ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى القرآن الكريم والتفسير (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=57)
-   -   تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري ) (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=235072)

ابوالوليد المسلم 10-08-2022 09:39 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 



http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg
تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)

- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
الحلقة (869)

سورة الإنفطار
مكية وآياتها تسع عشرة آية

المجلد الخامس (صـــــــ 529الى صــــ 532)


سورة الانفطار
مكية وآياتها تسع عشرة آية

بسم الله الرحمن الرحيم
إذا السماء انفطرت (1) وإذا الكواكب انتثرت (2) وإذا البحار فجرت (3) وإذا القبور بعثرت (4) علمت نفس ما قدمت وأخرت (5) ياأيها الإنسان ما غرك بربك الكريم (6) الذي خلقك فسواك فعدلك (7) في أي صورة ما شاء ركبك (8) كلا بل تكذبون بالدين (9) وإن عليكم لحافظين (10) كراما كاتبين (11) يعلمون ما تفعلون (12)

شرح الكلمات:
إذا السماء انفطرت: أي انشقت.
وإذا الكواكب انتثرت: أي تساقطت.
وإذا البحار فجرت: أي اختلطت ببعضها وأصبحت بحرا واحدا الملح والعذب سواء.
وإذا القبور بعثرت: قلب ترابها وبعث موتاها.
علمت نفس ما قدمت: أي من الأعمال وما لأخرت منها فلم تعمله وذلك عند قراءتها كتاب أعمالها.
ما غرك بربك: أي شيء خدعك وجرأك على عصيانه.
الذي خلقك: أي بعد أن لم تكن.
فسواك: أي جعلك مستوى الخلقة سالم الأعضاء.
فعدلك: أي جعلك معتدل الخلق متناسب الأعضاء ليست يد أطول أو رجل أطول من الأخرى.
كلا بل تكذبون بالدين: ليس الكرم هو الذي غره وإنما جرأه على المعاصي تكذيبه بالدين الذي هو الجزاء بعد البعث حيا من قبره.
وإن عليكم لحافظين كراما: أي وإن عليكم لملائكة كراما على الله تعالى حافظين لأعمالكم.
كاتبين: أي لها أي لأعمالكم خيرها وشرها حسنها وقبيحها.
معنى الآيات:
قوله تعالى {إذا1 السماء انفطرت} 2 أي انشقت {وإذا الكواكب انتثرت} أي انفضت وتساقطت {وإذا
البحار فجرت} أي أختلط ماؤها بعضه ببعض ملحها بعذبها لانكسار ذلك الحاجز الذي كان يفصلهما عن بعضهما لزلزلة الأرض إيذانا بخراب العالم، {وإذا القبور بعثرت} 3 قلبت وأخرج ما فيها من الأموات، إذا حصلت هذه الأحداث الأربعة ثلاثة منها في الدنيا وهي انفطار السماء وانتثار الكواكب وتفجر البحار وهذه تتم بالنفخة الأولى والرابع هو بعثرة القبور يتم في الآخرة بعد النفخة الثانية، وعندها تعلم نفس ما قدمت وما أخرت وهذا جواب إذا في أول الآيات. ومعنى {علمت4 نفس} أي كل نفس مكلفة ما قدمت من أعمال حسنة وسيئة، وما أخرت من أعمال لحقتها بعدها وذلك ما سنته سنن الهدى أو سنن الضلال، لحديث من سن سنة حسنة فله أجرها وأجرمن عمل بها ولا من أجورهم شيء، ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عملها لا ينقص من أوزارهم شيء، وهذا العلم يحصل للنفس أولا مجملا وذلك عند ابيضاض الوجوه واسودادها، ويحصل لها مفصلا عندما تقرأ كتاب أعمالها. وقوله تعالى {يا أيها الإنسان ما غرك5 بربك الكريم} يخاطب تعالى الإنسان الكافر والفاجر ليسأله موبخا إياه مقرعا مؤنبا
بقوله ما غرك أي أي شيء خدعك وجرأك على الكفر بربك الكريم وعصيانه بالفسق عن أمره والخروج عن طاعته. وهو القادر على مؤاخذتك والضرب على يديك ساعة ما كفرت به أو عصيته أليس هو الذي خلقك فسوى خلقك وعدل6 أعضاءك وناسب بين أجزائك في أي صورة ما شاء ركبك إن شاء بيضك أو سودك طولك أو قصرك جعلك ذكرا أو أنثى إنسانا أو حيوانا قردا أو خنزيرا هل هناك من يصرفه عما أراد لك والجواب لا أحد إذا كيف يسوغ لك الكفر به وعصيانه والخروج عن طاعته وبعد هذا التوبيخ والتأنيب قال تعالى {كلا} أي ما غرك كرم7 الله ولا حلمه {بل تكذبون بالدين} أي بالبعث والجزاء في الدار الآخرة هو الذي جرأكم على الكفر والظلم والإجرام وما علمتم والله إن عليكم لحافظين يحفظون عليكم أعمالكم ويحصونها لكم ويكتبونها في صحائفكم. يعلمون ما
تفعلون في السر والعلن وسوف تفاجأون يوم تعلم نفس ما قدمت وأخرت بصحائف أعمالكم وقد حوت كل أعمالكم لم تغادر صغيرة ولا كبيرة ويتم الجزاء بموجبها.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1-بيان أحداث تسبق يوم البعث وذلك في نفخة الفناء وأما النفخة الثانية وهي نفخة البعث حيث تجمع الخلائق ويجري الحساب فتعطى الصحف وتوزن الأعمال وينصب الصراط، ثم إلى جنة أو إلى نار.
2- التحذير من السنة السيئة يتركها المرء بعده فإن أوزارها تكتب عليه وهو في قبره.
3- التحذير من الغرور والانخداع بعامل الشيطان من الإنس والجن.
4- التحذير من التكذيب بالبعث والجزاء فإنه أكبر عامل من عوامل الشر والفساد في الدنيا وأكبر موجب للعذاب يوم القيامة.
5-تقرير عقيدة كتابة الأعمال حسنها وسيئها والحساب بمقتضاها يوم القيامة بواسطة ملكين كريمين على كل إنسان مكلف لحديث الصحيح يتعاقبون فيكم الملائكة بالليل وملائكة بالنهار الحديث.
__________

1إذا ظرف للمستقبل متضمن معنى الشرط. وجوابه علمت نفس ما قدمت وأخرت.
2 صيغة الماضي في انفطرت وانتثرت, وفجرت وبعثرت للدلالة على تحقق الوقع نحو {أتى أمر الله}
3 بعثرت: انقلب باطنها ظاهرها إذ البعثرة الانقلاب يقال بثر المتاع إذا قلب بعضه على بعض.
4 ليس بلازم أنها بمجرد ما يحصل الذي جعلت إذا شرطا له يتم العلم للنفس، وإنما إذا قامت القيامة بحصول الانقلاب الكوني وحشر الناس لفصل القضاء ثم يحصل للنفس. فتعلم ما قدمت وما أخرت.
5 الإنسان هنا للجنس وقيل المراد به أبو الأسد بن كلدة الجمحي والاستفهام للإنكار عليه كفره والتعجب من حاله ونداؤه (يا أيها الإنسان) مشعر بالاهتمام.
6 (فعدلك) قرأ نافع فعدلك بتشديد الدال. وقرأ حفص بتخفيفها.
7 روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ (إذا السماء انفطرت) قال غره جهله قيل للفضيل بن عياض لو أقامك الله يوم القيامة بين يديه فقال (ما غرك بربك الكريم) ماذا كنت تقول؟ قال: كنت أقول غرني ستورك المرخاة لأن الكريم هو الستار نظمه ابن السماك فقال:
ياكاتم الذنب أما تستحي
والله في الخلوة ثانيكما
غرك من ربك امهاله
وستره طول مساويكا

****************************** **

يتبع

ابوالوليد المسلم 10-08-2022 09:39 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
إن الأبرار لفي نعيم (13) وإن الفجار لفي جحيم (14) يصلونها يوم الدين (15) وما هم عنها بغائبين (16) وما أدراك ما يوم الدين (17) ثم ما أدراك ما يوم الدين (18) يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله (19)
شرح الكلمات:
إن الأبرار: أي المؤمنين المتقين الصادقين.
وإن الفجار: أي الكافرين والخارجين عن طاعة الله ورسوله.
يصلونها يوم الدين: أي يدخلونها ويقاسون حرها يوم الجزاء وهو يوم القيامة.
وما هم عنها بغائبين: أي بمخرجين.
{وما أدراك ما يوم الدين} : أي أي شيء جعلك تدري لولا أنا علمناك.
لا تملك نفس لنفس شيئا: أي من المنفعة وإن قلت.
والأمر يومئذ لله: أي لا لغيره، ولا تنفع الشفاعة عنده إلا بإذنه.
معنى الآيات:
تقدم أن العرض على الله حق وأن المجازاة تكون بحسب الأعمال التي عملها المرء، وأنها محفوظة محصاة عليه بواسطة ملائكة كرام. وأن الناس يومئذ كما هم اليوم مؤمن بار وكافر فاجر. بين تعالى جزاء الكل مقرونا بعلة الحكم فقال عز وجل {إن الأبرار لفي1 نعيم} أي في الجنة دار السلام وذلك لبرورهم وهو طاعتهم لله في صدق كامل {إن الفجار لفي جحيم} أي نار ذات جحيم وذلك لفجورهم وهو كفرهم وخروجهم عن طاعة ربهم. وقوله {يصلونها} 2 أي يدخلونها ويقاسون حرها {يوم الدين} أي يوم الجزاء الذي كفروا به فأدى بهم إلى الفجور وارتكاب عظائم الذنوب. وقوله {وما هم عنها بغائبين} 3 أي إذا دخلوها لا يخرجون منها. وقوله {وما أدراك ما يوم الدين} أي وما يعلمك يا رسولنا ما يوم الدين إنه يوم عظيم يوم يقوم الناس لرب العالمين هكذا يخبر تعالى عن عظم شأن هذا اليوم. ويؤكد ذلك فيقول {ثم ما أدراك ما يوم الدين} ويكشف عن بعض جوانب الخطورة بقوله {يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله} من المنفعة حيث يكون الأمر كله فيه لله وحده ولا تنفع فيه الشفاعة إلا بإذنه وما للظالمين فيه من شفيع ولا حميم.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- بيان حكم الله في أهل الموقف إذ هم ما بين بار صادق فهو في نعيم وفاجر كافر فهو في جحيم.
2- بيان عظم شأن يوم الدين وأنه يوم عظيم.
3- بيان أن الناس في يوم الدين لا تنفعهم شفاعة ولا خلة إذ لا يشفع أحد إلا بإذن الله والكافرون هم الظالمون، وما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع.
__________

1 الجملة مستأنفة استئنافا بيانيا، إذ تقدم من الكلام ما يجعل المرء يتشوق إلى معرفة مصير الناس يوم القيامة والأبرار جمع بر وهو التقي المطيع الصادق والنعيم اسم لما ينعم به.
2 يصلونها قال القرطبي يصيبهم حرها ولهيبها وهذا قطعا بعد دخولها.
3 كونهم لا يغيبون عنها دال على أن الفجار هم المشركون والكافرون إذ المؤمنون لا يخلدون في النار.



ابوالوليد المسلم 10-08-2022 09:40 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 



http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg
تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)

- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
الحلقة (870)

سورة المطففين
مدنية الأوائل مكية الأواخر وآياتها ست وثلاثون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 533الى صــــ 536)

سورة المطففين
مدنية الأوائل مكية الأواخر وآياتها ست وثلاثون آية

بسم الله الرحمن الرحيم
ويل للمطففين (1) الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون (2) وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون (3) ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون (4) ليوم عظيم (5) يوم يقوم الناس لرب العالمين (6)

شرح الكلمات:
ويل: كلمة عذاب، وواد في جهنم.
للمطففين: المنقصين في كيل أو وزن الباخسين فيهما.
إذا اكتالوا على الناس: أي من الناس.
يستوفون: الكيل.
وإذا كالوهم: أي كالوا لهم.
أو وزنوهم: أوزنوا لهم.
يخسرون: أي ينقصون الكيل أو الوزن.
ألا: استفهام توبيخي انكاري.
يظن: أي يتيقن.
ليوم عظيم: أي يوم القيامة لما فيه من أهوال وعظائم الأمور.
يوم يقوم الناس: أي من قبورهم.
لرب العالمين: أي يقومون خاشعين ذليلين ينظرون حكم الله فيهم.
معنى الآيات:
قوله تعالى {ويل للمطففين1} هذه الآيات الأولى من سورة المطففين قال أحد الأنصار رضي الله عنه كنا أسوأ الناس كيلا2، حتى إنه ليكون لأحدنا مكيالان مكيال يشتري به وآخر يبيع به، وما إن نزلت فينا ويل للمطففين حتى أصبحنا أحسن كيلا ووزنا. وصدق هذا الصاحب الجليل فوالله لقد نزلت المدينة مهاجرا عام ثلاثة وسبعين وثلاثمائة وألف فوجدتهم على ما كانوا عليه ولقد كنت أشفق عليهم إذا كالوا لي أو وزنوا لي. فقوله تعالى {ويل للمطففين} 3 يتوعد سبحانه وتعالى بواد في جهنم بسيل صديد أهل النار الذين يبخسون الناس الكيل والميزان أي ينقصوهم ويبينهم تعالى بقوله {الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون} أي اشتروا منهم يأخذون كيلهم وافيا وكذا إذا وزنوا وإذا وزنوا وإذا كالوهم أي كالوا لهم4 أو وزنوا لهم يخسرون أي ينقصون. قال تعالى وبخا لهم منكرا {ألا يظن أولئك} المطففون5 {أنهم مبعوثون} من قبورهم {ليوم عظيم} هو يوم الدين والجزاء والحساب {يوم يقوم الناس لرب العالمين} خاشعين ذليلين ينتظرون حكمه فيهم، ويطول بهم الموقف المائة سنة وأكثر وإن أحدهم ليلجمه العرق إلجاما ومنهم من يصل العرق إلى نصف أذنيه والروايات في هذا كثيرة وصحيحة.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- حرمة6 التطفيف في الكيل والوزن وهو أن يأخذ زائدا ولو قل أو ينقص عامدا شيئا ولو قل.
2- التذكير بالبعث والجزاء وتقريرهما.
3- عظم يوم القامة يوم يقوم الناس لرب العالمين ليحكم بينهم ويجزي كلا بعمله خيرا أو شرا.
__________

1 روى النسائي عن ابن عباس قال لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة كانوا من أخبث الناس كيلا فأنزل الله تعالى: (ويل للمطففين) فأحسنوا الكيل بعد ذلك، قال الفراء: فهم من أوفى الناس كيلا إلى يومهم هذا.
2 أيام نزول هذه السورة كان أهل المدينة يكيلون وأهل مكة يزنون ثم شاع الكيل والوزن في كلا البلدين معا.
3 يروي بعضهم أن التطفيف في الكيل والوزن والوضوء والصلاة وأسوأ الناس سرقة من يسرق في صلاته وروي عن سالم بن أبي الجعد: قال الصلاة بمكيال فمن أوفى أوفي له، ومن طفف فقد علمتم ما قال الله عز وجل.
4 شاهده قول الشاعر:
ولقد جنيتك اكمؤا وعساقلا
ونهيتك عن بنات الأوبر
والشاهد في قوله جنيتك أي جنيت لك.
5 المطفف مأخوذ من الطفيف وهو القليل، والمطفف هو المقل حق صاحبه بنقصان عن الحق في كيل أو وزن والتطفيف هو النقص من حق المقدار في الموزون والمكيال، وهو مصدر طفف إذا بلغ الطفاف، والطفاف ما قصر عن ملء الإناء من شراب أو طعام، ويطلق الطف على ما تجاوز عرض المكيال فهي زيادة طفيفة أو نقصان طفيف وهما محل النهي وفاء أو نقصان.
6 روى مالك والباز عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "خمس بخمس: ما نقض قوم العهد إلا سلط الله عليهم عدوهم، ولا حكموا بغير ما أنزل الله إلا فشى فيهم الفقر، وما ظهرت الفاحشة فيهم إلا ظهر فيهم الطاعون، وما طففوا الكيل إلا منعوا النبات وأخذوا بالسنين ولا منعوا الزكاة إلا حبس الله عنهم المطر".

*****************************

يتبع

ابوالوليد المسلم 10-08-2022 09:40 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
كلا إن كتاب الفجار لفي سجين (7) وما أدراك ما سجين (8) كتاب مرقوم (9) ويل يومئذ للمكذبين (10) الذين يكذبون بيوم الدين (11) وما يكذب به إلا كل معتد أثيم (12) إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين (13)
شرح الكلمات:
كلا: أي حقا وأن الأمر ليس كما يظن المطففون.
لفي سجين: سجين علم على كتاب ديوان الشر دون فيه أعمال الشياطين وأعمال الكفرة وهو أيضا موضع في أسفل الأرض السابعة فيه سجين الذي هو ديوان الكتب وبه أرواح الأشقياء عامة.
كتاب مرقوم: أي مسطور بين الكتابة فيه أعمالهم.
يوم الدين: أي يوم القيامة الذي هو يوم الحساب والجزاء.
كل معتد: أي ظالم مضيع حقوق ربه تعالى وحقوق غيره.
أثيم: منغمس في الآثام مكثر منها.
أساطير الأولين: أي ما سطره الأولون من القصص والأخبار التي لا تصح.
معنى الآيات:
ما زال السياق في التحذير من الظلم والفسق عن أوامر الرب تبارك وتعالى وقوله تعالى {كلا1} أي ليس الأمر كما يظن المطففون والباخسون للحقوق أنه لا دقة في الحساب والجزاء أو أن مثل هذا لا يكتب ولا يحاسب عليه ولا يجزى به حقا {إن كتاب الفجار} أي الظلمة الفاجرين عن الشرع وحدوده {لفي سجين} موضع في أسفل الخلق به أرواح الكافرين والظالمين وكتب أعمالهم، وقوله {وما أدراك ما سجين2} أي وما أعلمك يا رسولنا ما سجين تفخيم لشأنه. وقوله {كتاب3 مرقوم} بيان لكتاب الفجار أي أنه مكتوب مسطور أي بين الكتابة, {ويل يومئذ للمكذبين} أي العذاب الأليم بوادي الويل يوم القيامة للمكذبين بالله وآياته ولقائه المكذبين بيوم الجزاء والحساب وقوله تعالى: {وما يكذب به إلا كل معتد أثيم4} يريد ومل يكذب بقيوم الجزاء والحساب إلا كل معتد ظالم متجاوز للحد أثيم مرتكب للذنوب والآثام بفسقه عن أوامر ربه وخروجه عن طاعة الله بغشيانه
المحارم وقوله {إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين} هذا بيان لذلك المعتدي الأثيم وهو أنه إذا قرئت عليه آيات الله تذكيرا له وتعليما ردها بقوله أساطير الأوليين أي هذه حكايات وأخبار الأولين مسطرة مكتوبة وأنكر كتاب الله وكذب به.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- بيان كتاب الفجار وأنه في سجين وسجين ديوان تدون فيه سائر كتب الفجار من أهل النار وموضع أسفل الأرض السابعة مستودع لكتب أعمال الفجار من كفار وفساق ولأرواحهم إلى يوم القيامة ولفظ سجين مشتق من السجن الذي هو الحبس.
2- الوعيد الشديد للمكذبين بالله وبآياته ولقائه.
__________

1 كلا كلمة ردع وزجر لأولئك الذين يطففون ألا فالينزجوا ويتركوا التطفيف والبخس في الكيل والوزن.
2 الاستفهام للتهويل من شأن سجين.
3 كتاب خبر محذوف المبتدأ والتقدير هو أي كتاب الفجار كتاب مرقوم.
4 الأثيم مبالغة في الإثم أي كثير الإثم والإثم كل اعتقاد أو قول أو عمل ضار قبيح أو فاسد.



ابوالوليد المسلم 10-08-2022 09:41 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 




http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg
تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)

- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
الحلقة (871)

سورة المطففين
مدنية الأوائل مكية الأواخر وآياتها ست وثلاثون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 536الى صــــ 540)

كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون (14) كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون (15) ثم إنهم لصالوا الجحيم (16) ثم يقال هذا الذي كنتم به تكذبون (17) ثم يقال هذا الذي كنتم به تكذبون (17)

شرح الكلمات:
ران على قلوبهم: أي غطى قلوبهم وحجبها عن قبول الحق.
ما كانوا يكسبون: أي من الذنوب والآثام.
لمحجوبون: أي يحال بينهم وبين رؤية الرب إلى يوم القيامة.
لصالوا الجحيم: أي لداخلوها ومحرقون معذبون بها.
هذا الذي كنتم به تكذبون: أي يقال لهم توبيخا وخزيا لهم وهم في العذاب هذا الذي كنتم به تكذبون.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في التنديد بالاعتداء والمعتدين والإثم والآثمين فقال تعالى {كلا بل ران1 على قلوبهم ما كانوا يكسبون} أي ما الأمر كما يدعون من أن القرآن أساطير الأولين وإنما ران على قلوبهم أي غشاها وغطاها أثر الذنوب والجرائم فحجبها عن معرفة
الحق2 وقبوله, وقوله {كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون} أي ردعا لهم وزجرا عن أقوالهم الباطلة وأعمالهم الفاسدة إنهم عن ربهم لمحجوبون فلا يرونه ولا يرون كرامته {ثم إنهم لصالوا الجحيم} أي لداخلوها ومصطلون بحرها معذبون بأنواع العذاب فيها ثم يقال لهم توبيخا وخزيا وتأنيبا {هذا} أي العذاب الذي كنتم به في الدنيا تكذبون حتى واصلتم كفركم وإجرامكم فحل بكم هذا الذي أنتم فيه الآن فذوقوا فلن تزدادوا إلا عذابا.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- التحذير من مواصلة الذنوب وعدم التوبة منها حيث يؤدي ذلك بالعبد إلى أن يحرم التوبة ففي حديث أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أذنب العبد نكت في قلبه نكتة سوداء فإن تاب صقل منها فإن عاد عادت حتى تعظم في قلبه فذلك الران الذي قال الله كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون
2- تقرير رؤية الله تعالى في الآخرة بدليل قوله إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون أي الأشقياء إذا فالسعداء غير محجوبون فهم يرون ربهم ويشهد له قوله تعالى وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة.
3- تقرير عقيدة البعث والجزاء.
__________

1 الران والرين مصدران لران يرين رينا ورانا كالعيب والعاب والذيم والذام.
2 روى الترمذي وصححه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إن العبد إذا أخطأ خطيئة نكتت في قلبه نكتة سوداء، فإن هو نزعها واستغفر الله وتاب صقل قلبه، فإن عاد زيد فيها حتى تعلو على قلبه. وهو الران الذي ذكر الله تعالى في كتابه (كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون) .

*****************************

يتبع

ابوالوليد المسلم 10-08-2022 09:41 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين (18) وما أدراك ما عليون (19) كتاب مرقوم (20) يشهده المقربون (21) إن الأبرار لفي نعيم (22) على الأرائك ينظرون (23) تعرف في وجوههم نضرة النعيم (24) يسقون من رحيق مختوم (25) ختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون (26) ومزاجه من تسنيم (27) عينا يشرب بها المقربون (28)
شرح الكلمات:
كتاب الأبرار: أي كتاب أعمالهم والأبرار هم المطيعون لله ولرسوله الصادقون.
لفي عليين: أي في موضع يسمى عليين في أعلى الجنة.
كتاب مرقوم: أي كتاب مرقوم بأمان من الله إياه من النار يوم القيامة والفوز بالجنة.
يشهده المقربون: أي يحضره المقربون من أهل كل سماء ويحفظونه لأنه يحمل أمانا لصاحبه من النار وفوزه بالجنة.
إن الأبرار لفي نعيم: أي إن الذين بروا ربهم بطاعته بأداء الفرائض واجتناب النواهي لفي نعيم الجنة.
على الأرائك: أي على الأسرة ذات الحجال.
ينظرون: أي ما آتاهم ربهم من صنوف النعيم.
تعرف في وجوههم نضرة النعيم: أي حسنه وبريقه وتلألؤه.
من رحيق: أي من خمر صرف خالصة لا غش فيها ولا دنس.
مختوم: أي مختوم على إنهائها لا يفك ختمه إلا هم.
ختامه مسك: أي آخر شربها يفوح برائحة المسك.
وفي ذلك: أي لا في غيره.
فليتنافس المتنافسون: أي فليطلب بالطاعة والاستقامة الطالبون للنعيم المقيم.
ومزاجه من تسنيم: أي ومزاج شرابهم من عين تجري من عال تسمى التسنيم.
عينا يشرب بها المقربون: عينا هي التسنيم يشرب منها المقربون صرفا وتمزج لأصحاب اليمين.
معنى الآيات:
بعد أن ذكر تعالى كتاب الفجار وما ختم له به ذكر كتاب الأبرار وما ختم له به فقال {كلا} أي حقا {إن كتاب الأبرار} وهو جمع برأ أو بار وهو المؤمن الذي بر ربه بطاعته في أداء فرائضه واجتناب نواهيه وكان صادقا في ذلك كتاب أعمال هؤلاء الأبرار في عليين {وما أدراك} يا رسولنا1 {ما عليون} أنه موضع في أعلى2 الجنان. وقوله {كتاب مرقوم} يريد كتاب الأبرار الموضوع في عليين كتاب مرقوم بأمان من الله لصاحبه من النار والفوز بالجنة {يشهده المقربون} أي مقربو كل سماء يحضرونه ويحفظون له ويشهدون
بما فيه من الأمان لصاحبه من النار والفوز بالجنة. وقوله تعالى {إن الأبرار} 3 وأصحاب الكتب المودعة في عليين لفي نعيم يريد يوم القيامة والنعيم هو نعيم الجنة وهذا لون منه على الأرائك أي الأسرة ذات الحجال {ينظرون} إنهم جالسون على الأرائك ينظرون4 باستحسان وإعجاب ملكهم الكبير الذي ملكهم الله تعالى وقد يمتد مسافة ألفي سنة وينتهي إليه بصرهم {تعرف في وجوههم نضرة النعيم} أي حسنه وبريقه وتلألؤه وقوله {يسقون من رحيق مختوم} أي من خمر هي الرحيق صافية لا دنس فيها ولا غش مختوم على أوانيها لا يفكها إلا هم. ختامه مسك آخر هذا الشراب5 يفوح برائحة المسك الأذفر فهي طيبة الرائحة للغاية. وقوله تعالى {وفي ذلك فليتنافس6 المتنافسون} أي وفي مثل هذا النعيم لا في غيره من حطام الدنيا وشرابها وملكها الزائل يجب أن يتنافس المتنافسون أي في طلبه بالإيمان وصالح الأعمال بعد البعد كل البعد عن الشرك وسيئي الأقوال وقبيح الأفعال. وقوله تعالى {ومزاجه من تسنيم, عينا يشرب بها المقربون} أي إن ذلك الرحيق يمزج لأصحاب اليمين بماء عين تسمى التسنيم ويشربه المقربون صرفا أي خالصا بدون مزج من عين التسنيم وقوله {يشرب بها} الباء بمعنى من أو ضمن يشرب معنى يتلذذ أي يلتذ بها وقد سبق في سورة الإنسان وقلت إنها لطيب شرابها تكاد تكون آلة للشرب فتكون الباء للآلة على بابها نحو شربت بالكأس.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- الثناء على الأبرار وبيان ما أعد الله تعالى لهم وهم المؤمنون المتقون الصادقون في ذلك.
2- تقرير عقيدة البعث والجزاء بذكر ما يجري فيها.
3- الترغيب في العمل الصالح للحصول على نعيم الجنة لقوله تعالى {وفي ذلك فليتنافس المتنافسون} .
__________

1 الاستفهام للتفخيم والتعظيم بشأن عليين إذ هو في أعلى مرتبة وأسمى منزلة.
2 قال البراء بن عازب رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عليون في السماء السابعة تحت العرش.
3 الأبرار جمع بر هم أهل الطاعة والصدق فيها.
4 وقيل ينظرون إلى أعدائهم في النار وهم على أرائكهم ولا عجب لما ظهر اليوم من آلة التلفاز.
5 الرحيق هي الخمر العتيقة البيضاء الصافية من الغش, النيرة قال حسان:
يسقون من ورد البريص عليهم
بردى يصفق بالرحيق السلسل
والبريص نهر بدمشق وبردى نهر آخر بها ويصفه يخرج والرحيق الخمر البيضاء.
6 يقال نفست عليه الشيء أنفسه نفاسة أي ضننت به ولم يحب أن يصير إليه وذلك لحسن وجودته وتعلق النفس به.



