ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=91)
-   -   شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=194121)

ابوالوليد المسلم 17-06-2022 12:25 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
تراجم رجال إسناد حديث: (... فمن صامه وقامه إيماناً واحتساباً ...) من طريق سابعة عشرة

قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك].هو المخرمي، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود، والنسائي.
[حدثنا أبو هشام].
هو المغيرة بن سلمة، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقا، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، ما خرج له الترمذي، ولا البخاري في الأصل، وإنما خرج له في التعاليق.
[عن القاسم بن الفضل عن النضر بن شيبان عن أبي سلمة عن عبد الرحمن].
وقد مر ذكر هؤلاء الأربعة.
والطرق الثلاث كلها تدور على النضر بن شيبان، وهو لين الحديث كما قال الحافظ ابن حجر.


فضل الصيام والاختلاف على أبي إسحاق في حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه في ذلك


‏ شرح حديث: (إن الله تبارك وتعالى يقول: الصوم لي وأنا أجزي به ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [فضل الصيام والاختلاف على أبي إسحاق في حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه في ذلك.أخبرني هلال بن العلاء حدثني أبي حدثنا عبيد الله عن زيد عن أبي إسحاق عن عبد الله بن الحارث عن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (إن الله تبارك وتعالى يقول: الصوم لي وأنا أجزي به، وللصائم فرحتان: حين يفطر وحين يلقى ربه، والذي نفسي بيده، لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك)].
أورد النسائي فضل الصيام، وأورد فيه حديث علي وغيره رضي الله تعالى عنهم، وبدأ بحديث علي رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال.. أي: في الحديث القدسي: (الصوم لي وأنا أجزي به وللصائم فرحتان: فرحةٌ عند فطره، وفرحةٌ عند لقاء ربه، والذي نفسي بيده، لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك).
هذا يشتمل على فضل الصيام من عدة وجوه في قوله: (الصوم لي)، كون الله عز وجل يقول: (الصوم لي)، ومن المعلوم أن الأعمال كلها لله عز وجل الصوم وغير الصوم، لكن التنصيص على الصوم وإضافته إلى الله عز وجل يدل على عظم شأنه، لذلك خصه بالإضافة إليه مع أن الأعمال كلها لله عز وجل، وما ينفع أي عمل من الأعمال إلا إذا أريد به وجه الله، ودين الإسلام مبني على قاعدتين: الإخلاص والمتابعة؛ تجريد الإخلاص لله وحده، وتجريد المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم، فأي عمل من الأعمال هو لله سبحانه وتعالى، ولا ينفع أي عمل يتقرب به إلى الله عز وجل إلا إذا كان خالصاً لوجه الله، ومطابقاً لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إذاً ففائدة إضافته إلى الله عز وجل، مع أن الأعمال كلها له ولا يكون منها شيء لغيره، ذلك أن الصيام يختلف عن غيره؛ لأنه من الأمور الخفية التي تنبني على النية، والعمل الخفي، بخلاف الأعمال الأخرى مثل الصلاة، فإنها واضحة، فإنها أعمال وحركات تظهر للناس، ومشروعة في المساجد، والذي يذهب للمساجد يعرف أنه يصلي، وكذلك الزكاة أيضاً ظاهرة، ولو لم يعلم عنها إلا الفقراء الذين تعطى لهم، فإنه يطلع عليها من شاء الله من الناس، ويعرفها بعض الناس، فإذاً: هي من الأمور الظاهرة التي يطلع عليها الناس، الحج فيه سفر، وانتقال إلى مكة، ووقوف في مشاعر، أما الصوم فإنه من الأمور الخفية، ولهذا قالوا: إنه يبعد فيه الرياء، بخلاف غيره مما يظهر.
ثم أيضاً الصيام كما أنه مما يخشى فيه الرياء، فأيضاً هو من الأمور التي لا يعلمها إلا الله عز وجل، فقد يكون الإنسان مفطراً، والناس يظنون أنه صائم، يكون في شهر رمضان مفطراً -والعياذ بالله- والناس يظنون أنه صائم؛ لأنه أمر خفي يدخل في بيته ويأكل، ويشرب لا يطلع عليه إلا الله عز وجل، وقد يكون صائماً متنفلاً، ولا أحد يدري عنه، ولا أحد يعلم عنه، قالوا: فهو أبعد ما يكون عن الرياء، فلهذا قال الله عز وجل: الصوم لي، وهو يجزي عليه، ويثيب عليه بغير حساب، وهذا يدلنا على فضل الصوم، كون الله عز وجل يضيف الصوم إليه، وهذه الإضافة تدل على تعظيم شأنه، وعلى تمييزه على غيره.
ثم قال: (للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه)، الصائم يفرح فرحتين: إحداهما عندما يفطر، لماذا يفرح؟ لأنه أدى عملاً يتقرب به إلى الله عز وجل، فهو يفرح؛ لأن الله وفقه لأن يؤدي هذا العمل الصالح، وهو ينتهي عند الإفطار، فإذا جاء الإفطار معناه أنه أدى العمل المشروع، أو العمل المفروض، فهو يفرح؛ لأنه أدى عمله، وكلما يصوم الإنسان يوم من رمضان، ويأتي عند الإفطار، فإنه يفرح؛ لأنه وفق بأن أكمل صيام ذلك اليوم، فإذا أكمل الشهر وصام رمضان كله، وأفطر في آخر يوم من رمضان، تكون الفرحة أكبر؛ لأنه صام الشهر كله، ولهذا شرع الله عز وجل للناس بعد أن يتموا شهر الصيام عبادتين، كل منهما مضاف إلى الفطر، وهما: زكاة الفطر وعيد الفطر؛ لأن زكاة الفطر من أجل شكر الله عز وجل على صيام رمضان، والانتهاء منه حتى أنهاه، وأفطر في آخر يوم منه وقد أكمله، فيقال للزكاة: زكاة الفطر؛ لأنها شكر لله عز وجل على هذه النعمة، وهي نعمة التوفيق للصيام، حيث أكمله الإنسان وأتمه، فهو يتصدق بهذه الصدقة الواجبة المفروضة اللازمة شكراً لله عز وجل على هذه النعمة، ثم أيضاً فيها إغناء للفقراء في ذلك اليوم الذي هو فرح، وسرور، فلا يكونون مشغولين في البحث عن أكل، بل عندهم الأكل، وكل مسلم يجب عليه أن يخرج زكاته صاعاً من قوت البلد، ومن الطعام الذي يؤكل في البلد.
العبادة الثانية: عيد الفطر، وهي أن الناس يصلون صلاة العيد، وقيل له: عيد الفطر؛ لأنه منسوب إلى إكمال الصيام، وإلى الفطر من رمضان، فيفرح الإنسان عند فطره، لا يفرح؛ لأنه حصل الأكل والشرب، ووصل إلى حد أنه يأكل ويشرب، وإنما يفرح؛ لأنه أدى عبادة، ووفقه الله عز وجل لأدائها.
الفرحة الثانية: وهي عند لقاء الله عز وجل، يفرح؛ لأن الله تعالى يثيبه، ويجد ثواب الله عز وجل على هذا العمل الصالح.
فإذاً فرحة دنيوية، وفرحة أخروية، فرحة دنيوية بإكمال العمل الصالح، وفرحة أخروية في الآخرة، عندما يلقى الجزاء على هذا العمل الصالح، ولهذا جاء في الحديث: أن بعض الأعمال يكون لها باب من أبواب الجنة باسم ذلك العمل، باب الصلاة، باب الجهاد، إلا الصيام فإنه لا يقال له: باب الصيام، وإنما يقال له: باب الريان؛ لأنه يشعر بالري الذي هو ضد العطش؛ لأن الذي صام عطش نفسه، وأظمأها لله عز وجل، فالله تعالى يثيبه بأن يدخل من باب يقال له: الريان، فيه ما يقابل العطش، وما يقابل الظمأ، إنما فيه الري الذي هو يقابل الظمأ والعطش، فهذا من الثواب الذي يثيب الله عز وجل عليه الصائمين، يدعى الصائمون من باب الريان، فهذه إشارة إلى أن الذي أظمأ نفسه لله وعطشها لله، يجازى بأن يدخل من هذا الباب الذي هذا اسمه، وما يحصل له عطش، ولا يناله عطش، وإنما يحصل الري، ومن المعلوم أن من دخل الجنة يحصل الخير الذي فيها، وكفى لمن وفقه الله عز وجل أن يدخلها، كفى ذلك فضلاً وثواباً، لكن الله عز وجل جعل لكل عمل ثواباً، وجعل أجر الصيام أن يدخل أو يدخل أصحابه من هذا الباب الذي لا يسمى باب الصيام، ولكنه يسمى باب الريان.
فإذاً هناك فرحتان: فرحة عند الإفطار؛ لأن الإنسان أتم عملاً صالحاً يرجو ثوابه عند الله عز وجل، ويفرح الفرحة الكبرى عندما يلقى الله عز وجل، فيجازيه على هذا العمل الصالح الذي هو الصيام.
ثم وهذا يدل على فضل الصيام؛ لأن هذه أيضاً جملة أخرى تدل على فضل الصيام.
الجملة الثالثة: (والذي نفسي بيده، لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك)، والخلوف هو: الرائحة التي تنبعث من الجوف بسبب الامتناع عن الأكل والشرب، وهي رائحة متغيرة، فهي غير مستحسنة عند الناس؛ لأن فيها انحباساً وامتناعاً عن الأكل والشرب، فيتغير ما ينبعث من الجوف، وهذه الرائحة الغير مستحسنة شأنها عظيم عند الله عز وجل، وهي أطيب عند الله من ريح المسك، ويوضح هذا ما جاء في الحديث عن المقتول في سبيل الله أنه: (يأتي يوم القيامة جرحه يثعب دماً، اللون الدم، والريح ريح المسك)؛ لأن منظر خروج الدم، والذي لا تميل إليه النفوس، يجعله الله عز وجل على هذه الهيئة، (اللون لون الدم، والريح ريح المسك)؛ لأنه حصل بسبب التقرب إلى الله عز وجل، والجهاد في سبيل الله، فوجد ذلك الدم بهذه الطريقة، فكان شأنه عند الله عظيم، وكذلك الصيام الذي هو امتناع عن الأكل، والشرب، ويتغير رائحة الفم بسبب ذلك، شأنه عظيم عند الله، فكما أن لون الدم غير مستحسن، ومع ذلك يكون عند الله عظيم، فكذلك هذه الرائحة التي هي غير مستحسنة هي شأنها عند الله سبحانه وتعالى عظيم، (والذي نفسي بيده، لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك)، وهذا يدل على فضل الصيام أيضا.
إذاً ثلاث جمل كلها تدل على فضل الصيام: (الصوم لي وأنا أجزي به)، أي: أن الله يثيب عليه بغير حساب، وأن الله تعالى أضافه إلى نفسه.
والثانية: (للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه)، وهي تدل على فضل الصيام.
والثالثة: (والذي نفسه بيده، لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك)، وهي أيضا دالة على فضل الصيام. وهذه الجملة استدل بها بعض العلماء على أن الإنسان لا ينبغي له أن يستاك في آخر النهار، قالوا: لأن السواك يغير رائحة الفم، فتكون طيبة، ويذهب أثر الخلوف الذي قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده، لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك)، هكذا قال بعض أهل العلم، ولكن الصحيح أن الاستياك جائز ومشروع للصائم في جميع أوقات النهار، وحتى آخر النهار، وقد جاء ما يدل على أن الاستياك يكون مطلقا في النهار في حق الصائم، ولو كان في آخر النهار، والدليل على ذلك الحديث الذي يقول فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة)، فإن قوله: (لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة)، هذا يشمل الصيام وغير الصيام، ومن المعلوم أن صلاة العصر هي في آخر النهار، وداخلة تحت هذا الحديث، (لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة)، ومن ذلك صلاة العصر في حق من هو صائم.
ثم أيضا قضية أنه يذهب الخلوف، الرائحة الموجودة وإن حصل التغير، فالثواب عند الله عز وجل، وإن حصل شيء يحسن رائحة الفم، ولكن شأنها عند الله عظيم، فالحديث يدل على فضل الصيام بجمله الثلاث. والحديث قدسي من الأحاديث القدسية؛ لأن أوله قول الله عز وجل: (الصوم لي وأنا أجزي به)، فهو حديث قدسي.

تراجم رجال إسناد حديث: (إن الله تبارك وتعالى يقول: الصوم لي وأنا أجزي به ...)

قوله: [أخبرني هلال بن العلاء].هو هلال بن العلاء بن هلال، وهو صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن أبي].
هو العلاء بن هلال، وهو فيه لين وحديثه أخرجه النسائي وحده.
[حدثنا عبيد الله].
هو عبيد الله بن عمرو الرقي، وهو ثقة ربما وهم، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن زيد].
هو زيد بن أبي أنيسة الجزري، وهو ثقة له أفراد، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي إسحاق].
هو عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بن الحارث].
هو عبد الله بن الحارث بن نوفل، وقيل: له رؤية، وقال ابن عبد البر: أجمعوا على توثيقه، يعني إذا كان ما ثبتت الرؤية له فهو مجمع على توثيقه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن علي بن أبي طالب].
رضي الله تعالى عنه وأرضاه، أبو الحسنين، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وصهره على ابنته فاطمة رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وهو رابع الخلفاء الراشدين، الهاديين، المهديين، ومناقبه جمة، وفضائله كثيرة، وقد جاء في الكتب الستة وغيرها أحاديث كثيرة تدل على فضله، ونبله رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وقد شاء الله عز وجل أن يكون الخلفاء الراشدون الأربعة، أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم، كلهم أصهاره، فـأبو بكر صهره أبو زوجته، فالرسول تزوج منه، وعمر كذلك أيضا، تزوج الرسول صلى الله عليه وسلم، ابنته حفصة، فالأولان تزوج منهما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهما أصهاره، والآخران وهما عثمان، وعلي تزوجوا من بنات الرسول صلى الله عليه وسلم، فـعثمان تزوج رقية، ثم ماتت في عصمته، فزوجه الرسول صلى الله عليه وسلم بعدها أختها أم كلثوم؛ ولهذا يقال له: ذو النورين؛ لأنه تزوج ابنتين لرسول الله صلى الله عليه وسلم، تزوج إحداهما بعد الأخرى، وعلي تزوج فاطمة، فالأربعة الخلفاء الراشدون هم أصهار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، الأولان تزوج منهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، والآخران تزوجا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضي الله تعالى عن الخلفاء الراشدين وعن الصحابة أجمعين.

شرح حديث: (إن الله تعالى يقول: الصوم لي وأنا أجزي به ...) من طريق ثانية وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن بشار حدثنا محمد حدثنا شعبة عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص قال عبد الله: قال الله عز وجل: (الصوم لي وأنا أجزي به، وللصائم فرحتان: فرحةٌ حين يلقى ربه، وفرحةٌ عند إفطاره، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك)].ثم أورد النسائي الحديث من طريق أخرى، ولكنه موقوف على عبد الله بن الحارث، ليس فيه ذكر علي رضي الله تعالى عنه، والمتن هو نفس المتن، الجمل الثلاث التي مرت في حديث علي جاءت في هذا الموقوف على عبد الله بن الحارث بن نوفل.
قوله: [أخبرنا محمد بن بشار].
هو الملقب بندار البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[حدثنا محمد].
محمد هنا غير منسوب، وهو محمد بن جعفر الملقب غندر، وإذا جاء محمد بن بشار يروي عن محمد غير منسوب وهو أيضا يروي عن شعبة، فالمراد به محمد بن جعفر الملقب غندر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا شعبة].
هو شعبة بن الحجاج الواسطي، ثم البصري، وهو ثقة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي إسحاق].
وقد مر ذكره.
[عن أبي الأحوص].
هو عوف بن مالك، وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة. وأبو الأحوص يطلق على شخصين كل منهما يقال: أبو الأحوص، إلا أن هذا طبقته متقدمة، وأبو الأحوص سلام بن سليم هذا طبقته متأخرة، وكل منهما يقال له: أبو الأحوص، وهو مشهور بكنيته، فإذا جاء أبو الأحوص متقدم فهو هذا عوف بن مالك، وإذا جاء متأخراً فهو سلام بن سليم الحنفي، وكل منهما ثقة.
وهذه الكنية تطلق على هذين الشخصين وقد خرّج لهما أصحاب الكتب الستة أو معظمهم، ويوجد في الكتب الستة من كنيته أبو الأحوص غير هذين لكن حديثه في أحد الكتب الستة أو بعضها كـأبي الأحوص الحنفي وأبي الأحوص الشامي وغيرها.
[عن عبد الله].
هو ابن الحارث الذي تقدم.

ابوالوليد المسلم 05-07-2022 09:59 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الصيام

(376)

- ذكر الاختلاف على أبي صالح في خبر فضل الصيام

تضافرت الأدلة على فضل الصيام، وما له من المكانة العظيمة عند الله تعالى، وقد جاءت الأحاديث النبوية بكافة طرقها لتجسد فضل الصيام، ومميزاته العظام، من جهة إضافة الصيام إلى الله، ومن جهة أن للصائم فرحتان، وأن خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك.

ذكر الاختلاف على أبي صالح في هذا الحديث


‏ حديث: (إن الله تبارك وتعالى يقول: الصوم لي وأنا أجزي به ...) من طريق ثالثة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ذكر الاختلاف على أبي صالح في هذا الحديث. أخبرنا علي بن حرب حدثنا محمد بن فضيل حدثنا أبو سنان ضرار بن مرة عن أبي صالح عن أبي سعيد أنه قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (إن الله تبارك وتعالى يقول: الصوم لي، وأنا أجزي به، وللصائم فرحتان: إذا أفطر فرح، وإذا لقي الله فجزاه فرح، والذي نفس محمد بيده، لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك)].
ثم أورد النسائي حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، الأول حديث علي، وهنا حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وهو مثل ما تقدم بالجمل الثلاث: (الصوم لي وأنا أجزي به)، (وللصائم فرحتان)، (ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك)، كل هذه الجمل الثلاث التي كل واحدة منها تدل على فضل الصيام، قد تقدمت في الطريقين السابقتين، والكلام فيها نفس الكلام.

حديث: (... قال الله عز وجل: إلا الصيام هو لي وأنا أجزي به...) من طريق رابعة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا جرير عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (ما من حسنة عملها بن آدم إلا كتب له عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف، قال الله عز وجل: إلا الصيام، فإنه لي وأنا أجزي به، يدع شهوته وطعامه من أجلي، الصيام جنة، للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك)].أورد النسائي حديث أبي هريرة من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم، إلا أن فيه زيادة أن الأعمال التي يعملها الإنسان غير الصيام الحسنة بعشر أمثالها، ويضاعف له إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، قال الله عز وجل: (إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به)، يعني: أنه يجزي به بغير حساب، ففيه: زيادة ما ذكر في أوله من كون الله يثيب على الحسنة بعشر أمثالها، وأن الله يضاعف أضعافا كثيرة إلى سبعمائة ضعف، إلى أكثر من ذلك.

