ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى القرآن الكريم والتفسير (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=57)
-   -   تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري ) (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=235072)

ابوالوليد المسلم 10-08-2022 03:54 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 


http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg
تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة الفتح - (2)
الحلقة (789)

سورة الفتح
مدنية
وآياتها تسع وعشرون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 101الى صــــ 105)

سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نتبعكم يريدون أن يبدلوا كلام الله قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل فسيقولون بل تحسدوننا بل كانوا لا يفقهون إلا قليلا (15)
شرح الكلمات:
المخلفون من الأعراب: أي المذكورون في الآيات قبل هذه وهم غفار وجهينة ومزينة وأشجع.
إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها: أي مغانم خيبر إذ وعدهم الله بها عند رجوعهم من الحديبية.
ذرونا نتبعكم: أي دعونا نخرج معكم لنصيب من الغنائم.
يريدون أن يبدلوا كلام الله: أي أنهم بطلبهم الخروج إلى خيبر لأخذ الغنائم يريدون أن يغيروا وعد الله لأهل الحديبية خاصة بغنائم خيبر.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في مطلب هداية المنافقين من الحضر والبادية وذلك بالحديث عنهم وكشف عوارهم ودعوتهم إلى التوبة والرجوع إلى الحق عند ظهور انحرافهم وسوء أحوالهم فقال تعالى لرسوله. سيقول المخلفون الذين تقدم الحديث عنهم وأنهم تخلفوا عن الحديبية من الأعراب الذين هم مزينة وجهينة وغفار وأشجع. أي سيقولون لكم إذا انطلقتم إلى مغانم1 لتأخذوها ذرونا نتبعكم، وذلك أن الله تعالى بعد صلح الحديبية وما نال أهلها من آلام نفسية أكرمهم بنعم كثيرة منها أنه واعدهم بغنائم خيبر بأن يتم لهم فتحها ويغنمهم أموالها وكانت أموالا عظيمة، فلما عادوا إلى المدينة وأعلن الرسول صلى الله عليه وسلم عن الخروج إلى خيبر جاء هؤلاء المخلفون يطالبون بالسير2 معهم لأجل الغنيمة لا غير، قال تعالى {يريدون أن يبدلوا كلام3 الله} وهو وعده لأهل الحديبية بأن يغنمهم غنائم خيبر، ولذا أمر رسوله أن يقول لهم لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل أي فقد أخبرنا تعالى بحالكم ومقالكم هذا قبل أن تقولوه وتكونوا عليه. وقوله {فسيقولون بل تحسدوننا} هذا من جملة ما أخبر تعالى به رسوله والمؤمنين قبل قولهم له وقد قالوه أي ما منعتمونا من الخروج إلى خيبر إلا حسدا لنا أن ننال من الغنائم أي لم يكن الله أمركم بمنعنا ولكن الحسد هو الذي أمركم وقوله تعالى بل كانوا لا يفقهون إلا قليلا أي وصمهم بوصمة الجهل وجعلها هي علة تخبطهم وحيرتهم وضلالهم، أنهم قليلو الفهم والإدراك فليسوا على مستوى الرجل الحاذق الماهر البصير الذي يحسن القول والعمل.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- وعد الله رسوله والمؤمنين بغنائم خيبر وهم في طريقهم من الحديبية إلى المدينة وإنجازه لهم دال على وجود الله وعلمه وقدرته وحكمته ورحمته وكلها موجبة للإيمان والتوحيد وحب الله والرغبة إليه والرهبة منه.
2- بيان حيرة الكافر واضطراب نفسه وتخبط قوله وعمله.
3- ذم الجهل وتقبيحه إنه بئس الوصف يوصف به المرء، ولذا لا يرضاه حتى الجاهل بنفسه فلو قلت لجاهل يا جاهل لا تفعل كذا أو لا تقل كذا لغضب عليك.
__________

1 هي مغانم خيبر لأن الله تعالى وعد أهل الحديبية فتح خيبر وأنها لهم خاصة من غاب منهم ومن حضر سواء، ولم يغب منهم عنها إلا جابر بن عبد الله فقسم له رسول الله صلى الله عليه وسلم كسهم من حضر.
2 روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم: "إن خرجتم لم أمنعكم إلا أنه لا سهم لكم" وقالوا هذا حسد.
3(يريدون أن يبدلوا كلام الله) أي: يريدون أن يغيروه يعني يريدون أن يغيروا وعد الله الذي وعد به أهل الحديبية، وذلك أن الله تعالى جعل لهم غنائم خيبر عوضا عن فتح مكة.

****************************************

يتبع

ابوالوليد المسلم 10-08-2022 03:54 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون فإن تطيعوا يؤتكم الله أجرا حسنا وإن تتولوا كما توليتم من قبل يعذبكم عذابا أليما (16) ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار ومن يتول يعذبه عذابا أليما (17)
شرح الكلمات:
قل للمخلفين من الأعراب: أي الذين تخلفوا عن الحديبية وطالبوا بالخروج إلى خيبر لأجل الغنائم اختبارا بهم.
ستدعون إلى قوم أولي بئس شديد: أي ستدعون في يوم ما من الأيام إلى قتال قوم أولي بئس وشدة في الحرب.
تقاتلونهم أو يسلمون: أي تقاتلونهم. أو هم يسلمون فلا حاجة إلى قتالهم.
فإن تطيعوا: أي أمر الداعي لكم إلى قتال القوم أصحاب البأس الشديد.
يؤتكم الله أجرا حسنا: أي عودة اعتباركم مؤمنين صالحين في الدنيا والجنة في الآخرة.
وإن تولوا: أي تعرضوا عن الجهاد كما توليتم من قبل حيث لم تخرجوا للحديبية.
يعذبكم عذابا أليما: في الدنيا بالقتل والإذلال وفي الآخرة بعذاب النار.
حرج: أي إثم.
ومن يتول: أي يعرض عن طاعة لله ورسوله.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في مطلب هداية المنافقين من الأعراب إذ قال تعالى للرسول صلى الله عليه وسلم قل للمخلفين الذين أصبح وصف التخلف شعارا لهم يعرفون به وفي ذلك من الذم واللوم والعتاب ما فيه قل لهم مختبرا إياهم ستدعون في يوم من الأيام إلى قتال قوم أولي بأس شديد في الحروب تقاتلونهم، أو يسلمون1 فلا تقاتلوهم وذلك بأن يرضوا بدفع الجزية وهؤلاء لا يكونون إلا نصارى أو مجوسا فهم إما فارس وإما الروم وقد اختلف في تحديدهم2 فإن تطيعوا الأمر لكم بالخروج الداعي للجهاد فتخرجوا وتجاهدوا يؤتكم الله أجرا حسنا غنائم في الدنيا وحسن الصيت والأحدوثة والجنة فوق ذلك، وإن تتولوا أي تعرضوا عن طاعة من يدعوكم ولا تخرجوا معه كما توليتم من قبل حيث لم تخرجوا مع رسول الله إلى مكة للعمرة خوفا من قريش ورجاء أن يهلك الرسول والمؤمنون ويخلو لكم الجو يعذبكم عذابا أليما أي في الدنيا بأن يسلط عليكم من يعذبكم وفي الآخرة بعذاب النار وقوله تعالى ليس3 على الأعمى حرج الآية إنه لما نزلت آية المنافقين قل للمخلفين من الأعراب وكان ختامها وإن تتولوا عن الجهاد يعذبكم عذابا أليما خاف أصحاب الأعذار من مرض وغيره وبكوا فأنزل الله تعالى قوله ليس على الأعمى حرج أي إثم إذا لم يخرج للجهاد ولا على الأعرج4 حرج وهو الذي به عرج في رجليه لا يقدر على المشي والجري والكر والفر ولا على المريض حرج وهو المريض بالطحال أو الكبد أو السعال من الأمراض
المزمنة التي لا يقدر صاحبها على القتال وكان يعتمد على الفر والكر ولابد كذلك من سلامة البدن وقدرته على القتال.
وقوله {ومن يطع الله ورسوله} أي في أوامرهما ونواهيهما {يدخله5 جنات تجري من تحتها الأنهار} وهذا وعد صادق من رب كريم رحيم، ومن يتول عن طاعة الله ورسوله يعذبه عذابا أليما وهذا وعيد شديد قوي عزيز ألا فليتق الله امرؤ فإن الله شديد العقاب.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- مشروعية الاختبار والامتحان لمعرفة القدرات والمؤهلات.
2- بيان أن غزوا الإسلام ينتهي إلى أحد أمرين إسلام الأمة المغزوة أو دخولها في الذمة بإعطائها الجزية بالحكم الإسلامي وسياسته.
3- دفع الإثم والحرج في التخلف عن الجهاد لعذر العمى أو العرج أو المرض.
4- بيان وعد الله ووعيده لمن أطاعه ولمن عصاه، الوعد بالجنة. والوعيد بالنار.
__________

1 في هذه الآية دليل على خلافة أبي بكر إذ هو الذي دعا إلى قتال أصحاب مسيلمة الكذاب، إذ هم الذين لا تقبل منهم الجزية وإنما الإسلام أو القتل، لقوله تعالى: {تقاتلونهم أو يسلمون} أما فارس أو الروم فهم مجوس ونصارى قد تؤخذ منهم الجزية.
2 وقيل: إنهم أصحاب مسيلمة الكذاب، وقال رافع بن خديج. والله لقد كنا نقرأ هذه الآية فيما مضى {ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد} فلا نعلم من هم حتى دعانا أبو بكر إلى قتال بني حنيفة فقلنا: إنهم هم.
3 قال ابن عباس لما نزلت: {وإن تتولوا كما توليتم من قبل يعذبكم عذابا أليما} قال أهل الزمانة: كيف بنا يا رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت {ليس على الأعمى حرج ولا على المريض حرج} أي: لا إثم عليهم في التخلف عن الجهاد.
4 العرج: آفة تعرض لرجل واحدة، قال مقاتل: هم أهل الزمانة الذين تخلفوا عن الحديبية، وقد عذرهم. وفي هذه الآية بيان من يجوز لهم التخلف عن الجهاد، ولا إثم عليهم وهم العميان والمرضى والعرج.
5 قرأ نافع (ندخله) و (نعذبه) بالنون، وقرأ حفص: (يدخله) و (يعذبه) بالياء.



ابوالوليد المسلم 10-08-2022 03:55 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 


http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg
تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة الفتح - (3)
الحلقة (790)

سورة الفتح
مدنية
وآياتها تسع وعشرون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 106الى صــــ 110)

لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا (18) ومغانم كثيرة يأخذونها وكان الله عزيزا حكيما (19)

شرح الكلمات:
لقد رضي الله عن المؤمنين: أي الراسخين في الإيمان الأقوياء فيه وهم أهل بيعة الرضوان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إذ يبايعونك: أي بالحديبية أيها الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.
تحت الشجرة: أي سمرة وهم ألف وأربعمائة بايعوا على أن يقاتلوا قريشا ولا يفروا.
فعلم ما في قلوبهم فأنزل: أي علم الله ما في قلوبهم من الصدق والوفاء فأنزل الطمأنينة والثبات على ما هم
السكينة عليهم عليه.
وأثابهم فتحا قريبا: أي هو فتح خيبر بعد انصرافهم من الحديبية في ذي الحجة. وفي آخر المحرم من سنة سبع غزوا خيبر ففتحها الله تعالى عليهم.
ومغانم كثيرة يأخذونها: أي من خيبر.
وكان الله عزيزا حكيما: أي كان وما زال تعالى عزيزا غالبا حكيما في تصريفه شؤون عباده.
معنى الآيتين:
قوله تعالى لقدر رضي1 الله عن المؤمنين2 هذا إخبار منه تعالى برضاه عن المؤمنين الكاملين في إيمانهم وهو ألف وأربعمائة الذين بايعوا الرسول صلى الله عليه وسلم تحت شجرة سمرة إلا الجد بن قيس الأنصاري فإنه لم يبايع حيث كان لاصقا بإبط ناقته مختبئا عن أعين الأصحاب وكان منافقا ومات على ذلك لا قرت له عين. وسبب هذه البيعة كما ذكره غير واحد أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا خراش بن أمية الخزاعي فبعثه إلى قريش بمكة وحمله على جمل له يقال له الثعلب ليبلغ أشرافهم عنه ما جاء له (وهو الاعتمار) وذلك حين نزل الحديبية. فعقروا به جمل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأرادوا قتله فمنعته الأحابيش (فرق من شتى القبائل يقال لهم الأحابيش واحدهم أحبوش يقال لهم اليوم: اللفيف الأجنبي عبارة عن جيش أفراده من شتى البلاد والدول. فخلوا سبيله حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهنا دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب ليبعثه إلى مكة فيبلغ عنه أشراف قريش ما جاء له فقال يا رسول الله إني أخاف قريشا على نفسي وليس بمكة من بني عدي بن كعب أحد يمنعني، وقد عرفت قريش عداوتي إياها وغلظتي عليهم، ولكني أدلك على رجل وهو أعز بها مني عثمان بن عفان فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان فبعثه إلى أبي سفيان وأشراف قريش يخبرهم أنه لم يأت لحرب وإنما جاء زائرا لهذا البيت معظما لحرمته فراح عثمان إلى مكة فلقيه أبان بن سعيد بن العاص حين دخل مكة، أو قبل أن يدخلها فنزل عن دابته فحمله بين يديه ثم ردفه وأجاره حتى بلغ رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلق عثمان حتى أتى أبا سفيان وعظماء قريش فبلغهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أرسله به فقالوا لعثمان حين فرغ من رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم إن شئت أن تطوف بالبيت فطف به قال ما كنت لأفعل حتى يطوف به رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحتبسته قريش عندها فبلغ رسول الله والمسلمين أن عثمان قتل. فقال الرسول صلى الله عليه وسلم عندئذ لا نبرح حتى نناجز القوم ودعا الناس إلى البيعة فكانت بيعة الرضوان تحت الشجرة، هذا معنى قوله تعالى {لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك3 تحت الشجرة4 فعلم ما في قلوبهم} أي من الصدق والوفاء فأنزل السكينة أي الطمأنينة والثبات عليهم وأثابهم أي جزاهم على صدقهم ووفائهم فتحا قريبا وهو صلح الحديبية وفتح خيبر، 5 ومغانم كثيرة يأخذونها وهي غنائم خيبر، وكان الله6 عزيزا أي غالبا على أمره، حكيما في تدبيره لأوليائه.
هداية الآيتين:
من هداية الآيتين:

