ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى القرآن الكريم والتفسير (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=57)
-   -   تفسير القرآن العظيم (تفسير ابن كثير) (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=321121)

ابوالوليد المسلم 22-11-2025 10:09 AM

رد: تفسير القرآن العظيم (تفسير ابن كثير)
 
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...cdf76dc237.png

تفسير القرآن العظيم
(تفسير ابن كثير)

إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي
الجزء الثانى

سورة البقرة
من صــ261 الى صــ 270
الحلقة (81)






من قالها في ليلة فمات في ليلته دخل الجنة ومن قالها في نومه فمات دخل الجنة "وفي الصحيحين عن عبد الله بن عمر أن أبا بكر قال : يا رسول الله علمني دعاء أدعو به في صلاتي فقال :" قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم "والأحاديث في الاستغفار كثيرة."
فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق (200)
فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق
يأمر تعالى بذكره والإكثار منه بعد قضاء المناسك وفراغها وقوله "كذكركم آباءكم" اختلفوا في معناه فقال ابن جريج عن عطاء هو كقول الصبي أبه أمه يعني كما يلهج الصبي يذكر أبيه وأمه فكذلك أنتم فالهجوا بذكر الله بعد قضاء النسك.
وكذا قال الضحاك والربيع بن أنس وروى ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس نحوه .
وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس : كان أهل الجاهلية يقفون في الموسم فيقول الرجل منهم : كان أبي يطعم ويحمل الحمالات ويحمل الديات .
ليس لهم ذكر غير فعال آبائهم .
فأنزل الله

على محمد - صلى الله عليه وسلم - "فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا" قال ابن أبي حاتم : وروى السدي عن أنس بن مالك وأبي وائل وعطاء بن أبي رباح في أحد قوليه وسعيد بن جبير وعكرمة في أحد رواياته ومجاهد والسدي وعطاء الخراساني والربيع بن أنس والحسن وقتادة ومحمد بن كعب ومقاتل بن حيان نحو ذلك وهكذا حكاه ابن جرير عن جماعة والله أعلم .
والمقصود منه الحث على كثرة الذكر لله عز وجل ولهذا كان انتصاب قوله أو أشد ذكرا على التمييز تقديره كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا وأو هاهنا لتحقيق المماثلة في الخبر كقوله "فهي كالحجارة أو أشد قسوة" وقوله "يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية" "فأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون" "فكان قاب قوسين أو أدنى" فليست هاهنا للشك قطعا وإنما هي لتحقيق المخبر عنه كذلك أو أزيد منه .
ثم إنه تعالى أرشد إلى دعائه بعد كثرة ذكره فإنه مظنة الإجابة وذم من لا يسأله إلا في أمر دنياه وهو معرض عن أخراه فقال "فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق" أي من نصيب ولا حظ وتضمن هذا الذم والتنفير عن التشبه بمن هو كذلك قال سعيد بن جبير عن ابن عباس : كان قوم من الأعراب يجيئون إلى الموقف فيقولون اللهم اجعله عام غيث وعام خصب وعام ولاد حسن لا يذكرون من أمر الآخرة شيئا فأنزل الله فيهم "فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق" وكان يجيء بعدهم آخرون من المؤمنين فيقولون "ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار" فأنزل الله "أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب" ولهذا مدح من يسأله الدنيا والآخرة فقال .
ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار (201)
ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار
"ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الأخرة حسنة وقنا عذاب النار" فجمعت هذه الدعوة كل خير في الدنيا وصرفت كل شر فإن كل الحسنة في الدنيا تشمل كل مطلوب دنيوي من عافية ودار رحبة وزوجة حسنة ورزق واسع وعلم نافع وعمل صالح ومركب هين وثناء جميل إلى غير ذلك مما اشتملت عليه عبارات المفسرين ولا منافاة بينها فإنها كلها مندرجة في الحسنة في الدنيا .
وأما الحسنة في الآخرة فأعلى ذلك دخول الجنة وتوابعه من الأمن من الفزع الأكبر في العرصات وتيسير

الحساب وغير ذلك من أمور الآخرة الصالحة .
وأما النجاة من النار فهو يقتضي تيسير أسبابه في الدنيا من اجتناب المحارم والآثام وترك الشبهات والحرام .
وقال القاسم أبو عبد الرحمن : من أعطي قلبا شاكرا ولسانا ذاكرا وجسدا صابرا فقد أوتي في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة ووقي عذاب النار .
ولهذا وردت السنة بالترغيب في هذا الدعاء .
فقال البخاري : حدثنا معمر حدثنا عبد الوارث عن عبد العزيز عن أنس بن مالك قال : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول "اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار" وقال أحمد : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم حدثنا عبد العزيز بن صهيب قال : سأل قتادة أنسا أي دعوة كان أكثر ما يدعوها النبي صلى الله عليه وسلم قال : يقول "اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار" وكان أنس إذا أراد أن يدعو بدعوة دعا بها وإذا أراد أن يدعو بدعاء دعا بها فيه ورواه مسلم وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي حدثنا أبو نعيم حدثنا عبد السلام بن شداد يعني أبا طالوت قال : كنت عند أنس بن مالك فقال له ثابت إن إخوانك يحبون أن تدعو لهم فقال : اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وتحدثوا ساعة حتى إذا أرادوا القيام قال أبا حمزة : إن إخوانك يريدون القيام فادع الله لهم فقال : أتريدون أن أشقق لكم الأمور إذا آتاكم الله في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة ووقاكم عذاب النار فقد آتاكم الخير كله.

وقال أحمد أيضا : حدثنا محمد بن أبي عدي عن حميد عن ثابت عن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عاد رجلا من المسلمين قد صار مثل الفرخ فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "هل تدعو الله بشيء أو تسأله إياه" قال نعم : كنت أقول اللهم ما كنت معاقبي به في الآخرة فعجله لي في الدنيا .
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "سبحان الله لا تطيقه أو لا تستطيعه فهلا قلت" ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ""

قال فدعا الله فشفاه انفرد بإخراجه مسلم فرواه من حديث ابن أبي عدي به .
وقال الإمام الشافعي : أخبرنا سعيد بن سالم القداح عن ابن جريج عن يحيى بن عبيد مولى السائب عن أبيه عن عبد الله بن السائب أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول فيما بين ركن بني جمح والركن الأسود "ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار" ورواه الثوري عن ابن جريج كذلك .
وروى ابن ماجه عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحو ذلك وفي سنده ضعف والله أعلم .
وقال ابن مردويه : حدثنا عبد الباقي أخبرنا أحمد بن القاسم بن مساور حدثنا سعيد بن سليمان عن عبد الله بن هرمز عن مجاهد عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ما مررت على الركن إلا رأيت عليه ملكا يقول آمين فإذا مررتم عليه فقولوا" ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار "."
أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب (202)
أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب
وقال الحاكم في مستدركه : حدثنا أبو زكريا العنبري حدثنا محمد بن عبد السلام حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا جرير عن الأعمش عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير قال : جاء رجل إلى ابن عباس فقال : إني أجرت نفسي من قوم على أن يحملوني ووضعت لهم من أجرتي على أن يدعوني أحج معهم أفيجزي ذلك ؟ فقال أنت من الذين قال الله "أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب" ثم قال الحاكم صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه .
واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى واتقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون (203)
واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى واتقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون
قال ابن عباس : الأيام المعدودات أيام التشريق والأيام المعلومات أيام العشر .
وقال عكرمة "واذكروا الله في أيام معدودات" يعني التكبير في أيام التشريق بعد الصلوات المكتوبات : الله أكبر الله أكبر .
وقال الإمام أحمد : حدثنا وكيع حدثنا موسى بن علي عن أبيه قال : سمعت عقبة بن عامر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام وهي أيام أكل وشرب" وقال أحمد أيضا : حدثنا هشام أخبرنا خالد عن أبي المليح عن نبيشة الهذلي قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله" ورواه مسلم أيضا وتقدم حديث جبير بن مطعم "عرفة كلها موقف"

وأيام التشريق كلها ذبح "وتقدم أيضا حديث عبد الرحمن بن يعمر الديلي" وأيام منى ثلاثة فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه "وقال ابن جرير : حدثنا يعقوب بن إبراهيم وخلاد بن أسلم قالا : حدثنا هشام عن عمرو بن أبي سلمة عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال" أيام التشريق أيام طعم وذكر الله "وحدثنا خالد بن أسلم حدثنا روح حدثنا صالح حدثني ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث عبد الله بن حذافة يطوف في منى" لا تصوموا هذه الأيام فإنها أيام أكل وشرب وذكر الله عز وجل ""
وحدثنا يعقوب حدثنا هشام عن سفيان بن حسين عن الزهري قال : بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عبد الله بن حذافة فنادى في أيام التشريق فقال "إن هذه أيام أكل وشرب وذكر الله إلا من كان عليه صوم من هدي" زيادة حسنة ولكن مرسلة وبه قال هشام عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عمرو بن دينار أن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - بعث بشر بن سحيم فنادى في أيام التشريق فقال "إن هذه أيام أكل وشرب وذكر الله" وقال هشيم عن ابن أبي ليلى عن عطاء عن عائشة قالت : نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن صوم أيام التشريق قال "وهي أيام أكل وشرب وذكر الله" وقال محمد بن إسحاق عن حكيم بن حكيم عن مسعود بن الحكم الزرقي عن أمه قالت : لكأني أنظر إلى علي على بغلة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - البيضاء حتى وقف على شعب الأنصار وهو يقول : يا أيها الناس إنها ليست بأيام صيام إنما هي أيام أكل وشرب وذكر الله .
وقال مقسم عن ابن عباس : الأيام المعدودات أيام التشريق أربعة أيام يوم النحر وثلاثة بعده وروي عن ابن عمر وابن الزبير وأبي موسى وعطاء ومجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير وأبي مالك وإبراهيم النخعي ويحيى بن أبي كثير والحسن وقتادة والسدي والزهري والربيع بن أنس والضحاك ومقاتل بن حيان وعطاء الخراساني ومالك بن أنس وغيرهم مثل ذلك وقال علي بن أبي طالب هي ثلاثة : يوم النحر ويومان بعده اذبح في أيهن شئت وأفضلها أولها .
والقول الأول هو المشهور وعليه دل ظاهر الآية الكريمة حيث قال "فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه" فدل على ثلاثة بعد النحر

ويتعلق بقوله "واذكروا الله في أيام معدودات" ذكر الله على الأضاحي وقد تقدم أن الراجح في ذلك مذهب الشافعي رحمه الله وهو أن وقت الأضحية من يوم النحر إلى آخر أيام التشريق ويتعلق به أيضا الذكر المؤقت خلف الصلوات والمطلق في سائر الأحوال وفي وقته أقوال للعلماء أشهرها الذي عليه العمل أنه من صلاة الصبح يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق وهو آخر النفر الآخر وقد جاء فيه حديث رواه الدارقطني ولكن لا يصح مرفوعا والله أعلم .
وقد ثبت أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كان يكبر في قبته فيكبر أهل السوق بتكبيره حتى ترتج منى تكبيرا ويتعلق بذلك أيضا التكبير وذكر الله عند رمي الجمرات كل يوم من أيام التشريق وقد جاء في الحديث الذي رواه أبو داود وغيره إنما جعل الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله عز وجل .
ولما ذكر الله تعالى النفر الأول والثاني وهو تفرق الناس من موسم الحج إلى سائر الأقاليم والآفاق بعد اجتماعهم في المشاعر والمواقف قال "واتقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون" كما قال "وهو الذي ذرأكم في الأرض وإليه تحشرون" .
ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام (204)
ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام
قال السدي : نزلت في الأخنس بن شريق الثقفي جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأظهر الإسلام وفي باطنه خلاف ذلك وعن ابن عباس أنها نزلت في نفر من المنافقين تكلموا في خبيب وأصحابه الذين قتلوا بالرجيع وعابوهم فأنزل الله في ذم المنافقين ومدح خبيب

وأصحابه "ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله" وقيل بل ذلك عام في المنافقين كلهم وفي المؤمنين كلهم وهذا قول قتادة ومجاهد والربيع بن أنس وغير واحد وهو الصحيح .
وقال ابن جرير : حدثني يونس أخبرنا ابن وهب أخبرني الليث بن سعد عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن القرظي عن نوف وهو البكالي وكان ممن يقرأ الكتب قال إني لأجد صفة ناس من هذه الأمة في كتاب الله المنزل قوم يحتالون على الدنيا بالدين ألسنتهم أحلى من العسل وقلوبهم أمر من الصبر يلبسون للناس مسوك الضأن وقلوبهم قلوب الذئاب يقول الله تعالى : فعلي يجترئون وبي يغترون حلفت بنفسي لأبعثن عليهم فتنة تترك الحليم فيها حيران قال القرظي تدبرتها في القرآن فإذا هم المنافقون فوجدتها "ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه" الآية وحدثني محمد بن أبي معشر أخبرني أبو معشر نجيح قال : سمعت سعيدا المقبري يذاكر محمد بن كعب القرظي فقال سعيد : إن في بعض الكتب : إن عبادا ألسنتهم أحلى من العسل وقلوبهم أمر من الصبر لبسوا للناس مسوك الضأن من اللين يشترون الدنيا بالدين قال الله تعالى : علي تجترئون وبي تغترون ؟ وعزتي لأبعثن عليهم فتنة تترك الحليم منهم حيران .
فقال محمد بن كعب : هذا في كتاب الله فقال سعيد : وأين هو من كتاب الله قال قول الله "ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا" الآية فقال سعيد : قد عرفت فيمن أنزلت هذه الآية فقال محمد بن كعب إن الآية تنزل في الرجل ثم تكون عامة بعد وهذا الذي قاله القرظي حسن صحيح .
وأما قوله "ويشهد الله على ما في قلبه" فقرأه ابن محيصن "ويشهد الله" بفتح الياء وضم الجلالة "على ما في قلبه" ومعناها أن هذا وإن أظهر لكم الحيل لكن الله يعلم من قلبه القبيح كقوله تعالى "إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون" وقراءة الجمهور بضم الياء ونصب الجلالة ويشهد الله على ما في قلبه ومعناه أنه يظهر للناس الإسلام ويبارز الله بما في قلبه من الكفر والنفاق كقوله تعالى "يستخفون"

من الناس ولا يستخفون من الله "الآية هذا معنى ما رواه ابن إسحاق عن محمد بن أبي محمد عن عكرمة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس وقيل معناه أنه إذا أظهر للناس الإسلام حلف وأشهد الله لهم أن الذي في قلبه موافق للسانه وهذا المعنى صحيح ."
وقاله عبد الرحمن بن زيد بن أسلم واختاره ابن جرير وعزاه إلى ابن عباس وحكاه عن مجاهد والله أعلم.
وقوله "وهو ألد الخصام" الألد في اللغة الأعوج "وتنذر به قوما لدا" أي عوجا وهكذا المنافق في حال خصومته يكذب ويزور عن الحق ولا يستقيم معه بل يفتري ويفجر كما ثبت في الصحيح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال "آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر" وقال البخاري : حدثنا قبيصة حدثنا سفيان عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن عائشة ترفعه.
قال : "إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم" قال : وقال عبد الله بن يزيد : حدثنا سفيان حدثنا ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال "إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم" وهكذا رواه عبد الرزاق عن معمر في قوله "وهو ألد الخصام" عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال "إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم" .
وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد (205)
وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد
وقوله "وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد" أي هو أعوج المقال سيئ الفعال فذلك قوله وهذا فعله كلامه كذب

واعتقاده فاسد وأفعاله قبيحة والسعي هاهنا هو القصد كما قال إخبارا عن فرعون "ثم أدبر يسعى فحشر فنادى فقال أنا ربكم الأعلى فأخذه الله نكال الآخرة والأولى إن في ذلك لعبرة لمن يخشى" وقال تعالى "يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله" أي اقصدوا واعمدوا ناوين بذلك صلاة الجمعة فإن السعي الحسي إلى الصلاة منهي عنه بالسنة النبوية "إذا أتيتم الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون وأتوها وعليكم السكينة والوقار" فهذا المنافق ليس له همة إلا الفساد في الأرض وإهلاك الحرث وهو محل نماء الزروع والثمار والنسل وهو نتاج الحيوانات الذين لا قوام للناس إلا بهما.
وقال مجاهد إذا سعى في الأرض إفسادا منع الله القطر فهلك الحرث والنسل "والله لا يحب الفساد" أي لا يحب من هذه صفته ولا من يصدر منه ذلك.
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...6630858ac6.png




ابوالوليد المسلم 22-11-2025 10:13 AM

رد: تفسير القرآن العظيم (تفسير ابن كثير)
 
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...cdf76dc237.png

تفسير القرآن العظيم
(تفسير ابن كثير)

إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي
الجزء الثانى

سورة البقرة
من صــ271 الى صــ 280
الحلقة (82)






وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد (206)
وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد
وقوله "وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم" أي إذا وعظ هذا الفاجر في مقاله وفعاله وقيل له اتق الله وانزع عن قولك وفعلك وارجع إلى الحق امتنع وأبى وأخذته الحمية والغضب بالإثم أي بسبب ما اشتمل عليه من الآثام وهذه الآية شبيهة بقوله تعالى "وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم آياتنا قل أفأنبئكم بشر من ذلكم النار وعدها الله الذين كفروا وبئس المصير" ولهذا قال في هذه الآية "فحسبه جهنم ولبئس المهاد" أي هي كافيته عقوبة في ذلك .
ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله والله رءوف بالعباد (207)
ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله والله رءوف بالعباد
وقوله "ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله" لما أخبر عن المنافقين بصفاتهم الذميمة ذكر صفات المؤمنين الحميدة فقال "ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله" قال ابن عباس وأنس وسعيد بن المسيب وأبو عثمان النهدي وعكرمة وجماعة نزلت في صهيب بن سنان الرومي وذلك أنه لما أسلم بمكة وأراد الهجرة منعه الناس أن يهاجر بماله وإن أحب أن يتجرد منه ويهاجر فعل فتخلص منهم وأعطاهم ماله فأنزل الله فيه هذه الآية فتلقاه عمر بن الخطاب وجماعة إلى طرف الحرة فقالوا له ربح البيع فقال وأنتم فلا أخسر الله تجارتكم وما ذاك فأخبروه أن الله أنزل هذه
الآية .
ويروى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له "ربح البيع صهيب" قال ابن مردويه : حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا محمد بن عبد الله بن رستة حدثنا سليمان بن داود حدثنا جعفر بن سليمان الضبي حدثنا عوف عن أبي عثمان النهدي عن صهيب قال : لما أردت الهجرة من مكة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت لي قريش يا صهيب قدمت إلينا ولا مال لك وتخرج أنت ومالك والله لا يكون ذلك أبدا فقلت لهم أرأيتم إن دفعت إليكم مالي تخلون عني ؟ قالوا نعم فدفعت إليهم مالي فخلوا عني فخرجت حتى قدمت المدينة فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال "ربح صهيب ربح صهيب" مرتين وقال حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب قال : أقبل صهيب مهاجرا نحو النبي - صلى الله عليه وسلم - فاتبعه نفر من قريش فنزل عن راحلته وأنثل ما في كنانته ثم قال : يا معشر قريش قد علمتم أني من أرماكم رجلا وأنتم والله لا تصلون إلي حتى أرمي بكل سهم في كنانتي ثم أضرب بسيفي ما بقي في يدي منه شيء ثم افعلوا ما شئتم وإن شئتم دللتكم على مالي وقنيتي بمكة وخليتم سبيلي قالوا نعم فلما قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - قال "ربح البيع" قال ونزلت "ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رءوف بالعباد"

