواقع؛ لأن الآلهة موجودة مع الله من ناحية الوجود، وتعبد من غير الله، لكن الآلهة التي تعبد من غير الله تعبد بغير حق. فإذاً: (لا إله حق إلا الله) هذا هو الذي يستقيم به المعنى ويكون مطابقاً للواقع، أما إذا قدر لا إله موجود فإنه يكون باطلاً وغير مطابق للواقع ويكون كذباً؛ لأن الآلهة والمعبودات التي يعبدها المشركون والكفار موجودة، منهم من يعبد الملائكة ومنهم من يعبد الجن ومنهم من يعبد الشجر ومنهم من يعبد الحجر وكل هذه أمور موجودة، ولكن المعبود بحق والإله بحق هو الله سبحانه وتعالى. قوله: [ (لا إله إلا الله وحده لا شريك له) ] كلمة (وحده) مؤكدة لـ(إلا الله)، و(لا شريك له) مؤكدة للنفي في (لا إله) لأن (وحده لا شريك له) تعادل (إلا الله) ومعناها: لا شريك لله بل هو الإله وحده. إذاً: فالجملة الأخيرة مؤكدة للجملة قبلها وهي لا إله إلا الله إلا أنها مقلوبة ليست على الترتيب الأول، وهي مؤكدة للإثبات الذي في الآخر فصار التأكيد في الإثبات متصلاً بعضه ببعض (إلا الله وحده). قوله: [ (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد) ] أي: فهو مالك الملك وهو الذي بيده الملك وهو الذي يحمد على كل حال. قوله: [ (وهو على كل شيء قدير) ] أي: لا يعجزه شيء، بل هو قدير على كل شيء سبحانه وتعالى، وهذا لفظ عام لا يستثنى منه شيء، وأما قول المتكلمين المتكلفين: وخص العقل ذاته فليس عليها بقادر، فهذا من التكلف، نعم. ذات الله شيء، لكنها لا تدخل تحت قوله: وهو على كل شيء قدير، مع ما يدخل تحت قدرة الله عز وجل في كونه يوجد ويميت ويحيي. وتفسير الجلالين مع اختصاره ووجازته ما سلم من مثل هذا التكلف، فإنه عند ختام سورة المائدة وهي: عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [المائدة:120] قال: وخص العقل ذاته فليس عليها بقادر، مع أنه مختصر جداً ومع ذلك يأتي بهذا الباطل ويحافظ عليه ولا ينسى، مع أنه تكلف وكلام باطل. قوله: [ (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوله إلا بالله) ] هذه خمس جمل: سبحان الله: وهي تنزيه لله عز وجل، والحمد يأتي للإثبات، فهناك تنزيه وإثبات، فالمحامد هي إضافات تضاف إلى الله عز وجل، وأما سبحان فإنه تنزيه لله عز وجل عما لا يليق به؛ ولهذا يأتي كثيراً في بعض الأحاديث: (سبحان الله وبحمده) فيجمع بين التسبيح والتحميد؛ لأن هذا تنزيه وهذا إثبات، هذا نفي وهذا إثبات، فيكون الإنسان جامعاً بين هذا وهذا. ولا إله إلا الله هذه كلمة الإخلاص وكلمة التوحيد. ولا حول ولا قوة إلا بالله، يعني: أن الإنسان يبرأ من الحول والقوة، وأنه لا يحصل ذلك إلا بالله ولا يقدر على ذلك إلا بإقدار الله، وأن كل شيء يرجع إلى قدرة الله وإلى مشيئة الله وإرادته، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، وكما قال عليه الصلاة والسلام في وصيته لابن عباس : (واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك)، ثم ما يحصل عن طريق الناس من الإحسان هو من الله عز وجل الذي سخرهم، وهو الذي وفقهم لأن يحصل منهم الإحسان لمن حصل منه الإحسان، وهو الذي وفق لدفع الشر ممن فيه شر عن وصول الشر إلى من يريدون إيصاله إليه، فالله عز جل إذا شاء شيئاً وجد سواء كان خيراً أو شراً، لا يقع في ملك الله إلا ما شاءه الله. فلا يقع في الوجود شيء إلا بمشيئته وإرادته، سواء كان نافعاً أو ضاراً. والله أكبر تعظيم لله عز وجل، وأنه أكبر من كل شيء وأعظم من كل شيء، وكل شيء ضئيل أمام عظمته وكبريائه سبحانه وتعالى. قوله: [ (ثم دعا: رب اغفر لي) ] يأتي كثيراً في أدعية الرسول صلى الله عليه وسلم التمهيد للطلب والدعاء بتعظيم الله عز وجل وتقديسه وتنزيهه وتمجيده والثناء عليه، وهذا من أسباب قبول الدعاء، مثل ما جاء في قصة الرجل الذي دعا دون حمد وثناء، فقال عليه الصلاة والسلام: (عجل هذا) حيث دعا ولم يحمد الله ولم يصل على رسوله صلى الله عليه وسلم. ولهذا شرع في صلاة الجنازة قبل الدعاء للميت في الصلاة قراءة الفاتحة بعد التكبيرة الأولى، والصلاة على النبي صلى عليه وسلم بعد التكبيرة الثانية، ثم الدعاء بعد الثالثة، فيكون قد سبق بشيء هو من أسباب قبول الدعاء، فهديه عليه الصلاة والسلام أنه في كثير من الأدعية تكون الأدعية مسبوقة بحمد وثناء وتمجيد وتعظيم وتنزيه لله سبحانه وتعالى. [ (قال الوليد أو قال: دعا استجيب له) ]. يعني أن الوليد قال: دعا، وما قال: رب اغفر لي، فهو شك، هل قال هذا أو قال هذا، فكلمة (دعا) عامة، وكلمة (رب اغفر لي) دعاء خاص وهو طلب المغفرة. قوله: [ (فإن قام فتوضأ ثم صلى قبلت صلاته) ]. يعني: فإن حصل منه أن قام من الليل وذكر الله بهذا الذكر ثم قام وتوضأ وصلى قبلت صلاته؛ لأنه أخذ بأسباب القبول، حيث وجد منه هذا الذكر وهذا الثناء على الله عز وجل، ثم أضاف إلى ذلك أن هب من نومه فتوضأ وصلى، فتقبل صلاته. قوله: [ (من تعار من الليل) ] يدخل في هذا ما إذا استيقظ من غير إرادة منه، أو عمل شيئاً ينبهه ليقوم، فكل ذلك داخل؛ لأن كله استيقاظ سواء كان بسبب أو بغير سبب. تراجم رجال إسناد حديث (من تعار من الليل فقال حين يستيقظ: لا إله إلا الله وحده لا شريك له ...) قوله: [ حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي ]. عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي هو ثقة، وهو الملقب دحيم و دحيم مأخوذة من عبد الرحمن أخرج له البخاري و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ حدثنا الوليد ]. هو الوليد بن مسلم الدمشقي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قال: قال الأوزاعي ]. هو عبد الرحمن بن عمرو أبو عمرو الأوزاعي فقيه الشام ومحدثها، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثني عمير بن هانئ ]. عمير بن هانئ وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثني جنادة بن أبي أمية ]. جنادة بن أبي أمية وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبادة بن الصامت ]. عبادة بن الصامت رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. شرح حديث (أن رسول الله كان إذا استيقظ من الليل قال: لا إله إلا أنت سبحانك ...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا حامد بن يحيى حدثنا أبو عبد الرحمن قال حدثنا سعيد -يعني ابن أبي أيوب - حدثني عبد الله بن الوليد عن سعيد بن المسيب عن عائشة رضي الله عنها: (أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان إذا استيقظ من الليل قال: لا إله إلا أنت سبحانك، اللهم أستغفرك لذنبي وأسألك رحمتك، اللهم زدني علماً ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني، وهب لي من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب) ]. أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا استيقظ من الليل قال: لا إله إلا أنت سبحانك) يعني: فيه كلمة الإخلاص وفيه تنزيه الله عز وجل. قوله: [ (اللهم أستغفرك لذنبي وأسألك رحمتك) ]. يعني: أسألك مغفرة الذنوب وحصول الرحمة. قوله: [ (اللهم زدني علماً) ]. يعني: زيادة علم وطلب المزيد لما عنده من العلم. قوله: [ (ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني) ]. يعني: أن الله قد هداه ووفقه وجعله من المسلمين، فالمسلم عندما يكون كذلك يدعو الله بهذا الدعاء فيقول: (رب لا تزغ قلبي بعد إذ هديتني)؛ لأن القلوب بيد الله عز وجل يصرفها كيف يشاء؛ لأن الإنسان قد يكون سليماً فيمرض وقد يكون مريضاً فيسلم، وقد يكون على خير فيتحول إلى شر والعياذ بالله، ويكون على شر ويتحول إلى خير، والعبرة بالخواتيم كما جاء ذلك عن رسول الله عليه الصلاة والسلام: (رب لا تزغ قلبي بعد إذ هديتني) فالإنسان إذا ظفر بالهداية فليسأل الله تعالى الثبات عليها وعدم الزيغ عنها. قوله: [ (وهب لي من لدنك رحمه إنك أنت الوهاب) ] . تراجم رجال إسناد حديث (أن رسول الله كان إذا استيقظ من الليل قال: لا إله إلا أنت سبحانك ..) قوله: [ حدثنا حامد بن يحيى ]. حامد بن يحيى مر ذكره. [ حدثنا أبو عبد الرحمن ]. هو عبد الله بن يزيد المقرئ وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا سعيد يعني ابن أبي أيوب ]. سعيد بن أبي أيوب وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثني عبد الله بن الوليد ]. عبد الله بن الوليد وهو لين الحديث، أخرج له أبو داود و النسائي . [ عن سعيد بن المسيب ]. سعيد بن المسيب وهو ثقة فقيه، من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن عائشة ]. عائشة رضي الله عنها أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. والحديث فيه هذا الرجل الذي هو عبد الله بن الوليد وهو لين الحديث، ولين الحديث هو الذي لا يقبل حديثه ولا يحتج بحديثه إلا إذا توبع. ما جاء في التسبيح عند النوم شرح حديث علي في سؤال فاطمة من الرسول خادماً لتعينها وتخدمها قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في التسبيح عند النوم. حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة ح وحدثنا مسدد حدثنا يحيى عن شعبة المعنى عن الحكم عن ابن أبي ليلى ، قال مسدد : قال: حدثنا علي رضي الله عنه قال: (شكت فاطمة رضي الله عنها إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما تلقى في يدها من الرحى، فأتي بسبي فأتته تسأله فلم تره، فأخبرت بذلك عائشة رضي الله عنها، فلما جاء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أخبرته، فأتانا وقد أخذنا مضاجعنا فذهبنا لنقوم فقال: على مكانكما، فجاء فقعد بيننا حتى وجدت برد قدميه على صدري، فقال: ألا أدلكما على خير مما سألتما؟ إذا أخذتما مضاجعكما فسبحا ثلاثاً وثلاثين واحمدا ثلاثاً وثلاثين وكبرا أربعاً وثلاثين، فهو خير لكما من خادم) ]. أورد أبو داود [ باباً في التسبيح عند النوم ] التسبيح هو قول: سبحان الله. أورد أبو داود حديث علي رضي الله عنه، أن فاطمة رضي الله عنها شكت ما يحصل لها من الرحى، يعني: كونها تطحن ويحصل لها تعب بسبب الطحن وتتأثر يدها، فالرسول صلى الله عليه وسلم جاءه سبي فذهبت فاطمة لتطلب منه أن يمنحها وأن يهب لها خادماً تخدمها وتقوم بهذه المهمة عنها، فلم تجد النبي صلى الله عليه وسلم وأخبرت عائشة بحاجتها وانصرفت، ثم إن الرسول صلى الله عليه وسلم بلغه الخبر فجاء إليهما وقد أخذا مضاجعهما، فأرادا أن يقوما فقال: (مكانكما) يعني: ابقيا على ما أنتما عليه. فجلس بينهما ثم قال: (ألا أدلكما على خير مما سألتما) وهو خطاب للاثنين، وإن كان الطلب من فاطمة رضي الله عنها فهي التي ذهبت فتحمل التثنية على أساس أنهما مشتركان في الرغبة، وأنه حصل بينهما تفاهم على هذه الرغبة، ولهذا هو أخبر بالذي قد حصل، وأنها ذهبت لتطلب تحقيق هذه الرغبة التي هي رغبة للجميع، ثم أيضاً هو يرغب في أن يحصل لها راحة وأن يحصل لها من يساعدها، فالنبي صلى الله عليه وسلم أرشدهما إلى أن يذكرا الله بهذا الذكر عند النوم وهو أن يسبحا الله ثلاثاً وثلاثين، ويحمداه ثلاثاً وثلاثين، ويكبراه أربعاً وثلاثين، فيكون العدد مائة وقال: (إن هذا خير لكما من خادم) وجاء في بعض الروايات أنه جعل ذلك السبي لليتامى الذين قتل آباؤهم في بدر. والحاصل أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يحقق الرغبة فيما طلباه، وإنما أرشدهما إلى شيء يكون فيه قوة لهما بإذن الله، بحيث لا يحتاجان معها إلى خادم؛ لأن هذا الثناء على الله عز وجل يكسبهما قوة ويكسبهما نشاطاً، والله عز وجل يجعل عندها من القوة ما ترتاح إلى عملها وإلى القيام بهذا الجهد الذي تقوم به، وأن يكون ذلك خيراً من ذلك الخادم الذي طلبته. قوله: [ (فأتانا وقد أخذنا مضاجعنا، فذهبنا لنقوم فقال: على مكانكما، فجاء فقعد بيننا حتى وجدت برد قدميه على صدري، فقال: ألا أدلكما على خير مما سألتما؟ إذا أخذتما مضاجعكما فسبحا ثلاثاً وثلاثين واحمدا ثلاثاً وثلاثين وكبرا أربعاً وثلاثين، فهو خير لكما من خادم) ] هذا لا يدل على جواز دخول الأب على بنته مع زوجها في حال الفراش؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم حصل منه هذا الشيء وهو المشرع، ولكن كون الأب عندما يأتي عليه أن يستأذن ويتكلم لا أن يفتح الباب ويدخل عليهما وهما على هذه الحالة، بحجة أن الرسول صلى الله عليه وسلم حصل منه ذلك؛ لأنه ليس لكل أحد أن يحصل منه مثل ما حصل من الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأنه قد يحصل لهما حرج، فالذي ينبغي للأب أن يستأذن؛ حتى يرتبان أنفسهما ويستقبلانه، أما كونه يأتي ويفتح عليهما باب غرفة النوم ويدخل عليهما وقد يكونان على حالة لا ينبغي له الدخول عليهما فيها، فلا. تراجم رجال إسناد حديث علي في سؤال فاطمة من الرسول خادماً لتعينها وتخدمها قوله: [ حدثنا حفص بن عمر ]. حفص بن عمر ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و النسائي . [ حدثنا شعبة ]. هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ ح وحدثنا مسدد ]. ح للتحول من إسناد إلى إسناد و مسدد هو ابن مسرهد ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا يحيى ]. هو يحيى بن سعيد القطان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن شعبة ]. شعبة مر ذكره. [ المعنى ]. يعني: أنهما متفقان في المعنى. [ عن الحكم ]. هو الحكم بن عتيبة الكندي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. ويأتي كثيراً تصحيف اسم أبيه بعتبة في بعض الكتب وهو عتيبة وليس عتبة . [ عن ابن أبي ليلى ]. هو عبد الرحمن بن أبي ليلى وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قال مسدد : قال: حدثنا علي ]. يعني: أنه ذكر لفظ ابن أبي ليلى في روايته عن علي أنه قال: حدثنا علي . وهو علي بن أبي طالب رضي الله عنه أمير المؤمنين ورابع الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة والفضائل الكثيرة رضي الله عنه وأرضاه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة. شرح حديث علي في سؤال فاطمة من الرسول خادماً من طريق ثانية قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مؤمل بن هشام اليشكري حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن الجريري عن أبي الورد بن ثمامة قال: قال علي رضي الله عنه لابن أعبد : (ألا أحدثك عني وعن فاطمة رضي الله عنها بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم! وكانت أحب أهله إليه، وكانت عندي، فجرت بالرحى حتى أثرت بيدها، واستقت بالقربة حتى أثرت في نحرها، وقمت البيت حتى اغبرت ثيابها، وأوقدت القدر حتى دكنت ثيابها وأصابها من ذلك ضر، فسمعنا أن رقيقاً أتي بهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقلت: لو أتيت أباك فسألته خادماً يكفيك، فأتته فوجدت عنده حداثاً، فاستحيت فرجعت، فغدا علينا ونحن في لفاعنا، فجلس عند رأسها، فأدخلت رأسها في اللفاع حياء من أبيها، فقال: ما كان حاجتك أمس إلى آل محمد؟ فسكتت، مرتين، فقلت: أنا والله أحدثك يا رسول الله، إن هذه جرت عندي بالرحى حتى أثرت في يدها، واستقت بالقربة حتى أثرت في نحرها، وكسحت البيت حتى اغبرت ثيابها، وأوقدت القدر حتى دكنت ثيابها، وبلغنا أنه قد أتاك رقيق أو خدم، فقلت لها: سليه خادماً) فذكر معنى حديث الحكم وأتم ]. أورد أبو داود حديث علي رضي الله عنه من طريق أخرى، وفيه تفصيل للطريقة التي حصل فيها سؤال الخادم، وأن علياً رضي الله عنه ذكر الأمور التي جعلتها تقدم على هذا الطلب، وكذلك هو معها راغب في تحقيق هذا الطلب، وأنها ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجدت ناساً يتحدثون عنده، فرجعت ولم تكلمه؛ لأنه مشغول مع هؤلاء يتحدث معهم، فجاء إليهما في مرقدهما وفي منامهما وسألها عن حاجتها. قوله: [ قال: فذكر معنى حديث الحكم وأتم ]. يعني: ذكر معنى حديث الحكم الذي مر ذكره وفيه زيادة على ذلك، والحديث فيه ما يتعلق بحديث الحكم من ناحية أنها طلبت والرسول صلى الله عليه وسلم أرشدهما إلى ما يغني عن الخادم، وهذا ثابت في الطريق الأولى، وأما هذه الطريق ففيها ضعف. تراجم رجال إسناد حديث علي في سؤال فاطمة من الرسول خادماً من طريق ثانية قوله: [ حدثنا مؤمل بن هشام اليشكري ]. مؤمل بن هشام اليشكري ثقة أخرج له البخاري و أبو داود و النسائي . [ حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ]. هو إسماعيل بن إبراهيم ابن علية وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الجريري ]. هو سعيد بن إياس الجريري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي الورد بن ثمامة ]. أبو الورد بن ثمامة وهو مقبول، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، و أبو داود و الترمذي و النسائي في مسند علي . [ قال علي لابن أعبد ]. هو علي بن أعبد وهو مجهول، أخرج له أبو داود و النسائي في مسند علي . وعلي رضي الله عنه قد مر ذكره. المراد بآل النبي في قوله: (فما كان حاجتك أمس إلى آل محمد) في الحديث دليل على أن المراد بآل النبي أزواجه، حيث قال: (فما كان حاجتك أمس إلى آل محمد) والقرآن جاء بهذا، وهو من أوضح الأمور في ذلك؛ لأن الخطاب في آيات سورة الأحزاب هو لزوجات النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قال: إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا [الأحزاب:33]، وقد ذكر خطابهن قبل هذه الجملة وبعدها، ولكن لم يأت في القرآن الخطاب لهن على سبيل التحديد، ما قال: إن الله أذهب عنكن الرجس أهل البيت؛ لأن أهل البيت يشملهن ويشمل غيرهن، وهذا التطهير لهن ولغيرهن، ولهذا جاء في السنة بيان أن علياً و فاطمة و الحسن و الحسين من أهل البيت، والقرآن صريح في أن أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل البيت. شرح حديث علي في سؤال فاطمة من الرسول خادماً من طريق ثالثة قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عباس العنبري حدثنا عبد الملك بن عمرو حدثنا عبد العزيز بن محمد عن يزيد بن الهاد عن محمد بن كعب القرظي عن شبث بن ربعي عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بهذا الخبر قال فيه: قال علي : (فما تركتهن منذ سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ليلة صفين فإني ذكرتها من آخر الليل فقلتها) ]. أورد أبو داود رحمه الله هذا الحديث عن علي وفيه هذه الكلمات التي هي التسبيح والتحميد والتكبير بهذا العدد الذي يبلغ المائة، وأن علياً رضي الله عنه كان يحافظ عليها، وأنه ما غفل عنها إلا ليلة صفين حيث ذكرها في آخر الليل فأتى بها متداركاً لذلك الشيء الذي سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم. والحديث هنا في سنن أبي داود ضعفه الألباني ، ولكنه صححه في صحيح الكلم الطيب، وقد جاء في المسند من طريق شعبة عن عطاء بن السائب -وليس فيه ذكر شبث - ما يدل على أنه كان يحافظ عليها، وأنه ليلة صفين حصل منه ذلك وأنه تداركها، فهو ثابت وموجود. تراجم رجال إسناد حديث علي في طلب فاطمة من الرسول خادماً من طريق ثالثة قوله: [ حدثنا عباس العنبري ]. هو عباس بن عبد العظيم العنبري ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، و مسلم وأصحاب السنن. [ حدثنا عبد الملك بن عمرو ]. هو أبو عامر العقدي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عبد العزيز بن محمد ]. هو عبد العزيز بن محمد الدراوردي صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن يزيد بن الهاد ]. يزيد بن الهاد هو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن محمد بن كعب القرظي ]. محمد بن كعب القرظي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن شبث بن ربعي ]. شبث بن ربعي يقال إنه مخضرم، ولم يذكر فيه حكماً، وإنما ذكر شيئاً من أحواله التي ذكرها، أخرج له أبو داود و النسائي في عمل اليوم والليلة. [ عن علي ]. هو علي رضي الله عنه، وقد مر ذكره. شرح حديث عبد الله بن عمرو (خصلتان لا يحافظ عليها مسلم إلا دخل الجنة...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (خصلتان أو خلتان لا يحافظ عليهما عبد مسلم إلا دخل الجنة، هما يسير ومن يعمل بهما قليل: يسبح في دبر كل صلاة عشراً، ويحمد عشراً، ويكبر عشراً، فذلك خمسون ومائة باللسان، وألف وخمسمائة في الميزان، ويكبر أربعاً وثلاثين إذا أخذ مضجعه ويحمد ثلاثاً وثلاثين ويسبح ثلاثاً وثلاثين، فذلك مائة باللسان وألف في الميزان، فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقدها بيده، قالوا: يا رسول الله! كيف هما يسير ومن يعمل بهما قليل؟ قال: يأتي أحدكم -يعني الشيطان- في منامه فينومه قبل أن يقوله، ويأتيه في صلاته فيذكره حاجة قبل أن يقولها) ]. أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما وهو يتعلق بالتكبير عند النوم كما جاء في حديث علي من التسبيح والتحميد ثلاثاً وثلاثين والتكبير أربعاً وثلاثين، وكذلك هنا يسبح دبر الصلاة عشراً ويحمد عشراً ويكبر عشراً، وقال: إنها تكون مائة وخمسين باللسان وتكون ألفاً وخمسمائة في الميزان من حيث إن الحسنة بعشر أمثالها. الجزء الأخير هو الذي يتعلق بالترجمة، والجزء الأول لا يتعلق بالترجمة، ولكنه يتعلق بالذكر عقب الصلاة. قوله: [ (قال: فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقدها بيده) ]. يعني: يعدها بأصابعه يكبر ويسبح ويهلل حتى يعرف العدد. تراجم رجال إسناد حديث عبد الله بن عمرو (خصلتان لا يحافظ عليها مسلم إلا دخل الجنة...) قوله: [ حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن عطاء بن السائب ]. حفص بن عمر و شعبة مر ذكرهما. و عطاء بن السائب صدوق اختلط، و شعبة ممن روى عنه قبل الاختلاط، فسماعه صحيح فيكون حديثه عنه صحيحاً، وهو صدوق أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ عن أبيه ]. هو السائب وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، وأصحاب السنن. [ عن عبد الله بن عمرو ]. هو عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. شرح حديث (أصاب رسول الله سبياً فذهبت أنا وأختي فاطمة...