ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى القرآن الكريم والتفسير (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=57)
-   -   تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري ) (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=235072)

ابوالوليد المسلم 16-03-2022 05:45 PM

رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 

وَلَوْ يُعَجِّلُ اللهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُم بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (11) وَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَآئِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَّسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (12) وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِن قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُواْ وَجَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (13) ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلاَئِفَ فِي الأَرْضِ مِن بَعْدِهِم لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (14)
شرح الكلمات:
الشر: كل ما فيه ضرر في العقل أو الجسم أو المال والولد، والخير عكسه: ما فيه نفع يعود على الجسم أو المال أو الولد.
لقضي إليهم أجلهم: لهلكوا وماتوا.
فنذر: أي نترك.
في طغيانهم يعمهون: أي في ظلمهم وكفرهم يترددون لا يخرجون منه كالعميان.
الضر: المرض وكل ما يضر في جسمه، أو ماله أو ولده.
مر كأن لم يدعنا: مضى في كفره وباطله كأن لم يكن ذاك الذي دعا بكشف ضره.
كذلك زين 1: مثل ذلك النسيان بسرعة لما كان يدعو لكشفه، زين للمسرفين إسرافهم في الظلم والشر.
القرون: أي أهل القرون.
بالبينات: بالحجج والآيات على صدقهم في دعوتهم.
خلائف: أي لهم، تخلفونهم بعد هلاكهم.
معنى الآيات:
هذه الفترة التي كانت تنزل فيها هذه السورة المكية كان المشركون في مكة في هيجان واضطراب كبيرين حتى إنهم كانوا يطالبون بنزول العذاب عليهم إذ ذكر تعالى ذلك عنهم في غير آية من كتابه منها {سأل سائل بعذاب واقع} ومنها {ويستعجلونك بالعذاب ولولا أجل مسمى لجاءهم العذاب} وفي هذا الشأن نزل قوله تعالى {ولو يعجِّل الله للناس الشر} 2 أي عند سؤالهم إياه3، أو فعلهم ما يقتضيه كاستعجاله الخير لهم {لقضي إليهم أجلهم} أي لهلكوا الهلاك العام وانتهى أجلهم في هذه الحياة، وقوله تعالى {فنذر الذين لا يرجون لقاءنا في طغيانهم يعمهون} أي لم نعجل لهم العذاب فنذر الذين لا يرجون لقاءنا أي لا يؤمنون بلقائنا وما عندنا من نعيم وجحيم نتركهم في طغيانهم في الكفر والظلم والشر والفساد يعمهون حيارى يترددون لا يعرفون مُتجهاً ولا مخرجاً لما هم فيه من الضلال والعمى.
هذا ما دلت عليه الآية الأولى (11) أما الآية الثانية (12) فقد تضمنت بيان حقيقة وهي أن الإنسان الذي يعيش في ظلمة الكفر ولم يستنر بنور الإيمان إذا مسه الضر وهو المرض والفقر وكل ما يضر دعا ربه على الفور لجنبه أو قاعداً أو قائماً يا رباه يا رباه فإذا استجاب الله له وكشف ما به من ضر مرَّ كأن لم يكن مرض ولا دعا واستجيب له واستمر في كفره وظلمه وغيِّه. وقوله تعالى {كذلك زُين للمسرفين ما كانوا يعملون} أي كما أن الإنسان الكافر سرعان ما ينسى ربه الذي دعاه ففرج ما به كذلك حال المسرفين في الظلم والشر فإنهم يرون ما هم عليه هو العدل والخير ولذا يستمرون في ظلمهم وشرهم وفسادهم. هذا ما دل عليه قوله تعالى {كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون} .
وقوله تعالى في الآية الثالثة {ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا} هذا خطاب لأهل مكة يخبرهم تعالى مهدداً إياهم بإمضاء سنته فيهم بأنه أهلك أهل القرون من قبلهم لَمَّا ظلموا أي أشركوا وجاءتهم رسلهم بالبينات4 أي بالآيات والحجج، وأبوْا أن يؤمنوا لِما ألفوا من الشرك والمعاصي فأهلكهم كعاد وثمود وأصحاب مدين وقوله تعالى {كذلك نجزي القوم المجرمين} أي مثل ذلك الجزاء بالإهلاك العام نجزي القوم المجرمين في كل زمان ومكان إن لم يؤمنوا ويستقيموا. وقوله تعالى {ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون} أي يقول لمشركي العرب من أهل مكة وغيرها، ثم جعلناكم خلائف5 في الأرض بعد إهلاك من قبلكم لننظر6 كيف تعملون فإن كان عملكم خيراً جزيناكم به وإن كان سوءاً جزيناكم به وتلك سنتنا في عبادنا وما الله بغافل عما يعمل الظالمون.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1- مظاهر رحمة الله بعباده إذ لو عجل لهم ما يطلبون من العذاب كما يعجل لهم الخير عندما يطلبونه لأهلكهم وقضى إليهم أجلهم فماتوا.
2- يعصي الله العصاةُ ويكفر به الكافرون وبتركهم في باطلهم وشرهم فلا يعجل لهم العذاب لعلهم يرجعون.
3- بيان أن الإنسان الكافر يعرف الله عند الشدة ويدعوه ويضرع إليه فإذا نجاه عاد إلى الكفر به كأن لم يكن يعرفه.
4- استمرار المشركين على إسرافهم في الكفر والشر والفساد مُزين لهم7 حسب سنة الله تعالى. فمثلهم مثل الكافر يدعو عند الشدة وينسى عند الفرج.
5- وعيد الله لأهل الإجرام بالعذاب العاجل أو الآجل إن لم يتوبوا.
6- كل الناس أفراداً وأمماً مُمهَلُون مُراقَبُون في أعمالهم وسلوكهم ومَجزيون بأعمالهم خيرها وشرها لا محالة.
__________

1 قال القرطبي وهو صادق، كما زيّن لهذا الدعاء عند البلاء والإعراض عند الرخاء زيّن للمسرفين في الشرك والمعاصي أعمالهم في دلك.
2 فسّر الشرّ بالعقوبة إذ الشر كل ما يلحق الضرر بالإنسان عاجلاً أو آجلاً، والعقوبة كلها شر إذ هي عذاب انتقام ينزل بصاحبه.
3 قال مجاهد: هذه الآية نزلت في الرجل يدعر على نفسه أو ماله أو ولده إذا غضب. اللهم أهلكه اللهم لا تبارك فيه اللهم العنه فلو استجيب ذلك منه كما يستجاب الخير لقضى إليهم أجلهم. ولا أحسب أنّ الآية نزلت في هذا وإنما هي شاهد لما قال فقط، وشاهد آخر رواه البزار وأبو داود وهو قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لا تدعوا على أنفسكم لا تدعوا على أولادكم لا تدعوا على أموالكم لا توافقوا من الله ساعة فيها إجابة فيستجيب لكم".
4 أي: بالمعجزات الواضحات كالتي آتى بها موسى وعيسى عليهما السلام.
5 الخلائف: جمع خليفة وحرف ثم مُؤذن ببعد ما بين الزمانين، والأرض: هي أرض العرب إذ هم الذين خلفوا عاداً وثموداً وقبلهما طسما وجديساً.
6 هذا التعليل كقوله تعالى: {هو الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيّكم أحسن عملا} إذ علَّة الوجود هي أن يذكر الله ويشكر، فمن ذكره وشكره أكرمه وأسعده ومن كفره ونساه عذّبه وأشقاه.
7 شاهده قوله تعالى: {كذلك زيّنا لكلّ أمة عملهم} من سورة الأنعام.