وأما الأكثرون فحملوا ذلك على أنها نزلت في كل مجاهد في سبيل الله كما قال تعالى "إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله ؟ فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم" ولما حمل هشام بن عامر بين الصفين أنكر عليه بعض الناس فرد عليهم عمر بن الخطاب وأبو هريرة وغيرهما وتلوا هذه الآية "ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رءوف بالعباد" .
يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين (208)
يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو
يقول الله تعالى آمرا عباده المؤمنين به المصدقين برسوله أن يأخذوا بجميع عرى الإسلام وشرائعه والعمل بجميع أوامره وترك جميع زواجره ما استطاعوا من ذلك .
قال العوفي عن ابن عباس ومجاهد وطاوس والضحاك وعكرمة وقتادة والسدي وابن زيد في قوله "ادخلوا في السلم" يعني الإسلام .
وقال الضحاك عن ابن عباس وأبو العالية والربيع بن أنس "ادخلوا في السلم" يعني الطاعة .
وقال قتادة أيضا الموادعة وقوله "كافة" قال ابن عباس ومجاهد وأبو العالية وعكرمة والربيع بن أنس والسدي ومقاتل بن حيان وقتادة والضحاك جميعا وقال مجاهد أي اعملوا بجميع الأعمال ووجوه البر .
وزعم عكرمة أنها نزلت في نفر ممن أسلم من اليهود وغيرهم كعبد الله بن سلام وأسد بن عبيد وثعلبة وطائفة استأذنوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أن يسبتوا وأن يقوموا بالتوراة ليلا فأمرهم الله بإقامة شعائر الإسلام والاشتغال بها عما عداها وفي ذكر عبد الله بن سلام مع هؤلاء نظر إذ يبعد أن يستأذن في إقامة السبت وهو مع تمام إيمانه يتحقق نسخه ورفعه وبطلانه والتعويض عنه بأعياد الإسلام.
ومن المفسرين من يجعل قوله "كافة" حالا من الداخلين أي ادخلوا في الإسلام كلكم والصحيح الأول وهو أنهم أمروا كلهم أن يعملوا بجميع شعب الإيمان وشرائع الإسلام وهي كثيرة جدا ما استطاعوا منها كما قال ابن أبي حاتم : أخبرنا علي بن الحسين أخبرنا أحمد بن الصباح أخبرني الهيثم بن يمان حدثنا إسماعيل

بن زكريا حدثني محمد بن عون عن عكرمة عن ابن عباس "يا أيها الذين امنوا ادخلوا في السلم كافة" كذا قرأها بالنصب يعني مؤمني أهل الكتاب فإنهم كانوا مع الإيمان مستمسكين ببعض أمور التوراة والشرائع التي أنزلت فيهم فقال الله "ادخلوا في السلم كافة" يقول ادخلوا في شرائع دين محمد - صلى الله عليه وسلم - ولا تدعوا منها شيئا وحسبكم الإيمان بالتوراة وما فيها .
وقوله "ولا تتبعوا خطوات الشيطان" أي اعملوا بالطاعات واجتنبوا ما يأمركم به الشيطان ف "إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون" و "إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير" ولهذا قال "إنه لكم عدو مبين" قال مطرف : أغش عباد الله لعبيد الله الشيطان ؟ .
فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات فاعلموا أن الله عزيز حكيم (209)
فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات فاعلموا أن الله عزيز حكيم
وقوله "فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات" أي عدلتم عن الحق بعدما قامت عليكم الحجج فاعلموا أن الله عزيز أي في انتقامه لا يفوته هارب ولا يغلبه غالب حكيم في أحكامه ونقضه وإبرامه ولهذا قال أبو العالية وقتادة والربيع بن أنس : عزيز في نقمته حكيم في أمره وقال محمد بن إسحاق : العزيز في نصره ممن كفر به إذا شاء الحكيم في عذره وحجته إلى عباده.
هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الأمر وإلى الله ترجع الأمور (210)
هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الأمر وإلى الله ترجع الأمور
يقول تعالى مهددا للكافرين بمحمد صلوات الله وسلامه عليه "هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة" يعني يوم القيامة لفصل القضاء بين الأولين والآخرين فيجزي كل عامل بعمله إن خيرا فخير وإن شرا فشر ولهذا قال تعالى "وقضي الأمر وإلى الله ترجع الأمور" كما قال تعالى "كلا إذا دكت الأرض دكا دكا وجاء ربك والملك صفا صفا وجيء يومئذ بجهنم يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى" وقال هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك "الآية ."
وقد ذكر الإمام أبو جعفر بن جرير هاهنا حديث الصور بطوله من أوله عن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو حديث مشهور ساقه غير واحد من أصحاب المسانيد

وغيرهم وفيه - أن الناس إذا اهتموا لموقفهم في العرصات تشفعوا إلى ربهم بالأنبياء واحدا واحدا من آدم فمن بعده فكلهم يحيد عنها حتى ينتهوا إلى محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - فإذا جاءوا إليه قال "أنا لها أنا لها" فيذهب فيسجد لله تحت العرش فيشفع عند الله في أن يأتي لفصل القضاء بين العباد فيشفعه الله ويأتي في ظلل من الغمام بعد ما تنشق السماء الدنيا وينزل من فيها من الملائكة ثم الثانية ثم الثالثة إلى السابعة وينزل حملة العرش والكروبيون قال وينزل الجبار عز وجل في ظلل من الغمام والملائكة ولهم زجل في تسبيحهم يقولون : سبحان ذي الملك والملكوت سبحان ذي العزة والجبروت سبحان الحي الذي لا يموت سبحان الذي يميت الخلائق ولا يموت سبوح قدوس رب الملائكة والروح سبوح قدوس سبحان ربنا الأعلى سبحان ذي السلطان والعظمة سبحانه سبحانه أبدا أبدا .
وقد أورد الحافظ أبو بكر بن مردويه هاهنا أحاديث فيها غرابة والله أعلم .
فمنها ما رواه من حديث المنهال بن عمرو عن أبي عبيدة بن عبد الله بن ميسرة عن مسروق عن ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال "يجمع الله الأولين والآخرين لميقات يوم معلوم قياما شاخصة أبصارهم إلى السماء ينتظرون فصل القضاء وينزل الله في ظلل من الغمام من العرش إلى الكرسي" وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة حدثنا أبو بكر بن عطاء بن مقدم حدثنا

معتمر بن سليمان سمعت عبد الجليل القيسي يحدث عن عبد الله بن عمرو "هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام" الآية .
قال يهبط حين يهبط وبينه وبين خلقه سبعون ألف حجاب منها النور والظلمة والماء فيصوت الماء في تلك الظلمة صوتا تنخلع له القلوب .
قال : وحدثنا أبي حدثنا محمد بن الوزير الدمشقي حدثنا الوليد قال : سألت زهير بن محمد عن قول الله "هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام" قال : ظلل من الغمام منظوم من الياقوت مكلل بالجوهر والزبرجد .
وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد في ظلل من الغمام قال : هو غير السحاب ولم يكن قط إلا لبني إسرائيل في تيههم حين تاهوا .
وقال أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية : "هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة" يقول : والملائكة يجيئون في ظلل من الغمام والله تعالى يجيء فيما يشاء وهي في بعض القراءات "هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله والملائكة في ظلل من الغمام" وهي كقوله "ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا" .
سل بني إسرائيل كم آتيناهم من آية بينة ومن يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته فإن الله شديد العقاب (211)
سل بني إسرائيل كم آتيناهم من آية بينة ومن يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته فإن الله شديد العقاب
يقول تعالى مخبرا عن بني إسرائيل كم شاهدوا مع موسى من آية بينة أي حجة قاطعة بصدقه فيما جاءهم به كيده وعصاه وفلقه البحر وضربه الحجر وما كان من تظليل الغمام عليهم في شدة الحر ومن إنزال المن والسلوى وغير ذلك من الآيات الدالات على وجود الفاعل المختار وصدق من جرت هذه الخوارق على يديه ومع هذا أعرض كثير

منهم عنها وبدلوا نعمة الله كفرا أي استبدلوا بالإيمان بها الكفر بها والإعراض عنها "ومن يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته فإن الله شديد العقاب" كما قال تعالى إخبارا عن كفار قريش "ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار جهنم يصلونها وبئس القرار" .
زين للذين كفروا الحياة الدنيا ويسخرون من الذين آمنوا والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة والله يرزق من يشاء بغير حساب (212)
زين للذين كفروا الحياة الدنيا ويسخرون من الذين آمنوا والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة والله يرزق من يشاء بغير حساب
ثم أخبر تعالى عن تزيينه الحياة الدنيا للكافرين الذين رضوا بها واطمأنوا إليها وجمعوا الأموال ومنعوها عن مصارفها التي أمروا بها مما يرضي الله عنهم وسخروا من الذين آمنوا الذين أعرضوا عنها وأنفقوا ما حصل لهم منها في طاعة ربهم وبذلوه ابتغاء وجه الله فلهذا فازوا بالمقام الأسعد والحظ الأوفر يوم معادهم فكانوا فوق أولئك في محشرهم ومنشرهم ومسيرهم ومأواهم فاستقروا في الدرجات في أعلى عليين وخلد أولئك في الدركات في أسفل سافلين ؟ ولهذا قال تعالى "والله يرزق من يشاء بغير حساب" أي يرزق من يشاء من خلقه ويعطيه عطاء كثيرا جزيلا بلا حصر ولا تعداد في الدنيا والآخرة كما جاء في الحديث "ابن آدم أنفق أنفق عليك" وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - "أنفق بلالا ولا تخش من ذي العرش إقلالا" وقال تعالى "وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه" وفي الصحيح "أن ملكين ينزلان من السماء صبيحة كل يوم فيقول أحدهما : اللهم أعط منفقا خلفا ويقول الآخر : اللهم أعط ممسكا تلفا" وفي الصحيح "يقول ابن آدم : مالي مالي"

وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت وما لبست فأبليت وما تصدقت فأمضيت وما سوى ذلك فذاهب وتاركه للناس "وفي مسند الإمام أحمد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال" الدنيا دار من لا دار له ومال من لا مال له ولها يجمع من لا عقل له "."
كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم (213)
كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم
قال ابن جرير : حدثنا محمد بن بشار حدثنا أبو داود أخبرنا همام عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس قال : كان بين نوح وآدم عشرة قرون كلهم على شريعة من الحق فاختلفوا فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين قال : وكذلك هي في قراءة عبد الله "كان الناس أمة واحدة فاختلفوا" ورواه الحاكم في مستدركه من حديث بندار عن محمد بن بشار ثم قال : صحيح الإسناد ولم يخرجاه وكذا روى أبو جعفر الرازي عن أبي العالية عن أبي بن كعب أنه كان يقرؤها "كان الناس أمة واحدة فاختلفوا فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين"

وقال عبد الرزاق : أخبرنا معمر عن قتادة في قوله "كان الناس أمة واحدة" قال : كانوا على الهدى جميعا "فاختلفوا فبعث الله النبيين" فكان أول من بعث نوحا .
وهكذا قال مجاهد كما قال ابن عباس أولا .
وقال العوفي عن ابن عباس "كان الناس أمة واحدة" يقول : كانوا كفارا فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين والقول الأول عن ابن عباس أصح سندا ومعنى لأن الناس كانوا على ملة آدم حتى عبدوا الأصنام فبعث الله إليهم نوحا عليه السلام فكان أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض.
ولهذا قال تعالى "وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم" أي من بعد ما قامت الحجج عليهم وما حملهم على ذلك إلا البغي من بعضهم على بعض "فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم" وقال عبد الرزاق : حدثنا معمر عن سليمان الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة في قوله "فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه" الآية قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - "نحن الآخرون الأولون يوم القيامة نحن أول الناس دخولا الجنة بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم فهدانا الله لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه فهذا اليوم الذي اختلفوا فيه فهدانا الله له فالناس لنا فيه تبع فغدا لليهود وبعد غد للنصارى" ثم رواه عبد الرزاق عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن أبي هريرة .
وقال ابن وهب عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه في قوله "فهدى الله"

ا2?ذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه "فاختلفوا في يوم الجمعة فاتخذ اليهود يوم السبت والنصارى يوم الأحد فهدى الله أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - ليوم الجمعة واختلفوا في القبلة فاستقبلت النصارى المشرق واليهود بيت المقدس فهدى الله أمة محمد للقبلة واختلفوا في الصلاة فمنهم من يركع ولا يسجد ومنهم من يسجد ولا يركع ومنهم من يصلي وهو يتكلم ومنهم من يصلي وهو يمشي فهدى الله أمة محمد للحق من ذلك ."
واختلفوا في الصيام فمنهم من يصوم بعض النهار ومنهم من يصوم عن بعض الطعام فهدى الله أمة محمد للحق من ذلك.
واختلفوا في إبراهيم عليه السلام فقالت اليهود : كان يهوديا .
وقالت النصارى : كان نصرانيا وجعله الله حنيفا مسلما فهدى الله أمة محمد للحق من ذلك .
واختلفوا في عيسى عليه السلام : فكذبت به اليهود وقالوا لأمه بهتانا عظيما وجعلته النصارى إلها وولدا وجعله الله روحه وكلمته فهدى الله أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - للحق من ذلك وقال الربيع بن أنس في قوله "فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه" أي عند الاختلاف أنهم كانوا على ما جاءت به الرسل قبل الاختلاف أقاموا على الإخلاص لله عز وجل وحده وعبادته لا شريك له وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة فأقاموا على الأمر الأول الذي كان قبل الاختلاف واعتزلوا الاختلاف وكانوا شهداء على الناس يوم القيامة شهداء على قوم نوح وقوم هود وقوم صالح وقوم شعيب وآل فرعون أن رسلهم قد بلغوهم وأنهم قد كذبوا رسلهم وفي قراءة أبي بن كعب وليكونوا شهداء على الناس يوم القيامة والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
وكان أبو العالية يقول في هذه الآية المخرج من الشبهات والضلالات والفتن .
وقوله "بإذنه" أي بعلمه بهم وبما هداهم له قاله ابن جرير "والله يهدي من يشاء" أي من خلقه "إلى صراط مستقيم" أي وله الحكمة والحجة البالغة .
وفي صحيح البخاري ومسلم عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا قام من الليل يصلي يقول : "اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السموات"

والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم "وفي الدعاء المأثور" اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه ولا تجعله متلبسا علينا فنضل واجعلنا للمتقين إماما ".
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...6630858ac6.png




ابوالوليد المسلم 22-11-2025 10:16 AM

رد: تفسير القرآن العظيم (تفسير ابن كثير)
 
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...cdf76dc237.png

تفسير القرآن العظيم
(تفسير ابن كثير)

إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي
الجزء الثانى

سورة البقرة
من صــ281 الى صــ 290
الحلقة (83)





أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب (214)
أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب
يقول تعالى "أم حسبتم أن تدخلوا الجنة" قبل أن تبتلوا وتختبروا وتمتحنوا كما فعل بالذين من قبلكم من الأمم ولهذا قال "ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء" وهي الأمراض والأسقام والآلام والمصائب والنوائب .
قال ابن مسعود وابن عباس وأبو العالية ومجاهد وسعيد بن جبير ومرة الهمداني والحسن وقتادة والضحاك والربيع والسدي ومقاتل بن حيان "البأساء" الفقر "والضراء" السقم "وزلزلوا" خوفوا من الأعداء زلزالا شديدا وامتحنوا امتحانا عظيما كما جاء في الحديث الصحيح عن خباب بن الأرت قال : قلنا يا رسول الله ألا تستنصر لنا ألا تدعو الله لنا فقال "إن من كان قبلكم كان أحدهم يوضع المنشار على مفرق رأسه فيخلص إلى قدميه لا يصرفه ذلك عن دينه ويمشط بأمشاط الحديد ما بين لحمه وعظمه لا يصرفه ذلك عن دينه" ثم قال "والله ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على"

غنمه ولكنكم قوم تستعجلون وقال الله تعالى "الم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين" وقد حصل من هذا جانب عظيم للصحابة رضي الله عنهم في يوم الأحزاب كما قال الله تعالى "إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا" الآيات .
ولما سأل هرقل أبا سفيان هل قاتلتموه قال : نعم .
قال : فكيف كانت الحرب بينكم ؟ قال : سجالا يدال علينا وندال عليه .
قال : كذلك الرسل تبتلى ثم تكون لها العاقبة .
وقوله "مثل الذين خلوا من قبلكم" أي سنتهم كما قال تعالى "فأهلكنا أشد منهم بطشا ومضى مثل الأولين" وقوله "وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله" أي يستفتحون على أعدائهم ويدعون بقرب الفرج والمخرج عند ضيق الحال والشدة .
قال الله تعالى "ألا إن نصر الله قريب" كما قال "فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا" وكما تكون الشدة ينزل من النصر مثلها ولهذا قال "ألا إن نصر الله قريب" وفي حديث أبي رزين "عجب ربك من قنوط عباده وقرب غيثه فينظر إليهم قانطين فيظل يضحك يعلم أن فرجهم قريب" الحديث .
يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم (215)
يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى

والمساكين وابن السبيل وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم
قال مقاتل بن حيان : هذه الآية في نفقة التطوع.
وقال السدي : نسختها الزكاة وفيه نظر ومعنى الآية : يسألونك كيف ينفقون ؟ قاله ابن عباس ومجاهد فبين لهم تعالى ذلك فقال "قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل" أي اصرفوها في هذه الوجوه .
كما جاء الحديث "أمك وأباك وأختك وأخاك ثم أدناك أدناك" وتلا ميمون بن مهران هذه الآية ثم قال : هذه مواضع النفقة ما ذكر فيها طبلا ولا مزمارا ولا تصاوير الخشب ولا كسوة الحيطان .
ثم قال تعالى "وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم" أي مهما صدر منكم من فعل معروف فإن الله يعلمه وسيجزيكم على ذلك أوفر الجزاء فإنه لا يظلم أحدا مثقال ذرة .
كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون (216)
كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون
هذا إيجاب من الله تعالى للجهاد على المسلمين أن يكفوا شر الأعداء عن حوزة الإسلام وقال الزهري : الجهاد واجب على كل أحد غزا أو قعد فالقاعد عليه إذا استعين أن يعين وإذا استغيث أن يغيث وإذا استنفر أن ينفر وإن لم يحتج إليه قعد "قلت" : ولهذا ثبت في الصحيح "من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات ميتة جاهلية" وقال عليه السلام يوم الفتح "لا هجرة بعد الفتح"

ولكن جهاد ونية وإذا استنفرتم فانفروا "وقوله" وهو كره لكم "أي شديد عليكم ومشقة وهو كذلك فإنه إما أن يقتل أو يجرح مع مشقة السفر ومجالدة الأعداء ."
ثم قال تعالى "وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم" أي لأن القتال يعقبه النصر والظفر على الأعداء والاستيلاء على بلادهم وأموالهم وذراريهم وأولادهم "وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم" وهذا عام في الأمور كلها قد يحب المرء شيئا وليس له فيه خيرة ولا مصلحة ومن ذلك القعود عن القتال قد يعقبه استيلاء العدو على البلاد والحكم .
ثم قال تعالى "والله يعلم وأنتم لا تعلمون" أي هو أعلم بعواقب الأمور منكم وأخبر بما فيه صلاحكم في دنياكم وأخراكم فاستجيبوا له وانقادوا لأمره لعلكم ترشدون.
يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون (217)
يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون
قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي حدثنا المعتمر بن سليمان عن أبيه حدثني الحضرمي عن أبي السوار عن جندب بن عبد الله أن رسول

الله - صلى الله عليه وسلم - بعث رهطا وبعث عليهم أبا عبيدة بن الجراح فلما ذهب ينطق بكى صبابة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحبسه فبعث عليهم مكانه عبد الله بن جحش وكتب له كتابا وأمره أن لا يقرأ الكتاب حتى يبلغ مكان كذا وكذا وقال "لا تكرهن أحدا على السير معك من أصحابك" فلما قرأ الكتاب استرجع وقال : سمعا وطاعة لله ولرسوله فخبرهم الخبر وقرأ عليهم الكتاب فرجع رجلان وبقي بقيتهم فلقوا ابن الحضرمي فقتلوه ولم يدروا أن ذلك اليوم من رجب أو من جمادى فقال المشركون للمسلمين : قتلتم في الشهر الحرام فأنزل الله "يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير" الآية .
وقال السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود "يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير" الآية .
وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث سرية وكانوا سبعة نفر عليهم عبد الله بن جحش الأسدي وفيهم عمار بن ياسر وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة وسعد بن أبي وقاص وعتبة بن غزوان السلمي حليف لبني نوفل وسهيل بن بيضاء وعامر بن فهيرة وواقد بن عبد الله اليربوعي حليف لعمر بن الخطاب وكتب لابن جحش كتابا وأمره أن لا يقرأه حتى ينزل بطن نخلة فلما نزل بطن نخلة فتح الكتاب فإذا فيه "أن سر حتى تنزل بطن نخلة" فقال لأصحابه من كان يريد الموت فليمض وليوص فإنني موص وماض لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فسار فتخلف عنه سعد بن أبي وقاص وعتبة أضلا راحلة لهما فتخلفا يطلبانها وسار ابن جحش إلى بطن نخلة فإذا هو بالحكم بن كيسان وعثمان بن عبد الله بن المغيرة وانفلت وقتل عمرو قتله واقد بن عبد الله فكانت أول غنيمة غنمها أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما رجعوا إلى المدينة بأسيرين وما أصابوا من المال أراد أهل مكة أن يفادوا الأسيرين عليه وقالوا إن محمدا يزعم أنه يتبع طاعة الله