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن صالح حدثنا عبد الله بن وهب حدثني عياش بن عقبة الحضرمي عن الفضل بن حسن الضمري أن ابن أم الحكم أو ضباعة ابنتي الزبير حدثه عن إحداهما أنها قالت: (أصاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سبياً، فذهبت أنا وأختي فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فشكونا إليه ما نحن فيه، وسألناه أن يأمر لنا بشيء من السبي، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: سبقكن يتامى بدر، ثم ذكر قصة التسبيح قال: على إثر كل صلاة لم يذكر النوم) ]. أورد أبو داود حديث أم الحكم أو ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب ابنتي عم النبي صلى الله عليه وسلم، والحديث سبق أن مر عن واحدة منهما، وليس فيه ذكر الواسطة الذي هو الابن الذي يروي عنهما، بل الفضل بن حسن الضمري روى عنهما مباشرة وبدون واسطة، وقد ذهبن الثلاث إلى النبي صلى الله عليه وسلم عليه وسلم؛ لأنه جاء في بعض الروايات: (أنا وأختي و فاطمة) فيكون اللائي ذهبن هي وأختها و فاطمة ، وفي بعض الروايات سقطت الواو بين أختي وبين فاطمة، فكأنهما اثنتان وتكون أختها في الإسلام، ولكن الذي جاء بواو العطف يكون فيه أن الثلاث ذهبن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته وابنتا عمه، وكلهن من بني هاشم من أهل البيت. والرسول صلى الله عليه وسلم جاءه سبي فجئن يطلبن منه، فقال صلى الله عليه وسلم: (سبقكن يتامى بدر) يعني: الذين فقدوا آباءهم في بدر، وهم أحق بأن يعطوا وأن يكون لهم النصيب في ذلك ولم يعطهن شيئاً. وذكر مسألة التسبيح دبر الصلاة ولم يذكر التسبيح عند النوم، وهو محل الشاهد في باب التسبيح عند النوم، والحديث صحيح. وكونه قال: (على إثر كل صلاة) لا يقال له: شاذ؛ لأنه ثبت في حديث عبد الله بن عمرو وهذا الحديث سبق أن مر في كتاب الخراج عن أم الحكم و ضباعة وفيه: أنها وأختها و فاطمة وفيه ذكر الواو وليس فيه ذكر الواسطة الذي هو الابن، والابن مجهول لا يعرف، وأما بقية الإسناد فلا بأس بهم فهو ثابت، ولكن لا أدري لفظه هناك فيما يتعلق بالتسبيح عند النوم هل هو موجود أو غير موجود. وأنا ذكرت فضل أهل البيت وعلو مكانتهم وذكرت جملة من أهل البيت من النساء والرجال، وذكرت أم الحكم و ضباعة ، وأشرت إلى ذلك عند شرح الحديث الذي في كتاب الخراج عند أبي داود الذي فيه ذكرهما، وأنهما صحابيتان وأنهما من بنات عم الرسول صلى الله عليه وسلم ومن نساء أهل البيت. تراجم رجال إسناد حديث (أصاب رسول الله سبياً فذهبت أنا وأختي فاطمة ...) قوله: [ حدثنا أحمد بن صالح ]. هو أحمد بن صالح المصري ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي في الشمائل. [ حدثنا عبد الله بن وهب ]. هو عبد الله بن وهب المصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثني عياش بن عقبة الحضرمي ]. عياش بن عقبة الحضرمي وهو صدوق، أخرج له أبو داود و النسائي . [ عن الفضل بن حسن الضمري ]. الفضل بن الحسن الضمري وهو صدوق، أخرج له أبو داود . [ أن ابن أم الحكم ]. لا يعرف، أخرج له أبو داود . [ أم الحكم و ضباعة ]. أم الحكم صحابية، أخرج لها أبو داود . و ضباعة أخرج لها أبو داود و النسائي و ابن ماجة . و ضباعة بنت الزبير هي صاحبة حديث الاشتراط في الحج وفيه: (أنها جاءت إلى رسول الله وقالت: إني أريد الحج وأنا شاكية، فقال: حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني) . الأسئلة الجمع بين الروايات الواردة في حديث سؤال فاطمة خادماً من أبيها السؤال: في بعض الروايات المتقدمة أن فاطمة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلم تجده فرجعت، وفي الرواية الأخيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم خاطبهن بقوله: (سبقكن يتامى بدر) فهل هناك تعارض بين الروايات؟ الجواب: لا يوجد تناف بينهما؛ لأنه هنا ذكر من هو الأولى، وأرشد إلى السبب، وهناك أرشد إلى العوض وما يقوم مقام الخادم. أهمية المحافظة على الأذكار بعد الصلاة المفروضة السؤال: هل القيام بعد أداء الصلاة قبل الإتيان بأذكار ما بعد الصلاة من خوارم المروءة خاصة لطلاب العلم، فنرجو نصيحة من فضيلتك في المحافظة على الذكر دبر الصلوات، ومجاهدة النفس على ذلك؟ الجواب: لا شك أنه لا يليق بالإنسان أن يقوم بسرعة بعد الصلوات من غير ضرورة تلجئ إلى ذلك، أما إذا كان مضطراً إلى ذلك فهذا شيء آخر، وأما إذا لم تكن هناك ضرورة فعليه أن يتريث وأن يذكر الله عز وجل وألا يستعجل؛ لأنه يشوش على الناس ويفوت على نفسه ذلك الخير الكثير. وطلاب العلم لا شك أنهم أولى من غيرهم؛ لأنهم هم الذين يتعلمون ويعرفون الأحكام الشرعية ويقفون عليها ويطلعون عليها، فالمسئولية عليهم أعظم من المسئولية على غيرهم من العوام الذين ليسوا من أهل التفقه والعلم، ومعلوم أن المتعلم عنده ما ليس عند غير المتعلم؛ ولهذا كان المطلوب منه أعظم وأكثر مما يطلب من غير المتعلم. وإذا رأينا الرجل يقوم بعد صلاة الفريضة مباشرة ولا يذكر الأذكار لا نقول: إن هذا من تأثير الشيطان عليه؛ لأنه شغله عن الذكر بعد الصلاة؛ لأنه قد يكون مضطراً، وقد يذكر الله عز وجل وهو يمشي إذا كان مضطراً، ولكن الشأن فيما إذا لم تكن هناك ضرورة، وأما كون الإنسان مضطراً فإن له أن يقطع الصلاة إذا احتاج إلى قطعها. وجه كون التسبيح والتحميد والتكبير دبر الصلاة عشراً من أذكار الصلاة السؤال: هل التسبيح والتحميد والتكبير دبر الصلاة عشراً عشراً هو غير التسبيح والتحميد والتكبير ثلاثاً وثلاثين وتمام المائة لا إله إلا الله ..؟ الجواب: الذي يبدو أن هذا منه، وأن هذه من الصيغ التي تأتي بعد الصلاة، ولكن كما هو معلوم الإتيان بما هو أتم وبما هو أكمل أولى. معنى قوله (فأستأذن على ربي في داره) السؤال: جاء عند البخاري تحت باب قوله عز وجل: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ [القيامة:22] حديث أنس وفيه: (ثم أعود الثالثة فأستأذن على ربي في داره فيؤذن لي عليه) فما المقصود بقوله: في داره؟ الجواب: الذي يبدو أن المقصود به الجنة، وأن الإنسان في الجنة يكون في دار الله عز وجل، وهي دار الكرامة، وليس معنى ذلك أن الله عز وجل يحويه شيء. بيان محل النفث عند قراءة المعوذتين عند النوم السؤال: ذكرتم حفظكم الله أن النفث بعد القراءة عند النوم، وقد جاء عند البخاري في كتاب فضائل القرآن: (جمع كفيه فنفث فيهما ثم قرأ المعوذات) فثم تفيد الترتيب، ألا يقال: ينفث ثم يقرأ؛ لأن هذا ظاهر الرواية؟ الجواب: يبدو والله أعلم أن هناك نفثاً متكرراً وأنه ليس مرة واحدة، المهم أن يوجد النفث والقراءة، ويمكن أن النفث متكرر، وأنه يكون قبل القراءة وبعدها." |
رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله
شرح سنن أبي داود (عبد المحسن العباد) كتاب الإمارة شرح سنن أبي داود [576] الحلقة (606) شرح سنن أبي داود [576] هناك أحاديث كثيرة في أذكار الصباح والمساء وفيها الثناء والتعظيم والتنزيه لله سبحانه وتعالى، وسؤاله الخير والتعوذ به من الشر، وينبغي للمسلم أن يحافظ عليها؛ أداءً للشكر الواجب علينا لله، وكذلك لما يترتب عليها من أجور كثيرة، منها: العتق من النار، ومغفرة الذنوب، ورفع الدرجات، والدخول في رحمة الله وعفوه، فضلاً عن أنها حروز للمؤمن تقية المصائب الدنيوية وشرور الخلق. أذكار الصباح والمساء شرح حديث (أن أبا بكر قال: يا رسول الله مرني بكلمات أقولهن إذا أصبحت وإذا أمسيت ...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما يقول إذا أصبح. حدثنا مسدد حدثنا هشيم عن يعلى بن عطاء عن عمرو بن عاصم عن أبي هريرة : أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال: (يا رسول الله! مرني بكلمات أقولهن إذا أصبحت وإذا أمسيت، قال: قل: اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة رب كل شيء ومليكه، أشهد أن لا إله إلا أنت، أعوذ بك من شر نفسي وشر الشيطان وشركه، قال: قلها إذا أصبحت وإذا أمسيت وإذا أخذت مضجعك) ]. أورد الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [ باب ما يقول إذا أصبح ] يعني: وكذلك إذا أمسى. وقد أورد أبو داود جملة من الأحاديث التي تشتمل على الأدعية التي تتعلق بهذه الترجمة، وأولها حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: (مرني بكلمات أقولهن إذا أصبحت وإذا أمسيت، قال: قل: اللهم فاطر السماوات والأرض) يعني: خالقهما وموجدهما. قوله: [ (عالم الغيب والشهادة) ] أي: العالم بكل شيء مما يشاهده الناس ومما هو غائب عنهم، فالله تعالى عالم به لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء سبحانه وتعالى. قوله: [ (رب كل شيء ومليكه) ] أي: هو الخالق المربي ذو النعم، الموجد للخلق المالك لكل شيء، المتصرف في كل شيء، الذي بيده ملكوت كل شيء، وكل هذا ثناء على الله عز وجل وتمهيد للدعاء الذي يدعو به الإنسان. قوله: [ (أشهد أن لا إله إلا أنت) ] وهذه الشهادة لله بالوحدانية والشهادة له بالألوهية، وأنه الإله الواحد الذي لا شريك له، كما أنه لا شريك له في الخلق فلا شريك له في العبادة، وكما أنه المتفرد بالخلق والإيجاد فهو الذي يجب أن يفرد بالعبادة وحده لا شريك له. قوله: [ (أعوذ بك من شر نفسي) ] يعني: أن يتعوذ الإنسان بالله من شر نفسه الأمارة بالسوء إلا ما رحم الله، فهو يسأله العافية والسلامة من شر نفسه. قوله: [ (ومن شر الشيطان) ] أي: من شر الشيطان الذي هو عدو الإنسان؛ لأنه آلى على نفسه والتزم بأن يغوي الناس وأن يجتهد في إغوائهم وإخراجهم من النور إلى الظلمات. قوله: [ (وشركه) ] يعني: ما يدعو إليه من الشرك الذي هو أظلم الظلم وأبطل الباطل، والذي صاحبه يكون خالداً مخلداً في النار، وأقصى ما يريده الشيطان أن يخرج المرء من الإسلام إلى الشرك وإلى الكفر؛ حتى يكون معه في نار جهنم وحتى يكون من الخالدين الباقين فيها إلى ما لا نهاية؛ لأن الشرك هو أعظم ذنب وهو الذي لا يغفر، وهو الذي يخلد صاحبه في النار ولا سبيل له إلى دخول الجنة، بخلاف الذنوب الأخرى فإنها تحت مشيئة الله عز وجل إن شاء عفا عن صاحبها، وإن شاء عذبه ثم أخرجه منها وأدخله الجنة. وجاء في بعض الروايات: (ومن شر الشيطان وشركه وحبائله) . قوله: (قال: قلها إذا أصبحت وإذا أمسيت وإذا أخذت مضجعك) ]. يعني: تقال في ثلاثة أحوال: في الصباح، وفي المساء، وعند النوم. تراجم رجال إسناد حديث (أن أبا بكر قال: يا رسول الله مرني بكلمات أقولهن إذا أصبحت وإذا أمسيت ... ) قوله: [ حدثنا مسدد ]. هو مسدد بن مسرهد البصري ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا هشيم ]. هو هشيم بن بشير الواسطي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن يعلى بن عطاء ]. يعلى بن عطاء وهو ثقة، أخرج له البخاري في جزء القراءة، و مسلم وأصحاب السنن. [ عن عمرو بن عاصم ]. وهو ثقة أخرج له البخاري في الأدب المفرد، و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ عن أبي هريرة ]. هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه. شرح حديث (أن النبي كان يقول إذا أصبح: اللهم بك أصبحنا وبك أمسينا ... ) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا وهيب حدثنا سهيل عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (أنه كان يقول إذا أصبح: اللهم بك أصبحنا وبك أمسينا وبك نحيا وبك نموت وإليك النشور، وإذا أمسى قال: اللهم بك أمسينا وبك نحيا وبك نموت وإليك النشور) ]. أورد أبو داود حديث أبي هريرة وهو من أدعية الصباح والمساء: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أصبح قال: اللهم بك أصبحنا وبك أمسينا وبك نحيا وبك نموت وإليك النشور). أي: أن إصباحنا وإمساءنا بقدرتك وبمشيئتك وإرادتك، فأنت الذي شئت أن تحصل لنا الحياة ثم يحصل لنا الموت، سواء كان الموت الذي به مفارقة الحياة مطلقاً، أو النوم الذي تكون به مفارقة الروح مفارقة نسبية، فهو يقال له وفاة، ويقال له موت، وقد جاء في الحديث: (النوم أخو الموت وأهل الجنة لا ينامون). قوله: [ (وإليك النشور) ] أي: بعث الناس من قبورهم وذهابهم للمحشر ومجازاتهم على أعمالهم، وهذه هي النهاية التي ينتهي إليها الناس؛ لأنه لا بد من الموت، ولا بد من البعث بعد الموت وهو النشور، ثم الحساب والمجازاة على أعمالنا إن خيراً فخير وإن شراً فشر. وجاء في بعض الروايات: (وإليك المصير) لكن المشهور (وإليك النشور) . تراجم رجال إسناد حديث (أن النبي كان يقول إذا أصبح: اللهم بك أصبحنا وبك أمسينا ...) قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ]. هو موسى بن إسماعيل التبوذكي البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا وهيب ]. هو وهيب بن خالد وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا سهيل ]. هو سهيل بن أبي صالح وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وروايته في البخاري مقرونة. [ عن أبيه ]. هو أبو صالح ذكوان السمان ويقال: الزيات وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. أبو هريرة رضي الله عنه وقد مر ذكره. شرح حديث (من قال حين يصبح أو يمسي: اللهم إني أصبحت أشهدك وأشهد حملة عرشك ...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن صالح حدثنا محمد بن أبي فديك أخبرني عبد الرحمن بن عبد المجيد عن هشام بن الغاز بن ربيعة عن مكحول الدمشقي عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (من قال حين يصبح أو يمسي: اللهم إني أصبحت أشهدك وأشهد حملة عرشك وملائكتك وجميع خلقك، أنك أنت الله لا إله إلا أنت وأن محمداً عبدك ورسولك؛ أعتق الله ربعه من النار، فمن قالها مرتين أعتق الله نصفه، ومن قالها ثلاثاً أعتق الله ثلاثة أرباعه، فإن قالها أربعاً أعتقه الله من النار) ]. أورد أبو داود حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من قال حين يصبح أو يمسي: اللهم إني أصبحت أشهدك وأشهد حملة عرشك وملائكتك وجميع خلقك أنك أنت الله لا إله إلا أنت، وأن محمداً عبدك ورسولك أعتق الله ربعه من النار، ... وإن قالها أربعاً يعتق الله جميعه من النار). وهذا ثناء على الله عز وجل وتعظيم له سبحانه وتعالى؛ لأن الله تعالى هو رب كل شيء ومليكه، ويشهد المرء هؤلاء الخلق أنه معترف بهذا الشيء وأنه مقر بهذا الشيء، وأنه معظم لله عز وجل، فهو ثناء من العبد على ربه سبحانه وتعالى. والحديث ضعفه الألباني لأن في إسناده مجهولاً، وفيه مكحول وهو مدلس ويرسل، لكنه جاء من طريق أخرى يمكن أن يحسن بها، فإذا انضم إليه الطريق الآخر يكون الحديث مقبولاً. تراجم رجال إسناد حديث (من قال حين يصبح أو يمسي: اللهم إني أصبحت أشهدك وأشهد حملة عرشك ...) قوله: [ حدثنا أحمد بن صالح ]. هو أحمد بن صالح المصري ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي في الشمائل. [ حدثنا محمد بن أبي فديك ]. محمد بن أبي فديك وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرني عبد الرحمن بن عبد المجيد ]. هو عبد الرحمن بن عبد المجيد السهمي مجهول من السابعة، أخرج له أبو داود . [ عن هشام بن الغاز بن ربيعة ]. هشام بن الغاز بن ربيعة هو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً وأصحاب السنن. [ عن مكحول ]. هو مكحول الشامي وهو ثقة، أخرج له البخاري في جزء القراءة، و مسلم وأصحاب السنن. [ عن أنس بن مالك ]. أنس بن مالك رضي الله عنه خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. شرح حديث (من قال حين يصبح أو حين يمسي: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت ....) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زهير حدثنا الوليد بن ثعلبة الطائي عن ابن بريدة عن أبيه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (من قال حين يصبح أو حين يمسي: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء بنعمتك وأبوء بذنبي فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، فمات من يومه أو من ليلته دخل الجنة) ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث بريدة بن الحصيب رضي الله عنه في هذا الدعاء الذي هو سيد الاستغفار، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من قال حين يصبح أو حين يمسي: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك). هذا كله تعظيم لله عز وجل وإقرار بربوبيته وأنه رب كل شيء ومليكه، وأنه الخالق الرازق المتصرف في الكون الذي بيده ملكوت كل شيء. قوله: [ (وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت) ]. يعني: أنني ملتزم بأن أقوم بما عاهدتك عليه ووعدت أن أفعله من الاستقامة والالتزام بما أمرت به، وذلك حسب الاستطاعة. والعهد والوعد يرجع إلى فعل الإنسان وإلى وما هو مطلوب من الإنسان؛ لأنه عاهد الله عليه وواعد الله تعالى أن يقوم به. قوله: [ (أبوء لك بنعمتك وأبوء بذنبي) ] يعني: أنني متقلب في نعمتك وظافر بنعمتك التي أنعمت بها علي وأنا معترف بها ومقر بها شاكر لك عليها، وأبوء بذنبي الذي اقترفته، وأنا نادم عليه وتائب منه وراجع عنه. قوله: [ (فاغفر لي) ]. هذا هو المقصود وما قبله كله تمهيد، وهكذا نجد أن الأدعية النبوية تسبق بثناء على الله عز وجل وتمجيده وتعظيمه، وهو من أسباب قبول الدعاء. فهذا الاعتراف بفضل الله عز وجل وتعظيمه وتمجيده المقصود منه الوصول إلى هذه الغاية، وهي أن يغفر الله له. قوله: [ (إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت) ] يعني: فأنت الذي بيدك كل شيء وأنت الذي تغفر الذنوب، وأنت الذي يتوكل عليك ويعول عليك في كل شيء. قوله: [ (فمات من يومه أو من ليلته دخل الجنة) ]. يعني: إذا قال هذه الكلمة في الصباح أو في المساء فإنه يدخل الجنة؛ بسبب هذا الدعاء العظيم الذي دعا الله عز وجل به. تراجم رجال إسناد حديث (من قال حين يصبح أو حين يمسي: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت ...) قوله: [ حدثنا أحمد بن يونس ]. هو أحمد بن عبد الله بن يونس ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا زهير ]. هو زهير بن معاوية ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا الوليد بن ثعلبة الطائي ]. الوليد بن ثعلبة الطائي ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ عن ابن بريدة ]. هو عبد الله بن بريدة وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه ]. هو بريدة بن الحصيب الأسلمي رضي الله عنه، وهو صحابي أخرج له أصحاب الكتب الستة. شرح حديث (أن النبي كان يقول إذا أمسى: أمسينا وأمسى الملك لله ...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا وهب بن بقية عن خالد ح وحدثنا محمد بن قدامة بن أعين حدثنا جرير عن الحسن بن عبيد الله عن إبراهيم بن سويد عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يقول إذا أمسى: أمسينا وأمسى الملك لله، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، زاد في حديث جرير : وأما زبيد كان يقول: كان إبراهيم بن سويد يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، رب أسألك خير ما في هذه الليلة وخير ما بعدها، وأعوذ بك من شر ما في هذه الليلة وشر ما بعدها، رب أعوذ بك من الكسل ومن سوء الكبر أو الكفر، رب أعوذ بك من عذاب في النار وعذاب في القبر، وإذا أصبح قال ذلك أيضاً: أصبحنا وأصبح الملك لله) ]. أورد أبو داود حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أمسى قال: أمسينا وأمسى الملك لله). يعني: دخلنا في المساء وأمسى الملك كله لله عز وجل، وكل ما في الكون فهو لله عز وجل مالكه والمتصرف فيه، وهو دائماً وأبداً في قبضته وتحت تصرفه سبحانه وتعالى، ونحن من جملة الملك؛ لأن لله ملك السماوات وما فيهما وما بينهما. قوله: [ (لا إله إلا الله وحده لا شريك له) ]. وهذا تعظيم لله عز وجل وإقرار له بالألوهية، وأنه إله كل شيء ومليكه. ولا إله إلا الله نفي وإثبات، ووحده لا شريك له نفي وإثبات؛ إلا أن الإثبات في الثاني قدم والنفي أخر، فقوله: [ (وحده لا شريك له) ] مثل قوله: [ (لا إله إلا الله) ]. قوله: [ (رب أسألك خير ما في هذه الليلة وخير ما بعدها) ]. يعني: كل ما في هذه الليلة من خير أسألك إياه، وأعوذ بك من شر هذه الليلة وما بعدها. قوله: [ (أعوذ بك من الكسل) ] يعني: أعوذ بك من الخمول والفتور والكسل في الطاعة الذي يحصل عنه عدم القيام بها كما ينبغي. قوله: [ (وسوء الكبر) ] الذي هو الهرم، بحيث يرد الإنسان إلى أرذل العمر. قوله: [ (أو الكفر) ] هذا شك من الراوي. قوله: [ (رب أعوذ بك من عذاب في النار وعذاب في القبر) ]. يعني: يستعيذ بالله عز وجل من عذاب القبر وعذاب البرزخ ومن عذاب النار، ومعلوم أن عذاب البرزخ هو من عذاب النار إلا أن ما يكون بعد البرزخ أشد، كما قال الله عز وجل عن آل فرعون: النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ [غافر:46] يعني: أنهم في البرزخ معذبون بعذاب النار، وعندما يحصل البعث والنشور ينتقلون إلى عذاب النار الذي هو أشد من هذا الذي حصلوه في قبورهم من عذاب النار والعياذ بالله. قوله: [ (وإذا أصبح قال مثل ذلك) ] يعني: هذا من أدعية الصباح والمساء. تراجم رجال إسناد حديث (أن النبي كان يقول إذا أمسى: أمسينا وأمسى الملك لله ...) قوله: [ حدثنا وهب بن بقية ]. هو وهب بن بقية الواسطي ثقة، أخرج حديثه مسلم و أبو داود و النسائي . [ عن خالد ]. هو خالد بن عبد الله الواسطي الطحان، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ ح وحدثنا محمد بن قدامة بن أعين ]. ح وهو التحول من إسناد إلى إسناد ومحمد بن قدامة بن أعينثقة، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ حدثنا جرير ]. هو جرير بن عبد الحميد الضبي الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الحسن بن عبيد الله ]. الحسن بن عبيد الله وهو ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ عن إبراهيم بن سويد ]. إبراهيم بن سويد وهو ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ عن عبد الرحمن بن يزيد ]. هو عبد الرحمن بن يزيد النخعي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله ]. هو عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه الصحابي الجليل، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ زاد في حديث جرير : وأما زبيد كان يقول: كان إبراهيم بن سويد ]. هو زبيد اليامي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. طريق أخرى لحديث ابن مسعود وترجمة رجال إسنادها [ قال أبو داود : رواه شعبة عن سلمة بن كهيل عن إبراهيم بن سويد قال: (من سوء الكبر)، ولم يذكر سوء الكفر ]. أورد الحديث من طريق أخرى، وشعبة بن الحجاج الواسطي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سلمة بن كهيل ]. سلمة بن كهيل ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن إبراهيم بن سويد ]. إبراهيم بن سويد وقد مر ذكره، ولم يذكر الكفر. شرح حديث (من قال إذا أصبح وإذا أمسى: رضينا بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد رسولاً ...