ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى القرآن الكريم والتفسير (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=57)
-   -   تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري ) (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=235072)

ابوالوليد المسلم 10-08-2022 09:19 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 



http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg
تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة المعارج
الحلقة (849)

سورة المعارج
مكية وآياتها أربع وأربعون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 429الى صــــ 435)

سورة المعارج
مكية وآياتها أربع وأربعون آية

بسم الله الرحمن الرحيم
سأل سائل بعذاب واقع (1) للكافرين ليس له دافع (2) من الله ذي المعارج (3) تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة (4) فاصبر صبرا جميلا (5) إنهم يرونه بعيدا (6) ونراه قريبا (7) يوم تكون السماء كالمهل (8) وتكون الجبال كالعهن (9) ولا يسأل حميم حميما (10) يبصرونهم يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه (11) وصاحبته وأخيه (12) وفصيلته التي تؤويه (13) ومن في الأرض جميعا ثم ينجيه (14) كلا إنها لظى (15) نزاعة للشوى (16) تدعو من أدبر وتولى (17) وجمع فأوعى (18)

شرح الكلمات:
سأل سائل: أي دعا داع بعذاب واقع.
ليس له دافع من الله: أي فهو واقع لا محالة.
ذي المعارج: أي ذي العلو والدرجات ومصاعد الملائكة وهي السموات.
تعرج الملائكة والروح إليه: أي تصعد الملائكة وجبريل إلى الله تعالى.
في يوم كان مقداره خمسين: أي تصعد الملائكة وجبريل من منتهى أمره من أسفل الأرض
ألف سنة السابعة إلى منتهى أمره من فوق السموات السبع في يوم مقداره خمسون ألف
سنة بالنسبة لصعود غير الملائكة من الخلق.
إنهم يرونه بعيدا: أي العذاب الذي يطالبون به لتكذيبهم وكفرهم بالبعث.
يوم تكون السماء كالمهل: أي كذائب النحاس.
وتكون الجبال كالعهن: أي كالصوف المصبوغ ألوانا في الخفة والطيران بالريح.
ولا يسأل حميم حميما: أي قريب قريبه لانشغال كل بحاله.
يبصرونهم: أي يبصر الأحماء بعضهم بعضا ويتعافون ولا يتكلمون.
وصاحبته: أي زوجته.
وفصيلته التي تؤويه: أي عشيرته التي تضمه إليها نسبا وتحميه من الأذى عند الشدة.
إنها لظى نزاعة للشوى1: أي إن جهنم هي لظى نزاعة للشوى جمع شواة جلدة الرأس.
أدبر وتولى: أي عن طاعة الله ورسوله وتولى عن الإيمان فأنكره وتجاهله.
وجمع فأوعى: أي جمع المال وجعله في وعاء ومنع حق الله تعالى فيه فلم ينفق منه في سبيل الله.
معنى الآيات:
قوله تعالى {سأل2 سائل بعذاب واقع} هذه الآيات نزلت ردا على دعاء النضر بن الحارث ومن وافقه اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو إئتنا بعذاب أليم فأخبر تعالى عنه بقوله {سأل سائل بعذاب3 واقع للكافرين ليس له دافع من الله} أي إنه واقع لا محالة إذ ليس له دافع من الله {ذي المعارج} أي صاحب العلو والدرجات ومصاعد الملائكة وهي السموات وقوله تعالى {تعرج الملائكة والروح إليه} أي 4تصعد الملائكة وجبريا إليه تعالى {في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة} أي يصعدون من منتهى أمره من أسفل الأرض السابعة إلى منتهى أمره من فوق السموات السبع في يوم مقداره خمسون ألف سنة بالنسبة لصعود غير الملائكة من الخلق {فاصبر5 صبرا جميلا6} وقوله تعالى {إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا} يعني أن المشركين المكذبين يرون العذاب بعيدا لتكذيبهم بالبعث الأخر.
ونحن نراه قريبا ويبين تعالى وقت مجيئه فقال {يوم تكون السماء كالمهل} أي تذوب فتصير كذائب النحاس {وتكون الجبال كالعهن} أي الصوف المصبوغ خفة وطيرانا بالريح وهذا هو الانقلاب الكوني حيث فني كل شيء ثم يعيد الله الخلق فإذا الناس في عرصات القيامة واقفون حفاة عراة {لا يسأل حميم حميما} لانشغال كل بنفسه كما قال تعالى {لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه} عن السؤال عن غيره أو عن سؤال غيره وقوله تعالى {يبصرونهم} أي عدم سؤال بعضهم بعضا ليس ناتجا عن عدم معرفتهم لبعضهم بعضا7 لا بل يبصرهم ربهم بهم فيعرف كل قريب قريبه ولكن اشتغاله بنفسه يحول دون سؤال غيره، ويشرح هذا المعنى قوله تعالى يود المجرم أي ذو الإجرام على نفسه بالشرك والمعاصي لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه أي أولاده الذكور ففضلا عن الإناث وصاحبته أي زوجته وأخيه وفصيلته التي تؤويه بأن تضمه إلى نسبها والفصيلة العشيرة انفصلت من القبيلة ومن في الأرض جميعا ثم ينجيه لنتصور عذابا يود المجرم من خوفه منه أن يفتدي بكل شيء في الأرض كيف يكون؟ ومن هنا يرى القريب قريبه ولا يسأله عن حاله لانشغال نفسه عن نفس غيره. وقوله تعالى {كلا8} أي لا قرابة يومئذ تنفع ولا فداء يقبل {إنها} أي جهنم {لظى نزاعة للشوى} أي لجلدة الرأس ولكل عضو غير قاتل للإنسان إذا نزع منه.
تدعو أي جهنم المسماة لظى تدعو تنادي إلي إلي يا من أدبر عن طاعة الله ورسوله وتركها ظهره فلم يلتفت إليها وتولى عن الإيمان فلم يطلبه تكميلا له ليصبح إيمانا يحمله على الطاعات وجمع الأموال فأوعاها في أوعية9 ولم يؤد منها الحقوق الواجبة فيها من زكاة وغيرها إذ في المال حق غير الزكاة. ومن دعته جهنم دفع إليها دفعا كما قال تعالى {يوم يدعون إلى نار جهنم دعا} نعوذ بالله من جهنم وموجباتها من الشرك والمعاصي.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- حرمة سؤال العذاب فإن عذاب الله لا يطاق ولكن تسأل الرحمة والعافية.
2-وجوب الصبر على الطاعة وعلى البلاء فلا تسخط ولا تجزع.
3-تقرير عقيدة البعث والجزاء.
4-عظم هول الموقف يوم القيامة وصعوبة الحال.
5- التنديد بالمعرضين عن طاعة الله ورسوله الجامعين للأموال المشتغلين بها حتى سلبتهم الإيمان والعياذ بالله فأصبحوا يشكون في الله وآياته ولقائه.
__________

1 قرأ نافع والجمهور برفع نزاعة وقرأ حفص بنصها.
2 قرأ نافع سال بدون همزة تخفيفا وقرأ حفص سأل بالهمزة على الأصل.
3 وإن كانت الباء في بعذاب بمعنى عم فيكون السائل سأل عن العذاب لمن يقع أو متى يقع كقوله تعالى {فاسأل به خبيرا} أي عنه خبيرا وكقول الشاعر:
فإن تسألوني بالنساء فإنني
بصير بأدواء النساء طبيب
ومن بلاغة القرآن تعدية سأل بالباء ليكون صالحا للاستفهام والدعاء والاستعجال.
4 هذا العروج كائن يوم القيامة وهو اليوم الذي مقداره خمسون ألف سنة.
5 الفاء للتفريع إذ سبق أن السائل بالعذاب كان مستهزئا مستخفا فلذا أمر الله رسوله بالصبر الجميل على ما يقوله المشركون.
6 الجملة تعليلية لكل من جملة سأل سائل بعذاب وللأمر بالصبر.
7 قرأ نافع يومئذ بفتح يومئذ وقرأ الجمهور بكسرها بإضافة عذاب إليها.
8 كلا حرف ردع وإبطال لكلام سابق.
9 ومنه الحديث "لا توعى فيوعى عليك" أي لا تمسكي عن الإنفاق فيمسك عليك.

******************************

يتبع

ابوالوليد المسلم 10-08-2022 09:19 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
إن الإنسان خلق هلوعا (19) إذا مسه الشر جزوعا (20) وإذا مسه الخير منوعا (21) إلا المصلين (22) الذين هم على صلاتهم دائمون (23) والذين في أموالهم حق معلوم (24) للسائل والمحروم (25) والذين يصدقون بيوم الدين (26) والذين هم من عذاب ربهم مشفقون (27) إن عذاب ربهم غير مأمون (28) والذين هم لفروجهم حافظون (29) إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين (30) فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون (31) والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون (32) والذين هم بشهاداتهم قائمون (33) والذين هم على صلاتهم يحافظون (34) أولئك في جنات مكرمون (35)
شرح الكلمات:
إن الإنسان خلق هلوعا: أي إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا أي كثير الجزع سريعه وكثير المنع حريصا عليه.
على صلاتهم دائمون: أي لا يقطعونها أبدا ما داموا أحياء يعقلون.
حق معلوم: أي نصيب معين عينه الشارع وهو الزكاة.
للسائل والمحروم: أي الطالب الصدقة والذي لا يطلبها حياء وتعففا.
يصدقون بيوم الدين: أي يؤمنون بيوم القيامة للبعث والجزاء.
مشفقون: أي خائفون متوقعون العذاب عند المعصية.
لفروجهم حافظون: أي صائنون لها عن النظر إليها وعن الفاحشة.
أو ما ملكت أيمانهم: أي من السريات من الجواري التي يملكونها.
فأولئك هم العادون: أي المعتدون الظالمون المتجاوزون الحلال إلى الحرام.
لأماناتهم: أي ما ائتمنوا عليه من أمور الدين والدنيا.
راعون: أي حافظون غير مفرطين.
قائمون: أي يقيمون شهاداتهم لا يكتمونها ولا يحرفونها.
يحافظون: أي يؤدونها في أوقاتها في جماعات مع كامل الشروط والأركان والواجبات والسنن.
معنى الآيات:
قوله تعالى إن الإنسان أي هذا الآدمي المنتصب القامة الضاحك الذي سمي بالإنسان لأنسه
بنفسه ورؤية محاسنها ولنسيانه واجب شكر ربه هذا الإنسان خلق هلوعا قابلا لوصف الهلع فيه عند بلوغه سن التمييز والهلع مرض نفسي عرضه الذي يعرف به جزعه الشديد متى مسه الشر، ومنعه القوي للخير متى مسه وظفر به. فقد فسر تعالى الهلع بقوله، {إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا} . ثم ذكر تعالى ما يعالج به هذا المرض باستثنائه من جنس الإنسان من يتصفون بالصفات الآتية وهي عبارة عن عبادات شرعية بعضها فعل وبعضها ترك من شأنها القضاء على هذا المرض الخطير المسمى بالهلع والذي لا يعالج إلا بما وصف تعالى في قوله:
1) إدامة الصلاة بالمواظبة عليها ليل نهار إذ قال تعالى {إلا المصلين1 الذين هم على صلاتهم دائمون2} وبشرط أن تؤدى إيمانا واحتسابا وأداء صحيحا بمراعاة شروطها وأركانها وسننها.
2) الاعتراف بما أوجب الله في المال من حق وإعطاء ذلك الحق بطيب نفس لمن سأل ولمن لم يسأل ممن هم أهل الزكاة والصدقات لقوله {والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم} .
3) التصديق الكامل بيوم القيامة وهو البعث والجزاء لقوله تعالى {والذين يصدقون بيوم الدين} .
4) الاشفاق والخوف من عذاب الله عند عروض خاطر المعصية بترك واجب أو فعل محرم لقوله تعالى {والذين هم من عذاب ربهم مشفقون} أي دائما وأبدا لأن عذاب ربهم غير مأمون الوقوع.
5) حفظ الفرج بستره عن أعين الناس ما عدا الزوج وصيانته من فاحشة الزنا واللواط وجلد عميرة أي الاستمناء باليد والمعروف اليوم بالعادة السرية لقوله تعالى {والذين هم لفروجهم حافظون} من السراري {فإنهم غير ملومين} في إتيانهم أزواجهم وجواريهم اللائي ملكوهن بالجهاد أو الشراء الشرعي وقوله تعالى {فمن ابتغى} أي طلب ما وراء الزوجة والسرية {فأولئك هم العادون} أي الظالمون الذين تجاوزا الحلال إلى الحرام فكانوا بذلك معتدين ظالمين.
6) حفظ الأمانات والعهود ومن أبرز الأمانات وأقوى العهود ما التزم به العبد من عبادة الله تعالى بطاعته وطاعة رسوله والوفاء بذلك حتى الموت زيادة على أمانات الناس والعهود لهم الكل واجب الحفظ والرعاية لقوله {والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون} أي حافظون.
7) إقامة الشهادة بالاعتدال فيها بحيث يؤديها ولا يكتمها ويؤديها قائمة لا اعوجاج فيها لقوله تعالى {والذين هم3 بشهاداتهم قائمون} .4
8) المحافظة على الصلوات الخمس مستوفاة الشروط والأركان من الخشوع إلى الطمأنينة في الركوع والسجود والاعتدال في القيام لقوله تعالى {والذين هم على صلاتهم يحافظون} بعد أدائها وعدم قطعها بحال من الأحوال.
فهذه الوصفة الربانية متى استعملها الإنسان المؤمن تحت إشراف عالم رباني إن وجده وإلا فتطبيقها بدون إشراف ينفع بأذن الله متى اجتهد المؤمن في حسن تطبيقها برىء من ذلك المرض الخطير وأصبح أهلا إكرام الله تعالى في الدار الآخرة قال تعالى في ختام هذه الوصفة {أولئك في جنات مكرمون5} أي أولئك المطبقون لهذه الوصفة الناجحون فيها {في جنات مكرمون} في جوار ربهم اللهم اجعلنا منهم يا غفور يا رحيم.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- بين شر صفات الإنسان وأنها الهلع.
2-بيان الدواء لهذا الداء داء الهلع الذي لا فلاح معه ولا نجاح.
3-انحصار العلاج في ثماني صفات أو ثماني مركبات دوائية.
4- وجوب العمل بما اشتملت عليه الوصفة من واجبات.
5-حرمة ما اشتملت عليه الوصفة من محرمات.
__________

1 الاستثناء منقطع أي لكن المصلين الذين وصفهم كيت وكيت وهي ثمان صفات وهي صفات المؤمنين الصادقين.
2 الدوام على الشيء عدم تركه وذلك في كل عمل بحسب ما يعتبر دواما فيه.
3 قرأ نافع شهادتهم بالإفراد وقرأ حفص شهاداتهم بالجمع وقراءة الإفراد بمعنى الجمع لأن شهادة اسم جنس تدل على متعدد.
4 القيام بالشهادة: الاهتمام بها وحفظها إلى أن تؤدى.
5 والإكرام: التعظيم وحسن اللقاء أي هم مع جزائهم بالجنات يكرمون بحسن اللقاء والثناء. في جنات خبر أولئك ومكرمون خبر ثان.


ابوالوليد المسلم 10-08-2022 09:20 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 


http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg
تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة نوح
الحلقة (850)

سورة نوح
مكية وآياتها ثمان وعشرون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 436الى صــــ 439)

فمال الذين كفروا قبلك مهطعين (36) عن اليمين وعن الشمال عزين (37) أيطمع كل امرئ منهم أن يدخل جنة نعيم (38) كلا إنا خلقناهم مما يعلمون (39) فلا أقسم برب المشارق والمغارب إنا لقادرون (40) على أن نبدل خيرا منهم وما نحن بمسبوقين (41) فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون (42) يوم يخرجون من الأجداث سراعا كأنهم إلى نصب يوفضون (43) خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون (44)
شرح الكلمات:
قبلك مهطعين؟ : أي نحوك مديمي النظر إليك.
عزين: أي جماعات حلقا حلقا يقولون في استهزاء بالمؤمنين لئن دخل هؤلاء الجنة لندخلها قبلهم.
إنا خلقناهم مما يعلمون: أي من مني قذر وإنما يستوجب دخول الجنة بالطاعات المزكية للنفوس.
على أن نبدلهم خيرا منهم: أي إنا لقادرون على أن نهلكهم ونأتي بأناس خير منهم.
وما نحن بمسبوقين: أي بعاجزين عن إيجاد ما ذكرنا من إهلاك القوم والإتيان بخير منهم.
يوم يخرجون من الأجداث: أي من القبور مسرعين إلى المحشر.
سراعا كأنهم إلى نصب يوفضون: أي كأنهم في إسراعهم إلى المحشر إلى نصب أي شيء منصوب كراية أو علم يسرعون.
ترهقهم ذلة: أي تغشاهم ذلة.
ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون: أي يوعدون بالعذاب فيه وهو يوم القيامة.
معنى الآيات:
قوله تعالى فما للذين1 كفروا قبلك مهطعين يخبر تعالى مقبحا سلوك المشركين إزاء رسوله صلى الله عليه وسلم فيقول ما للذين كفروا من كفار مكة قبلك أي جهتك حيث كنت في المسجد الحرام مهطعين أو مسرعين مديمي النظر إليك عن اليمين وعن الشمال عزين أي عن يمينك وعن شمالك عزين جمع عزة أي جماعة فهم حلق حلق يستمعون إلى قراءتك بحثا عن كلمة يمكنهم أن يشنعوا بها عليك ويجعلونها مطعنا في دعوتك أي سخرية يسخرون بها وبك ويقولون استهزاء بالمؤمنين لئن دخل هؤلاء الجنة لندخلنها قبلهم فرد تعالى عليهم منكرا طمعهم الفارغ بقوله {أيطمع كل امرئ2
منهم أن يدخل جنة نعيم} أي بستان إكرام وتنعم كلا لن يتم هذا لهم ولن يكون وهم أنجاس الأرواح بالشرك والمعاصي، ولفت النظر إلى أصل الخلقة وهي المني القذر والقذر لا يدخل دار السلام فمن أراد الجنة فليزك نفسه وليطهرها بالإيمان والعمل الصالح مبعدا لها عما يدسيها من الشرك والمعاصي وهو ما تضمنه قوله تعالى {إنا خلقناهم3 مما يعلمون} وقوله عز وجل {فلا أقسم برب المشارق والمغارب} أي فلا الأمر كما يتصورون من أنهم لا يبعثون بعد موتهم أقسم برب المشارق الثلاثمائة والستين مشرقا ومغربا حيث الشمس تطلع كل يوم في مطلع وتغرب في آخر لا تعود إليه إلا بعد سنة في مثل ذلك اليوم فأقسم تعالى بنفسه، والمقسم عليه قوله {إنا لقادرون} أي على أن نهلكهم ونأتي بخير منهم {وما نحن بمسبوقين} أي عاجزين عن ذلك فكيف إذا لا نعيدهم أحياء بعد موتهم يوم القيامة {فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون} أي أمر تعالى رسوله أن يتركهم وما يخوضون فيه من اللهو واللعب والباطل في القول والعمل،
وهو تهديد خفي لهم {حتى يلاقوا} على ما هم عليه من أدران الشرك وأوضار المعاصي يوهم الذي يوعدون بالعذاب فيه وهو يوم القيامة وشرح حال اليوم فقال يوم يخرجون من الأجداث أي القبور جمع جدث سراعا أي مسرعين كأنهم إلى نصب4 أي شيء منصوب من راية أو علم أو تذكار يوفضون أي يحشرون مسرعين حال كون أبصارهم خاشعة أي ذليلة من الفزع والخوف ترهقهم ذلة أي تغشاهم ذلة عجيبة عظيمة. وقوله تعالى {ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون} أي هذا هو اليوم الذي كانوا يوعدون بالعذاب فيه وهو يوم القيامة الذي أنكروه وكذبوا به هاهو ذا قد حصل فليتجرعوا غصص الندم وألوان العذاب.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- بيان الحال التي كان عليها الرسول صلى الله عليه وسلم في مكة بين ظهراني قريش وما كان يلاقي من أذاهم.
2- بيان أن الجنة تدخل بالطهارة الروحية من قذر الشرك والمعاصي وإلا فأصل الناس واحد المني القذر باستثناء آدم وحواء وعيسى فآدم أصله الطين وحواء خلقت من ضلع آدم، وعيسى كان بنفخ روح القدس في كم درع مريم فكان بكلمة الله تعالى ومن عدا الثلاثة فمن ماء مهين ونطفة قذرة.
3- الاستدلال بالنشأة الأولى على إمكان الثانية.
4- تقرير عقيدة البعث والجزاء.
5- بيان أن حياة أهل الكفر مهما تراءى لهم ولغيرهم أنها حياة مدنية سعيدة لم تعد كونها باطلا ولهوا ولعبا.
__________

1 الاستفهام إنكاري تعجبي من تجمع المشركين إلى النبي صلى الله عليه وسلم مستهزئين بما يسمعون من وعد المؤمنين بالجنة ووعيد المشركين بالنار، ومعنى الآية أي شيء ثبت للذين كفروا في حال إهطاعهم إليك.
2 هذه الجملة بدل اشتمال من جملة فما للذين كفروا.
3 في قوله تعالى {إنا خلقناهم مما يعلمون} ازدراء بهم وتهكم من حالهم إذ يجادلون ويعاندون وهم مخلوقون من نطفة مذرة.
4 النصب بفتح النون وسكون الصاد: الصنم قرأ نافع نصب بفتح وسكون وقرأ حفص نصب بضم كل من النون والصاد والمعنى واحد وهو الصنم قال الشاعر:
وذا النصب المنصوب لا تنسكنه
لعافية والله ربك فاعبدا

***************************

يتبع

ابوالوليد المسلم 10-08-2022 09:20 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
سورة نوح
مكية وآياتها ثمان وعشرون آية

بسم الله الرحمن الرحيم
إنا أرسلنا نوحا إلى قومه أن أنذر قومك من قبل أن يأتيهم عذاب أليم (1) قال يا قوم إني لكم نذير مبين (2)
أن اعبدوا الله واتقوه وأطيعون (3) يغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر لو كنتم تعلمون (4)

شرح الكلمات:
إنا أرسلنا نوحا إلى قومه: أي أهل الأرض كافة والدليل إغراقهم أجمعين.
أن أنذر قومك: أي بإنذار قومك.
إني لكم نذير مبين: أي بين النذارة ظاهرها.
أن اعبدوا الله: أي وحده بفعل محابه وترك مكارهه ولا تشركوا به شيئا.
واتقوه: فلا تعصوه بترك عبادته ولا بالشرك به.
وأطيعون: فيما آمركم به وأنهاكم عنه لأني مبلغ عن الله ربي وربكم.
يغفر لكم من ذنوبكم: أي ذنوبكم التي هي الشرك والمعاصي فمن زائدة لتقوية الكلام أو هي تبعيضية لأن ما كان حقا لآدمي كمال وعرض لا يغفر إلا بالتوبة.
ويؤخركم إلى أجل مسمى: أي إلى نهاية آجالكم المسماة لكم في كتاب المقادير فلا يعجل لكم بالعذاب.
إن أجل الله: أي بعذابكم.
لايؤخر: إن لم تؤمنوا.
لو كنتم تعلمون: أي لآمنتم.
معنى الآيات:
قوله تعالى {إنا أرسلنا نوحا إلى قومه} 1 يخبر تعالى لافتا نظر منكري رسالة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم من مشركي قريش وكفار مكة أن محمدا رسول الله ليس بأول رسول حتى تنكر رسالته، كما أن السورة بجملتها فيها تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم مما يلاقي من مشركي قومه إذ نوح عليه السلام قد لاقى ما هو أشد وأطول مدة والآيات ناطقة بذلك وقوله تعالى {أن أنذر قومك} أي أرسلناه بإنذار قومه من قبل أن يأتيهم عذاب أليم2 هو عذاب الدنيا بالاستئصال وعذاب الآخرة بالاستمرار والدوام.
وقوله تعالى {قال يا قوم إني لكم نذير مبين} أي امتثل نوح أمر ربه وقال لقومه يا قوم إني لكم نذير مبين أي مخوف من عواقب كفركم بالله وشرككم به. {أن اعبدوا3 الله واتقوه وأطيعون} اعبدوه وحده ولا تشركوا به شيئا واتقوه فلا تعصوه بترك عبادته ولا بالشرك به، وأطيعون فيما آمركم به وأنهاكم عنه لأني مبلغ عن الله ربي وربكم ولا آمركم إلا بما يكملكم ويسعدكم ولا أنهاكم إلا عما يضركم ولا يسركم فإن تجيبوا لما دعوتكم إليه يغفر لكم4 من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى أي إلى نهاية آجالكم فلا يعاجلكم بالعقوبة {إن أجل الله} أي بعذابكم إذا جاء لا يؤخر {لو كنتم تعلمون5} أي لو علمتم ذلك لأنبتم إلى ربكم فتبتم إليه واستغفرتموه.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- تقرير النبوة المحمدية إذ الذي أرسل نوحا يرسل محمدا صلى الله عليه وسلم ومن شاء إلى من شاء.
2- تقرير التوحيد إذ نوح أرسل إلى قوم مشركين لإبطال الشرك وتحقيق التوحيد.
3-تقرير معتقد القضاء والقدر لقوله {ويؤخركم إلى أجل مسمى} أي في كتاب المقادير.
__________

1 نوح هو ابن لامك بن متوشلخ بن أختون وهو إدريس بن برد بن مهلايل بن أنوش ابن قينان بن شيت بن آدم عليه السلام.
2 جائز أن يكون العذاب في الدنيا وان يكون عذاب النار يوم القيامة.
3 أن مفسرة كالتي في قوله أن أنذر قومك.
4 جائز أن يكون من زائدة لتقوية الكلام وأن تكون تبعيضية إذ بعض الذنوب لا تغفر إلا بالتحلل من أصحابها وهي حقوق الآدميين.
5 روى أنهم كانوا يضربونه حتى يغشى عليه فيقول: رب أغفر لقومي فأنهم لا يعلمون.





ابوالوليد المسلم 10-08-2022 09:21 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 


http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg
تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة نوح
الحلقة (851)

سورة نوح
مكية وآياتها ثمان وعشرون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 440الى صــــ 444)

قال رب إني دعوت قومي ليلا ونهارا (5) فلم يزدهم دعائي إلا فرارا (6) وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا (7) ثم إني دعوتهم جهارا (8) ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم إسرارا (9) فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا (10) يرسل السماء عليكم مدرارا (11) ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا (12) ما لكم لا ترجون لله وقارا (13) وقد خلقكم أطوارا (14) ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا (15) وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا (16) والله أنبتكم من الأرض نباتا (17) ثم يعيدكم فيها ويخرجكم إخراجا (18) والله جعل لكم الأرض بساطا (19) لتسلكوا منها سبلا فجاجا (20)
شرح الكلمات:
ليلا ونهارا: أي دائما باستمرار.
إلا فرارا: أي مني ومن الحق الذي ادعوهم إليه وهو عبادة الله وحده.
جعلوا أصابعهم في آذانهم: أي حتى لا يسمعوا ما أقول لهم.
واستغشوا ثيابهم: أي تغطوا بها حتى لا ينظروا إلى ولا يروني.
وأصروا: على باطلهم وما هم عليه من الشرك.
يرسل السماء عليكم مدرارا: أي ينزل عليكم المطر متتابعا كلما دعت الحاجة إليه.
ويجعل لكم جنات: أي بساتين.
مالكم لا ترجون لله وقارا: أي لا تخافون لله عظمته وكبرياءه وهو القاهر فوق عباده.
وقد خلقكم أطوارا: أي حالا بعد حال فطورا نطفة وطورا علقة وطورا مضغة.
وجعل الشمس سراجا: أي مضيئة.
أنبتكم من الأرض نباتا: أي أنشأكم من تراب الأرض.
ثم يعيدكم فيها: أي تقبرون فيها.
ويخرجكم إخراجا: أي يوم القيامة.
سبلا فجاجا: أي طرقا واسعة.
معنى الآيات:
هذه الآيات تضمنت لوحة مشرقة يهتدي بضوئها الهداة الدعاة إلى الله عز وجل إذ هي تمثل عرض حال قدمه نوح لربه عز وجل هو خلاصة دعوة دامت قرابة تسعمائة وخمسين سنة ولنصغ إلى نوح عليه السلام وهو يشكوا إلى ربه ويعرض عليه ما قام به من دعوة إليه فقال {رب إني دعوت قومي} وهم أهل الأرض كلهم يومئذ {ليلا ونهارا} أي بالليل وبالنهار إذ بعض الناس لا يمكنه الاتصال بهم إلا ليلا {فلم يزدهم دعائي} 1 إياهم إلى الإيمان بك وعبادتك وحدك {إلا فرارا} مني2 ومما أدعوهم إليه وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم بأن يستغفروك ويتوبوا إليك لتغفر لهم {جعلوا أصابعهم في آذانهم} حتى لا يسمعوا ما أقول لهم، {واستغشوا ثيابهم} أي تطغوا بها حتى لايروني ولا ينظروا إلى وجهي كراهة لي وبغضا في {وأصروا} على الشرك والكفر إصرارا متزايدا عنادا {واستكبروا استكبارا} عجيبا3.
{ثم إني دعوتهم} إلى توحيدك في عبادتك وإلى ترك الشرك فيها {جهارا} أي مجاهرا بذلك {ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم إسرارا} بحسب الجماعات والظروف أطرق كل باب بحثا عن استجابتهم للدعوة وقبولهم للهدى فقلت {فقلت استغفروا ربكم إنه4 كان غفارا يرسل السماء5 عليكم مدرارا} أي ينزل عليكم المطر متتابعا فلا يكون قحط ولا محل {ويمددكم بأموال وبنين} كما هي رغبتكم {ويجعل لكم جنات} بساتين ذات نخيل وأعناب {ويجعل لكم أنهارا6} تجري في تلك البساتين تسقيها.
ثم التفت إليهم وقال لهم منكرا عليهم استهتارهم وعدم خوفهم {ما لكم لا ترجون لله وقارا} أي ما دهاكم أي شيء جعلكم لا ترجون لله وقارا لا تخافون عظمته وقدرته وكبرياءه {وقد خلقكم أطوارا} ولفت نظرهم إلى مظاهر قدرة الله تعالى فقال لهم {ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا} سماء فوق سماء مطابقة لها {وجعل القمر فيهن7 نورا} ينير ما فوقه من السموات وما تحته من الأرض {وجعل الشمس سراجا} وهاجا مضيئا يضيء بوجهه السموات وبقفاه الأرض كالقمر {والله أنبتكم من الأرض نباتا} إذ أصلكم من تراب والنطف أيضا من الغذاء المكون من التراب ثم خلقتكم تشبه النبات وهي على نظامه في الحياة والنماء. {ثم يعيدكم فيها} أي الأرض بعد الموت فتدفنون فيها {ويخرجكم منها} أيضا {إخراجا} يوم القيامة للحساب والجزاء {والله جعل لكم الأرض بساطا} أي مفروشة مبسوطة صالحة للعيش فيها والحياة عليها، {لتسلكوا منها سبلا فجاجا} أي طرقا واسعة وهكذا تجول بهم نوح عليه السلام في معارض آيات الله الكونية وكلها داله على وجود الله تعالى وقدرته وعلمه وحكمته ورحمته وهي موجبة للعبادة له عقلا ونفيها عما سواه كانت هذه مشكلة نوح وعرض حاله على ربه وهو أعلم به وفي هذا درس عظيم للدعاة الهداة المهديين جعلنا الله منهم آمين.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- رسم الطريق الصحيح للدعوة القائم على الصبر وتلوين الأسلوب.
2- بيان كره المشركين للتوحيد والموحدين أنهم لبغضهم لنوح ودعوة التوحيد سدوا آذانهم حتى لا يسمعوا وغطوا وجوههم حتى لا يروه واستكبروا حتى لا يروا له فضلا.
3- استعمال الحكمة في الدعوة فإن نوحا لما رأى أن قومه يحبون الدنيا أرشدهم إلى الاستغفار ليحصل لهم المال والولد.
4-استنبط بعض الصالحين8 من هذه الآية أن من كانت له رغبة في المال أو ولد فليكثر من الاستغفار الليل والنهار ولا يمل يعطه الله تعالى مراده من المال والولد.
__________

1 قرأ نافع دعائي بفتح العين واسكنها حفص.
2 أي إلا تباعدا عن الإيمان وإعراضا عنه.
3 إذ قالوا له: أنؤمن لك واتبعك الأرذلون والحامل لهم على هذا القول الكبر الذي تجاوزوا الحد فيه.
4 إنه كان غفارا هذا منه عليه السلام ترغيب لهم في التوبة قال الفضيل بن عياض قول العبد أستغفر الله معناه أقلني.
5 يرسل السماء المراد المطر لا السماء هذا كقول الشاعر:
إذا نزل السماء بأرض قوم
رعيناه وإن كانوا غضابا
6يروى عن الحسن البصري أن رجلا شكا إليه الجدوبة فقال له استغفر الله، وشكا آخر إليه الفقر فقال له استغفر الله، وشكا إليه آخر جفاف بستانه فقال له استغفر الله وقال له آخر ادع الله أن يرزقني ولدا فقال له استغفر الله، فقيل له في ذلك، فقال: ما قلت من عندي شيئا إن الله يقول في سورة نوح {فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا} .
7 أي في السماء الدنيا، إذ يقال أتاني بنو تميم وأتيت بني تميم والمراد بعضهم.
8 تقدم انه الحسن البصري رحمه الله تعالى.