وهو أول من استحل الشهر الحرام وقتل صاحبنا في رجب فقال المسلمون إنما قتلناه في جمادى وقتل في أول ليلة من رجب وآخر ليلة من جمادى وأغمد المسلمون سيوفهم حين دخل شهر رجب وأنزل الله يعير أهل مكة "يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير" لا يحل وما صنعتم أنتم يا معشر المشركين أكبر من القتل في الشهر الحرام حين كفرتم بالله وصددتم عن محمد - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه وإخراج أهل المسجد الحرام منه حين أخرجوا محمدا - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه أكبر من القتل عند الله .
وقال العوفي عن ابن عباس "يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير" وذلك أن المشركين صدوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وردوه عن المسجد في شهر حرام قال ففتح الله على نبيه في شهر حرام من العام المقبل فعاب المشركون على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القتال في شهر حرام فقال الله "وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله" من القتال فيه وأن محمدا - صلى الله عليه وسلم - بعث سرية فلقوا عمرو بن الحضرمي وهو مقبل من الطائف في آخر ليلة من جمادى وأول ليلة من رجب وإن أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - كانوا يظنون أن تلك الليلة من جمادى وكانت أول رجب ولم يشعروا فقتله رجل منهم وأخذوا ما كان معه وإن المشركين أرسلوا يعيرونه بذلك فقال الله تعالى "يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه" إخراج أهل المسجد الحرام أكبر من الذي أصاب أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - والشرك أشد منه وهكذا روى أبو سعيد البقال عن عكرمة عن ابن عباس أنها نزلت في سرية عبد الله بن جحش وقتل عمرو بن الحضرمي.
وقال محمد بن إسحاق حدثني محمد بن السائب الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : نزل فيما كان من مصاب عمرو بن الحضرمي "يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه" إلى آخر الآية .
وقال عبد الملك بن هشام راوي السيرة عن زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق بن يسار المدني رحمه الله في كتاب السيرة له إنه قال : وبعث رسول الله صلى الله

عليه وسلم عبد الله بن جحش بن رباب الأسدي في رجب مقفله من بدر الأولى وبعث معه ثمانية رهط من المهاجرين ليس فيهم من الأنصار أحد وكتب له كتابا وأمره أن لا ينظر فيه حتى يسير بيومين ثم ينظر فيه فيمضي كما أمره به ولا يستكره من أصحابه أحدا وكان أصحاب عبد الله بن جحش من المهاجرين ثم من بني عبد شمس بن عبد مناف أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف ومن حلفائهم عبد الله بن جحش وهو أمير القوم وعكاشة بن محصن أحد بني أسد بن خزيمة حليف لهم ومن بني نوفل بن عبد مناف عتبة بن غزوان بن جابر حليف لهم ومن بني زهرة بن كلاب سعد بن أبي وقاص ومن بني كعب عدي بن عامر بن ربيعة حليف لهم من غير ابن وائل وواقد بن عبد الله بن عبد مناف بن عرس بن ثعلبة بن يربوع أحد بني تميم حليف لهم وخالد بن البكير أحد بني سعد بن ليث حليف لهم ومن بني الحارث بن فهر سهيل بن بيضاء فلما سار عبد الله بن جحش يومين فتح الكتاب فنظر فإذا فيه "إذا نظرت في كتابي هذا فامض حتى تنزل نخلة بين مكة والطائف ترصد بها قريشا وتعلم لنا من أخبارهم" فلما نظر عبد الله بن جحش في الكتاب قال : سمعا وطاعة ثم قال لأصحابه : قد أمرني رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - أن أمضي إلى نخلة أرصد بها قريشا حتى آتيه منهم بخبر وقد نهاني أن أستكره أحدا منكم فمن كان منكم يريد الشهادة ويرغب فيها فلينطلق ومن كره ذلك فليرجع فأما أنا فماض لأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمضى ومضى معه أصحابه لم يتخلف عنه منهم أحد فسلك على الحجاز حتى إذا كان بمعدن فوق الفرع يقال له نجران أضل سعد بن أبي وقاص وعتبة بن غزوان بعيرا لهما كانا يعتقبانه فتخلفا عليه في طلبه ومضى عبد الله بن جحش وبقية أصحابه حتى نزل نخلة فمرت به عير لقريش تحمل زيتا وأدما وتجارة من تجارة قريش فيها عمرو بن الحضرمي واسم الحضرمي عبد الله بن عباد أحد الصدف وعثمان بن عبد الله بن المغيرة وأخوه نوفل بن عبد الله المخزوميان والحكم بن كيسان مولى هشام بن المغيرة فلما رآهم القوم هابوهم وقد نزلوا قريبا منهم فأشرف لهم عكاشة بن محصن وكان قد

حلق رأسه فلما رأوه آمنوا
وقالوا : عمار لا بأس عليكم منهم وتشاور القوم فيهم وذلك في آخر يوم من رجب فقال القوم والله لئن تركتم القوم هذه الليلة ليدخلن الحرم فليمتنعن منكم ولئن قتلتموهم لتقتلنهم في الشهر الحرام فتردد القوم وهابوا الإقدام عليهم ثم شجعوا أنفسهم عليهم وأجمعوا قتل من قدروا عليه منهم وأخذ ما معهم فرمى واقد بن عبد الله التميمي عمرو بن الحضرمي بسهم فقتله واستأسر عثمان بن عبد الله والحكم بن كيسان وأفلت القوم نوفل بن عبد الله فأعجزهم وأقبل عبد الله بن جحش وأصحابه بالعير والأسيرين حتى قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة قال ابن إسحاق : وقد ذكر بعض آل عبد الله بن جحش أن عبد الله قال لأصحابه إن لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - مما غنمنا الخمس وذلك قبل أن يفرض الله الخمس من المغانم فعزل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - خمس العير وقسم سائرها بين أصحابه قال ابن إسحاق : فلما قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : "ما أمرتكم بقتال في الشهر الحرام" فوقف العير والأسيرين وأبى أن يأخذ من ذلك شيئا فلما قال ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسقط في أيدي القوم وظنوا أنهم قد هلكوا وعنفهم إخوانهم من المسلمين فيما صنعوا وقالت قريش قد استحل محمد وأصحابه الشهر الحرام وسفكوا فيه الدم وأخذوا فيه الأموال وأسروا فيه الرجال فقال من يرد عليهم من المسلمين ممن كان بمكة إنما أصابوا ما أصابوا في شعبان وقالت اليهود تفاءلوا بذلك على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمرو بن الحضرمي قتله واقد بن عبد الله عمرو عمرت الحرب والحضرمي حضرت الحرب وواقد بن عبد الله وقدت الحرب فجعل الله عليهم ذلك لا لهم فلما أكثر الناس في ذلك أنزل الله على رسول الله صلى الله عليه وسلم "يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل" أي إن كنتم قتلتم في الشهر الحرام فقد صدوكم عن سبيل الله مع الكفر به وعن المسجد الحرام وإخراجكم منه وأنتم أهله "أكبر عند الله" من قتل من قتلتم منهم "والفتنة أكبر من القتل" أي قد كانوا يفتنون المسلم في دينه حتى يردوه إلى الكفر بعد إيمانه فذلك

أكبر عند الله من القتل "ولا يزالون"
يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا "أي ثم هم مقيمون على أخبث ذلك وأعظمه غير تائبين ولا نازعين ."
قال ابن إسحاق : فلما نزل القرآن بهذا من الأمر وفرج الله عن المسلمين ما كانوا فيه من الشدة قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم العير والأسيرين وبعثت إليه قريش في فداء عثمان بن عبد الله والحكم بن كيسان فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "لا نفديكموهما حتى يقدم صاحبانا" يعني سعد بن أبي وقاص وعتبة بن غزوان "فإنا نخشاكم عليهما فإن تقتلوهما نقتل صاحبيكم" فقدم سعد وعتبة ففداهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منهم فأما الحكم بن كيسان فأسلم وحسن إسلامه وأقام عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى قتل يوم بئر معونة شهيدا وأما عثمان بن عبد الله فلحق بمكة فمات بها كافرا .
قاله ابن إسحاق .
إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم (218)
إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم
فلما تجلى عن عبد الله بن جحش وأصحابه ما كان حين نزل القرآن طمعوا في الأجر فقالوا : يا رسول الله أنطمع أن تكون لنا غزوة نعطى فيها أجر المجاهدين ؟ فأنزل الله عز وجل "إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم" فوضع الله من ذلك على أعظم الرجاء قال ابن إسحاق : والحديث في هذا عن الزهري ويزيد بن رومان عن عروة وقد روى يونس بن بكر عن محمد بن إسحاق عن يزيد بن رومان عن عروة بن الزبير قريبا من هذا السياق وروى موسى بن عقبة عن الزهري نفسه نحو ذلك وروى شعيب بن أبي حمزة عن الزهري عن عروة بن الزبير نحوا من هذا أيضا وفيه فكان ابن الحضرمي أول قتيل قتل بين المسلمين والمشركين فركب وفد من كفار قريش حتى قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة فقالوا : أيحل القتال في الشهر الحرام ؟ فأنزل الله "يسألونك عن الشهر الحرام" الآية .
وقد استقصى ذلك الحافظ أبو بكر البيهقي في كتاب دلائل النبوة ثم قال ابن هشام عن زياد عن ابن إسحاق وقد ذكر عن بعض آل عبد الله أن عبد الله

قسم الفيء بين أهله فجعل أربعة أخماسه لمن أفاءه وخمسا إلى الله ورسوله فوقع على ما كان عبد الله بن جحش صنع في تلك العير قال ابن هشام : وهي أول غنيمة غنمها المسلمون وعمرو بن الحضرمي أول من قتل المسلمون وعثمان بن عبد الله والحكم بن كيسان أول من أسر المسلمون.
قال ابن إسحاق : فقال أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - في غزوة عبد الله بن جحش ويقال بل عبد الله بن جحش قالها حين قالت قريش قد أحل محمد وأصحابه الشهر الحرام فسفكوا فيه الدم وأخذوا فيه المال وأسروا فيه الرجال قال ابن هشام : هي لعبد الله بن جحش :
تعدون قتلا في الحرام عظيمة ... وأعظم منه لو يرى الرشد راشد
صدودكم عما يقول محمد ... وكفر به والله راء وشاهد
وإخراجكم من مسجد الله أهله ... لئلا يرى لله في البيت ساجد
فإنا وإن عيرتمونا بقتله ... وأرجف بالإسلام باغ وحاسد
سقينا من ابن الحضرمي رماحنا ... بنخلة لما أوقد الحرب واقد
دما وابن عبد الله عثمان بيننا ... ينازعه غل من القيد عائد
يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون (219)
يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما ويسألونك ماذا ينفق²?ن قل العفو كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون
قال الإمام أحمد : حدثنا خلف بن الوليد حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي ميسرة عن عمر أنه قال : لما نزل تحريم الخمر قال : اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا

فنزلت هذه الآية التي في البقرة "يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير" فدعي عمر فقرئت عليه فقال : اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا فنزلت الآية التي في النساء "يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى" فكان منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أقام الصلاة نادى "أن لا يقربن الصلاة سكران" فدعي عمر فقرئت عليه فقال : اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا فنزلت الآية التي في المائدة فدعي عمر فقرئت عليه فلما بلغ "فهل أنتم منتهون" قال عمر : انتهينا انتهينا.
وهكذا رواه أبو داود والترمذي والنسائي من طرق عن إسرائيل عن أبي إسحاق وكذا رواه ابن أبي حاتم وابن مردويه من طريق الثوري عن أبي إسحاق عن أبي ميسرة واسمه عمرو بن شرحبيل الهمداني الكوفي عن عمرو وليس له عنه سواه لكن قد قال أبو زرعة لم يسمع منه والله أعلم .
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...6630858ac6.png




ابوالوليد المسلم 22-11-2025 10:20 AM

رد: تفسير القرآن العظيم (تفسير ابن كثير)
 
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...cdf76dc237.png

تفسير القرآن العظيم
(تفسير ابن كثير)

إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي
الجزء الثانى

سورة البقرة
من صــ291 الى صــ 300
الحلقة (84)






وقال علي بن المديني : هذا إسناد صالح صحيح وصححه الترمذي وزاد ابن أبي حاتم بعد قوله انتهينا إنها تذهب المال وتذهب العقل وسيأتي هذا الحديث أيضا مع ما رواه أحمد من طريق أبي هريرة أيضا عند قوله في سورة المائدة "إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون" الآيات فقوله "يسألونك عن الخمر والميسر" أما الخمر فكما قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - إنه كل ما خامر العقل كما سيأتي بيانه في سورة المائدة وكذا الميسر وهو القمار.
وقوله "قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس" أما إثمهما فهو في الدين وأما المنافع فدنيوية من حيث إن فيها نفع البدن وتهضيم الطعام وإخراج الفضلات وتشحيذ بعض الأذهان ولذة الشدة المطربة التي فيها كما قال حسان بن ثابت في جاهليته :
ونشربها فتتركنا ملوكا ... وأسدا لا ينهنهنا اللقاء
وكذا بيعها والانتفاع بثمنها وكان يقمشه بعضهم من الميسر فينفقه على نفسه أو

عياله ولكن هذه المصالح لا توازي مضرته ومفسدته الراجحة لتعلقها بالعقل والدين ولهذا قال الله تعالى "وإثمهما أكبر من نفعهما" ولهذا كانت هذه الآية ممهدة لتحريم الخمر على البتات ولم تكن مصرحة بل معرضة ولهذا قال عمر - رضي الله عنه - لما قرئت عليه : اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا حتى نزل التصريح بتحريمها في سورة المائدة "يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون" وسيأتي الكلام على ذلك في سورة المائدة إن شاء الله تعالى وبه الثقة .
قال ابن عمر والشعبي ومجاهد وقتادة والربيع بن أنس وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم : إن هذه أول آية نزلت في الخمر "يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير" ثم نزلت الآية التي في سورة النساء ثم نزلت الآية التي في المائدة فحرمت الخمر .
وقوله "ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو" قرئ بالنصب وبالرفع وكلاهما حسن متجه قريب قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا أبان حدثنا يحيى أنه بلغه أن معاذ بن جبل وثعلبة أتيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالا : يا رسول الله إن لنا أرقاء وأهلين من أموالنا فأنزل الله "ويسألونك ماذا ينفقون" وقال الحكم عن مقسم عن ابن عباس "ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو" قال : ما يفضل عن أهلك وكذا روي عن ابن عمر ومجاهد وعطاء وعكرمة وسعيد بن جبير ومحمد بن كعب والحسن وقتادة والقاسم وسالم وعطاء الخراساني والربيع بن أنس وغير واحد أنهم قالوا في قوله "قل العفو" يعني الفضل وعن طاوس : اليسير من كل شيء وعن الربيع أيضا أفضل مالك وأطيبه والكل يرجع إلى الفضل .

وقال عبد بن حميد في تفسيره : حدثنا هوذة بن خليفة عن عوف عن الحسن في الآية "يسألونك ماذا ينفقون قل العفو" قال ذلك أن لا يجهد مالك ثم تقعد تسأل الناس ويدل على ذلك ما رواه ابن جرير حدثنا علي بن مسلم حدثنا أبو عاصم عن ابن عجلان عن المقبري عن أبي هريرة قال : قال رجل يا رسول الله عندي دينار قال "أنفقه على نفسك" قال : عندي آخر .
قال "أنفقه على أهلك" .
قال : عندي آخر قال "أنفقه على ولدك" قال : عندي آخر قال "فأنت أبصر" وقد رواه مسلم في صحيحه وأخرجه مسلم أيضا عن جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لرجل "ابدأ بنفسك فتصدق عليها فإن فضل شيء فلأهلك فإن فضل شيء عن أهلك فلذي قرابتك فإن فضل عن ذي قرابتك شيء فهكذا وهكذا" .
وعنده عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى واليد العليا خير من السفلى وابدأ بمن تعول" وفي الحديث أيضا "ابن آدم إنك إن تبذل الفضل خير لك وإن تمسكه شر لك ولا"

تلام على كفاف "ثم قد قيل إنها منسوخة بآية الزكاة كما رواه علي بن أبي طلحة والعوفي عن ابن عباس وقاله عطاء الخراساني والسدي وقيل مبينة بآية الزكاة قاله مجاهد وغيره وهو أوجه."
في الدنيا والآخرة ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح ولو شاء الله لأعنتكم إن الله عزيز حكيم (220)
في الدنيا والآخرة ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح ولو شاء الله لأعنتكم إن الله عزيز حكيم
وقوله "كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون في الدنيا والآخرة" أي كما فصل لكم هذه الأحكام وبينها وأوضحها كذلك يبين لكم سائر الآيات في أحكامه ووعده ووعيده لعلكم تتفكرون في الدنيا والآخرة .
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس يعني في زوال الدنيا وفنائها وإقبال الآخرة وبقائها .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي حدثنا علي بن محمد الطنافسي حدثنا أبو أسامة عن الصعق التميمي قال : شهدت الحسن وقرأ هذه الآية من البقرة "لعلكم تتفكرون في الدنيا والآخرة" قال هي والله لمن تفكر فيها ليعلم أن الدنيا دار بلاء ثم دار فناء وليعلم أن الآخرة دار جزاء ثم دار بقاء وهكذا قال قتادة وابن جريج وغيرهما .
وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة : لتعلموا فضل الآخرة على الدنيا .
وفي رواية عن قتادة فآثروا الآخرة على الأولى .
وقوله "يسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح ولو شاء الله لأعنتكم" الآية .
قال ابن جرير : حدثنا سفيان بن وكيع حدثنا جرير عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال لما نزلت "ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن" و "إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا" انطلق

من كان عنده يتيم فعزل طعامه من طعامه وشرابه من شرابه فجعل يفضل له الشيء من طعامه فيحبس له حتى يأكله أو يفسد فاشتد ذلك عليهم فذكروا ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأنزل الله "ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم" فخلطوا طعامهم بطعامهم وشرابهم بشرابهم .
وهكذا رواه أبو داود والنسائي وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم في مستدركه من طرق عن عطاء بن السائب به .
وكذا رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس وكذا رواه السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود بمثله وهكذا ذكر غير واحد في سبب نزول هذه الآية كمجاهد وعطاء والشعبي وابن أبي ليلى وقتادة وغير واحد من السلف والخلف قال وكيع بن الجراح : حدثنا هشام صاحب الدستوائي عن حماد عن إبراهيم قال : قالت عائشة رضي الله عنها إني لأكره أن يكون مال اليتيم عندي على حدة حتى أخلط طعامه بطعامي وشرابه بشرابي فقوله "قل إصلاح لهم خير" أي على حدة "وإن تخالطوهم فإخوانكم" أي وإن خلطتم طعامكم بطعامهم وشرابكم بشرابهم فلا بأس عليكم لأنهم إخوانكم في الدين ولهذا قال "والله يعلم المفسد من المصلح" أي يعلم من قصده ونيته الإفساد أو الإصلاح وقوله "ولو شاء الله لأعنتكم إن الله عزيز حكيم" أي ولو شاء الله لضيق عليكم وأحرجكم ولكنه وسع عليكم وخفف عنكم وأباح لكم مخالطتهم بالتي هي أحسن .
قال تعالى "ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن" بل جوز الأكل منه للفقير بالمعروف إما بشرط ضمان البدل لمن أيسر أو مجانا كما سيأتي بيانه في

سورة النساء إن شاء الله وبه الثقة .
ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون (221)
ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون
هذا تحريم من الله عز وجل على المؤمنين أن يتزوجوا المشركات من عبدة الأوثان ثم إن كان عمومها مرادا وأنه يدخل فيها كل مشركة من كتابية ووثنية فقد خص من ذلك نساء أهل الكتاب بقوله "والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين" قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله "ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن" استثنى الله من ذلك نساء أهل الكتاب وهكذا قال مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير ومكحول والحسن والضحاك وزيد بن أسلم والربيع بن أنس وغيرهم .
وقيل : بل المراد بذلك المشركون من عبدة الأوثان ولم يرد أهل الكتاب بالكلية والمعنى قريب من الأول والله أعلم فأما ما رواه ابن جرير : حدثني عبيد بن آدم بن أبي إياس العسقلاني حدثنا أبي حدثني عبد الحميد بن بهرام الفزاري حدثنا شهر بن حوشب قال : سمعت عبد الله بن عباس يقول نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أصناف النساء إلا ما كان من المؤمنات المهاجرات وحرم كل ذات دين غير الإسلام .
قال الله عز وجل "ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله" وقد نكح طلحة بن عبد الله يهودية ونكح حذيفة بن اليمان نصرانية فغضب عمر بن الخطاب غضبا شديدا حتى هم أن يسطو عليهما فقالا : نحن نطلق يا أمير المؤمنين ولا تغضب فقال : لئن حل طلاقهن لقد حل نكاحهن ولكني أنتزعهن منكم صغرة قمأة