ابوالوليد المسلم 10-08-2022 09:42 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 



http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg
تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)

- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
الحلقة (872)

سورة الانشقاق
مكية وآياتها خمس وعشرون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 541الى صــــ 545)

إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون (29) وإذا مروا بهم يتغامزون (30) وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين (31) وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون (32) وما أرسلوا عليهم حافظين (33) فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون (34) على الأرائك ينظرون (35) هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون (36)

شرح الكلمات:
إن الذين أجرموا: أي على أنفسهم بالشرك والمعاصي كأبي جهل وأمية بن خلف وعتبة بن أبي
معيط.
من الذين آمنوا: أي كبلال وياسر وعمار وصهيب وخبيب.
يتغامزون: أي يشيرون إلى المؤمنين بالجفن والحاجب استهزاء بهم.
فكهين: أي إذا رجعوا إلى ديارهم وأهليهم يرجعون نشاوى فرحين معجبين بحالهم.
وإذا رأوهم: أي وإذا رأى أولئك الفكهون رأوا المؤمنين.
قالوا إن هؤلاء لضالون: إن هؤلاء يعنون المؤمنين من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لضالون بترك دينهم واتخاذهم لدين محمد صلى الله عليه وسلم الجديد.
وما أرسلوا عليهم حافظين: أي ولم يكلفهم الله تعالى بحفظ أعمالهم ورعاية أحوالهم. وإنما هم متطفلون.
فاليوم: أي يوم القيامة.
من الكفار يضحكون: أي من أجل ما هم فيه من العذاب حيث يرونهم وهم على أرائكهم.
هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون: أي هل جوزي الكفار بما كانوا يفعلون من الكفر والشر والفساد؟ والجواب نعم نعم نعم.
معنى الآيات:
بعدما بين تعالى حال الأبرار في دار الأبرار وذكر ما شاء الله أن يذكر من نعيمهم ترغيبا وتعليما بعد أن ذكر في الآيات قبلها حال المجرمين وما أعد لهم من عذاب في دار العذاب. ذكر تعالى هنا في خاتمة السورة ما أوجب للمجرمين وهو النار, وما أوجب للمؤمنين وهو الجنة فذكر طرفا من سلوك المجرمين وآخر من سلوك المؤمنين فقال عز من قائل {إن الذين أجرموا1} أي على أنفسهم أي أفسدوها بالشرك والشر والفساد كأبي جهل والوليد بن المغيرة والعاصي وغيرهم كانوا من الذين آمنوا كبلال وعمار وصهيب وخبيب وأضرابهم من فقراء المؤمنين {يضحكون} 2 استهزاء بهم وسخرية. {وإذا مروا بهم} في شوارع مكة وحول المسجد الحرام {يتغامزون} يشيرون إليهم بالجفن والحاجب على عادة المتكبرين {وإذا انقلبوا} أي رجعوا {إلى أهلهم} في ديارهم {انقلبوا فكهين} 3 ناعمين معجبين بحالهم فرحين بما عندهم {وإذا رأوهم} أي وإذا رأى أولئك المجرمون المؤمنين أشاروا إليهم وقالوا {إن هؤلاء لضالون} بتركهم دينهم واعتناق دين محمد الجديد في نظرهم. قال تعالى {وما أرسلوا عليهم4 حافظين} أي على أعمالهم وأحوالهم حتى يقولوا ما قالوا وإنما هم متطفلون يدعون ما ليس لهم كقبح سلوكهم وسوء فهومهم, قال تعالى {فاليوم} 5 يوم القيامة {الذين آمنوا من الكفار يضحكون} أي من الكفار {على الأرائك} أي الأسرة ذات الحجال {ينظرون} إلى الكفار وهم في النار ويضحكون منهم وهم يعذبون ولا عجب في كيفية رؤيتهم لهم وهم في النار أسفل سافلين والمؤمنون في أعلى عليين إذ البث التلفزيوني اليوم قطع العجب وأبطله وقوله تعالى {هل ثوب6 الكفار} أي هل جوزي الكفار على أفعالهم الإجرامية؟ والجواب معلوم مما تقدم إذ وصفت حالهم وبين عذابهم والعياذ بالله من عذابه وأليم عقابه.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- التنديد بالإجرام والمجرمين.
2- بيان ما كان عليه المشركون في مكة إبان الدعوة وما لقيه المؤمنون منهم.
3- بيان أن المؤمنين سيرون المشركين في الجحيم ويضحكون منهم وهم في نعيمهم والمشركون في جحيمهم.
4- بيان إكرام الله لأوليائه, وإهانته تعالى لأعدائه.
__________

1 الإجرام مصدر أجرم إذا ارتكب الجرم وهو الإثم العظيم وأعظمه الشرك والكفر.
2 معنى يضحكون منهم أنهم يضحكون من حالهم وهي حال خاصة كالفقر والضعف أو ترك دينهم إلى دين آخر قال الحارث بن عبد يغوث:
وتضحك مني شيخة عبشمية
كأن لم تر قبلي أسيرا يمانيا
3 قرأ نافع والجمهور فاكهين بصيغة اسم الفاعل, وقرأ حفص بدون ألف على أنه جمع فكه صفة مشبهة, والمعنى واحد كفارح وفرح.
4 الجملة متضمنة معنى التهكم بأولئك الضاحكين الساخرين من فقراء المؤمنين.
5 تقديم الظرف اليوم للاهتمام به لأنه يوم الجزاء وفيه تشفى صدور المؤمنين من الأعداء.
6 الجملة فذلكة ما تقدم من اعتداء المشركين على المؤمنين وما ترتب عليه من الجزاء يوم القيامة والاستفهام بهل تقريري وتعجب من عدم إفلاتهم منه بعد دهور, وثوب بمعنى أعطى الثواب يقال أثابه وثوبه إذا أعطاه ثوابه وهو جزاء عمله وفي التفسير الثواب تهكم واضح بالمشركين نحو بشرهم بعذاب أليم.

****************************** *

يتبع

ابوالوليد المسلم 10-08-2022 09:42 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
سورة الانشقاق
مكية وآياتها خمس وعشرون آية

بسم الله الرحمن الرحيم
إذا السماء انشقت (1) وأذنت لربها وحقت (2) وإذا الأرض مدت (3) وألقت ما فيها وتخلت (4) وأذنت لربها وحقت (5) يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه (6) فأما من أوتي كتابه بيمينه (7) فسوف يحاسب حسابا يسيرا (8) وينقلب إلى أهله مسرورا (9) وأما من أوتي كتابه وراء ظهره (10) فسوف يدعو ثبورا (11) ويصلى سعيرا (12) إنه كان في أهله مسرورا (13) إنه ظن أن لن يحور (14) بلى إن ربه كان به بصيرا (15)

شرح الكلمات:
إذا السماء انشقت: أي بالغمام وهو سحاب أبيض رقيق وذلك لنزول الملائكة.
وأذنت لربها: أي سمعت وأطاعت.
وحقت: أي وحق لها أن تسمع أمر ربها وتطيعه.
وإذا الأرض مدت: أي زيد في سعتها كما يمد الأديم أي الجلد إذ لم يبق عليها بناء ولا جبل.
وألقت ما فيها وتخلت: أي ألقت ما فيها من الموتى ألقتهم أحياء إلى ظهرها وتخلت عنه أي عما كان في
بطنها.
إنك كادح: أي عامل كاسب للخير أو الشر.
إلى ريك كدحا: أي إلى أن تلقى ربك وأنت تعمل وتكسب فليكن عملك مما يرضي عنك ربك.
فملاقيه: أي ملاق ربك بعد موتك وبعملك خيره وشره.
كتابه: أي كتاب عمله وذلك بعد البعث.
وينقلب إلى أهله مسرورا: أي بعد الحساب اليسير يرجع إلى أهله في الجنة من الحور العين فرحا.
وراء ظهره: أي يأخذ بشماله من وراء ظهره إهانة له.
يدعو ثبورا: أي ينادي هلاكه قائلا واثبوراه واثبوراه أي هلاكه.
ويصلى سعيرا: أي ويحرق بالنار حريقا وينضج انضاجة بعد أخرى على قراءة يصلى بالتضعيف. إنه ظن أن لن يحور: أي إنه كان في الدنيا يظن أنه لا يرجع إلى الحياة بعد الموت فلذا لم يعمل خيرا قط
ولم يتورع عن ترك الشر قط لعدم إيمانه بالبعث.
معنى الآيات:
قوله تعالى {إذا السماء انشقت} يخبر تعالى أنه إذا انشقت السماء أي تصدعت وتفطرت وذابت فصارت كالدهان {وأذنت لربها وحقت} أي وسمعت1 لأمر ربها واستجابت فكانت كما أمرها الله أن تكون منشقة منفطرة حتى تكون كالمهل, {وإذا الأرض2 مدت} من الأديم واتسعت رقعتها حيث زال منها الجبال والآكام والمباني والعمارات وأصبحت قاعا صفصفا {وألقت ما فيها} أي ما في بطنها من الأموات {وتخلت} عنه أي عما كان في بطنها
{وأذنت لربها} في ذلك كله أي سمعت وأجابت {وحقت} أي وحق لها أن تسمع وتجيب وتطيع
وجواب إذا الأولى والثانية واحد وهو {علمت نفس ما قدمت وأخرت3} أو ما أحضرت كما تقدم نظيره في التكوير والانفطار. وقوله تعالى {يا أيها الإنسان} أي يا ابن آدم {إنك كادح إلى ربك4 كدحا} أي أنك عامل تعمل يوميا ليل ونهار إلى أن تموت وتلقى ربك إنك لا تبرح تعمل لا محالة وتكسب بجوارحك الخير والشر إلى الموت حيث تنتقل إلى الدار الآخرة وتلقى ربك وتلاقيه هذا يشهد له قول الرسول صلى الله عليه وسلم في الصحيح5 " كلكم يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها" إذا فمن الخير لك أيها الإنسان المكلف أن تعمل خيرا تلاقي به ربك فيرضى عنك به ويكرمك إنك حقا ملاق ربك بعملك فأنصح لك أن يكون عملك صالحا وانظر إلى الصورة التالية {فأما من أوتي كتابه بيمينه} لأنه حوى الخير ولا شر فيه {فسوف يحاسب حسابا يسيرا6} ينظر في كتابه ويقرر هل فعلت كذا فيعترف ويتجاوز عنه وينقلب إلى أهله في الجنة وهم الحور العين والنساء المؤمنات والذرية الصالحة يجمعهم الله ببعضهم كرامة لهم وهو قوله تعالى {والذين7 آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم} {وأما من أوتي كتابه} أي كتاب أعماله {وراء ظهره} حيث تغل اليمنى مع عنقه وتخرج الشمال وراء ظهره ويعطى كتابه وراء ظهره {فسوف يدعو ثبورا} أي ينادي هلاكه قائلا واثبوراه واثبوراه أي يا هلاكه احضر فهذا أوان حضورك {ويصلى8 سعيرا} أي ويدخل نار مستعرة شديدة الالتهاب ويصلى أيضا فيها تصلية أي ينضج فيها لحمه المرة بعد المرة وأبدا. والعياذ بالله وعلة ذلك وسببه هو {إنه كان في أهله} في الدنيا {مسرورا} لا يخاف الله ولا يرجوا الدار الآخرة يعمل ما يشاء ويترك ما يشاء {إنه ظن أن لن9 يحور} أي أنه لا يرجع حيا بعد موته ولا يحاسب ولا يجزى هذه علة هلاكه وشقائه فاحذروها
أيها الناس اليوم فآمنوا بربكم ولقائه واعملوا عملا ينجيكم من عذابه. وقوله تعالى {بلى إن ربه كان به بصيرا} أي ليحورن وليبعثن وليحاسبن وليس كما يظن انه لا يبعث ولا يحاسب ولا يجزى بل لا بد من ذلك كله إن ربه تعالى كان به وبعمله بصيرا لا يخفى عليه من أمره شيء ونتيجة لذلك تم له هذا الحساب والعقاب بأمر العذاب وأشده دخول النار وتصلية جحيم.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- تقرير عقيدة البعث والجزاء ببيان مقدماته في انقلاب الكون.
2- بيان حتمية لقاء الإنسان ربه.
3- كل إنسان مكلف بالعقل والبلوغ فهو عامل وكاسب لا محالة إلى أن يموت ويلقى ربه.
4- أهل الإيمان والتقوى يحاسبون حسابا يسيرا وهو مجرد عرض لا غير ويفوزون أما من نوقش الحساب فقد هلك وعذب لأنه لا يملك حجة ولا عذرا.
5- التنعم في الدنيا والانكباب على شهواتها وملاذها مع ترك الطاعات والصالحات ثمرة عدم الإيمان أو اليقين بالبعث والجزاء
__________

1 شاهد قوله صلى الله عليه وسلم "ما أذن الله لشيء كأذنه لنبي يتغنى بالقرآن" أي ما استمع لشيء الخ.. وقال الشاعر:
صم إذا سمعوا خيرا ذكرت به
وإن ذكرت بسوء عندهم أذنوا
أذنوا بمعنى سمعوا.
2 إذا ظرف خافض لشرطه منوصب بجوابه.
3 اضطرب المفسرون والنحاة في جواب إذا فمنهم من قال إنه يا أيها الإنسان، ومنهم من قال أذنت لربها. على أن الواو زائدة، ومنهم من قال إنه فأما من أوتي كتابه، وغاب عنهم أن جواز حذف الشرط كجواز حذف القسم. لا سيما وقد تقدم جواب الشرط كهذا في التكوير والانفطار إذا فما كان هناك جوابا يكون هنا جوابا.
4 الكدح الكسب والعمل قال ابن المقل:
وما الدهر إلا تارتان فمنهما
أموت وأخرى أبتغي العيش اكدح
والإنسان هنا الجنس فهو عام في كل إنسان من بني آدم.
5 في صحيح مسلم حديث طويل أوله: ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله.. الخ.
6 حسابا يسيرا أي مناقشة فيه كما في حديث عائشة إذ قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من حوسب يوم القيامة عذب قالت يا رسول الله أليس قد قال الله فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا؟ فقال ليس ذلك الحساب إنما ذلك العرض. من نوقش الحساب يوم القيامة عذب رواه البخاري وغيره.
7 الآية من سورة الطور.
8 قرأ نافع ويصلى بتشديد اللام وسعيرا منصوب على نزع الخافض أي بسعير، وقرأ حفص بتخفيف اللم والبناء للفاعل مضارع صلى كرضى يصلى كيرضى إذا مسته النار.
9 يحور بمعنى يرجع شاهده قول الشاعر:
وما المرء إلا كالشهاب وضوئه
يحور رمادا بعد إذ هو ساطع



ابوالوليد المسلم 10-08-2022 09:43 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 



http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg
تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)

- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
الحلقة (873)

سورة البروج
مكية وآياتها اثنتان وعشرون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 545الى صــــ 550)

فلا1 أقسم بالشفق (16) والليل وما وسق (17) والقمر إذا اتسق (18) لتركبن طبقا عن طبق (19) فما لهم لا يؤمنون (20) وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون (21) بل الذين كفروا يكذبون (22) والله أعلم بما يوعون (23) فبشرهم بعذاب أليم (24) إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون (25)

شرح الكلمات:
بالشفق: أي بالحمرة في الأفق يعد غروب الشمس.
وما وسق: أي دخل عليه من الدواب وغيرها.
إذا اتسق: اجتمع وتم نوره وذلك في الليالي البيض.
طبقا عن طبق: أي حالا بعد حال الموت، ثم الحياة، ثم ما بعدها من أحوال القيامة.
فما لهم لا يؤمنون: أي أي مانع لهم من الإيمان بالله ورسوله ولقاء ربهم والحجج كثيرة تتلى عليهم.
وإذ قرئ عليهم القرآن: أي تلي عليهم وسمعوه.
لا يسجدون: أي لا يخضعون فيؤمنوا ويسلموا.
بما يوعون: أي يجمعون في صحفهم من الكفر والتكذيب.
لهم أجر غير ممنون: أي غير مقطوع.
معنى الآيات:
قوله تعالى {فلا أقسم} أي فليس الأمر كما تدعون من أنه لا بعث ولا جزاء أقسم بالشفق وهي حمرة2 الأفق بعد غروب الشمس والليل وما وسق أي وما جمع من كل ذي روح من سابح في الماء وطائر في السماء وسارح في الغبراء والقمر إذا اتسق أي اجتمع وتم نوره وذلك في الليالي البيض. وجواب القسم قوله تعالى {لتركبن طبقا عن طبق} أي حالا بعد3 حال الموت ثم الحياة، ثم العرض، ثم الحساب، ثم الجزاء فهي أحوال وأحوال فليس الأمر كما تتصورون من أنه موت ولا غير. وقوله تعالى4 {فما لهم لا يؤمنون وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون} أي ما للناس يؤمنون أي شيء منعهم من الإيمان بالله ورسوله والدار الآخرة مع كثرة الآيات وقوة الحجج وسطوع البراهين. وما لهم أيضا إذا تلي عليهم القرآن وسمعوه لا يخضعون ولا يخشعون ولا يخرون ساجدين مع ما يحمل من أنواع الحجج والبراهين وقوله تعالى ل الذين كفروا أي بدل أن يؤمنوا ويسلموا يكذبون5 {والله أعلم بما يوعون} في قلوبهم من الكفر والتكذيب وفي نفوسهم من الحسد والكبر والغل والبغض وبناء على ذلك فبشرهم6 يا رسولنا أي أخبرهم بما يسوءهم بعذاب أليم عاجلا وآجلا {إلا الذين آمنوا7} أي منهم آمنوا بالله ورسوله وآيات الله ولقائه وعملوا الصالحات فأدوا الفرائض واجتنبوا
المحارم {لهم أجر} أي ثواب عند الله إلى يوم يلقونه {غير ممنون} أي غير منقوص ولا مقطوع في الجنة دار السلام. اللهم اجعلنا من أهلها برحمتك يا أرحم الراحمين.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- بيان أن الإنسان مقبل على أحوال وأهوال حالا بعد حال وهولا بعد هولا إلى أن ينتهي إلى جنة أو نار.
2- بيان أن عدم إيمان الإنسان بربه يستدعي العجب إذ لا مانع للعبد من الإيمان بخالقه وهو يعلم انه مخلوق وقد تعرف إليه فأنول كتبه وبعث رسله وأقام الأدلة على ذلك.
3- مشروعية السجود عند تلاوة هذه الآية وهي وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون.
4- علم الله تعالى بما يعي الإنسان في قلبه وما يحمل في نفسه فذكره للعبد بأن يراقب ربه فلا يعي في قلبه إلا الإيمان ولا يحمل في نفسه إلا الخير فلا غل ولا حسد ولا شك ولا عداء ولا بغضاء.
__________

1 جائز أن يكون (لا) صلة فأقسم بالشفق وكونها نافية لكلام سابق كما في التفسير هو اختيار ن جرير.
2 أكثر أهل العلم على أن الشفق الحمرة بعد غروب الشمس قال الفراء سمعت بعض العرب يقول لثوب عليه مصبوغ كأنه الشفق وكان أحمر. وقال الشاعر: وأحمر اللون كمحمر الشفق.
3 من شواهد هذه الحقيقة قول الشاعر:
كذلك المرء إن ينسأ له أجل
يركب على طبق من بعده طبق
4 الاستفهام للإنكار عليهم والتعجب من حالهم في ترك الإيمان.
5 يكذبون صيغة المضارع تدل على استمرار تكذيبهم والصلة هي الكفر. فلو آمنوا ما كذبوا ولكفرهم يكذبون رسول الله صلى الله عليه وسلم قيما جاء به وأخبر عنه.
6 فبشرهم الفاء للتفريع والترتيب والبشارة هنا للتهكم بهم.
7 الاستثناء منقطع بمعنى لكن الذين آمنوا, الخ.

****************************** *****

يتبع

ابوالوليد المسلم 10-08-2022 09:43 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
سورة البروج
مكية وآياتها اثنتان وعشرون آية

بسم الله الرحمن الرحيم
والسماء ذات البروج (1) واليوم الموعود (2) وشاهد ومشهود (3) قتل أصحاب الأخدود (4) النار ذات الوقود (5) إذ هم عليها قعود (6) وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود (7) وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد (8) الذي له ملك السماوات والأرض والله على كل شيء شهيد (9) إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق (10) إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات تجري من تحتها الأنهار ذلك الفوز الكبير (11)

شرح الكلمات:
ذات البروج: أي منازل الشمس والقمر الاثني عشر برجا.
واليوم الموعود: أي يوم القيامة إذ وعد الله تعالى عباده أن يجمعهم فيه لفصل القضاء.
وشاهد: أي يوم الجمعة.
ومشهود: أي يوم عرفة.
قتل أصحاب الأخدود: أي لعن أصحاب الأخدود.
الأخدود: أي الحفر تحفر في الأرض وهو مفرد وجمعه أخاديد.
إذ هم عليها قعود: أي على حافتها وشفيرها.
وما نقموا منهم: أي ما عابوا أي شيء سوى إيمانهم بالله تعالى.
معنى الآيات:
قوله تعالى {والسماء ذات البروج1} هذا قسم من أعظم الأقسام إذ أقسم تعالى فيه بالسماء ذات البروج وهي منازل الشمس والقمر الأثنا عشر برجا، 2 وباليوم الموعود هو يوم القيامة إذ وعد الرب تعالى عباده أن يجمعهم فيه ليحكم بينهم فيما كانوا فيه يختلفون وبالشاهد3 وهو يوم الجمعة وبالمشهود وهو يوم عرفة وجواب القسم أو المقسم عليه محذوف قد يكون تقديره لتبعثن ثم لتنبؤن لأن السورة مكة والسور المكية تعالج العقيدة بأنواعها الثلاثة والتوحيد والنبوة والبعث والجزاء, وجائز أن يكون الجواب قتل بتقدير اللام وقد نحو لقد قتل أي لعن أصحاب الأخدود وهي حفر حفرها الكفار وأججوا فيها نارا وأتوا بالمؤمنين المخالفين لدينهم وعرضوا عليهم الكفر أو الإلقاء في النار فاختاروا الإلقاء في النار مع بقاء إيمانهم حتى إن امرأة كانت ترضع صبيا فأحجمت عن إلقاء نفسها مع طفلها في النار فأنطق الله الصبي فقال لها: أماه امضي فإنك على الحق فاقتحمت النار. وقوله {إذ هم عليها قعود} بيان للحال التي كانوا يفتنون فيها المؤمنين والمؤمنات إذ كانوا على شفير النار وحافتها قاعدين, وقوله تعالى {وهم على ما يفعلون
بالمؤمنين} من الإلقاء في النار والارتداد عن الإسلام {شهود} أي حضور, ولم يغيروا منكرا ولم يأمروا بمعروف. وقوله تعالى {وما نقموا منهم} أي وما عابوا عنهم شيئا سوى إيمانهم بالله العزيز الحميد الذي له ملك السموات والأرض, فحسب العبد من الله هذه الصفات فأنها توجب الإيمان بالله وطاعته ومحبته وخشيته وهي كونه سبحانه وتعالى عزيزا في انتقامه لأوليائه حميدا يحمده لآلائه ونعمه سائر خلقه مالكا لكل ما في السموات والأرض ليس لغيره ملك في شيء معه وعلمه الذي أحاط بكل شيء دل عليه قوله وهو على كل شيء شهيد. فكيف ينكر على المؤمن إيمانه بربه ذي الصفات العلا. والجلال والجمال والكمال. سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك. وقوله تعالى {إن الذين فتنوا المؤمنين4 والمؤمنات} أي فتنوهم عن دينهم فأحرقوهم بالنار {ثم لم يتوبوا} بعد فتنتهم للمؤمنين والمؤمنات {فلهم عذاب جهنم} جزاء لهم. {ولهم عذاب الحريق} عذاب جهنم في الدار الآخرة وعذاب الحريق في الدنيا. فقد روي أنهم لما فرغوا من إلقاء المؤمنين في النار والمؤمنون كانت تفيض أرواحهم قبل وصولهم إلى النار فلم يحسوا بعذاب النار والكافرون خرجت لهم النار من الأخاديد وأحرقتهم فذاقوا عذاب الحريق في الدنيا, وسيذوقون عذاب جهنم في الآخرة هذا بالنسبة إلى أبدانهم أما أرواحهم فإنها بمجرد مفارقة الجسد تلقى في سجين مع أرواح الشياطين والكافرين وقوله تعالى {إن الذين آمنوا5} بالله وعملوا الصالحات أي آمنوا بالله ربا وإلها وعبدوه بأداء فرائضه وترك محارمه {لهم جنات} أي بساتين {تجري من تحتها الأنهار} أي من تحت أشجارها وقصورها. وقوله تعالى {ذلك الفوز الكبير} 6 حقا هو فوز كبير، لأنه نجاة من النار أولا ودخول الجنة ثانيا. كما قال تعالى {فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور} .
من هداية الآيات:
1- تقرير عقيدة البعث والجزاء.
2- فضل يومي الجمعة وعرفة.
3- بيان ما يبتلى به المؤمنون في هذه الحياة ويصبرون فيكون جزاؤهم الجنة.
4- الترهيب والترغيب في ذكر جزاء الكافرين والمؤمنين الصالحين.
__________

1 روى أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ قي العشاء الآخرة بالسماء ذات البروج وروي أيضا عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يقرأ في العشاء بالسموات أي السماء ذات البروج والسماء والطارق.
2 البروج هي منازل الكواكب والشمس والقمر يسير القمر في كل برج منها يومين وثلث يوم فذلك ثمانية وعشرون يوما ثم يستتر ليلتين. وتسير الشمس في كل برج منها شهرا وهي الحمل، والثور، والجوزاء، والسرطان، والأسد، والسنبلة، والميزان، والعقرب، والقوس، والجدي، والدلو، والحوت، والبروج في لغة العرب القصور.
3 روى الترمذي عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اليوم الموعود يوم القيامة واليوم المشهود يوم عرفة والشاهد يوم الجمعة وقال فيه حديث حسن غريب، وجائز أن يكون الشهود الكرام الكاتبين والمشهود عليهم بنو آدم، وجائز أن يكون الشاهد هذه الأمة والشهود عليهم سائر الأمم وجائز غير ما ذكر.
4 إن الذين فتنوا الخ.. الآية عامة ليست خاصة بأصحاب الأخدود ولا بكفار قريش, وإنما هي عامة في كل من يفتن المؤمنين والمؤمنات في دينهم
فيصرفهم عنه بأنواع من التعذيب وجزاؤهم ما ذكر في الآية وهو عذاب جهنم وعذاب الحريق إلا من تاب قبل موته وقد عد ممن فتنوا المؤمنين والمؤمنات في مكة أو جهل رأس الفتنة وأمية بن خلف والأسود بن عبد يغوث والوليد بن المغيرة وعد من المعذبين المفتونين بلال بن رباح, وأبو فكيهة وخباب بن الأرت وياسر والد عمار وعامر بن فهيرة وعدد من النساء المعذبات حمامة أم بلال, وزنيرة, وسمية والدة عمار.
5 هذا الكلام مستأنف يبين فيه تعالى جزاء من آمن وعمل صالحا وهو دعوة إلى الإيمان والعمل الصالح والتخلي عن الشرك والشر والفساد. إنه لما ذكر جزاء الكفر وهو عذاب جهنم وعذاب الحريق ناسب ذكر جزاء أهل الإيمان وصالح الأعمال.
6 اسم الإشارة (ذلك) عائد إلى ما اختصهم الله تعالى به من الجنات التي تجري من تحتها الأنهار أنها الماء واللبن والخمر والعسل في دار السلام.

ابوالوليد المسلم 10-08-2022 09:44 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 



http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg
تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)

- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
الحلقة (874)

سورة الطارق
مكية وآياتها سبع عشرة آية

المجلد الخامس (صـــــــ 550الى صــــ 555)


إن بطش ربك لشديد (12) إنه هو يبدئ ويعيد (13) وهو الغفور الودود (14) ذو العرش المجيد (15) فعال لما يريد (16) هل أتاك حديث الجنود (17) فرعون وثمود (18) بل الذين كفروا في تكذيب (19) والله من ورائهم محيط (20) بل هو قرآن مجيد (21) في لوح محفوظ (22)

شرح الكلمات:
إن بطش ربك: أي أذا أخذ الكافر الشديد.
يبدئ ويعيد: أي يبدئ الخلق ويعيده بعد فنائه ويبدئ العذاب ويعيده.
الغفور الودود: أي لذنوب عباده المؤمنين المتودد لأوليائه.
ذو العرش المجيد: أي صاحب العرش إذ هو خالقه ومالكه والمجيد المستحق لكمال صفات العلو.
في تكذيب: أي بما ذكر في سياق الآيات السابقة.
من ورائهم محيط: أي هم في قبضته وتحت سلطانه وقهره.
قرآن مجيد: أي كريم عظيم.
في لوح محفوظ: أي من الشياطين والمراد به اللوح المحفوظ.
معنى الآيات:
لما ذكر تعالى ما توعد به الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات من أجل إيمانهم أخبر رسوله معرضا بمشركي قومه وطغاتهم اللذين آذوا المؤمنين في مكة من أجل إيمانهم أخبره بقوله {إن بطش ربك1 لشديد} أي إن أخذه أليم شديد ودلل على ذلك بقوله {إنه هو يبدئ ويعيد} فالقادر على البدء والإعادة بطشه شديد. وقوله {يبدئ} أي الخلق ثم يعيده. ويبدئ العذاب2 أيضا ثم يعيده {وهو الغفور الودود} فهو قادر على البطش بأعدائه, وهو الغفور لذنوب أوليائه {ذو العرش المجيد} أي صاحب العرش خلقا وملكا المجيد العظيم الكريم , {فعال لما3 يريد} إذ لا يكره تعالى على شيء ولا يقدر أحد على إكراهه.
وقوله تعالى {هل أتاك حديث الجنود فرعون وثمود} كيف أهلكهم الله لما طغوا وبغوا وكفروا وعصوا نعم قد أتاك وقرأته على قومك الكافرين ولم ينتفعوا به لأنهم يعيشون في تكذيب لك يحيط بهم لا يخرجون لأنه تكذيب ناشئ من الكبر والحسد والجهل فلذا هم لم يؤمنوا بعد. وقوله تعالى {والله من ورائهم محيط4} أي هم في قبضته وتحت قهره وسلطانه لا يخفى عليه منهم شيء ولا يحول بينه وبينهم متى أراد أخذهم شيء. وقوله تعالى {بل هو5 قرآن مجيد في لوح 6محفوظ} يرد بهذا على المشركين الذين قالوا في القرآن إنه سحر وشعر وأساطير الاولين فقال ليس هو كما قالوا وادعوا وإنما هو قرآن مجيد في لوح محفوظ من الشياطين فلا تمسه ولا تقربه ولا من غير الشياطين من سائر الخلق أجمعين.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- تهديد الظلمة بالعذاب عقوبة في الدنيا وفي الآخرة.
2- إن الله تعالى لكرمه يتودد لأوليائه من عباده.
3- فائدة القصص هي الموعظة تحصل للعبد فلا يترك واجبا ولا يغشى محرما.
4- بيان إحاطة الله تعالى بعباده وأنهم في قبضته وتحت سلطانه.
5- شرف القرآن الكريم، وإثبات اللوح المحفوظ وتقريره.
__________

1 يرى بعضهم أن قوله إن بطش ربك هو جواب القسم والسماء ذات البروج. وأنه وإن كان جائزا فإن تقديره في أول الكلام أولى من تأخيره. وهذه الآية مستأنفة تحمل الوعيد والتعريض بمجرمي قريش كأبي جهل وأضرابه.
2 إنه هو يبدئ ويعيد الجملة تعليلية إذ الذي يبدي ويعيد لا يكون بطشه إلا قويا شديدا ومن مظاهر الكمال الإلهي جمعه بين صفتي البطش, والمغفرة والود, فهنيئا لأوليائه, ويا ويل من أعدائه.
3 روي أن أناسا دخلوا على أبي بكر في مرضه الذي مات فيه يعودونه فقالوا له ألا نأتيك بطبيب؟ قال قد رآني قالوا فما قال لك؟ قال قال لي: إني فعال لما أريد وفي بعض الروايات قال الطبيب أمرضني.
4 فهو قادر على أن ينزل بهم ما أنزل بفرعون، وعاد وثمود قبله.
5 بل للإضراب الإبطالي أي ليس القرآن كما يصفونه بأنه أساطير الأولين، وإفك مفترى وما إلى ذلك مما قالوه في القرآن من رده وعدم الإيمان به بل هو قرآن مجيد بالغ الغاية في المجد والشرف والسمو والعلو في ألفاظه ومعانيه، وما يخمل من هدى وتشريع وأنه في مناعته لا تصل إليه أيدي الخلق بالتحريف والتبديل إذ هو في لوح محفوظ.
6 قرأ نافع وحده يرفع محفوظ صفة القرآن وجوه الباقون حفص وغيره على أنه نعت للفظ لوح وحفظ اللوح حفظ القرآن المكتوب عليه.

****************************** ********

يتبع

ابوالوليد المسلم 10-08-2022 09:44 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
سورة الطارق
مكية وآياتها سبع عشرة آية

بسم الله الرحمن الرحيم
والسماء والطارق (1) وما أدراك ما الطارق (2) النجم الثاقب (3) إن كل نفس لما عليها حافظ (4) فلينظر الأنسان مم خلق (5) خلق من ماء دافق (6) يخرج من بين الصلب والترائب (7) إنه على رجعه لقادر (8) يوم تبلى السرائر (9) فما له من قوة ولا ناصر (10) والسماء ذات الرجع (11) والأرض ذات الصدع (12) إنه لقول فصل (13) وما هو بالهزل (14) إنهم يكيدون كيدا (15) وأكيد كيدا (16) فمهل الكافرين أمهلهم رويدا (17)

شرح الكلمات:
والطارق: أي كل ما يطرق ويأتي ليلا وسمي النجم طارقا لطلوعه ليلا.
النجم الثاقب: أي الثريا والثاقب المضيء الذي يثقب الظلام بنوره.
لما عليها حافظ: أي إلا عليها حافظ من الملائكة يحفظ عملها.
خلق من ماء دافق: أي ماء ذي اندفاق وهو بمعنى مدفوق أي مصبوب في الرحم.
من بين الصلب والترائب: الصلب: عظم الظهر من الرجل، والترائب عظام الصدر والواحدة تربية.
يوم تبلى السرائر: أي تختبر ضمائر القلوب في العقائد والنيات. والسرائر جمع سريرة كالسر.
ذات الرجع: أي ذات المطر لرجوعه كل حين والرجع من أسماء المطر.
ذات الصدع: أي التصدع والتشقق بالنبات.
لقول فصل: أي يفصل بين الباطل وفي الخصومات يقطعها بالحكم الجازم.
وما هو بالهزل: أي باللعب والباطل بل هو الجد كل الجد.
يكيدون كيدا: أي يعملون المكائد للنبي صلى الله عليه وسلم.
وأكيد كيدا: أي أستدرجهم من حيث لا يعلمون لأوقعهم في المكروه.
أمهلهم رويدا: أي زمنا قليلا وقد أخذهم في بدر.
معنى الآيات:
قوله تعالى {والسماء والطارق} 1 هذا قسم إلهي حيث أقسم تعالى بالسماء والطارق ولما كان لفظ الطارق يشمل كل طارق آت بليل. وأراد طارقا معيينا فخم من شأنه بالاستفهام عنه الدال على تهويله فقال {2وما أدراك ما الطارق} ثم بينه بقوله {النجم الثاقب} وكل نجم هو ثاقب للظلام بضوئه. والمراد به هنا الثريا لتعارف العرب على إطلاق النجم على الثريا. هذا هو القسم والمقسم عليه هو قوله تعالى {إن كل نفس3 لما عليها حافظ} 4. وهنا قراءتان سبعيتان الأولى بتخفيف ميم لما وحينئذ تصبح زائدة لتقوية الكلام لا غير واللام للفرق بين أن النافية والمؤكدة الداخلة على الاسم وهو هنا ضمير شأن محذوف والتقدير أنه على أي الحال والشأن كل نفس عليها حافظ. والثانية بتشديد لما وحينئذ تكون إن نافية بمعنى ما ولما بمعنى إلا ويصير الكلام هكذا. ما كل نفس إلا عليها حافظ من ربها يحفظ عملها ويحصي عليها ما تكسب من خير وشر. وقوله تعالى {فلينظر الإنسان5} أي الكافر المكذب بالبعث والجزاء {مم خلق} أي من أي شيء خلق. وبين تعالى مما خلقه بقوله {خلق من6 ماء دافق} أي ذي اندفاق وهو المني يصب في الرحم يخرج من بين الصلب والترائب أي يخرج الماء من صلب الرجل وهو عظام ظهره وترائب المرأة وهي محل القلادة من صدرها, وقد اختلف في تقدير فهم هذا الخبر عن الله تعالى وجاء
العلم الحديث فشرح الموضوع وأثبت أن ماء الرجل يخرج حقا مما ذكر الله تعالى في هذه الآية وأن ماء المرأة كذلك يخرج مما وصف عز وجل وصدق الله العظيم. وقوله تعالى {إنه على رجعه7 لقادر} أي الذي خلقه مما ذكر من ماء دافق فجعله بشرا سويا ثم أماته بعد أن كان حيا قادر على إرجاعه حيا كما كان وأعظم مما كان. وذلك يوم8 تبلى السرائر أي تختبر9 الضمائر وتكشف الأسرار وتعرف العقائد والنيات الصالحة من الفاسدة والسليمة من المعيبة ويومها {فما له من قوة ولا ناصر} ليس لهذا الكافر والمكذب بالبعث والحياة الثانية ماله قوة يدفع بها عن نفسه عذاب ربه ولا ناصر ينصره فيخلصه من العذاب. وقوله تعالى {والسماء ذات الرجع والأرض ذات الصدع} أقسم تعالى بالسماء ذات السحب والغيوم والأمطار, والأرض ذات التشقق عن النباتات والزروع المختلفة على أن القرآن الكريم قول فصل وحكم عدل في كل مختلف فيهمن الحق والباطل فما أخبر به وحكم فيه من أنه لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله, وأن الساعة آتية لا ريب فيها هو الحق الذي لا مرية فيه والصدق الذي لا كذب معه وقوله تعالى وما هو بالهزل أي وليس القرآن باللعب الباطل بل هو الحق من الله الذي لا باطل معه. وقوله تعالى {إنهم يكيدون كيدا} أي إن كفار قريش يمكرون بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم وبدعوته مكرا ويكدون لهم كيدا. وقوله {وأكيد كيدا} أي وأنا أمكر بهم أكيد لهم كيدا فمن يغلب مكره وكيده الخالق المالك أم المخلوق المملوك؟ فمهل الكافرين يا رسولنا أمهلهم قليلا, فقد كتبنا في كتاب عندنا {لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز} وقد أنجز الله وعده لرسوله والمؤمنين فلم يمض إلا سنيات قلائل, ولم يبق في مكة من سلطان إلا الله, ولا من معبود يعبد إلا الله.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- تقرير المعاد والبعث والجزاء.
2- تقرير أن أعما العباد محصية محفوظة وأن الحساب يجري بحسبها.
3- بيان مادة تكوين الإنسان ومصدر تكوين تلك المادة.
4- التحذير من إسرار الشر وإخفاء الباطل, وإظهار خلاف ما في الضمائر, فإن الله تعالى عليم بذلك, وسيختبر عباده في كل ما يسرون ويخفون.
5- إثبات أن القرآن قول فصل ليس فيه من الباطل شيء وقد تأكد هذا بمرور الزمان فقد صدقت أنباؤه ونجحت في تحقيق الأمن والاستقرار أحكامه.
__________

1 قال العلماء افتتاح السورة بالقسم تحقيق لما يقسم عليه وتشويق إليه.
2 وما أدراك استفهام المراد منه تهويل الأمر وتعظيمه.
3 الإخبار بأن كل نفس عليها حافظ يحفظ أعمالها لتحاسب عليه وتجزى بها إثبات للبعث الآخر بطريق الكناية.
4 قرأ نافع بتخفيف الميم من لما وشددها حفص.
5 الفاء للتفريع إذ الجملة متفرعة عن قوله إن كل نفس لما عليها حافظ إن شك الإنسان في حقيقة البعث فلينظر في أصل نشأته وجائز أن تكون الفاء الفصيحة.
6 هذا جواب الاستفهام (مم خلق) إذ من ابتدائية وما استفهامية وحذف ألفها تخفيفا لتقدم حرف الجر عليها نحو عم؟ ولم؟ والجار والمجرور متعلق بخلق بعده والإنسان منكر البعث.
7 جائز أن يكون على رجعه ماء في الصلب كما كان قادرا إلا أن ما في التفسير أولى بقرينة يوم تبلى السرائر وذلك يوم القيامة الذي هو يوم البعث.
8 تبلى نختبر وتمتحن لإظهار ما كان مستورا مخبوءا فيها من كفر وإيمان وخير وشر. ورد عن السلف أن الوضوء والغسل والصلاة والصيام والزكاة من السرائر, وأن حيض المرأة وحملها من السرائر إذ في إمكانها إخفاءه وإظهاره.
9 السرائر جمع سريرة وهي ما يسر العبد ويخفيه في نفسه. وما يستره من أعماله. قال الأحوص:
سيبقى لها في مضمر اقلب والحشاء
سريرة ود يوم تبلى السرائر

ابوالوليد المسلم 10-08-2022 09:45 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 



http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg
تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)

- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
الحلقة (875)

سورة الأعلى
مكية وآياتها تسع عشرة آية

المجلد الخامس (صـــــــ 556الى صــــ 558)

سورة الأعلى
مكية وآياتها تسع عشرة آية

بسم الله الرحمن الرحيم
سبح اسم ربك الأعلى (1) الذي خلق فسوى (2) والذي قدر فهدى (3) والذي أخرج المرعى (4) فجعله غثاء أحوى (5) سنقرئك فلا تنسى (6) إلا ما شاء الله إنه يعلم الجهر وما يخفى (7) ونيسرك لليسرى (8) فذكر إن نفعت الذكرى (9) سيذكر من يخشى (10) ويتجنبها الأشقى (11) الذي يصلى النار الكبرى (12) ثم لا يموت فيها ولا يحيى (13)

شرح الكلمات:
سبح اسم ربك: أي نزه اسم ربك أن يسمى به غيره وأن يذكر بسخرية أو لعب أي لا يذكر إلا بإجلال وإكبار ونزه ربك عما لا يليق به من الشرك والصاحبة والولد والشبيه والنظير.
الأعلى: أي فوق كل شيء والقاهر لكل شيء.
الذي خلق فسوى: أي الإنسان فسوى أعضاءه بأن جعلها متناسبة غير متفاوتة.
والذي قدر فهدى: أي قدر ما شاء لمن شاء وهداه إلى إتيان ما قدر له وعليه.
والذي أخرج المرعى: أي أنبت العشب والكلأ.
فجعله غثاء أحوى: أي بعد الخضرة والنضرة هشيما يابسا أسود.
سنقرئك فلا تنسى: أي القرآن فلا تنساه بإذننا.
إلا ما شاء الله: أي إلا ما شئنا أن ننسيكه فإنك تنساه وذلك إذا أراد الله تعالى نسخ شيء من القرآن بلفظه فإنه ينسي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ونيسرك لليسرى: أي للشريعة السهلة وهي الإسلام.
فذكر إن نفعت الذكرى: أي من تذكر أو لم تنفع ومعنى ذكر أي عظ بالقرآن.
ويتجنبها: أي الذكرى أي يتركها جانبا فلا يلتفت إليها.
الأشقى: أي الكافر الذي كتبت شقاوته أزلا.
يصلى النار الكبرى: أي نار الدار الآخرة.
لا يموت فيها ولا يحيى: أي لا يموت فيستريح, ولا يحيا فيهنأ.
معنى الآيات:
قوله تعالى {سبح اسم ربك الأعلى} 1 هذا أمر من الله تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم وأمته تابعة له بأن ينزه اسم2 ربه عن أن يسمى به غيره, أو أن يذكر في مكان قذر, أو أن يذكر بعدم إجلال وإحترام, والأعلى صفة للرب تبارك وتعالى دالة على علوه على خلقه فالخلق كله تحته وهو قاهر له وحاكم فيه. الذي خلق فسوى أي أوجد من العدم المخلوقات وسوى خلقها كل مخلوق بحسب ذاته فعدل أجزاءه وسوى بينها وفلا تفاوت فيها {والذي قدر فهدى} أي قدر الأشياء في كتاب المقادير من خير غيره وهدى كل مخلوق إلى ما قدره له أو عليه فهو طالب له حتى يدركه في زمانه ومكانه وعلى الصورة التي قدر عليها {والذي أخرج المرعى} أي ما ترعاه البهائم من الحشيش والعشب والكلأ. {فجعله غثاء أحوى3} أي فجعله بعد الخضرة والنضرة هشيما متفرقا يابسا بين سواد وبياض وهي الحوة هذه خمس آيات الآية الأولى تضمنت الأمر بتنزيه اسم الله والأربع بعدها في التعريف به سبحانه وتعالى حتى يعظم اسمه وتعظم ذاته وتنزه عن الشريك والصاحبة والولد وقوله تعالى {سنقرئك فلا تنسى} هذه عدة من الله تعالى لرسوله. لعل سببها أنه كان صلى الله عليه وسلم إذا جاءه جبريل بالآيات يخاف نسيانها فيستعجل قراءتها قبل فراغ جبريل عليه السلام من إملائها عليه فيحصل له بذلك شدة فطمأنه ربه أنه لا ينسى ما يقرئه جبريل {إلا ما شاء4 الله} أن ينسيه إياه لحكمة اقتضت ذلك فأنه ينساه فقد كان صلى الله عليه وسلم ينسى وذلك لما أراد الله أن ينسخه من كلامه.
وقوله تعالى {إنه يعلم الجهر وما يخفى} هذه الجملة تعليلية لقدرة الله تعالى على أن يحفظ على رسوله القرآن فلا ينساه ومعنى يعلم الجهر وما يخفى أي أن الله تعالى يعلم ما يجهر به المرء من قراءة أو حديث وما يخفيه الكل يعلمه الله بخلاف عباده فإنهم لا يعلمون ما يخفى عليهم ويسر به وقوله تعالى {ونيسرك لليسرى} أي للطريقة السهلة الخالية من الحرج وهي الشريعة الإسلامية التي بنيت على أساس أن لا حرج في الدين (وما جعل عليكم في الدين من حرج) وقوله تعالى {فذكر إن نفعت5 الذكرى} من آيسناك من إيمانهم أو لم تنفع. لأنه صلى الله عليه وسلم مأمور بالبلاغ فيبلغ الكافر والمؤمن ويذكر الكافر والمؤمن. والأمر بعد لله. وقوله تعالى {سيذكر من يخشى} أي سيذكر ويتعظ من يخشي عقاب الله لإيمانه به ومعرفته له {ويتجنبها} أي الذكرى {الأشقى} أي أشقى الفريقين فريق من يتذكر وفريق من لا يتذكر {الذي يصلى النار الكبرى} أي يدخل النار الكبرى نار يوم القيامة {ثم لا يموت فيها} من جراء عذابها فيستريح {ولا يحيى} 6 فيهنأ ويسعد إذ الشقاء لازمه. وهذه حال أهل النار ونعوذ بالله من حال أهل النار.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- وجوب تسبيح اسم الله وتنزيهه عما لا يليق به كوجوب تنزيه ذات الله تعالى عن كل ما لا يليق بجلاله وكماله.
2- مشروعية قول سبحان ربي الأعلى عند قراءة هذه الآية سبح اسم ربك الأعلى.
3- وجوب التسبيح بها في السجود في كل سجدة من الصلاة سبحان ربي الأعلى ثلاثا فأكثر.
4- مشروعية قراءة هذه السورة في الوتر فيقرأ في الركعة الأولى بالفاتحة والأعلى وفي الثانية بالفاتحة والكافرون، وفي ركعة الوتر بالفاتحة والصمد أو الصمد والمعوذتين.
5- أحب الرسول صلى الله عليه وسلم سورة الأعلى لأنها سورة ربه وأن ربه بشره فيها بشارتين عظيمتين الأولى أنه ييسره لليسرى، ومن ثم ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين شيئين إلا اختار أيسرهما والثانية أنه حفظه من النسيان بأن جعله لا ينسى. ولذا كان يصلي بهذه السورة الجمع والأعياد والوتر في كل ليلة فصلى الله عليه وسلم.
__________

1 روي في السنن لما نزلت (سبح اسم ربك الأعلى) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "اجعلوها في سجودكم". فكانوا يقولون في سجودهم سبحان ربي الأعلى ثلاثا فأكثر.
2 إن تنزيه الاسم مستلزم لتنزيه المسمى, فلذا لا حاجة إلى القول بأن اسم صلة قصد بها تعظيم المسمى. استشهادا بقول لبيد:
إلى الحول تم اسم السلام عليكما
فتنويه اسم الله وتقديسه مطلوب
بل من أسمى المطالب, وتنزيه الله تعالى يكون بنفي الشريك عنه والولد ونفي كل نقص عنه قولا واعتقادا وما يقرر أن تنزيه الاسم مستلزم لتنزيه المسمى قول الرسول صلى الله عليه وسلم اجعلوها في سجودكم. لأنها دالة على تعظيم الرب تعالى وتعظيمه.
3 الأحوى: الموصوف بالحوة وهي لون من الألوان سمرة تقرب من السواد, وأحوى صفة لغثاء الذي هو اليابس من النبات.
4 الاستثناء مفرغ أي إلا الذي شاء الله أن تنساه فإنك تنساه؟.
5 في الجملة تعريض بأن بين كفار قريش من لم تنفعهم الذكرى، ومع هذا فالتذكير متعين للجميع إقامة للحجة.
6 قوله ولا يحيا في الجملة احتراس مما قد يظن أنه ما دام الجهنمي أنه لا يموت فسوف يحيى حياة عادية لا عذاب فيها فرفع هذا التوهم بهذه الجملة (ولا يحيى) أي حياة راحة من العذاب كما قال القائل:
ألا ما لنفس لا تموت فينقضي
عناها ولا تحيا حياة لها طعم

****************************** *

يتبع

ابوالوليد المسلم 10-08-2022 09:45 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
قد أفلح من تزكى (14) وذكر اسم ربه فصلى (15) بل تؤثرون الحياة الدنيا (16) والآخرة خير وأبقى (17) إن هذا لفي الصحف الأولى (18) صحف إبراهيم وموسى (19)
شرح الكلمات:
أفلح: أي فاز بأن نجا من النار، ودخل الجنة.
من تزكى: أي تطهر بالإيمان وصالح الأعمال بعد التخلي عن الشرك والمعاصي.
وذكر اسم ربه أي في كل أحايينه عند الأكل وعند الشرب وعند النوم وعند الهبوب منه وفي الصلاة وخارج الصلاة من تسبيح وتحميد وتهليل وتكبير.
فصلى: أي الصلوات الخمس والنوافل من رواتب وغيرها.
تؤثرون: أي تقدمون وتفضلون الدنيا على الآخرة.
إن هذا لفي الصحف الأولى: أي إن هذا وهو قوله قد أفلح إلى قوله وأبقى.
صحف إبراهيم: إذ كانت عشر صحف.
وموسى: أي توراته.
معنى الآيات:
قوله تعالى {قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى} يخبر تعالى بفلاح عبد مؤمن زكى 1نفسه أي طهرها بالإيمان وصالح الأعمال، وذكر اسم ربه على كل أحايينه عند القيام من النوم عند الوضوء بعد الوضوء في الصلاة وبعد الصلاة وعند الأكل والشرب وعند اللباس فلا يخلو من ذكر الله ساعة فصلى الصلوات الخمس وصلى النوافل. ومعنى الفلاح الفوز والفوز هو النجاة من المرهوب والظفر بالمرغوب المحبوب. والمراد منه في الآية النجاة من النار ودخول الجنة لآية آل عمران {فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز} . وقوله تعالى {بل تؤثرون الحياة الدنيا} أيها الناس أي تفضلونها على الآخرة فتعلمون لها وتنسون الآخرة فلا تقدمون لها شيئا.
هذا هو طبعكم أيها الناس إلا من ذكر الله فصلى بعد أن آمن واهتدى في حين أن الآخرة خير من الدنيا وأبقى خير نوعا وأبقى مدة حتى قال الحكماء2 لو كانت الدنيا من ذهب والآخرة من خزف.. طين لاختار العاقل ما يبقى على ما يفنى، لأن الدنيا فانية والآخرة باقية وقوله تعالى {إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى} أي إن قوله تعالى قد أفلح من تزكى إلى قوله خير وأبقى مذكور في كل من صحف إبراهيم وكانت له عشر صحف ولموسى3، التوراة.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- الترغيب في الزكاة والذكر والصلاة، ويحصل هذا للمسلم كل عيد فطر إذ يخرج زكاة الفطر أولا ثم يأتي المسجد يكبر، ثم يصلي حتى أن بعضهم يرى أن هذه الآية نزلت في ذلك.
2- التزهيد في الدنيا والترغيب في الآخرة لفناء الدنيا وبقاء الآخرة.
3- توافق الكتب السماوية دليل أنها وحي الله وكتبه أنزلها على رسله عليهم السلام.
__________

1 قوله تزكى فيه معنى المعالجة وهي أنه عمل على تزكية نفسه بإبعادها عما يخبثها من الشرك والآثام، ثم بتحليتها بالعبادات المزكية لها وهي الإيمان وصالح الأعمال.
2 قال مالك بن دينار ونص كلمته كالتالي: لو كانت الدنيا من ذهب يفنى والآخرة من خزف يبقى لكان الواجب أن يؤثر خزف يبقى على ذهب يفنى. قال فكيف والآخرة من ذهب يبقى والدنيا من خزف يفنى؟
3 لقد كان لموسى صحف كثيرة إذ هي مجموع صحف أسفار التوراة والصحف جمع صحيفة على غير قياس إذ القياس صحائف وصار صحف أشهر وأفصح من صحائف كما قالوا في جمع سفينة سفن فكان أفصح من سفائن.

ابوالوليد المسلم 10-08-2022 09:46 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 



http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg
تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)

- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
الحلقة (876)

سورة الغاشية
مكية وآياتها ست وعشرون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 558الى صــــ 564)

سورة الغاشية
مكية وآياتها ست وعشرون آية

بسم الله الرحمن الرحيم
هل أتاك حديث الغاشية (1) وجوه يومئذ خاشعة (2) عاملة ناصبة (3) تصلى نارا حامية (4) تسقى من عين آنية (5) ليس لهم طعام إلا من ضريع (6) لا يسمن ولا يغني من جوع (7) وجوه يومئذ ناعمة (8) لسعيها راضية (9) في جنة عالية (10) لا تسمع فيها لاغية (11) فيها عين جارية (12) فيها سرر مرفوعة (13) وأكواب موضوعة (14) ونمارق مصفوفة (15) وزرابي مبثوثة (16)

شرح الكلمات:
هل أتاك: أي قد جاءك.
الغاشية: أي القيامة وسميت الغاشية لأنها تغشى الناس بأهوالها.
وجوه يومئذ: أي يوم إذ تقوم الساعة.
خاشعة: أي ذليلة أطلق الوجوه وأراد أصحابها.
عاملة ناصبة: أي ذات نصب وتعب بالسلاسل والأغلال وتكليف شاق الأعمال.
تصلى نارا حامية: ترد هذه الوجوه نارا حامية قد اشتدت حرارتها.
تسقى من عين آنية: أي بلغت أناها من الحرارة يقال أني الحميم إذا بلغ منتهاه.
إلا من ضريع: أي أخبث طعام وأنتنه، وضريع الدنيا نبت يقال له الشبرق لا ترعاه الدواب لخبثه.
وجوه يومئذ ناعمة: أي حسنة نضرة.
لسعيها راضية: أي لعملها الصالحات في الدنيا راضية في الآخرة لما رأت من ثوابها.
لاغية: أي كلمة لاغية من اللغو والباطل.
وأكواب: أقداح لا عرا لها موضوعة على حافة العين للشرب.
ونمارق مصفوفة: أي ومساند جمع نمرقة مصفوفة الواحدة إلى جنب الأخرى للاستناد إليها.
وزرابي مبثوثة: أي بسط وطنافس لها خمل وما لا خمل لها يسمى سجادة ومعنى مبثوثة مفروشة هنا وهناك مبسوطة.
معنى الآيات:
قوله تعالى {هل أتاك1 حديث الغاشية2} هذا خطاب من الله تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم يقول له فيه هل أتاك نبأ الغاشية وخبرها العظيم وحديثها المهيل المخيف إن لم يكن أتاك فقد أتاك الآن إنه حديث القيامة التي تغشي الناس بأهوالها وصعوبة مواقفها واشتداد أحوالها وإليك عرضا سريعا لبعض ما يجري فيها: {وجوه ي3ومئذ} تغشاهم الغاشية {خاشعة} ذليلة {ناصبة} أي
ذات نصب وتعب من جر السلاسل والأغلال، وتكليف أشق الأعمال {تصلى نارا حامية} أي ترد نارا {تسقى} أي فيها {من عين آنية} قد بلغت أناها وانتهت إلى غايتها في حرارتها هذا هو الشراب أما الطعام فإنه ليس لهم طعام إلا من ضريع4 قبيح اللون خبيث الطعم منتن الريح، {لا يسمن} آكله ولا يغنيه من جوع. هذه حال من كفر وفجر كفر بالله وبآياتها ولقائه ورسوله، أو فجر عن طاعة الله ورسوله فترك الفرائض وغشي المحارم هذه وجوه ووجوه5 يومئذ ناعمة أي نضرة حسنة فإنها لسعيها راضية أي لسعيها في الدنيا وهو إيمانها وصبرها إيمانها وجهادها إيمانها وتقواها إيمانها وعملها الصالح أصحاب هذه الوجوه راضون بأعمالهم لما رأوا من ثوابها والجزاء عليها.
إنهم أدخلوا في جنة عالية لا يقادر علاها، لا تسمع6 فيها لاغية أي كلمة باطلة تنغص سعادتهم ولا كلمة نابية تقلق راحتهم. فيها عين جارية من غير أخدود حفر لها، فيها سرر مرفوعة قدرا وحالا ومكانا، وأكواب أقداح لا عرا لها من ذهب وفضة موضوعة لشربهم إن شاءوا وشربوا بأيديهم أو ناولتهم غلمانهم، ذاك لون من الشراب أما الفراش فإنها سرر مرفوعة، ونمارق مصفوفة وزرابي مبثوثة، وسائد قد صفت للراحة والاتكاء الواحدة إلى جنب الأخرى طنافس ذات خمائل مبثوثة مفروشة هنا وهناك مبسوطة. هذه لمحة خاطفة عن الدار الآخرة تعتبر ذكرى للذاكرين وعظة للمتقين.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- تقرير عقيدة البعث والجزاء بذكر عرض سريع لها.
2- من أسماء القيامة الغاشية لأنها تغشى الناس بأهوالها.
3- بيان أن في النار نصبا وتعبا. على عكس الجنة فإنها لا نصب فيها ولا تعب.
4- من مؤلمات النفس البشرية لغو الكلام وكذبه باطله وهو ما ينزه عنه المؤمنون أنفسهم.
__________

1 افتتح تعالى هذه السورة بالاستفهام بهل المفيد لمعنى قد التي هي للتحقيق من أجل التشويق إلى ما يخبر به لما فيه من العلم والمعرفة وما يحوي من موعظة كبرى.
2 الغاشية: القيامة علم لها بالغلبة واشتق لها هذا الاسم من الغشيان الذي هو التغطية إذ هي تغطي الناس بأهوالها وتذهل عقولهم وتغطيها.
3 هذه الجملة بيان لجملة حديث الغاشية بينها بذكر أحوالها وأهوالها إذ المقصود العبرة وتقرير البعث الذي أنكرره المشركون وذكر الوجوه كناية عن أصحابها إذ يطلق الوجه ويراد به الذات.
4 الضريع هو يابس ثمر الشبرق بكسر الشين وإسكان الباء وكسر الراء وهو نبت ذو شوك فإذا يبس يقال له ضريع ويصير مسموما أي فيه مادة السم القاتلة هذا طعام أهل النار وجائز أن يكون الضريع شجر في النار ينتج عنه عصير الغسلين.
5 وجوه يومئذ ناعمة. هذه الجملة غير معطوفة على الوجوه الأولى، لأن المقصود من الكلام هو بيان القيامة وما يكون فيها من عذاب وشقاء للمكذبين بها. فلما تم الحديث عنها قد يتشوق السامع إلى معرفة حال المؤمنين بها فأجيب بقوله وجوه يومئذ ناعمة الخ ... فهو استئناف بياني.
6 قرأ نافع لا تسمع بالبناء للمجهول ولاغية نائب فاعل وقرأ حفص لا تسمع بالبناء للفاعل ولاغية مفعول به.

****************************

يتبع

ابوالوليد المسلم 10-08-2022 09:46 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت (17) وإلى السماء كيف رفعت (18) وإلى الجبال كيف نصبت (19) وإلى الأرض كيف سطحت (20) فذكر إنما أنت مذكر (21) لست عليهم بمصيطر (22) إلا من تولى وكفر (23) فيعذبه الله العذاب الأكبر (24) إن إلينا إيابهم (25) ثم إن علينا حسابهم (26)
شرح الكلمات:
أفلا ينظرون: أي أينكرون البعث فلا ينظرون نظر اعتبار.
إلى الإبل كيف خلقت: أي خلقا بديعا معدولا به عن سنن سائر المخلوقات.
وإلى السماء كيف رفعت: أي فوق الأرض بلا عمد ولا مستند.
وإلى الجبال كيف نصبت: أي على وجه الأرض نصبا ثابتا لا يتزلزل.
وإلى الأرض كيف سطحت: أي بسطت.
فذكر: أي ذكرهم بنعم الله ودلائل توحيده.
بمسيطر: أي بمسلط.
معنى الآيات:
قوله تعالى {أفلا ينظرون} 1 أي أينكرون البعث والجزاء وما أعد الله لأوليائه من النعيم المقيم وما أعد لأعدائه من عذاب الجحيم. أفلا ينظرون نظرة اعتبار إلى الإبل كيف خلقت2، وإلى السماء كيف رفعت وإلى الجبال كيف نصبت وإلى الأرض كيف سطحت فهل خلق الإبل على تلك الصورة العجيبة وذاك التسخير لها وما فيها من منافع إذ يشرب لبنها ويركب ظهرها ويؤكل لحمها لا يدل على قدرة الخالق على إحياء الموتى وهل خلق السماء بكواكبها وشمسها وقمرها ثم رفعها بغير عمد يدعمها ولا سند يسندها لا يدل على قدرة الله على بعث الموتى أحياء ليحاسبهم ويجزيهم، وهل نصب الجبال بعد خلق ترابها وإيجاد صخورها لا يدل على قدرة الله خالقها
على بعث الرمم وإحياء الأجساد البالية كيف شاء ومتى شاء وهل خلق الأرض بكل ما فيها ثم بسطها وتسطيحها للحياة عليها والسير فوقها وتعميرها بأنواع العمران لا يدل على قدرة الله على البعث والجزاء. فما للقوم لا ينظرون3 ولا يفكرون وقوله تعالى {فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمصيطر} بعد لفت أنظار المشركين إلى ما لو نظروا إليه وتفكروا فيه لاهتدوا إلى الحق وعرفوا أن الخالق لكل شيء لا يعجزه بعث عباده ولا جزاؤهم. أمر رسوله أن يقوم بالمهمة التي أنيطت به وهي التذكير دون الهداية التي هي لله وحده دون سواه فقال له {فذكر إنما أنت مذكر} أي ذكر بمظاهر قدرتنا وآياتنا في الآفاق وآلائنا على العباد إنما أنت مذكر ليس غير. وقوله {لست عليهم بمصيطر} أي بمتسلط تجبرهم على الإيمان والاستقامة وقوله {إلا من 4تولى وكفر فيعذبه الله العذاب الأكبر} أي لكن من تولى عن الإيمان فكفر بآياتنا ورسولنا ولقائنا فيعذبه الله العذاب الأكبر وهو عذاب الآخرة. وقوله تعالى {إن إلينا إيابهم} أي رجوعهم إلينا لا إلى غيرنا. {ثم إن علينا} لا على غيرنا {حسابهم} ومن ثم سوف نجزيهم الجزاء اللائق بهم، ولذا فلا يضرك يا رسولنا إعراضهم ولا توليهم. وحسبك تذكيرهم فمن اهتدى نجا ونجاته لنفسه، ومن ضل فإنما يضل عليها إذ عاقبة ضلاله وهي الخسران التام عائدة عليه.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- تقرير البعث والجزاء بالدعوة إلى النظر إلى الأدلة الموجبة للإيمان به.
2- بيان أن الداعي إلى الله تعالى مهمته الدعوة دون هداية القلوب فإنها إلى الله تعالى وحده.
بيان أن مصير البشرية إلى الله تعالى وهي حال تقتضي الإيمان به تعالى وطاعته طلبا للنجاة من عذابه والفوز برحمته. وهو مطلب كل عاقل لو أن الناس يفكرون.
__________

1 هذا الكلام متفرع عما سبق إذ إنكار المشركين للبعث والجزاء وللتوحيد الناتج عن جهلهم وغفلتهم وعدم تفكرهم فلذا استحثهم على النظر والتفكر موبخا لهم على ترك ذلك.
2 كيف خلقت بدل اشتمال من الإبل، وكيف في محل نصب على الحال والعامل فيه ما ذكر بعدها وأما وإلى السماء وما بعدها فإنها معطوفات على جملة إلى الإبل وإعراب كيف واحد والإبل اسم جمع للبعران لا مفرد لها من لفظه.
3 من مظاهر رحمة الله ولطفه بعباده أن يوجه عباده إلى سبيل هدايتهم توجيها خاليا من العناء والمشقة فالعربي يركب بعيره في طريقه إلى حاجته فينظر إليه وهو راكبه وينظر إلى السماء فوقه وإلى الجبال حواليه وإلى الأرض تحت قدميه فيسأل أليس القادر على خلق هذا قادرا على البعث؟ فيجيب نفسه بلى إنه قادر.
4 روي أن عليا أتى بمرتد عن الإسلام فاستتابه ثلاثة أيام فلم يتب وأصر على الردة فضرب عنقه وقرأ {إلا من تولى وكفر} .

ابوالوليد المسلم 10-08-2022 09:47 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 


http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg
تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)

- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
الحلقة (877)

سورة الفجر
مكية وآياتها ثلاثون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 564الى صــــ 569)


سورة الفجر
مكية وآياتها ثلاثون آية

بسم الله الرحمن الرحيم
والفجر (1) وليال عشر (2) والشفع والوتر (3) والليل إذا يسر (4) هل في ذلك قسم لذي حجر (5) ألم تر كيف فعل ربك بعاد (6) إرم ذات العماد (7) التي لم يخلق مثلها في البلاد (8) وثمود الذين جابوا الصخر بالواد (9) وفرعون ذي الأوتاد (10) الذين طغوا في البلاد (11) فأكثروا فيها الفساد (12) فصب عليهم ربك سوط عذاب (13) إن ربك لبالمرصاد (14)

شرح لكلمات:
والفجر: أي فجر كل يوم.
وليال عشر: أي عشر ذي الحجة.
والشفع والوتر: أي الزوج والفرد.
والليل إذا يسر: أي مقبلا أو مدبرا.
لذي حجر: أي حجى وعقل.
بعاد إرم: هي عاد الأولى.
ذات العماد: إذ كان طول الرجل منهم اثنى عشر ذراعا.
جابوا الصخر بالواد: أي قطعوا الصخر جعلوا من الصخور بيوتا بوادي القرى.
ذي الأوتاد: أي صاحب الأوتاد وهي أربعة أوتاد يشد إليها يدي رجلي من يعذبه.
طغوا في البلاد: أي تجبروا فيها وظلموا العباد وأكثروا فيها الفساد.
فأكثروا فيها الفساد: أي الشرك والقتل.
سوط عذاب: أي نوع عذاب.
لبالمرصاد: أي يرصد أعمال العباد ليجزيهم عليها.
معنى الآيات:
قوله تعالى {والفجر وليال عشر والشفع والوتر1 والليل إذا يسر} هذه أربعة أشياء قد أقسم الله تعالى بها وهي الفجر وفي كل يوم فجر وجائز أن يكون قد أراد تعالى فجر يوم معين وجائز أن يريد فجر كل يوم {وليال عشر} وهي العشر الأول من ذي شهر الحجة وفيها عرفة والأضحى وقد أشاد بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال "ما من2 أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله تعالى من عشر ذي الحجة " والشفع وهو كل زوج والوتر3 وهو كل فرد فهو إقسام بالخلق كله {والليل إذا يسر} مقبلا أو مدبرا فهو بمعنى والليل إذا سار والسير يكون صاحبه ذاهبا أو آيبا وقوله تعالى {هل في ذلك قسم لذي حجر} أي لذي حجر ولب وعقل أي نعم فيه قسم عظيم وجواب القسم أو المقسم عليه جائز أن يكون قوله تعالى {إن ربك لبالمرصاد} الآتي, وجائز أن يكون مقدرا مثل لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم وذلك على الله يسير, وهذا لأن السورة مكية وهي تعالج العقيدة ومن أكبر ما أنكره المشركون البعث والجزاء فلذا هذا الجواب مراد ومقصود. ويدل عليه ما ذكر تعالى من مظاهر قدرته في الآيات بعد والقدرة هي التي يتأتى بها البعث والجزاء فقال عز وجل {ألم تر كيف4 فعل ربك} أي ألم تنظر بعيني قلبك كيف فعل ربك5 بعاد إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد وهي عاد الأولى قوم هود الذين قالوا من أشد منا قوة, وقال لهم نبيهم هود وزادكم في الخلق بسطة فقد كان طول الرجل منهم اثنى عشر ذراعا, ولفظ إرم عطف بيان لعاد فإرم هي عاد قوم هود ووصفها بأنها ذات عماد وأنها لم يخلق مثلها في البلاد هو وصف لها بالقوة والشدة وفعلا كانوا أقوى الأمم وأشدها ولازم طول الأجسام أن تكون أعمدة المنازل كأعمدة الخيام من الطول ما يناسب سكانها في طولهم. ومع هذه القوة والشدة فقد أهلكهم الله الذي هو أشد منهم قوة وقوله تعالى {وثمود الذين6 جابوا الصخر بالواد} . أي وانظر كيف فعل ربك بثمود وهم أصحاب الحجر (مدائن صالح) شمال المدينة النبوية قوم صالح الذين كانوا أقوياء أشداء حتى
إنهم قطعوا الصخور نحتا لها فجعلوا منها البيوت والمنازل كما قال تعالى عنهم {وتنحتون من الجبال بيوتا} والمراد بالواد واديهم الذي كان بين جبلين من جبالهم التي ينحتون منها البيوت. فمعنى جابوا الصخر بالواد أي قطعوا الصخور بواديهم وجعلوا منها مساكن لهم تقيهم برد الشتاء القارص وحر الصيف اللافح, ومع هذا فقد أهلكهم الله ذو القوة المتين وقوله {وفرعون ذي الأوتاد الذين طغوا في7 البلاد فأكثروا فيها الفساد} وانظر يا رسولنا كيف فعل ربك بفرعون صاحب المشانق والقتل والتعذيب إذ كان له أربعة أوتاد إذا أراد قتل من كفر به وخرج عن طاعته قيد كل يد بوتد ويقتله كما هي المشانق التي وضعها الطغاة الظلمة فيما بعد. وقوله تعالى {الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد} وهو الشرك والمعاصي فأهلكهم الله أجمعين عاد إرم وثمود وفرعون وملأه إذ صب عليهم ربك سوط عذاب8 أي نوع عذاب من أنواع عذابه فأهلك عاد إرم بالريح الصرصر، وثمود بالصيحة العاتية، وفرعون بالغرق في البحر. وقوله تعالى {إن ربك لبالمرصاد} أي لكل جبار عات وطاغية ظالم أي هو تعالى يرصد أعمال العباد ليجزيهم بها في الدنيا وفي الآخرة. ولفظ المرصاد يطلق على مكان يرصد فيه تحركات الصيد الذي يصاد، أو تحركات العدو وهو كبرج المراقبة. والرب تبارك وتعالى فوق عرشه والخليقة كلها تحته يعلم ظواهرها وبواطنها ويراقب أعمالها ويجزيها بحسبها قال تعالى {وهو الله في السماوات وفي الأرض يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون} .
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- فضل الليالي العشر من أول ذي الحجة إلى العاشر منه.
2- بيان مظاهر قدرة الله في إهلاك الأمم العاتية والشعوب الظالمة مستلزم لقدرته تعالى على البعث والجزاء والتوحيد والنبوة وهو ما أنكره أهل مكة.
3- التحذير من عذاب الله ونقمه فإنه تعالى بالمرصاد فليحذر المنحرفون عن سبيل الله والحاكمون بغير شرعه والعاملون بغير هداه أن يصب عليهم سوط عذاب.
__________

1 لصلوحية الشفع والوتر لأشياء كثيرة ذكر القرطبي منها عددا كثيرا فروى عن عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الشفع والوتر الصلاة منها شفع ومنها وتر, وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال الشفع صلاة الصبح والوتر صلاة المغرب أولى ما يقال أن الله تعالى أقسم بكافة خلقه إذ كل ما عداه تعالى ما بين شفع ووتر, إذ الشفع ما يكون ثانيا لغيره, والوتر الشيء المفرد.
2 رواه مسلم وغيره.
3 قرأ نافع والجمهور والوتر بفتح الواو وكسرها حفص.
4 أفلم تر إستفهام تقريري والمخاطب به النبي صلى الله عليه وسلم وهو متضمن التعريض بالمشركين المعاندين, كما هو متضمن الوعد بنصر رسوله صلى الله عليه وسلم والرؤية قلبية أو هي بمعنى ألم ينتهي إلى علمك فعل ربك بعاد الخ..
5 عاد اسم أبي قبيلة وهو عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح عليه السلام.
6 وكون عاد إرم هم قوم هود عليه السلام يرجحه ذكر ثمود بعدهم في السياق كما هو في سائر قصص القرآن.
7 جائز أن يكون الموصول مراد به عاد إرم وثمود وفرعون, وكونه عائدا إلى فرعون أولى وإن كان الجميع طغوا في البلاد وأكثروا فيها الفساد بالشرك والظلم والفساد.
8 السوط آلة ضرب يتخذ من جلد يضفر ظفرا فيصبح كالعصا فتضرب به الخيل لتسرع في جريها، ويطلق العرب لفظ سوط على كل عذاب يكون فيه السوط، وسوط عذاب هو من إضافة الصفة إلى الموصوف إذ كلمة سوط صفة للعذاب والعرب يطلقون لفظ سوط العذاب على كل نهاية العذاب حتى قال الشاعر:
ألم تر أن الله أظهر دينه
وصب على الكفار سوط عذاب

****************************** ****

يتبع


ابوالوليد المسلم 10-08-2022 09:48 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
فأما الأنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن (15) وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن 16) كلا بل لا تكرمون اليتيم (17) ولا تحاضون على طعام المسكين (18) وتأكلون التراث أكلا لما (19)
وتحبون المال حبا جما (20)

شرح الكلمات:
فأما الإنسان: أي الكافر المشرك.
ابتلاه: أي اختبره.
وأكرمه ونعمه: أي بالمال والجاه ونعمه بالخيرات.
أكرمن: أي فضلني لمالي من مزايا على غيري.
فقدر عليه رزقه: أي ضيقه ولم يوسعه عليه.
أهانن: أي أذلني بالفقر ولم يشكر الله على ما وهبه من سلامة جوارحه والعافية في جسمه.
كلا: أي ليس الأمر كما يرى هذا الكافر ويعتقد ويقول.
التراث: أي الميراث.
أكلا لما: أي أكلا كثيرا ولما شديدا إذ يلمون نصيب النساء والأطفال لما لهم فلا يورثونهم من التركة.
حبا جما: أي حبا شديدا كثيرا.
معنى الآيات:
قوله تعالى {فأما الأنسان1 إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي2 أكرمن} لقد تقدم قول الله
تعالى {إن ربك لبالمرصاد} وهو دال على أن الله تعالى يحب من عبده أن يعبده ويشكره ليكرمه في دار كرامته يوم لقائه، وإعلام الله تعالى عباده بأنه بالمرصاد يراقب أعمالهم دلالته على أنه يخوفهم من معاصيه ويرغبهم في طاعته واضحة فتلخص من ذلك أن الله تعالى لا يرضى لعباده الكفر وأنه يحب لهم الشكر فأما الإنسان فماذا يحب وماذا يكره قال تعالى عنه فأما الإنسان وهو المشرك وأكثر الناس مشركون إذا ما ابتلاه ربه أي اختبره فأكرمه بالمال والولد والجاه ونعمه بالأرزاق والخيرات لينظر الله هل يشكر أو يكفر فيقول مفاخرا ربي أكرمن أي فضلني على غيري لما لي من فضائل ومزايا لم تكن لهؤلاء الفقراء وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن3 أي وأما إذا ما اختبره وضيق عليه رزقه لينظر تعالى عل يصبر العبد المختبر أو يجزع فيقول ربي أهانن أي أذلني فأفقرني.
وقوله تعالى {كلا4 بل لا تكرمون اليتيم ولا تحاضون على طعام المسكين وتأكلون التراث أكلا 5لما وتحبون المال حبا جما6} أي ألا فارتدعوا أيها الماديون الذين تقيسون الأمور كلها بالمقاييس المادة فالله جل جلاله يوسع الرزق اختبارا للعبد هل يشكر نعم الله عليه فيذكرها ويشكرها بالإيمان والطاعة ويضيق الرزق امتحانا هل يصبر العبد لقضاء ربه أو يجزع. وإنما أنتم أيها الماديون ترون أن في التوسعة إكراما وفي التضييق إهانة كلا ليس الأمر كذلك، ونظريتكم المادية هذه أتتكم من حبكم الدنيا واغتراركم بها ويشهد بذلك إهانتكم لليتامى وعدم إكرامكم لهم لضعفهم وعجزهم أمامكم، وعدم الاستفادة المادية منهم. وشاهد آخر أنكم لا تحضرن أنفسكم ولا غيركم على إطعام المساكين وهم جياع أمامكم، وآخر أنكم تأكلون التراث أي الميراث أكلا لما شديدا تجمعون مال الورثة من الأطفال والنساء إلى أموالكم. وتحرمون الضعيفين الأطفال والنساء. وآخر {وتحبون المال حبا جما} أي قويا شديدا. كلا ألا ارتدعوا وأخرجوا من دائرة هذه النظرية المادية قبل حلول العذاب، ونزول ما تكرهون. فآمنوا بالله ورسوله.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- النظرية المادية لم تكن حديثة عهد إذ عرفها الماديون في مكة من مشركي قريش قبل أربعة عشر قرنا.
2- وجوب إكرام اليتامى والحض على إطعام الجياع من فقراء ومساكين.
3- وجوب اعطاء المواريث لمستحقيها ذكورا أو إناثا صغارا أو كبارا.
4- التنديد بحب المال الذي يحمل على منع الحقوق، ويزن الأمور بميزانه قوة وضعفا.
__________

1 الفاء للتفريع وما بعدها متفرع عما قبلها، وفي التفسير بيان ذلك وتوضيحه فليتأمل.
2 قرأ نافع ربي في الموضعين بفتح الياء وقرأ حفص بسكون الياء ممدودة.
3 قرأ نافع أكرمني وأهانني بياء ساكنة في الوصل وبحذفها في الوقف وقرأ حفص بدون ياء في الوصل والوقف معا. وكتابة الياء مفصولة عن النون إشارة إلى أنها تحذف في الوقف.
4 كلا حرف زجر وردع للإنسان القائل أكرمن وأهانن إذ قوله باطل ولم يقم على علم بالإكرام ولا بالإهانة فالإكرام علته الاختبار هل يشكر العبد أو يكفر، وتقدير الرزق تضييقه علته الامتحان هل يصبر العبد أو يسخط هذه هي الحقيقة والعبد الكافر الجاهل يري أن الإكرام لشخص المكرم والإهانة كذلك.
5 لما أي جمعا شديدا يقال لممت الطعام ألمه إذا جمعته وأكلته ومنه قول بعضهم لم الله شملك أو شعثك أي جمع ما تفرق من أمرك.
6 جما أي كثيرا حلاله وحرامه إذ الجم الكثير يقال جم الشيء يجم جموما فهو جم وجام. ومنه جم الماء في الحوض أو البئر إذا اجتمع والجموم البئر الكثيرة الماء.


ابوالوليد المسلم 10-08-2022 09:49 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 



http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg
تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)

- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
الحلقة (878)

سورة البلد
مكية وآياتها عشرون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 570الى صــــ 573)

كلا إذا دكت الأرض دكا دكا (21) وجاء ربك والملك صفا صفا (22) وجيء يومئذ بجهنم يومئذ يتذكر الأنسان وأنى له الذكرى (23) يقول يا ليتني قدمت لحياتي (24) فيومئذ لا يعذب عذابه أحد (25) ولا يوثق وثاقه أحد (26) يا أيتها النفس المطمئنة (27) ارجعي إلى ربك راضية مرضية (28) فادخلي في عبادي (29) وادخلي جنتي (30)

شرح الكلمات:
إذا دكت الأرض دكا: أي حركت حركة شديدة وزلزلت زلزالا قويا فلم يبق عليها شاخص البتة.
والملك صفا صفا: أي والملائكة أي صفا بعد صف.
وجيء يومئذ بجهنم: أي تجر بسبعين ألف زمام كل زمام بأيدي سبعين ألف ملك.
يتذكر الإنسان: أي الكافر ما قالت له الرسل من وعد الله ووعيده، يوم لقائه.
وأنى له الذكرى: أي لا تنفعه في هذا اليوم الذكرى.
قدمت لحياتي: أي هذه الإيمان وصالح الأعمال.
لا يعذب عذابه أحد: أي لا يعذب مثل عذاب الله أحد أي في قوته وشدته.
ولا يوثق وثاقه أحد: أي ولا يوثق أحد مثل وثاق الله عز وجل.
يا أيتها النفس المطمئنة: أي المؤمنة الآمنة اليوم من العذاب لما لاح لها من بشائر النجاة.
ارجعي إلى ربك: أي إلى جواره في دار كرامته أي الجنة.
فادخلي في عبادي: أي في جملة عبادي المؤمنين المتقين.
وادخلي جنتي: أي دار كرامتي لأوليائي.
معنى الآيات:
قوله تعالى {كلا إذا دكت الأرض دكا دكا} 1 هو كقوله {وإذا الأرض مدت وألقت ما فيها وتخلت} {وجاء ربك} أي لفصل القضاء {والملك 2صفا صفا} بعد صف, {وجيء يومئذ بجهنم} تجر بسبعين ألف زمام كل زمام بأيدي سبعين ألف ملك. هنا وفي هذا اليوم وفي هذه الساعة {يتذكر الأنسان} 3 المهمل المفرط المعرض عن دعوة الرسل، الكافر بلقاء الله والجزاء على الأعمال {وأنى له الذكرى} هنا يتذكر وماذا يتذكر؟، وكفره كان عريضا وشره كان مستطيرا، ماذا يتذكر وهل تنفعه الذكرى، اللهم لا, لا وماذا عساه أن يقول في هذا الموقف الرهيب يقول نادما متحسرا {يا ليتني قدمت لحياتي} أي هذه الحياة المماثلة بين يديه, وهل ينفعه التمني اللهم لا, لا.
قال تعالى مخبرا عن شدة العذاب وقوة الوثاق {فيومئذ} إذ تقوم القيامة ويجيء الرب لفصل القضاء ويجاء بجهنم ويتذكر الإنسان ويأسف ويتحسر في هذا اليوم يقضي الله تعالى بعذاب أهل الكفر والشرك والفجور والفسوق فيعذبون ويوثقون بأمر الله وقضائه في السلاسل ويغلون في الأغلال ويذوقون العذاب والنكال الأمر الذي ما عرفه الناس في الدنيا أيام كانوا يعذبون المؤمنين ويوثقونهم في الحبال وهو ما أشار إليه بقوله: {فيومئذ لا يعذب4 عذابه أحد} أي لا يعذب عذاب أحد في الدنيا مهما بالغ في التعذيب عذاب الله في الآخرة {ولا يوثق وثاقه أحد} أي5 لا يوثق أحد في الدنيا وثاق الله في الآخرة هذه صورة من عذاب الله لأعدائه من أهل الشرك به والكفر بآياته ورسوله ولقائه وأما أهل الإيمان به وطاعته وهم أولياؤه الذين آمنوا في الدنيا وكانوا يتقون فهاهم ينادون فاستمع {يا أيتها النفس المطمئنة} إلى صادق وعد الله ووعيده في كتابه وعلى لسان رسوله فآمنت واتقت وتخلت عن الشرك والشر فكانت مطمئنة بالإيمان وذكر الله قريرة
العين بحب الله ورسوله, وما وعدها الرحمن {ارجعي إلى ربك} أي إلى جواره في دار كرامته حال كونك {راضية} ثواب الله لك مرضيا عنك من قبل مولاك {فادخلي في عبادي} أي في جملة عبادي الصالحين {وادخلي جنتي} فيقال لها هذا عندما يرسل الله الأرواح إلى الأجساد يوم المعاد, فإذا دخلت تلقتها الملائكة بالسلام وتساق إلى ساحة العرض وتعطى كتابها بيمينها وثم يقال لها ادخلي في عبادي أي في جملتهم وادخلي جنتي بعد مرورها على الصراط اللهم اجعل نفسي مثل تلك النفس المطمئنة بالإيمان وذكر الله ووعد الرحمن وعد الصدق الذي كانوا يوعدون.

هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- تقرير المعاد بعرض شبه تفصيلي ليوم القيامة.
2- بيان اشتداد حسرة المفرطين اليوم في طاعة الله تعالى وطاعة رسوله يوم القيامة.
3- بشرى النفس المطمئنة بالإيمان وذكر الله ووعده ووعيده, عند الموت وعند القيام من القبر وعند تطاير الصحف.
__________

1 الدلك الحطم والكسر, ودك الأرض تحطيمها وتفريق أجزائها.
2 الملك اسم جنس المراد به الملائكة وصفا صفا أي صفا بعد صف أي خلفه ووراءه.
3 أنى اسم استفهام بمعنى أين له الذكرى والاستفهام مستعمل في الإنكار والنفي معا والتقدير وأين له نفع الذكرى.
4 جائز أن يعود الكلام على الإنسان الكافر ويكون معناه أنه يعذب عذابا لا يعذبه أحد غيره ويوثق وثاقا لا يوثقه غيره من الموثقين، وما في التفسير أولى.
5 الوثاق بمعنى الإيثاق يقال أوثقته إيثاقا.

****************************** *****

يتبع


ابوالوليد المسلم 10-08-2022 09:49 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
سورة البلد
مكية وآياتها عشرون آية

بسم الله الرحمن الرحيم
لا أقسم بهذا البلد (1) وأنت حل بهذا البلد (2) ووالد وما ولد (3) لقد خلقنا الإنسان في كبد (4) أيحسب أن لن يقدر عليه أحد (5) يقول أهلكت مالا لبدا (6) أيحسب أن لم يره أحد (7) ألم نجعل له عينين (8) ولسانا وشفتين (9) وهديناه النجدين (10)

شرح الكلمات:
لا أقسم بهذا البلد: أي مكة.
وأنت حل بهذا البلد: أي وأنت يا نبي الله محمد حلال بمكة.
ووالد وما ولد: أي وآدم وذريته.
في كبد: أي في نصب وشدة يكابد مصائب الدنيا وشدائد الآخرة.
أيحسب أن لن يقدر: أي أيظن وهو أبو الأشدين بن كلدة وكان قويا شديدا.
أهلكت مالا لبدا: يقول هذا مفاخرا بعداوة الرسول وأنه أنفق فيها مالا كثيرا.
أيحسب أن لم يره أحد: أي أيظن أنه لم يره أحد؟ بل الله رآه وعلم ما أنفقه.
وهديناه النجدين: أي بينا له طريق الخير وطريق الشر بما فطرناه عليه من ذلك وبما أرسلنا به رسلنا
وأنزلنا به كتابنا.
معنى الآيات:
قوله تعالى {لا أقسم1 بهذا البلد وأنت حل2 بهذا البلد ووالد وما ولد} هذا قسم لله تعالى أقسم فيه بمكة بلده الأمين والرسول بها وهو حل يقاتل ويقتل فيها وذلك يوم الفتح الموعود. وقد قتل صلى الله عليه وسلم يومها ابن خطل وهو متعلق بأستار الكعبة وأقسم بوالد وما ولد فالوالد آدم وما ولد ذريته منهم الأنبياء والأولياء وجواب القسم أو المقسم عليه قوله {لقد3 خلقنا الأنسان في كبد4} أي في نصب وتعب لا يفارقانه منذ تخلقه في بطن أمه إلى وفاته بانقضاء عمره ثم يكابد شدائد الآخرة ثم إما إلى نعيم لا نصب معه ولا تعب, وإما إلى جحيم لا يفارقه ما هو أشد من النصب والتعب عذاب الجحيم هكذا شاء الله وهو العليم الحكيم. وفي هذا الخبر الإلهي المؤكد بأجل قسم على أن الإنسان محاط منذ نشأته إلى نهاية أمره بالنصب والتعب ترويح على نفوس المؤمنين بمكة وهم
يعانون من الحاجة والاضطهاد والتعذيب أحيانا من طغاة قريش لا سيما المستضعفين كياسر وولده عمار وبلال وصهيب وخبيب، وحتى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم فهو لم يسلم من أذى المشركين فإذا عرفوا طبيعة الحياة وأن السعادة فيها أن يعلم المرء أن لا سعادة بها هان عليهم الأمر وقل قلقهم وخفت آلامهم. كما هو تنبيه للطغاة وإعلام لهم بما هم عنه غافلون لعلهم يصحون من سكرتهم بحب الدنيا وما فيها وقوله عز وجل {أيحسب5} الإنسان {أن لم يره أحد} هذا الإنسان الذي قيل أنه أبو الأشدين الذي أنفق ماله في عداوة الرسول صلى الله عليه وسلم والإسلام ويتبجح بذلك ويقول {أهلكت مالا لبدا} كثيرا بعضه فوق بعض بلى إن الله تعالى قد رآه وعلم به وعلم القدر الذي أنفقه وسوف يحاسب عليه ويجزيه به، ولن ينجيه اعتقاده الفاسد أنه لا بعث ولا جزاء قال تعالى مقررا له بقدرته ونعيمه عليه {ألم نجعل6 له عينين ولسانا وشفتين7 وهديناه النجدين8} أي أعطيناه عينين يبصر بهما ولسانا ينطق به ويفصح عن مراده وزيناه بشفتين يستر بهما فمه وأسنانه ثم هديناه النجدين أي بينا له طريق الخير والشر والسعادة والشقاء بما أودعنا في فطرته وبما أرسلنا به رسلنا وأنزلنا به كتبنا أنسي هذا كله وتعامى عنه ثم هو ينفق ما اعطيناه في حرب رسولنا وديننا.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- شرف مكة وحرمتها وعلو شأن الرسول صلى الله عليه وسلم وسمو مقامه وهو فيها وقد أحلها الله تعالى له ولم يحلها لأحد سواه.
2- شرف آدم وذريته الصالحين منهم.
3- إعلان حقيقة وهي أن الإنسان لا يبرح يعاني من أتعاب الحياة حتى الممات ثم يستقبل شدائد الآخرة إلى أن يقرر قراره وينتهي تطوافه باستقراره في الجنة حيث يستريح نهائيا، أو في النار فيعذب ويتعب أبدا.
__________

1 الابتداء بالقسم للتشويق إلى ما يذكر بعد القسم, ولا مزيدة لتقوية الكلام.
2 جملة وأنت حل بهذا البلد معترضة بين المتعاطفين وفائدتها تسلية للرسول صلى الله عليه وسلم ووعده بنصره على أعدائه.
3 لقد خلقنا: هذا جواب القسم والإنسان للجنس ولا يراد به واحد بعينه وبعضهم يرى أن المراد به أبو الأشدين أسيد بن كلدة الجمحي.
4 من مظاهر أن الإنسان مربوب وأن له ربا يسيره ويدبر حياته كونه لا يفارق النصب والتعب مدة حياته وهو لا يريد ذلك.
5 الاستفهام إنكاري مشبع بالتوبيخ والتقريع.
6 ألم نجعل الاستفهام تقريري وفيه معنى التوبيخ.
7 الشفتين واحدتها شفة وأصلها شفو فقلبت الواو هاء فصارت شفة وتجمع على شفاة.
8 النجد الأرض المرتفعة ارتفاعا دون الجبل، والمراد بالنجدين طريقا الخير والشر كما في التفسير.


ابوالوليد المسلم 10-08-2022 09:50 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 



http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg
تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)

- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
الحلقة (879)

سورة الشمس
مكية وآياتها خمس عشرة آية

المجلد الخامس (صـــــــ 574الى صــــ 578)

فلا اقتحم العقبة (11) وما أدراك ما العقبة (12) فك رقبة (13) أو إطعام في يوم ذي مسغبة (14) يتيما ذا مقربة (15) أو مسكينا ذا متربة (16) ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة (17) أولئك أصحاب الميمنة (18) والذين كفروا بآياتنا هم أصحاب المشأمة (19) عليهم نار مؤصدة (20)

شرح الكلمات:
فلا اقتحم: أي فهلا تجاوز.
العقبة: أي الطريق الصعب في الجبل، والمراد به النجاة من النار.
فك رقبة: أي أعتق رقبة في سبيل الله تعالى.
في يوم ذي مسغبة أي في يوم ذي مجاعة وشدة مؤونة.
يتيما ذا مقربة: أي أطعم يتيما من ذوي قرابته.
مسكينا ذا متربة: أي أطعم فقيرا لاصقا بالتراب ليس له شيء.
وتواصوا بالصبر: أي أوصى بعضهم بعضا بالصبر على طاعة الله.
وتواصوا بالمرحمة: أي أوصى بعضهم بعضا برحمة الفقراء والمساكين.
أصحاب الميمنة: أي أصحاب اليمين وهم المؤمنون المتقون.
أصحاب المشأمة: أي أصحاب الشمال وهم الكفار الفجار.
مؤصدة: أي مطبقة لا نافذة لها ولا كوة فلا يدخلها هواء.
معنى الآيات:
قوله تعالى {فلا اقتحم العقبة} 1 فهلا أنفق أبو الأشدين ما أنفقه في عداوة محمد صلى الله عليه وسلم هلا أنفقه في سبيل الله فاقتحم بها العقبة فتجاوزها، وقوله تعالى {وما أدراك ما العقبة} 2 هذا تفخيم لشأنها وتعظيم له وقوله {فك رقبة3 أو إطعام في يوم ذي مسغبة يتيما ذا مقربة أو مسكينا ذا متربة ثم كان4 من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة} بهذه الأمور الأربعة تقتحم العقبة وتجتاز فينجو صاحبها من النار والأمور الأربعة هي:
* فك رقبة وقد ورد من اعتق رقبة مؤمنة فهي فداؤه من النار.
* إطعام في يوم ذي مسغبة أي مجاعة5 يتيما ذا مقربة أي قرابة أو مسكينا ذا متربة أي ذا لصوق بالأرض لحاجته وشدة فقره.
* إيمان صادق بالله ورسوله وآيات الله ولقائه يحيا به قلبه.
* تواصى بالصبر أي مع المؤمنين المستضعفين بالثبات على الحق ولزوم طريقه وتواصي بالمرحمة مع أهل المال أن يرحموا الفقراء والمساكين فيسدوا خلتهم ويقضوا حاجتهم.
بهذه الأربعة تجتاز العقبة وينجو المرء من عذاب الله، وفي مثل هذا تنفق الأموال لا أن تنفق في الدسائس والمكر بالصالحين وخداع المؤمنين.
وقوله تعالى {والذين كفروا بآياتنا} لما ذكر الإيمان والعمل الصالح وهما المنجيان من عذاب الله تعالى ذكر ضدهما وهما الكفر والمعاصي وهما المهلكان الشرك والمعاصي لأن الكفر بآيات الله لازمه البقاء على الشرك المنافي للتوحيد، والعصيان المنافي للطاعة وقوله تعالى {أولئك اأصحاب المشأمة} أي الشمال {عليهم نار مؤصدة} مغلقة الأبواب مطبقة هي جزاؤهم لأنهم كفروا بآيات الله وعصوا رسوله.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- التنديد بمن ينفق ماله في معصية الله ورسوله، والنصح له بالإتفاق في الخير فإنه أجدى له، وأنجى من عذاب الله.
2- بيان أن عقبة عذاب الله يوم القيامة تقتحم وتجتاز بالإتفاق في سبيل الله وبالإيمان والعمل الصالح والتواصي به.
3- التنديد بالكفر والوعيد الشديد لأهله.
__________

1 ذهب القرطبي إلى أن فلا هي بمعنى هلا التي هي للتحضيض، وهو ما قررناه في التفسير وجائز أن يكون استفهاما إنكاريا ينكر عليه إنفاق أمواله فيما يضره وعدم إنفاقها فيما ينفعه.
2 الاستفهام للتشويق إلى معرفة حقيقة العقبة.
3 فك رقبة وما بعدها بيان للعقبة، إذ التقدير هي فك رقبة. والمراد من فك الرقبة عتقها. وفي الحديث "من أعتق رقبة مؤمنة كانت فداءه من النار".
4 هذه الجملة عطف على الجمل المسوقة للذم والتوبيخ.
5 اليتيم: الولد الذي ليس له أب لموته وهو دون البلوغ.

****************************

يتبع

ابوالوليد المسلم 10-08-2022 09:50 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
سورة الشمس
مكية وآياتها خمس عشرة آية

بسم الله الرحمن الرحيم
والشمس وضحاها (1) والقمر إذا تلاها (2) والنهار إذا جلاها (3) والليل إذا يغشاها (4) والسماء وما بناها (5) والأرض وما طحاها (6) ونفس وما سواها (7) فألهمها فجورها وتقواها (8) قد أفلح من زكاها (9) وقد خاب من دساها (10)

شرح الكلمات:
وضحاها: أي ونهارها.
إذا تلاها: أي تلا الشمس فطلع بعد غروبها مباشرة وذلك ليلة النصف من الشهر.
إذا جلاها: أي إذا أضاءها.
إذا يغشاها: أي غشى الشمس حتى تظلم الآفاق.
وما بناها: أي ومن بناها وهو الله عز وجل حيث جعل السماء كالسقف للأرض.
وما طحاها: أي ومن بسطها وهو الله عز وجل.
وما سواها: أي ومن سوى خلقها وعدله وهو الله عز وجل.
فألهمها فجورها: أي فبين لها ما ينبغي لها أن تأتيه أو تتركه من الخير والشر.
أفلح من زكاها: أي فاز بالنجاة من النار ودخول الجنة من طهر نفسه من الذنوب والآثام.
وقد خاب: أي خسر في الآخرة نفسه وأهله يوم القيامة.
من دساها: أي دسى نفسه إذا أخفاها وأخملها بالكفر والمعاصي واصل دسها دسسها فأبدلت إحدى السينين ياء.
معنى الآيات:
قوله تعالى {والشمس1 وضحاها2} إلى قوله {وقد خاب من دساها} تضمنت هذه الآيات العشر قسما إلهيا من أعظم الأقسام ومقسما عليه وهو جواب القسم ومقسما لهم وهم سائر الناس فالقسم كان بما يلي بالشمس وضحاها وبالقمر إذا تلاها أي تلا الشمس إذا طلع بعد غروبها وذلك ليلة النصف من الشهر وبالنهار إذا جلاها إذا أضاء فكشف الظلمة أو الدنيا، وبالليل إذا يغشاها أي يغشى الشمس حتى تظلم الآفاق وبالسماء وما بناها3 على أن ما تكون غالبا لغير العالم وقد تكون للعالم
كما هي هنا فالذي بناها هو الله سبحانه وتعالى بالأرض وما طحاها أي بسطها وهو الله تعالى وبالنفس وما سواها أي خلقها وعدل خلقها وهو الله تعالى وقوله فألهمها فجورها وتقواها أي خلقها وسوى خلقها وألهمها أي بين لها الخير والشر أي ما تعمله من الصالحات وما تتجنبه من المفسدات فأقسم تعالى بأربع من مخلوقاته العظام وبنفسه وهو العلي العظيم على ما دل عليه قوله {قد أفلح4 من زكاها وقد خاب من دساها} وهو المقسم عليه وهو أن من وفقه الله وأعانه فزكى نفسه أي طهرها بالإيمان والعمل الصالح مبعدا لها عما يدنسها من الشرك والمعاصي فقد أفلح بمعنى فاز يوم القامة وذلك بالنجاة من النار ودخول الجنة لأن معنى الفوز لغة هو السلامة من المرهوب والظفر بالمرغوب وأن من خذله الله تعالى لما له من سوابق في الشر والفساد فلم يزك نفسه بالإيمان والعمل الصالح ودساها أي دسسها5 أخفاها وأخملها بما أفرغ عليها من الذنوب وما غطاها من آثار الخطايا والآثام فقد خاب بمعنى خسر في آخرته فلم يفلح فخسر نفسه وأهله وهو الخسران المبين.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- بيان مظاهر القدرة الإلهية في الآيات التي أقسم بها ارب تعالى.
2- بيان ما يكون به الفلاح, وما يكون به الخسران.
3- الترغيب في الإيمان والعمل الصالح والترهيب من الشرك والمعاصي.
__________

1 افتتحت بالقسم للتشويق إلى أخبارها ولم يقسم الله تعالى على شيء كما أقسم على جواب هذا القسم وهو حكم تقرير مصير الإنسان في الحياة الأخيرة.
2 الضحى هو وقت ارتفاع الشمس مقدار رمح عن سطح الأرض فيما يرى الرائي إلى قبيل الزوال بربع ساعة تقريبا. وفيه تقع صلاة الضحى.
3 جائز أن تكون (ما) في الجمل الثلاثة (وما بناها) (وما طحاها) (وما سواها) مصدرية فيكون الإقسام بالسماء وبنائها والأرض وطحوها، والنفس وتسويتها إلا أن ما في التفسير وهو اختيار ابن جرير أولى إذ هو إقسام بالرب تعالى.
4 قد أصلها لقد أفلح لأنها جواب القسم وحذفت اللام لطول جمل القسم إذ بلغت ثمان جمل.
5 فعل دس كان دسس فأبدلوا السين الآخرة ياء لوجود ثلاثة أحرف من نوع واحد طلبا للتخفيف, وأصل دسى دس من دس الشيء إذا أخفاه بين شيئين حتى لا يظهر ومعنى دساها هو كما في التفسير أخفاها بما صب عيها من أوضار الذنوب فتدست وتدنست.



ابوالوليد المسلم 10-08-2022 09:51 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 



http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg
تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)

- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
الحلقة (880)

سورة الليل
مكية وآياتها احدى وعشرون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 578الى صــــ 583)

كذبت ثمود بطغواها (11) إذ انبعث أشقاها (12) فقال لهم رسول الله ناقة الله وسقياها (13) فكذبوه فعقروها فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها (14) ولا يخاف عقباها (15)

شرح الكلمات:
ثمود: أي أصحاب الحجر كذبوا رسولهم صالحا عليه السلام.
بطغواها: أي بسبب طغيانها في الشرك والمعاصي.
إذ انبعث: أي انطلق مسرعا.
أشقاها: أي أشقى القبيلة وهو قدار بن سالف الذي يضرب به المثل فيقال أشأم بن قدار.
رسول الله: أي صالح عليه السلام.
ناقة الله وسقياها: أي ذروها وشربها في يومها.
فكذبوه: أي فيما اخبرهم به من شأن الناقة.
فعقروها: أي قتلوها ليخلص لهم ماء شربها في يومها.
فدمدم: أي اطبق عليهم العذاب فأهلكهم.
بذنبهم: أي بسبب ذنوبهم التي هي الشرك والتكذيب وقتل الناقة.
فسواها: أي سوى الدمدم عليهم فلم يفلت منهم أحد.
ولا يخاف عقباها: أي ولا يخاف الرب تعالى تبعة إهلاكهم كما يخاف الإنسان عاقبة فعله إذا هو قتل
أحد أو عذبه.
معنى الآيات:
قوله تعالى {كذبت ثمود1} إلى قوله {ولا يخاف عقباها} هذه الآيات سيقت للتدليل على أمور هي أن الذنوب موجبة لعذاب الله في الدنيا والآخرة, وأن تكذيب الرسول الذي عليه كفار مكة منذر بخطر عظيم إذا استمروا عليه فقد يهلكهم الله به كما أهلك أصحاب الحجر قوم صالح, وأن محمدا رسول الله حقا وصدقا وأن إنكار قريش له لا قيمة له, وأنه لا إله إلا الله. وأن البعث والجزاء ثابتان بأدلة قدرة الله وعلمه فقوله تعالى {كذبت ثمود} إخبار منه تعالى المراد به إنذار قريش من خطر استمرارها على التكذيب وتسلية الرسول والمؤمنين وقوله {بطغواها2} أي بسبب ذنوبها التي بلغت فيها حد الطغيان الذي هو الإسراف ومجاوزة الحد في الأمر. وبين تعالى
ظرف ذلك بقوله {إذ انبعث3} أشقى تلك القبيلة الذي هو قدار بن سالف الذي يضرب به المثل في الشقاوة فيقال أشأم من قدار وقال فيه رسول الله أشقى الأوليين والآخرين قدار بن سالف وقوله فقال لهم رسول الله أي صالح {ناقة الله} 4 أي احذروها فذورها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب أليم ذروها وسقياها أي وماء شربها إذ كان الماء قسمة بينهم لها يوم ولهم يوم. {فكذبوه} في ذلك وفي غيره من رسالته ودعوته إلى عبادة الله وحده {فعقروها5} أي فذبحوها {فدمدم عليهم ربهم} أي أطبق عليهم العذاب وعمهم به فلم ينج منهم أحد وذلك بذنبهم لا بظلم منه تعالى, {فسواها} في النقمة والعذاب {ولا يخاف6 عقباها} أي تبعة تلحقه من هلاكها إذ هو رب الكل ومالك الكل وهو القاهر فوق عباده وهو العزيز الحكيم.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- بيان أن نجاة العبد من النار ودخوله الجنة متوقف على زكاة نفسه وتطهيرها من أوضار الذنوب والمعاصي, وأن شقاء العبد وخسرانه سببه تدنيسه نفسه بالشرك والمعاصي وكل هذا من سنن الله تعالى في الأسباب والمسببات.
2- التحذير من الطغيان وهو الإسراف في الشر والفساد فإنه مهلك ومدمر وموجب للهلاك والدمار في الدنيا والعذاب في الآخرة.
3- تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم والتخفيف عنه إذ كذبت قبل قريش ثمود وغيرها من الأمم كأصحاب مدين وقم لوط وفرعون.
4- إنذار كفار قريش عاقبة الشرك والتكذيب والمعاصي من الظلم والاعتداء.
__________

1 ثمود هي القبيلة المعروفة قوم صالح عليه السلام ومنازلهم بالحجر وهم أصحاب الحجر والجملة بيانية, لأن من سمع جواب اقسم وهو فلاح من زكى نفسه وخيبة من دساها وخسرانه تشوق إلى مثال لذلك فكان تكذيب ثمود وهلاكها.
2 الطغو اسم مصدر وهي كالطغيان الذي هو فرط الكبر والباء سببية أي كذبت ثمود رسولها صالحا عليه السلام بسبب طغواها, لأن الكبر إذا عظم في الإنسان يحمله على الجحود والمعاندة والتكذيب.
3 انبعث مضارع بعث أي بعثته فانبعث, إذا القوم بعثوا قدارا أي أرسلوه فالبعث إجابة لهم إذ كان عقره الناقة بموافقتهم ورضاهم. بل بتحريضهم له ودفعهم إليها.
4 ناقة الله منصوب على التحذير كما في التفسير والإضافة إلى التشريف والسقيا اسم مصدر من سقى يسقي سقيا.
5 فعقروها: العقر هو جرح البعير في يديه ليبرك على الأرض من الألم فإذا برك ذبح هذا الأصل ثم أصبح يطلق عقر البعير على ذبحه. والفاء في عقروها للترتيب.
6 العقبى اسم لما يحصل عقب فعل من الأفعال من تبعة لصاحبه أو مثوبة فهي كالعاقية وهي الحال التي تعقب من خير وشر.

****************************** *******

يتبع

ابوالوليد المسلم 10-08-2022 09:51 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
سورة الليل1
مكية وآياتها احدى وعشرون آية

بسم الله الرحمن الرحيم
والليل إذا يغشى (1) والنهار إذا تجلى (2) وما خلق الذكر والأنثى (3) إن سعيكم لشتى (4) فأما من أعطى واتقى (5) وصدق بالحسنى (6) فسنيسره لليسرى (7) وأما من بخل واستغنى (8) وكذب بالحسنى (9) فسنيسره للعسرى (10) وما يغني عنه ماله إذا تردى (11)

شرح الكلمات:
إذا يغشى: أي بظلمته كل ما بين السماء والأرض في الإقليم الذي يكون به.
إذا تجلى: أي تكشف وظهر في الإقليم الذي هو به وإذا هنا وفي التي قبلها ظرفية وليست شرطية.
وما خلق الذكر والأنثى: أي ومن خلق الذكر والأنثى آدم وحواء وكل ذريتهما وهو الله تعالى.
إن سعيكم لشتى: أي إن عملكم أيها الناس لمختلف منه الحسنة المورثة للجنة ومنه السيئة الموجبة للنار.
من أعطى واتقى: أي حق الله وأنفق في سبيل الله واتقى ما يسخط الله تعالى من الشرك والمعاصي.
وصدق بالحسنى: أي بالخلف لحديث اللهم أعط منفقا خلفا.
فسنيسره لليسرى: أي فسنيسره للخلة أي الخصلة اليسرى وهي العمل بما يرضاه الله منه في الدنيا ليوجب له به الجنة في الآخرة.
وأما من بخل واستغنى: أي منع حق الله والإنفاق في سبيل الله واستغنى بماله عن الله فلم يسأله من فضله ولم يعمل عملا صالحا يتقرب به إليه.
وكذب بالحسنى: أي بالخلف وما تثمره الصدقة والإيمان وهو الجنة.
فسنيسره للعسرى: فسنهيئه للخلة العسرى وهي العمل بما يكرهه الله ولا يرضاه ليكون قائده إلى النار.
إذا تردى: أي في جهنم فسقط فيها.
معنى الآيات:
قوله تعالى {والليل} أقسم تعالى بالليل2 {إذا يغشى} بظلامه الكون، وبالنهار {إذا تجلى} 3 أي تكشف وظهر وهما آيتان من آيات الله الدالتان على ربوبيته تعالى الموجبة لألوهيته، وأقسم بنفسه جل وعز فقال {وما 4خلق الذكر والأنثى} أي والذي خلق الذكر والأنثى آدم وحواء ثم سائر الذكور وعامة الإناث من كل الحيوانات وهو مظهر لا يقل عظمة على آيتي الليل والنهار والمقسم عليه أو جواب القسم هو قوله {إن سعيكم لشتى} أي إن عملكم أيها الناس لمختلف منه الحسنات الموجبة للسعادة والكمال في الدارين ومنه السيئات الموجبة للشقاء في الدارين أي دار الدنيا والآخرة. وبناء على هذا {فأما من أعطى} حق الله في المال فأنفق وتصدق في سبيل الله {واتقى} الله تعالى فآمن به وعبده ولم يشرك به {وصدق بالحسنى5} التي هي الخلف أي العوض المضاعف الذي واعد به تعالى من ينفق في سبيله في قوله {وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه} وفي قول الرسول صلى الله عليه وسلم في الصحيح6 "ما من يوم تطلع فيه الشمس إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما اللهم أعط منفقا خلفا ويقول الآخر اللهم أعط ممسكا تلفا"، فسيهيئه للخلة اليسرى وهي العمل بما يرضاه الله منه في الدنيا ويثيبه عليه في الآخرة بالجنة {وأما من بخل} بالمال فلم يعط حق الله فيه ولم يتصدق متطوعا7 {واستغنى} بماله وولده وجاهه فلم يتقرب إلى الله تعالى بطاعته في ترك معاصيه ولا في أداء فرائضه وكذب بالخلف من الله
تعالى على من ينفق في سبيله {فسنيسره8 للعسرى} أي فسنهيئه للخلة العسرى9 وهي العمل بما يكره الله تعالى ولا يرضاه من الذنوب والآثام ليكون ذلك قائده إلى النار. وقوله تعالى {وما يغني عنه ماله إذا تردى10} يخبر تعالى بأن من بخل واستغنى وكذب بالحسنى حفاظا على ماله وشحا به وبخلا أن ينفقه في سبيل ربه هذا المال لا يغني عنه شيئا يوم القيامة إذا ألقي به في نار جهنم فتردى ساقطا فيها على أم رأسه كما قال تعالى {وأما من خفت موازينه} أي لعدم الحسنات الكافية فيها {فأمه هاوية وما أدراك ما هيه نار حامية} .
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- بيان عظمة الله وقدرته وعلمه الموجبة لربوبيته المقتضية لعبادته وحده دون سواه.
2- تقرير القضاء والقدر وهو أن كل إنسان ميسر لما خلق له من سعادة أو شقاء لحديث اعملوا فكل ميسر لما خلق له، مع تقرير أن ممن وفق للعمل بما يرضى الله تعالى كان ذلك دليلا على أنه مكتوب سعيدا إذا مات على ما وفق له من العمل الصالح. وأن من وفق للعمل المسخط لله تعالى كان دليلا على أنه مكتوب شقاوته إن هو مات على ذلك.
3- تقرير أن التوفيق للعمل بالطاعة يتوقف حسب سنة الله تعالى على رغبة العبد وطلبه ذلك والحرص عليه واختياره على غيره وتسخير النفس والجوارح له. كما أن التوفيق للعمل الفاسد قائم على ما ذكرنا في العمل الصالح وهو اختيار العبد وطلبه وحرصه وتسخير نفسه وجوارحه لذلك هذه سنة من سنن الله تعالى في خلقه.
__________

1 قال صلى بنا عمر بن عبد العزيز المغرب فقرأ (والليل إذا يغشى) فلما بلغ (فأنذرتكم نارا تلظى) وقع عليه البكاء فلم يقدر يتعداها من البكاء فتركها وقرأ سورة أخرى.
2 من لطائف هذا الإقسام بالليل والنهار وهما ضدان الإشارة إلى تضاد الذكر والأنثى والحسن والسوء والعسر واليسر والتصديق والتكذيب وهذا محتوى هذه السورة.
3 تجلى النهار وضوح ضوئه أقسم الله تعالى بكل من الليل وظلمته والنهار وضوءه لما في ذلك من مظاهر قدرة الله وعظمته على خلق الظلمات والنور.
4 يرى بعضهم أن المقسم به المصدر بناء على أن (ما) مصدرية والصحيح أنها موصولة وأن الإقسام كان بالرب تبارك وتعالى فإنه أعظم إقسام.
5 كلمة الحسنى صالحة لعدة معان وهي مؤنث الأحسن ولذا هي صفة لموصوف محذوف وتنوسي فيها ذلك فصارت اسما لما هو أحسن كالجنة والمثوبة الحسنة والنصر والعاقبة والخلف على المنفق في سبيل الله وهو الراجح هنا لاختيار ابن جرير له.
6 رواه البخاري وغيره.
7 في الآية دليل على أن الجود من مكارم الأخلاق والبخل من أرذلها، وليس الجواد الذي يعطى في غير موضع العطاء كما ليس البخيل الذي يمنع في موضع المنع لكن الجواد الذي يعطي في موضع العطاء والبخيل الذي يمنع في موضع العطاء.
8 في قوله فسنيسره للعسرى تهكم به نحو فبشره بعذاب أليم.
9 حديث صحيح.
10 التردي السقوط من أعلى إلى أسفل المفضي بصاحبه إلى الهلاك.

ابوالوليد المسلم 15-08-2022 04:34 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 



http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg
تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)

- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
الحلقة (881)

سورة الضحى
مكية وآياتها إحدى عشرة آية

المجلد الخامس (صـــــــ 584الى صــــ 587)

إن علينا للهدى (12) وإن لنا للآخرة والأولى (13) فأنذرتكم نارا تلظى (14) لا يصلاها إلا الأشقى (15) الذي كذب وتولى (16) وسيجنبها الأتقى (17) الذي يؤتي ماله يتزكى (18) وما لأحد عنده من نعمة تجزى (19) إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى (20) ولسوف يرضى (21)

شرح الكلمات:
إن علينا للهدى: أي إن علينا لبيان الحق من الباطل والطاعة من المعصية.
وإن لنا للآخرة والأولى: أي ملك ما في الدنيا والآخرة نعطي ونحرم من نشاء لا مالك غيرنا.
فأنذرتكم: أي خوفتكم.
نارا تلظى: أي تتوقد.
لا يصلاها: أي لا يدخلها ويحترق بلهبها.
إلا الأشقى: أي إلا الأشقى.
الذي كذب وتولى: كذب النبي صلى الله عليه وسلم فيما جاء به وتولى وأعرض عن الإيمان به وبما جاء به من التوحيد والطاعة لله ورسوله.
وسيجنبها الأتقى: أي يبعد عنها التقي.
يتزكى: أي يتطهر به فلذا يخليه من النظر إلى غير الله فهو لذلك خال من الرياء والسمعة.
وما لأحد عنده من نعمة تجزى: أي ليس لأحد من الناس عليه منة فهو يكافئه بذلك.
إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى: لكن يؤتي ماله في سبيل الله ابتغاء مرضاة الله عز وجل.
ولسوف يرضى: أي يعطيه الله تعالى من الكرامة ما يرضي به في دار السلام.
معنى الآيات:
قوله تعالى {إن علينا للهدى} الآيات ... بعد أن أعلم تعالى عباده أنه ييسر لليسرى من أعطى واتقى وصدق بالحسنى، وأنه ييسر للعسرى من بخل واستغنى وكذب بالحسنى أعلم بحقيقة أخرى وهي أن بيان الطريق الموصل بالعبد لليسرى هو على الله تعالى متكفل به وقد بينه بكتابه ورسوله فمن طلب اليسرى فأولا يؤمن بالله ورسوله ويوطن نفسه على طاعتهما ويأخذ في تلك الطاعة العمل بها وثانيا ينفق في سبيل الله ما يطهر به نفسه من البخل وشح النفس ويظهر فقره وحاجته إلى الله تعالى بالتقرب إليه بالنوافل وصالح الأعمال وبذلك يكون قد يسر فعلا لليسرى وقوله تعالى {وإن لنا للآخرة والأولى} 1 أي الدنيا وعليه فمن طلبها من غيرنا فقد أخطأ ولا يحصل عليها بحال فطلب الآخرة يكون بالإيمان والتقوى، وطلب الدنيا يكون بالعمل حسب سنتنا في الكسب وحصول المال وقوله تعالى {فأنذرتكم نارا2 تلظى لا يصلاها إلا الأشقى3 الذي كذب
وتولى} أي فبناء على ما بينا لكم فقد أنذرتكم أي خوفتكم نارا تلظى أي تتوقد التهابا لا يصلاها لا يدخلها ويصطلي بحرها خالدا فيها أبدا إلا الأشقى أي الأكثر شقاوة وهو المشرك وقد يدخلها الشقي من أهل التوحيد ويخرج منها بتوحيده، حيث لم يكذب ولم يتول، ولكن فجر وعصى، وما أشرك وما تولى، وقوله تعالى {وسيجنبها الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى} أي يعطي ماله في سبيل الله يتزكى به من مرض الشح والبخل وآثار الذنوب والإثم، وقوله {وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء 4وجه ربه الأعلى} أي فهو ينفق ما ينفقه في سبيل الله خاصة وليس ما ينفقه من أجل أن عليه لأحد من الناس فضلا أو يدا فهو يكافئه بها لالا، وإنما هو ينفق ابتغاء وجه ربه الأعلى أي يريد رضا ربه تعالى لا غير. قال تعالى {ولسوف 5يرضى} أي ما دام ينفق ابتغاء وجهنا فقط فسوف نكافئه ونعطيه عطاء يرضى به وذلك في الجنة دار السلام. هذه الآية الكريمة نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه فقد كان في مكة يشتري العبيد من مواليهم الذين يعذبونهم من أجل إسلامهم فكان يشتريهم ويعتقهم لوجه الله تعالى ومنهم بلال رضي الله عنه فقال المشركون إنما فعل ذلك ليد عنده أي نعمه فهو يكافيه بها فأكذبهم الله في ذلك وأنزل قوله وسيجنبها الأتقى الآيات.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- بيان أن الله تعالى متكفل بطريق الهدى فأرسل الرسل وأنزل الكتاب فأبان الطريق وأوضح السبيل.
2- بيان أن لله تعالى وحده الدنيا والآخرة فمن أرادهما أو إحداهما فليطلب ذلك من الله تعالى فالآخرة تطلب بالإيمان والتقوى والدنيا تطلب باتباع سنن الله تعالى في الحصول عليها.
3- بيان فضل أبي بكر الصديق وأنه مبشر بالجنة في هذه الآية الكريمة.
__________

1 المراد بالآخرة الجنة، وإن كان اللفظ يشمل الآخرة بكل ما فيها من نعيم وجحيم وسعادة وشقاء وفوز وخسران.
2 تنكير (نارا) للتهويل، وجملة تلظى نعت ومعنى تلظى: تتلهب من شدة الاشتعال.
3 يذكر بعض المفسرين أن المراد بالأشقى أمية بن خلف ونظراؤه من أكابر مجرمي قريش، واللفظ عام يشمل كل من ينطبق عليه الوصف المذكور.
4 الابتغاء الطلب بجد فهو أبلغ من البغي.
5 ولسوف يرضى لتحقيق الوعد في المستقبل، إذ اللام لام الابتداء لتأكيد الخبر هذه السورة تحمل معنى جوامع الكلم إذ تضمنت كل ما يرغب فيه الراغبون من الكمال والفوز والفلاح وهي آخر متوسط المفصل.

****************************** **

يتبع


ابوالوليد المسلم 15-08-2022 04:34 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
سورة الضحى
مكية وآياتها إحدى عشرة آية

بسم الله الرحمن الرحيم
والضحى (1) والليل إذا سجى (2) ما ودعك ربك وما قلى (3) وللآخرة خير لك من الأولى (4) ولسوف يعطيك ربك فترضى (5) ألم يجدك يتيما فآوى (6) ووجدك ضالا فهدى (7) ووجدك عائلا فأغنى (8) فأما اليتيم فلا تقهر (9) وأما السائل فلا تنهر (10) وأما بنعمة ربك فحدث (11)

شرح الكلمات:
والضحى: أي أول النهار ما بين طلوع الشمس وارتفاعها قيد رمح إلى الزوال.
والليل إذا سجى: غطى بظلامه المعمورة وسكن فسكن الناس وخلدوا إلى الراحة.
ما ودعك: أي ما تركك ولا تخلى عنك.
وما قلى: أي ما أبغضك.
ألم يجدك يتيما: أي فاقد الأب إذ مات والده قبل ولادته.
فآوى: أي فآواك بأن ضمك إلى عمك أبي طالب.
ووجدك ضالا: أي لا تعرف دينا ولا هدى.
ووجدك عائلا: أي فقيرا.
فأغنى: أي بالقناعة، وبما يسر لك من مال خديجة وأبي بكر الصديق.
فلا تقهر: أي لا تذله ولا تأخذ ماله.
فلا تنهر: أي لا تنهره بزجر ونحوه.
وأما بنعمة ربك فحدث: أي اذكر ما أنعم الله تعالى به عليك شكرا له على ذلك.
معنى الآيات:
قوله تعالى {والضحى1 والليل إذا سجى ما ودعك2 ربك وما قلى} هذا قسم من الله تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم أقسم له به على أنه ما تركه ولا أبغضه. وذلك أنه أبطأ عنه الوحي أياما فلما رأى ذلك المشركون فرحوا به وعيروه فجاءت امرأة وقالت3 له ما أرى شيطانك إلا قد تركك. فحزن لذلك النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله سورة الضحى يقسم له فيها بالضحى وهو أول النهار من طلوع الشمس وارتفاعها قيد رمح إلى ما قبل الزوال بقليل، وبالليل إذا سجى أي غطى بظلامه المعمورة وسكن فسكن الناس وخلدوا على الراحة فيه {ما ودعك ربك} يا محمد أي تركك {وما قلى} أي ما أبغضك {وللآخرة خير لك من الأولى} أي الدنيا وذلك لما أعد الله لك فيها من الملك الكبير والنعيم العظيم المقيم. وسوف يعطيك ربك من فواضل نعمه حتى ترضى في الدنيا من كمال الدين وظهور الأمر في الآخرة الشفاعة وأن لا يبقى أحد من أمته أهل التوحيد في النار والوسيلة والدرجة الرفيعة التي لا تكون لأحد سواه.
وقوله تعالى {ألم يجدك4 يتيما فآوى ووجدك ضالا فهدى ووجدك عائلا فأغنى} هذه ثلاث منن لله تعالى على رسوله منها عليه وذكره بها ليوقن أن الله معه وله وأنه ما تركه ولن يتركه وحتى تنتهي فرحة المشركين ببطء الوحي وتأخره بضعة أيام. فالمنة الأولى أن والد النبي صلى الله عليه وسلم قد مات عقب ولادته وأمه ماتت بعيد فطامه فآواه ربه بأن ضمه إلى عمه أبي طالب فكان أبا رحيما وعما كريما له وحصنا منيعا له، ولم يتخل عن نصرته والدفاع عنه حتى وفاته والثانية منة العلم والهداية فقد كان صلى الله عليه وسلم يعيش في مكة كأحد رجالاتها لا يعرف علما ولا شرعا وإن كان معصوما من مقارفه أي ذنب أو ارتكاب أية خطيئة إلا أنه ما كان يعرف إيمانا ولا إسلاما ولا شرعا كما قال تعالى: {ما كنت تدري ما الكتاب ولا الأيمان} والثالثة منته عليه بالغنى بعد الحاجة فقد مات والده ولم يخلف أكثر من جارية هي بركة أم أيمن وبضعة جمال، فأغناه الله بغنى القناعة فلم يمد يده لأحد قط وكان يقول
"ليس الغني عن كثرة العرض ولكن 5الغني غني النفس" هذه ثلاث منن إلهية وما أعظمها والمنة تتطلب شكرا ولله يزيد على الشكر ومن هنا أرشد الله تعالى رسوله إلى شكر تلك النعم ليزيده عليها فقال فأما {فأما اليتيم6 فلا تقهر} لا تقهره بأخذ ماله أو إذلاله أو أذاه ذاكرا رعاية الله تعالى لك أيام يتمك. {وأما السائل} وهو الفقير المسكين وذو الحاجة يسألك ما يسد خلته فأعطه ما وجدت عطاء أو رده بكلمة طيبة تشرح صدره وتخفف ألم نفسه ولا تنهره بزجر عنيف ولا بقول غير لطيف ذاكرا ما كنت عليه من حاجة وما كنت تشعر به من احتياج {وأما بنعمة ربك7 فحدث} أي أشكر نعمة الإيمان والإحسان والوحي والعلم والفرقان وذلك بالتحدث بها إبلاغا وتعليما وتربية وهداية فذاك شكرها والله يحب الشاكرين هكذا أدب الله جل جلاله رسوله وخليله فأكمل تأديبه وأحسه.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- الدنيا لا تخلو من كدر وصدق الله العظيم {لقد خلقنا الأنسان في كبد} .
2- بيان علو المقام المحمدي وشرف مكانته.
3- مشروعية التذكير بالنعم والنقم حملا للعبد على الصبر والشكر.
4- وجوب شكر النعم بصرفها في مرضاة المنعم عز وجل.8
5- تقرير معنى الحديث "إذا أنعم الله تعالى على عبد نعمة أحب أن يرى أثرها عليه".
__________

1 هذا القسم لتأكيد الخبر الذي حملته الآيات بعده، وكتبت (الضحى) بالألف المقصورة وأصلها الواو فكان المفروض أن تكتب بالألف الثابتة ولم تكتب بها مراعاة للمناسبة مع أكثر الكلمات: سجى وقلى والأولى.
2 ما ودعك جواب القسم ولم يقرن باللام، لأن الجملة المنفية لا تتطلب اللام. وما قلى معطوفة على ما ودعك ومعنى ما ودعك ما تركك ومعنى وما قلاك ما أبغضك شديد البغض ولا ضعيفه.
3 في البخاري عن جندب بن سفيان قال اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يقم ليلتين أو ثلاثا فجاءت امرأة هي أم جميل العوراء امرأة أبي لهب: فقالت يا محمد إني لأرجوا أن يكون شيطانك قد تركك ولم أره قربك منذ ليلتين أو ثلاثة فأنزل الله والضحى. وقيل لما سئل عن الروح وأصحاب الكهف وذي القرنين، فقال سأخبركم غدا ولم يستثن فعوتب بانتظار الوحي خمسة عشر يوما وقال المشركون قلاه. فأنزل الله سورة الضحى.
4 الاستفهام للتقرير وكذا الاستفهامات بعده.
5 مخرج في الصحيحين.
6 في الصحيح: " أنا وكافل اليتيم له أو لغيره كهاتين".
7 روى أو داود والترمذي وصححه قوله صلى الله عليه وسلم لا يشكر الله من لا يشكر الناس.
8 في الصحيحين: عن أنس أن المهاجرين قالوا يا رسول الله ذهب الأنصار بالأجر كله قال: لا ما دعوتم لهم وأثنيتم عليهم، هذه الأحاديث دالة على وجوب شكر المنعم عز وجل بحمده والثناء عليه، وأن شكر ذي النعمة من الناس كذلك ولو بالدعاء له والثناء عليه.


ابوالوليد المسلم 15-08-2022 04:35 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 



http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg
تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)

- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
الحلقة (882)

سور(الشرح- التين)
المجلد الخامس (صـــــــ 588الى صــــ 592)

سورة الشرح
مكية وآياتها ثماني آيات

بسم الله الرحمن الرحيم
ألم نشرح لك صدرك (1) ووضعنا عنك وزرك (2) الذي أنقض ظهرك (3) ورفعنا لك ذكرك (4) فإن مع العسر يسرا (5) إن مع العسر يسرا (6) فإذا فرغت فانصب (7) وإلى ربك فارغب (8)

شرح الكلمات:
ألم: الاستفهام للتقرير أي إن الله تعالى يقرر رسوله بنعمه عليه.
نشرح لك صدرك: أي بالنبوة، وبشقه وتطهيره وملئه إيمانا وحكمة.
ووضعنا عنك وزرك: أي حططنا عنك ما سلف من تبعات أيام الجاهلية قبل نبوتك.
الذي أنقض ظهرك: أي الذي أثقل ظهرك حيث كان يشعر صلى الله عليه وسلم بثقل السنين التي عاشها قبل النبوة لم يعبد فيها الله تعالى بفعل محابه وترك مكارهه لعدم علمه بذلك.
ورفعنا لك ذكرك: أي أعليناه فأصبحت تذكر معي في الآذان والإقامة والتشهد.
فإن مع العسر يسرا: أي مع الشدة سهولة.
فإذا فرغت: أي من الصلاة.
فانصب: أي اتعب في الدعاء.
وإلى ربك فارغب: أي فاضرع إليه راغبا فيما عنده من الخيرات والبركات.
معنى الآيات:
قوله تعالى {ألم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك وزرك الذي أنقض ظهرك ورفعنا لك ذكرك} 1 هذه ثلاث منن أخرى بعد المنن الثلاث التي جاءت في السورة قبلها منها الله تعالى على رسوله بتقريره بها فالأولى بشرح صدره ليتسع2 للوحي ولما سيلقاه من قومه من سيء القول وباطل الكلام الذي يضيق به الإنسان والثانية وضع الوزر عنه فإنه صلى الله عليه وسلم وإن لم يكن له وزر حقيقة فإنه كان يشعر بحمل ثقيل من جراء ترك العبادة والتقرب إلى الله تعالى في وقت ما قبل النبوة ونزول الوحي عليه إذ عاش عمرا أربعين سنة لم يعرف فيها عبادة ولا طاعة لله، أما مقارفة الخطايا فقد كان محفوظا بحفظ الله تعالى له فلم يسجد لصنم ولم يشرب خمرا ولم يقل أو يفعل إثما قط. فقد شق صدره وهو طفل في الرابعة من عمره وأخرجت منه العلقة التي هي محطة الشيطان التي ينزل بها من صدر الإنسان ويوسوس بالشر للإنسان والثالثة رفع الذكر أي ذكره صلى الله عليه وسلم إذ قرن اسمه باسمه تعالى في التشهد وفي الأذان والإقامة وذلك الدهر كله وما بقيت الحياة. وقوله تعالى {فإن مع العسر
يسرا إن مع العسر يسرا} فهذه بشرى بقرب الفرج له ولأصحابه بعد ذلك العناء الذي يعانون والشدة التي يقاسون ومن ثم بشر3 صلى الله عليه وسلم أصحابه وهو يقول "لن يغلب عسر يسرين لن يغلب عسر يسرين" وقوله {فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب} هذه خطة لحياة المسلم وضعت لنبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم ليطبقها أمام المسلمين ويطبقونها معهم حتى الفوز بالجنة والنجاة من النار وهي فإذا فرغت من عمل ديني فانصب لعمل دنيوي وإذا فرغت من عمل دنيوي فانصب لعمل ديني أخروي فمثلا فرغت من الصلاة فانصب نفسك للذكر والدعاء بعدها، فرغت من الصلاة والدعاء فانصب نفسك لدنياك، فرغت من الجهاد فانصب نفسك للحج. ومعنى هذا أن المسلم يحيا حياة الجد والتعب فلا يعرف وقتا للهو واللعب أو للكسل والبطالة قط وقوله إلى ربك فارغب ارغب بعد كل عمل تقوم به في مثوبة ربك وعطائه وما عنده من الفضل والخير إذ هو الذي تعمل له وتنصب من أجله فلا ترغب في غيره ولا تطلب سواه.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- بيان ما أكرم الله تعالى به رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم من شرح صدره ومغفرة ذنوبه ورفع ذكره.
2- بيان أن انشراح صدر4 المؤمن للدين واتساعه لتحمل الأذى في سبيل الله نعمة عظيمة.
3- بيان أن مع العسر يسرا دائما وأبدا، ولن يغلب عسر يسرين فرجاء المؤمن في الفرح دائم.
4- بيان أن حياة المؤمن ليس فيها لهو ولا باطل ولا فراغ لا عمل فيه أبدا ولا ساعة من الدهر قط وبرهان هذه الحقيقة أن المسلمين من يوم تركوا الجهاد والفتح وهم يتراجعون إلى الوراء في حياتهم حتى حكمهم الغرب وسامهم العذاب والخسف حتى المسخ والنسخ وقد نسخ إقليم الأندلس ومسخت أقاليم في بلاد الروس والصين حتى الأسماء غيرت.
__________

1 ورفعنا لك ذكرك قال مجاهد يعني التأذين، وفيه يقول حسان بن ثابت:
أغر عليه للنبوة خاتم
من الله مشهود يلوح ويشهد
وضع الإله اسم النبي إلى اسمه
إذ قال المؤذن في الخمس أشهد
وشق له من اسمه ليجله
فذو العرش محمود وهذا محمد
2 في الصحيح عن أنس بن مالك عن مالك بن صعصعة عن رجل من قومه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال" فبينا أنا عند البيت بين النائم واليقظان إذ سمعت قائلا يقول أحد الثلاثة إذ كان معه حمزة وابن عمه جعفر فأتيت بطست من ذهب فيها ماء زمزم فشرح صدري إلى كذا وكذا. قال فاستخرج قلبي فغسل قلبي بماء زمزم ثم أعيد مكانه ثم حشي إيمانا وحكمة. "
3 رواه ابن جرير والحديث مرسل وقال ابن مسعود. والذي نفسي بيده لو كان العسر في حجر لطلبه اليسر حتى يدخل عليه ولن يغلب عسر يسرين.
4 روى الضحاك عن ابن عباس قال قالوا يا رسول الله أيشرح الصدر؟ قال نعم وينفسح قالوا يا رسول الله وهل لذلك علامة؟ قال نعم التجافي عن دار الغرور والإنابة إلى دار الخلود والاستعداد للموت قبل نزول الموت.

****************************** ***

يتبع

ابوالوليد المسلم 15-08-2022 04:36 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
سورة التين
مكية وآياتها ثمان

بسم الله الرحمن الرحيم
والتين والزيتون (1) وطور سينين (2) وهذا البلد الأمين (3) لقد خلقنا الأنسان في أحسن تقويم (4) ثم رددناه أسفل سافلين (5) إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون (6) فما يكذبك بعد بالدين (7) أليس الله بأحكم الحاكمين (8)

شرح الكلمات:
والتين والزيتون: هما المعروفان التين فاكهة والزيتون ما يستخرج منه الزيت.
وطور سينين: جبل الطور الذي ناجى الرب تعالى فيه موسى عليه السلام.
وهذا البلد الأمين: مكة المكرمة لأنها بلد حرام لا يقاتل فيها فمن دخلها أمن.
لقد خلقنا الإنسان: جنس الإنسان آدم عليه السلام وذريته.
في أحسن تقويم: أي في أجمل صورة في اعتدال الخلق وحسن التركيب.
أسفل سافلين: أي إلى أرذل العمر حتى يخرف ويصبح لا يعلم بعد أن كان يعلم.
أجر غير ممنون: أي غير منقطع فالشيخ الهرم الخرف المسلم يكتب له ما كان يفعله أيام قدرته على العمل فأجره لا ينقطع إلا بموته.
معنى الآيات:
قوله تعالى {والتين1 والزيتون وطور سينين وهذا البلد الأمين} هذا قسم جليل من أقسام الرب تعالى حيث أقسم فيه بأربعة أشياء وهي التين وهو التين المعروف وهو أشبه شيء بفاكهة الجنة لخلوه من العجم.2 وما يوجد بداخل الفاكهة كالنواة ونحوها، والزيتون وهو ذو منافع يؤكل ويدهن به ويستصبح به ويداوى به كذلك، وبطور سينين وهو جبل سينا في فلسطين إذ تم عليه أكبر
حدث في تاريخ الحياة وهو أن الله تعالى كلم موسى بن عمران نبي بني إسرائيل عليه عدة مرات وأسمعه كلامه وتجلى للجبل فصار دكا. وبمكة أم القرى التي دحيت الأرض من تحتها وفيها بيت الله وحولها حرمه هذا قسم عظيم وجوابه قوله تعالى {لقد خلقنا الأنسان في أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون} ولقد تضمن هذا الجواب لذلك القسم أكبر مظاهر القدرة والعلم والرحمة وهي موجبة للإيمان بالله وتوحيده ولقائه وهو ما كذب به أهل مكة وأنكروه وبيان ذلك أن الإنسان كائن حي مخلوق فخالقه ذو قدرة قطعا وتعديل خلقه بنصب قامته وتسوية أعضائه وحسن سمته وجمال منظره دال على علم وقدرة وهي موجبة للإيمان بالله ولقائه إذ القادر على خلق الإنسان اليوم وقبل اليوم قادر على خلقه غدا كما شاء متى شاء ولا يرد هذا إلا أحمق جاهل، وقوله ثم رددناه أسفل سافلين وذلك بهرم بعض أفراده والنزول بهم إلى ما أسفل من سن الطفولة حيث يصبح الرجل فاقدا لعقله وقواه فيفقد قواه العقلية والبدنية وقوله {إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون} وهو أن ما كانوا يقومون به من الفرائض والنوافل وسائر الطاعات والقربات لا ينقطع أجرهم3 منها بكبرهم وعدم قيامهم بها في سن الشيخوخة والهرم والخرف بخلاف الكافر والفاجر والفاسق فليس لهم أعمال لا تنقطع إلا من سن منهم سنة سيئة فإن ذنبه لا ينقطع ما بقى من يعمل بتلك السنة السيئة. وقوله تعالى {فما يكذبك بعد بالدين4} أي فمن يقدر على تكذيبك يا رسولنا بعد هذه الآيات والحجج والبراهين الدالة على قدرة الله وعلمه ورحمته وحكمته فمن يكذب بالبعث والجزاء على الكسب الإرادي الاختياري في هذه الحياة من خير وشر فإنه وإن كذب بالدين وهو الجزاء الأخروي على عمل المكلفين في هذه الحياة الدنيا فإن هذا التكذيب قائم على أساس العناد والمكابرة إذ الحجج الدالة على يوم الدين والجزاء فيه تجعل المكذب به مكابرا أو جاحدا لا غير. وقوله تعالى {أليس الله بأحكم الحاكمين5} ؟ بلى فليس هناك أعدل من الله وأحسن حكما فكيف يظن إذا أن الناس يعملون متفاوتين في أعمالهم في هذه الدنيا ثم يموتون سواء ولا جزاء بعد بالثواب ولا بالعقاب هذا ظلم وباطل ومنكر ينزه الرب عنه سبحانه وتعالى فقضية البعث الآخر لا تقبل الجدل والمماحكة بحال من الأحوال.
من هداية الآيات:
1- بيان منافع التين والزيتون واستحباب غرس هاتين الشجرتين والعناية بهما.
2- بيان شرف مكة. وحرمها.
3- بيان فضل الله على الإنسان في خلقه في أحسن صورة وأقوم تعديل.
4- تقرير فضل الله على الإنسان المسلم وهو أنه يطيل عمره فإذا هرم وخرف كتب له كل ما كان يعمله من الخير ويجانبه من الشر.
5- مشروعية قول بلى وأنا على ذلك من الشاهدين بعد قراءة والتين إذ كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول ذلك.
__________

1 عامة أهل السلف ابن عباس وعكرمة ومجاهد وغيرهم أن المراد من التين والزيتون هما المعروفان قال غير واحد هو نبتكم الذي تأكلون وزيتونكم الذي تعصرون منه الزيت.
2 العجم - النوى.
3 صح الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا سافر العبد أو مرض كتب الله له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا. وعن ابن عمر: طوبى لمن طال عمره وحسن عمله.
4 وجائز أن يكون الخطاب للإنسان الكافر توبيخا له وإلزاما للحجة أي إذا عرفت أيها الإنسان أن الله خلقك في أحسن تقويم وأنه يردك إلى أرذل العمر فما يحملك على أن تكذب وعليه فالاستفهام توبيخي.
5 روي أن ابن عباس وعليا رضي الله عنهما كانا إذا قرءا أليس الله بأحكم الحاكمين قالا بلى وأنا على ذلك من الشاهدين وروى الترمذي عن أبي هريرة من قرأ سورة والتين والزيتون فقرأ أليس الله بأحكم الحاكمين فليقل بلى وأنا على ذلك من الشاهدين.



ابوالوليد المسلم 15-08-2022 04:36 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 



http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg
تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)

- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
الحلقة (883)

سور(العلق- القدر)
المجلد الخامس (صـــــــ 593الى صــــ 596)

سورة العلق
مكية وآياتها تسع عشرة آية

بسم الله الرحمن الرحيم
اقرأ باسم ربك الذي خلق (1) خلق الأنسان من علق (2) اقرأ وربك الأكرم (3) الذي علم بالقلم (4) علم الأنسان ما لم يعلم (5)

شرح الكلمات:
اقرأ: أي أوجد القراءة وهي جمع الكلمات ذات الحروف باللسان.
باسم ربك: أي بذكر اسم ربك.
الذي خلق: أي خلق آدم من سلالة من طين.
خلق الإنسان: أي الإنسان الذي هو ذرية آدم.
من علق: أي جمع علقة وهي النطفة في الطور الثاني حيث تصير علقة أي قطعة من الدم الغليظ.
وربك الأكرم: أي الذي لا يوازيه كريم ولا يعادله ولا يساويه.
الذي علم بالقلم: أي علم العباد الكتابة والخط بالقلم.
علم الإنسان: أي جنس الإنسان.
ما لم يعلم: أي ما لم يكن يعلمه من سائر العلوم والمعارف.
معنى الآيات:
قوله تعالى {اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم} هذه الآيات الخمس من أول ما نزل من القرآن الكريم لأحاديث الصحاح1 فيها فإن مما اشتهر في ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأتي حراء يتحنث فيه أي يزيل الحنث فرارا مما عليه قومه من الشرك والباطل حتى فاجأه الحق وهو في غار حراء فقال يا محمد أنا جبريل وأنت رسول الله ثم قال اقرأ قلت ما أنا بقارئ قال فأخذني فغطني ثلاث مرات حتى بلغ مني الجهد ثم قال اقرأ باسم ربك الذي خلق فقرأت الحديث.
وقوله تعالى {اقرأ باسم ربك} يأمر الله تعالى رسوله أن يقرأ بادئا قراءته بذكر اسم ربه أي باسم الله الرحمن الرحيم وقوله {الذي خلق} أي خلق الخلق كله وخلق آدم من طين وخلق الإنسان من أولاد آدم من علق والعلق اسم جمع واحده علقة وهي2 قطعة من الدم غليظة كانت في الأربعين يوما الأولى في الرحم نطفة ثم تطورت إلى علقة تعلق بجدار الرحم ثم تتطور في أربعين يوما إلى مضغة لحم، ثم إما أن يؤذن بتخلقها فتخلق وإما لا فيطرحها الرحم قطعة لحم وقوله {اقرأ وربك} تأكيد للأمر الأول لصعوبة الأمر واندهاش الرسول صلى الله عليه وسلم للمفاجأة {اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم} 3 أي وربك الأكرم هو الذي علم بالقلم عباده الكتابة والخط. وقوله {علم الإنسان ما لم يعلم} أي من كرمه الذي أفاض منه على عباده نعمه التي لا تحصى إنه علم الإنسان بواسطة القلم ما لم يكن يعلم من العلوم والمعارف وهذه إشادة بالقلم وأنه واسطة العلوم والمعارف والواسطة تشرف بشرف الغاية المتوسط لها فلذا كان لا أشرف في الدنيا من عباد الله الصالحين والعلوم الإلهية في الكتاب والسنة وما دعوا إليه وحضا عليه من العلوم النافعة للإنسان.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- تقرير الوحي الإلهي وإثبات النبوة المحمدية.
2- مشروعية ابتداء القراءة بذكر اسم الله ولذا افتتحت سور القرآن ما عدا التوبة ببسم الله الرحمن الرحيم.
3- بيان تطور النطفة في الرحم إلى علقة ومنها يتخلق الإنسان.
4- اعظام شأن الله تعالى وعظم كرمه فلا أحد يعادله في الكرم.
5- التنويه بشأن الكتابة والخط بالقلم إذ المعارف والعلوم لم تدون إلا بالكتابة والقلم.
6- بيان فضل الله تعالى على الإنسان في تعليمه ما لم يكن يعلم بواسطة الكتابة والخط.
__________

1 منها حديث عائشة: أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم الرؤيا الصادقة فجاءه الملك فقال اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم. رواه البخاري.
2 العلقة الدم الجامد والجمع علق، والعلقة قطعة من دم رطب سميت بذلك لأنها تعلق لرطوبتها بما تمر عليه.
3 قيل سمي القلم قلما لأنه يقلم أي يقطع، ومنه تقليم الظفر صح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أول ما خلق الله القلم فقال له اكتب فكتب ما يكون إلى يوم القيامة فهو عنده في الذكر فوق عرشه".

****************************** ******

يتبع


ابوالوليد المسلم 15-08-2022 04:37 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
أرأيت إن كان على الهدى (11) أو أمر بالتقوى (12) أرأيت إن كذب وتولى (13) ألم يعلم بأن الله يرى (14) كلا لئن لم ينته لنسفعا بالناصية (15) ناصية كاذبة خاطئة (16) فليدع ناديه (17) سندع الزبانية (18) كلا لا تطعه واسجد واقترب (19)
شرح الكلمات:
كلا1: أي لا أداة استفتاح وتنبيه لكسر إن بعدها.
إن الإنسان: أي ابن آدم قبل أن تتهذب مشاعره وأخلاقه بالإيمان والآداب الشرعية.
ليطغى: أي يتجاوز الحد المفروض له في سلوكه ومعاملاته.
أن رآه استغنى: أي عندما يرى نفسه قد استغنى بماله أو ولده أو سلطانه.
إن إلى ربك الرجعى: أي إن إلى ربك أيها الرسول الرجعى أي الرجوع والمصير.
الذي ينهى عبدا إذا صلى: أي أبو جهل عمرو بن هشام المخزومي لعنه الله.
إن كان على الهدى أو أمر: أي هو رسول الله محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم القرشي العدناني.
بالتقوى
إن كذب وتولى: أي هو أبو جهل.
لئن لم ينته: أي من أذية رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم ومنعه من الصلاة خلف المقام.
لنسفعا بالناصية: أي لنأخذن بناصيته ونسحبه إلى نار جهنم.
فليدع نادية: أي رجال مجلسه ومنتداه.
سندع الزبانية: أي خزان جهنم.
كلا: أي ارتدع أيها الكاذب الكافر.
واقترب: أي منه تعالى وذلك بطاعته.
معنى الآيات:
قوله تعالى {كلا إن الأنسان ليطغى أن رآه استغنى إن إلى ربك الرجعى} يخبر تعالى عن طبيعة الإنسان قبل أن يهذبه الإيمان والمعارف الإلهية المشتملة على معرفة محاب الله تعالى, ومساخطه أنه إذا رأى نفسه قدر استغنى بماله أو ولده أو سلطانه أو بالكل وما أصبح في حاجة إلى غيره يطغى فيتجاوز حد الآداب والعدل والحق والعرف فيتكبر ويظلم ويمنع الحقوق ويحتقر الضعفاء ويسخر بغيره. وأبو جهل كان مضرب المثل في هذا الوصف وصف الطغيان حتى قيل أنه فرعون هذه الأمة, وها هو ذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في المسجد الحرام خلف المقام فيأتيه هذا الطاغية ويهدده ويقول له لقد نهيتك عن الصلاة هنا فلا تعد, ويقول له إن وجدتك مرة أخرى آخذ بناصيتك وأسحبك على الأرض فينزل الله تعالى هذه الآيات {كلا إن الأنسان ليطغى أن رآه استغنى} فيقف برسوله على حقيقة ما كان يعلمها وهي أن ما يجده من أبي جهل وأضرابه من طغاة قريش علته كذا وكذا ويسليه فيقول له وإن طغوا وتجبروا إن مرجعهم إلينا وسوف ننتقم لك منهم {إن إلى ربك} يا رسولنا {الرجعى} إذا فاصبر على أذاهم وانتظر ما سيحل بهم إن مصيرهم إلينا لا إلى غيرنا وسوف ننتقم منهم ثم يقول له قولا يحمل العقلاء على التعجب من سلوك أبي جهل الشائن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم {أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى} ؟ وهل الذي يصلي ينهى عن الصلاة وهل الصلاة جريمة وهل في الصلاة ضرر على أحد؟ فكيف ينهى عنها؟ ويقول له {أرأيت إن كان} أي المصلي الذي نهي عن الصلاة وهو الرسول نفسه صلى الله عليه وسلم
{على الهدى} الموصل إلى سعادة الدنيا والآخرة وكرامتهما؟ {أو أمر بالتقوى} أي أمر غيره بما يتقي به عذاب الدنيا والآخرة, هل الآمر بالهدى والتقوى أي بأسباب النجاة السعادة يعادي ويحارب؟ ويضرب ويهدد؟ إن هذا العجب العجاب. ويقول أرأيت يا رسولنا إن كذب هذا الذي ينهى عبدا إذا صلى أي كذب بالحق والدين وتولى عن الإيمان والشرع, كيف يكون حاله يوم يلقى ربه؟ {ألم يعلم بأن الله يرى} أن يرى أفعاله الاستفزازية المقيتة وتطاوله على رسول الله وتهديده له بالضرب إن وجده يصلي خلف المقام. بعد هذه الدعوة للطاغية لعله يرجع للحق إذا سمعه, وإذا به يزدادا طغيانا ويقول في مجلس قريش يقول واللات والعزى لئن رأيت محمدا صلى الله عليه وسلم يصلي لأطأن على رقبته ولأعفرن وجهه على التراب, وفعلا أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ليطأ على ركبته فإذا به ينكص على عقبيه, ويتقي بيديه, فقيل له مالك فقال إن بيني وبينه خندقا من نار وهولا وأجنحة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضوا عضوا وأنزل الله تعالى {كلا لئن لم ينته لنسفعا بالناصية ناصية كاذبة خاطئة} أي صاحبها وهو أبو جهل أي لئن لم ينته عن أذية رسولنا وتعرضه له في صلاته ليمنعه منها لنأخذن بناصيته ونجره إلى جهنم عيانا. {فليدع} حينئذ رجال ناديه ومجلس قومه فإنا ندعو الزبانية أي خزنة النار من الملائكة كلا فليرتدع هذا الطاغية وليعلم أنه لن يقدر على أن يصل إلى رسولنا بعد اليوم بأذى.
وقال تعالى لرسوله بعد تهديده للطاغية, وردعه له, وارتدع فعلا ولم يجرؤ بعد ذلك اليوم أن يمد لسانه, ولا يده بسوء لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرسوله صلى الله عليه وسلم {لا تطعه} فيما يطلب منك من ترك الصلاة في المسجد الحرام فقد كفيناك شره {واقترب2} إلينا بالطاعات ومن أهمها الصلاة.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- بيان سبب نزول الآيات كلا إن الإنسان ليطغى إلى آخر السورة.
2- بيان طبع الإنسان إذا لم يهذب بالإيمان والتقوى.
3- نصرة الله لرسوله صلى الله عليه وسلم بالملائكة عيانا في المسجد الحرام.
4- تسجيل لعنة الله على فرعون الأمة أبي جهل وأنه كان أظلم قريش لرسول الله وأصحابه.
5- مشروعية السجود عند تلاوة هذه السورة إذا قرأ فاسجد واقترب شرع له السجود3 إلا أن يكون يصلي بجماعة في الصلاة السرية فلا يسجد لئلا يفتنهم.
__________

1 كلا الأصل فيها أنها أداة ردع وزجر وذلك إذا تقدمها ما يقتضي ذلك وتكون بمعنى حقا، وتكون بمعنى ألا التي هي أداة استفتاح وتنبيه. وهي هنا تردد من أمرين بين أن تكون بمعنى حقا أو بمعنى ألا، وذلك لعدم تقدم كلام يقتضي الردع والزجر، لأن الآيات الخمس الأولى نزلت في أول ما نزل وما بعد كلا نزل بعد ذلك بفترة طويلة وجائز أن تكون ردعا لمن قال قولا أو عمل عملا استحق به ذلك.
2 روى أصحاب الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم "اقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد".
3 ورد في الذكر حال السجود أن الساجد يقول (سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق بحوله وقوته سمعه وبصره فتبارك الله أحسن الخالقين. اللهم اكتب لي بها أجرا وامح عني بها وزرا وارفع لي بها ذكرا وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود) .



ابوالوليد المسلم 15-08-2022 04:38 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 



http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg
تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)

- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
الحلقة (884)

سور(القدر- البينة)
المجلد الخامس (صـــــــ 596الى صــــ 601)

سورة القدر
مكية وآياتها خمس آيات

بسم الله الرحمن الرحيم
إنا أنزلناه في ليلة القدر (1) وما أدراك ما ليلة القدر (2) ليلة القدر خير من ألف شهر (3) تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر (4) سلام هي حتى مطلع الفجر (5)

شرح الكلمات:
إنا أنزلناه: أي القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا.
في ليلة القدر: أي ليلة الحكم التقدير التي يقضي فيها قضاء السنة كلها.
وما أدراك ما ليلة القدر: أي إن شأنها العظيم.
ليلة القدر خير من ألف شهر: أي العمل الصالح فيها من صلاة وتلاوة قرآن ودعاء خير من عبادة ألف شهر ليس فيها ليلة القدر وهي ثلاث وثمانون سنة وأربعة أشهر.
والروح فيها: أي جبريل في ليلة القدر.
بإذن ربهم: أي ينزلون بأمره تعالى لهم بالتنزل فيها.
من كل أمر: أي من كل أمر قضاه الله تعالى في تلك السنة من رزق وأجل وغير ذلك.
سلا هي حتى مطلع الفجر: أي هي سلام من الشر كله من غروب الشمس إلى طلوع الفجر.
معنى الآيات:
قوله تعالى {إنا أنزلناه1} أي القرآن الكريم الذي كذب به المكذبون وأنكره الكافرون يخبر تعالى أن ما يتلوه عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم هو حق وحي الله وكتابه أنزله جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا وذلك في ليلة الحكم والقضاء التي يقضي الله فيها ما يشاء من أحداث العالم
من رزق وأجل وغيرهما إلى بداية السنة الآتية وذلك كل سنة وهذا كقوله {إنا أنزلناه2 في ليلة مباركة إنا كنا منذرين فيها يفرق كل أمر حكيم} إذ ما قضاه الله تعالى وحكم بوجوده قد كتب في اللوح المحفوظ ومنه القرآن الكريم ثم في ليلة القدر تؤخذ نسخة من أحداث السنة فتعطى الملائكة وتنفذ حرفيا في تلك السنة، ولذلك كان لليلة القدر بمعنى التقدير شأن عظيم ففضلها الله على ألف شهر وأخبر عن سبب فضلها أن الملائكة تتنزل فيها وجبريل معهم بإذن ربهم أي ينزلون بإذن الله تعالى لهم وأمره إياهم بالنزول ينزلون مصحوبين بكل أمر قضاه الله وحكم به في تلك السنة من خير وشر من رزق وأجل ولفضل هذه الليلة كانت العبادة فيها تفضل غيرها من نوعها بأضعاف مضاعفة إذ العمل تلك الليلة يحسب لصاحبه عمل ألف ليلة أي ثلاث وثمانين سنة وأربعة أشهر. هذا ما دل عليه قوله تعالى {إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك3 ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر4 تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر} وقوله {سلام هي حتى مطلع الفجر} أي هي سلام من كل شر إذ هي كلها خير من غروب الشمس إلى طلوع فجرها إنها كلها سلام سلام الملائكة على العابدين من المؤمنين والمؤمنات وسلامة من كل شر. والحمد لله الذي جعلنا من أهلها.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- تقرير الوحي وإثبات النبوة المحمدية.
2- تقرير عقيدة القضاء والقدر.
3- فضل ليلة القدر وفضل العبادة فيها5.
4- بيان أن القرآن نزل في رمضان جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا وأنه ابتدئ نزوله على رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان أيضا.
5- الندب6 إلى طلب ليلة القدر للفوز بفضلها وذلك في العشر الأواخر من شهر رمضان وأرجى
ليلة في العشر الأواخر هي الوتر كالواحدة والعشرين إلى التاسعة والعشرين لحديث الصحيح التمسوها في العشر الأواخر.
6- استحباب الإكثار من قراءة القرآن وسماعه فيها لمعارضة جبريل الرسول7 صلى الله عليه وسلم القرآن في رمضان مرتين.
__________

1 وجائز أن يطلق لفظ أنزلناه في ليلة القدر على الخمس التي أنزلت بغار حراء في رمضان وهي اقرأ باسم ربك.. إلى ما لا يعلم أي باعتبار بداية نزوله, وما في التفسير عليه أئمته.
2 فاتحة سورة الدخان.
3 الاستفهام للتفخيم من شأن ليلة القدر أي أي شيء يعرفك ما هي ليلة القدر ذات الشأن العظيم وإظهار لفظ ليلة القدر بعد وما أدراك ما ليلة القدر دال على الاهتمام بها كقول عدي:
لا أرى الموت يسبق الموت شيء
نغص الموت ذا الغني والفقير
4 لحديث مالك في الموطأ سمعن من أثق فيه يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرى أعمار الأمم قبله فكأنه تقاصر أعمار أمته ألا يبلغوا من العمل مثل ما بلغ غيرهم في طول العمر فأعطاه الله ليلة القدر وجعلها خيرا من ألف شهر.
5 حديث الصحيحين: " من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه".
6 أرجح الأقوال في ليلة القدر أنها في الوتر من العشر الأواخر من كل عام لحديث الصحيح التمسوها في الوتر من العشر الأواخر وأن من صلى العشاء ليلتها في الجماعة ينال فضلها لما قاله مالك في الموطأ وهو قول سعيد بن المسيب (من شهد العشاء من ليلة القدر فقد أخذ بحظه منها ومثله لا يدرك بالرأي) .
7 معارضة القرآن ثابتة في الصحيح وفضل الدعاء فيها ثابت في الصحيح. قالت عائشة يا رسول الله إن وافقت ليلة القدر فما أقول؟ قال قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني.
****************************** ******

يتبع

ابوالوليد المسلم 15-08-2022 04:38 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
سورة البينة1
مدنية وآياتها ثمان آيات

بسم الله الرحمن الرحيم
لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة (1) رسول من الله يتلو صحفا مطهرة (2) فيها كتب قيمة (3) وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة (4) وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة (5)

شرح الكلمات:

من أهل الكتاب: أي اليهود والنصارى.
والمشركين: أي عبدة الأصنام.
منفكين: أي زائلين عما هم عليه منتهين عنه.
حتى تأتيهم البينة: أي الحجة الواضحة وهي محمد صلى الله عليه وسلم وكتابه القرآن الكريم.
رسول من الله: أي محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
صحفا مطهرة: أي من الباطل.
فيها كتب قيمة: أي في تلك الصحف المطهرة كتب من الله مستقيمة.
إلا من بعد ما جاءتهم البينة: أي الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وكتابه القرآن الكريم.
وما أمروا: أي في كتبهم التوراة والإنجيل.
حنفاء: أي مائلين عن الأديان كلها إلى دين الإسلام.
دين القيمة: أي دين الملة القيمة أي المستقيمة.

معنى الآيات:

قوله تعالى {لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين} وهم اليهود والنصارى2 والمشركون هم عباد الأصنام لم يكونوا منفصلين عما هم عليه من الديانة تاركين لها إلى غاية مجيء البينة لهم فلما جاءتهم البينة. وهي محمد صلى الله عليه وسلم وكتابه انفكوا أي 3انقسموا فمنهم من آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم وكتابه والدين الإسلامي ومنهم من كفر فلم يؤمن. وقوله تعالى {رسول من الله} هو محمد صلى الله عليه وسلم وقوله {يتلو صحفا} أي يقرأ على ظهر قلب ما تضمنته تلك الصحف المطهرة من الباطل والمشتملة على كتب4 من عند الله قيمة أي مستقيمة لا انحراف فيها عن الحق ولا بعد عن الهدى والمراد من الصحف المطهرة القرآن الكريم. وقوله تعالى {وما تفرق الذين أوتوا الكتاب} أي اليهود والنصارى {إلا من بعد ما جاءتهم البينة} وهي محمد صلى الله عليه وسلم وكتابه إذ كانوا قبل البعثة المحمدية متفقين على انتظار نبي آخر الزمان وأنه النبي الخاتم للنبوات فلما جاءهم تفرقوا فآمن بعض وكفر بعض. في حين أنهم ما أمروا في كتبهم وعلى ألسنة رسلهم. وكذا في القرآن وعلى لسان نبيه محمد صلى الله عليه وسلم إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء أي مائلين عن الأديان كلها إلى دين الإسلام ويقيموا الصلاة بأن يؤدوها في أوقاتها بشروطها وأركانها وآدابها ويؤتوا الزكاة التي أوجب الله في الأموال لصالح الفقراء والمساكين. وذلك دين القيمة أي وهذا هو دين الملة القيمة المستقيمة الموصلة للعبد إلى رضا الرب وجنات الخلد بعد انجائه من العذاب والغضب.

هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- بيان أن الديانات السابقة للإسلام والتي عاصرته كانت منحرفة اختلط فيها الحق بالباطل ولم
تصبح صالحة للإسلام والهداية البشرية ولا فرق بين اليهودية والنصرانية والمجوسية.
2- إن أهل الكتاب بصورة خاصة كانوا منتظرين البعثة المحمدية بفارغ الصبر لعلمهم بما أصاب دينهم من فساد، ولما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاءتهم البينة على صدقة وصحة ما جاء به تفرقوا فآمن البعض5 وكفر البعض.
3- مما يؤخذ على اليهود والنصارى أنهم في كتبهم مأمورون بعبادة الله تعالى وحده والكفر بالشرك مائلين عن كل دين إلى دين الإسلام ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فما بالهم لما جاءهم الإسلام بمثل ما أمروا به كفروا به وعادوه. والجواب أنهم لما انحرفوا عز عليهم أن يستقيموا لما ألفوا من الشرك والضلالة والباطل.
4- بيان أن الملة القيمة والدين المنجي من العذاب المحقق للإسعاد والكمال ما قام على أساس عبادة الله وحده وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والميل عن كل دين إلى هذا الدين الإسلامي.

__________
1 وتسمى سورة القيمة ولم يكن، وورد في فضلها حديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بن كعب إن الله أمرني أن اقرأ عليك (لم يكن الذين كفروا) قال وسماني لك؟ قال. نعم. فبكى. وفي هذا الحديث أنه لا يأنف الفاضل أن يقرأ القرآن أو يتعلم العلم عن المفضول.
2 قال ابن عباس أهل الكتاب اليهود الذين كانوا بالمدينة وهم قريظة والنظير وبنو قينقاع ولفظ الآية أعم وأشمل إذ تناول اليهود مطلقا والنصارى كذلك.
3 انفك ينفك انفكاكا مضارع فكه فانفك ومعناه الإزالة والإقلاع أي لم يكونوا مقلعين عما هم عليه أو زائلين عنه تاركين له منتهين عنه.
4 إن قيل الكتب هي التي تشتمل على صحف فكيف يتلو صحفا مطهرة فيها كتب قيمة؟ والجواب نعم الصحف تكون كتابا وإذا كثرت كونت كتبا باعتبار ما حواه من الشرائع والأحكام والقصص والأخبار.
5 شاهده قوله تعالى: {فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به} أي كفر من كفر منهم الآية من سورة البقرة.


ابوالوليد المسلم 15-08-2022 04:39 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 



http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg
تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)

- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
الحلقة (885)

سور( البينة- الزلزلة)
المجلد الخامس (صـــــــ 601الى صــــ 605)

إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية (6) إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية (7) جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه (8)

شرح الكلمات:
إن الذين كفروا من أهل الكتاب: أي بالإسلام ونبيه وكتابه هم اليهود والنصارى.
أولئك هم شر البرية: أي شر الخليقة.
إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات: أي آمنوا بالإسلام ونبيه وكتابه وعملوا الصالحات.
أولئك هم خير البرية: أي هم خير الخليقة.
جنات عدن: أي بساتين إقامة دائمة.
رضي الله عنهم: أي بطاعته.
ورضوا عنه: أي بثوابه.
معنى الآيات:
قوله تعالى {إن الذين كفروا من1 أهل الكتاب والمشركين} إنه بعد أن بين الدين الحق المنجي من العذاب والموجب للنعيم وهو الدين الإسلامي أخبر تعالى أن من كفر به من أهل الكتاب ومن المشركين هم في نار جهنم خالدين فيها هذا حكم الله فيهم لكفرهم بالحق وإعراضهم عنه بعدما جاءتهم البينة وعرفوا الطريق وتنكبوه رضا بالباطل واقتناعا بالكفر والشرك بدل الإيمان والتوحيد هؤلاء الكفرة الفجرة هم شر الخليفة كلها. وهو معنى قوله {إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم2 شر البرية} كما أخبر تعالى بأن جزاء من آمن بالله ورسوله وعمل بالدين الإسلامي فأدى الفرائض واجتنب النواهي وسابق في الخيرات والصالحات هؤلاء هم3 خير البرية إذ قال تعالى {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية} وقوله {جزاؤهم عند ربهم} أي جزاء أولئك الذين آمنوا بالله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم وما جاء به من الهدى والدين الحق أولئك هم خير الخليفة وقوله {جزاؤهم عند ربهم} أي يوم يلقونه وذلك بعد الموت {جنات عدن} أي بساتين إقامة دائمة خالدين فيها أبدا أي لا يخرجون منها ولا يموتون أبدا وقوله {رضي4 الله عنهم ورضوا عنه} أي رضي الله عنهم بسبب إيمانهم وطاعتهم ورضوا عنهم بسبب ما وهبهم وأعطاهم من النعيم المقيم في دار السلام وقوله تعالى {ذلك لمن خشي5 ربه} أي ذلك الجزاء المذكور وهو جزاء عظيم إذ جمع لأهله فيه بين سعادة الروح وسعادة البدن معا هو جزاء عبد خاف ربه فلم يعصه حتى لقيه بعد موته وإن عصاه يوما تاب وإن أخطأ رجع حتى مات وهو على الطاعة لا على المعصية.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- بيان جزاء من كفر بالإسلام من سائر الناس وأنه بئس الجزاء.
2- بيان جزاء من آمن بالإسلام ودخل فيه وطبق قواعده واستقام على الأمر والنهي فيه وهو نعم الجزاء رضى الله والخلود في دار السلام.
3- فضل الخشية إن حملت صاحبها على طاعة الله ورسوله فأطاعهما بأداء الفرائض وترك المحرمات في الاعتقاد والقول والعمل.
__________

1 كفروا أي من بعد ما جاءتهم البينة من الطوائف الثلاثة حكم اله تعالى فيهم بأنهم شر الخليفة فهم شر من القردة والخنازير وأخبث أنواع الحيوان كالحيات والثعابين لأنهم كفروا بربهم وفسقوا من أمره واستوجبوا لعنته وعذابه فكانوا بذلك شر البرية.
2 البرية الخليفة إذ هي من برأ إذا خلق والباري الخالق وأصل البرية: البريئة قلبت الهمزة ياء وأدغمت في الياء فصارت البرية بياء مشددة وقرأ نافع البرئة مهموزا على الأصل وخففها حفص فقرأ البرية كالخلية وزنا. ا
3 أي في حكم الله وقضائه وحصلت لهم الخيرية بإيمانهم بربهم واستقامتهم على منهج شرعه فكملوا في أرواحهم وأخلاقهم وتهيئوا للملكوت الأعلى فكانوا بذلك خير البرية اللهم اجعلنا منهم.
4 قول البعض رضي أعمالهم هروبا من عقيدة السلف وإلا فالآية نص في رضاه تعالى عنهم وإن كانت الأعمال سببا في رضاه إذ الأعمال طهرت نفوسهم وزكت أرواحهم فاستحقوا رضى الله فرضي عنهم ورضى الله أكبر من نعيم الجنة كقوله تعالى ورضوان من الله أكبر.
5 الخشية الموجبة لهذا النعيم المقيم هي ثمرة العلم إذ لا خشية بلا علم قال تعالى إنما يخشى الله من عباده العلماء فلذا وجب طلب العلم وهو العلم بالله ومحابه ومكارهه ووعده ووعيده إذ هذا هو العلم الذي يثمر الخشية.

****************************** *****

يتبع

ابوالوليد المسلم 15-08-2022 04:39 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
سورة الزلزلة1
مدنية وآياتها ثماني آيات

بسم الله الرحمن الرحيم
إذا زلزلت الأرض زلزالها (1) وأخرجت الأرض أثقالها (2) وقال الأنسان ما لها (3) يومئذ تحدث أخبارها (4) بأن ربك أوحى لها (5) يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم (6) فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره (7) ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره (8)

شرح الكلمات:
إذا زلزلت الأرض: أي حركت لقيام الساعة.
وأخرجت الأرض أثقالها: أي كنوزها وموتاها فألقتها وتخلت.
مالها: أي وقال الكافر مالها أي أي شيء جعلها تتحرك هذه الحركة.
تحدث أخبارها: أي تخبر بما وقع عليها من خير وشر وتشهد به لأهله.
أوحى لها: أي بأن تحدث أخبارها فحدثت.
يصدر الناس أشتاتا: أي من موقف الحساب.
ليروا أعمالهم: أي جزاء أعمالهم إما إلى الجنة وإما إلى النار.
مثقال ذرة: زنة نملة صغيرة.
معنى الآيات:
قوله تعالى {إذا زلزلت الأرض زلزالها2} أي تحركت حركتها الشديدة لقيام الساعة وأخرجت الأرض أثقالها من كنوز وذلك في النفخة الأولى, وأموات وذلك في النفخة الثانية ففي الإخبار إجمال إذ المقصود تقرير البعث والجزاء ليعمل الناس بما ينجيهم من النار ويدخلهم الجنة. وقوله {وقال الأنسان ما لها؟} 3 لا شك أن هذا الإنسان السائل كان كافرا بالساعة ولذا تساءل أما المؤمن فهو يعلم ذلك لأنه جزء من عقيدته. وقوله تعالى {يومئذ تحدث أخبارها4} أي تخبر بما جرى عليها من خير وشر بلسان القال أو الحال. وهي في هذا الإخبار مأمورة لقوله تعالى {بأن ربك أوحى لها} أي بذلك وقوله {يومئذ يصدر الناس أشتاتا5} أي يوم تزلزل الأرض وتهتز للنفخة الثانية نفخة يصدر الناس فيها أشتاتا أي يصدرون من ساحة فصل القضاء فمن آخذ ذات اليمين ومن آخذ ذات الشمال ليروا أعمالهم أي جزاء أعمالهم في الدنيا من حسنة وسيئة فالحسنة تورث الجنة والسيئة تورث النار. وقوله تعالى {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا6} أي وزن ذرة من خير في الدنيا يثب عليه في الآخرة ومن يعمل مثقال ذرة أي وزن ذرة من شر في الدنيا يجز به في الآخرة إلا أن يعفو الجبار عز وجل وبما أن الكفر مانع من دخول الجنة فإن الكافر إذا عمل حسنة في الدنيا, وليس له في الآخرة شيء منها وذلك لحديث عائشة رضي الله عنها إذ سألت الرسول صلى الله عليه وسلم عن عبد الله بن جدعان هل ينفعه في الآخرة ما كان يفعله في الدنيا من إطعام الحجيج وكسوتهم فقال لها. لا إنه لم يقل يوما من الدهر رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين. كما أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه كان يأكل مع الرسول صلى الله عليه وسلم ونزلت هذه الآية {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره} الآية فرفع أبو بكر يده من الطعام وقال إني لراء ما عملت من خير وشر؟ فقال
النبي صلى الله عليه وسلم أن ما ترى مما تكره فهو من مثاقيل ذر شر كثير, ويدخر الله لك مثاقيل الخير حتى تعطاه يوم القيامة وتصديق ذلط في كتاب الله {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير} .
هداية الآيات:
من هداية الآيات

1- تقرير عقيدة البعث والجزاء.
2- الإعلام بالانقلاب الكوني الذي تتبدل فيه الأرض غير الأرض والسموات غير السموات.
3- تكلم الجمادات من آيات الله تعالى الدالة على قدرته وعلمه وحكمته وهي موجبات ألوهيته بعبادته وحده دون سواه.
4- تقرير حديث الصالح اتقوا النار ولو بشق تمرة.7
5- الكافر عمله الخيري ينفعه في الدنيا دون الآخرة.
6- المؤمن يجزي8 بالسيئة في الدنيا ويدخر له صالح عمله للآخرة.
__________

1 وتسمى سورة الزلزال لوجود لفظ الزلزال فيها وهو قوله إذا زلزلت الأرض زلزالها, واشتهرت بسورة الزلزلة وهي تسمية بالمعنى إذ ليس فيها لفظ الزلزلة. ورد أنها تعدل ربع القرآن أو نصفه والحديث ضعيف.
2 إضافة الزلزال إلى ضمير الأرض لإفادة تمكنه منها وللإشارة إلى هوله وفظاعته لما عرف الناس من أهوال الزلزال إذا وقع والزلزال بكسر الزاء مصدر وبفتحها اسم مصدر. وهو مأخوذ من الزلل وهو زلق الرجلين. فلما قصدوا شدة الزلل ضاعفوا الفعل فقالوا في زل زلزل كما قالوا في كبه كبكبه.
3 مالها استفهام ناشئ عن دهشة وحيرة للمفاجأة. أي ما للأرض زلزلت هذا الزلزال.
4 روى الترمذي عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية (يومئذ تحدث أخبارها) فقال أتدرون ما أخبارها؟ قالوا الله ورسوله أعلم قال فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد أو أمة بما عمل على ظهرها, وتقول عمل يوم كذا وكذا فهذه أخبارها وجملة (يومئذ تحدث) جواب الشرط (إذا زلزلت) .
5 الأشتات جمع شت بمعنى متفرقين جماعات جماعات أصحاب يمين وأصحاب شمال.
6 يحكى أن أعرابيا أخر (خيرا يره) فقيل له قدمت وأخرت فقال:
خذا بطن هرشى أو قفاها فإنه
كلا جانبي هرشى لهن طريق
وفات الأعرابي أن تقديم لفظ الخير تنويه به وبأهله ولذا قدم في الآية.
7 حديث "اتقوا النار ول بشق تمرة". رواه البخاري وفي الموطأ أن مسكينا استطعم عائشة أم المؤمنين وبين يديها عنب فقالت لإنسان خذ حبة فأعطه إياها, فجعل ينظر إليها ويعجب, فقالت أتعجب؟ كم ترى في هذه الحبة من مثقال ذرة؟
8 شاهده حديث أبي بكر السالف الذكر.