*****************************

يتبع

ابوالوليد المسلم 10-08-2022 09:21 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
قال نوح رب إنهم عصوني واتبعوا من لم يزده ماله وولده إلا خسارا (21) ومكروا مكرا كبارا (22) وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا (23) وقد أضلوا كثيرا ولا تزد الظالمين إلا ضلالا (24)
شرح الكلمات:
عصوني: أي لم يطيعوني فيما دعوتهم إليه وأمرتهم به من عبادتك وحدك وترك الشرك
بك.
واتبعوا: أي السفلة منهم والفقراء.
من لم يزد ماله وولده: أي الرؤساء المنعم عليهم.
إلا خسارا: أي طغيانا وكفرا.
مكرا كبارا: أي عظيما جدا بأن كذبوا نوحا وآذوه أذى شديدا.
وقالوا: أي الرؤساء قالوا للسفلة منهم.
لا تذرن آلهتكم: أي لا تتركن آلهتكم.
ولا تذرن: أي ولا تتركن كذلك ودا ولا سواعا ولا يغوث ولا يعوق ونسرا.
وقد اضلوا: أي بالأصنام كثيرا من الناس أمروا بعبادتها.
معنى الآيات:
بعد ذلك العرض الكريم الذي تقدم به رسول الله نوح عليه السلام إلى ربه ليعذره ويكرمه تقدم بشكوى مشفوعة بالدعاء بالهلاك على الظالمين {قال نوح رب إنهم عصوني واتبعوا من1 لم يزده ماله وولده إلا خسارا} أي طغيانا وكفرا. {ومكروا مكرا كبارا2} أي عظيما جدا حيث كانوا يعرضون بنوح وقد يضربونه وهو صابر محتسب وقالوا لبعضهم البعض متواصين بالباطل {لا تذرن آلهتكم} وسموا منها رؤساءها وهم خمسة ود 3وسواع ويغوث ويعوق ونسر وقد أضلوا كثيرا أي من عباد الله حيث ورثوا هذه الأصنام فيهم فتبعهم الناس على ذلك فضلوا ثم دعا عليهم قائلا {ولا تزد الظالمين إلا ضلالا} قال هذا بعد أن أيس من إيمانهم وعدم هدايتهم لطول ما مكث4 بينهم يدعوهم وهم لا يزدادون إلا كفرا وضلالا.5
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- مشروعية الشكوى إلى الله تعالى ولكن بدون صخب ولا نصب.
2- بيان أن السفلة والفقراء يتبعون الرؤساء والأغنياء وأصحاب الحظ.
3-بيان أن المكر من شأن الكافرين والظالمين.
4-بيان أن المشركين لضلالهم يطلقون لفظ الآلهة على من يعبدونهم من الأصنام والأوثان.
5- مشروعية الدعاء على الظالمين عند اليأس من هدايتهم.
__________

1 يعني كبراءهم وأغنياءهم وأهل الترف فيهم اللذين لم يزدهم كفرهم وأموالهم وأولادهم إلا ضلالا.
2 كبارا: نحو قراء وعجاب وطوال وعمال.
3 روى البخاري عن ابن عباس: ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر أسماء رجال صالحين من قوم نوح فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصابا وسموها بأسمائهم فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك ونسخ العلم عبدت.
4 قال ابن عباس: رجا نوح الأبناء بعد الآباء فيأتي بهم الولد بعد الولد حتى بلغوا سبع قرون ثم دعا عليهم بعد الإياس منهم وعاش بعد الطوفان ستين عاما حتى كثر الناس وفشوا.
5 من عجيب ما يدعوا إليه الشيطان أن يعوق ونسرا عبدا في القرن الرابع عشر في قرية ليوه حيث كانوا يستسقون بهما، وأن يغوث ويعوق وود وسواع ونسر كانت موزعة بين القبائل العربية وفي يعوق يقول الشاعر:
يريش الله في الدنيا ويبري
ولا يبري يعوق ولا يريش


ابوالوليد المسلم 10-08-2022 09:22 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 


http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg
تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة الجن
الحلقة (852)

سورة الجن
مكية وآياتها ثمان وعشرون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 445الى صــــ 448)

مما خطيئاتهم أغرقوا فأدخلوا نارا فلم يجدوا لهم من دون الله أنصارا (25) وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا (26) إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا (27) رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات ولا تزد الظالمين إلا تبارا (28)

شرح الكلمات:
مما خطيئاتهم أغرقوا: أي بسبب خطيئاتهم أغرقوا بالطوفان.
فأدخلوا نارا: أي بعد موتهم أدخلت أرواحهم النار.
ديارا: أي من يدور يذهب ويجيء أي لم يبق أحد.
إن تذرهم: أي أحياء لم تهلكهم.
إلا تبارا: أي هلاكا وخسارا.
معنى الآيات:
قوله تعالى {مما خطيئاتهم أغرقوا} 1 يخبر تعالى عن نهاية قوم نوح بعد أن دعا عليهم نوح لما علم بالوحي الإلهي أنهم لا يؤمنون فقال تعالى مما خطيئاتهم أي ومن خطيئاتهم أي بسبب خطيئاتهم التي هي الشرك والظلم والتكذيب والأذى لنوح عليه السلام أغرقوا بالطوفان فلم يبق منهم أحد {فأدخلوا نارا} أي بمجرد ما يغرق الشخص وتخرج روحه يدخل النار في البرزخ.
وقوله تعالى {فلم 2يجدوا لهم من دون الله أنصارا} وهو كذلك فمن ينصر من يريد هلاكه وخزيه وعذابه. ثم ذكر تعالى دعوة نوح التي كان الطوفان بها والهلاك وهي قوله {وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا} أي لا تترك ولا تبق على الأرض اليابسة كلها يومئذ من الكافرين بخلاف المؤمنين {ديارا} 3 أي إنسانا يدور أي يذهب ويجيء أي لا تبق من الكافرين أحدا ثم علل لطلبه الهلاك للكافرين فقال {إنك إن تذرهم4 يضلوا عبادك} عن صراطك الموصل إلى رضاك وذلك هو عبادتك وحدك وطاعتك وطاعة رسولك {ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا5} أي إلا من يفجر عن دينك ويكفر بك وبرسولك قال نوح هذا لطول التجارب التي عاشها مع قومه إذ عاشرهم قرابة عشرة قرون ثم دعا الله تعالى له ولوالديه ولمن دخل مسجده ومصلاه من المؤمنين والمؤمنات، وأن لا يزيد الظالمين إلا خسارا وهلاكا فقال {رب اغفر لي ولوالدي6 ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات ولا تزد الظالمين إلا تبارا} 7.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- هلاك قوم نوح كان بخطاياهم فالخطايا إذا موجبة للهلاك.
2- تقرير عذاب القبر فقوم نوح ما إن اغرقوا حتى ادخلوا نارا.
3- مشروعية الدعاء على الظلمة الكافرين والمجرمين.
4- مشروعية الدعاء للمؤمنين والمؤمنات.
5- يستحب البدء غي الدعاء بنفس الداعي ثم يعطف من يدعوا لهم.
__________

1 مما خطيئتهم (ما) زائدة والأصل من خطيئتهم ومن تعليلية وما الزائدة لتوكيد معنى التعليل.
2 الفاء تفريعية.
3 ديار: اسم مخصوص بالوقوع في النفي يعم كل إنسان وهو مشتق من اسم الدار.
4 إنك أن تذرهم: الجملة تعليلية.
5 يريد عند بلوغ الولد سن التكليف لا أنه يفجر ويكفر بمجرد ما يولد وصيغة فعال للمبالغة في الموصوف بالكفر.
6 اسم أبيه لمك واسم أمه شمخى بنت آنوس.
7 التبار: الهلاك والخسران.

******************************

يتبع

ابوالوليد المسلم 10-08-2022 09:22 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
سورة الجن
مكية وآياتها ثمان وعشرون آية

بسم الله الرحمن الرحيم
قل أوحي1 إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا (1) يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا (2) وأنه تعالى جد ربنا ما اتخذ صاحبة ولا ولدا (3) وأنه كان يقول سفيهنا على الله شططا (4) وأنا ظننا أن لن تقول الأنس والجن على الله كذبا (5) وأنه كان رجال من الأنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا (6) وأنهم ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث الله أحدا (7)

شرح الكلمات:
أنه استمع: أي إلى قراءتي.
نفر من الجن: أي عدد من الجن ما بين الثلاثة والعشرة.
قالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا: أي لبعضهم بعضا قرآنا عجبا أي يتعجب منه لفصاحته وغزارة معانيه.
يهدي إلى الرشد: أي الصواب في المعتقد والقول والعمل.
وأنه تعالى جد ربنا: أي تنزه جلال ربنا وعظمته عما نسب إليه.
ما اتخذ صاحبة ولا ولدا: أي لم صاحبة ولم يكن له ولد.
سفيهنا: أي جاهلنا.
شططا: أي غلوا في الكذب بوصفه الله تعالى بالصاحبة والولد.
على الله كذبا: حتى تبين لنا أنهم يكذبون على الله بنسبة الزوجة والولد إليه.
يعوذون: أي يستعيذون.
فزادوهم رهقا: أي إثما وطغيانا.
أن لن يبعث الله أحدا: أي لن يبعث رسولا إلى خلقه.
معنى الآيات:
قوله تعالى {قل أوحي2 إلي أنه استمع نفر 3من الجن} يأمر تعالى رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم أن يقول معلنا
للناس مؤمنهم وكافرهم أنه قد أوحى الله تعالى إليه نبأ مفاده أن نفرا من الجن ما بين الثلاثة إلى العشرة قد استمعوا إلى قراءته القرآن وذلك ببطن نخلة والرسول يصلي بأصحابه صلاة الفجر وكان الرسول صلى الله عليه وسلم عامدا مع أصحابه إلى سوق عكاظ.
وكان يومئذ قد حيل بين الشياطين وخبر السماء حيث أرسلت عليهم الشهب فراجع الشياطين بعضهم بعضا فانتهوا إلى أن شيئا حدث لا محالة فانطلقوا يضربون في مشارق الأرض ومغاربها يتعرفون إلى هذا الحدث الجلل الذي منعت الشياطين بسببه من السماء فتوجه نفر منهم إلى تهامة فوجدوا الرسول صلى الله عليه وسلم يصلي الصبح بأصحابه فاستمعوا إلى قراءته في4صلاته فرجعوا إلى قومهم من الجن فقالوا {إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا} فأنزل الله تعالى هذه السورة "سورة الجن" مفتتحة بقوله {قل أوحي إلي أنه استمع5 نفر من الجن} أي أعلن للناس يا رسولنا أن الله قد أوحى إليك خبرا مفاده أن نفرا من الجن قد استمعوا إلى قراءتك فرجعوا إلى قومهم وقالوا لهم {إنا سمعنا قرآنا عجبا} أي يتعجب من فصاحته وغزارة معانيه.
يهدي إلى الرشد6 والصواب في العقيدة والقول والعمل {فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا} وفي هذا تعريض بسخف البشر الذين عاش الرسول بينهم احدى عشرة سنة يقرأ عليهم القرآن بمكة وهو مكذبون به كارهون له مصرون على الشرك والجن بمجرد أن سمعوه آمنوا به وحملوا رسالته إلى قومهم وهاهم يدعون بدعاية الإسلام ويقولون {فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا وأنه تعالى جد7 ربنا} أي وآمنا بأنه تعالى أمر ربنا وسلطانه ما اتخذ صاحبة ولا ولدا وحاشاه وإنما نسب إليه ذلك المفترون.
{وأنه كان يقول سفيهنا على الله شططا} هذا من قول الجن واصلوا حديثهم قائلين وأنه كان يقول جاهلونا على الله شططا أي غلوا في الكذب بوصفهم الله تعالى بالصاحبة والولد تقليدا للمشركين واليهود والنصارى {وأنا ظننا أن لن تقول الأنس والجن على الله كذبا} أي وقالوا لقومهم وإنا كنا نظن أن الإنس والجن لا يكذبون على الله ولا يقولون عليه إلا الصدق وقد علمنا الآن أنهم يكذبون على الله ويقولون عليه ما لم يقله وينسبون إليه ما هو منه براء.
وقالوا {وأنه كان 8رجال من الأنس يعوذون 9برجال من الجن فزادوهم رهقا} يخبرون بخبر عجيب وهو أنه كان رجال من الناس من العرب وغيرهم إذا نزلوا منزلا مخوفا في واد أو شعب يستعيذون برجال من الجن كأن يقول الرجل أعوذ بسيد هذا الوادي من سفهاء قومه فزاد الإنس الجن بهذا اللجأ إليهم والاحتماء بهم رهقا10 أي إثما وطغيانا. إذ ما كانوا يطمعون أن الإنس تعظمهم هذا التعظيم حتى تستجير بهم. وأنهم ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث الله أحدا أي وقالوا مخبرين قومهم وأنهم أي الإنس ظنوا كما ظننتم أنتم أيها الجن أن لن يبعث الله أحدا رسولا ينذر الناس عذاب الله ويعلمهم ما يكملهم ويسعدهم في الدنيا والآخرة.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- تقرير النبوة المحمدية وأن محمدا رسول للثقلين الإنس والجن معا.
2- بيان علو شأن القرآن وكماله حيث شهدت الجن له بأنه عجب فوق مستوى كلام الخلق.
3- تقرير التوحيد والتنديد بالشرك.
4- تقرير أن الإنس كالجن قد يكذبون على الله وما كان لهم ذلك.
5- حرمة الاستعانة بالجن والاستعاذة بهم لأن ذلك كالعبادة لهم.
__________

1 قرأ نافع بكسر إن في كل ما ورد في سورة الجن ما عدا أنه استمع نفر من الجن وأن المساجد لله ففتح أن وفتحها حفص إلا بعد القول وفإن له نار جهنم.
2 أصل أوحي ووحي فقلبت الواو همزة كما قلبت في وإذا الرسل أقتت والأصل وقتت، وهو جائز في كل واو مضمومة نحو ورخ وأرخ.
3 يرى ابن إسحق أن هذا اللقاء بالجن كان عند عودة النبي صلى الله عليه وسلم من الطائف، ولا مانع من حصول الخبرين مرة عند عودته من الطائف وتكون هذه الأولى، والثانية هي المذكورة في التفسير.
4 ما ذكر في التفسير من شأن استماع الجن قراءة الرسول وما أوحى الله تعالى به إلى رسوله في شأن هذه الحادثة هو في مسلم والترمذي.
5 جملة استمع خبر إن والاسم هو الضمير الشأن والجملة في محل نائب فاعل لأوحي.
6 الرشد بضم الراء وإسكان الشين والرشد بفتح الراء والشين معا هما الخير والصواب والهدى.
7 الجد بفتح الجيم: العظمة والجلال ومنه قول أنس كان الرجل إذا حفظ البقرة وآل عمران جد في عيوننا: أي عظم وجل وأنه تعالى: قرأ نافع بكسر الهمزة عطفا على قولهم إنا سمعنا قرآنا وقرأ حفص بفتح الهمزة على تقدير آمنا بأنه تعالى جد ربنا.
8 يجوز فتح أنه وكسرها فمن فتحها جعلها من كلام الجن رادا لها إلى قوله أنه استمع ومن كسرها جعلها مبتدأ في قول الله تعالى.
9 قال مقاتل أول من تعوذ بالجن قوم من اليمن من بني حنيفة ثم فشا في العرب فلما جاء الإسلام عاذوا بالله وتركوهم.
10 الرهق الخطيئة والإثم وغشيان المحارم، وباستعاذة الإنس بالجن يحصل الإثم والخطيئة.



ابوالوليد المسلم 10-08-2022 09:23 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 


http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg
تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة الجن
الحلقة (853)

سورة الجن
مكية وآياتها ثمان وعشرون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 449الى صــــ 453)

وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا (8) وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا (9) وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا (10) وأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك كنا طرائق قددا (11) وأنا ظننا أن لن نعجز الله في الأرض ولن نعجزه هربا (12) وأنا لما سمعنا الهدى آمنا به فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا ولا رهقا (13) وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون فمن أسلم فأولئك تحروا رشدا (14) وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا (15)
شرح الكلمات:
وأنا لمسنا السماء: أي طلبنا خبرها كما جرت بذلك عادتنا.
حرسا شديدا: أي حراسا وحفظة من الملائكة يحفظونها بشدة وقوة.
وشهبا: أي نجوما يرمى بها الشياطين أو يؤخذ منها شهاب فيرمى به.
مقاعد للسمع: أي من أجل أن نسمع ما يحدث وما يكون في الكون.
شهابا رصدا: أي أرصد وأعد لرمي الشياطين وإبعادهم عن السمع.
رشدا: أي خيرا وصلاحا.
كنا طرائق قددا: أي مذاهب مختلفة إذا الطرائق جمع طريقة، والقدر جمع قدة وهي الضروب والأجناس المختلفة.
ولن نعجزه هربا: أي لا نفوته هاربين في الأرض أو في السماء.
لما سمعنا الهدى: أي القرآن الداعي إلى الهدى المخالف للضلال.
بخسا ولا رهقا: أي نقصا من حسناته ولا إثما يحال عليه ويحاسب به.
ومنا القاسطون: أي الجائرون عن قصد السبيل وهو الإسلام.
تحروا رشدا: أي تعمدوا الرشد فطلبوه بعناية فحصلوا عليه.
فكانوا لجهنم حطبا: أي وقودا تتقد بهم يوم القيامة.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في ما قالته الجن بعد سماعها القرآن الكريم. وهو ما أخبر تعالى به عنهم في قوله {وأنا لمسنا السماء} أي طلبناها كعادتنا {فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا} أي1 ملائكة أقوياء يحرسونها وشهبا نارية يرمى بها كل مسترق للسمع منا. وقالوا: {وأنا كنا نقعد منها} أي من السماء {مقاعد} أي أماكن معينة لهم {للسمع2} أي لأجل الاستماع من ملائكة السماء.
{فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا} أي أرصد له خاصة فيرمى به فيحرقه أو يخبله، وقالوا {وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا} أقول عجبا لهؤلاء المؤمنين من الجن كيف تأدبوا معه الله فلم ينسبوا إليه الشر ونسبوا إليه الخير فقالوا {أشر أريد بمن في الأرض} ولو أساءوا الأدب مثلنا لقالوا أشر أراده الله بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا أي خيرا وصلاحا قالوا هذا لما وجدوا السماء قد ملئت حرسا شديدا وشهبا وهو تفكير سديد ناتج عن وعي وإدراك سليم. وهذا التغير في السماء الذي وجدوه سببه أن الله تعالى لما نبأ رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم وأخذ يوحي إليه حمى السماء حتى لا يسترق الشياطين السمع ويشوشوا على الناس فيصرفوهم عن الإيمان والدخول في الإسلام وهو الرشد الذي أراد الله لعباده وقالوا {وإنا منا الصالحون} أي المؤمنون المستقيمون على الإيمان والطاعة {ومنا دون ذلك} ضعف إيمان وقلة طاعة، {كنا طرائق قددا} أي مذاهب3 وأهواء مختلفة. {وأنا ظننا أن لن نعجز الله في الأرض} أي إن أراد بنا سوءا ومكروها ولن نعجزه هربا إن طلبنا ما في الأرض أو في السماء. {وأنا لما سمعنا الهدى آمنا به} أي بالقرآن الذي هو هدى الله يهدي به من يشاء من عباده {فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا} أي نقصا من حسناته يوم القيامة {ولا رهقا} أي إثما يضاف إلى سيئآته ويعاقب به وهو لم يرتكبه في الدنيا.
وقالوا {وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون} أي الجائرون عن قصد السبيل وهو الإسلام. فمن أسلم أي انقاد لله تعالى بطاعته وخلص من الشرك به فهؤلاء تحروا الرشد4 وفازوا به، {وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا} توقد بهم وتستعر عليهم وعلى الكافرين الجائرين أمثالهم.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- وجود تجانس بين الجن والملائكة لقرب مادتي الخلق من بعضها إذ الملائكة خلقوا من مادة النور، والجن من مادة النار، ولذا يرونهم ويسمعون كلامهم ويفهمونه.
2- من الجن أدباء صالحون مؤمنون مسلمون أصحاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
3- ذم الطرق والأهواء والاختلافات.
4- الإشادة بالعدل وتحري الحق والخير.
__________

1 الشهب جمع شهاب ككتاب وكتب وهو ما يؤخذ من الكواكب النارية فيرمى به الجن. والحرس جمع حارس ولم يقل شديدين نحو قولنا السلف الصالح بدل الصالحين. وجمع الحرس أحراس كسلف وأسلاف.
2 الذين كانوا يسترقون السمع هم مردة الجن وشياطينهم. ومما ينبغي أن يعلم هنا أن الجن هم أولاد الجان المخلوق من مارج من نار وأن الشياطين هم أولاد إبليس وأن من فسق عن أمر الله تعالى وتمرد على شرعه فخبث واشتد خبثه يصبح شيطانا ويلحق بالشياطين الذين لا خير فيهم البتة.
3 كان منهم اليهودي والنصراني والمجوسي، ولما جاء الإسلام أصبح منهم المسلم وأصبح من المسلمين قدرية ومرجئة وخوارج ورافضة وشيعة لأنهم تابعون للناس في معتقداتهم وأقوالهم وأعمالهم.
4 تحروا رشدا أي قصدوا طريق الحق وتوخوه، ومنه تحرى القبلة للصلاة. أي طلبها بعناية وقصد للحصول عليها.

***********************************

يتبع

ابوالوليد المسلم 10-08-2022 09:23 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
وألو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا (16) لنفتنهم فيه ومن يعرض عن ذكر ربه يسلكه عذابا صعدا (17) وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا (18) وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا (19) قل إنما أدعو ربي ولا أشرك به أحدا (20) قل إني لا أملك لكم ضرا ولا رشدا (21) قل إني لن يجيرني من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحدا (22) إلا بلاغا من الله ورسالاته ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا (23) حتى إذا رأوا ما يوعدون فسيعلمون من أضعف ناصرا وأقل عددا (24)
شرح الكلمات:
على الطريقة: أي الإسلام.
ماء غدقا: أي مالا كثيرا وخيرات كبيرة.
لنفتنهم فيه: أي نختبرهم أيشكرون أم يكفرون.
عن ذكر ربه: أي القرآن وشرائعه وأحكامه.
عذابا صعدا: أي شاقا.
فلا تدعوا: أي فيها مع الله أحدا.
عبد لله يدعوه: أي محمد صلى الله عليه وسلم يدعوا الله ببطن نخلة.
عليه لبدا: أي في ركوب بعضهم بعضا تزاحما لأجل أن يسمعوا قراءته.
ضرا ولا رشدا: أي غيا ولا خيرا.
ملتحدا: أي ملتجأ ألجأ إليه فأحفظ نفسي.
إلا بلاغا: أي لا أملك إلا البلاغ إليكم.
وأقل عددا: أي أعوانا المسلمون أم الكافرون.
معنى الآيات:
قوله تعالى {وألو استقاموا على الطريقة} أي وأوحى إلي أن لو استقام هؤلاء المشركون من كفار قريش استقاموا على الإيمان والتوحيد والطاعة لله ولرسوله -وهم يشكون القحط- {لأسقيناهم ماء غدقا1} فتكثر أموالهم وتتسع أرزاقهم، {لنفتنهم فيه} أي لنخبرهم في ذلك الخير الكثير أيشكرون أم يكفرون؟ ثم إن شكروا زادهم، وإن كفروا سلبهم وعذبهم. وقوله تعالى {ومن يعرض عن ذكر ربه} أي القرآن وما يدعوا إليه من الإيمان وصالح الأعمال ولم يتخل عن الشرك وسوء الأفعال {يسلكه عذابا صعدا2} أي ندخله في عذاب شاق في الدنيا بالذل والمهانة والفقر والرذيلة والنذالة. وفي الآخرة في جهنم حيث السموم والحميم، والضريع والزقوم.
وقوله {وأن المساجد3 لله فلا تدعو مع الله أحدا} أي ومما أوحي إلي أن المساجد لله فإذا دخلتموها للعبادة فلا تدعوا فيها مع الله أحدا إذ كيف البيت له وأنت فيه وتدعوا معه غيره زيادة على أن الشرك محرم وصاحبه في النار فإنه من غير الأدب أن يكون المرء في بيت كريم ويدعو معه غيره من فقراء الخلق أو أغنيائهم وقوله {وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا} أي وأوحي إلي أنه لما قام عبد الله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم يدعوا ربه في الصلاة ببطن نخلة كاد الجن أن يكونوا عليه لبدا أي4 كالشيء المتلبد بعضه فوق بعض. وقوله {قل إنما أدعو ربي ولا أشرك به أحدا} هذا إجابة لقريش عندما قالوا له صلى الله عليه وسلم لقد جئت بأمر عظيم وقد عاديت الناس كلهم فارجع عن هذا فنحن نجيرك أي نحفظك فأمر أن يقول لهم إنما أدعوا ربي أي أعبده إلها واحدا ولا أشرك به أحدا.
وأن يقول أيضا إني لا أملك لكم يا معشر قريش الكافرين ضرا ولا رشدا أي ضلالا ولا هداية إنما ذلك لله وحده يضل من يشاء ويهدي من يشاء وأمر أن يقول لهم أيضا إني لن يجيرني من الله أحد أن أنا عصيته وأطعتكم، ولن أجد من دونه أي من غيره ملتحدا5 أي ملتجأ التجأ إليه. وقوله إلا بلاغا من الله ورسالاته أي لا أملك لكم ضرا ولا رشدا إلا بلاغا من الله ورسالته فإني أبلغكم عنه ما أمرني به وأرشدكم إلى ما أرسلني به من الهدى والخير والفوز وقوله {ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا} أي يخبر تعالى موعدا أن من يعصي الله بالشرك به وبرسوله بتكذيبه وعدم اتباعه فيما جاء به فإن له جزاء شركه وعصيانه نار جهنم خالدين فيها أبدا.
وقوله {حتى إذا رأوا ما يوعدون فسيعلمون من أضعف ناصرا وأقل عددا} أي فإن استمروا على شركهم وتكذيبهم حتى إذا رأوا ما يوعدون من عذاب يوم القيامة فسيعلمون عندئذ من أضعف ناصرا أي من ناصره ضعيف أو قوي، ومن أقل عددا من أعوانه المؤمنون محمد وأصحابه أم هم المشركون المكذبون.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- الاستقامة على منهج الله تعالى القائم على الإيمان والطاعة لله ورسوله يفضي بسالكه إلى الخير الكثير والسعادة الكاملة في الدنيا والآخرة.
2- المال فتنة وقل من ينجح فيها قال عمر رضي الله عنه أينما يكون الماء يكون المال وأينما يكون المال تكون الفتنة.
3- حرمة دعاء غير الله في المساجد وفي غيرها إلا أنها في المساجد أشد قبحا.
4- الخير والغير والهدى والضلال لا يملكها إلا الله فليطلب ذلك منه لا من غيره.
5- معصية الله والرسول موجبة لعذاب الدنيا والآخرة.
__________

1 غدقا أي واسعا كبيرا، يقال غدقت العين تغدق فهي غدقة إذا كثر ماؤها. وهذا الوعد الإلهي المشروط هو عام في الناس أجمعين وفي كل زمان ومكان وهو كقوله. ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولما استقام السلف الصالح حصل لهم هذا الموعود كاملا.
2 روى عن ابن عباس أن العذاب الصعد جبل في جهنم يكلفون صعوده وكلما وضعوا أيديهم عليه ذابت. وهو ضرب من أنواع العذاب في دار الشقاء.
3 جائز أن يكون المراد بالمساجد أعضاء السجود السبعة لحديث إذا سجد العبد سجد معه سبعة آراب أي أعضاء ويقوى هذا الجواز قول عطاء: مساجدك أعضاؤك التي أمرت أن تسجد عليها فلا تذللها لغير خالقها. وما في التفسير أولى بالآية.
4 اللبد جمع لبدة بكسر اللام وسكون الباء كقربة وقرب وهي ما تلبد بعضه على بعض ومنه لبدة الأسد وهي الشعر المتراكم في رقبته.
5 شاهده قول الشاعر:
يالهف نفسي ولهفي غير مجدية
عني وما من قضاء الله ملتحد


ابوالوليد المسلم 10-08-2022 09:24 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 


http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg
تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة الجن
الحلقة (854)

سورة المزمل
أولها مكي وآخرها مدني1وآياتها عشرون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 454الى صــــ 457)

قل إن أدري أقريب ما توعدون أم يجعل له ربي أمدا (25) عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا (26) إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا (27) ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم وأحاط بما لديهم وأحصى كل شيء عددا (28)
شرح الكلمات:
قل إن أدري: أي قل ما أدري.
ما توعدون: أي من العذاب.
أمدا: أي غاية وأجلا لا يعلمه إلا هو.
فلا يظهر: أي لا يطلع.
من ارتضى من رسول: أي فإنه يطلعه.
رصدا: أي ملائكة يحفظونه حتى يبلغه مع الوحي الذي يبلغه لكافة الناس.
ليعلم: أي الله علم ظهور أن الرسل قد بلغوا رسالات ربهم.
أحصى كل شيء عددا: أي أحصى عدد كل شيء.
معنى الآيات:
قوله تعالى {قل إن أدري} أمر تعالى رسوله أن يقول للمشركين المطالبين بالعذاب استخفافا وعنادا أو تكذيبا أمره أن يقول لهم ما أدري أقريب ما وعدكم ربكم به من العذاب بحيث يحل بكم عاجلا أم يجعل له ربي1 أمدا أي غاية وأجلا بعيدا يعلمه هو ولا يعلمه غيره. عالم الغيب2 إذ هو عالم الغيب3 وحده فلا يظهر على غيبه أي لا يطلع على غيبه أحدا من عباده إلا من ارتضى من رسول أي رضيه أن يبلغ عنه فإنه يطلعه مع الاحتياط الكافي حتى لا يتسرب الخبر الغيب إلى الناس {فإنه يسلك4 من بين يديه} الرسول المرتضى ومن خلفه رصدا من الملائكة ثم يطلعه ضمن الوحي الذي يوحي إليه. وذلك ليعلم الرسول5 صلى الله عليه وسلم أن الرسل قبله قد بلغت رسالات ربها لما أحاطها تعالى به من العناية حتى انه إذا جاءه الوحي كان معه أربعة ملائكة يحمونه من الشياطين حتى لا يسمعوا خبر السماء فيبلغوه أولياءهم من الإنس، فتكون فتنة في الناس وقوله {وأحاط}
أي الله جل جلاله {بما لديهم} أي بما لدى الملائكة والرسل علما {وأحصى كل شيء عددا} 6 أي وأحصى عدد كل شيء فلا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1-استئثار الله تعالى بعلم الغيب فلا يعلم الغيب إلا الله.
2-قد يطلع الله تعالى من ارتضى أن يطلعه من الرسل على غيب خاص ويتم ذلك بعد حماية كاملة من الشياطين كيلا ينقلوه إلى أوليائهم فيفتنوا به الناس.
3- بيان إحاطة علم الله بكل شيء واحصائه تعالى لكل شيء عدا.
__________

1 قرأ نافع ربي بفتح الياء، وقرأ حفص ربي بإسكان الباء ممدودة.
2 عالم نعت لربي. والغيب: ما غاب عن العبادة، ومعنى عالم الغيب أي العليم بكل ما هو غائب عن أعين الناس كالملائكة والجن وما سيحدث من أحداث في الكون.
3 قالت العلماء لما تمدح الله تعالى بعلم الغيب واستأثر به دون خلقه كان فيه دليل على أنه لا يعلم الغيب أحد سواه، ثم استثنى من ارتضاه من الرسل فأودعهم ما شاء من غيبه بطريق الوحي إليهم، وجعله معجزة لهم ودلالة صادقة على نبوئتهم وليس المنجم ومن ضاهاه ممن يضرب بالحصى وينظر في الكتب ويزجر بالطير ممن ارتضاه من رسول يطلعه على ما يشاء من غيبه بل هو كافر بالله مفتر عليه لحدسه وتخمينه وكذبه.
4 فإنه يسلك الخ يعني ملائكة يحفظونه من أن يقرب منه شيطان في صورة الملك فيحفظ الوحي من استراق الشيطان والإلقاء إلى الكهنة.
5 معنى الآية: ليعلم أي محمد صلى الله عليه وسلم أن الرسل قبله قد أبلغوا الرسالة كما أبلغ هو الرسالة. وفي الكلام حذف تقديره أخبرناه بحفظنا الوحي ليعلم أن الرسل قبله كانوا على مثل حالته من التبليغ.
6 عددا منصوب على الحال أو على المصدر أي أحصى وعد كل شيء عددا.