حديث: (... إلا الصيام هو لي وأنا أجزي به ...) من طريق خامسة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إبراهيم بن الحسن عن حجاج أنه قال ابن جريج أخبرني عطاء عن أبي صالح الزيات: أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (كل عمل ابن آدم له إلا الصيام هو لي وأنا أجزي به، والصيام جنة، إذا كان يوم صيام أحدكم فلا يرفث، ولا يصخب، فإن شاتمه أحد أو قاتله فليقل: إني صائم، والذي نفس محمد بيده، لخلوف فم الصائم أطيب عند الله يوم القيامة من ريح المسك، للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه عز وجل فرح بصومه)].أورد النسائي حديث أبي هريرة من طريق أخرى، وهو مشتمل على ما تقدم، إلا أن المتقدم فيه الزيادة، والذي قبله فيه زيادة وهي قوله: [(يدع شهوته وطعامه من أجلي)]؛ لأن هذا من الأمور الخفية، وهو يدعها من أجل الله، ولا يطلع عليه إلا الله سبحانه وتعالى؛ ولا يطلع عليها الناس، وهنا قال في الحديث الذي معنا.
قوله: (فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث، ولا يصخب)، (لا يرفث)، الرفث: يطلق على الفاحش من القول، كما يطلق أيضاً على الجماع، وأسباب الجماع، فقوله تعالى: https://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifأُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ يَتَّقُونَ https://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[البقرة:187]، المقصود به: الجماع، ومقدمات الجماع، فيأتي الرفث يراد به الجماع، ويأتي مراداً به الفاحش من الكلام، ومن المعلوم أن الصائم ممنوع من الجماع، وممنوع أيضاً من الفاحش من القول، وهذا دائماً وأبداً، ليس خاصاً في الصيام، ولكن التنصيص على الصيام دليل على أن الأمر أعظم، والأمر أشد، فمن باب أولى أن الإنسان يمنع من الفاحش من القول حال الصيام، وليس معنى ذلك أنه في غير الصيام يفعل هذا الرفث الذي هو الفاحش من القول، بل لا يفعله دائماً وأبداً، ولكن الأمر يكون في الصيام أعظم، مثل قول الله عز وجل في الأشهر الحرم: https://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifفَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ https://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[التوبة:36]، والظلم ممنوع، أي أن: الإنسان ممنوع من الظلم دائماً، لكن في الأمكنة الفاضلة وفي الأزمنة الفاضلة، يكون الأمر أشد، والأمر أعظم، فلا يظلم الإنسان نفسه، لا في الأشهر الحرم، ولا في غيرها، لكن في الأشهر الحرم الأمر أعظم إذا وجد الظلم، كما أنه في الأمكنة الفاضلة عندما توجد المعاصي، فالأمر أعظم، فليست المعصية في الحرم كالمعصية في البلاد البعيدة النائية، وليس من يعصي الله عند الكعبة كمن يعصيه في البلاد النائية والأماكن البعيدة، فمن يعصي الله في مكة والمدينة أخطر، وأعظم ممن يعصي الله في أي مكان؛ لأن المكان له شرفه وله ميزته، وكذلك الزمان أيضاً له شرفه وميزته.
قوله: [(ولا يصخب)]، يعني: يصيح وتصدر منه أصوات مزعجة، وفيها إزعاج وإيذاء، فلا يفعل ذلك، وإنما يكون على هدوء وسكينة، (فإن سابه أحدٌ أو شاتمه فليقل: إني صائم)، يقولها بنفسه، وبلسانه، يتذكر في نفسه أنه صائم، فهو لا يقابل ذاك، وإن كان للإنسان أن يقابل السيئة بالسيئة، https://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifوَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ https://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[الشورى:40]، لكن كونه يمتنع، ولا يقابل، ويتذكر الصيام ويقول: إني صائم، هذا هو الذي ينبغي.
وهذه الطريق من طرق حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، في بيان حديث فضل الصيام، الذي جاء فيه الفضل للصيام من وجوه عديدة، منها قول الله عز وجل في الحديث القدسي: (الصوم لي وأنا أجزي به، كل عمل ابن آدم له، الحسنة بعشر أمثالها)، قال الله عز وجل للصوم: (فإنه لي، وأنا أجزي به، والصوم جنة، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، وللصائم فرحتان: فرحةٌ عند فطره، وفرحةً عند لقاء ربه)، فهذه الجمل الدالة على فضل الصيام، قد تقدم ذكرها في الأحاديث السابقة، أو في الطرق السابقة، وهي دالة على فضل الصيام من هذه الوجوه العديدة، من جهة إضافة الصيام إلى الله عز وجل، والأعمال كلها لله سبحانه وتعالى، لكن الصوم له ميزة يتميز بها، وهي: أنه أبعد ما يكون عن الرياء في الأعمال، ذلك لأنه من الأمور الخفية التي لا يطلع عليها إلا الله عز وجل، وكذلك أن الصوم جنة، وهو جنة من النار، وجنة من المعاصي، والأمور المحرمة؛ لأنه يخفف على الإنسان فيجعله ليس فيه من قوة تدفعه إلى أن يسترسل مع الشهوات، فالصوم يكون سبباً في عدم جموحه، وعدم حصول القوة التي تدفعه إلى الوقوع في الشهوات، وقد بين عليه الصلاة والسلام في حديث ابن مسعود لما قال: (يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أحصن للفرج، وأغض للبصر، ثم قال عليه الصلاة والسلام: ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء)، أي: بمنزلة الخصاء الذي لا يكون للإنسان شهوة معه، وذلك لما يحصل للإنسان بسبب الصوم وقلة الأكل، والتمتع بالنعم، من عدم القوة التي قد توقعه في الأمور المحرمة.
وكذلك الصيام، الصائم له فرحتان: فرحة عند فطره يفرح بفطره، وعند لقاء ربه يفرح بصومه، فهو يفرح في الدنيا لأنه أتم عبادة، ويفرح في الآخرة لأنه عمل عملاً يثاب عليه في الدار الآخرة، وكذلك جاء في الحديث: (فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن شاتمه أحدٌ أو سابه، فليقل: إني صائم)، المقصود بالرفث: الفاحش من القول، ويطلق أيضاً على الجماع، ومقدمات الجماع، وكل هذه ممنوعة في حال الصيام، أما الفاحش من القول فهو ممنوع في حال الصيام، وفي غير حال الصيام، ولكنه يكون آكد في حال التلبس بالعبادة التي هي: الصيام، فإن الأمر يكون في ذلك آكد، وإلا فإن المنع من الفاحش من القول مطلوب من الإنسان دائماً وأبداً في حال صيامه، وفي غير حال صيامه.
وأما الرفث الذي هو الجماع، ومقدماته، فهو فيما أحل الله عز وجل، فهو ممنوع في حال الصيام، ومباح في ليلة الصيام، كما قال الله عز وجل: https://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifأُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ https://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[البقرة:187]، وهو جماع النساء، ومقدمات الجماع، فإن ذلك مباحاً في ليلة الصيام، ولكنه غير جائز في حال الصيام، (ولا يصخب)، والصخب هو: رفع الصوت، وحصول الأصوات المزعجة التي تدل على قلة الحياء، وقلة المروءة، فلا يصخب الإنسان، وإن سابه أحد أو شاتمه فليذكر نفسه أنه صائم، وليذكر من يقابله بأنه صائم، فيقول بنفسه، وبلسانه: إنه صائم، وذلك يكون سبباً في عدم وقوعه في المقابلة بالشتم، وبالسب، والعيب.
وقوله: [(ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله يوم القيامة من ريح المسك)]، الخلوف هو: الرائحة التي تنبعث من الجوف في آخر النهار بسبب الامتناع عن الأكل والشرب، فإنه يخرج من الجوف رائحة مستكرهة تنبعث منه، وهذه الرائحة المستكرهة التي تحصل في حال الصيام بسبب التلبس في هذه العبادة، وبسبب الامتناع عن الأكل والشرب، شأنها عظيم عند الله عز وجل، وهي يوم القيامة أطيب عند الله من ريح المسك، وهذا مثل ما جاء في الشهيد، يأتي يوم القيامة يثعب دمه، اللون لون الدم، والريح ريح المسك، فالدم وإن كان مستكرهاً، وخروجه من البدن لا تميل إليه النفوس، ولكنه لما كان خروج الدم في سبيل الله، فإن شأنه عظيم عند الله، ولهذا يأتي يوم القيامة اللون لون الدم، والريح ريح المسك، وهذه الرائحة المستكرهة في هذه الحياة الدنيا شأنها عظيم عند الله عز وجل، وهي أطيب عند الله من ريح المسك، ذلك لأنها رائحة غير مستحسنة، ومستكرهة، ولكنها كانت في طاعة الله، وفي سبيل الله، فيكون شأنها عظيماً عند الله، وتكون أطيب عند الله يوم القيامة من ريح المسك.

يتبع

ابوالوليد المسلم 05-07-2022 10:00 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
تراجم رجال إسناد حديث: (... إلا الصيام هو لي وأنا أجزي به ...) من طريق خامسة

قوله: [أخبرنا إبراهيم بن الحسن].المصيصي، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[عن حجاج].
هو ابن محمد المصيصي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن جريج].
هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، وهو ثقة، يرسل، ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن عطاء].
هو ابن أبي رباح المكي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي صالح الزيات].
يأتي في بعض الروايات: أبي صالح السمان، واسمه: ذكوان، وكنيته: أبو صالح، ولقبه: الزيات، والسمان، ويقال له: الزيات لأنه كان يجلب الزيت يبيعه، ويقال: السمان لأنه يجلب السمن يبيعه، فقيل له: السمان، والزيات لذلك، ولا تنافي بين كونه يأتي في بعض الروايات: السمان، وفي بعض الروايات: الزيات، فكلها صحيحة؛ لأنه يبيع السمن، ويبيع الزيت فيقال له: الزيات، ويقال له: السمان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي هريرة].
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق رضي الله تعالى عنه وأرضاه.

حديث: (... إلا الصيام هو لي وأنا أجزي به ...) من طريق سادسة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن حاتم أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله عن ابن جريج قراءةً عليه عن عطاء بن أبي رباح أنه أخبرني عطاء الزيات: أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (قال الله عز وجل: كل عمل بن آدم له إلا الصيام هو لي وأنا أجزي به، الصيام جنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث، ولا يصخب، فإن شاتمه أحد أو قاتله فليقل: إني امرؤٌ صائم، والذي نفس محمد بيده، لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك)، وقد روي هذا الحديث عن أبي هريرة وسعيد بن المسيب].أورد النسائي حديث أبي هريرة من طريق أخرى، وهو مشتمل على ما اشتملت عليه الطريق السابقة من ذكر خصال عديدة، كل واحدة منها تدل على فضل الصوم، وقد عرفنا تلك الخصال، أو تلك الجمل، ودلالتها على فضل الصيام.
قوله: [أخبرنا محمد بن حاتم].
هو محمد بن حاتم بن نعيم، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن سويد].
هو سويد بن نصر المروزي، وهو ثقة، أخرج له الترمذي، والنسائي.
[عن عبد الله].
هو ابن المبارك المروزي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن جريج].
وقد مر ذكره.
[عن عطاء بن أبي رباح].
وقد مر ذكره.
[أخبرني عطاء الزيات].
وليس هناك شخص يقال له: عطاء الزيات، والصواب: أبو صالح الزيات الذي مر ذكره في الروايات السابقة، وإنما هذا خطأ، والمقصود: أبو صالح الزيات، وليس عطاء الزيات؛ لأن صاحب الرواية والمعروف بها هو أبو صالح الزيات، والحافظ ابن حجر لما ذكر عطاء الزيات في التقريب ذكر أنه وقع في النسائي بهذه الصورة، والصواب عن أبي صالح الزيات، ولم يذكر شخصاً يعرف بـعطاء الزيات، ولكنه قال: إن الصواب هو: أبو صالح الزيات، هو الذي عرفنا أنه ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي هريرة].
وقد مر ذكره.
ثم قال: [وقد روي هذا الحديث عن أبي هريرة، وسعيد بن المسيب]، يعني: سعيد بن المسيب يرويه عن أبي هريرة؛ لأنه جاء من الطرق المتقدمة عن أبي هريرة، وفيه عطاء بن أبي رباح يروي عنه غيره، ثم ذكر أن هذا الحديث جاء أيضاً عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة، وقد ذكر طريقين من هذه الطرق، أو ذكر طريقين فيهما رواية سعيد بن المسيب عن أبي هريرة، ثم ذكرهما بعد ذلك.

حديث: (... إلا الصيام هو لي وأنا أجزي به ...) من طريق سابعة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا الربيع بن سليمان حدثنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب أنه قال حدثني سعيد بن المسيب: أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (قال الله عز وجل: كل عمل بن آدم له إلا الصيام هو لي وأنا أجزي به، والذي نفس محمد بيده، لخلفة فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك)].أورد النسائي حديث أبي هريرة من طريق سعيد بن المسيب رحمة الله عليه، وهو يشتمل على جملتين من الجمل المتقدمة الدالة على فضل الصيام، وهي: [ (الصوم لي وأنا أجزي به، ولخلفة فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك) ].
قوله: [أخبرنا الربيع بن سليمان].
والربيع بن سليمان اثنان هما: الربيع بن سليمان المرادي، والربيع بن سليمان الجيزي، وهما مصريان، وهما يرويان عن ابن وهب، ولا ندري أيهما؟ لكن كيفما كان، فإن كل منهما ثقة.
[عن ابن وهب].
هو عبد الله بن وهب المصري، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن يونس].
هو يونس بن يزيد الأيلي ثم المصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن شهاب].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، وهو ثقة، فقيه من صغار التابعين، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن سعيد بن المسيب].
ثقة، فقيه من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي هريرة].
وقد مر ذكره.

شرح حديث: (... إلا الصيام هو لي وأنا أجزي به ...) من طريق ثامنة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أحمد بن عيسى حدثنا ابن وهب عن عمرو عن بكير عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (كل حسنة يعملها بن آدم فله عشر أمثالها إلا الصيام لي وأنا أجزي به)].أورد النسائي حديث أبي هريرة من طريق أخرى من طريق سعيد بن المسيب، وهو مشتمل على الجملة الأولى الدالة على فضل الصيام وهي: [ (الصوم لي وأنا أجزي به) ]، وقد مر ذلك.

تراجم رجال إسناد حديث: (... إلا الصيام هو لي وأنا أجزي به ...) من طريق ثامنة


قوله: [أحمد بن عيسى].هو أحمد بن عيسى المصري، وهو صدوق، أخرج له البخاري، ومسلم، والنسائي، وابن ماجه.
[حدثنا ابن وهب].
وقد مر ذكره.
[عن عمرو].
هو عمرو بن الحارث المصري، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن بكير].
هو بكير بن عبد الله بن الأشج المصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة].
وقد مر ذكرهما.

بيان (عبد الله) الذي يروي عنه أبو الأحوص

سبق أن مر في الدرس الماضي حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه في هذا الموضوع الذي يتعلق بفضل الصيام، وبعد ذكر الطريق الأولى التي هي عن علي ، وهي من طريق أبي إسحاق السبيعي، ذكر النسائي طريقاً أخرى عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله ، وذكرت بالأمس أن عبد الله لعله عبد الله بن الحارث بن نوفل الذي يروي في الإسناد الذي قبل هذا عن علي ، لكن الواقع أنه ليس هذا، بل هو عبد الله بن مسعود الصحابي الجليل المشهور، ولم يذكر المزي في ترجمة أبي الأحوص عوف بن مالك أنه روى عن عبد الله بن الحارث بن نوفل ، بل ذكر أنه روى عن عبد الله بن مسعود ، ثم أيضاً المزي في تحفة الأشراف ذكر في ترجمة عبد الله بن مسعود هذا الحديث، وقال: إنه من طريق أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود ، حيث ذكره في ترجمته، وأحال إلى ما مر في حديث علي الذي جاء بعده مباشرةً حديث عبد الله بن مسعود هذا، وعلى هذا فـعبد الله الذي يروي عنه أبو الأحوص هو عبد الله بن مسعود ؛ لأنه هو الذي يروي عنه أبو الأحوص ، ولم يذكر المزي في ترجمة أبي الأحوص أنه روى عن عبد الله بن الحارث بن نوفل.فعبد الله الذي تقدم يذكر عنده هو ابن مسعود.


ابوالوليد المسلم 05-07-2022 10:01 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الصيام

(377)

- ذكر الاختلاف على محمد بن أبي يعقوب في حديث أبي أمامة في فضل الصائم - باب ذكر ما يكره من الصيام في السفر

جاءت الأدلة لتوضح فضل الصوم والصائمين، وما أعده الله لهم من الأجر العظيم، وبينت الأدلة أن على الصائم أن لا يسب ولا يصخب حتى ولو كان على حق حتى ينال الأجر كاملاً وافياً، فإنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب، ووضحت الأدلة أن الصيام في السفر سائغ حيث لا مشقة ولا ضرر؛ لأن شريعتنا مبنية على التيسير.

ذكر الاختلاف على محمد بن أبي يعقوب في حديث أبي أمامة في فضل الصائم


‏ شرح حديث: (... عليك بالصوم فإنه لا مثل له ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ذكر الاختلاف على محمد بن أبي يعقوب في حديث أبي أمامة في فضل الصائم.أخبرنا عمرو بن علي عن عبد الرحمن أنه حدثنا مهدي بن ميمون أنه أخبرنا محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب أنه أخبرني رجاء بن حيوة عن أبي أمامة رضي الله عنه أنه قال: (أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقلت: مرني بأمر آخذه عنك، قال: عليك بالصوم فإنه لا مثل له)].
أورد النسائي حديثاً في فضل الصيام، أو بعض الأحاديث الدالة على فضل الصيام، ومنها حديث عن أبي أمامة رضي الله تعالى عنه، أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وطلب منه أن يأمره بشيء يأخذه عنه، فقال عليه الصلاة والسلام: [(عليك بالصوم فإنه لا مثل له)]، وهذا يدل على فضل الصيام؛ لكون الرسول صلى الله عليه وسلم يحث عليه، ويقول: [ عليك ]، وهذه للحث، والترغيب، ثم قوله: [(فإنه لا مثل له)]، كل ذلك يدل على فضل الصيام، من جهة كونه يرغب فيه، ومن جهة كون الرسول صلى الله عليه وسلم يخبر بأنه لا مثل له، فهو دال على فضل الصيام من الجهتين: من جهة الترغيب المفهوم من قوله: [(عليك)]، ومن جهة إخبار الرسول صلى الله عليه وسلم بأن الصيام لا مثل له، فهو دال على فضل الصيام.

تراجم رجال إسناد حديث: (... عليك بالصوم فإنه لا مثل له...)

قوله: [أخبرنا عمرو بن علي].هو عمرو بن علي الفلاس، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الرحمن].
هو عبد الرحمن بن مهدي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن مهدي بن ميمون].
وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن رجاء بن حيوة].
ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبي أمامة].
هو صدي بن عجلان الباهلي، مشهور بكنيته أبي أمامة رضي الله تعالى عنه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

حديث: (... عليك بالصيام فإنه لا مثل له ...) من طريق ثانية وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا الربيع بن سليمان أخبرنا ابن وهب أخبرني جرير بن حازم: أن محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب الضبي حدثه عن رجاء بن حيوة أنه حدثنا أبو أمامة الباهلي أنه قال: قلت: (يا رسول الله، مرني بأمر ينفعني الله به، قال: عليك بالصيام فإنه لا مثل له)].أورد النسائي حديث أبي أمامة من طريق أخرى، وهو مثل الذي تقدم.
قوله: [أخبرنا الربيع بن سليمان].
وقد مر ذكره.
وبقية رجال الإسناد مر ذكرهم إلا جرير بن حازم، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث: (... عليك بالصوم فإنه لا عدل له) من طريق ثالثة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرني عبد الله بن محمد الضعيف شيخ صالح، والضعيف لقب لكثرة عبادته حدثنا يعقوب الحضرمي حدثنا شعبة عن محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب عن أبي نصر عن رجاء بن حيوة عن أبي أمامة رضي الله عنه أنه: (سأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أي العمل أفضل؟ قال: عليك بالصوم، فإنه لا عدل له)].أورد النسائي حديث أبي أمامة رضي الله عنه، وهو مثل ما تقدم: (عليك بالصوم)، ما تقدم، قال: (لا مثل له)، هنا قال: (لا عدل له)، و(عدل له)، بمعنى: (لا مثل له)، يعني: لا يعدله شيء، لا يماثله شيء، بمعنىً واحد، وهو دال على فضل الصيام كما عرفنا.

تراجم رجال إسناد حديث: (... عليك بالصوم فإنه لا عدل له) من طريق ثالثة

قوله: [أخبرني عبد الله بن محمد الضعيف].والضعيف هو لقب له، وسبب تلقيبه به قيل: كثرة عبادته، وقيل: إنه كان نحيل الجسم، وهو وصف على خلاف ما يتبادر للذهن؛ لأن الذي يتبادر للذهن أنه قد يتبين بأنه ضعيف، وأن فيه قدحا، والواقع خلاف ذلك، فالضعف الذي فيه ليس قدحاً في روايته وفي عدالته، وإنما هو وصف له، قيل: إنه وصف بذلك لكثرة عبادته، وأنه نحيل الجسم لكثرة العبادة، فهو وصف لغير ما يتبادر للذهن، وهو وصف غير مرغوب، ولكنه الواقع وأن سببه الإخبار عن حالته، وعن جسمه، وأنه فيه نحول بسبب كثرة العبادة، وهو ثقة، أخرج له أبو داود، والنسائي.
ومثل هذا شخص آخر يقال له: الضال، يوصف بأنه الضال، ولم يكن ضالاً، وإنما كان ضائعاً في طريق مكة فقيل له: الضال، وهي نسبة إلى غير ما يتبادر إلى الذهن، وهو ليس من أهل الضلال، كما قد يتبادر، وإنما ضاع في طريق مكة فقيل له: الضال، يعني: ضل الطريق، ولم يهتد في الطريق، وهذا قيل له: الضعيف لكثرة عبادته.
[حدثنا يعقوب الحضرمي].
هو يعقوب بن إسحاق الحضرمي، وهو صدوق، أخرج له الإمام مسلم، والترمذي، وأبو داود، والترمذي في الشمائل، والنسائي، وابن ماجه.
[عن شعبة].
هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب].
وقد مر ذكره.
[عن أبي نصر].
هو أبو نصر الهلالي، وهو مجهول، أخرج حديثه النسائي وحده. وكونه مجهول لا يؤثر ذلك؛ لأن الحديث جاء من طرق عديدة ثابتة من غير هذه الطريق، وفي بعض النسخ: أبي نصرة، وهو غير صحيح وقد ذُكر في تحفة الأشراف، وأيضاً جاء هو في طريق أخرى ستأتي أبي نصر الهلالي، يعني منصوصاً عليه.
[عن رجاء بن حيوة عن أبي أمامة].
وقد مر ذكرهم.

