رد: التفسير الميسر
الحلقة (198) -التفسير الميسر (سورة الانفال) (من الاية رقم 9 الى الاية رقم 16) عبد الله بن عبد المحسن التركي (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ (9) اذكروا نعمة الله عليكم يوم "بدر" إذ تطلبون النصر على عدوكم, فاستجاب الله لدعائكم قائلا إني ممدُّكم بألف من الملائكة من السماء, يتبع بعضهم بعضًا. (وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (10) وما جعل الله ذلك الإمداد إلا بشارة لكم بالنصر, ولتسكن به قلوبكم, وتوقنوا بنصر الله لكم, وما النصر إلا من عند الله, لا بشدة بأسكم وقواكم. إن الله عزيز في ملكه, حكيم في تدبيره وشرعه. (إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ (11) إذ يُلْقي الله عليكم النعاس أمانًا منه لكم من خوف عدوكم أن يغلبكم, وينزل عليكم من السحاب ماء طهورًا, ليطهركم به من الأحداث الظاهرة, ويزيل عنكم في الباطن وساوس الشيطان وخواطره, وليشدَّ على قلوبكم بالصبر عند القتال, ويثبت به أقدام المؤمنين بتلبيد الأرض الرملية بالمطر حتى لا تنزلق فيها الأقدام. (إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ (12) إذ يوحي ربك -أيها النبي- إلى الملائكة الذين أمدَّ الله بهم المسلمين في غزوة "بدر" أني معكم أُعينكم وأنصركم, فقوُّوا عزائم الذين آمنوا, سألقي في قلوب الذين كفروا الخوف الشديد والذلة والصَّغَار, فاضربوا -أيها المؤمنون- رؤوس الكفار, واضربوا منهم كل طرف ومِفْصل. (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (13) ذلك الذي حدث للكفار من ضَرْب رؤوسهم وأعناقهم وأطرافهم; بسبب مخالفتهم لأمر الله ورسوله, ومَن يخالف أمر الله ورسوله, فإن الله شديد العقاب له في الدنيا والآخرة. http://qurancomplex.gov.sa/b2.gif ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ النَّارِ (14) ذلكم العذاب الذي عجَّلته لكم -أيها الكافرون المخالفون لأوامر الله ورسوله في الدنيا- فذوقوه في الحياة الدنيا, ولكم في الآخرة عذاب النار. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلا تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ (15) يا أيها الذين صَدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه, إذا قابلتم الذين كفروا في القتال متقاربين منكم فلا تُوَلُّوهم ظهوركم, فتنهزموا عنهم, ولكن اثبتوا لهم, فإن الله معكم وناصركم عليهم. (وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (16) ومن يُوَلِّهم منكم ظهره وقت الزحف إلا منعطفًا لمكيدة الكفار أو منحازًا إلى جماعة المسلمين حاضري الحرب حيث كانوا, فقد استحق الغضب من الله, ومقامه جهنم, وبئس المصير والمنقلب. |
رد: التفسير الميسر
الحلقة (199) -التفسير الميسر (سورة الانفال) (من الاية رقم 17 الى الاية رقم 25) عبد الله بن عبد المحسن التركي (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (17) فلم تقتلوا -أيها المؤمنون- المشركين يوم "بدر", ولكن الله قتلهم, حيث أعانكم على ذلك, وما رميت حين رميت -أيها النبي- ولكن الله رمى, حيث أوصل الرمية التي رميتها إلى وجوه المشركين; وليختبر المؤمنين بالله ورسوله ويوصلهم بالجهاد إلى أعلى الدرجات, ويعرِّفهم نعمته عليهم, فيشكروا له سبحانه على ذلك. إن الله سميع لدعائكم وأقوالكم ما أسررتم به وما أعلنتم, عليم بما فيه صلاح عباده. (ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ (18) هذا الفعل مِن قتل المشركين ورميهم حين انهزموا, والبلاء الحسن بنصر المؤمنين على أعدائهم, هو من الله للمؤمنين, وأن الله -فيما يُسْتقبل- مُضعِف ومُبطِل مكر الكافرين حتى يَذِلُّوا وينقادوا للحق أو يهلكوا. (إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ (19) إن تطلبوا -أيها الكفار- من الله أن يوقع بأسه وعذابه على المعتدين الظالمين فقد أجاب الله طلبكم, حين أوقع بكم مِن عقابه ما كان نكالا لكم وعبرة للمتقين, فإن تنتهوا -أيها الكفار- عن الكفر بالله ورسوله وقتال نبيه محمد صلى الله عليه وسلم, فهو خير لكم في دنياكم وأخراكم, وإن تعودوا إلى الحرب وقتال محمد صلى الله عليه وسلم وقتال أتباعه المؤمنين نَعُدْ بهزيمتكم كما هُزمتم يوم "بدر", ولن تغني عنكم جماعتكم شيئًا, كما لم تغن عنكم يوم "بدر" مع كثرة عددكم وعتادكم وقلة عدد المؤمنين وعدتهم, وأن الله مع المؤمنين بتأييده ونصره. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ (20) يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله أطيعوا الله ورسوله فيما أمركم به ونهاكم عنه, ولا تتركوا طاعة الله وطاعة رسوله, وأنتم تسمعون ما يتلى عليكم في القرآن من الحجج والبراهين. (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ (21) ولا تكونوا أيها المؤمنون في مخالفة الله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم كالمشركين والمنافقين الذين إذا سمعوا كتاب الله يتلى عليهم قالوا: سمعنا بآذاننا, وهم في الحقيقة لا يتدبرون ما سمعوا, ولا يفكرون فيه. (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ (22) إنَّ شر ما دبَّ على الأرض -مِنْ خَلْق الله- عند الله الصمُّ الذين انسدَّت آذانهم عن سماع الحق فلا يسمعون, البكم الذين خرست ألسنتهم عن النطق به فلا ينطقون, هؤلاء هم الذين لا يعقلون عن الله أمره ونهيه. (وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (23) ولو علم الله في هؤلاء خيرًا لأسمعهم مواعظ القرآن وعبره حتى يعقلوا عن الله عز وجل حججه وبراهينه, ولكنه علم أنه لا خير فيهم وأنهم لا يؤمنون, ولو أسمعهم -على الفرض والتقدير- لتولَّوا عن الإيمان قصدًا وعنادًا بعد فهمهم له, وهم معرضون عنه, لا التفات لهم إلى الحق بوجه من الوجوه. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24) يا أيها الذين صدِّقوا بالله ربًا وبمحمد نبيًا ورسولا استجيبوا لله وللرسول بالطاعة إذا دعاكم لما يحييكم من الحق, ففي الاستجابة إصلاح حياتكم في الدنيا والآخرة, واعلموا -أيها المؤمنون- أن الله تعالى هو المتصرف في جميع الأشياء, والقادر على أن يحول بين الإنسان وما يشتهيه قلبه, فهو سبحانه الذي ينبغي أن يستجاب له إذا دعاكم; إذ بيده ملكوت كل شيء, واعلموا أنكم تُجمعون ليوم لا ريب فيه, فيجازي كلا بما يستحق. (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (25) واحذروا -أيها المؤمنون- اختبارًا ومحنة يُعَمُّ بها المسيء وغيره لا يُخَص بها أهل المعاصي ولا مَن باشر الذنب, بل تصيب الصالحين معهم إذا قدروا على إنكار الظلم ولم ينكروه, واعلموا أن الله شديد العقاب لمن خالف أمره ونهيه. |
رد: التفسير الميسر
الحلقة (200) -التفسير الميسر (سورة الانفال) (من الاية رقم 26 الى الاية رقم 33) عبد الله بن عبد المحسن التركي (وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (26) واذكروا أيها المؤمنون نِعَم الله عليكم إذ أنتم بـ"مكة" قليلو العدد مقهورون, تخافون أن يأخذكم الكفار بسرعة, فجعل لكم مأوى تأوون إليه وهو "المدينة", وقوَّاكم بنصره عليهم يوم "بدر", وأطعمكم من الطيبات -التي من جملتها الغنائم-; لكي تشكروا له على ما رزقكم وأنعم به عليكم. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (27) يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه لا تخونوا الله ورسوله بترك ما أوجبه الله عليكم وفِعْل ما نهاكم عنه, ولا تفرطوا فيما ائتمنكم الله عليه, وأنتم تعلمون أنه أمانة يجب الوفاء بها. (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (28) واعلموا -أيها المؤمنون- أن أموالكم التي استخلفكم الله فيها, وأولادكم الذين وهبهم الله لكم اختبار من الله وابتلاء لعباده; ليعلم أيشكرونه عليها ويطيعونه فيها, أو ينشغلون بها عنه؟ واعلموا أن الله عنده خير وثواب عظيم لمن اتقاه وأطاعه. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (29) يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه إن تتقوا الله بفعل أوامره واجتناب نواهيه يجعل لكم فصلا بين الحق والباطل, ويَمحُ عنكم ما سلف من ذنوبكم ويسترها عليكم, فلا يؤاخذكم بها. والله ذو الفضل العظيم. (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30) واذكر -أيها الرسول- حين يكيد لك مشركو قومك بـ"مكَّة"; ليحبسوك أو يقتلوك أو ينفوك من بلدك. ويكيدون لك, وردَّ الله مكرهم عليهم جزاء لهم, ويمكر الله, والله خير الماكرين. (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ (31) وإذا تتلى على هؤلاء الذين كفروا بالله آيات القرآن العزيز قالوا جهلا منهم وعنادًا للحق: قد سمعنا هذا من قبل, لو نشاء لقلنا مثل هذا القرآن, ما هذا القرآن الذي تتلوه علينا -يا محمد- إلا أكاذيب الأولين. (وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (32) واذكر -أيها الرسول- قول المشركين من قومك داعين الله: إن كان ما جاء به محمد هو الحق مِن عندك فأمطر علينا حجارة من السماء, أو ائتنا بعذاب شديد موجع. (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33) وما كان الله سبحانه وتعالى ليعذِّب هؤلاء المشركين, وأنت -أيها الرسول- بين ظهرانَيْهم, وما كان الله معذِّبهم, وهم يستغفرون من ذنوبهم. |
رد: التفسير الميسر
الحلقة (201) -التفسير الميسر (سورة الانفال) (من الاية رقم 34 الى الاية رقم 40) عبد الله بن عبد المحسن التركي (وَمَا لَهُمْ أَلا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (34) وكيف لا يستحقُّون عذاب الله, وهم يصدون أولياءه المؤمنين عن الطواف بالكعبة والصلاة في المسجد الحرام؟ وما كانوا أولياء الله, إنْ أولياء الله إلا الذين يتقونه بأداء فرائضه واجتناب معاصيه, ولكن أكثر الكفار لا يعلمون; فلذلك ادَّعوا لأنفسهم أمرًا, غيرهم أولى به. (وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (35) وما كان صلاتهم عند المسجد الحرام إلا صفيرًا وتصفيقًا. فذوقوا عذاب القتل والأسر يوم "بدر" ; بسبب جحودكم وأفعالكم التي لا يُقْدم عليها إلا الكفرة, الجاحدون توحيد ربهم ورسالة نبيهم. (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (36) إن الذين جحدوا وحدانية الله وعصوا رسوله ينفقون أموالهم فيعطونها أمثالهم من المشركين وأهل الضلال, ليصدوا عن سبيل الله ويمنعوا المؤمنين عن الإيمان بالله ورسوله, فينفقون أموالهم في ذلك, ثم تكون عاقبة نفقتهم تلك ندامة وحسرة عليهم; لأن أموالهم تذهب, ولا يظفرون بما يأمُلون مِن إطفاء نور الله والصد عن سبيله, ثم يهزمهم المؤمنون آخر الأمر. والذين كفروا إلى جهنم يحشرون فيعذبون فيها. (لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (37) يحشر الله ويخزي هؤلاء الذين كفروا بربهم, وأنفقوا أموالهم لمنع الناس عن الإيمان بالله والصد عن سبيله; ليميز الله تعالى الخبيث من الطيب, ويجعل الله المال الحرام الذي أُنفق للصدِّ عن دين الله بعضه فوق بعض متراكمًا متراكبًا, فيجعله في نار جهنم, هؤلاء الكفار هم الخاسرون في الدنيا والآخرة. (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الأَوَّلِينَ (38) قل -أيها الرسول- للذين جحدوا وحدانية الله مِن مشركي قومك: إن ينزجروا عن الكفر وعداوة النبي صلى الله عليه وسلم, ويرجعوا إلى الإيمان بالله وحده وعدم قتال الرسول والمؤمنين, يغفر الله لهم ما سبق من الذنوب, فالإسلام يجُبُّ ما قبله. وإن يَعُدْ هؤلاء المشركون لقتالك -أيها الرسول- بعد الوقعة التي أوقعتها بهم يوم "بدر" فقد سبقت طريقة الأولين, وهي أنهم إذا كذبوا واستمروا على عنادهم أننا نعاجلهم بالعذاب والعقوبة. (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (39) وقاتلوا -أيها المؤمنون- المشركين حتى لا يكون شِرْكٌ وصدٌّ عن سبيل الله; ولا يُعْبَدَ إلا الله وحده لا شريك له, فيرتفع البلاء عن عباد الله في الأرض, وحتى يكون الدين والطاعة والعبادة كلها لله خالصة دون غيره, فإن انزجروا عن فتنة المؤمنين وعن الشرك بالله وصاروا إلى الدين الحق معكم, فإن الله لا يخفى عليه ما يعملون مِن ترك الكفر والدخول في الإسلام. (وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (40) وإن أعرض هؤلاء المشركون عمَّا دعوتموهم إليه -أيها المؤمنون- من الإيمان بالله ورسوله وترك قتالكم, وأبَوْا إلا الإصرار على الكفر وقتالكم, فأيقِنوا أن الله معينكم وناصركم عليهم. نِعْمَ المعين والناصر لكم ولأوليائه على أعدائكم. |
رد: التفسير الميسر