1- بيان فضل أهل بيعة الرضوان وكرامة الله لهم برضاه عنهم.
2- ذكاء عمر وقوة فراسته إذ أمر بقطع الشجرة خشية أن تعبد، وكم عبدت من أشجار في أمة الإسلام في غيبة العلماء وأهل القرآن.
3- مكافأة الله تعالى للصادقين الصابرين المجاهدين من عباده المؤمنين بخير الدنيا والآخرة.
__________

1 هذا رجوع إلى تفصيل ما جزى به الله تعالى أهل بيعة الرضوان الذي تقدم إجماله في قوله تعالى {إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله} الآية.
2 في قوله تعالى عن المؤمنين {إذ يبايعونك} إعلام بأن من لم يبايع ممن خرج مع الرسول صلى الله عليه وسلم كالجد بن قيس لم يفز برضى الله تعالى وأنه غير مؤمن.
3(إذ يبايعونك) ظرف متعلق ب (رضي) والمضارع بمعنى الماضي وإنما جيء بالمضارع لاستحضار حالة المبايعة الجليلة وصورتها العظيمة. وكون الرضى حصل قبل انتهاء البيعة إيذان بفضلها وفضل أهلها.
4(تحت الشجرة) التعريف للشجرة للعهد الذي عرفه أهلها حين كان النبي صلى الله عليه وسلم جالسا في ظلها فبايع أصحابه كلهم إلا الجد بن قيس وكان منافقا غير مؤمن فلم يبايع كما في التفسير، حين كان لاصقا بإبط ناقته.
5 المغانم الكثيرة: هي مغانم بلاد خيبر من أرض وأنعام ومتاع وحوايط وبساتين، ووصف الغنائم بجملة يأخذونها دال على تحقيق حصول فائدة هذا الوعد لجميع أهل البيعة وبشارة لهم بأنه لم يهلك منهم أحدا قبل صولهم على هذه الغنائم وكذلك كان والحمد لله.
6 هذه الجملة معترضة ذيل بها قوله تعالى: {وأثابهم فتحا قريبا ومغانم كثيرة يأخذونها} لأن ما حصل لهم من نصر وخير كان من مظاهر عزة الله وعظيم حكمته.

******************************

يتبع

ابوالوليد المسلم 10-08-2022 03:55 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه وكف أيدي الناس عنكم ولتكون آية للمؤمنين ويهديكم صراطا مستقيما (20) وأخرى لم تقدروا عليها قد أحاط الله بها وكان الله على كل شيء قديرا (21) ولو قاتلكم الذين كفروا لولوا الأدبار ثم لا يجدون وليا ولا نصيرا (22) سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا (23) وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم وكان الله بما تعملون بصيرا (24)
شرح الكلمات:
وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها: أي من الفتوحات الإسلامية التي وصلت الأندلس غربا.
فعجل لكم هذه: أي غنيمة خيبر.
وكف أيدي الناس عنكم: أي أيدي اليهود حيث هموا بالغارة على بيوت الصحابة وفيها أزواجهم وأولادهم وأموالهم فصرفهم الله عنهم.
ولتكون آية للمؤمنين: أي تلك الصرفة التي صرف اليهود المتآمرين عن الاعتداء على عيال الصحابة وهم غيب في الحديبية أو خيبر آية يستدلون بها على كلاءة الله وحمايته لهم في حضورهم ومغيبهم.
ويهديكم صراطا مستقيما: أي طريقا في التوكل على الله والتفويض إليه في الحضور والغيبة لا اعوجاج فيه.
وأخرى لم تقدروا عليها: أي ومغانم أخرى لم تقدروا عليها وهي غنائم فارس والروم.
قد أحاط بها: أي فهي محروسة لكم إلى حين تغزون فارس والروم فتأخذونها.
ولو قاتلكم الذين كفروا: أي المشركون في الحديبية.
لولوا الأدبار: أي لانهزموا أمامكم وأعطوكم أدبارهم تضربونها.
سنة الله قد خلت من قبل: أي هزيمة الكافرين ونصر المؤمنين الصابرين سنة ماضية في كل زمان ومكان.
وهو الذي كف أيديهم عنكم: حيث جاء ثمانون من المشركين يريدون رسول الله والمؤمنين ليصيبوهم بسوء.
وأيديكم عنهم ببطن مكة: فأخذهم أصحاب رسول الله أسرى وأتوا بها إلى رسول الله فعفا عنهم.
من بعد أن أظفركم عليهم: وذلك بالحديبية التي هي بطن مكة.
معنى الآيات:
ما زال السياق في ذكر إفضال الله تعالى وإنعامه على المؤمنين المبايعين الله ورسوله على مناجزة المشركين وقتالهم وأن لا يفروا فقد ذكر أنه أنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا ومغانم خيبر الكثيرة فعطف على السابق خبرا عظيما آخر فقال {وعدكم1 الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه} أي غنيمة خيبر، {وكف أيدي الناس2 عنكم} وذلك أن يهود المدينة تمالأوا مع يهود خيبر وبعض العرب على أن يغيروا على دور الأنصار والمهاجرين بالمدينة ليقتلوا من بها وينهبوا ما فيها فكف تعالى أيديهم وصرفهم عما هموا به كرامة للمؤمنين، وقوله {ولتكون آية للمؤمنين} 3 أي تلك الصرفة التي صرف فيها قلوب من هموا بالغارة على عائلات وأسر الصحابة بالمدينة وهم غيب بالحديبية آية تهديهم إلى زيادة التوكل على الله والتفويض إليه والاعتماد عليه. {ويهديكم صراطا مستقيما} أي ويسددكم طريقا واضحا لا اعوجاج فيه وهو أن تثقوا في أموركم كلها بربكم فتتوكلوا عليه في جميعها فيكفيكم كل ما يهمكم، ويدفع عنكم ما يضركم في مغيبكم وحضوركم. وقوله تعالى {وأخرى لم تقدروا عليها قد أحاط الله بها} أي وغنائم أخرى لم تقدروا وهي غنائم الروم وفارس. وقد أحاط الله بها فلم يفلت منها شيء حتى تغزوا تلك البلاد وتأخذوها كاملة، {وكان الله على كل شيء قديرا} ومن مظاهر قدرته أن يغنمكم وأنتم أقل عددا وعددا غنائم أكبر دولتين في عالم ذلك الوقت فارس والروم. وقوله {ولو قاتلكم الذين كفروا لولوا الأدبار ثم لا يجدون وليا ولا نصيرا} أي ومن جملة إنعامه عليكم أنه لو قاتلكم أهل مكة وأنتم ببطنها لنصركم الله عليهم ولا انهزموا أمامكم مولينكم ظهورهم ولا يجدون وليا يتولاهم بالدفاع عنهم ولا ناصرا ينصرهم لأنا سلطناكم عليهم. وقوله تعالى {سنة الله التي قد خلت من قبل} أي في الأمم السابقة وهي لأن الله ينصر أولياءه على أعدائه لابد فكان هذا كالسنن الكونية التي لا تتبدل، وهو معنى قوله {ولن تجد لسنة الله تبديلا} ، وقوله تعالى في الآية الأخيرة من هذا السياق (24) {وهو الذي كف أيديهم4 عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم وكان الله بما تعملون بصيرا} هذه منة أخرى وكرامة عظيمة وهي أن قريش بعثت بثمانين شابا إلى معسكر رسول الله في الحديبية لعلهم يصيبون غرة من الرسول وأصحابه فينالونهم بسوء فأوقعهم تعالى أسرى في أيدي المسلمين فمن الرسول صلى الله عليه وسلم بالعفو فكان ذلك سبب صلح الحديبية. وقوله {وكان الله بما تعملون بصيرا} أي مطلعا عالما بكل ما يجري بينكم فهو معكم لولايته لكم.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- صدق وعد الله لأصحاب رسوله في الغنائم التي وعدوا بها فتحققت كلماته بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي غنائم فارس والروم.
2- كرامة الله للمؤمنين إذ حمى ظهورهم من خلفهم مرتين الأولى ما هم به اليهود من غارة على عائلات وأسر الصحابة بالمدينة النبوية، والثانية ما هم به رجال من المشركين للفتك بالمؤمنين ليلا بالحديبية إذ مكن الله منهم رسوله والمؤمنين، ثم عفا عنهم رسول الله وأطلق سراحهم فكان ذلك مساعدا قويا على تحقيق صلح الحديبية.
3- بيان سنة الله في أنه ما تقاتل أولياء الله مع أعدائه إلا نصر الله أولياءه على أعدائه.
__________

1 هذه الجملة مستأنفه بيانيا إذ قوله تعالى {وأثابهم فتحا قريبا ومغانم كثيرة يأخذونها} يثير في نفس أحدهم سؤالا وهو: هل من بعد هذا الفتح والغنائم من غنائم أخرى فكان الجواب: {وعدكم الله مغانم..} الخ فقولي في التفسير فعطف ليس هو من باب العطف النحوي وإنما هو من باب الإرداف والإلحاق.
2 هذه منة أخرى عظيمة حيث صرف عنهم قتال قريش لهم وإلا كانوا يتعرضون لأتعاب فد تحول بينهم وبين ما أوتوه من فتح خيبر والفوز بغنائمها.
3(ولتكون) هذه الجملة علة لأخرى مقدرة وهي ولتشكروه (ولتكون آية) الخ أي: كف أيدي الناس عنكم لتشكروه ولتكون آية.
4 روي عن أنس أنه قال: إن ثمانين رجلا من أهل مكة هبطوا على النبي صلى الله عليه وسلم من جبل التنعيم متسلحين يريدون غرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فأخذناهم سلما فاسحييناهم فأنزل الله تعالى: {وهو الذي كف أيديهم} الآية.