شرح حديث: (... عليك بالصوم فإنه لا عدل له) من طريق رابعة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا يحيى بن محمد هو ابن السكن أبو عبيد الله حدثنا يحيى بن كثير حدثنا شعبة عن محمد بن أبي يعقوب الضبي عن أبي نصر الهلالي عن رجاء بن حيوة عن أبي أمامة رضي الله عنه، أنه قال: (قلت: يا رسول الله، مرني بعمل، قال: عليك بالصوم، فإنه لا عدل له، قلت: يا رسول الله، مرني بعمل، قال: عليك بالصوم فإنه لا عدل له)].أورد النسائي حديث أبي أمامة من طريق أخرى، وفيه أنه سأل الرسول صلى الله عليه وسلم، أن يأمره بعمل، فقال: (عليك بالصوم، فإنه لا عدل له)، فأعاد عليه السؤال فقال: (عليك بالصوم، فإنه لا عدل له)، وهو دال كما عرفنا على فضل الصيام، بل هذه الرواية دالةً على تأكيد هذا الفضل، حيث سأله في المرة الأولى، وأجاب بهذا الجواب، ثم سأله المرة الثانية، فأعاد الجواب، فهو دال على تأكيد هذا الفضل وتحقيقه.

تراجم رجال إسناد حديث: (... عليك بالصوم فإنه لا عدل له) من طريق رابعة

قوله: [أخبرنا يحيى بن محمد وهو ابن السكن أبو عبيد الله]. صدوق، أخرج له البخاري، وأبو داود، والنسائي، وكلمة هو ابن السكن، الذي قالها أبو عبيد وهو من دون النسائي؛ لأن النسائي لا يحتاج إلى أن يقول: هو، وإنما يقول: فلان بن فلان وينسبه كما يريد، والذي قال هذا هو من دون النسائي.
[عن يحيى بن كثير].
ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهذا غير يحيى بن أبي كثير اليمامي، هذا يحيى بن كثير، وذاك يحيى بن أبي كثير، فذاك متقدم، وهذا متأخر، وهذا يحيى بن كثير، وذاك يحيى بن أبي كثير.
[عن شعبة عن محمد بن أبي يعقوب الضبي عن أبي نصر الهلالي عن رجاء بن حيوة عن أبي أمامة].
وقد مر ذكر هؤلاء جميعاً.

شرح حديث: (الصوم جنة)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن إسماعيل بن سمرة حدثنا المحاربي عن فطر أخبرني حبيب بن أبي ثابت عن الحكم بن عتيبة عن ميمون بن أبي شبيب عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (الصوم جنة)].أورد النسائي حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه، والذي فيه [ (الصوم جنة) ]، وهو مثل ما تقدم عن أبي هريرة: (الصوم جنة)، وقد عرفنا أنه جنة من النار، وجنة من المعاصي؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء)؛ لأن فيه وقاية، أو فيه حبس للشهوات التي تفضي إلى المعاصي وتؤدي إلى المعاصي، فهو جنة من النار، وجنة من المعاصي، والحديث قد مر، وحديث أبي هريرة مشتمل على جمل، منها هذه الجملة وهي: [ (الصوم جنة) ]، وهي: الستر والوقاية، كما يتخذ المجاهد الجنة لتقيه السهام، فهذا الصيام جنة يقي صاحبه الوقوع في النار، وكذلك الوقوع في المعاصي التي هي سبب الوقوع في النار.

تراجم رجال إسناد حديث: (الصوم جنة)

قوله: [أخبرنا محمد بن إسماعيل بن سمرة].ثقة، أخرج له الترمذي، والنسائي، وابن ماجه. وهناك عدد يروي عنهم النسائي، واسم كل منهم: محمد بن إسماعيل وهم: محمد بن إسماعيل بن سمرة، ومحمد بن إسماعيل البخاري، ومحمد بن إسماعيل بن علية، ومحمد بن إسماعيل أبو بكر الطبراني، كل هؤلاء محمد بن إسماعيل، وهم من شيوخ النسائي.
[عن المحاربي].
هو عبد الرحمن بن محمد، وهو لا بأس به، خرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن فطر].
هو فطر بن خليفة، وهو صدوق، أخرج له البخاري، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن حبيب بن أبي ثابت].
ثقة، كثير التدليس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن الحكم بن عتيبة].
هو الحكم بن عتيبة الكندي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ميمون بن أبي شبيب].
صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن معاذ بن جبل].
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والصحابي المشهور، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

حديث: (الصوم جنة) من طريق ثانية وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن المثنى حدثنا يحيى بن حماد أنه حدثنا أبو عوانة عن سليمان عن حبيب بن أبي ثابت والحكم عن ميمون بن أبي شبيب عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (الصوم جنة)].أورد حديث معاذ بن جبل من طريق أخرى، وهو نفس اللفظ السابق: (الصوم جنة).
قوله: [أخبرنا محمد بن المثنى].
هو العنزي أبو موسى الملقب بـالزمن البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، رووا عنه مباشرةً وبدون واسطة، ومحمد بن المثنى كان قريناً لـمحمد بن بشار الملقب بندار، فإنهما من أهل البصرة، وقد اتفقا في الشيوخ والتلاميذ، واتفقا في سنة الوفاة، وقال عنهما الحافظ ابن حجر: وكانا كفرسي رهان، معنى هذا: أنهما متماثلان في أمور كثيرة، وكانت وفاته سنة اثنتين وخمسين ومائتين، هو ومحمد بن بشار، وكذلك يعقوب بن إبراهيم الدورقي، وهؤلاء الثلاثة من شيوخ أصحاب الكتب الستة، وقد ماتوا في سنة واحدة، قبل وفاة البخاري بأربع سنوات، أي: في سنة اثنتين وخمسين ومائتين.
[أخبرني يحيى بن حماد].
ثقة، أخرج له البخاري، ومسلم، وأبو داود في الناسخ والمنسوخ، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، يعني أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا أبا داود فإنه لم يخرج له في السنن، وإنما خرج له في الناسخ والمنسوخ.

حديث: (الصوم جنة) من طريق ثالثة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن المثنى ومحمد بن بشار قالا: حدثنا محمد حدثنا شعبة عن الحكم سمعت عروة بن النزال يحدث عن معاذ رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (الصوم جنة)].أورد النسائي حديث معاذ بن جبل من طريق أخرى، وهو نفس المتن، [ (الصوم جنة) ].
قوله: [أخبرنا محمد بن المثنى].
وقد مر ذكره.
وبقية إسناد الحديث مر ذكرهم إلا [عن محمد].
هو محمد بن جعفر الملقب غندر البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.


شرح حديث: (الصيام جنة ...) من طريق رابعة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن سعيد بن أبي هند: أن مطرفاً رجلاً من بني عامر من صعصعة حدثه: أن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه دعا له بلبن ليسقيه، فقال مطرف: إني صائم، فقال عثمان: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (الصيام جنة، كجنة أحدكم من القتال)].هذا الحديث من الأحاديث المتعلقة بفضل الصيام، وقد مر جملة من الأحاديث الدالة على فضل الصيام، وعظيم أجره وثوابه عند الله عز وجل، وهذا الحديث عن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: [ (الصيام جنة كجنة أحدكم من القتال) ]، وقد مر ذكر الحديث عن جماعة من الصحابة بلفظ: (الصيام جنة) أو (الصوم جنة)، ولكنه في حديث عثمان بن أبي العاص هذا وضح فيه أن هذه الجنة كجنة أحدكم من القتال، ففيه تشبيه المعقول بالمحسوس، وتشبيه المعنوي بالمشاهد المحسوس؛ لأنه ذكر أن [ (الصيام جنة) ]، أي: وقاية، فهو وقاية من النار، ووقاية من الوقوع في المعاصي، والانغماس في الشهوات التي تفضي إلى سخط الله عز وجل ومقته، وفي هذا الحديث إيضاح، أنه كجنة أحدكم من القتال، كما أن الإنسان، وهو يقاتل في سبيل الله عز وجل يتخذ الجنة، وهي:
السترة والوقاية التي تقيه السهام التي تكون من الأعداء، حيث لا يؤثر ذلك، بحيث يقع السهم على الجنة، فلا ينفذ في جسم الإنسان، فهو ستر ووقاية، شبه الصوم، أنه وقاية من النار، ووقاية من المعاصي، بالجنة التي يستتر بها في الجهاد في سبيل الله، ويتقى بها سهام الأعداء، فالحديث سبق أن مر من وجوه عديدة عن جماعة من الصحابة بلفظ: [ (الصوم جنة) ]، و[ (الصيام جنة) ]، وهنا فيه الزيادة في الإيضاح والبيان، وأنها كجنة أحد المجاهدين في القتال، أي: من سهام الأعداء، والحديث واضح الدلالة على فضل الصيام، وأن شأنه عظيم، وفضله عظيم عند الله سبحانه وتعالى.

تراجم رجال إسناد حديث: (الصيام جنة ...) من طريق رابعة

قوله: [أخبرنا قتيبة].هو ابن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وبغلان قرية من قرى بلخ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الليث].
هو الليث بن سعد المصري، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن يزيد بن أبي حبيب].
هو المصري، وهو ثقة، ثبت، يرسل، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن سعيد بن أبي هند].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن مطرف].
وهو مطرف بن عبد الله بن الشخير، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عثمان بن أبي العاص].
هو عثمان بن أبي العاص الثقفي الطائفي، وكان عامل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الطائف، وحديثه أخرجه مسلم وأصحاب السنن الأربعة.

شرح حديث: (الصوم جنةٌ من النار ...) من طريق خامسة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا علي بن الحسين حدثنا ابن أبي عدي عن ابن إسحاق عن سعيد بن أبي هند عن مطرف أنه قال: (دخلت على عثمان بن أبي العاص، فدعا بلبن فقلت: إني صائم. فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: الصوم جنةٌ من النار كجنة أحدكم من القتال)].أورد النسائي حديث عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه من طريق أخرى، وفيه قوله: [(الصوم جنة كجنة أحدكم من النار)]، يعني: وقاية من النار، [ (كجنة أحدكم من القتال) ]، وهذا واضح الدلالة على المراد بالجنة، وأنه يكون جنة من النار، وجاء في هذه الرواية توضيح الجنة، وأنها الوقاية من النار، وأما المعنى الثاني الذي هو للجنة، وأنه وقاية من المعاصي، ووقاية من الانغماس في الشهوات التي تفضي إلى المعاصي، فيوضحه حديث ابن مسعود وسيأتي: (يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أحصن للفرج وأغض للبصر، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء)، معناه: أنه يمنع من المعاصي؛ لأن الإنسان عندما يأكل، ويتنعم، تكون عنده القوة، قوة الشهوة، وإذا كان يصوم يضعف ذلك في نفسه،
وفي بدنه، فلا يكون عنده القوة التي تكون وهو يأكل، ويتنعم، فحديث ابن مسعود، فيه توضيح، أنه جنة من المعاصي، ومن الشهوات؛ لأن قوله: (من لم يستطع فعليه بالصوم)، من لم يستطع الزواج فعليه بالصوم، (فإنه له وجاء)، يعني: مثل الخصاء، فهذا الحديث الذي معنا فيه توضيح الجنة، وأنها من النار، وحديث ابن مسعود فيه توضيح الجنة، وأنها تكون من المعاصي، وكل منهما حق، فهو جنة من هذا ومن هذا، لا تنافي بين هذا وهذا، فالصيام جنة من النار، ووقاية من النار، وجنة من المعاصي التي تفضي إلى النار؛ لأن المعاصي هي التي تفضي إلى النار.
والحديث فيه أن مطرفاً دخل على عثمان ودعا له بلبن، وذلك إكرام الوافد والداخل على الإنسان عندما يدخل عليه يتحفه بشيء يأكله، أو يشربه، فدعا له بلبن فقال: إني صائم، فأرشده إلى ما عنده من الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه [ (جنة من النار كجنة أحدكم من القتال) ]، ففيه: إكرام الداخل على الإنسان، وتقديم شيء له، سواءً كان مأكولاً، أو مشروباً، وكذلك فيه عندما أخبره بأنه صائم، أرشده إلى شيء في فضل الصيام، وأنه قد ورد عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: [ (أن الصوم جنة من النار كجنة أحدكم من القتال) ]، فكما أن الإنسان يشاهد، ويعاين أن الجنة في القتال تقي السهام، فإن الصيام هو جنة يقي من المعاصي، ويقي من الوقوع في النار.

تراجم رجال إسناد حديث: (الصوم جنةٌ من النار ...) من طريق خامسة

قوله: [أخبرنا علي بن الحسين].هو علي بن الحسين الدرهمي البصري، وهو صدوق، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[عن ابن أبي عدي].
هو محمد بن إبراهيم بن أبي عدي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن إسحاق].
هو محمد بن إسحاق المدني، وهو صدوق يدلس، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة، وهو إمام في المغازي.
[عن سعيد بن أبي هند عن مطرف عن عثمان بن أبي العاص].
وقد مر ذكرهم.

يتبع

ابوالوليد المسلم 05-07-2022 10:01 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
طريق سادسة لحديث: (الصوم جنة ...) وتراجم رجال إسنادها

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرني زكريا بن يحيى حدثنا أبو مصعب عن المغيرة عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند عن محمد بن إسحاق عن سعيد بن أبي هند أنه قال: (دخل مطرف على عثمان رضي الله عنه نحوه مرسل)].ذكر الحديث من طريق أخرى عن سعيد بن أبي هند، وفيه الإخبار عن دخول مطرف على عثمان بن أبي العاص، وهو مرسل؛ لأن ليس فيه ذكر الرواية، وإنما فيه الإخبار، ومن المعلوم أن سعيد بن أبي هند ما شاهد ذلك ولا عاينه، إذاً فهو من قبيل المرسل، كونه يخبر أن فلان دخل على عثمان، وأنه قال له كذا، وكذا، هذا مرسل؛ لأنه ليس فيه اتصال بين سعيد بن أبي هند وبين عثمان بن أبي العاص، وإنما هو إخبار عن حصول ذلك، فليس فيه مثل الرواية السابقة: أن مطرفاً حدثه أن عثمان بن أبي العاص قال كذا، وإنما هذا إخبار عن سعيد بن أبي هند، قال: دخل مطرف على عثمان فقال كذا وكذا، فالحكاية منه، ولهذا قال: نحوه مرسل، يعني: نحوه في المتن؛ لأن كلمة (نحوه) إذا جاءت، معناه: قريب منه، وليس اللفظ مطابقاً تماماً، وأما إذا قيل: (مثله)، فاللفظ مطابق، يعني: اللفظ المحال مطابق للمحال إليه، أي: اللي متقدم؛ لأن كلمة (نحوه) و(مثله) تأتي بعد ذكر شيء مذكور، فالضمير في مثله يرجع إلى المتقدم، وفي نحوه يرجع إلى المتقدم، والفرق بين (مثله) و(نحوه): أنه إذا قيل: نحوه، إنما هو متفق معه في المعنى والألفاظ تختلف، أما إذا قيل: مثله، فهو متفق في اللفظ والمعنى.

تراجم رجال إسناد حديث: (الصوم جنة ...) من طريق سادسة

قوله: [أخبرني زكريا بن يحيى].هو زكريا بن يحيى السجزي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن أبي مصعب].
هو أحمد بن أبي بكر الذهلي، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور بكنيته أبي مصعب.
[عن المغيرة].
هو المغيرة بن عبد الرحمن المخزومي، وهو صدوق، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجه.
[عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند].
صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن محمد بن إسحاق عن سعيد بن أبي هند عن مطرف عن عثمان].
وقد مر ذكرهم، ليس فيه عن مطرف، وإنما فيه عن سعيد بن أبي هند؛ لأن الإخبار إخبار بالواقع، فالإسناد ينتهي إلى سعيد بن أبي هند، والباقي منه حكاية، لا يروي هو عن مطرف، وإنما فيه إخبار.

شرح حديث: (الصوم جنة ما لم يخرقها) من طريق سابعة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا يحيى بن حبيب بن عربي حدثنا حماد حدثنا واصل عن بشار بن أبي سيف عن الوليد بن عبد الرحمن عن عياض بن غطيف قال أبو عبيدة رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (الصوم جنة ما لم يخرقها)].أورد النسائي حديث أبي عبيدة عامر بن الجراح رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: [ (الصوم جنةٌ ما لم يخرقها) ]، يعني: ما لم يخرق الجنة، وهذا قيد للجنة، وأنه جنة ما لم يخرقها، وجاء في بعض الروايات يعني عند الدارمي: (ما لم يخرقها بالغيبة)، ومن المعلوم أن قوله: (ما لم يخرقها)، يعني: بالمعاصي أو بشيء ينقص الصيام ويخل فيه، وأما إطلاق أنه جنة، فقد جاء في أحاديث كثيرة كما عرفنا، والذي في هذا الحديث هو زيادة هذا القيد، وهو (ما لم يخرقها)، يعني: ما لم يخرق الجنة.

تراجم رجال إسناد حديث: (الصوم جنة ما لم يخرقها) من طريق سابعة

قوله: [أخبرنا يحيى بن حبيب بن عربي].هو البصري، وهو ثقة، أخرج له مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن حماد].
وحماد غير منسوب، وهو يدور بين حماد بن زيد، وحماد بن سلمة، لكن المعروف أن يحيى بن حبيب بن عربي ما روى عن حماد بن سلمة، بل روايته عن حماد بن زيد وحده، وعلى هذا فإن الإهمال من حماد لا لبس فيه؛ لأن رواية يحيى إنما هي عن حماد بن زيد؛ لأنه ما روى عن حماد بن سلمة؛ ولهذا لما ذكر المزي في تهذيب الكمال الذين روى عنهم يحيى بن حبيب بن عربي، ذكر حماد بن زيد فقط، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن واصل].
هو مولى أبو عيينة، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
[عن بشار بن أبي سيف].
مقبول، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن الوليد بن عبد الرحمن].
هو الوليد بن عبد الرحمن الجرشي، وهو ثقة، أخرج له البخاري في خلق أفعال العباد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن عياض بن غطيف].
مقبول، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن أبي عبيدة].
هو أبو عبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح أمين هذه الأمة، وأحد العشرة المبشرين بالجنة الذين بشرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة في حديث واحد سردهم واحداً واحداً، فقال: (أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة، وسعد بن أبي وقاص في الجنة، وسعيد بن زيد في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة، وأبو عبيدة في الجنة)، سردهم في حديث واحد، وكل واحد قال عنه: إنه في الجنة، ما قال: فلان، وفلان في الجنة، وإنما قال: فلان في الجنة، وفلان في الجنة، وفلان في الجنة حتى أتى على آخرهم، ولهذا قيل لهم: العشرة المبشرين بالجنة، أطلق عليهم لقب العشرة، ولا يعني إطلاق العشرة عليهم أنه لم يبشر بالجنة أحد من غيرهم، بل قد بشر بالجنة غيرهم، لكن غلب عليهم اللقب؛ لأنهم بشروا بالجنة في حديث واحد، فقيل: فلان، وفلان، وفلان، وفلان، وإلا فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، التبشير بالجنة لعدد سواهم، كما جاء في حق فاطمة، والحسن، والحسين، وثابت بن قيس بن شماس، وبلال، وعكاشة بن محصن،
وعدد كبير من الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، كلهم جاء فيهم أحاديث مفردة في كل واحد منهم تدل على أنه من الجنة، أو فيه الإخبار بأنه من أهل الجنة، وعلى هذا فلقب العشرة ليس المقصود منه أن الشهادة بالجنة تخصهم، وأنه لم يبشر بالجنة سواهم، بل أطلق عليهم هذا اللقب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سردهم، في حديث واحد، وقال عن كل واحد منهم: إنه في الجنة، وحديث أبي عبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح أخرجه أصحاب الكتب الستة.
ثم الإسناد فيه اثنان مقبولان، والمقبول في اصطلاح الحافظ ابن حجر هو: الذي يحتج به إذا توبع، أما إذا لم يتابع فإنه لا يعتبر حجة، وهنا الحديث جاء من طريقين، لكن في الطريقين طريق فيه إبهام الشخص الذي روى عن أبي عبيدة، قال: بعض أصحابنا، أو قال: أصحابنا، أو حدثني بعض أصحابنا كما سيأتي، فالإسناد هو واحد، وقد ذكر الحافظ ابن حجر في آخر التقريب في ذكر الأسماء المبهمة أو الذين أبهموا، فقال: يقال: إنه ابن غطيف، يعني الذي أبهم قال بعض أصحابنا قالوا: يقال: إنه عياض بن غطيف، هذا الذي معنا في الإسناد، وعلى هذا فالحديث الذي فيه ذكر القيد، إذا لم يأت إلا من هذا الطريق، فهو من قبيل ما لا يحتج به، إلا أن يأتي ما يعضده من طريق أخرى.