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن أبي عقيل عن سابق بن ناجية عن أبي سلام أنه كان في مسجد حمص فمر به رجل فقالوا: هذا خدم النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقام إليه فقال: حدثني بحديث سمعته من رسول الله صلى الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يتداوله بينك وبينه الرجال، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (من قال إذا أصبح وإذا أمسى: رضينا بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد رسولاً، إلا كان حقاً على الله أن يرضيه) ]. أورد أبو داود حديث رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من قال إذا أصبح وإذا أمسى: رضينا بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد رسولاً، إلا كان حقاً على الله أن يرضيه). وهذا مشتمل على ثلاثة أمور: الرضا بالله في ربوبيته وبدين الإسلام وبنبوة محمد عليه الصلاة والسلام، وهذه الأمور الثلاثة هي التي يسأل عنها في القبر؛ لأن الإنسان في القبر يسأل عن ربه ودينه ونبيه، وقد جاء هذا الدعاء في أدعية الصباح والمساء، وجاء أيضاً عند الأذان، بل جاء أيضاً مطلقاً كما في صحيح مسلم من حديث العباس : (ذاق طعم الإيمان من رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً). وهذه الأمور الثلاثة هي التي بنى عليها الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله كتابه الأصول الثلاثة؛ لأن الأصول الثلاثة هي هذه الأمور الثلاثة، وهي معرفة العبد ربه ودينه ونبيه، والكتاب وجيز مفيد لا يستغني عامي ولا طالب علم عنه؛ لأنه وضح فيه هذه الأمور التي هي محل السؤال في القبر. تراجم رجال إسناد حديث (من قال إذا أصبح وإذا أمسى: رضينا بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد رسولاً ...) قوله: [ حدثنا حفص بن عمر ]. هو حفص بن عمر النمري وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و النسائي . [ حدثنا شعبة ]. شعبة مر ذكره. [ عن أبي عقيل ]. هو هاشم بن بلال ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ عن سابق بن ناجية ]. سابق بن ناجية مقبول، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ عن أبي سلام ]. هو ممطور الحبشي وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، و مسلم وأصحاب السنن. [ عن رجل خدم النبي صلى الله عليه وسلم ]. والحديث في إسناده هذا المقبول، ولكنه جاء من طريق أخرى، فيكون حسناً. شرح حديث (من قال حين يصبح: اللهم ما أصبح بي من نعمة فمنك وحدك لا شريك لك ...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن صالح حدثنا يحيى بن حسان و إسماعيل قالا: حدثنا سليمان بن بلال عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن عبد الله بن عنبسة عن عبد الله بن غنام البياضي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (من قال حين يصبح: اللهم ما أصبح بي من نعمة فمنك وحدك لا شريك لك، فلك الحمد ولك الشكر، فقد أدى شكر يومه، ومن قال مثل ذلك حين يمسي فقد أدى شكر ليلته) ]. أورد أبو داود حديث عبد الله بن غنام البياضي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من قال حين يصبح: اللهم ما أصبح بي من نعمة فمنك وحدك لا شريك لك، فلك الحمد ولك الشكر، فقد أدى شكر يومه، ومن قال ذلك حين يمسي فقد أدى شكر ليلته) يعني: اعترف بأن كل نعمة من الله عز وجل، وهذا كما قال عز وجل: وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنِ اللَّهِ [النحل:53] وقال سبحانه: وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا [إبراهيم:34]، وفي دعاء التلبية: (إن الحمد والنعمة لك والملك)، فهو صاحب النعم، وهو مستحق للحمد والشكر سبحانه وتعالى، والعباد إذا حصل منهم إحسان فإنما هو من الله سبحانه وتعالى، لأنه هو الذي ساق ذلك بسببهم وجعلهم واسطة، ولو لم يشأ ذلك ولم يقدره لما حصل، فكل نعمة تصل إلى العبد سواء كانت بسبب مباشر من بعض الناس أو ليست بسبب فإنها ترجع إلى الله عز وجل، فهو المتفضل بها وهو الذي سخر من كان سبباً لأن تحصل منه هذه النعمة، ولو شاء لمنعه ولم يجعله يقدم على هذا الإحسان أو على إسداء هذه النعمة وبذل هذه النعمة. فإذاً: يرجع الأمر كله إلى الله سبحانه وتعالى؛ ولهذا جاء في حديث وصية النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس : (واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف). |
رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله
تراجم رجال إسناد حديث (من قال حين يصبح: اللهم ما أصبح بي من نعمة فمنك وحدك لا شريك لك ... ) قوله: [ حدثنا أحمد بن صالح ]. أحمد بن صالح مر ذكره. [ حدثنا يحيى بن حسان ]. يحيى بن حسان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي . [ و إسماعيل ]. هو إسماعيل بن أبي أويس، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي . [ حدثنا سليمان بن بلال ]. وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن ]. وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن عنبسة ]. وهو مقبول، أخرج له أبو داود و النسائي . [ عن عبد الله بن غنام البياضي ]. عبد الله بن غنام البياضي وهو صحابي، أخرج له أبو داود و النسائي . شرح حديث (لم يكن رسول الله يدع هؤلاء الدعوات حين يمسي وحين يصبح: اللهم إني أسألك العافية ...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا يحيى بن موسى البلخي حدثنا وكيع ح وحدثنا عثمان بن أبي شيبة المعنى حدثنا ابن نمير قالا: حدثنا عبادة بن مسلم الفزاري عن جبير بن أبي سليمان بن جبير بن مطعم قال: سمعت ابن عمر رضي الله عنهما يقول: (لم يكن رسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يدع هؤلاء الدعوات حين يمسي وحين يصبح: اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم استر عورتي، وقال عثمان : عوراتي وآمن روعاتي، اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي، وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي). قال أبو داود : قال وكيع : يعني الخسف ]. أورد أبو داود حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يدع حين يمسي ويصبح أن يقول هذه الكلمات: (اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة). يعني: السلامة من كل شر في الدنيا والآخرة، وسؤال العافية في الدنيا والآخرة والسلامة من كل شر هذا من الأدعية الجامعة. قوله: [ (اللهم استر عورتي وقال عثمان : عوراتي) ]. يعني: أحد الشيخين ذكرها بالإفراد والثاني ذكرها بالجمع، والعورة تشمل الحسية وغيرها. قوله: [ (وآمن روعاتي) ]. يعني: ما يحصل من رعب وخوف، فيكون آمناً. قوله: [ (اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي) ]. يسأل الله عز وجل أن يحفظه من جميع الجهات: من أمامه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوقه، ثم قال: (وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي) ثم قال: وقال وكيع : أي الخسف، يعني: يعوذ بعظمة الله أن يحصل له الخسف، فهو يسأل الله عز وجل أن يحفظه من جميع الجهات ألا يأتيه بلاء وشر. تراجم رجال إسناد حديث (لم يكن رسول الله يدع هؤلاء الدعوات حين يمسي وحين يصبح: اللهم إني أسألك العافية ...) قوله: [ حدثنا يحيى بن موسى البلخي ]. يحيى بن موسى البلخي هو ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا وكيع ]. هو وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ ح وحدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي ، وإلا النسائي فقد أخرج له في عمل اليوم والليلة. [ حدثنا ابن نمير ]. هو عبد الله بن نمير ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عبادة بن مسلم الفزاري ]. عبادة بن مسلم الفزاريوهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، وأصحاب السنن. [ عن جبير بن أبي سليمان بن جبير بن مطعم ]. وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ سمعت ابن عمر ]. هو عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام. شرح حديث (أن النبي كان يعلم ابنته فيقول قولي حين تصبحين: سبحان الله وبحمده لا قوة إلا بالله ...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن صالح حدثنا عبد الله بن وهب أخبرني عمرو أن سالماً الفراء حدثه أن عبد الحميد مولى بني هاشم حدثه أن أمه حدثته وكانت تخدم بعض بنات النبي صلى الله عليه وسلم، أن ابنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم حدثتها: (أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يعلمها فيقول: قولي حين تصبحين: سبحان الله وبحمده لا قوة إلا بالله، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، أعلم أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علماً؛ فإنه من قالهن حين يصبح حفظ حتى يمسي، ومن قالهن حين يمسي حفظ حتى يصبح) ]. أورد أبو داود حديث إحدى بنات النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله تعالى عنها أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يعلمها فيقول: (قولي حين تصبحين: سبحان الله وبحمده) فجمع بين التنزيه والتعظيم، أي: تنزيه الله عز وجل عما لا يليق به وإضافة ما يليق به، فالأول تنزيه والثاني ثناء وتعظيم. قوله: [ (لا قوة إلا بالله) ]. يعني: لا قوة لأحد إلا بتمكين الله عز وجل وإقداره له، وإلا فإنه بدون ذلك لا يستطيع؛ لأن كل شيء من عند الله سبحانه وتعالى. قوله: [ (ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن) ] يعني: كل ما شاء الله أن يكون فإنه لابد أن يكون، وكل ما لم يشأ الله أن يكون فإنه لا يمكن أن يكون، وهاتان الكلمتان ينبني عليهما باب الإيمان بالقضاء والقدر؛ لأنه مبني على أن كل شيء مقدر لابد من أن يوجد، وكل شيء غير مقدر لا يمكن أن يوجد، وعليه يدل الحديث: (واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك)، يعني: ما قدره الله أن يكون لا يمكن أن يتخلف، والشيء الذي قدر الله عز وجل أنه لا يكون فإنه لا يمكن أن يحصل لأحد؛ لأنه قدر ألا يوجد. إذاً: هاتان الكلمتان فيهما بيان القضاء والقدر، وأن كل شيء راجع إلى قضاء الله وقدره: (ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن) يقول الشاعر: فما شئتَ كان وإن لم أشأ وما شئتُ إن لم تشأ لم يكن وقال عز وجل: وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ [التكوير:29] يعني: إذا أراد الإنسان شيئاً ولم يرده الله عز وجل فإنه لا يكون، وما أراده الله عز وجل لابد من أن يكون سواء أراده الإنسان أو لم يرده. قوله: [ (أعلم أن الله على كل شيء قدير، وأن الله قد أحاط بكل شيء علماً) ]. فيه الثناء على الله عز وجل بعموم قدرته وعموم علمه، فهو على كل شيء قدير لا يعجزه شيء، وهو عالم بكل شيء لا يعزب عن علمه شيء في الأرض ولا في السماء، وهذا هو الذي ختمت به سورة الطلاق: لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا [الطلاق:12] . تراجم رجال إسناد حديث (أن النبي كان يعلم ابنته فيقول قولي حين تصبحين: سبحان الله وبحمده لا قوة إلا بالله ...) قوله: [ حدثنا أحمد بن صالح حدثنا عبد الله بن وهب ]. عبد الله بن وهب المصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرني عمرو ]. هو عمرو بن الحارث المصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أن سالماً الفراء ]. سالم الفراء مقبول، أخرج له أبو داود و النسائي في عمل اليوم والليلة. [ أن عبد الحميد مولى بني هاشم ]. عبد الحميد مولى بني هاشم مقبول، أخرج له أبو داود و النسائي . [ أن أمه ]. أمه مقبولة أخرج لها أبو داود و النسائي في عمل اليوم والليلة. [ عن بعض بنات النبي صلى الله عليه وسلم ]. والحديث فيه هؤلاء الثلاثة المقبولون. شرح حديث (من قال حين يصبح فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون... ) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن سعيد الهمداني قال: أخبرنا ح وحدثنا الربيع بن سليمان قال: حدثنا ابن وهب أخبرني الليث عن سعيد بن بشير النجاري عن محمد بن عبد الرحمن البيلماني قال الربيع : ابن البيلماني عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (من قال حين يصبح: فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ * وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ)[الروم:17-18] إلى: وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ [الروم:19] أدرك ما فاته في يومه ذلك، ومن قالهن حين يمسي أدرك ما فاته في ليلته) قال الربيع : عن الليث ]. أورد أبو داود حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من قال حين يصبح: (( فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ ))[الروم:17] إلى قوله: وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ [الروم:19] أدرك ما فاته في يومه ذلك، ومن قالهن حين يمسي أدرك ما فاته في ليلته) ولكن الحديث غير صحيح؛ لأن في إسناده من هو متكلم فيه . تراجم رجال إسناد حديث (من قال حين يصبح فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون ... ) قوله: [ حدثنا أحمد بن سعيد الهمداني ]. أحمد بن سعيد الهمداني صدوق، أخرج له أبو داود . [ قال: أخبرنا،ح وحدثنا الربيع بن سليمان قال: حدثنا ]. يعني: ذكر التحويل بعد الصيغة للإشارة إلى أن الفرق بين الشيخين أن واحداً عبر بأخبرنا والثاني عبر بحدثنا، و الربيع بن سليمان ثقة، أخرج له أصحاب السنن. [ حدثنا ابن وهب أخبرني الليث ]. ابن وهب مر ذكره، والليث هو ابن سعد المصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سعيد بن بشير النجاري ]. سعيد بن بشير النجاري مجهول، أخرج له أبو داود . [ عن محمد بن عبد الرحمن البيلماني ]. وهو ضعيف، أخرج له أبو داود وابن ماجة . [ عن أبيه ]. أيضاً وهو ضعيف، أخرج له أصحاب السنن. [ عن ابن عباس ]. هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة المشهورين من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام. شرح حديث (من قال إذا أصبح لا إله إلا الله وحده لا شريك له ...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد و وهيب نحوه عن سهيل عن أبيه عن ابن أبي عائش وقال حماد : عن أبي عياش رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (من قال إذا أصبح: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، كان له عدل رقبة من ولد إسماعيل، وكتب له عشر حسنات وحط عنه عشر سيئات ورفع له عشر درجات، وكان في حرز من الشيطان حتى يمسي، وإن قالها إذا أمسى كان له مثل ذلك حتى يصبح). أورد أبو داود حديث ابن أبي عائش أو أبي عياش وهو صحابي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من قال إذا أصبح: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، كان له عدل رقبة من ولد إسماعيل، وكتب له عشر حسنات وحط عنه عشر سيئات ورفع له عشر درجات، وكان في حرز من الشيطان حتى يمسي، وإن قالها إذا أمسى كان له مثل ذلك حتى يصبح) ، وهذا يدل على فضل هذا الدعاء وعظم شأنه، ومع وجازته فيه هذا الثواب العظيم الذي يعادل إعتاق رقبة من ولد إسماعيل، وأنه يرفع له عشر درجات ويحط عنه عشر خطيئات، فهذا كلام يسير وعمل يسير ولكن ثوابه جزيل وعظيم عند الله سبحانه وتعالى. تراجم رجال إسناد حديث (من قال إذا أصبح لا إله إلا الله وحده لا شريك له ...) قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد ]. موسى بن إسماعيل مر ذكره، وحماد هو ابن سلمة بن دينار البصري ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، و مسلم وأصحاب السنن. [ و وهيب ]. وهيب مر ذكره. [ نحوه عن سهيل ]. يعني: نحو حديث حماد . وسهيل هو سهيل بن أبي صالح مر ذكره. [ عن أبيه عن ابن أبي عائش وقال حماد : عن أبي عياش ]. أبو عياش صحابي، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة . حكم التعويل على الرؤيا في إثبات الأحكام الشرعية قال المصنف رحمه الله تعالى: [ قال في حديث حماد : فرأى رجل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيما يرى النائم، فقال: يا رسول الله! إن أبا عياش يحدث عنك بكذا وكذا، قال: صدق أبو عياش ]. يعني: هذه الرؤيا مطابقة لشيء ثابت بالإسناد، والأصل أن لا يعول على ما يأتي من طريق الرؤى، ولكن هذا مطابق لشيء ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما إذا ادعى أحد أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم وأنه قال له: افعل كذا، أو قال له عن شيء لا يعرف له أساس في السنة ولا يثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام فإنه لا يعول عليه؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما فارق الحياة الدنيا إلا وقد أكمل الله به الدين وأتم على الأمة النعمة، كما قال الله عز وجل: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا [المائدة:3]. طريق ثانية لحديث (من قال إذا أصبح لا إله إلا الله وحده لا شريك له ...) وتراجم رجالها [ قال أبو داود : رواه إسماعيل بن جعفر و موسى الزمعي و عبد الله بن جعفر عن سهيل عن أبيه عن ابن عائش ]. قوله: [ رواه إسماعيل بن جعفر ]. إسماعيل بن جعفر هو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة . [ وموسى الزمعي ]. موسى الزمعي صدوق سيئ الحفظ، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، وأصحاب السنن. [ و عبد الله بن جعفر ]. عبد الله بن جعفر ضعيف، أخرج له الترمذي و ابن ماجة . ولم يذكر أن أبا داود خرج لابن جعفر ؛ لأنه ما أتى به في المتصلات وإنما أتى به المعلقات. [ عن سهيل عن أبيه عن ابن عائش ] مر ذكرهم. شرح حديث (من قال حين يصبح اللهم إني أصبحت ...) وتراجم رجال إسناده قال المصنف رحمه الله تعال: [ حدثنا عمرو بن عثمان حدثنا بقية عن مسلم -يعني: ابن زياد - قال: سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من قال حين يصبح: اللهم إني أصبحت أشهدك وأشهد حملة عرشك وملائكتك وجميع خلقك أنك أنت الله لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، وأن محمداً عبدك ورسولك، إلا غفر له ما أصاب في يومه ذلك من ذنب، وإن قال حين يمسي غفر له ما أصاب تلك الليلة) ]. تقدم هذا الحديث بمعناه . قوله: [ حدثنا عمرو بن عثمان ]. هو عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير الحمصي وهو صدوق، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ حدثنا بقية ]. هو بقية بن الوليد وهو صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن مسلم -يعني: ابن زياد - ]. مسلم بن زياد وهو مقبول، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ سمعت أنس بن مالك ]. أنس بن مالك رضي الله عنه خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام. شرح حديث (إذا انصرفت من صلاة المغرب فقل اللهم أجرني من النار ...