******************************

يتبع

ابوالوليد المسلم 10-08-2022 09:24 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
سورة المزمل
أولها مكي وآخرها مدني1وآياتها عشرون آية

بسم الله الرحمن الرحيم
يا أيها المزمل (1) قم الليل إلا قليلا (2) نصفه أو انقص منه قليلا (3) أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا (4) إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا (5) إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلا (6) إن لك في النهار سبحا طويلا (7) واذكر اسم ربك وتبتل إليه تبتيلا (8) رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلا (9)

شرح الكلمات:
يا أيها المزمل: أي المتلفف بثيابه أي النبي صلى الله عليه وسلم.
قم الليل: أي صل.
إلا قليلا: أي نصف الليل.
نصفه أو انقص منه قليلا: أي انقص من النصف إلى الثلث.
أو زد عليه: أي إلى الثلثين فأنت مخير في أيها تفعل تقبل.
ورتل القرآن ترتيلا: أي ترسل في قراءته وبينه تبيينا.
إنا سنلقي عليك قولا: أي قرآنا.
ثقيلا: أي محمله ثقيلا العمل به لما يحوي من التكاليف.
إن ناشئة الليل: أي ساعة الليل من صلاة العشاء فما فوق كل ساعة تسمى ناشئة.
هي أشد وطئا: أي هي أقوى موافقة السمع للقلب على تفهم القرآن فيها.
وأقوم قيلا: أي أبين قولا وأصوب قراءة من قراءة النهار لسكون الأصوات.
واذكر اسم ربك: أي دم على ذكره ليلا ونهارا على أي وجه من تسبيح وتهليل وتحميد.
وتبتل إليه تبتيلا: أي انقطع إليه في العبادة وفي طلب الحاجة وفي كل ما يهمك.
لا إله إلا هو: أي لا معبود بحق سواه ولا تنبغي العبادة لغيره.
فاتخذه وكيلا: أي فوض جميع أمورك إليه فإنه يكفيك.
معنى الآيات:
قوله تعالى {يا أيها المزمل} 2 نادى الرب تبارك وتعالى نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم مذكرا إياه بتلك الساعة السعيدة التي فاجأه فيها الوحي لأول مرة فرجع بها ترجف بوادره فانتهى إلى خديجة وهو يقول زملوني دثروني فالمزمل3 هو المتزمل أي المتلفف في ثيابه ليقول له قم الليل4 إلا قليلا أي صل في الليل {نصفه أو 5انقص منه قليلا} إلى الثلث {أو زد عليه} أي على النصف إلى الثلثين وامتثل الرسول أمر ربه فقام مع أصحابه حتى تورمت أقدامهم.
ثم خفف الله تعالى عنهم ونزل آخر هذه السورة بالرخصة في ترك القيام الواجب وبقى الندب والاستحباب وقوله تعالى {ورتل القرآن ترتيلا} 6 يرشده ربه إلى أحسن التلاوة وهي الترسل وعدم السرعة حتى يبين الكلمات تبيينا ويترقى القلب في معانيها. وقوله {إنا 7سنلقي عليك قولا ثقيلا} يخبره ربه تعالى بأنه سيلقي عليه قوى ثقيلا هو القرآن فإنه ثقيل مهيب ذو تكاليف العمل بها ثقيل إنها فرائض وواجبات أعلمه ليوطن نفسه على العمل ويهيئها لحمل الشريعة علما وعملا ودعوة. وقوله {إن ناشئة 8الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلا} يخبر تعالى معلما أن ساعات الليل من بعد صلاة العشاء إلى آخر الليل القيام فيها يجعل السمع يواطيء القلب على فهم معاني القرآن الذي يقرأه المصلي، وقوله وأقوم قيلا أي أبين قولا ولأصوب قراءة من قراءة الصلاة في النهار.
وقوله {إن لك في9 النهار سبحا طويلا} يخبر تعالى رسوله بأن له في النهار أعمالا تشغله عن قراءة القرآن فلذا أرشده إلى قيام الليل وترتيل القرآن لتفرغه من عمل النهار وقوله {واذكر اسم ربك} أي داوم على ذكره ليلا ونهارا على أي وجه كان الذكر من تسبيح وتحميد وتكبير وتهليل. وقوله {وتبتل إليه} أي إلى الله {تبتيلا} أي انقطع إليه في العبادة إخلاصا له وفي طلب حوائجك، وفي كل ما يهمك من أمر دينك ودنياك وقوله {رب المشرق والمغرب} أي هو تعالى رب المشرق والمغرب أي مالك المشرقين والمغربين {لا إله إلا هو} فلا تنبغي العبادة إلا له ولا تصح الألوهية إلا له أيضا وقوله {فاتخذه وكيلا} أي من كل ما يهمك فإنه يكفيك وهو على كل شيء قدير.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1-الندب إلى قيام الليل وأنه دأب الصالحين وطريق المتقربين.
2-الندب إلى ترتيل القرآن وترك العجلة في تلاوته.
3-صلاة الليل أفضل من صلاة النهار لتواطىء السمع والقلب فيها على فهم القرآن.
4-الندب إلى ذكر الله تعالى بأي وجه من صلاة وتسبيح وطلب علم ودعاء وغير ذلك.
__________

1 آخرها هو قوله {إن ربك يعلم أنك تقوم} إلى آخر آية منه.
2 في هذا النداء بهذه الصفة معنى التلطف والتحبب كقوله صلى الله عليه وسلم لعلي قم أبا تراب ولعبد الرحمن بن صخر أبا هريرة، ولحذيفة بن اليمان يوم الخندق قم يا نومان.
3 المزمل اسم فاعل والمدثر كذلك من تزمل وتدثر والأصل المتزمل والمتدثر.
4 كان هذا القيام قبل فرض الصلوات الخمس واستمر بعد فرضها واجبا على النبي صلى الله عليه وسلم دون أمته.
5 الجمهور يقرأ أو انقص بضم الواو للتخلص من التقاء الساكنين، وبعضهم بكسرها أو انقص.
6 جائز أن يكون الترتيل المأمور به في الصلاة وقيام الليل وفي غيره ذلك من تلاوة القرآن الكريم والترتيل مأخوذ من قولهم ثغر مرتل وهو المفلج الأسنان أي المفرق بينهما فالترتيل هو تفرقة الحروف وعدم جمعها بحيث يخرج كل حرف من مخرجه يفسره قول عائشة رضي الله عنها. في وصف الترتيل لو أراد السامع أن يعد الحروف لعدها لا كسردكم هذا.
7 هذه الجملة مستأنفة معترضة بين قوله قم الليل وبين قوله إن ناشئة الليل لما كلفه بقيام الليل وكان شاقا أعلمه بأنه هيأه لما هو أشق من قيام الليل وهو حمل الرسالة وإبلاغها.
8 الجملة تعليلية للأمر بقيام الليل وترتيل القرآن كأنه قال له قم الليل لأن ناشئته التي تنشئها بعد النوم هي أشد مواطأة أي موافقة بين السمع والقلب لتفهم القرآن وأبين للقرآن عند النطق به.
9 إن لك في النهار الجملة التعليلية لاختيار الليل للقيام دون النهار لأن في النهار أعمالا أخرى يقوم بها المرء وجائز أن يراد أن في النهار متسع للصلاة وتلاوة القرآن.


ابوالوليد المسلم 10-08-2022 09:25 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 


http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg
تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة المزمل
الحلقة (855)

سورة المزمل
أولها مكي وآخرها مدني1وآياتها عشرون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 458الى صــــ 462)

واصبر على ما يقولون واهجرهم هجرا جميلا (10) وذرني والمكذبين أولي النعمة ومهلهم قليلا (11) إن لدينا أنكالا وجحيما (12) وطعاما ذا غصة وعذابا أليما (13) يوم ترجف الأرض والجبال وكانت الجبال كثيبا مهيلا (14) إنا أرسلنا إليكم رسولا شاهدا عليكم كما أرسلنا إلى فرعون رسولا (15) فعصى فرعون الرسول فأخذناه أخذا وبيلا (16) فكيف تتقون إن كفرتم يوما يجعل الولدان شيبا (17) السماء منفطر به كان وعده مفعولا (18) إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا (19)
شرح الكلمات:
واصبر على ما يقولون: أي على ما يقوله لك كفار مكة من أذى كقولهم شاعر وساحر وكاذب.
واهجرهم هجرا جميلا: أي اتركهم تركا جميلا أي لا عتاب معه.
وذرني: أي اتركني.
والمكذبين: أي صناديد قريش فإني أكفكهم.
أولي النعمة: أي أهل التنعم والترف.
ومهلهم قليلا: أي انتظرهم قليلا من الزمن حتى يهلكوا ببدر.
إن لدينا انكالا: أي قيودا وهي جمع نكل وهو القيد من الحديد.
وطعاما ذا غصة: أي يغص في الحلق هو الزقزم والضريع.
يوم ترجف الأرض: أي تتزلزل.
كثيبا مهيلا: أي رملا مجتمعا مهيلا أي سائلا بعد اجتماعه.
فأخذناه أخذا وبيلا: أي ثقيلا شديدا غليظا.
فكيف تتقون يوما: أي عذاب يوم يجعل الولدان لشدة هوله شيبا.
السماء منفطر به: أي ذات انفطار وانشقاق أي بسبب هول ذلك اليوم.
كان وعده مفعولا: أي وعده تعالى بمجيء ذلك اليوم كان مفعولا أي كائنا لا محالة.
إن هذه تذكرة: أي إن هذه الآيات المخوفة تذكرة أي عظة للناس.
اتخذ إلى ربه سبيلا: أي طريقا بالإيمان والطاعة إلى النجاة من النار ودخول الجنة.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في تربية الرسول صلى الله عليه وسلم وأمته بأنواع التربية الربانية الخاصة فقال تعالى لرسوله {واصبر1 على ما يقولون} أي كفار قريش من كلام يؤذونك به كقولهم هو ساحر وشاعر وكاهن ومجنون وما إلى ذلك، وقوله {واهجرهم هجرا جميلا} يرشد تعالى رسوله إلى هجران كفار قريش وعدم التعرض لهم والهجر الجميل2 هو الذي لا عتاب معه وقوله {وذرني والمكذبين أولي النعمة} أي اتركني والمكذبين من صناديد3 قريش أولي النعمة أي النعم والترف {ومهلهم قليلا} أي أنظرهم ولا تستعجل فإني كافيكهم، ولم يمض إلا يسير حتى هلكوا في بدر على أيدي المؤمنين.
وقوله تعالى {إن لدينا أنكالا وجحيما وطعاما} أي عندنا للمكذبين بك في الآخرة أنكالا قيودا من حديد وجحيما أي نارا مستعرة محرقة وعذابا أليما أي موجعا وطعاما هو الزقوم والضريع ذا غصة أي يغص في حلق آكله، وعذابا أليما أي موجعا وذلك يحصل لأهله وينالهم يوم ترجف الأرض والجبال، أي تتحرك وتضرب وكانت الجبال كثيبا أي من الرمل مهيلا سائلا بعد اجتماعه. وقوله تعالى {إنا أرسلنا إليكم} أي يا أهل مكة وكل من ورائها من سائر الناس والجن {رسولا شاهدا عليكم} بما تعملون في الدنيا لتجزوا بها في الآخرة وقوله 4 {كما أرسلنا إلى فرعون رسولا} أي موسى بن عمران عليه السلام {فعصى فرعون الرسول فأخذناه أخذا وبيلا} أي غليظا شديدا.
وقوله تعالى مخاطبا الكافرين المكذبين {فكيف تتقون يوما} أي عذاب يوم {يجعل الولدان شيبا} وذلك لهوله وللكرب الذي يقع وحسبه أن السماء منفطر5 به أي منشقة بسبب أهواله. وذلك يوم يقول الرب تعالى لآدم يا آدم ابعث بعث النار أي خذ من كل ألف من أهل الموقف تسعمائة وتسعة وتسعين إلى النار ولم ينج من كل ألف إلا واحد هنا يشتد البلاء ويعظم الكرب. وقوله {كان وعده مفعولا} أي وعده تعالى بمجيء هذا اليوم كان مفعولا أي كائنا لا محالة وقوله {إن هذه تذكرة} أي إن هذه الآيات المشتملة على ذكر القيامة وأهوالها تذكرة وعظة وعبرة {فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا} فليتخذ وهي الإيمان والعمل الصالح بعد التخلي عن الشرك والمعاصي.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- وجوب الصبر على الطاعة وعن المعصية.
2- الهجر الجميل هو الذي لا عتاب فيه.
3- تقرير النبوة المحمدية.
4- تقرير البعث والجزاء.
__________

1 لما أمره بالانقطاع إليه بالعبادة أمره بالصبر على ما يقوله خصومه من كفار قريش من طعن فيه وفي أتباعه وفيما جاء به أيضا من الهدى والنور.
2 الهجر الجميل هو الذي يكتفى فيه بحقيقة الهجران وهي المقاطعة لا غير فليس هناك أذى معها والصبر الجميل هو الذي لا جزع فيه والجهر الجميل الذي لا عتاب معه والصفح الجميل هو الذي لا مؤاخذة معه.
3 قال مقاتل نزلت في المطعمين يوم بدر وهم عشرة. قالت عائشة رضي الله عنها لما نزلت هذه الآية لم يكن (يسير) حتى وقعت وقعة بدر.
4 الكلام مستأنف ابتدائي والمناسبة هي التخلص من الأمر بالصبر إلى ذكر وعيد القوم وذكر فرعون بالذات لأنه أهلكه غروره وتكبره كما هي حالة أكابر مجرمي مكة، فسوف يحل بهم ما حل بفرعون من الهلاك.
5 لم يقل منفطرة بالهاء لأن السماء يذكر ويؤنث أو هو كقولهم امرأة مرضع أي ذات إرضاع، والسماء ذات انفطار.

******************************

يتبع

ابوالوليد المسلم 10-08-2022 09:25 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك والله يقدر الليل والنهار علم أن لن تحصوه فتاب عليكم فاقرأوا ما تيسر من القرآن علم أن سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله فاقرأوا ما تيسر منه وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأقرضوا الله قرضا حسنا وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا واستغفروا الله إن الله غفور رحيم (20)
شرح الكلمات:
أنك تقوم: أي للتهجد.
أدنى: أي أقل.
وطائفة: أي وطائفة معك من أصحابك تقوم كذلك.
والله يقدر الليل والنهار: أي يحصيها ويعلم ما يمضي من ساعات كل منهما وما يبقى.
علم أن لن تحصوه: أي الليل فلا تطيقون قيامه كله لأنه يشق عليكم.
فتاب عليكم: أي رجع بكم إلى التخفيف في قيام الليل إذ هو الأصل.
فا قرأوا ما تيسر: أي صلوا من الليل ما سهل عليكم ولو ركعتين.
وأقيموا الصلاة: أي المفروضة.
وآتوا الزكاة: أي المفروضة.
وأقرضوا الله قرضا حسنا: أي تصدقوا بفضول أموالكم طيبة بها نفوسكم فذلك القرض الحسن.
وما تقدموا لأنفسكم من خير: أي من نوافل العبادة من الصلاة وصدقة وصيام وحج وغيرها.
معنى الآيات:
يخبر تعالى رسوله بأنه يعلم ما يقومه من الليل هو وطائفة من أصحابه وأنهم يقومون أحيانا أدنى من ثلثي الليل أي أقل ويقومون أحيانا النصف والثلث، كما في أول السورة هذا معنى قوله تعالى {إن1 ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك} وقوله {والله يقدر الليل والنهار} أي يحصي ساعاتهما فيعلم ما مضى من الليل وما بقي من ساعاته، وقوله {علم أن لن2 تحصوه} أي لن تطيقوا ضبط ساعاته فيشق عليكم قيام أكثره تحريا منكم لما هو المطلوب. {فتاب عليكم} لذلك وبهذا نسخ قيام الليل الواجب وبقى المستحب يؤدى ولو بركعتين في أي جزء من الليل وكونهما بعد صلاة العشاء أفضل وقوله تعالى {فاقرأوا3 ما تيسر من القرآن} أي صلوا من الليل ما تيسر أطلق لفظ القرآن وهو يريد الصلاة لأن القرآن هو الجزء المقصود من صلاة الليل،، وقوله {علم أن سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله} فذكر فيه تعالى ثلاثة أعذار لهم وهي المرض، والضرب في الأرض4 للتجارة والجهاد في سبيل الله وكلها يشق معها قيام الليل فرحمة بالمؤمنين نسخ الله تعالى هذا الحكم الشاق بقوله {فاقرأوا ما تيسر منه5} ، كرره تأكيدا لنسخ قيام الليل الذي كان واجبا وأصبح بهذه الآية مندوبا.
وقوله وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة أي المفروضتين. وقوله وأقرضوا الله قرضا حسنا أي أنفقوا في سبيل الله الذي هو الجهاد فإن الحسنة فيه بسبعمائة وما تقدموا لأنفسكم من نوافل الصلاة والصدقات والحج وسائر العبادات تجدوه عند الله يوم القيامة هو خيرا وأعظم أجرا. وقوله واستغفروا الله من كل ما يفرط منكم من تقصير في جنب الله تعالى إن الله غفور رحيم يغفر لمن تاب ويرحمه فلا يؤاخذه بذنب قد تاب منه.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- بيان ما كان الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه يقومونه من الليل تهجدا.
2- نسخ واجب قيام الليل وبقاء استحبابه وندبه6.
3- وجوب إقام الصلاة وإيتاء الزكاة.
4- الترغيب في التطوع من سائر العبادات.
5- وجوب الاستغفار عند الذنب وندبه واستحبابه في سائر الأوقات لما يحصل من التقصير.
__________

1 هذا هو النصف الأخير من سورة المزمل الذي نزل بالمدينة أما النصف الأول فقد نزل بمكة افتتاح الكلام بهذه الجملة إن ربك يعلم.... الخ مشعر بالثناء عليه لوفائه بحق القيام الذي أمر به في أول السورة.
2 هذه الجملة هي المقصودة من الكلام السابق لها إذ كان تمهيدا لها.
3 أطلق القرآن وأراد الصلاة كقوله قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فأطلق الصلاة وأراد القراءة وهنا أطلق القراءة وأراد الصلاة تجوزا.
4 قال طاووس: الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله.
5 من هذه الآية أخذ مالك وأحمد والشافعي أن أقل ما يجزء في الصلاة قراءة الفاتحة كاملة، ولا تصح صلاة بدونها للأحاديث الواردة في ذلك وهذا بالنسبة الأمام والمنفرد. وهذا عند القدرة على قراءته وحفظها فإن عجز سبح وركع أي قال سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر.
6 ورد في فضل قيام الليل أحاديث صحاح كثيرة منها قول عبد الله بن عمرو قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم "يا عبد الله لا تكن كفلان كان يقوم الليل فترك قيام الليل" وحديث عبد الله بن عمر وفيه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل".


ابوالوليد المسلم 10-08-2022 09:26 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 



تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة المدثر
الحلقة (856)

سورة المدثر
مكية وآياتها ست وخمسون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 462الى صــــ 467)

سورة المدثر
مكية وآياتها ست وخمسون آية

بسم الله الرحمن الرحيم
يا أيها1 المدثر (1) قم فأنذر (2) وربك فكبر (3) وثيابك فطهر (4) والرجز فاهجر (5) ولا تمنن تستكثر (6) ولربك فاصبر (7) فإذا نقر في الناقور (8) فذلك يومئذ يوم عسير (9) على الكافرين غير يسير (10)

شرح الكلمات:
يا أيها المدثر: أي يا أيها المدثر أي المتلفف في ثيابه وهو النبي صلى الله عليه وسلم.
قم فأنذر: أي خوف أهل مكة النار إن لم يؤمنوا ويوحدوا.
وربك فكبر: أي عظم ربك من إشراك المشركين.
وثيابك فطهر: أي طهر ثيابك من النجاسات.
والرجز فاهجر: أي أدم هجرانك للأوثان.
ولا تمنن تستكثر: أي لا تمنن على ربك ما تقوم به من أعمال لأجله طاعة له.
فإذا نقر في الناقور: أي نفخ في الصور النفخة الثانية.
معنى الآيات:
قوله تعالى {يا أيها المدثر2} أي المتلفف في ثيابه والمراد به النبي صلى الله عليه وسلم روى الزهري3 قال فتر الوحي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فترة فحزن حزنا فجعل يعدو شواهق رؤوس الجبال ليتردى منها فكلما أوفى بذروة جبل تبدى له جبريل عليه السلام فيقول إنك نبي الله فيسكن جأشه وتسكن نفسه، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يحدث عن ذلك فقال بينما أنا أمشي يوما إذ رأيت الملك الذي كان يأتيني بحراء على كرسي بين السماء والأرض فجثثت منه رعبا فرجعت إلى خديجة فقلت زملوني فزملناه أي فدثرناه فأنزل الله يا أيها المدثر قم فأنذر وربك فكبر وثيابك فطهر قال الزهري فأول شيء أنزل عليه أقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم. وعليه فهذا النداء الإلهي كان بعد فترة الوحي الأولى ناداه ملقبا له بهذا اللقب الجميل تكريما وتلطفا معه ليقوم بأعباء الدعوة وما أشد ثقلها، ومن يقدر عليها إنها أعباء ثقيلة اللهم لقد أعنت عليها رسولك فأعني على قدر ما أقوم به منها، وإن كان ما أقوم به منها لا يساوي جمرة من لظى ولا قطرة من ماء السماء.
يا أيها المدثر في ثيابه يا محمد رسولنا قم فأنذر لم يبق لك مجال للنوم والراحة فأنذر قومك في مكة وكل الثقلين من وراء مكة أنذرهم عذاب النار المترتب على الكفر والشرك بالواحد القهار وربك فكبر أي وربك فعظمه تعظيما يليق بجلاله وكماله فإنه الأكبر الذي لا أكبر منه والعظيم الذي لا أعظم منه فأعلن عن ذلك بلسانك قائلا الله أكبر وبحالك فلا تذل إلا له ولا ترغب إلا فيه وكبره بأعمالك فلا تأت منها إلا ما أذن لك فيه أو أمرك به {وثيابك فطهر} أي طهر ثيابك من النجاسات مخالفا بذلك ما عليه قومك؛ إذ يجرون ثيابهم ولا يتنزهون من أبوالهم {والرجز فاهجر} أي والأصنام التي يعبدها قومك فاهجرها فلا تقربها ودم على هجرانها على دعوتك أجرا، ولا تمنن عطاء أعطيته لغيرك تستكثر به ما عندك إن ذاك مناف لأجمل الأخلاق وكريم السجايا وسامي الآداب.
واربك وحده سواه فاصبر على كل ما تلقاه في سبيل إبلاغ رسالتك ونشر دعوتك دعوة الخير والكمال هذا الذي أدب به الله رسول الله في فاتحة دعوته. ثم نزل بعد فإذا نقر في الناقور والناقور البوق الذي ينفخ فيه اسرافيل والنقر يحدث صوتا
والصوت هو صوت البوق والمراد به النفخة الثانية نفخة البعث والجزاء فإذا نقر في الناقور فذلك يومئذ يوم عسير صعب شديد لا يحتمل ولا يطاق على الكافرين غير يسير4 فذكر به من تدعوهم فإن التذكير به نافع إن شاء الله، ولذا كان من أعظم أركان العقيدة التي إن تمكنت من النفس تهيأ صاحبها لحمل كل ثقيل ولإنفاق كل غال ورخيص ولفراق الأهل والدار الإيمان بالله واليوم الآخر إذ هما محور العقيدة وعليهما مدار الإصلاح والهداية.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- الجد طابع المسلم، فلا كسل ولا خمول ولا لهو ولا لعب ومن فارق هذه فليتهم نفسه في إسلامه.
2- وجوب تعظيم أسمائه وصفاته وتعظيم كلامه وكتابه, وتعظيم شعائره تعظيم ما عظم.
3- وجوب الطهارة للمؤمن بدنا وثوبا ومسجدا. أكلا وشربا وفراشا ونفسا وروحا.
4- حرمة العجب فلا يعجب المؤمن بعمله ولا يزكي به نفسه ولو صام الدهر, وأنفق الصخرة وجاهد الدهر.
5- وجب الصبر على الطاعات فعلا وعلى المعاصي تركا وعلى البلاء تسليما ورضا.
__________

1 في هذا النداء ملاطفة في الخطاب من الكريم إلى الحبيب إذ ناداه بحاله، وعبر عنه بصفته، ولم يقل يا محمد أو يا فلان ليستشعر اللين والعطف من ربه.
2 هذا يسمى بهدية الثواب وهي جائزة للأئمة محرمة عليه صلى الله عليه وسلم بهذه الآية. ولا تمنن تستكثر.
3 روى أحمد عن ابن عباس في قوله تعالى {فإذا نقر في الناقور} قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم القرن وحنى جبهته ينتظر متى يؤمر فينفخ، فقال: أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل على الله توكلنا.
4 في الآية دليل على أن حال المؤمنين في عرصات يوم القيامة غير حال الكافرين في الشدة والبلاء.

****************************

يتبع

ابوالوليد المسلم 10-08-2022 09:26 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
ذرني ومن خلقت وحيدا (11) وجعلت له مالا ممدودا (12) وبنين شهودا (13) ومهدت له تمهيدا (14) ثم يطمع أن أزيد (15) كلا إنه كان لآياتنا عنيدا (16) سأرهقه صعودا (17) إنه فكر وقدر (18) فقتل كيف قدر (19) ثم قتل كيف قدر (20) ثم نظر (21) ثم عبس وبسر (22) ثم أدبر واستكبر (23) فقال إن هذا إلا سحر يؤثر (24) إن هذا إلا قول البشر (25) سأصليه سقر (26) وما أدراك ما سقر (27) لا تبقي ولا تذر (28) لواحة للبشر (29) عليها تسعة عشر (30)
شرح الكلمات:
ذرني ومن خلقت وحيدا: أي اتركني ومن خلقته وحيدا منفردا بلا مال ولا ولد فأنا أكفيكه.
وبنين شهودا: أي يشهدون المحافل وتسمع شهاداتهم وأغلب الوقت حاضرون ولا يغيبون.
ومهدت له تمهيدا: أي بسطت له في العيش والعمر والولد والجاه حتى كان يلقب بريحانة قريش.
عنيدا: أي معاندا وهو الوليد بن المغيرة المخزومي.
سأرهقه صعودا: أي سأكلفه يوم القيامة صعود جبل من نار كلما صعد فيه هوى في النار أبدا.
إنه فكر وقدر: أي فيما يقول في القرآن الذي سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم وقدر في نفسه ذلك.
ثم نظر ثم عبس وبسر: أي تروى في ذلك ثم عبس أي قبض ما بين عينيه ثم بسر أي كلح وجهه.
ثم أدبر واستكبر: أي عن الإيمان واستكبر عن اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم.
سحر يؤثر: أي ينقل من السحرة كمسيلمة وغيره.
سأصليه سقر: سأدخله جهنم وسقر اسم لها يدخله فيها لإحراقه بنارها.
لا تبقي ولا تذر: أي لا تترك شيئا من اللحم ولا العصب إلا أهلكته ثم يعود كما كان لإدامة العذاب.
لواحة للبشر: أي محرقة مسودة لظاهر جلد الإنسان وهو بشرته والجمع بشر.
عليها تسعة عشر: أي ملكا وهم خزنتها.
معنى الآيات:
لقد تحمل رسول الله صلى الله عليه وسلم عبء الدعوة وأمر بالصبر وشرع صلى الله عليه وسلم في إنذار قومه المعركة كأحر وأشد ما تكون إذ أعلم قومه وهم من هم أنه لا إله إلا الله وأنه هو رسول الله فتصدى له طاغية من أعظم الطغاة ساد الوادي مالا وولدا وجاها عريضا حتى لقب بريحانة قريش هذا هو الوليد بن المغيرة صاحب عشرة رجال من صلبه وآلاف الدنانير من الذهب فلما أرهب رسول الله وأخافه قال له ربه تبارك وتعالى {ذرني} أي دعني والذي خلقته {وحيدا1} فريدا بلا مال ولا ولد،{وجعلت له مالا ممدودا} واسعا تمده به الزراعة والتجارة فصلا بعد فصل ويوما بعد يوم، {وبنين شهودا} لا يغيبون كما يغيب الذين يطلبون العيش كما أنهم لمكانتهم يستشهدون فيشهدون فهم شهود على غيرهم.
ويشهدون المحافل وغيرها. {ومهدت له تمهيدا2} أي بسطت له في العيش والعمر والولد والجاه العريض في ديار قومه، {ثم يطمع أن أزيد} أي أن أزيده من المذكور في الآيات {كلا} أي لن أزيده بعد اليوم، وعلل تعالى لمنعه الزيادة بقوله: {إنه كان لآياتنا} "القرآنيه" {عنيدا} أي 3 معاندا يحاول إبطالها بعد رفضه لها. {سأرهقه صعودا} أي سأكلفه عذابا شاقا لا قبل له به وذلك جبل4 من نار في جهنم يكلف صعوده كلما صعد سقط وذلك أبدا.
وعلل أيضا لهذا العذاب الذي أعده له وأوعده به فقال تعالى {إنه فكر} أي فيما يقول في القرآن لما طلبت منه قريش أن يقول فيه ما يراه من صلاح أو فساد. {وقدر} في نفسه {فقتل كيف قدر} أي لعن كيف قدر ذلك التقدير الذي هو قوله {فقال إن هذا إلا سحر يؤثر إن هذا إلا قول البشر} . {ثم قتل كيف قدر} فلعنه الله لعنتين تلازمانه واحدة في الدنيا والأخرى في الآخرة وقوله تعالى عنه {ثم نظر} أي تروى {ثم عبس} أي قطب فقبض مابين عينيه {وبسر} أي كلح وجهه فاسود. فقال اللعين نتيجة تفكير وتقدير ونظر {إن هذا إلا سحر يؤثر} أي ما هذا القرآن إلا سحر ينقل عن السحرة في اليمن ونجد والحجاز {إن هذا إلا قول البشر} أي ما هذا الذي يتلوه محمد صلى الله عليه وسلم إلا قول البشر قال5 تعالى موعدا إياه على قولته الكافرة الفاجرة {سأصليه سقر} أي سأدخله نار سقر يصطلي بنارها، ثم عظم تعالى من شأن سقر فقال 6 {وما أدراك ما سقر} أي أي شيء يدريك ما هي وما شأنها فإنها عظيمة {لا تبقي ولا تذر} أي لا تبقي لحما ولا تذر عصبا بل تأتي على الكل لواحة7 للبشر أي تحرق الجلود وتسودها. والبشر جمع بشرة الجلدة ومن ذلك سمي الآدميون بشرا لأن بشرتهم مكشوفة ليست مستورة بوبر ولا صوف ولا سعر ولا ريش.
وقوله تعالى {عليها تسعة عشر} أي على سقر ملائكة يقال لهم الخزنة عدتهم تسعة عشر ملكا لقد كان لنزول هذه الآية سبب معروف وهو أن قريش اتهمت الوليد بأنه صبا مال إلى دين محمد فسمع ذلك منهم فأنكر وحلف لهم فطلبوا إليه إن كان صادقا أن يقول في القرآن كلمة يصرف بها العرب عن محمد وما يقوله ويدعو إليه فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ويقرأ في صلاته فاستمع إليه ففكر وقدر كما أخبر تعالى عنه في هذه الآيات وقال قولته الفاجرة الكافرة. إن هذا إلا سحر يؤثر إن هذا إلا قول البشر بعد أن وصف القرآن وصفا دقيقا بقوله ووالله إن لقوله لحلاوة وإنه ليحطم ما تحته، وإنه ليعلو ولا يعلى عليه أي عليه فقالوا والله لا يرضى عنك قومك حتى تقول فيه فقال دعوني حتى أفكر ففكر وقال ما تقدم فنزلت هذه الآيات {ذرني ومن خلقت وحيدا} إلى قوله {تسعة عشر} .
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- المال والبنون والجاه من عوامل الطغيان إلا أن يسلم الله عبده من فتنتها.
2- من أكفر الناس من يعاند في آيات الله يريد صرف الناس عنها وإبطال هدايتها.
3- بيان ما ظفر به طاغية قريش الوليد بن المغيرة من لعنة وعذاب شديد.
4- تقرير الوحي وإثبات النبوة المحمدية.
5- تقرير البعث والجزاء.
__________

1 عن ابن عباس: كان الوليد يقول أنا الوحيد بن الوحيد ليس لي في العرب نظير ولا لأبي المغيرة نظير.
2 قال القرطبي: التمهيد عند العرب التوطئة والتهيئة: ومنه مهد الصبي.
3 يقال عند يعند كضرب يضرب أي خالف ورد الحق وهو يعرفه فهو عنيد وعاند.
4 رواه الترمذي. وقال فيه غريب.
5 قال السدي يعنون أنه من قول سيار عبد لبني الحضرمي كان يجالس النبي صلى الله عليه وسلم فنسبوه إلى أنه تعلم منه ذلك.
6 ما استفهامية أي أي شيء يدريك وما سقر ما استفهامية مبتدأ وسقر خبره.
7 البشر جمع بشرة ومعنى لواحة مغيرة للون البشر بالسواد يقال لاحه الحر أو البرد أو المرض إذا غيره قال الشاعر:
تقول ما لاحك يا مسافر
يابنة عمي لا حنى الهواجر


