رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
بيان ضرورة التعجيل بالتوبة وتتوالى الأحكام وبيانها في سورة النساء المباركة الميمونة، فقد جاء بيان التوبة فيها، فيا عباد الله! عجلوا بالتوبة، فالذي يباشر المعصية ويتعاطاها هو في أخطر الظروف والأحوال، إذ قد يموت على الفور فلا ينجو أبداً ولا يسعد، والتوبة في صالح المجتمع، وليست في صالح الفرد فقط، يقول تعالى وقوله الحق: إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا [النساء:17]، فالتوبة هي الرجوع من مقارفة الشر وموطن الفساد إلى مكان الطهر والصفاء، والتوبة هي ترك المعصية التي يباشرها عبد الله أو أمته، سواءً كانت رباً أو زناً أو سرقة أو خيانة أو غشاً أو خداعاً أو ترك واجباً من الواجبات أو غشيان محرم من المحرمات، والتوبة هي العودة إلى الطريق السوي، إلى ساحة الطهر والصفاء ورضا الله عز وجل، فانفض يديك يا عبد الله وأعلنها: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، وكلك عزم على ألا تعود إلى هذا الذنب أبداً ما حييت، ولو تاب أهل المدينة الآن لتغير الوضع في صورة عجيبة، إذ التوبة إصلاح الفرد وإصلاح المجتمع بكامله؛ لأن هذه الذنوب أصابت الآخرين، فإذا زنيت فأنت قد أصبت ذاك الذي زنيت بامرأته أو ابنته.يقول تعالى: إِنَّمَا التَّوْبَةُ [النساء:17]، الحق الصحيحة المنجية المزكية المطهرة، ما هي؟ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ [النساء:17]، وما قال: يعملون الزنا، أو الربا، أو يقتلون النفس، وإنما قال: السُّوءَ [النساء:17]، فما هو السُّوءَ؟ اذهب إلى الطبيب الجسماني يعلمك السوء في بعوضة تلسعك، أو عقرب تلدغك، أو ريح شديدة حارة تؤذيك، أو برد كذلك، أو شبع يقعد بك، أو جوع يحطمك، فيعلمك السوء في بدنك، وهذه الآية تعلمك السوء في روحك الذي هو مركز حياتك، أو المحطة التي بها وجودك وحياتك. إذاً: السوء هو ما يسيء إلى النفس البشرية فيقع عليها كالعفن أو النتن، فهو أذى يؤذيها ويحجبها نور الله عز وجل، ولهذا كل إثم هو سوء، وكل ذنب هو سوء، وكل معصية هو سوء؛ لأن أي مخالفة لتعاليم الله وأوامره وقوانينه يفعلها العبد عامداً عالماً إلا أصابت نفسه بالأذى والسوء. خطر إتيان العبد للذنوب والمعاصي بعلم وإصرار ثم قال تعالى: يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ [النساء:17]، أما الذي يعمل السوء وهو يتحدى الله ورسوله، والإسلام وأهله، ويسخر ويضحك من المؤمنين، فهذا لن يتوب، بل ولا تقبل له توبة، لكن الذي يعملها بجهالة، كأن غم الجهل على نفسه فأتى المعصية، فهذا قد يتوب الله عليه، لا أن يتحدى فيقول: لا أؤمن بأن هذا حرام أو هذا حلال، إذ إن الذين تحدوا الله قد ماتوا بين أيدينا على غير الإسلام، فتأملوا قول مولانا: يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ [النساء:17]، لا بعلم.والجهالة لها أنواع، وقد عرفنا منها: أن يقول: لو كان هذا حراماً ما فعله الشيخ الفلاني، فيسهل عليه أن يفعل الجريمة، أو لو كان هذا يغضب الله فلماذا لم ينزل فيه قرآن؟ أو لو كان هذا حراماً فلمَ فعل فلان كذا وكذا؟ أو يقول: إن شاء الله لما أحصل على وظيفة نترك هذا! أو لما يأتيني كذا نترك بيع كذا وكذا! فهذه كلها أنواع من الجهالات التي تجعل العبد يفعل تلك المعصية لا متعمداً متحدياً، أما الذي يأتيها على علم فيتحدى الله في شرعه وقوانينه ويخرج عن طاعته، فهذا لن يتوب، ولن تكون له توبة، إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ [النساء:17]، أي: يتوبون من قرب لا من بعد، والقرب والبعد نسبي فقط.والمراد من هذا يا عبد الله! إذا قلت كلمة سوء فالآن قل: استغفر الله، ولا تقل: غداً سأتوب، أو وقعت في زلة أو في سقطة، قم فانفض الغبار عن يديك واجلس وأنت تصرخ: أتوب إلى الله وأستغفره، أما أن تواصل الإثم والجريمة عاماً بعد عام حتى تصل الثلاثين السنة من عمرك، فقد تبلغ مستوى لن تتوب فيه أبداً ولا تقبل التوبة، وهذا ملاحظ ومجرب، فالذي باشر معصية فقط وتاب منها سهل عليه التوبة، والذي عاش خمسين سنة يشرب الحشيش كيف يرجع؟ والذي تعوَّد من صباه للسب والشتم والغيبة والنميمة حتى بلغ أربعين سنة، كيف يتوب من ذلك؟ قد تأصلت فيه تلك المعصية وأصبحت من طباعه، وكذلك الذين لازموا التدخين سنين طويلة يقول لك: ما نستطيع أن نتركه، أما لو دخن اليوم وبعد أسبوع وقيل: يل عبد الله! هذا ضرر بك، هذا حرام مغضب الله عليك، فإنه يتركه بسهولة، بخلاف إذا تضلع فيه وتمكن منه، وحسبنا أن يقول العليم الحكيم: ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا [النساء:17]. حرمة عضل النساء وإبطال قانون الجاهلية القائم على أن ابن الزوج يرث امرأة أبيه أيضاً من هدايات سورة النساء: بيان عادة جاهلية مسحها من ديوان أهل الجهل، وهي أنه كان الرجل إذا تزوج أبوه ومات عن امرأته فالولد يرثها، فإن شاء تزوجها أو زوجها وأخذ المهر، فأنزل الله قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ [النساء:19]، فأبطل الله هذه العادة نهائياً، فإذا مات أخوك فللمرأة بعد انتهاء عدتها أن تتزوج من تشاء، ومهرها لها فقط، وكذلك امرأة أبيك، فإن مات أبوك عن امرأة فلاحق لك في أن تزوجها وتأخذ مهرها، أو تعضلها وتمسكها في البيت حتى تموت، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ [النساء:19]. حرمة نكاح ما نكح الآباء من النساء ثم جاء التعليم الإلهي في تصحيح قاعدة الأسرة، فبين تعالى محرمات النكاح، فبدأ بامرأة الأب فقال: وَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ [النساء:22]، فامرأة أبيك حرام عليك وإن لم ترضعك، وإن لم تتربى في حجرها، ما دام أنه قد وطئها والدك فهي كأمك، سواء كانت شرقية أو غربية، وَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ [النساء:22]، ومضى، فالله غفر لكم ما كان في جاهليتكم. بيان المحرمات من النسب والرضاعة كما بين سبحانه وتعالى في هذه السورة المحرمات من المناكح ومن الرضاعة، وذلك تبييناً شافياً، واسمعوا هذه الآية الكريمة، يقول تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ [النساء:23]، وقال الرسول الكريم: ( يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب )، أي: يحرم بالرضاع ما يحرم من النسب، فأخذ المجتمع يطهر يوماً بعد يوم؛ لأن هذا القرآن الكريم ما نزل في يوم واحد، وإنما نزل على مبدأ التربية والترقي، وذلك يوماً بعد يوم، فسبحان الله! ما أعظم سورة النساء! بيان دعائم المجتمع الإسلامي كما جاء في هذه السورة أيضاً: دعائم المجتمع الإسلامي ، فقال تعالى: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ [النساء:34]، ثم قال: فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ [النساء:34]، وبين إذا حصل نزاع أو صراع -كما يقولون- أو خلاف بين الزوج وامرأته، أو بين الرجل والمرأة، فقد عالج الله ذلك الموقف: فأولاً: يعظها، وثانياً: يهجرها في الفراش، وثالثاً: يصفعها، ثم إذا لم يتم شيء فالحكمان يصلحان بينهما، فهل كانت العرب تعرف هذا؟ لا والله، وهل الصين واليابان والأمريكان وكل بلاد الكفر يعرفون هذه الهداية الإلهية؟ من أين لهم وهم محرومون من نور الله؟ ونحن ما حمدنا الله، ولا أثنينا عليه ولا شكرناه؛ لأننا نعيش في غفلة وفي ظلمة وجهل. بيان الحقوق العشرة في سورة النساء ومن الهدايات في هذه السورة العظيمة: العشرة الحقوق، قال تعالى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ [النساء:36]، فهذه عشر حقوق سجلها الله في كتابه، وأمر عباده مؤمنين ومؤمنات على أدائها لأصحابها، وإلا فهم ظلمة خارجون عن النظام متعرضون للغضب والعذاب والنكال، وأعظم هذه الحقوق: حق الله تعالى، وإن قلت: وهل لله حق علي؟ أنسيت أنك مخلوق؟ من خلقك؟ من فتح عينيك؟ من أنطقك فنطقت؟ من أقدرك على أن تمشي فمشيت؟ من أوجد لك الدار والسماء والأرض؟ إن الذي يعطيك عصا فقط له حق عليك، وبالتالي حق الله مقابل خلقه ورزقه لك وتدبيره لحياتك، فإياك أن تهضم الله حقه، فإن قيل: كيف أهضم حق ربي؟ تعصيه ولا تعبده وتعبد عدوه، فأي بشاعة أو قبح أعظم من هذا؟ أي: أن خالقي ورازقي ومدبري المفتقر إليه في كل لحظة من لحظات حياتي، أعرض عنه ولا أذكره ولا ألتفت إليه، وأطيع عدوه إبليس الذي يسوقني كالنعام لمجازر البشر ومفاسد الحياة!وثاني هذه الحقوق: حق الوالدين، فأنت من نطفة ماء أبيك، وأمك قد حملتك في بطنها تسعة أشهر، وتحول دمها إلى لبن حلو أبيض تشربه، فكيف تنسى هذا الحق وتسبها وتشتمها وتفضل امرأتك عليها، بل ويضربون أمهاتهم وآباؤهم والعياذ بالله؟! ما عرفوا الله عز وجل. بيان عدل الله ورحمته في المجازاة يقول تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا [النساء:40]، ضع هذا النور في قلبك، فالله لا يظلم عبده مثقال ذرة، وإن تك لك حسنة واحدة يضاعفها إلى عشرة إلى سبعمائة ضعف، فأي كرم أعظم من هذا؟ وأي فضل أعظم من هذا؟ وأي إحسان أعظم من هذا؟ ثم تستحي أن تقول: الحمد لله، الحمد لله، الحمد لله، والله لو تقلها طول النهار في الشارع ما وفيت الله حقه.لكن البشر كالبهائم يأكل الزبدة ولا يقولون: الحمد لله، أو يشربون العسل ولا يعرفون الحمد لله، أو يأكلون ألذ الطعام، أو يلبسون أحسن الثياب ولا يعرفون الحمد لله، فمن سقاك؟ ومن كساك؟ ومن آواك؟ ومن أطعمك؟ فاذكر هذه الآلاء وهذه النعم يا هذا، واحمد المنعم سبحانه وتعالى، واخرج من دائرة البهيمة فأنت آدمي.وقد ذكرت لكم قصة وهي: أننا حضرنا غداء عند أستاذ في بريدة، ولهذا الأستاذ شيخ كبير مثلي، فوالله ما إن وضعت السفرة وأخذنا نأكل الطعام إلا وهذا الشيخ: الحمد لله، الحمد لله، الحمد لله، حتى فرغ الآكلون من أكلهم، فمن هم الحمَّادون؟ نحن والحمد لله أمة الحمد، وهذه نعوتها في التوراة والإنجيل. تأثر النبي صلى الله عليه وسلم بالقرآن وآية عجيبة أخرى، وقد تأثر بها النبي صلى الله عليه وسلم حتى بكى، ففي يوم من الأيام قال لـعبد الله بن مسعود الهذلي رضي الله عنه: ( يا ابن أم عبد -هذه كنيته- اقرأ علي شيئاً من القرآن ) فعجب عبد الله بن مسعود وقال: عليك أنزل وعليك أقرأ يا رسول الله؟! قال: ( إني أحب أن أسمعه من غيري )، فأتحداكم معشر الحاضرين نساءً ورجالاً من هو الذي قال في يوم من الأيام لأحد إخوانه: تعال من فضلك اقرأ عليَّ شيئاً من القرآن؟ أنت وإياه؟ الحمد لله، بيننا سعد السعود والمسلمين لا اليهود.وتذكرون الطيب العقبي أيها الجزائريون! يا من حاربتموه وقلتم: إنه وهابي، إن الطيب العقبي خريج هذا المسجد النبوي، يقول عن نفسه: كنا نخرج من المسجد النبوي بعد العصر إلى أحد، ونأتي بسبعين ثمانين بيتاً من الشعر ننظمها كأجود ما تكون، هذا العقبي الذي لم تكتحل عين الوجود بأعلم من هذا الرجل ولا أبر ولا أتقى ولا أصلح، وهو مؤسس جريدة القبلة وبعدها أم القرى الموجودة الآن، وقد عاش في هذه الديار، وجاء من بلاده بلاد عقبة بن نافع الفاتح لإفريقيا، فقد جاء رضيعاً مع أسرته آل العقبي، فلما كانت الحرب الأولى وخافت الدولة العثمانية من المجاعة رحلت أهل المدينة والحجاز إلى الشام وإلى تركيا وإلى حيث شاءوا خوف المجاعة عليهم، فسافر الشيخ رحمه الله تعالى.والشاهد عندنا: هو الذي ذكر هذا الحديث: ( يا ابن أم عبد! اقرأ علي شيئاً من القرآن )، فحضر للدرس عامل في الميناء، وهو عامي لا يقرأ ولا يكتب، فأخذها وكان يأتي إلى قرانا الصحراوية أيام العطلة عنده، فكان يجلسني بين يديه وأنا غلام في الثامنة أو التاسعة، ويتربع في جلسته ويقول: يا أبا بكر! أسمعني شيئاً من القرآن، وأقرأ عليه القرآن وهو والله ما يقرأ ولا يكتب، وإنما فقط فهم هذه وقررها الشيخ الطيب في نادي الترقي، وأخذها هذا العامي وطبقها فيَّ، وذلك في المسجد، فيثني ركبتيه ويقول: اقرأ علي شيئاً من القرآن.فهل فهمتم هذه؟ أنتم تقرءون القرآن على الموتى، فمن إندونيسيا إلى موريتانيا إذا سمعت القرآن في منزل فاعلم أن هناك جنازة، فيا من يقرءون القرآن على الموتى، تعالوا فبينوا لنا هذا الطريق؟ هل أنت توبخ هذا الميت فيقوم ويتوب؟ أو لما تأمره أو تنهاه يستجيب؟ مات، وهل قرأ الرسول على الأموات؟ أعوذ بالله، فكيف إذاً تقرأ على ميت؟! بين لي؟ ما يفهمون! والله يقول في سورة يس: لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ [يس:70]، لينذر من كان ميتاً أو من كان حياً؟ حياً، قال تعالى: وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ * لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا [يس:69-70]، وما قال: من كان ميتاً، فلا إله إلا الله! ثم قرأ عبد الله بن مسعود: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ [النساء:1]، حتى انتهى إلى هذه الآية: فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا * يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا [النساء:41-42]، قال: وإذا بعيني رسول الله تذرفان الدموع، ويقول: ( حسبك، حسبك )، فكيف تنسى هذه الآية العظيمة؟! فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ [النساء:41]، أي: أمتك، شَهِيدًا [النساء:41]، كادت نفس الرسول أن تطير.كما جاء في هذه السورة بيان للوضوء والغسل والتيمم، وذلك قبل أن تعرف الأمة الوضوء أو الغسل أو التيمم.وصل اللهم على نبينا محمد وآله وصحبه. |
رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
|