ابوالوليد المسلم 16-03-2022 05:46 PM

رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg

تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة يونس - (3)
الحلقة (474)
تفسير سورة يونس مدنية
المجلد الثانى (صـــــــ 456الى صــــ 459)


وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (15) قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (16) فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ (17) وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (18)
شرح الكلمات:
لا يرجون لقاءنا: أي لا يؤمنون بالبعث والدار الآخرة.
من تلقاء نفسي: أي من جهة نفسي.
ولا أدراكم به: أي لا أعلمكم به.
عمراً من قبله: أي أربعين سنة قبل أن يوحى إليّ.
المجرمون: المفسدون لأنفسهم بالشرك والمعاصي.
ما لا يضرهم: أي إن لم يعبدوه.
ومالا ينفعهم: أي إن عبدوه.
أتنبئون: أي أتعلمون وتخبرون الله.
سبحانه: أي تنزيها له.
عما يشركون: أي به معه من الأصنام.
معنى الآيات:
ما زال السياق في تقرير قضايا أصول الدين الثلاث: التوحيد والوحي والبعث فقوله تعالى {وإذا تتلى عليهم آياتنا} أي إذا قرئت عليهم آيات الله عز وجل {قال الذين لا يرجون لقاءنا} 1 وهم المنكرون للبعث إذ به يتم اللقاء مع الله تعالى للحساب والجزاء. {إئت بقرآن غير هذا} أي بأن يكون خالياً من عيب آلهتنا وانتقاصها. أو أبَقه ولكن بدل كلماته بما لا يسوءنا فاجعل مكان آية فيها ما يسوءنا آية أخرى لا إساءة فيها لنا وقولهم هذا إما أن يكون من باب التحدي أو الاستهزاء والسخرية2 ولكن الله تعالى علَّم رسوله طريقة الرد عليهم بناء على ظاهر قولهم فقال له {قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي} أي إنه لا يتأتَّى لي بحال أن أبدله من جهة نفسي لأني عبد الله ورسوله ما اتبع إلا ما يوحى إلى {إني3 أخاف إن عصيت ربي} بتبديل كلامه {عذاب يوم عظيم} أي عذاب يوم القيامة وقوله {قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به} أي قل لهم رداً على طلبهم: لو شاء الله أن لا أتلوه عليكم ما تلوته عليكم، ولا أدراكم هو به أي ولا أعلَمكم فالأمر أمره وأنا لا أعصيه ويدل لكم على صحة ما أقول: إني لبثت فيكم عمراً4 أي أربعين سنة قبل أن آتيكم به {أفلا تعقلون} : معنى ما أقول لكم من الكلام وما أذكر لكم من الحجج؟.
هذا ما دلت عليه الآيتان الأولى والثانية (15- 16) أما الآية الثالثة فقد تضمنت التنديد بالمجرمين الذين يكْذِبون على الله تعالى بنسبة الشريك إليه ويكذِّبون بآياته ويجحدونها فقال تعالى {فمن أظلم ممن افترى على الله كذباً} 5 أي لا أحد أظلم منه {أو كذب بآياته} بعدما جاءته أي لا أحد أظلم من الاثنين، وقوله تعالى {إنه لا يفلح المجرمون} دل أولاً على أن المذكورين مجرمون وأنهم لا يفلحون شأنهم شأن كل المجرمين. وإذا لم يفلحوا فقد خابوا وخسروا. وقوله تعالى في الآية الرابعة {ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم} أي من الأصنام {ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله} 6 وهم في ذلك كاذبون مفترون فلذا أمر الله أن يرد عليهم بقوله {قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السموات ولا في الأرض} إذ لو كان هناك من يشفع عنده لعلِمَهُم وأخبر عنهم فلم الكذب على الله والافتراء عليه ثم نزه الله تعالى نفسه عن الشرك به والشركاء له فقال {سبحانه وتعالى عما يشركون} .
هداية الآلات
من هداية الآيات
1- من الدعوة إلى الله تعالى تلاوة آياته القرآنية على الناس تذكيراً وتعليماً.
2- بيان ما كان عليه المشركون من تعنت وجحود ومكابرة.
3- كون النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عاش أربعين سنة لم يعرف فيها علماً ولا معرفة ثم برز في شيء من العلوم والمعارف فتفوق وفاق كل أحد دليل على أنه نبي يوحى إليه قطعاً.
4 - لا أحد أظلم من أحد رجلين رجل يكذب على الله تعالى وآخر يكذِّب الله تعالى.
5- إبطال دعوى المشركين أن آلهتهم تشفع لهم عند الله يوم القيامة.
6- بيان سبب عبادة المشركين لآلهتهم وهو رجاؤهم شفاعتها لهم.
__________

1 عن مجاهد: أن المطالبين بهذا هم خمسة أنفار: عبد الله بن أميّة والوليد بن المغيرة، ومكرز بن حفص، وعمرو بن عبد الله بن أبي قيس والعاصي بن عامر قالوا للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إئت بقرآن ليس فيه ترك عبادة الأصنام واللاّت والعزّى ومناة وهبل وليس فيه عيبها.
2 وإمّا أن يكون من باب توهمهم أن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأتي به من تلقاء نفسه إلاّ أنّ هذا الاحتمال ضعيف.
3 جملة: {إنّي أخاف} جملة تعليلية لجملة: {إن أتبع إلا ما يوحى إليّ} .
4العمر: الحياة مشتق من العمران، لأنّ مدة الحياة يعمر بها الحي العالم الأرضي، ويطلق العمر على المدة الطويلة التي لو عاش الإنسان مقدارها لكان أخذ حظه من البقاء. والمراد من قوله {عمراً} أي: لبثت بينكم مدة عمر كامل. إذ هي أربعون سنة.
5 في هذه الآية زيادة ردَّ على المطالبين بتبديل القرآن إذ تبديله ظلم والزيادة فيه كذب على الله تعالى ولا أحد أظلم ممن يفترى على الله الكذب، فكيف يسوغ لي أن افتري على الله الكذب أو أبدل كلامه.
6 إن قولهم: هؤلاء {شفعاؤنا} لأصنام لا تنفع ولا تضر ولا تسمع ولا تبصر هو غاية الجهل، ومرادهم من شفاعتها أنها تشفع لهم عند الله في إصلاح معاشهم في الدنيا.