الحلقة (202) -التفسير الميسر (سورة الانفال) (من الاية رقم 41 الى الاية رقم 45) عبد الله بن عبد المحسن التركي (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (41) واعلموا -أيها المؤمنون- أن ما ظَفِرتم به مِن عدوكم بالجهاد في سبيل الله فأربعة أخماسه للمقاتلين الذين حضروا المعركة, والخمس الباقي يجزَّأُ خمسة أقسام: الأول لله وللرسول, فيجعل في مصالح المسلمين العامة, والثاني لذوي قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم, وهم بنو هاشم وبنو المطلب, جُعِل لهم الخمس مكان الصدقة فإنها لا تحلُّ لهم, والثالث لليتامى, والرابع للمساكين, والخامس للمسافر الذي انقطعت به النفقة, إن كنتم مقرِّين بتوحيد الله مطيعين له, مؤمنين بما أنزل على عبده محمد صلى الله عليه وسلم من الآيات والمدد والنصر يوم فَرَق بين الحق والباطل بـ"بدر", يوم التقى جَمْعُ المؤمنين وجَمْعُ المشركين. والله على كل شيء قدير لا يعجزه شيء. (إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولا لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ (42) واذكروا حينما كنتم على جانب الوادي الأقرب إلى "المدينة", وعدوكم نازل بجانب الوادي الأقصى, وعِير التجارة في مكان أسفل منكم إلى ساحل "البحر الأحمر", ولو حاولتم أن تضعوا موعدًا لهذا اللقاء لاختلفتم, ولكنَّ الله جمعكم على غير ميعاد; ليقضي أمرًا كان مفعولا بنصر أوليائه, وخِذْلان أعدائه بالقتل والأسر; وذلك ليهلك من هلك منهم عن حجة لله ثبتت له فعاينها وقطعت عذره, وليحيا مَن حيَّ عن حجة لله قد ثبتت وظهرت له. وإن الله لسميع لأقوال الفريقين, لا يخفى عليه شيء, عليم بنيَّاتهم. (إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (43) واذكر -أيها النبي- حينما أراك الله قلة عدد عدوك في منامك, فأخبرت المؤمنين بذلك, فقوِيت قلوبهم, واجترؤوا على حربهم, ولو أراك ربك كثرة عددهم لتردد أصحابك في ملاقاتهم, وجَبُنتم واختلفتم في أمر القتال, ولكن الله سلَّم من الفشل, ونجَّى من عاقبة ذلك. إنه عليم بخفايا القلوب وطبائع النفوس. (وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولا وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ (44) واذكر أيضًا حينما برز الأعداء إلى أرض المعركة فرأيتموهم قليلا فاجترأتم عليهم, وقلَّلكم في أعينهم, ليتركوا الاستعداد لحربكم; ليقضي الله أمرًا كان مفعولا فيتحقق وَعْدُ الله لكم بالنصر والغلبة, فكانت كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى. وإلى الله مصير الأمور كلها, فيجازي كلا بما يستحق. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (45) يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه, إذا لقيتم جماعة من أهل الكفر قد استعدوا لقتالكم, فاثبتوا ولا تنهزموا عنهم, واذكروا الله كثيرًا داعين مبتهلين لإنزال النصر عليكم والظَّفَر بعدوكم; لكي تفوزوا. |
رد: التفسير الميسر
الحلقة (203) -التفسير الميسر (سورة الانفال) (من الاية رقم 46 الى الاية رقم 52) عبد الله بن عبد المحسن التركي (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46) والتزموا طاعة الله وطاعة رسوله في كل أحوالكم, ولا تختلفوا فتتفرق كلمتكم وتختلف قلوبكم, فتضعفوا وتذهب قوتكم ونصركم, واصبروا عند لقاه العدو. إن الله مع الصابرين بالعون والنصر والتأييد, ولن يخذلهم. (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (47) ولا تكونوا مثل المشركين الذين خرجوا من بلدهم كبرًا ورياءً; ليمنعوا الناس عن الدخول في دين الله. والله بما يعملون محيط لا يغيب عنه شيء. (وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (48) واذكروا حين حسَّن الشيطان للمشركين ما جاؤوا له وما همُّوا به, وقال لهم: لن يغلبكم أحد اليوم, فإني ناصركم, فلما تقابل الفريقان: المشركون ومعهم الشيطان, والمسلمون ومعهم الملائكة, رجع الشيطان مُدْبرًا, وقال للمشركين: إني بريء منكم, إني أرى ما لا ترون من الملائكة الذين جاؤوا مددًا للمسلمين, إني أخاف الله, فخذلهم وتبرأ منهم. والله شديد العقاب لمن عصاه ولم يتب توبة نصوحًا. (إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (49) واذكروا حين يقول أهل الشرك والنفاق ومرضى القلوب, وهم يرون قلة المسلمين وكثرة عدوهم: غرَّ هؤلاء المسلمين دينُهم, فأوردهم هذه الموارد, ولم يدرك هؤلاء المنافقون أنه من يتوكل على الله ويثق بوعده فإن الله لن يخذله, فإن الله عزيز لا يعجزه شيء, حكيم في تدبيره وصنعه. (وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (50) ولو تعاين -أيها الرسول- حال قبض الملائكة أرواح الكفار وانتزاعها, وهم يضربون وجوههم في حال إقبالهم, ويضربون ظهورهم في حال فرارهم, ويقولون لهم: ذوقوا العذاب المحرق, لرأيت أمرًا عظيمًا، وهذا السياق وإن كان سببه وقعة "بدر" ، ولكنه عام في حق كلِّ كافر. (ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ (51) ذلك الجزاء الذي أصاب المشركين فبسبب أعمالهم السيئة في حياتهم الدنيا, ولا يظلم الله أحدًا من خَلْقه مثقال ذرة, بل هو الحَكَمُ العدل الذي لا يجور. (كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ (52) إنَّ ما نزل بالمشركين يومئذ سُنَّة الله في عقاب الطغاة من الأمم السابقة من أمثال فرعون والسابقين له, عندما كذَّبوا رسل الله وجحدوا آياته, فإن الله أنزل بهم عقابه بسبب ذنوبهم. إن الله قوي لا يُقْهر, شديد العقاب لمن عصاه ولم يتب من ذنبه. |
رد: التفسير الميسر
الحلقة (204) -التفسير الميسر (سورة الانفال) (من الاية رقم 53 الى الاية رقم 61) عبد الله بن عبد المحسن التركي (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (53) ذلك الجزاء السيِّئ بأن الله إذا أنعم على قوم نعمة لم يسلبها منهم حتى يغيِّروا حالهم الطيبة إلى حال سيئة, وأن الله سميع لأقوال خلقه, عليم بأحوالهم، فيجري عليهم ما اقتضاه علمه ومشيئته. (كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كَانُوا ظَالِمِينَ (54) شأن هؤلاء الكافرين في ذلك كشأن آل فرعون الذين كذبوا موسى, وشأن الذين كذبوا رسلهم من الأمم السابقة فأهلكهم الله بسبب ذنوبهم, وأغرق آل فرعون في البحر, وكل منهم كان فاعلا ما لم يكن له فِعْلُه من تكذيبهم رسل الله وجحودهم آياته, وإشراكهم في العبادة غيره. (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (55) ) إن شر ما دبَّ على الأرض عند الله الكفار المصرُّون على الكفر, فهم لا يصدقون رسل الله, ولا يُقرون بوحدانيته, ولا يتبعون شرعه. (الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لا يَتَّقُونَ (56) مِن أولئك الأشرار اليهود الذين دخلوا معك في المعاهدات بأن لا يحاربوك ولا يظاهروا عليك أحدًا, ثم ينقضون عهدهم المرة تلو المرة, وهم لا يخافون الله. (فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (57) فإن واجهت هؤلاء الناقضين للعهود والمواثيق في المعركة, فأنزِلْ بهم من العذاب ما يُدْخل الرعب في قلوب الآخرين, ويشتت جموعهم; لعلهم يذّكرون, فلا يجترئون على مثل الذي أقدم عليه السابقون. (وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ (58) وإن خفت -أيها الرسول- من قومٍ خيانة ظهرت بوادرها فألق إليهم عهدهم, كي يكون الطرفان مستويين في العلم بأنه لا عهد بعد اليوم. إن الله لا يحب الخائنين في عهودهم الناقضين للعهد والميثاق. (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ (59) ولا يظنن الذين جحدوا آيات الله أنهم فاتوا ونجَوْا, وأن الله لا يقدر عليهم, إنهم لن يُفْلِتوا من عذاب الله. (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ (60) وأعدُّوا - يا معشر المسلمين - لمواجهة أعدائكم كل ما تقدرون عليه مِن عدد وعدة, لتُدْخلوا بذلك الرهبة في قلوب أعداء الله وأعدائكم المتربصين بكم, وتخيفوا آخرين لا تظهر لكم عداوتهم الآن, لكن الله يعلمهم ويعلم ما يضمرونه. وما تبذلوا من مال وغيره في سبيل الله قليلا أو كثيرًا يخلفه الله عليكم في الدنيا, ويدخر لكم ثوابه إلى يوم القيامة, وأنتم لا تُنْقصون من أجر ذلك شيئًا. (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (61) وإن مالوا إلى ترك الحرب ورغبوا في مسالمتكم فمِلْ إلى ذلك -أيها النبي- وفَوِّضْ أمرك إلى الله, وثق به. إنه هو السميع لأقوالهم, العليم بنيَّاتهم. |
رد: التفسير الميسر
|
رد: التفسير الميسر
الحلقة (206) -التفسير الميسر (سورة الانفال) (من الاية رقم 70 الى الاية رقم 75) عبد الله بن عبد المحسن التركي (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (70) يا أيها النبي قل لمن أسرتموهم في "بدر": لا تأسوا على الفداء الذي أخذ منكم, إن يعلم الله تعالى في قلوبكم خيرًا يؤتكم خيرًا مما أُخذ منكم من المال بأن يُيَسِّر لكم من فضله خيرًا كثيرًا -وقد أنجز الله وعده للعباس رضي الله عنه وغيره-, ويغفر لكم ذنوبكم. والله سبحانه غفور لذنوب عباده إذا تابوا, رحيم بهم. (وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (71) وإن يرد الذين أَطْلَقْتَ سراحهم -أيها النبي- من الأسرى الغدر بك مرة أخرى فلا تَيْئسْ, فقد خانوا الله من قبل وحاربوك, فنصرك الله عليهم. والله عليم بما تنطوي عليه الصدور, حكيم في تدبير شؤون عباده. (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (72) إن الذين صدَّقوا الله, ورسوله وعملوا بشرعه, وهاجروا إلى دار الإسلام, أو بلد يتمكنون فيه من عبادة ربهم، وجاهدوا في سبيل الله بالمال والنفس, والذين أنزلوا المهاجرين في دورهم, وواسوهم بأموالهم, ونصروا دين الله, أولئك بعضهم نصراء بعض. أما الذين آمنوا ولم يهاجروا من دار الكفر فلستم مكلفين بحمايتهم ونصرتهم حتى يهاجروا, وإن وقع عليهم ظلم من الكفار فطلبوا نصرتكم فاستجيبوا لهم, إلا على قوم بينكم وبينهم عهد مؤكد لم ينقضوه. والله بصير بأعمالكم, بجزي كلا على قدر نيته وعمله. (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ (73) والذين كفروا بعضهم نصراء بعض, وإن لم تكونوا -أيها المؤمنون- نصراء بعض تكن في الأرض فتنة للمؤمنين عن دين الله, وفساد عريض بالصد عن سبيل الله وتقوية دعائم الكفر. (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (74) والذين آمنوا بالله ورسوله, وتركوا ديارهم قاصدين دار الإسلام أو بلدًا يتمكنون فيه من عبادة ربهم, وجاهدوا لإعلاء كلمة الله, والذين نصروا إخوانهم المهاجرين وآووهم وواسوهم بالمال والتأييد, أولئك هم المؤمنون الصادقون حقًا, لهم مغفرة لذنوبهم, ورزق كريم واسع في جنات النعيم. (وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (75) والذين آمنوا مِن بعد هؤلاء المهاجرين والأنصار, وهاجروا وجاهدوا معكم في سبيل الله, فأولئك منكم -أيها المؤمنون- لهم ما لكم وعليهم ما عليكم, وأولو القرابة بعضهم أولى ببعض في التوارث في حكم الله من عامة المسلمين. إن الله بكل شيء عليم يعلم ما يصلح عباده مِن توريث بعضهم من بعض في القرابة والنسب دون التوارث بالحِلْف, وغير ذلك مما كان في أول الإسلام. |
رد: التفسير الميسر
الحلقة (207) -التفسير الميسر (سورة التوبة) (من الاية رقم 1 الى الاية رقم 6) عبد الله بن عبد المحسن التركي (سورة التوبة ) (بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (1) هذه براءة من الله ورسوله, وإعلان بالتخلي عن العهود التي كانت بين المسلمين والمشركين. (فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ (2) فسيروا -أيها المشركون- في الأرض مدَّة أربعة أشهر, تذهبون حيث شئتم آمنين من المؤمنين, واعلموا أنكم لن تُفْلِتوا من العقوبة, وأن الله مذل الكافرين ومورثهم العار في الدنيا, والنار في الآخرة. وهذه الآية لذوي العهود المطلقة غير المؤقتة, أو من له عهد دون أربعة أشهر, فيكمَّل له أربعة أشهر، أو مَن كان له عهد فنقضه. (وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (3) وإعلام من الله ورسوله وإنذار إلى الناس يوم النحر أن الله بريء من المشركين, ورسوله بريء منهم كذلك. فإن رجعتم -أيها المشركون- إلى الحق وتركتم شرككم فهو خير لكم, وإن أعرضتم عن قَبول الحق وأبيتم الدخول في دين الله فاعلموا أنكم لن تُفْلِتوا من عذاب الله. وأنذر -أيها الرسول- هؤلاء المعرضين عن الإسلام عذاب الله الموجع. (إِلا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (4) ويُستثنى من الحكم السابق المشركون الذين دخلوا معكم في عهد محدد بمدة, ولم يخونوا العهد, ولم يعاونوا عليكم أحدا من الأعداء, فأكملوا لهم عهدهم إلى نهايته المحدودة. إن الله يحب المتقين الذين أدَّوا ما أمروا به, واتقوا الشرك والخيانة, وغير ذلك من المعاصي. (فَإِذَا انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5) فإذا انقضت الأشهر الأربعة التي أمَّنتم فيها المشركين, فأعلنوا الحرب على أعداء الله حيث كانوا, واقصدوهم بالحصار في معاقلهم, وترصدوا لهم في طرقهم, فإن رجعوا عن كفرهم ودخلوا الإسلام والتزموا شرائعه من إقام الصلاة وإخراج الزكاة, فاتركوهم, فقد أصبحوا إخوانكم في الإسلام, إن الله غفور لمن تاب وأناب, رحيم بهم. (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ (6) وإذا طلب أحد من المشركين الذين استبيحت دماؤهم وأموالهم الدخول في جوارك -أيها الرسول- ورغب في الأمان, فأجبه إلى طلبه حتى يسمع القرآن الكريم ويطَّلع على هدايته, ثم أَعِدْه من حيث أتى آمنًا; وذلك لإقامة الحجة عليه; ذلك بسبب أن الكفار قوم جاهلون بحقائق الإسلام, فربما اختاروه إذا زال الجهل عنهم. |
رد: التفسير الميسر
الحلقة (208) -التفسير الميسر (سورة التوبة) (من الاية رقم 7 الى الاية رقم 13) عبد الله بن عبد المحسن التركي (سورة التوبة ) (كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (7) لا ينبغي أن يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله, إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام في صلح(الحديبية) فما أقاموا على الوفاء بعهدكم فأقيموا لهم على مثل ذلك. إن الله يحب المتقين الموفِّين بعهودهم. (كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلا وَلا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ (8) إن شأن المشركين أن يلتزموا بالعهود ما دامت الغلبة لغيرهم, أما إذا شعروا بالقوة على المؤمنين فإنهم لا يراعون القرابة ولا العهد, فلا يغرنكم منهم ما يعاملونكم به وقت الخوف منكم, فإنهم يقولون لكم كلامًا بألسنتهم; لترضوا عنهم, ولكن قلوبهم تأبى ذلك, وأكثرهم متمردون على الإسلام ناقضون للعهد. (اشْتَرَوْا بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلا فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (9) استبدلوا بآيات الله عرض الدنيا التافه, فأعرضوا عن الحق ومنعوا الراغبين في الإسلام عن الدخول فيه, لقد قَبُح فعلهم, وساء صنيعهم. (لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلا وَلا ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ (10) إن هؤلاء المشركين حرب على الإيمان وأهله, فلا يقيمون وزنًا لقرابة المؤمن ولا لعهده, وشأنهم العدوان والظلم. (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (11) فإن أقلعوا عن عبادة غير الله, ونطقوا بكلمة التوحيد, والتزموا شرائع الإسلام من إقام الصلاة وإيتاء الزكاة, فإنهم إخوانكم في الإسلام. ونبين الآيات, ونوضحها لقوم ينتفعون بها. (وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ (12) وإنْ نَقَضَ هؤلاء المشركون العهود التي أبرمتموها معهم, وأظهروا الطعن في دين الإسلام, فقاتلوهم فإنهم رؤساء الضلال, لا عهد لهم ولا ذمة, حتى ينتهوا عن كفرهم وعداوتهم للإسلام. (أَلا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (13) لا تترددوا في قتال هؤلاء القوم الذين نقضوا عهودهم, وعملوا على إخراج الرسول من(مكة), وهم الذين بدؤوا بإيذائكم أول الأمر, أتخافونهم أو تخافون ملاقاتهم في الحرب؟ فالله أحق أن تخافوه إن كنتم مؤمنين حقًا. |