فهو حديث غريب جدا وهذا الأثر غريب عن عمر أيضا قال أبو جعفر بن جرير رحمه الله بعد حكايته الإجماع على إباحة تزويج الكتابيات وإنما كره عمر ذلك لئلا يزهد الناس في المسلمات أو لغير ذلك من المعاني كما حدثنا أبو كريب حدثنا ابن إدريس حدثنا الصلت بن بهرام عن شقيق قال : تزوج حذيفة يهودية فكتب إليه عمر : خل سبيلها فكتب إليه أتزعم أنها حرام فأخلي سبيلها ؟ فقال : لا أزعم أنها حرام ولكني أخاف أن تعاطوا المؤمنات منهن .
وهذا إسناد صحيح وروى الخلال عن محمد بن إسماعيل عن وكيع عن الصلت نحوه .
وقال ابن جرير : حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي حدثنا محمد بن بشر حدثنا سفيان بن سعيد عن يزيد بن أبي زياد عن زيد بن وهب قال : قال عمر بن الخطاب : المسلم يتزوج النصرانية ولا يتزوج النصراني المسلمة .
قال : وهذا أصح إسنادا من الأول ثم قال : وقد حدثنا تميم بن المنتصر أخبرنا إسحاق الأزرقي عن شريك عن أشعث بن سوار عن الحسن عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "نتزوج نساء أهل الكتاب ولا يتزوجون نساءنا" ثم قال وهذا الخبر وإن كان في إسناده ما فيه فالقول به لإجماع الجميع من الأمة عليه كذا قال ابن جرير رحمه الله

وقد قال ابن أبي حاتم حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي حدثنا وكيع عن جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران عن ابن عمر أنه كره نكاح أهل الكتاب وتأول "ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن" وقال البخاري : وقال ابن عمر لا أعلم شركا أعظم من أن تقول : ربها عيسى وقال أبو بكر الخلال الحنبلي : حدثنا محمد بن هارون حدثنا إسحاق بن إبراهيم وأخبرني محمد بن علي حدثنا صالح بن أحمد أنهما سألا أبا عبد الله أحمد بن حنبل عن قول الله "ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن" قال : مشركات العرب الذين يعبدون الأصنام .
وقوله "ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم" قال السدي : نزلت في عبد الله بن رواحة كانت له أمة سوداء فغضب عليها فلطمها ثم فزع فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره خبرهما فقال له "ما هي ؟" قال تصوم وتصلي وتحسن الوضوء وتشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله فقال "يا أبا عبد الله هذه مؤمنة" فقال والذي بعثك بالحق لأعتقنها ولأتزوجنها ففعل فطعن عليه ناس من المسلمين وقالوا نكح أمته وكانوا يريدون أن ينكحوا إلى المشركين وينكحوهم رغبة في أحسابهم فأنزل الله "ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم" ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم "وقال عبد بن حميد حدثنا جعفر بن عون حدثنا عبد الرحمن بن زياد الإفريقي عن عبد الله بن يزيد عن عبد الله بن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال" لا

تنكحوا النساء لحسنهن فعسى حسنهن أن يرديهن ولا تنكحوهن على أموالهن فعسى أموالهن أن تطغيهن وانكحوهن على الدين فلأمة سوداء جرداء ذات دين أفضل "والإفريقي ضعيف وقد ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال" تنكح المرأة لأربع : لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك "ولمسلم عن جابر مثله وله عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال" الدنيا متاع وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة "وقوله" ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا "أي لا تزوجوا الرجال المشركين النساء المؤمنات كما قال تعالى" لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن "ثم قال تعالى" ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم "أي ولرجل مؤمن ولو كان عبدا حبشيا خير من مشرك وإن كان رئيسا سريا" أولئك يدعون إلى النار "أي معاشرتهم ومخالطتهم تبعث على حب الدنيا واقتنائها وإيثارها على الدار الآخرة وعاقبة ذلك وخيمة" والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه "أي بشرعه وما أمر به وما نهى عنه" ويبين الله آياته للناس لعلهم يتذكرون "."
ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين (222)
ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله

ويحب المتطهرين
قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس أن اليهود كانت إذا حاضت المرأة منهم لم يواكلوها ولم يجامعوها في البيوت فسأل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فأنزل الله عز وجل "ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن" حتى فرغ من الآية .
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "اصنعوا كل شيء إلا النكاح" فبلغ ذلك اليهود فقالوا : ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئا إلا خالفنا فيه فجاء أسيد بن حضير وعباد بن بشر .
فقالا يا رسول الله : إن اليهود قالت كذا وكذا أفلا نجامعهن ؟ فتغير وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى ظننا أن قد وجد عليهما فخرجا فاستقبلهما هدية من لبن إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأرسل في آثارهما فسقاهما فعرفا أن لم يجد عليهما رواه مسلم من حديث حماد بن زيد بن سلمة فقوله "فاعتزلوا النساء في المحيض" يعني الفرج لقوله "اصنعوا كل شيء إلا النكاح" ولهذا ذهب كثير من العلماء أو أكثرهم إلى أنه يجوز مباشرة الحائض فيما عدا الفرج .
قال أبو داود أيضا : حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن أيوب عن عكرمة عن بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد من الحائض شيئا ألقى على فرجها ثوبا .
وقال أبو داود أيضا حدثنا الشعبي حدثنا عبد الله يعني ابن عمر بن

غانم عن عبد الرحمن يعني ابن زياد عن عمارة بن غراب أن عمة له حدثته أنها سألت عائشة قالت : إحدانا تحيض وليس لها ولزوجها فراش إلا فراش واحد قالت : أخبرك بما صنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل فمضى إلى مسجده قال أبو داود : تعني مسجد بيتها فما انصرف حتى غلبتني عيني فأوجعه البرد فقال : "ادني مني" فقلت : إني حائض فقال : وإن "اكشفي عن فخذيك" فكشفت فخذي فوضع خده وصدره على فخذي وحنيت عليه حتى دفئ ونام - صلى الله عليه وآله وسلم - وقال : أبو جعفر بن جرير : حدثنا ابن بشار حدثنا عبد الوهاب حدثنا أيوب عن كتاب أبي قلابة أن مسروقا ركب إلى عائشة فقال : السلام على النبي وعلى أهله فقالت عائشة : مرحبا مرحبا فأذنوا له فدخل فقال : إني أريد أن أسألك عن شيء وأنا أستحي فقالت إنما أنا أمك وأنت ابني فقال : ما للرجل من امرأته وهي حائض فقالت له كل شيء إلا فرجها .
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...6630858ac6.png




ابوالوليد المسلم 22-11-2025 10:23 AM

رد: تفسير القرآن العظيم (تفسير ابن كثير)
 
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...cdf76dc237.png

تفسير القرآن العظيم
(تفسير ابن كثير)

إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي
الجزء الثانى

سورة البقرة
من صــ301 الى صــ 310
الحلقة (85)





ورواه أيضا عن حميد بن مسعدة عن يزيد بن زريع عن عيينة بن عبد الرحمن بن جوشن عن مروان الأصفر عن مسروق .
قال قلت لعائشة ما يحل للرجل من امرأته إذا كانت حائضا ؟ قالت : كل شيء إلا الجماع .
وهذا قول ابن عباس ومجاهد والحسن وعكرمة وروى ابن جرير أيضا عن أبي كريب عن ابن أبي زائدة عن حجاج عن ميمون بن مهران عن عائشة قالت له : ما فوق الإزار .
"قلت" ويحل مضاجعتها ومواكلتها بلا خلاف قالت عائشة : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرني فأغسل رأسه وأنا

حائض وكان يتكئ في حجري وأنا حائض فيقرأ القرآن وفي الصحيح عنها قالت : كنت أتعرق العرق وأنا حائض فأعطيه النبي - صلى الله عليه وسلم - فيضع فمه في الموضع الذي وضعت فمي فيه وأشرب الشراب فأناوله فيضع فمه في الموضع الذي كنت أشرب منه وقال أبو داود : حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن جابر بن صبح سمعت خلاسا الهجري قال : سمعت عائشة تقول كنت أنا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - نبيت في الشعار الواحد وأنا حائض طامث فإن أصابه مني شيء غسل مكانه لم يعده وإن أصابه يعني ثوبه شيء غسل مكانه لم يعده وصلى فيه فأما ما رواه أبو داود حدثنا سعيد بن عبد الجبار حدثنا عبد العزيز يعني ابن محمد عن أبي اليمان عن أم ذرة عن عائشة أنها قالت : كنت إذا حضت نزلت عن المثال على الحصير فلم تقرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم تدن منه حتى تطهر فهو محمول على التنزه والاحتياط وقال آخرون : إنما تحل له مباشرتها فيما عدا ما تحت الإزار كما ثبت في الصحيحين عن ميمونة بنت الحارث الهلالية قالت : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يباشر امرأة من نسائه أمرها فاتزرت وهي حائض وهذا لفظ البخاري ولهما عن عائشة

نحوه .
وروى الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه من حديث العلاء عن حرام بن حكيم عن عمه عبد الله بن سعد الأنصاري أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما يحل لي من امرأتي وهي حائض ؟ قال : "ما فوق الإزار" ولأبي داود أيضا عن معاذ بن جبل قال : سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عما يحل لي من امرأتي وهي حائض قال : "ما فوق الإزار والتعفف عن ذلك أفضل" وهو رواية عن عائشة كما تقدم وابن عباس وسعيد بن المسيب وشريح فهذه الأحاديث وما شابهها حجة من ذهب إلى أنه يحل ما فوق الإزار منها وهو أحد القولين في مذهب الشافعي رحمه الله الذي رجحه كثير من العراقيين وغيرهم ومأخذهم أنه حريم الفرج فهو حرام لئلا يتوصل إلى تعاطي ما حرم الله عز وجل الذي أجمع العلماء على تحريمه وهو المباشرة في الفرج ثم من فعل ذلك فقد أثم فيستغفر الله ويتوب إليه وهل يلزمه مع ذلك كفارة أم لا ؟ فيه قولان "أحدهما" نعم لما رواه الإمام أحمد وأهل السنن عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الذي يأتي امرأته وهي حائض يتصدق بدينار أو نصف دينار وفي لفظ الترمذي "إذا كان دما أحمر فدينار وإن كان دما أصفر فنصف دينار" وللإمام أحمد أيضا عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جعل في الحائض نصاب دينار فإن أصابها وقد أدبر الدم عنها ولم تغتسل فنصف دينار

"والقول الثاني" وهو الصحيح الجديد من مذهب الشافعي وقول الجمهور أنه لا شيء في ذلك بل يستغفر الله عز وجل لأنه لم يصح عندهم رفع هذا الحديث فإنه قد روي مرفوعا كما تقدم وموقوفا وهو الصحيح عند كثير من أئمة الحديث فقوله تعالى "ولا تقربوهن حتى يطهرن" تفسير لقوله "فاعتزلوا النساء في المحيض" ونهي عن قربانهن بالجماع ما دام الحيض موجودا ومفهومه حله إذا انقطع قال الإمام أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل فيما أملاه في الطاعة وقوله "ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث" الآية .
الطهر يدل على أن يقربها فلما قالت ميمونة وعائشة كانت إحدانا إذا حاضت اتزرت ودخلت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في شعاره دل ذلك على أنه إنما أراد الجماع .
وقوله "فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله" فيه ندب وإرشاد إلى غشيانهن بعد الاغتسال وذهب ابن حزم إلى وجوب الجماع بعد كل حيضة لقوله "فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله" وليس له في ذلك مستند لأن هذا أمر بعد الحظر وفيه أقوال لعلماء الأصول منهم من يقول إنه على الوجوب كالمطلق وهؤلاء يحتاجون إلى جواب ابن حزم ومنهم من يقول إنه للإباحة ويجعلون تقدم النهي عليه قرينة صارفة له عن الوجوب وفيه نظر والذي ينهض عليه الدليل أنه يرد عليه الحكم إلى ما كان عليه الأمر قبل النهي فإن كان واجبا فواجب كقوله "فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين" أو مباحا فمباح كقوله "وإذا حللتم فاصطادوا" "فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض" وعلى هذا القول تجتمع الأدلة وقد حكاه الغزالي وغيره فاختاره بعض أئمة المتأخرين وهو الصحيح وقد اتفق العلماء على أن المرأة إذا انقطع حيضها لا تحل حتى تغتسل بالماء أو تتيمم إن تعذر ذلك عليها بشرطه إلا أن أبا حنيفة رحمه الله يقول فيما إذا انقطع دمها لأكثر الحيض وهو عشرة أيام عنده إنها تحل بمجرد الانقطاع ولا تفتقر إلى غسل والله أعلم .
وقال ابن عباس "حتى يطهرن" أي من الدم "فإذا تطهرن" أي بالماء وكذا قال مجاهد وعكرمة والحسن ومقاتل بن حيان والليث بن سعد وغيرهم .
وقوله "من حيث أمركم الله" قال ابن عباس ومجاهد وغير واحد يعني الفرج قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس "فأتوهن من حيث أمركم الله" يقول في الفرج

ولا تعدوه إلى غيره فمن فعل شيئا من ذلك فقد اعتدى وقال ابن عباس ومجاهد وعكرمة "من حيث أمركم الله" أي أن تعتزلوهن وفيه دلالة حينئذ على تحريم الوطء في الدبر كما سيأتي تقريره قريبا إن شاء الله تعالى وقال أبو رزين وعكرمة والضحاك وغير واحد "فأتوهن من حيث أمركم الله" يعني طاهرات غير حيض ولهذا قال "إن الله يحب التوابين" أي من الذنب وإن تكرر غشيانه "ويحب المتطهرين" أي المتنزهين عن الأقذار والأذى وهو ما نهوا عنه من إتيان الحائض أو في غير المأتى .
نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين (223)
نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين
وقوله "نساؤكم حرث لكم" قال ابن عباس : الحرث موضع الولد "فأتوا حرثكم أنى شئتم" أي كيف شئتم مقبلة ومدبرة في صمام واحد كما ثبتت بذلك الأحاديث قال البخاري : حدثنا أبو نعيم حدثنا سفيان عن ابن المنكدر قال سمعت جابرا قال : كانت اليهود تقول : إذا جامعها من ورائها جاء الولد أحول فنزلت "نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم" ورواه مسلم وأبو داود من حديث سفيان الثوري به . وقال ابن أبي حاتم حدثنا يونس بن عبد الأعلى أخبرنا ابن وهب أخبرني مالك بن أنس وابن جريج وسفيان بن سعيد الثوري أن محمد بن المنكدر حدثهم أن جابر بن عبد الله أخبره أن اليهود قالوا للمسلمين من أتى امرأة وهي مدبرة جاء الولد أحول فأنزل الله "نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم"
قال ابن جريج في الحديث .
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "مقبلة ومدبرة إذا كان ذلك في الفرج" وفي حديث بهز بن حكيم بن معاوية بن حيدة القشيري عن أبيه عن جده أنه قال : يا رسول الله : نساؤنا ما نأتي منها وما نذر ؟ قال : "حرثك ائت حرثك أنى شئت غير أن لا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت" الحديث رواه أحمد وأهل السنن .
حديث آخر قال ابن أبي حاتم : حدثنا يونس أخبرنا ابن وهب أخبرني ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن عامر بن يحيى عن عبد الله بن حنش عن عبد الله بن عباس قال : أتى ناس من حمير إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألوه عن أشياء فقال له رجل إني أجب النساء فكيف ترى في ؟ فأنزل الله "نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم" ورواه الإمام أحمد حدثنا يحيى بن غيلان حدثنا رشدين حدثني الحسن بن ثوبان عن عامر بن يحيى المعافري عن حنش عن ابن عباس قال : أنزلت هذه الآية "نساؤكم حرث لكم" في أناس من الأنصار أتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - فسألوه فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - "ائتها على كل حال إذا كان في الفرج" "حديث آخر" قال أبو جعفر الطحاوي في كتابه مشكل الحديث حدثنا أحمد بن داود بن موسى حدثنا يعقوب بن كاسب حدثنا عبد الله بن نافع عن هشام بن سعد عن زيد

بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري أن رجلا أصاب امرأة في دبرها فأنكر الناس عليه ذلك فأنزل الله "نساؤكم حرث لكم" الآية .
ورواه ابن جرير عن يونس عن يعقوب ورواه الحافظ أبو يعلى الموصلي عن الحارث بن شريح عن عبد الله بن نافع به "حديث آخر" قال الإمام أحمد : حدثنا عفان حدثنا وهيب حدثنا عبيد الله بن عثمان بن خثيم عن عبد الله بن سابط قال : دخلت على حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر فقلت إني لسائلك عن أمر وأنا أستحيي أن أسألك قالت : فلا تستحي يا ابن أخي قال عن إتيان النساء في أدبارهن قالت : حدثتني أم سلمة أن الأنصار كانوا يجبون النساء وكانت اليهود تقول : إنه من أجبى امرأته كان ولده أحول فلما قدم المهاجرون المدينة نكحوا في نساء الأنصار فجبوهن فأبت امرأة أن تطيع زوجها وقالت : لن تفعل ذلك حتى آتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدخلت على أم سلمة فذكرت لها ذلك فقالت : اجلسي حتى يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما جاء رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - استحت الأنصارية أن تسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فخرجت فسألته أم سلمة فقال "ادعي الأنصارية" فدعتها فتلا عليها هذه الآية "نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم" صماما واحدا "ورواه الترمذي عن بندار عن ابن مهدي عن سفيان عن أبي خثيم به وقال حسن ."
"قلت" وقد روي من طريق حماد بن أبي حنيفة عن أبيه عن ابن خثيم عن

يوسف بن ماهك عن حفصة أم المؤمنين أن امرأة أتتها فقالت : إن زوجي يأتيني مجبية ومستقبلة فكرهته فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : "لا بأس إذا كان في صمام واحد" "حديث آخر" قال الإمام أحمد : حدثنا حسن حدثنا يعقوب يعني القمي عن جعفر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : جاء عمر بن الخطاب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال يا رسول الله هلكت قال "وما الذي أهلكك" قال : حولت رحلي البارحة قال فلم يرد عليه شيئا قال فأوحى الله إلى رسوله - صلى الله عليه وسلم - هذه الآية "نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم" "أقبل وأدبر واتق الدبر والحيضة" ورواه الترمذي عن عبد بن حميد عن حسن بن موسى الأشيب به وقال حسن غريب وقال الحافظ أبو يعلى : حدثنا الحارث بن شريح حدثنا عبد الله بن نافع حدثنا هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد قال : أثفر رجل امرأته

على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالوا : أثفر فلان امرأته فأنزل الله عز وجل "نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم" قال أبو داود : حدثنا عبد العزيز بن يحيى أبو الأصبغ قال حدثني محمد يعني ابن سلمة عن محمد بن إسحاق عن أبان بن صالح عن مجاهد عن ابن عباس قال : إن ابن عمر قال والله يغفر له أوهم وإنما كان هذا الحي من الأنصار وهم أهل وثن مع هذا الحي من يهود وهم أهل كتاب وكانوا يرون لهم فضلا عليهم في العلم فكانوا يقتدون كثيرا من فعلهم وكان من أمر أهل الكتاب لا يأتون النساء إلا على حرف وذلك أستر ما تكون المرأة فكان هذا الحي من الأنصار قد أخذوا بذلك من فعلهم وكان هذا الحي من قريش يشرحون النساء شرحا منكرا ويتلذذون بهن مقبلات ومدبرات ومستلقيات فلما قدم المهاجرون المدينة تزوج رجل منهم امرأة من الأنصار فذهب يصنع بها ذلك فأنكرته عليه وقالت : إنما كنا نؤتى على حرف فاصنع ذلك وإلا فاجتنبني فسرى أمرهما فبلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأنزل الله "نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم" أي مقبلات ومدبرات ومستلقيات يعني بذلك موضع الولد تفرد به أبو داود ويشهد له بالصحة ما تقدم له من الأحاديث ولا سيما رواية أم سلمة فإنها مشابهة لهذا السياق وقد
روى هذا الحديث الحافظ أبو القاسم الطبراني من طريق محمد بن إسحاق