شرح حديث: (الصيام جنة من النار ...) من طريق ثامنة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن يزيد الأدمي حدثنا معن عن خارجة بن سليمان عن يزيد بن رومان عن عروة عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (الصيام جنةٌ من النار، فمن أصبح صائماً فلا يجهل يومئذٍ، وإن امرؤٌ جهل عليه فلا يشتمه ولا يسبه، وليقل: إني صائم، والذي نفس محمدٍ بيده، لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك)].أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها، وهو دال على فضل الصيام من وجوه، أولاً في قوله: [ (الصيام جنةٌ من النار) ]، وفيه التنصيص على أنه جُنة من النار، وهو أحد المعنيين للجُنّة كما أشرت إليه آنفاً، جنة من النار، وجنة من المعاصي، يمنع من الوقوع في المعاصي بسبب الضعف الذي يحصل للإنسان بسبب الصيام، فلا تكون عنده قوة شهوة التي قد يستعملها فيما لا يسوغ، وفيما هو محرم، ويتبع الشهوات، والنار حفت بالشهوات كما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم: (حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات)،
ففيه: التنصيص على أنه جنة من النار، وهذا يدل على فضل الصيام، فإذا أصبح أحدكم صائماً فلا يجهل، يعني: لا يفعل أفعال الجهل من الصياح، والسب، والشتم وما إلى ذلك، وإنما عليه أن يكون هادئاً، وأن يكون ذا سكينة، وذا هدوء، فلا يحصل منه إيذاء لأحد بالكلام عليه، وإن جهل عليه أحد فلا يقابله، وإنما يذكر نفسه ويذكر من يقابله بأنه صائم، فيقول: إني صائم، وذلك يمنعه من الرد بالمثل، والمقابلة بالمثل، ثم قال: [ (والذي نفسي بيده، لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك) ]، وهذا أيضاً يدل على فضل الصيام، وأن شأنه عظيم عند الله عز وجل، وقد مر هذا المعنى وغيره في الأحاديث السابقة.

تراجم رجال إسناد حديث: (الصيام جنة من النار ...) من طريق ثامنة

قوله: [أخبرنا محمد بن يزيد الأدمي].ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن معن].
هو معن بن عيسى المدني، صاحب الإمام مالك، وقيل: وهو ثقة، ثبت، قيل: هو أثبت أصحاب مالك، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن خارجة].
هو خارجة بن سليمان، وهو صدوق له أوهام، أخرج حديثه الترمذي والنسائي.
[عن يزيد بن رومان].
ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عروة].
هو عروة بن الزبير بن العوام المدني، وهو ثقة، فقيه من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وهم: عروة بن الزبير، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وخارجة بن زيد بن ثابت، وسعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، هؤلاء ستة متفق على عدهم في الفقهاء السبعة في المدينة في عصر التابعين، والسابع منهم فيه خلاف ثلاثة أقوال، وقيل: السابع: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وقيل: السابع: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وقيل: السابع: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، فهؤلاء هم الفقهاء السبعة الذين اشتهروا بهذا اللقب في عصر التابعين، وعندما تأتي بعض المسائل فيقال: قال بها الأئمة الأربعة، والفقهاء السبعة، هؤلاء هم الفقهاء السبعة الذين يرادون عند الإطلاق، ومنهم عروة بن الزبير بن العوام، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن عائشة].
هي أم المؤمنين، الصديقة بنت الصديق، التي حفظت الكثير من سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لا سيما الأمور التي تتعلق بين الرجل وأهل بيته، والتي تتعلق بالبيوت، والتي لا تتطلع عليها إلا النساء، روت الكثير، وحفظت الكثير، فهي من أوعية السنة رضي الله عنها وأرضاها، وقد رميت بالإفك، وأنزل الله براءتها في آيات تتلى من سورة النور، وهذا فيه بيان عظيم شأنها، وأن الله تعالى أنزل فيها قرآناً يتلى في براءتها، ومع ما هي فيه من المنزلة الرفيعة، ومع ما حصل لها من الشرف في الدنيا في كونها زوجة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وهي زوجته في الدنيا والآخرة رضي الله عنها وأرضاها، وأمهات المؤمنين زوجاته في الدنيا والآخرة رضي الله عنهن وأرضاهن، ومع هذا الذي حصل لها، وكون القرآن نزل ببراءتها، فتتواضع لله عز وجل، وتقول عن نفسها: وكنت أتمنى أن يرى النبي صلى الله عليه وسلم، في منامه رؤيا يبرئني الله بها، ولشأني في نفسي أهون من أن ينزل الله فيّ آيات تتلى.
فهذا شأن أهل الكمال، يبلغون ما يبلغون من السمو، والعلو، والرفعة، ومع ذلك يتواضعون لله عز وجل، (ومن تواضع لله رفعه الله)، فهي تقول عن نفسها: ولشأني في نفسي أهون من أن ينزل الله فيّ آيات تتلى. والله تعالى يقول عن أوليائه: https://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifوَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ https://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[المؤمنون:60]، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهم: أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وأبو سعيد الخدري، وأنس بن مالك، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وأم المؤمنين عائشة، ستة رجال وامرأة واحدة، هؤلاء عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد جمعهم السيوطي في الألفية بقوله:
والمكثرون في رواية الأثر أبو هريرة يليه ابن عمر
وأنس والبحر كـالخدري وجابر وزوجة النبي

حديث: (الصيام جنة ما لم يخرقها) من طريق تاسعة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن حاتم أخبرنا حبان أخبرنا عبد الله عن مسعر عن الوليد بن أبي مالك أنه حدثنا أصحابنا عن أبي عبيدة رضي الله عنه أنه قال: (الصيام جنة ما لم يخرقها)].أورد النسائي حديث أبي عبيدة رضي الله عنه من طريق أخرى غير الطريق المتقدمة، والمتن هو نفس المتن، [ (الصيام جنة ما لم يخرقها) ].
قوله: [أخبرنا محمد بن حاتم].
هو محمد بن حاتم بن نعيم، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[أخبرنا حبان].
هو حبان بن موسى، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي. وهو بكسر الحاء، وليس حَبان بفتحها، بل هو بكسرها.
[عن عبد الله].
هو عبد الله بن المبارك المروزي، هو ثقة، عابد، جواد، مجاهد، ذكر الحافظ ابن حجر جملةً من صفاته الحميدة، ثم قال عقبها: جمعت فيه خصال الخير، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن مسعر].
هو مسعر بن كدام، وهو ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الوليد بن أبي مالك].
ثقة، أخرج له الترمذي، والنسائي.
[حدثنا أصحابنا].
وفي بعض النسخ: بعض أصحابنا، وذكر الحافظ في التقريب في نهايته عند ذكر الألفاظ المبهمة، قال: يقال: إنه عياض بن غطيف، أي: الذي مر ذكره في الإسناد المتقدم الذي قال عنه الحافظ في التقريب: إنه مقبول.
[عن أبي عبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح].
هو عامر بن عبد الله بن الجراح، وقد مر ذكره.
وهذا موقوف، يعني من كلام أبي عبيدة.

شرح حديث: (للصائمين باب في الجنة يقال له: الريان ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا علي بن حجر حدثنا سعيد بن عبد الرحمن عن أبي حازم عن سهل بن سعد رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (للصائمين بابٌ في الجنة يقال له: الريان، لا يدخل فيه أحد غيرهم، فإذا دخل آخرهم أغلق، من دخل فيه شرب، ومن شرب لم يظمأ أبداً)].الحديث دال على فضل الصيام، وهو أن الجنة من أبوابها باب يقال له: الريان، وأطلق عليه الريان، يدخل منه الصائمون؛ لأن فيه ما يقابل العطش، وما يشعر بعدم العطش؛ لأنهم لما عطّشوا أنفسهم لله بالصيام، فالله تعالى يثيبهم بأن يدخلهم من باب يقال له: الريان، يعني: فيه الري الذي هو ضد العطش،
وأن من دخل منه شرب، ومن شرب لم يظمأ أبداً، ولا يعني هذا أن من دخل من الأبواب الأخرى لا يشرب، فإن من دخل الجنة يحصّل فيها (ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشر)، لكن لعل معنى ذلك أنهم من حين دخولهم أو عند الدخول يحصل لهم ذلك؛ لأنهم كانوا عطشوا أنفسهم فيبادرون بالشرب، ولا يعني ذلك أن الشرب لهم وحدهم، وأنه لا يشرب إلا الصائمون، بل من دخل الجنة حصل فيها ما يحصل من النعيم، من شرب، وأكل، وتنعم ما لا يخطر على البال، ولا يقع في الخيال، فإن في الجنة (ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشر)، كما قال ذلك رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
وإذاً فالحديث واضح الدلالة على فضل الصيام.

تراجم رجال إسناد حديث: (للصائمين باب في الجنة يقال له: الريان ...)


قوله: [أخبرنا علي بن حجر].هو ابن إياس السعدي المروزي، وهو ثقة، حافظ، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي.
[عن سعيد بن عبد الرحمن].
هو الجمحي، وهو صدوق له أوهام، أخرج له البخاري في خلق أفعال العباد ومسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[عن أبي حازم].
هو سلمان الأشجعي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سهل بن سعد].
هو أبو العباس سهل بن سعد الساعدي، ويقال: إنه ليس في الصحابة أحد كنيته أبو العباس إلا سهل وعبد الله بن عباس، فإن كلاً منهما كنيته أبو العباس، وسهل بن سعد الساعدي، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث: (إن في الجنة باباً يقال له: الريان ...) من طريق ثانية


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة حدثنا يعقوب عن أبي حازم أنه حدثني سهل، قال: (إن في الجنة باباً يقال له: الريان، يقال يوم القيامة: أين الصائمون؟ هل لكم إلى الريان؟ من دخله لم يظمأ أبداً، فإذا دخلوا أغلق عليهم، فلم يدخل فيه أحد غيرهم)].أورد النسائي حديث سهل بن سعد من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله، يعني: أن الجنة فيها باب يقال له: الريان، ينادى الصائمون ويدخلونها، وإذا دخلوا أغلق، ولا يدخل معهم سواهم، وأن من دخله شرب، ومن شرب لم يظمأ أبداً، فهو مثل ما تقدم دال على فضل الصيام.

تراجم رجال إسناد حديث: (إن في الجنة باباً يقال له: الريان ...) من طريق ثانية

قوله: [أخبرنا قتيبة].وقد مر ذكره.
[حدثنا يعقوب].
هو يعقوب بن عبد الرحمن القاري المدني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[عن أبي حازم عن سهل].
وقد مر ذكرهما.
وهو هنا موقوف، وقد تقدم أنه مرفوع، ولو لم يرفع فإن مثل هذا ليس للرأي فيه مجال؛ لأنه أخبرنا عن أمر مغيب، ومثل ذلك لو لم يضفه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أصلاً، فإنه يكون له حكم الرفع؛ لأنه ليس للرأي فيه مجال؛ لأن الإخبار عن الجنة فيها باب يدخل منه الصائمون، ومن دخله شرب، فهذا لا يقال بالرأي، وإنما يقال عن طريق الوحي، وعن طريق التلقي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

حديث: (... ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أحمد بن عمرو بن السرح والحارث بن مسكين قراءةً عليه وأنا أسمع عن ابن وهب أنه أخبرني مالك ويونس عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (من أنفق زوجين في سبيل الله عز وجل نودي في الجنة: يا عبد الله، هذا خير، فمن كان من أهل الصلاة يدعى من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد يدعى من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصدقة يدعى من باب الصدقة، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان، قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: يا رسول الله، ما على أحدٍ يدعى من تلك الأبواب من ضرورة، فهل يدعى أحدٌ من تلك الأبواب كلها؟ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: نعم، وأرجو أن تكون منهم)].
ثم أورد النسائي حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ (من أنفق زوجين في سبيل الله دعي يوم القيامة وقيل: يا عبد الله، هذا خير، إن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة، وإن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد، وإن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة، وإن كان من باب الصيام دعي من باب الريان) ].


باب ذكر ما يكره من الصيام في السفر


‏ شرح حديث: (أدنيا فكلا، فقالا: إنا صائمان. فقال: ارحلوا لصاحبيكم، اعملوا لصاحبيكم)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا هارون بن عبد الله وعبد الرحمن بن محمد بن سلام قالا: حدثنا أبو داود عن سفيان عن الأوزاعي عن يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: (أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بطعام بمر الظهران، فقال لـأبي بكر، وعمر رضي الله عنهما: أدنيا فكلا، فقالا: إنا صائمان. فقال: ارحلوا لصاحبيكم، اعملوا لصاحبيكم)].أورد النسائي الحديث أبي هريرة، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في سفر، فكان عنده طعام فدعا أبا بكر، وعمر، فقالا: إنهما صائمان، فأقرهما، وقال [ (ارحلوا لصاحبيكم، اعملوا لصاحبيكم) ]، معناه: أنهما بحاجة إلى من يعاونهما، ويساعدهما، في شد الرحل؛ لأنهما صائمان، فهما بحاجة إلى المساعدة، ويحتمل أن يكون المقصود أن من يكون صائماً، فإنه لا يستغني عن المفطر، وقد جاء في بعض الأحاديث: أنهم كانوا في سفر، وأن في أصحابه المفطر والصائم، وأن المفطرين قاموا بالأمور التي يحتاجون إليها لهم ولغيرهم من الصائمين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ذهب المفطرون اليوم بالأجر)، معناه: أنهم قاموا بما يحتاجون إليه، وقاموا بما يحتاج إليه غيرهم ممن كان صائماً، وهذا فيه الدلالة على أن الإنسان يصوم في السفر، وأن الصوم في السفر سائغ، لكن حيث لا مشقة ولا ضرر.

تراجم رجال إسناد حديث: (أدنيا فكلا، فقالا: إنا صائمان. فقال: ارحلوا لصاحبيكم، اعملوا لصاحبيكم)

قوله: [أخبرنا هارون بن عبد الله].هو هارون بن عبد الله الحمال البغدادي، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[و عبد الرحمن بن محمد بن سلام].
لا بأس به، ولا بأس به تعادل صدوق، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[عن أبي داود].
هو سليمان بن داود الطيالسي، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن سفيان].
هو ابن سعيد بن مسروق الثوري، وهو ثقة، فقيه، إمام، حجة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن يحيى عن الأوزاعي].
وقد مر ذكرهما.
[عن أبي سلمة].
هو عبد الرحمن بن عوف المدني، وهو ثقة، فقيه، أحد الفقهاء السبعة في المدينة في عصر التابعين على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم.
[عن أبي هريرة].
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق.

طريق ثانية لحديث: (أدنيا فكلا، فقالا: إنا صائمان، فقال: ارحلوا لصاحبيكم، اعملوا لصاحبيكم) وتراجم رجال إسنادها


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عمران بن يزيد حدثنا محمد بن شعيب أخبرنا الأوزاعي عن يحيى: أنه حدثه عن أبي سلمة أنه قال: (بينما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يتغدى بمر الظهران ومعه أبو بكر، وعمر، فقال: الغداء)، مرسل].أورد النسائي الحديث من طريق أخرى، ولكنها مرسلة ليس فيها ذكر أبي هريرة، وإنما الإرسال من عبد الرحمن بن عوف، وقد ذكر أول الحديث، ثم قال: مرسل، أي: أنه أرسله أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف.
قوله: [أخبرنا عمران بن يزيد].
صدوق، أخرج له النسائي وحده.
[عن محمد بن شعيب].
صدوق، أخرج حديثه أصحاب السنن الأربعة.
[عن الأوزاعي عن يحيى عن أبي سلمة].
وقد مر ذكرهم.


طريق ثالثة لحديث: (أدنيا فكلا، فقالا: إنا صائمان، فقال: ارحلوا لصاحبيكم، اعملوا لصاحبيكم) وتراجم رجال إسنادها


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن المثنى حدثنا عثمان بن عمر حدثنا علي عن يحيى عن أبي سلمة: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأبا بكر وعمر كانوا بمر الظهران)، مرسل].أورد النسائي الحديث من طريق أخرى مرسلة، والذي أرسل هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف.
وجميع رجال الإسناد مر ذكرهم.


الأسئلة


مكان مر الظهران

السؤال: أين مكان ممر الظهران؟
الجواب: ممر الظهران هو وادي فاطمة.

الأفضلية بين صيام التطوع مع المشقة أو الإفطار


السؤال: إذا كان الإنسان في عمل، ويحتاج إلى مجهود بدني، ويصوم صوم التطوع مع مشقة قد لا تصل إلى الضرر، أيهما أفضل في حقه: والجمع بين العمل والصيام مع المشقة بدون ضرر أو الإفطار؟

الجواب: صيام التطوع الأولى للإنسان إذا كان فيه مشقة أن يفطر؛ لأن الصيام قد يعوقه عن الأعمال الأخرى التي يحتاج إليها من هو قوي، ولهذا الرسول صلى الله عليه وسلم كان مفطراً وهو بعرفة؛ لأن الأمر يتطلب قوة في ذلك اليوم، وعدم كسل بسبب الصيام.

بيع الشيء الملحق بالضرر

السؤال: هناك رجل عنده دش، وقد نصح فتركه ولله الحمد، وقد كفله مبلغاً كثيراً، وقدره ثلاثة عشر ألف ريال، فكيف يمكنه التخلص منه مع عدم الخسارة؟

الجواب: كونه يبيعه لأحد أو يعطيه لأحد، لا شك أنه يجلب الضرر لغيره، ويسعى في إلحاق الضرر بغيره، وهو غالباً ما يستعمل إلا لهذه الأشياء التي تعرض من كل مكان، ومن المعلوم ما فيها من الفساد، وما فيها من الضرر، فما أستطيع أن أقول: أن له أن يبيعه؛ لأنه يبيع ضرراً محققاً.

حكم التجاهر بالقرآن

السؤال: ما حكم التجاهر بالقرآن؟ وهل يصح الاستدلال على منعه بقوله تعالى https://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifوَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا https://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[الأعراف:204]

الجواب: الجهر في القرآن، يجهر في موضع الجهر، ويسر في موضع الإسرار، وإذا كان أحد يتأذى في قراءته يسر، وإذا كان لا أحد يتأذى فيجهر، وإذا كان أحد يستمع لقراءته يجهر، فإذا كان المقصود الجهر، ففيه هذا التفصيل.

سبب ورود حديث: (ليس من البر الصوم في السفر..)

السؤال: ألا يقال في سبب ورود حديث: (ليس من البر الصوم في السفر)، أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب؟

الجواب: معلوم أن هذه قاعدة معروفة، لكن جاءت نصوص تدل على الصيام في السفر، ففهم منها أنه ليس على عمومه، وتلك النصوص الأخرى التي جاءت فيها إثبات الصيام في السفر، وفي بعض الأحوال التي لا مشقة فيها، ولا ضرر، فهم منها أنه ليس على العموم، وإلا الأصل ومن القواعد أن العبرة بعموم الألفاظ لا بخصوص الأسباب.

حكم كذب العامل إذا اضطره إلى ذلك صاحب العمل


السؤال: جئت عاملاً إلى هذه البلاد فاضطرني صاحب العمل أن أكذب في عملي، وإن لم أفعل حرمت من أي شيء، وذلك للعقد الذي بيني وبينه، فهل يحل لي ذلك؟

الجواب: الكذب لا يجوز؛ لأن الكذب معصية، وليس للإنسان أن يطيع مخلوقاً في معصية الخالق، والكذب حرام، وليس للإنسان أن يكذب، وليس من صفات المؤمنين أن يتصفوا بهذه الصفات، وليس له أن يسمع ويطيع لهذا الذي يريد منه الكذب.