******************************

يتبع

ابوالوليد المسلم 16-03-2022 05:47 PM

رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 

وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُواْ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (19) وَيَقُولُونَ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلّهِ فَانْتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ (20)
شرح الكلمات:
أمة واحدة: أي على دين واحد هو الإسلام.
فاختلفوا: أي تفرقوا بأن بقى بعض على التوحيد وبعض على الشرك.
كلمة سبقت: بإبقائهم إلى آجالهم ومجازاتهم يوم القيامة.
آية: خارقة كناقة صالح عليه السلام.
إنما الغيب لله: أي إن علم الآية متى تأتي من الغيب والغيب لله وحده فلا أنا ولا أنتم تعلمون إذاً فانتظروا إنا معكم من المنتظرين.
معنى الآيتين:
يخبر تعالى رسوله بحقيقة علمية تاريخية من شأن العلم بها المساعدة على الصبر والتحمل فيقول {وما كان الناس إلا أمة واحدة} أي في زمن سابق أمة واحدة على دين التوحيد دين الفطرة ثم حدث أن أحدثت لهم شياطين الجن والإنس البدع والأهواء والشرك فاختلفوا فمنهم من ثبت على الإيمان والتوحيد ومنهم من كفر بالشرك والضلال. وقوله تعالى {ولولا كلمة سبقت من ربك} 1 وهي أنه لا يعجل العذاب للأمم والأفراد بكفرهم وإنما يؤخرهم إلى آجالهم ليجزيهم في دار الجزاء بعذاب النار يوم القيامة لولا كلمته والتي هي {لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين} لعجل لهم العذاب فحكم بينهم بأن أهلك الكافر وأنجى المؤمن.
هذا ما دلت عليه الآية الأولى (19) أما الآية الثانية (20) فيخبر تعالى عن المشركين أنهم قالوا {لولا أنزل عليه آية من ربه} 2 أي هلاَّ أُنزل على محمد آية خارقة من ربه لنعلم ونستدل بها على أنه رسول الله وقد يريدون بالآية عذاباً فلذا أمر الله رسوله أن يرد عليهم بقوله {إنما الغيب لله} فهو وحده يعلم متى يأتيكم العذاب وعليه {فانتظروا إني معكم3 من المنتظرين} ولم تطل مدة الانتظار ونزل بهم العذاب ببدر فهلك رؤساؤهم وأكابر المستهزئين.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1- الأصل هو التوحيد والشرك طارىء.
2- الشر والشرك هما اللذان يحدثان الخلاف في الأمة والتفرق فيها أما التوحيد والخير فلا يترتب عليهما خلاف ولا حرب ولا فرقة.
3- بيان علة بقاء أهل الظلم والشرك يظلمون ويفسدون إلى آجالهم.
4- الغيب كله لله فلا أحد يعلم الغيب إلا الله ومن علَّمه الله شيئاً منه وهذا خاص بالرسل لإقامة الحجة على أممهم.
__________

1 في الآية إشارة إلى القضاء والقدر أي: لولا ما سق في حكمه أنه لا يقضي بينهم فيما اختلفوا فيه بالثواب والعقاب قبل يوم القيامة.
2 يريدون معجزة كمعجزات صالح وموسى وعيسى عليهم السلام أو آية غير القرآن كأن يحيي لهم الموتى أو يجعل الجبل ذهباً أو يكون له بيت من زخرف.
3 في الجملة تعريض بتهديدهم على جراءتهم على الله ومطالبتهم بالآيات، والآيات القرآنية معرضون عنها وهي أعظم مما يطلبون.




ابوالوليد المسلم 16-03-2022 05:49 PM

رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg

تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة يونس - (4)
الحلقة (475)
تفسير سورة يونس مدنية
المجلد الثانى (صـــــــ 460الى صــــ 465)

وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آيَاتِنَا قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ (21) هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (22) فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (23)
شرح الكلمات:
رحمة: أي مطر بعد قحط أو صحة بعد مرض أو غنى بعد فاقة.
ضراء: حالة من الضر بالمرض والجدب والفقر.
مكر في آياتنا: أي استهزاء بها وتكذيب.
إن رسلنا: أي الحفظة من الملائكة.
يسيركم1: أي يجعلكم تسيرون بما حولكم من مراكب وما يسر لكم من أسباب.
بريح طيبة.: أي مناسبة لسير السفن موافقة لغرضهم.
ريح عاصف: أي شديدة تعصف بالشجر فتقتلعه والبناء فتهدمه.
وأحيط بهم: أي أحدق بهم الهلاك من كل جهة.
يبغون بغير الحق2: أي يظلمون مجانبين للحق والاعتدال.
معنى الآيات:
ما زال السياق في دعوة أهل مكة إلى توحيد الله والإيمان برسوله والدار الآخرة فيقول
تعالى {وإذا أذقنا الناس} أي كفار مكة {رحمة من بعد ضراء مستهم} أي أذقناهم طعم الرحمة التي هي المطر بعد الجفاف والغنى بعد الفاقة والصحة بعد المرض وهي الضراء التي مستهم فترة من الزمن. يفاجئونك3 بالمكر بآيات الله وهو استهزاؤهم بها والتكذيب بها وبمن أُنزلت عليه. وقوله تعالى {قل الله أسرع مكراً} أي قل يا رسولنا لهؤلاء الماكرين من المشركين الله عز وجل أسرع مكراً منكم فسوف يريكم عاقبة مكره بكم وهي إذلالكم وخزيكم في الدنيا وعذابكم في الآخرة إن متم على كفركم وقوله {إن رسلنا يكتبون ما تمكرون} تقرير لما أعلمهم به من مكر الله تعالى بهم إذ كتابة الملائكة ما يمكرون دليل على تبييت الله تعالى لهم المكروه الذي يريد أن يجازيهم به على مكرهم.
هذا ما تضمنته الآية الأولى (21) أما الآية الثانية (22) فهي تُري المشركين ضعفهم وعجزهم وحاجتهم إلى الله تعالى، ومن كان كذلك فكيف يستهزىء بربه ويسخر من آياته ويكذب رسوله إن أمرهم لعجب فيقول تعالى هو أي الله الذي تمكرون بآياته الذي يسيركم في البر بِما خلق لكم من الظهر الإبل والخيل والحمير، وفي البحر بما سخر لكم من الفلك تجري في البحر بأمره. حتى إذا كنتم في البحر وجرين4 أي السفن بهم أي بالمشركين بريح طيبة مناسبة لسير السفن وفرحوا بها على عادة ركاب5 البحر يفرحون بالريح المناسبة لسلامتهم من المَيَدَان6 والقلق والاضطراب. جاءتها أي السفن ريح عاصف أي شديدة الهبوب تضطرب لها السفن ويخاف ركابها الغرق، وجاءهم أي الكفار الراكبين عليها الموج من كل مكان من جهات البحر والموج هو ارتفاع ماء البحر وتموجه كزوابع الغُبور في البر. وظنوا أي أيقنوا أو كادوا أنهم أحيط بهم أي هلكوا {دعوا الله مخلصين
له الدين} أي الدعاء يا رب يا رب7 نجنا ويَعِدُونَه قائلين {لئن أنجيتنا من هذه} أي الهلكة {لنكونن من الشاكرين} لك أي المطيعين المعترفين بنعمتك علينا الموحدين لك بترك الآلهة لعبادتك وحدك لا شريك لك. فلما أنجاهم من تلك الشدة يفاجئونك ببغيهم في الأرض بغير الحق شركاً وكفراً وظلماً وفساداً فعادوا لما كانوا وإنهم لكاذبون وقوله تعالى {يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم متاع الحياة الدنيا} يخبرهم تعالى بقوله يا أيها الناس الباغون في الأرض بغير الحق في أي زمان كنتم وفي أي مكان وجدتم إنما بغيكم8 أي عوائده عائدة على أنفسكم إذ هي التي تتأثم وتخبث في الدنيا وتفسد وتصبح أهلاً لعذاب الله يوم القيامة وقوله {متاع الحياة الدنيا} أي ذلك متاع9 الحياة الدنيا شقاء كان أو سعادة {ثم إلينا مرجعكم} أي لا إلى غيرنا وذلك بعد الموت يوم القيامة {فننبئكم بما كنتم تعملون} من خير وشر ونجزيكم به الجزاء العادل في دار الجزاء.
هداية الآيات
من هداية الآيات
1- من مكر مكر الله به والله أسرع مكراً وأكبر أثراً وضرراً.
2- بيان ضعف الإنسان وفقره إلى الله وحاجته إليه عز وجل في حفظ حياته وبقائه إلى أجله.
3- إخلاص العبد الدعاء في حال الشدة آية أن التوحيد أصل والشرك طارىء.
4- المشركون الأولون أحسن حالاً من جهلة هذه الأمة إذ يشركون في الرخاء ويخلصون في الشدة أما جهال المسلمين اليوم فشركهم دائم في الرخاء والشدة على السواء.
5- بَغْيُ الإنسان عائد على نفسه كمكره ونكثه وفى الحديث "ثلاث على أصحابها رواجع: البغي والمكر والنكث".
6- تقرير مبدأ البعث والجزاء يوم القيامة.
__________