ابوالوليد المسلم 10-08-2022 03:56 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 


http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg
تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة الفتح - (4)
الحلقة (791)

سورة الفتح
مدنية
وآياتها تسع وعشرون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 111الى صــــ 116)

هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام والهدي معكوفا أن يبلغ محله ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطئوهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم ليدخل الله في رحمته من يشاء لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما (25) إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها وكان الله بكل شيء عليما (26)
شرح الكلمات:
هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام: أي بالله ورسوله ومنعوكم من الوصول إلى المسجد الحرام.
والهدي معكوفا أن يبلغ1 محله2: أي ومنعوا الهدي محبوسا حال بلوغ محله من الحرم.
ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات: أي موجودون في مكة.
لم تعلموهم: أي لم تعرفوهم مؤمنين ومؤمنات.
أن تطأوهم: أي قتلا عند قتالكم المشركين بمكة.
فتصيبكم منهم معرة بغير علم: أي إثم وديات قتل الخطأ وعتق أو صيام لأذن لكم الله تعالى في دخول مكة.
ليدخل الله في رحمته من يشاء: أي لم يؤذن لكم في دخول مكة فاتحين ليدخل الله في الإسلام من يشاء.
لو تذيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما: أي لو تميزوا فكان المؤمنون على حدة والكافرون على حدة لأذنا لكم في الفتح وعذبنا الذين كفروا بأيديكم عذبا أليما وذلك بضربهم وقتلهم.
إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم: أي لعذبناهم إذ جعل الذين كفروا غي قلوبهم الحمية حمية الجاهلية وهي الأنفة
الحمية المانعة من قبول الحق ولذا منعوا الرسول وأصحابه من دخول مكة وقالوا كيف يقتلون أبناءنا ويدخلون بلادنا واللات والعزى ما دخلوها.
فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين: أي فهم الصحابة أن يخالفوا أمر رسول الله بالصلح فأنزل الله سكينته عليهم فرضوا ووافقوا فتم الصلح.
وألزمهم كلمة التقوى: أي ألزمهم كلمة لا إله إلا الله إذ هي الواقية من الشرك.
وكانوا أحق بها وأهلها: أي أجدر بكلمة التوحيد وأهلا للتقوى.
وكان الله بكل شيء عليما: أي من أمور عبادة وغيرها ومن ذلك علمه بأهلية المؤمنين وأحقيتهم بكلمة التقوى (لا إله إلا الله) .
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في الحديث عن صلح الحديبية فقال تعالى في المشركين ذاما لهم عائبا عليهم صنيعهم {هم الذين كفروا} أي بالله ورسوله وصدوكم عن المسجد الحرام أن تدخلوه وأنت محرمون والهدى معكوفا أي وصدوا الهدى3 والحال أنه محبوس ينتظر به دخول مكة لينحر وقوله تعالى {ولولا رجال مؤمنون ونساء4 مؤمنات} بمكة لم تعلموهم لأنهم كانوا يخفون إسلامهم غالبا، كراهة أن تطأوهم أثناء قتالكم المشركين فتصيبكم منهم معرة بغير علم5 منكم بهم والمعرة العيب والمراد به هنا التبعة وما يلزم من قتل المسلم خطأ من الكفارة والدية لولا هذا لأذن لكم بدخول مكة غازين فاتحين لها وقوله تعالى {ليدخل الله في رحمته من يشاء} أي لم يأذن لكم في القتال ورضي لكم بالصلح ليدخل في رحمته من يشاء فالمؤمنون نالتهم رحمة الله إذ لم يؤذوا بدخولكم مكة فاتحين والمشركون قد يكون تأخر الفتح سببا في إسلام من شاء الله تعالى له الإسلام لا سيما عندما رأوا رحمة الإسلام وتتجلى في ترك القتال رحمة بالمؤمنين والمؤمنات حتى لا يتعرضوا للأذى فدين يراعي هذه الأخوة دين لا يحرم منه عاقل. وقوله تعالى {لو تزيلوا} أي6 لو تميز المؤمنون والمؤمنات على المشركين بوجودهم في مكان خاص بهم لأذنا لكم في دخول مكة وقتال المشركين وعذبناهم بأيديكم عذبا أليما وقوله {إذ جعل7 الذين كفروا في قلوبهم الحمية1 حمية الجاهلية} هذا تعليل للإذن بقتال المشركين في مكة وتعذيبهم العذاب الأليم لولا وجود مؤمنين ومؤمنات بها يؤذيهم ذلك والمراد من الحمية الأنفة والتعاظم وما يمنع من قبول الحق والتسليم به وهذه من صفات أهل الجاهلية فقد قالوا، كيف نسمح لهم بدخول بلادنا وقد قتلوا أبناءنا واللات والعزى ما دخلوا علينا أبدا، وقوله تعالى {فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين} وذلك بما هم المؤمنون بعدم قبول الصلح لما فيه من التنازل الكبير للمشركين وهم على الباطل والمؤمنون على الحق فلما حصل هذا في نفوس المؤمنين أنزل الله سكينته عليهم وهي الطمأنينة والوقار والحلم فرفضوا بالمصالحة وتمت وكان فيها خير كثير حتى قيل فيها إنها فتح أولي أو فاتحة فتوحات لا حد لها. وقوله تعالى {وألزمهم كلمة التقوى2 وكانوا أحق بها وأهلها} أي وشرف الله وأكرم المؤمنين بإلزامهم التشريعي بكلمة لا إله إلا الله. إذ هي كلمة التقوى أي الواقية من الشرك والعذاب في الدارين وجعلهم أحق بها وأهلها. أي أجدر من غيرهم بكلمة التوحيد وأكثر أهلية للتقوى وكان الله بكل شيء عليما ومن ذلك علمه بأهلية أصحاب رسول الله بما جعلهم أهلا له من الإيمان والتقوى.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- بيان حكم المحصر وهو من منع من دخول المسجد الحرام وهو محرم بحج أو بعمرة فإنه يتحلل بذبح هدي ويعود إلى بلاده، ويذبح الهدي حيث أحصر، وليس واجبا إدخاله إلى الحرم.
2- الأخذ بالحيطة في معاملة المسلمين حتى لا يؤذى مؤمن أو مؤمنة بغير علم.
3- بيان أن كلمة التقوى هي لا إله إلا الله.
4- الإشارة إلى ما أصاب المسلمين من ألم نفسي من جراء الشروط القاسية التي اشترطها ممثل قريش ووثيقة الصلح. وهذا نص الوثيقة وما تحمله من شروط لم يقدر عليها إلا رسول الله بما آتاه الله من العلم والحكمة والحلم والصبر والوقار، ولما أنزل الله ذلك على المؤمنين من السكينة فحملوها وارتاحت نفوسهم لها نص الوثيقة: (ورد أن قريشا لما نزل النبي صلى الله عليه وسلم الحديبية بعثت إليه ثلاثة رجال هم سهيل بن عمرو القرشي، وحويطب بن عبد العزى ومكرز بن حفص على أن يعرضوا على النبي صلى الله عليه وسلم أن يرجع من عامه ذلك على أن يخلي له قريش مكة من العام المقبل ثلاثة أيام فقبل ذلك وكتبوا بينهم كتابا فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب أكتب بسم الله الرحمن الرحيم فقالوا: ما نعرف هذا اكتب باسمك اللهم، فكتب ثم قال اكتب هذا ما صالح عليه محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل مكة فقالوا لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت وما قاتلناك اكتب هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله أهل مكة فقال النبي صلى الله عليه وسلم اكتب ما يريدون فهم المؤمنون أن يأبوا ذلك ويبطشوا بهم فأنزل الله السكينة عليهم فتوقروا وحلموا وتم الصلح على ثلاثة أشياء هي:
1- أن من أتاهم من المشركين مسلما ردوه إليهم.
2- أن من أتاهم من المسلمين لم يردوه إليهم.
3- أن يدخل الرسول والمؤمنون مكة من عام قابل ويقيمون بها ثلاثة أيام لا غير ولا يدخلها بسلاح. فلما فرع من الكتاب قال صلى الله عليه وسلم لأصحابه قوموا فنحروا ثم احلقوا.
__________

1 جائز أن يكون: (أن يبلغ محله) بدل اشتمال من الهدي، وجائز أن يكون معمولا لحرف جر محذوف وهو (عن) أي عن أن يبلغ محله.
2 المحل: بكسر الحاء: محل الحل مشتق من فعل حل ضد حرم أي المكان الذي يحل فيه نحر الهدي، وذلك بمكة عند المروة بالنسبة للعمرة، ومنى بالنسبة للحج.
3 الهدي، والهدي بكسر الدال وتشديد الياء، لغتان والواحدة هدية.
4 كسلمة بن هشام وعباس بن أبي ربيعة وأبي جندل بن سهيل. وأشباههم، وجواب لولا محذوف تقديره: لأذن الله لكم في دخول مكة ولسلطناكم عليهم.
5(بغير علم) فيه تفضبل للصحابة وإخبار عن كمالهم في الخلق والدين، وهذا قول النملة في سليمان وجنوده: (لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون) ؛
6(لو تذيلوا) أي: تميزوا وتفرقوا. و (لو) حرف امتناع لامتناع امتنع الشرط وهو التفرق، فامتنع التسلط، والقتل بالإذن للمسلمين بقتالهم وقتلهم. وفي هذا دليل على أنه لا يجوز إغراق باخرة للكافرين بها مسلمون، ولا ضرب حصن بالقذائف داخله مسلمون وهو ما رآه مالك.
7 يجوز أن يكون الظرف، (إذا) متعلقا بقوله تعالى: {العذبنا} وجائز أن يعلق بمحذوف تقديره: واذكروا إذ جعل الخ.
8 قال الزهري، حميتهم أنفتهم من الإقرار للنبي صلى الله عليه وسلم بالرسالة والاستفتاح بسم الله الرحمن الرحيم ومنعهم من دخول مكة.
9 ورد في (كلمة التقوى) آثار منها أنها لا إله إلا الله، ومنها أنها لا إله إلا الله محمد رسول الله، ومنها أنها: لا إله إلا الله والله أكبر ومنها أنها لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، والكل حق لا باطل فيه.

********************************

يتبع

ابوالوليد المسلم 10-08-2022 03:56 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون فعلم ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحا قريبا (27) هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا (28)
شرح الكلمات:
لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق: أي جعل الله رؤيا رسوله التي رآها في النوم عام الحديبية حقا.
لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين: هذا مضمون الرؤيا أي لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين.
محلقين رؤوسكم ومقصرين: أي حالقين جميع شعوركم أو مقصرينها.
لا تخافون: أي أبدا حال الإحرام وبعده.
فعلم ما لم تعلموا: أي في الصلح الذي تم، أي لم تعلموا من ذلك المعرة التي كانت تلحق المسلمين بقتالهم إخوانهم المؤمنين وهم لا يشعرون.
فجعل من دون ذلك فتحا قريبا: هو فتح خيبر وتحققت الرؤية في العام القابل.
هو الذي أرسل رسوله بالهدى ةدين الحق: فلذا لا يخلفه رؤياه بل يصدقه فيها.
ليظهره على الدين كله: أي ليعليه على سائر الأديان بنسخ الحق فيها، وإبطال الباطل فيها، أو بتسليط المسلمين على أهلها فيحكمونهم.
وكفى بالله شهيدا: أي أنك مرسل بما ذكر أي بالهدى ودين الحق.
معنى الآيات:
ما زال السياق في صلح الحديبية وما تم فيه من أحداث فقال تعالى {لقد صدق الله رسوله} أي محمدا صلى الله عليه وسلم {الرؤيا بالحق} 1 أي2 الرؤية التي رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبر بها أصحابه عند خروجهم من المدينة إلى مكة فقد أخبر بها أصحابه فسروا بذلك وفرحوا ولما تم الصلح بعد جهاد سياسي وعسكري مرير، وأمرهم الرسول أن ينحروا ويحلقوا اندهشوا لذلك وقال بعضهم أين الرؤيا التي رأيت؟ ونزلت سورة الفتح عند منصرفهم من الحديبية وفيها قوله تعالى {لتدخلن المسجد الحرام إن شاء3 الله آمنين محلقين4 رؤوسكم ومقصرين لا تخافون} ، وقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق فلما جاء العام القابل وفي نفس الأيام من شهر القعدة خرج رسول الله والمسلمون محرمين يلبون وأخلت لهم قريش المسجد الحرام فطافوا بالبيت وسعوا بين الصفا والمروة وتحللوا من عمرتهم فمنهم المحلق ومنهم المقصر.
وقوله تعالى فعلم ما لم تعلموا فأثبت الصلح وقرره لأنه لو كان قتال ولم يكن صلح لهلك المؤمنون بمكة والمؤمنات بالحرب وتحصل لذلك معرة كبرى للمسلمين الذين قتلوا إخوانهم في الإسلام هذا من بعض الأمور التي اقتضت الصلح وترك القتال وقوله وجعل من دون ذلك فتحا قريبا الصلح4 فتح، وفتح خيبر فتح، وفتح مكة فتح، وكلها من الفتح القريب. وقوله هو الذي أرسل رسوله أي محمد بالهدى ودين الحق أي الإسلام فكيف إذا لا يصدقه رؤياه كما ظن البعض وكفا بالله شهيدا على أنك يا محمد مرسل بما ذكر تعالى من الهدى والدين الحق وإظهاره على الدين كله بنسخ الحق الذي فيه وإبطال الباطل الذي ألصق به. أو بتسليط المسلمين على قهر وحكم أهل تلك الأديان الباطلة وقد حصل من هذا شيء كبير.
هداية الآيتين:
من هداية الآيتين:

1-تقرير أن رؤيا الأنبياء حق.
2- تعبير الرؤيا قد يتأخر سنة أو أكثر.
3- مشروعية الحلق والتقصير للتحلل من الحج أو العمرة وإن الحلق أفضل لتقدمه.
4- مشروعية قول إن شاء الله في كل قول أو عمل يراد به المستقبل.
5- الإسلام هو الدين الحق وما عداه فباطل.
__________

1 روي أن أبا بكر رضي الله عنه قال: إن المنام لم يكن موقتا بوقت أي: فقد تتأخر الرؤية سنوات أو شهورا أو أياما فكان ما بين رؤيا رسول الله صلى الله عليه وسلم وظهور مصداقها في الواقع سنة كاملة.
2(بالحق) الباء للملابسة، وهو ظرف مستقر وقع صفة لمصدر محذوف تقديره أي: صدقا وملابسا للحق.
(إن شاء الله) هل هذا الإستثناء من جملة ما رآه النبي صلى الله عليه وسلم في منامه فأعاده كما سمعه في الرؤية ويكون هذا تعليما من الله عز وجل للمؤمنين أن يقولوا مثله في كل ما هو مستقبل من الأقوال والأعمال أو قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم عملا بقول الله تعالى: {ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا
إلا أن يشاء الله} .
3(آمنين) و (محلقين) و (مقصرين) : منصوبة على الحال، وجملة (لا تخافون) في موضع الحال أيضا مؤكدة ل (آمنين) الحال.
4 ومن أنواع الفتح القريب ما تم بالهدنة من دخول الناس في الإسلام إذ أصبح الناس آمنين فيتصلون بالمؤمنين ويتعرفون إلى الإسلام ويدخلون فيه، فدخل في الإسلام أعداد هائلة في هذه الهدنة.