عن أبان بن صالح عن مجاهد قال : عرضت المصحف على ابن عباس من فاتحته إلى خاتمته أوقفه عند كل آية منه وأسأله عنها حتى انتهيت إلى هذه الآية "نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم" فقال ابن عباس : إن هذا الحي من قريش كانوا يشرحون النساء بمكة ويتلذذون بهن فذكر القصة بتمام سياقها وقول ابن عباس إن ابن عمر الله يغفر له أوهم وكأنه يشير إلى ما رواه البخاري حدثنا إسحاق حدثنا النضر بن شميل أخبرنا ابن عون عن نافع قال كان ابن عمر إذا قرأ القرآن لم يتكلم حتى يفرغ منه فأخذت عنه يوما فقرأ سورة البقرة حتى انتهى إلى مكان قال : أتدري فيم أنزلت ؟ قلت لا قال : أنزلت في كذا وكذا ثم مضى .
وعن عبد الصمد قال : حدثني أبي حدثنا أيوب عن نافع عن ابن عمر "فأتوا حرثكم أنى شئتم" قال : أن يأتيها في ؟ هكذا رواه البخاري وقد تفرد به من هذا الوجه وقال ابن جرير حدثني يعقوب حدثنا ابن علية حدثنا ابن عون عن نفاع قال : قرأت ذات يوم "نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم" فقال ابن عمر أتدري فيم نزلت ؟ قلت لا قال نزلت في إتيان النساء في أدبارهن .
وحدثني أبو قلابة حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث حدثني أبي عن أيوب

عن نافع عن ابن عمر "فأتوا حرثكم أنى شئتم" قال : في الدبر .

https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...6630858ac6.png


ابوالوليد المسلم 22-11-2025 10:26 AM

رد: تفسير القرآن العظيم (تفسير ابن كثير)
 
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...cdf76dc237.png

تفسير القرآن العظيم
(تفسير ابن كثير)

إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي
الجزء الثانى

سورة البقرة
من صــ311 الى صــ 320
الحلقة (86)






وروي من حديث مالك عن نافع عن ابن عمر ولا يصح وروى النسائي عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم عن أبي بكر بن أبي أويس عن سليمان بن بلال عن زيد بن أسلم عن ابن عمر أن رجلا أتى امرأته في دبرها فوجد في نفسه من ذلك وجدا شديدا فأنزل الله "نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم" قال أبو حاتم الرازي : لو كان هذا عند زيد بن أسلم عن ابن عمر لما أولع الناس بنافع وهذا تعليل منه لهذا الحديث وقد رواه عبد الله بن نافع عن داود بن قيس عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عمر فذكره وهذا الحديث محمول على ما تقدم وهو أنه يأتيها في قبلها من دبرها لما رواه النسائي عن علي بن عثمان النفيلي عن سعيد بن عيسى عن الفضل بن فضالة عن عبد الله بن سليمان الطويل عن كعب بن علقمة عن أبي النضر أنه أخبره أنه قال لنافع مولى ابن عمر إنه قد أكثر عليك القول إنك تقول عن ابن عمر إنه أفتى أن تؤتى النساء في أدبارهن قال : كذبوا علي ولكن سأحدثك كيف كان الأمر إن ابن عمر عرض المصحف يوما وأنا عنده حتى بلغ "نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم" فقال يا نافع هل تعلم من أمر هذه الآية ؟ قلت : لا قال : إنا كنا معشر قريش نجبي النساء فلما دخلنا المدينة ونكحنا نساء الأنصار أردنا منهن مثل ما كنا نريد فآذاهن فكرهن ذلك وأعظمنه وكانت نساء الأنصار قد أخذن بحال اليهود إنما يؤتين على جنوبهن فأنزل الله "نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم"
وهذا إسناد صحيح.
وقد رواه ابن مردويه عن الطبراني عن الحسين بن إسحاق عن زكريا بن يحيى الكاتب العمري عن مفضل بن فضالة عن عبد الله بن عياش عن كعب بن علقمة فذكره وقد روينا عن ابن عمر خلاف ذلك صريحا وأنه لا يباح ولا يحل كما سيأتي وإن كان قد نسب هذا القول إلى طائفة من فقهاء المدينة وغيرهم وعزاه بعضهم إلى الإمام مالك في كتاب السر وأكثر الناس ينكر أن يصح ذلك عن الإمام مالك رحمه الله .
وقد وردت الأحاديث المروية من طرق متعددة بالزجر عن فعله وتعاطيه .
فقال الحسن بن عرفة حدثنا إسماعيل بن عياش عن سهيل بن أبي صالح عن محمد بن المنكدر عن جابر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "استحيوا إن الله لا يستحيي من الحق لا يحل أن تأتوا النساء في حشوشهن" وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرحمن حدثنا سفيان عن عبد الله بن شداد عن خزيمة بن ثابت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يأتي الرجل امرأته في دبرها "طريق أخرى" قال أحمد : حدثنا يعقوب سمعت أبي يحدث عن يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد أن عبيد الله بن الحسين الوالبي حدثه أن عبد الله الواقفي حدثه أن خزيمة بن ثابت الخطمي حدثه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : "استحيوا إن الله لا يستحيي من الحق لا تأتوا"

النساء في أعجازهن "."
رواه النسائي وابن ماجه من طرق عن خزيمة بن ثابت وفي إسناده اختلاف كثير "حديث آخر" قال أبو عيسى الترمذي والنسائي حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا أبو خالد الأحمر عن الضحاك بن عثمان عن مخرمة بن سليمان عن كريب عن ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "لا ينظر الله إلى رجل أتى رجلا أو امرأة في الدبر" ثم قال الترمذي هذا حديث حسن غريب وهكذا أخرجه ابن حبان في صحيحه وصححه ابن حزم أيضا ولكن رواه النسائي أيضا عن هناد عن وكيع عن الضحاك به موقوفا .
وقال عبد أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن ابن طاوس عن أبيه أن رجلا سأل ابن عباس عن إتيان المرأة في دبرها قال : تسألني عن الكفر إسناده صحيح وكذا رواه النسائي من طريق ابن المبارك عن معمر به نحوه وقال عبد أيضا في تفسيره : حدثنا إبراهيم بن الحاكم عن أبيه عن عكرمة قال : جاء رجل إلى ابن عباس وقال : كنت آتي أهلي في دبرها وسمعت قول الله "نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم" فظننت أن ذلك لي حلال فقال : يا لكع إنما قوله "فأتوا حرثكم أنى شئتم" قائمة وقاعدة ومقبلة ومدبرة في أقبالهن لا تعدوا ذلك إلى غيره ""

حديث آخر "قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الصمد حدثنا همام حدثنا قتادة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :" الذي يأتي امرأته في دبرها هي اللوطية الصغرى "وقال عبد الله بن أحمد : حدثني هدبة حدثنا همام قال : سئل قتادة عن الذي يأتي امرأته في دبرها فقال قتادة : أخبرنا عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال" هي اللوطية الصغرى "قال قتادة وحدثني عقبة بن وساج عن أبي الدرداء قال : وهل يفعل ذلك إلا كافر ؟ وقد روى هذا الحديث يحيى بن سعيد القطان عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أبي أيوب عن عبد الله بن عمرو بن العاص قوله وهذا أصح والله أعلم وكذلك رواه عبد بن حميد عن يزيد بن هارون عن حميد الأعرج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو موقوفا من قوله" طريق أخرى "قال جعفر الفريابي حدثنا قتيبة حدثنا ابن لهيعة عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" سبعة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ويقول ادخلوا النار مع الداخلين : الفاعل والمفعول به والناكح يده وناكح

البهيمة وناكح المرأة في دبرها وجامع بين المرأة وابنتها والزاني بحليلة جاره ومؤذي جاره حتى يلعنه "ابن لهيعة وشيخه ضعيفان" حديث آخر "قال الإمام أحمد حدثنا عبد الرزاق أخبرنا سفيان عن عاصم عن عيسى بن حطان عن مسلم بن سلام عن علي بن طلق قال نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تؤتى النساء في أدبارهن فإن الله لا يستحيي من الحق وأخرجه أحمد أيضا عن أبي معاوية وأبو عيسى الترمذي من طريق أبي معاوية أيضا عن عاصم الأحول به وفيه زيادة"
وقال : هو حديث حسن ومن الناس من يورد هذا الحديث في مسند علي بن أبي طالب كما وقع في مسند الإمام أحمد بن حنبل والصحيح أنه علي بن طلق "حديث آخر" قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن سهيل بن أبي صالح عن الحارث بن مخلد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إن الذي يأتي امرأته في دبرها لا ينظر الله إليه"

وقال أحمد أيضا : حدثنا عفان حدثنا وهيب حدثنا سهيل عن الحارث بن مخلد عن أبي هريرة يرفعه قال "لا ينظر الله إلى رجل جامع امرأته في دبرها" وكذا رواه ابن ماجه من طريق سهيل وقال أحمد أيضا : حدثنا وكيع عن سهيل بن أبي صالح عن الحارث بن مخلد عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "ملعون من أتى امرأته في دبرها" وهكذا رواه أبو داود والنسائي من طريق وكيع به "طريق أخرى" .
قال الحافظ أبو نعيم الأصبهاني أخبرنا أحمد بن القاسم بن الريان حدثنا أبو عبد الرحمن النسائي حدثنا هناد ومحمد بن إسماعيل واللفظ له قالا : حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - "ملعون من أتى امرأة في دبرها" ليس هذا الحديث هكذا في سنن النسائي وإنما الذي فيه عن سهيل عن الحارث بن مخلد كما تقدم : قال شيخنا الحافظ أبو عبد الله الذهبي : ورواية أحمد بن القاسم بن الريان هذا الحديث بهذا السند وهم منه وقد ضعفوه ""

طريق أخرى "رواها مسلم بن خالد الزنجي عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى عليه وعلى آله وسلم قال" ملعون من أتى النساء في أدبارهن "ومسلم بن خالد فيه كلام والله أعلم" طريق أخرى "رواها الإمام أحمد وأهل السنن من حديث حماد بن سلمة عن حكيم الأثرم عن أبي تميمة الهجيمي عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال" من أتى حائضا أو امرأة في دبرها أو كاهنا فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد "وقال الترمذي : ضعف البخاري هذا الحديث والذي قاله البخاري في حديث الترمذي عن أبي تميمة لا يتابع على حديثه" طريق أخرى "قال النسائي : حدثنا عثمان بن عبد الله حدثنا سليمان بن عبد الرحمن من كتابه عن عبد الملك بن محمد الصنعاني عن سعيد بن عبد العزيز عن الزهري عن أبي سلمة - رضي الله عنه - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال" استحيوا من الله حق الحياء لا تأتوا النساء في أدبارهن "تفرد به النسائي من هذا الوجه ."
قال حمزة بن محمد الكناني الحافظ هذا حديث منكر باطل من حديث الزهري ومن حديث أبي سلمة ومن حديث سعيد فإن كان عبد الملك سمعه من سعيد فإنما سمعه بعد الاختلاط وقد رواه الترمذي عن أبي سلمة أنه كان ينهى عن ذلك فأما عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا انتهى كلامه

وقد أجاد وأحسن الانتقاد إلا أن عبد الملك بن محمد الصنعاني لا يعرف أنه اختلط ولم يذكر ذلك أحد غير حمزة عن الكناني وهو ثقة ولكن تكلم فيه دحيم وأبو حاتم وابن حبان وقال : لا يجوز الاحتجاج به والله أعلم .
وقد تابعه زيد بن يحيى بن عبيد عن سعيد بن عبد العزيز .
وروي من طريقين آخرين عن أبي سلمة ولا يصح منها شيء "طريق أخرى" قال النسائي : حدثنا إسحاق بن منصور حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان الثوري عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد عن أبي هريرة قال : إتيان الرجال النساء في أدبارهن كفر .
ثم رواه عن بندار عن عبد الرحمن به قال : من أتى امرأة في دبرها وتلك كفر هكذا رواه النسائي من طريق الثوري عن ليث عن مجاهد عن أبي هريرة موقوفا .
وكذا رواه من طريق علي بن نديمة عن مجاهد عن أبي هريرة موقوفا ورواه بكر بن خنيس عن ليث عن مجاهد عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال "من أتى شيئا من الرجال والنساء في الأدبار فقد كفر" والموقوف أصح وبكر بن خنيس ضعفه غير واحد من الأئمة وتركه آخرون "حديث آخر" قال : قال محمد بن أبان البلخي حدثنا وكيع حدثني زمعة بن صالح عن ابن طاوس عن أبيه وعن عمرو بن دينار عن عبد الله بن زيد بن الهاد قالا : قال عمر بن الخطاب : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الله لا يستحيي من الحق لا تأتوا النساء"

في أدبارهن "وقد رواه النسائي حدثنا سعيد بن يعقوب الطالقاني عن عثمان بن اليمان عن زمعة بن صالح عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن الهاد عن عمر قال : لا تأتوا النساء في أدبارهن ."
وحدثنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا زيد بن أبي حكيم عن زمعة بن صالح عن عمرو بن دينار عن طاوس عن عبد الله بن الهاد الليثي قال : قال عمر - رضي الله عنه - استحيوا من الله فإن الله لا يستحيي من الحق لا تأتوا النساء في أدبارهن والموقوف أصح "حديث آخر" قال الإمام أحمد : حدثنا غندر ومعاذ بن معاذ قالا : حدثنا شعبة عن عاصم الأحول عن عيسى بن حطان عن مسلم بن سلام عن طلق بن يزيد أو يزيد بن طلق عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال "إن الله لا يستحيي من الحق لا تأتوا النساء في أستاههن" وكذا رواه غير واحد عن شعبة ورواه عبد الرزاق عن معمر عن عاصم الأحول عن عيسى بن حطان عن مسلم بن سلام عن طلق بن علي والأشبه أنه علي بن طلق كما تقدم والله أعلم "حديث آخر" قال أبو بكر الأثرم في سننه : حدثنا أبو مسلم الجرمي حدثنا أخو أنيس بن إبراهيم أن أباه إبراهيم بن عبد الرحمن بن القعقاع أخبره عن أبيه أبي القعقاع عن ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : "محاش النساء حرام" .
وقد رواه إسماعيل بن علية وسفيان الثوري وشعبة وغيرهم عن أبي عبد الله


الشقري واسمه سلمة بن تمام ثقة عن أبي القعقاع عن ابن مسعود موقوفا وهو أصح "طريق أخرى" قال ابن عدي حدثنا أبو عبد الله المحاملي حدثنا سعيد بن يحيى الثوري حدثنا محمد بن حمزة عن زيد بن رفيع عن أبي عبيدة عن عبد الله قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "لا تأتوا النساء في أعجازهن" محمد بن حمزة وهو الجزري وشيخه فيهما مقال .
وقد روي من حديث أبي بن كعب والبراء بن عازب وعقبة بن عامر وأبي ذر وغيرهم وفي كل منها مقال لا يصح معه الحديث والله أعلم .
وقال الثوري عن الصلت بن بهرام عن أبي المعتمر عن أبي جويرة قال : سأل رجل عليا عن إتيان امرأة في دبرها فقالت : سفلت سفل الله بك ألم تسمع قول الله عز وجل "أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين" وقد تقدم قول ابن مسعود وأبي الدرداء وأبي هريرة وابن عباس وعبد الله بن عمرو في تحريم ذلك وهو الثابت بلا شك عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه يحرمه .
قال أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله الدارمي في مسنده حدثنا عبد الله بن صالح حدثنا الليث عن الحارث بن يعقوب عن سعيد بن يسار أبي الحباب

قال : قلت لابن عمر ما تقول في الجواري أيحمض لهن ؟
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...6630858ac6.png




ابوالوليد المسلم 22-11-2025 10:29 AM

رد: تفسير القرآن العظيم (تفسير ابن كثير)
 
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...cdf76dc237.png

تفسير القرآن العظيم
(تفسير ابن كثير)

إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي
الجزء الثانى

سورة البقرة
من صــ321 الى صــ 330
الحلقة (87)






قال : وما التحميض ؟ فذكر الدبر فقال : وهل يفعل ذلك أحد من المسلمين ؟ وكذا رواه ابن وهب وقتيبة عن الليث به وهذا إسناد صحيح ونص صريح منه بتحريم ذلك فكل ما ورد عنه مما يحتمل ويحتمل فهو مردود إلى هذا الحكم قال ابن جرير : حدثني عبد الرحمن بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم حدثنا أبو زيد أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن أبي العمر حدثني عبد الرحمن بن القاسم عن مالك بن أنس أنه قيل له يا أبا عبد الله إن الناس يروون عن سالم بن عبد الله أنه قال : كذب العبد أو العلج على أبي عبد الله قال مالك : أشهد على يزيد بن رومان أنه أخبرني عن سالم بن عبد الله عن ابن عمر مثل ما قال نافع فقيل له فإن الحارث بن يعقوب يروي عن أبي الحباب سعيد بن يسار أنه سأل ابن عمر فقال له يا أبا عبد الرحمن إنا نشتري الجواري
أفنحمض لهن فقال وما التحميض ؟ فذكر له الدبر فقال ابن عمر : أف أف وهل يفعل ذلك مؤمن أو قال مسلم ؟ فقال مالك أشهد على ربيعة لأخبرني عن أبي الحباب عن ابن عمر مثل ما قال نافع .
وروى النسائي عن الربيع بن سليمان عن أصبغ بن الفرج الفقيه حدثنا عبد الرحمن بن القاسم قال : قلت لمالك إن عندنا بمصر الليث بن سعد يحدث عن الحارث بن يعقوب عن سعيد بن يسار قال قلت لابن عمر إنا نشتري الجواري أفنحمض لهن ؟ قال : وما التحميض ؟ قلت : نأتيهن في أدبارهن فقال : أف أف أويعمل هذا مسلم ؟ فقال لي مالك فأشهد على ربيعة لحدثني عن سعيد بن يسار أنه سأل ابن عمر فقال : لا بأس به وروى النسائي أيضا من طريق يزيد بن رومان عن عبيد الله بن عبد الله أن ابن عمر كان لا يرى بأسا أن يأتي الرجل المرأة في دبرها .
وروى معمر بن عيسى عن مالك أن ذلك حرام .
وقال أبو بكر بن زياد النيسابوري حدثني إسماعيل بن حسين حدثني إسرائيل بن روح سألت مالك بن أنس ما تقول في إتيان النساء في أدبارهن قال : ما أنتم إلا قوم عرب هل يكون الحرث إلا موضع الزرع ؟ لا تعدوا الفرج قلت يا أبا عبد الله إنهم يقولون إنك تقول ذلك .
قال يكذبون علي يكذبون علي فهذا هو الثابت عنه وهو قول أبي حنيفة والشافعي وأحمد بن حنبل وأصحابهم قاطبة وهو قول سعيد بن المسيب وأبي سلمة وعكرمة وطاوس وعطاء وسعيد بن جبير وعروة بن الزبير ومجاهد بن جبر والحسن وغيرهم من السلف أنهم أنكروا ذلك أشد الإنكار ومنهم من يطلق على فعله الكفر وهو مذهب جمهور العلماء وقد حكي في هذا شيء عن بعض فقهاء المدينة حتى حكوه عن الإمام مالك وفي صحته نظر .
قال الطحاوي : روى أصبغ بن الفرج عن عبد الرحمن بن القاسم قال : ما أدركت أحدا أقتدي به في ديني يشك أنه حلال يعني وطء المرأة في دبرها ثم قرأ "نساؤكم حرث لكم" ثم قال : فأي شيء أبين من هذا ؟ هذه حكاية الطحاوي وقد روى الحاكم والدارقطني والخطيب البغدادي عن الإمام مالك من طرق ما يقتضي إباحة ذلك ولكن في الأسانيد ضعف شديد وقد استقصاها شيخنا الحافظ أبو عبد الله الذهبي في جزء جمعه في ذلك والله أعلم .
وقال الطحاوي : حكى لنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أنه سمع الشافعي يقول : ما صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في تحليله ولا تحريمه شيء والقياس أنه حلال وقد روى ذلك

أبو بكر الخطيب عن أبي سعيد الصيرفي عن أبي العباس الأصم سمعت محمد بن عبد الله بن عبد الحكم سمعت الشافعي يقول فذكره قال أبو نصر الصباغ : كان الربيع يحلف بالله الذي لا إله إلا هو لقد كذب يعني ابن عبد الحكم على الشافعي في ذلك لأن الشافعي نص على تحريمه في ستة كتب من كتبه والله أعلم .
وقوله "وقدموا لأنفسكم" أي من فعل الطاعات مع امتثال ما أنهاكم عنه من ترك المحرمات ولهذا قال "واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه" أي فيحاسبكم على أعمالكم جميعها "وبشر المؤمنين" أي المطيعين لله فيما أمرهم التاركين ما عنه زجرهم .
وقال ابن جرير : حدثنا القاسم حدثنا الحسين حدثني محمد بن كثير عن عبد الله بن واقد عن عطاء قال أراه عن ابن عباس "وقدموا لأنفسكم" قال : تقول بسم الله التسمية عند الجماع وقد ثبت في صحيح البخاري عن ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فإنه إن يقدر بينهما ولد في ذلك لم يضره الشيطان أبدا" .
ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس والله سميع عليم (224)
ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس والله سميع عليم
يقول تعالى لا تجعلوا أيمانكم بالله تعالى مانعة لكم من البر وصلة الرحم إذا حلفتم على تركها كقوله تعالى "ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين"

والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم "فالاستمرار على اليمين آثم لصاحبها من الخروج منها بالتكفير كما قال البخاري : حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن همام بن منبه قال : هذا ما حدثنا أبو هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال" نحن الآخرون السابقون يوم القيامة "وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" والله لأن يلج أحدكم بيمينه في أهله آثم له عند الله من أن يعطي كفارته التي افترض الله عليه "وهكذا رواه مسلم عن محمد بن رافع عن عبد الرزاق به."
ورواه أحمد عنه به ثم قال البخاري : حدثنا إسحاق بن منصور حدثنا يحيى بن صالح حدثنا معاوية هو ابن سلام عن يحيى وهو ابن أبي كثير عن عكرمة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "من استلج في أهله بيمين فهو أعظم إثما ليس تغني الكفارة" وقال علي بن طلحة عن ابن عباس في قوله "ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم" قال : لا تجعلن عرضة ليمينك أن لا تصنع الخير ولكن كفر عن يمينك واصنع الخير .
وكذا قال : مسروق والشعبي وإبراهيم النخعي ومجاهد وطاوس وسعيد بن جبير وعطاء وعكرمة ومكحول والزهري والحسن وقتادة ومقاتل بن حيان والربيع بن أنس والضحاك وعطاء الخراساني والسدي رحمهم الله ويؤيد ما قاله

هؤلاء الجمهور ما ثبت في الصحيحين عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها إلا أتيت الذي هو خير وتحللتها" وثبت فيهما أيضا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لعبد الرحمن بن سمرة "يا عبد الرحمن بن سمرة لا تسأل الإمارة فإنك إن أعطيتها من غير مسألة أعنت عليها وإن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فأت الذي هو خير وكفر عن يمينك" .
وروى مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال "من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليكفر عن يمينه وليفعل الذي هو خير" .
وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم حدثنا خليفة بن خياط حدثني عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال "من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فتركها كفارتها" ورواه أبو داود من طريق أبي عبيد الله بن الأخنس عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "لا نذر ولا يمين فيما لا يملك ابن آدم ولا في معصية الله ولا في قطيعة رحم ومن حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليدعها وليأت الذي هو خير فإن تركها كفارتها" ثم قال أبو داود والأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كلها "فليكفر عن"

يمينه "وهي الصحاح ."
وقال ابن جرير : حدثنا علي بن سعيد الكندي حدثنا علي بن مسهر عن حارثة بن محمد عن عمرة عن عائشة قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "من حلف على يمين قطيعة رحم ومعصية فبره أن يحنث فيها ويرجع عن يمينه" وهذا حديث ضعيف لأن حارثة هذا هو ابن أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن متروك الحديث ضعيف عند الجميع ثم روى ابن جرير عن ابن عباس وسعيد بن المسيب ومسروق والشعبي أنهم قالوا : لا يمين في معصية ولا كفارة عليها.
لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم والله غفور حليم (225)
لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم والله غفور حليم
وقوله "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم" أي لا يعاقبكم ولا يلزمكم بما صدر منكم من الأيمان اللاغية وهي التي لا يقصدها الحالف بل تجري على لسانه عادة من غير تعقيد ولا تأكيد كما ثبت في الصحيحين من حديث الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : "من حلف فقال في حلفه باللات والعزى فليقل لا إله إلا الله" فهذا قاله لقوم حديثي عهد بجاهلية قد أسلموا وألسنتهم قد ألفت ما كانت عليه من الحلف باللات من غير قصد فأمروا أن يتلفظوا بكلمة الإخلاص كما تلفظوا بتلك الكلمة من غير قصد لتكون هذه بهذه ولهذا قال تعالى "ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم" الآية وفي الآية الأخرى "بما عقدتم الأيمان" قال أبو داود : "باب لغو اليمين" حدثنا حميد بن مسعدة الشامي حدثنا حيان

يعني ابن إبراهيم حدثنا إبراهيم يعني الصائغ عن عطاء : اللغو في اليمين قال قالت عائشة إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال "اللغو في اليمين هو كلام الرجل في بيته كلا والله وبلى والله" ثم قال أبو داود رواه داود بن الفرات عن إبراهيم الصائغ عن عطاء عن عائشة موقوفا .
ورواه الزهري وعبد الملك ومالك بن مغول كلهم عن عطاء عن عائشة موقوفا أيضا .
"قلت" وكذا رواه ابن جريج وابن أبي ليلى عن عطاء عن عائشة موقوفا .
ورواه ابن جرير عن هناد عن وكيع وعبدة وأبي معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة في قوله "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم" لا والله وبلى والله ثم رواه عن محمد بن حميد عن سلمة عن ابن إسحاق عن هشام عن أبيه عنها وبه عن ابن إسحاق عن الزهري عن القاسم عنها وبه عن ابن إسحاق عن ابن أبي نجيح عن عطاء عنها وقال عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة في قوله "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم" قالت هم القوم يتدارءون في الأمر فيقول هذا لا والله وبلى والله وكلا والله يتدارءون في الأمر لا تعقد عليه قلوبهم وقد قال ابن أبي حاتم حدثنا هارون بن إسحاق الهمداني حدثنا عبدة يعني ابن

سليمان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة في قول الله "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم" قالت : هو قول الرجل لا والله وبلى والله .
وحدثنا أبي حدثنا أبو صالح كاتب الليث حدثني ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة قال : كانت عائشة تقول إنما اللغو في المزاحة والهزل وهو قول الرجل لا والله وبلى والله فذاك لا كفارة فيه إنما الكفارة فيما عقد عليه قلبه أن يفعله ثم لا يفعله ثم قال ابن أبي حاتم وروي عن ابن عمر وابن عباس في أحد قوليه والشعبي وعكرمة في أحد قوليه وعروة بن الزبير وأبي صالح والضحاك في أحد قوليه وأبي قلابة والزهري نحو ذلك "الوجه الثاني" قرئ على يونس بن عبد الأعلى أخبرنا ابن وهب أخبرني الثقة عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة أنها كانت تتأول هذه الآية يعني قوله "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم" وتقول هو الشيء يحلف عليه أحدكم لا يريد منه إلا الصدق فيكون على غير ما حلف عليه ثم قال : وروي عن أبي هريرة وابن عباس في أحد قوليه وسليمان بن يسار وسعيد بن جبير ومجاهد في أحد قوليه وإبراهيم النخعي في أحد قوليه والحسن وزرارة بن أوفى وأبي مالك وعطاء الخراساني وبكر بن عبد الله أحد قولي عكرمة وحبيب بن أبي ثابت والسدي ومكحول ومقاتل وطاوس وقتادة والربيع بن أنس ويحيى بن سعيد وربيعة نحو ذلك وقال ابن جرير حدثنا محمد بن موسى الجرشي حدثنا عبد الله بن ميمون المرادي حدثنا عوف الأعرابي عن الحسن بن أبي الحسن قال مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوم ينتضلون يعني يرمون ومع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجل من أصحابه فقام رجل من القوم فقال أصبت والله وأخطأت والله فقال الذي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - للنبي - صلى الله عليه وسلم - حنث الرجل يا رسول الله قال "كلا أيمان"

الرماة لغو لا كفارة فيها ولا عقوبة "هذا مرسل حسن عن الحسن وقال ابن أبي حاتم وروي عن عائشة القولان جميعا حدثنا عصام بن رواد أنبأنا آدم حدثنا شيبان عن جابر عن عطاء بن أبي رباح عن عائشة قالت : هو قوله لا والله وبلى والله وهو يرى أنه صادق ولا يكون كذلك" أقوال أخر "قال عبد الرزاق عن هشيم عن مغيرة عن إبراهيم هو الرجل يحلف على الشيء ثم ينساه وقال زيد بن أسلم هو قول الرجل أعمى الله بصري إن لم أفعل كذا وكذا أخرجني الله من مالي إن لم آتك غدا فهو هذا قال ابن أبي حاتم : وحدثنا علي بن الحسين حدثنا مسدد بن خالد حدثنا خالد حدثنا عطاء عن طاوس عن ابن عباس قال : لغو اليمين أن تحلف"
وأنت غضبان وأخبرني أبي حدثنا أبو الجماهر حدثنا سعيد بن بشير حدثني أبو بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : لغو اليمين أن تحرم ما أحل الله لك فذلك ما ليس عليك فيه كفارة وكذا روي عن سعيد بن جبير .
وقال أبو داود "باب اليمين في الغضب" حدثنا محمد بن المنهال أنبأنا يزيد بن زريع حدثنا حبيب المعلم عن عمرو بن شعيب عن سعيد بن المسيب أن أخوين من

الأنصار كان بينهما ميراث فسأل أحدهما صاحبه القسمة فقال : إن عدت تسألني عن القسمة فكل مالي في رتاج الكعبة فقال له عمر : إن الكعبة غنية عن مالك كفر عن يمينك وكلم أخاك سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول "لا يمين عليك ولا نذر في معصية الرب عز وجل ولا في قطيعة الرحم ولا فيما لا تملك" وقوله "ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم" قال : ابن عباس ومجاهد وغير واحد : هو أن يحلف على الشيء وهو يعلم أنه كاذب قال مجاهد وغيره : وهي كقوله تعالى "ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان" الآية "والله غفور حليم" أي غفور لعباده حليم عليهم .
للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم (226)
للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم
الإيلاء الحلف , فإذا حلف الرجل أن لا يجامع زوجته مدة فلا يخلو إما أن يكون أقل من أربعة أشهر أو أكثر منها فإن كانت أقل فله أن ينتظر انقضاء المدة ثم يجامع امرأته وعليها أن تصبر وليس لها مطالبته بالفيئة في هذه المدة وهذا كما ثبت في الصحيحين عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آلى من نسائه شهرا فنزل لتسع وعشرين وقال "الشهر تسع وعشرون" ولهما عن عمر بن الخطاب نحوه فأما إن زادت المدة على أربعة أشهر فللزوجة مطالبة الزوج عند انقضاء أربعة أشهر إما أن يفيء أي يجامع وإما أن يطلق فيجبره الحاكم على هذا وهذا لئلا يضر بها ولهذا قال تعالى : "للذين يؤلون من نسائهم" أي يحلفون على ترك الجماع من نسائهم فيه دلالة على أن الإيلاء يختص بالزوجات دون الإماء كما هو مذهب الجمهور "تربص"

أربعة أشهر "أي ينتظر الزوج أربعة أشهر من حين الحلف ثم يوقف ويطالب بالفيئة أو الطلاق ولهذا قال" فإن فاءوا "أي رجعوا إلى ما كانوا عليه وهو كناية عن الجماع قاله ابن عباس ومسروق والشعبي وسعيد بن جبير وغير واحد ومنهم ابن جرير رحمه الله" فإن الله غفور رحيم "لما سلف من التقصير في حقهن بسبب اليمين وقوله" فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم "فيه دلالة لأحد قولي العلماء وهو القديم عن الشافعي أن المولي إذ فاء بعد الأربعة الأشهر أنه لا كفارة عليه ويعتضد بما تقدم في الحديث عند الآية التي قبلها عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال" من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فتركها كفارتها "كما رواه أحمد وأبو داود والترمذي والذي عليه الجمهور وهو الجديد من مذهب الشافعي أن عليه التكفير لعموم وجوب التكفير عل
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...6630858ac6.png




ابوالوليد المسلم 22-11-2025 10:32 AM

رد: تفسير القرآن العظيم (تفسير ابن كثير)
 
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...cdf76dc237.png

تفسير القرآن العظيم
(تفسير ابن كثير)

إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي
الجزء الثانى

سورة البقرة
من صــ331 الى صــ 340
الحلقة (88)




وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم (227)
وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم
وقوله "وإن عزموا الطلاق" فيه دلالة على أن الطلاق لا يقع بمجرد مضي الأربعة أشهر كقول الجمهور من المتأخرين وذهب آخرون إلى أنه يقع بمضي أربعة أشهر تطليقة وهو مروي بأسانيد صحيحة عن عمر وعثمان وعلي وابن مسعود وابن عباس وابن عمر وزيد بن ثابت وبه يقول ابن سيرين ومسروق والقاسم وسالم والحسن وأبو سلمة وقتادة وشريح القاضي وقبيصة بن ذؤيب وعطاء وأبو سلمة بن عبد الرحمن وسليمان بن طرخان التيمي وإبراهيم النخعي والربيع بن أنس والسدي ثم قيل إنها تطلق بمضي الأربعة أشهر طلقة رجعية قاله سعيد بن المسيب وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ومكحول وربيعة والزهري ومروان بن الحكم وقيل إنها تطلق طلقة بائنة روي عن علي وابن مسعود وعثمان وابن عباس وابن عمر وزيد بن ثابت وبه يقول عطاء وجابر بن زيد ومسروق وعكرمة والحسن وابن سيرين ومحمد بن الحنفية وإبراهيم وقبيصة بن ذؤيب وأبو حنيفة

والثوري والحسن بن صالح فكل من قال إنما تطلق بمضي الأربعة أشهر أوجب عليها العدة إلا ما روي عن ابن عباس وأبي الشعثاء أنها إن كانت حاضت ثلاث حيض فلا عدة عليها وهو قول الشافعي والذي عليه الجمهور من المتأخرين أن يوقف فيطالب إما بهذا وإما بهذا ولا يقع عليها بمجرد مضيها طلاق وروى مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه قال : إذا آلى الرجل من امرأته لم يقع عليه طلاق وإن مضت أربعة أشهر حتى يوقف فإما أن يطلق وإما أن يفيء .
وأخرجه البخاري وقال الشافعي رحمه الله : أخبرنا سفيان بن عيينة عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار قال : أدركت بضعة عشر من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - كلهم يوقف المولي .
قال الشافعي : وأقل ذلك ثلاثة عشر ورواه الشافعي عن علي - رضي الله عنه - أنه يوقف المولي ثم قال وهكذا تقول وهو موافق لما رويناه عن عمر وابن عمر وعائشة وعثمان وزيد بن ثابت وبضعة عشر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم .
هكذا قال الشافعي رحمه الله قال ابن جرير : حدثنا ابن أبي مريم حدثنا يحيى بن أيوب عن عبيد الله بن عمر عن سهيل ابن أبي صالح عن أبيه قال : سألت اثني عشر رجلا من الصحابة عن الرجل يولي من امرأته فكلهم يقول ليس عليه شيء حتى تمضي الأربعة الأشهر فيوقف فإن فاء وإلا طلق ورواه الدارقطني من طريق سهيل .

"قلت" وهو يروى عن عمر وعثمان وعلي وأبي الدرداء وعائشة أم المؤمنين وابن عمر وابن عباس وبه يقول سعيد بن المسيب وعمر بن عبد العزيز ومجاهد وطاوس ومحمد بن كعب والقاسم وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد بن حنبل وأصحابهم رحمهم الله وهو اختيار ابن جرير أيضا وهو قول الليث وإسحاق بن راهويه وأبي عبيد وأبي ثور وداود وكل هؤلاء قالوا : إن لم يفئ ألزم بالطلاق فإن لم يطلق طلق عليه الحاكم والطلقة تكون رجعية له رجعتها في العدة وانفرد مالك بأن قال : لا يجوز له رجعتها حتى يجامعها في العدة وهذا غريب جدا .
وقد ذكر الفقهاء وغيرهم في مناسبة تأجيل المولي بأربعة أشهر الأثر الذي رواه الإمام مالك بن أنس رحمه الله في الموطإ عن عبد الله بن دينار قال : خرج عمر بن الخطاب من الليل فسمع امرأة تقول :
تطاول هذا الليل واسود جانبه ... وأرقني أن لا ضجيع ألاعبه
فوالله لولا الله أني أراقبه ... لحرك من هذا السرير جوانبه
فسأل عمر ابنته حفصة رضي الله عنها كم أكثر ما تصبر المرأة عن زوجها ؟ فقالت : ستة أشهر أو أربعة أشهر فقال عمر : لا أحبس أحدا من الجيوش أكثر من ذلك وقال محمد بن إسحاق عن السائب بن جبير مولى ابن عباس وكان قد أدرك أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ما زلت أسمع حديث عمر أنه خرج ذات ليلة يطوف بالمدينة وكان يفعل ذلك كثيرا إذ مر بامرأة من نساء العرب مغلقة بابها تقول :
تطاول هذا الليل وازور جانبه ... وأرقني أن لا ضجيع ألاعبه
ألاعبه طورا وطورا كأنما ... بدا قمرا في ظلمة الليل حاجبه
يسر به من كان يلهو بقربه ... لطيف الحشا لا يحتويه أقاربه
فوالله لولا الله لا شيء غيره ... لنقض من هذا السرير جوانبه

ولكنني أخشى رقيبا موكلا ... بأنفاسنا لا يفتر الدهر كاتبه
مخافة ربي والحياء يصدني ... وإكرام بعلي أن تنال مراكبه
ثم ذكر بقية ذلك كما تقدم أو نحوه وقد روي هذا من طرق وهو من المشهورات .
والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم (228)
والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم
هذا أمر من الله سبحانه وتعالى للمطلقات المدخول بهن من ذوات الأقراء بأن يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء أي بأن تمكث إحداهن بعد طلاق زوجها لها ثلاثة قروء ثم تتزوج إن شاءت وقد أخرج الأئمة الأربعة من هذا العموم الأمة إذا طلقت فإنها تعتد عندهم بقرأين لأنها على النصف من الحرة والقرء لا يتبعض فكمل لها قرءان ولما رواه ابن جرير عن مظاهر بن أسلم المخزومي المدني عن القاسم عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : "طلاق الأمة تطليقتان وعدتها حيضتان" رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه ولكن مظاهر هذا ضعيف بالكلية وقال الحافظ الدارقطني وغيره الصحيح أنه من قول القاسم بن محمد نفسه

ورواه ابن ماجه من طريق عطية العوفي عن ابن عمر مرفوعا قال : الدارقطني والصحيح ما رواه سالم ونافع عن ابن عمر قوله وهكذا روي عن عمر بن الخطاب قالوا : ولم يعرف بين الصحابة خلاف وقال : بعض السلف : بل عدتها عدة الحرة لعموم الآية ولأن هذا أمر جبلي فكان الحرائر والإماء في هذا سواء حكى هذا القول الشيخ أبو عمر بن عبد البر عن محمد بن سيرين وبعض أهل الظاهر وضعفه وقد قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي حدثنا أبو اليمان حدثنا إسماعيل يعني ابن عياش عن عمرو بن مهاجر عن أبيه أن أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصارية قالت : طلقت على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يكن للمطلقة عدة فأنزل الله عز وجل حين طلقت أسماء العدة للطلاق فكانت أول من نزلت فيها العدة للطلاق يعني "والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء" وهذا حديث غريب من هذا الوجه .
وقد اختلف السلف والخلف والأئمة في المراد بالأقراء ما هو على قولين : "أحدهما" أن المراد بها الأطهار وقال مالك في الموطإ عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة أنها انتقلت حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر حين دخلت في الدم من الحيضة الثالثة فذكرت ذلك لعمرة بنت عبد الرحمن فقالت صدق عروة وقد جادلها في ذلك ناس فقالوا : إن الله تعالى يقول في كتابه "ثلاثة قروء" فقالت عائشة : صدقتم وتدرون ما الأقراء ؟ إنما الأقراء الأطهار وقال مالك عن ابن شهاب سمعت أبا بكر بن عبد الرحمن يقول : ما أدركت أحدا من فقهائنا إلا وهو يقول ذلك يريد قول عائشة وقال مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه كان يقول : إذا طلق الرجل امرأته فدخلت في الدم من الحيضة الثالثة فقد برئت منه وبرئ

منها وقال مالك وهو الأمر عندنا وروي مثاله عن ابن عباس وزيد بن ثابت وسالم والقاسم وعروة وسليمان بن يسار وأبي بكر بن عبد الرحمن وأبان بن عثمان وعطاء ابن أبي رباح وقتادة والزهري وبقية الفقهاء السبعة وهو مذهب مالك والشافعي وغير واحد وداود وأبي ثور وهو رواية عن أحمد واستدلوا عليه بقوله تعالى "فطلقوهن لعدتهن" أي في الأطهار ولما كان الطهر الذي يطلق فيه محتسبا دل على أنه أحد الأقراء الثلاثة المأمور بها ولهذا قال هؤلاء : إن المعتدة تنقضي عدتها وتبين من زوجها بالطعن في الحيضة الثالثة وأقل مدة تصدق فيها المرأة في انقضاء عدتها اثنان وثلاثون يوما ولحظتان واستشهد أبو عبيد وغيره على ذلك بقول الشاعر وهو الأعشى :
ففي كل عام أنت جاشم غزوة ... تشد لأقصاها عزيم عزائكا
مورثة مالا وفي الأصل رفعة ... لما ضاع فيها من قروء نسائكا
يمدح أميرا من أمراء العرب آثر الغزو على المقام حتى ضاعت أيام الطهر من نسائه لم يواقعهن فيها .
"القول الثاني" إن المراد بالأقراء الحيض فلا تنقضي العدة حتى تطهر من الحيضة الثالثة زاد آخرون وتغتسل منها وأقل وقت تصدق فيه المرأة في انقضاء عدتها ثلاثة وثلاثون يوما ولحظة قال الثوري عن منصور عن إبراهيم عن علقمة قال : كنا عند عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فجاءته امرأة فقالت : إن زوجي فارقني بواحدة أو اثنتين فجاءني وقد نزعت ثيابي وأغلقت بابي فقال عمر لعبد الله بن مسعود : أراها امرأته ما دون أن تحل لها الصلاة قال : وأنا أرى ذلك .
وهكذا روي عن أبي بكر الصديق وعمر وعثمان وعلي وأبي الدرداء وعبادة بن الصامت وأنس بن مالك وابن مسعود ومعاذ وأبي بن كعب وأبي موسى الأشعري