ابوالوليد المسلم 15-08-2022 04:40 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 



http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg
تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)

- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
الحلقة (886)

سور( العاديات- القارعة)
المجلد الخامس (صـــــــ 606الى صــــ 609)

سورة العاديات
مكية وآياتها إحدى عشرة آية

بسم الله الرحمن الرحيم
والعاديات ضبحا (1) فالموريات قدحا (2) فالمغيرات صبحا (3) فأثرن به نقعا (4) فوسطن به جمعا (5) إن الأنسان لربه لكنود (6) وإنه على ذلك لشهيد (7) وإنه لحب الخير لشديد (8) أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور (9)
وحصل ما في الصدور (10) إن ربهم بهم يومئذ لخبير (11)

شرح الكلمات:

والعاد
يات: أي والخيل تعدو في الغزو.
ضبحا: أي تضبح ضبحا والضبح صوت الخيل إذا عدت أي جرت.
فالموريات قدحا: أي الخيل توري النار بحوافرها إذا سارت بالليل.
فالمغيرات صبحا: أي الخيل تغير على العدو صباحا.
فأثرن به نقعا: هيجن به أي بمكان عدوها نقعا أي غبارا.
فوسطن به جمعا: أي بالنقع جمع العدو أي حيث تجمعاته.
لكنود: لكفور بجحد نعمه تعالى عليه.
لشهيد: أي يشهد على نفسه بعمله.
وإنه لحب الخير: أي المال.
إذا بعثر: أي أثير وأخرج ما في القبور.
وحصل ما في الصدور: بين وأفرز ما في الصدور من الإيمان والكفر.
معنى الآيات:
قوله تعالى {والعاديات ضبحا} 1 الآيات إلى قوله {أفلا يعلم} تضمنت قسما إلهيا عظيما على حقيقة كبرى يجهلها كثير من الناس وهي كفر الإنسان لربه ولنعمه عليه يعد المصائب وينسى النعم والفواصل وهذا بيان ما أقسم تعالى به وهو العاديات ضبحا وهي الخيل2 تضبح أي تخرج صوتا خاصا غير الصهيل المعروف فالموريات قدحا أي الخيل توري النار بحوافرها إذا مشت فوق الحجارة ليلا ويدخل ضمن هذا كل قادحة للنار فالمغيرات صبحا أي جماعات الخيل يركبها فرسانها للإغارة على العدو بها صباحا. وقوله فأثرن به نقعا فوسطن به جمعا أي فأثارت الخيل النقع وهو الغبار والتراب عند سيرها بفرسانها فتوسطت جمع العدو وكتائبه لقتال أعداء الله الكافرين بالله وآياته ولقائه المفسدين في الأرض بالشرك والمعاصي هذا ما أقسم الله تعالى به وهو الخيل ذات الصفات الثلاث: العدو والإوراء والإغارة والمقسم عليه قوله {إن الإنسان لربه لكنود} المراد من الإنسان الكافر والجاهل بربه تعالى الذي لم تتهذب روحه بمعرفة الله ومحابه ومكارهه ولم يزك نفسه بفعل المحاب وترك المكاره هذا الإنسان أقسم تعالى على أنه كفور لربه تعالى ولنعمه عليه أي شديد الكفر كثير بذكر المصائب ويشعر بها ويصرخ لها ويصر عليها وينسى النعم والفواضل عليه فلا يذكرها ولا يشكر الله تعالى عليها. فالكنود الكفور.3 وقوله تعالى
وإنه على ذلك لشهيد أي وإن الله تعالى على هذا الوصف في الإنسان لشهيد فأخبر تعالى بما علمه من الإنسان وشهد به عليه كما أن الإنسان شهيد بأعماله وصنائع أقواله وأفعاله شهيد على نفسه بالكفر والجحود. وقوله وإنه لحب الخير لشديد هذا مما أقسم تعالى عليه أيضا وهو وصف للإنسان الكنود وهو أنه شديد حب المال وسمي المال خيرا تسمية4 عرفية إذ تعارف الناس على ذلك كما أنه خير من حيث أنه يحصل به الخير الكثير إذا أنفق في مرضاة الله تعالى.
وقوله تعالى {أفلا 5يعلم إذا بعثر ما في القبور وحصل6 ما في الصدور إن ربهم بهم يومئذ لخبير} أي أيكفر الإنسان بربه ويجحد نعمه عليه وإحسانه إليه ويحب المال أشد الحب فيمنع حقوق الله فيه ويكتسب مما حرم الله عليه وقوله تعالى {أفلا يعلم إذا 7بعثر ما في القبور} أي بعثرت القبور وأخرج ما فيها من البشر للحساب والجزاء ووقفوا بين يدي الله تعالى وأفرز وبين ما كان خفيا في الصدور من الاعتقادات والنيات الصالحة والفاسدة ولا يخفى على الله تعالى منهم شيء حيث {إن ربهم8 بهم يومئذ لخبير} كما هو اليوم خبير إلا أنها ساعة الحساب والمجازاة فذكر فيها علم الله تعالى وخبرته بالظواهر والبواطن والضمائر والسرائر فلا يخفى على الله من ذلك شيء وسيتم الجزاء العادل بحسب هذا العلم وتلك الخبرة الإلهية. فلو علم الكفور من الناس المحب للمال هذا وأيقنه لعدل من سلوكه وأصلح من اعتقاده ومن أقواله وأعماله فالآيات دعوة إلى مراقبة الله تعالى بعد الإيمان والاستقامة على طاعته.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- الترغيب في الجهاد والإعداد له كالخيل أمس، ونفاث الطائرات اليوم.
2- بيان حقيقة وهي أن الإنسان كفور لربه ونعمه عليه يذكر المصيبة إذا أصابته وينسى النعم التي غطته إلا إذا آمن وعمل صالحا.
3- بيان أن الإنسان يحب المال حبا شديدا إلا إذا هذب بالإيمان وصالح الأعمال.
4- تقرير عقيدة البعث والجزاء.
__________

1 الأفراس تعدو (القرطبي) تضبح أي تحمحم إذا عدت وأصل الضبح والضباح للثعالب كالنبح والنباح للكلاب.
2 يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في العاديات أنها الإبل تعدو في الحج من عرفة إلى مزدلفة وإلى منى إلا أن الخيل أولى بهذه الصفات.
3 فسر السلف الكنود بالهلوع والجحود والجهول والحقود والمنوع، وفعله كند يكند كنودا من باب دخل يدخل دخلا أي كفر النعمة وجحدها.
4 شاهده قوله تعالى: إن ترك خيرا فللوالدين الآية. وقال عدي:
ماذا ترجي النفوس من طلب الخير وحب الحياة كا ربها
كا ربها غامها من الكرب الذي هو الغم
5 الهمزة للاستفهام الإنكاري والفاء للتفريع، والمفعول محذوف لتذهب النفس في طلبه مذاهب تقديره أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور وحصل ما في الصدور العذاب الذي هو جزاء الكفر والجحود والبخل.
6 حصل معناه جمع وأحصى أو جمع وعد ليحاسب العبد عليه.
7 بعثر أي قلب من أسفل إلى علو، والمراد إحياء ما في القبور من الأموات.
8 هذه الجملة مستأنفة علة لتحقيق الجزاء وإثباته ذلك الجزاء الذي يحصل يوم خروج الناس من قبورهم وحسابهم على أعمالهم.

****************************** ****
يتبع

ابوالوليد المسلم 15-08-2022 04:40 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
سورة القارعة
مكية وآياتها إحدى عشرة آية

بسم الله الرحمن الرحيم
القارعة (1) ما القارعة (2) وما أدراك ما القارعة (3) يوم يكون الناس كالفراش المبثوث (4) وتكون الجبال كالعهن المنفوش (5) فأما من ثقلت موازينه (6) فهو في عيشة راضية (7) وأما من خفت موازينه (8) فأمه هاوية (9) وما أدراك ما هيه (10) نار حامية (11)

شرح الكلمات:
القارعة: القيامة وسميت القارعة لأنها تقرع القلوب بأهوالها.
ما القارعة: أي أي شيء هي؟ فالاستفهام للتهويل من شأنها.
وما أدراك ما القارعة: زيادة في التهويل أمرها وتعظيمه.
كالفراش المبثوث: أي كغوغاء الجراد المنتشر يموج بعضهم في بعض.
كالعهن المنفوش: أي كالصوف المندوف هذه حالها أولا ثم تكون كثيبا مهيلا ثم تكون هباء منبثا.
في عيشة راضية: أي يرضاها صاحبها في الجنة فهي مرضية له.
فأمه هاوية: أي مأواه ومسكنه الهاوية التي يهوي فيها على رأسه وهي النار.
نار حامية: أي هي نار حامية.
معنى الآيات:
قوله تعالى {القارعة} إلى آخر السورة الكريمة تضمنت آياتها الإحدى عشرة آية وصفا لعقيدة البعث والجزاء التي كذب بها المشركون وأنكروها وبالغوا في إنكارها فأخبر تعالى أن القيامة التي تقرع الناس بأهوالها وعظائم ما يجري فيها بحيث يكون الناس وهم اشرف الكائنات الأرضية يكونون في خفة أحلامهم وحيرة عقولهم كالفراش المبثوث وهو غوغاء الجراد وتجمعه وتراكمه وانتشاره وهو يموج بعضه فوق بعض. وتكون الجبال على رسوها وعلوها وضخامة ذواتها كالعهن المنفوش أي كالصوف المندوف بالمنداف وهو يتطاير هنا وهناك. هذا في أول الأمر وقد تكون كالرمل المتهيل. ثم كالهباء المنبث فإذا بعثوا ووقفوا بين يدي ربهم لحسابهم ومجازاتهم {فمن ثقلت موازينه} أي موازين حسناته فقد نجا من النار وهو {في عيشة راضية} أي مرضية له وهو بها راض وكيف لا وهي الجنة دار النعيم المقيم. {وأما من خفت موازينه} أي قلت حسناته وكثرت سيئاته أو لم يكن له حسنة بالمرة كأهل الكفر والشرك {فأمه هاوية} أي فأمه التي تضمه إليها وتؤيه عندها هاوية بحيث يهوى فيها على أم رأسه وقوله تعالى {وما أدراك ما هيه؟} أي هي {نار حامية} هذا الاستفهام للتهويل من شأنها وهي كذلك لا أشد هولا منها إنها النار دار البوار والخسران أعاذنا الله تعالى منها وعتق رقابنا منها اللهم آمين.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1-تقرير عقيدة البعث والجزاء بذكر صورة صادقة لها.
2-التحذير من أهوال يوم القيامة وعذاب الله تعالى فيها.
3-تقرير عقيدة وزن الأعمال صالحها وفاسدها وترتيب الجزاء عليها.
تقرير أن الناس يوم القيامة فريقان فريق في الجنة وفريق في السعير.





ابوالوليد المسلم 15-08-2022 04:41 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 



http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg
تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)

- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
الحلقة (887)

سور( التكاثر- العصر)
المجلد الخامس (صـــــــ 610الى صــــ 613)


سورة التكاثر
مكية وآياتها ثماني آيات1

بسم الله الرحمن الرحيم
ألهاكم التكاثر (1) حتى زرتم المقابر (2) كلا سوف تعلمون (3) ثم كلا سوف تعلمون (4) كلا لو تعلمون علم اليقين (5) لترون الجحيم (6) ثم لترونها عين اليقين (7) ثم لتسألن يومئذ عن النعيم (8)

شرح الكلمات:
ألهاكم: أي شغلكم عن طاعة الله تعالى.
التكاثر: أي التباهي بكثرة المال.
حتى زرتم المقابر: أي تشاغلتم بجمع المال والتباهي بكثرته حتى متم ونقلتم إلى المقابر.
كلا: أي ما هكذا ينبغي أن تفعلوا فارتدعوا عن هذا التكاثر.
سوف تعلمون: أي إذا دخلتم قبوركم علمتم خطأكم في التكاثر في الأموال والأولاد.
كلا: أي حقا.
لو تعلمون علم اليقين: أي علما يقينيا عاقبة التكاثر لما تفاخرتم بكثرة أموالكم.
لترون الجحيم: أي النار.
يومئذ: أي يوم ترون الجحيم عين اليقين.
عن النعيم: أي تنعمتم به وتلذذتم من الصحة والفراغ والأمن والمطاعم والمشارب.
معنى الآيات:
قوله تعالى {ألهاكم التكاثر2} هذا خطاب الله تعالى للمشتغلين بجمع المال وتكثيره للمباهاة به
والتفاخر الأمر الذي ألهاهم عن طاعة الله ورسوله فماتوا ولم يقدموا لأنفسهم خيرا فقال تعالى لهم ألهاكم أي شغلكم التكاثر أي في الأموال للتفاخر بها والمباهاة بكثرتها {حتى زرتم المقابر} 3 أي بعد موتكم نقلتم إليها لتبقوا فيها إلى أن تخرجوا منها للحساب والجزاء أي يوم القيامة. وقوله لهم {كلا} أي ما هكذا ينبغي أن تفعلوا فاتدعوا عن هذا السلوك المفضي بكم إلى الهلاك والخسران. سوف تعلمون عاقبة تشاغلكم عن طاعة الله وطاعة رسوله والتزود للدار الآخرة {ثم كلا سوف 4تعلمون} كرر الوعيد والتهديد. وقوله {كلا لو تعلمون علم اليقين5} أي6 حقا لو تعلمون ما تجدونه في قبوركم ويوم بعثكم ونشوركم لما تشاغلتم بالأموال وتكاثرتم فيها. وقوله {لترون الجحيم ثم لترونها عين اليقين} هذا جواب قسم نحو وعزتنا لترون الجحيم أي النار وذلك يوم القيامة المشرك يراها ويصلاها والمؤمن يراها وينجيه الله تعالى منها. ثم لترونها عين اليقين أي الأمر الذي لا شك فيه إذ يؤتى بجهنم فيراها أهل الموقف أجمعون وقوله {ثم لتسألن يومئذ} أي يوم ترون الجحيم عين اليقين {عن النعيم7} الذي كان لكم في الدنيا من صحة وفراغ وأمن وطعام وشراب. فمن أدى شكره نجا، ومن لم يؤد شكره أخذ به ولا يعفى إلا عن ثوب يستر العورة وكسرة خبز تسد الجوعة وجحر يكن من الحر والبرد وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبي بكر وعمروا ابن التيهان "هذا من النعيم الذي تسألون عنه يوم القيامة يشير إلى بسر ورطب وماء بارد" وصح أيضا "أنه لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه وعن علمه ماذا عمل به وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه؟ "
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- التحذير من جمع المال وتكثيره مع عدم شكره وترك طاعة الله ورسوله من أجله.
2- إثبات عذاب القبر وتأكيده بقوله حتى زرتم المقابر كلا سوف تعلمون أي في القبر.
3- تقرير عقيدة البعث وحتمية الجزاء بعد الحساب والاستنطاق والاستجواب.
4- حتمية سؤال العبد عن النعم التي أنعم الله تعالى عليه بها في الدنيا فإن كان شاكرا لها فاز وإن كان كافرا لها أخذ والعياذ بالله.
__________

1 إلا البخاري فإنه يرى أنها مدنية والصحيح أنها مكية ولعل البخاري تأثر بما رواه من أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر في بستان ابن تيهان إن هذا من النعيم الذي تسألون عنه.
2 ألهاكم شغلكم قال امرؤ القيس:
فمثلك حبلى قد طرقت ومرضع
فألهيتها عن ذي تمائم محول
أي شغلتها.
3 في صحيح مسلم عن مطرف عن أبيه قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ ألهاكم التكاثر، قال: يقول ابن آدم: مالي مالي وهل لك يا بن آدم من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت وما سوى ذلك فذاهب وتاركه للناس. وروى البخاري قوله صلى الله عليه وسلم لو أن لابن آدم واديا من ذهب لأحب أن يكون له واديان ولن يملأ فاه إلا التراب، ويتوب الله على من تاب.
4 هذه الجملة توكيد للأولى وهي سوف تعلمون، ومفعول تعلمون محذوف تقديره تعلمون سوء مغبة لهوكم بالتكاثر مشغولين عن طاعة الله ورسوله مشغولين بجمع الأموال والتكاثر بها.
5 جواب لو تعلمون علم اليقين محذوف كما حذفت الأول تقديره لتبين لكم حال مفظع عظيم والإضافة في علم اليقين إضافة بيانية لأن اليقين علم.
6 وجائز أن تكون كلاهما كالأولى للردع والزجر وكونها بمعنى حقا أولى.
7 اختلف في تحديد النعيم المذكور الذي نسأل عنه يوم القيامة فقيل له الأمن والصحة وقيل الصحة والفراغ، وقيل شبع البطون وبارد الشراب وظلال المساكن. وفي البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال" نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ".

*****************************

يتبع

ابوالوليد المسلم 15-08-2022 04:41 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
سورة العصر
مكية وآياتها ثلاث آيات

بسم الله الرحمن الرحيم
والعصر (1) إن الأنسان لفي خسر (2) إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر (3)

شرح الكلمات:
والعصر: أي الدهر كله.
إن الإنسان: أي جنس الإنسان كله.
لفي خسر: أي في نقصان وخسران إذ حياته هي رأس ماله فإذا مات ولم يؤمن ولم يعمل صالحا خسر كل الخسران.
وتواصوا بالحق: أي أوصى بعضهم بعضا باعتقاد الحق وقوله والعمل به.
وتواصوا بالصبر: أي أوصى بعضهم بعضا بالصبر على اعتقاد الحق وقوله والعمل به.
معنى الآيات:
قوله تعالى {والعصر1} الآيات الثلاث تضمنت هذه الآيات حكما ومحكوما عليه ومحكوما به فالحكم هو ما حكم به تعالى على الإنسان2 كل الإنسان من النقصان والخسران والمحكوم عليه هو الإنسان ابن آدم والمحكوم به هو الخسران لمن لم يؤمن ويعمل صالحا والربح والنجاة من الخسران لمن آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر فقوله تعالى {والعصر}
هو قسم أقسم الله به والعصر هو الدهر كله ليله ونهاره وصبحه ومساؤه وجواب القسم قوله تعالى {إن الأنسان لفي خسر} أي نقصان وهلكة وخسران إذ يعيش في كبد ويموت على جهنم فيخسر كل شيء حتى نفسه التي بين جنبيه وقوله {إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات} فهؤلاء استثناهم الله تعالى من الخسر فهم رابحون غير خاسرين وذلك بدخولهم الجنة دار السعادة والمراد من الإيمان الإيمان بالله ورسوله وما جاء به رسوله من الهدى ودين الحق والمراد من العمل الصالح الفرائض والسنن والنوافل، وقوله {وتواصوا بالحق} أي باعتقاده وقوله والعمل به وذلك باتباع الكتاب والسنة، وقوله {وتواصوا بالصبر3} أي أوصى بعضهم بعضا بالحق اعتقادا وقولا وعملا وبالصبر على ذلك حتى يموت أحدهم وهو يعتقد الحق ويقول به ويعمل بما جاء فيه فالإسلام حق والكتاب حق والرسول حق فهم بذلك يؤمنون ويعملون ويتواصون بالثبات على ذلك حتى الموت.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- فضيلة سورة العصر لاشتمالها على طريق النجاة في ثلاث آيات حتى قال الإمام الشافعي لو ما أنزل الله تعالى على خلقه حجة إلا هذه السورة لكفتهم.
2- بيان مصير الإنسان الكافر وأنه الخسران التام.
3- بيان فوز أهل الإيمان والعمل الصالح المجتنبين للشرك والمعاصي.
4- وجوب التواصي بالحق والتواصي بالصبر بين المسلمين.
__________

1 ذكر أهل التفسير في تحديد كلمة العصر أقوالا منها أنها صلاة العصر لأنها الصلاة الوسطى، ومنها عصر النبي صلى الله عليه وما في التفسير أعم وأولى.
2 الإنسان (أل) فيه لاستغراق الجنس إلا أنه خاص بالموجودين في زمن النزول للآية ومن بلغته الدعوة الإسلامية، أما من كانوا قبل نزول الآية وظهور الإسلام فلا يدخلون في عموم لفظ الإنسان ولو قيل بالعموم لكان حقا أيضا.
3 حقيقة الصبر منع المرء نفسه مما هو مناف لطاعة الله ورسوله فعلا أو تركا.



ابوالوليد المسلم 15-08-2022 04:42 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 


http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg
تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)

- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
الحلقة (888)

سور( الهمزة - الفيل)
المجلد الخامس (صـــــــ 614الى صــــ 616)


سورة الهمزة
مكية وآياتها تسع آيات

بسم الله الرحمن الرحيم
ويل لكل همزة لمزة (1) الذي جمع مالا وعدده (2) يحسب أن ماله أخلده (3) كلا لينبذن في الحطمة (4) وما أدراك ما الحطمة (5) نار الله الموقدة (6) التي تطلع على الأفئدة (7) إنها عليهم مؤصدة (8) في عمد ممددة (9)

شرح الكلمات:
ويل لكل همزة لمزة: كلمة يطلب بها العذاب وواد في جهنم الهمزة كثير الهمز واللمز كذلك وهم الطعانون المظهرون العيوب للإفساد.
جمع مالا وعدده: أي أحصاه وأعده لحوادث الدهر.
يحسب أن ماله أخلده: أي يجعله خالدا في الحياة لا يموت.
كلا: أي ليس الأمر كما يزعم ويظن.
لينبذن: أي ليطرحن في الحطمة.
في الحطمة: أي النار التي تحطم كل ما يلقى فيها.
تطلع على الأفئدة: أي تشرف على القلوب فتحرقها.
مؤصدة: أي مغلقة مطبقة.
في عمد ممددة: أي يعذبون في النار بأعمدة ممدة.
معنى الآيات:
قوله تعالى {ويل لكل همزة لمزة} 1 يتوعد الرب تبارك وتعالى بواد في جهنم يسيل بصديد أهل النار وقيوحهم كل همزة لمزة2 أي كل مغتاب عياب ممن يمشون بالنميمة ويبغون للبراء العيب وقوله {الذي جمع مالا وعدده يحسب أن ماله أخلده} هذا وصف آخر لتلك الهمزة اللمزة وهو أنه {جمع مالا} كثيرا من حرام وحلال {وعدده} أي أحصاه وعرف مقداره وأعده لحوادث الدهر كما يزعم. {يحسب أن ماله أخلده} أي يظن أنه لا يموت لكثرة أمواله ومتى كان المال ينجي من الموت؟ إنه الغرور في الحياة، لو كان المال يخلد أحدا لأخلد قارون، وقوله تعالى {كلا} 3 لا يخلده ماله بل وعزتنا وجلالنا {لينبذن} 4 أي يطرحن {في الحطمة} النار المستعرة التي تحطم كل ما يلقى فيها وقوله تعالى {وما أدراك ما الحطمة} 5 هذا الاستفهام لتعظيم أمرها وتهويل شأنها، وبينها تعالى بقوله {نار الله الموقدة} أي المستعرة المتأججة، {التي تطلع على
الأفئدة} أي تشرف على القلوب فتحرقها، وقوله تعالى {إنها عليهم مؤصدة} 6 أي إن النار على أولئك الهمازين اللمازين مطبقة مغلقة الأبواب وقوله تعالى {في عمد ممددة} أي يعذبون في النار بعمد ممددة، والله أعلم كيف يكون تعذيبهم7 بها إذ لم يطلعنا الله تعالى على كيفيته.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- تقرير عقيدة البعث والجزاء.
2- التحذير من الغيبة والنميمة.
3- التنديد بالمغترين بالأموال المعجبين بها.
بيان شدة عذاب النار وفظاعته.
__________

1 قال ابن عباس هم المشاءون بالنميمة المفسدون بين الأحبة الباغون للبرآء العيب.
2 قال عطاء بن أبي رياح: الهمزة الذي يغتاب ويطعن في وجه الرجل، واللمزة الذي يغتابه من خلقه إذا غاب قال حسان:
همزتك فاختضعت بذل نفس
بقافية تأجج كالشواظ
3 كلا رد لما توهمه الكافر وردع له وزجر على اعتقاده وقوله إذ كلاهما فاسد باطل.
4 اللام موطئة للقسم.
5 الحطمة دركة من درك النار قيل أنها الثانية وقيل الرابعة أو هي اسم من أسماء جهنم.
6 يقال آصدت الباب إذا أغلقته قاله مجاهد ومنه قول الشاعر (الرقيات)
إن ي القصر لو دخلنا غزالا
مصفقا موصدا عليه الحجاب
فمصفقا وموصدا بمعنى واحد وهو مغلق.
7 في عمد أي موثقين في عمد كما يوثق المسجون المغلظ عليه من رجليه في فلقة ذات ثقب يدخل في رجليه والعمد اسم جمع عمود، والعمود خشبة والممددة المجعولة طويلة جدا.

****************************** *

يتبع


ابوالوليد المسلم 15-08-2022 04:42 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
سورة الفيل
مكية وآياتها خمس آيات

بسم الله الرحمن الرحيم
ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل (1) ألم يجعل كيدهم في تضليل (2) وأرسل عليهم طيرا أبابيل (3) ترميهم بحجارة من سجيل (4) فجعلهم كعصف مأكول (5)

شرح الكلمات:
ألم تر كيف فعل ربك: أي ألم ينته إلى علمك فعل ربك بأصحاب الفيل.
بأصحاب الفيل: أي محمود وهي أكبرها ومعه اثنا عشر فيلا وصاحبها أبرهة.
ألم يجعل كيدهم: أي في هدم الكعبة.
في تضليل: أي في خسار وهلاك.
أبابيل: أي جماعات جماعات.
من سجيل: أي طين مطبوخ.
كعصف مأكول: أي كورق زرع أكلته الدواب وداسته بأرجلها.
معنى الآيات:
قوله تعالى {ألم 1تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل2} إلى قوله {مأكول} هي خمس آيات تضمنت الحديث عن حادث جلل وقع أمام3 ولادة النبي صلى الله عليه وسلم وخلاصته أن أبرهة الأشرم والي اليمن من قبل ملك الحبشة قد رأى أن يبني بيتا في صنعاء اليمن يدعو العرب إلى حجه بدل حجهم البيت الحرام والقصد من ذاك تحويل التجارة والمكاسب من مكة إلى اليمن وعرض هذا على الملك الحبشي فوافق وسره ذلك ولما بني البيت (الكنيسة) وسماها القليس لم يبن مثلها في تاريخها جاء رجل قرشي فتغوط فيها ولطخ جدرانها بالعذرة غضبا منه، وذهب فلما رآها أبرهة الأشرم بتلك الحال استشاط غيظا وجهز جيشا لغزو مكة وهدم الكعبة وكان معه ثلاثة عشر فيلا ومن بينها فيل يدعى محمود وهو أكبرها وساروا ما وقف في وجههم حي من أحياء العرب إلا قاتلوه وهزموه حتى انتهوا إلى قرب مكة وجرت سفارة بينهم وبين شيخ مكة عبد المطلب بن هاشم جد النبي صلى الله عليه وسلم وانتهت المفاوضات بأن يرد أبرهة إبل عبد المطلب ثم هو وشأنه بالكعبة وأمر رجال مكة أن يخلوا البلد ويلتحقوا برؤوس الجبال بنسائهم وأطفالهم خشية المعرة تلحقهم من الجيش الغازي والظالم، وما هي إلا أن تحرك جيش أبرهة ووصل إلى وادي محسر وهو في وسط الوادي سائر وغذا بفرق من الطير فرقة بعد أخرى ترسل على ذلك الجيش حجارة الواحدة ما بين الحمصة والعدسة في الحجم وما تسقط الحجرة على رجل إلا ذاب وتناثر لحمه فهلكوا وفر أبرهة ولحمه يتناثر فهلك في الطريق وكانت هذه نصرة من الله لسكان حرمه وحماة بيته ومن ثم ما زالت العرب تحترم الكعبة والحرم وسكانه إلى اليوم. وقوله تعالى {ألم تر كيف} يخاطب تعالى رسوله مذكرا إياه بفعله الجبار في إهلاك الجبابرة فأين قوة ظلمة قريش كالعاص بن وائل وعمرو بن هشام والوليد وعقبة من قوة أبرهة وأبادها الله تعالى في ساعة فاصبر يا محمد ولا تحمل لهؤلاء الأعداء هما فإنما لهم ساعة فكانت السورة عبارة عن ذكرى للعظة والاعتبار. وهذا شرح الآيات {ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل} أي ألم ينته إلى علمك فعل ربك بأصحاب الفيل. {ألم يجعل كيدهم في تضليل} أي ألم يجعل ما كادوه لبيتنا وحرمنا في خسارة وضلال فلم يجنوا إلا الخزي والدمار {وأرسل عليهم طيرا أبابيل} أي جماعات جماعات كانت تشاهد وهي
تخرج من البحر يشاهدها رجال مكة المعتصمون بقمم الجبال إذ تمر فوقهم وهي تحمل حجارة من سجيل3 كل طائر يحمل ثلاثة أحجار كالحمصة والعدسة واحدة بمنقاره واثنتين بمخلبيه كل واحدة في مخلب ترميهم بها فتتفتت لحومهم وتتناثر فجعلهم كعصف مأكول أي كزرع دخلته ماشية فأكلت عصفه أي ورقه وكسرت قائمه وهشمته فكانت آية من آيات الله تعالى.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- تسلية رسول الله صلى الله عليه وسلم عما يلاقيه من ظلم كفار قريش.
2- تذكير قريش بفعل الله عز وجل تخويفا لهم وترهيبا.
3- مظاهر قدرة الله تعالى في تدبيره لخلقه وبطشه بأعدائه.
__________

1 الاستفهام تقريري والمخاطب هنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بلا خلاف (وكيف) جائز أن تكون مجردة عن الاستفهام وهي في محل نصب على المفعول به لتر.
2 الفيل أنثاه فيلة ويجمع على أفيال وفيول وفيلة، وصاحبه فيال.
3 حجارة من طين طبخت من نار جهنم وسجيل أصلها سجين بالنون فأبدلت لاما كما أبدلت في أصيلان بأصيلال قال الشاعر:
ورجلة يضربون البيض عن عرض
ضربا تواصت به الأبطال سجينا



الساعة الآن : 01:23 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 535.42 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 533.66 كيلو بايت... تم توفير 1.76 كيلو بايت...بمعدل (0.33%)]