ابوالوليد المسلم 05-07-2022 10:02 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الصيام

(378)

- باب ذكر وضع الصيام عن المسافر - باب ذكر اختلاف ابن سلام وابن المبارك على خبر وضع الصيام عن المسافر

من تخفيف الله تبارك وتعالى على عباده أنه رخص للمسافر في الصوم والصلاة فأسقط عنه نصف الصلاة الرباعية إلى غير بدل، وأسقط عنه الصيام إلى بدل، وكذلك رخص للمريض والحائض والحامل والمرضع.

ذكر وضع الصيام عن المسافر، والاختلاف على الأوزاعي في خبر عمرو بن أمية فيه


‏ شرح حديث: (... ادن مني حتى أخبرك عن المسافر، إن الله عز وجل وضع عنه الصيام ونصف الصلاة)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ذكر وضع الصيام عن المسافر، والاختلاف على الأوزاعي في خبر عمرو بن أمية فيه. أخبرنا عبدة بن عبد الرحيم عن محمد بن شعيب حدثنا الأوزاعي عن يحيى عن أبي سلمة أنه أخبرني عمرو بن أمية الضمري رضي الله عنه أنه قال: (قدمت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من سفر، فقال: انتظر الغداء يا أبا أمية! فقلت: إني صائم، فقال: تعال، ادن مني حتى أخبرك عن المسافر؛ إن الله عز وجل وضع عنه الصيام ونصف الصلاة)].يقول النسائي: ذكر وضع الصيام عن المسافر. المراد بوضع الصيام هو: عدم إلزامه فيه في نفس الوقت، وأن له أن يفطر إذا كان مسافراً، ولكن يتعين عليه القضاء؛ لأنه تخفيف وترخيص له في الإفطار، ولكنه يصوم كما قال الله عز وجل: https://audio.islamweb.net/audio/sqoos.gifفَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ https://audio.islamweb.net/audio/eqoos.gif[البقرة:184].
فالمراد بالوضع وضع الصيام، أي: عدم الإلزام به في الوقت، والتخفيف على المسافر في ذلك، وأنه ليس ملزماً بأن يصوم في حال سفره، والمقصود من ذلك الفرض الذي هو الأساس؛ فإن الله عز وجل خفف عن المسافر وعن المريض بأن يفطروا ويقضوا https://audio.islamweb.net/audio/sqoos.gifعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَhttps://audio.islamweb.net/audio/eqoos.gif تقابل الأيام التي أفطروها، فهذا هو المراد بالوضع، يعني: ليس وضعاً كلياً إلى غير بدل، بل إلى بدل وهو القضاء، ولكنه في الوقت لم يلزموا به ولم يتحتم عليهم ذلك، بل لهم أن يفطروا ما داموا مسافرين، ولكن عليهم القضاء؛ لأنه إلى بدل، وليس إلى غير بدل.
ثم أورد النسائي حديث أبي أمية عمرو بن أمية الضمري رضي الله تعالى عنه: أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتغدى، فقال: تعال ادن، فقال: إني صائم، (فقال: تعال ادن مني حتى أخبرك عن المسافر، إن الله وضع عنه الصيام ونصف الصلاة).
والمراد بالوضع كما عرفنا بالترجمة عدم الإلزام في الوقت، بل له أن يفطر في ذلك اليوم وعليه أن يقضي، وكذلك نصف الصلاة، وضع الله عز وجل نصفها عن المسافر وهو وضع إلى غير بدل، وبالنسبة للصلاة نصف الصلاة الرباعية إلى غير بدل؛ لأنه ليس عليه شيء مقابل هذا الترك، بخلاف الصيام فإن عليه القضاء، فالصيام إلى بدل، ونصف الصلاة وضعها إلى غير بدل، فهذا تخفيف من الله عز وجل وتيسير على عباده إذا كانوا مسافرين، فلهم أن يفطروا ويقضوا، ويقصروا الصلاة الرباعية فيجعلوها اثنتين، وهو وضع بالنصف، أي: نصف الصلاة إلى غير بدل، والقصر إنما هو للرباعية خاصة، فالثلاثية لا تقصر، والثنائية لا تقصر، وإنما القصر خاص في الرباعية.
والثلاثية أجمع العلماء على عدم قصرها، وأنها تبقى على ما هي عليه ثلاث ركعات، وأن القصر إنما هو خاص بالرباعية، ووضع نصف الصلاة إلى غير بدل.
ويدل قوله: وضع نصف الصلاة عن المسافر، أن القصر رخصة رخص الله تعالى بها وسهل ويسر على عباده؛ إذ خفف عليهم وشرع لهم أن يؤدوها بدل أربع ركعات ركعتين، فهو يدل على أنه رخصة، وقوله: إنه وضع نصف الصلاة معناه: أن الله رخص لهم بأن يتركوا الركعتين وأن يقتصروا على ركعتين قصراً، وهذا من تيسير الله عز وجل وتخفيفه على عباده.

تراجم رجال إسناد حديث: (... ادن مني حتى أخبرك عن المسافر؛ إن الله وضع عنه الصيام ونصف الصلاة)


قوله: [أخبرنا عبدة بن عبد الرحيم].هو عبدة بن عبد الرحيم المروزي، وهو صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، والنسائي.
[عن محمد بن شعيب].
صدوق، أخرج حديثه أصحاب السنن الأربعة.
[حدثنا الأوزاعي].
هو أبو عمرو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن يحيى].
هو ابن أبي كثير اليمامي، وهو ثقة، يرسل ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي سلمة].
هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف المدني، وهو ثقة، فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[أنه أخبرني عمرو بن أمية].
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث: (... تعال أخبرك عن المسافر؛ إن الله وضع عنه الصيام ونصف الصلاة) من طريق ثانية

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرني عمرو بن عثمان حدثنا الوليد عن الأوزاعي حدثني يحيى بن أبي كثير حدثني أبو قلابة حدثني جعفر بن عمرو بن أمية الضمري عن أبيه رضي الله عنه أنه قال: قدمت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ألا تنتظر الغداء يا أبا أمية ؟ قلت: إني صائم، فقال: تعال أخبرك عن المسافر؛ إن الله وضع عنه الصيام ونصف الصلاة)].أورد النسائي حديث عمرو بن أمية من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله، وقد عرض عليه النبي صلى الله عليه وسلم أن ينتظر الغداء حتى يحضر ليشارك فيه، فقال: (إني صائم، فقال: تعال أخبرك عن المسافر؛ إن الله وضع عنه الصيام ونصف الصلاة)، وصيام هذا الرجل تطوع، وإذا كان الله عز وجل وضع عن المسافر صيام الفرض بحيث يفطر، ويقضي، فمن باب أولى النفل، في أن الإنسان لا يكون صائماً حال السفر.

تراجم رجال إسناد حديث: (... تعال أخبرك عن المسافر؛ إن الله وضع عنه الصيام ونصف الصلاة) من طريق ثانية

قوله: [أخبرنا عمرو بن عثمان].هو عمرو بن عثمان الحمصي، وهو صدوق، أخرج حديثه أبو داود والنسائي وابن ماجه.
[حدثنا الوليد بن مسلم].
ثقة، كثير التدليس والتسوية، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن الأوزاعي حدثني يحيى].
وقد مر ذكرهما.
[حدثني أبو قلابة].
هو عبد الله بن زيد الجرمي، وهو ثقة، كثير الإرسال، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور بكنيته أبي قلابة.
[حدثني جعفر بن عمرو بن أمية].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا أبا داود فإنه لم يخرج له شيئاً.
[عن أبيه].
عمرو بن أميةوقد مر ذكره.

حديث: (تعال أخبرك عن المسافر، إن الله وضع عنه الصيام ونصف الصلاة) من طريق ثالثة وتراجم رجال إسنادها


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إسحاق بن منصور أخبرنا أبو المغيرة حدثنا الأوزاعي عن يحيى عن أبي قلابة عن أبي المهاجر عن أبي أمية الضمري رضي الله عنه أنه قال: (قدمت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من سفر فسلمت عليه، فلما ذهبت لأخرج قال: انتظر الغداء يا أبا أمية! قلت: إني صائم يا نبي الله! قال: تعال أخبرك عن المسافر؛ إن الله تعالى وضع عنه الصيام ونصف الصلاة)].أورد النسائي حديث عمرو بن أمية رضي الله عنه وهو مثل ما تقدم في ذكر المتن، والقصة التي كانت سبب الحديث وهي كونه صائماً، والنبي صلى الله عليه وسلم طلب منه أن ينتظر الغداء، فقال: (تعال أخبرك)، وأخبره بأن الله وضع عن المسافر الصوم، ونصف الصلاة.
قوله: [أخبرنا إسحاق بن منصور].
هو إسحاق بن منصور الكوسج، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا أبا داود.
[أخبرنا أبي المغيرة].
هو عبد القدوس بن الحجاج، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا الأوزاعي عن يحيى عن أبي قلابة].
قد مر ذكرهم.
[عن أبي المهاجر].
جاء عند النسائي عن الأوزاعي، وغير الأوزاعي يقول: أبو المهلب، قال المزي: وهو المحفوظ، أي أنه أبو المهلب، وأبو المهلب هو عم أبي قلابة الجرمي، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبي أمية].
وقد مر ذكره.

طريق رابعة لحديث: (تعال أخبرك عن المسافر، إن الله وضع عنه الصيام ونصف الصلاة) وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أحمد بن سليمان حدثنا موسى بن مروان حدثنا محمد بن حرب عن الأوزاعي أخبرني يحيى حدثني أبو قلابة حدثني أبو المهاجر حدثني أبو أمية يعني: الضمري رضي الله عنه: (أنه قدم على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فذكر: نحوه)].أورد الحديث من طريق أخرى، وأحال على المتن الذي قبله، وأن المتن نحو المتن السابق، أي: أنه يتفق معه في المعنى مع الاختلاف في الألفاظ، وذكرت أن (نحوه) هذا معناها وهذا المراد بها، بخلاف كلمة (مثله)، فإنه يراد بها المساواة في اللفظ والمعنى، أي: أنه مثله في اللفظ والمعنى، وأما (نحوه) أي: نحوه في اللفظ وهو مثله في المعنى.
قوله: [أخبرنا أحمد بن سليمان].
هو أحمد بن سليمان الرهاوي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا موسى بن مروان].
مقبول، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[حدثنا محمد بن حرب].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الأوزاعي حدثني يحيى حدثني أبو قلابة حدثني أبو المهاجر حدثني أبو أمية].
وقد مر ذكر هؤلاء جميعاً.


حديث: (ادن أخبرك عن المسافر؛ إن الله وضع عنه الصيام ونصف الصلاة) من طريق خامسة وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا شعيب بن شعيب بن إسحاق حدثنا عبد الوهاب حدثنا شعيب حدثني الأوزاعي حدثني يحيى حدثني أبو قلابة الجرمي أن أبا أمية الضمري رضي الله عنه حدثهم: (أنه قدم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من سفر، فقال: انتظر الغداء يا أبا أمية! قلت: إني صائم، قال: ادن أخبرك عن المسافر؛ إن الله وضع عنه الصيام ونصف الصلاة)].أورد النسائي حديث أبي أمية من طريق أخرى وهو مثل ما تقدم.
قوله: [أخبرنا شعيب بن شعيب بن إسحاق].
صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده، وشعيب بن شعيب بن إسحاق سمي باسم أبيه؛ لأن أباه توفي وأمه حامل به، فلما ولد سموه باسمه، فهو شعيب بن شعيب بن إسحاق.
[حدثنا عبد الوهاب].
هو ابن سعيد، وهو صدوق، أخرج حديثه النسائي، وابن ماجه.
[حدثنا شعيب].
هو ابن إسحاق الذي هو أبو شعيب المتقدم، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
[حدثني الأوزاعي حدثني يحيى حدثني أبو قلابة أن أبا أمية].
وقد مر ذكر هؤلاء الأربعة.


ذكر اختلاف معاوية بن سلام وعلي بن المبارك في هذا الحديث



‏ حديث: (... إن الله وضع عن المسافر الصيام ونصف الصلاة) من طريق سادسة وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ذكر اختلاف معاوية بن سلام وعلي بن المبارك في هذا الحديثأخبرنا محمد بن عبيد الله بن إبراهيم الحراني حدثنا عثمان حدثنا معاوية عن يحيى بن أبي كثير عن أبي قلابة: أن أبا أمية الضمري رضي الله عنه أخبره أنه: (أتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من سفر وهو صائم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ألا تنتظر الغداء؟ قال: إني صائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: تعال أخبرك عن الصيام؛ إن الله عز وجل وضع عن المسافر الصيام ونصف الصلاة)].
أورد النسائي حديث أبي أمية من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم في المتن.
قوله: [أخبرنا محمد بن عبيد الله بن إبراهيم الحراني].
صدوق فيه لين، أخرج له النسائي وحده.
[حدثنا عثمان].
هو ابن عبد الرحمن الحراني، وهو صدوق، أكثر الرواية عن الضعفاء والمجاهيل فضعف، أخرج له أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[حدثنا معاوية].
هو ابن سلام، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن يحيى بن أبي كثير عن أبي قلابة أن أبا أمية أخبره].
وقد مر ذكرهم.

طريق سابعة لحديث: إن الله وضع عن المسافر الصيام ونصف الصلاة) وتراجم رجال إسنادها


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن المثنى حدثنا عثمان بن عمر أخبرنا علي عن يحيى عن أبي قلابة عن رجل أن أبا أمية رضي الله عنه أخبره أنه: (أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم من سفر نحوه)].أورد النسائي حديث أبي أمية من طريق أخرى، وفيه أنه قال: (نحوه)، أي: نحو المتن المتقدم.
قوله: [أخبرنا محمد بن المثنى].
هو العنزي الملقب بـالزمن، وكنيته أبو موسى البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[حدثنا عثمان بن عمر].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن علي].
هو ابن المبارك، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن يحيى عن أبي قلابة].
مر ذكرهم.
[عن رجل].
والرجل هنا مبهم، ويحتمل أن يكون الذي تقدم الذي هو ابنه الذي جعفر بن عمرو بن أمية.
[أن أبا أمية].
وقد مر ذكره.

شرح حديث: (إن الله وضع عن المسافر نصف الصلاة، والصوم ...) من طريق ثامنة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عمر بن محمد بن الحسن بن التل حدثنا أبي حدثنا سفيان الثوري عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (إن الله وضع عن المسافر نصف الصلاة، والصوم، وعن الحبلى والمرضع)].أورد النسائي حديث أنس بن مالك القشيري الكعبي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله وضع عن المسافر ونصف الصلاة، وعن الحبلى والمرضع)، المتن هو مثل الذي قبله فيما يتعلق في وضع الصيام ونصف الصلاة، وفيه إضافة: وضع الصيام عن الحبلى والمرضع، وقد عرفنا فيما مضى أن وضع الصيام عن المسافر هو إلى بدل، وكذلك الوضع عن الحبلى والمرضع هو إلى بدل، فمعناه أنهما تقضيان، أي: تفطران للحاجة أو لحاجتهما إلى الإفطار؛ إما من أجل الخوف على أنفسهما أو على ولديهما، وعليها القضاء، فوضع الصيام عن الحبلى وعن المرضع هو إلى بدل، كما أن وضع الصيام عن المسافر إلى بدل، وكذلك وضع الصيام عن الحائض هو إلى بدل، وكذلك المرضع والحامل صيامهما إلى بدل.

تراجم رجال إسناد حديث: (إن الله وضع عن المسافر نصف الصلاة، والصوم ...) من طريق ثامنة


قوله: [أخبرنا عمر بن محمد بن الحسن بن التل].صدوق، ربما وهم، أخرج له البخاري والنسائي.
[حدثنا أبي].
هو محمد بن الحسن بن التل، وهو صدوق، فيه لين، أخرج حديثه البخاري والنسائي وابن ماجه.
[حدثنا سفيان الثوري].
هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، وهو ثقة، فقيه، حجة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن أيوب].
هو أيوب بن أبي تميمة السختياني، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي قلابة].
وقد مر ذكره.
[عن أنس].
هو أنس بن مالك القشيري الكعبي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب السنن الأربعة.

حديث: (إن الله عز وجل وضع عن المسافر شطر الصلاة والصيام ...) من طريق تاسعة وتراجم رجال إسنادها


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن حاتم حدثنا حبان أنبأنا عبد الله عن ابن عيينة عن أيوب عن شيخ من قشير، عن عمه حدثنا ثم ألفيناه في إبل له، فقال له أبو قلابة: حدثه، فقال الشيخ: حدثني عمي أنه: (ذهب في إبلٍ له فانتهى إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو يأكل -أو قال: يطعم- فقال: ادن فكل -أو قال: ادن فاطعم- فقلت: إني صائم، فقال: إن الله عز وجل وضع عن المسافر شطر الصلاة والصيام، وعن الحامل والمرضع)].أورد النسائي الحديث من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله، وفيه إبهام الذي حدث في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهو أنس بن مالك المتقدم.
قوله: [أخبرنا محمد بن حاتم].
هو ابن نعيم المروزي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا حبان].
هو ابن موسى، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، ومسلم والترمذي والنسائي.
[أنبأنا عبد الله].
هو ابن المبارك المروزي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عيينة].
هو سفيان بن عيينة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أيوب].
هو السختياني وقد مر ذكره.
[عن شيخ من قشير].
قيل: إنه أنس بن مالك، وقد ذكره ابن حجر في المبهمات، أيوب عن شيخ من قشير، قال: هو أنس بن مالك، لكن هنا هذا الشيخ يروي عن عمه، والذي سبق أن مر في الحديث، والذي كان يعني يروي الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم هو أنس بن مالك، يقول: (إن الله وضع عن المسافر الصوم ونصف الصلاة وعن الحبلى والمرضع)، وهناك مسمى وهنا غير مسمى، وقال الحافظ ابن حجر في المبهمات في آخر التقريب: إنه أنس بن مالك يعني المتقدم، لكنه يروي عن عمه، وقد جاء في بعض الطرق، وستأتي أن ذلك الشيخ يروي عن قريب له هو: أنس بن مالك، وقد روى عن أنس بن مالك من أقربائه شخص اسمه عبد الله بن سوادة القشيري، لكن ليس في ترجمته أنه روى عنه أيوب ولا أبو قلابة، وإنما روى عنه غير هؤلاء، فلا أدري ما هي الحقيقة في هذا، يعني بالنسبة لهذا الذي يروي عنه أيوب؟ وكما قلت في التقريب: يقول: إنه أنس بن مالك، مع أنه في الإسناد الذي سيأتي أن الذي حدث أيوب وحدث أبا قلابة شخص يروي عن عمه أو قريبه، وقد عبر عنه بالحديث الذي سيأتي أنه قريبه، وفي هذا الذي معنا أنه عمه، ولا يبعد أن يكون من أقربائه، وأنه يقال له: عمه، وإن لم يكن عمه أخاً لأبيه، ولكن لكونه من أقربائه، ويقال للكبير: عم وإن كان ليس من أقربائه، لكن الحديث فيه ذكر أنه عمه، وفيه أنه قريبه، فيكون على هذا القرب يمكن أن يكون وإن لم يكن أخاً لأبيه يكون عمه.

يتبع

ابوالوليد المسلم 05-07-2022 10:02 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
حديث: (إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة ...) من طريق عاشرة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أبو بكر بن علي حدثنا سريج حدثنا إسماعيل بن علية عن أيوب حدثني أبو قلابة هذا الحديث ثم قال: هل لك في صاحب الحديث؟ فدلني عليه فلقيته، فقال: حدثني قريب لي يقال له: أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: (أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في إبلٍ كانت لي أُخذت، فوافقته وهو يأكل، فدعاني إلى طعامه فقلت: إني صائم، فقال: ادن أخبرك عن ذلك؛ إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة)].أورد النسائي الحديث من طريق أخرى، وفيه الاقتصار على الوضع إنما هو للصوم ولشطر الصلاة، وليس فيه ذكر الحامل والمرضع.
قوله: [أخبرنا أبو بكر بن علي].
هو أحمد بن علي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا سريج].
هو سريج بن يونس، وهو ثقة، أخرج له البخاري، ومسلم، والنسائي.
[حدثنا إسماعيل بن علية].
هو إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم المشهور بـابن علية، وعلية أمه، وهو مشهور بالنسبة إليها، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن أيوب عن أبي قلابة].
وقد مر ذكرهما.
[أنس بن مالك].
هنا ذكر أن الذي حدثه به أنس، فيكون كأنه عم ذلك الشيخ، هنا قريب ذلك الشيخ، وهناك عبر بأنه عمه.