1 قرأ ابن عامر ينشركم بالنون والشين أي يبثكم ويفرقكم والفلك: يطلق على الواحد والجمع ويذكر ويؤنث.
2 البغي: الاعتداء والظلم مأخوذ من بغا الجرح إذا فسد فهو من الفساد.
3 قيل: إنّ أبا سفيان قال: قحطنا بدعائك فإن سقيتنا صدّقناك فسُقوا باستسقائه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلم يؤمنوا وهذا من مكرهم.
4 وجرين بهم: فيه خروج من الخطاب إلى الغيبة وهو ضرب من الأساليب البلاغية وهر في القرآن كثير، وكذا في أشعار العرب قال النابغة:
لا دار مية بالعلياء فالسند ... أقوت وطال عليها سالف الأمد
ويقال له: التفات من كذا إلى كذا.
5 في الآية دليل على جواز ركوب البحر مطلقاً، وشاهده من السنة حديث: "إنّا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء فقال: "هو الطهور ماؤه الحل ميتته" وحديث أم حرام يدلّ على جواز ركوبه في الغزو.
6 الميدان: دوّار أو غشيان بصيب راكب البحر.
7 روي أنهم قالوا في دعائهم هذا يا حي يا قيوم.
8 مصداقه من الحديث الشريف: "ما من ذنب أحق أن يعجّل الله عقوبته في الدنيا مع ما يدخر الله لصاحبه في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم".
9 المتاع: ما يتمتع به انتفاعاً غير دائم.

****************************************

يتبع

ابوالوليد المسلم 16-03-2022 05:49 PM

رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 

إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (24) وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (25)
شرح الكلمات:
مثل الحياة الدنيا: أي صفتها المنطبقة عليها المُتَّفِقة معها.
ماء: أي مطر.
فاختلط1 به: أي بسببه نبات الأرض أي اشتبك بعضه ببعض.
مما يأكل الناس: كالبر وسائر الحبوب والفواكه والخضر.
والأنعام: أي من الكلأ والعشب عادة وإلا قد يعلف الحيوان الشعير.
زخرفها2: أي نضرتها وبهجتها.
وازينت3: أي تجملت بالزهور.
وظن أهلها أنهم قادرون عليها: أي متمكنون من تحصيل حاصلاتها الزراعية.
أتاها أمرنا: أي قضاؤنا بإهلاكها وتدميرها عقوبة لأصحابها.
حصيداً: أي كأنها محصودة بالمنجل ليس فيها شيء قائم.
كأن لم تغن بالأمس4: أي كان لم تكن موجودة غانية بالأمس.
نفصل الآيات: أي نبينها.
والله يدعو إلى دار السلام5: دار السلام. الجنة والله يدعو إليها عباده ليأخذوا بالأهبة لدخولها وهى الإيمان والعمل الصالح وترك الشرك والمعاصي.
معنى الآيتين:
ما زال السياق الكريم يعرض الهدايات الإلهية على الناس لعلهم يهتدون ففي هذه الآية يضرب تعالى6 مثلا للحياة الدنيا التي يتكالب الغافلون عليها ويبيعون آخرتهم بها فيكذبون ويظلمون من أجلها إنما مثلها في نضارتها الغارة بها وجمالها الخادعة به كمثل ماء نزل من السماء فاختلط بالماء نبات الأرض فسقى به ونما وازدهر وأورَق وأثمر وفرح به أهله وغلب على ظنهم أنهم منتفعون به فائزون به وإذا بقضاء الله فيه تأتيه فجأة في ساعة من ليل أو نهار فإذا هو حصيد ليس فيه ما هو قائم على ساق، هشيم تذروه الرياح كأن لم لم يغْن بالأمس أي كأن لم يكن موجوداً أمس قائماً يعمُر مكانه أتاه أمر الله لأن أهله ظلموا فعاقبهم بجائحة أفسدت عليهم زرعهم فأمسوا يائسين حزينين. هذه الصورة المثالية للحياة الدنيا فهلا يتنبه الغافلون أمثالي!! أو هلا يستيقظ النائمون من حالهم كحالي؟؟
وقوله تعالى في الآية الثانية (25) {والله يدعو إلى دار السلام} 7 أي بترك الشرك والمعاصي والإقبال على الطاعات والصالحات ودار السلام الجنة إذ هي الخالية من الكدر والتنغيص فلا مرض ولا هرم، ولا موت ولا حزن. ودعاة الضلالة يدعون إلى الدنيا والتي صورتها ومآلها. أنها دار الكدر والتنغيص والهم والحزن فأي الدعوتين تجاب؟ {ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم} فلتطلب هدايته بصدق فإنه لا يهدي إلا هو والصراط المستقيم هو الإسلام طريق الجنة وسُلَّم الوصول إليها رزقنا الله تعالى السير فيه والثبات عليه.
هداية الآيتين.
من هداية الآيتين:
1- بيان الصورة الحقيقية للحياة الدنيا في نضرتها وسرعة زوالها.
2- التحذير من الاغترار بالدنيا والركون إليها.
3- التحذير من الذنوب فإنها سبب الشقاء وسلب النعم.
4- فضيلة التفكر وأهله.
__________

1 أي: اختلط النبات بالمطر أي: شرب منه فتندى وحسن واخضر والاختلاط هو: تداخل الشيء في الشيء.
2 الزخرف: اسم للذهب، ويطلق على كل ما يزيّن به مما فيه ذب وتلوين من الثياب والحلي وأنواع الزينة.
3 {وازينت} أصلها: تزينت فقلبت ألتاء زايا وأدغمت في الزاء لقرب مخرجيهما وجلبت همزة الوصل لأجل النطق بالساكن.
4 كأن لم تكن عامرة يقال غني بالمكان إذا قام به وعمره والمغاني النازل التي يعمرها الناس قال لبيد
وغنيت سبتاً قبل مجرى داحس ... لو كان للنفس اللجوج خلود
5 وقبل المعنى والله يدعو إلى دار السلام إذ السلام والسلامة بمعنى كالرضاعة والرضاع، قال الشاعر:
تحيي بالسلامة أم بكر ... وهل لك بعد قومك في سلام
6 المثل الصفة وعليه فصفة الحياة الدنيا المنطبقة عليها أنها في سرعة انقضائها وزوال نعيمها بعد البهجة والنضرة الحسنة كنبات أخضر وازدهر ثم يبس فصار هشيماً تذروه الرياح.
7 روي أن الني صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خرج يوماً على أصحابه فقال: "رأيت في المنام كأن جبريل عند رأسي وميكائيل عند رجلي فقال أحدهما لصاحبه: اضرب له مثلاً فقال له اسمع سمعت أذناك واعقل عقل عقلك إنما مثلك ومثل أمتك كمثل ملك اتخذ داراً ثم بنى فيها بيتاً ثم جعل فيها مأدبة ثم بعث رسولاً يدعو الناس إلى طعامه فمنهم من أجاب الرسول ومنهم من تركه فالله الملك والدار الإسلام والبيت الجنة وأنت يا محمد الرسول فمن أجابك دخل في الإسلام ومن دخل في الإسلام دخل الجنة ثم تلا: {والله يدعو إلى دار السلام} إلى قوله {مستقيم} .