وابن عباس وسعيد بن المسيب وعلقمة والأسود وإبراهيم ومجاهد وعطاء وطاوس وسعيد بن جبير وعكرمة ومحمد بن سيرين والحسن وقتادة والشعبي والربيع ومقاتل بن حيان والسدي ومكحول والضحاك وعطاء الخراساني أنهم قالوا : الأقراء : الحيض وهذا مذهب أبي حنيفة وأصحابه وأصح الروايتين عن الإمام أحمد بن حنبل وحكى عنه الأثرم أنه قال الأكابر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون الأقراء الحيض وهو مذهب الثوري والأوزاعي وابن أبي ليلى وابن شبرمة والحسن بن صالح بن حي وأبي عبيد وإسحاق بن راهويه ويؤيد هذا ما جاء في الحديث الذي رواه أبو داود والنسائي من طريق المنذر بن المغيرة عن عروة بن الزبير عن فاطمة بنت أبي حبيش أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لها "دعي الصلاة أيام أقرائك" فهذا لو صح لكان صريحا في أن القرء هو الحيض ولكن المنذر هذا قال فيه أبو حاتم مجهول ليس بمشهور وذكره ابن حبان في الثقات وقال : ابن جرير أصل القرء في كلام العرب الوقت لمجيء الشيء المعتاد مجيئه في وقت معلوم ولإدبار الشيء المعتاد إدباره لوقت معلوم وهذه العبارة تقتضي أن يكون مشتركا بين هذا وهذا وقد ذهب إليه بعض الأصوليين والله أعلم .
وهذا قول الأصمعي أن القرء هو الوقت .
وقال أبو عمرو بن العلاء : العرب تسمي الحيض قرءا وتسمي الطهر قرءا وتسمي الطهر والحيض جميعا قرءا .
وقال الشيخ أبو عمر بن عبد البر : لا يختلف أهل العلم بلسان العرب والفقهاء أن القرء يراد به الحيض ويراد به الطهر وإنما اختلفوا في المراد من الآية ما هو على قولين

وقوله "ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن" أي من حبل أو حيض .
قاله ابن عباس وابن عمر ومجاهد والشعبي والحكم بن عيينة والربيع بن أنس والضحاك وغير واحد .
وقوله "إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر" تهديد لهن على خلاف الحق ودل هذا على أن المرجع في هذا إليهن لأنه أمر لا يعلم إلا من جهتهن ويتعذر إقامة البينة غالبا على ذلك فرد الأمر إليهن وتوعدن فيه لئلا يخبرن بغير الحق إما استعجالا منها لانقضاء العدة أو رغبة منها في تطويلها لما لها في ذلك من المقاصد فأمرت أن تخبر بالحق في ذلك من غير زيادة ولا نقصان .
وقوله "وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا" أي وزوجها الذي طلقها أحق بردها ما دامت في عدتها إذا كان مراده بردها الإصلاح والخير وهذا في الرجعيات فأما المطلقات البوائن فلم يكن حال نزول هذه الآية مطلقة بائن وإنما كان ذلك لما حصروا في الطلاق الثلاث فأما حال نزول هذه الآية .
فكان الرجل أحق برجعة امرأته وإن طلقها مائة مرة فلما قصروا في الآية التي بعدها على ثلاث تطليقات صار للناس مطلقة بائن وغير بائن وإذا تأملت هذا تبين لك ضعف ما سلكه بعض الأصوليين من استشهادهم على مسألة عود الضمير هل يكون مخصصا لما تقدمه من لفظ العموم أم لا بهذه الآية الكريمة فإن التمثيل بها غير مطلق لما ذكروه والله أعلم .
وقوله "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف" أي ولهن على الرجال من الحق مثل ما للرجال عليهن فليؤد كل واحد منهما إلى الآخر ما يجب عليه بالمعروف كما ثبت في صحيح مسلم عن جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في خطبته في حجة الوداع : "فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح ولهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف"

وفي حديث بهز بن حكيم عن معاوية بن حيدة القشيري عن أبيه عن جده أنه قال يا رسول الله ما حق زوجة أحدنا قال "أن تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت" وقال وكيع عن بشير بن سليمان عن عكرمة عن ابن عباس قال : إني لأحب أن أتزين للمرأة كما أحب أن تتزين لي المرأة لأن الله يقول : "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف" .
رواه ابن جرير وابن أبي حاتم وقوله "وللرجال عليهن درجة" أي في الفضيلة في الخلق والخلق والمنزلة وطاعة الأمر والإنفاق والقيام بالمصالح والفضل في الدنيا والآخرة كما قال تعالى : "الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم" .
وقوله "والله عزيز حكيم" أي عزيز في انتقامه ممن عصاه وخالف أمره حكيم في أمره وشرعه وقدره .
الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون (229)
الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون
هذه الآية الكريمة رافعة لما كان عليه الأمر في ابتداء الإسلام من أن الرجل كان أحق برجعة امرأته وإن طلقها مائة مرة ما دامت في العدة فلما كان هذا فيه ضرر على الزوجات
قصرهم الله إلى ثلاث طلقات وأباح الرجعة في المرة والثنتين وأبانها بالكلية في الثالثة .
فقال "الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان" .
قال أبو داود رحمه الله في سننه "باب نسخ المراجعة بعد الطلقات الثلاث" حدثنا أحمد بن محمد المروزي حدثني علي بن الحسين بن واقد عن أبيه عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس "والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن" الآية وذلك أن الرجل كان إذا طلق امرأته فهو أحق برجعتها وإن طلقها ثلاثا فنسخ ذلك فقال "الطلاق مرتان" الآية .
ورواه النسائي عن زكريا بن يحيى عن إسحاق بن إبراهيم عن علي بن الحسين به .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا هارون بن إسحاق حدثنا عبدة يعني ابن سليمان عن هشام بن عروة عن أبيه أن رجلا قال لامرأته : لا أطلقك أبدا ولا آويك أبدا قالت : وكيف ذلك ؟ قال : أطلق حتى إذا دنا أجلك راجعتك فأتت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فذكرت ذلك له فأنزل الله عز وجل "الطلاق مرتان" وهكذا رواه ابن جرير في تفسيره من طريق جرير بن عبد الحميد وابن إدريس .
ورواه عبد بن حميد في تفسيره عن جعفر بن عون كلهم عن هشام عن أبيه قال : كان الرجل أحق برجعة امرأته وإن طلقها ما شاء ما دامت في العدة وإن رجلا من الأنصار غضب على امرأته فقال : والله لا آويك ولا أفارقك قالت : وكيف ذلك ؟ قال : أطلقك فإذا دنا أجلك راجعتك ثم أطلقك فإذا دنا أجلك راجعتك فذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأنزل الله عز وجل "الطلاق مرتان" قال : فاستقبل الناس الطلاق من كان طلق ومن لم يكن طلق وقد رواه أبو بكر بن مردويه من طريق محمد بن سليمان عن يعلى بن شبيب مولى الزبير عن هشام عن أبيه عن عائشة فذكره بنحو ما تقدم .

ورواه الترمذي عن قتيبة عن يعلى بن شبيب به .
ثم رواه عن أبي كريب عن ابن إدريس عن هشام عن أبيه مرسلا قال هذا أصح .
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...6630858ac6.png




ابوالوليد المسلم 22-11-2025 11:22 AM

رد: تفسير القرآن العظيم (تفسير ابن كثير)
 
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...cdf76dc237.png

تفسير القرآن العظيم
(تفسير ابن كثير)

إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي
الجزء الثانى

سورة البقرة
من صــ341 الى صــ 350
الحلقة (89)






ورواه الحاكم في مستدركه من طريق يعقوب بن حميد بن كاسب عن يعلى بن شبيب به وقال : صحيح الإسناد ثم قال ابن مردويه : حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم حدثنا إسماعيل بن عبد الله حدثنا محمد بن حميد حدثنا سلمة بن الفضل عن محمد بن إسحاق عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت : لم يكن للطلاق وقت يطلق الرجل امرأته ثم يراجعها ما لم تنقض العدة وكان بين رجل من الأنصار وبين أهله بعض ما يكون بين الناس فقال : والله لأتركنك لا أيما ولا ذات زوج فجعل يطلقها حتى إذا كادت العدة أن تنقضي راجعها ففعل ذلك مرارا فأنزل الله عز وجل فيه "الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان" فوقت الطلاق ثلاثا لا رجعة فيه بعد الثالثة حتى تنكح زوجا غيره وهكذا روي عن قتادة مرسلا ذكره السدي وابن زيد وابن جرير كذلك واختار أن هذا تفسير هذه الآية قوله "فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان" أي إذا طلقتها واحدة أو اثنتين فأنت مخير فيها ما دامت عدتها باقية بين أن تردها إليك ناويا الإصلاح بها والإحسان إليها وبين أن تتركها حتى تنقضي عدتها فتبين منك وتطلق سراحها محسنا إليها لا تظلمها من حقها شيئا ولا تضار بها.
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال إذا طلق الرجل امرأته تطليقتين فليتق الله في ذلك أي في الثالثة فإما أن يمسكها بمعروف فيحسن صحابتها أو يسرحها بإحسان فلا يظلمها من حقها شيئا .
وقال ابن أبي حاتم أخبرنا يونس بن عبد الأعلى قراءة أخبرنا ابن وهب أخبرني سفيان الثوري حدثني إسماعيل بن سميع قال : سمعت أبا رزين يقول : جاء رجل إلى النبي -

صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله أرأيت قول الله عز وجل "فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان" أين الثالثة قال : "التسريح بإحسان" ورواه عبد بن حميد في تفسيره ولفظه أخبرنا يزيد بن أبي حكيم عن سفيان عن إسماعيل بن سميع أن أبا رزين الأسدي يقول : قال رجل يا رسول الله أرأيت قول الله "الطلاق مرتان" فأين الثالثة ؟ قال "التسريح بإحسان الثالثة" .
ورواه الإمام أحمد أيضا .
وهكذا رواه سعيد بن منصور عن خالد بن عبد الله عن إسماعيل بن زكريا وأبي معاوية عن إسماعيل بن سميع عن أبي رزين به وكذا رواه ابن مردويه أيضا من طريق قيس بن الربيع عن إسماعيل بن سميع عن أبي رزين به مرسلا ورواه ابن مردويه أيضا من طريق عبد الواحد بن زياد عن إسماعيل بن سميع عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم .
فذكره ثم قال : حدثنا عبد الله بن أحمد بن عبد الرحيم حدثنا أحمد بن يحيى حدثنا عبيد الله بن جرير بن حبلة حدثنا ابن عائشة حدثنا حماد بن سلمة عن قتادة عن أنس بن مالك

قال : جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله ذكر الله الطلاق مرتين فأين الثالثة ؟ قال "إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان" .
وقوله "ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا" أي لا يحل لكم أن تضاجروهن وتضيقوا عليهن ليفتدين منكم بما أعطيتموهن من الأصدقة أو ببعضه كما قال تعالى "ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة" فأما إن وهبته المرأة شيئا عن طيب نفس منها فقد قال تعالى "فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا" وأما إذا تشاقق الزوجان ولم تقم المرأة بحقوق الرجل وأبغضته ولم تقدر على معاشرته فلها أن تفتدي منه بما أعطاها ولا حرج عليها في بذلها له ولا حرج عليه في قبول ذلك منها ولهذا قال تعالى "ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به" الآية .
فأما إذا لم يكن لها عذر وسألت الافتداء منه فقد قال ابن جرير : حدثنا ابن بشار حدثنا عبد الوهاب "ح" وحدثني يعقوب بن إبراهيم حدثنا ابن علية قالا جميعا : حدثنا أيوب عن أبي قلابة عمن حدثه عن ثوبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "أيما امرأة سألت زوجها طلاقها في غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة" وهكذا رواه الترمذي عن بندار عن عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي به

وقال حسن قال ويروى عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن ثوبان ورواه بعضهم عن أيوب بهذا الإسناد ولم يرفعه : وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرحمن حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن أبي قلابة قال : وذكر أبا أسماء وذكر ثوبان قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "أيما امرأة سألت زوجها الطلاق في غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة" .
وهكذا رواه أبو داود وابن ماجه وابن جرير من حديث حماد بن زيد به "طريق أخرى" قال ابن جرير : حدثني يعقوب بن إبراهيم حدثنا المعتمر بن سليمان عن ليث بن أبي إدريس عن ثوبان مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : "أيما امرأة سألت زوجها الطلاق في غير ما بأس حرم الله عليها رائحة الجنة" وقال "المختلعات هن المنافقات" .
ثم رواه ابن جرير والترمذي جميعا عن أبي كريب عن مزاحم بن داود بن علية عن أبيه عن ليث هو ابن أبي سليم عن أبي الخطاب عن أبي زرعة عن أبي إدريس عن ثوبان قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "المختلعات هن المنافقات" ثم قال الترمذي : غريب من هذا الوجه وليس إسناده بالقوي "حديث آخر" قال ابن جرير : حدثنا أيوب حدثنا حفص بن بشر

حدثنا قيس بن الربيع عن أشعث بن سوار عن الحسن عن ثابت بن يزيد عن عقبة بن عامر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إن المختلعات المنتزعات هن المنافقات" غريب من هذا الوجه ضعيف "حديث آخر" قال الإمام أحمد : حدثنا عفان حدثنا وهيب حدثنا أيوب عن الحسن عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "المتخلعات والمنتزعات هن المنافقات" "حديث آخر" قال ابن ماجه : حدثنا بكر بن خلف أبو بشر حدثنا أبو عاصم عن جعفر بن يحيى بن ثوبان عن عمه عمارة بن ثوبان عن عطاء عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال "لا تسأل امرأة زوجها الطلاق في غير كنهه فتجد ريح الجنة وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاما" .
ثم قد قال طائفة كثيرة من السلف وأئمة الخلف إنه لا يجوز الخلع إلا أن يكون الشقاق والنشوز من جانب المرأة فيجوز للرجل حينئذ قبول الفدية واحتجوا بقوله تعالى "ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله" قالوا : فلم يشرع الخلع إلا في هذه الحالة فلا يجوز في غيرها إلا بدليل والأصل عدمه وممن ذهب إلى هذا ابن عباس وطاوس وإبراهيم وعطاء والحسن والجمهور حتى قال مالك والأوزاعي : لو أخذ منها شيئا وهو مضار لها وجب رده إليها وكان الطلاق رجعيا

قال مالك : وهو الأمر الذي أدركت الناس عليه وذهب الشافعي رحمه الله إلى أنه يجوز الخلع في حال الشقاق وعند الاتفاق بطريق الأولى والأحرى وهذا قول جميع أصحابه قاطبة وحكى الشيخ أبو عمر بن عبد البر في كتاب الاستذكار له عن بكر بن عبد الله المزني أنه ذهب إلى أن الخلع منسوخ بقوله "وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا" .
ورواه ابن جرير عنه وهذا قول ضعيف ومأخذ مردود على قائله وقد ذكر ابن جرير رحمه الله أن هذه الآية نزلت في شأن ثابت بن قيس بن شماس وامرأته حبيبة بنت عبد الله بن أبي بن سلول ولنذكر طرق حديثها واختلاف ألفاظه : قال الإمام مالك في موطئه عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن بن سعيد بن زرارة أنها أخبرته عن حبيبة بنت سهل الأنصاري أنها كانت تحت ثابت بن قيس بن شماس وأن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - خرج إلى الصبح فوجد حبيبة بنت سهل عند بابه في الغلس فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - "من هذه ؟" قلت : أنا حبيبة بنت سهل فقال "ما شأنك" فقالت : لا أنا ولا ثابت بن قيس لزوجها فلما جاء زوجها ثابت بن قيس قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "هذه حبيبة بنت سهل قد ذكرت ما شاء الله أن تذكر" فقالت حبيبة : يا رسول الله كل ما أعطاني عندي فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "خذ منها" فأخذ منها وجلست في أهلها .
وهكذا رواه الإمام أحمد عن عبد الرحمن بن مهدي عن مالك بإسناده مثله ورواه أبو داود عن القعنبي عن مالك والنسائي عن محمد بن مسلمة عن ابن القاسم عن مالك "حديث آخر" عن عائشة .
قال أبو داود وابن جرير : حدثنا محمد بن معمر

حدثنا أبو عامر حدثنا أبو عمرو السدوسي عن عبد الله بن أبي بكر عن عمرة عن عائشة أن حبيبة بنت سهل كانت تحت ثابت بن قيس بن شماس فضربها فانكسر بعضها فأتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد الصبح فاشتكته إليه فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثابتا فقال "خذ بعض مالها وفارقها" قال : ويصلح ذلك يا رسول الله ؟ قال "نعم" قال : إني أصدقتها حديقتين فهما بيدها فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - "خذهما وفارقها" ففعل وهذا لفظ ابن جرير وأبو عمرو السدوسي هو سعيد بن سلمة بن أبي الحسام "حديث آخر" فيه عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال البخاري : حدثنا أزهر بن جميل أخبرنا عبد الوهاب الثقفي حدثنا خالد عن عكرمة عن ابن عباس أن امرأة ثابت بن قيس بن شماس أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت يا رسول الله : ما أعيب عليه في خلق ولا دين ولكن أكره الكفر في الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أتردين عليه حديقته" قالت : نعم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "اقبل الحديقة وطلقها تطليقة" وكذا رواه النسائي عن أزهر بن جميل بإسناده مثله ورواه البخاري أيضا به عن إسحاق الواسطي عن خالد هو ابن عبد الله

الطحاوي عن خالد هو ابن مهران الحذاء عن عكرمة عن ابن عباس به نحوه .
وهكذا رواه البخاري أيضا من طرق عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس وفي بعضها أنها قالت : لا أطيقه يعني بغضا وهذا الحديث من أفراد البخاري من هذا الوجه .
ثم قال حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة أن جميلة رضي الله عنها كذا قال والمشهور أن اسمها حبيبة كما تقدم لكن قال الإمام أبو عبد الله بن بطة : حدثني أبو يوسف يعقوب بن يوسف الطباخ حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري حدثني عبد الأعلى حدثنا سعيد عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس أن جميلة بنت سلول أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت : والله ما أعتب على ثابت بن قيس في دين ولا خلق ولكنني أكره الكفر في الإسلام لا أطيقه بغضا فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - "تردين عليه حديقته ؟" قالت : نعم .
فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يأخذ ما ساق ولا يزداد وقد رواه ابن مردويه في تفسيره عن موسى بن هارون حدثنا أزهر بن مروان حدثنا عبد الأعلى مثله وهكذا رواه ابن ماجه عن أزهر بن مروان بإسناده مثله سواء وهو إسناد جيد مستقيم وقال ابن جرير : حدثنا ابن حميد حدثنا يحيى بن واضح حدثنا الحسين بن واقد عن ثابت عن عبد الله بن رباح عن جميلة بنت عبد الله بن أبي بن سلول أنها كانت تحت ثابت بن قيس فنشزت عليه فأرسل إليها النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال "يا جميلة ما كرهت من ثابت ؟" قالت : والله ما كرهت منه دينا ولا خلقا إلا أني كرهت دمامته فقال لها : "أتردين عليه الحديقة" قالت نعم فردت الحديقة

وفرق بينهما .
وقال ابن جرير أيضا حدثنا محمد بن عبد الأعلى حدثنا المعتمر بن سليمان قال قرأت على فضيل عن أبي جرير أنه سأل عكرمة هل كان للخلع أصل ؟ قال : كان ابن عباس يقول إن أول خلع كان في الإسلام في أخت عبد الله بن أبي أنها أتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت يا رسول الله لا يجمع رأسي ورأسه شيء أبدا إني رفعت جانب الخباء فرأيته قد أقبل في عدة فإذا هو أشدهم سوادا وأقصرهم قامة وأقبحهم وجها فقال زوجها يا رسول الله إني قد أعطيتها أفضل مالي حديقة لي فإن ردت علي حديقتي قال "ما تقولين" ؟ قالت : نعم وإن شاء زدته .
قال ففرق بينهما "حديث آخر" قال ابن ماجه : حدثنا أبو كريب حدثنا أبو خالد الأحمر عن حجاج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : كانت حبيبة بنت سهل تحت ثابت بن قيس بن شماس وكان رجلا دميما فقالت : يا رسول الله والله لولا مخافة الله إذا دخل علي بصقت في وجهه فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "أتردين عليه حديقته ؟" قالت نعم فردت عليه حديقته قال ففرق بينهما رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقد اختلف الأئمة رحمهم الله في أنه هل يجوز للرجل أن يفاديها بأكثر مما أعطاها فذهب الجمهور إلى جواز ذلك لعموم قوله تعالى "فلا جناح عليهما فيما افتدت به" وقال ابن جرير : حدثنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا ابن علية أخبرنا أيوب عن كثير مولى ابن سمرة أن عمر أتي بامرأة ناشز فأمر بها إلى بيت كثير الزبل ثم دعا بها فقال

كيف وجدت فقالت ما وجدت راحة منذ كنت عنده إلا هذه الليلة التي كنت حبستني فقال : لزوجها اخلعها ولو من قرطها ورواه عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن كثير مولى ابن سمرة فذكر مثله وزاد فحبسها فيه ثلاثة أيام قال : سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن حميد بن عبد الرحمن أن امرأة أتت عمر بن الخطاب فشكت زوجها فأباتها في بيت الزبل فلما أصبحت قال كيف وجدت مكانك ؟ قالت ما كنت عنده ليلة أقر لعيني من هذه الليلة .
فقال خذ ولو عقاصها وقال البخاري : وأجاز عثمان الخلع دون عقاص رأسها وقال : عبد الرزاق أخبرنا معمر عن عبد الله بن محمد بن عقيل أن الربيع بنت معوذ ابن عفراء حدثته قالت : كان لي زوج يقل علي الخير إذا حضرني ويحرمني إذا غاب عني قالت فكانت مني زلة يوما فقلت : أختلع منك بكل شيء أملكه قال : نعم قالت ففعلت قالت فخاصم عمي معاذ ابن عفراء إلى عثمان بن عفان فأجاز الخلع وأمره أن يأخذ عقاص رأسي فما دونه أو قالت ما دون عقاص الرأس ومعنى هذا أنه يجوز أن يأخذ منها كل ما بيدها من قليل وكثير ولا يترك لها سوى عقاص شعرها وبه يقول ابن عمر وابن عباس ومجاهد وعكرمة وإبراهيم النخعي وقبيصة بن ذؤيب والحسن بن صالح وعثمان البتي وهذا مذهب مالك والليث والشافعي وأبي

ثور واختاره ابن جرير وقال أصحاب أبي حنيفة إن كان الإضرار من قبلها جاز أن يأخذ منها ما أعطاها ولا يجوز الزيادة عليه فإن ازداد جاز في القضاء وإن كان الإضرار من جهته لم يجز أن يأخذ منها شيئا فإن أخذ جاز في القضاء .
وقال الإمام أحمد وأبو عبيد وإسحاق بن راهويه لا يجوز أن يأخذ أكثر مما أعطاها وهذا قول سعيد بن المسيب وعطاء وعمرو بن شعيب والزهري وطاوس والحسن والشعبي وحماد بن أبي سليمان والربيع بن أنس .
وقال معمر والحكم كان علي يقول لا يأخذ من المختلعة فوق ما أعطاها وقال : الأوزاعي القضاة لا يجيزون أن يأخذ منها أكثر مما ساق إليها .

https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...6630858ac6.png


ابوالوليد المسلم 22-11-2025 11:25 AM

رد: تفسير القرآن العظيم (تفسير ابن كثير)
 
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...cdf76dc237.png

تفسير القرآن العظيم
(تفسير ابن كثير)

إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي
الجزء الثانى

سورة البقرة
من صــ351 الى صــ 360
الحلقة (90)






"قلت" ويستدل لهذا القول بما تقدم من رواية قتادة عن عكرمة عن ابن عباس في قصة ثابت بن قيس فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يأخذ منها الحديقة ولا يزداد وبما روى عبد بن حميد حيث قال : أخبرنا قبيصة عن سفيان عن ابن جريج عن عطاء أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كره أن يأخذ منها أكثر مما أعطاها يعني المختلعة وحملوا معنى الآية على معنى "فلا جناح عليهما فيما افتدت به" أي من الذي أعطاها لتقدم قوله "ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا أن لا يقيما حدود الله فإن خفتم أن لا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به" أي من ذلك وهكذا كان يقرؤها الربيع بن أنس "فلا جناح عليهما فيما افتدت به" منه رواه ابن جرير ولهذا قال بعده "تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون" "فصل" قال الشافعي : اختلف أصحابنا في الخلع فأخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عباس في رجل طلق امرأته تطليقتين ثم اختلعت منه بعد يتزوجها إن
شاء لأن الله تعالى يقول "الطلاق مرتان" قرأ إلى "أن يتراجعا" قال الشافعي : وأخبرنا سفيان عن عمرو عن عكرمة قال : كل شيء أجازه المال فليس بطلاق وروى غير الشافعي عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عباس أن إبراهيم بن سعد بن أبي وقاص سأله فقال : رجل طلق امرأته تطليقتين ثم اختلعت منه أيتزوجها ؟ قال : نعم ليس الخلع بطلاق ذكر الله الطلاق في أول الآية وآخرها والخلع فيما بين ذلك فليس الخلع بشيء ثم قرأ "الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان" وقرأ "فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره" وهذا الذي ذهب إليه ابن عباس رضي الله عنهما من أن الخلع ليس بطلاق وإنما هو فسخ هو رواية عن أمير المؤمنين عثمان بن عفان وابن عمر وهو قول طاوس وعكرمة وبه يقول أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وأبو ثور وداود بن علي الظاهري وهو مذهب الشافعي في القديم وهو ظاهر الآية الكريمة والقول الثاني في الخلع إنه طلاق بائن إلا أن ينوي أكثر من ذلك قال مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن جمهان مولى الأسلميين عن أم بكر الأسلمية أنها اختلعت من زوجها عبد الله بن خالد بن أسيد فأتيا عثمان بن عفان في ذلك فقال تطليقة إلا أن تكون سميت شيئا فهو ما
سميت قال الشافعي : ولا أعرف جمهان وكذا ضعف أحمد بن حنبل هذا الأثر والله أعلم .
وقد روي نحوه عن عمر وعلي وابن مسعود وابن عمر وبه يقول سعيد بن المسيب والحسن وعطاء وشريح والشعبي وإبراهيم وجابر بن زيد وإليه ذهب مالك وأبو حنيفة وأصحابه والثوري والأوزاعي وأبو عثمان البتي والشافعي في الجديد غير أن

الحنفية عندهم أنه متى نوى المخالع بخلعه تطليقة أو اثنتين أو طلق فهو واحدة بائنة وإن نوى ثلاثا فثلاث وللشافعي قول آخر في الخلع وهو أنه متى لم يكن بلفظ الطلاق وعري عن البينة فليس هو بشيء بالكلية .
"مسألة" وذهب مالك وأبو حنيفة والشافعي وأحمد وإسحاق بن راهويه في رواية عنهما وهي المشهورة إلى أن المختلعة عدتها عدة المطلقة بثلاثة قروء إن كانت ممن تحيض .
وروي ذلك عن عمر وعلي وابن عمر وبه يقول سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار وعروة وسالم وأبو سلمة وعمر بن عبد العزيز وابن شهاب والحسن والشعبي وإبراهيم النخعي وأبو عياض وخلاس بن عمر وقتادة وسفيان الثوري والأوزاعي والليث بن سعد وأبو العبيد قال الترمذي : وهو قول أكثر أهل العلم من الصحابة وغيرهم ومأخذهم في هذا أن الخلع طلاق فتعتد كسائر المطلقات والقول الثاني أنها تعتد بحيضة واحدة تستبرئ بها رحمها قال ابن أبي شيبة حدثنا يحيى بن سعيد عن نافع عن ابن عمر أن الربيع اختلعت من زوجها فأتى عمها عثمان - رضي الله عنه - فقال تعتد بحيضة قال : وكان ابن عمر يقول تعتد ثلاث حيض حتى قال هذا عثمان فكان ابن عمر يفتي به ويقول عثمان خيرنا وأعلمنا .
وحدثنا عبدة عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال : عدة المختلعة حيضة .
وحدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي عن ليث عن طاوس عن ابن عباس قال : عدتها حيضة وبه يقول عكرمة وأبان بن عثمان وكل من تقدم ذكره ممن يقول إن الخلع فسخ يلزمه القول بهذا واحتجوا لذلك بما رواه أبو داود والترمذي حيث قال

كل منهما حدثنا محمد بن عبد الرحيم البغدادي حدثنا علي بن يحيى أخبرنا هشام بن يوسف عن معمر عن عمرو بن مسلم عن عكرمة عن ابن عباس أن امرأة ثابت بن قيس اختلعت من زوجها على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمرها النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تعتد بحيضة ثم قال الترمذي حسن غريب وقد رواه عبد الرزاق عن معمر عن عمرو بن مسلم عن عكرمة مرسلا "حديث آخر" .
قال الترمذي : حدثنا محمود بن غيلان حدثنا الفضل بن موسى عن سفيان حدثنا محمد بن عبد الرحمن وهو مولى آل طلحة عن سليمان بن يسار عن الربيع بنت معوذ ابن عفراء أنها اختلعت على عهد رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فأمرها النبي - صلى الله عليه وسلم - أو أمرت أن تعتد بحيضة قال الترمذي : الصحيح أنها أمرت أن تعتد بحيضة "طريق أخرى" .
قال ابن ماجه : حدثنا علي بن سلمة النيسابوري حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد حدثنا أبي عن ابن إسحاق أخبرني عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت عن الربيع بنت معوذ ابن عفراء قال : قلت لها حدثيني حديثك قالت : اختلعت من زوجي ثم جئت عثمان فسألت عثمان ماذا علي من العدة ؟ قال : لا عدة عليك إلا أن يكون حديث عهد بك فتمكثين عنده حتى تحيضي حيضة قالت : وإنما تبع في ذلك قضاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مريم

المغالية وكانت تحت ثابت بن قيس فاختلعت منه وقد روى ابن لهيعة عن أبي الأسود عن أبي سلمة ومحمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن الربيع بنت معوذ قالت : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يأمر امرأة ثابت بن قيس حين اختلعت منه أن تعتد بحيضة .
"مسألة" وليس للمخالع أن يراجع المختلعة في العدة بغير رضاها عند الأئمة الأربعة وجمهور العلماء لأنها قد ملكت نفسها بما بذلت له من العطاء .
وروي عن عبد الله بن أبي أوفى وماهان الحنفي وسعيد بن المسيب والزهري أنهم قالوا : إن رد إليها الذي أعطاها جاز له رجعتها في العدة بغير رضاها وهو اختيار أبي ثور رحمه الله .
وقال سفيان الثوري : إن كان الخلع بغير لفظ الطلاق فهو فرقة ولا سبيل له عليها وإن كان يسمى طلاقا فهو أملك لرجعتها ما دامت في العدة وبه يقول داود بن علي الظاهري واتفق الجميع على أن للمختلع أن يتزوجها في العدة وحكى الشيخ أبو عمر بن عبد البر عن فرقة أنه لا يجوز له ذلك كما لا يجوز لغيره وهو قول شاذ مردود .
"مسألة" وهل له أن يوقع عليها طلاقا آخر في العدة ؟ فيه ثلاثة أقوال للعلماء : "أحدها" ليس له ذلك لأنها قد ملكت نفسها وبانت منه وبه يقول ابن عباس وابن الزبير وعكرمة وجابر بن زيد والحسن البصري والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وأبو ثور "والثاني" قال مالك : إن أتبع الخلع طلاقا من غير سكوت بينهما لم يقع قال ابن عبد البر : وهذا يشبه ما روي عن عثمان - رضي الله عنه - والثالث أنه يقع عليها الطلاق بكل حال ما دامت في العدة وهو قول أبي حنيفة وأصحابه والثوري والأوزاعي وبه يقول سعيد بن المسيب وشريح وطاوس وإبراهيم والزهري والحاكم والحكم وحماد بن أبي سليمان وروي ذلك عن ابن مسعود وأبي الدرداء

قال ابن عبد البر : وليس ذلك بثابت عنهما .
وقوله "تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون" أي هذه الشرائع التي شرعها لكم هي حدوده فلا تتجاوزوها كما ثبت في الحديث الصحيح "إن الله حد حدودا فلا تعتدوها وفرض فرائض فلا تضيعوها وحرم محارم فلا تنتهكوها وسكت عن أشياء رحمة لكم غير نسيان فلا تسألوا عنها" وقد يستدل بهذه الآية من ذهب إلى أن جمع الطلقات الثلاث بكلمة واحدة حرام كما هو مذهب المالكية ومن وافقهم وإنما السنة عندهم أن يطلق واحدة لقوله "الطلاق مرتان" ثم قال "تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون" ويقوون ذلك بحديث محمود بن لبيد الذي رواه النسائي في سننه حيث قال : حدثنا سليمان بن داود أخبرنا ابن وهب عن مخرمة بن بكير عن أبيه عن محمود بن لبيد قال : أخبر رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعا فقام غضبان ثم قال : "أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم" حتى قام رجل فقال يا رسول الله ألا أقتله ؟ فيه انقطاع .
فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون (230)
فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون
وقوله تعالى "فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره" أي أنه إذا طلق الرجل امرأته طلقة ثالثة بعد ما أرسل عليها الطلاق مرتين فإنها تحرم عليه "حتى تنكح زوجا غيره" أي حتى يطأها زوج آخر في نكاح صحيح فلو وطئها واطئ في غير نكاح ولو في ملك اليمين لم تحل للأول لأنه ليس بزوج وهكذا لو تزوجت ولكن لم يدخل بها الزوج لم تحل للأول واشتهر بين كثير من الفقهاء أن سعيد بن المسيب رحمه الله أنه يقول : يحصل المقصود من تحليلها للأول بمجرد العقد على الثاني وفي صحته عنه نظر على أن الشيخ أبا عمر بن عبد البر قد حكاه عنه في الاستذكار والله أعلم .

وقد قال أبو جعفر بن جرير رحمه الله : حدثنا ابن بشار حدثنا محمد بن جعفر عن شعبة عن علقمة بن مرثد عن سالم بن رزين عن سالم بن عبد الله عن سعيد بن المسيب عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الرجل يتزوج المرأة فيطلقها قبل أن يدخل بها البتة فيتزوجها زوج آخر فيطلقها قبل أن يدخل بها أترجع إلى الأول ؟ قال "لا حتى تذوق عسيلته ويذوق عسيلتها" هكذا وقع في رواية ابن جرير وقد رواه الإمام أحمد فقال : حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن علقمة بن مرثد قال : سمعت سالم بن رزين يحدث عن سالم بن عبد الله بن عمر عن سعيد بن المسيب عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في الرجل تكون له المرأة فيطلقها ثم يتزوجها رجل فيطلقها قبل أن يدخل بها فترجع إلى زوجها الأول فقال : رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم "حتى تذوق العسيلة" وهكذا رواه النسائي عن عمرو بن علي الفلاس وابن ماجه عن محمد بن بشار بندار كلاهما عن محمد بن جعفر غندر عن شعبة به كذلك فهذا من رواية سعيد بن المسيب عن ابن عمر مرفوعا على خلاف ما يحكى عنه فبعيد أن يخالف ما رواه بغير مستند والله أعلم .
وقد روى أحمد أيضا والنسائي وابن جرير هذا الحديث من طريق سفيان الثوري عن علقمة بن مرثد عن رزين بن سليمان الأحمدي عن ابن عمر قال : سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الرجل يطلق امرأته ثلاثا فيتزوجها آخر فيغلق الباب ويرخي الستر ثم

يطلقها قبل أن يدخل بها هل تحل للأول ؟ قال : "لا حتى تذوق العسيلة" وهذا لفظ أحمد وفي رواية لأحمد سليمان بن رزين "حديث آخر" قال الإمام أحمد : حدثنا عفان حدثنا محمد بن دينار حدثنا يحيى بن يزيد الهنائي عن أنس بن مالك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن رجل كانت تحته امرأة فطلقها ثلاثا فتزوجت بعده رجلا فطلقها قبل أن يدخل بها أتحل لزوجها الأول ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "لا حتى يكون الآخر قد ذاق من عسيلتها وذاقت من عسيلته" .
وهكذا رواه ابن جرير عن محمد بن إبراهيم الأنماطي عن هشام بن عبد الملك حدثنا محمد بن دينار فذكره .
"قلت" ومحمد بن دينار بن صندل أبو بكر الأزدي ثم الطائي البصري ويقال له ابن أبي الفرات اختلفوا فيه فمنهم من ضعفه ومنهم من قواه وقبله.
وحسن له وذكر أبو داود أنه تغير قبل موته فالله أعلم .
"حديث آخر" قال ابن جرير : حدثنا عبيد بن آدم بن أبي إياس العسقلاني حدثنا أبي حدثنا شيبان حدثنا يحيى بن أبي كثير عن أبي الحارث الغفاري عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المرأة يطلقها زوجها ثلاثا فتتزوج غيره فيطلقها قبل أن يدخل بها فيريد الأول أن يراجعها قال : "لا حتى يذوق الآخر عسيلتها" .
ثم رواه من وجه آخر عن شيبان وهو ابن عبد الرحمن به وأبو الحارث غير معروف .

"حديث آخر" قال ابن جرير : حدثنا يحيى عن عبيد الله حدثنا القاسم عن عائشة أن رجلا طلق امرأته ثلاثا فتزوجت زوجا فطلقها قبل أن يمسها فسئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتحل للأول ؟ فقال "لا حتى يذوق من عسيلتها كما ذاق الأول" أخرجه البخاري ومسلم والنسائي من طرق عن عبيد الله بن عمر العمري عن القاسم بن أبي بكير عن عمته عائشة به "طريق أخرى" قال ابن جرير : حدثنا عبيد الله بن إسماعيل الهباري وسفيان بن وكيع وأبو هشام الرفاعي قالوا : حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت : سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن رجل طلق امرأته فتزوجت رجلا غيره فدخل بها ثم طلقها قبل أن يواقعها أتحل لزوجها الأول ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا تحل لزوجها الأول حتى يذوق الآخر عسيلتها وتذوق عسيلته" .
وكذا رواه أبو داود عن مسدد والنسائي عن أبي كريب كلاهما عن أبي معاوية وهو محمد بن حازم الضرير به "طريق أخرى" قال مسلم في صحيحه : حدثنا محمد بن العلاء الهمداني حدثنا أبو أسامة عن هشام عن أبيه عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن المرأة يتزوجها الرجل فيطلقها فتتزوج رجلا آخر فيطلقها قبل أن يدخل بها أتحل لزوجها الأول ؟ قال : "لا حتى يذوق عسيلتها"

قال مسلم : وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو فضيل وحدثنا أبو كريب حدثنا أبو معاوية جميعا عن هشام بهذا الإسناد وقد رواه البخاري من طريق أبي معاوية محمد بن حازم عن هشام به وتفرد به مسلم من الوجهين الآخرين .
وهكذا رواه ابن جرير من طريق عبد الله بن المبارك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا بنحوه أو مثله وهذا إسناد جيد وكذا رواه ابن جرير أيضا من طريق علي بن زيد بن جدعان عن امرأة أبيه أمينة أم محمد عن عائشة عن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم بمثله وهذا السياق مختصر من الحديث الذي رواه البخاري حدثنا عمرو بن علي حدثنا يحيى عن هشام بن عروة حدثني أبي عن عائشة مرفوعا عن النبي صلى الله عليه وسلم وحدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا عبدة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رفاعة القرظي تزوج امرأة ثم طلقها فأتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرت له أنه لا يأتيها وأنه ليس معه إلا مثل هدبة الثوب فقال : "لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك" تفرد به من هذا الوجه ""
طريق أخرى "قال الإمام أحمد حدثنا عبد الأعلى عن معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت : دخلت امرأة رفاعة القرظي وأنا وأبو بكر عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت : إن رفاعة طلقني البتة وإن عبد الرحمن بن الزبير تزوجني وإنما عنده مثل الهدبة وأخذت هدبة من جلبابها وخالد بن سعيد بن العاص بالباب لم يؤذن له فقال أبو بكر : ألا تنهي هذه عما تجهر به بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فما زاد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن التبسم فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" كأنك تريدين أن ترجعي إلى رفاعة لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك "."







الساعة الآن : 04:46 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 207.80 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 207.30 كيلو بايت... تم توفير 0.50 كيلو بايت...بمعدل (0.24%)]