ابوالوليد المسلم 10-08-2022 03:57 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 


http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg
تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة الفتح - (5)
الحلقة (792)

سورة الفتح
مدنية
وآياتها تسع وعشرون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 117الى صــــ 122)

محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما (29)
شرح الكلمات:
محمد رسول الله والذين معه: أي أصحابه رضوان الله عليهم.
أشداء على الكفار: أي غلاظ لا يرحمونهم.
رحماء بينهم: أي متعاطفون متوادون كالوالد مع الولد.
تراهم ركعا سجدا: أي تبصرهم ركعا سجدا أي راكعين ساجدين.
يبتغون فضلا من الله ورضوانا: أي يطلبون بالركوع والسجود ثواب من ربهم هو الجنة ورضوانا هو رضاه عز وجل.
سيماهم في وجوههم: أي نور وبياض يعرفون به يوم القيامة أنهم سجدوا في الدنيا.
ذلك: أي الوصف المذكور.
مثلهم في التوراة: أي صفتهم في التوراة كتاب موسى عليه السلام.
أخرج شطأه: أي فراخه.
فآزره: أي قواه وأعانه.
فاستغلظ فاستوى: أي غلظ واستوى أي قوي.
على سوقه: جمع ساق أي على أصوله.
يعجب الزراع: أي زارعيه لحسنه.
ليغيظ بهم الكفار: هذا تعليل أي قواهم وكثرهم ليغيظ بهم الكفار.
معنى الآيات:
لما أخبر تعالى أنه أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله شهادة منه بذلك أخبر أيضا عنه بما يؤكد تلك الشهادة فقال تعالى {محمد1 رسول الله والذين معه} من أصحابه {أشداء على الكفار} أي غلاظ قساة عليهم، وذلك لأمرين الأول أنهم كفروا بالله وعادوه ولم يؤمنوا به ولم يجيبوه، والله يبغضهم لذلك فهم إذا غلاظ عليهم لذلك والثاني أن الغلظة والشدة قد تكون سببا في هدايتهم لأنهم يتألمون بها، ويرون خلافها مع المسلمين فيسلمون فيرحمون ويفوزون. وقوله تعالى {رحماء بينهم} أي فيما بينهم يتعاطفون يتراحمون فترى أحدهم يكره أن يمس جسمه أو ثوبه جسم الكافر أو ثوبه، وتره مع المسلم إذا رآه صافحه وعانقه ولاطفه وأعانه وأظهر له الحب والود. وقوله تعالى {تراهم} أي تبصرهم أيها المخاطب {ركعا سجدا2} أي راكعين ساجدين في صلواتهم {يبتغون} أي يطلبون بصلاتهم بعد إيمانهم وتعاونهم وتحاببهم وتعاطفهم مع بعضهم، يطلبون بذلك {فضلا من الله ورضوانا} أي الجنة ورضا الله. وهذا أسمى ما يطلب المؤمن أن يدخله الله الجنة بعد أن ينقذه من النار ويرضى عنه. وقوله {سيماهم3 في وجوههم من أثر السجود} أي علامات إيمانهم وصفائهم في وجوههم من أثر السجود إذ يبعثون يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء {نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم} وفي الدنيا عليهم سيما التقوى والصلاح والتواضع واللين والرحمة. وقوله تعالى {ذلك} أي المذكور {مثلهم في4 التوراة} {مثلهم في الأنجيل كزرع أخرج5 شطأه} أي فراخه {فآزره} أي قواه وأعانه {فاستغلظ} أي غلظ {فاستوى} أي قوي {على سوقه} جمع ساق ما يحمل السنبلة من أصل لها {يعجب الزراع} أي الزراعين له وذلك لحسنه وسلامة ثمرته وقوله تعالى {ليغيظ بهم6 الكفار} أي قواهم وكثرهم من أجل أن يغيظ بهم الكفار ولذا ورد عن مالك بن أنس رحمه الله تعالى أن من يغيظه أصحاب رسول الله فهو كافر وقوله {وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة} أي لذنوبهم {وأجرا عظيما} هو الجنة. هذا وعد خاص بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رضوان الله عليهم وهناك وعد عام لسائر المؤمنين والمؤمنات وذلك في آيات أخرى مثل آية المائدة {وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر عظيم} .
هداية الآية الكريمة:
من هداية الآية الكريمة:

1- تقرير نبوة رسول الله وتأكيد رسالته.
2- بيان ما كان عليه رسول الله وأصحابه من الشدة والغلظة على الكفار والعطف والرحمة على أهل الإيمان وهذا مما يجب الأتساء بهم فيه والاقتداء.
3- بيان فضل الصلاة ذات الركوع والسجود والطمأنينة والخشوع.
4- صفة أصحاب رسول الله في كل من التوراة والإنجيل ترفع من درجتهم وتعلي من شأنهم.
5- بيان أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بدأوا قليلين ثم اخذوا يكثرون حتى كثروا كثرة أغاظت الكفار.
6- بغض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتنافى مع الإيمان منافاة كاملة لا سيما خيارهم وكبارهم كالخلفاء الراشدين الأربعة والمبشرين بالجنة العشرة وأصحاب بيعة الرضوان، وأهل بدر قبلهم. ولذا روي عن مالك رحمه الله تعالى: أن من7 يغيظه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو كافر.
__________

1 جائز الوقف على (رسول الله) مبتدأ وخبر، ويبدأ الكلام: (والذين معه أشداء..) الخ وهو الأشبه، وجائز أن يكون: (والذين معه) عطف على (محمد رسول الله) والخبر: (أشداء..) الخ.
2 إخبار بكثرة ركوعهم وسجودهم وهو كذلك، إذ لم تر الدنيا أكثر من المسلمين ركوعا وسجودا من سائر الأمم التي دانت لله بالإسلام.
3 السيما: (العلامة ولها ثلاثة مظاهر، الأول: هو يبوسة في الجبهة ولا يتعمدونها ولكنها تحدث من كثرة السجود على الأرض، والثاني: الأثر النفسي من التواضع والخشوع ونور الصلاح. والثالث: نور يوم القيامة يعلو وجوههم ويشهد له قوله تعالى {نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم} الآية.
4 موجود في التوراة قبل تحريفها إذ فيها نعوت هذه الأمة ونعوت نبيها محمد صلى الله عليه وسلم وهي إلى الآن واليهود يتأولونها هروبا من الحق حتى لا يلزموا به.
5 فراخ الزرع فروع الحبة منه.
6 الجملة تعليلية لما سبقها من صفات أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أي: وهبهم ذلك الكمال ليغيظ بهم الكفار.
7 الرواية كما رواها القرطبي هي: روى أبو عروة الزبيري من ولد الزبير قال كنا عند مالك بن أنس فذكروا رجلا ينتقص أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ مالك هذه الآية: (محمد رسول الله والذين معه..) حتى بلغ: (يعجب الزراع ليغيظ به الكفار) فقال مالك من أصبح من الناس في قلبه غيظ على أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد أصابته هذه الآية. يريد ألزمته بالكفر.

*******************************

يتبع

ابوالوليد المسلم 10-08-2022 03:57 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
سورة الحجرات
وآياتها ثماني عشرة آية
وهي بداية المفصل1

بسم الله الرحمن الرحيم
يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم (1) يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون (2) إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم (3)


شرح الكلمات:
يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا: أي لا تتقدموا بقول ولا فعل إذ هو من قدم بمعنى تقدم.
بين يدي الله ورسوله: كمن ذبح يوم العيد قبل أن يذبح رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكإرادة أحد الشيخين تأمير رجل على قوم قبل استشارة الرسول صلى الله عليه وسلم.
واتقوا الله إن الله سميع عليم: أي خافوا الله إنه سميع لأقوالكم عليم بأعمالكم.
لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي: أي إذا نطقتم فوق صوت النبي إذا نطق.
ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض: أي إذا ناجيتموه فلا تجهروا في محادثتكم معه كما تجهرون في ما بينكم إجلالا له صلى الله عليه وسلم وتوقيرا وتقديرا.
أن تحبط أعمالكم: أي كراهة أن تبطل أعمالكم فلا تثابون عليها.
وأنتم لا تشعرون: بحبوطها وبطلانها. إذ قد يصحب ذلك استخفاف بالنبي صلى الله عليه وسلم لا سيما إذا صاحب ذلك إهانة وعدم مبالاة فهو الكفر والعياذ بالله.
يغضون أصواتهم عند رسول الله: أي يخفضونها حتى لكأنهم يسارونه ومنهم أبو بكر رضي الله عنه.
امتحن الله قلوبهم للتقوى: أي شرحها ووسعها لتتحمل تقوى الله. مأخوذ من محن الأديم إذا وسعه.
لهم مغفرة وأجر عظيم: أي مغفرة لذنوبهم وأجر عظيم وهو الجنة.
معنى الآيات:
قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا} 2 لو بحثنا عن المناسبة بين هذه السورة والتي قبلها لتجلت لنا واضحة إذا رجعنا بالذاكرة إلى موقف عمر رضي الله عنه وهو يريد أن لا يتم صلح بين المؤمنين والمشركين، وإلى موقف الصحابة كافة من عدم التحلل من إحرامهم ونحر هداياهم والرسول يأمر وهم لا يستجيبون حتى تقدم صلى الله عليه وسلم فنحر هديه ثم نحروا بعده وتحللوا، إذ تلك المواقف التي أشرنا إليها فيها معنى تقديم الرأي والقول بين يدي الله ورسوله وفي ذلك مضرة لا يعلم مداها إلا الله، ولما انتهت تلك الحال وذلك الظرف الصعب أنزل الله تعالى قوله {يا أيها الذين آمنوا}أي بالله ربا وإلها وبالإسلام شرعة ودينا وبمحمد نبيا ورسولا ناداهم بعنوان الإيمان ليقول لهم ناهيا {لا تقدموا 3بين يدي الله ورسوله} أي قولا ولا عملا ولا رأيا ولا فكرا أي لا تقولوا ولا تعملوا إلا تبعا لما قال الله ورسوله، وشرع الله ورسوله {واتقوا الله} في ذلك فإن التقدم بالشيء قبل أن يشرع الله ورسوله فيه معنى أنكم أعلم وأحكم من الله ورسوله وهذه زلة كبرى وعاقبتها سوأى. ولذا قال {واتقوا الله إن الله سميع} أي لأقوالكم {عليم} بأعمالكم وأحوالكم. ومن هنا فواجب المسلم أن لا يقول ولا يعمل4 ولا يقضي ولا يفتي برأيه إلا إذا علم قول الله ورسوله وحكمهما وبعد أن يكون قد علم أكثر أقوال الله والرسول وأحكامهما، فإذا لم يجد من ذلك شيئا اجتهد5 فقال أو عمل بما يراه أقرب إلى رضا الله تعالى فإذا لاح له بعد ذلك نص من كتاب أو سنة عدل عن رأيه وقال بالكتاب والسنة وهذا ما دلت عليه الآية الأولى (1) أما الآية الثانية (2) وهي قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون} فإنها تطالب المسلم بالتأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأولا نهاهم رضي الله عنهم عن رفع أصواتهم فوق صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا هم تحدثوا معه وأوجب عليهم إجلال النبي وتعظيمه وتوقيره بحيث يكون صوت أحدهم إذا تكلم مع رسول الله أخفض من صوت الرسول صلى الله عليه وسلم ولقد كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه إذا كلم رسول الله يساره الكلام مسارة وثانيا ونهاهم إذا هم ناجوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يجهروا له بالقول كجهر بعضهم لبعض بل يجب عليهم توقيره وتعظيمه. وأعلمهم أنه يخشى عليهم إذ هم لم يوقروا رسول الله ولم يجلوه أن تحبط أعمالهم كما تحبط بالشرك والكفر وهم لا يشعرون. إذ رفع الصوت للرسول ونداؤه بأعلى الصوت يا محمد يا محمد أو يا نبي الله ويا رسول الله وبأعلى الأصوات إذا صاحبه استخفاف أو إهانة وعدم مبالاة صار كفرا محبطا للعمل قطعا. وفي الآية الثالثة (3) يثني الله تعالى على أقوام يغضون أصواتهم أي يخفضونها عند رسول الله أي في حضرته وبين يديه كأبي بكر وعمر رضي الله عنهما هؤلاء يخبر تعالى أنه امتحن قلوبهم بالتقوى أي وسعها وشرحها
لتحمل تقوى الله والرسول صلى الله عليه وسلم يقول "التقوى7 ها هنا ويشير إلى صدره ثلاثا"، ويذكر لهم بشرى نعم البشرى وهي أن لهم منه تعالى مغفرة لذنوبهم، وأجرا عظيما يوم يلقونه وهو الجنة دار المتقين جعلنا الله منهم بفضله ورحمته.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- لا يجوز للمسلم أن يقدم رأيه أو اجتهاده على الكتاب والسنة فلا رأي ولا اجتهاد إلا عند عدم وجود نص من كتاب أو سنة وعليه إذا اجتهد أن يكون ما اجتهد فيه أقرب إلى مراد الله ورسوله، أي ألصق بالشرع، وإن ظهر له بعد الاجتهاد نص من كتاب أو سنة عاد إلى الكتاب والسنة وترك رأيه أو اجتهاده فورا وبلا تردد.
2- بما أن الله تعالى قد قبض إليه نبيه ولم يبق بيننا رسول الله نتكلم معه أو نناجيه فنخفض أصواتنا عند ذلك فإن علينا إذا ذكر رسول الله بيننا أو ذكر حديثه أن نتأدب عند ذلك فلا نضحك ولا نرفع الصوت، ولا نظهر أي استخفاف أو عدم مبالاة وإلا يخشى علينا أن تحبط أعمالنا ونحن لا نشعر.
3- على الذين يغشون مسجد رسول اله صلى الله عليه وسلم أن لا يرفعوا أصواتهم فيه إلا لضرورة درس أو خطبة أو أذان أو إقامة.
__________