ابوالوليد المسلم 16-03-2022 05:52 PM

رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg

تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة يونس - (5)
الحلقة (476)
تفسير سورة يونس مدنية
المجلد الثانى (صـــــــ 465الى صــــ 465)

لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ1 وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (26) وَالَّذِينَ كَسَبُواْ السَّيِّئَاتِ جَزَاء سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَّا لَهُم مِّنَ اللهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِّنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (27) وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ مَكَانَكُمْ أَنتُمْ وَشُرَكَآؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَآؤُهُم مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ (28) فَكَفَى بِاللهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِن كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ (29)هُنَالِكَ تَبْلُواْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا أَسْلَفَتْ وَرُدُّواْ إِلَى اللهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ (30)
شرح الكلمات:
الحسنى وزيادة: الحسنى الجنة والزيادة النظر إلى وجه الله الكريم.
ولا يرهق وجوههم: أي لا يغشى وجوههم.
قتر: غَبرة من الكآبة والحزن.
السيآت: جمع سيئة ما يُسيء إلى النفس من ذنوب الشرك والمعاصي.
مكانكم: أي الزموا مكانكم لا تفارقوه.
فزيلنا بينهم: فرقنا بينهم.
هنالك: أي ثَمَّ.
تبلو كل نفس: أي تَختبر.
ما أسلفت: أي ما قدمت.
وضل عنهم ما كانوا يفترون: أي غاب عنهم ما كانوا يكذبون.
معنى الآيات:.
بعد أن ذكر تعالى في الآية السابقة أنه يدعو إلى دار السلام ذكر جزاء من أجاب الدعوة ومن لم يجبها فقال للذين أحسنوا فآمنوا وعبدوا الله بما شرع ووحدوه تعالى في عبادته وربوبيته وأسمائه وصفاته فهؤلاء جزاؤهم الحسنى وهي الجنة وزيادة وهي النظر إلى وجهه الكريم في دار السلام، وأنهم إذا بعثوا لا يرهق2 وجوههم قتر ولا ذلة كما يكون ذلك لمن لم يجب دعوة الله تعالى، وقرر جزاءهم ووضحه بقوله: {أولئك أصحاب الجنة هم3 فيها خالدون} وذكر جزاء من أعرض عن الدعوة ورفضها فأصر على الكفر والشرك والعصيان
فقال {والذين كسبوا السيآت جزاء سيئة بمثلها} فالذين كسبوا سيآت الشرك4 والمعاصي فأساء ذلك إلى نفوسهم فدساها وخبثها جزاؤهم جهنم وترهقهم ذلة في عرصات القيامة وليس لهم من الله من عاصم يعصمهم من عذاب الله. كأنما وجوههم لسوادها قد أغشيت قطعاً من5 الليل مظلماً وقوله تعالى {أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون} تقرير لمصيرهم والعياذ بالله وهو ملازمة النار وعدم الخروج منها بخلودهم فيها.
هذا ما دلت عليه الآيتان الأولى (26) والثانية (27) أما الآيات الثالثة والرابعة والخامسة فإنها تضمنت عرضاً سريعاً لحشر الناس يوم القيامة، والمراد بذلك تقرير عقيدة الإيمان باليوم الآخر فقال تعالى: {ويوم نحشرهم جميعاً} 6 أي في عرصات القيامة {ثم نقول للذين أشركوا} أي بِنا آلهة عبدوها دوننا {مكانكم} أي قفوا لا تبرحوا مكانكم {أنتم وشركاؤكم} ، ثم يزايل الله تعالى أي يفرق بينهم وهو معنى قوله تعالى {فزيلنا بينهم} ولا شك أنهم يقولون ربنا هؤلاء شركاؤنا الذين ندعو من دونك فلذا ذكر تعالى ردهم عليهم في قوله {وقال شركاؤهم7 ما كنتم إيانا تعبدون} أي لأننا ما كنا نسمعكم ولا نبصركم ولا أمرناكم بعبادتنا وهذا قول كل من عُبد من دون الله من سائر الأجناس {فكفى بالله شهيداً بيننا وبينكم إن كنا} أي والله {إن كنا عن عبادتكم لغافلين} غير شاعرين بحال من الأحوال بعبادتكم. قال تعالى {هنالك} أي في ذلك الموقف الرهيب {تبلو كل نفس ما أسلفت} أي تَختبر ما قدمت في دنياها وتعرفه هل هو ضارٌ بها أو نافع لها {وردوا إلى الله مولاهم8 الحق9 وضل عنهم ما كانوا يفترون} هكذا يجدون أنفسهم أمام مولاهم ومالك
أمرهم ومعبودهم الحق والذي طالما كفروا به وتنكروا له وجحدوا آياته ورسله وضل10 أي غاب عنهم ما كانوا يفترونه من الأكاذيب والترهات والأباطيل من تلك الأصنام التي سموها آلهة وعبدوها وندموا يوم لا ينفع الندم وجزاهم بما لم يكونوا يحتسبون.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
1- بيان فضل الحسنة وما تعقبه من نيل الحسنى.
2- بيان سوء السيئة وما تورثه من حسرة وندامة وما توجبه من خسران.
3- تقرير معتقد البعث والجزاء بعرض صادق وأضح له.
4- تبرؤ ما عُبد من دون الله من عابديه وسواء كان المعبود ملكاً أو إنساناً أو جاناً أو شجراً أو حجراً الكل يتبرأ من عابديه ويستشهد الله تعالى عليه.
5- في عرصات القيامة تعلم كل نفس ما أحضرت، وما قدمت وأخرت وتبلو ما أسلفت فتعرف وأنى لها أن تنتفع بما تعرف؟.
__________

1 القول بأن الزيادة هما النظر إلى وجه الله الكريم هو قول أنس بن مالك وأبي بكر الصديق وعليّ بن أبي طالب وحذيفة وابن عباس وعامة الصحابة رورى مسلم أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا دخل أهل الجنة الجنة قال الله تبارك وتعالى تريدون شيئاً أزيدكم؟ فيقولون: ألم تبيض وجوهنا ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار قال فيكشف الحجاب فما أعطوا شيئاً أحب إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل".
2 الرهق: الغشيان، يقال رهقه يرهقه رهقاً: إذا غشيه من باب خرج.
3 اسم الإشارة عائد إلى الذين أحسنوا.
4 ذكرنا في التفسير: كسبوا الشرك والمعاصي لأن الشرك هو الموجب للخلود في النار لا المعاصي، بدليل الحكم عيهم بالخلود في النار في آخر السياق.
5 جمع قطعة، وهي الجزء من الشيء فهي فعلة بمعنى مفعولة إذ هي مقطوعة من شيء كامل. والمظلم: الإظلام لا كواكب فيه ولا قمر.
6 أي: سعداء وأشقياء أهل الحسن وأهل الذلة، إذ الحشر يكون لسائر الخلائق لا يتخلف أحد من الخلق.
7 الشركاء: يكونون من الأصنام والأوثان والملائكة والإنس والجنّ والتبرؤ حاصل إذ ليس هناك من يقوى على الاعتراف بجريمة الشرك، إمّا الملائكة والأنبياء والصالحون فإنهم لم يكونوا راضين بعبادة المشركين لهم فتبرّؤهم صحيح، وأمّا الأصنام والأوثان فإنها لم تأمر بعبادتها وإنما الذي أمر بعبادتها الشياطين فتبرؤها صحيح.
8 مولاهم: الخالق، الرازق، المدبر لأمررهم وشؤون حياتهم والمستوجب لعبادتهم هو الله جل جلاله، فهو مولاهم الحق، لا الذي اختلقوه كذبا وعبدوه من دون الله فذاك مولىً باطل وإله مكذوب.
9 الحق: هو الموافق للواقع والصدق، فالمولوية الحقة لله تعالى لا لمخلوقاته، وكلها مخلوقة له مربوبة.
10 ضلّ: بمعنى ضاع وغاب ولم يجدوه ولم ينتفعوا به، فما كانوا يختلقونه من الآلهة الباطلة وما كانوا يقدّمونه لها من أنواع العبادات قد ضاع وغاب عنهم فلم يروه.