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا إسحاق بن إبراهيم أبو النضر الدمشقي حدثنا محمد بن شعيب أخبرني أبو سعيد الفلسطيني عبد الرحمن بن حسان عن الحارث بن مسلم أنه أخبره عن أبيه مسلم بن الحارث التميمي رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه أسر إليه فقال: (إذا انصرفت من صلاة المغرب فقل: اللهم أجرني من النار سبع مرات؛ فإنك إذا قلت ذلك ثم مت في ليلتك كتب لك جوار منها، وإذا صليت الصبح فقل كذلك؛ فإنك إن مت في يومك كتب لك جوار منها) أخبرني أبو سعيد عن الحارث أنه قال: أسرها إلينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فنحن نخص بها إخواننا ]. أورد أبو داود حديث مسلم بن الحارث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (إذا انصرفت من صلاة المغرب فقل: اللهم أجرني من النار سبع مرات؛ فإنك إذا قلت ذلك ثم مت في ليلتك كتب لك جوار من النار، وإذا صليت الصبح فقل كذلك؛ فإنك إن مت في يومك كتب لك جوار منها) وهذا يتعلق بالصباح والمساء، لأنه بعد صلاة المغرب وبعد صلاة الفجر، ولكن الحديث في إسناده هذا الرجل الذي يروي عن أبيه وهو غير معروف، والجهالة في الصحابي لا تؤثر ولكن الجهالة فيمن دونه تؤثر. قوله: [ أخبرني أبو سعيد عن الحارث أنه قال: أسرها إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فنحن نخص بها إخواننا ]. يعني: لما حصل الإسرار بها إليهم فهم كانوا أيضاً يسرون بها، لكن الحديث في إسناده هذا الشخص المجهول. تراجم رجال إسناد حديث (إذا انصرفت من صلاة المغرب فقل اللهم أجرني من النار ...) قوله: [ حدثنا إسحاق بن إبراهيم أبو النضر الدمشقي ]. إسحاق بن إبراهيم أبو النضر الدمشقي صدوق، أخرج له البخاري و أبو داود و النسائي . [ حدثنا محمد بن شعيب ]. هو محمد بن شعيب بن شابور، وهو صدوق، أخرج له أصحاب السنن. [ أخبرني أبو سعيد الفلسطيني عبد الرحمن بن حسان ]. وهو لا بأس به -بمعنى صدوق- أخرج له أبو داود و النسائي. [ عن الحارث بن مسلم أنه أخبره عن أبيه مسلم بن الحارث التميمي ]. الحارث بن مسلم ومسلم بن الحارث مجهولان؛ لكن الأب جهالته لا تؤثر لأنه صحابي، وأما الابن الراوي عن أبيه فالجهالة فيه تؤثر، كما قال الخطيب في كتابه الكفاية: إنه ما من راو إلا ويحتاج إلى معرفة حاله من الضعف أو الثقة ما عدا الصحابة فإن الجهالة فيهم لا تؤثر. شرح حديث (إذا انصرفت من المغرب فقل اللهم أجرني من النار...) من طريق ثانية قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عمرو بن عثمان الحمصي و مؤمل بن الفضل الحراني و علي بن سهل الرملي و محمد بن المصفى الحمصي قالوا: حدثنا الوليد حدثنا عبد الرحمن بن حسان الكناني حدثني مسلم بن الحارث بن مسلم التميمي عن أبيه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال نحوه إلى قوله: (جوار منها) إلا أنه قال فيهما: (قبل أن يكلم أحداً) قال علي بن سهل فيه: إن أباه حدثه، وقال علي و ابن المصفى : (بعثنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في سرية، فلما بلغنا المغار استحثثت فرسي فسبقت أصحابي وتلقاني الحي بالرنين، فقلت لهم: قولوا: لا إله إلا الله وحده تحرزوا، فقالوها فلامني أصحابي وقالوا: حرمتنا الغنيمة، فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أخبروه بالذي صنعت، فدعاني فحسَّن لي ما صنعت، وقال: أما إن الله قد كتب لك من كل إنسان منهم كذا وكذا -قال عبد الرحمن : فأنا نسيت الثواب- ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أما إني سأكتب لك بالوصاة بعدي، قال: ففعل وختم عليه ودفعه إلي، وقال لي... ثم ذكر معناه) وقال ابن المصفى : قال: سمعت الحارث بن مسلم بن الحارث التميمي يحدث عن أبيه ]. أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى وفيه زيادة: (بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية فلما بلغنا المغار استحثثت فرسي فسبقت أصحابي، وتلقاني الحي بالرنين) يعني: بالأصوات والحركات . قوله: [ (فقلت لهم: قولوا لا إله إلا الله وحده تحرزوا) ]. يعني: قال لهؤلاء الذين غزوهم: قولوا لا إله إلا الله تحرزوا، فقالوها. قوله: (فلامني أصحابي وقالوا: حرمتنا الغنيمة، فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبروه بالذي صنعت، فدعاني فحسَّن لي ما صنعت) ]. يعني: قال له: أحسنت. لأنه دعاهم للإسلام وقال لهم: قولوا لا إله إلا الله تسلموا على أنفسكم وعلى أموالكم. قوله: (وقال: أما إن الله قد كتب لك من كل إنسان منهم كذا وكذا، قال عبد الرحمن : فأنا نسيت الثواب) ]. يعني: كتب لك عن كل إنسان من هؤلاء الذين قلت لهم: (قولوا لا إله إلا الله) كذا وكذا، فالراوي نسي الثواب الذي يحصل له عن كل واحد منهم. قوله: (ثم قال صلى الله عليه وسلم: أما إني سأكتب لك بالوصاة بعدي) ]. يعني: وصية بشيء. قوله: [ (قال: ففعل وختم عليه) ]. يعني: ختم على الوصية. قوله: [ (فدفعه إلي وقال لي: ثم ذكر معناه) ]. يعني : ذكر حديث: (اللهم أجرني من النار) السابق. تراجم رجال إسناد حديث (إذا انصرفت من المغرب فقل اللهم أجرني من النار...) من طريق ثانية قوله: [ حدثنا عمرو بن عثمان الحمصي و مؤمل بن الفضل الحراني ]. مؤمل بن الفضل الحراني صدوق، أخرج له أبو داود و النسائي . [ و علي بن سهل الرملي ]. علي بن سهل الرملي صدوق، أخرج له أبو داود و النسائي في عمل اليوم والليلة. [ و محمد بن المصفى الحمصي ]. محمد بن المصفى الحمصي صدوق له أوهام، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ حدثنا الوليد ]. هو الوليد بن مسلم الدمشقي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عبد الرحمن بن حسان الكناني حدثني مسلم بن الحارث بن مسلم التميمي عن أبيه ]. مر ذكرهم. الأسئلة بيان وقت الإتيان بأذكار الصباح والمساء السؤال: هل لأذكار الصباح والمساء وقت تبدأ فيه وتنتهي فيه؟ الجواب: الصبح كما هو معلوم يبدأ من طلوع الفجر، وكونه يأتي بها بعد صلاة الفجر وقبل صلاة المغرب هو الأولى، ولكن إذا لم يأت بها قبل المغرب يأتي بها بعد المغرب، بحيث يأتي بها في أول الليل وأول النهار. فضل الروضة بالمسجد النبوي السؤال: ما الذي يجب أو يستحب أن يفعله المسلم عند دخوله الروضة في المسجد النبوي؟ الجواب: الروضة جاء فيها أحاديث منها: (ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة) وهذا الحديث يدل على تميزها على غيرها من المسجد، بأنه حصل لها هذا الوصف الذي لم يأت مثله في المسجد، وعلى هذا فإن الصلاة فيها لها ميزة وذلك بالنسبة للنافلة، أما بالنسبة للفريضة فإن الصفوف التي أمامها أفضل منها وأولى منها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها)، وقوله: (لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا ) وقوله صلى الله عليه وسلم: (أتموا الصف الأول فالأول فتأتموا بي، وليأتم بكم من بعدكم، ولا يزال القوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله). وجه كون الروضة من الأماكن التي يرجى فيها إجابة الدعاء السؤال: هل الروضة من الأماكن التي يتحرى فيها إجابة الدعاء؟ الجواب: المساجد كلها هي خير البقاع كما جاء في صحيح مسلم : (أحب البلاد إلى الله مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها) وهي محل ذكر الله عز وجل ودعائه، ولاشك أن الإنسان إذا دعا فيها يرجى أن يحقق الله له ما يريد. حكم صبغ الشعر بالسواد بالنسبة للفتاة السؤال: هل يجوز صبغ الشعر بالسواد وتغييره وذلك للمرأة الشابة التي ليس عندها شيب؟ الجواب: إذا كان شعرها أسود فأي حاجة إلى الصبغ بالسواد، ثم أيضاً هذا الصبغ لا ندري عن حقيقته هل هو يغير اللون فقط أو يكون طبقة تغطي الشعر، فإذا كان فيه تغطية للشعر فهذا غير جائز، وكذلك الأحكام التي تتعلق بالشيء الظاهري في الجسد، فإذا كان عليه صبغ يغطيه فلابد من أن يزيله حتى يصل إليه الماء، إلا إذا كان الصبغ لا يغطي ولكنه يغير اللون فقط مثل الحناء إذا وضع على اليد أو في الرأس أو في الشعر فإنه لا يغطي ولكنه يغير اللون. إذاً: فهذه الأصباغ لا أدري عن حقيقتها، وإذا كان شعرها أسود فأي حاجة إلى الصبغ بالسواد؟!" |
رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله
شرح سنن أبي داود (عبد المحسن العباد) كتاب الإمارة شرح سنن أبي داود [577] الحلقة (607) شرح سنن أبي داود [577] إن الرسول صلى الله عليه وسلم قد علمنا أذكار الصباح والمساء، فينبغي لنا المداومة عليها؛ إحياءً للسنة، وكذلك فإن المحافظة عليها لها نتائج عظيمة منها: أنها حماية من البلاء، وسبق للخلائق في الأعمال، وكذلك فإن الله يكفي قائلها ما أهمه، وقد علمنا الرسول أيضاً أدعية تقال قبل قيام الليل، كما أن في بعض الأدعية إعلان من العبد بمتابعته التامة لما أراد الله، وإذعان لأحكام الله تعالى. تابع أذكار الصباح والمساء شرح حديث (من قال إذا أصبح وإذا أمسى حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت ...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا يزيد بن محمد الدمشقي حدثنا عبد الرزاق بن مسلم الدمشقي -وكان من ثقاة المسلمين من المتعبدين- قال: حدثنا مدرك بن سعد - قال يزيد : شيخ ثقة - عن يونس بن ميسرة بن حلبس عن أم الدرداء عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: (من قال إذا أصبح وإذا أمسى: حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم سبع مرات كفاه الله ما أهمه؛ صادقاً كان بها أو كاذباً!) ]. أورد أبو داود هذا الحديث عن أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه، قال أبو الدرداء : (من قال إذا أصبح وإذا أمسى: حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم سبع مرات كفاه الله ما أهمه؛ صادقاً كان بها أو كاذباً) . هذا أثر عن أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه ومثله لا يقال بالرأي؛ لأن تحديد هذا الأجر لهذا العدد الذي هو سبع مرات لا يقال من قبل الرأي، لكن في آخره لفظ مشكل وهو قوله: (صادقاً كان بها أو كاذباً) ، فإن تحصيل هذا الأجر إنما يحصله من كان صادقاً في طلبه ومستحضراً هذا الثواب ويرجو من الله عز وجل أن يحقق له ذلك. وأما أن يقولها وهو كاذب فهذا مشكل، وإن كان بعض العلماء فسره وقال: إنه الإنسان الذي يقول ذلك ولم يكن مستحضراً، ولكن اللفظ لاشك أنه منكر، و الألباني ضعف الحديث مرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: إنه منكر، وأما كونه موقوفاً فهذا صحيح الإسناد وليس فيه إشكال إلا ما يتعلق بهذه الجملة، والحافظ ابن كثير رحمه الله لما ذكر هذا الحديث عن أبي داود في آخر تفسير سورة التوبة عند ذكر الآية المشتملة على هذا الذكر لم يذكر في آخره: (صادقاً كان بها أو كاذباً) وإنما عزاه إلى أبي داود بدون هذه الزيادة. فالحاصل أنه موقوفاً صحيح وله حكم الرفع، وأما هذه الزيادة ففيها إشكال، وأما كونه مسنداً ومرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد جاء من طريق منكرة، فيها مخالفة الضعيف للثقات، وهذا ذكره الشيخ الألباني في السلسلة الضعيفة عند رقم (5286). وفي ضعيف أبي داود في الأذان قال: موضوع، وهي كلمة لاشك أنها خطأ ولعلها جاءت بدل موقوف، وإلا فإنه قال: منكر في المرفوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. أما الطريق المرفوع فمن نفس الطريق إلا أن فيه شخصاً تحت الفلسطيني هذا. وقد جاء في عمل اليوم والليلة لابن السني يقول: حدثني أحمد بن سليمان الجرمي حدثنا أحمد بن عبد الرزاق حدثني جدي عبد الرزاق بن مسلم الدمشقي عن مدرك بن سعد عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من قال في كل يوم حين يصبح وحين يمسي: حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم سبع مرات، كفاه الله عز وجل ما أهمه من أمر الدنيا والآخرة) . وهذا الإسناد المرفوع فيه هذا الرجل الضعيف الذي خالف الثقات وهو أحمد بن عبد الرزاق . تراجم رجال إسناد حديث (من قال إذا أصبح وإذا أمسى حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت ...) قوله: [ حدثنا يزيد بن محمد الدمشقي ]. يزيد بن محمد الدمشقي صدوق، أخرج له أبو داود و النسائي . [ حدثنا عبد الرزاق بن مسلم الدمشقي ]. عبد الرزاق بن مسلم الدمشقي وهو صدوق، أخرج له أبو داود . [ وكان من ثقات المسلمين من المتعبدين ]. يعني: هذا تلميذه يزيد بن محمد وصفه بأنه ثقة. [ حدثنا مدرك بن سعد ]. مدرك بن سعد وهو لا بأس به، أخرج له أبو داود . [ عن يونس بن ميسرة بن حلبس ]. يونس بن ميسرة بن حلبس وهو ثقة، أخرج له أبو داود و الترمذي و ابن ماجة . [ عن أم الدرداء ]. وهي هجيمة التابعية وهي ثقة، أخرج لها أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي الدرداء ]. وهو عويمر بن زيد الأنصاري رضي الله عنه صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة. شرح حديث عبد الله بن خبيب في قراءة (قل هو الله أحد) والمعوذتين في الصباح والمساء قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن المصفى حدثنا ابن أبي فديك أخبرني ابن أبي ذئب عن أبي أسيد البراد عن معاذ بن عبد الله بن خبيب عن أبيه رضي الله عنه قال: (خرجنا في ليلة مطر وظلمة شديدة نطلب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليصلي لنا، فأدركناه فقال: أصليتم؟ فلم أقل شيئاً، فقال: قل، فلم أقل شيئاً، ثم قال: قل. فلم أقل شيئاً، ثم قال: قل. فقلت: يا رسول الله ما أقول؟ قال: قل: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاث مرات تكفك من كل شيء) ]. أورد أبو داود حديث عبد الله بن خبيب رضي الله عنه قال: (خرجنا في ليلة مطر وظلمة شديدة نطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي لنا، فأدركناه فقال: أصليتم؟ فلم أقل شيئاً، فقال: قل. فلم أقل شيئاً، ثم قال: قل. فلم أقل شيئاً، ثم قال: قل. فقلت: يا رسول الله ما أقول؟ قال: قل: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاث مرات تكفك من كل شيء) . يعني: فيه قراءة هذه السور الثلاث والإتيان بها ثلاث مرات في الصباح والمساء وأنها تكفي، وفسرت الكفاية بأنها تكفي عن غيرها، وقيل: إنها تكفي من كل شر وتكفي من كل سوء. قوله: (أصليتم؟) هذا فيه إشكال؛ لأن مثل هذا السؤال يتطلب الجواب بنعم أو لا، وهو إنما سكت، وهي موجودة بين شرطتين، وهذا يفيد أن الكلام قبلها وبعدها متصل لا إشكال فيه؛ لأنه قال: قل بدون قوله: أصليتم؟ وعلى هذا يكون هو لا يدري ماذا يقول، ولكن كونه يقول: أصليتم؟ فإن الجواب أن يقول: نعم صلينا، أو: ما صلينا، فذكرها هنا غير واضح من ناحية أنه سئل ثم سكت، ثم قال له: قل: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] ، فيكون الكلام بدون هذه الزيادة التي بين الشرطتين مستقيماً، والمقصود أنه لا يدري ماذا يقول، فقال له: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1]، يعني: اقرأ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] واقرأ: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ [الفلق:1] و قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ [الناس:1] تكفك. تراجم رجال إسناد حديث عبد الله بن خبيب في قراءة قل هو الله أحد والمعوذتين في الصباح والمساء قوله: [ حدثنا محمد بن المصفى ]. محمد بن المصفى صدوق له أوهام، أخرج حديثه أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ حدثنا ابن أبي فديك ]. ابن أبي فديك صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرني ابن أبي ذئب ]. هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن أبي ذئب وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي أسيد البراد ]. أبو أسيد البراد صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، وأصحاب السنن. [ عن معاذ بن عبد الله بن خبيب ]. معاذ بن عبد الله بن خبيب صدوق ربما وهم، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، وأصحاب السنن. [ عن أبيه ]. أبوه صحابي، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، وأصحاب السنن. شرح حديث (قالوا يا رسول الله حدثنا بكلمة نقولها إذا أصبحنا وإذا أمسينا واضطجعنا فأمرهم أن يقولوا اللهم فاطر السماوات والأرض ...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن عوف حدثنا محمد بن إسماعيل حدثنا أبي قال ابن عوف : ورأيته في أصل إسماعيل قال: حدثني ضمضم عن شريح عن أبي مالك رضي الله عنه قال: (قالوا: يا رسول الله! حدثنا بكلمة نقولها إذا أصبحنا وإذا أمسينا واضطجعنا، فأمرهم أن يقولوا: اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة، أنت رب كل شيء، والملائكة يشهدون أنك لا إله إلا أنت، فإنا نعوذ بك من شر أنفسنا ومن شر الشيطان الرجيم وشركه، وأن نقترف سوءاً على أنفسنا أو نجره إلى مسلم) ]. أورد أبو داود حديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أنهم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم (علمنا دعاء ندعو به إذا أصبحنا وإذا أمسينا وإذا أخذنا مضاجعنا. فقال قولوا: اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت رب كل شي، والملائكة يشهدون أنك لا إله إلا أنت، فإنا نعوذ بك من شر أنفسنا، ومن شر الشيطان وشركه وأن نقترف سوءاً على أنفسنا أو نجره إلى مسلم). وهذا دعاء جاء بعضه في حديث أبي بكر رضي الله عنه الذي تقدم في أول الباب، وهذه الزيادة: (وأن نفترق سوءاً على أنفسنا أو نجره إلى مسلم) ذكر الألباني أن لها شواهد؛ ولهذا صححها في السلسلة الصحيحة. تراجم رجال إسناد حديث (قالوا يا رسول الله حدثنا بكلمة نقولها إذا أصبحنا وإذا أمسينا واضطجعنا فأمرهم أن يقولوا اللهم فاطر السماوات والأرض ...) قوله: [ حدثنا محمد بن عوف ]. محمد بن عوف هو ثقة، أخرج حديثه أبو داود والنسائي في مسند علي . [ حدثنا محمد بن إسماعيل ]. هو محمد بن إسماعيل بن عياش عابوا عليه أنه حدث عن أبيه من غير سماع، أخرج له أبو داود . [ عن أبيه ]. أبوه وهو صدوق في روايته عن أهل بلده، وهذا من روايته عن أهل بلده، أخرج له البخاري في رفع اليدين، وأصحاب السنن. [ قال ابن عوف : ورأيته في أصل إسماعيل ]. يعني: في أصل كتابه. [ قال: حدثني ضمضم ]. هو ضمضم بن زرعة الحمصي صدوق يهم، أخرج له أبو داود و ابن ماجة في التفسير . [ عن شريح ]. شريح وهو ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة. [ عن أبي مالك ]. هو أبو مالك الأشعري رضي الله عنه وهو صحابي، أخرج له البخاري تعليقاً، و مسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . شرح حديث (إذا أصبح أحدكم فليقل أصبحنا وأصبح الملك لله رب العالمين ...) [ قال أبو داود : وبهذا الإسناد أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (إذا أصبح أحدكم فليقل: أصبحنا وأصبح الملك لله رب العالمين، اللهم إني أسألك خير هذا اليوم فتحه ونصره ونوره وبركته وهداه، وأعوذ بك من شر ما فيه وشر ما بعده. ثم إذا أمسى فليقل مثل ذلك) ]. يعني: ذكر حديثاً بالإسناد السابق من أوله إلى آخره: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أصبح أحدكم فليقل: أصبحنا وأصبح الملك لله رب العالمين) ]. يعني: وكذلك إذا أمسى فليقل: أمسينا وأمسى الملك لله...إلخ، يعني: أنا دخلنا في الصباح ودخلنا في المساء وأن كل شيء لله عز وجل، وكله تحت ملك الله وجبروته وعظمته وتصرفه. قوله: [ (اللهم إني أسألك خير هذا اليوم نصره)]. يعني: ما يحصل فيه من نصر. قوله: (وفتحه)]. يعني: ما يفتح فيه من الخيرات. قوله: (ونوره)]. يعني: ما يحصل فيه من نور في العلم والبصيرة. قوله: (وبركته)]. يعني: ما يحصل فيه من بركة في الرزق. قوله: (وهداه)]. يعني: ما يحصل فيه من هدى واستقامة وتوفيق للخير. شرح حديث عائشة (... كان رسول الله إذا هب من الليل كبر عشراً وحمد عشراً ....) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا كثير بن عبيد حدثنا بقية بن الوليد عن عمر بن جعثم حدثنا الأزهر بن عبد الله الحرازي حدثني شريق الهوزني قال: (دخلت على عائشة رضي الله عنها فسألتها: بم كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يفتتح إذا هب من الليل؟ فقالت: لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد قبلك، كان إذا هب من الليل كبر عشراً وحمد عشراً وقال: سبحان الله وبحمده عشراً، وقال سبحان الملك القدوس عشراً، واستغفر عشراً وهلل عشراً، ثم قال: اللهم إني أعوذ بك من ضيق الدنيا وضيق يوم القيامة عشراً، ثم يفتتح الصلاة) ]. أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها أن شريقاً الهوزني سأل عائشة بم كان النبي صلى الله عليه وسلم يفتتح صلاته من الليل؟ فقالت: (كان إذا هب من الليل كبر عشراً) أي: قال: الله أكبر عشر مرات. قولها: [ (وحمد عشراً) ]. أي: قال: الحمد لله عشر مرات. قولها: [ (ثم قال: اللهم إني أعوذ بك من ضيق الدنيا وضيق يوم القيامة) ]. أي: أعوذ بك مما يحصل من ضيق وضنك في الحياة الدنيا، وكذلك ما يحصل من ضنك وضيق في الدار الآخرة. قولها: [ (ثم يفتتح الصلاة) ]. أي: صلاته من الليل. وهذا اللفظ لا يناسب الباب؛ لأنه يتعلق بباب: إذا تعار من الليل، أو إذا قام من الليل أو استيقظ من الليل من النوم. تراجم رجال إسناد حديث عائشة (... كان رسول الله إذا هب من الليل كبر عشراً وحمد عشراً ...) قوله: [ حدثنا كثير بن عبيد ]. هو كثير بن عبيد الحمصي هو ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ حدثنا بقية بن الوليد ]. بقية بن الوليد صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً، و مسلم وأصحاب السنن. [ عن عمر بن جعثم ]. عمر بن جعثم وهو مقبول، أخرج له أبو داود و النسائي . [ حدثني الأزهر بن عبد الله الحرازي ]. الأزهر بن عبد الله الحرازي وهو صدوق، أخرج له أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثني شريق الهوزني ]. شريق الهوزني وهو مقبول، أخرج له أبو داود و النسائي . [ قال: دخلت على عائشة ]. هي عائشة رضي الله عنها. والحديث صححه الألباني وقال: له شواهد ومتابعات. شرح حديث (كان رسول الله إذا كان في سفر فأسحر يقول سمع سامع بحمد الله ونعمته وحسن بلائه علينا ...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن صالح حدثنا عبد الله بن وهب أخبرني سليمان بن بلال عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا كان في سفر فأسحر يقول: سمع سامع بحمد الله ونعمته وحسن بلائه علينا، اللهم صاحبنا فأفضل علينا، عائذاً بالله من النار) ]. أورد أبو داود حديث أبي هريرة : (أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان في سفر فأسحر) يعني: جاء وقت السحر، مثل: أمسى يعني: دخل في المساء ومثل: أتهم وأنجد يعني: دخل في تهامة ودخل في نجد، وهكذا، فهو من هذا القبيل: أسحر أي: دخل في السحر. قوله: [ (سمع سامع) ] فسر بأنه شهد شاهد، أو ليشهد شاهد بأننا نقول كذا. قوله: (بحمد الله ونعمته وحسن بلائه علينا)]. يعني: نعترف ونقر بفضل الله عز وجل وإنعامه علينا وإحسانه إلينا. قوله: [ (اللهم صاحبنا) ] يعني: كن صاحباً لنا في السفر ، كما جاء في الحديث (اللهم أنت الصاحب في السفر) . قوله: (فأفضل علينا) ] يعني: تفضل علينا وجد علينا بفضلك وإحسانك. قوله: [ (عائذاً بالله من النار) ]. يعني: مستعيذاً بالله من النار. تراجم رجال إسناد حديث (كان رسول الله إذا كان في سفر فأسحر يقول سمع سامع بحمد الله ونعمته وحسن بلائه علينا ...) قوله: [ حدثنا أحمد بن صالح ]. هو أحمد بن صالح المصري ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و الترمذي في الشمائل. [ حدثنا عبد الله بن وهب ]. هو عبد الله بن وهب المصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرني سليمان بن بلال ]. هو سليمان بن بلال ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سهيل بن أبي صالح ]. سهيل بن أبي صالح وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وحديثه في البخاري مقرون. [ عن أبيه ]. هو ذكوان السمان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو أكثر الصحابة حديثاً. شرح أثر (من قال حين يصبح اللهم ما حلفت من حلف أو قلت من قول أو نذرت من نذر ...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا ابن معاذ حدثنا أبي حدثنا المسعودي حدثنا القاسم قال: كان أبو ذر رضي الله عنه يقول: من قال حين يصبح: اللهم ما حلفت من حلف أو قلت من قول أو نذرت من نذر فمشيئتك بين يدي ذلك كله، ما شئت كان وما لم تشأ لم يكن، اللهم اغفر لي وتجاوز لي عنه، اللهم فمن صليت عليه فعليه صلاتي، ومن لعنت فعليه لعنتي؛ كان في استثناء يومه ذلك أو قال ذلك اليوم ]. ثم أورد أبو داود أثر أبي ذر رضي الله عنه أنه قال: من قال حين يصبح: اللهم ما حلفت من حلف أو قلت من قول أو نذرت من نذر فمشيئتك بين يدي ذلك كله. يعني: أن ما أحلف عليه وما أنذره وما أقوله كل ذلك تابع لمشيئتك، ومشيئتك نافذة، وما أقوله إن شئته فإنه سيقع وإن شئت ألا يكون فإنه لا يمكن أن يكون. قوله: [ ما شئت كان وما لم تشأ لم يكن ]. يعني: ما سبقت مشيئة الله وإرادته وقضاؤه وقدره أنه يوجد فإنه لابد من أن يوجد، وما سبق في علم الله وقضائه أنه لا يوجد فإنه لا سبيل إلى وجوده؛ لأنه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، وكما مر بنا أن هذا وأمثاله هي مثل قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك وما أصابك لم يكن ليخطئك) يعني: ما قدره الله أن يكون لك فإنه لا يمكن أن يخطئك ولابد من أن يوجد، وما قدر أنه لا يصيبك ولا يحصل لك فإنه لا يصيبك؛ لأنه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن. قوله: [ اللهم اغفر لي وتجاوز لي عنه ]. يعني: ما نذرته وما حلفت به وما قلته. قوله: [ اللهم فمن صليتَ عليه فعليه صلاتي، ومن لعنتَ فعليه لعنتي ]. أي: أنا متابع لك، أصلي على من صليت عليه وألعن من لعنت، فمدحي تابع لمدحك وذمي تابع لذمك، فمن ذممتَه ذممتُه ومن مدحتَه مدحتُه. قوله: [ كان في استثناء يومه ذلك ]. يعني: أنه يسلم في يومه ذلك الذي قال فيه هذا الكلام. قوله: [ أو قال ذلك اليوم ]. يعني: شك الراوي هل قال: يومه ذلك، أو: ذلك اليوم. والحديث في إسناده المسعودي، والألباني ضعفه. |
رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله
تراجم رجال إسناد أثر (من قال حين يصبح اللهم ما حلفت من حلف أو قلت من قول أو نذرت من نذر ....) قوله: [ حدثنا ابن معاذ ]. هو: عبيد الله بن معاذ العنبري ثقة، أخرج حديثه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي. [ حثنا أبي ]. هو معاذ بن معاذ العنبري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا المسعودي ]. هو عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي وهو صدوق اختلط، أخرج له البخاري تعليقاً، وأصحاب السنن. [ حدثنا القاسم ]. هو القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود وهو ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ كان أبو ذر ]. هو جندب بن جنادة رضي الله عنه وهو صحابي، أخرج أحاديثه أصحاب الكتب الستة. والحديث من ناحية الثبوت غير ثابت، ولو ثبت لكان له حكم الرفع. شرح حديث (من قال باسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء ....) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبد الله بن مسلمة حدثنا أبو مودود عمن سمع أبان بن عثمان يقول: سمعت عثمان يعني ابن عفان يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (من قال باسم الله الذي لا يضر مع اسمه شىء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات، لم تصبه فجأة بلاء حتى يصبح، ومن قالها حين يصبح ثلاث مرات لم تصبه فجأة بلاء حتى يمسي). قال: فأصاب أبان بن عثمان الفالج، فجعل الرجل الذي سمع منه الحديث ينظر إليه، فقال له: ما لك تنظر إلي؟ فوالله ما كذبت على عثمان ولا كذب عثمان على النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن اليوم الذي أصابني فيه ما أصابني غضبت فنسيت أن أقولها ]. أورد أبو داود حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: (من قال: باسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات لم تصبه فجأة بلاء). يعني: أنه لا يصيبه شر يفاجئه ويهجم عليه؛ لأنه حصل منه هذا الدعاء الذي تكون به السلامة العافية. ثم إن أبان بن عثمان الذي حدث بهذا الحديث حصل له فالج فجعل الرجل الذي سمع منه الحديث ينظر إليه، ففهم منه أنه حدث بهذا الحديث ومع ذلك حصل له الفالج، فقال: ما كذبت على عثمان ولا كذب عثمان على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنني في اليوم الذي حصلت لي هذه المصيبة غضبت فنسيت أن أقول تلك الكلمات. والفالج لهو استرخاء في أحد شقي البدن بسبب خلط بلغمي تنسد منه مسالك الروح. تراجم رجال إسناد حديث (من قال باسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء ...) قوله: [ حدثنا عبد الله بن مسلمة ]. هو عبد الله بن مسلمة القعنبي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ حدثنا أبو مودود ]. هو عبد العزيز بن أبي سليمان وهو مقبول، أخرج له أبو داود والترمذي والنسائي. [ عمن سمع أبان بن عثمان ]. يقال: هو محمد بن كعب القرظي كما قال الحافظ . وسيأتي في الإسناد الثاني. وأبان بن عثمان ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم وأصحاب السنن . [ سمعت عثمان يعني: ابن عفان ]. عثمان بن عفان رضي الله عنه أمير المؤمنين وثالث الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة والفضائل الكثيرة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة. إسناد آخر لحديث (من قال باسم الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء ...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا نصر بن عاصم الأنطاكي حدثنا أنس بن عياض حدثني أبو مودود عن محمد بن كعب عن أبان بن عثمان عن عثمان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه. لم يذكر قصة الفالج ]. ثم ذكر إسناداً آخر للحديث السابق. قوله: [ حدثنا نصر بن عاصم الأنطاكي ]. نصر بن عاصم الأنطاكي لين الحديث، أخرج له أبو داود . [ حدثنا أنس بن عياض ]. أنس بن عياض ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة . [ حدثني أبو مودود عن محمد بن كعب ]. هو محمد بن كعب القرظي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة . [ عن أبان بن عثمان عن عثمان ]. مر ذكرهما. هناك إسناد آخر غير هذا الإسناد بهذا المعنى، ذكره الألباني . وفيه أبو داود الطيالسي . شرح حديث (يا أبت إني أسمعك تدعو كل غداة اللهم عافني في بدني ... ) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا العباس بن عبد العظيم و محمد بن المثنى قالا: حدثنا عبد الملك بن عمرو عن عبد الجليل بن عطية عن جعفر بن ميمون حدثني عبد الرحمن بن أبي بكرة أنه قال لأبيه رضي الله عنه: (يا أبت! إني أسمعك تدعو كل غداة: اللهم عافني في بدني اللهم عافني في سمعي اللهم عافني في بصري لا إله إلا أنت، تعيدها ثلاثاً حين تصبح وثلاثاً حين تمسي، فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو بهن فأنا أحب أن أستن بسنته. قال عباس فيه: وتقول: اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر، اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر لا إله إلا أنت، تعيدها ثلاثاً حين تصبح وثلاثاً حين تمسي فتدعو بهن فأحب أن أستن بسنته. قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوات المكروب: اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت) وبعضهم يزيد على صاحبه ]. أورد أبو داود حديث أبي بكرة رضي الله عنه أنه قال له ابنه: (يا أبت! إني أسمعك تدعو كل غداة: اللهم عافني في بدني) . هذا لفظ عام يدخل فيه السمع والبصر، فقوله بعد ذلك: (اللهم عافني في سمعي اللهم عافني في بصري) من باب عطف الخاص على العام؛ وذلك لعظم شأن السمع والبصر، وإلا فقد دخلا تحت العافية في البدن؛ لأنهما من جملة البدن. قوله: [ (قال عباس فيه: وتقول: اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر) ]. يعني: الشيخ الثاني زاد هذا اللفظ. قوله: [ (اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر لا إله إلا أنت، تعيدها ثلاثاً حين تصبح وثلاثاً حين تمسي فتدعو بهن، فأحب أن أستن بسنته) ]. وهذا يدلنا على ما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحرص الشديد على اقتفاء آثار الرسول عليه الصلاة والسلام واتباعهم له، وحرصهم على الإتيان بما كان يأتي به الرسول صلى الله عليه وسلم، سواء كان ذلك في الأقوال أو الأفعال رضي الله عنهم وأرضاهم. تراجم رجال إسناد حديث (يا أبت إني أسمعك تدعو كل غداة اللهم عافني في بدني ... ) قوله: [ حدثنا العباس بن عبد العظيم ]. هو العباس بن عبد العظيم العنبري ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن . [ ومحمد بن المثنى ]. هو محمد بن المثنى العنزي أبو موسى ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عبد الملك بن عمرو ]. هو أبو عامر العقدي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الجليل بن عطية ]. عبد الجليل بن عطية صدوق يهم، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، و أبو داود و النسائي . [ عن جعفر بن ميمون ]. جعفر بن ميمون وهو صدوق يخطئ، أخرج له البخاري في جزء القراءة، وأصحاب السنن. [ حدثني عبد الرحمن بن أبي بكرة ]. وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أنه قال لأبيه ]. هو أبو بكرة نفيع بن الحارث رضي الله عنه، صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة. وفي بعض طبعات التقريب في ترجمة جعفر بن ميمون رمز له بالراء فقط، مع أنه روى له البخاري في جزء القراءة وأصحاب السنن، لكن المزي في آخر ترجمته قال: روى البخاري في جزء القراءة والباقون إلا مسلماً ، وهذا من أحسن ما يرجع فيه إلى معرفة الرموز وهل هي خطأ أو صحيحة؛ لأن المزي في آخر الترجمة يذكر من خرج له بالأسماء، يقول: أخرج له مسلم أخرج له البخاري أخرج له أبو داود و الترمذي وغيرهم، فهذا هو الذي ينبغي أن يرجع إليه في معرفة التحقق من الرواة الذين خرج لهم أصحاب الكتب الستة، عندما يكون الرمز فيه لبس أو شك، فيكون التوضيح والبيان في تهذيب الكمال في ترجمة كل راو. والإسناد مستقيم. شرح حديث (من قال حين يصبح سبحان الله العظيم وبحمده ... ) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن المنهال حدثنا يزيد يعني ابن زريع حدثنا روح بن القاسم عن سهيل عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من قال حين يصبح: سبحان الله العظيم وبحمده مائة مرة وإذا أمسى كذلك، لم يواف أحد من الخلائق بمثل ما وافى)] أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من قال حين يصبح وحين يمسي: سبحان الله العظيم وبحمده مائة مرة، لم يواف أحد من الخلائق بمثل ما وافى) يعني: أنه جاء بعمل عظيم لم يكن أحد مثله؛ لأنه أتى بهذا الذكر العظيم الذي وصف من أتى به بأنه لم يواف أحد بمثل ما وافى. تراجم رجال إسناد حديث (من قال حين يصبح: سبحان الله العظيم وبحمده ... ) قوله: [ حدثنا محمد بن المنهال ]. محمد بن المنهال هو ثقة، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي. [ حدثنا يزيد يعني ابن زريع ]. يزيد بن زريع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا روح بن القاسم ]. روح بن القاسم هو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ عن سهيل عن سمي ]. سهيل مر ذكره. وسمي هو مولى أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي صالح عن أبي هريرة ]. أبو صالح وأبو هريرة قد مر ذكرهما. الأسئلة درجة حديث أبي ذر (اللهم ما قلت من قول أو حلفت من حلف أو نذرت من نذر ... ) السؤال: حديث أبي ذر هل هو موقوف أو هو ضعيف: (اللهم ما قلت من قول أوحلفت من حلف أو نذرت من نذر...) ؟ الجواب: ذكر المنذري حديثاً في كتابه الترغيب والترهيب وقد حسنه الألباني ، وهو يشهد لما رواه أبو داود عن أبي ذر ، ونص الحديث عند المنذري : عن زيد بن ثابت رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمه دعاء وأمره أن يتعاهده ويتعاهد به أهله في كل يوم، قال: قل حين تصبح: لبيك اللهم لبيك، لبيك وسعديك، والخير بيديك ومنك وإليك، اللهم ما قلت من قول أو حلفت من حلف أو نذرت من نذر فمشيئتك بين يديه، ما شئتَ كان وما لم تشأ لم يكن، لا حول ولا قوة إلا بك، إنك على كل شيء قدير، اللهم وما صليت من صلاة فعلى من صليت، وما لعنت من لعنة فعلى من لعنت، إنك وليي في الدنيا والآخرة، توفني مسلماً وألحقني بالصالحين، اللهم إني أسألك الرضا بعد القضاء، وبرد العيش بعد الموت، ولذة النظر إلى وجهك، والشوق إلى لقائك، في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة، وأعوذ بك اللهم أن أظلم أو أظلم، أو أعتدي أو يعتدى علي، أو أكتسب خطيئة أو ذنباً لا تغفره، اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة ذا الجلال والإكرام، فإني أعهد إليك في هذه الحياة الدنيا وأشهدك وكفى بالله شهيداً أني أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، لك الملك ولك الحمد وأنت على كل شيء قدير، وأشهد أن محمداً عبدك ورسولك، وأشهد أن وعدك حق، ولقاءك حق، والجنة حق، والساعة آتية لا ريب فيها، وأنك تبعث من في القبور، وأنك إن تكلني إلى نفسي تكلني إلى ضعف وعورة وذنب وخطيئة، وإني لا أثق إلا برحمتك، فاغفر لي ذنوبي كلها إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، وتب علي إنك أنت التواب الرحيم)، قال المنذري: رواه أحمد والطبراني والحاكم وقال: صحيح الإسناد، وروى ابن أبي عاصم منه إلى قوله: (بعد القضاء) . وهذا الإسناد أنا لا أعرف شيئاً عنه، ولا أعرف درجته ولا حال رجاله، لكن لا شك أن هذا اللفظ مطابق لهذا اللفظ الذي جاء في أبي داود فيما يتعلق بالنذر والحلف وهناك أمور أخرى التي في آخره ثابتة، لكن هذا الذي هو شاهد لحديث أبي ذر لا أدري عن حاله فيما يتعلق بتلك الأسانيد التي أشار إليها، لكن هذا الحديث حسنه الألباني في الترغيب والترهيب صفحة(157). وعلى كل إذا كان ليس فيه ضعف شديد فهو شاهد لحديث المسعودي الذي فيه اختلاط، فإذا صار هناك شيء يشهد له يمكن أن يحسن، ولعل الشيخ الألباني حسنه لشواهده. وقت نشوء مذهب السلف وحكم القول بأن النبي أول السلف السؤال: هل يصح أن يقال: إن محمداً صلى الله عليه وسلم هو أول السلف ؟ ومتى كان بدء مقولة السلف؟ الجواب: الرسول صلى الله عليه وسلم هو قدوة سلف هذه الأمة، وهو أسوتهم، وهو الذي لما اتبعوه وساروا على منهاجه صاروا في خير. أما عقيدة ومنهج سلف هذه الأمة فقد بدأت ببعثة الرسول صلى الله عليه وسلم، هذا كلام صحيح؛ لأن كثيراً من المذاهب المختلفة كانت بدايتها متأخرة، منها ما بدأ في آخر عهد الصحابة ومنها ما جاء بعدهم وولد بعدهم، وأما ما كان عليه سلف هذه الأمة فإنه بدأ ببعثة الرسول صلى الله عليه وسلم، ليس له بداية متأخرة كالمذاهب الأخرى والنحل الأخرى التي جدت مثل المعتزلة والجهمية، ومثل الأشاعرة وغيرهم من الفرق المختلفة التي لها بداية متأخرة، وهي داخلة تحت قوله صلى الله عليه وسلم: (فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً) فإن هذه المذاهب المختلفة هي من الاختلاف الكثير الذي جد وولد بعد زمنه صلى الله عليه وسلم، وأما سلف هذه الأمة فهم الذين يتبعون السنن، وهم على سنته وعلى منهجه وعلى طريقته صلوات الله وسلامه وبركاته عليه. حكم تأدية الشخص للعمرة عن نفسه وعن غيره بإحرام واحد في آن واحد السؤال: رجل يريد أن يؤدي عمرة عن نفسه ووالده المتوفى وزوجته في آن واحد وإحرام واحد، فهل يصح هذا؟ الجواب: العمرة لا تتوزع على أشخاص وإنما تكون لشخص واحد. حكم من أتى للحج من أفغانستان مباشرة إلى المدينة النبوية السؤال: الحجاج الذين جاءوا من أفغانستان جاءوا مباشرة إلى المدينة، فهل عليهم دم أم لا؛ لأنهم في زعمهم قالوا: تجاوزنا الميقات؟ الجواب: لم يتجاوزوا الميقات، فأمامهم ميقات، فيدخلون تحت قوله صلى الله عليه وسلم: (هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن) فهم من غير أهل هذا الميقات؛ لأنهم لما جاءوا المدينة صاروا من أهل هذا الميقات، ولا يقال إنهم تجاوزوا الميقات. حكم نوم المرأة على بطنها السؤال: مر معنا حكم النوم على البطن، فهل المرأة مثل الرجل في النهي عن الانبطاح؟ الجواب: الأصل في الأحكام التساوي بين الرجال والنساء، وذكر الرجال في بعض الأحاديث لا يعني اختصاصهم بالحكم دون النساء؛ لأن الخطاب يكون للرجال في الغالب، ولهذا يأتي كثيراً ذكر الرجال مع أن الحكم يشمل النساء أيضاً. ولا يقال: إن الحكم خاص بالرجال إلا إذا جاء شيء يدل على ذلك، ولا يقال: إن الحكم خاص بالنساء إلا إذا جاء شيء يدل على ذلك، أما إذا لم يأت شيء يفرق ويميز بين الرجال والنساء فالأصل هو التساوي بين النساء والرجال في الأحكام. مآل الفاسق المسلم في الآخرة السؤال: من المعلوم أن المؤمن تبشره الملائكة قبل موته بالجنة والكافر تبشره بالنار، ولكن المسلم الفاسق الذي شاء الله أن يعذبه في النار ثم يخرجه بماذا يبشر؟ الجواب: الله أعلم كيف يبشر، لكنه مادام ليس كافراً فلا شك أن مآله إلى الجنة، وهو من أهل الجنة إما في أول الأمر إن تجاوز الله عنه، وإما في نهاية الأمر إن لم يشأ الله التجاوز عنه وشاء تعذيبه على ما حصل منه. معنى حديث (إن الله خلق آدم على صورته) السؤال: الذي يقول: إن معنى حديث الصورة هو أن الله خلق آدم على صورة آدم نفسه، مع أنه يثبت الصورة والوجه لله، هل يبدع ويغلظ عليه، وهل أهل السنة اختلفوا في معنى الحديث؟ الجواب: جمهور أهل السنة على أن الضمير يرجع إلى الله عز وجل وأن الله تعالى خلقه على صورته، وفسروا ذلك بأنه سميع بصير متكلم، وإن كان ما يضاف إلى الله عز وجل من السمع والبصر والكلام يليق به، وما يضاف إلى الإنسان من السمع والبصر والكلام يليق به، هذا هو المشهور عند أهل السنة، وقد جاء عن ابن خزيمة أنه قال: إن الضمير يرجع إلى آدم، ولكن المشهور عند أهل السنة هو القول الأول. تعريف الظلم عند أهل السنة وعقيدة الجبرية فيما يتعلق بأعمال الإنسان السؤال: ما هو تعريف الظلم عند أهل السنة وعند الجبرية وما الفرق بينهما؟ الجواب: الظلم عند أهل السنة وضع الشيء في غير موضعه، أما بالنسبة للجبرية فعقيدتهم فيما يتعلق بأعمال الإنسان أنه مجبور عليها وليس له إرادة ولا مشيئة، وأما تفسيرهم للظلم فلا أدري. حكم و صف الله عز وجل بأنه أفقه بالواقع من غيره السؤال: هل يجوز وصف الله عز وجل بأنه أفقه بالواقع من غيره؟ الجواب: لا يضاف إلى الله عز وجل شيء لم يرد، وإنما يؤتى بشيء قد ورد أو بشيء يليق به، أما أن يؤتى بأي عبارات تضاف إلى الله عز وجل فالأصل أن الإنسان يبتعد أن يضيف إلى الله أشياء يترتب عليها محذور، أو لا تليق بالله سبحانه وتعالى؛ لأن الله تعالى عالم بكل شيء، فهو عالم بما يقع وبما لا يقع، ما يكون وما لا يكون، هذا هو الذي يقال في حق الله عز وجل، أما أن يعبر بأن الله يفقه كذا أو أنه كذا فمثل هذه العبارات لا يصلح الإنسان أن يستعملها. وجه قول القائل إن صفات الله قديمة النوع حادثة الآحاد السؤال: هل من منهج السلف أن نقول: إن صفات الله قديمة النوع حادثة الآحاد أم هذا خاص بالكلام فقط؟ الجواب: الكلام قديم النوع حادث الآحاد، ولكن هناك أفعال بعمومها يقال: إنها أفعال الله قديمة النوع حادثة الآحاد، لكن لا يقال: إن كل فعل من أفعاله يكون قديم النوع، يعني كون الله يفعل ما يشاء هذا قديم لا بداية له، لكن هناك أفعال مثل النزول إلى السماء الدنيا لم يحصل إلا بعدما خلقت السماوات والأرض، ومجيئه يوم القيامة لفصل القضاء لا يحصل إلا يوم القيامة، وهذا كله داخل تحت مشيئته وإرادته، لكن لا يقال: إن مجيئه يوم القيامة قديم، ونزوله إلى السماء الدنيا قديم، لكن أفعاله قديمة النوع، يفعل ما يشاء ولا بداية لاتصافه بذلك، وأما الجزئيات أو الأشياء التي تدخل تحت هذا العموم فمنه ما يحصل في الوقت الذي شاء الله تعالى أن يحصل، مثل مجيئه يوم القيامة لفصل القضاء. فإذاً: يمكن أن يقال: إن كلام الله نوعه قديم وآحاده حادثة، ويقال: إن الله تعالى متصف بأنه يفعل ما يشاء، وأنه لا بداية لاتصافه بذلك، لكن هناك جزئيات لا يقال إنها قديمة النوع، بل هي مما يحصل في الوقت الذي شاء الله أن تحصل فيه، مثل مجيئه لفصل القضاء يوم القيامة." |
رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله
شرح سنن أبي داود (عبد المحسن العباد) كتاب الإمارة شرح سنن أبي داود [578] الحلقة (608) شرح سنن أبي داود [578] جاءت السنة بكثير من الأذكار والأدعية للمواقف والأحوال المختلفة، بحيث يكون المؤمن على اتصال دائم بربه، فيدعوه ويذكره كلما تجدد له حال، ومن تلك الأحوال: إذا رأى الهلال، أو دخل البيت، أو خرج منه، أو هاجت الريح وكلها أحوال تصل العبد بمولاه. ما يقول الرجل إذا رأى الهلال شرح حديث (أن النبي كان إذا رأى الهلال قال: هلال خير ورشد ... ) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما يقول الرجل إذا رأى الهلال. حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا أبان حدثنا قتادة أنه بلغه (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا رأى الهلال قال: هلال خير ورشد، هلال خير ورشد، هلال خير ورشد، آمنت بالذي خلقك. ثلاث مرات ثم يقول: الحمد لله الذي ذهب بشهر كذا وجاء بشهر كذا)]. أورد أبو داود [ باب ما يقول الرجل إذا رأى الهلال ]. إذا رأى الهلال، أي في أول الشهر، وذلك عندما يهل الهلال ويراه الإنسان لأول مرة فإنه قد أورد أبو داود هنا أثرين أو حديثين مرسلين من رواية قتادة ، وقتادة من صغار التابعين، وقد أضافهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم فهما من قبيل المرسل. والمرسل ليس بحجة عند العلماء، وذلك أن الساقط في الإسناد يحتمل أن يكون صحابياً ويحتمل أن يكون تابعياً، فكونه صحابياً لا إشكال فيه؛ لأن المجهول فيهم في حكم المعلوم، ولكن الإشكال في الاحتمال الثاني وهو أن يكون تابعياً؛ لأنه إذا كان تابعياً يحتمل أن يكون ثقة وأن يكون ضعيفاً، والإشكال إذا كان ضعيفاً، وعلى هذا فالمرسل غير معتبر عند العلماء؛ ولابد من معرفة حال من دون الصحابي، وهنا مجهول. والصحابة كلهم عدول رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، وهذا بإجماع العلماء، ولم يخالف في ذلك إلا شذاذ من المبتدعة كما قال الحافظ ابن حجر . أورد أبو داود أثر قتادة أنه بلغه (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى الهلال قال: هلال خير ورشد، هلال خير ورشد، هلال خير ورشد، آمنت بالذي خلقك. ثلاث مرات، ثم يقول: الحمد لله الذي ذهب بشهر كذا وأتى بشهر كذا) . يعني: أنه يسمي الشهر الماضي والشهر الذي دخل، مثلاً يقول: الحمد الله الذي ذهب بشهر شوال وأتى بشهر ذي القعدة، فهو يسمي هذا ويسمي هذا؛ لأن (كذا) لفظ يشير إلى شيء غير معين، فيصدق على كل شهر. لكن الحديث غير صحيح وغير ثابت؛ لأنه منقطع. تراجم رجال إسناد حديث (أن النبي كان إذا رأى الهلال قال: هلال خير ورشد ... ) قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ]. هو موسى بن إسماعيل التبوذكي ثقة ، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا أبان ]. هو أبان بن يزيد العطار ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ حدثنا قتادة ]. هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. شرح حديث (أن رسول الله كان إذا رأى الهلال صرف وجهه عنه ) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن العلاء أن زيد بن حباب أخبرهم عن أبي هلال عن قتادة : (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا رأى الهلال صرف وجهه عنه). قال أبو داود : ليس عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب حديث مسند صحيح ]. أورد أبو داود عن قتادة : (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى الهلال صرف وجهه عنه) يعني: لم يستقبله. وهذا كما كما هو معلوم مثل الذي قبله حديث مرسل؛ لأن قتادة من صغار التابعين، فالكلام في السابق هو الكلام في هذا. ثم قال أبو داود : ليس عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب حديث مسند صحيح، لكن هناك حديث وهو: (اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام، والتوفيق لما تحب وترضى، ربي وربك الله) فإن هذا قد ذكر الألباني في صحيح الكلم الطيب بأنه صحيح لشواهده. تراجم رجال إسناد حديث (أن رسول الله كان إذا رأى الهلال صرف وجهه عنه) قوله: [ حدثنا محمد بن العلاء ]. محمد بن العلاء بن كريب أبو كريب الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أن زيد بن حباب ] . زيد بن حباب وهو صدوق، أخرج له البخاري في جزء القراءة، ومسلم وأصحاب السنن . [ عن أبي هلال ]. هو محمد بن سليم الراسبي صدوق فيه لين، أخرج له البخاري تعليقاً وأصحاب السنن. [ عن قتادة ]. مر ذكره. ما يقال عند الخروج من البيت شرح حديث (ما خرج النبي من بيتي قط إلا رفع طرفه إلى السماء فقال: اللهم إني أعوذ بك من أن أضل أو أُضل ... ) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما يقول إذا خرج من بيته. حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا شعبة عن منصور عن الشعبي عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: (ما خرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم من بيتي قط إلا رفع طرفه إلى السماء فقال: اللهم إني أعوذ بك أن أَضل أو أُضل، أو أَزل أو أُزل، أو أَظلم أو أُظلم، أو أجهل أو يُجهل عليّ)]. أورد الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [ باب ما يقول إذا خرج من بيته ] أي: الدعاء الذي يدعو به عندما يخرج من بيته. وأورد أبو داود حديث أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج من بيتها رفع رأسه إلى السماء وقال: (اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أضل، أو أزل أو أزل، أو أظلم أو أظلم، أو أجهل أو يجهل علي) هذا هو الدعاء الذي كان يدعو به الرسول صلى الله عليه وسلم. قوله في أول الحديث: [ (إلا رفع طرفه إلى السماء) ] المقصود به الإشارة إلى علو الله عز وجل فهو يخاطب الله ويدعوه. وهذا الدعاء مشتمل على أربع جمل. الجملة الأول قوله: [ (اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أضل) ] يعني: كون يحصل له الضلال أو أن يضله غيره، أو أنها تعني: أن يحصل مني الإضلال لغيري، فهو يسأل الله عز وجل أن يحفظه من أن يضل بنفسه أو يضله غيره أو هو يضل غيره . قوله: [ (أو أزل أو أزل) ] وهذا من جنسه، ومعنى أزل أن يحصل منه خطأ وقد يكون غير مقصود، فهو يريد أن يسلم من الخطأ سواءً كان متعمداً أو غير متعمد، وسواءً كان بقصد أو بغير قصد، فهو يسأل الله عز وجل أن يسلمه من الخطأ. قوله: [ (أو أظلم أو أظلم) ]. أي: أن أظلم غيري أو يظلمني غيري، وهذا لا يستقيم إلا بالبناء للمجهول بالنسبة للثاني، بخلاف قوله: أُزِل وأُضِل، أُزَل وأُضَل؛ فإنه يصلح بالبناء للمعلوم وللمجهول، أما هنا فليس هناك صيغة أخرى أو معنى آخر؛ لأنه إما أن يحصل الظلم منه لغيره أو يحصل ظلم غيره له؛ لأن قوله: أضل وأزل يعني أنه غير متعدٍ، بل حصل الضلال له من نفسه، وأما أُضل فمعناه: أنه يضلني غيري أو أضل غيري، وأما هنا فليس إلا صيغة واحدة وهي أن قوله: (أظلم) أي: أن أظلم غيري أو غيري يظلمني؛ لأن الظلم يكون منه لغيره، وقد يظلم نفسه، وذلك بالوقوع في المحرمات؛ لأن هذا ظلم للنفس. قوله: [ (أو أجهل أو يجهل علي) ] . يعني: يحصل منه فعل أهل الجهالة وفعل الجهل والسفه على غيره، أو يحصل من غيره أن يجهل عليه ويفعل معه فعل أهل الجهل. فهذا من أدعية الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم عندما يخرج من منزله، كان يدعو بهذا الدعاء العظيم الذي هو السلامة من الضلال والزلل والظلم والجهل. ويشرع رفع الطرف إلى السماء عند قول هذا الدعاء كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم. تراجم رجال إسناد حديث (ما خرج النبي من بيتي قط إلا رفع طرفه إلى السماء فقال: اللهم إني أعوذ بك من أن أَضل أو أُضل ...) قوله: [ حدثنا مسلم بن إبراهيم ]. هو مسلم بن إبراهيم الفراهيدي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا شعبة ]. هو شعبة بن الحجاج الواسطي البصري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن منصور ]. هو منصور بن المعتمر أو منصور بن عبد الرحمن ، لكن منصور بن المعتمر هو المشهور بالرواية، ويأتي عند أبي داود بكثرة، وكذلك أيضاً يأتي عند أبي داود منصور بن عبد الرحمن وهما من مشايخ شعبة ومن تلاميذ الشعبي إلا أن الذي هو أكثر في الرواية منصور بن المعتمر فيحتمل أن يكون هذا أو هذا، ومنصور بن المعتمر هو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الشعبي ]. هو عامر بن شراحيل الشعبي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أم سلمة ]. أم سلمة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وهي هند بنت أبي أمية ، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة. شرح حديث (إذا خرج الرجل من بيته فقال: باسم الله توكلت على الله... ) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا إبراهيم بن الحسن الخثعمي حدثنا حجاج بن محمد عن ابن جريج عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (إذا خرج الرجل من بيته فقال: باسم الله، توكلت على الله، لا حول ولا قوة إلا بالله، قال: يقال حينئذ: هديت وكفيت ووقيت، فتتنحى له الشياطين فيقول له شيطان آخر: كيف لك برجل قد هدي وكفي ووقي؟)]. أورد أبو داود حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا خرج الرجل من منزله وقال: باسم الله توكلت على الله لا حول ولا قوة إلا بالله، قال: يقال حينئذٍ: هديت وكفيت ووقيت، فتتنحى له الشياطين) يعني: من أجله. قوله: [ (فيقول شيطان لشيطان: كيف لك برجل قد هدي وكفي ووقي) ]. يعني: قد حصلت له هذه الأمور بأن الله تعالى هداه وكفاه ووقاه، يعني: كفاه ما أهمه ووقاه الشرور من غيره. ومعنى ذلك: أنه تحصل له السلامة، وذلك باعتماده على الله عز وجل وتوكله عليه وذكر اسمه سبحانه وتعالى بقوله: باسم الله توكلت على الله لا حول ولا قوة إلا بالله. تراجم رجال إسناد حديث (إذا خرج الرجل من بيته فقال: باسم الله توكلت على الله ...) قوله: [ حدثنا إبراهيم بن الحسن الخثعمي ]. إبراهيم بن الحسن الخثعمي هو ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي. [ حدثنا حجاج بن محمد ]. هو حجاج بن محمد المصيصي الأعور وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن جريج ]. هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ]. إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أنس بن مالك ]. أنس بن مالك رضي الله عنه، خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. وعنعنعة ابن جريج لا تؤثر. وأخرجه الترمذي، وقال: حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، ونسبه المنذري للنسائي أيضاً. شرح حديث (إذا ولج الرجل بيته فليقل: اللهم إني أسألك خير المولج وخير المخرج ...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا ابن عوف حدثنا محمد بن إسماعيل حدثني أبي قال ابن عوف : ورأيت في أصل إسماعيل قال: حدثني ضمضم عن شريح عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إذا ولج الرجل بيته فليقل: اللهم إني أسألك خير المولج وخير المخرج، باسم الله ولجنا وباسم الله خرجنا وعلى الله ربنا توكلنا. ثم ليسلم على أهله) ]. أورد أبو داود حديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا ولج الرجل بيته فليقل: اللهم إني أسألك خير المولج وخير المخرج، باسم الله ولجنا، وباسم الله خرجنا، وعلى الله ربنا توكلنا. ثم ليسلم على أهله) ]. يعني: أنه يدعو بهذا الدعاء الذي يصلح للدخول والخروج، باسم الله ولجنا، وباسم الله خرجنا. وقد أورده أبو داود في باب ما يقول الرجل إذا خرج من بيته. وهذا الحديث هو من رواية شريح بن عبيد الحمصي، وهو يرسل كثيراً، وذكر أيضاً أن روايته عن أبي مالك الأشعري مرسلة، وعلى هذا فيكون الحديث منقطعاً، فيكون غير صحيح، و الألباني كان قد صححه في صحيح الكلم الطيب ثم رجع عن ذلك وقال بتضعيفه، ولعل السبب في ذلك هو كونه من رواية شريح بن عبيد وروايته عن أبي مالك الأشعري مرسلة. تراجم رجال إسناد حديث (إذا ولج الرجل بيته فليقل: اللهم إني أسألك خير المولج وخير المخرج ...) قوله: [ حدثنا ابن عوف ]. هو محمد بن عوف ، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود و النسائي في مسند علي. [ حدثنا محمد بن إسماعيل ] . هو محمد بن إسماعيل بن عياش ، وقد عيب عليه التحديث عن أبيه من غير سماع، وهذا من روايته عن أبيه، وقال محمد بن عوف : إنه وجده في أصل إسماعيل بن عياش ، و إسماعيل بن عياش صدوق في روايته عن أهل بلده، ومخلط في غيرهم، وهنا روايته عن أهل بلده؛ لأن ضمضماً وشيخه شريحاً كليهما من أهل حمص، فروايته عن أهل بلده من قبيل ما هو معتبر ومن قبيل ما هو معتمد؛ لأنه صدوق في روايته عن أهل بلده، وهذا من روايته عن أهل بلده، لكن الإشكال فيه كونه من وراية شريح بن عبيد الحمصي، وروايته عن أبي مالك الأشعري مرسلة. ومحمد بن إسماعيل خرج له أبو داود. وأبوه أخرج له البخاري في رفع اليدين، وأصحاب السنن. [ حدثني ضمضم ]. ضمضم صدوق يهم، أخرج له أبو داود و ابن ماجة في التفسير. [ عن شريح ]. هو شريح بن عبيد ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة. [ عن أبي مالك الأشعري ]. أبو مالك الأشعري صحابي، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجة. |
رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله
الأسئلة حكم الجهر والإسرار بأذكار الدخول والخروج من المنزل والجمع بينها السؤال: هل تقال أذكار الدخول والخروج من المنزل جهراً أو سراً؟ وهل يجمع بينها؟ الجواب: للمرء أن يجهر بها وله أن يسر بها فكل ذلك جائز، وكذلك له أن يجمع بينها عند دخوله وخروجه من المنزل. ورود ترجمة متعلقة بأذكار الدخول إلى المنزل في عون المعبود وغيره السؤال: هناك طبعة حققها محمد عوامة يوجد فيها عنوان جديد: (باب ما يقول من دخل إلى بيته)، فما وجه عدم ذكر الدخول هنا؟ الجواب: لقد ورد في عون المعبود أيضاً أنه أفرد لها باباً، والأحاديث مشتملة على الدخول والخروج، وقد ورد في الدخول الحديث الصحيح الذي فيه: (أن الإنسان إذا دخل بيته فذكر الله قال الشيطان لأتباعه: لا مبيت لكم، وإذا أكل وسمى الله قال: لا مبيت لكم ولا عشاء، وإذا دخل ولم يسم قال: أدركتم المبيت، وإذا أكل ولم يسم قال: أدركتم المبيت والعشاء) وهذا صحيح، فينبغي للإنسان أن يذكر الله عند دخوله، ويسمي الله عز وجل عند دخوله. حكم تعليق أدعية الدخول والخروج من المنزل للذكرى السؤال: هل يجوز تعليق هذه الأدعية في باب البيت، لأجل أن يتذكر الإنسان؟ الجواب: لا يصلح؛ لأن الناس قد يرونه أمامهم ومع ذلك لا يفعلونه، فيكون الأمر أشد وأعظم. بيان القائل للإنسان (هديت وكفيت ووقيت) السؤال: في حديث أنس : (يقالِ حينئذٍ: هديت وكفيت ووقيت) ، من القائل؟ الجواب: كأن القائل ملك من الملائكة، وهذا يفيد بأن مثل هذا الدعاء يكون سبباً من أسباب الهداية والوقاية والكفاية. الفرق بين قوله (أضل) وقوله (أزل) السؤال: ما الفرق بين قوله: أن أضل أو أزل كما في حديث أم سلمة : (اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أضل ...)؟ الجواب: الضلال يحصل للإنسان ويأتيه عن عمد وعن قصد، أما الزلل فهو يأتي من غير قصد، فهو يسأل الله عز وجل أن يخلصه من الأمر الذي لا يسوغ، سواء حصل بقصد منه أو بغير قصد. حكم من نسي أذكار الخروج من المنزل وأتى بها في الطريق السؤال: في حديث أم سلمة تقول: (ما خرج النبي صلى الله عليه وسلم من بيتي قط إلا رفع طرفه إلى السماء) وفي حديث أنس يقول: (إذا خرج الرجل من بيته) فإذا تذكر الإنسان بعد الخروج في الطريق فهل له أن يذكر، أو أنه سنة فات محلها؟ الجواب: الذي يبدو أن السنة فات محلها؛ لأن مكان الذكر عند الخروج، ولأنه قد لا يذكر إلا وهو راجع إلى البيت. حكم الجمع بين دعاء الخروج من المنزل ودعاء الخروج إلى المسجد عند الذهاب إلى المسجد السؤال: هناك دعاء في الخروج إلى المسجد مر معنا في آداب المشي إلى الصلاة، فهل يجمع إلى هذه الأدعية إن كان الخارج يريد المسجد، أو أن ذاك في الخروج إلى المسجد، وهذه في الخروج لغير ذلك؟ الجواب: الذي يبدو أن هذا الحديث الذي معنا عام للمسجد ولغير المسجد؛ لأنه قد يحصل له هذا الشيء الذي يخافه، والذي سأل الله عز وجل أن يخلصه منه، فله أن يجمع بين حديث: (اللهم إني أعوذ بك من أن أَضل أو أُضل...) وبين دعاء الخروج من المسجد: (اللهم اجعل في قلبي نوراً) . ما يقال إذا هاجت الريح شرح حديث (الريح من روح الله .. فإذا رأيتموها فلا تسبوها ...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما يقول إذا هاجت الريح. حدثنا أحمد بن محمد المروزي و سلمة يعني ابن شبيب، قالا: حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر عن الزهري حدثني ثابت بن قيس، أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: (الريح من روح الله ، قال سلمة: فروح الله تأتي بالرحمة وتأتي بالعذاب، فإذا رأيتموها فلا تسبوها، وسلوا الله خيرها واستعيذوا بالله من شرها) ]. أورد أبو داود [ باب ما يقول إذا هاجت الريح ]. يعني: عندما تشتد الرياح ويحصل هبوبها وهيجانها يدعو الإنسان بهذا الدعاء. قوله: (فإذا رأيتموها فلا تسبوها، وسلوا الله خيرها واستعيذوا بالله من شرها) ] يعني: ما حصل فيها من خير فاسألوا الله عز وجل أن يحققه لكم، وما فيها من شر فاسألوه سبحانه وتعالى أن يصرفه عنكم وأن يخلصكم منه. ومعنى ذلك أن الريح مأمورة، فالإنسان يسأل الله خيرها ويستعيذ بالله من شرها، وهي تأتي بالرحمة وتأتي بالعذاب، ومعلوم أن الله تعالى يرسل الرياح فتثير سحاباً فيحصل الخير والبركة للناس، وكذلك تكون عذاباً كما كانت عذاباً لعاد، فقد أرسل الله عليهم ريحاً صرصراً عاتية، تنزع النخيل وتنقل الرجال وتلقيهم في أماكن بعيدة، وتهلكهم كما قال الله عز وجل: فَأَصْبَحُوا لا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ [الأحقاف:25]، وفي الحديث الذي سبق أن مر بنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما ذهب إلى تبوك ومر بالمرأة صاحبة البستان، وأمرها بخرصه حتى يعود ليأخذ زكاته، وفي البخاري وغيره أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لهم: (تهب الليلة ريح فلا يقم أحد منكم، وكلٌ يعقل بعيره) فقام رجل فحملته الريح فألقته في جبل طي، يعني: أخذته من تبوك إلى حائل. قوله: [ (الريح من روح الله) ] قيل: الروح هو الرحمة. قوله: [ (قال سلمة : فروح الله) ]. يبدو والله أعلم أنه مع ذلك قال: فروح الله ...إلخ، أو أنه ما قال: الريح من روح الله، وإنما قال: فروح الله .. إلخ. قوله: [ (تأتي بالرحمة وتأتي بالعذاب، فإذا رأيتموها فلا تسبوها) ]. يعني: لا يحصل منكم سب أو شتم؛ لأن الريح من مخلوقات الله عز وجل، والله تعالى يجعل فيها الرحمة ويجعل فيها العذاب، وهذا قوله: (لا تسبوا الدهر) ، يعني: أنها مأمورة ومخلوقة. تراجم رجال إسناد حديث (الريح من روح الله .. فإذا رأيتموها فلا تسبوها ...) قوله : [ أحمد بن محمد المروزي ]. أحمد بن محمد بن ثابت بن شبويه وهو ثقة، أخرج له أبو داود . [ و سلمة بن شبيب ]. هو ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ حدثنا عبد الرزاق ]. هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا معمر ]. هو معمر بن راشد الأزدي البصري اليماني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الزهري ]. هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثني ثابت بن قيس ]. ثابت بن قيس وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ أن أبا هريرة ]. هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق. الفرق بين الريح والرياح وهناك فرق بين الريح والرياح، فالرياح تأتي في الخير في الغالب، وأما الريح فتأتي للخير وتأتي للشر، كما هنا قال: (سلوا الله من خيرها واستعيذوا بالله من شرها) . وكذلك جاء في القرآن آية فيها الريح في غير العذاب، وهي قوله عز وجل: وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ [يونس:22]. شرح حديث (... وكان إذا رأى غيماً أو ريحاً عرف ذلك في وجهه ...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن صالح حدثنا عبد الله بن وهب أخبرنا عمرو أن أبا النضر حدثه، عن سليمان بن يسار عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنها قالت: (ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قط مستجمعاً ضاحكاً حتى أرى منه لهواته، إنما كان يتبسم، وكان إذا رأى غيماً أو ريحاً عرف ذلك في وجهه، فقلت: يا رسول الله! الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر، وأراك إذا رأيته عرفت في وجهك الكراهية، فقال : يا عائشة ! ما يؤمنني أن يكون فيه عذاب؟ قد عذب قوم بالريح، وقد رأى قوم العذاب فقالوا: هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا [الأحقاف:24]) ] . أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها تصف فيه هيئة الرسول صلى الله عليه وسلم في ضحكه وأنه كان يتبسم فقط، وأنه ما كان يضحك حتى تبدو لهواته من شدة الضحك، وإنما كان ضحكه تبسماً صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، وأنه كان إذا رأى الريح تظهر على وجهه علامة الخوف، فقالت عائشة : إن الناس إذا رأوا الريح استبشروا يرجون أن يكون مطراً، وأنت إذا رأيتها تظهر في وجهك الكراهية، قال: وما يؤمنني، فإن الله عذب قوماً بالريح، فلما رأوا هذا العارض الذي في الأفق والذي في السماء قالوا: هذا عارض ممطرنا، ولكنه عذاب. فالرسول صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى الريح خشي العذاب، والريح كما أنها تأتي بالرحمة تأتي بالعذاب، وتكون رحمة وتكون عذاباً، كما مر في الحديث السابق، فعلى الإنسان أن يسأل الله من خيرها ويستعيذ بالله من شرها. تراجم رجال إسناد حديث (... وكان إذا رأى غيماً أو ريحاً عرف ذلك في وجهه ...) قوله: [ حدثنا أحمد بن صالح ]. هو أحمد بن صالح المصري ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي في الشمائل. [ حدثنا عبد الله بن وهب ]. هو عبد الله بن وهب المصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا عمرو ]. هو عمرو بن الحارث المصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أن أبا النضر ]. هو سالم بن أبي أمية وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سليمان بن يسار ]. سليمان بن يسار وهو ثقة، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ عن عائشة ]. عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهم: أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وأبو سعيد، وأنس، وجابر، وأم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عن الجميع. شرح حديث (أن النبي كان إذا رأى ناشئاً في أفق السماء ترك العمل وإن كان في الصلاة ...