1 أشهر الأقوال أن أول المفصل (الحجرات) وأول وسط المفصل (عبس) وأول قصار المفصل: (والضحى) هذا أشهر أقوال المالكية، وطلب هذا لأجل الصلاة المفروضة ففي الصبح يستحب القراءة بطوال المفصل وفي الظهر والعشاء بمتوسطه وفي المغرب بقصاره.
2 ذكر لسبب نزول هذه السورة عدة روايات منها ما ذكره الواحدي ورواه البخاري وهو أن ركبا من بني تميم قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر أمر القعقاع بن معبد، وقال عمر: أمر الأقرع بن حابس فقال أبو بكر: ما أردت إلا خلافي فقال عمر ما أردت خلافك فتماريا حتى ارتفعت أصواتهما فنزلت في ذلك {يا أيها الذين آمنوا..} الخ
3 هذه السورة نزلت في الأمر بمكارم الأخلاق ورعاية الآداب زيادة على ما تضمنت من الأحكام الشرعية والهدايات القرآنية.
4 ومن هنا قال العلماء: لا يحل لامرئ مسلم أن يقدم على أمر حتى يعلم حكم الله فيه.
5 شاهده حديث معاذ رضي الله عنه حيث قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بعثه إلى اليمن "بما تحكم؟ قال بكتاب الله تعالى قال صلى الله عليه وسلم فإن لم تجد؟ قال بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال صلى الله عليه وسلم فإن لم تجد؟ قال رضي الله عنه: اجتهد رأيي، فضرب في صدره وقال الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله صلى الله عليه وسلم".
6 روى البخاري (أن النبي صلى الله عليه وسلم افتقد ثابت بن قيس رضي الله عنه فقال رجل يا رسول الله أنا أعلم لك علمه فأتاه فوجده في بيته منكسا رأسه فقال له: ما شأنك؟ فقال شر، كان: يرفع صوته فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم فقد حبط عمله فهو من أهل النار فأتى الرجل النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره أنه قال كذا وكذا، فقال: اذهب إليه فقل له إنك لست من أهل النار ولكنك من أهل الجنة.
7 هذا بعض حديث صحيح أخرجه واحد من أصحاب السنن.



ابوالوليد المسلم 10-08-2022 03:58 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 


http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg
تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة الحجرات - (1)
الحلقة (793)

سورة الحجرات
وآياتها ثماني عشرة آية
وهي بداية المفصل

المجلد الخامس (صـــــــ 123الى صــــ 132)

إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون (4) ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم والله غفور رحيم (5) ياأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين (6) واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون (7) فضلا من الله ونعمة والله عليم حكيم (8)
شرح الكلمات:
إن الذين ينادونك من وراءالحجرات: أي حجرات نسائه والذين نادوه من أعراب بني تميم منهم الزبرقان بن بدر
والأقرع بن حابس وعيينة بن حصن.
أكثرهم لا يعقلون: أي فيما فعلوه بمحلك الرفيع ومقامك السامي الشريف.
ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم: أي ولو أنهم انتظروك حتى تخرج بعد قيامك من قيلولتك.
لكان خيرا لهم: أي من ذلك النداء بأعلى أصواتهم من كل أبواب الحجرات.
والله غفور رحيم: أي غفور لمن تاب منهم رحيم بهم إذا أساءوا مرتين الأولى برفع أصواتهم والثانية كانوا ينادونه أن اخرج إلينا فإن مدحنا زين وذمنا شين.
واسق بنبأ: أي ذو فسق وهو المرتكب لكبيرة من كبائر الذنوب والنبأ الخير ذو الشأن.
فتبينوا: أي تثبتوا قبل أن تقولوا أو تفعلوا أو تحكموا.
أن تصيبوا قوما بجهالة: أي خشية إصابة قوم بجهالة منكم.
فتصبحوا على ما فعلتم نادمين: أي فتصيروا على فعلكم الخاطئ نادمين.
واعلموا أن فيكم رسول الله: أي فاحذروا أن تكذبوا أو تقولوا الباطل فإن الوحي ينزل وتفضحون بكذبكم وباطلكم.
لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم: أي لوقعتم في المشقة الشديدة والإثم أحيانا.
وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان: أي بغض إلى قلوبكم الكفر والفسوق كالكذب والعصيان بترك واجب أو فعل محرم.
أولئك هم الراشدون: أي الذين فعل بهم ما فعل من تحبيب الإيمان وتكريه الكفر وما ذكر معه هم الراشدون أي السالكون سبيل الرشاد.
فضلا من الله ونعمة: أي أفضل بذلك عليهم فضلا وأنعم إنعاما ونعمة.
والله عليم حكيم: أي عليم بخلقه وما يعملون حكيم في تدبيره لعباده هذا بعامة وبخاصة عليم بأولئك الراشدين حكيم في إنعامه عليهم.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في تأديب المؤمنين إزاء نبيهم صلى الله عليه وسلم فقد عاب تعالى أقواما معهم جفاء وغلظة قيل أنهم وفد من أعراب بني تميم منهم الزبرقان بن بدر، والأقرع بن حابس وعيينة بن حصن جاءوا والرسول قائل وقت القيلولة ووقفوا على أبواب الحجرات1 ينادون بأعلى أصواتهم يا محمد يا محمد صلى الله عليه وسلم أن اخرج إلينا فإنما مدحنا زين وإن ذمنا شين فأنزل الله تعالى فيهم هذه الآية الكريمة تأديبا لهم {إن الذين ينادونك من وراء الحجرات} حجرات نساء الرسول صلى الله عليه وسلم وكانت أبواب الحجرات إلى المسجد. {أكثرهم لا2 يعقلون} أي فيما فعلوه بمقام الرسول الشريف ومكانته الرفيعة. {ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم} بعد هبوبك من قيلولتك {لكان3 خيرا} أي من ذلك النداء بتعالي الأصوات من وراء الحجرات وقوله تعالى {والله غفور رحيم} أي غفور لمن تاب منهم رحيم بهم إذ لم يعجل لهم العقوبة وفتح لهم باب التوبة وأدبهم ولم يعنف ولم يغلظ، وقوله تعالى في الآية الثالثة من هذا السياق (6) {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق4 بنبأ فتبينوا أن تصيبوا5 قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين} هذه الآية وإن كان لها سبب في نزولها وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث الوليد بن عقبة بن أبي معيط إلى بني المصطلق ليأتي بزكاة أموالهم، وكان بينهم وبين أسرة الوليد عداء في الجاهلية فذكره الوليد وهاب أن يدخل عليهم دارهم وهذا من وسواس الشيطان فرجع وستر على نفسه الخوف الذي أصابه فذكر أنهم منعوه الزكاة وهموا بقتله فهرب منهم فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم بغزوهم. وما زال كذلك حتى أتى وفد منهم يسترضي رسول الله ويستعتب عنده خوفا من أن يكون قد بلغه عنهم سوء فأخبروه بأنهم على العهد وأن الوليد رجع من الطريق ولم يصل إليهم وبعث الرسول خالد بن الوليد من جهة فوصل إليهم قبل المغرب فإذا بهم يؤذنون ويصلون المغرب والعشاء فعلم أنهم لم يرتدوا وأنهم على خير والحمد لله.
وجاء بالزكوات وأنزل الله تعالى هذه الآية قلت إن هذه الآية وإن نزلت في سبب معين فإنها عامة وقاعدة أساسية هامة فعلى الفرد والجماعة والدولة أن لا يقبلوا من الأخبار التي تنقل إليهم ولا يعملوا بمقتضاها إلا بعد الثبت والتبين الصحيح كراهية أن يصيبوا فردا أو جماعة بسوء بدون موجب لذلك ولا مقتض الإقالة سوء وفرية قد يريد بها صاحبها منفعة لنفسه بجلب مصلحة أو دفع مضرة عنه. فالأخذ بمبدأ التثبت والتبين عند سماع خبر من شخص لم يعرف بالتقوى والاستقامة الكاملة والعدالة التامة واجب صونا لكرامة الأفراد وحماية لأرواحهم وأموالهم.
والحمد لله على شرع عادل رحيم كهذا. فقوله {إن جاءكم فاسق} المراد بالفاسق من يرتكب كبيرة من كبائر الذنوب كالكذب مثلا, والنبأ الخبر ذو الشأن والتبين التثبت وقوله {أن تصيبوا قوما بجهالة} أن تصيبوهم في أبدانهم وأموالهم بعدم علم منكم وهي الجهالة وقوله {فتصبحوا على ما فعلتم نادمين} أي من جراء ما اتخذتم من إجراء خاطئ، وقوله تعالى في الآية (7) {واعلموا} يلفت الرب تعالى نظر المسلمين إلى حقيقة هم غافلون عنها وهو وجود الرسول صلى الله عليه وسلم حيا بينهم ينزل عليه الوحي فإن هذه حال تتطلب منهم التزام الصدق في القول والعمل وإلا يفضحهم الوحي فورا إن هم كذبوا في قول أو عمل كما فضح الوليد لما أخبر بغير الحق. هذا أولا وثانيا لو كان الرسول صلى الله عليه وسلم يطيعهم في كل ما يرونه ويقترحونه لوقعوا في مشاكل تعرضهم لمشاق لا تطاق، بل وفي آثام عظام. هذا معنى قوله تعالى {واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم6 في كثير من الأمر لعنتم} وقوله {ولكن الله حبب7 إليكم الأيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان} فوقاكم كثيرا من أن تكذبوا على رسولكم أو تقترحوا عليه أو تفرضوا آراءكم. وقوله {أولئك هم الراشدون8} أي أولئك أصحاب رسول الله هم السالكون سبيل الرشاد فلا يتهوكون ولا يضلون وقوله {فضلا9 من الله ونعمة} أي هدايتهم كانت فضلا من الله ونعمة، والله عليم بهم وبنياتهم وبواعث نفوسهم حكيم10 في تدبيره فأهل أصحاب رسول الله للخير وأضفاه عليهم فهم أفضل هذه الأمة على الإطلاق ولا مطمع لأحد أتى بعدهم أن يفوقهم في الفضل والكمال في الدنيا ولا في الآخرة فرضي الله عنهم وأرضاهم أجمعين وعنا معهم آمين.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- بيان سمو المقام المحمدي وشرف منزلته صلى الله عليه وسلم.
2- وجوب التثبت في الأخبار ذات الشأن التي قد يترتب عليها أذى أو ضرر بمن قيلت فيه، وحرمة التسرع المفضي بالأخذ بالظنة فيندم الفاعل بعد ذلك في الدنيا والآخرة.
3- من أكبر النعم على المؤمنين تحبيب الله تعالى الإيمان إليه وتزيينه في قلبه، وتكريه الكفر إليه والفسوق والعصيان وبذلك أصبح المؤمن أرشد الخلق بعد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
__________