****************************************

يتبع

ابوالوليد المسلم 16-03-2022 05:52 PM

رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 

قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ (31) فَذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (32) كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُواْ أَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ (33)
شرح الكلمات:
من السماء: أي بالغيث والمطر.
والأرض: أي بالنبات والحبوب والثمار.
أمّن يملك السمع والأبصار: أي يملك أسماعكم وأبصاركم إن شاء أبقاها لكم وإن شاء سلبها منكم.
ومن يخرج الحي من الميت: أي الجسم الحي من جسم ميت والعكس كذلك.
ومن يدبر الأمر: أي أمر الخلائق كلها بالحياة والموت والصحة والمرض والعطاء والمنع.
أفلا تتقون: أي الله فلا تشركوا به شيئاً ولا تعصوه في أمره ونهيه.
فأنى تصرفون: أي كيف تصرفون عن الحق بعد معرفته والحق هو أنه لا اله إلا الله.
حقت: أي وجبت.
أنهم لا يؤمنون: وذلك لبلوغهم حداً لا يتمكنون معه من التوبة البتة.
معنى الآيات:
ما زال السياق في تقرير عقيدة التوحيد فيقول تعالى لرسوله {قل} يا رسولنا لأولئك المشركين مستفهماً إياهم {من يرزقكم من السماء والأرض} بإنزال المطر وبانبات الحبوب والثمار والفواكه والخضر التي ترزقونها، وقل لهم {أم من يملك السمع والأبصار} أي أسماعكم وأبصاركم بحيث إن شاء أباقاها لكم وأمتعكم بها، وإن شاء أخذها منكم وسلبكم إياها فأنتم عمي لا تبصرون وصم لا تسمعون {ومن يخرج الحي من الميت} كالفرخ من البيضة {ويخرج الميت من الحي} كالبيضة من الدجاجة، والنخلة من النواة، والنواة من1 النخلة. {ومن يدبر الأمر} في السماء والأرض كتعاقب الليل والنهار ونزول الأمطار، وكالحياة والموت والغنى والفقر والحرب والسلم والصحة والمرض إلى غير ذلك مما هو من مظاهر التدبير الإلهي في الكون. {فسيقولون الله} ، إذ لا جواب لهم إلا هذا إذاً فما دام الله هو الذي يفعل هذا ويقدر عليه دون غيره كيف لا يُتَّقى عز وجل بتوحيده وعدم الإشراك به، فلم لا تتقونه؟2
وقوله تعالى {فذلكم الله ربكم الحق} 3 أي فذلكم الذي يرزقكم من السماء والأرض ويخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ويدبر الأمر هو ربكم4 الحق الذي لا رب لكم سواه إذاً {فماذا بعد الحق إلا الضلال، 5 فأنى تصرفون} أي كيف يصرفون عن الحق بعد معرفته إلى الضلال؟ إنه أمر يدعو إلى الاستغراب والتعجب!
وقوله تعالى {كذلك حقت كلمة ربك على الذين فسقوا أنهم لا يؤمنون} أي مثل ذلك الصرف الذي يصرفه المشركون عن الحق بعد معرفته إلى الضلال أي كما حق ذلك حقت كلمة ربك وهي أن الله لا يهدي القوم الفاسقين فهم لا يهتدون، وذلك أن العبد إذا توغل في الشر والفساد بالإدمان والاستمرار عليه يبلغ حداً لا يتأتَّى له الرجوع منه والخروج بحال فهلك على فسقه لتحق عليه كلمة العذاب وهي {لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين} .
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1- مشركوا العرب كانوا يشركون في الألوهية ويوحدون في الربوبية.
2- وليس بنافع أن يوحد العبد في الربوبية ويشرك في الألوهية.
3- ليس بعد الحق6 إلا الضلال فلا واسطة بينهما فمن لم يكن على حق فهو على ضلال.
4- التوغل في الشر والفساد يصبح طبعاً لصاحبه فلا يخرج منه حتى يهلك به.
__________

1 وكالنطفة من الإنسان، والإنسان من النطفة، ومثلها نطفة الحيوان مخرجها من حيوان حي، ومن الحيوان الحي تخرج نطفة ميتة.
2 أي: فقل لهم يا رسولنا: أفلا تتقون: أي: أفلا تخافون عقابه ونقمه في الدنيا والآخرة.
3 في الصحيح من دعاء الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا قام من جوف الليل يقول "اللهم أنت الحق ووعدك الحق ولقاؤك حق.." في حديث طويل هذا من وسطه، والشاهد في قوله: "أنت الحق".
4 أي: إلهكم ومعبودكم الحق لا ما تعبدون من أصنام وأوثان فإذا عرفتم إلهكم الحق فإنّ ما بعده من آلهة هو الضلال.
5 روي عن مالك في قوله تعالى: {فماذا بعد الحق إلا الضلال} قال: اللعب بالشطرنج والنرد: هو الضلال، وسئل عن الغناء فقال: هل هو حق؟ قالوا: لا. قال فما بعد الحق إلاّ الضلال. وفي صحيح مسلم: "من لعب بالنرد شير فكأنما غمس يده في لحم خنزير ودمه".
6 روي عن عمر رضي الله عنه أنه رخّص فيما كان فيه دربة على الحرب من أنواع اللعب، إذ الغرض صحيح، وهو تعلم فنون الحرب، وحذق أساليبها.