رد: التفسير الميسر
الحلقة (209) -التفسير الميسر (سورة التوبة) (من الاية رقم 14 الى الاية رقم 20) عبد الله بن عبد المحسن التركي (سورة التوبة ) (قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (14) وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (15) يا معشر المؤمنين قاتلوا أعداء الله يعذبهم عز وجل بأيديكم, ويذلهم بالهزيمة والخزي, وينصركم عليهم, ويُعْلِ كلمته, ويشف بهزيمتهم صدوركم التي طالما لحق بها الحزن والغم من كيد هؤلاء المشركين, ويُذْهِب عن قلوب المؤمنين الغيظ. ومن تاب من هؤلاء المعاندين فإن الله يتوب على من يشاء. والله عليم بصدق توبة التائب, حكيم في تدبيره وصنعه ووَضْع تشريعاته لعباده. (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلا رَسُولِهِ وَلا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (16) مِن سنة الله الابتلاء, فلا تظنوا يا معشر المؤمنين أن يترككم الله دون اختبار; ليعلم الله علمًا ظاهرًا للخلق الذين أخلصوا في جهادهم, ولم يتخذوا غير الله ورسوله والمؤمنين بطانة وأولياء. والله خبير بجميع أعمالكم ومجازيكم بها. (مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ (17) ليس من شأن المشركين إعمار بيوت الله, وهم يعلنون كفرهم بالله ويجعلون له شركاء. هؤلاء المشركون بطلت أعمالهم يوم القيامة, ومصيرهم الخلود في النار. (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ (18) لا يعتني ببيوت الله ويعمرها إلا الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر, ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة, ولا يخافون في الله لومة لائم, هؤلاء العُمَّار هم المهتدون إلى الحق. (أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (19) أجعلتم -أيها القوم- ما تقومون به من سقي الحجيج وعِمارة المسجد الحرام كإيمان من آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله؟ لا تتساوى حال المؤمنين وحال الكافرين عند الله, لأن الله لا يقبل عملا بغير الإيمان. والله سبحانه لا يوفق لأعمال الخير القوم الظالمين لأنفسهم بالكفر. (الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ (20) الذين آمنوا بالله وتركوا دار الكفر قاصدين دار الإسلام, وبذلوا أموالهم وأنفسهم في الجهاد لإعلاء كلمة الله, هؤلاء أعظم درجه عند الله, وأولئك هم الفائزون برضوانه. |
رد: التفسير الميسر
الحلقة (210) -التفسير الميسر (سورة التوبة) (من الاية رقم 20 الى الاية رقم 26) عبد الله بن عبد المحسن التركي (سورة التوبة ) (يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ (21) إن هؤلاء المؤمنين المهاجرين لهم البشرى من ربهم بالرحمة الواسعة والرضوان الذي لا سخط بعده, ومصيرهم إلى جنات الخلد والنعيم الدائم. (خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (22) ماكثين في تلك الجنان لا نهاية لإقامتهم وتنعمهم, وذلك ثواب ما قدَّموه من الطاعات والعمل الصالح في حياتهم الدنيا. إن الله تعالى عنده أجر عظيم لمن آمن وعمل صالحا بامتثال أوامره واجتناب نواهيه. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (23) يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه لا تتخذوا أقرباءكم -من الآباء والإخوان وغيرهم- أولياء, تفشون إليهم أسرار المسلمين, وتستشيرونهم في أموركم, ما داموا على الكفر معادين للإسلام. ومن يتخذهم أولياء ويُلْقِ إليهم المودة فقد عصى الله تعالى, وظلم نفسه ظلمًا عظيمًا. (قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (24) قل -يا أيها الرسول- للمؤمنين: إن فَضَّلتم الآباء والأبناء والإخوان والزوجات والقرابات والأموال التي جمعتموها والتجارة التي تخافون عدم رواجها والبيوت الفارهة التي أقمتم فيها, إن فَضَّلتم ذلك على حب الله ورسوله والجهاد في سبيله فانتظروا عقاب الله ونكاله بكم. والله لا يوفق الخارجين عن طاعته. (لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ (25) لقد أنزل الله نَصْرَه عليكم في مواقع كثيرة عندما أخذتم بالأسباب وتوكلتم على الله. ويوم غزوة(حنين) قلتم: لن نُغْلَبَ اليوم0 من قلة, فغرَّتكم الكثرة فلم تنفعكم, وظهر عليكم العدو فلم تجدوا ملجأً في الأرض الواسعة ففررتم منهزمين. (ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (26) ثم أنزل الله الطمأنينة على رسوله وعلى المؤمنين فثبتوا, وأمدَّهم بجنود من الملائكة لم يروها, فنصرهم على عدوهم, وعذَّب الذين كفروا. وتلك عقوبة الله للصادِّين عن دينه, المكذِّبين لرسوله. |
رد: التفسير الميسر
الحلقة (211) -التفسير الميسر (سورة التوبة) (من الاية رقم 27 الى الاية رقم 31) عبد الله بن عبد المحسن التركي (سورة التوبة ) (ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (27) ومن رجع عن كفره بعد ذلك ودخل الإسلام فإن الله يقبل توبة مَن يشاء منهم, فيغفر ذنبه. والله غفور رحيم. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (28) يا معشر المؤمنين إنما المشركون رِجْس وخَبَث فلا تمكنوهم من الاقتراب من الحرم بعد هذا العام التاسع من الهجرة, وإن خفتم فقرًا لانقطاع تجارتهم عنكم, فإن الله سيعوضكم عنها, ويكفيكم من فضله إن شاء, إن الله عليم بحالكم, حكيم في تدبير شؤونكم. (قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (29) أيها المسلمون قاتلوا الكفار الذين لا يؤمنون بالله, ولا يؤمنون بالبعث والجزاء, ولا يجتنبون ما نهى الله عنه ورسوله, ولا يلتزمون أحكام شريعة الإسلام من اليهود والنصارى, حتى يدفعوا الجزية التي تفرضونها عليهم بأيديهم خاضعين أذلاء. (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (30) لقد أشرك اليهود بالله عندما زعموا أن عزيرًا ابن الله. وأشرك النصارى بالله عندما ادَّعوا أن المسيح ابن الله. وهذا القول اختلقوه من عند أنفسهم, وهم بذلك لا يشابهون قول المشركين من قبلهم. قَاتَلَ الله المشركين جميعًا كيف يعدلون عن الحق إلى الباطل؟ (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لا إِلَهَ إِلا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (31) اتخذ اليهودُ والنصارى العلماءَ والعُبَّادَ أربابًا يُشَرِّعون لهم الأحكام, فيلتزمون بها ويتركون شرائع الله, واتخذوا المسيح عيسى ابن مريم إلهًا فعبدوه, وقد أمرهم الله بعبادته وحده دون غيره، فهو الإله الحق لا إله إلا هو. تنزَّه وتقدَّس عما يفتريه أهل الشرك والضلال. |
رد: التفسير الميسر
الحلقة (212) -التفسير الميسر (سورة التوبة) (من الاية رقم 32 الى الاية رقم 36) عبد الله بن عبد المحسن التركي (سورة التوبة ) (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (32) يريد الكفار بتكذيبهم أن يبطلوا دين الإسلام, ويبطلوا حجج الله وبراهينه على توحيده الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم, ويأبى الله إلا أن يتم دينه ويظهره, ويعلي كلمته, ولو كره ذلك الجاحدون. (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (33) هو الذي أرسل رسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم بالقرآن ودين الإسلام; ليعليه على الأديان كلها, ولو كره المشركون دين الحق -الإسلام- وظهوره على الأديان. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يا أيها الذين صَدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه, إن كثيرًا من علماء أهل الكتاب وعُبَّادهم ليأخذون أموال الناس بغير حق كالرشوة وغيرها, ويمنعون الناس من الدخول في الإسلام, ويصدون عن سبيل الله. والذين يمسكون الأموال, ولا يؤدون زكاتها, ولا يُخْرجون منها الحقوق الواجبة, فبشِّرهم بعذاب موجع. (يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ (35) يوم القيامة توضع قطع الذهب والفضة في النار, فإذا اشتدت حرارتها أُحرقت بها جباه أصحابها وجنوبهم وظهورهم. وقيل لهم توبيخًا: هذا مالكم الذي أمسكتموه ومنعتم منه حقوق الله, فذوقوا العذاب الموجع; بسبب كنزكم وإمساككم. (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُم ْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (36) إنّ عدة الشهور في حكم الله وفيما كُتب في اللوح المحفوظ اثنا عشر شهرًا, يوم خلق السموات والأرض, منها أربعة حُرُم; حرَّم الله فيهنَّ القتال(هي: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب) ذلك هو الدين المستقيم, فلا تظلموا فيهن أنفسكم; لزيادة تحريمها, وكون الظلم فيها أشد منه في غيرها, لا أنَّ الظلم في غيرها جائز. وقاتلوا المشركين جميعًا كما يقاتلونكم جميعًا, واعلموا أن الله مع أهل التقوى بتأييده ونصره. |
رد: التفسير الميسر
الحلقة (213) -التفسير الميسر (سورة التوبة) (من الاية رقم 37 الى الاية رقم 40) عبد الله بن عبد المحسن التركي (سورة التوبة ) (إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَه ُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (37) إن الذي كانت تفعله العرب في الجاهلية من تحريم أربعة أشهر من السنة عددًا لا تحديدًا بأسماء الأشهر التي حرَّمها الله, فيؤخرون بعضها أو يقدِّمونه ويجعلون مكانه من أشهر الحل ما أرادوا حسب حاجتهم للقتال, إن ذلك زيادة في الكفر, يضل الشيطان به الذين كفروا, يحلون الذي أخروا تحريمه من الأشهر الأربعة عامًا, ويحرمونه عاما; ليوافقوا عدد الشهور الأربعة, فيحلوا ما حرَّم الله منها. زَيَّن لهم الشيطان الأعمال السيئة. والله لا يوفق القوم الكافرين إلى الحق والصواب. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلا قَلِيلٌ (38) يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه، ما بالكم إذا قيل لكم: اخرجوا إلى الجهاد في سبيل الله لقتال أعدائكم تكاسلتم ولزمتم مساكنكم؟ هل آثرتم حظوظكم الدنيوية على نعيم الآخرة؟ فما تستمتعون به في الدنيا قليل زائل, أما نعيم الآخرة الذي أعده الله للمؤمنين المجاهدين فكثير دائم. (إِلا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (39) إن لا تنفروا أيها المؤمنون إلى قتال عدوكم ينزلِ الله عقوبته بكم, ويأت بقوم آخرين ينفرون إذ ا استُنْفروا, ويطيعون الله ورسوله, ولن تضروا الله شيئًا بتولِّيكم عن الجهاد, فهو الغني عنكم وأنتم الفقراء إليه. وما يريده الله يكون لا محالة. والله على كل شيء قدير من نصر دينه ونبيه دونكم. (إِلا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40) يا معشر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لا تنفروا معه أيها المؤمنون إذا استَنْفَركم, وإن لا تنصروه; فقد أيده الله ونصره يوم أخرجه الكفار من قريش من بلده(مكة), وهو ثاني اثنين(هو وأبو بكر الصديق رضي الله عنه) وألجؤوهما إلى نقب في جبل ثور "بمكة"، فمكثا فيه ثلاث ليال, إذ يقول لصاحبه(أبي بكر) لما رأى منه الخوف عليه: لا تحزن إن الله معنا بنصره وتأييده, فأنزل الله الطمأنينة في قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم, وأعانه بجنود لم يرها أحد من البشر وهم الملائكة, فأنجاه الله من عدوه وأذل الله أعداءه, وجعل كلمة الذين كفروا السفلى. وكلمةُ الله هي العليا,, ذلك بإعلاء شأن الإسلام. والله عزيز في ملكه, حكيم في تدبير شؤون عباده. وفي هذه الآية منقبة عظيمة لأبي بكر الصديق رضي الله عنه. |
رد: التفسير الميسر
الحلقة (214) -التفسير الميسر (سورة التوبة) (من الاية رقم 41 الى الاية رقم 47) عبد الله بن عبد المحسن التركي (سورة التوبة ) (انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (41) اخرجوا -أيها المؤمنون- للجهاد في سبيل الله شبابًا وشيوخًا في العسر واليسر, على أي حال كنتم, وأنفقوا أموالكم في سبيل الله, وقاتلوا بأيديكم لإعلاء كلمة الله, ذلك الخروج والبذل خير لكم في حالكم ومآلكم فافعلوا ذلك وانفروا واستجيبوا لله ورسوله. (لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (42) وبَّخ الله جلَّ جلاله جماعة من المنافقين استأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في التخلف عن غزوة(تبوك) مبينًا أنه لو كان خروجهم إلى غنيمة قريبة سهلة المنال لاتبعوك, ولكن لما دعوا إلى قتال الروم في أطراف بلاد(الشام) في وقت الحر تخاذلوا, وتخلفوا, وسيعتذرون لتخلفهم عن الخروج حالفين بأنهم لا يستطيعون ذلك, يهلكون أنفسهم بالكذب والنفاق, والله يعلم إنهم لكاذبون فيما يبدون لك من الأعذار. (عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ (43) عفا الله عنك -أيها النبي- عمَّا وقع منك مِن تَرْك الأولى والأكمل, وهو إذنك للمنافقين في القعود عن الجهاد, لأي سبب أَذِنْتَ لهؤلاء بالتخلف عن الغزوة, حتى يظهر لك الذين صدقوا في اعتذارهم وتعلم الكاذبين منهم في ذلك؟ (لا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (44) ليس من شأن المؤمنين بالله ورسوله واليوم الآخر أن يستأذنوك -أيها النبي- في التخلف عن الجهاد في سبيل الله بالنفس والمال, وإنما هذا من شأن المنافقين. والله عليم بمن خافه فاتقاه بأداء فرائضه واجتناب نواهيه. (إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ (45) إنما يطلب الإذن للتخلف عن الجهاد الذين لا يصدِّقون بالله ولا باليوم الآخر, ولا يعملون صالحًا, وشكَّتْ قلوبهم في صحة ما جئت به -أيها النبي- من الإسلام وشرائعه, فهم في شكهم يتحيَّرون. (وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ (46) ولو أراد المنافقون الخروج معك -أيها النبي- إلى الجهاد لتأهَّبوا له بالزاد والراحلة, ولكن الله كره خروجهم فثَقُلَ عليهم الخروج قضاء وقدرًا, وإن كان أمرهم به شرعا, وقيل لهم: تخلفوا مع القاعدين من المرضى والضعفاء والنساء والصبيان. (لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلا خَبَالا وَلأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (47) لو خرج المنافقون معكم -أيها المؤمنون- للجهاد لنشروا الاضطراب في الصفوف والشر والفساد, ولأسرعوا السير بينكم بالنميمة والبغضاء, يبغون فتنتكم بتثبيطكم عن الجهاد في سبيل الله, وفيكم -أيها المؤمنون- عيون لهم يسمعون أخباركم, وينقلونها إليهم. والله عليم بهؤلاء المنافقين الظالمين, وسيجازيهم على ذلك. |
رد: التفسير الميسر
الحلقة (215) -التفسير الميسر (سورة التوبة) (من الاية رقم 48 الى الاية رقم 54) عبد الله بن عبد المحسن التركي (سورة التوبة ) (لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ (48) لقد ابتغى المنافقون فتنة المؤمنين عن دينهم وصدهم عن سبيل الله من قبل غزوة(تبوك), وكشف أمرهم, وصرَّفوا لك -أيها النبي- الأمور في إبطال ما جئت به, كما فعلوا يوم(أحد) ويوم(الخندق), ودبَّروا لك الكيد حتى جاء النصر من عند الله, وأعز جنده ونصر دينه, وهم كارهون له. (وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ (49) ومِن هؤلاء المنافقين من يطلب الإذن للقعود عن الجهاد ويقول: لا توقعْني في الابتلاء بما يعرض لي في حالة الخروج من فتنة النساء. لقد سقط هؤلاء المنافقون في فتنة النفاق الكبرى. فإن جهنم لمحيطة بالكافرين بالله واليوم الآخر, فلا يُفْلِت منهم أحد. (إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ (50) إن يصبك -أيها النبي- سرور وغنيمة يحزن المنافقون, وإن يلحق بك مكروه من هزيمة أو شدة يقولوا: نحن أصحاب رأي وتدبير قد احتطنا لأنفسنا بتخلفنا عن محمد, وينصرفوا وهم مسرورون بما صنعوا وبما أصابك من السوء. (قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (51) قل -أيها النبي- لهؤلاء المتخاذلين زجرًا لهم وتوبيخًا: لن يصيبنا إلا ما قدَّره الله علينا وكتبه في اللوح المحفوظ, هو ناصرنا على أعدائنا, وعلى الله, وحده فليعتمد المؤمنون به. (قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ (52) قل لهم -أيها النبي-: هل تنتظرون بنا إلا شهادة أو ظفرًا بكم؟ ونحن ننتظر بكم أن يصيبكم الله بعقوبة مِن عنده عاجلة تهلككم أو بأيدينا فنقتلكم, فانتظروا إنا معكم منتظرون ما الله فاعل بكل فريق منا ومنكم. (قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ (53) قل -أيها النبي- للمنافقين: أنفقوا أموالكم كيف شئتم, وعلى أي حال شئتم طائعين أو كارهين, لن يقبل الله منكم نفقاتكم; لأنكم قوم خارجون عن دين الله وطاعته. (وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلا وَهُمْ كُسَالَى وَلا يُنْفِقُونَ إِلا وَهُمْ كَارِهُونَ (54) وسبب عدم قَبول نفقاتهم أنهم أضمروا الكفر بالله عز وجل وتكذيب رسوله محمد صلى الله عليه وسلم, ولا يأتون الصلاة إلا وهم متثاقلون, ولا ينفقون الأموال إلا وهم كارهون, فهم لا يرجون ثواب هذه الفرائض, ولا يخشون على تركها عقابًا بسبب كفرهم. |
رد: التفسير الميسر
الحلقة (216) -التفسير الميسر (سورة التوبة) (من الاية رقم 55 الى الاية رقم 61) عبد الله بن عبد المحسن التركي (سورة التوبة ) (فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (55) فلا تعجبك -أيها النبي- أموال هؤلاء المنافقين ولا أولادهم, إنما يريد الله أن يعذبهم بها في الحياة الدنيا بالتعب في تحصيلها وبالمصائب التي تقع فيها, حيث لا يحتسبون ذلك عند الله, وتخرج أنفسهم, فيموتوا على كفرهم بالله ورسوله. (وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ (56) ويحلف هؤلاء المنافقون بالله لكم أيها المؤمنون كذبًا وباطلا إنهم لمنكم, وليسوا منكم, ولكنهم قوم يخافون فيحلفون تَقِيَّة لكم. (لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلا لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ (57) لو يجد هؤلاء المنافقون مأمنًا وحصنًا يحفظهم, أو كهفًا في جبل يؤويهم, أو نفقًا في الأرض ينجيهم منكم, لانصرفوا إليه وهم يسرعون. (وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ (58) ومن المنافقين مَن يعيبك في قسمة الصدقات, فإن نالهم نصيب منها رضوا وسكتوا, وإن لم يصبهم حظ منها سخطوا عليك وعابوك. (وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ (59) ولو أن هؤلاء الذين يعيبونك في قسمة الصدقات رضوا بما قسم الله ورسوله لهم, وقالوا: حسبنا الله, سيؤتينا الله من فضله, ويعطينا رسوله مما آتاه الله, إنا نرغب أن يوسع الله علينا, فيغنينا عن الصدقة وعن صدقات الناس. لو فعلوا ذلك لكان خيرًا لهم وأجدى. (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَة ِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (60) إنما تعطى الزكوات الواجبة للمحتاجين الذين لا يملكون شيئًا, وللمساكين الذين لا يملكون كفايتهم, وللسعاة الذين يجمعونها, وللذين تؤلِّفون قلوبهم بها ممن يُرْجَى إسلامه أو قوة إيمانه أو نفعه للمسلمين, أو تدفعون بها شرَّ أحد عن المسلمين, وتعطى في عتق رقاب الأرقاء والمكاتبين, وتعطى للغارمين لإصلاح ذات البين, ولمن أثقلَتْهم الديون في غير فساد ولا تبذير فأعسروا, وللغزاة في سبيل الله, وللمسافر الذي انقطعت به النفقة, هذه القسمة فريضة فرضها الله وقدَّرها. والله عليم بمصالح عباده, حكيم في تدبيره وشرعه. (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (61) ومن المنافقين قوم يؤذون رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكلام, ويقولون: إنه يستمع لكل ما يقال له فيصدقه, قل لهم -أيها النبي-: إن محمدًا هو أذن تستمع لكل خير, يؤمن بالله ويصدق المؤمنين فيما يخبرونه, وهو رحمة لمن اتبعه واهتدى بهداه. والذين يؤذون رسول الله محمدًا صلى الله عليه وسلم بأي نوع من أنواع الإيذاء, لهم عذاب مؤلم موجع. |
رد: التفسير الميسر
الحلقة (217) -التفسير الميسر (سورة التوبة) (من الاية رقم 62 الى الاية رقم 68) عبد الله بن عبد المحسن التركي (سورة التوبة ) (يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ (62) يحلف المنافقون الأيمان الكاذبة, ويقدمون الأعذار الملفقة; ليُرضُوا المؤمنين, والله ورسوله أحق وأولى أن يُرضُوهما بالإيمان بهما وطاعتهما, إن كانوا مؤمنين حقًا. (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ (63) ألم يعلم هؤلاء المنافقون أن مصير الذين يحاربون الله ورسوله نارُ جهنم لهم العذاب الدائم فيها؟ ذلك المصير هو الهوان والذل العظيم, ومن المحاربة أذِيَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبه والقدح فيه, عياذًا بالله من ذلك. (يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ (64) يخاف المنافقون أن تنزل في شأنهم سورة تخبرهم بما يضمرونه في قلوبهم من الكفر, قل لهم -أيها النبي-: استمروا على ما أنتم عليه من الاستهزاء والسخرية, إن الله مخرج حقيقة ما تحذرون. (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) ولئن سألتهم -أيها النبي- عما قالوا من القَدْح في حقك وحق أصحابك لَيَقولُنَّ: إنما كنا نتحدث بكلام لا قصد لنا به, قل لهم -أيها النبي-: أبالله عز وجل وآياته ورسوله كنتم تستهزئون؟ (لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (66) لا تعتذروا -معشر المنافقين- فلا جدوى مِن اعتذاركم, قد كفرتم بهذا المقال الذي استهزأتم به, إن نعف عن جماعة منكم طلبت العفو وأخلصت في توبتها, نعذب جماعة أخرى بسبب إجرامهم بهذه المقالة الفاجرة الخاطئة. (الْمُنَافِقُونï؟½ ï؟½ وَالْمُنَافِقَا تُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (67) المنافقون والمنافقات صنف واحد في إعلانهم الإيمان واستبطانهم الكفر, يأمرون بالكفر بالله ومعصية رسوله وينهون عن الإيمان والطاعة, ويمسكون أيديهم عن النفقة في سبيل الله, نسوا الله فلا يذكرونه, فنسيهم من رحمته, فلم يوفقهم إلى خير. إن المنافقين هم الخارجون عن الإيمان بالله ورسوله. (وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَا تِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ (68) وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار بأن مصيرهم إلى نار جهنم خالدين فيها أبدًا, هي كافيتهم; عقابًا على كفرهم بالله, وطردهم الله مِن رحمته, ولهم عذاب دائم. |
رد: التفسير الميسر
الحلقة (218) -التفسير الميسر (سورة التوبة) (من الاية رقم 69 الى الاية رقم 72) عبد الله بن عبد المحسن التركي (سورة التوبة ) (كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالا وَأَوْلادًا فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُ مْ بِخَلاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (69) إن أفعالكم -معشر المنافقين- من الاستهزاء والكفر كأفعال الأمم السابقة التي كانت على جانب من القوة والمال والأولاد أشد منكم, فاطْمَأنوا إلى الحياة الدنيا, وتَمتَّعوا بما فيها من الحظوظ والملذات, فاستمعتم أيها المنافقون بنصيبكم من الشهوات الفانية كاستمتاع الذين من قبلكم بحظوظهم الفانية, وخضتم بالكذب على الله كخوض تلك الأمم قبلكم, أولئك الموصوفون بهذه الأخلاق هم الذين ذهبت حسناتهم في الدنيا والآخرة, وأولئك هم الخاسرون ببيعهم نعيم الآخرة بحظوظهم من الدنيا. (أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكَ اتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (70) ألم يأت هؤلاء المنافقين خبرُ الذين مضوا مِن قوم نوح وقبيلة عاد وقبيلة ثمود وقوم إبراهيم وأصحاب(مدين) وقوم لوط عندما جاءهم المرسلون بالوحي وبآيات الله فكذَّبوهم؟ فأنزل الله بهؤلاء جميعًا عذابه; انتقامًا منهم لسوء عملهم, فما كان الله ليظلمهم, ولكن كانوا هم الظالمين لأنفسهم بالتكذيب والمخالفة. (وَالْمُؤْمِنُوï؟½ ï؟½َ وَالْمُؤْمِنَات ُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (71) والمؤمنون والمؤمنات بالله ورسوله بعضهم أنصار بعض, يأمرون الناس بالإيمان والعمل الصالح, وينهونهم عن الكفر والمعاصي, ويؤدون الصلاة, ويعطون الزكاة, ويطيعون الله ورسوله, وينتهون عما نُهوا عنه, أولئك سيرحمهم الله فينقذهم من عذابه ويدخلهم جنته. إن الله عزيز في ملكه, حكيم في تشريعاته وأحكامه. (وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات ِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (72) وعد الله المؤمنين والمؤمنات بالله ورسوله جنات تجري من تحتها الأنهار ماكثين فيها أبدًا, لا يزول عنهم نعيمها, ومساكن حسنة البناء طيبة القرار في جنات إقامة, ورضوان من الله أكبر وأعظم مما هم فيه من النعيم. ذلك الوعد بثواب الآخرة هو الفلاح العظيم. |
رد: التفسير الميسر
الحلقة (219) -التفسير الميسر (سورة التوبة) (من الاية رقم 73 الى الاية رقم 79) عبد الله بن عبد المحسن التركي (سورة التوبة ) (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِي نَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (73) يا أيها النبي جاهد الكفار بالسيف والمنافقين باللسان والحجة, واشدد على كلا الفريقين, ومقرُّهم جهنم, وبئس المصير مصيرهم. (يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا وَمَا نَقَمُوا إِلا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (74) يحلف المنافقون بالله أنهم ما قالوا شيئًا يسيء إلى الرسول وإلى المسلمين, إنهم لكاذبون; فلقد قالوا كلمة الكفر وارتدوا بها عن الإسلام وحاولوا الإضرار برسول الله محمد صلى الله عليه وسلم, فلم يمكنهم الله من ذلك, وما وجد المنافقون شيئًا يعيبونه, وينتقدونه, إلا أن الله -تعالى- تفضل عليهم, فأغناهم بما فتح على نبيه صلى الله عليه وسلم من الخير والبركة, فإن يرجع هؤلاء الكفار إلى الإيمان والتوبة فهو خير لهم, وإن يعرضوا, أو يستمروا على حالهم, يعذبهم الله العذاب الموجع في الدنيا على أيدي المؤمنين, وفي الآخرة بنار جهنم, وليس لهم منقذ ينقذهم ولا ناصر يدفع عنهم سوء العذاب. (وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ (75) ومن فقراء المنافقين مَن يقطع العهد على نفسه: لئن أعطاه الله المال ليصدَّقنَّ منه, وليعمَلنَّ ما يعمل الصالحون في أموالهم, وليسيرَنَّ في طريق الصلاح. (فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (76) فلما أعطاهم الله من فضله بخلوا بإعطاء الصدقة وبإنفاق المال في الخير, وتولَّوا وهم معرضون عن الإسلام. (فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (77) فكان جزاء صنيعهم وعاقبتهم أَنْ زادهم نفاقًا على نفاقهم, لا يستطيعون التخلص منه إلى يوم الحساب; وذلك بسبب إخلافهم الوعد الذي قطعوه على أنفسهم, وبسبب نفاقهم وكذبهم. (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلامُ الْغُيُوبِ (78) ألم يعلم هؤلاء المنافقون أن الله يعلم ما يخفونه في أنفسهم وما يتحدثون به في مجالسهم من الكيد والمكر, وأن الله علام الغيوب؟ فسيجازيهم على أعمالهم التي أحصاها عليهم. (الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِين َ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (79) ومع بخل المنافقين لا يَسْلَم المتصدقون من أذاهم; فإذا تصدق الأغنياء بالمال الكثير عابوهم واتهموهم بالرياء, وإذا تصدق الفقراء بما في طاقتهم استهزؤوا بهم, وقالوا سخرية منهم: ماذا تجدي صدقتهم هذه؟ سخر الله من هؤلاء المنافقين, ولهم عذاب مؤلم موجع. |
رد: التفسير الميسر
الحلقة (220) -التفسير الميسر (سورة التوبة) (من الاية رقم 80 الى الاية رقم 86) عبد الله بن عبد المحسن التركي (سورة التوبة ) (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (80) استغفر -أيها الرسول- للمنافقين أو لا تستغفر لهم, فلن يغفر الله لهم, مهما كثر استغفارك لهم وتكرر; لأنهم كفروا بالله ورسوله. والله سبحانه وتعالى لا يوفق للهدى الخارجين عن طاعته. (فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ (81) فرح المخلفون الذين تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بقعودهم في(المدينة) مخالفين لرسول الله صلى الله عليه وسلم, وكرهوا أن يجاهدوا معه بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله, وقال بعضهم لبعض: لا تنفروا في الحرِّ, وكانت غزوة(تبوك) في وقت شدة الحرِّ. قل لهم -أيها الرسول-: نار جهنم أشد حرًا, لو كانوا يعلمون ذلك. (فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (82) فليضحك هؤلاء المنافقون الذين تخلفوا عن رسول الله في غزوة(تبوك) قليلا في حياتهم الدنيا الفانية, وليبكوا كثيرًا في نار جهنم; جزاءً بما كانوا يكسبون في الدنيا من النفاق والكفر. (فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوك َ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ (83) فإنْ رَدَّك الله -أيها الرسول- مِن غزوتك إلى جماعة من المنافقين الثابتين على النفاق, فاستأذنوك للخروج معك إلى غزوة أخرى بعد غزوة(تبوك) فقل لهم: لن تخرجوا معي أبدًا في غزوة من الغزوات, ولن تقاتلوا معي عدوًا من الأعداء; إنكم رضيتم بالقعود أول مرة, فاقعدوا مع الذين تخلفوا عن الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. (وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ (84) ولا تصلِّ -أيها الرسول- أبدًا على أحد مات من المنافقين, ولا تقم على قبره لتدعو له; لأنهم كفروا بالله تعالى وبرسوله صلى الله عليه وسلم وماتوا وهم فاسقون. وهذا حكم عام في كل من عُلِمَ نفاقه. (وَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (85) ولا تعجبك -أيها الرسول- أموال هؤلاء المنافقين وأولادهم, إنما يريد الله أن يعذبهم بها في الدنيا بمكابدتهم الشدائد في شأنها, وبموتهم على كفرهم بالله ورسوله. (وَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللَّهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُو الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِينَ (86) وإذا أنزلت سورة على محمد صلى الله عليه ولم تأمر بالإيمان بالله والإخلاص له والجهاد مع رسول الله, طلب الإذن منك -أيها الرسول- أولو اليسار من المنافقين, وقالوا: اتركنا مع القاعدين العاجزين عن الخروج. |
رد: التفسير الميسر
الحلقة (221) -التفسير الميسر (سورة التوبة) (من الاية رقم 87 الى الاية رقم 93) عبد الله بن عبد المحسن التركي (سورة التوبة ) (رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ (87) رضي هؤلاء المنافقون لأنفسهم بالعار, وهو أن يقعدوا في البيوت مع النساء والصبيان وأصحاب الأعذار, وختم الله على قلوبهم; بسبب نفاقهم وتخلفهم عن الجهاد والخروج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبيل الله, فهم لا يفقهون ما فيه صلاحهم ورشادهم. (لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (88) إنْ تخلَّف هؤلاء المنافقون عن الغزو, فقد جاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنون معه بأموالهم وأنفسهم, وأولئك لهم النصر والغنيمة في الدنيا, والجنة والكرامة في الآخرة, وأولئك هم الفائزون. (أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (89) أعدَّ الله لهم يوم القيامة جنات تجري مِن تحت أشجارها الأنهار ماكثين فيها أبدًا. وذلك هو الفلاح العظيم. (وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (90) وجاء جماعة من أحياء العرب حول(المدينة) يعتذرون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, ويبينون له ما هم فيه من الضعف وعدم القدرة على الخروج للغزو, وقعد قوم بغير عذر أظهروه جرأة على رسول الله صلى الله عليه وسلم. سيصيب الذين كفروا من هؤلاء عذاب أليم في الدنيا بالقتل وغيره, وفي الآخرة بالنار. (لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضَى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (91) ليس على أهل الأعذار مِن الضعفاء والمرضى والفقراء الذين لا يملكون من المال ما يتجهزون به للخروج إثم في القعود إذا أخلصوا لله ورسوله, وعملوا بشرعه, ما على مَن أحسن ممن منعه العذر عن الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم, وهو ناصح لله ولرسوله من طريق يعاقب مِن قِبَلِه ويؤاخذ عليه. والله غفور للمحسنين, رحيم بهم. (وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ (92) وكذلك لا إثم على الذين إذا ما جاؤوك يطلبون أن تعينهم بحملهم إلى الجهاد قلت لهم: لا أجد ما أحملكم عليه من الدوابِّ, فانصرفوا عنك, وقد فاضت أعينهم دَمعًا أسفًا على ما فاتهم من شرف الجهاد وثوابه; لأنهم لم يجدوا ما ينفقون, وما يحملهم لو خرجوا للجهاد في سبيل الله. (إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَ كَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (93) إنما الإثم واللوم على الأغنياء الذين جاءوك -أيها الرسول- يطلبون الإذن بالتخلف, وهم المنافقون الأغنياء اختاروا لأنفسهم القعود مع النساء وأهل الأعذار, وختم الله على قلوبهم بالنفاق, فلا يدخلها إيمان, فهم لا يعلمون سوء عاقبتهم بتخلفهم عنك وتركهم الجهاد معك. |
رد: التفسير الميسر
الحلقة (222) -التفسير الميسر (سورة التوبة) (من الاية رقم 94 الى الاية رقم 99) عبد الله بن عبد المحسن التركي (سورة التوبة ) (يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (94) يعتذر إليكم -أيها المؤمنون- هؤلاء المتخلفون عن جهاد المشركين بالأكاذيب عندما تعودون مِن جهادكم من غزوة(تبوك), قل لهم -أيها الرسول-: لا تعتذروا لن نصدقكم فيما تقولون, قد نبأنا الله من أمركم ما حقق لدينا كذبكم, وسيرى الله عملكم ورسوله, إن كنتم تتوبون من نفاقكم, أو تقيمون عليه, وسيُظهر للناس أعمالكم في الدنيا, ثم ترجعون بعد مماتكم إلى الذي لا تخفى عليه بواطن أموركم وظواهرها, فيخبركم بأعمالكم كلها, ويجازيكم عليها. (سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (95) سيحلف لكم المنافقون بالله -كاذبين معتذرين- إذا رجعتم إليهم من الغزو; لتتركوهم دون مساءلة, فاجتنبوهم وأعرضوا عنهم احتقارًا لهم, إنهم خبثاء البواطن, ومكانهم الذي يأوون إليه في الآخرة نار جهنم; جزاء بما كانوا يكسبون من الآثام والخطايا. (يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (96) يحلف لكم -أيها المؤمنون- هؤلاء المنافقون كذبًا; لتَرضَوا عنهم, فإن رضيتم عنهم -لأنكم لا تعلمون كذبهم- فإن الله لا يرضى عن هؤلاء وغيرهم ممن استمروا على الفسوق والخروج عن طاعة الله ورسوله. (الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (97) الأعراب سكان البادية أشد كفرًا ونفاقًا من أهل الحاضرة, وذلك لجفائهم وقسوة قلوبهم وبُعدهم عن العلم والعلماء, ومجالس الوعظ والذكر, فهم لذلك أحق بأن لا يعلموا حدود الدين, وما أنزل الله من الشرائع والأحكام. والله عليم بحال هؤلاء جميعًا, حكيم في تدبيره لأمور عباده. (وَمِنَ الأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (98) ومن الأعراب مَن يحتسب ما ينفق في سبيل الله غرامة وخسارة لا يرجو له ثوابًا, ولا يدفع عن نفسه عقابًا, وينتظر بكم الحوادث والآفات, ولكن السوء دائر عليهم لا بالمسلمين. والله سميع لما يقولون عليم بنياتهم الفاسدة. (وَمِنَ الأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (99) ومن الأعراب مَن يؤمن بالله ويقرُّ بوحدانيته وبالبعث بعد الموت, والثواب والعقاب, ويحتسب ما ينفق من نفقة في جهاد المشركين قاصدًا بها رضا الله ومحبته, ويجعلها وسيلة إلى دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم له, ألا إن هذه الأعمال تقربهم إلى الله تعالى, سيدخلهم الله في جنته. إن الله غفور لما فعلوا من السيئات, رحيم بهم. |
رد: التفسير الميسر
الحلقة (223) -التفسير الميسر (سورة التوبة) (من الاية رقم 100 الى الاية رقم 106) عبد الله بن عبد المحسن التركي (سورة التوبة ) (وَالسَّابِقُونï؟½ ï؟½ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (100) والذين سبقوا الناس أولا إلى الإيمان بالله ورسوله من المهاجرين الذين هجروا قومهم وعشيرتهم وانتقلوا إلى دار الإسلام, والأنصار الذين نصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم على أعدائه الكفار, والذين اتبعوهم بإحسان في الاعتقاد والأقوال والأعمال طلبًا لمرضاة الله سبحانه وتعالى, أولئك الذين رضي الله عنهم لطاعتهم الله ورسوله, ورضوا عنه لما أجزل لهم من الثواب على طاعتهم وإيمانهم, وأعدَّ لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدًا, ذلك هو الفلاح العظيم. وفي هذه الآية تزكية للصحابة -رضي الله عنهم- وتعديل لهم, وثناء عليهم; ولهذا فإن توقيرهم من أصول الإيمان. (وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ (101) ومن القوم الذين حول(المدينة) أعراب منافقون, ومن أهل(المدينة) منافقون أقاموا على النفاق, وازدادوا فيه طغيانًا, بحيث يخفى عليك -أيها الرسول- أمرهم, نحن نعلمهم, سنعذبهم مرتين: بالقتل والسبي والفضيحة في الدنيا, وبعذاب القبر بعد الموت, ثم يُرَدُّون يوم القيامة إلى عذاب عظيم في نار جهنم. (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (102) وآخرون من أهل(المدينة) وممن حولها, اعترفوا بذنوبهم وندموا عليها وتابوا منها, خلطوا العمل الصالح -وهو التوبة والندم والاعتراف بالذنب وغير ذلك من الأعمال الصالحة- بآخر سيِّئ- وهو التخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيره من الأعمال السيئة -عسى الله أن يوفقهم للتوبة ويقبلها منهم. إن الله غفور لعباده, رحيم بهم. (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103) خذ -أيها النبي- من أموال هؤلاء التائبين الذين خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا صدقة تطهرهم مِن دنس ذنوبهم, وترفعهم عن منازل المنافقين إلى منازل المخلصين, وادع لهم بالمغفرة لذنوبهم واستغفر لهم منها, إن دعاءك واستغفارك رحمة وطمأنينة لهم. والله سميع لكل دعاء وقول, عليم بأحوال العباد ونياتهم, وسيجازي كلَّ عامل بعمله. (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (104) ألم يعلم هؤلاء المتخلفون عن الجهاد وغيرهم أن الله وحده هو الذي يقبل توبة عباده, ويأخذ الصدقات ويثيب عليها, وأن الله هو التواب لعباده إذا رجعوا إلى طاعته, الرحيم بهم إذا أنابوا إلى رضاه؟ (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُون َ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (105) وقل -أيها النبي- لهؤلاء المتخلِّفين عن الجهاد: اعملوا لله بما يرضيه من طاعته، وأداء فرائضه، واجتناب المعاصي, فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون, وسيتبين أمركم, وسترجعون يوم القيامة إلى مَن يعلم سركم وجهركم, فيخبركم بما كنتم تعملون. وفي هذا تهديد ووعيد لمن استمر على باطله وطغيانه. (وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (106) ومن هؤلاء المتخلفين عنكم -أيها المؤمنون- في غزوة(تبوك) آخرون مؤخرون; ليقضي الله فيهم ما هو قاض. وهؤلاء هم الذين ندموا على ما فعلوا, وهم: مُرارة بن الربيع, وكعب بن مالك, وهلال بن أُميَّة, إما يعذبهم الله, وإما يعفو عنهم. والله عليم بمن يستحق العقوبة أو العفو, حكيم في كل أقواله وأفعاله. |
رد: التفسير الميسر
الحلقة (224) -التفسير الميسر (سورة التوبة) (من الاية رقم 107 الى الاية رقم 111) عبد الله بن عبد المحسن التركي (سورة التوبة ) (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (107) والمنافقون الذين بنوا مسجدًا; مضارة للمؤمنين وكفرًا بالله وتفريقًا بين المؤمنين, ليصلي فيه بعضهم ويترك مسجد(قباء) الذي يصلي فيه المسلمون, فيختلف المسلمون ويتفرقوا بسبب ذلك, وانتظارا لمن حارب الله ورسوله من قبل -وهو أبو عامر الراهب الفاسق- ليكون مكانًا للكيد للمسلمين, وليحلفنَّ هؤلاء المنافقون أنهم ما أرادوا ببنائه إلا الخير والرفق بالمسلمين والتوسعة على الضعفاء العاجزين عن السير إلى مسجد(قباء), والله يشهد إنهم لكاذبون فيما يحلفون عليه. وقد هُدِم المسجد وأُحرِق. (لا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِين َ (108) لا تقم -أيها النبي- للصلاة في ذلك المسجد أبدًا; فإن المسجد الذي أُسِّسَ على التقوى من أول يوم -وهو مسجد(قباء)- أولى أن تقوم فيه للصلاة, ففي هذا المسجد رجال يحبون أن يتطهروا بالماء من النجاسات والأقذار, كما يتطهرون بالتورع والاستغفار من الذنوب والمعاصي. والله يحب المتطهرين. وإذا كان مسجد(قباء) قد أُسِّسَ على التقوى من أول يوم, فمسجد رسول الله, صلى الله عليه وسلم, كذلك بطريق الأولى والأحرى. (أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (109) لا يستوي مَن أسَّس بنيانه على تقوى الله وطاعته ومرضاته, ومن أسَّس بنيانه على طرف حفرة متداعية للسقوط, فبنى مسجدًا ضرارًا وكفرًا وتفريقًا بين المسلمين, فأدَّى به ذلك إلى السقوط في نار جهنم. والله لا يهدي القوم الظالمين المتجاوزين حدوده. (لا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (110) لا يزال بنيان المنافقين الذي بنوه مضارَّة لمسجد(قباء) شكًا ونفاقًا ماكثًا في قلوبهم, إلى أن تتقطع قلوبهم بقتلهم أو موتهم, أو بندمهم غاية الندم, وتوبتهم إلى ربهم, وخوفهم منه غاية الخوف. والله عليم بما عليه هؤلاء المنافقون من الشك وما قصدوا في بنائهم, حكيم في تدبير أمور خلقه. (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111) إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم بأن لهم في مقابل ذلك الجنة, وما أعد الله فيها من النعيم لبذلهم نفوسهم وأموالهم في جهاد أعدائه لإعلاء كلمته وإظهار دينه, فيَقْتلون ويُقتَلون, وعدًا عليه حقًا في التوراة المنزلة على موسى عليه السلام, والإنجيل المنزل على عيسى عليه السلام, والقرآن المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم. ولا أحد أوفى بعهده من الله لمن وفَّى بما عاهد الله عليه, فأظهِروا السرور-أيها المؤمنون- ببيعكم الذي بايعتم الله به, وبما وعدكم به من الجنة والرضوان, وذلك البيع هو الفلاح العظيم. |
رد: التفسير الميسر
الحلقة (225) -التفسير الميسر (سورة التوبة) (من الاية رقم 112 الى الاية رقم 117) عبد الله بن عبد المحسن التركي (سورة التوبة ) (التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (112) ومن صفات هؤلاء المؤمنين الذين لهم البشارة بدخول الجنة أنهم التائبون الراجعون عما كرهه الله إلى ما يحبه ويرضاه, الذين أخلصوا العبادة لله وحده وجدوا في طاعته, الذين يحمدون الله على كل ما امتحنهم به من خير أو شر, الصائمون, الراكعون في صلاتهم, الساجدون فيها, الذين يأمرون الناس بكل ما أمر الله ورسوله به, وينهونهم عن كل ما نهى الله عنه ورسوله, المؤدون فرائض الله المنتهون إلى أمره ونهيه, القائمون على طاعته, الواقفون عند حدوده. وبشِّر -أيها النبي- هؤلاء المؤمنين المتصفين بهذه الصفات برضوان الله وجنته. (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (113) ما كان ينبغي للنبي محمد صلى الله عليه وسلم والذين آمنوا أن يدعوا بالمغفرة للمشركين, ولو كانوا ذوي قرابة لهم مِن بعد ما ماتوا على شركهم بالله وعبادة الأوثان, وتبين لهم أنهم أصحاب الجحيم لموتهم على الشرك, والله لا يغفر للمشركين, كما قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وكما قال سبحانه: http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/260.jpg إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ . (وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ (114) وما كان استغفار إبراهيم عليه السلام لأبيه المشرك, إلا عن موعدة وعدها إياه, وهي قوله: سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا . فلما تبيَّن لإبراهيم أن أباه عدو لله ولم ينفع فيه الوعظ والتذكير, وأنه سيموت كافرًا, تركه وترك الاستغفار له, وتبرأ منه. إن إبراهيم عليه السلام عظيم التضرع لله, كثير الصفح عما يصدر مِن قومه من الزلات. (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (115) وما كان الله ليضلَّ قومًا بعد أن مَنَّ عليهم بالهداية والتوفيق حتى يبيِّن لهم ما يتقونه به, وما يحتاجون إليه في أصول الدين وفروعه. إن الله بكل شيء عليم, فقد علَّمكم ما لم تكونوا تعلمون, وبيَّن لكم ما به تنتفعون, وأقام الحجة عليكم بإبلاغكم رسالته. (إِنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (116) إن لله مالك السموات والأرض وما فيهن لا شريك له في الخلق والتدبير والعبادة والتشريع, يحيي مَن يشاء ويميت مَن يشاء, وما لكم مِن أحد غير الله يتولى أموركم, ولا نصير ينصركم على عدوكم. (لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِي نَ وَالأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (117) لقد وفَّق الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم إلى الإنابة إليه وطاعته, وتاب الله على المهاجرين الذين هجروا ديارهم وعشيرتهم إلى دار الإسلام, وتاب على أنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين خرجوا معه لقتال الأعداء في غزوة(تبوك) في حرٍّ شديد, وضيق من الزاد والظَّهْر, لقد تاب الله عليهم من بعد ما كاد يَميل قلوب بعضهم عن الحق, فيميلون إلى الدَّعة والسكون, لكن الله ثبتهم وقوَّاهم وتاب عليهم, إنه بهم رؤوف رحيم. ومن رحمته بهم أنْ مَنَّ عليهم بالتوبة, وقَبِلَها منهم, وثبَّتهم عليها. |
رد: التفسير الميسر
الحلقة (226) -التفسير الميسر (سورة التوبة) (من الاية رقم 118 الى الاية رقم 122) عبد الله بن عبد المحسن التركي (سورة التوبة ) (وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (118) وكذلك تاب الله على الثلاثة الذين خُلِّفوا من الأنصار -وهم كعب بن مالك وهلال بن أُميَّة ومُرَارة بن الربيع- تخلَّفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, وحزنوا حزنًا شديدًا, حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بسَعَتها غمًّا وندمًا بسبب تخلفهم, وضاقت عليهم أنفسهم لِمَا أصابهم من الهم, وأيقنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه, وفَّقهم الله سبحانه وتعالى إلى الطاعة والرجوع إلى ما يرضيه سبحانه. إن الله هو التواب على عباده, الرحيم بهم. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (119) يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه، امتثلوا أوامر الله واجتنبوا نواهيه في كل ما تفعلون وتتركون, وكونوا مع الصادقين في أَيمانهم وعهودهم, وفي كل شأن من شؤونهم. (مَا كَانَ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلا إِلا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (120) ما كان ينبغي لأهل مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومَن حولهم من سكان البادية أن يتخلَّفوا في أهلهم ودورهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, ولا يرضوا لأنفسهم بالراحة والرسول صلى الله عليه وسلم في تعب ومشقة; ذلك بأنهم لا يصيبهم في سفرهم وجهادهم عطش ولا تعب ولا مجاعة في سبيل الله, ولا يطؤون أرضًا يُغضِبُ الكفارَ وطؤهم إياها, ولا يصيبون مِن عدو الله وعدوهم قتلا أو هزيمةً إلا كُتِب لهم بذلك كله ثواب عمل صالح. إن الله لا يضيع أجر المحسنين. (وَلا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً وَلا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (121) ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة في سبيل الله, ولا يقطعون واديًا في سيرهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جهاده, إلا كُتِب لهم أجر عملهم; ليجزيهم الله أحسن ما يُجْزَون به على أعمالهم الصالحة. (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (122) وما كان ينبغي للمؤمنين أن يخرجوا جميعًا لقتال عدوِّهم, كما لا يستقيم لهم أن يقعدوا جميعًا, فهلا خرج من كل فرقة جماعة تحصل بهم الكفاية والمقصود; وذلك ليتفقه النافرون في دين الله وما أنزل على رسوله, وينذروا قومهم بما تعلموه عند رجوعهم إليهم, لعلهم يحذرون عذاب الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه. |
رد: التفسير الميسر
الحلقة (227) -التفسير الميسر (سورة التوبة) (من الاية رقم 123 الى الاية رقم 129) عبد الله بن عبد المحسن التركي (سورة التوبة ) ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (123) يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه، ابدؤوا بقتال الأقرب فالأقرب إلى دار الإسلام من الكفار, وليجد الكفار فيكم غِلْظة وشدة, واعلموا أن الله مع المتقين بتأييده ونصره. ( وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (124) وإذا ما أنزل الله سورة من سور القرآن على رسوله, فمِن هؤلاء المنافقين من يقول: -إنكارًا واستهزاءً- أيُّكم زادته هذه السورة تصديقًا بالله وآياته؟ فأما الذين آمنوا بالله ورسوله فزادهم نزول السورة إيمانًا بالعلم بها وتدبرها واعتقادها والعمل بها, وهم يفرحون بما أعطاهم الله من الإيمان واليقين. ( وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ (125) وأما الذين في قلوبهم نفاق وشك في دين الله, فإن نزول السورة يزيدهم نفاقًا وشكًا إلى ما هم عليه من قبلُ من النفاق والشك, وهلك هؤلاء وهم جاحدون بالله وآياته. ( أَوَلا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لا يَتُوبُونَ وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ (126) أولا يرى المنافقون أن الله يبتليهم بالقحط والشدة, وبإظهار ما يبطنون من النفاق مرة أو مرتين في كل عام؟ ثم هم مع ذلك لا يتوبون مِن كفرهم ونفاقهم, ولا هم يتعظون ولا يتذكرون بما يعاينون من آيات الله. (وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ (127) وإذا ما أُنزلت سورة تغَامَزَ المنافقون بالعيون إنكارًا لنزولها وسخرية وغيظًا; لِمَا نزل فيها مِن ذِكْر عيوبهم وأفعالهم, ثم يقولون: هل يراكم من أحد إن قمتم من عند الرسول؟ فإن لم يرهم أحد قاموا وانصرفوا من عنده عليه الصلاة والسلام مخافة الفضيحة. صرف الله قلوبهم عن الإيمان; بسبب أنهم لا يفهمون ولا يتدبرون. ( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِين َ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128) لقد جاءكم أيها المؤمنون رسول من قومكم, يشق عليه ما تلقون من المكروه والعنت, حريص على إيمانكم وصلاح شأنكم, وهو بالمؤمنين كثير الرأفة والرحمة. ( فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (129) فإن أعرض المشركون والمنافقون عن الإيمان بك -أيها الرسول- فقل لهم: حسبي الله, يكفيني جميع ما أهمَّني, لا معبود بحق إلا هو, عليه اعتمدت, وإليه فَوَّضْتُ جميع أموري; فإنه ناصري ومعيني, وهو رب العرش العظيم, الذي هو أعظم المخلوقات. |
رد: التفسير الميسر
الحلقة (228) -التفسير الميسر (سورة يونس) (من الاية رقم 1 الى الاية رقم 6) عبد الله بن عبد المحسن التركي (سورة يونس ) (الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ (1) (الر) سبق الكلام على الحروف المقطَّعة في أول سورة البقرة. هذه آيات الكتاب المحكم الذي أحكمه الله وبيَّنه لعباده. (أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ (2) أكان أمرًا عجبًا للناس إنزالنا الوحي بالقرآن على رجل منهم ينذرهم عقاب الله, ويبشِّر الذين آمنوا بالله ورسله أن لهم أجرًا حسنًا بما قدَّموا من صالح الأعمال؟ فلما أتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بوحي الله وتلاه عليهم, قال المنكرون: إنَّ محمدًا ساحر, وما جاء به سحر ظاهر البطلان. (إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (3) إن ربكم الله الذي أوجد السموات والأرض في ستة أيام, ثم استوى -أي علا وارتفع- على العرش استواء يليق بجلاله وعظمته, يدبر أمور خلقه, لا يضادُّه في قضائه أحد, ولا يشفع عنده شافع يوم القيامة إلا من بعد أن يأذن له بالشفاعة, فاعبدوا الله ربكم المتصف بهذه الصفات, وأخلصوا له العبادة. أفلا تتعظون وتعتبرون بهذه الآيات والحجج؟ (إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ (4) إلى ربكم معادكم يوم القيامة جميعًا, وهذا وعد الله الحق, هو الذي يبدأ إيجاد الخلق ثم يعيده بعد الموت, فيوجده حيًا كهيئته الأولى, ليجزي مَن صَدَّق الله ورسوله, وعمل الأعمال الحسنة أحسن الجزاء بالعدل. والذين جحدوا وحدانية الله ورسالة رسوله لهم شراب من ماء شديد الحرارة يشوي الوجوه ويقطِّع الأمعاء, ولهم عذاب موجع بسبب كفرهم وضلالهم. (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (5) الله هو الذي جعل الشمس ضياء, وجعل القمر نورًا, وقدَّر القمر منازل, فبالشمس تعرف الأيام, وبالقمر تعرف الشهور والأعوام, ما خلق الله تعالى الشمس والقمر إلا لحكمة عظيمة, ودلالة على كمال قدرة الله وعلمه, يبيِّن الحجج والأدلة لقوم يعلمون الحكمة في إبداع الخلق. (إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ (6) إن في تعاقب الليل والنهار وما خلق الله في السموات والأرض من عجائب الخلق وما فيهما من إبداع ونظام, لأدلة وحججًا واضحة لقوم يخشون عقاب الله وسخطه وعذابه. |
رد: التفسير الميسر
الحلقة (229) -التفسير الميسر (سورة يونس) (من الاية رقم 7 الى الاية رقم 14) عبد الله بن عبد المحسن التركي (سورة يونس ) (إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ (7) إن الذين لا يطمعون في لقائنا في الآخرة للحساب, وما يتلوه من الجزاء على الأعمال لإنكارهم البعث, ورضوا بالحياة الدنيا عوضًا عن الآخرة, وركنوا إليها, والذين هم عن آياتنا الكونية والشرعية ساهون. (أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (8) أولئك مقرُّهم نار جهنم في الآخرة; جزاء بما كانوا يكسبون في دنياهم من الآثام والخطايا. (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (9) إن الذين آمنوا بالله ورسوله وعملوا الصالحات يدلهم ربهم إلى طريق الجنة ويوفقهم إلى العمل الموصل إليه؛ بسبب إيمانهم ، ثم يثيبهم بدخول الجنة وإحلال رضوانه عليهم, تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم. (دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (10) دعاؤهم في الجنة التسبيح(سبحانك اللهم)، وتحية الله وملائكته لهم, وتحية بعضهم بعضًا في الجنة(سلام)، وآخر دعائهم قولهم: "الحمد لله رب العالمين" أي: الشكر والثناء لله خالق المخلوقات ومربِّيها بنعمه. (وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُم ْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (11) ولو يعجِّل الله للناس إجابة دعائهم في الشر كاستعجاله لهم في الخير بالإجابة لهلكوا, فنترك الذين لا يخافون عقابنا, ولا يوقنون بالبعث والنشور في تمرُّدهم وعتوِّهم, يترددون حائرين. (وَإِذَا مَسَّ الإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (12) وإذا أصاب الإنسانَ الشدةُ استغاث بنا في كشف ذلك عنه مضطجعًا لجنبه أو قاعدًا أو قائمًا, على حسب الحال التي يكون بها عند نزول ذلك الضرِّ به. فلما كشفنا عنه الشدة التي أصابته استمرَّ على طريقته الأولى قبل أن يصيبه الضر, ونسي ما كان فيه من الشدة والبلاء, وترك الشكر لربه الذي فرَّج عنه ما كان قد نزل به من البلاء, كما زُيِّن لهذا الإنسان استمراره على جحوده وعناده بعد كشف الله عنه ما كان فيه من الضر, زُيِّن للذين أسرفوا في الكذب على الله وعلى أنبيائه ما كانوا يعملون من معاصي الله والشرك به. (وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (13) ولقد أهلكنا الأمم التي كذَّبت رسل الله من قبلكم -أيها المشركون بربهم- لـمَّا أشركوا, وجاءتهم رسلهم من عند الله بالمعجزات الواضحات والحجج التي تبين صدق مَن جاء بها, فلم تكن هذه الأمم التي أهلكناها لتصدق رسلها وتنقاد لها, فاستحقوا الهلاك, ومثل ذلك الإهلاك نجزي كل مجرم متجاوز حدود الله. (ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلائِفَ فِي الأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (14) ثم جعلناكم -أيها الناس- خَلَفًا في الأرض من بعد القرون الـمُهْلَكة, لننظر كيف تعملون: أخيرًا أم شرًا, فنجازيكم بذلك حسب عملكم. |
رد: التفسير الميسر
الحلقة (230) -التفسير الميسر (سورة يونس)http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/261.jpg (من الاية رقم 15 الى الاية رقم 20) عبد الله بن عبد المحسن التركي (سورة يونس )http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/261.jpg (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (15) http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/261.jpg وإذا تتلى على المشركين آيات الله التي أنزلناها إليك -أيها الرسول- واضحات, قال الذين لا يخافون الحساب, ولا يرجون الثواب, ولا يؤمنون بيوم البعث والنشور: ائت بقرآن غير هذا, أو بدِّل هذا القرآن: بأن تجعل الحلال حرامًا, والحرام حلالا والوعد وعيدًا, والوعيد وعدًا, وأن تُسْقط ما فيه مِن عيب آلهتنا وتسفيه أحلامنا, قل لهم -أيها الرسول- : إن ذلك ليس إليَّ, وإنما أتبع في كل ما آمركم به وأنهاكم عنه ما ينزله عليَّ ربي ويأمرني به, إني أخشى من الله -إن خالفت أمره- عذاب يوم عظيم وهو يوم القيامة. (قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (16) http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/261.jpg قل لهم -أيها الرسول-: لو شاء الله ما تلوت هذا القرآن عليكم, ولا أعلمكم الله به, فاعلموا أنه الحق من الله, فإنكم تعلمون أنني مكثت فيكم زمنًا طويلا من قبل أن يوحيه إليَّ ربي, ومن قبل أن أتلوه عليكم, أفلا تستعملون عقولكم بالتدبر والتفكر؟ (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ (17) http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/261.jpg لا أحد أشد ظلمًا ممن اختلق على الله الكذب أو كذَّب بآياته إنه لا ينجح مَن كذَّب أنبياء الله ورسله, ولا ينالون الفلاح. (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (18) http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/261.jpg ويعبد هؤلاء المشركون من دون الله ما لا يضرهم شيئًا, ولا ينفعهم في الدنيا والآخرة, ويقولون: إنما نعبدهم ليشفعوا لنا عند الله, قل لهم -أيها الرسول- : أتخبرون الله تعالى بشيء لا يعلمه مِن أمر هؤلاء الشفعاء في السموات أو في الأرض؟ فإنه لو كان فيهما شفعاء يشفعون لكم عنده لكان أعلم بهم منكم, فالله تعالى منزَّه عما يفعله هؤلاء المشركون من إشراكهم في عبادته ما لا يضر ولا ينفع. (وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (19) http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/261.jpg كان الناس على دين واحد وهو الإسلام, ثم اختلفوا بعد ذلك, فكفر بعضهم, وثبت بعضهم على الحق. ولولا كلمة سبقت من الله بإمهال العاصين وعدم معاجلتهم بذنوبهم لقُضِيَ بينهم: بأن يُهْلك أهل الباطل منهم, وينجي أهل الحق. (وَيَقُولُونَ لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِين َ (20) http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/261.jpg ويقول هؤلاء الكفرة المعاندون: هلاَّ أُنزل على محمد علم ودليل, وآية حسية من ربه نعلم بها أنه على حق فيما يقول, فقل لهم -أيها الرسول-: لا يعلم الغيب أحد إلا الله, فإن شاء فعل وإن شاء لم يفعل, فانتظروا -أيها القوم- قضاء الله بيننا وبينكم بتعجيل عقوبته للمبطل منا, ونصرة صاحب الحق, إني منتظر ذلك. |
رد: التفسير الميسر
الحلقة (231) -التفسير الميسر (سورة يونس) (من الاية رقم 21 الى الاية رقم 25) عبد الله بن عبد المحسن التركي (سورة يونس ) (وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آيَاتِنَا قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ (21) وإذا أذقنا المشركين يسرًا وفرجًا ورخاءً بعد عسر وشدة وكرب أصابهم, إذا هم يكذِّبون, ويستهزئون بآيات الله, قل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين المستهزئين: الله أسرع مكرًا واستدراجًا وعقوبة لكم. إن حَفَظَتَنا الذين نرسلهم إليكم يكتبون عليكم ما تمكرون في آياتنا, ثم نحاسبكم على ذلك. (هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (22) هو الذي يسيِّركم -أيها الناس- في البر على الدواب وغيرها, وفي البحر في السُّفُن, حتى إذا كنتم فيها وجرت بريح طيبة, وفرح ركاب السفن بالريح الطيبة, جاءت هذه السفنَ ريحٌ شديدة, وجاء الركابَ الموجُ(وهو ما ارتفع من الماء) من كل مكان, وأيقنوا أن الهلاك قد أحاط بهم, أخلصوا الدعاء لله وحده, وتركوا ما كانوا يعبدون, وقالوا: لئن أنجيتنا من هذه الشدة التي نحن فيها لنكونن من الشاكرين لك على نِعَمك. (فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (23) فلما أنجاهم الله من الشدائد والأهوال إذا هم يعملون في الأرض بالفساد وبالمعاصي. يا أيها الناس إنما وَبالُ بغيكم راجع على أنفسكم, لكم متاع في الحياة الدنيا الزائلة, ثم إلينا مصيركم ومرجعكم, فنخبركم بجميع أعمالكم, ونحاسبكم عليها. (إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (24) إنما مثل الحياة الدنيا وما تتفاخرون به فيها من زينة وأموال, كمثل مطر أنزلناه من السماء إلى الأرض, فنبتت به أنواع من النبات مختلط بعضها ببعض مما يقتات به الناس من الثمار, وما تأكله الحيوانات من النبات, حتى إذا ظهر حُسْنُ هذه الأرض وبهاؤها, وظن أهل هذه الأرض أنهم قادرون على حصادها والانتفاع بها, جاءها أمرنا وقضاؤنا بهلاك ما عليها من النبات, والزينة إما ليلا وإما نهارًا, فجعلنا هذه النباتات والأشجار محصودة مقطوعة لا شيء فيها, كأن لم تكن تلك الزروع والنباتات قائمة قبل ذلك على وجه الأرض, فكذلك يأتي الفناء على ما تتباهَون به من دنياكم وزخارفها فيفنيها الله ويهلكها. وكما بيَّنا لكم -أيها الناس- مَثَلَ هذه الدنيا وعرَّفناكم بحقيقتها, نبيِّن حججنا وأدلتنا لقوم يتفكرون في آيات الله, ويتدبرون ما ينفعهم في الدنيا والآخرة. (وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (25) والله يدعوكم إلى جناته التي أعدها لأوليائه, ويهدي مَن يشاء مِن خَلْقه, فيوفقه لإصابة الطريق المستقيم, وهو الإسلام. |
رد: التفسير الميسر
الحلقة (232) -التفسير الميسر (سورة يونس) (من الاية رقم 26 الى الاية رقم 33) عبد الله بن عبد المحسن التركي (سورة يونس ) (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (26) http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/261.jpg للمؤمنين الذين أحسنوا عبادة الله فأطاعوه فيما أمر ونهى, الجنةُ, وزيادة عليها, وهي النظر إلى وجه الله تعالى في الجنة, والمغفرةُ والرضوان, ولا يغشى وجوههم غبار ولا ذلة, كما يلحق أهل النار. هؤلاء المتصفون بهذه الصفات هم أصحاب الجنة ماكثون فيها أبدًا. (وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (27) والذين عملوا السيئات في الدنيا فكفروا وعصَوا الله لهم جزاء أعمالهم السيئة التي عملوها بمثلها من عقاب الله في الآخرة, وتغشاهم ذلَّة وهوان, وليس لهم مِن عذاب الله مِن مانع يمنعهم إذا عاقبهم, كأنما أُلبست وجوههم طائفة من سواد الليل المظلم. هؤلاء هم أهل النار ماكثون فيها أبدًا. (وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ مَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ (28) واذكر -أيها الرسول- يوم نحشر الخلق جميعا للحساب والجزاء, ثم نقول للذين أشركوا بالله: الزموا مكانكم أنتم وشركاؤكم الذين كنتم تعبدونهم من دون الله حتى تنظروا ما يُفْعل بكم, فَفَرَّقْنا بين المشركين ومعبوديهم, وتبرَّأ مَن عُبِدُوا مِن دون الله ممن كانوا يعبدونهم, وقالوا للمشركين: ما كنتم إيانا تعبدون في الدنيا. (فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ (29) فكفى بالله شهيدًا بيننا وبينكم, إننا لم نكن نعلم ما كنتم تقولون وتفعلون, ولقد كنَّا عن عبادتكم إيانا غافلين, لا نشعر بها. (هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (30) في ذلك الموقف للحساب تتفقد كل نفس أحوالها وأعمالها التي سلفت وتعاينها, وتجازى بحسبها: إن خيرًا فخير, وإن شرًا فشر, ورُدَّ الجميع إلى الله الحكم العدل, فأُدخِلَ أهل الجنةِ الجنةَ وأهل النار النار, وذهب عن المشركين ما كانوا يعبدون من دون الله افتراء عليه. (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمْ مَنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ (31) قل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين: مَن يرزقكم من السماء, بما يُنزله من المطر, ومن الأرض بما ينبته فيها من أنواع النبات والشجر تأكلون منه أنتم وأنعامكم؟ ومَن يملك ما تتمتعون به أنتم وغيركم من حواسِّ السمع والأبصار؟ ومن ذا الذي يملك الحياة والموت في الكون كلِّه, فيخرج الأحياء والأموات بعضها من بعض فيما تعرفون من المخلوقات, وفيما لا تعرفون؟ ومَن يدبِّر أمر السماء والأرض وما فيهن, وأمركم وأمر الخليقة جميعًا؟ فسوف يجيبونك بأن الذي يفعل ذلك كله هو الله, فقل لهم: أفلا تخافون عقاب الله إن عبدتم معه غيره؟ (فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلا الضَّلالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (32) 0 فذلكم الله ربكم هو الحق الذي لا ريب فيه, المستَحِق للعبادة وحده لا شريك له, فأي شيء سوى الحق إلا الضلال؟, فكيف تُصْرَفون عن عبادته إلى عبادة ما سواه؟ (كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (33) كما كفر هؤلاء المشركون واستمرُّوا على شركهم, حقت كلمة ربك وحكمه وقضاؤه على الذين خرجوا عن طاعة ربهم إلى معصيته وكفروا به أنَّهم لا يصدقون بوحدانية الله, ولا بنبوة نبيِّه محمد صلى الله عليه وسلم, ولا يعملون بهديه. |
رد: التفسير الميسر
الحلقة (233) -التفسير الميسر (سورة يونس) (من الاية رقم 34 الى الاية رقم 42) عبد الله بن عبد المحسن التركي (سورة يونس ) ( قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (34) قل لهم -أيها الرسول- : هل من آلهتكم ومعبوداتكم مَن يبدأ خَلْق أي شيء من غير أصل, ثم يفنيه بعد إنشائه, ثم يعيده كهيئته قبل أن يفنيه؟ فإنهم لا يقدرون على دعوى ذلك, قل -أيها الرسول-: الله تعالى وحده هو الذي ينشئ الخلق ثم يفنيه ثم يعيده, فكيف تنصرفون عن طريق الحق إلى الباطل, وهو عبادة غير الله؟ ( قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (35) قل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين: هل مِن شركائكم مَن يرشد إلى الطريق المستقيم؟ فإنهم لا يقدرون على ذلك, قل لهم: الله وحده يهدي الضال عن الهدى إلى الحق. أيهما أحق بالاتباع: مَن يهدي وحده للحق أم من لا يهتدي لعدم علمه ولضلاله, وهي شركاؤكم التي لا تَهدي ولا تَهتدي إلا أن تُهدَى؟ فما بالكم كيف سوَّيتم بين الله وخلقه؟ وهذا حكم باطل. ( وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ (36) وما يتبع أكثر هؤلاء المشركين في جعلهم الأصنام آلهة واعتقادهم بأنها تقرِّب إلى الله إلا تخرصًا وظنًا, وهو لا يغني من اليقين شيئًا. إن الله عليم بما يفعل هؤلاء المشركون من الكفر والتكذيب. (وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (37) وما كان يتهيَّأ لأحد أن يأتي بهذا القرآن مِن عند غير الله, لأنه لا يقدر على ذلك أحد من الخلق, ولكن الله أنزله مصدِّقا للكتب التي أنزلها على أنبيائه; لأن دين الله واحد, وفي هذا القرآن بيان وتفصيل لما شرعه الله لأمة محمد صلى الله عليه وسلم, لا شك في أن هذا القرآن موحىً من رب العالمين. ( أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (38) بل أيقولون: إن هذا القرآن افتراه محمد من عند نفسه؟ فإنهم يعلمون أنه بشر مثلهم!! قل لهم -أيها الرسول-: فأتوا أنتم بسورة واحدة من جنس هذا القرآن في نظمه وهدايته, واستعينوا على ذلك بكل مَن قَدَرْتم عليه من دون الله من إنس وجن, إن كنتم صادقين في دعواكم. ( بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (39) 9 بل سارَعوا إلى التكذيب بالقرآن أول ما سمعوه, قبل أن يتدبروا آياته, وكفروا بما لم يحيطوا بعلمه من ذكر البعث والجزاء والجنة والنار وغير ذلك, ولم يأتهم بعدُ حقيقة ما وُعِدوا به في الكتاب. وكما كذَّب المشركون بوعيد الله كذَّبت الأمم التي خلت قبلهم, فانظر -أيها الرسول- كيف كانت عاقبة الظالمين؟ فقد أهلك الله بعضهم بالخسف, وبعضهم بالغرق, وبعضهم بغير ذلك. (وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ (40) ومِن قومك -أيها الرسول- مَن يصدِّق بالقرآن, ومنهم من لا يصدِّق به حتى يموت على ذلك ويبعث عليه, وربك أعلم بالمفسدين الذين لا يؤمنون به على وجه الظلم والعناد والفساد, فيجازيهم على فسادهم بأشد العذاب. ( وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (41) وإن كذَّبك -أيها الرسول- هؤلاء المشركون فقل لهم: لي ديني وعملي, ولكم دينكم وعملكم, فأنتم لا تؤاخَذون بعملي, وأنا لا أؤاخَذ بعملكم. ( وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا لا يَعْقِلُونَ (42) ومِنَ الكفار مَن يسمعون كلامك الحق, وتلاوتك القرآن, ولكنهم لا يهتدون. أفأنت تَقْدر على إسماع الصم؟ فكذلك لا تقدر على هداية هؤلاء إلا أن يشاء الله هدايتهم; لأنهم صمٌّ عن سماع الحق, لا يعقلونه. |