ابوالوليد المسلم 10-08-2022 09:27 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 


http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg
تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة المدثر
الحلقة (857)

سورة المدثر
مكية وآياتها ست وخمسون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 467الى صــــ 473)




وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا إيمانا ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلا كذلك يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وما يعلم جنود ربك إلا هو وما هي إلا ذكرى للبشر (31) كلا والقمر (32) والليل إذ أدبر (33) والصبح إذا أسفر (34) إنها لإحدى الكبر (35) نذيرا للبشر (36) لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر (37)

شرح الكلمات:
أصحاب النار: أي خزنتها مالك وثمانية عشر معه.
إلا ملائكة: أي لم نجعلهم بشرا ولا جنا حتى لا يرحموهم بحكم
الجنس.
وما جعلنا عدتهم: أي كونهم تسعة عشر.
إلا فتنة للذين كفروا: أي ليستخفوا بهم كما قال أبو الأشدين الجمحي فيزدادوا ضلالا.
ليستيقن الذين أوتوا الكتاب: أي ليحصل اليقين لأهل التوراة والإنجيل بموافقة القرآن لكتابيهما التوراة والإنجيل.
ولا يرتاب: أي ولا يشك أهل الكتاب والمؤمنون في حقيقة ذلك.
وليقول الذين في قلوبهم مرض: أي مرض النفاق.
ماذا أراد الله بهذا مثلا: أي أي شيء أراد الله بهذا العدد الغريب استنكارا منهم.
كذلك: أي مثل إضلال منكر هذا العدد وهدى مصدقه يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء.
وما هي إلا ذكرى للبشر: أي وما النار إلا ذكرى للبشر يتذكرون بها.
إذ أدبر: أي ولى ومضى.
إذا اسفر: أي أضاء وظهر.
إنها لأحدى الكبر: أي جهنم لإحدى البلايا العظام.
نذيرا للبشر: أي عذاب جهنم نذير لبني آدم.
لمن شاء منكم: أي أيها الناس.
أن يتقدم: أي بالطاعة.
أو يتاخر: أي بالمعصية.
معنى الآيات:
قوله تعالى {وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا} هذه الآية نزلت ردا على أبي الأشدين كلدة الجمحي الذي قال لما سمع قول الله تعالى {وما أدراك ما سقر لا تبقي ولا تذر لواحة للبشر عليها تسعة عشر} قال لقريش ساخرا مستهزئا أنا أكفيكم سبعة عشر واكفوني انتم اثنين، ومرة قال أنا أمشي بين أيديكم على الصراط فأدفع عشرة بمنكبي الأيمن وتسعه بمنكبي الأيسر في النار ونمضي فندخل الجنة. فأنزل الله تعالى قوله {وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة} أي لم نجعلهم بشرا ولا جنا حتى لا يرحموا أهل النار بخلاف لو
كانوا بشرا قد يرحمون بني جنسهم ولو كانوا جنا فكذلك، ولذا جعلهم من الملائكة فلا تتناسب بينهم وبين الإنس والجن والمراد بأصحاب النار خزنتها وهم مالك وثمانية عشر هؤلاء رؤساء في جهنم أما من عداهم فلا تتسع لهم العبارة ولا حتى الرقم الحسابي وكيف وقد قال تعالى {وما يعلم جنود ربك إلا هو} ، وقوله {وما جعلنا عدتهم1} أي كونهم تسعة عشر {إلا فتنة للذين2 كفروا} ليزدادوا ضلالا وكفرا وقد تم هذا فإن أبا جهل كأبي الأشدين قد فتنا بهذا العدد وازدادا ضلالا وكفرا بما قالا، وقوله تعالى {ليستيقن الذين أوتوا الكتاب} أي أخبرنا عن عددهم وأنه تسعة عشر ليستيقن3 الذين أوتوا الكتاب4 لموافقة القرآن لما عندهم في كتابهم. ويزداد الذين أمنوا إيمانا فوق إيمانهم عندما يرون أن التوراة موافقة للقرآن الكريم كشاهد له، وقوله {ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون} أي حتى لا يقعوا في ريب وشك في يوم من الأيام لما اكتسبوا من المناعة بتضافر الكتابين على حقيقة واحدة.
وقوله {وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلا} أي وما جعلنا عدتهم تسعة عشر إلا ليقول الذين في قلوبهم مرض وهو النفاق والشك والكافرون الكفر الظاهر من قريش وغيرهم ماذا أراد الله بهذا مثلا أي أي شيء أراده الله بهذا الخبر الغريب غرابة الأمثال قالوا هذا استنكارا وتكذيبا. فهذه جملة علل ذكرها تعالى لإخباره عن زبانية جهنم ثم قال وقوله الحق {كذلك يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء} أي مثل إضلال منكر هدا العدد وهدى مصدقه يضل الله من يشاء إضلاله ويهدي من يشاء هدايته.
وقوله تعالى {وما يعلم 5جنود ربك إلا هو} هذا جواب أبي جهل القائل أما لمحمد أعوان إلا تسعة عشر استخفافا وتكذيبا فأخبر تعالى أن له جنودا لا يعلم عددها ولا قوتها إلا هو وقد ورد أن لأحدهم مثل قوة الثقلين يسوق أحدهم الأمة وعلى رقبته جبل فيرمي بهم في النار ويرمي الجبل عليهم، ولا عجب وأربعة ملائكة يحملون العرش الذي هو أكبر ممن السموات والأرضين فسبحان الخلاق العليم سبحان الله العزيز الرحيم سبحان الله ذي الجبروت والملكوت. وقوله تعالى وما هي6 أي جهنم إلا ذكرى للبشر أي تذكرة يذكرون بها عظمة الله ويخافون بها عقابه. وقوله {كلا7 والقمر والليل إذ أدبر والصبح إذا أسفر} أي كلا أي ليس القول كما يقول من زعم من المشركين أنه يكفي أصحابه المشركين خزنة جهنم حتى يجهضهم عنها. والقمر والليل إذا أدبر ولى ذاهبا والصبح إذا أسفر أي أضاء وأقبل {إنها لإحدى الكبر} أي أقسم تعالى بالقمر والليل إذا أدبر والصبح إذا أسفر على أن جهنم8 لإحدى الكبر أي البلايا العظام {نذيرا للبشر} أي بني آدم، وقال نذيرا ولم يقل نذيرة وهي جهنم لأنها بمعنى العذاب أي عذابها نذير للبشر. وقوله {لمن شاء منكم أن يتقدم} في طاعة الله ورسوله حتى يبلغ الدرجات العلا، ومن شاء {أو يتأخر} في معصية الله ورسوله حتى ينزل الدركات السفلى.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- بيان الحكمة من جعل عدد الزبانية تسعة عشر والإخبار عنهم بذلك.
2- موافقة التوراة والإنجيل للقرآن من شأنها أن تزيد إيمان المؤمنين من الفريقين.
3- في النار من الزبانية ما لا يعلم عددهم إلا الله تعالى خالقهم.
4- جهنم نذير للبشر أي عذابها نذير للبشر لمن شاء أن يتقدم بالطاعة أو يتأخر بالمعصية.
__________

1 تقدير الكلام: ما جعلنا ذكر عدتهم لعلة وغرض إلا لغرض فتنة الذين كفروا.
2 روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن فتنة بمعنى ضلالة للذين كفروا يريد أبا جهل وذويه، وقيل إلا عذابا كقوله تعالى {يوم هم على النار يفتنون وقوا فتنتكم} .
3 قوله ليستيقن الذين أوتوا الكتاب. علة ثانية لفعل وما جعلنا والاستيقان قوة اليقين والمراد من الاستيقان قوة اليقين.
4 أوتوا الكتاب هم اليهود. فقد روى الترمذي بسنده إلى جابر بن عبد الله قال قال ناس من اليهود لأناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هل يعلم نبيكم عدد خزنة جهنم؟ قالوا لا ندري حتى نسأل.
5 هذه الجملة كلمة جامعة لإبطال التخرصات التي يتخرصها المبطلون الضالون وإضافة الرب إلى ضمير النبي صلى الله عليه وسلم إضافة تشريف وفيها الإيماء بنصره صلى الله عليه وسلم بتلك الجنود التي هم جنود ربه عز وجل.
6 جائز أن يكون الضمير (وما هي) عائد إلى عدة الملائكة التسعة عشر وجائز أن يكون عائدا إلى الآيات القرآنية أو إلى سقر أو إلى جنود ربك وهذا من الإعجاز القرآني وأن الكلمة الواحدة تدل على ما لا يدل عليه عشرات الكلمات.
7 حرف ردع وإبطال والغالب أنها تقع بعد كلام من متكلم واحد ومتكلم وسامع فتفيد الردع عما تضمنه الكلام السابق ذهب ابن جرير إلى أنها هنا للردع وإبطال ما زعمه المشركون من القدرة على الزبانية كما في التفسير. وعليه فالوقف عليه مستحسن ومنهم من جعلها افتتاح كلام نحو ألا وعليه فالوقف لا يحسن عليها بل على القمر.
8 القول بأنها سقر أقرب من جهنم لتقدم ذكر سقر بلفظها والأمر واسع.
****************************** **
يتبع


ابوالوليد المسلم 10-08-2022 09:27 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
كل نفس بما كسبت رهينة (38) إلا أصحاب اليمين (39) في جنات يتساءلون (40) عن المجرمين (41) ما سلككم في سقر (42) قالوا لم نك من المصلين (43) ولم نك نطعم المسكين (44) وكنا نخوض مع الخائضين (45) وكنا نكذب بيوم الدين (46) حتى أتانا اليقين (47) فما تنفعهم شفاعة الشافعين (48) فما لهم عن التذكرة معرضين (49) كأنهم حمر مستنفرة (50) فرت من قسورة (51) بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى صحفا منشرة (52) كلا بل لا يخافون الآخرة (53) كلا إنه تذكرة (54) فمن شاء ذكره (55) وما يذكرون إلا أن يشاء الله هو أهل التقوى وأهل المغفرة (56)
شرح الكلمات:
كل نفس: أي مأمورة منهية.
رهينة: أي مرهونة مأخوذة بعملها في جهنم.
إلا أصحاب اليمين: أي المؤمنين فهم ناجون من النار وهم في جنات النعيم يتساءلون عن المجرمين.
ولم نك نطعم المسكين: أي بخلا بما أتاهم الله.
وكنا نخوض: أي في الباطل وفيما يكره الله تعالى مع الخائضين.
نكذب بيوم الدين: بيوم المجازاة والثواب ولا نصدق بثواب ولا عقاب.
حتى أتانا اليقين: أي الموت.
عن التذكرة معرضين: أي الموعظة منصرفين لا يسمعونها ولا يقبلون عليها.
حمر مستنفرة: أي كأنهم حمر وحشية مستنفرة.
فرت من قسورة: أي هربت من أسد أشد الهرب.
بل يريد كل أمرىء منهم: أي ليس هناك قصور في الأدلة والحجج التي قدمت لهم بل يريد كل واحد منهم.
أن يؤتى صحفا منشرة: أي يصبح وعند رأسه كتاب من الله رب العالمين إلى فلان آمن بنبينا محمد واتبعه.
إنه تذكرة: أي عظة وعبرة.
فمن شاء ذكره: أي قرأه واتعظ به.
هو أهل التقوى: أي هو أهل لأن يتقي لعظمة سلطانه وأليم عقابه.
وأهل المغفرة: أي وأهل لأن يغفر للتائبين من عباده والموحدين.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في تقرير عقيدة البعث والجزاء فقال تعالى {كل نفس} أي يوم القيامة {رهينة} بمعنى مرهونة محبوسة أي كل نفس مأمورة منهية بمعنى مكلفة بخلاف نفوس غير المكلفين من أطفال ومجانين وقوله {إلا أصحاب اليمين} فإنهم قد فك رهنهم وهم في جنات النعيم يتساءلون فيما بينهم عن أصحاب الجحيم وكيف حالهم ثم يتصلون بهم وهم في جنات النعيم والمجرمون في سواء الجحيم، ويتم الاتصال برؤية الشخص وسماع كلامه وفي الصناعات الحديثة اليوم ما جعل هذا أمرا معقولا فيقولون لهم {ما سلككم في سقر} أي أدخلكم في سقر فأجابوهم قائلين {قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين وكنا نخوض مع الخائضين وكنا نكذب بيوم الدين حتى أتانا اليقين} فذكروا لهم أعظم الجرائم وهي ترك الصلاة ومنع الزكاة والتخوض مع أهل الباطل في كل شر وفساد والتكذيب بيوم القيامة وأنه لا حساب ولا جزاء أي لا ثواب ولا عقاب وأنهم مع هذه الجرائم الموجبة للسلوك في سقر لم يتوبوا منها حتى أتاهم اليقين الذي هو الموت فإن من مات دخل الدار الآخرة من عتبتها وهي القبر فلذا قالوا حتى أتانا اليقين أي الموت.
وقد يقال ألم يكن هناك شفعاء من الملائكة والأنبياء والعلماء والشهداء يشفعون؟ والجواب هو في قوله تعالى {فما تنفعهم شفاعة الشافعين} أي لم تكن لهم شفاعة لأنهم ملاحدة مجرمون. وقوله تعالى {فما لهم عن التذكرة معرضين} أي فما لهؤلاء المشركين المكذبين بالبعث والجزاء عن التذكرة التي يذكرون بها في آيات هذه السورة وغيرها معرضين إنه أمر عجيب أي شيء يجعلهم يعرضون عنها هاربين منها فارين {كأنهم حمر} وحشية {مستنفرة فرت من قسورة} أي فرت هاربة أشد الهرب من أسد من أسود الصحراء الطاغية إن فرارهم من هذه الدعوة وإعراضهم عنها ليس عن قصور في أدلتها وضعف في حجتها بل يريد كل واحد منهم أن يؤتى كتابا من الله يأمره فيه بالإيمان واتباع محمد صلى الله عليه وسلم وهذا هو العناد والمكابرة وصاحبهما غير مستعد للإيمان بحال من الأحوال.
وهذه الآية كقوله تعالى: {حتى1 تنزل علينا كتابا نقرأه} هذا معنى قوله تعالى {بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى صحفا منشرة} . وقوله تعالى {كلا بل لا يخافون الآخرة} أي ليس الأمر كما يقولون ويدعون بل إن علة إعراضهم الحقيقية هي عدم خوفهم من عذاب الله يوم القيامة. وقوله تعالى {كلا إنها تذكرة} أي ألا إن هذا القرآن تذكرة فمن شاء ذكره أي قرأه فاتعظ به فآمن بالله
واتقاه فإنه ينجو ويسعد في جوار مولاه ومن لم يشأ ذلك فحسبه سقر وما أدراك ما سقر. وقوله تعالى {وما يذكرون2 إلا أن يشاء الله} أي ما يذكر من يذكر إلا بمشيئة الله فلا بد من الافتقار إلى الله وطلب توفيقه في ذلك إذ لا استقلال لأحد عن الله ولا غنى بأحد عن الله بل الكل مفتقر إليه ومشيئته تابعة لمشيئته وقوله {هو3 أهل التقوى وأهل المغفرة} لقد4 صح أن النبي صلى الله عليه وسلم فسر هذه الآية فقال قال ربكم أنا أهل أن أتقى فلا يجعل معي إله فمن اتقاني فلم يجعل معي إلها فأنا أهل أن أغفر له.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- فكاك كل نفس مرهونة بكسبها هو الإيمان والتقوى.
2- بيان أكبر الجرائم وهي ترك الصلاة ومنع الزكاة والخوض في الباطل وعدم التصديق بالحساب والجزاء.
3- لا شفاعة يوم القيامة لمن مات وهو يشرك بالله شيئا.
4- مرد الانحراف في الإنسان إلى ضعف إيمانه بالبعث والجزاء.
5- الله جل جلاله هو ذو الأهلية الحقة لأمرين عظيمين التقوى فلا يتقى على الحقيقة إلا هو والمغفرة فلا يغفر الذنوب إلا هو اللهم اغفر ذنوبنا فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت.
__________

1 الآية من سورة الإسراء وهي (أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرأه) إذ روي أن أبا جهل وجماعة من قريش قالوا يا محمد لن نؤمن بك حتى تأتي كل واحد منا بكتاب من السماء عنوانه من رب العالمين إلى فلان بن فلان ونؤمر فيه بأتباعك.
2 قرأ نافع وما تذكرون بالتاء على الالتفاف, وقرأ حفص وما يذكرون بالياء على الغيبة.
3 تعريف جزيء الجملة مفيد للقصر أي الله وحده المتأهل للتقوى والمغفرة لا سواه.
4 الحديث رواه الترمذي وقال فيه حسن غريب ونصه: قال الله تعالى "أنا أهل أن أتقى فمن اتقاني فلم يجعل معي إلها فأنا أهل أن أغفر له".


ابوالوليد المسلم 10-08-2022 09:28 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 



http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg
تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)

- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة القيامة
الحلقة (858)

سورة القيامة
مكية وآياتها أربعون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 474الى صــــ 479)



سورة القيامة
مكية وآياتها أربعون آية

بسم الله الرحمن الرحيم
لا أقسم بيوم القيامة (1) ولا أقسم بالنفس اللوامة (2) أيحسب الإنسان ألن نجمع عظامه (3) بلى قادرين على أن نسوي بنانه (4) بل يريد الإنسان ليفجر أمامه (5) يسأل أيان يوم القيامة (6) فإذا برق البصر (7) وخسف القمر (8) وجمع الشمس والقمر (9) يقول الإنسان يومئذ أين المفر (10) كلا لا وزر (11) إلى ربك يومئذ المستقر (12) ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر (13) بل الإنسان على نفسه بصيرة (14) ولو ألقى معاذيره (15)

شرح الكلمات:
لا: أي ليس الأمر كما يدعي المشركون من أنه لا بعث ولا جزاء.
أقسم بيوم القيامة: أي الذي كذب به المكذبون.
ولا أقسم بالنفس اللوامة: أي لتبعثن ولتحاسبن ولتعاقبن أيها المكذبون الضالون.
اللوامة: أي التي إن أحسنت لامت عن عدم الزيادة وإن أساءت لامت عن عدم التقصير.
أيحسب الإنسان: أي الكافر الملحد.
أن لن نجمع عظامه: أي ألا نجمع عظامه لنحييه للبعث والجزاء.
بلى قادرين: أي بلى نجمعهما حال كوننا قادرين مع جمعها على تسوية بنانه.
على أن نسوي بنانه: أي نجعل أصابعه كخف البعير أو حافر الفرس فلا يقدر على العمل الذي يقدر عليه الآن مع تفرقة أصابعه. كما نحن قادرون على جمع تلك العظام الدقيقة عظام البنان وردها كما كانت كما نحن قادرون على تسوية تلك الخطوط الدقيقة في الأصابع والتي تختلف بين إنسان وإنسان اختلاف الوجوه والأصوات واللهجات.
بل يريد الإنسان: أي بإنكاره البعث والجزاء.
ليفجر أمامه: أي ليواصل فجوره زمانه كله ولذلك أنكر البعث.
يسأل أيان يوم القيامة: أي يسأل سؤال استنكار واستهزاء واستخفاف.
فإذا برق البصر: أي دهش وتحير لما رأى ما كان به يكذب.
وخسف القمر: أي أظلم بذهاب ضوئه.
وجمع الشمس والقمر: أي ذهب ضوءهما وذلك في بداية الانقلاب الكوني الذي تنتهي فيه هذه الحياة.
أين المفر: أي إلى أين الفرار.
كلا: ردع له عن طلب الفرار.
لا وزر: أي لا ملجأ يتحصن به.
بل الإنسان على نفسه بصيرة: أي هو شاهد على نفسه حيث تنطق جوارحه بعمله.
ولو ألقى معاذيره: أي فلابد من جزائه ولو ألقى معاذيره.
معنى الآيات:
قوله تعالى {لا أقسم بيوم القيامة} 1 أي ما الأمر كما تقولون أيها المنكرون للبعث والجزاء أقسم بيوم القيامة الذي تنكرون وبالنفس اللوامة التي ستحاسب وتجزي لا محالة لتبعثن2 ثم لتنبؤن بما عملتم وذلك على الله يسير. وقوله تعالى {أيحسب الإنسان ألن نجمع عظامه} أي بعد موته وفنائه وتفرق أجزائه في الأرض، والمراد من الإنسان هنا الكافر الملحد قطعا {بلى قادرين على3 أن نسوي بنانه} أي بلى نجمعها حال كوننا قادرين على ذلك وعلى ما هو أعظم وهو تسوية بنانه أي أصابعه بأن نجعلها كخف البعير أو حوافر الحمير، فيصبح يتناول الطعام بفمه كالكلب والبغل والحمار.
وقوله {بل4 يريد الأنسان ليفجر5 أمامه} أي ما يجهل الإنسان قدرة خالقه على إعادة خلقه ولكنه يريد أن يواصل فجوره مستقبله كله فلا يتوب من ذنوبه ولا يؤوب من معاصيه لأن شهواته مستحكمة فيه، وقوله تعالى {يسأل أيان يوم القيامة؟} يخبر تعالى عن المنكر للبعث من أحل مواصلة الفجور من زنا وشرب خمور بأنه يقول أيان يوم القيامة استبعادا واستنكارا
وتسويفا للتوبة فبين تعالى له وقت مجيئه بقوله {فإذا برق البصر6} أي عند الموت بأن تحير واندهش {وخسف القمر} أي أظلم وذهب ضوءه، {وجمع الشمس والقمر} أي ذهب ضوءهما وذلك في بداية الانقلاب الكوني الذي تنتهي فيه هذه الحياة {يقول الأنسان} الكافر {يومئذ أين المفر؟} أي إلى أين الفرار يا ترى؟ قال تعالى {كلا} أي لا فرار اليوم من قبضة الجبار أيها الإنسان الكافر {لا وزر} أي لا حصن ولا ملتجأ وإنما {إلى ربك} اليوم {المستقر} أي الانتهاء والاستقرار إما إلى جنة وإما لإلى نار وقوله تعالى {ينبأ الأنسان يومئذ بما قدم وأخر} أي يوم تقوم الساعة يخبر الإنسان من قبل ربه تعالى بما قدم من أعماله في حياته الخير والشر سواء وبما أخر بعد موته من سنة حسنة سنها أو سيئة كذلك وقوله تعالى {بل الأنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره} أي عندما يتقدم الإنسان للاستنطاق فيخبر بما قدم وأخر هناك يحاول أن يتنصل من بعض ذنوبه فتنطق جوارحه ويختم على لسانه فيتخذ من جوارحه شهود عليه فتلك البصيرة7ولو ألقى معاذيره8 واعتذر ولا يقبل منه ذلك لكونه شاهدا على نفسه بجوارحه.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- تقرير عقيدة البعث والجزاء.
2- بيان إفضال الله على العبد في خلقه وتركيب أعضائه.
3- معجزة قرآنية أثبتها العلم الصناعي الحديث وهي عدم تسوية خطوط الأصابع.
4- فكما خالف تعالى بين الإنسان والإنسان وبين صوت وصوت فرق بين خطوط الأصابع فلذا استعملت في الإمضاءات وقبلت في الشهادات.
5- تقرير مبدأ أن المؤمن يثاب على ما أخر من سنة حسنة يعمل بها بعده كما يأثم بترك السنة السيئة يعمل بها كذلك بعده.
__________

1 في (لا) هنا توجيهان الأول ما آثره ابن جرير وهو ما اخترناه في التفسير, وأنها نافية لدعوى سابقة إبطالا لها والكلام بعدها مستأنف. والثاني أنها أي (لا) حرف نفي أدخل على (أقسم) لقصد المبالغة في تحقيق حرمة المقسم به بحيث يوهم السامع أن المتكلم يهم أن يقسم ثم يترك القسم مخافة الحنث بالمقسم به فيقول لا أقسم به ولا أقسم بأعز منه عندي، والمراد تأكيد القسم ووجه ثالث وهي أنها مزيدة لتقوية الكلام.
2 لتبعثن هو جواب القسم.
3 بلى حرف إبطال للنفي أي بل نجمعها أي العظام المتفرقة حال كوننا قادرين على ذلك وعلى ما هو أعظم وهو تسوية بنانه.
4 بل هنا للإضراب الانتقالي من تقريره حقيقة إلى أخرى أعجب وأغرب وهي الكشف عن سر إنكار الملاحدة للبعث وهو مواصلتهم الفجور عن كل خلق ودين ومروءة وأدب لانهزامهم لشهواتهم البهيمية.
5 اللام في ليفجر هي اللام التي يكثر وقوعها بعد مادتي الأمر والإرادة نحو وأمرت لأعدل بينكم ويريد الله ليبين لكم، وقول كثير:
أريد لأنسى حبها فكأنهما
تمثل لي ليلي بكل مكان
وينصب الفعل بعدها بأن مضمرة وهل للتعليل أو زائدة خلاف.
6 قرأ نافع برق البصر بفتح الراء ومعناه لمع من شدة شخوصه فهو لا يطرف وقرأ برق بكسر الراء ومعناه دهش وتحير. وهذا عند موت الإنسان.
7 البصيرة جائز أن يراد بها الملكان بقرينة. ولو ألقى معاذيره أي لو أرخى ستوره إذ الستر بلغة اليمن المعذار وجائز أن يكون المراد بها الإنسان نفسه أي حجة على نفسه وما في التفسير أولى بمعناها.
8 المعاذير أسم جمع معذرة وليس جمعا، لأن معذرة حقه أن يجمع على معاذر كمقبرة ومقابر، والمراد من معاذر الإنسان: ما يعتذر به كقولهم: ما جاءنا بشير ولا نذير وقولهم {رب ارجعون لعلي أعمل صالحا} وقولهم {هؤلاء أضلونا} وقولهم {والله ربنا ما كنا مشركين} .

*****************************

يتبع

ابوالوليد المسلم 10-08-2022 09:28 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
لا تحرك به لسانك لتعجل به (16) إن علينا جمعه وقرآنه (17) فإذا قرأناه فاتبع قرآنه (18) ثم إن علينا بيانه (19) كلا بل تحبون العاجلة (20) وتذرون الآخرة (21) وجوه يومئذ ناضرة (22) إلى ربها ناظرة (23) ووجوه يومئذ باسرة (24) تظن أن يفعل بها فاقرة (25)
شرح الكلمات:
لا تحرك به لسانك: أي لا تحرك بالقرآن لسانك قبل فراغ جبريل منه.
لتعجل به: أي مخافة أن يتفلت منك.
إن علينا جمعه: أي في صدرك.
وقرآنه: أي قراءتك له بحيث نجريه على لسانك.
فإذا قرأناه: أي قرأه جبريل عليك.
فاتبع قرآنه: أي استمع قراءته.
ثم إن علينا بيانه: أي لك بتفهيمك ما يشكل عليك من معانيه.
كلا: أي ليس الأمر كما تزعمون أنه لا بعث ولا جزاء.
تحبون العاجلة: أي الدنيا فيعملون لها.
وتذرون الآخرة: أم ويتركون الآخرة فلا يعملون لها.
ناضرة: أي حسنة مضيئة.
إلى ربها ناظرة: أي إلى الله تعالى ربها ناظرة بحيث لا تحجب عنه تعالى.
باسرة: أي كالحة مسودة عابسة.
تظن: أي توقن.
أن يفعل بها فاقرة: أي داهية عظيمة تكسر فقار الظهر.
معنى الآيات:
لما ندد تعالى بالمعرضين عن القرآن المكذبين به وبالبعث والجزاء ذكر في هذه الآيات المقبلين على القرآن المسارعين إلى تلقيه فكانت المناسبة بين هذه الآيات وسابقتها المقابلة بالتضاد.
فقال تعالى مؤدبا رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم {لا تحرك به1} أي بالقرآن {لسانك} قبل فراغ جبريل من قراءته عليك.
إذ كان صلى الله عليه وسلم حريصا على القرآن يخاف أن يتفلت منه شيء فأكرمه ربه بالتخفيف عليه وطمأنه أن لا يفقد منه شيئا فقال له {لا تحرك به لسانك لتعجل به} مخافة أن يتفلت منك {إن علينا جمعه} أي في صدرك {وقرآنه} على لسانك حيث نسهل ذلك ونجريه على لسانك، {فإذا قرأناه} أي قرأه جبريل عليك {فاستمع} له ثم اقرأه كما قرأه واعمل بشرائعه وأحكامه. وقوله تعالى {ثم إن علينا بيانه2} أي إنا نبين لك ما يشكل عليك من معانيه حتى تعمل بكل ما طلب منك أن تعمل به. وقوله تعالى {كلا بل تحبون العاجلة وتذرون الآخرة} عاد السياق الكريم إلى تقرير عقيدة البعث والجزاء والتي عليها وعلى الإيمان بالله مدار الإصلاح والتهذيب فقال {كلا3} أي ليس كما تدعون من عدم إمكان البعث والجزاء لأنكم تعلمون أن القادر على إيجادكم اليوم وإعدامكم غدا قادر على إيجادكم مرة أخرى، ولكن الذي جعلكم تكذبون بالبعث والجزاء هو حبكم للحياة العاجلة أي الدنيا وما فيها من لذات وشهوات، وترككم للآخرة أي للحياة الآخرة لأنها تكلفكم الصلاة والصيام والجهاد، والتخلي عن كثير من اللذات والشهوات.
بعد أن كشف عن نفسيات المكذبين توبيخا لهم وتقريعا عرض على أنظارهم منظرا حيا وصورة ناطقة لما يتجاهلونه من شأن الآخرة فقال {وجوه يومئذ} أي يوم إذ تقوم القيامة {ناضرة} أي حسنة4مضيئة مشرقة لأن أرواح أصحابها كانت في الدنيا مشرقة بنور الإيمان وصالح الأعمال {إلى ربها5 ناظرة} سعيدة بلقاء ربها مكرمة بالنظر إليه وهي في جواره {ووجوه يومئذ باسرة} أي كالحة مسودة عابسة وذلك لأن أرواح أصحابها كانت في الدنيا تعيش على ظلمة الكفر وعفن الذنوب ودخان المعاصي فانطبعت النفس على الوجه فهي باسرة حالكة عابسة {تظن} أي توقن أي الوجوه والمراد أصحابها {أن يفعل6 بها فاقرة} أي داهية عظيمة تكسر فقار الظهر منها وهي القاؤه {في سقر وما أدراك ما سقر لا تبقي ولا تذر لواحة للبشر عليها تسعة عشر} فاذكروا هذا يابشر!!
__________

1 روى الترمذي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه القرآن يحرك به لسانه يريد أن يحفظه فأنزل الله تعالى {ولا تحرك به لسانك لتعجل به} فكان يحرك شفتيه، وحرك سفيان شفتيه. قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح.
2 أي تفسير ما فيه من الحدود والحلال والحرام وكيفيات العبادات وجائز أن يبين له الوعد والوعيد بتحقيقهما.
3 كلا حرف ردع إبطال وفي التفسير بيان ما أبطل بها.
4 وشاهد هذا الحديث: "نضر الله امرءا سمع مقالتي فوعاها فأداها كما سمعها".
5 نفى المعتزلة والخوارج وعامة الفرق الضالة نفوا رؤية الله تعالى في الدار الآخرة وردوا بذلك الكتاب والسنة فهذه الآية صريحة في جواز النظر إلى وجه الله تعالى وآية المطففين. {إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون} فغيرهم من أهل الإيمان وصالح الأعمال غير محجوبين, ومن السنة حديث البخاري وغيره " إنكم سترون ربكم عيانا كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته فإن استطعتم ألا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا" (متفق عليه) وأحاديث أخرى ويكفي إجماع أهل السنة والجماعة.
6 الفقرة بكسر الفاء وتفتح والجمع فقر وفقار وفقر وفقرات وفقرات خرزات الظهر.