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا ابن بشار حدثنا عبد الرحمن حدثنا سفيان عن المقدام بن شريح عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى ناشئاً في أفق السماء ترك العمل وإن كان في صلاة، ثم يقول: اللهم إني أعوذ بك من شرها، فإن مطر قال: اللهم صيباً هنيئاً) ]. أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى ناشئاً في الأفق ترك العمل وإن كان في صلاة) يعني: إذا رأى سحاباً في الأفق ترك العمل وإن كان في صلاة. قوله: [ (اللهم إني أعوذ بك من شرها) ] يخشى أن تكون عذاباً. قوله: [ (فإن مطر قال: اللهم صيباً هنيئاً) ] يعني: يكون المطر فيه الهناء وفيه الخير وفيه الخصب وفيه البركة. قوله: [ (اللهم! إني أعوذ بك من شرها) ] هذا هو محل الشاهد. تراجم رجال إسناد حديث (أن النبي كان إذا رأى ناشئاً في أفق السماء ترك العمل وإن كان في صلاة ...) قوله: [ حدثنا ابن بشار ]. هو محمد بن بشار ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عبد الرحمن ]. هو عبد الرحمن بن مهدي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا سفيان ]. هو سفيان الثوري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن المقدام بن شريح ]. المقدام بن شريح وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، و مسلم وأصحاب السنن. [ عن أبيه ]. وأبوه كذلك ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، و مسلم وأصحاب السنن. [ عن عائشة ]. عائشة رضي الله عنها وقد مر ذكرها. ما جاء في المطر شرح حديث (أصابنا ونحن مع رسول الله مطر فخرج رسول الله فحسر ثوبه عنه حتى أصابه ...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما جاء في المطر. حدثنا قتيبة بن سعيد و مسدد المعنى قالا: حدثنا جعفر بن سليمان عن ثابت عن أنس رضي الله عنه أنه قال: (أصابنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مطر، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فحسر ثوبه عنه حتى أصابه، فقلنا: يا رسول الله! لم صنعت هذا ؟ قال: لأنه حديث عهد بربه) ]. أورد أبو داود [ باب ما جاء في المطر ]. وأورد فيه حديث أنس رضي الله عنه أنه أصابهم وهم مع الرسول صلى الله عليه وسلم مطر فحسر عن ثوبه حتى يصيبه المطر، فسألوه عن ذلك، فقال: عليه الصلاة والسلام: (إنه حديث عهد بربه) . يعني: أن هذا هو السبب الذي جعله يحسر ثوبه، ومعلوم أن المطر إنما يأتي من السحاب المسخر بين السماء والأرض، وهو لا يأتي من السماوات المبنية، وإنما الله عز وجل يرسل الرياح فتثير سحاباً فيبسطه بين السماء والأرض، ثم ينزله حيث يشاء وينفع به من يشاء من عباده، ويضر به من يشاء من عباده، وليس المقصود من قوله: (لأنه حديث عهد بربه) أنه نزل من فوق العرش، وإنما المقصود أن الله عز وجل أنزله، كما قال عز وجل: وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا [الفرقان:48] وقوله عز وجل: أَأَنْتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ [الواقعة:69]، فهذا هو المقصود من قوله: (حديث عهد بربه)، يعني: أنه بإنزال ربه وبإيجاد ربه، وليس معنى ذلك أنه جاء من فوق العرش؛ لأن المطر يأتي من السحاب المسخر بين السماء والأرض. تراجم رجال إسناد حديث (أصابنا ونحن مع رسول الله مطر فخرج رسول الله فحسر ثوبه عنه حتى أصابه ...) قوله: [ حدثنا قتيبة بن سعيد ]. قتيبة بن سعيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و مسدد ]. هو مسدد بن مسرهد البصري ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي والنسائي. [ المعنى ]. يعني: أن الرواية بالمعنى، وليسا متفقين في اللفظ ولكن في المعنى. [ حدثنا جعفر بن سليمان ]. جعفر بن سليمان وهو صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، و مسلم وأصحاب السنن. [ عن ثابت ]. هو ثابت بن أسلم البناني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أنس ] . هو أنس بن مالك رضي الله عنه، وقد مر ذكره. الأسئلة حكم التبرك بالمطر السؤال: هل في حديث حسر الثوب عند نزول المطر دليل على جواز التبرك بالمطر؛ لكونه حديث عهد بربه؟ الجواب: يفعل كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا شك أن المطر ماء مبارك وفيه بركة. وجه الاستدلال بحديث (إنه حديث عهد بربه) على علو الله عز وجل السؤال: هل يمكن الاستدلال بحديث حسر الثوب عند نزول المطر على علو الله عز وجل؟ الجواب: لا يظهر أن فيه دليلاً؛ لأن معنى قوله: (حديث عهد بربه) يعني: بإنزال ربه، وقد جاء أكثر من ألف دليل في القرآن والسنة كلها تدل على علو الله سبحانه وتعالى." |
رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله
شرح سنن أبي داود (عبد المحسن العباد) كتاب الإمارة شرح سنن أبي داود [579] الحلقة (609) شرح سنن أبي داود [579] إن من سنة النبي صلى الله عليه وسلم ألا يسب المؤمن الديك؛ لأنه يوقظ للصلاة، ومن سننه أيضاً أنه إذا سمع المؤمن نهيق حمار أو نباح كلب أن يستعيذ بالله؛ فإن الحمار والكلب رأيا ما لم نر من الجن، وذلك هو سبب أمر النبي بتقليل الخروج ليلاً؛ نظراً لانتشار الجن. ما جاء في الديك والبهائم شرح حديث (لا تسبوا الديك؛ فإنه يوقظ للصلاة) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما جاء في الديك والبهائم. حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا عبد العزيز بن محمد عن صالح بن كيسان عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن زيد بن خالد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا تسبوا الديك، فإنه يوقظ للصلاة) ]. أورد أبو داود : [ باب ما جاء في الديك والبهائم ] وأورد فيه حديث زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تسبوا الديك؛ فإنه يوقظ للصلاة) يعني: أنه يوقظ للصلاة بصياحه، فينبه الناس بأن يقوموا من نومهم ومن رقادهم، وذلك أنه في آخر الليل يحصل منه صياح، فيكون في هذا مصلحة للناس؛ ولهذا نهى عن سبه؛ لأن صوته فيه مصلحة للناس. تراجم رجال إسناد حديث (لا تسبوا الديك فإنه يوقظ للصلاة) قوله: [ حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا عبد العزيز بن محمد ]. هو عبد العزيز بن محمد الدراوردي صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن صالح بن كيسان ]. صالح بن كيسان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ]. عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن زيد بن خالد ]. هو زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه، صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة. شرح حديث (إذا سمعتم صياح الديكة فسلوا الله تعالى من فضله ...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن جعفر بن ربيعة عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (إذا سمعتم صياح الديكة فسلوا الله تعالى من فضله؛ فإنها رأت ملكاً، وإذا سمعتم نهيق الحمار فتعوذوا بالله من الشيطان؛ فإنها رأت شيطاناً) ]. أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا الله تعالى من فضله؛ فإنها رأت ملكاً، وإذا سمعتم نهيق الحمار فتعوذوا بالله من الشيطان؛ فإنها رأت شيطاناً). وهذا يدلنا على أن صياح الديكة علامة على خير، وأن نهيق الحمار علامة على شر؛ لأن الديك يرى ملكاً والحمار يرى شيطاناً، وهذا مما يدل على قدرة الله عز وجل، وأن من المخلوقات من ترى ما لا يراه الإنسان، فإن هذا فيه أن الديك رأى ملكاً وأن الحمار رأى شيطاناً، والناس لا يرون الملائكة ولا يرون الشياطين. وكذلك أيضاً من ناحية السماع، فهي تسمع ما يحصل في القبور من العذاب، فقد جاء في الحديث أنه يسمع صوت الميت كل شيء إلا الجن والإنس، يعني: والملائكة والحيوانات تسمع ما يجري في القبور، والرسول صلى الله عليه وسلم أسمعه الله ما يجري في القبور، كما قال: (لولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر ما أسمع) . تراجم رجال إسناد حديث (إذا سمعتم صياح الديكة فسلوا الله من فضله ...) قوله: [ حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث ]. هو الليث بن سعد المصري ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن جعفر بن ربيعة ]. هو جعفر بن ربيعة الجمحي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الأعرج ]. هو عبد الرحمن بن هرمز الأعرج ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. أبو هريرة وقد مر ذكره. وجه كون الدعاء عند حضور الملائكة له أثر سؤالنا لله معلق بسماع الديك، وتعوذنا بالله معلق بسماع صوت الحمار، والناس يسمعون الديكة ويسمعون صوت الحمير، فيتعوذون بالله عند هذا ويسألون الله عند هذا. وفي هذا الحديث دليل على أن الدعاء له أثر عند نزول الملائكة، فالملائكة تحضر مجالس الذكر، وتطوف تبحث عنها فإذا وجدتها دعت بعضها بعضاً فيأتون ويسمعون الذكر، والناس لا يعلمون من أحوال الملائكة إلا ما علموه وما جاءهم به نص، وما لم يأتهم فيه نص فهم لا يعلمون. وما ذكره صاحب عون المعبود: قال القاضي : سببه رجاء تأمين الملائكة على الدعاء واستغفارهم وشهادتهم بالتضرع والإخلاص، قاله النووي . هذا محتمل والله أعلم، لكن هل يؤمنون على هذا الدعاء؟ لا ندري، والله أعلم بذلك، لكن الملائكة تؤمن عند قراءة الفاتحة؛ لأنه من قال: (غير المغضوب عليهم ولا الضالين) وقال: آمين، فإن الملائكة تقول: آمين، فهنا نص على أنها تؤمن والله أعلم. أما من قال: إن في الحديث دلالة على نزول الرحمة عند حضور أهل الصلاح، فيستحب الدعاء في ذلك الوقت، فهذا غير مستقيم؛ لأن علم ذلك عند الله عز وجل. و النووي رحمه الله ممن يجوز التبرك بالصالحين وبآثار الصالحين، وهذا غير مستقيم. شرح حديث (إذا سمعتم نباح الكلاب ونهيق الحمر بالليل فتعوذوا بالله ...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا هناد بن السري عن عبدة عن محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم عن عطاء بن يسار عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا سمعتم نباح الكلاب ونهيق الحمر بالليل، فتعوذوا بالله؛ فإنهن يرين ما لا ترون) ]. أورد أبو داود حديث جابر بن عبد الله : (إذا سمعتم نباح الكلاب ونهيق الحمر بالليل فتعوذوا بالله؛ فإنهن يرين ما لا ترون) وهذا الإجمال الذي في هذا الحديث يفسره الحديث الذي قبله، وأنها رأت شيطاناًَ، وفيه إضافة نباح الكلاب. وهذا الحديث فيه تقييد التعوذ بالليل، ولكن الحديث الذي قبل هذا ليس فيه تقييد فهو عام، لكن إذا سمع الناس نهيق الحمار في النهار فإنهم يقولون مثل هذا الكلام؛ لأنه يمكن أن تكون صفة كاشفة، وأن الشياطين غالباً ما يكون انتشارها في الليل. تراجم رجال إسناد حديث (إذا سمعتم نباح الكلاب ونهيق الحمر بالليل فتعوذوا بالله ...) قوله: [ حدثنا هناد بن السري ]. هو هناد بن السري أبو السري ثقة، أخرج له البخاري في خلق أفعال العباد، ومسلم وأصحاب السنن. [ عن عبدة ]. هو عبدة بن سليمان ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن محمد بن إسحاق ]. هو محمد بن إسحاق المدني وهو صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً، و مسلم وأصحاب السنن. [ عن محمد بن إبراهيم ]. هو محمد بن إبراهيم التيمي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عطاء بن يسار ]. عطاء بن يسار ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن جابر بن عبد الله ]. هو جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما وهو صحابي ابن صحابي، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. شرح حديث (أقلوا الخروج بعد هدأت الرجل فإن لله تعالى دواب يبثهن في الأرض ...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن سعيد بن زياد عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما ح وحدثنا إبراهيم بن مروان الدمشقي حدثنا أبي حدثنا الليث بن سعد حدثنا يزيد بن عبد الله بن الهاد عن علي بن عمر بن حسين بن علي وغيره قالا: قال: رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أقلوا الخروج بعد هدأت الرجل؛ فإن لله تعالى دواب يبثهن في الأرض، قال ابن مروان : في تلك الساعة، وقال: فإن لله خلقاً) ثم ذكر نباح الكلب والحمير نحوه، وزاد في حديثه، قال ابن الهاد : وحدثني شرحبيل الحاجب عن جابر بن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مثله ]. أورد أبو داود حديث جابر رضي الله تعالى عنهما: (اقلوا الخروج بعد هدأت الرجل) يعني: الحث على السكون وترك الخروج؛ لأنه قد جن الليل، والناس يبقون في بيوتهم. قوله: [ (فإن لله تعالى دواب يبثهن في الأرض) ]. يعني: مثل الحديث السابق فيما يتعلق بنباح الكلاب، ونهيق الحمر. قوله: [ قال ابن الهاد : وحدثني شرحبيل الحاجب عن جابر بن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله ]. يعني: هذا الحديث فيه رجال متكلم فيهم، وفيه إرسال، ومع الاتصال فيه ضعف، لكن مجموع هذه الطرق يثبت بها الحديث، والحديث الذي قبله فيما يتعلق بنباح الكلاب ونهيق الحمر شاهد له. تراجم رجال إسناد حديث (أقلوا الخروج بعد هدأت الرجل فإن لله تعالى دواب يبثهن في الأرض ...) قوله: [ حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن خالد بن يزيد ]. هو خالد بن يزيد الجمحي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سعيد بن أبي هلال ]. سعيد بن أبي هلال وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سعيد بن زياد ]. سعيد بن زياد مجهول، أخرج له البخاري تعليقاً، و أبو داود و النسائي [ عن جابر بن عبد الله ]. هو جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما، وقد مر ذكره. [ ح وحدثنا إبراهيم بن مروان الدمشقي ]. إبراهيم بن مروان الدمشقي، صدوق أخرج له أبو داود . [ حدثنا أبي ]. أبوه ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ حدثنا الليث بن سعد حدثنا يزيد بن عبد الله بن الهاد ]. الليث مر ذكره. ويزيد بن عبد الله بن الهاد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن علي بن عمر بن حسين بن علي ]. علي بن عمر بن حسين بن علي، وهو مستور، أخرج له أبو داود ، وعند البخاري في الأدب المفرد عن عمر وهو صدوق الرواية عن عمر وليست عن علي . [ قال ابن الهاد : وحدثني شرحبيل الحاجب ]. هو شرحبيل بن سعد وهو صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، و أبو داود و ابن ماجة . [ عن جابر بن عبد الله ]. جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما. الأسئلة حكم اتخاذ الديك في البيت السؤال: هل من السنة اتخاذ الديك في البيت؛ لأنه يرى الملك ويوقظ للصلاة؟ وهل هو أفضل من الساعات التي توقظ للصلاة؟ الجواب: لا يظهر أن من السنة أن يتخذ الناس في بيوتهم ديكة أو دجاجاً، ولكن الديك سواء كان عندهم أو عند غيرهم، إذا سمعوا صوته فإنهم يأتون بما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك. حكم إيراد الدعاء عند سماع الديك من ليل أو نهار السؤال: هل نقول هذا الدعاء في كل وقت من ليل أو نهار إذا سمعنا الديك؟ الجواب: هذا الذي يبدو؛ لأن الحديث الأول عام. حكم قطع قراءة القرآن للإتيان بالدعاء الوارد عند سماع الديك السؤال: من يقرأ القرآن وسمع صياح الديك فهل يقطع قراءته ويسأل الله؟ الجواب: نعم؛ فهو مثل ما يتوقف لرد السلام إذا سلم عليه شخص من الناس. حكم لعن الديك وغيره من الحيوانات السؤال: هل يجوز لعن الديك؟ الجواب: الحديث الذي مر فيه النهي عن سبه؛ لأنه يوقظ للصلاة، واللعن أشد من السب. واللعن كما هو معلوم لا يجوز لا للحيوانات ولا لغيرها، كما في قصة الدابة التي لعنتها صاحبتها فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا تصحبنا ناقة ملعونة) . حكم رمي الكلاب بسبب نباحها السؤال: هل يجوز أن نرمي الكلاب إذا سمعنا نباحها، باعتبار أنها رأت أمامنا شيطاناً؟ الجواب: الكلاب لا ترمى، ولكن إذا آذت وحصل منها أذى تقتل من أجل أذاها، أما كونها إذا رأت شيطاناً ترمى، فمعناه أن الكلاب كلها ترمى، وهذا غير سائغ، إلا ما كان مؤذياً فيقتل لأذاه. المقصود من قوله (أقلوا الخروج) السؤال: قوله في الحديث الأخير: (أقلوا الخروج) هل هو من صيغ التحريم؟ الجواب: هذا أمر فيه الإشارة إلى المنع، ولكنه يجوز الخروج لضرورة أو لأمر لا بد منه، وأن الخروج يمكن أن يحصل، لكن ليس بإطلاق، وأن الأمر في ذلك كغيره من الأوقات، والمقصود هو الإقلال من الخروج لا نفي الأصل. مشروعية الدعاء عند نزول المطر السؤال: هل يشرع الدعاء عند نزل المطر؟ الجواب: نعم، اللهم صيباً نافعاً، اللهم صيباً هنيئاً، فيدعى بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأما كونه يدعو بألفاظ من غير أن يكون لها أساس، فلا نعلم شيئاً في ذلك شيئاً، لكن الذي ورد يؤتى به. بيان صيغة سؤال الله من فضله السؤال: كيف تكون صيغة الدعاء في سؤال الله من فضله؟ الجواب: الصيغة هي: نسأل الله من فضله!" |
رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله
شرح سنن أبي داود (عبد المحسن العباد) كتاب الإمارة شرح سنن أبي داود [580] الحلقة (610) شرح سنن أبي داود [580] وردت الأحاديث في مشروعية الأذان في أذن الصبي عند ولادته، وكذلك تحنيكه بالتمر، والدعاء له بالبركة. أما بالنسبة لمن استعاذ برجل؛ لينصره على عدوه الذي ظلمه؛ فقد جاء ما يدل على وجوب نصرته بالحق، وكذلك من سأل بالله فإنه يعطى إذا كان بحاجة، وكان سؤاله معقولاً. أما رد الوسوسة القبيحة التي يلقيها الشيطان في ذهن الإنسان فواجب، وشعور الإنسان بخطرها دلالة على الإيمان، وهناك طرق يرد بها الوسوسة جاءت بها الأحاديث النبوية. أما عن حكم الانتماء والانتساب إلى غير الأب أو الموالي فقد جاء الوعيد الشديد في ذلك، فينبغي للمسلم أن يحذر ذلك وأن يبتعد عنه. الأذان في أذن الصبي عند ولادته شرح حديث (رأيت رسول الله أذن في أذن الحسن بن علي حين ولدته فاطمة بالصلاة) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الصبي يؤذن في أذنيه. حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن سفيان حدثني عاصم بن عبد الله عن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه رضي الله عنه قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أذن في أذن الحسن بن علي رضي الله عنهما حين ولدته فاطمة رضي الله عنها بالصلاة) ]. أورد أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [ باباً في الصبي يؤذن في أذنيه ]. هذه الترجمة معقودة لبيان حكم الأذان في أذن الصبي عند ولادته؛ ليكون أول ما يقرع سمعه ذكر الله عز وجل، فيكون في ذلك منع وحصانة له من الشيطان. أورد أبو داود حديث أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (رأيت النبي عليه الصلاة والسلام أذن في أذن الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما حين ولد بالصلاة) أي: بأذان الصلاة من بدايته إلى نهايته؛ ليكون أول ما يقرع سمعه ذكر الله عز وجل. هذا هو الحديث الذي أورده أبو داود رحمه الله للاستدلال به على الأذان في أذن الصبي، وقد ذكره جماعة من العلماء للاستدلال به على ذلك، ومنهم ابن القيم في كتابه (تحفة المودود في أحكام المولود)، والشيخ ناصر حسنه في بعض كتبه، وأخيراً رجع عن ذلك، ففي إسناده رجل ضعيف وهو عاصم بن عبيد الله، وقد ذكر أن في شعب الإيمان للبيهقي حديثاً عن الحسن يتعلق بالأذان وقد قيل: إنه شاهد لهذا، والشيخ ناصر قال: إنه بعدما طبع الكتاب رأى إسناده وإذا في إسناده رجل وضاع ومتروك، وكان قبل ذلك يظن أنه شاهد لحديث أبي رافع الموجود معنا، وعلى هذا فلا يصلح أن يكون شاهداً ما دام أن فيه كذاباً ومتروكاً، فيبقى الحديث بدون شاهد. وإذا لم يكن في الموضوع أو في الباب إلا هذا الحديث الذي في إسناده هذا الرجل الضعيف الذي هو عاصم بن عبيد الله ؛ فإنه لا يكون هناك شيء يصلح للاحتجاج به في هذا الموضوع، إلا إذا كان هناك أحاديث أخرى تشهد له فيمكن ذلك، وأما إذا كان التعويل على هذا الحديث وعلى الحديث الآخر الذي عند البيهقي الذي فيه الوضاع والمتروك، فإنه لا يكون الأذان في أذن الصبي ثابتاً؛ لأن هذا الحديث فيه رجل ضعيف، وذاك الحديث فيه متروك وفيه وضاع، فلا يشهد أحدهما للآخر ولا يثبت الحكم بهذا الحديث. وعلى هذا فيعتبر الحديث غير صحيح ما دام بهذا الإسناد. تراجم رجال إسناد حديث (رأيت رسول الله أذن في أذن الحسن بن علي حين ولدته فاطمة بالصلاة) قوله: [ حدثنا مسدد ]. هو مسدد بن مسرهد البصري ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا يحيى ]. هو يحيى بن سعيد القطان وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سفيان ]. هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثني عاصم بن عبيد الله ]. عاصم بن عبيد الله وهو ضعيف، أخرج له البخاري في خلق أفعال العباد، وأصحاب السنن. [ عن عبيد الله بن أبي رافع ]. عبيد الله بن أبي رافع وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه ]. أبوه هو أبو رافع رضي الله عنه مولى رسول الله عليه الصلاة والسلام، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. شرح حديث (كان رسول الله يؤتى بالصبيان فيدعو لهم بالبركة ويحنكهم) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا محمد بن فضيل وحدثنا يوسف بن موسى حدثنا أبو أسامة عن هشام بن عروة عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يؤتى بالصبيان فيدعو لهم بالبركة. زاد يوسف : ويحنكهم. ولم يذكر بالبركة) ]. أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها قالت: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يؤتى بالصبيان عند ولادتهم فيحنكهم ويدعو لهم بالبركة) أي: أنه كان يمضغ تمرة حتى تذوب وتصير كالماء ثم يدلك بها حنك الصبي عند ولادته؛ فيكون أول شيء يدخل إلى جوفه هذا الحلو من التمر. فالرسول صلى الله عليه وسلم كان يحنك الصبيان ويدعو لهم بالبركة. والتحنيك يمكن أن يكون من الأب والأم ومن غيرهما، ولكن لا يذهب بالصبي إلى أحد من الناس ليحنكه رجاء بركته بسبب صلاح هذا الإنسان؛ فإن هذا لم يعرف الرجوع فيه إلا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومعلوم أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يتبركون بالرسول صلى الله عليه وسلم، أي يتبركون بما يحصل من جسده، فيتبركون بشعره ويتبركون بعرقه ويتبركون بمخاطه وبصاقه عليه الصلاة والسلام، ويتبركون بثيابه وما مس جسده، وهو عليه السلام يعطي ذلك لأصحابه ليتبركوا به؛ لأن فيه بركة، وهذا من خصائصه عليه الصلاة والسلام، فلا يجوز أن يضاف إلى غيره وأن يعامل غيره معاملته؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم ما عاملوا أبا بكر و عمر و عثمان و علياً رضي الله عنهم وهم خير الصحابة كما كان يحصل ذلك منهم مع رسول الله عليه الصلاة والسلام، فدل على أن غيرهم من باب أولى أن لا يقصد ولا يؤتى إليه من أجل أن يحنك صبياً أو يتبرك به؛ لأن التبرك إنما هو خاص بالرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه. تراجم رجال إسناد حديث (كان رسول الله يؤتى بالصبيان فيدعو لهم بالبركة ويحنكهم) قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي وإلا النسائي ، فإنه أخرج له في عمل اليوم والليلة. [ حدثنا محمد بن فضيل ]. هو محمد بن فضيل بن غزوان صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ ح وحدثنا يوسف بن موسى ]. أي: تحويل من إسناد إلى إسناد آخر، و يوسف بن موسى هو صدوق، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي في مسند علي و ابن ماجة. [ حدثنا أبو أسامة ]. هو حماد بن أسامة وكنيته توافق اسم أبيه، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن هشام بن عروة ]. هشام بن عروة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عروة ]. هو عروة بن الزبير بن العوام وهو ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عائشة ]. هي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. شرح حديث (هل رئي فيكم المغربون؟ قلت وما المغربون؟ قال الذين يشترك فيهم الجن) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن مثنى حدثنا إبراهيم بن أبي الوزير حدثنا داود بن عبد الرحمن العطار عن ابن جريج عن أبيه عن أم حميد عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (هل رئي -أو كلمة غيرها- فيكم المغربون؟ قلت: وما المغربون؟ قال: الذين يشترك فيهم الجن) ]. أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (هل رئي، أو كلمة غيرها) يعني: أن الراوي لم يجزم بهذه الكلمة، وإنما هي رئي أو كلمة قريبة منها مثل: وجد أو ما إلى ذلك من العبارات التي تؤدي معناها. قوله: [ (فيكم المغربون؟ قلت: وما المغربون يا رسول الله؟ قال: الذين يشترك فيهم الجن) ]. هذا الحديث ضعيف غير ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن في إسناده من فيه ضعف. فالمغربون فسروا بأنهم الذين يشترك فيهم الجن. أما تفسير اشتراك الجن، فقيل: إنهم عندما لم يذكر الله عز وجل يشاركون عند الجماع، فيكون لهم تسلط على أولئك الذين يولدون، ولكن الحديث كما هو معروف غير ثابت وغير صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. يقول صاحب عون المعبود في مناسبة الحديث للباب: مقصود المؤلف من إيراد الحديث في هذا الباب أن الأذان في أذن المولود له تأثير عجيب وأمان من الجن والشيطان، كما للدعاء عند الوقاع تأثير بليغ وحرز من الجن والشيطان. تراجم رجال إسناد حديث (هل رئي فيكم المغربون؟ قلت وما المغربون؟ قال الذين يشترك فيهم الجن) قوله: [ حدثنا محمد بن المثنى ]. هو محمد بن المثنى أبو موسى العنزي الملقب بالزمن وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة. [ حدثنا إبراهيم بن أبي الوزير ]. إبراهيم بن أبي الوزير صدوق، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ حدثنا داود بن عبد الرحمن العطار ]. داود بن عبد الرحمن العطار ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن جريج ]. هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه ]. وهو لين، أخرج له أصحاب السنن. [ عن أم حميد ]. أم حميد لا يعرف حالها ولا اسمها، وقد أخرج لها أبو داود. إذاً فالحديث ضعيف، فيه هذان الاثنان: والد ابن جريج وهو لين، وهو دون المقبول، وفيه هذه المرأة التي لا يعرف حالها، فهو غير ثابت عن الرسول صلى الله عليه وسلم. [ عن عائشة ]. وقد مر ذكرها. الأسئلة بيان وقت تحنيك الصبي السؤال: متى يكون التحنيك، هل يكون يوم الولادة أم بعد أسبوع؟ الجواب: التحنيك عند الولادة؛ لأن المقصود من التحنيك أن يكون أول شيء يدخل جوف الصبي هذا الشيء الحلو. وجه مشروعية التحنيك من غير النبي صلى الله عليه وسلم السؤال: ما المانع أن نقول: إن التحنيك بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مشروع، إذ لا توجد المصلحة التي كانت ترجى من تحنيكه صلى الله عليه وسلم؟ الجواب: لا نعلم أحداً يقول إن التحنيك غير مشروع، ولكن الذي يقال: إنه لا يعامل أحد كما كان يعامل النبي عليه الصلاة والسلام. حكم قول القائل عند رؤية الصبي ما شاء الله السؤال: هل قول القائل عند رؤية الصبي: ما شاء الله، سائغ، أم يقيد بما جاء في الحديث من الدعاء بالبركة؟ الجواب: كلمة (ما شاء الله) لا نعلم شيئاً يدل عليها، لكن إذا أتي بها من غير أن تلتزم أو يقال إنها سنة، فلا بأس، يعني: لا بأس أن الإنسان يذكر الله عز وجل عندما يرى الصبي، لكن المقصود أن يدعو له بالبركة، وهذا هو المطلوب وهذا هو المهم. حكم تحنيك الصبي بالعسل أو السكر السؤال: هل يجوز تحنيك الصبي بالعسل أو السكر؟ الجواب: يجوز، لكن الأصل أن يحنك بالتمر، فإذا لم يوجد يحنك بغيره مما هو حلو. ما جاء في الرجل يستعيذ من الرجل شرح حديث (من استعاذ بالله فأعيذوه ومن سألكم بالله فأعطوه) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الرجل يستعيذ من الرجل. حدثنا نصر بن علي و عبيد الله بن عمر الجشمي قالا: حدثنا خالد بن الحارث حدثنا سعيد ، قال نصر : ابن أبي عروبة عن قتادة عن أبي نهيك عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (من استعاذ بالله فأعيذوه، ومن سألكم بوجه الله فأعطوه، قال عبيد الله : من سألكم بالله)]. أورد أبو داود [ باباً في الرجل يستعيذ من الرجل ] يعني: يستعيد بالله من شخص معين ويطلب من غيره أن يعيذه وأن يخلصه منه وأن يكون عوناً له عليه، فإنه تحقق له رغبته فيجار ويحال بينه وبين ذلك الذي تابعه ليؤذيه، أو ليلحق به ضرراً. قوله: [ (ومن سألكم بوجه الله فأعطوه) ] يعني: من سأل بوجه الله شيئاً من الأشياء فإنه يعطى، وفي بعض الروايات: (من سأل بالله) يعني: دون ذكر وجه الله، ومن المعلوم أن السؤال الجائز هو الذي يكون تحقيقه ممكناً وليس فيه مشقة على الإنسان، وإلا فقد يسأل الإنسان أشياء ليس من حق السائل أن يسأل، فلا يحقق له ما يريد، كأن يسأل بالله شيئاً لا يجوز أن يخبر به وليس من حقه أن يسأل عنه، وإنما يسوغ السؤال في الشيء الذي من حقه أن يسأله، أو في أمر دعته الضرورة إليه، أما أن يسأل عن أمور خاصة لا يجوز إبداؤها ولا يجوز إظهارها، فليس من حقه أن يسأل هذا السؤال، لكن له أن يسأل شيئاً هو بحاجة إليه والمسئول متمكن من ذلك ولا مشقة عليه، وأما إذا كان غير مضطر وإنما يريد أن يتوسع أو يريد شيئاً ليس بحاجة إليه، كأن يريد مثلاً مبالغ طائلة، فلا تحقق رغبته. تراجم رجال إسناد حديث (من استعاذ بالله فأعيذوه ومن سألكم بالله فأعطوه) قوله: [ حدثنا نصر بن علي ]. هو نصر بن علي بن نصر بن علي الجهضمي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و عبيد الله بن عمر الجشمي ]. عبيد الله بن عمر الجشمي ثقة، أخرج له البخاري و مسلم و أبو داود و النسائي. [ حدثنا خالد بن الحارث ]. خالد بن الحارث ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا سعيد قال نصر: ابن أبي عروبة ]. فأحد الشيخين ذكره باسمه فقط، والثاني زاد فقال: ابن أبي عروبة، وسعيد بن أبي عروبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن قتادة ]. هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي نهيك ]. هو عثمان بن نهيك وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، و أبو داود . [ عن ابن عباس ]. هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. شرح حديث (من استعاذكم بالله فأعيذوه ومن سألكم بالله فأعطوه ومن دعاكم فأجيبوه ...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد و سهل بن بكار قالا: حدثنا أبو عوانة ح وحدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا جرير المعنى عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من استعاذكم بالله فأعيذوه، ومن سألكم بالله فأعطوه. وقال سهل و عثمان ومن دعاكم فأجيبوه، ثم اتفقوا، ومن آتى إليكم معروفاً فكافئوه. قال مسدد و عثمان فإن لم تجدوا فادعوا الله له حتى تعلموا أن قد كافأتموه) ]. أورد أبو داود حديث ابن عمر وهو مثل الذي قبله في الجملتين الأوليين: الاستعاذة بالله والسؤال بالله، وفيه جملتان أخريان، الأولى: قوله: [ (ومن دعاكم فأجيبوه) ]. معناه: أنه من دعاهم لوليمة فإن كانت وليمة عرس وجبت إجابتها، وإن كانت غير ذلك فإنه يستحب له أن يجيب دعوته؛ لما فيه ذلك من إدخال السرور والفرح عليه. الثانية: قوله: [ (ومن آتى إليكم معروفاً فكافئوه) ]. يعني: من أعطى أو أوصل إليكم معروفاً، وآتى من الإيتاء وهو الإعطاء وليس من الإتيان، يعني: من أوصل إليكم معروفاً أو أعطاكم شيئاً وأحسن إليكم به فكافئوه على ما حصل منه. قوله: [ (فإن لم تجدوا فادعوا له الله حتى تعلموا أن قد كافأتموه) ] يعني: إن لم تتمكنوا من مكافأته بمثل إحسانه أو أكثر فادعوا له حتى يحصل منكم المقابلة لهذا الإحسان، إما بمثله أو بالدعاء إذا لم يمكن إلا الدعاء. تراجم رجال إسناد حديث (من استعاذكم بالله فأعيذوه ومن سألكم بالله فأعطوه ومن دعاكم فأجيبوه ...) قوله: [ حدثنا مسدد ]. مسدد مر ذكره. [ وسهل بن بكار ]. سهل بن بكار صدوق ربما وهم، أخرج له البخاري و أبو داود و النسائي [ حدثنا أبو عوانة ]. هو وضاح بن عبد الله اليشكري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ ح وحدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير ]. عثمان بن أبي شيبة مر ذكره. و جرير هو ابن عبد الحميد الضبي الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ المعنى عن الأعمش ]. الأعمش هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن مجاهد ]. هو مجاهد بن جبر المكي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عمر ]. هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، وهو أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. الأسئلة درجة حديث (لا يسأل بوجه الله إلا الجنة) السؤال: يسأل عدد من الإخوة عن حكم حديث: (لا يسأل بوجه الله إلا الجنة) ؟ الجواب: حديث ضعيف. حكم إعاذة الظالم من ظالم مثله أو أظلم منه السؤال: هل يعاذ الظالم إذا استعاذ بالله من ظالم مثله أو أظلم منه؟ الجواب: نعم؛ لأن هذه المساعدة يمكن أن تكون سبباً في رجوعه عن الظلم الذي وقع فيه، وهو دون ذاك الذي يريد أن يبطش به فإذا كان ذلك يؤدي إلى فائدة وهي سلامته من الظلم وبعده من الظلم فيمكن أن يعاذ. حكم إجابة دعوة المبتدع السؤال: جاء في الحديث: (ومن دعاكم فأجيبوه) فإذا كان الدعي من أهل البدع فهل يجاب إلى دعوته؟ الشيخ: لا يجاب إلى دعوته إذا كان من أهل البدع، أو يكون في تلك الدعوة بدعة أو فيها أمر منكر، أما إذا كان سيذهب ويحذر من البدعة أو ينهى عن البدعة فهذا سائغ، أما كونه يذهب ويأكل وكأنه لم يحصل شيء فهذا غير مستقيم. ما جاء في رد الوسوسة شرح حديث (... إذا وجدت في نفسك شيئاً فقل (هو الأول والآخر...) ) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في رد الوسوسة. حدثنا عباس بن عبد العظيم حدثنا النضر بن محمد حدثنا عكرمة -يعني ابن عمار - قال: وحدثنا أبو زميل قال: (سألت ابن عباس رضي الله عنهما فقلت: ما شيء أجده في صدري؟ قال: ما هو؟ قلت: والله ما أتكلم به، قال: فقال لي: أشيء من شك؟ قال: وضحك، قال: ما نجا من ذلك أحد، قال: حتى أنزل الله عز وجل: فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ [يونس:94]، الآية.. قال: فقال لي: إذا وجدت في نفسك شيئاً فقل: هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [الحديد:3]) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة وهي: [ باب في رد الوسوسة ]. الوسوسة: هي ما ينقدح في الذهن من الخواطر غير الطيبة والتي فيها سوء، تتعلق بالله عز وجل، أو تتعلق بالأمور الغيبية أو تتعلق بالإيمان بالله عز وجل أو بالجنة والنار، وما إلى ذلك من الأمور التي يلقيها الشيطان في قلب الإنسان ليشوش عليه، فعلى الإنسان أن يدفعها وأن يبتعد عنها وأن يستعيذ بالله من الشيطان وأن ينتهي منها، وأن يقول: آمنا بالله، كما جاء في بعض الأحاديث: (أن الشيطان لا يزال مع العبد يقول: من خلق كذا، من خلق كذا حتى يقول: من خلق الله؟ فمن وجد شيئاً من ذلك فليقل: آمنا بالله) . أورد أبو داود حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن أبا زميل سأله وقال: (ما شيء أجده في صدري؟ قال: وما هو؟ قلت: والله ما أتكلم به) ، يعني: أنه يستعظم أن يتكلم بما انقدح في ذهنه من هواجس وأفكار ويصعب عليه أن ينطق بها، ولكن الشيطان يهجم بها على قلبه وهو يدافعها ويكرهها ويحب أن يتخلص منها. والوسوسة من الشيطان، فهو الذي يوسوس بمثل هذه الأمور، والإنسان إذا دفعها واستعظم أن ينطق بها وتعوذ بالله عز وجل منها، فإن هذا يدل على قوة إيمانه، وعليه أن يستعيذ بالله عز وجل من الشيطان، وأن ينتهي من تلك الأمور التي انقدحت في ذهنه ويعرض عنها، وينشغل عنها ولا يتبع بعضها بعضاً ويلحق بعضها بعضاً، وإنما يتخلص منها بصرف نفسه عنها وبالتعوذ بالله من الشيطان الذي هو سبب في الإتيان بها إلى قلب الإنسان وذهنه. قوله: [ (ما شيء أجده في صدري؟ قال: ما هو؟ قلت: والله ما أتكلم به) ]. يعني: يقول: أنا أجد في صدري شيئاً لا أطيق أن أتكلم به؛ لأنه شيء قبيح، وظنون تحصل من الشيطان يشوش بها على الإنسان ويلقيها عليه، وهو يردها ويدفعها ويكرهها ويبغضها، فكون الإنسان يعرض عن الوسوسة ويذكر الله عز وجل ويتعوذ بالله من الشيطان، بهذا ترد الوسوسة وتدفع ويتخلص منها. قوله: [ (قال: فقال لي: أشيء من شك؟ قال: وضحك) ] أي: ابن عباس ضحك؛ لأنه فهم أنها شكوك وأفكار وأوهام يلقيها الشيطان عليه. قوله: [ (قال: ما نجا من ذلك أحد قال: حتى أنزل الله عز وجل: فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ [يونس:94]) ]. المقصود من ذلك أن الناس لا يسلمون من الشيطان، وقد أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم هذه الآية، والرسول صلى الله عليه وسلم كما جاء عن ابن عباس وغيره لم يشك ولم يسأل، ولكن المقصود من ذلك غيره من الذين يمكن أن يلقي الشيطان في قلوبهم شيئاً من الشك، فهؤلاء عليهم أن يعلموا أن الأمم السابقة نزل في كتبها ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم وبعثته ونبوته وكذلك الكتاب الذي جاء به، بل أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم جاء ذكر صفاتهم في التوراة والإنجيل، كما في آخر آية من سورة الفتح: ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ [الفتح:29]. ثم قال: وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ [الفتح:29]، فهذا موجود في الكتب السابقة فيما يتعلق بالصحابة، وكذلك ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم وذكر القرآن في الكتب السابقة، وأهل العلم بها كعبد الله بن سلام وغيره يعلمون ذلك. قوله: [ (قال: فقال لي: إذا وجدت في نفسك شيئاً فقل: (( هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ ))[الحديد:3]) ]. يعني: هذا الذي ينقدح في الذهن عن الله عز وجل ويلقيه الشيطان، يدفع بهذه الأسماء لله عز وجل: الأول والآخر والظاهر والباطن، أو كما في اللفظ الآخر: فليقل آمنا بالله، أو آمنت بالله. تراجم رجال إسناد حديث (.... إذا وجدت في نفسك شيئاً فقل (هو الأول والآخر...) ) قوله: [ حدثنا عباس بن عبد العظيم ]. هو عباس بن عبد العظيم العنبري ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، و مسلم و أصحاب السنن. [ عن النضر بن محمد ]. النضر بن محمد ثقة له أفراد، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي. [ حدثنا عكرمة بن عمار ]. عكرمة بن عمار صدوق يغلط، أخرج له البخاري تعليقاً، و مسلم و أصحاب السنن. [ وحدثنا أبو زميل ]. هو سماك بن الوليد ، ليس به بأس، وهي بمعنى صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، و مسلم وأصحاب السنن. [ قال: سألت ابن عباس ]. ابن عباس مر ذكره. شرح حديث (يا رسول الله نجد في أنفسنا الشيء نعظم أن نتكلم به ...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زهير حدثنا سهيل عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (جاءه ناس من أصحابه فقالوا: يا رسول الله! نجد في أنفسنا الشيء نعظم أن نتكلم به، أو الكلام به، ما نحب أن لنا وأنا تكلمنا به، قال: أوقد وجدتموه؟ قالوا: نعم، قال: ذاك صريح الإيمان) ]. أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (أن أصحاب رسول الله قالوا للنبي عليه الصلاة والسلام: إن أحدنا يجد شيئاً في نفسه نعظم أن نتكلم به، ويصعب علينا أن نتكلم به فقال: أوقد وجدتموه؟ قالوا نعم، قال: ذاك صريح الإيمان) . يعني: إذا وجدتم هذا التعاظم في نفوسكم أن تتكلموا به فهذا رد للوسوسة التي يلقيها الشيطان على الإنسان، فهو موضوع الترجمة [ باب في رد الوسوسة ] يعني: هذا التعاظم الذي فيه الرد وليس الوسوسة، لأن الوسوسة ليست هي صريح الإيمان، وإنما رد هذه الوسوسة والتعاظم لهذا الذي قذفه الشيطان في قلب الإنسان هو صريح الإيمان؛ لكونه يصعب عليه أن يتكلم بكلام قبيح أو بكلام سيئ لا يليق بالله عز وجل. تراجم رجال إسناد حديث (يا رسول الله نجد في أنفسنا الشيء نعظم أن نتكلم به ... ) قوله: [ حدثنا أحمد بن يونس ]. هو أحمد بن عبد الله بن يونس وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا زهير ]. هو زهير بن معاوية وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا سهيل ]. هو سهيل بن أبي صالح وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة، ورواية البخاري له مقرونة. [ عن أبيه ]. أبوه هو أبو صالح السمان واسمه ذكوان وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. أبو هريرة مر ذكره. شرح حديث ( جاء رجل إلى النبي فقال يا رسول الله إن أحدنا يجد في نفسه ...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة و ابن قدامة بن أعين قالا: حدثنا جرير عن منصور عن ذر عن عبد الله بن شداد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال: يا رسول الله! إن أحدنا يجد في نفسه يعرَّض بالشيء، لأنْ يكون حممة أحب إليه من أن يتكلم به، فقال: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة ، قال: ابن قدامة: رد أمره، مكان: رد كيده) ]. أورد أبو داود حديث ابن عباس قال: (جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! إن أحدنا يجد في نفسه يعرض بالشيء) . يعني: يريد أن يعرض بالشيء تعريضاً ولا ينطق به، وإنما يشير إشارة إلى أن في نفسه شيئاً عظيماً، مثل العبارة التي جاءت في الحديث السابق: (يعظم أحدنا أن يتكلم بها). إذاً: فمعناه: أنه يجد الشيء يعرض في النفس ولكنه صعب الكلام فيه. قوله: [ (لأن يكون حممة أحب إليه من أن يتكلم به) ]. يعني: لأن يكون رماداً أحب إليه من أن يتكلم به؛ لأنه شيء عظيم في نفسه ويصعب عليه أن يتكلم به، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: (الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الحمد الله الذي رد كيده إلى الوسوسة) يعني: أن الإنسان لم يتكلم بهذا الشيء ولم يتابع هذا الشيء ولم يتلفظ به فيحقق للشيطان ما يريده، بل استعظم ذلك في نفسه ولم يتكلم به، فيكون بذلك رد كيد الشيطان. تراجم رجال إسناد حديث (جاء رجل إلى النبي فقال يا رسول الله إن أحدنا يجد في نفسه ...) قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة و ابن قدامة بن أعين ]. ابن أبي شيبة مر ذكره. و ابن قدامة هو محمد بن قدامة وهو ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة. [ حدثنا جرير ]. هو جرير بن عبد الحميد مر ذكره. [ عن منصور ]. هو منصور بن المعتمر وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ذر ]. هو ذر بن عبد الله المرهبي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن شداد ]. عبد الله بن شداد ولد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عباس ]. ابن عباس مر ذكره. الأسئلة حكم استمرار الوسوسة دون التلفظ بها السؤال: لقد ذكر بعض أهل العلم أن الوسوسة إذا استمرت بالإنسان واستقرت في نفسه فهو مؤاخذ بها وإن لم يتكلم بها أو يعمل؛ لأن من الناس من تستمر معه الوسوسة سنين طويلة، فما صحة هذا القول؟ الجواب: على الإنسان أن يدفع الأشياء التي تهجم عليه، حتى يسلم منها، وأما كون الإنسان يبقي عليها ويثبتها وينميها ويتابعها ويشغل نفسه بها ولا يأتي بالأسباب التي تخلصه منها، كأن يقول هذه العبارة التي جاءت في الحديث: (هو الأول والآخر والظاهر) أو قوله: (آمنا بالله) أو أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، فهذا هو الذي يؤاخذ على هذه المتابعة، وهذا مثل الإنسان الذي يهم بمعصية فيخاف الله فيتركها لله، فإنه يثاب على تركه وتكتب له حسنة، أما الإنسان الذي تبقى في ذهنه المعصية وهو مصر عليها ويفكر فيها ومشغول بها، ويتحين الفرصة ليجد الوصول إليها، فإن هذا الإنسان مؤاخذ على هذا العمل. واجب الإنسان تجاه الوساوس التي تعتريه في الصلاة السؤال: يقول شخص: أحياناً تأتي الوساوس في الصلاة في السجود، والحمد لله أنا لا أبالي بها، فهل هذا يؤثر في نقصان أجر الصلاة؟ الجواب: لا شك أن الإنسان إذا انشغل في صلاته بما ليس منها فإن ذلك نقصان فيها، ولكن الإنسان يحرص على الإقبال على صلاته والانشغال بها وبما هو مطلوب فيها؛ حتى لا يجد الشيطان سبيلاً إلى أن يلقي عليه شيئاً يشغله عن صلاته." |
الساعة الآن : 04:31 AM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour