رد: تفسير السعدى ___متجدد إن شاء الله
|
رد: تفسير السعدى ___متجدد إن شاء الله
الحلقة (162) تفسير السعدى https://majles.alukah.net/images/smilies/start.gifسورة الاعرافhttps://majles.alukah.net/images/smilies/end.gif من الأية(94) الى الأية(95) عبد الرحمن بن ناصر السعدي تفسير سورة الأعراف وهي مكية (قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ) وهم الأشراف والكبراء منهم الذين اتبعوا أهواءهم ولهوا بلذاتهم، فلما أتاهم الحق ورأوه غير موافق لأهوائهم الرديئة، ردوه واستكبروا عنه، فقالوا لنبيهم شعيب ومن معه من المؤمنين المستضعفين: ( لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا ) استعملوا قوتهم السبعية، في مقابلة الحق، ولم يراعوا دينا ولا ذمة ولا حقا، وإنما راعوا واتبعوا أهواءهم وعقولهم السفيهة التي دلتهم على هذا القول الفاسد، فقالوا: إما أن ترجع أنت ومن معك إلى ديننا أو لنخرجنكم من قريتنا. فـ ( شعيب ) عليه الصلاة والسلام كان يدعوهم طامعا في إيمانهم، والآن لم يسلم من شرهم، حتى توعدوه إن لم يتابعهم - بالجلاء عن وطنه، الذي هو ومن معه أحق به منهم. فـ ( قَالَ ) لهم شعيب عليه الصلاة والسلام متعجبا من قولهم: ( أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ ) أي: أنتابعكم على دينكم وملتكم الباطلة، ولو كنا كارهين لها لعلمنا ببطلانها، فإنما يدعى إليها من له نوع رغبة فيها، أما من يعلن بالنهي عنها، والتشنيع على من اتبعها فكيف < 1-297 > يدعى إليها؟ (قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا ) أي: اشهدوا علينا أننا إن عدنا إليها بعد ما نجانا اللّه منها وأنقذنا من شرها، أننا كاذبون مفترون على اللّه الكذب، فإننا نعلم أنه لا أعظم افتراء ممن جعل للّه شريكا، وهو الواحد الأحد الفرد الصمد، الذي لم يتخذ ولدا ولا صاحبة، ولا شريكا في الملك. (وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا ) أي: يمتنع على مثلنا أن نعود فيها، فإن هذا من المحال، فآيسهم عليه الصلاة والسلام من كونه يوافقهم من وجوه متعددة، من جهة أنهم كارهون لها مبغضون لما هم عليه من الشرك. ومن جهة أنه جعل ما هم عليه كذبا، وأشهدهم أنه إن اتبعهم ومن معه فإنهم كاذبون. ومنها: اعترافهم بمنة اللّه عليهم إذ أنقذهم اللّه منها. ومنها: أن عودهم فيها - بعد ما هداهم اللّه - من المحالات، بالنظر إلى حالتهم الراهنة، وما في قلوبهم من تعظيم اللّه تعالى والاعتراف له بالعبودية، وأنه الإله وحده الذي لا تنبغي العبادة إلا له وحده لا شريك له، وأن آلهة المشركين أبطل الباطل، وأمحل المحال. وحيث إن اللّه منَّ عليهم بعقول يعرفون بها الحق والباطل، والهدى والضلال. وأما من حيث النظر إلى مشيئة اللّه وإرادته النافذة في خلقه، التي لا خروج لأحد عنها، ولو تواترت الأسباب وتوافقت القوى، فإنهم لا يحكمون على أنفسهم أنهم سيفعلون شيئا أو يتركونه، ولهذا استثنى ( وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا ( أي: فلا يمكننا ولا غيرنا، الخروج عن مشيئته التابعة لعلمه وحكمته، وقد http://majles.alukah.net/imgcache/2018/11/258.jpg وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا http://majles.alukah.net/imgcache/2018/11/259.jpg فيعلم ما يصلح للعباد وما يدبرهم عليه. ( عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا ) أي: اعتمدنا أنه سيثبتنا على الصراط المستقيم، وأن يعصمنا من جميع طرق الجحيم، فإن من توكل على اللّه، كفاه، ويسر له أمر دينه ودنياه. (رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ ) أي: انصر المظلوم، وصاحب الحق، على الظالم المعاند للحق ( وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ ) وفتحه تعالى لعباده نوعان: فتح العلم، بتبيين الحق من الباطل، والهدى من الضلال، ومن هو من المستقيمين على الصراط، ممن هو منحرف عنه. والنوع الثاني: فتحه بالجزاء وإيقاع العقوبة على الظالمين، والنجاة والإكرام للصالحين، فسألوا اللّه أن يفتح بينهم وبين قومهم بالحق والعدل، وأن يريهم من آياته وعبره ما يكون فاصلا بين الفريقين. (وَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ) محذرين عن اتباع شعيب، ( لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ ) هذا ما سولت لهم أنفسهم أن الخسارة والشقاء في اتباع الرشد والهدى، ولم يدروا أن الخسارة كل الخسارة في لزوم ما هم عليه من الضلال والإضلال، وقد علموا ذلك حين وقع بهم النكال. (فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ ) أي: الزلزلة الشديدة ( فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ ) أي: صرعى ميتين هامدين. قال تعالى ناعيا حالهم http://majles.alukah.net/imgcache/2018/11/258.jpg الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا http://majles.alukah.net/imgcache/2018/11/259.jpg أي: كأنهم ما أقاموا في ديارهم، وكأنهم ما تمتعوا في عرصاتها، ولا تفيئوا في ظلالها، ولا غنوا في مسارح أنهارها، ولا أكلوا من ثمار أشجارها، حين فاجأهم http://majles.alukah.net/imgcache/2018/11/260.jpg العذاب، فنقلهم من مورد اللهو واللعب واللذات، إلى مستقر الحزن والشقاء والعقاب والدركات ولهذا قال: http://majles.alukah.net/imgcache/2018/11/258.jpg الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَانُوا هُمُ الْخَاسِرِينَ http://majles.alukah.net/imgcache/2018/11/259.jpg أي: الخسار محصور فيهم، لأنهم خسروا دينهم وأنفسهم وأهليهم يوم القيامة، ألا ذلك هو الخسران المبين، لا من قالوا لهم: ( لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ ) . فحين هلكوا تولى عنهم نبيهم شعيب عليه الصلاة والسلام http://majles.alukah.net/imgcache/2018/11/258.jpg وَقَالَ http://majles.alukah.net/imgcache/2018/11/259.jpg معاتبا وموبخا ومخاطبا بعد موتهم: http://majles.alukah.net/imgcache/2018/11/258.jpg يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي http://majles.alukah.net/imgcache/2018/11/259.jpg أي: أوصلتها إليكم، وبينتها حتى بلغت منكم أقصى ما يمكن أن تصل إليه، وخالطت أفئدتكم http://majles.alukah.net/imgcache/2018/11/258.jpg وَنَصَحْتُ لَكُمْ http://majles.alukah.net/imgcache/2018/11/259.jpg فلم تقبلوا نصحي، ولا انقدتم لإرشادي، بل فسقتم وطغيتم. http://majles.alukah.net/imgcache/2018/11/258.jpg فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ http://majles.alukah.net/imgcache/2018/11/259.jpg أي: فكيف أحزن على قوم لا خير فيهم، أتاهم الخير فردوه ولم يقبلوه ولا يليق بهم إلا الشر، فهؤلاء غير حقيقين أن يحزن عليهم، بل يفرح بإهلاكهم ومحقهم. فعياذا بك اللهم من الخزي والفضيحة، وأي: شقاء وعقوبة أبلغ من أن يصلوا إلى حالة يتبرأ منهم أنصح الخلق لهم؟. http://majles.alukah.net/imgcache/2018/11/258.jpg وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ (94) ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا وَقَالُوا قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (95) http://majles.alukah.net/imgcache/2018/11/259.jpg . يقول تعالى: ( وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ ) يدعوهم إلى عبادة اللّه، وينهاهم عن ما هم فيه من الشر، فلم ينقادوا له: إلا ابتلاهم الله ( بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ ) أي: بالفقر والمرض وأنواع البلايا ( لَعَلَّهُمْ ) إذا أصابتهم، أخضعت نفوسهم فتضرعوا إلى الله واستكانوا للحق. ( ثُمَّ ) إذا لم يفد فيهم، واستمر استكبارهم، وازداد طغيانهم. ( بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ ) فَأدَرَّ عليهم الأرزاق، وعافى أبدانهم، ورفع عنهم البلاء ( حَتَّى عَفَوْا ) أي: كثروا، وكثرت أرزاقهم وانبسطوا في نعمة اللّه وفضله، ونسوا ما مر عليهم من البلاء. ( وَقَالُوا قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ ) أي: هذه عادة جارية لم تزل موجودة في الأولين واللاحقين، تارة < 1-298 > يكونون في سراء وتارة في ضراء، وتارة في فرح، ومرة في ترح، على حسب تقلبات الزمان وتداول الأيام، وحسبوا أنها ليست للموعظة والتذكير، ولا للاستدراج والنكير حتى إذا اغتبطوا، وفرحوا بما أوتوا، وكانت الدنيا، أسر ما كانت إليهم، أخذناهم بالعذاب ( بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ ) أي: لا يخطر لهم الهلاك على بال، وظنوا أنهم قادرون على ما آتاهم اللّه، وأنهم غير زائلين ولا منتقلين عنه. |
رد: تفسير السعدى ___متجدد إن شاء الله
الحلقة (163) تفسير السعدى https://majles.alukah.net/images/smilies/start.gifسورة الاعرافhttps://majles.alukah.net/images/smilies/end.gif من الأية(96) الى الأية(171) عبد الرحمن بن ناصر السعدي تفسير سورة الأعراف وهي مكية http://majles.alukah.net/imgcache/2018/11/258.jpg وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (96) أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ (97) أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (98) أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ (99) http://majles.alukah.net/imgcache/2018/11/259.jpg . لما ذكر تعالى أن المكذبين للرسل يبتلون بالضراء موعظة وإنذارا، وبالسراء استدراجا ومكرا، ذكر أن أهل القرى، لو آمنوا بقلوبهم إيمانا صادقا صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى اللّه تعالى ظاهرا وباطنا بترك جميع ما حرم اللّه، لفتح عليهم بركات السماء والأرض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم، في أخصب عيش وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كد ولا نصب، ولكنهم لم يؤمنوا ويتقوا ( فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) بالعقوبات والبلايا ونزع البركات، وكثرة الآفات، وهي بعض جزاء أعمالهم، وإلا فلو آخذهم بجميع ما كسبوا، ما ترك عليها من دابة. ( ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) . ( أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى ) أي: المكذبة، بقرينة السياق ( أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ) أي: عذابنا الشديد ( بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ ) أي: في غفلتهم، وغرتهم وراحتهم. ( أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ ) أي: أي شيء يؤمنهم من ذلك، وهم قد فعلوا أسبابه، وارتكبوا من الجرائم العظيمة، ما يوجب بعضه الهلاك؟! ( أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ ) حيث يستدرجهم من حيث لا يعلمون، ويملي لهم، إن كيده متين، ( فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ) فإن من أمن من عذاب اللّه، فهو http://majles.alukah.net/imgcache/2018/11/260.jpg لم يصدق بالجزاء على الأعمال، ولا آمن بالرسل حقيقة الإيمان. وهذه الآية الكريمة فيها من التخويف البليغ، على أن العبد لا ينبغي له أن يكون آمنا على ما معه من الإيمان. بل لا يزال خائفا وجلا أن يبتلى ببلية تسلب ما معه من الإيمان، وأن لا يزال داعيا بقوله: ( يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك ) وأن يعمل ويسعى، في كل سبب يخلصه من الشر، عند وقوع الفتن، فإن العبد - ولو بلغت به الحال ما بلغت - فليس على يقين من السلامة. http://majles.alukah.net/imgcache/2018/11/258.jpg أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ (100) تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ (101) وَمَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ (102) http://majles.alukah.net/imgcache/2018/11/259.jpg . يقول تعالى منبها للأمم الغابرين بعد هلاك الأمم الغابرين ( أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الأرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ ) أي: أو لم يتبين ويتضح للأمم الذين ورثوا الأرض، بعد إهلاك من قبلهم بذنوبهم، ثم عملوا كأعمال أولئك المهلكين؟. أو لم يهتدوا أن اللّه، لو شاء لأصابهم بذنوبهم، فإن هذه سنته في الأولين والآخرين. وقوله: ( وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ ) أي: إذا نبههم اللّه فلم ينتبهوا، وذكرهم فلم يتذكروا، وهداهم بالآيات والعبر فلم يهتدوا، فإن اللّه تعالى يعاقبهم ويطبع على قلوبهم، فيعلوها الران والدنس، حتى يختم عليها، فلا يدخلها حق، ولا يصل إليها خير، ولا يسمعون ما ينفعهم، وإنما يسمعون ما به تقوم الحجة عليهم. ( تِلْكَ الْقُرَى ) الذين تقدم ذكرهم ( نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا ) ما يحصل به عبرة للمعتبرين، وازدجار للظالمين، وموعظة للمتقين. ( وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ ) أي: ولقد جاءت هؤلاء المكذبين رسلهم تدعوهم إلى ما فيه سعادتهم، وأيدهم اللّه بالمعجزات الظاهرة، والبينات المبينات للحق بيانا كاملا ولكنهم لم يفدهم هذا، ولا أغنى عنهم شيئا، ( فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ ) أي: بسبب تكذيبهم وردهم الحق أول مرة، ما كان الله ليهديهم < 1-299 > للإيمان، جزاء لهم على ردهم الحق، كما قال تعالى: http://majles.alukah.net/imgcache/2018/11/258.jpg وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ http://majles.alukah.net/imgcache/2018/11/259.jpg ( كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ ) عقوبة منه. وما ظلمهم اللّه ولكنهم ظلموا أنفسهم. ( وَمَا وَجَدْنَا لأكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ ) أي: وما وجدنا لأكثر الأمم الذين أرسل اللّه إليهم الرسل من عهد، أي: من ثبات والتزام لوصية اللّه التي أوصى بها جميع العالمين، ولا انقادوا لأوامره التي ساقها إليهم على ألسنة رسله. ( وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ ) أي: خارجين عن طاعة اللّه، متبعين لأهوائهم بغير هدى من اللّه، فاللّه تعالى امتحن العباد بإرسال الرسل وإنزال الكتب، وأمرهم باتباع عهده وهداه، فلم يمتثل لأمره إلا القليل من الناس، الذين سبقت لهم من اللّه سابقة السعادة. وأما أكثر الخلق فأعرضوا عن الهدى، واستكبروا عما جاءت به الرسل، فأحل اللّه بهم من عقوباته المتنوعة ما أحل. http://majles.alukah.net/imgcache/2018/11/258.jpg ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ (103 - 171) http://majles.alukah.net/imgcache/2018/11/259.jpg إلى آخر قصته http://majles.alukah.net/imgcache/2018/11/260.jpg . أي: ثم بعثنا من بعد أولئك الرسل موسى الكليم، الإمام العظيم، والرسول الكريم، إلى قوم عتاة جبابرة، وهم فرعون وملؤه، من أشرافهم وكبرائهم، فأراهم من آيات اللّه العظيمة ما لم يشاهد له نظير http://majles.alukah.net/imgcache/2018/11/258.jpg فَظَلَمُوا بِهَا http://majles.alukah.net/imgcache/2018/11/259.jpg بأن لم ينقادوا لحقها الذي من لم ينقد له فهو ظالم، بل استكبروا عنها. http://majles.alukah.net/imgcache/2018/11/258.jpg فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ http://majles.alukah.net/imgcache/2018/11/259.jpg كيف أهلكهم اللّه، وأتبعهم الذم واللعنة في الدنيا ويوم القيامة، بئس الرفد المرفود، وهذا مجمل فصله بقوله: http://majles.alukah.net/imgcache/2018/11/258.jpg وَقَالَ مُوسَى http://majles.alukah.net/imgcache/2018/11/259.jpg حين جاء إلى فرعون يدعوه إلى الإيمان. http://majles.alukah.net/imgcache/2018/11/258.jpg يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ http://majles.alukah.net/imgcache/2018/11/259.jpg أي: إني رسول من مرسل عظيم، وهو رب العالمين، الشامل للعالم العلوي والسفلي، مربي جميع خلقه بأنواع التدابير الإلهية، التي من جملتها أنه لا يتركهم سدى، بل يرسل إليهم الرسل مبشرين ومنذرين، وهو الذي لا يقدر أحد أن يتجرأ عليه، ويدعي أنه أرسله ولم يرسله. فإذا كان هذا شأنه، وأنا قد اختارني واصطفاني لرسالته، فحقيق علي أن لا أكذب عليه، ولا أقول عليه إلا الحق. فإني لو قلت غير ذلك لعاجلني بالعقوبة، وأخذني أخذ عزيز مقتدر. فهذا موجب لأن ينقادوا له ويتبعوه، خصوصا وقد جاءهم ببينة من اللّه واضحة على صحة ما جاء به من الحق، فوجب عليهم أن يعملوا بمقصود رسالته، ولها مقصودان عظيمان. إيمانهم به، واتباعهم له، وإرسال بني إسرائيل الشعب الذي فضله اللّه على العالمين، أولاد الأنبياء، وسلسلة يعقوب عليه السلام، الذي موسى عليه الصلاة والسلام واحد منهم. |
رد: تفسير السعدى ___متجدد إن شاء الله
الحلقة (164) تفسير السعدى https://majles.alukah.net/images/smilies/start.gifسورة الاعرافhttps://majles.alukah.net/images/smilies/end.gif من الأية(96) الى الأية(171) عبد الرحمن بن ناصر السعدي تفسير سورة الأعراف وهي مكية فقال له فرعون: ( إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ) . (فَأَلْقَى ) موسى ( عَصَاهُ ) في الأرض ( فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ ) أي: حية ظاهرة تسعى، وهم يشاهدونها. (وَنَزَعَ يَدَهُ ) من جيبه ( فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ ) من غير سوء، فهاتان آيتان كبيرتان دالتان على صحة ما جاء به موسى وصدقه، وأنه رسول رب العالمين، ولكن الذين لا يؤمنون لو جاءتهم كل آية لا يؤمنون حتى يروا العذاب الأليم. فلهذا ( قَالَ الْمَلأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ ) حين بهرهم ما رأوا من الآيات، ولم يؤمنوا، وطلبوا لها التأويلات الفاسدة: ( إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ ) أي: ماهر في سحره. ثم خوفوا ضعفاء الأحلام وسفهاء العقول، بأنه ( يُرِيدُ ) موسى بفعله هذا ) أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ ) أي: يريد أن يجليكم عن أوطانكم ( فَمَاذَا تَأْمُرُونَ ) أي: إنهم تشاوروا فيما بينهم ما يفعلون بموسى، وما يندفع به ضرره بزعمهم عنهم، فإن ما جاء به إن لم يقابل بما يبطله ويدحضه، وإلا دخل في عقول أكثر الناس. فحينئذ انعقد رأيهم إلى أن قالوا لفرعون: ( أَرْجِهْ وَأَخَاهُ ) أي: احبسهما وأمهلهما، وابعث في المدائن أناسا يحشرون أهل المملكة ويأتون بكل سحار عليم، أي: يجيئون بالسحرة المهرة، ليقابلوا ما جاء به موسى، فقالوا: يا موسى اجعل بيننا وبينك موعدا لا نخلفه نحن ولا أنت مكانا سوى. (قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى * فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَى ) . وقال هنا: ( وَجَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ ) طالبين منه الجزاء إن غلبوا فـ ( قَالُوا إِنَّ لَنَا لأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ ) ؟ فـ ( قَالَ ) فرعون: ( نَعَمْ ) لكم أجر ( وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ ) فوعدهم الأجر والتقريب، وعلو المنزلة عنده، ليجتهدوا ويبذلوا وسعهم وطاقتهم في مغالبة موسى. فلما حضروا مع موسى بحضرة الخلق العظيم ( قَالُوا ) على وجه التألي وعدم < 1-300 > المبالاة بما جاء به موسى: ( يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ ) ما معك ( وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ ) . فـ ( قَالَ ) موسى: ( أَلْقُوا ) لأجل أن يرى الناس ما معهم وما مع موسى. (فَلَمَّا أَلْقَوْا ) حبالهم وعصيهم، إذا هي من سحرهم كأنها حيات تسعى، فـ ( سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوه ُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ ) لم يوجد له نظير من السحر. http://majles.alukah.net/imgcache/2018/11/258.jpg وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ http://majles.alukah.net/imgcache/2018/11/259.jpg فَأَلْقَاهَا http://majles.alukah.net/imgcache/2018/11/258.jpg فَإِذَا هِيَ http://majles.alukah.net/imgcache/2018/11/259.jpg حية تسعى، فـ http://majles.alukah.net/imgcache/2018/11/258.jpg تَلْقَفُ http://majles.alukah.net/imgcache/2018/11/259.jpg جميع http://majles.alukah.net/imgcache/2018/11/258.jpg مَا يَأْفِكُونَ http://majles.alukah.net/imgcache/2018/11/259.jpg أي: يكذبون به ويموهون. http://majles.alukah.net/imgcache/2018/11/258.jpg فَوَقَعَ الْحَقُّ http://majles.alukah.net/imgcache/2018/11/259.jpg أي: تبين وظهر، واستعلن في ذلك المجمع، http://majles.alukah.net/imgcache/2018/11/258.jpg وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ http://majles.alukah.net/imgcache/2018/11/259.jpg . http://majles.alukah.net/imgcache/2018/11/258.jpg فَغُلِبُوا هُنَالِكَ http://majles.alukah.net/imgcache/2018/11/259.jpg أي: في ذلك المقام http://majles.alukah.net/imgcache/2018/11/258.jpg وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ http://majles.alukah.net/imgcache/2018/11/259.jpg أي: حقيرين قد اضمحل باطلهم، وتلاشى سحرهم، ولم يحصل لهم المقصود الذي ظنوا حصوله. وأعظم من تبين له الحق العظيم أهل الصنف والسحر، الذين يعرفون من أنواع السحر وجزئياته، ما لا يعرفه غيرهم، فعرفوا أن هذه آية عظيمة من آيات اللّه لا يدان لأحد بها. http://majles.alukah.net/imgcache/2018/11/258.jpg وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ http://majles.alukah.net/imgcache/2018/11/259.jpg |
رد: تفسير السعدى ___متجدد إن شاء الله
|