حديث: (إن الله وضع عن المسافر نصف الصلاة والصوم ...) من طريق حادية عشرة وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا سويد بن نصر أخبرنا عبد الله عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن رجل أنه قال: (أتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم لحاجة، فإذا هو يتغدى، قال: هلم إلى الغداء، فقلت: إني صائم، قال: هلم أخبرك عن الصوم: إن الله وضع عن المسافر نصف الصلاة والصوم؛ ورخص للحبلى والمرضع)].أورد النسائي الحديث من طريق أخرى، وفيه إبهام الرجل، وهو أنس بن مالك الذي مر ذكره، والذي روى عنه أبي قلابة وصرح به في الطريق الأولى، والمتن هو نفس المتن، فيه: وضع الصوم عن المسافر وشطر الصلاة، ورخص للحبلى والحامل بالإفطار.
قوله: [أخبرنا سويد بن نصر].
هو سويد بن نصر المروزي، وهو ثقة، أخرج حديثه الترمذي، والنسائي.
[أخبرنا عبد الله].
هو ابن المبارك المروزي، وقد مر ذكره.
[عن خالد الحذاء].
هو خالد بن مهران الحذاء، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، والحذاء لقب له اشتهر به، والمتبادر إلى الذهن أن الحذاء يراد به من يصنع الأحذية أو يبيعها، وهو ليس كذلك، لا هذا ولا هذا، قالوا: إنما كان يجالس الحذائين، أي: يأتي عند الحذائين، فنسب إليهم، فقيل له: الحذاء، وقيل: إنه نسب إلى الحذاء لأنه كان يقول للحذاء الذي يصنع النعال: احذ على كذا، أي: يعطيه مقاساً ويقول: احذ على كذا، أي: اعمل عليه، أو قس عليه، أو ابن عليه، فقيل له: الحذاء لذلك، وهي نسبة إلى غير ما يتبادر إلى الذهن؛ لأن المتبادر إلى الذهن هو أن الحذاء الذي يبيع الأحذية أو يصنعها، وأما كونه يجالس الحذائين أو يقول: احذ على كذا، فهذا لا يتبادر إلى الذهن أن ينسب ويقال له: الحذاء.
[عن أبي قلابة عن رجل].
وقد مر ذكره.
[عن رجل].
والرجل هذا هو الذي جاء إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، فيكون هو أنس بن مالك المتقدم.

حديث: (إن الله وضع عن المسافر نصف الصلاة والصوم ...) من طريق ثانية عشرة وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا سويد بن نصر أخبرنا عبد الله عن خالد الحذاء عن أبي العلاء بن الشخير عن رجل: (نحوه)].أورد الحديث من طريق أخرى وقال: (عن رجلٍ نحوه)، والرجل هو المتقدم أنس بن مالك.
قوله: [أخبرنا سويد بن نصر أخبرنا عبد الله عن خالد].
وقد مر ذكر هؤلاء الثلاثة في الإسناد الذي قبل هذا.
[عن أبي العلاء بن الشخير].
هو يزيد بن عبد الله، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن رجل].
وهو المتقدم.
قال: [نحوه]، أي: نحو الحديث المتقدم في الإسناد الذي قبل هذا.
واللفظ المحال عليه هو الموجود المتقدم، لكن هذا الذي لم يذكر ليس مطابقاً له في اللفظ والمعنى بل هو متفق معه في المعنى، ومختلف معه في اللفظ، ولهذا قيل: نحوه، ولم يقل: مثله؛ لأنه لو قيل: مثله، يكون متفقاً في اللفظ والمعنى.
أنا لا أذكر فيه شيئاً؛ لأن النسائي عند محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان الذي نسبه هو الذي لم ينسبه، لكنه جاء في بعض طرق الحديث أنه يروي عنه شعبة، وقد قال المزي في تحفة الأشراف: إن الذي يروي عنه شعبة هو محمد بن عبد الرحمن بن سعد، وإذاً فهذا وهم من النسائي؛ ظن أنه ابن ثوبان مع أنه ليس ابن ثوبان، فمعناه على ما قال المزي: يريد محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان لكنه وهم، والمراد به ابن سعد.


الأسئلة


‏ ما يلزم الحامل والمرضع إذا أفطرتا خوفاً على نفسيهما أو ولديهما


السؤال: بالنسبة للحامل والمرضع فيما إذا خافتا على أنفسهما أو على ولديهما من الصيام؟

الجواب: بعض العلماء فرّق؛ فإنهما إذا خافتا على أنفسهما فيفطران ويقضيان وليس عليهما صدقة، فلا يتصدقان بشيء، وأما إذا خافتا على جنينهما فهما مع القضاء يتصدقان؛ لأن الخوف ليس على أنفسهما، لكن على جنينهما، ولا أعلم مستند هذا التفريق لكن الحديث يدل على أن الحامل والمرضع عندما تفطر وهي مأذون لها في الإفطار، فهي مثل الحائض، ومثل المسافر ومثل المريض، فهم يفطرون إلى بدل الذي هو الصيام.

صلاة المسافر إذا علم أن وصوله سيكون قبل خروج وقت الصلاة التالية

السؤال: إذا كان الإنسان في سفر وعلم أنه سيصل إلى بلده قبل خروج وقت الصلاة الثانية، فهل يجمعها مع الثانية ويقصرها، أو أنه ينتظر حتى يصل إلى بلده ويصليها تامة؟ وأيهما أفضل الأخذ بالرخصة أو العزيمة؟

الجواب: ما دام أنه مسافر فله أن يصلي ويجمع ويقصر، لكنه إذا وصل إلى البلد فإن عليه أن يذهب إلى المسجد ويصلي نافلة مع الناس.

تحديد صلاة الاستخارة

السؤال: هل صلاة الاستخارة تكرر أكثر من مرة؟ وما رأيكم في تحديدها بثلاث مرات؟ وهل يلزم بعد صلاة الاستخارة أن ترتاح النفس وتطمئن للأمر المستخار له؟

الجواب: في الاستخارة لا نعلم تحديداً، والإنسان إذا صلى صلاة الاستخارة ولم ينشرح صدره إلى شيء مما استخار من أجله، بل لا يزال متردداً، فإن له أن يصلي ويعيد الصلاة، لكن تحديدها بمقدار معين لا نعلم فيه شيئاً، وإذا انشرحت نفسه للإقدام أو الإحجام عن شيء فذاك، وإن كان لا يزال متردداً ولم ينشرح صدره إلى الإقدام أو الإحجام، فإنه يعيد الصلاة.

ثبوت صلاة الاستخارة عن النبي صلى الله عليه وسلم

السؤال: هل صلاة الاستخارة ثابتة؟

الجواب: نعم، والحديث في صحيح البخاري.

حكم قصر الصلاة للمسافر

السؤال: ما حكم قصر الصلاة للمسافر؟ هل هو مباح أو مستحب أو واجب؟

الجواب: الخلاف بين أهل العلم أنه رخصة أو عزيمة، فمنهم من يقول: إنه عزيمة، وأنه يتعين على الإنسان أن يقصر ولا يجوز له أن يتم، والصحيح: أنه رخصة، وأنه لو أتم جاز له ذلك، والحديث الذي معنا يدل على أنه رخصة؛ لأنه قال: (وضع نصف الصلاة)، معناه: أنها خفضت من أربع إلى ثنتين، وجاء ذكر الرخصة والتعبير بالرخصة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فهي رخصة، ولو أتم الإنسان صحت صلاته.

الوضع للحامل والمرضع من الصيام والصلاة


السؤال: هل الوضع عن الحامل والمرضع يعود إلى الصيام وحده أو إلى الصيام ونصف الصلاة؟

الجواب: لا، إلى الصيام فقط، أما الصلاة فلا؛ فالمريض لا يقصر، بل يصلي الصلاة تامة، ولكن المريض له أن يجمع وليس له أن يقصر، والوضع إنما هو للصيام؛ لأنه هو المقصود من أجل تغذية الجنين أو المولود.

توضيح من هو أنس بن مالك الكعبي المذكور في حديث وضع الصيام عن المسافر

السؤال: حديث رقم ألفين ومائتين وخمس وسبعين، قال المحقق عبد الوارث بن محمد بن علي: أن أنس بن مالك المذكور في السند هو غير أنس بن مالك الصحابي، فمن يكون؟

الجواب: أنس بن مالك قلنا: القشيري الكعبي له حديث واحد هو هذا الحديث فقط في وضع الصلاة، ولما ترجموا له قالوا: له هذا الحديث الواحد، وذكروا في ترجمته في تهذيب الكمال، وفي تهذيب التهذيب: أنه له هذا الحديث الواحد في وضع الصيام عن المسافر ونصف الصلاة، وقالوا عنه: القشيري الكعبي، وهو غير أنس بن مالك الأنصاري خادم الرسول، فذاك له المئات من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، وذاك ليس له إلا هذا الحديث الواحد فقط في الكتب.

معنى تمام الملك في الزكاة

السؤال: ذكر الفقهاء رحمهم الله أن من شروط الزكاة تمام الملك، أي: استقراره، فما معنى هذا الشرط؟

الجواب: تمام الملك: أن يملك النصاب، وأن يكون تام الملك، ويمثلون لذلك بأن الإنسان إذا حصل شيئاً يبلغ النصاب، كالملتقط أو اللقاط الذي يمشي في الحصائد، ويجمع المتساقط من الحبوب وبلغت نصاباً فإنه لا زكاة فيها؛ لأن الذي عليه الزكاة هو صاحب الزرع الذي حصلت الثمار له وفي ملكه، فهذا هو الذي يزكي، أما إنسان يأتي ويجمع من الحصائد، أو يأتي للنخل ويلتقط التمر المتساقط من النخل ثم جمعه فبلغ نصاباً فإنه لا زكاة فيه، وإنما الزكاة عند الحصاد والجذاذ لمن كان مالكاً.

معنى عقد إيجار لازم

السؤال: ما معنى كون عقد الإجارة لازم؟

الجواب: معنى كون الإيجار عقد لازم أنه ليس لأحد الطرفين أن يفسخ إلا بموافقة الطرف الثاني؛ لأنها من العقود اللازمة، فليس للإنسان إذا استأجر لمدة سنة في أي لحظة يأتي يقول: خلاص أنا أفسخ العقد بل يستمر العقد إلى نهاية السنة، وكذلك المؤجر لا يأتي للمستأجر ويقول: خلاص أنا ما أريد أنك تستمر، فالإيجار عقد لازم لا يملك أحد الطرفين فسخها بمفرده إلا إذا وافق الطرف الثاني، فإذا اتفقوا على الفسخ تفسخ، وإذا لم يوافق أحد الطرفين فهي لازمة إلى نهاية المدة.

رفع اليدين في صلاة الجنازة عند كل تكبيرة


السؤال: هل في صلاة الجنازة يرفع المصلي يديه عند كل تكبيرة؟

الجواب: نعم، يرفع يديه عند كل تكبيرة؛ لأنه جاء عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه مرفوعاً وموقوفاً، والمرفوع جاء من طريق صحيح.

حكم الأحاديث الموجودة في كتاب مراسيل أبي داود

السؤال: ما حكم الأحاديث التي في كتاب مراسيل أبي داود؟

الجواب: الأحاديث التي في مراسيل أبي داود طبعاً كلها يبحث فيها؛ لأن بعض المراسيل يكون له ما يعضده وله ما يؤيده، وبعضها لا يكون كذلك، وطبعاً يختلف هذا عن هذا.

الرأي الراجح في مراسيل الحسن

السؤال: ما هو الرأي الراجح في مراسيل الحسن؟

الجواب: المراسيل كلها المشهور عند المحدثين أنها ليست حجة، لكن بعض العلماء يفرق بين بعض المراسيل؛ فبعضهم يعتبر المراسيل، وبعضهم لا يعتبر المراسيل، وأما الحسن فمراسيله لا تعتبر عند من يعتبر بعض المراسيل، وإنما سعيد بن المسيب هو الذي يقال: إن مراسيله حجة عند بعض من يقول باعتماد المراسيل، وأما الحسن فمراسيله ليست كذلك، ولكن من حيث الحكم المرسل غير ثابت؛ لأن فيه انقطاعاً.

سبب ذكر اختلاف الرواة مع أن المتن واحد

السؤال: ما وجه ذكر الاختلاف على الرواة مع أن المتن هو نفسه؟

الجواب: الاختلاف من حيث الإسناد، كون أحد الراوي يروي على وجه وهذا على وجه من حيث الإسناد، والمتن هو بحاله، وقد عرفنا أن ذلك الاختلاف لا يؤثر شيئاً على الحديث في الغالب.

ذكر الاختلاف كعناوين في سنن النسائي

السؤال: في ذكر الاختلاف على معاوية وعلي بن المبارك، ذكر تحتها أحاديث كثيرة ولم يذكر الاختلاف على معاوية وعلي إلا في الحديثين الأوليين، فما وجه جمع هذه الأحاديث تحت هذه الترجمة؟

الجواب: الترجمة التي تحتها الأحاديث المختلفة هي الأولى التي فيها عنوان الترجمة، مثل وضع الصوم عن المسافر ونصف الصلاة، هذه الترجمة، الأحاديث التي تأتي كلها في هذا الموضوع يأتي في أثناء أو بعد هذه الترجمة أحياناً، وقد جاء هنا ذكر الاختلاف على فلان وفلان، ثم يكون المقصود هو جاء من طريقين أو ثلاثة، والتي بعدها لا علاقة لها بهذا الاختلاف، ولهذا أنا أقول: يبدو أن هذه ليست تراجم، فالترجمة هي الباب الذي هو وضع الصوم عن المسافر ونصف الصلاة، هذه الترجمة، وأما ذكر الاختلاف على فلان هذه ما هي بترجمة فيما يبدو، وإنما هي تنبيه في آخر الحديث الذي بعده ثم يأتي بعده هذا الاختلاف، ويبقى الباب الأول على ما هو عليه، كل حديث مسرود تحت هذه الترجمة، مثل ما ذكرت في قضية ذكر اسم الرجل الذي جاء في الإسناد الذي قبله، وجاء ترجمة ذكر اسم الرجل والمراد بالرجل في الإسناد الذي بعده وبعد ذلك لا علاقة لهذه الترجمة، فالذي يبدو أن التراجم هي في العناوين الذي فيها موضوع، كالموضوع الذي معنا: وضع الصوم ونصف الصلاة، أما ذكر الاختلاف فإنه لا يعتبر عنواناً لكل ما تحته، وإنما هو إشارة يكون ما بعدها مباشرة من الأحاديث يتعلق بها، ثم تنتهي ويرجع الأمر إلى أحاديث تتعلق بالعنوان الأول الرئيسي، الذي هو وضع الصيام عن المسافر ونصف الصلاة.

العلة في إفطار الصائم


السؤال: هل العلة في إفطار المسافر مشقة السفر أو السفر نفسه؟

الجواب: لا، هو السفر، ولكن هو المظنة، يعني الصيام لا يكون مع وجود المشقة فحيث توجد المشقة يوجد الإفطار، وإذا ما وجدت المشقة فالإنسان يفطر من أجل السفر، لكن ليس الحكم منوطاً بالمشقة إذا وجدت وجد الإفطار، وإذا ما وجدت يتعين الصيام، بل يمكن للإنسان أن يفطر ولو ما وجد المشقة، مثل الإفطار في هذا الزمان، سافر بالطائرة وسافر بالسيارة خمس ساعات أو أربع ساعات في محل مكيف وهادئ، ويمكن أن يكون نائماً في كل الطريق، ومع هذا فالإنسان يفطر، لكن الأولى أنه حيث لا مشقة هو الصيام؛ حتى يؤدي الإنسان الصوم في وقته، وحتى لا يتحمل ديناً قد لا يتيسر له المبادرة إلى التخلص منه.

المسافة التي يفطر فيها المسافر

السؤال: ما هي المسافة التي يفطر فيها الصائم؟

الجواب: هي المسافة التي يقصر فيها الصلاة، فالعلماء اختلفوا فيها، والمشهور عند كثير من أهل العلم أنها مسافة يومين قاصدين تعادل ثمانين كيلو متر تقريباً.

ما يلزم النفساء إذا أفطرت في رمضان

السؤال: هل النفساء تطعم في رمضان أو تقضي؟

الجواب: النفساء تقضي ولا تطعم، مثل الحائض.

مدى صحة القول بأن القصر في السفر عزيمة وليس رخصة

السؤال: في حديث عائشة رضي الله عنها: (أول ما بدأت الصلاة ركعتان في السفر، فأتمت صلاة الحضر)، ألا يكون هذا الحديث يدل على أن الأمر عزيمة؟

الجواب: هذا الذي استدل به من قال بأنه عزيمة، والذين قالوا بأنه رخصة قالوا: إنها ركعتان، وأن الصلاة رفعت، وبعد ذلك نقصت، فـعائشة حكت ما كان موجوداً من قبل الذي هو أصل الفرض الذي كان ركعتين ثم رفعت، وإلا فهو رخصة، والقول بأنه رخصة هو الصحيح، والإنسان لو أتم الصلاة، فصلاته صحيحة، ولا يقال: إنه زاد في الصلاة شيئاً ليس منها لأنها عزيمة، بل هو رخصة.

مدى صحة زواج ولد أرضعته جدته ثم تزوج بابنة أخته من الرضاع

السؤال: امرأة أرضعت ابن ابنها، ثم تزوج هذا الولد ابنة ابنتها وأنجب منها، فهل هذا زواج صحيح؟

الجواب: ليس بصحيح فهو يعتبر خالها، والأولاد أولاد شبهة ينسبون إليه.

ارتباط الاستخارة بانشراح الصدر

السؤال: ارتياح النفس بعد الاستخارة، هل دل الحديث على أنه يلزم أن ترتاح النفس وتطمئن؟

الجواب: المقصود بالاستخارة هو أنه تنشرح نفسه، فيقدم أو يحجم.

دخول رمضان الثاني على النفساء ولم تقضي رمضان الأول بسبب الحمل

السؤال: إذا أفطرت النفساء في رمضان وقبل القضاء حملت مرة أخرى، وأتى رمضان الثاني، فماذا تفعل؟

الجواب: إذا كان الصيام لا يترتب عليه مضرة لها وهي حامل، فالحامل لها أن تصوم، وليس متعيناً عليها أنها تفطر، لكن مرخص لها أن تفطر إذا خافت على نفسها أو ولدها، وإذا جاء رمضان الثاني ولم تقضي فإنها تقضي وتطعم.

معنى الرجعة في الطلاق

السؤال: ما هي الرجعة؟ وكيف يراجع الرجل زوجته؟ وهل تلزم الشهادة عليها؟

الجواب: الرجعة هي: استرجاع المطلقة طلاقاً رجعياً ما دامت في العدة، وإذا خرجت من العدة لا يمكن إلا عن طريق الزواج، يخطبها ويتزوجها، وما دامت في العدة فإن له أن يراجعها.

الجمع بين صيام التطوع مع مشقة لا تؤدي إلى الضرر

السؤال: إذا كان الإنسان في عمل ويحتاج إلى مجهود بدني، ويصوم صوم التطوع مع مشقة قد لا تصل إلى الضرر، فأيهما أفضل في حقه: هل الصيام والجمع بين العمل والصيام مع المشقة أم الإفطار؟

الجواب: صيام التطوع الأولى للإنسان إذا كان فيه مشقة أن يفطر؛ لأن الصيام قد يعوقه عن الأعمال الأخرى التي يحتاج إليها من هو قوي، فيما يتعلق بعرفات؛ الرسول صلى الله عليه وسلم كان مفطراً وهو بعرفة؛ لأن الأمر يتطلب قوة في ذلك اليوم، وعدم كسل بسبب الصيام.




ابوالوليد المسلم 05-07-2022 10:03 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الصيام

(379)


- (تابع باب ذكر اختلاف ابن سلام وابن المبارك على خبر وضع الصيام عن المسافر) إلى (باب الصيام في السفر، وذكر اختلاف خبر ابن عباس فيه)




إن من يسر الشريعة الإسلامية أنها لم تكلف المسلم فوق طاقته، ومن ذلك أنها سهلت عليه في السفر حيث المشقة والتعب؛ فوضعت عنه شطر الصلاة الرباعية وكذلك الصيام. وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يفطر ويصوم في سفره.