ابوالوليد المسلم 10-08-2022 09:29 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 


http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg
تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)

- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة الإنسان
الحلقة (859)

سورة الإنسان
مدنية وآياتها إحدى وثلاثون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 479الى صــــ 485)




كلا إذا بلغت التراقي (26) وقيل من راق (27) وظن أنه الفراق (28) والتفت الساق بالساق (29) إلى ربك يومئذ المساق (30) فلا صدق ولا صلى (31) ولكن كذب وتولى (32) ثم ذهب إلى أهله يتمطى (33) أولى لك فأولى (34) ثم أولى لك فأولى (35) أيحسب الأنسان أن يترك سدى (36) ألم يك نطفة من مني يمنى (37) ثم كان علقة فخلق فسوى (38) فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى (39) أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى (40)

شرح الكلمات:
إذا بلغت: أي النفس.
التراقي: جمع ترقوة أي عظام الحلق.
وقيل من راق: أي وقال من حوله من عواده أو ممرضيه هل هناك من يرقيه ليشفى؟ .
وظن أنه الفراق: أي أيقن أنه للدنيا لبلوغ الروح الحلقوم.
والتفت الساق بالساق: أي التقت إحدى ساقيه بالأخرى أو التفت شدة فراق الدنيا بشدة إقبال الآخرة وما فيها من أهوال.
إلى ربك يومئذ المساق: أي إذا بلغت الروح الحلقوم تساق إلى ربها وخالقها لتلقى جزاءها.
فلا صدق ولا صلى: أي الإنسان الذي يحسب أن لن يجمع الله عظامه ما صدق ولا صلى.
ولكن كذب: أي بالقرآن.
وتولى: أي عن الإيمان.
يتمطى: أي يتبختر في مشيته إعجابا بنفسه.
أولى لك: أي وليك المكروه أيها المعجب بنفسه المكذب بلقاء ربه.
فأولى: أي فهو أولى بك.
ثم أولى لك فأولى: أي وليك المكروه مرة ثانية فأولى فهو أولى بك أيضا.
أن يترك سدى: أي مهملا لا يكلف في الدنيا ولا يحاسب ويجزى في الآخرة.
تمنى: أي تصب في الرحم.
فخلق فسوى: أي خلق الله منها الإنسان فسواه بتعديل أعضائه.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في تقرير عقيدة البعث والجزاء فقوله تعالى {كلا} أي ليس الأمر كما تحسب أيها الإنسان أن الله لا يجمع عظامك ولا يحييك ولا يجزيك انظر إليك وأنت على فراش الموت إلى أين يكون مساقك إذا بلغت روحك التراقي1 من عظام حلقك وقال عوادك وممرضوك هل من راق يريقك أو طبيب يداويك وأيقنت أنه الفراق لدنياك وأهلك وذويك، والتفت ساقك اليمنى باليسرى2 وشدة فراقك الدنيا بشدة إقبالك على الآخرة هنا انظر إلى أين يذهب بك أما جسمك فإلى مقره في الأرض تواريك، وأما روحك فإلى ربك ليحكم فيك. وقد كذبت بآياته وكفرت بآلائه.
فلا صدقت ولا صليت، ولكن كذبت وتوليت كان هذا نصيبك من دينك، وأما دنياك، فقد كنت تتمطى استكبارا وتتبختر إعجابا. إذا {أولى3 لك فأولى} أي وليك الهلاك في الدنيا {ثم أولى لك فأولى} أي وليك العذاب في الآخرة وعودة إلى تقريعك وتوبيخك يا من كفرت ربك وتنكرت لأصلك اسمع ما يقال لك أحسبت أنك تترك سدى، تعيش سبهللا، لا تؤمر ولا تنهى، لا يؤخذ منك ولا تعطي كلا ألم تك قبل كفرك وجحودك نطفة قطرة ماء من مني تمنى قل بلى أو أولى لك فأولى، ثم كنت علقة فخلقك الله جل جلاله منها فسوى خلقك بتعديل أعضائك فجعل من نوعك الذكر والأنثى. قل لي بربك هل تنكر ذلك فإن قلت لا. قلنا أليس الله بقادر على أن يحي الموتى؟ سبحانك اللهم بلى.4
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- مشروعية الرقية إذا كانت بالقرآن أو الكلم الطيب.
2- التنويه بشأن الزكاة والصلاة فرائض ونوافل.
3- تحريم العجب والكبرياء والتبختر في المشي.
4- تقرير عقيدة البعث والجزاء.
5- الإنسان لم يخلق عبثا والكون كله كذلك.
6- مشروعية قول سبحانك اللهم بلى لمن قرأ هذه الآية أو سمعها إماما كان أو مأموما وهي {أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى}
__________

1 التراقي جمع ترقوة وهي العظام المكتفة لنقرة النحر موضع الحشرجة قال دريد بن الصمة
ورب عظيمة دافعت عنهم
وقد بلغت نفوسهم التراقي
2 أي التفت شدة فراقك الدنيا بشدة إقبالك على الآخرة هذا أحد وجهين في تفسير الآية وفي التفسير كلا الوجهين إلا أن في هذا خفاء فأوضحته هنا.
3 ما هناك حاجة إلى أن يقال هذا في أبي جهل إذ هو خطاب لكل إنسان كافر مشرك ضال وسواء كان قد مضى أهو حاضر اليوم أو يأتي غدا إذ لفظ الإنسان في قوله تعالى أيحسب الإنسان لفظ عام) .
4 لقد أستمالني الأسلوب الأدبي فأخذت أخاطب الإنسان الهالك مقرعا موبخا بما تضمنته الآيات فهم مدلولها للاتعاظ والاهتداء بهديها، فإن لم يك هذا مرضيا فاعف عني واغفر لي. آمين.

****************************** *******

يتبع


ابوالوليد المسلم 10-08-2022 09:29 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
سورة الإنسان
مدنية وآياتها إحدى وثلاثون آية

بسم الله الرحمن الرحيم
هل أتى على الأنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا (1) إنا خلقنا الأنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا (2) إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا (3) إنا أعتدنا للكافرين سلاسلا وأغلالا وسعيرا (4) إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا (5) عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا (6) يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا (7) ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا (8) إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا (9) إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا (10) فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا (11) وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا (12)

شرح الكلمات:
هل أتى: أي قد أتى.
على الإنسان: أي آدم عليه السلام.
حين من الدهر: أي أربعون سنة.
لم يكن شيئا مذكورا: أي لا نباهة ولا رفعة له لأنه طين لازب وحمأ مسنون وذلك قبل أن ينفخ الله تعالى فيه الروح.
أمشاج: أي أخلاط من ماء المرأة وماء الرجل.
نبتليه: أي نختبر بالتكاليف بالأمر والنهي عند تأهله لذلك بالبلوغ والعقل.
إنا هديناه السبيل: أي بينا له طريق الهدى ببعثة الرسل وإنزال الكتب.
إنا أعتدنا: أي هيأنا.
سلاسل: أي يسحبون بها في نار جهنم.
وأغلالا: أي في أعناقهم.
وسعيرا: أي نارا مسعرة مهيجة.
إن الأبرار: أي المطيعين لله ورسوله الصادقين في إيمانهم وأقوالهم وأحوالهم.
مزاجها: أي ما تمزج به وتخلط.
يفجرونها: أي يجرونها ويسيلونها حيث شاءوا.
شره مستطيرا: أي ممتدا طويلا فاشيا منتشرا.
عبوسا: أي تكلح الوجوه من طوله وشدته.
نضرة وسرورا: أي حسنا ووضاءة في وجوههم وفرحا في قلوبهم.
معنى الآيات:
قوله تعالى {هل أتى1 على الأنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا} يخبر تعالى عن آدم أبي البشر عليه السلام أنه أتى عليه حين من الدهر قد يكون أربعين سنة وهو صورة من طين لا روح فيها، فلم يكن في ذلك الوقت له نباهة أو رفعة فيذكر. هذا الإنسان الأول آدم أخبر تعالى عن بدء أمره. وقوله {إنا خلقنا الأنسان من نطفة أمشاج} يخبر تعالى عن الإنسان الذي هو ابن آدم أنه خلقه من نطفة وهي2ما ينطف ويقطر من ماء الرجل وماء المرأة، ومعنى أمشاج3
أخلاط من ماء الرجل وماء المرأة فهذا مبدأ خلق الإنسان ابن آدم. وقوله {نبتليه4} أي نختبره بالتكاليف بالأمر والنهي وذلك عند تأهله لذلك بالبلوغ والعقل ولذلك جعله سميعا بصيرا إذ بوجود السمع والبصر معا أو بأحدهما يتم التكليف فإن انعدما فلا تكليف لعدم القدرة عليه. وقوله تعالى {إنا هديناه السبيل} أي بينا له طريق الهدى ببعثة الرسل وإنزال الكتب واستبان له بذلك أيضا طريق الغي والردى إذ هما النجدان إن عرف أحدهما عرف الثاني وهو في ذلك إما5 أن يسلك سبيل الهدى فيكون شكورا، وإما أن يسلك سبيل الغي والردى فيكون كفورا، والشكور المؤمن الصادق في إيمانه المطيع لربه،
والكفور المكذب بآيات الله ولقائه. وقوله تعالى {إنا3 أعتدنا للكافرين} الآيات شروع في بيان ما أعد لكل من سالكي سبيل الرشد وسالكي سبيل الغي فقال بادئا بما أعد لسالكي سبيل الغي موجزا في بيان ما أعد لهم من عذاب بخلاف ما أعد لسالكي سبيل الرشد فإنه نعيم تفصيله محبوب والإطناب في بيانه مرغوب فقال {إنا أعتدنا للكافرين سلاسلا وأغلالا} يسحبون بها في النار، وأغلالا تغل بها أيديهم في أعناقهم وسعيرا متأججا وجحيما مستعرا. هذا موجز ما أعد لسالكي سبيل الغي أما سالكي سبيل الرشد فقد بينه بقوله {إن الأبرار4} أي المؤمنين المطيعين في صدق لله والرسول {يشربون من كأس} ملأى شرابا مزاجها كافورا ومزجت بالكافور لبرودته وبياض لونه وطيب رائحته عينا يشرب بها5 عباد الله لعذوبة مائها وصفائه أصبحت كأنها أداة يشرب بها ولذا قال يشرب بها ولم يقل يشرب منها وقوله يفجرونها تفجيرا أي يجرونها ويسيلونها حيث شاءوا من غرفهم وقصورهم ومجالس سعادتهم. وقوله {يوفون بالنذر} قطع الحديث عن نعيمهم ليذكر بعض فضائلهم ترغيبا في فعلهم ونعيمهم، ثم يعود إلى عرض النعيم فقال {يوفون بالنذر} أي كانوا في دار الدنيا يوفون بالنذر وهو ما يلتزمونه من طاعات لربهم كالصلاة والصيام والحج والصدقات تقربا
إلى ربهم وتزلفا إليه ليحرزوا رضاه عنهم وتلك غاية مناهم. وقوله يخافون يوما كان شره مستطيرا10 أي وكانوا في حياتهم يخافون يوم الحساب يوم العقاب يوما كان شره منتشرا ومع ذلك يطعمون الطعام على حبه أي مع حبهم وشهوتهم له ورغبتهم فيه، يطعمونه مسكينا فقيرا مسكنه الفقر وأذلته الحاجة، ويتيما لا عائل له ولا مال عنده، وأسيرا سجينا بعيد الدار نائي المزار لا يعرف له أصل ولا فصل يطعمونهم ولسان حالهم أو قالهم يقول إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء تجازوننا به في يوم ما من الأيام ولا شكورا ينالنا منكم. إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا أي كالح الوجه مسودا ثقيلا طويلا لا يطاق. واستجاب الله لهم وحقق بفضله مناهم فوقاهم الله شر ذلك اليوم العبوس القمطرير، ولقاهم نضرة في وجوههم وسرورا في قلوبهم وجزاهم بما صبروا على فعل الصالحات وعن ترك المحرمات جنة وحريرا، وما سيذكر بعد في الآيات التاليات.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- بيان نشأة الإنسان الأب والإنسان الأبن وما تدل عليه من إفضال الله وإكرامه لعباده.
2- حاستا السمع والبصر وجودهما معا أو وجود إحداهما ضروري للتكليف مع ضميمة العقل.
3- بيان أن الإنسان أمامه طريقان فيسلك أيهما شاء وكل طريق ينتهي به إلى غاية فطريق الرشد يوصل إلى الجنة دار النعيم، وطريق الغي يوصل إلى دار الشقاء الجحيم.
4- وجوب الوفاء بالنذر فمن نذر شيئا لله وجب أن يفي بنذره إلا أن ينذر معصية فلا يجوز له الوفاء11 بنذره فيها فمن قال لله على أن أصوم يوم أو شهر كذا وجب عليه أن يصوم ومن قال لله علي أن لا أصل رحمي، أو أن لا أصلي ركعة مثلا فلا يجوز له الوفاء بنذره وليصل رحمه وليصل صلاته ولا كفارة عليه.
5- الترغيب في إطعام الطعام للمحتاجين إليه من فقير ويتيم وأسير.
__________

1 الاستفهام تقريري بمعنى أتى على الإنسان كذا. وجائز أن يكون المراد من الإنسان غير آدم وكونه آدم هو المراد من الآية أولى.
2 يقال مشج الشيء يمشجه أي خلطه فهو ممشوج ومشيج مثل مخلوط وخليط وهل أمشاج جمع مشج على وزن سبب وأسباب أو هو مفرد خلاف.
3 من نطفة أي من ماء يقطر وهو المني وكل ماء قليل في وعاء فهو نطفة كقول عبد الله بن رواحة:
مالي أراك تكرهين الجنة
هل أنت إلا نطفة في شنة
4 الجملة حالية من الإنسان.
5 إما حرف تفصيل وهو بسيط عند الجمهور وقال سيبويه هو مركب حرف إن الشرطية وما النافية، ولما تجردت إن من الشرطية وما من النفي أصبحت إما حرف تفصيل بسيط في الواقع وليس مركبا.
6 الجملة مستأنفة استئنافا بيانيا لأنها واقعة موقع جواب للسؤال عن حال كل من الشاكر والكفور فكان الكلام بيانا لحال كل منهما.
7 الأبرار جمع بر وبار، وهو المكثر من فعل البر الذي هو الخير ولذا كان البر من أسماء الله تعالى، قال تعالى: إنا كنا ندعوه من قبل إنه هو البر الرحيم ويجمع البر على بررة.
8 جائز أن تكون الباء في بها بمعنى من التبعيضية وجائز أن يكون يشرب مضمنا معنى يروى أي يروى بها عباد الله ومن شواهد هذه الباء قول الشاعر:
شربت بماء البحر ثم تدفقت
متى لجج خضر لهن نئيح
متى بمعنى في والنئيح مر سريع مع صوت والشاهد قي بماء البحر.
9 النذر هو ما يوجبه المكلف على نفسه في الطاعة بحيث لو لم يوجبه لم يلزمه.
10 يقال استطار الحريق إذا انتشر قال حسان
وهان على سراة بني لؤي
حريق بالبويرة مستطير
قال قتادة استطار والله شر ذلك اليوم حتى ملأ السموات والأرض.
11 ما يروى عن فاطمة وعلي رضي الله عنهما في مرض الحسنين وما نذرا لله في شأنهما حديث موضوع باطل رده أهل العلم جملة وتفصيلا.


ابوالوليد المسلم 10-08-2022 09:30 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 

http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg
تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)

- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة الإنسان
الحلقة (860)

سورة الإنسان
مدنية وآياتها إحدى وثلاثون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 486الى صــــ 490)




متكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا (13) ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا (14) ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قواريرا (15) قوارير من فضة قدروها تقديرا (16) ويسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا (17) عينا فيها تسمى سلسبيلا (18) ويطوف عليهم ولدان مخلدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا (19) وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا (20) عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق وحلوا أساور من فضة وسقاهم ربهم شرابا طهورا (21) إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا (22)

شرح الكلمات:
على الأرائك: أي على الأسرة بالحجلة واحد الأرائك أريكة.
ولا زمهريرا: أي ولا برد شديدا ولا قمرا إذ هي تضاء من نفسها.
ودانية: أي قريبة منهم ظلال أشجار الجنة.
وذللت قطوفها تذليلا: أي بحيث ينالها المؤمن قائما وقاعدا ومضطجعا.
وأكواب: أي أقداح بلا عرا.
من فضة: أي يرى باطنها من ظاهرها.
قدروها تقديرا: أي على قدر الشاربين بلا زيادة ولا نقص.
ويسقون فيها كأسا2: أي خمرا.
كان مزاجها زنجبيلا: أي ما تمزج وتخلط به زنجبيلا.
مخلدون: أي بصفة الولدان لا يشيبون.
لؤلؤا منثورا: أي من سلكه أو من صدفه لحسنهم وجمالهم وانتشارهم في الخدمة.
وإذا رأيت ثم: أي في الجنة رأيت نعيما لا يوصف وملكا واسعا لا يقدر.
ثياب سندس: أي حرير.
وإستبرق: أي ما غلظ من الديباج.
وحلوا: أي تحليهم الملائكة بها.
شرابا طهورا: أي فائقا على النوعين السابقين ولذا أسند سقيه إلى الله عز وجل.
إن هذا: أي النعيم.
مشكورا: أي مرضيا مقبولا.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في ذكر ما أعد الله تعالى للأبرار من عباده المؤمنين المتقين فقال تعالى 1 {متكئين} في الجنة {على الأرائك3} التي هي الأسرة بالحجال {لا يرون فيها} أي في الجنة {شمسا ولا زمهريرا} إن كان المراد بالشمس الكوكب المعروف فالزمهرير القمر، فلا الشمس في الجنة ولا قمر وإن كان المراد بالشمس الحر فالزمهرير البرد وليس في الجنة حر ولا برد وكلا المعنيين مراد وواقع فلا شمس في الجنة ولا قمر لعدم الحاجة إليهما ولا حر ولا برد كذلك.
{ودانية عليهم ظلالها} أي قريبة منهم أشجارها فهي تظللهم ويجدون فيها لذة التظليل وراحته ومتعته وإن لم يكن هناك شمس تستلزم الظل. {وذللت قطوفها تذليلا} أي ما يقطف من ثمار أشجارها مذلل لهم بحيث يناله القائم والقاعد والمضطجع فلا شوك ولا بعد فيه سهل التناول لأن الدار دار نعيم وسعادة وراحة وروح وريحان {ويطاف عليهم بآنية من فضة} أي يطوف عليهم الخدم الوصفاء بآنية من فضة ومن ذهب {وأكواب} أي أقداح لا عرى لها كانت بفضل الله وإكرامه {قواريرا قواريرا من فضة} يرى باطنها من ظاهرها لصفائها مادتها فضة وصفاؤها صفاء الزجاج ولذا سميت قارورة وجمعت على قوارير. {قدروها تقديرا} أي قدرها الخدم الطائفون عليهم بحيث لا تزيد فتفيض4 ولا تنقص فلا يجمل منظرها. وقوله {ويسقون فيها كأسا} أي خمرا {كان مزاجها} أي ما تمزج به {زنجبيلا}
من عين في الجنة {تسمى سلسبيلا5} .
وقوله
تعالى {ويطوف عليهم ولدان مخلدون} أي ويطوف على أولئك الأبرار في الجنة ولدان غلمان مخلدون لا يهرمون ولا يموتون حالهم دائما حال الغلمان لا تتغير {إذا رأيتهم} ونظرت إليهم {حسبتهم} في جمالهم وانتشارهم في الخدمة هنا وهناك {لؤلؤا منثورا} . ويقول تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم {وإذا رأيت ثم} أي هناك في الجنة {رأيت نعيما} لا يوصف {وملكا كبيرا} لا يقادر قدره {عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق} يخبر تعالى أن عاليهم أي فوقهم ثياب سندس أي حرير خضر واستبرق وهو ما غلظ من الديباج. وثياب من استبرق بعضها بطائن وبعضها ظهائر البطائن ما يكون تحت الظهائر وقوله تعالى {وحلوا أساور من فضة} أي وحلاهم ربهم وهم في دار كرامته أساور من فضة ومن ذهب أيضا إذ يحذف6 المقابل لدلالة المذكور عليه نحو سرابيل تقيكم الحر أي وأخرى تقيكم البرد وقوله {وسقاهم ربهم شرابا طهورا} 7 هذا غير ما ذكر فيما تقدم هذا إكرام خاص وهو أن الله تعالى هو الذي يسقيهم وأن هذا الشراب بالغ مبلغا عظيما في الطهارة لوصفه بالطهور. ويقال لهم تكريما لهم وتشويقا لغيرهم من أهل الدنيا الذين يسمعون هذا الخطاب التكريمي إن هذا النعيم من جنات وعيون وأرائك وغلمان وطعام وشراب ولباس وما إلى ذلك {كان لكم جزاء} على إيمانكم وتقواكم {وكان سعيكم} أي عملكم في الدنيا {مشكورا} أي مرضيا مقبولا.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- تقرير عقيدة البعث والجزاء بذكر صور الجزاء الأخروي.
2- حرمة استعمال أواني الذهب والفضة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "هي لهم في الدنيا ولنا في الآخرة".
3- حرمة الخمر لحديث "من شرب الخمر في الدنيا لا يشربها في الآخرة إن مات مستحلا لها"
4- مشروعية اتخاذ خدم صالحين يخدمون المرء ويحسن إليهم.
5- حرمة لبس الحرير على الرجال وإباحته للنساء، وكالحرير الذهب أيضا.
__________

1 في عرف الأولين إطلاق الكأس على الخمر فلا يقال كأس ما لم يكن بها خمر فلذا يطلقون لفظ الكأس على الخمر والآية شاهد ذلك.
2 متكئين منصوب على الحال وصاحب الحال الضمير في وجزاهم.
3 الأريكة السرير بالحجلة والحجلة كله تنصب على السرير لتقي الحر والشمس ولا يقال في السرير أريكة ما لم يكن بالحجال كما لا يقال للسجل سجلا ما لم تكن الدلو ملأى ولا الذنوب ذنوبا ما لم يكن ملأى، ولا يقال للكأس كأس ما لم تكن ملأى بالخمر ولا يقال مهدي للطبق ما لم تكن عليه الهدية.
4 التقدير لكل من أحجامها والمشروب الذي بها.
5 يقال شراب سلس وسلسال وسلسل وسلسبيل ما كان في غاية السلاسة.
6 ومن سورة فاطر يحلون فيها من أساور من ذهب، وفي سورة الحج يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا. قيل حلي الرجل الفضة وحلي النساء الذهب، وقيل تارة يلبسون الفضة وتارة يلبسون الذهب ومن الجائز أن يجمع لهم بين الفضة والذهب ليكون لأحدهم سواران من فضة وسواران من ذهب.
7 قال علي رضي الله عنه في قوله تعالى {وسقاهم ربهم شرابا طهورا} قال: إذا توجه أهل الجنة إلى الجنة مروا بشجرة يخرج من تحت ساقها عينان فيشربون من إحداهما لتجري عليهم بنضرة النعيم فلا تتغير أبشارهم ولا تشعث أشعارهم أبدا ثم يشربون من الأخرى فيخرج ما في بطونهم من الأذى ثم تستقبلهم خزنة الجنة فيقولون سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين.

****************************** *******

يتبع


ابوالوليد المسلم 10-08-2022 09:30 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا (23) فاصبر لحكم ربك ولا تطع منهم آثما أو كفورا (24) واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا (25) ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلا طويلا (26) إن هؤلاء يحبون العاجلة ويذرون وراءهم يوما ثقيلا (27) نحن خلقناهم وشددنا أسرهم وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا (28) إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا (29) وما تشاءون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما (30) يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعد لهم عذابا أليما (31)
شرح الكلمات:
نزلنا عليك القرآن تنزيلا: أي شيئا فشيئا ولم ننزله جملة واحدة لحكمة بالغة.
فاصبر لحكم ربك: أي عليك بحمل رسالتك وإبلاغها إلى الناس.
ولا تطع منهم آثما أو كفورا: الآثم هنا عتبة بن ربيعة والكفور الوليد بن المغيرة.
واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا: أي صل الصبح والظهر والعصر.
ومن الليل فاسجد له: أي صل صلاة المغرب والعشاء.
وسبحه ليلا طويلا: أي تهجد بالليل نافلة لك.
يحبون العاجلة: أي الدنيا.
ويذرون وراءهم يوما ثقيلا: أي يوم القيامة.
وشددنا أسرهم: أي قوينا أعضاءهم ومفاصلهم.
وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا: أي جعلنا أمثالهم في الخلقة بدلا منهم بعد أن نهلكهم.
إن هذه تذكرة: أي عظة للناس.
اتخذ إلى ربه سبيلا: أي طريقا إلى مرضاته وجواره بالإيمان والعمل الصالح وترك
الشرك والمعاصي.
في رحمته: أي الجنة.
أعد لهم عذابا أليما: أي في النار والأليم ذو الألم الموجع.
معنى الآيات:
لقد عرض المشركون على رسول الله صلى الله عليه وسلم عرضا مفاده أن يترك دعوة الله تعالى إلى عبادته وتوحيده ويعبد ربه وحده ويترك المشركين فيما هم فيه وله مقابل ذلك مال أو أزواج أو رئاسة وما إلى ذلك فأبى الله تعالى له ذلك وأنزل قوله {إنا نحن1 نزلنا عليك القرآن تنزيلا فاصبر2 لحكم ربك} على تحمل رسالتك وتبليغها إلى الناس {ولا تطع منهم} أي من مشركي قريش {آثما} كأبي جهل وعتبة بن ربيعة {ولا كفورا} كالوليد بن المغيرة أي لا تطعهما فيما طلبا إليك وعرضا عليك، وواصل دعوتك واستعن بالصلاة والتسبيح والذكر والدعاء، وفي قوله تعالى {بكرة وأصيلا} 3 إشارة إلى صلاة الصبح والظهر والعصر، وفي قوله {ومن4 الليل فاسجد له} إشارة إلى صلاة المغرب والعشاء، وقوله {وسبحه ليلا طويلا} صريح في انه التهجد إذ الصلاة نعم العون للعبد ولذا كان صلى الله عليه وسلم إذا حز به أمر فزع إلى الصلاة وقوله تعالى {إن هؤلاء يحبون5 العاجلة} أي الدنيا يعني بهم كفار قريش يحبون الدنيا وسميت بالعاجلة لأنها ذاهبة مسرعة، {ويذرون 6وراءهم يوما ثقيلا} هو يوم القيامة قلم يؤمنوا ولم يعملوا بما يسعدهم فيه ويذكرهم تعالى بأنه خالقهم وقادر على تبديلهم بغيرهم فيقول {نحن خلقناهم} أي أوجدناهم من العدم {وشددنا أسرهم7} أي قوينا ظهورهم وأعضاءهم ومفاصلهم {وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا} أي جعلنا أمثالهم في الخلقة بدلا عنهم وأهلكناهم ولو شاء تعالى ذلك لكان ولكنه لم يشأ مع أنه في كل قرن يبدل جيلا بجيل هذا يميته وهذا يحييه وهو على كل شيء قدير. وفي خاتمة هذه السورة المشتملة على أنواع من الهدايات الكثيرة يقول تعالى {إن هذه تذكرة} أي هذه السورة موعظة {فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا} طريقا إلى رضاه أولا ثم مجاورته في الملكوت الأعلى
ثانيا، ولما أعطى تعالى المشيئة قيدها بأن يشاء الله ذلك المطلوب أولا، ومن هنا وجب الافتقار إلى الله تعالى بدعائه والضراعة إليه وهو قوله {وما تشاءون إلا أن يشاء الله} إن الله كان عليما بخلقه وبما يصلحهم أو يفسدهم حكيما في تدبيره لأوليائه خاصة ولباقي البشرية عامة فله الحمد وله المنة. وقوله {يدخل من يشاء في رحمته والظالمين8 أعد لهم عذابا أليما} إنه بهذا يدعوا كافة البشرية إلى الافتقار إليه ليغنيهم وإلى عبادته ليزكيهم وإلى جواره فيطهرهم ويرفعهم هؤلاء هم أولياؤه من أهل الإيمان والتقوى {والظالمين} أي المشركين {أعد لهم عذابا أليما} أي أهانهم لكفرهم به وشركهم في عبادته فأعد لهم عذابا مؤلما موجعا نعوذ بالله من عذابه وشديد عقابه.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- حرمة طاعة ذوي الإثم وأهل الكفر في حال الاختيار.
2- على المؤمن أن يستعين بالصلاة والذكر والدعاء فإنها نعم العون.
3- استحباب نافلة الليل.
4- مشيئة الله عز وجل قبل فوق كل مشيئة.
5- القرآن تذكرة للمؤمنين.
__________

1 إنا نحن نزلنا: أي ما افتريته ولا جئت به من عندك ولا من تلقاء نفسك كما يقول المشركون.
2 الفاء هي الفصيحة إذ هي واقعة في جواب شرط مقدر أي إذا كان الأمر ما علمت وهي ردهم دعوتك ومطالبتهم بتركها والتخلي عنها مقابل عارض من الدنيا فاصبر لحكم ربك فيهم ولا تطع منهم آثما أو كفورا واستعن بالصبر والصلاة.
3 الأصيل جمعه الأصائل والأصل كقولك سفائن وسفن قال الشاعر:
ولا بأس منها إذا دنا الأصل
وقال آخر:
لعمري لأنت البيت أكرم أهله
وأقعد في أفيائه بالأصائل
4 من الليل: من للتبعيض أي من بعض الليل لا كله.
5 الجملة تحمل التوبيخ والتقريع لأهل مكة لحنهم العاجلة وتركهم الآخرة.
6 جائز أن يكون وراءهم بمعنى بين أيديهم ولما لم يعملوا له كانوا كالتاركين له وراءهم غير ملتفتين إليه.
7 الأسر: الخلق يقال شديد الأسر أي الخلق والمراد بالخلق الأوصال والمفاصل وفقار الظهر ومن ذلك الشرج فإنه إذا خرج البول أو الغائط تقبض الموضع ولولا هذا التماسك لبقي البول سائلا والعذرة متناثرة.
8 والظالمين مفعول لفعل محذوف تقديره ويعذب الظالمين وجملة أعد لهم عذابا أليما تفسير للفعل المحذوف.



ابوالوليد المسلم 10-08-2022 09:31 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 


http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg
تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)

- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة الإنسان
الحلقة (861)

سورة المرسلات
مكية وآياتها خمسون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 490الى صــــ 495)


سورة المرسلات
مكية وآياتها خمسون آية

بسم الله الرحمن الرحيم
والمرسلات عرفا (1) فالعاصفات عصفا (2) والناشرات نشرا (3) فالفارقات فرقا (4) فالملقيات ذكرا (5) عذرا أو نذرا (6) إنما توعدون لواقع (7) فإذا النجوم طمست (8) وإذا السماء فرجت (9) وإذا الجبال نسفت (10) وإذا الرسل أقتت (11) لأي يوم أجلت (12) ليوم الفصل (13) وما أدراك ما يوم الفصل (14) ويل يومئذ للمكذبين (15)

شرح الكلمات:
والمرسلات عرفا: المرسلات الرياح الطيبة والعرف المتتابعة.
فالعاصفات عصفا: فالرياح الشديدة الهبوب المضرة لشدتها.
والناشرات نشرا: الرياح تنشر المطر وتفرقه في السماء نشرا.
فالملقيات ذكرا: أي فالملائكة تلقى بالوحي على الأنبياء للتذكير به.
عذرا أو نذرا: أي للأعذار بالنسبة إلى أقوام أو إنذار بالنسبة إلى آخرين.
إنما توعدون لواقع: أي إنما توعدون أيها الناس لكائن لا محالة.
فإذا النجوم طمست: أي محي نورها وذهبت.
وإذا السماء فرجت: أي انشقت وتصدعت.
وإذا الجبال سيرت: أي نسفت فإذا هي هباء منبث مفرق هنا وهناك.
وإذا الرسل أقتت: أي جمعت لوقت حدد لها لتحضر فيه.
ليوم الفصل: أي اليوم الذي يفصل الله تعالى فيه بين الخلائق.
معنى الآيات:
قوله تعالى {والمرسلات عرفا} 1 هذا بداية قسم لله تعالى أقسم فيه بعدة أشياء من مخلوقاته ولله أن يقسم بما شاء، والحكمة من الإقسام أن تسكن النفوس للخبر وتطمئن إلى صدق المخبر فيه وبذلك يحصل الغرض من إلقاء الخبر على السامعين والمقسم به هنا المرسلات وهي الرياح المتتابعة الطيبة العذبة والعاصفات2 منها وهي الشديدة الهبوب التي قد تعصف بالأشجار وتقتلعها وبالمباني وتهدمها والناشرات نشرا وهي الرياح المعتدلة التي تنشر السحاب وتفرقة أو تسوقه
للإمطار وإنزال المطر والفارقات فرقا وهي آيات القرآن الكريم تفرق بين الحق والباطل والملقيات ذكرا عذرا3 أونذرا وهي الملائكة تلقى بالوحي على من اصطفى الله تعالى من عباده للاعذار والانذار أي تعذر أناسا وتنذر آخرين هذا هو القسم والمقسم هو الله والمقسم عليه هو قوله جل ذكره إن ما توعدون أيها الناس من خير أو شر لواقع أي كائن لا محالة وعليه فأصلحوا أعمالكم بعد تصحيح نياتكم فإن الجزاء واقع لا يتخلف أبدا ولا يتغير ولا يتبدل ومتى يقع هذا الموعود الكائن لا محالة والجواب يقع في يوم الفصل إذا فما هو يوم الفصل والجواب يوم يحضر الله الشهود من الملائكة والرسل ويفصل بين الناس ومتى يكون يوم الفصل والجواب إذا النجوم طمست أي ذهب نورها ومحي وإذا السماء فرجت أي انشقت وتصدعت وإذا الجبال نسفت4 أي فتت وإذا الرسل اقتت أي حدد لها وقت معين تحضر فيه وهو يوم الفصل وما أدراك5 ما يوم الفصل تفخيم لشانه وإعلام بهوله وقوله تعالى {ويل يومئذ} أي يوم يقع الفصل العذاب الهائل الكبير {للمكذبين} بالله وبآيته ولقائه ورسوله.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- تقرير عقيدة البعث والجزاء.
2- لله تعالى أن يقسم بما شاء من خلقه وليس للعبد أن يقسم بغير خالقه عز وجل.
3- علامات القيامة وظاهرة الانقلاب الكوني العام وهي انطماس ضوء النجوم وانفراج السماء ونسف الجبال.
4- الوعيد الشديد بالويل الذي هو واد في6جهنم تستغيث جهنم من حره للمكذبين بما يجب التصديق به من أركان الإيمان الستة، والوعد والوعيد الإلهيين.
__________

1 روى البخاري عن ابن عباس قال قرأت سورة والمرسلات عرفا فسمعتني أم الفضل (امرأة العباس) فبكت وقالت: بني أذكرتني بقراءتك هذه السورة إنها لآخر ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بها في صلاة المغرب.
2 العصف: قوة هبوب الريح، والنشر: ضد الطي واستعمل في الإظهار والايضاح. والعصف حالة المضرة والنشر حالة النفع جائز أن يراد بالمرسلات والعاصفات والناشرات الملائكة وكونها الرياح أظهر في التفسير وهو اختيار ابن جرير.
3 قرأ نافع عذرا بإسكان الذال وبضمها في نذرا وسكن الذال فيهما معا حفص والنذر اسم مصدر بمعنى الإنذار وكذا عذرا وهما مفعولان لأجله أي لأجل الإعذار والإنذار أي الإعذار للمحقين والإنذار للمبطلين أو البشرى للمؤمنين والنذارة للكافرين.
4 نسف الجبال دكها وتصييرها ترابا مفرقا وتسييرها كالهباء في الهواء.
5 ما أدراك: استفهام، وكذا ما يوم الفصل والمراد من الاستفهام الأول الاستبعاد والإنكار ومن الثاني التهويل من شأن يوم الفصل الذي هو يوم القيامة حيث تم الفصل فيه بين الخلائق ويتم بأن يكون فريق في الجنة وفريق في السعير.
6 قيل أن هذا الوادي هو مستنقع صديد أهل الشرك والكفر ليعلم أهل العقول أنه لا شيء أقذر منه قذارة ولا أنتن منه نتنا ولا أشد مرارة ولا أشد سوادا منه وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه أعظم واد في جهنم.

****************************** ***

يتبع


ابوالوليد المسلم 10-08-2022 09:31 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
ألم نهلك الأولين (16) ثم نتبعهم الآخرين (17) كذلك نفعل بالمجرمين (18) ويل يومئذ للمكذبين (19) ألم نخلقكم من ماء مهين (20) فجعلناه في قرار مكين (21) إلى قدر معلوم (22) فقدرنا فنعم القادرون (23) ويل يومئذ للمكذبين (24) ألم نجعل الأرض كفاتا (25) أحياء وأمواتا (26) وجعلنا فيها رواسي شامخات وأسقيناكم ماء فراتا (27) ويل يومئذ للمكذبين (28)
شرح الكلمات:
ألم نهلك الأولين: أي كقوم نوح وعاد وثمود ومن بعدهم إلى البعثة النبوية وذلك بتكذيبهم.
ثم نتبعهم الآخرين: أي إن أصروا على التكذيب ككفار مكة.
كذلك نفعل بالمجرمين: أي مثل ذلك الهلاك نهلك المجرمين.
ويل يومئذ للمكذبين: أي إذا جاء وقت الهلاك ويل فيه للمكذبين.
من ماء مهين: أي المني والمهين الضعيف.
في قرار مكين: أي حريز وهو الرحم.
إلى قدر معلوم: أي إلى وقت الولادة.
فقدرنا: أي خلقه.
فنعم القادرون: أي نحن على الخلق والتقدير.
كفاتا: أي تكفت الناس أي تضمهم أحياء فوق ظهرها وأمواتا في بطنها.
رواسي شامخات: أي جبال عاليات.
فراتا: أي عذبا.
معنى الآيات:
قوله تعالى {ألم نهلك الأولين ثم نتبعهم الآخرين كذلك نفعل بالمجرمين} إنه لما أقسم تعالى على وقوع ما أوعد به المكذبين من عذاب يوم القيامة وذكر وقت مجيئه وعلامات ذلك وذكر أن
الرسل أقتت ليوم الفصل وهو اليوم الذي يفصل فيه تعالى بين الخلائق فيقتص من الظالم للمظلوم، ويجزي المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته وتوعد المكذبين بذلك فقال ويل يومئذ للمكذبين دلل هنا على قدرته على إهلاك المكذبين بما سبق له أن فعله بالمكذبين فقال في استفهام تقريري لا ينكر {ألم نهلك الأولين} من الأمم السابقة كعاد وثمود وقوم إبراهيم وقوم لوط إلى زمن البعثة النبوية {ثم نتبعهم الآخرين} فقد أهلك أكابر مجرمي قريش في بدر وقوله {كذلك نفعل بالمجرمين1} وهو وعيد صريح وحقا والله لقد أهلك المجرمين ولم ينج من الهلاك مجرم وويل2 يومئذ للمكذبين وقوله تعالى {ألم نخلقكم3 من ماء مهين فجعلناه في قرار مكين إلى قدر معلوم فقدرنا فنعم القادرون} .
هذا استدلال آخر على قدرة الله وعلمه اللذين لا يتم البعث والجزاء إلا عليهما قدرة لا يعجزها شيء وعلم لا يخفى معه شيء فقال مستفهما استفهاما تقريريا {ألم نخلقكم من ماء مهين} أي ضعيف هو المني {فجعلناه4} أي الماء {في قرار مكين} أي حريز حصين وهو الرحم {إلى قدر معلوم} وهو زمن الولادة {فقدرنا5} أي خلق الجنين على أحسن صورة أدق تركيب المسافات بين الأعضاء كما بين العينين كما بين اليدين والرجلين كما بين الأذنين كلها مقدرة تقديرا عجيبا لا تزيد ولا تنقص {فنعم القادرون} على الخلق والتقدير معا والجواب بلى ولم إذا تكفرون وتكذبون؟ {ويل يومئذ للمكذبين} وقوله {ألم نجعل الأرض كفاتا أحياء وأمواتا وجعلنا فيها رواسي شامخات وأسقيناكم ماء فراتا؟} هذا استدلال آخر على قدرة الله على البعث والجزاء والاستفهام فيه للتقرير أيضا {ألم نجعل الأرض كفاتا6} أي مكان كفاية مأخوذ من كفت الشيء إذا ضمه إلى بعضه بعضا والأرض ضامة للناس كافية لهم كافتة الأحياء7 على ظهرها يسكنون ويأكلون ويشربون والأموات في بطنه لا تضيق بهم أبدا كما لم تضق بالأحياء {وجعلنا فيها} أي في الأرض {رواسي شامخات} أي جبال عاليات
{وأسقيناكم ماء فراتا} أي عذبا وهو ماء السماء ناقعا في الأرض وجاريا في الأودية والأنهار والجواب بلى، بلى إذا مالكم أيها المشركون كيف تكذبون؟ {ويل يومئذ للمكذبين} أي ويل لهم إذ حان وقت هلاكهم أي {يوم الفصل وما أدراك ما يوم الفصل؟}
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- تقرير عقيدة البعث والجزاء.
2- الاستدلال على البعث والجزاء بالقدرة والعلم إذ هما أساس البعث والجزاء.
3- بيان إنعام الله تعالى على عباده في خلقهم ورزقهم وتدبير حياتهم أحياء وأمواتا.
4- بيان أن الناس أكثرهم لا يشكرون.
5- الوعيد الشديد للمكذبين الكافرين.
__________

1 لفظ الإجرام أصبح كالعلم على أهل الشرك والكفر إذ هم الذين أجرموا على أنفسهم بأعظم الذنوب وأشدها إفسادا للروح وهو الشرك والكفر وما بعد الكفر ذنب كما يقال.
2 هذا التكرار والتقرير والتأكيد وسيتكرر في عدة آيات في هذه السورة ومعناه قد سبق مع أول ذكره.
3 الاستفهام للتقرير وهو لا يخلو من معنى التوبيخ والتقريع للمشركين المكذبين بالبعث والجزاء.
4 فجعلنا: الفاء للتفريع والتفصيل لكيفية الخلق.
5 قرأ نافع فقدرنا بتشديد الدال وقرأها حفص بالتخفيف فالتخفيف بمعنى قدرنا تقديرا أي فعلناه على تقدير معين، وقدرنا بالتخفيف أي جعلنا على مقدار مناسب ولذا معنى القراءتين واحد وشاهده من الحديث قوله صلى الله عليه وسلم في الهلال إذا غم عليكم فاقدروا له أي قدروا له المسير والمنازل ومن الشائع قولهم قدر على فلان الموت وقدر عليه الموت بالتشديد والتخفيف.
6 قال القرطبي كفاتا أي ضامة تضم الأحياء على ظهرها والأموات في بطنها وهذا يدل على وجوب مواراة الميت ودفنه، ودفن شعره وسائر ما يزيله عنه. وهو قوله صلى الله عليه وسلم قصوا أظافركم وادفنوا قلاماتكم.
7 الكفات اسم للشيء الذي يكفت فيه أي يجمع ويضم فيه فهو اسم من كفت إذا جمع فالكفات اسم لما يكفت الوعاء اسم لما يعي والضمام اسم لما يضم.



ابوالوليد المسلم 10-08-2022 09:32 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 


http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg
تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)

- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة المرسلات
الحلقة (862)

سورة المرسلات
مكية وآياتها خمسون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 496الى صــــ 499)



انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون (29) انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب (30) لا ظليل ولا يغني من اللهب (31) إنها ترمي بشرر كالقصر (32) كأنه جمالت صفر (33) ويل يومئذ للمكذبين (34) هذا يوم لا ينطقون (35) ولا يؤذن لهم فيعتذرون (36) ويل يومئذ للمكذبين (37) هذا يوم الفصل جمعناكم والأولين (38) فإن كان لكم كيد فكيدون (39) ويل يومئذ للمكذبين (40)
شرح الكلمات:
انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون: أي من العذاب.
ظل ذي ثلاث شعب: أي دخان جهنم إذا ارتفع انقسم إلى ثلاث شعب لعظمته.
لا ظليل: أي كنين ساتر يكن ويستر.
ولا يغني من اللهب: أي ولا يرد شيئا من الحر.
إنها: أي النار.
بشرر كالقصر: أي الشررة الواحدة كالقصر في عظمته وارتفاعه.
كأنه جمالة صفر: أي الشرر المتطاير من النار الشررة كالقصر في عظمها وارتفاعها
وكالجمل في هيئتها ولونها والجمل الأصفر الأسود الذي يميل إلى صفرة.
هذا يوم لا ينطقون: أي فيه بشيء.
ولا يؤذن لهم: أي في العذر.
جمعناكم والأولين: أي من المكذبين قبلكم.
فإن كان لكم كيد فكيدون: أي حيلة في دفع العذاب فاحتالوا لدفع العذاب عنكم.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في تقرير عقيدة البعث والجزاء التي كان عليها مدار الحياة كلها قوله تعالى {انطلقوا1} هذا يقال للمكذبين يوم القيامة وهم في عرصاتها يقال لهم تقريعا وتبكيتا انطلقوا إلى2 ما كنتم به تكذبون وهو عذاب الآخرة ويتهكم بهم ويسخرون منهم فيقولون انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب وهو دخان النار إذا ارتفع يتشعب إلى ثلاث شعب وذلك لعظمته لا ظليل أي ليس هو ظلا حقيقيا كظل لشجرة والجدار فيكن ويستر ولا يغني3 من اللهب فيدفع الحر وقال تعالى في وصفها {إنها} أي النار {ترمي بشرر كالقصر} الشررة الواحدة كالقصر في كبره وارتفاعه كأنه أي الشرر جمالة صفراء4 أي الشرر كالجمل الأصفر وهو الأسود المائل إلى الصفرة.
ثم قال تعالى {ويل يومئذ للمكذبين} يتوعد المكذبين به وبآياته ولقائه ورسوله صلى الله عليه وسلم وقوله تعالى {هذا يوم لا ينطقون} أي هذا يوم القامة يوم لا ينطقون أي فيه بشيء {ولا يؤذن لهم} أي في الاعتذار فهم يعتذرون لا اعتذار ولا إذن به. ولطول يوم القيامة وتجدد الأحداث فيه يخبر القرآن مرة باعتذارهم وكلامهم في موطن، وينفيه في آخر، إذ هو ذاك الواقع في مواطن يتكلمون بل ويحلفون كاذبين وفي مواطن يغلب عليهم الخوف والحزن فلا يتكلمون بشيء وفي مواطن يطلب منهم أن يتكلموا فيتكلموا وفي أخرى لا، {ويل يومئذ للمكذبين} وعيد لكل المكذبين بهذا وبغيره وقوله تعالى {هذا يوم5 الفصل جمعناكم6 والأولين} أي يقال لهم يوم القيامة وهم
في عرصاتها هذا يوم الفصل الذي كنتم به تكذبون جمعناكم فيه أيها المكذبون من هذه الأمة والمكذبين الأولين من قبلها، فإن كان لكم كيد أي حيلة على خلاصكم مما أنتم فيه فكيدون أي احتالوا علي وخلصوا أنفسكم يقال لهم تبكيتا لهم وخزيا وهو عذاب روحي أشد ألما من العذاب الجسماني {ويل 7 يومئذ للمكذبين} أي ويل يوم إذ يجيء يوم الفصل للمكذبين.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- التهكم والسخرية والتبكيت من ألم أنواع العذاب الروحي يوم القيامة.
2- عرصات القيامة واسعة والمقام فيها طويل والبلاء فيها شديد.
3- تقرير عقيدة البعث والجزاء بذكر بعض ما يتم فيه.
4- التكذيب هو رأس الكفر، وبموجبه يكون العذاب.
__________

1 هذا الخطاب للمكذبين في يوم الفصل وهو مقول قول محذوف دل عليه صيغة الخطاب ولذا قلت في التفسير هذا يقال للمكذبين.
2 وأعيد لفظ انطلقوا على طريقة التكرير قصد التوبيخ والإهانة.
3 الاغناء جعل الغير غنيا أي غير محتاج في ذلك الغرض وعدي الفعل بمن هنا على معنى البدلية أو لتضمينه معنى يبعد.
4 قرأ نافع جمالات جمع جمالة بكسر الجيم وقرأ حفص جمالة بالإفراد والجملة اسم جمع لطائفة من الجمال أي الشررة الواحدة في عظمها كأنها جمالة صفر، والصفرة لون الشرر والصفر جمع أصفر كحمر جمع أحمر.
5 تكرير لتوبيخهم، والإشارة في هذا إلى المشهد الذي يشاهدونه في يوم فصل القضاء الذي كانوا ينكرونه ويكذبون به.
6 هذا كقوله تعالى (قل إن الأولين والآخرين لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم) والمخاطبون في قوله جمعناكم المشركون المكذبون بيوم الفصل.
7 تكرير للوعيد والتهديد وهو متصل بما قبله اتصال نظائره فيما سبق وفيما يلحق.

****************************

يتبع


ابوالوليد المسلم 10-08-2022 09:32 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
إن المتقين في ظلال وعيون (41) وفواكه مما يشتهون (42) كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون (43) إنا كذلك نجزي المحسنين (44) ويل يومئذ للمكذبين (45) كلوا وتمتعوا قليلا إنكم مجرمون (46) ويل يومئذ للمكذبين (47) وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون (48) ويل يومئذ للمكذبين (49) فبأي حديث بعده يؤمنون (50)
شرح الكلمات:
إن المتقين: أي الذين اتقوا ربهم فآمنوا به وأطاعوه بفعل ما يحب وترك ما يكره.
في ظلال: أي في ظلال الأشجار الوارفة.
وعيون: أي من ماء ولبن وخمر وعسل.
مما يشتهون: لا مما يجدون كما هي الحال في الدنيا.
إنا كذلك نجزي المحسنين: أي كما جزينا المتقين نجزي المحسنين.
كلوا وتمتعوا: أي في هذه الحياة الدنيا.
وإذا قيل لهم اركعوا: أي صلوا لا يصلون.
بعده يؤمنون: أي بعد القرآن إذ الكتب غيره ليست معجزة والقرآن هو المعجز بألفاظه ومعانيه فمن لم يؤمن بالقرآن ما آمن بغيره بحال من الأحوال.
معنى الآيات:
من باب الترغيب والترهيب وهو أسلوب أمتاز به القرآن الكريم ذكر تعالى ما للمتقين من نعيم مقيم بعد ذكر ما للمكذبين الضالين من عذاب الجحيم فقال تعالى {إن المتقين} وهم الذين اجتنبوا الشرك والمعاصي {في ظلال وعيون} في ظلال أشجار الجنة وعيونها من ماء ولبن وخمر وعسل وفواكه كثيرة منوعة مما يشتهون1 على خلاف الدنيا إذ الناس يأكلون مما يجدون فلوا اشتهوا شيئا ولم يجدوه ما أكلوه وأما دار النعيم فإن المرء ما اشتهى شيئا إلا وجده وأكله وهذا هو السر في التعبير في غير موضع بكلمة مما يشتهون.
ومن إتمام النعيم أن يقال لهم تطييبا لخواطرهم كلوا واشربوا2 هنيئا أي متهنئين بما كنتم تعملون من الصالحات وتتركون من السيئات. وقوله تعالى إنا كذلك3 نجزي المحسنين أي كهذا الجزاء الذي جزينا به المتقين نجزي به المحسنين. ويل يومئذ للمكذبين أي بهذا الوعد الكريم.
قوله تعالى {كلوا وتمتعوا قليلا إنكم مجرمون} . هذا قول الله تعالى لمشركي قريش وكفارها يهددهم الرب تبارك وتعالى ناعيا عليهم إجرامهم حتى يحين وقتهم وقد حان حيث أعلمهم أنهم لا يتمتعون إلا قليلا وقد أهلكوا في بدر. وقوله {ويل يومئذ للمكذبين} هو توعد بالعذاب الأليم لمن يكذب بوعيد الله هذا ووعده ذاك. وقوله تعالى {وإذا قيل لهم اركعوا4} أي صلوا {لا يركعون} أي لا يصلون ولا يخشعون ولا يتواضعون فيقبلون الحق ويؤمنون به، ويل يومئذ للمكذبين بشرائع الله وهداه التاركين للصلاة وقوله تعالى {فبأي 5حديث بعده يؤمنون} أي فبأي كتاب يؤمن هؤلاء المكذبون إذا لم يؤمنوا بالقرآن وذلك لما فيه من الخير والهدى ولما يدعوا إليه من السعادة والكمال كما أنه معجز بألفاظه ومعانيه بخلاف الكتب غيره فمن لم يؤمن به لا يرجى له أن يؤمن بغيره بحال من الأحوال.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- تقرير عقيدة البعث والجزاء بذكر ما أعد الله تعالى لأوليائه المؤمنين المتقين المحسنين.
2- بيان نعيم أهل التقوى والإحسان وفضلهما أي فضل التقوى والإحسان.
3- صدق القرآن في أخباره إذ وعيد الله لأكابر مجرمي مكة نفذ بعد أقل من خمس سنوات.
4- من دخل مسجدا وأهله يصلون فليدخل معهم في صلاتهم وإن كان قد صلى حتى لا يكون غيره راكعا لله وهو غير راكع وقد جاء في الصحيح هذا المعنى.
__________

1 أي يتمنون إذ أكلهم للذة الأكل لا للحفاظ على الجسم كما هي الحال في الدنيا يأكل الآدمي للبقاء على حياته إذ لو ترك الغذاء هلك.
2 هذا مقول قول محذوف أي يقال لهم كلوا واشربوا.
3 إن المحسنين هم المتقون، وإنما ذكر صفة الإحسان لأن التقوى التي هي فعل وترك متوقفة على الإحسان الذي هو مراقبة الله تعالى المنتجة إحسان النيات والأعمال الصالحات.
4 يذكر أن مالكا رحمه الله تعالى: دخل المسجد بعد صلاة العصر وهو ممن لا يرى الركوع بعد العصر فجلس ولم يركع، فقال له صبي يا شيخ قم فاركع فقام فركع فقيل له في ذلك قال خشيت أن أكون من الذين (إذا قيل لهم اركعوا لا يركعون) .
5 الفاء هي الفصيحة أي إن لم تؤمنوا بهذا القرآن فبأي حديث بعده تؤمنون والاستفهام إنكاري تعجبي.


ابوالوليد المسلم 10-08-2022 09:33 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 


http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg
تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)

- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة النبأ
الحلقة (863)

سورة النبأ
مكية وآياتها أربعون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 499الى صــــ 504)


سورة النبأ
مكية وآياتها أربعون آية

بسم الله الرحمن الرحيم
عم يتساءلون (1) عن النبأ العظيم (2) الذي هم فيه مختلفون (3) كلا سيعلمون (4) ثم كلا سيعلمون (5) ألم نجعل الأرض مهادا (6) والجبال أوتادا (7) وخلقناكم أزواجا (8) وجعلنا نومكم سباتا (9) وجعلنا الليل لباسا (10) وجعلنا النهار معاشا (11) وبنينا فوقكم سبعا شدادا (12) وجعلنا سراجا وهاجا (13) وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا (14) لنخرج به حبا ونباتا (15) وجنات ألفافا (16)

شرح الكلمات:
عم1: أي عن أي شيء؟
يتساءلون: أي يسأل بعض قريش بعضا.
عن النبأ العظيم: أي ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من التوحيد والنبوة والبعث الآخر.
الذي هم فيه مختلفون: أي ما بين مصدق ومكذب.
سيعلمون: عاقبة تكذيبهم عند نزع أرواحهم وعند خروجهم من قبورهم.
أوتادا: أي تثبت بها الأرض كما تثبت الخيمة بالأوتاد.
سباتا: أي راحة لأبدانكم.
لباسا: أي ساترا بظلامه وسواده.
وجعلنا النهار معاشا: أي وقتا للمعاش كسبا وأكلا.
شدادا: أي قوية محكمة الواحدة شديدة والجمع شداد.
سراجا وهاجا: أي ضوء الشمس وهاجا وقادا.
المعصرات: أي السحابات التي حان لها أن تمطر كالجارية المعصر التي دنا وقت حيضها.
ثجاجا: أي صبابا.
وجنات ألفافا: أي بساتين ملتفة.
معنى الآيات:
قوله تعالى {عم يتساءلون} أي عن أي شيء يتساءل رجال قريش فيسأل بعضهم بعضا إنهم يتساءلون عن2 النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون إنه ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من التوحيد والنبوة والبعث الآخر
. قال تعالى ردعا لهم وتخويفا كلا سيعلمون3 عند نزع أرواحهم عاقبة تكذيبهم لرسولنا وإنكارهم لتوحيدنا ولقائنا، ثم كلا سيعلمون4 يوم يبعثون من قبورهم ويحشرون إلى نار جهنم حين لا ينفعهم علم ولا يجديهم إيمان. وقوله تعالى {ألم نجعل الأرض مهادا} الآيات فذكر تعالى من مظاهر القدرة والعلم والرحمة والحكمة ما يوجب الإيمان به وبتوحيده ورسوله ولقائه لو كان القوم يعقلون فقال {ألم نجعل الأرض5 مهادا} أي فراشا ووطاء للحياة عليها؟ وهل يتم هذا بدون علم وقدرة والجبال أوتادا تثبت الأرض بها فيأمنون على حياتهم من الميدان وسقوط كل بناء وخلقناكم أزواجا الخلق مظهر من مظاهر القدرة والعلم وكونهم أزواجا مظهر6 من مظاهر الحكمة والرحمة وجعلنا نومكم سباتا أي راحة لأبدانكم. وجعلنا الليل لباسا ساترا بظلامه.
وجعلنا النهار معاشا للعيش كسبا وتمتعا به. وبنينا فوقكم سبعا شدادا وهي السموات السبع الشديدة القوية البناء لا تفنى ولا تزول إلى أن يأذن هو سبحانه وتعالى بزوالها، وجعلنا سراجا وهاجا هو الشمس المشرقة المضيئة. وأنزلنا من المعصرات أي السحابات التي حان لها أن تمطر تشبيها لها بالجارية المعصر التي قاربت الحيض ماء ثجاجا صبابا وابلا، وذلك لنخرج به حبا ونباتا وجنات ألفافا الحب كالبر والذرة لطعامكم، والنبات كالكلأ والعشب لحيواناتكم، وجنات أي بساتين ملتفة الأشجار غناء بالثمار المختلف الألوان، والطعوم كل هذه المذكورات مفتقرة إلى قدرة لا يعجزها شيء وعلم أحاط بكل شيء وحكمة لا يخلو منها شيء ورحمة تعم كل شيء والله وحده ذو القدرة والعلم والحكمة والرحمة فكيف ينكر توحيده ويكذب رسوله، ويستبعد بعثه للناس يوم القيامة لحسابهم ومجازاتهم على أعمالهم في هذه الدار وهي مختلفة منها الصالح ومنها الفاسد هل من الحكمة في شيء أن يظلم الظالمون ويفسد المفسدون، ويعدل العادلون ويصلح المصلحون ويموتون سواء ولا يكون هناك حياة أخرى يجزي فيها المسيء بإساءته والمحسن بإحسانه اللهم لا لا إنه لابد من حياة أخرى.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- مظاهر القدرة والعلم والحكمة والرحمة الإلهية في كل الآيات من قوله ألم نجعل الأرض مهادا إلى قوله وجنات ألفافا.
2- تقرير عقيدة البعث والجزاء والنبوة والتوحيد وهي التي اختلف الناس فيها ما بين مثبت وناف، ومصدق ومكذب.
3- سيحصل العلم الكامل بهذه المختلف فيها بين التاس عند نزع الروح ساعة الموت، ولكن لا فائدة من العلم ساعتها إذ قضي الأمر وانتهى الخلاف.
__________

1 عم أصلها عن ما فأدغمت النون في الميم فصارت عما وحذفت الألف تخفيفا فصارت عم فعن حرف جر وما حرف استفهام، وقدم الاستفهام لما له من حق الصدارة وأصل التركيب يتساءلون عن أي شيء؟
2 عن النبأ العظيم متعلق بمحذوف تقديره يتساءلون عن النبأ العظيم وهو الخبر الكبير وهو البعث بعد الموت إذ العرب فيه ما بين مصدق ومكذب، ويدل عليه السياق.
3 كلا حرف ردع ومعمول سيعلمون محذوف تقديره"سيعلمون" بما فيه تكذيبهم بالبعث والنبوة والتوحيد.
4 كلا هنا بمعنى حقا سيعلمون صحة ما هم به مكذبوه وله منكرون.
5 هذا الاستئناف المبدوء باستفهام تقريري جاء لعرض مظاهر قدرة الله وعلمه وحكمته ورحمته وهي موجبات إيمان به وبلقائه ونبوة رسوله وعبادته وحده دون سواه.
6 الزوج: هو مكرر الواحد وشاع إطلاق الزوج على كل من الذكر والأنثى فالرجل زوج لأنثاه والمرأة زوج لزوجها.

****************************** *

يتبع


ابوالوليد المسلم 10-08-2022 09:33 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
إن يوم الفصل كان ميقاتا (17) يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجا (18) وفتحت السماء فكانت أبوابا (19) وسيرت الجبال فكانت سرابا (20) إن جهنم كانت مرصادا (21) للطاغين مآبا (22) لابثين فيها أحقابا (23) لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا (24) إلا حميما وغساقا (25) جزاء وفاقا (26) إنهم كانوا لا يرجون حسابا (27) وكذبوا بآياتنا كذابا (28) وكل شيء أحصيناه كتابا (29) فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا (30)
شرح الكلمات:
إن يوم الفصل: أي الفصل بين الخلائق ليجزي كل امرىء بما كسب.
كان ميقاتا: أي ذا وقت محدد معين لدى الله عز وجل فلا يتقدم ولا يتأخر.
يوم ينفخ في الصور: أي يوم ينفخ اسرافيل في الصور.
فتأتون أفواجا: أي تأتون أيها الناس جماعات جماعات إلى ساحة فصل القضاء.
وفتحت السماء: أي لنزول الملائكة.
وسيرت الجبال: أي ذهب بها من أماكنها.
فكانت سرابا: أي مثل السراب فيتراءى ماء وهو ليس بماء فكذلك الجبال.
إن جهنم كانت مرصادا: أي راصدة لهم مرصدة للظالمين مرجعا يرجعون إليها.
لابثين فيها أحقابا: أي دهورا لا نهاية لها.
لا يذوقون فيها بردا: أي نوما ولا شرابا مما يشرب تلذذا به إذ شرابهم الحميم.
وغساقا: أي ما يسيل من صديد أهل النار، جوزوا به عقوبة لهم.
جزاء وفاقا: إذ لا ذنب أعظم من الكفر، ولا عذاب أعظم من النار.
كذابا: أي تكذيبا.
فلن نزيدكم إلا عذابا: أي فوق عذابكم الذي أنتم فيه.
معنى الآيات:
بعد أن ذكر تعالى آيات قدرته على البعث والجزاء الذي أنكره المشركون واختلفوا فيه ذكر في هذه الآيات عرضا وافيا للبعث الآخر وما يجري فيه، وبدا بذكر الأحداث للانقلاب الكوني، ثم ذكر جزاء الطاغين تفصيلا فقال عز وجل {إن يوم الفصل} أي بين الخلائق كان ميقاتا1 لما أعد الله للمكذبين بلقائه الكافرين بتوحيده المنكرين لرسالة نبيه فيه، يجزيهم الجزاء الأوفى، ثم ذكر تعالى أحداثا تسبقه فقال {يوم ينفخ في الصور} أي يوم ينفخ إسرافيل نفخة البعث وهي الثانية فتأتون أيها الناس أفواجا أي جماعات.
{وفتحت السماء} أي انشقت {فكانت أبوابا} لنزول الملائكة منها {وسيرت الجبال فكانت سرابا} هباء منبثا كالسراب في نظر الرائي. وقوله تعالى {إن جهنم كانت مرصادا2} أي إنه بعد الحساب يأتي الجزاء وهاهي ذي قد أرصدت واعدت فهي مرصاد، مرصاد لمن؟ للطاغين المتجاوزين الحد الذي حدد لهم وهو أن يؤمنوا بربهم ويعبدوه وحده ويتقربوا إليه بفعل محابه وترك مكارهه فتجاوزوا ذلك إلى الكفر بربهم والإشراك به وتكذيب رسوله وفعل مكارهه وترك محابه هؤلاء هم الطاغون الذي أرصدت لهم جهنم فكانت لهم مرصادا ومرجعا ومآبا {لابثين فيها أحقابا3} أي دهورا، {لا يذوقون فيها بردا4} أي نوما لأن النوم يسمى البرد في لغة بعض العرب، {ولا شرابا} ذا لذة {إلا حميما} وهو الماء الحار {وغساقا} وهو ما يسيل من صديد أهل النار {جزاء وفاقا} أي موافقا لذنوبهم لأنه لا أعظم من الكفر ذنبا ولا من النار عذابا ثم ذكر تعالى مقتضى هذا العذاب فقال {إنهم كانوا لا يرجون حسابا} أي ما كانوا يؤمنون بالحساب ولا بالجزاء ولا يخافون من ذلك {وكذبوا بآياتنا كذابا} أي بآياته وحججه تكذيبا زائدا.
وقوله تعالى {وكل شيء أحصيناه كتابا} إذ كانت الملائكة تكتب أعمالهم وتحصيها عليهم فهم يتلقون جزاءهم العادل ويقال لهم توبيخا وتبكيتا وهم في أشد العذاب وأمره {فذوقوا 5فلن نزيدكم إلا عذابا} فيعظم عندهم الكرب ويستحكم من نفوسهم اليأس. وهذا جزاء من تنكر لعقله فكفر بربه وآمن بالشيطان وعبد الهوى. والعياذ بالله تعالى.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- التنديد بالطغيان وبيان جزاء الظالمين.
2- التنديد بالتكذيب بالبعث والمكذبين به.
3- أعمال العباد مؤمنهم وكافرهم كلها محصاة عليها ويجزون بها.
4- تقرير عقيدة البعث والجزاء بذكر آثارها.
5- أبدية العذاب في الدار الآخرة وعدم إمكان نهايته.
__________

1 قال القرطبي: أي وقتا مجمعا للأولين والآخرين لما وعد الله من الجزاء وسمي بيوم الفصل لأن الله تعالى يفصل فيه بين الخلائق.
2 قال الحسن: إن على النار رصدا لا يدخل أحد الجنة حتى يجتاز عليه فمن جاء بجواز جاز ومن لم يجيء بجواز حبس والمرصاد: المكان للرصد أي الرقابة.
3 قال القرطبي: أي ماكثين في النار ما دامت الأحقاب وهي لا تنقطع كلما مضى حقب جاء حقب والحقب بضمتين والأحقاب الدهور والحقبة بالكسرة السنة والجمع حقب قال الشاعر:
كنا كندماني جذيمة حقبا
من الدهر حتى قيل لنا يتصدعا
فلما تفرقنا كأني ومالك
لطول اجتماع لم نبت ليلة معا
والحقب بالضم والسكون ثمانون سنة.
4 من شواهد البرد بمعنى النوم قول العرب منع البرد البرد. أي منع البرد النوم ومنه قول الشاعر:
ولو شئت حرمت النساء سواكم
وإن شئت لم أطعم نقاخا ولا بردا
5 قال أبو برزة سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن أشد آية في القرآن؟ فقال: قوله تعالى: {فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا} .




ابوالوليد المسلم 10-08-2022 09:34 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 


http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg
تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة النازعات
الحلقة (864)

سورة النازعات
مكية وآياتها ست وأربعون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 504الى صــــ 509)




إن للمتقين مفازا (31) حدائق وأعنابا (32) وكواعب أترابا (33) وكأسا دهاقا (34) لا يسمعون فيها لغوا ولا كذابا (35) جزاء من ربك عطاء حسابا (36) رب السماوات والأرض وما بينهما الرحمن لا يملكون منه خطابا (37) يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا (38) ذلك اليوم الحق فمن شاء اتخذ إلى ربه مآبا (39) إنا أنذرناكم عذابا قريبا يوم ينظر المرء ما قدمت يداه ويقول الكافر ياليتني كنت ترابا (40)
شرح الكلمات:
إن للمتقين: أي الذين اتقوا الشرك والمعاصي خوفا من ربهم وعذابه.
مفازا: أي مكان فوز ونجاة وهو الجنة.
حدائق وأعنابا: أي بساتين وأعنابا.
وكواعب: أي شابات تكعبت ثديهن الواحدة كاعب والجمع كواعب.
أترابا: أي في سن واحدة وأتراب جمع واحدة ترب.
وكأسا دهاقا: أي خمرا كأسها ملأى بها.
لا يسمعون فيها: أي في الجنة لغوا أي باطلا ولا كذبا من القول.
عطاء حسابا: أي عطاء كثيرا كافيا يقال أعطاني فأحسبني.
يوم يقوم الروح: ملك عظيم يقوم وحده صفا والملائكة صفا وحدهم.
مآبا: أي مرجعا سليما وذلك بالإيمان والتقوى إذ بهما تكون النجاة.
ما قدمت يداه: أي ما أسلفه في الدنيا من خير وشر.
يا ليتني كنت ترابا: أي حتى لا أعذب وذلك يوم يقول الله تعالى للبهائم كوني ترابا وذلك بعد الاقتصاص لها من بعضها بعضا.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في تقرير عقيدة البعث والجزاء المستلزمة لعقيدة التوحيد والنبوة بعد أن
ذكر تعالى حال الطغاة الفجار وبين مصيرهم غاية البيان ثنى بذكر المتقين الأبرار وبين مصيرهم وأنه جنات تجري من تحتها الأنهار فقال وقوله الحق وخبره الصدق {إن للمتقين1 مفازا} أي مكان فوز ونجاح وبينه بقوله حدائق2 أي بساتين وأعنابا وكواعب جمع كاعب الفتاة ينكعب ثديها أي يستدير ويرتفع كالكعب وذلك عند بلوغها وقوله في وصفهن {أترابا} جمع ترب أي في سن واحدة دون الثلاثين سنة {وكأسا 3 دهاقا} أي كأس خمر ملأى {لا يسمعون} أي في الجنة {لغوا ولا كذابا} لا قولا باطلا ولا كذبا.
وقوله تعالى {جزاء من ربك عطاء حسابا} أي جزاهم ربهم بذلك فجعله عطاء كافيا4 ووصف الجبار نفسه تعليما وتذكيرا فأبدل من قوله من ربك: قوله {رب السماوات والأرض وما بينهما} أي مالكها والمتصرف فيهما {الرحمن} رحمان الدنيا والآخرة ورحيمها {لا يملكون منه خطابا يوم يقوم الروح} ملك عظيم لا يقادر قدره وحده صفا {والملائكة صفا} هنا لا يملك أحد من الخلق {من الرحمن خطابا} وقوله {لا يتكلمون} بين يديه {إلا من أذن له5 الرحمن وقال} قولا {صوابا} وفي الصحيح أن النبي محمدا صلى الله عليه وسلم هو أول من يكلم الله عز وجل في الموقف حيث يأتي تحت العرش فيخر ساجدا فلا يزال ساجدا يحمد الله تعالى بمحامد يلهمها ساعتئذ فيقول له الرب تعالى ارفع رأسك وسل تعط واشفع تشفع وقوله تعالى {ذلك6 اليوم الحق} الذي لا مرية فيه ولا شك وهو يوم الفصل وبناء عليه فمن شاء اتخذ إلى ربه مآبا أي مرجعا إليه بالإيمان والطاعة.
وقوله تعالى {إنا أنذرناكم عذابا قريبا} أي خوفناكم عذابا قريبا جدا يبتدىء بالموت ولا ينتهي أبدا، وذلك {يوم ينظر المرء ما قدمت يداه} من خير أو شر أي يرى جزاء عمله عيانا إن كان عمله خيرا جزي بمثله وإن كان شرا جزي بمثله. {ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا} إنه لما يرى البهائم بعد القصاص لها صارت ترابا يتمنى الكافر وهو في عذابه أن لو كان ترابا مثل البهائم ولولا العذاب وشدته ودوامه لما تمنى أن يكون ترابا أبدا.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- بيان كرامة المتقين وفضل التقوى.
2- وصف جميل لنعيم الجنة.
3- ذم الكذب واللغو وأهلهما.
4- بيان شدة الموقف وصعوبة المقام فيه.
5- تقرير عقيدة البعث والجزاء.
6- الترغيب في العمل الصالح واجتناب العمل السيء الفاسد.
__________

1 المتقون هم الذين اتقوا الله فلم يشركوا به ولم يعصوه فحافظوا بذلك على زكاة نفوسهم فاستوجبوا لذلك الجنات واستحقوها فللام للمتقين هي لام الاستحقاق.
2 حدائق بدل بعض من كل والحدائق جمع حديقة، البستان: المحاط بجدار.
3 دهاقا بمعنى ملأى وهذا من باب إطلاق المصدر وإرادة اسم المفعول فالدهاق كالدهق مصدر وأريد به المدهوق أي المملوء.
4 كافيا: تفسير كلمة حسابا إذ من أعطي ما يكفيه يقول حسبي.
5 الإذن اسم للكلام الذي يفيد إباحة فعل أو قول للمأذون، وهو مشتق من أذن له إذا استمع إليه. نحو: (وأذنت لربها وحقت)
6 هذه الجملة كالفذلكة لما تقدم من وعيد ووعيد وإنذار وتبشير سيق مساق التنويه بيوم الفصل الذي هو اليوم الحق الثابت قطعا.

****************************** **********

يتبع



ابوالوليد المسلم 10-08-2022 09:34 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
سورة النازعات
مكية وآياتها ست وأربعون آية

بسم الله الرحمن الرحيم
والنازعات غرقا (1) والناشطات نشطا (2) والسابحات سبحا (3) فالسابقات سبقا (4) فالمدبرات أمرا (5) يوم ترجف الراجفة (6) تتبعها الرادفة (7) قلوب يومئذ واجفة (8) أبصارها خاشعة (9) يقولون أإنا لمردودون في الحافرة (10) أإذا كنا عظاما نخرة (11) قالوا تلك إذا كرة خاسرة (12) فإنما هي زجرة واحدة (13) فإذا هم بالساهرة (14)

شرح الكلمات:
والنازعات غرقا: أي الملائكة تنزع أرواح الفجار والكفار عند الموت بشدة.
والناشطات نشطا: أي الملائكة تنشط أرواح المؤمنين الصالحين نشطا أي تسلها برفق.
والسابحات سبحا: أي الملائكة تسبح من السماء بأمر الله أي تنزل به إلى الأرض.
فالسابقات سبقا: أي الملائكة تسبق بأرواح المؤمنين إلى الجنة.
فالمدبرات أمرا: أي الملائكة تدبر أمر الدنيا أي تنزل بتدبيره من لدن الله المدبر الحكيم.
يوم ترجف الراجفة: أي النفخة الأولى نفخة الفناء التي يتزلزل كل شيء معها.
تتبعها الرادفة: أي النفخة الثانية.
واجفة: أي خائفة قلقة.
أئنا لمردودون في الحافرة: أي أنرد بعد الموت إلى الحياة إذ1 الحافرة اسم لأول الأمر
تلك إذا كرة خاسرة: أي رجعة إلى الحياة خاسرة.
فإنما هي زجرة واحدة: أي نفخة واحدة.
فإذا هم بالساهرة: أي بوجه الأرض أحياء سميت ساهرة لأن من عليها بها يسهر ولا ينام.
معنى الآيات:
قوله تعالى {والنازعات2 غرقا} الآيات هذا قسم عظيم أقسم تعالى به على أنه لابد من البعث والجزاء حيث كان المشركون ينكرون ذلك حتى لا يقفوا عند حد في سلوكهم فيواصلوا كفرهم وفسادهم جريا وراء شهواتهم كل أيامهم وطيلة حياتهم كما قال تعالى بل يريد الإنسان ليفجر أمامه فأقسم تعالى بخمسة أشياء وهي النازعات والناشطات والسابحات والسابقات والمدبرات، ورجح أنهم أصناف من الملائكة وجائز أن يكون غير3 ذلك ولا حرج إذ العبرة بكونه تعالى قد أقسم ببعض مخلوقاته على أن البعث حق ثابت وواقع لا محالة، وتقدير جواب القسم بلتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم إذ هو معهود في كثير من الأقسام في القرآن كقوله تعالى من سورة التغابن {زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم وذلك على الله يسير} وسيتم ذلك البعث والجزاء يوم ترجف الراجفة4 التي هي النفخة الأولى التي ترجف فيها العوالم كلها ويفنى فيها كل شيء،
ثم تتبعها الرادفة وهي النفخة الثانية وهي نفخة البعث من القبور أحياء وأن بين النفختين أربعين سنة كما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح وقوله تعالى {قلوب يومئذ واجفة} أي خائفة قلقة {أبصارها خاشعة} أي أبصار أصحاب تلك القلوب خاشعة أي ذليلة خائفة. وقوله تعالى {يقولون} أي منكر والبعث {أئنا لمردودون في الحافرة} أي أنرد بعد الموت إلى الحياة من جديد كما كنا أول مرة، {أإذا كنا عظاما نخرة} أي بالية مفتتة وقولهم هذا إستبعاد منهم للبعث وإنكار له،
و {قالوا تلك إذا كرة خاسرة} يعنون أنهم إذا عادوا إلى الحياة مرة أخرى فإن هذه العودة تكون خاسرة وهي بالنسبة إليهم كذلك إذ سيخسرون فيها كل شيء حتى أنفسهم كما قال تعالى {قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا ذلك هو الخسران المبين.} وقوله تعالى {فإنما هي زجرة واحدة} أي صيحة واحدة وهي نفخة إسرافيل الثانية نفخة البعث {فإذا هم} أولئك المكذبون وغيرهم من سائر الخلق {بالساهرة} أي وجه الأرض وقيل فيها الساهرة لأن من عليها يومئذ لا ينامون بل يسهرون أبدا فرد تعالى بهذا على منكري البعث الآخر وقرره عزوجل بما لا مزيد عليه إعذارا وإنذارا ولا يهلك على الله إلا هالك.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1-بيان أن الله تعالى يقسم بما يشاء من مخلوقاته بخلاف العبد لا يجوز له أن يقسم بغير ربه تعالى.
2-بيان أنروح المؤمن تنزع عند الموت نزعا سريعا لا يجد من الألم ما يجده الكافر.
3-تقرير عقيدة البعث والجزاء بالإقسام عليها وذكر كيفية وقوعها.
__________

1 يقال: رجع فلان أي حفرته أي في طريقه التي جاء فيها فحفرها برجليه وهو يمشي قال الشاعر:
أحافرة على صلع وشيب
معاذ الله من سفه وعار
أي أرجع إلى حالة الشباب بعد الصلع والشيب، والشاهد في إنكاره الرجوع إلى حياته الأولى.
2 النازعات جمع نازعة وهي الجماعة من الملائكة والنزع هو إخراج الروح من الجسد مشبه بنزع الدلو من البئر. ولذا يقول فلان في حالة النزع للمحتضر وغرقا اسم مصدر عدل عن المصدر الذي هو إغراقا لمناسبة سبحا ونشطا وسبقا في الآيات ومعناه الإغراق في نزع الروح من أقصى الجسد.
3 إذ يرى بعضهم أنها النجوم ويرى بعضهم أنها جماعات الخيل الغازية, والرماة أو الفرسان إلا أن الراجح أنها الملائكة, فالنازعات الملائكة تنزع أرواح الكافرين والنشاطات تنشط أرواح المؤمنين نشطا تأخذها بسرعة كما ينشط العقال من يد البعير والسابحات تسبح بأرواح المؤمنين ترفعها إلى الملكوت الأعلى, فالسابقات الملائكة تسبق الشياطين بالوحي إلى الأنبياء, فالمدبرات, الملائكة تقوم بتدبير ما أسند الله إليها كقبض الأرواح, وإنزال الأمطار وإرسال الرياح, ونفخ الأرواح إلى غير ذلك.
4 إطلاق الراجفة والرادفة على الصيحة إطلاق سائغ وهو إطلاق على مسببة الراجفة وهي الصيحة والرادفة التي جاءت بعدها وهي الصيحة الثانية.




ابوالوليد المسلم 10-08-2022 09:35 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 



http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg
تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)

- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة النازعات
الحلقة (865)

سورة النازعات
مكية وآياتها ست وأربعون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 509الى صــــ 514)


هل أتاك حديث موسى (15) إذ ناداه ربه بالواد المقدس طوى (16) اذهب إلى فرعون إنه طغى (17) فقل هل لك إلى أن تزكى (18) وأهديك إلى ربك فتخشى (19) فأراه الآية الكبرى (20) فكذب وعصى (21) ثم أدبر يسعى (22) فحشر فنادى (23) فقال أنا ربكم الأعلى (24) فأخذه الله نكال الآخرة والأولى (25) إن في ذلك لعبرة لمن يخشى (26)
شرح الكلمات:
موسى: أي موسى بن عمران عليه السلام.
بالواد المقدس طوى: أي بالواد الطاهر المبارك المسمى بطوى.
اذهب إلى فرعون: أي بأن أذهب إلى فرعون.
إنه طغى: أي تجاوز حده كعبد إلى ادعاء الربوبية والألوهية.
إلى أن تزكى: أي تسلم فتطهر من رجس الشرك والكفر بالإسلام لله تعالى.
وأهديك إلى ربك: أي أرشدك إلى معرفة ربك الحق فتخشاه وتطيعه فتنجو من عذابه.
فأراه الآية الكبرى: أي العصا واليد إذ هي من أكبر الآيات الدالة على صدق موسى.
ثم أدبر يسعى: أي بعد ما كذب وعصى رجع يجمع جموعه ويحشر جنوده لحرب موسى وقال
كلمة الكفر أنا ربكم فلا طاعة إلا لي.
فأخذه الله نكال الآخرة والأولى: أي عذبه تعالى عذاب الآخرة وهو قوله أنا ربكم الأعلى وعذاب الأولى وهي قوله ما علمت لكم من إله غيري.
معنى الآيات:
قوله تعالى {هل أتاك حديث موسى} الآيات.. المقصود من هذه الآيات تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يعاني من تكذيب قومه له ولما جاء به من التوحيد والشرع فقص تعالى عليه طرفا من قصة موسى مع فرعون تخفيفا عليه، وتهديدا لقومه بعقوبة تنزل بهم كعقوبة فرعون الذي كان أشد منهم بطشا وقد أهلكه الله فأغرقه وجنده.. فقال تعالى {هل أتاك} 1 يا رسولنا {حديث موسى} بن عمران، {إذ2 ناداه ربه بالواد المقدس طوى} أي بالواد المطهر المبارك المسمى طوى ناداه فأعلمه أولا أنه لا إله إلا هو وأمره بعبادته، ثم أمره بأن يذهب إلى فرعون الوليد بن الريان ملك القبط بمصر فقال له اذهب إلى فرعون إنه طغى أي عتا وتكبر وظلم فأفحش في الظلم والفساد.
وعلمه ما يقول له إذا انتهى إليه فقل {فقل هل لك إلى أن تزكى} 3 أي إلى أن تسلم فتزكو روحك وتطهر بالإسلام وأهديك 4 إلى ربك فتخشى أي وأرشدك إلى ربك وأعرفك به فتخشى أي عقابه فتترك الظلم والطغيان قال تعالى فأراه الآية الكبرى والتي هي اليد والعصا، فكذب فرعون موسى في دعوته وعصى ربه فلم يستجب له ولم يطعه فيما أمره به ودعاه إليه من الإيمان برسالة موسى وإرسال بني إسرائيل معه بعد الإسلام لله ظاهرا وباطنا. ثم أدبر فرعون أي عن دعوة الحق رافضا لها يسعى في الباطل والشر {فحشر} رجاله وجنده {فنادى} أي ناداهم ليعدهم إلى حرب موسى {فقال: أنا ربكم الأعلى} يعني أنه لا رب فوقه، {فأخذه الله} أي عذبه {نكال} أي5 عذاب {الآخرة} أي الكلمة وهي قوله: "أنا ربكم الأعلى" ونكال الأولى وهي قوله (ما علمت لكم من إله غيري) وبين الكلمتين الخبيثتين أربعون سنة فالأولى قالها في بداية الدعوة حيث ادعى أنه بحث واستقصى في البحث واجتهد وأنه بعد كل ذلك الاجتهاد لم يعلم أن للناس من قومه من إله سواه. وقوله تعالى إن في ذلك {لعبرة لمن6 يخشى} أي فيما قص تعالى من خبر موسى وفرعون {لعبرة} أي عظة لمن يخشى الله وعذاب الدار الآخرة فيؤمن ويتقي أي فيزداد إيمانا وتقوى.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- تسلية الداعي إلى الله تعالى وحمله على الصبر في دعوته حتى ينتهي بها على غايتها.
2- إثبات مناجاة موسى لربه تعالى وأنه كلمه ربه كفاحا بلا واسطة.
3- تقرير أن لا تزكية للنفس البشرية إلا بالإسلام أي بالعمل بشرائعه.
4- لا تحصل الخشية من الله للعبد إلا بعد معرفة الله تعالى إنما يخشى الله من عباده العلماء.
5- وجود المعجزات لا يستلزم الإيمان فقد رأى فرعون أعظم الآيات كالعصا واليد وما آمن.
6- التنديد والوعيد الشديد لمن يدعي الربوبية والألوهية فيأمر الناس بعبادته.
__________

1 هل الاستفهام هنا صوري المراد به تشويق السامع إلى الخبر ولذا استعمل فيه هل التي هي بمعنى قد للتحقيق أي قد أتاك حديث موسى العجيب فاستمع.
2 إذ اسم زمان بدل اشتمال من حديث موسى.
3 قرأ نافع تزكى بتشديد الزاي وقرأ حفص بتخفيفها فمن شددها أدغم فيها إحدى تائي تتزكى ومن خفف حذف إحدى التائين لأن أصل الفعل تتزكى بتائين.
4 الهداية: الدلالة على الطريق الموصل إلى المطلوب إذا سلكه المرء وصل إلى مرغوبه.
5 النكل القيد قال تعالى (إن لدينا أنكالا) جمع نكل ويطلق النكال على العذاب والهروب منه وأخذ منه فعل نكل تنكيلا أي عذبه تعذيبا فنكال الأولى أي عذاب الأولى ونكال الآخرة عذاب الآخرة كما هو مبين في التفسير.
6 لمن يخشى: أي يخشى الله تعالى وهو المؤمن التقي إذ مثله النفسي هو الذي يجد العظة والعبرة فيما يعرض عليه من أحداث فاصلة أما الكافر فأنى له أن يسمع حتى يبصر؟

***************************

يتبع


ابوالوليد المسلم 10-08-2022 09:35 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
أأنتم أشد خلقا أم السماء بناها (27) رفع سمكها فسواها (28) وأغطش ليلها وأخرج ضحاها (29) والأرض بعد ذلك دحاها (30) أخرج منها ماءها ومرعاها (31) والجبال أرساها (32) متاعا لكم ولأنعامكم (33)
شرح الكلمات:
أأنتم أشد خلقا أم السماء بناها؟ : أي أشد خلقا.
رفع سمكها: أي غلظها وارتفاعها.
فسواها: أي جعلها مستوية سطحا واحدا ما فيها نتوء ولا انخفاض.
وأغطش ليلها: أي أظلمه جعله مظلما.
وأخرج ضحاها: أي ضوءها ونهارها.
والأرض بعد ذلك دحاها: أي بعد أن خلق الأرض خلق السماء ثم دحا الأرض أي بسطها وأخرج منها ماءها ومرعاها.
والجبال أرساها: أي أثبتها على سطح الأرض لتثبت ولا تميد.
متاعا لكم ولإنعامكم: أي أخرج من الأرض ماءها ومرعاها والجبال أرساها متاعا لكم ولأنعامكم وهي المواشي من الحيوان.
معنى الآيات:
قوله تعالى {أأنتم أشد1 خلقا} الآيات.. سيقت هذه الآيات الكريمة لتقرير عقيدة البعث والجزاء بإيراد أكبر دليل عقلي لا يرده العاقل أبدا وهو أن السماء في خلقها وما خلق الله فيها، أشد خلقا وأقوى وأعظم من خلق الإنسان بعد موته فالبشرية كلها لا ساوي حجمها حجم كوكب واحد من كواكب السماء ولا سلسلة واحدة من سلاسل الجبال في الأرض فضلا عن السماء والأرض. إذا فالذي قدر على خلق السماء وما فيها والأرض وما فيها قادر قطعا من باب أولى قادر على خلق الإنسان مرة أخرى وقد خلقه أولا فإعادة خلقه بإحيائه بعد موته أيسر وأسهل وأمكن من خلقه أولا على غير مثال سبق، ولا صورة تقدمت، ولكن أكثر الناس لا يعلمون لأنهم لا يفكرون وهذا عرض الآيات قوله تعالى {أأنتم أشد خلقا } أيها المنكرون للبعث المكذبون به {أم السماء} 2 والجواب الذي لاشك فيه هو أن السماء أشد خلقا من منهم وبيان ذلك فيما يلي:
1- بناها فهي سقف للأرض مرفوعة فوقها مسواة فلا انفطار فيها ولا ارتفاع لبعض وانخفاضا لبعض آخر بل هي كالزجاجة في سمتها واعتدالها في خلقها.
2- رفع سمكها3 فإن غلظها مقدر بمسيرة خمسمائة عام.
3- أغطش ليلها فجعله مظلما.
4- وأخرج ضحاها فجعل نهارها مضيئا. هذه هي السماء. والأرض بعد ذلك أي بعد4 أن خلقها أولا وقبل السماء عاد إليها فدحاها بأن بسطها للأنام وأخرج منها ماءها ففجر فيها عيونها وأخرج منها مرعى وهو ما يرعى من سائر الحبوب والثمار والنبات والأشجار منفعة للإنسان ولحيوانه المفتقر إليه في ركوبه5 وطعامه وشرابه وما ذكر تعالى من مظاهر القدرة والعلم والحكمة والرحمة في الأرض لا يقل عما ذكر في السماء إن لم يكن أعظم فكيف إذا ينكر الإنسان على ربه أن يعيده حيا بعد إماتته له ليحاسبه وليجزيه إنه بدل أن ينكر يجب عليه أن يشكر، ولكن الإنسان ظلوم كفار.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- تقرير عقيدة البعث والجزاء.
2- بيان إفضال الله تعالى على الإنسان وإنعامه عليه.
3- مشروعية الاستدلال بالكبير على الصغير وبالكثير على القليل وهو مما يعلم بداهة وبالضرورة إلا أن الغفلة أكبر صارف وأقوى حايل فلا بد من إزالتها أولا.
__________

1 الاستفهام تقريري أي إلجاؤهم إلى الإقرار والاعتراف بأن خلق السماء أعظم من خلقهم إذا كيف ينكرون البعث والحياة الثانية.
2 المراد بالسماء السماء الدنيا المشاهدة للناس، وإن كان لفظ السماء يطلق إطلاق أسماء الأجناس الدالة على أكثر من واحد والبناء للسماء وهو خلقها في صورة بناء رفيع.
3 السمك بفتح السين وتسكين الميم الرفع في الفضاء ,وهو مصدر سمك إذا رفع السمك محرك السين والميم الحوت المعروف واحده سمكة كبقرة.
4 اختلف في أيها خلق الله تعالى أولا الأرض أم السماء وراجح أنها الأرض أولا لقوله (أإنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض ... إلى قوله ثم استوى إلى السماء) الآية من سورة فصلت. وطريق الجمع كما في التفسير خلق الأرض أولا ثم السماوات ثم عاد إلى الأرض فدحاها بمعنى أخرج منها ماءها ومرعاها أي أعدها إعدادا خاصا لحياة الإنسان والحيوان المراد من قوله دحاها إذ الدحو البسط والتسوية والترتيب.
5 إذ هو المراد من قوله تعالى في الآية (ولأنعامكم) التي هي الإبل البقر والغنم فالإبل يركب ظهرها ويشرب لبنها ويؤكل لحمها.



ابوالوليد المسلم 10-08-2022 09:36 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 


http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg
تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)

- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة النازعات
الحلقة (866)

سورة عبس
مكية وآياتها اثنتان وأربعون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 515الى صــــ 518)

فإذا جاءت الطامة الكبرى (34) يوم يتذكر الإنسان ما سعى (35) وبرزت الجحيم لمن يرى (36) فأما من طغى (37) وآثر الحياة الدنيا (38) فإن الجحيم هي المأوى (39) وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى (40) فإن الجنة هي المأوى (41) يسألونك عن الساعة أيان مرساها (42) فيم أنت من ذكراها (43) إلى ربك منتهاها (44) إنما أنت منذر من يخشاها (45) كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها (46)

شرح الكلمات:
الطامة الكبرى: أي النفخة الثانية وأصل الطامة الداهية التي تعلو على كل داهية.
ما سعى: أي ما عمل في الدنيا من خير وشر.
فأما من طغى: أي كفر وظلم.
وآثر الحياة الدنيا: أي باتباع الشهوات.
فإن الجحيم هي المأوى: أي النار مأواه.
مقام ربه: أي قيامه بين يديه ليسأله عما قدم وأخر.
ونهى النفس عن الهوى: أي المردى المهلك باتباع الشهوات.
فإن الجنة هي المأوى: أي مأواه الذي يأوي إليه بعد الحساب.
عن الساعة: أي القيامة للحساب والجزاء.
أيان مرساها: أي متى وقوعها وقيامها.
فيم أنت من ذكراها: أي في أي شيء من ذكراها أي ليس عندك علمها حتى تذكرها.
إلى ربك منتهاها: أي منتهى علمها إلى الله وحده فلا يعلمها سواه.
لم يلبثوا: أي في قبورهم.
إلا عشية أو ضحاها: أي عشية يوم أو ضحى تلك العشية.
معنى الآيات:
بعد أن بين تعالى مظاهر قدرته في حياة الناس وما خلق لهم فيها تدليلا على البعث والجزاء وذكر في هذه الآيات مظاهر قدرته في معادهم تدليلا على قدرته على بعثهم بعد موتهم ومحاسبتهم ومجازاتهم فقال عز من قائل {فإذا جاءت1 الطامة الكبرى} أي القيامة وسميت بالطامة الكبرى لأنها تطم على2 كل شيء ولا يعظمها سيء ولا ريح عاد ولا صيحة ثمود ولا رجفة يوم الظلة. {يوم
يتذكر الإنسان ما سعى} من خير أو شر لأنه أيقن أنه محاسب ومجزي بعمله. {وبرزت الجحيم} أي أبرزها فظهرت لمن يراها لا يخفيها شيء. والناس بعد ذلك مؤمن وكافر والطريقان طريق جنة وطريق نار.
{فأما من طغى} أي عتا عن أمر ربه فعصاه ولم يطعه بأداء فرائضه واجتناب نواهيه. {وآثر الحياة الدنيا} على الآخرة فعمل للدنيا وصرف كل جهده وطاقته لها، ولم يعمل للآخرة فما صام ولا صلى ولا تصدق ولا زكى {فإن الجحيم هي المأوى} أي مأواه ومستقره ومثواه شرابه الحميم وطعامه الزقوم {وأما من خاف مقام ربه} وهو الوقوف بين يديه لمساءلته ومجازاته فأدى الفرائض واجتنب النواهي، {ونهى النفس عن الهوى} أي نفسه عن هواها فلم يجبها في هوى يبغضه الله ولم يطعها في شيء حرمه الله فإن الجنة دار السلام والأبرار والمتقين الأخيار هي مأواه ولنعم المأوى هي حيث العيون الجارية والسرر المرفوعة والأكواب الموضوعة والنمارق المصفوفة والزرابي المبثوثة والكواعب العرب الأتراب ولقاء الأحباب3.
وقوله تعالى {يسألونك عن الساعة أيان مرساها} أي يسألك يا رسولنا المنكرون للبعث عن الساعة أي قيامها ومتى رسوها وثبوتها وهي كالسفينة سائرة ليل نهار متى ترسو؟ {فيم} 4 أي في أي شيء أنت من ذكراها أي ليس عندك علمها فتذكرها لهم إلى ربك وحده علم وقت مجيئها وساعة رسوها لتنقل الناس من دنياهم إلى آخرتهم، وبذلك تنتهي رحلتهم ويستقر قرارهم.
وينتهي ليلهم ونهارهم. وقوله تعالى {إنما أنت منذر من يخشاها} أي ليس إليك يا رسولنا علمها ولا منتهى أمرها إنما أنت مهمتك غير ما يطلب إنها إنذار من يخشى الساعة ويخاف حلولها لإيمانه بها وبما يكون فيها من نعيم وجحيم أما من لا يؤمن بها فهو لا يخافها وسؤاله عنها سؤال استهزاء، فلا تحفل بهم ولا تهتم لهم فإنهم يوم يرونها كأن لم يلبثوا في دنياهم هذه وقبورهم {إلا عشية أو ضحاها} أي عشية يوم أو ضحى تلك العشية لما يستقبلون من أهوال الموقف وفظائع العذاب.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- تقرير عقيدة البعث والجزاء ب1كر أحوالها وصفاتها.
2- الناس يوم القيامة مؤمن تقي في الجنة، وكافر وفاجر في النار.
3- بيان استئثار الله تعالى بعلم الغيب والساعة.
4- بيان أي الشدائد ينسى بعضها بعضا فإن عذاب القبر يهون أمام عذاب النار.
__________

1 فالفاء للتفريع عما تقدم إن تقدم مظاهر قدرته في الكون والحياة تدليلا على قدرته على البعث والجزاء ففرع عنه بيان أحوال البعث وما يجري فيه تقريرا له ووقوفا بالمنكرين له على مصيرهم فيه مبالغة في طلب هدايتهم وإقامة الحجة عليهم.
2 أصل الطامة الحادثة التي تطم أي تلو وتغلب أمثالها من الأحداث الجسام والمراد بها هنا القيامة، قال سفيان الطامة هي الساعة التي يسلم فيها أهل النار للزبانية قال الشاعر:
إن بعض الحب يعمي ويصم
وكذاك البعض أدهى وأطم
3 كل ما ذكر من قولنا العيون إلى لقاء الأحباب هو من القرآن. يروى أن بلالا وهو في سياقة الموت يغمى عليه فإذا أفاق ووجد امرأته تبكي: يقول لها لا تبكي: غدا ألقى الأحبة محمدا وصحبه.
4 اسم استفهام أريد به الإنكار مشوبا بالتعجب من إلحاح المشركين على الرسول صلى الله عليه وسلم أن يعين لهم وقتها.

****************************** ***

يتبع

ابوالوليد المسلم 10-08-2022 09:36 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
سورة عبس
مكية وآياتها اثنتان وأربعون آية

يسم الله الرحمن الرحيم
عبس وتولى (1) أن جاءه الأعمى (2) وما يدريك لعله يزكى (3) أو يذكر فتنفعه الذكرى (4) أما من استغنى (5) فأنت له تصدى (6) وما عليك ألا يزكى (7) وأما من جاءك يسعى (8) وهو يخشى (9) فأنت عنه تلهى (10) كلا إنها تذكرة (11) فمن شاء ذكره (12) في صحف مكرمة (13) مرفوعة مطهرة (14) بأيدي سفرة (15) كرام بررة (16)

شرح الكلمات:
عبس: أي أن النبي صلى الله عليه وسلم بمعنى كلح وجهه وتغير.
وتولى: أي أعرض.
أن جاءه الأعمى: أي لأجل أن جاء عبد الله بن أم مكتوم فقطعه عما هو مشغول به من دعوة بعض أشراف قريش للإسلام.
لعله يزكى: أم يتطهر من الذنوب.
أو يذكر: أي يتعظ.
فتنفعه الذكرى: أي الموعظة.
أما من استغنى: عن الإيمان والعلم والدين بالمال والجاه.
فأنت له تصدى: أي يتقبل عليه وتتصدى له.
وما عليك ألا يزكى: أي ليس عليك بأس في عدم تزكيته نفسه بالإسلام.
يسعى: أي في طلب الخير من العلم والهدى.
فأنت عنه تلهى: أي تشاغل.
كلا: أي لا تعد لمثل ذلك.
إنها تذكرة: أي الآيات عظة للخلق.
مكرمة: أي عند الله.
مرفوعة: أي في السماء.
مطهرة: أي منزهة عن مس الشياطين.
بأيد سفرة: كتبة ينسخونها من اللوح المحفوظ.
كرام بررة: مطيعين لله وهم الملائكة.
معنى الآيات:
قوله تعالى {عبس وتولى1 أن جاءه الأعمى} هذا عتاب لطيف يعاتب به الله سبحانه وتعالى رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم فالذي عبث بمعنى قطب وجهه وأعرض هو رسول الله صلى الله عليه وسلم والأعمى الذي لأجله عبس رسول الله وأعرض عنه هو عبد الله بن أم مكتوم الأعمى أحد المهاجرين ابن خال خديجة بنت خويلد أم المؤمنين. وسبب هذا العتاب الكريم أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان في مكة يوما ومعه صناديد قريش عتبة وشيبة ابنا ربيعة وأبو جهل والعباس بن عبد المطلب وأمية بن خلف يدعوهم إلى الإسلام مجتهدا معهم يرغبهم ويرهبهم طمعا في إسلامهم فجاء عبد الله بن أم مكتوم ينادي يا رسول الله أقرئني وعلمني مما علمك الله وكرر ذلك مرارا فانزعج لذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم قطعه لحديثه مع القوم فعبس وتولى عنه لا يجيبه، وما إن عاد النبي صلى الله عليه وسلم إلى منزله حتى نزلت هذه الآيات {عبس وتولى} 2 أي قطب وأعرض {أن جاءه3 الأعمى وما يدريك} أي وما يعلمك أنه {يزكى4} بما يطلب من القرآن والسنة أي يريد زكاة نفسه وتطهير روحه بما يتعلمه منك، أو يذكر فتنفعه الذكرى. أي وما يعلمك لعله بندائه لك وطلبه منك أن يتذكر بما يسمع منك فيتعظ به وتنفعه الذكرى منك. وقوله تعالى {أما من استغنى} أي عن الإيمان والإسلام وما عندك من العلم بالله والمعرفة استغنى بماله وشرفه في قومه {فأنت له تصدى5} أي تتعرض له مقبلا عليه {وما عليك ألا يزكى} أي وأي شيء يلحقك من الأذى إن لم يتزك ذاك المستغنى عنك بشرفه وماله. وكرر تعالى العتاب بالكلمات العذاب6 {وأما من جاءك يسعى وهو
يخشى} جاءك مسرعا يجري وراءك يناديك بأحب الأسماء إليك يا رسول الله والحال انه يخشى الله تعالى ويخاف عقابه فلذا هو يطلب ما يزكي به نفسه ليقيها العقاب والعذاب {فأنت عنه تلهى7} أي تتشاغل بغيره {كلا} أي لا تفعل مثل هذا مرة أخرى. وقوله تعالى {إنها تذكرة} أي هذه الآيات وما تحمل من عتاب حبيب إلى حبيب موعظة {فمن شاء} من عباد الله {ذكره} أي ذكر الوحي والتنزيل {في صحف مكرمة مرفوعة مطهرة} مكرمة عند الله تعالى مرفوعة في السماء مطهرة منزهة عن مس الشياطين لها {بأيدي سفرة كرام بررة} أي مطيعين لله صادقين هم الملائكة كتبة ينسخونها من اللوح المحفوظ وما أقرب هذا الوصف من مؤمن كريم النفس طاهر الروح يحفظ كتاب الله ويعمل به بيده مصحف يقرأه ويرتل كلام الله فيه وقد جاء في الصحيح8 أن هذا العبد الذي وصفت مع السفرة الكرام البررة. اللهم اجعلني منهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- بيان مقام النبي صلى الله عليه وسلم وأنه أشرف مقام وأسماه دل على ذلك أسلوب عتاب الله تعالى له حيث خاطبه في أسلوب شخص غائب حتى لا يواجهه بالخطاب فيؤلمه فتلطف معه، ثم أقبل عليه بعد أن أزال الوحشة يخاطبه وما يدريك.
2- إثبات ما جاء في الخبر أدبني ربي فأحسن تأديبي فقد دلت الآيات عليه.
3- بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم بتأديب ربه له مستوى لم يبلغه سواه، فقد كان إذا جاءه ابن أم مكتوم يوسع له في المجلس ويجلسه إلى جنبه ويقول له مرحبا بالذي عاتبني ربي9 من اجله وولاه على المدينة مرات، وكان مؤذنا له في رمضان.
4-استحالة كتمان الرسول صلى الله عليه وسلم لشيء من الوحي فقد قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها لو كان للرسول أن يكتم شيئا من وحي الله لكتم عتاب الله تعالى له في عبس وتولى.
__________

1 عبس: أي النبي صلى الله عليه وسلم ومعنى عبس قطب مابين عينيه كراهية لما نابه وحصل له مما أزعجه.
2 انظر مضمون هذه الآية في قوله تعال ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي.. الآية وأخرى (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي) الآية. الأولى من سورة الأنعام والثانية من الكهف.
3 أن جاءه الأعمى: مجرور بحرف جر محذوف وهو اللام أي لأن جاءه وهذا الحذف مطرد وأصل التركيب لأجل مجيء الأعمى له.
4 يزكى أصلها يتزكى أي يطلب التزكية لنفسه فأدغمت التاء في الزاي فصارت يزكى.
5 قرأ نافع تصدى بتشديد الصاد والدال معا، وقرأ حفص بتخفيف الصاد، فمن شدد أدغم إحدى التائين في الصاد ومن خفف حذف.
6 العذاب: جمع عذبه بمعنى الحلوة الطيبة إذ كل حلو طيب هو عذب.
7 تلهى: أصلها تتلهى حذفت إحدى التائين تخفيفا, وتلهى تطلب التلهي أو حصل له وهو الانشغال بشيء وترك الآخر.
8 في صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " مثل الذي يقرأ القرآن وهو حافظ له مع السفرة الكرام البررة، ومثل الذي يقرأه وهو يتعاهده وهو عليه شاق شديد فله أجران".
9 قال الثوري فكان النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك إذا رأى ابن أم مكتوم يبسط له رداءه ويقول مرحبا بمن عاتبني فيه ربي ويقول: هل من حاجة؟ واستخلفه بالمدينة مرتين في غزوتين غزاهما قال أنس فرأيته يوم القادسية راكبا وعليه درع وراية سوداء.





ابوالوليد المسلم 10-08-2022 09:37 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 



http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg
تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)

- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة النازعات
الحلقة (867)

سورة عبس
مكية وآياتها اثنتان وأربعون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 519الى صــــ 522)

قتل الإنسان ما أكفره (17) من أي شيء خلقه (18) من نطفة خلقه فقدره (19) ثم السبيل يسره (20) ثم أماته فأقبره (21) ثم إذا شاء أنشره (22) كلا لما يقض ما أمره (23) فلينظر الإنسان إلى طعامه (24) أنا صببنا الماء صبا (25) ثم شققنا الأرض شقا (26) فأنبتنا فيها حبا (27) وعنبا وقضبا (28) وزيتونا ونخلا (29) وحدائق غلبا (30) وفاكهة وأبا (31) متاعا لكم ولأنعامكم (32)

شرح الكلمات:
قتل الإنسان: لعن الإنسان الكافر.
ما1أكفره: أي ما حمله على الكفر؟.
من أي شيء خلقه: من نطفة خلقه.
فقدره: أي من نطفة إلى علقة إلى مضغة فبشر سوي.
ثم السبيل يسره: أي سبيل الخروج من بطن أمه.
إذا شاء أنشره: أي إذا شاء إحياءه أحياه.
كلا: حقا أو ليس الأمر كما يدعي الإنسان أدى ما عليه من الحقوق.
لما يقضي ما أمره: أي ما كلفه به من الطاعات والواجبات في نفسه وماله.
إلى طعامه: أي كيف قدر ودبر له.
حبا وعنبا: أي الحب الحنطة والشعير والعنب هو المعروف.
وقضبا: أي القت والرطب وسمي قضبا لأنه يقضب أي يقطع مرة بعد مرة.
وحدائق غلبا: أي كثيرة الأشجار والواحدة غلباء كحمراء كثيفة الشجر.
وفاكهة وأبا: أي ما يتفكه به من سائر الفواكه والأب التبن وما ترعاه البهائم.
متاعا لكم ولأنعامكم: أي ما تقدم ذكره منفعة لكم ولأنعامكم التي هي الإبل والبقر والغنم.
معنى الآيات:
بعدما عاتب الرب سبحانه وتعالى رسوله على انشغاله بأولئك الكفرة المشركين وأعراضه عن ابن أم مكتوم الأعمى فكان أولئك المشركون هم السبب في إعراض الرسول صلى الله عليه وسلم عن ابن أم مكتوم وفي عتاب الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم فاستجوبوا لذلك لعنة الله تعالى عليهم لكفرهم وكبريائهم جرد الله تعالى شخصا منهم غير معلوم والمراد كل كافر متكبر مثلهم فقال {قتل الإنسان} أي الكافر {ما أكفره} أي ما حمله على الكفر والكبر. فلينظر {من أي شيء خلقه} ربه الذي يكفر به؟ إنه خلقه من نطفة قذرة {خلقه فقدره} أي أطوارا نطفة فعلقة فمضغة. أمن كان هذا حاله يليق به أن يكفر ويتكبر ويستغني عن الله؟ فلينظر إلى مبدئه ومنتهاه وما بينهما مبدأه نطفة مذرة وأخره جيفة قذرة. وهو بينهما حامل عذرة. كيف يكفر وكيف يتكبر؟ وقوله تعالى {ثم السبيل يسره} فلولا أن الله تعالى يسر له الخروج من بطن أمه والله ما خرج. {ثم أماته} بدون استشارته ولا أخذ رأيه {فأقبره2} هيأ له من يقبره وإلا لأنتن وتعفن وأكلته الكلاب، {ثم إذا شاء أنشره3} {كلا4} . أما يصحو هذا المغرور أما يفيق هذا المخدوع. {لما يقض ما أمره} فما له لا يقضي ما أمره ربه من الإيمان به وطاعته {لينظر الإنسان إلى طعامه5} الذي حياته متوقفة عليه كيف يتم له بتقدير الله تعالى وتدبيره لعله يذكر فيشكر {أنا صببنا الماء صبا فأنبتنا فيها حبا ثم شققنا الأرض شقا فأنبتنا فيها حبا} كالبر والشعير والذرة وسائر الحبوب المقتاتة وعنبا يأكله رطبا ويابسا {وقضبا} وهو القت الرطب يقضب أي يقطع مرة بعد مرة وهو علف البهائم، {وزيتونا} يأكله حبا ويدهن به زيتا {ونخلا} يأكله ثمرة بسرا ورطبا وتمرا {وحدائق غلبا} أي بساتين ملتفة الأشجار كثيرتها الواحدة غلباء6 {وفاكهة وأبا} الفاكهة لكم والأب علف لدوابكم {متاعا لكم ولأنعامكم} أي هذه المذكورات بعضها متاعا لكم أي منافع تتمتعون بها وبعضها لأنعامكم وهو القضب والأب منفعة لها تعيش عليها فبأي وجه تكفر ربك يا أيها الإنسان الكافر؟.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- بيان مظاهر قدرة الله وعلمه وحكمته وهي مقتضية للإيمان به وبآياته ورسوله ولقائه.
2- الاستدلال بالصنعة على الصانع. وأن أثر الشيء يدل عليه، ولذا يتعجب من كفر الكافر بربه وهو خلقه ورزقه وكلأ حياته وحفظ وجوده إلى أجله.
3- بيان أن الإنسان لا يزال مقصرا في شكر ربه ولو صام الدهر كله وصلى في كل لحظة من لحظاته.
__________

1 جائز أن تكون ما تعجبية إذ من عادة العرب إذا تعجبوا من شيء قالوا فيه قاتله الله ما أحسنه أو ما أقبحه أو ما أجرأه مثلا. أي أعجبوا لخلقه من نطفة مع كفره بربه.
2 يقال قبره إذا دفنه وأقبره إذا هيأ له من يقبره.
3 أنشره ونشره بمعنى واحد أي أحياه بعد موته وسيشاء ذلك فينشره يوم القيامة للحساب والجزاء.
4 لأهل العلم في حقيقة (كلا) هذا كلام طويل واختلاف كبير والراجح أنها كما هي الغالب فيها أنها للردع أي ردع له على كفره واستمرار غفلته وإعراضه وجهله وعدم علمه, وجملة لم يقض بيانية أي بيات علة كفره وعناده وهي أنه لم يقض ما أمر به من النظر والتأمل ولو فعل ذلك لعرف واهتدى , ومن هنا أمره أن ينظر إلى طعامه.
5 هناك لطيفة تستشف من هذه الآية وهي أن طعام الإنسان كالمثل للدنيا في مبدئها ومنتهاها فإن طعامه وإن ملحه وفلفله فإنه يصير إلى عذرة منتنة.
6 يقال للأسد الأغلب لأنه مصمت العنق لا يلتفت إلا جمعا.

***************************

يتبع

ابوالوليد المسلم 10-08-2022 09:37 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
فإذا جاءت الصاخة (33) يوم يفر المرء من أخيه (34) وأمه وأبيه (35) وصاحبته وبنيه (36) لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه (37) وجوه يومئذ مسفرة (38) ضاحكة مستبشرة (39) ووجوه يومئذ عليها غبرة (40) ترهقها قترة (41) أولئك هم الكفرة الفجرة (42)
شرح الكلمات:
فإذا جاءت الصاخة: أي النفخة الثانية.
وصاحبته: أي زوجته.
شأن يغنيه: أي حال تشغله عن شأن غيره.
مسفرة: أي مضيئة.
عليها غبرة: أي غبار.
ترهقها قترة: أي ظلمة من سواد ومعنى ترهقها تغشاها
الكفرة الفجرة: أي الجامعون بين الكفر والفجور.
معنى الآيات:
بعدما يبين تعالى بداية أمر الإنسان في حياته ومعاشه فيها ذكر تعالى معاده ومآله فيها فقال عز من قائل {فإذا جاءت1 الصاخة} وهي القيامة ولعل تسميتها بهذا الاسم الصاخة نظرا إلى نفخة الصور التي تصخ الأذن أي تصمها بمعنى تصيبها بالصمم لشدتها. وهي النفخة الثانية وقوله تعالى {يوم يفر المرء من أخيه2 وأمه وأبيه وصاحبته} أي زوجته {وبنيه} وهؤلاء أقرب الناس إليه
ومع هذا يفر عنهم أي يهرب خشية أن يطالبوه بحق لهم عليه فيؤخذ به. وقوله تعالى {لكل امرئ من3هم يومئذ شأن} أي حال وأمر { يغنيه} عن السؤال عن غيره ولو كان أقرب قريب إليه. هنا ورد أن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلة يا نبي الله كيف يحشر الرجال؟ قال حفاة عراة, ثم انتظرت ساعة فقالت يانبي الله كيف يحشر النساء؟ قال كذلك حفاة عراة قالت واسوأتاه من يوم القيامة: قال وعن ذلك تسألين إنه قد نزلت علي آية لا يضرك كان عليك ثياب أم لا قالت أي آية هي يانبي الله قال {لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه} . وقوله تعالى {وجوه يومئذ مسفر4ة} أي مضيئة مشرقة {ضاحكة مستبشرة} وهي وجوه المؤمنين والمؤمنات أهل التقوى وجوههم حسنة مشرقة بالأنوار مستبشرون بالقدوم على ربهم والنزول بجواره الكريم. {ووجوه يومئذ} أي تقوم القيامة ويحشر الناس لفصل القضاء {عليها غبرة} أي غبار {ترهقها} أي تغشاها {قترة} . أي ظلمة وسواد {أولئك} أي الذين عليهم الغبرة وتغشاهم القترة {هم الكفرة} في الدنيا {الفجرة} فيها الذين عاشوا على الكفر والفجور وماتوا على ذلك والفجور هو الخروج عن طاعة الله تعالى بترك الواجبات وغشيان المحرمات كالربا والزنا وسفك الدماء.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1-بيان شدة الهول يوم القيامة يدل على فرار المرء من أقربائه.
2-خطر التبعات على العبد يوم القيامة وهي الحقوق التي يطالب بها العبد يوم القيامة.
3-شدة الهول والفزع تنسي المرء يوم القيامة أن ينظر إلى عورة أحد من أهل الموقف.
4-ثمرة الإيمان والتقوى تظهر في الموقف نورا على الوجه وإشراقا له وإضاءة وثمرة الكفر والفجور تظهر ظلمة وسوادا على الوجه وغبارا.
5-تقرير عقيدة البعث والجزاء بعرض صورة من صورها.
__________

1 الفاء للتفريع هذا الكلام متفرع على ما قبله كما في التفسير أنه بعد أن ذكر الإنسان بمبدأ خلقه ومنتهى حياته في الدنيا فرع على ذلك بيان حياته الآخرة ومصيره فيها.
2 قال بعضهم أول من يفر يفر قابيل من أخيه هابيل، وقال الحسن أول من يفر يوم القيامة إبراهيم يفر من أبيه ونوح من ابنه ولوط من امرأته.
3 روى الترمذي وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يحشرون حفاة عراة غرلا فقالت امرأة أينظر بعضنا بعضا؟ قال يافلانة لكل امرء منهم يومئذ شأن يغنيه. غرلا: جمع أغرل وهو من لم تؤخذ غلفة ذكره بالختان.
4 مسفرة من طول قيام الليل والضرب في سبيل الله يقال أسفر الصبح إذا أضاء وأسفرت المرآة إذا كشفت عن وجهها.



ابوالوليد المسلم 10-08-2022 09:38 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 



http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg
تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)

- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة النازعات
الحلقة (868)

سورة التكوير
مكية وآياتها تسع وعشرون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 523الى صــــ 528)

سورة التكوير
مكية وآياتها تسع وعشرون آية

بسم الله الرحمن الرحيم
إذا الشمس كورت (1) وإذا النجوم انكدرت (2) وإذا الجبال سيرت (3) وإذا العشار عطلت (4) وإذا الوحوش حشرت (ا5) وإذا البحار سجرت (6) وإذا النفوس زوجت (7) وإذا الموءودة سئلت (8) بأي ذنب قتلت (9) وإذا الصحف نشرت (10) وإذا السماء كشطت (11) وإذا الجحيم سعرت (12) وإذا الجنة أزلفت (13) علمت نفس ما أحضرت (14)

شرح الكلمات:
إذا: أي ظرف لما ذكر بعد من المواضع الأثنى عشر, وجوابها علمت نفس
ما أحضرت.
كورت: أي لفت وذهب بنورها.
انكدرت: أي انقضت وتساقطت على الأرض.
سيرت: ذهب بها على وجه الأرض فصارت هباء منبثا.
وإذا العشار: أي النوق الحوامل.
عطلت: أي تركت بلا راع أو بلا حلب لما دهاهم من الأمر.
الوحوش حشرت: أي جمعت وماتت.
وإذا البحار سجرت: أي أوقدت فصارت نارا.
وإذا النفوس زوجت: أي قرنت بأجسادها ثم بقرنائها وأمثالها في الخير والشر.
وإذا الموءودة: أي البنت تدفن حية خوف العار أو الحاجة.
سئلت: أي تبكيتا لقاتلها.
بأي ذنب قتلت: أي بأي ذنب.
وإذا الصحف نشرت: أي صحف الأعمال فتحت وبسطت.
وإذا السماء كشطت: أي نزعت من أماكنها كما ينزع الجلد عن الشاة.
وإذا الجحيم سعرت: أي نار أججت.
وإذا الجنة أزلفت: أي قربت لأهلها ليدخلوها.
علمت نفس ما أحضرت: أي كل نفس وقت هذه المذكورات ما أحضرت من خير وشر.
معنى الآيات:
قوله تعالى {إذا الشمس كورت} إلى قوله {علمت نفس ما أحضرت} إشتمل على إثنى عشر حدثا جلالا, ستة أحداث منها في الدنيا وستة في الآخرة وكلها معتبرة شرطا لجواب واحد وهو قوله تعالى علمت نفس ما أحضرت أي من خير وشر لتجزى به والسياق كله في تقرير عقيدة البعث والجزاء التي انكرها العرب المشركون وبالغوا في إنكارها مبالغة شديدة وكونها عليها مدار إصلاح الفرد والجماعة وأنه بدونها لا يتم إصلاح ولا تهذيب ولا تطهير عني القرآن بها عناية فائقة ويدل لذلك أن فواتح السور والصافات والذاريات والطور والمرسلات والنازعات والتكوير والانفطار والانشقاق والبروج والفجر كل هذه بما فيها من إقسامات عظيمة هي لتقرير عقيدة البعث والجزاء. وهذه الأحداث الستة التي تقع في الدنيا وهي مباديء الآخرة:
1- تكوير1 الشمس بلفها وذهاب ضوئها.
2- إنكدار2 النجوم بانقضائها وسقوطها على الأرض.
3- تسيير الجبال بذهابها عن وجه الأرض واستحالتها إلى هباء يتطاير.
4- تعطيل العشار
3 وهي النوق الحوامل فلا تحلب ولا تركب ولا ترعى لما أصاب أهلها من الهول والفزع وكانت أفضل أموالهم وأحبها إلى نفوسهم.
5- حشر الوحوش وموتها وهي دواب البر قاطبة.
6- تسجير4 البحار باشتعالها نارا.
وهذه الأحداث الستة التي تقع في الآخرة:
1- تزويج النفوس وهو قرنها بأجسادها بعد خلق الأجساد لها, وبعد ذلك بأمثالها في الخير والشر.
2- سؤال الموءودة عن5ذنبها التي قتلت به.
3- نشر صحف الأعمال وفتحها وبسطها.
4- كشط السماء6 أي نزعها من أماكنها نزع الجلد عن الشاة عند سلخها.
5- تسعير النار أي تأجيجها وتقويتها.
6- إزلاف الجنة وتقريبها لأهلها أهل الإيمان والتقوى.
وجوب هذه الأحداث التي وقعت شرطا لحرف (إذا) هو قوله تعالى علمت نفس7 ما أحضرت من حسنات فتصير بها إلى الجنة, أو سيئات فتصير بها إلى النار. الهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- تقرير عقيدة البعث والجزاء.
2- بيان مفصل عن مبادىء القيامة, وخواتيمها وفي حديث الترمذي الحسن الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم من سره أن ينظر إلي يوم القيامة فليقرأ إذا الشمس كورت وإذا السماء انشقت.
3- الترغيب في الإيمان والعمل الصالح إذ بهما المصير إلى الجنة.
4- الترهيب من الشرك والمعاصي إذ بهما المصير إلى النار.
__________

1 قال أبو عبيدة: كورت مثل تكوير العمامة فتلف وقال الربيع كورت ورمي بها.
2 انكدرت تهافتت وتناثرت، وقال أبو عبيدة انصبت كما ينصب العقاب إذا انكسر قال العجاج يصف صقرا:
أبصر خربان فضاء فانكدر
تقضي الباز إذا البازي كسر
3العشار واحدها عشراء وهي التي مضى على حملها عشرة أشهر ثم لا يزال اسمها كذلك حتى تضع.
4أو جائز أن يكون تسجير البحار فيضانها بتجاوز مياها معدل سطوحها, وجائز أن تشتعل فيها النار فتحترق, وظاهرة وجود البترول تحت سطحها تدل على أنها تحترق وتسجر كما يسجر التنور.
5 الوأد: دفن الطفلة وهي حية، وكان العرب في الجاهلية يئدون البنات خشية العار، ويقتلون أولادهم خشية الفقر أو لنذرهم إياهم للآلهة.
6 الكشط إزالة الإهاب "الجلد" عن الحيوان الميت.
7 روي أن عمر رضي الله عنه قرأ هذه السورة فلما بلغ قوله تعالى (علمت نفس ما أحضرت) قال لهذا أجريت القصة.

****************************** *

يتبع

ابوالوليد المسلم 10-08-2022 09:38 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
فلا أقسم بالخنس (15) الجوار الكنس (16) والليل إذا عسعس (17) والصبح إذا تنفس (18) إنه لقول رسول كريم (19) ذي قوة عند ذي العرش مكين (20) مطاع ثم أمين (21) وما صاحبكم بمجنون (22) ولقد رآه بالأفق المبين (23) وما هو على الغيب بضنين (24) وما هو بقول شيطان رجيم (25) فأين تذهبون (26) إن هو إلا ذكر للعالمين (27) لمن شاء منكم أن يستقيم (28) وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين (29)
شرح الكلمات:
الخنس: أي التي تخنس بالنهار أي تختفي وتظهر بالليل.
الجوار الكنس: أي التي تجري أحيانا وتكنس في مكانسها أحيانا أخرى والمكانس محل إيوائها كمكانس بقر الوحش وهي الدرارى الخمسة عطارد والزهرة والمريخ والمشتري وزحل.
إذا عسعس: أي أقبل وأدبر لأن عسعس من أسماء الأضداد.
تنفس: أي امتد حتى يصير نهارا بينا.
إنه: أي القرآن.
لقول رسول كريم: أي جبريل كريم على الله تعالى وأضيف إليه القرآن لنزوله به.
ذي قوة: أي شديد القوى.
عند ذي العرش مكين: أي عند الله تعالى ذي مكانة.
مطاع ثم أمين: أي مطاع في السماء تطيعه الملائكة أمين على الوحي.
وما صاحبكم بمجنون: أي محمد صلى الله عليه وسلم أي ليس به جنون.
ولقد رآه بالأفق المبين: أي ولقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم جبريل على صورته التي خلق عليها بالأفق الأعلى البين من ناحية المشرق.
وما هو على الغيب: أي وما محمد صلى الله عليه وسلم على الغيب وهو ما غاب من الوحي وخبر السماء.
بضنين: أي ببخيل وفي قراءة بالظاء أي بمتهم فينقص منه ولا يعطيه كله.
وما هو بقول شيطان رجيم: أي وليس القرآن بقول شيطان مسترق للسمع.
فأين تذهبون: أي فأي طريق تسلكون في إنكاركم القرآن وإعراضكم عنه.
ما هو إلا ذكر للعالمين: أي ما القرآن إلا موعظة للجن والإنس.
أن يستقيم: أي يتحرى الحق ويعتقده ويعمل بمقتضاه.
وما تشاءون إلا أن يشاء الله: أي ومن شاء الاستقامة منكم فإنه لم يشأها إلا بعد أن شاءها الله قبله إذ لو لم
يشأها الله ما أشاءها عبده
معنى الآيات:
لما قرر تعالى عقيدة البعث والجزاء بوصف كامل لأحداثها وكان الوصف من طريق الوحي فافتقر الموضوع إلى صحة الوحي والإيمان به فإذا صح الوحي وآمن به العبد آمن بصحة البعث والجزاء. ومن هنا أقسم تعالى بأعظم قسم على أن القرآن نزل به جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم وما يقوله محمد صلى الله عليه وسلم هو كلام الله ووحيه وليس هو بمجنون يقول ما لا يدري ويهذر بما لا يعني ولا هو بقول شيطان رجيم ممن يسترقون السمع ويلقونه إلى إخوانهم من الكهان بل هو كلام الله صدقا وحقا وما يخبر به كما يخبر صدق وحق فقال تعالى {فلا} أي ليس1 الأمر كما تدعون بأن ما يقوله رسولنا هو من جنس ما تقوله الكهنة. ولا مما يقوله الشعراء، ولا هو بكلام مجانين. ولا هو سحر الساحرين أقسم بالخنس الجوار الكنس أي بكل ما يكنس ويجري ويكنس من الظباء وبقر الوحش والكواكب والدراري الخمسة عطارد والزهرة والمريخ والمشتري وزحل. والمراد من الخنوس الاختفاء والكنوس إيواءها إلى مكانسها مواضع2 إيوائها. وقوله {والليل إذا عسعس} أي أقسم بالليل إذا أقبل أو أدبر إذ لفظ عسعس بمعنى أقبل وأدبر فهو لفظ مشترك بين الإقبال والإدبار {والصبح إذا تنفس} أي امتد ضوءه فصار نهارا بينا أقسم بكل هذه المذكورات على أن القرآن الذي يصف لكم البعث والجزاء حق الوصف هو قول رسول كريم أي جبريل الكريم على ربه ذي قوة لا يقادر قدرها فلا يقدر إنس ولا جن على انتزاع ما عنده من الوحي ولا على زيادة فيه أو نقص منه. عند ذي العرش سبحانه وتعالى مكين أي ذي مكانة محترمة مطاع في السماوات أمين على الوحي هذا أولا وثانيا والله وما صاحبكم محمد صلى الله عليه وسلم {بمجنون} كما تقولون {ولقد رآه} أي رأى محمد صلى الله عليه وسلم جبريل بالأفق المبين رآه على صورته التي خلقه الله عليها وله ستمائة جناح رآه بالأفق ناحية الشرق وقد سد الأفق كله، والأفق بين والنهار طالع.
{وما هو} أي محمد صلى الله عليه وسلم {على الغيب بضنين} 3 أي بمظنون فيه التهمة بأن يزيد فيه أو ينقص منه أو يبدل فيه أو يغير كما هو ليس ببخيل فيظن فيه أنه يكتم منه شيئا أو يخفيه بخلا به أو ينقص منه شحا به وبخلا. {وما هو بقول شيطان رجيم} ممن يسترقون السمع ويلقونه إلى أوليائهم من الإنس فيخلطون فيه ويكذبون. وقوله تعالى:

{فأين تذهبون} ينكر عليهم مسلكهم الشائن في تكذيب رسوله محمد صلى الله عليه وسلم واتهامه بالسحر، والقرآن بالشعر والكهانة والأساطير. وقوله إن هو إلا ذكر للعالمين أي ما القرآن إلا ذكر للعالمين من الإنس والجن يذكرون به خالقهم ورازقهم ومحييهم ومميتهم وماله عليهم من حق العبادة وواجب الشكر ويتعظون به فيخافون ربهم فلا يعصونه بترك فرائضه عليهم ولا بارتكاب ما حرمه عليهم وقوله تعالى لمن شاء منكم أن يستقين على منهاج الحق فيتحرى الحق أولا ويؤمن به ويعمل بمقتضاه ثانيا. ولما سمع أبو جهل هذه الآية {لمن شاء منكم أن يستقيم} قال الأمر إلينا إن شئنا استقمنا وإن شئنا لم نستقم.
أنزل تعالى قوله {وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين} فاكبت اللعين فاعلم أن من شاء الاستقامة من العالمين لم يشأها إلا بعد أن شاءها الله تعالى ولو لم يشأها الله تعالى والله ما شاءها العبد أبدا إذ مشيئة الله سابقة لمشيئة العبد. وفي كل ما يشاؤه الإنسان فإن مشيئة الله سابقة لمشيئته لأن الإنسان عبد والله رب والرب لا مشيئة تسبق مشيئته.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- مشروعية الإقسام بالله تعالى وأسمائه وصفاته.
2- تقرير الوحي وإثبات النبوة المحمدية.
3- بيان صفات جبريل الكمالية الأمانة، القوة، علو المكانة، الطاعة، الكرم.
4- براءة الرسول مما اتهمه به المشركون.
5- بيان أن مشيئة الله سابقة لمشيئة العبد. فلا يقع في ملك الله تعالى إلا ما يريد.
__________

1 فلا أقسم الفاء للتفريع أي لتفريع الكلام اللاحق على السابق وجائز أن تكون لا مزيدة لتقوية القسم، وكونها نافية ردا على باطل المشركين أولا كما في التفسير.
2 الخنس جمع خانسة وهي التي تخنس. أي تختفي، والكنس جمع كانسة: كنس الظبي إذا دخل كناسه بكسر الكاف وهو البيت الذي يتخذه للمبيت، وقيل الكنوس أن تأوي إلى مكانسها وهي المواضع التي تأوي إليها الوحوش والظباء. قال الأعشى:
فلما أتينا الحي أتلع أنس
كما أتلعت تحت المكانس ربرب
3 قريء في السبع بظنين ومعناه بمتهم من ظننت كذا وقريء بضنين بالضاد بمعنى بخيل ولذا شرحت الآية مراعيا فيها القراءتين وكلا المعنيين صحيح فلا هو صلى الله عليه وسلم بمتهم على الوحي ولا ببخيل به ولا بغيره.


الساعة الآن : 06:11 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 584.55 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 582.79 كيلو بايت... تم توفير 1.76 كيلو بايت...بمعدل (0.30%)]