ابوالوليد المسلم 16-03-2022 05:56 PM

رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg

تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة يونس - (6)
الحلقة (477)
تفسير سورة يونس مدنية
المجلد الثانى (صـــــــ 471الى صــــ 475)


قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (34) قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (35) وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ (36)
شرح الكلمات:
من شركائكم1: جمع شريك وهو من أشركوه في عبادة الله تعالى.
من يبدأ الخلق: أي ينشيء الإنسان والحيوان أول ما ينشئه فذلك بدء خلقه.
فأنى تؤفكون: أي كيف تصرفون عن الحق بعد معرفته.
أمَّن لا يَهِدِّي: أي لا يهتدي.
كيف تحكمون: أي هذا الحكم الفاسد وهو إتباع من لا يصح اتباعه لأنه لا يهدي.
معنى الآيات:
ما زال السياق في حجاج المشركين لبيان الحق لهم ودعوتهم إلى اتباعه فيقول تعالى لرسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قل لهؤلاء المشركين {قل هل من شركائكم2 من يبدأ الخلق ثم يعيده؟} أي هل يوجد من بين آلهتكم التي تعبدونها من يبدأ خلق إنسان من العدم ثم يميته، ثم يعيده؟ وجوابهم معروف وهو لا يوجد إذاً فكيف تؤفكون أي تصرفون عن الحق بعد معرفته والإقرار به؟ وقل لهم أيضاً {قل هل3 من شركائكم من يهدي إلى الحق} أي يوجد من آلهتكم من يهدي إلى الحق؟ والجواب لا يوجد لأنها لا تتكلم ولا تعلم إذاً فقل لهم الله يهدي إلى الحق أي بواسطة نبيه ووحيه وآياته.
وقل لهم {أفمن يهدي إلى4 الحق أحق أن يتبع أمَّن لا يهدي إلا أن يهدى} 5 والجواب معروف الذي يهدي إلى الحق أحق بأن يتبع ممن لا يهتدي إلا أن يُهدى، إذاً لم لا تتقون
الله فتوحدوه وتؤمنوا برسوله وكتابه فتهتدوا، وتتركوا آلهتكم التي لا تهدي إلى الحق؟ {فما لكم} أي أيُّ شيء ثبت لديكم في ترك عبادة الله لعبادة غيره من هذه الأوثان، {كيف تحكمون} أي حكم هذا تحكمون به وهو اتباع من لا يهدي وترك عبادة من يهدي إلى الحق. وقوله تعالى {وما يتبع أكثرهم إلا ظناً} 6 أي أن أكثر هؤلاء المشركين لا يتبعون في عبادة أصنامهم إلا الظن فلا يقين عندهم في أنها حقاً آلهة تستحق العبادة، {إن الظن لا يغني من الحق شيئاً} أي إن الظن لا يكفي عن العلم ولا يغني عنه أي شيء من الإغناء، والمطلوب في العقيدة العلم لا الظن7. وقوله تعالى {إن الله عليم بما يفعلون} هذه الجملة تحمل الوعيد الشديد لهم على إصرارهم على الباطل وعنادهم على الحق فسيجزيهم بذلك الجزاء المناسب لظلمهم وعنادهم.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1- تقرير التوحيد بإبطال الآلهة المزعومة حيث اعترف عابدوها بأنها لا تبدأ خلقاً ولا تعيده بعد موته، ولا تهدي إلى الحق، والله يبدأ الخلق ثم يعيده ويهدي إلى الحق.
2- إبطال الأحكام الفاسدة وعدم إقرارها ووجوب تصحيحها.
3- لا يقبل الظن في العقائد بل لا بد من العلم اليقيني فيها.
4- كراهية القول بالظن والعمل به وفي الحديث (إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث) .
__________

1 أي: آلهتكم ومجوداتكم من الأصنام والأوثان.
2 يقول لهم: (هل) على جهة التوبيخ والتقرير، فان أجابوك فذاك وإلا فقل الله يبدأ الخلق.
3 هذا الاستفهام كالأول للتوبيخ والتقرير فان أجابوا فذاك المطلوب لهان لم يجيبوا فأجب أنت بقولك: الله يبدأ الخلق.
4 هذا الاستفهام؟ كسابقيه للتوبيخ والتقرير ثم إقامة الحجة.
5 في: {أمّن لا يهدي} قراءات منها: (لا يهدي) ، بالتخفيف. (لا يهدّي) بتشديد الدال، وفتح الهاء وهي قراءة ورش، و (لا يَهدي) بكسر الهاء، وتشديد الدال وهي قراءة حفص.
6 في الآية دليل على أن عابدي غير الله تعالى ليسوا سواء في الاعتقاد الباعث لهم على عبادتها بل أكثرهم لا يتبعون في عبادتها إلا مجرّد الظن، والبعض الآخر القليل لا اعتقاد لهم إلا اتباع غيرهم وتقليد سواهم من رؤسائهم، وأهل الكلمة فيهم، فكلا الفريقين هالك.
7 الظن يطلق على مراتب الإدراك، فيطلق على الاعتقاد الجازم الذي لا شك فيه كقوله تعالى: {إني ظننت أني ملاق حسابيه} ويطلق على الاعتقاد المشكوك فيه كقول قوم نوح لنوح: {وإنا لنظنّك من الكاذبين} ويطلق على الاعتقاد المخطىء كآية: {إن بعض الظن إثم} وحديث: "فإن الظن أكذب الحديث".

*************************************
يتبع



ابوالوليد المسلم 16-03-2022 05:56 PM

رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 

وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (37) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (38) بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (39)
شرح الكلمات:
أن يفترى من دون الله: أي افتراء أي لم يكن هذا القرآن افتراء.
وتفصيل الكتاب: أي بيان ما فرض الله تعالى على هذه الأمة وما أحل لها وما حرم.
أم يقولون افتراه.: أي اختلقه من نفسه وَتَقوَّلَه من عنده.
بما لم يحيطوا بعلمه: أي بما توعدهم الله تعالى به من العذاب.
ولما يأتهم تأويله: أي ولما يأتهم بعد ما يؤول إليه ذلك الوعيد من العذاب.
كذلك كذب الذين من قبلهم: أي كتكذيب هؤلاء بوعد الله لهم كذب الذين من قبلهم.
معنى الآيات:
هذه الآيات في تقرير عقيدة الوحي وإثبات نبوة الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال تعالى: {وما كان هذا1 القرآن} أي لم يكن من شأن هذا القرآن العظيم {أن يفترى من دون الله} أي يُختلق من غير الله تعالى من سائر خلقه، {ولكن تصديق الذي بين يديه} 2 أي ولكنه كلام الله ووحيه أوحاه إلى رسوله وأنزله تصديق الذي بين يديه أي من الكتب التي سبقت نزوله وهي التوراة والإنجيل {وتفصيل الكتاب} الذي كتبه الله تعالى على أمة الإسلام من الفرائض والشرائع والأحكام. وقوله تعالى {لا ريب فيه} أي لا شك في أنه وحي الله وكلامه نزل من رب العالمين، وهو الله مربي الخلائق أجساماً وعقولاً وأخلاقاً وأرواحاً ومن مقتضى ربوييته إنزال كتاب فيه تبيان كل شيء يحتاج إليه العبد في تربيته وكماله البدني والروحي والعقلي والخلقي.
وقوله تعالى في الآية الثانية (38) {أم يقولون افتراه} 4 أي بل يقول هؤلاء المشركون المجاحدون وهو قول في غاية السُّخّف والقباحة يقولون القرآن افتراه محمد ولم يكن بوحي أُنزل عليه، قل يا رسولنا متحدياً إياهم أن يأتوا بسورة مثله5. فإنهم لا يستطيعون وبذلك تبطل دعواهم، وقل لهم ادعوا لمعونتكم على الإتيان بسورة مثل سور القرآن من استطعتم الحصول على معونتهم إن كنتم صادقين في دعواكم أن القرآن لم يكن وحياً من الله، وإنما هو اختلاق اختلقه محمد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقوله تعالى {بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه6 ولما يأتهم تأويله} أي إن القضية ليست قضية أنهم ما استطاعوا أن يدركوا أن القرآن كلام الله، وإنما القضية هي أنهم كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه من وعيد الله تعالى لهم بالعذاب، ولما يأتهم بعد ما يؤول إليه الوعيد إذ لو رأوا العذاب ما كذبوا، ولذا قال تعالى: {كذلك كذب الذين من قبلهم} أي {حتى ذاقوا بأسنا} كما في آية الأنعام. وهو قال تعالى: {فانظر كيف كان عاقبة الظالمين} فقد أهلك تعالى الظلمة من قوم نوح بالغرق ومن قوم هود بريح صرصر ومن قوم صالح بالصيحة ومن قوم شعيب بالرجفة ومن أمم أخرى بما شاء من أنواع العذاب فهؤلاء إن لم يتوبوا واستمروا في تكذيبهم فسوف يحل بهم ما حل بغيرهم {وما الله بغافل عما يعمل الظالمون} .
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1- تقرير عقيدة الوحي وإثبات نبوة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
2- من أدلة أن القرآن كلام الله تصديقه للكتب السالفة وعدم التناقض معها إذ هما من مصدر واحد وهو الله رب العالمين.
3- من أدلة القرآن على أنه وحي الله تحدي الله العرب بالإتيان بسورة واحدة في فصاحته.
وبلاغته وإعجازه وعجزهم عن ذلك.
4- استمرار المشركين في العناد والمجاحدة علته أنهم لم يذوقوا ما توعدهم الله به من العذاب إذ لو ذاقوا لآمنوا ولكن لا ينفعهم حينئذ الإيمان.
__________

1 علم الله تعالى أنّ غيره تعالى لا يتأتى له الإتيان بمثل هذا القرآن كما قال تعالى: {قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً} .
2 أي: أنزله مصدقاً لما بين يديه أي: لما تقدمه من الكتب الإلهية. هذا كقوله تعالى: {نزل عليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه} . ونصب (تصديق) على أنه اسم كان، والتقدير: ولكن كان تصديق الذي.
4 {أم يقولون} أم هنا: هي المنقطعة التي تفسَّر ببل، والهمزة: أي بل أيقول افتراه، والاستفهام هنا للتقريع والتوبيخ.
5 هذا دليل على أن القرآن الكريم معجز، وهو كذلك معجز بألفاظه ومعانيه معاً.
6 {بل كذّبوا بما لم يحيطوا يعلمه ولما يأتهم تأويله} . هذا الكلام الإلهي يحتمل معنيين صحيحين. الأول: هو ما في التفسير، والثاني: المراد بما لم يحيطوا بعلمه: القرآن الكريم، فهم لم يتدبروه، ولم يفهموا ما يدعو إليه وكذبوا به عن جهل مع العناد والمكابرة فما في قوله: {بما لم يحيطوا بعلمه} اسم موصول المراد به: القرآن الكريم أمّا على المعنى الأول فإن المراد به العذاب الذي كذّبوا به، ولم يحل بهم بعد.


ابوالوليد المسلم 16-03-2022 06:00 PM

رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 


http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg

تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة يونس - (7)
الحلقة (478)
تفسير سورة يونس مدنية
المجلد الثانى (صـــــــ 476الى صــــ 479)

وَمِنهُم مَّن يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُم مَّن لاَّ يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ (40) وَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل لِّي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَاْ بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ (41) وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُواْ لاَ يَعْقِلُونَ (42) وَمِنهُم مَّن يَنظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُواْ لاَ يُبْصِرُونَ (43) إِنَّ اللهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (44)
شرح الكلمات:
ومنهم من يؤمن به: أي من أهل مكة المكذبين بالقرآن من يؤمن به مستقبلاً.
وربك أعلم بالمفسدين: وهم دعاة الضلالة الذين يفسدون العقول والقلوب والجملة تهديد لهم.
وإن كذبوك: أي استمروا على تكذيبك.
ومنهم من يستمعون إليك: أي إذا قرأت القرآن.
ومنهم من ينظر إليك: أي يبصر ويشاهد آيات النبوة وأعلام صدقك، ولا يهتدي إلى معرفة أنك رسول الله لأن الله تعالى حرمه ذلك.
معنى الآيات:
ما زال السياق في تقرير نبوة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال تعالى في خطاب رسوله ليُسلِّيه ويصبِّره على عدم إيمان قومه مع ظهور الأدلة وقوة البراهين {ومنهم من يؤمن به} أي بالقرآن وبالنبيأيضاً إذ الإيمان بواحد يستلزم الإيمان بالثاني، {ومنهم من لا يؤمن به} 1، وهذا إخبار غيب فتم كما أخبر تعالى فقد آمن من المشركين عدد كبير ولم يؤمن عدد آخر. وقوله {وربك أعلم بالمفسدين} أي الذين لا يؤمنون وفي الجملة تهديد لأولئك الذين يصرفون الناس ويصدونهم عن الإيمان والتوحيد. وقوله تعالى: {وإن كذبوك} أي استمروا في تكذيبهم لك فلا تحفل بهم وقل {لي عملي2 ولكم عملكم أنتم بريئون مما أعمل، وأنا بريء مما تعملون} فإذا كان هناك عقاب دنيوي فإنك تسلم منه ويهلكون هم به.
وقوله تعالى في الآية (42) {ومنهم من يستمعون إليك} 3 إلى قراءتك القرآن وإلى قولك إذا قلت داعياً أو آمراً أو ناهياً، ومع هذا فلا يفهم ولا ينتفع بما يسمع، ولا لوم عليك في ذلك لأنك لا تسمع الصم، وهؤلاء صم لا يسمعون، ومنهم من ينظر إليك بأعين مفتحة ويرى علامات النبوة وآيات الرسالة ظاهرةً في حالك ومقالك ومع هذا لا يهتدي ولا لوم عليك فإنك لا تهدي العمى ولو كانوا لا يبصرون4. وقوله تعالى {إن الله لا يظلم الناس شيئاً، ولكن الناس أنفسهم يظلمون} بيان لسنة الله تعالى في أولئك الذين يسمعون ولا ينتفعون بسماعهم، ويبصرون ولا ينتفعون بما يبصرون، وهي أن من توغل في البغض والكراهية لشيء يصبح غير قادر على الانتفاع بما يسمع منه ولا بما يبصر فيه. ولذا قيل حبك الشيء يُعمي ويُصم، والبغض كذلك كما أن الاسترسال في الشر والفساد مدة من الزمن يحرم صاحبه التوبة إلى الخير والصلاح، ومن هنا قال تعالى {إن الله لا يظلم5 الناس شيئاً، ولكن الناس أنفسهم يظلمون} .
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1- إخبار القرآن بالغيب وصدقه في ذلك.
2- تقرير معنى آية {فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور} .
3- تعليم رسول الله طريق الحِجاج والرد على الخصوم المشركين.
4- انتفاء الظلم عن الله تعالى، وإثباته للإنسان لنفسه.
__________

1 كأبي طالب وأبي لهب وأبي جهل وغيرهم.
2 أي لي ثواب عملي على التبليغ والطاعة لله تعالى ولكم جزاء عملكم الذي هو الشرك والكفر والتكذيب.
3 أي: في ظواهرهم أمّا قلوبهم فلا تعي شيئا مما تقول من الحق وتتلوه من القرآن.
4 أي: ولو انظمّ إلى عدم البصر عدم البصيرة.
5 في هذا إشارة إلى أنّ عدم هدايتهم يكن خارجاً عن إرادتهم ولكن كان باستحبابهم العمى على الهدى وإيثارهم للدنيا على الآخرة.

*************************************

يتبع


الساعة الآن : 04:25 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 143.89 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 143.39 كيلو بايت... تم توفير 0.50 كيلو بايت...بمعدل (0.35%)]