تابع ذكر اختلاف ابن سلام وابن المبارك على خبر وضع الصيام عن المسافر


شرح حديث: (وضع الله عن المسافر الصوم ونصف الصلاة) من طريق ثالثة عشرة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ذكر وضع الصيام عن المسافر.أخبرنا قتيبة حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن هانئ بن الشخير عن رجل من بلحريش عن أبيه رضي الله عنه أنه قال: (كنت مسافراً فأتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأنا صائم وهو يأكل، قال: هلم، قلت: إني صائم، قال: تعال، ألم تعلم ما وضع الله عن المسافر؟ قلت: وما وضع عن المسافر؟ قال: الصوم ونصف الصلاة)].
فهذا الحديث وما بعده من الأحاديث التي في معناه ترجع إلى ترجمة الباب، وقد جاء عن عدد من الصحابة أحاديث تدل عليها، وقد مر كذلك ذكر جملة منها، وهو: وضع الصيام عن المسافر، وعرفنا أن وضع الصيام عن المسافر هو عدم إلزامه به في الوقت، أما كونه إذا أفطر يقضي ما أفطره فإن هذا لا بد منه، وقد جاء في القرآن: https://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifفَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ https://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[البقرة:184]، إذاً: فالوضع إنما هو عدم الإلزام في الوقت، وأن ذلك من التخفيف والتيسير من الله عز وجل على عباده، فإنه شرع ويسر.
وأورد النسائي حديث عبد الله بن الشخير رضي الله تعالى عنه، وقد كان مسافراً، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يأكل، فقال: [(هلم، قلت: إني صائم، قال: ألم تعلم ما وضع الله عن المسافر؟ وضع الله عن المسافر الصوم وشطر الصلاة أو نصف الصلاة)]، والشطر هو: النصف، والحديث هو مثل ما تقدم من الأحاديث التي وردت في هذا المعنى وفي هذا الموضوع، وأن الله وضع عن المسافر الصيام وشطر الصلاة، أي: الصلاة الرباعية، حيث شرع أن تكون اثنتين بدل الأربع في الحضر، فتكون في السفر اثنتين، فوضع الله عن المسافر ويسر وخفف، فصار غير ملزم بالصيام في الوقت وعليه القضاء، فوضع نصف الصلاة إلى غير بدل، بخلاف الصيام، فإنه وضع إلى بدل وهو القضاء.

تراجم رجال إسناد حديث: (... وما وضع الله عن المسافر؟ قال: الصوم وشطر الصلاة) من طريق ثالثة عشرة

قوله: [أخبرنا قتيبة].هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا أبو عوانة].
هو أبو عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري الواسطي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي بشر].
هو ابن أبي وحشية، جعفر بن إياس اليشكري الواسطي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن هانئ بن الشخير].
هو هانئ بن عبد الله، نسب إلى جده، وجاء في بعض الروايات كما سيأتي نسبته إلى أبيه، هانئ بن عبد الله بن الشخير، وهانئ بن عبد الله بن الشخير مقبول، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن رجل من بلحريش].
وبني الحريش يقال لهم: بلحريش، فهذه قبيلة من قبائل العرب، وكلمة: (عن رجل)، سيأتي في بعض الطرق الآتية: أن هانئ بن عبد الله بن الشخير يروي عن أبيه، وليس بينه وبينه واسطة في حديث أبي زرعة عبيد الله بن عبد الكريم الذي سيأتي، فإن الإسناد ليس فيه واسطة بين هانئ وبين عبد الله، وقد قال المزي في تحفة الأشراف: إن الصواب هو ما جاء في حديث عبيد الله بن عبد الكريم، أي: الرازي الذي سيأتي، أن هانئاً يروي عن أبيه عن عبد الله بن الشخير مباشرة بدون واسطة، ولا يروي عن أحد عن أبيه، وأما ما جاء في الطريقين اللذين قبله، وهي التي معنا والتي بعدها طريق قتيبة، وطريق الطرسوسي، فإن (عن) تكون زائدة، وعلى هذا: فيكون الكلام عن هانئ بن الشخير رجل من بلحريش عن أبيه، فتكون (رجل) هذه ترجع إلى هانئ، وليس هانئ يروي عن رجل مبهم، وإنما هو وصف لذلك الرجل، وعلى هذا فتكون زيادة (عن) جاءت في الإسناد قبل رجل وبعد هانئ، وإذا حذفت صار رجل، توضيحاً وبياناً لـهانئ، وتعريفاً بـهانئ، وأنه رجل من بلحريش أو بني الحريش، وهانئ مقبول، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن أبيه].
هو عبد الله بن الشخير، صحابي من مسلمة الفتح، وأخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.

حديث: (... إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة) من طريق رابعة عشرة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن سلام حدثنا أبو داود حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن هانئ بن عبد الله بن الشخير عن رجل من بلحريش عن أبيه رضي الله عنه أنه قال: (كنا نسافر ما شاء الله، فأتينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يطعم، فقال: هلم فاطعم، فقلت: إني صائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أحدثكم عن الصيام: إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة)].أورد النسائي حديث عبد الله بن الشخير من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم، من حيث أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو صائم، والرسول يأكل، وطلب منه أن يأكل معه، فقال: إنه صائم، فقال: أحدثك عن الصيام، ثم قال: [(إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة)].
قوله: [أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن سلام].
هو عبد الرحمن بن محمد بن سلام البغدادي ثم الطرسوسي، وقد ذكره المزي عندما ذكره، قال: عبد الرحمن بن محمد بن سلام الطرسوسي، ثم قال: إن (عن) زائدة في طريق الطرسوسي وطريق قتيبة هي الأولى، وطريق الطرسوسي هي الثانية، فتكون (عن) قبل (رجل) زائدة.
عبد الرحمن بن محمد بن سلام البغدادي ثم الطرسوسي، لا بأس به، ولا بأس به تعادل صدوق، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[حدثنا أبو داود].
هو سليمان بن داود الطيالسي، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن هانئ بن عبد الله بن الشخير عن رجل من بلجريش عن أبيه].
كلهم مر ذكرهم، وكلمة (عن رجل) مثل الإسناد الذي قبله، و(عن) فيه زائدة، و(رجل) ترجع إلى هانئ الذي هو من بلحريش، يروي عن أبيه عبد الله بن الشخير رضي الله تعالى عنه.

حديث: (أتدري ما وضع الله عن المسافر؟ ... الصوم وشطر الصلاة) من طريق خامسة عشرة وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عبيد الله بن عبد الكريم حدثنا سهل بن بكار حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن هانئ بن عبد الله بن الشخير عن أبيه رضي الله عنه أنه قال: (كنت مسافراً، فأتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو يأكل وأنا صائم، فقال: هلم، قلت: إني صائم، قال: أتدري ما وضع الله عن المسافر؟ قلت: وما وضع الله عن المسافر؟ قال: الصوم وشطر الصلاة)].أورد النسائي حديث عبد الله بن الشخير من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم.
قوله: [أخبرنا عبيد الله بن عبد الكريم].
هو أبو زرعة الرازي، الإمام المشهور، المحدث، الناقد، المتكلم في الرجال جرحاً وتعديلاً، وكثيراً ما يأتي ذكره مع أبي حاتم الرازي، وعبد الرحمن بن أبي حاتم في الجرح والتعديل كثيراً ما ينقل عن أبيه عن أبي زرعة في باب الكلام في الرجال، وهو إمام، حافظ، ثقة، مشهور، أخرج حديثه مسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
وأبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم، يأتي ذكره باسمه وبكنيته، ولكنه مشهور بالكنية، وأكثر ما يأتي ذكره في الرجال جرحاً وتعديلاً، قال: أبو زرعة، أو وثقه أبو زرعة، أو قال فيه أبو زرعة: كذا، وأبو زرعة يطلق على عدد، منهم المتقدم ومنهم المتأخر، منهم: أبو زرعة بن عمرو بن جرير بن عبد الله البجلي، وهو ثقة من التابعين، يروي عن الصحابة فهم أبو هريرة، ويروي عن أبيه، وعن جماعة، وهو مشهور بكنيته أبي زرعة، ومنهم: أبو زرعة الرازي هذا الذي معنا، وهو من طبقة شيوخ بعض أصحاب الكتب الستة، كـمسلم، والنسائي كما هنا، ومنهم أبو زرعة الدمشقي، وهو بعده، وهناك من المتأخرين بعد ذلك: أبو زرعة العراقي ولي الدين بن عبد الرحيم بن الحسين صاحب الألفية، ابنه يقال له: أبو زرعة، وهو مشهور بـأبي زرعة العراقي، فأبو زرعة، اشتهر بالتكنية هذه عدد من أهل العلم، فيهم المتقدم وفيهم المتأخر، وأقدمهم: أبو زرعة بن عمرو بن جرير الذي هو من التابعين.
[حدثنا سهل بن بكار].
ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود، والنسائي.
[حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن هانئ عن أبيه].
وهنا لم يقل: عن رجل؛ ولهذا قال المزي: الصواب ما قاله أبو زرعة، يعني: عن هانئ عن أبيه، والذي في إسناد الطرسوسي شيخ النسائي الطرسوسي: عبد الرحمن بن محمد بن سلام وشيخه قتيبة، إذاً تكون (عن) التي قبل (رجل) زائدة، فيكون الإسنادان مثل إسناد أبي زرعة، إذا حذفت (عن) أو صارت زائدة.
إذاً: هانئ يروي عن أبيه، ولا يروي عن رجل عن أبيه.

شرح حديث: (إن الله وضع عن المسافر نصف الصلاة والصيام ...) من طريق سادسة عشرة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أحمد بن سليمان حدثنا عبيد الله أخبرنا إسرائيل عن موسى هو ابن أبي عائشة عن غيلان أنه قال: (خرجت مع أبي قلابة في سفر فقرب طعاماً، فقلت: إني صائم، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خرج في سفر، فقرب طعاماً، فقال لرجل: ادن فاطعم، قال: إني صائم، قال: إن الله وضع عن المسافر نصف الصلاة والصيام في السفر، فادن فاطعم، فدنوت فطعمت)].ثم أورد النسائي حديث أنس بن مالك القشيري الكعبي الذي سبق أن مر قبل ذلك، والذي يروي عنه أبو قلابة، وهو يتعلق بهذا بالموضوع، وهو أنه: كان في سفر وجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: [(ادن، فقال: إني صائم، فقال له: إن الله وضع عن المسافر كذا)]، فدنا وأكل، والحديث ليس تابعاً للذي قبله، الذي هو حديث: عبد الله بن الشخير، وإنما يرجع إلى ما مر عن أنس بن مالك القشيري الكعبي الذي ليس له إلا هذا الحديث الذي جاء من طرق مختلفة، وهذه الطريق منها، ولكنها جاءت متأخرة بعد طرق حديث عبد الله بن الشخير.

تراجم رجال إسناد حديث: (إن الله وضع عن المسافر نصف الصلاة والصيام ...) من طريق سادسة عشرة


قوله: [أخبرنا أحمد بن سليمان].هو أحمد بن سليمان الرهاوي، وهو ثقة، حافظ، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا عبيد الله].
هو عبيد الله بن موسى، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا إسرائيل].
هو إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن موسى وهو ابن أبي عائشة].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وكلمة: (هو ابن أبي عائشة) الذي أتى بها من دون إسرائيل الذي هو تلميذه، وأما إسرائيل فما زاد في الرواية على ذكر موسى، ومن دون إسرائيل أتى بكلمة ابن أبي عائشة، وأتى قبلها بكلمة (هو)؛ حتى يبين أن هذا الكلام أتى به من دون التلميذ؛ من أجل أن يبين المهمل الذي هو: موسى الذي سمي ولم ينسب، فهو ابن أبي عائشة، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن غيلان].
هو غيلان بن جرير المعولي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي قلابة].
هو أبو قلابة عبد الله بن زيد الجرمي، وهو ثقة، يرسل، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
قوله: [عن غيلان أنه قال: (خرجت مع أبي قلابة في سفر، فقرب طعاماً، فقلت: إني صائم، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خرج في سفر، فقرب طعاماً، فقال لرجل: ادن فاطعم، قال: إني صائم، قال: إن الله وضع عن المسافر نصف الصلاة والصيام في السفر، فادن فاطعم، فدنوت فطعمت)].
ثم ذكر النسائي المتن، وصورته صورة المرسل؛ لأنه يقول: أبو قلابة قدم طعاماً فقال لصاحبه الذي هو غيلان: ادن، فقال: إني صائم، فقال: إن الرسول صلى الله عليه وسلم جاء إليه رجل وكان صائماً، فقال له: ادن، فقال الرجل: إني صائم، فقال: إن الله وضع عنه كذا، ومن المعلوم: أنه قد مر الحديث موصولاً ومتصلاً، وهنا في آخره ما يدل على الاتصال؛ لأنه قال: (فدنوت فطعمت)، وهذا كلام الصحابي، ومعنى هذا: أن فيه الإشارة إلى أن أبا قلابة أخذ عنه كما سبق أن جاءت الرواية: عن أبي قلابة عن أنس بن مالك.
قوله: [(فدنوت فطعمت)]، يعني: هذا كلام الرجل الذي هو: أنس بن مالك الكعبي القشيري الذي يروي عنه أبو قلابة، لكن أوله صورته صورة المرسل؛ لأن أبا قلابة يقول: كان الرسول في سفر فجاء رجل وكذا وكذا، ما قال: إنه يروي عن رجل أنه فعل كذا وكذا، لكن في آخره كون الرجل قال: (فدنوت فطعمت)، معناه: أنه فيه ما يدل على السماع والاتصال، ولو لم يكن فيه: (فدنوت فطعمت)، فإنه قد عرف بالطرق المتقدمة أن ذلك الرجل هو أنس بن مالك القشيري، وقد روى عنه أبو قلابة كما في الطرق المتقدمة.

يتبع





ابوالوليد المسلم 05-07-2022 10:03 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
فضل الإفطار في السفر على الصيام


شرح حديث: (ذهب المفطرون اليوم بالأجر ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [فضل الإفطار في السفر على الصيام.أخبرنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا أبو معاوية حدثنا عاصم الأحول عن مورق العجلي عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: (كنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في السفر، فمنا الصائم ومنا المفطر، فنزلنا في يوم حار واتخذنا ظلالاً، فسقط الصوام، وقام المفطرون فسقوا الركاب، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ذهب المفطرون اليوم بالأجر)].
ذكر النسائي هذه الترجمة وهي: فضل الإفطار في السفر على الصيام. والمقصود من هذه الترجمة: أن الإفطار يكون مقدماً على الصيام في بعض الأحوال، كما أن الصيام يكون مقدماً على الإفطار في بعض الأحوال، وقد ذكرت أنه إذا كان فيه مشقة، ويلحق الإنسان به ضرر، فالإفطار مطلوب، وإذا كان لا يلحق الإنسان مشقة، وفيه سهولة ويسر، فالصيام هو الأولى.
والترجمة التي معنا هي: فضل الإفطار في السفر على الصيام، وأورد فيها حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فمنا الصائم ومنا المفطر، فنزلنا منزلاً في يوم حار، وكنا في ظل، فنزل الصوام، معناه: أنهم استراحوا، ولم يتمكنوا من الحركة والشغل، فقام المفطرون بما يلزم لرحالهم ورحال الصائمين، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: [(ذهب المفطرون اليوم بالأجر)]، يعني: إن هؤلاء قاموا بأعمال لأنفسهم ولغيرهم، وسبب ذلك أنهم كانوا مفطرين فصار عندهم القدرة التي ليست عند الصائمين، فهو من هذه الحيثية، فكون الصيام شاقاً، وكون اليوم حاراً، وبعض الصحابة صائم، وبعضهم مفطر، والمفطرون خدموا الصائمين، وقاموا بما يلزم لأنفسهم، فحصلوا الأجر والثواب بسبب هذه الأعمال التي قاموا بها، ولا يعني ذلك أن الصائمين لا أجر لهم، وأن أجر الصائمين صار للمفطرين، بل الصائمون لهم أجرهم، ولكن أولئك بأعمالهم التي عملوها لأنفسهم ولغيرهم، صار أجرهم أعظم، وما قاموا به أعظم أجراً مما حصل لألئك من الصيام، وقال عنهم الرسول صلى الله عليه وسلم: (ذهب المفطرون اليوم بالأجر).

تراجم رجال إسناد حديث: (ذهب المفطرون اليوم بالأجر ...)

قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم].هو إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن راهويه الحنظلي المروزي، هو ثقة، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[حدثنا أبو معاوية].
هو أبو معاوية محمد بن خازم الضرير الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا عاصم الأحول].
هو عاصم بن سليمان الأحول، والأحول: لقب له، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن مورق العجلي].
هو مورق بن مشمرج العجلي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أنس بن مالك].
هو أنس بن مالك الأنصاري الخزرجي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخادمه، خدمه عشر سنين منذ قدم المدينة إلى أن توفاه الله، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، فـأنس بن مالك هذا هو الذي له الأحاديث الكثيرة، وأما أنس بن مالك القشيري الكعبي، فهو هذا الذي مر معنا في [وضع الصوم عن المسافر ونصف الصلاة]، ليس له إلا ذلك الحديث الواحد.


ذكر قوله: الصائم في السفر كالمفطر في الحضر



شرح أثر: (الصيام في السفر كالإفطار في الحضر)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ذكر قوله: الصائم في السفر كالمفطر في الحضر.أخبرنا محمد بن أبان البلخي حدثنا معن عن ابن أبي ذئب عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أنه قال: (يقال: الصيام في السفر كالإفطار في الحضر)].
ثم أورد النسائي هذه الترجمة وهي ذكر قول عبد الرحمن بن عوف، أو قول القائل، لكن هنا الأحاديث التي أوردها هي من طرق إلى عبد الرحمن بن عوف من قوله، وموقوف عليه، وليس مرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، [(الصوم في السفر كالإفطار في الحضر)]، معناه: أنه لا ينبغي الصيام في السفر، وقد أورد النسائي الأثر عن عبد الرحمن بن عوف، ( يقال: الصيام في السفر كالإفطار في الحضر)، فهو موقوف على عبد الرحمن بن عوف، وقد قال: يقال، وكأنه يتحدث الناس بهذا الشيء، والمقصود من ذلك: أنه إما أن يكون المراد به: أن الصوم في السفر كالإفطار في صوم النفل، فكون الإنسان غير صائم، فكأنه ليس صائماً نفلاً، فيكون خلاف الأولى، وكونه يصوم في السفر فإنه يكون خلاف الأولى، ويحتمل أن يكون كالمفطر في رمضان، ويكون فيه وعيد شديد في حق من يصوم، فيحتمل هذا ويحتمل هذا، ولعل عبد الرحمن بن عوف أو غيره ممن قال ذلك، يعني:
بنى هذا الكلام على ما جاء في بعض الأحاديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم من قوله: (ليس من البر الصيام في السفر)، وقد مر، وكذلك الحديث الذي فيه كان أناس صائمين، وبقوا على صيامهم، وقد أصابهم جهد، فأفطر رسول الله، وأفطر الناس معه، وبقي بعضهم فبلغه فقال: (أولئك العصاة)، فيكون كلام من قال هذا عبد الرحمن بن عوف أو من ذكر أنه يقال عنه: أنه فهمه من بعض الأحاديث التي وردت في عدم الصيام في السفر، (ليس من البر الصيام في السفر، ذهب أولئك العصاة)، وهذا إنما كان لسبب، وكان لحالة خاصة، ومن المعلوم: أنه إذا كان هناك مضرة، فليس من البر، بل على الإنسان أن يفطر، أما مجرد الصوم حيث لا مشقة، فلا يقال: إن صاحبه مذموم، وأنه كالمفطر في الحضر.


تراجم رجال إسناد أثر: (الصيام في السفر كالإفطار في الحضر)


قوله: [أخبرنا محمد بن أبان البلخي].ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[حدثنا معن].
هو معن بن عيسى، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن أبي ذئب].
هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن أبي ذئب، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الزهري].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي سلمة بن عبد الرحمن].
هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف المدني، وهو ثقة، فقيه، هو أحد فقهاء المدينة السبعة على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الرحمن بن عوف].
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد العشرة المبشرين بالجنة الذين بشرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة في حديث واحد، فقال: ( أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة، وسعد بن أبي وقاص في الجنة، وسعيد بن زيد في الجنة، وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة)، عشرة أشخاص سردهم النبي صلى الله عليه وسلم في حديث واحد وبشرهم بالجنة، فـعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أبو محمد أحد العشرة المبشرين بالجنة، وقيل: إن أبا سلمة لم يسمع من أبيه عبد الرحمن بن عوف، وعلى هذا: فيكون فيه -مع كونه موقوفاً- انقطاع، ولا يقال: إن هذا من قبيل ما ليس للرأي فيه مجال؛ لأنه إذا كان الشيء موقوفاً، وليس للرأي فيه مجال فإنه يكون له حكم الرفع، ويكون حديثاً مضافاً إلى الرسول صلى الله عليه وسلم حكماً؛ لأن له حكم الرفع، لا يقال ذلك؛ لأن هذا يمكن أن يكون للرأي فيه مجال، من حيث أنه يغلط أو أنه جاء عن طريق الفهم من بعض الأحاديث التي أشرت إليها: (ليس من البر الصيام في السفر)، وكذلك: (أولئك العصاة)، مع أنه جاءت أحاديث كثيرة تدل على الصيام، فلا يقال: إن الصائم في السفر كالمفطر في الحضر، اللهم إلا إذا كان أجهده الصيام، وحصل له المضرة، فعند ذلك يكون مثلما جاء في أولئك العصاة، أو (ليس من البر الصيام في السفر).

أثر: (الصائم في السفر كالمفطر في الحضر) من طريق ثانية وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن يحيى بن أيوب حدثنا حماد بن الخياط وأبو عامر قالا: حدثنا ابن أبي ذئب عن الزهري عن أبي سلمة عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أنه قال: (الصائم في السفر كالمفطر في الحضر)].أورد النسائي الأثر من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله، إلا أنه ليس فيه: (يقال)، وإنما أضاف الكلام إلى عبد الرحمن بن عوف أنه قال: (الصائم في السفر كالمفطر في الحضر)، والكلام هو نفس الكلام؛ لأن المتن هو نفس المتن.
قوله: [أخبرنا محمد بن يحيى بن أيوب].
ثقة، أخرج له الترمذي، والنسائي.
[حدثنا حماد بن خياط].
ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[وأبو عامر].
أبو عامر العقدي، هو عبد الملك بن عمرو، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا ابن أبي ذئب عن الزهري عن أبي سلمة عن عبد الرحمن بن عوف].
وقد مر ذكر هؤلاء الأربعة في الإسناد الذي قبل هذا.

أثر: (الصائم في السفر كالمفطر في الحضر) من طريق ثالثة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن يحيى بن أيوب حدثنا أبو معاوية حدثنا ابن أبي ذئب عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه أنه قال: (الصائم في السفر كالمفطر في الحضر)].أورد النسائي الأثر من طريق أخرى عن عبد الرحمن بن عوف، ولكنه من طريق ابنه حميد بن عبد الرحمن بن عوف: أن عبد الرحمن بن عوف قال هذه المقالة: (الصيام في السفر كالإفطار في الحضر).
قوله: [أخبرنا محمد بن يحيى بن أيوب].
وقد مر ذكره.
[حدثنا أبو معاوية].
وقد مر ذكره، محمد بن خازم.
[حدثنا ابن أبي ذئب عن الزهري].
وقد مر ذكرهم.
[عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف].
ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
هو عبد الرحمن، وقد مر ذكره.


الصيام في السفر وذكر اختلاف خبر ابن عباس فيه



‏ شرح حديث: (أن النبي خرج في رمضان ... فشرب وأفطر هو وأصحابه)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [الصيام في السفر، وذكر اختلاف خبر ابن عباس فيه.أخبرنا محمد بن حاتم أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله عن شعبة عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم خرج في رمضان، فصام حتى أتى قديداً، ثم أتي بقدح من لبن، فشرب وأفطر هو وأصحابه)].
بعدما أورد النسائي الأبواب المتعلقة بعدم الصيام في السفر، والإرشاد إلى عدم الصيام في السفر، أورد هذه الترجمة التي فيها الصيام في السفر، ومعنى هذا: أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء عنه الصيام، وجاء عنه الإفطار، والحكم فيه التفصيل الذي أشرت إليه من قبل، إذا كان فيه مشقة يكون الإفطار، وإذا لم يوجد فيه مشقة يكون الصيام، وعلى هذا: فإن الصيام في السفر سائغ، والإفطار سائغ، ولكن هذا يكون أولى في بعض الأحيان، وهذا يكون أولى في بعض الأحيان، فهذه الترجمة تتعلق بالصيام وحصول الصيام، وهو يبين ما تقدم في الباب الذي قبل هذا، من أن الكلام في أن (الصائم في السفر كالمفطر في الحضر)، أنه ليس بصحيح،
اللهم إلا أن يحمل على من صام في السفر، وقد أنهكه الصيام، فإن هذا ألحق بنفسه ضرراً، فيكون من جنس ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس من البر الصيام في السفر)، أما إذا لم يوجد ضرر، فللإنسان أن يصوم، لا سيما في هذا الزمان الذي السفر فيه سهولة وفيه يسر، وأوقات يسيرة ساعة، أو ساعتين، أو أكثر، أو أقل، مثل الذي في الطائرة وفي السيارة، فيمكن للإنسان أن يفطر وله أن يصوم، لكن يكون الصوم أولى في بعض الأحوال، ويكون الإفطار أولى في بعض الأحوال، هنا أورد الأحاديث المتعلقة بالصيام في السفر.

قوله: [(فشرب، وأفطر هو وأصحابه)]، وهذا يدل على الصيام والإفطار؛ لأنه كان من المدينة إلى قديد، كل هذه المسافة والأيام التي مضت وهو يصوم، وبعد قديد أفطر، أفطر في قديد في أثناء النهار، فدل هذا على أن الإنسان له أن يفطر إذا سافر، ولو كان قد بدأ الصيام، فله أن يفطر، وبعد ذلك استمر مفطراً حتى قدم مكة كما جاء في بعض الروايات الأخرى، وعلى هذا فالحديث دال على الصيام والإفطار، وأن النبي صلى الله عليه وسلم صام وأفطر، صام في السفر وأفطر، فدل على أن الصيام سائغ، وأن الإفطار سائغ، لكن يكون الإفطار أولى في بعض الأحوال، ويكون الصيام أولى في بعض الأحوال.

تراجم رجال إسناد حديث: (أن النبي خرج في رمضان ... فشرب وأفطر هو وأصحابه)

قوله: [أخبرنا محمد بن حاتم].هو محمد بن حاتم بن نعيم المروزي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[أخبرنا سويد].
هو سويد بن نصر المروزي، وهو ثقة، أخرج حديثه الترمذي، والنسائي.
[أخبرنا عبد الله].
هو ابن المبارك، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن شعبة].
هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن الحكم].
هو الحكم بن عتيبة الكندي، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن مقسم].
هو مقسم مولى عبد الله بن الحارث، ويقال له: مولى ابن عباس للزومه إياه، وإلا فهو مولى عبد الله بن الحارث، وقد اشتهر بـمولى ابن عباس من أجل أنه ملازم له، فهي نسبة إلى غير ما يسبق إلى الذهن؛ لأن الذي يسبق إلى الذهن أنه مولاه من حيث الولاء، وهو مولاه هنا لملازمته إياه فقط، وإلا فهو مولى عبد الله بن الحارث، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن ابن عباس].
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من أصحابه الكرام، وهم: عبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو، من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين اشتهروا بهذا اللقب لقب العبادلة الأربعة، أو العبادلة، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

شرح حديث: (صام رسول الله... ثم أفطر حتى أتى مكة من طريق ثانية)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا القاسم بن زكريا حدثنا سعيد بن عمرو حدثنا عبثر عن العلاء بن المسيب عن الحكم بن عتيبة عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (صام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من المدينة حتى أتى قديداً، ثم أفطر حتى أتى مكة)].أورد النسائي حديث ابن عباس من طريق أخرى، وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من المدينة إلى مكة، من المدينة إلى قديد وهو صائم، ومن قديد إلى مكة وهو مفطر، وهو في هذا الإسناد أنه صام حتى أتى قديداً، ثم أفطر حتى قدم مكة، فدل على الصيام والإفطار، ومحل الشاهد للترجمة وهي الصيام في السفر؛ لما جاء في أوله، وأن النبي صلى الله عليه وسلم خرج وصام حتى وصل قديداً، وأكثر الطريق من المدينة إلى قديد، لأن القديد الآن عند نهاية الجبال، إذا ذهب الإنسان مع الطريق الجديد، فإذا انتهت الجبال وأقبل على المفرق الذي يذهب إلى جدة، هناك الوادي، وهو آخر موضع قبل الوادي، قبل الجسر الذي يكون عنده المفرق إلى جدة، فهو المسافة من المدينة إلى قديد هي الأطول، ومن قديد إلى مكة أقل، فالصيام أكثر من الإفطار، ومحل الشاهد أن الرسول صام في سفره هذا وأفطر، صام من المدينة إلى قديد، وأفطر من قديد إلى مكة.

تراجم رجال إسناد حديث: (صام رسول الله... ثم أفطر حتى أتى مكة) من طريق ثانية


قوله: [أخبرني القاسم بن زكريا].ثقة، أخرج له مسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[حدثنا سعيد بن عمرو].
هو سعيد بن عمرو الأشعثي، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، والنسائي.
[حدثنا عبثر].
هو عبثر بن القاسم، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن العلاء بن المسيب].
ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
[عن الحكم بن عتيبة].
وقد مر ذكره.
[عن مجاهد].
هو مجاهد بن جبر المكي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عباس].
وقد مر ذكره.

حديث: (أن رسول الله صام في السفر ... فأفطر هو وأصحابه) من طريق ثالثة وتراجم رجال إسنادها


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا زكريا بن يحيى حدثنا الحسن بن عيسى أخبرنا ابن المبارك أخبرنا شعبة عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صام في السفر حتى أتى قديداً، ثم دعا بقدح من لبن فشرب فأفطر هو وأصحابه)].أورد النسائي الحديث من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم، (صام حتى وصل قديداً، ثم دعا بقدح فشرب وأفطر هو وأصحابه)، ومعنى هذا: أنه صام في السفر، وهذا هو محل الشاهد للترجمة [الصيام في السفر].
قوله: [أخبرنا زكريا بن يحيى].
هو زكريا بن يحيى السجزي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا الحسن بن عيسى].
ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود، والنسائي.
[أخبرنا ابن المبارك].
هو عبد الله بن المبارك، وقد مر ذكره.
[أخبرنا شعبة عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس].
وقد مر ذكرهم.

ابوالوليد المسلم 05-07-2022 10:05 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الصيام

(380)

- باب ذكر الاختلاف على منصور في خبر الصيام في السفر - باب ذكر الاختلاف على سليمان بن يسار في خبر الصيام في السفر



جعل الله الدين يسراً على عباده فأمر بما ينفع ونهى عما يضر، وجعل اليسر أحب إليه من غيره، ومن تيسيره أنه خير المسافر الذي عليه الصوم بين الصيام والإفطار وذلك بحسب حالته.

ذكر الاختلاف على منصور في خبر الصيام في السفر


‏ شرح حديث: (خرج رسول الله إلى مكة فصام حتى أتى عسفان فدعا بقدح فشرب ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ذكر الاختلاف على منصور.أخبرنا إسماعيل بن مسعود حدثنا خالد عن شعبة عن منصور عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى مكة، فصام حتى أتى عسفان، فدعا بقدح فشرب، قال شعبة: في رمضان، فكان ابن عباس رضي الله عنهما يقول: من شاء صام، ومن شاء أفطر)].
أورد النسائي الحديث من طريق أخرى، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم صام من المدينة حتى بلغ عسفان، وعسفان هو: وراء قديد إلى جهة مكة، ويحتمل أن يكون المقصود أنه المكان يعني: بينهما أو أن بعضهما قريب من بعض، فجاء في بعض الروايات ذكر قديد، وفي بعض الروايات ذكر عسفان.
قوله: [(خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى مكة، فصام حتى أتى عسفان، فدعا بقدح فشرب، قال شعبة: في رمضان، فكان ابن عباس يقول: من شاء صام، ومن شاء أفطر)].
أي: أن النبي صلى الله عليه وسلم في هذه السفرة صام وأفطر.

تراجم رجال إسناد حديث: (خرج رسول الله إلى مكة فصام حتى أتى عسفان فدعا بقدح فشرب ...)

قوله: [أخبرنا إسماعيل بن مسعود].هو إسماعيل بن مسعود البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن خالد].
هو خالد بن الحارث البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن شعبة].
وقد مر ذكره.
[عن منصور].
هو منصور بن المعتمر الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن مجاهد عن ابن عباس].
وقد مر ذكرهم.
وعسفان بعد قديد، وهي أقرب إلى مكة من قديد، موجود الآن في لوحات المرور فالذي يذهب إلى مكة ينظر قديد ثم بعدما يتعدى مفرق جدة، ويأتي خليص يأتي بعده عسفان.

شرح حديث: (... فصام حتى بلغ عسفان ثم دعا بإناء فشرب نهاراً ...) من طريق أخرى

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن قدامة عن جرير عن منصور عن مجاهد عن طاوس عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (سافر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في رمضان فصام حتى بلغ عسفان، ثم دعا بإناء فشرب نهاراً يراه الناس، ثم أفطر)].أورد النسائي حديث ابن عباس من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم، وفيه ذكر عسفان، وأنه دعا بقدح، وأنه شرب نهاراً يراه الناس، قال: ثم أفطر، لكن لعل المقصود بها أنه أفطر حتى وصل إلى مكة، فقوله: ثم أفطر، أي: بقية رحلته إلى مكة، مثل ما جاء في الطريق السابقة: أنه صام حتى وصل قديداً، ثم أفطر حتى قدم مكة، وهنا قوله: ثم أفطر، أي: أفطر بقية أيامه التي في الطريق؛ لأن قضية اليوم الواحد وجد الإفطار بكونه شرب نهاراً، وجاء أيضاً كونه شرب والناس يرونه، لكن قوله: ثم أفطر، يعني: ثم أفطر بقية الأيام في الطريق إلى مكة كما جاء ذلك موضحاً في الطريق السابقة: وهي أنه صام حتى بلغ قديداً، ثم أفطر حتى قدم مكة.

تراجم رجال إسناد حديث: (... فصام حتى بلغ عسفان ثم دعا بإناء فشرب نهاراً ...) من طريق أخرى

قوله: [أخبرنا محمد بن قدامة].هو محمد بن قدامة بن أعين المصيصي، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[عن جرير].
هو جرير بن عبد الحميد، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن منصور عن مجاهد].
وقد مر ذكرهما.
[عن طاوس].
هو ابن كيسان، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عباس].
وقد مر ذكره.

شرح حديث: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم ويفطر)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا حميد بن مسعدة حدثنا سفيان عن العوام بن حوشب أنه قال: (قلت لـمجاهد: الصوم في السفر؟ قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصوم ويفطر)].أورد النسائي الحديث عن مجاهد، وهو مرسل، لكن هو الراوي عن ابن عباس، والرسول صام وأفطر، وفيه أن العوام بن حوشب، قال: (قلت لـمجاهد: الصوم في السفر؟)، هل يكون الصوم في السفر؟ فقال (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم ويفطر) معناه: أن الرسول صلى الله عليه وسلم حصل منه هذا وهذا، ومعنى هذا أن الصيام في السفر سائغ، وهو ما ترجم له المصنف في قوله: الصيام في السفر؛ لأن فيه الصيام، وفيه الإفطار.

تراجم رجال إسناد حديث: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم ويفطر)

قوله: [أخبرنا حميد بن مسعدة].هو حميد بن مسعدة البصري، وهو صدوق، أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[حدثنا سفيان].
هو سفيان بن حبيب، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن العوام بن حوشب].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن مجاهد].
وقد مر ذكره. وهنا حديثه حديث مرسل، لكن معلوم أنه مجاهد أخذ عن ابن عباس، والحديث نفسه قد مر من طريق عن مجاهد عن ابن عباس، إذاً فهذا المرسل معروف أنه متصل في الطرق السابقة.

حديث: (أن رسول الله صام في شهر رمضان وأفطر في السفر) وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرني هلال بن العلاء حدثنا حسين حدثنا زهير حدثنا أبو إسحاق أخبرني مجاهد: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صام في شهر رمضان، وأفطر في السفر)].أورد النسائي الحديث عن مجاهد وهو مرسل: (أن النبي صلى الله عليه وسلم صام في شهر رمضان، وأفطر في السفر)، ومعناه: صام في السفر وأفطر.
قوله: [أخبرني هلال بن العلاء].
هو هلال بن العلاء بن هلال، وهو صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا حسين].
هو حسين بن عياش، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[قال حدثنا: عن زهير].
هو زهير بن معاوية، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا أبي إسحاق].
أبو إسحاق، وسماع زهير من أبي إسحاق بآخره، لكن عرفنا أن الحديث جاء من طرق أخرى، فلا يؤثر كون زهير بن معاوية سمع من أبي إسحاق بآخره؛ لأن الحديث جاء من طرق عديدة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن أبي إسحاق، وهو: عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن مجاهد].
وقد مر ذكره.


ذكر الاختلاف على سليمان بن يسار في حديث حمزة بن عمرو في خبر الصيام في السفر



شرح حديث: (... إن شئت صمت وإن شئت أفطرت)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ذكر الاختلاف على سليمان بن يسار في حديث حمزة بن عمرو رضي الله عنه فيه.أخبرنا محمد بن رافع حدثنا أزهر بن القاسم حدثنا هشام عن قتادة عن سليمان بن يسار عن حمزة بن عمرو الأسلمي رضي الله عنه أنه: (سأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الصوم في السفر؟ قال: إن ثم ذكر كلمة معناها: إن شئت صمت، وإن شئت أفطرت)].
فالترجمة السابقة هي تتعلق بالصيام في السفر، وقد عرفنا فيما مضى حكم الصيام في السفر، وأن فيه تفصيلاً: إذا كان على الإنسان مشقة فالفطر أولى، وإذا كان يلحقه ضرر به فيتعين الفطر، وإن كان ليس هناك مشقة فالصيام هو الأولى، وقد جاءت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصيام والإفطار، فدل على أن الأمر في ذلك واسع، وقد أورد النسائي عدة من الأحاديث عن جماعة من الصحابة تتعلق بالصيام في السفر، من فعله ومن قوله عليه الصلاة والسلام.
قد أورد النسائي حديث حمزة بن عمرو الأسلمي رضي الله تعالى عنه، من طرق عديدة، وفيها: أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وسأله عن الصوم في السفر؟ فقال: (إن شئت فصم، وإن شئت فأفطر)، وهنا في المتن لما ذكر المتن قال: (إن)، ثم قال كلمة معناها: (إن شئت فصم، وإن شئت فأفطر)، أي: أن الذي ذكره هنا هو معنى ما قاله الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وليس اللفظ؛ لأنه قال: (إن، ثم ذكر كلمة معناها)، والمراد الكلمة بها الجملة؛ لأن الكلمة يراد بها الكلام، وكما يراد بها الكلمة الواحدة، وقد يكون الكلام كثير كما يقال: فلان ألقى كلمة، فالمقصود به كلمة طويلة، وقد تطلق على جملة مثل كلمة الإخلاص: لا إله إلا الله، (كلمتان حبيبتان إلى الرحمن، خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان: سبحانه الله وبحمده، سبحان الله العظيم)، فتطلق الكلمة على الكلام، كما تطلق على الكلمة الواحدة، وابن مالك يقول في الألفية:
واحده كلمة والقول عم، يعني: واحد الكلام كلمة، والقول عم، وكذلك القول، وكلمة بها كلام قد يؤم، يعني: قد يقصد بالكلمة الكلام، ولا يقصد بها الكلمة الواحدة، (ثم ذكر كلمةً معناها: إن شئت صمت، وإن شئت أفطرت)، معناه: أن هذا الذي ذكر هو بالمعنى وليس اللفظ، والمقصود: أن النبي صلى الله عليه وسلم أرشده إلى الصيام وإلى الإفطار، إن شاء صام، وإن شاء أفطر، وهو يدل على الصيام في السفر، كما يدل على الإفطار في السفر، والترجمة هي تتعلق بالصيام، فقوله: (إن شئت فصم)، هذا هو محل الشاهد، أو (إن شئت صمت)، يعني: لك أن تصوم، ولك أن تفطر، الأمر في ذلك واسع، وجاء في بعض الروايات: أن الصوم تطوع؛ لأنه قال: إني أسرد الصيام. معناه: أنه يواصل، وأنه يتابع الصيام، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إن شئت فصم، وإن شئت فأفطر)، وكذلك بالنسبة للفرض، الإنسان المسافر له أن يصوم وله أن يفطر، وفي النفل له أن يصوم ويفطر، لكن متى يكون الأولى الإفطار؟ ومتى يكون الأولى الصيام؟ ومتى يتعين الإفطار؟ أشرت إلى ذلك آنفاً كما أشرت إلى ذلك من قبل.
يتبع



الساعة الآن : 11:44 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 216.35 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 215.85 كيلو بايت... تم توفير 0.50 كيلو بايت...بمعدل (0.23%)]