رد: التفسير الميسر
الحلقة (234) -التفسير الميسر (سورة يونس) (من الاية رقم 43 الى الاية رقم 53) عبد الله بن عبد المحسن التركي (سورة يونس ) ( وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُوا لا يُبْصِرُونَ (43) ومِنَ الكفار مَن ينظر إليك وإلى أدلة نبوتك الصادقة, ولكنه لا يبصر ما آتاك الله من نور الإيمان, أفأنت -أيها الرسول- تقدر على أن تخلق للعمي أبصارًا يهتدون بها؟ فكذلك لا تقدر على هدايتهم إذا كانوا فاقدي البصيرة, وإنما ذلك كلُّه لله وحده. (إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (44) إن الله لا يظلم الناس شيئًا بزيادة في سيئاتهم أو نقص من حسناتهم, ولكن الناس هم الذين يظلمون أنفسهم بالكفر والمعصية ومخالفة أمر الله ونهيه. (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (45) ويوم يَحشر الله هؤلاء المشركين يوم البعث والحساب, كأنهم قبل ذلك لم يمكثوا في الحياة الدنيا إلا قدر ساعة من النهار, يعرف بعضهم بعضًا كحالهم في الدنيا, ثم انقطعت تلك المعرفة وانقضت تلك الساعة. قد خسر الذين كفروا وكذَّبوا بلقاء الله وثوابه وعقابه, وما كانوا موفَّقين لإصابة الرشد فيما فعلوا. ( وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّك َ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ (46) وإمَّا نرينَّك -أيها الرسول- في حياتك بعض الذي نَعِدُهم من العقاب في الدنيا, أو نتوفينك قبل أن نريك ذلك فيهم, فإلينا وحدنا يرجع أمرهم في الحالتين, ثم الله شهيد على أفعالهم التي كانوا يفعلونها في الدنيا, لا يخفى عليه شيء منها, فيجازيهم بها جزاءهم الذي يستحقونه. (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (47) ولكل أمة خَلَتْ قبلكم -أيها الناس- رسول أرسلتُه إليهم, كما أرسلت محمدًا إليكم يدعو إلى دين الله وطاعته, فإذا جاء رسولهم في الآخرة قُضِيَ حينئذ بينهم بالعدل, وهم لا يُظلمون مِن جزاء أعمالهم شيئًا. ( وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (48) ويقول المشركون من قومك -أيها الرسول-: متى قيام الساعة إن كنت أنت ومَن تبعك من الصادقين فيما تَعِدوننا به؟ ( قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلا نَفْعًا إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ (49) قل لهم -أيها الرسول-: لا أستطيع أن أدفع عن نفسي ضرًا, ولا أجلب لها نفعًا, إلا ما شاء الله أن يدفع عني مِن ضرٍّ أو يجلب لي من نفع. لكل قوم وقت لانقضاء مدتهم وأجلهم, إذا جاء وقت انقضاء أجلهم وفناء أعمارهم, فلا يستأخرون عنه ساعة فيُمْهلون, ولا يتقدم أجلهم عن الوقت المعلوم. (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتًا أَوْ نَهَارًا مَاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ (50) قل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين: أخبروني إن أتاكم عذاب الله ليلا أو نهارًا, فأي شيء تستعجلون أيها المجرمون بنزول العذاب؟ (أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ آلآنَ وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ (51) أبعدما وقع عذاب الله بكم -أيها المشركون- آمنتم في وقت لا ينفعكم فيه الإيمان؟ وقيل لكم حينئذ: آلآن تؤمنون به, وقد كنتم من قبل تستعجلون به؟ (ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلا بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (52) ثم قيل للذين ظلموا أنفسهم بكفرهم بالله: تجرَّعوا عذاب الله الدائم لكم أبدًا, فهل تُعاقَبون إلا بما كنتم تعملون في حياتكم من معاصي الله؟ ( وَيَسْتَنْبِئُو نَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ (53) ويستخبرك هؤلاء المشركون من قومك -أيها الرسول- عن العذاب يوم القيامة, أحقٌّ هو؟ قل لهم -أيها الرسول-: نعم وربي إنه لحق لا شك فيه, وما أنتم بمعجزين الله أن يبعثكم ويجازيكم, فأنتم في قبضته وسلطانه. |
رد: التفسير الميسر
الحلقة (235) -التفسير الميسر (سورة يونس) (من الاية رقم 54 الى الاية رقم 61) عبد الله بن عبد المحسن التركي (سورة يونس ) (وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الأَرْضِ لافْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (54) ولو أن لكل نفس أشركت وكفرت بالله جميع ما في الأرض, وأمكنها أن تجعله فداء لها من ذلك العذاب لافتدت به, وأخفى الذين ظلموا حسرتهم حين أبصروا عذاب الله واقعا بهم جميعًا, وقضى الله عز وجل بينهم بالعدل, وهم لا يُظلَمون؛ لأن الله تعالى لا يعاقب أحدا إلا بذنبه. (أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَلا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (55) ألا إن كل ما في السموات وما في الأرض ملك لله تعالى, لا شيء من ذلك لأحد سواه. ألا إن لقاء الله تعالى وعذابه للمشركين كائن, ولكن أكثرهم لا يعلمون حقيقة ذلك. http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/260.jpg هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (56) إن الله هو المحيي والمميت لا يتعذَّر عليه إحياء الناس بعد موتهم, كما لا تعجزه إماتتهم إذا أراد ذلك, وهم إليه راجعون بعد موتهم. (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (57) يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم تذكِّركم عقاب الله وتخوفكم وعيده, وهي القرآن وما اشتمل عليه من الآيات والعظات لإصلاح أخلاقكم وأعمالكم, وفيه دواء لما في القلوب من الجهل والشرك وسائر الأمراض, ورشد لمن اتبعه من الخلق فينجيه من الهلاك, جعله سبحانه وتعالى نعمة ورحمة للمؤمنين, وخصَّهم بذلك; لأنهم المنتفعون بالإيمان, وأما الكافرون فهو عليهم عَمَى. (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (58) قل -أيها الرسول- لجميع الناس: بفضل الله وبرحمته, وهو ما جاءهم من الله من الهدى ودين الحق وهو الإسلام, فبذلك فليفرحوا; فإن الإسلام الذي دعاهم الله إليه, والقرآن الذي أنزله على محمد صلى الله عليه وسلم, خير مما يجمعون من حطام الدنيا وما فيها من الزهرة الفانية الذاهبة. (قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلالا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ (59) قل -أيها الرسول- لهؤلاء الجاحدين للوحي: أخبروني عن هذا الرزق الذي خلقه الله لكم من الحيوان والنبات والخيرات فحلَّلتم بعض ذلك لأنفسكم وحرَّمتم بعضه, قل لهم: آلله أذن لكم بذلك, أم تقولون على الله الباطل وتكذبون؟ وإنهم ليقولون على الله الباطل ويكذبون. (وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ (60) وما ظنُّ هؤلاء الذين يتخرصون على الله الكذب يوم الحساب, فيضيفون إليه تحريم ما لم يحرمه عليهم من الأرزاق والأقوات, أن الله فاعل بهم يوم القيامة بكذبهم وفِرْيَتِهم عليه؟ أيحسبون أنه يصفح عنهم ويغفر لهم؟ إن الله لذو فضل على خلقه; بتركه معاجلة مَن افترى عليه الكذب بالعقوبة في الدنيا وإمهاله إياه, ولكن أكثر الناس لا يشكرون الله على تفضله عليهم بذلك. (وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (61) وما تكون -أيها الرسول- في أمر مِن أمورك وما تتلو من كتاب الله من آيات, وما يعمل أحد من هذه الأمة عملا من خير أو شر إلا كنا عليكم شهودًا مُطَّلِعين عليه, إذ تأخذون في ذلك, وتعملونه, فنحفظه عليكم ونجزيكم به, وما يغيب عن علم ربك -أيها الرسول- من زنة نملة صغيرة في الأرض ولا في السماء, ولا أصغر الأشياء ولا أكبرها, إلا في كتاب عند الله واضح جلي, أحاط به علمه وجرى به قلمه. |
رد: التفسير الميسر
الحلقة (236) -التفسير الميسر (سورة يونس) (من الاية رقم 62 الى الاية رقم 70) عبد الله بن عبد المحسن التركي (سورة يونس ) (أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم في الآخرة من عقاب الله, ولا هم يحزنون على ما فاتهم من حظوظ الدنيا. (الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) وصفات هؤلاء الأولياء, أنهم الذين صدَّقوا الله واتبعوا رسوله وما جاء به من عند الله, وكانوا يتقون الله بامتثال أوامره, واجتناب معاصيه. (لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (64) لهؤلاء الأولياء البشارة من الله في الحياة الدنيا بما يسرُّهم, وفي الآخرة بالجنة, لا يخلف الله وعده ولا يغيِّره, ذلك هو الفوز العظيم; لأنه اشتمل على النجاة مِن كل محذور, والظَّفَر بكل مطلوب محبوب. (وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (65) ولا يحزنك -أيها الرسول- قول المشركين في ربهم وافتراؤهم عليه وإشراكهم معه الأوثان والأصنام; فإن الله تعالى هو المتفرد بالقوة الكاملة والقدرة التامة في الدنيا والآخرة, وهو السميع لأقوالهم, العليم بأفعالهم ونياتهم. (أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلا يَخْرُصُونَ (66) ألا إن لله كل مَن في السموات ومن في الأرض من الملائكة, والإنس, والجن وغير ذلك. وأي شيء يتَّبع مَن يدعو غير الله من الشركاء؟ ما يتَّبعون إلا الشك, وإن هم إلا يكذبون فيما ينسبونه إلى الله. (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (67) هو الذي جعل لكم -أيها الناس- الليل لتسكنوا فيه وتهدؤوا من عناء الحركة في طلب المعاش, وجعل لكم النهار; لتبصروا فيه, ولتسعَوْا لطلب رزقكم. إن في اختلاف الليل والنهار وحال أهلهما فيهما لَدلالةً وحججًا على أن الله وحده هو المستحق للعبادة, لقوم يسمعون هذه الحجج, ويتفكرون فيها. (قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ (68) قال المشركون: اتخذ الله ولدًا, كقولهم: الملائكة بنات الله, أو المسيح ابن الله. تقدَّس الله عن ذلك كله وتنزَّه, هو الغني عن كل ما سواه, له كل ما في السموات والأرض, فكيف يكون له ولد ممن خلق وكل شيء مملوك له؟ وليس لديكم دليل على ما تفترونه من الكذب, أتقولون على الله ما لا تعلمون حقيقته وصحته؟ (قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ (69) قل: إن الذين يفترون على الله الكذب باتخاذ الولد وإضافة الشريك إليه, لا ينالون مطلوبهم في الدنيا ولا في الآخرة. (مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ (70) إنما يتمتعون في الدنيا بكفرهم وكذبهم متاعًا قصيرًا, ثم إذا انقضى أجلهم فإلينا مصيرهم, ثم نذيقهم عذاب جهنم بسبب كفرهم بالله وتكذيبهم رسل الله, وجحدهم آياته. |
رد: التفسير الميسر
الحلقة (237) -التفسير الميسر (سورة يونس) (من الاية رقم 71 الى الاية رقم 78) عبد الله بن عبد المحسن التركي (سورة يونس ) (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ (71) واقصص -أيها الرسول- على كفار "مكة" خبر نوح -عليه السلام- مع قومه حين قال لهم: إن كان عَظُمَ عليكم مقامي فيكم وتذكيري إياكم بحجج الله وبراهينه فعلى الله اعتمادي وبه ثقتي, فأعدُّوا أمركم, وادعوا شركاءكم, ثم لا تجعلوا أمركم عليكم مستترًا بل ظاهرًا منكشفًا, ثم اقضوا عليَّ بالعقوبة والسوء الذي في إمكانكم, ولا تمهلوني ساعة من نهار. (فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (72) فإن أعرضتم عن دعوتي فإنني لم أسألكم أجرًا; لأن ثوابي عند ربي وأجري عليه سبحانه, وحده لا شريك له, وأمرت أن أكون من المنقادين لحكمه. (فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ (73) فكذب نوحًا قومُه فيما أخبرهم به عن الله, فنجَّيناه هو ومن معه في السفينة, وجعلناهم يَخْلُفون المكذبين في الأرض, وأغرقنا الذين جحدوا حججنا, فتأمل -أيها الرسول- كيف كان عاقبة القوم الذين أنذرهم رسولهم عذاب الله وبأسه؟ (ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ (74) ثم بعثنا من بعد نوح رسلا إلى أقوامهم(هودًا وصالحًا وإبراهيم ولوطًا وشعيبًا وغيرَهم) فجاء كل رسول قومه بالمعجزات الدالة على رسالته, وعلى صحة ما دعاهم إليه, فما كانوا ليصدِّقوا ويعملوا بما كذَّب به قوم نوح ومَن سبقهم من الأمم الخالية. وكما ختم الله على قلوب هؤلاء الأقوام فلم يؤمنوا, كذلك يختم على قلوب مَن شابههم ممن بعدهم من الذين تجاوزوا حدود الله, وخالفوا ما دعاهم إليه رسلهم من طاعته عقوبة لهم على معاصيهم. (ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى وَهَارُونَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ بِآيَاتِنَا فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ (75) ثم بعثنا مِن بعد أولئك الرسل موسى وهارون عليهما السلام إلى فرعون وأشراف قومه بالمعجزات الدالة على صدقهما, فاستكبروا عن قَبول الحق, وكانوا قومًا مشركين مجرمين مكذبين. (فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا إِنَّ هَذَا لَسِحْرٌ مُبِينٌ (76) فلما أتى فرعونَ وقومَه الحقُّ الذي جاء به موسى قالوا: إن الذي جاء به موسى من الآيات إنما هو سحر ظاهر. (قَالَ مُوسَى أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَكُمْ أَسِحْرٌ هَذَا وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ (77) قال لهم موسى متعجبًا مِن قولهم: أتقولون للحق لما جاءكم: إنه سحر مبين؟ انظروا وَصْفَ ما جاءكم وما اشتمل عليه تجدوه الحق. ولا يفلح الساحرون, ولا يفوزون في الدنيا ولا في الآخرة. (قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ (78) قال فرعون وملؤه لموسى: أجئتنا لتصرفنا عما وجدنا عليه آباءنا من عبادة غير الله, وتكون لكما أنت وهارون العظمة والسلطان في أرض "مصر"؟ وما نحن لكما بمقرِّين بأنكما رسولان أُرسلتما إلينا; لنعبد الله وحده لا شريك له. |
الساعة الآن : 05:22 PM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour