رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
ما يعرف به القدر مداخلة: أحسن الله إليك. ذكرت أن القدر يعرف بأمرين: وقوعه، وإخبار الرسول صلى الله عليه وسلم؟الشيخ: إي نعم، الأمر الأول: وقوعه، والأمر الثاني: إخبار الرسول صلى الله عليه وسلم عن أمر لم يقع بأنه سيقع، مثل إخبار الرسول صلى الله عليه وسلم عن الدجال، وعن الساعة، وعن عذاب القبر، ونعيمه، وعن خروج يأجوج ومأجوج، وعن نزول عيسى بن مريم، فهذه أمور مستقبلة غيب، لكننا عرفنا أنها مقدرة، وأنها ستقع بإخبار الذي لا ينطق عن الهوى عليه الصلاة والسلام؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم إذا أخبر عن خبر ماضٍ، فلا بد وأن يوجد خبره طبقاً لما أخبر، كإخباره عن بدء الدنيا، وعن الخلق، وعن خلق آدم، وعن خلق الجن، وعن خلق الملائكة، وما إلى ذلك، فهذه أمور مضت، والرسول صلى الله عليه وسلم أخبر بها، وقد علمنا أنها وقعت طبقاً لما أخبر، وكذلك أمور مستقبلة أخبر عنها الرسول صلى الله عليه وسلم بأنها ستقع، فنحن نعلم أنها مقدرة، وأنها ستقع؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم إذا أخبر عن أمر سيكون علمنا أنه مقدر، وأنه لا بد وأن يوجد طبقاً لما أخبر به عليه الصلاة والسلام، فبهذين الأمرين نعرف أن الشيء مقدر، فالشيء الذي وقع علمنا بأنه مقدر، والشيء الذي لم يقع لا ندري، لكن إذا جاءنا خبر عن رسول الله عليه الصلاة والسلام بأنه سيكون كذا، وأنه سيوجد كذا، وسيحصل كذا، نعلم أن هذا الذي أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم سيقع وأنه مقدر، وأنه لا بد وأن يوجد، وبغير هذين الأمرين لا نعلم الشيء المقدر. إنكاح الابن أمه شرح حديث أم سلمة في إنكاح الولد أمه قال المصنف رحمه الله تعالى: [إنكاح الابن أمهأخبرنا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم حدثنا يزيد عن حماد بن سلمة عن ثابت البناني أخبرني ابن عمر بن أبي سلمة عن أبيه عن أم سلمة رضي الله عنها: (لما انقضت عدتها بعث إليها أبو بكر يخطبها عليه، فلم تزوجه، فبعث إليها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عمر بن الخطاب يخطبها عليه، فقالت: أخبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أني امرأة غيراء، وأني امرأة مصبية، وليس أحد من أوليائي شاهد، فأتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فذكر ذلك له، فقال: ارجع إليها فقل لها: أما قولك: إني امرأة غيراء، فسأدعو الله لك فيذهب غيرتك، وأما قولك: إني امرأة مصبية، فستكفين صبيانك، وأما قولك: أن ليس أحد من أوليائي شاهد، فليس أحد من أوليائك شاهد ولا غائب يكره ذلك، فقالت لابنها: يا عمر! قم فزوج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فزوجه)، مختصر]. أورد النسائي هذه الترجمة وهي: [إنكاح الابن أمه]، يعني: كون الابن يزوج أمه ويعقد لها، فالابن إذا كان كبيراً يزوج أمه، وهو من أوليائها، لكن إذا كان صغيراً لا يزوجها، فلا يكون ولياً؛ لأنه يحتاج هو إلى ولاية، فلا يكون ولياً لغيره؛ لأنه يحتاج إلى أن يولى عليه، ولهذا لا يصلح أن يكون محرماً في سفر؛ لأنه ليس عنده القدرة على ما شرع المحرم أو السفر مع المحرم من أجله؛ لأنه ضعيف، وليس عنده القدرة على ذلك. أورد النسائي في هذا حديث أم سلمة رضي الله عنها، لما مات أبو سلمة وانتهت عدتها، تقدم إليها أبو بكر يخطبها فلم تزوجه، أي: ما قبلته، ولم تجبه، ثم خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت لـعمر وهو الذي أرسل للخطبة: أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمرين: أنني امرأة غيراء، يعني: عندها غيرة، ولعلها تخشى أن تقصر لغيرتها في حقه، أو يحصل منها شيء لا ينبغي بسبب الغيرة، قد لا يرضاها رسول الله عليه الصلاة والسلام، ويحصل منها تقصير في حقه بسبب ذلك، وأني أيضاً امرأة مصبية، يعني: عندي صبيان، وليس من أوليائي أحد شاهد، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخبرها بأن كونها غيراء، سيدعو الله عز وجل أن يذهب عنها ذلك، وكونها مصبية، ستكفى مئونة صبيانها، وكونه ليس من أوليائها شاهد، فليس هناك أحد شاهد أو غائب يكره ذلك؛ لأن الكل يحب القرب من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ويعتبر ذلك شرف، وخير الأزواج هو رسول الله عليه الصلاة والسلام، قالت: قم يا عمر فزوج رسول الله، وابنها عمر صغير، فزوج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أي: أنه عقد له، الحديث ذكر الشيخ الألباني أنه ضعيف، لكن ما يتعلق بالغيرة، وكونها مصبية، والخطبة، وما إلى ذلك، هو ثابت في صحيح مسلم، لكن الذي فيه التزويج جاء في هذا الحديث، وأن ابنها عمر هو الذي زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو صغير، ومما يدل على عدم سلامة هذا اللفظ الذي جاء في أثنائه من قولها: ليس من أوليائي أحد شاهد، ومع ذلك ابنها كان موجوداً، فهو شاهد يعني: حاضر، فهذا أيضاً مما يبين أن ما يتعلق بقصة تزويج عمر لها يعني يوجد في نفس الحديث، يعني ما لا يتفق معه؛ لأنها نفت أن يكون أحد من أوليائها شاهداً، مع أنه ولي، لكن هو صغير، والصغير لا يكون أهلاً، ولا يكون له ولاية النكاح، لكن الكبير له أن يزوج أمه؛ لأنه من أوليائها، والسبب في الكلام في هذا الحديث من جهة ابن عمر الذي يروي عن أبيه، فإنه قال عنه الحافظ في التقريب: إنه مقبول، وقال عنه غيره: إنه مجهول، قال: وعلى هذا فلا يعتمد على ما جاء من طريقه، لكن ما يتعلق بذكر الغيرة، وذكر الخطبة، وذكر الصبيان، فقد جاء من غير هذا الطريق الذي فيه ابن عمر بن أبي سلمة. تراجم رجال إسناد حديث أم سلمة في إنكاح الولد أمه قوله: [أخبرنا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم].هو المشهور أبوه بـابن علية، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي، وأبوه أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو ثقة، مشهور، من رجال الكتب الستة، وأما ابنه محمد هذا فهو من رجال النسائي وحده، وهو ثقة. [حدثنا يزيد]. هو يزيد بن هارون الواسطي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن حماد بن سلمة]. هو حماد بن سلمة البصري، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة. [عن ثابت]. هو ثابت بن أسلم البناني البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [أخبرني ابن عمر بن أبي سلمة]. اختلف في اسمه على أقوال متعددة، وقد قال عنه الحافظ في التقريب: إنه مقبول، وأخرج حديثه أبو داود، والنسائي. [عن أبيه]. هو عمر بن أبي سلمة ربيب النبي عليه الصلاة والسلام، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [عن أم سلمة]. هي أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة. إنكاح الرجل ابنته الصغيرة شرح حديث عائشة: (أن رسول الله تزوجها وهي بنت ست...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [إنكاح الرجل ابنته الصغيرة.أخبرنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا أبو معاوية حدثنا هشام بن عروة عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تزوجها وهي بنت ست، وبنى بها وهي بنت تسع)]. النسائي هذه الترجمة وهي: [إنكاح الرجل ابنته الصغيرة]، يعني: ينكحها من غير أن يستأذنها؛ لأن كونها صغيرة ما عندها التمييز والإدراك، بخلاف البالغة، فإن التي هي مكلفة، والتي تشتهي الرجال، وتميل إلى الرجال، وعندها الحاجة التي تدفعها إلى الرجال، هذه تختلف عن الصغيرة؛ لأن المقصود بالصغيرة غير البالغة، غير المكلفة، هذا هو المقصود بهذه الترجمة، وكونه ينكحها، أي: يزوجها بغير إذن لها. والمقصود من الترجمة: أن الصغيرة تنكح إذا تقدم لها من هو كفء، ويفرح به، ويغتبط به، وأما استئذانها فهي ليست محلاً للإذن؛ لأنها ليس عندها القدرة، والمعرفة، فهي تزوج بدون استئذان خشية فوات الكفء؛ لأنها ليست من أهل الاستئذان، وإذا لم يجب هذا الذي خطبها، وهو كفء يفرح به، ويغتبط به، ويسارع إلى الظفر به، فإنه يخشى فواته، فيكون أبوها هو الذي يرى المصلحة لها، بأن يكسب هذا الرجل الذي لو فوته، يمكن أن يذهب إلى غيرها، ثم لا تظفر به ابنته، هذا هو المقصود من هذه الترجمة، وفيها خلاف لأهل العلم، لكن منهم من رأى أن الصغيرة تزوج بدون استئذان تداركاً للكفء الذي تقدم لخطبتها، وخشية فواته، ولا تستأذن؛ لأنها ليست أهلاً للإذن ما دام أنها صغيرة، وليس عندها الميل إلى الرجال، وليس عندها الخبرة التي تكون عند من بلغت سن النكاح، وسن البلوغ، ومن العلماء من قال: إنها لا تزوج الصغيرة؛ لأنه لا بد من الإذن، وهي ليست من أهل الإذن، فإذاً لا تزوج. والنسائي رحمه الله ذكر هذه الترجمة، واستدل عليها بحديث عائشة في تزويج أبي بكر إياها لرسول عليه الصلاة والسلام، وكانت صغيرةً في سنها، وأورد فيها حديث عائشة: (أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها وهي ابنة سبع، وبنى بها وهي ابنة تسع)، وجاء في بعض الأحاديث: (أنه توفي عنها وهي ابنة ثمان عشرة سنة)، قالوا: فهذا فيه دليل على أن الصغيرة يزوجها أبوها من غير إذنها إذا جاء كفء يخشى فواته، كما حصل من أبي بكر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن تحصيل زواج الرسول صلى الله عليه وسلم منها شرف، فيبادر إليه، قالوا: فكذلك إذا كان هناك أحد له منزلة رفيعة، وله مكانة طيبة، وهو أهل لذلك، ويغتبط به، ويفرح به، فتزوج وهي صغيرة بسبب ذلك أو من أجل ذلك. تراجم رجال إسناد حديث عائشة: (أن رسول الله تزوجها وهي بنت ست...) قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم].هو إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن راهويه الحنظلي، وهو ثقة، ثبت، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه. [أخبرنا أبو معاوية]. هو أبو معاوية محمد بن خازم الضرير الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثنا هشام بن عروة]. هو هشام بن عروة بن الزبير، وهو ثقة ربما وهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [عن أبيه]. هو عروة بن الزبير بن العوام، تابعي من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [عن عائشة]. هي أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق، صاحبة المناقب الجمة، والفضائل الكثيرة، والتي حفظ الله تعالى بها الشيء الكثير من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله تعالى عنها وأرضاها. شرح حديث عائشة: (تزوجني رسول الله لسبع سنين..) من طريق ثانية قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن النضر بن مساور حدثنا جعفر بن سليمان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (تزوجني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لسبع سنين، ودخل علي لتسع سنين)].أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم، لكن هناك في الحديث السابع (وهي بنت ست)، والذي معنا: (لسبع)، ولعل القول بالسبع أن عمرها كان ستاً وكسراً، والذي قال ست حذف الكسر. تراجم رجال إسناد حديث عائشة: (تزوجني رسول الله لسبع سنين..) من طريق ثانية قوله: [أخبرنا محمد بن النضر بن مساور].صدوق، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي. [حدثنا جعفر بن سليمان]. صدوق يتشيع، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة. [عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة]. وقد مر ذكرهم. شرح حديث عائشة: (تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم لتسع سنين..) من طريق ثالثة قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة حدثنا عبثر عن مطرف عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة: قالت عائشة رضي الله عنها: (تزوجني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لتسع سنين، وصحبته تسعاً)].أورد النسائي حديث عائشة وهو (أن الرسول تزوجها لتسع سنين، وصحبته تسعاً)، يعني: بقيت في عصمته تسع سنوات، ومات عنها وهي ابنة ثمان عشرة سنة؛ لأن تسعاً قبل الدخول عليها، وتسعاً كانت في عصمته، فمات وعمرها ثماني عشرة سنة رضي الله تعالى عنها وأرضاها. تراجم رجال إسناد حديث عائشة: (تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم لتسع سنين..) من طريق ثالثة قوله: [أخبرنا قتيبة].مر ذكره. [حدثنا عبثر]. هو عبثر بن القاسم، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [عن مطرف]. هو مطرف بن طريف، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [عن أبي إسحاق]. هو عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [عن أبي عبيدة]. هو أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [قالت عائشة]. وقد مر ذكرها. شرح حديث عائشة: (تزوجها رسول الله وهي بنت تسع..) من طريق رابعة قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن العلاء وأحمد بن حرب، قالا: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة رضي الله عنها: (تزوجها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهي بنت تسع، ومات عنها وهي بنت ثماني عشرة)].أورد النسائي حديث عائشة من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم: كونه تزوجها وهي ابنة تسع، وصحبته تسع سنوات، أي: أنه مات عنها وهي ابنة ثماني عشرة سنة. تراجم رجال إسناد حديث عائشة: (تزوجها رسول الله وهي بنت تسع..) من طريق رابعة قوله: [أخبرنا محمد بن العلاء].هو محمد بن العلاء أبو كريب، مشهور بكنيته، يأتي بكنيته ويأتي باسمه، وهنا جاء باسمه ونسبه، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [وأحمد بن حرب]. هو أحمد بن حرب الموصلي، وهو صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده. [حدثنا أبي معاوية]. هو محمد بن خازم، وقد مر ذكره. [عن الأعمش]. هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن إبراهيم]. هو ابن يزيد بن قيس النخعي الكوفي، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن الأسود]. هو الأسود بن يزيد بن قيس النخعي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن عائشة]. وقد مر ذكرها. إنكاح الرجل ابنته الكبيرة شرح حديث عمر بن الخطاب في إنكاحه حفصة بعدما تأيمت قال المصنف رحمه الله تعالى: [إنكاح الرجل ابنته الكبيرة. أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد حدثنا أبي عن صالح عن ابن شهاب أخبرني سالم بن عبد الله: أنه سمع عبد الله بن عمر يحدث: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حدثنا قال: (تأيمت حفصة بنت عمر من خنيس بن حذافة السهمي، وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فتوفي بالمدينة، قال عمر: فأتيت عثمان بن عفان رضي الله عنه، فعرضت عليه حفصة بنت عمر، قال: قلت: إن شئت أنكحتك حفصة ؟ قال: سأنظر في أمري، فلبثت ليالي، ثم لقيني، فقال: قد بدا لي أن لا أتزوج يومي هذا، قال عمر: فلقيت أبا بكر الصديق رضي الله عنه، فقلت: إن شئت زوجتك حفصة بنت عمر، فصمت أبو بكر، فلم يرجع إلي شيئاً، فكنت عليه أوجد مني على عثمان، فلبثت ليالي، ثم خطبها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأنكحتها إياه، فلقيني أبو بكر فقال: لعلك وجدت علي حين عرضت علي حفصة فلم أرجع إليك شيئاً؟ قال عمر: قلت: نعم. قال: فإنه لم يمنعني أن أرجع إليك شيئاً فيما عرضت علي إلا أني قد كنت علمت أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد ذكرها، ولم أكن لأفشي سر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولو تركها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبلتها)]. أورد النسائي إنكاح الرجل ابنته الكبيرة، والكبيرة تستأذن، سواءً كانت بكراً أو ثيباً، البنت الكبيرة تستأذن، سواءً كانت بكراً أو ثيباً كما ستأتي الأحاديث في ذلك، يعني أن (الثيب أحق بنفسها)، وفي بعض الروايات: (الأيم أحق بنفسها)، وهو يشمل أي امرأة بلا زوج، سواءً كانت بكراً أو ثيباً، فالمقصود من الترجمة أن الرجل يزوج ابنته الكبيرة، لكن الكبيرة تستأذن في الزواج، ولا تزوج بغير إذنها، وقد أورد النسائي حديث عمر رضي الله عنه في قصة عرضه ابنته على عثمان ثم على أبي بكر بعد أن تأيمت من زوجها خنيس بن حذافة السهمي رضي الله عنه، وعثمان رضي الله عنه قال: سأنظر في أمري، وأجابه بعد مدة بأنه بدا له ألا يتزوج في الوقت الحاضر، وأبو بكر رضي الله عنه سكت ولم يجبه بشيء، ثم خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فزوجها إياه، وبعد ذلك.. بعد أن صار ذلك السر علانية جاء أبو بكر إلى عمر ليعتذر، وقال: لعلك وجدت في نفسك إذ لم أرد عليك جواباً؟ قال: نعم، قال: إن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يذكرها، ولم أكن لأفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يجبه بشيء، وما قال: إن الرسول صلى الله عليه وسلم خطبها، فأنا لا أريد أن أتزوجها وقد ذكرها.. هو لم يخطبها، وإنما كان يذكرها، ويتحدث مع كبار أصحابه أو مع بعض كبار أصحابه بشأنها، فعلموا بأنه يريدها، فلم يجب أبو بكر رضي الله عنه عمر بشيء، واعتذر له بهذا العذر، وقال: لم أكن لأفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو تركها لتزوجتها، لو أن الرسول صلى الله عليه وسلم عدل عنها، ولم يرد الزواج منها، لحققت لك ما أردت مني من الزواج منها، والمقصود من الحديث: كون عمر رضي الله عنه زوج ابنته رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي كبيرة، وعرضها على عثمان، وعلى أبي بكر وهي كبيرة، يعني متوفى عنها وثيب رضي الله تعالى عنها وأرضاها. تراجم رجال إسناد حديث عمر بن الخطاب في إنكاحه حفصة بعدما تأيمت قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك].هو محمد بن عبد الله بن المبارك المخرمي، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود، والنسائي. [حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد]. ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [عن أبيه]. هو إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [عن صالح]. هو صالح بن كيسان، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [عن ابن شهاب]. هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [أخبرني سالم بن عبد الله]. هو سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وهو ثقة، فقيه من فقهاء المدينة السبعة على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [سمع عبد الله بن عمر]. هو عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، وهو أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام. [أن عمر بن الخطاب]. وهو الخليفة الراشد، ثاني الخلفاء الراشدين، الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة والفضائل الكثيرة، وقد مكث في الخلافة عشر سنوات وأشهراً، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. |
رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
|