1 الحجرات: جمع حجرة وهي تسع تدخل ضمن البيت النبوي.
2 هذا الاحتراس دال على أن من الوفد من كان متأدبا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يناد نداءهم بصوت عال وألفاظ نابية لا تليق بمقام الرسول صلى الله عليه وسلم.
3 أي: لو انتظروا خروجك لكان أصلح لهم في دينهم ودنياهم وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يحتجب عن الناس إلا في أوقات يشتغل فيها بمهمات نفسه فكان إزعاجه في تلك الحالة من سوء الأدب.
4 فسر الفاسق. بالكاذب وبالمعلن بالذنب، وبالذي لا يستحي من الله وهو قابل لكل ما ذكر.
5 أن تصيبوا: أي: لئلا تصيبوا.
6 لو: حرف امتناع لامتناع، امتنعت طاعته صلى الله عليه وسلم لهم فامتنع عنتهم الذي هو: الوقوع في المشقة والشدة.
7 (لكن) هذه الاستدراكية العاطفة، وهذا الاستدراك ناشيء عن كون بعضهم يحب أن يطيعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلموا أن الله حبب إليهم الإيمان وزينه في قلوبهم وكره إليهم الكفر والفسوق والعصيان وجعلهم من الراشدين، فكفاهم خواطر السوء، ورغبات الباطل، فلم يبق مجال للاقتراحات التي تسيء إليهم وإلى جانب نبيهم صلى الله عليه وسلم.
8 الرشاد، والرشد: ما كان خلاف الغي، والباطل والسيء.
9 نصب: (فضلا ونعمه) على المفعولية المطلقة.
10 جملة: (والله عليم حكيم) تذييلية لما تقدم من قوله: (واعلموا أن فيكم رسول الله) إلى قوله: (ونعمة) .

*****************************

يتبع

ابوالوليد المسلم 10-08-2022 03:59 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين (9) إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون (10) ياأيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون (11) ياأيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم (12) ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير (13)
شرح الكلمات:
وإن طائفتان من المؤمنين: أي جماعتان قل أفرادهما أو كثروا من المسلمين.
اقتتلوا فأصلحوا بينهما: أي هموا بالاقتتال أو باشروه فعلا فأصلحوا ما فسد بينهما.
فإن بغت إحداهما على الأخرى: أي تعدت بعد المصالحة بأن رفضت ذلك ولم ترض بحكم الله.
فقاتلوا التي تبغي حتى تفيئ إلىأمر الله: أي قاتلوا أيها المؤمنون مجتمعين الطائفة التي بغت حتى ترجع إلى الحق.
فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل: أي رجعت إلى الحق بعد مقاتلتها فأصلحوا بينهما بالعدل أي بالحق.
وأقسطوا إن الله يحب المقسطين: أي وأعدلوا في حكمكم إن الله يحب أهل العدل.
إنما المؤمنون إخوة: أي في الدين الإسلامي.
فأصلحوا بين أخويكم: أي إذا تنازعا شيئا وتخاصما فيه.
واتقوا الله لعلكم ترحمون: أي خافوا عقابه رجاء أن ترحموا إن أنتم اتقيتموه.
لا يسخر قوم من قوم: أي لا يزدر قوم منكم قوما آخرين ويحتقرونهم.
عسى أن يكونوا خيرا منهم: أي عند الله تعالى والعبرة بما عند الله لا ما عند الناس.
ولا تلمزوا أنفسكم: أي لا تعيبوا بعضكم بعضا فإنكم كفرد واحد.
ولا تنابزوا بالألقاب: أي لا يدعو بعضكم بعضا بلقب يكرهه نحو يا فاسق يا جاهل.
بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان: أي قبح اسم الفسوق يكون للمرء بعد إيمانه وإسلامه.
ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون: أي من لمز ونبز المؤمنين فأولئك البعداء هم الظالمون.
اجتنبوا كثيرا من الظن: أي التهم التي ليس لها ما يوجبها من الأسباب والقرائن.
إن بعض الظن إثم: أي كظن السوء بأهل الخير من المؤمنين.
ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا: أي لا تتبعوا عورات المسلمين وما بهم بالبحث عنها.
أيحب أحدكم أن يأكل لحم: أي لا يحسن به حب أكل لحم أخيه ميتا ولا حيا معا.
أخيه ميتا
فكرهتموه: أي وقد عرض عليكم الأول فكرهتموه فاكرهوا أي كما كرهتم أكل لحمه ميتا فاكرهوه حيا وهو الغيبة.
وجعلناكم شعوبا وقبائل: أي جمع شعب والقبيلة دون الشعب.
لتعارفوا: أي ليعرف بعضكم بعضا فتعارفوا لا للتفاخر بعلو الأنساب.
إن أكرمكم عند الله أتقاكم: أي أشدكم تقوى لله بفعل أوامره وترك نواهيه هو أكرم عند الله.
إن الله عليم خبير: أي عليم بكم وبأحوالكم خبير بما تكونون عليه من كمال ونقص لا يخفى عليه شيء من أشياء العباد.
معنى الآيات:
قوله تعالى {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا1} الآيات ما زال السياق الكريم في طلب تأديب المسلمين وتربيتهم وإعدادهم للكمال الدنيوي والأخروي ففي الآيتين (9) و (10) من هذا السياق يرشد الله تعالى المسلمين إلى كيفية علاج مشكلة النزاع المسلح بين المسلمين الذي قد يحدث في المجتمع الإسلامي بحكم الضعف الإنساني من الوقت إلى الوقت وهو مما يكاد يكون من ضروريات الحياة البشرية وعوامله كثيرة لا حاجة إلى ذكرها فقال تعالى {وإن طائفتان} أي جماعتان {من المؤمنين اقتتلوا} ولو كان ذلك بين اثنين فقط {فأصلحوا} أيها المسلمون {بينها2} بالقضاء على أسباب الخلاف وترضية الطرفين بما هو حق وخير وليس هذا بصعب مع وجود قلوب مؤمنة وهداية ربانية وقوله {فإن بغت إحداهما} أي اعتدت إحدى الطائفتين بعد الصلح
{على الأخرى} بأن رفضت حكم الله الذي قامت المصالحة بموجبه {فقاتلو} 3 مجتمعين {التي تبغي} أي تعتدي {حتى تفيء إلى أمر الله} أي إلى الحق {فإن فاءت} أي أذعنت للحق ورضيت به {فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا} في حكمكم دائما وأبدا {إن الله يحب المقسطين} 4.
وقوله تعالى في الآية (10) {إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم5 واتقوا الله لعلكم ترحمون} يقرر تعالى الأخوة الإسلامية ويقصر المؤمنين عليها قصرا فليس المؤمنون إلا أخوة لبعضهم بعضا ولذا وجب رأب كل صدع وإصلاح كل فاسد يظهر بين أفرادهم وعدم التساهل في ذلك {واتقوا الله} في ذلك فلا تتوانوا أو تتساهلوا حتى تسفك الدماء المؤمنة ويتصدع بنيان الإيمان والإسلام في دياره وقوله {لعلكم ترحمون} فلا يتصدع بنيانكم ولا تتشتت أمتكم وتصبح جماعات وطوائف متعادية يقتل بعضها بعضا.
ولما لم يتق المؤمنون الله في الإصلاح الفوري بين الطوائف الإسلامية المتنازعة حصل من الفساد والشر ما الله به عليم في الغرب الإسلامي والشرق. وقوله في الآية (11) {يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن} إذ من عوامل النزاع والتقاتل وأسبابهما سخرية المؤمن بأخيه واحتقاره لضعف حاله ورثاثة ثيابه وقلة ذات يده فحرم تعالى بهذه الآية على المسلم أن يحتقر أخاه المسلم ويزدريه منبها إلى أن من احتقر وازدرى به وسخر منه قد يكون غالبا خيرا عند الله من المحتقر له والعبرة بما عند الله لا بما عند الناس والرجال في هذا والنساء سواء فلا يحل لمؤمنة أن تزدري وتحتقر أختها المؤمنة عسى أن تكون عند الله خيرا منها والعبرة بالمنزلة عند الله لا عند الناس وكما حرم السخرية بالمؤمنين والمؤمنات لإفضائها إلى العداوة والشحناء ثم التقاتل حرم كذلك اللمز والتنابز بالألقاب فقال تعالى {ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الأيمان} ومعنى لا تلمزوا أنفسكم أي لا يعب6 بعضكم بعضا بأي عيب من العيوب فإنكم كشخص واحد فمن عاب أخاه المسلم وأنما عاب نفسه كما أن المعاب قد يرد العيب بعيب من عابه وهذا معنى ولا تلمزوا أنفسكم وقوله ولا تنابزوا بالألقاب أي لا يلقب المسلم أخاه بلقب يكرهه فإن ذلك يفضي إلى العداوة والمقاتلة وقوله {بئس الاسم الفسوق بعد الأيمان} أي قبح أشد القبح أن يلقب المسلم بلقب الفسق بعد أن أصبح مؤمنا عدلا كاملا في أخلاقه وآدابه فلا يحل لمؤمن أن يقول لأخيه يا فاسق أو يا كافر أو يا عاهر أو يا فاسد, إ بئس الاسم اسم الفسوق كما أن الملقب للمسلم بألقاب السوء يعد فاسقا وبئس الاسم له أن يكون فاسقا بعد إيمانه بالله ولقائه والرسول وما جاء به, وقوله تعالى {ومن لم يتب} أي من احتقار المسلمين وازدرائهم وتلقيبهم بألقاب يكرهونها {أولئك هم الظالمون} المتعرضون لغضب الله وعقابه. وقوله في الآية (12) {يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا} ينادي الله تعالى المسلمين بعنوان الإيمان إذ به أصبحوا أحياء يسمعون ويبصرون ويقدرون على الفعل والترك إذ الإيمان بمثابة الروح إذا أحلت الجسم تحرك فأبصرت العين وسمعت الأذن ونطق اللسان وفهم القلب.
فيقول {يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن7} وهو كل ظن ليس له ما يوجبه من القرائن والأحوال والملابسات المقتضية له, ويعلل هذا النهي المقتضي للتحريم فيقول {إن بعض الظن إثم} وذلك كظن السوء بأهل الخير والصلاح فالأمة فإن ظن السوء فيهم قد يترتب عليه قول باطل أو فعل سوء أو تعطيل معروف, فيكون إثما كبيرا, وقوله {ولا تجسسوا} أي لا تتبعوا عورات المسلمين ومعايبهم بالحث عنها والاطلاع عليها أمل في ذلك من الضرر الكبير, وقوله {ولا يغتب بعضكم8 بعضا} أي لا يذكر أحدكم أخاه في غيبته بما يكره وهنا يروى في الصحيح من الأحاديث ما معناه أن رجلا سأل الرسول صلى الله عليه وسلم عن الغيبة فقال له ذكرك أخاك بما يكره فقال الرجل فإن كان فيه ما يكره قال فإن كان فيه ما يكره فقد اغتبته وإن لم يكن فيه فقد بهته والبهتان أسوأ الغيبة. وقوله أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا؟ والجواب لا قطعا إذا فكما عرض عليكم لحم أخيكم ميتا فكرهتموه فاكرهوا إذا أكل لحمه حيا وهو 9عرضه والعرض أعز وأغلى من الجسم وقوله {واتقوا الله} في غيبة بعضكم بعضا فإن الغيبة من عوامل الدمار والفساد بين المسلمين, وقوله {إن الله تواب رحيم} جملة تعليلية للأمر بالتوبة فأخبر تعالى أنه يقبل توبة التائبين وأنه رحيم بالمؤمنين ومن مظاهر ذلك أنه حرم الغيبة للمؤمن لما يحصل له من بها من ضرر وأذى. وقوله تعالى في الآية (13) {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا} هذا نداء هو آخر نداءات الله تعالى عباده في هذه السورة وهو أعم من النداء بعنوان الإيمان فقال {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى} من آدم وحواء باعتبار الأصل كما أن كل آدمي مخلوق من أبوين أحدهما ذكر والآخر أنثى {وجعلناكم شعوبا وقبائل} وبطونا وأفخاذا وفصائل كل هذا لحكمة التعارف فلم يجعلكم كجنس الحيوان لا يعرف الحيوان الآخر ولكن جعلكم شعوبا وقبائل وعائلات وأسر لحكمة التعارف المقتضي للتعاون إذ التعاون بين الأفراد ضروري لقيام مجتمع صالح سعيد فتعارفوا وتعاونوا ولا تتفرقوا لأجل التفاخر بالأنساب فإنه لا قيمة للحسب ولا للنسب إذا كان المرء هابطا في نفسه وخلقه وفاسدا في سلوكه إن أكرمكم عند الله أتقاكم10. إن الشرف والكمال فيما عليه الإنسان من زكاة روحه وسلامة خلقه وإصابة رأيه وكثرة معارفه وقوله تعالى {إن الله عليم خبير} جملة تعليلية يبين فيها تعالى أنه عليم بالناس عليم بظواهرهم وبواطنهم وبما يكملهم ويسعدهم خبير بكل شيء في حياتهم فليسلم له التشريع بالتحليل والتحريم والأمر والنهي فإنه على علم بالحال والمآل وبما يسعد الإنسان وبما يشقيه فآمنوا به وأطيعوه تكملوا وتسعدوا.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- وجوب مبادرة المسلمين إلى إصلاح ذات البين بينهم كلما حصل فساد أو خلل فيها.
2- وجوب تعاون المسلمين على تأديب أية جماعة تبغي وتعتدي حتى تفيء إلى الحق.
3- وجوب الحكم بالعدل في أية قضية من قضايا المسلمين وغيرهم.
4- تقرير الأخوة الإسلامية ووجوب تحقيقها بالقول والعمل.
5- حرمة السخرية واللمز والتنابز بين المسلمين.
6- وجوب إجتناب كل ظن لا قرينة ولا حال قوية تدعو إلى ذلك.
7- حرمة التجسس أي تتبع عورات المسلمين وكشفها وإطلاع الناس عليها.
8- حرمة الغيبة والنميمة. والنميمة هي نقل الحديث على وجه الإفساد ولذا يجوز ذكر الشخص وهو غائب في مواطن هي التظلم بأن يذكر المسلم من ظلمه لإزالة ظلمه، الاستعانة على تغير المنكر بذكر صاحب المنكر. الاستفتاء نحو قول المستفتي ظلمني فلان بكذا فهل يجوز له ذلك، تحذير المسلمين من الشر بذكر فاعله قصد أن يحذروه، المجاهر بالفسق لا غيبة له، التعريف بلقب لا يعرف الرجل إلا به.
9- حرمة التفاخر بالأنساب ووجوب التعارف للتعاون.
10- لا شرف ولا كرم إلا بشرف التقوى وكرامتها {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} وفي الحديث "لا فضل لعربي على عجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى" رواه الطبراني.
__________

1 قال مجاهد: نزلت هذه الآية في الأوس والخزرج حيث تقاتل حيان من الأنصار بالعصي والنعال.
2 قال القرطبي: بالدعاء إلى كتاب الله لهما أو عليهما وقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك كما قال معاذ: أحكم بكتاب الله فإن لم أجد فبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
3 هذه الآية نص صريح في وجوب قتال أهل البغي, وهم الذين يخرجون عن إمام المسلمين ظلما وعدوانا بعد دعوتهم إلى الطاعة لله ورسوله وإمام المسلمين, ولا التفات إلى من يرى غير هذا, ومن أحكام قتال أهل البغي أنه لا يقتل أسيرهم ولا يذفف على جريحهم أي لا يجهز عليه قتلا ولا تسبى ذراريهم ولا نساؤهم ولا أموالهم.
4 روى مسلم عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال" المقسطون عند الله تعالى يوم القيامة على منابر من نور عن يمين العرش: الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا".
5 الآية دليل على أن اسم الإيمان لا يزول بالبغي فإن الله تعالى قال (بين أخويكم) فأثبت أخوة الإيمان ولم يسقطها بالبغي. روى أن عليا سئل عن قتال أهل البغي من أهل الجمل, وصفين, أمشركون هم؟ قال: لا, من الشرك فروا فقيل: أمنافقون؟ قال لا لأن المنافقين لايذكرون الله إلا قليلا, فقيل له فما حالهم؟ قال: إخواننا بغوا علينا.
6 قال عبد الله بن مسعود: البلاء موكل بالقول لو سخرت من كلب لخشيت أن أحول كلبا.
7 قالت العلماء: الظن هو هنا التهمة بدون قرينة حال تدل عليها أو تدعو إليها وقد صح الحديث بتحريم الظن السيء بقوله صلى الله عليه وسلم
في رواية الصحيح "إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ولا تجسسوا ولا تحسسوا ولا تناجشوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا".
8 الغيبة عامة في الدين والخلق والحسب والنسب ولا وجه لتخصيصها بواحد مما ذكر, وكيف وقد فسرها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله" ذكرك أخاك بما يكره".
9 قال قتادة كما يمتنع أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا كذلك يجب أن يمتنع من غيبته حيا, واستعمل أكل اللحم مكان الغيبة لأن عادة العرب جارية بذلك قال الشاعر:
فإن أكلوا لحمي وفرت لحومهم
وإن هدموا مجدي بنيت لهم مجدا
10 روى الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم" خطب بمكة فقال: يا أيها الناس إن الله قد أذهب عنكم عيبة الجاهلية وتعاظمها بآبائها فالناس رجلان: بر تقي كريم على الله, وفاجر شقي هين على الله".

ابوالوليد المسلم 10-08-2022 03:59 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 


http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg
تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة الحجرات - (2)
الحلقة (794)

سورة الحجرات
وآياتها ثماني عشرة آية
وهي بداية المفصل

المجلد الخامس (صـــــــ 133الى صــــ 138)

قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من أعمالكم شيئا إن الله غفور رحيم (14) إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون (15) قل أتعلمون الله بدينكم والله يعلم ما في السماوات وما في الأرض والله بكل شيء عليم (16) يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين (17) إن الله يعلم غيب السماوات والأرض والله بصير بما تعملون (18)

شرح الكلمات:
قالت الأعراب آمنا: هم نفر من بني أسد قدموا على الرسول وقالوا له آمنا وهم غير مؤمنين.
قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا: أي قل لهم إنكم ما آمنتم بعد ولكن قولوا أسلمنا أي استسلمنا وانقدنا.
ولما يدخل الإيمان في قلوبكم: أي ولما يدخل الإيمان بعد في قلوبكم ولكنه يتوقع له الدخول.
وإن تطيعوا الله ورسوله: أي في الإيمان والقيام بالفرائض واجتناب المحارم.
لا يلتكم من أعمالكم شيئا: أي لا ينقصكم من ثواب أعمالكم شيئا.
إن الله غفور رحيم: أي غفور للمؤمنين رحيم بهم إن هم صدقوا في إيمانهم.
إنما المؤمنون: أي حقا وصدقا لا إدعاء ونطقا هم.
الذين آمنوا بالله ورسوله: أي بالله ربا وإلها وبالرسول محمد نبيا ورسولا.
ثم لم يرتابوا: أي لم يشكوا فيما آمنوا به.
وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله: أي جاهدوا مع رسول الله أعداء الله وهم الكافرون بأموالهم وأنفسهم.
أولئك هم الصادقون: أي في إيمانهم لا الذين قالوا آمنا بألسنتهم واستسلموا ظاهرا ولم يسلموا باطنا.
قل أتعلمون الله بدينكم: أي قل لهم يا رسولنا أي لهؤلاء الأعراب أتشعرون الله بدينكم.
يمنون عليك أن أسلموا: أي كونهم أسلموا بدون قتال وغيرهم أسلم بعد قتال.
قل لا تمنوا علي إسلامكم: أي لا حق لكم في ذلك بل الحق لله الذي هداكم للإيمان إن كنتم صادقين في دعواكم أنكم مؤمنون.
إن الله يعلم غيب السماوات والأرض: أي أن الله يعلم ما غاب في السماوات وما غاب في الأرض فلا يخفى عليه أمر من صدق في إيمانه وأمر من كذب، ومن أسلم رغبة ومن أسلم رهبة.
معنى الآيات:
قوله تعالى {قالت الأعراب آمنا1} هؤلاء جماعة من أعراب بني أسد وفدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم
بالمدينة بأولادهم ونسائهم في سنة مجدبة فأظهروا له الإسلام ولم يكونوا مؤمنين في نفوسهم، فكانوا يغدون على الرسول صلى الله عليه وسلم ويروحون ويقولون: أتتك العرب بأنفسها على ظهور رواحها، ونحن قد جئناك بالأطفال والعيال والذرارى ولم نقاتلك كما قاتلك بنو فلان وبنو فلان، يمنون على رسول الله وهم يريدون الصدقة ويقولون أعطنا فأنزل الله تعالى هذه الآية تربية لهم وتعليما إتماما لما اشتملت عليه سورة الحجرات من أنواع الهداية والتربية الإسلامية فقال تعالى {قالت الأعراب} أعراب بني أسد آمنا أي صدقنا بتوحيد الله وبنبوتك.
قل لهم ردا عليهم لم تؤمنوا بعد، ولكن الصواب أن تقولوا أسلمنا أي أذعنا للإسلام وانقدنا لقبوله وهو الإسلام الظاهري، ولما يدخل الإيمان في قلوبكم بعد وسيدخل إن شاء الله. وإن تطيعوا الله ورسوله أيها الأعراب في الإيمان الحق وفي غيره من سائر التكاليف لا يلتكم2 أي لا ينقصكم الله تعالى من أجور أعمالكم الصالحة التي تعملونها طاعة لله ورسوله شيئا وإن قل. وقوله إن الله غفور رحيم في هذه الجملة ترغيب لهم في الإيمان الصالح والإسلام الصحيح فأعلمهم أن الله تعالى غفور للتائبين رحيم بهم وبالمؤمنين فتوبوا إليه واصدقوه يغفر لكم ويرحمكم وقوله تعالى في الآية (15) إنما المؤمنون الآية يعرفهم تعالى بالإيمان الصحيح دعوة منه لهم لعلهم يؤمنون فقال {إنما المؤمنون3} أي حقا وصدقا الذين آمنوا بالله ربا وإلها ورسوله نبيا مطاعا، ثم لم يرتابوا، أي لم يشكوا أبدا في صحة ما آمنوا به، وجاهدوا أي أنفسهم وألزموها الاستعداد للنهوض بالتكاليف الشرعية في المنشط والمكره، كما جاهدوا بأموالهم وأنفسهم أعداء الإسلام من المشركين والكافرين وذلك الجهاد بالنفس والمال لا هدف له إلا طلب رضا الله سبحانه وتعالى أي لم يكن لأي غرض مادي دنيوي وإنما لرضا الله ولإعلاء كلمة الله وهؤلاء هم الصادقون في دعوى الإيمان وقوله تعالى في الآية (16) {قل أتعلمون الله بدينكم} أي قل يا رسولنا لأولئك الأعراب الذين قالوا آمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبهم أتعلمون الله بدينكم أي بإيمانكم وطاعتكم وتشعرونه بهما والحال أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض، والله بكل شيء عليم إنه لا معنى لتعليمكم الله بدينكم وهو يعلم ما في السماوات وما في الأرض وهو بكل شيء عليم إنه مظهر من مظاهر جهلكم بالله تعالى، إذ لو علمتم أنه يعلم ما في السماوات وما في الأرض من دقيق وجليل لما فهمتم بما فهمتم به من إشعاركم الله بإيمانكم وطاعتكم له. قوله تعالى في الآية (17) 4 {يمنون عليك أن أسلموا} 5 أي من أولئك الأعراب عليك يا رسولنا إيمانهم إذ قالوا آمنا بك ولم نقاتلك كما فعل غيرنا قل لهم لا تمنوا علي إسلامكم واضرب عن هذا وقل لهم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين في دعواكم الإيمان، فالمنة لله عليكم لا أن تمنوا أنتم على رسوله. وقوله تعالى {إن الله يعلم غيب6 السماوات والأرض} أي كل ما غاب في السماوات وما غاب في الأرض من سانح في السماء وسابح في الماء وسارح في الغبراء فليس في حاجة أن تعلموه بدينكم وتمنونه على رسوله صلى الله عليه وسلم بما تعملون من عمل قل أو كثر خفي أو ظهر فاعلموا هذا وتأدبوا مع الله وأحسنوا الظن فيه تنجوا من هلاك لازم لمنا أساء الظن بالله وأساء الأدب مع رسول الله.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- بيان طبيعة أهل البادية وهي الغلظة والجفاء والبعد عن الكياسة والأدب.
2- بيان الفرق بين الإيمان والإسلام إذا اجتمعا فالإيمان من أعمال القلوب والإسلام من أعمال الجوارح. وإذا افترقا فالإيمان هو الإسلام، والإسلام هو الإيمان والحقيقة هي أنه لا يوجد إيمان صحيح بدون إسلام صحيح، ولا إسلام صحيح بدون إيمان صحيح، ولكن يوجد إسلام صوري بدون إيمان، وتوجد دعوى إيمان كاذبة غير صادقة.
3- بيان المؤمنين حقا وهم الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم.
4- بيان حكم المن وأنه مذموم من الإنسان ومحمود من الرحمن عز وجل وحقيقة المن هي عد النعمة وذكرها للمنعم عليه وتعدادها المرة بعد المرة.
5- بيان إحاطة علم الله بسائر المخلوقات، وأنه لا يخفى عليه من أعمال العباد شيء.
__________

1 هذه الآية نزلت في أعراب بني أسد، وليست عامة في كل الأعراب لأن منهم من يؤمن بالله واليوم الآخر كبعض أعراب أسلم وغفار وجهينة ومزينة.
2 (لا يلتكم) أي لا ينقصكم يقال: لاته يلته، ويلوته إذا نقصه وقرأ أبو عمرو (لا يألتاكم) مهموزا من ألت يألت ألتا نحو قوله تعالى: {وما ألتناهم من عملهم من شيء} وشاهد الأول:
وليلة ذات ندى سريت
ولم يلتني عن سراها ليت
3 لما نزلت هذه الآية: {إنما المؤمنون} حلف الأعراب أنهم مؤمنون في السر والعلانية فأكذبهم الله تعالى في دعواهم الكاذبة فأنزل عز وجل {قل أتعلمون الله بدينكم} أي: الذي أنتم عليه؟

يتبع

ابوالوليد المسلم 10-08-2022 04:00 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 

******************************
سورة ق
مكية
وآياتها خمس وأربعون آية

بسم الله الرحمن الرحيم
ق والقرآن المجيد (1) بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم فقال الكافرون هذا شيء عجيب (2) أإذا متنا وكنا ترابا ذلك رجع بعيد (3) قد علمنا ما تنقص الأرض منهم وعندنا كتاب حفيظ (4) بل كذبوا بالحق لما جاءهم فهم في أمر مريج (5)

شرح الكلمات:
ق: هذا أحد الحروف المقطعة التي تكتب هكذا ق وتقرأ هكذا قاف.
والقرآن المجيد: أي والقرآن المجيد أي الكريم قسمي لقد أرسلنا محمدا مبلغا عنا.
بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم: أي بل عجب أهل مكة من مجيء منذر أي رسول منهم ينذرهم عذاب الله يوم القيامة.
فقال الكافرون هذا شيء عجيب: أي فقال المكذبون بالبعث هذا أي البعث بعد الموت والبلى شيء عجيب.
أئذا متنا وكنا ترابا: أئذا متنا وصرنا ترابا أي رفاة وعظاما نخرة نرجع أحياء.
ذلك رجع بعيد: أي بعيد بالإمكان في غاية البعد.
قد علمنا ما تنقص الأرض منهم: أي قد أحاط علمنا بكل شيء فعلمنا ما تنقص الأرض من
أجساد الموتى وما تأكل من لحومهم وعظامهم فكيف يستبعد منا إحياؤهم بعد موتهم.
وعندنا كتاب حفيظ: أي كتاب المقادير الذي قد كتب فيه كل شيء ومن بين ذلك أعداد الموتى وأسماؤهم وصورهم وأجسامهم ويوم إعادتهم.
بل كذبوا بالحق لما جاءهم: بل كذب المشركون بما هو أقبح من تكذيبهم بالبعث وهو تكذيبهم بالنبوة المحمدية وبالقرآن ومن نزل عليه.
فهم في أمر مريج: أي مختلط عليهم فهم فيه مضطربون لا يثبتون على شيء إذ قالوا مرة سحر ومرة قالوا شعر ومرة كهانة وأخرى أساطير.
معنى الآيات:
قوله تعالى {ق} الله أعلم بمراده به إذ هو من الحروف المقطعة الأحادية نحو ص. ون وقوله تعالى {والقرآن المجيد2} أي الكريم فالقرآن مجيد كريم بما فيه من الخير والبركة إذ قراءة الحرف الواحد منه بعشر حسنات. وقوله والقرآن المجيد قسم والجواب محذوف تقديره إن محمدا لرسول أمين. وقوله تعالى {بل عجبوا3 أن جاءهم منذر منهم} أي إنهم لم يستنكروا أصل الإرسال إليهم وإنما أنكروا كون المرسل بشرا مثلهم ينذرهم عذاب يوم القيامة وهم لا يؤمنون بالبعث الآخر فلذا قالوا ما أخبر تعالى به عنهم وقوله {فقال الكافرون} أي بالبعث {هذا شيء عجيب} أي أمر يدعو إلى التعجب إذ من مات وصار ترابا لا يعقل أن يبعث مرة أخرى فيسأل ويحاسب ويجزي وقد أفصحوا عن معتقدهم بقولهم {أإذا متنا4 وكنا ترابا} ذلك الرجوع إلى الحياة رجوع بعيد التحقيق.
قال تعالى {قد علمنا ما تنقص5 الأرض منهم وعندنا كتاب6 حفيظ} هذه برهنة واضحة على إبطال دعواهم وتحقيق عقيدة البعث أي قد علمنا ما تنقص الأرض منهم بعد الموت من لحم وعظم، وعندنا كتاب حفيظ قد حوى كل شيء وحفظه مادة وكمية وكيفية بمقتضاه يعود الخلق كما بدأ لا ينقص منه شيء وقوله، {بل كذبوا بالحق لما جاءهم} أي إن هناك ما هو أشنع من إنكارهم وأقبح عقلا وهو تكذيبهم بالقرآن ومن أنزل عليه وهو الحق من الله فلذا هم فيه في أمر مريج أي مختلط فمرة قالوا في الرسول إنه ساحر وقالوا شاعر وقالوا مفتر كذاب وقالوا في القرآن أساطير الأولين فهم حقا في أمر مريج مختلط عليهم لا يدرون ما يقولون ويثبتون عليه.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- بيان شرف القرآن ومجده وكرمه.
2- تقرير البعث والوحي الإلهي.
3- البرهنة الصحيحة الواضحة على صحة البعث والجزاء وإمكانهما.
4- تقرير عقيدة القضاء والقدر بتقرير كتاب المقادير.
__________

1 صح في الموطأ وفي مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ بهذه السورة في صلاة الصبح وفي عيدي الأضحى والفطر أيضا مع سورة القمر.
2 المجيد: المتصف بقوة المجد، والمجد والمجادة: الشرف الكامل، وكرم النوع ولذا فالقرآن يفوق في مجده كل كلام على الإطلاق حتى الكلام الموحى به إلى رسل الله عليهم السلام.
3 (بل) للإضراب الانتقالي، وهو انتقال من تقرير النبوة المحمدية التي أثبتها بالقسم إلى تقرير عقيدة البعث والجزاء إذ أورد قول الكافرين المنكرين لها ثم أثبتها بالأدلة القاطعة من عدة آيات كأنما قال: دع ذا واسمع ما أقول. و (أن جاءهم) مجرور بمن محذوفة أي من أن جاء وبعد السبك من مجيئهم.
4 الاستفهام للإبطال والتعجيب والمتعجب منه محذوف تقديره أنرجع إلى الحياة بعد انعدامنا بالموت وصيرورتنا ترابا؟
5 قوله (ما تنقص الأرض) إشارة إلى أن هناك أجسادا لا تبيد كلها بل يبقى أبعاضها، وإلى أن عجب الذنب لا يفنى ولا يبيد بل يبقى كما هو ليعاد الخلق به يوم القيامة.
6 التنكير في (كتاب) للتعظيم ويدل عليه قوله (حفيظ) .



ابوالوليد المسلم 10-08-2022 04:00 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 


http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg
تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة ق - (1)
الحلقة (795)

سورة ق
مكية
وآياتها خمس وأربعون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 138الى صــــ 142)


أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج (6) والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج (7) تبصرة وذكرى لكل عبد منيب (8) ونزلنا من السماء ماء مباركا فأنبتنا به جنات وحب الحصيد (9) والنخل باسقات لها طلع نضيد (10) رزقا للعباد وأحيينا به بلدة ميتا كذلك الخروج (11)

شرح الكلمات:
أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم: أي أعملوا فلم ينظروا بعيونهم معتبرين بعقولهم إلى السماء كائنة فوقهم فيعلموا أن استبعادهم للبعث غير صحيح.
كيف بنيناها وزيناها: أي كيف بنيناها بلا عمد. وزيناها بالكواكب.
وما لها من فروج: أي وليس لها من شقوق تعيبها.
والأرض مددناها1: أي بسطناها
وألقينا فيها رواسي: أي جبالا رواسي ثوابت لا تسير ولا تتحرك مثبتة للأرض كي لا تميد بأهلها.
وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج2: أي وأنبتنا في الأرض من كل صنف من أنواع النباتات حسن.
تبصرة وذكرى لكل عبد منيب: أي جعلنا ذلك تبصرة وذكرى منا لكل عبد منيب إلى طاعتنا رجاع إلينا.
ونزلنا من السماء ماء مباركا: أي ماء المطر كثير البركة.
فأنبتنا به جنات وحب الحصيد: أي أنبتنا بماء السماء بساتين وحب الحصيد أي المحصود من البر والشعير.
والنخل باسقات3: أي وأنبتنا بالماء النخيل الطوال العاليات.
لها طلع نضيد: أي لها طلع منضد متراكب بعضه فوق بعض.
رزقا للعباد: أي أنبتنا ما أنبتنا من الجنات والحب الحصيد والنخل الباسقات قوتا للعباد ورزقا لهم مؤمنهم وكافرهم.
وأحيينا به بلدة ميتة: وأحيينا بذلك الماء الذي أنزلناه بلدة ميتة لا نبات فيها من الجدب الذي أصابها والقحط.
كذلك الخروج: أي كما أخرجنا النبات من الأرض الميتة بالماء نخرجكم أحياء من قبوركم يوم القيامة بماء ننزله من السماء على الأرض فتنبتون كما ينبت البقل.
معنى الآيات:
ما زال السياق في تقرير عقيدة البعث وهي العقيدة التي بني عليها كل إصلاح يراد للإنسان بعد عقيدة الإيمان بالله تعالى ربا وإلها قال تعالى {أفلم ينظروا4 إلى السماء فوقهم كيف5 بنيناها وزيناها وما لها من فروج} أي أعمي أولئك المنكرون للبعث المكذبون بلقاء ربهم يوم القيامة فلم ينظروا بعيونهم معتبرين بعقولهم إلى حجم السماء الواسع العالي الرفيع الكائن فوقهم وقد رفع بلا عمد ولا سند.
وقد زينه خالقه بكواكب نيرة وأقمار منيرة وشموس مضيئة ولم ير في السماء من تصدع ولا شقوق6 ولا تفطر الحياة كلها أليس على خلق السماء قادر على إحياء موتى خلقهم وأماتهم بقدرته أليس القادر على الخلق ابتداء وعلى الإماتة ثانية بقادر على إحياء من خلق وأمات؟ 7 وقوله {والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي} أي مالهم لا ينظرون إلى الأرض أي بسطها وألقى فيها الجبال لتثبيتها حتى لا تميد بهم, وقوله {وأنبتنا فيها من كل زوج} أي صنف من النباتات والزروع بهيج المنظر حسنه, وقوله {تبصرة وذكرى لكل عبد منيب} وقوله {ونزلنا من السماء ماء مباركا فأنبتنا به جنات وحب الحصيد والنخل باسقات لها طلع نضيد رزقا للعباد8} أي أليس الذي أنزل من السماء ماء مباركا لما يكثر به من الخيرات والبركات من النبات والحيوان فأنبت به جنات أي بساتين من أشجار ونخيل وأعناب, وأنبت به حب الحصيد وهو كل حب يحصد عند طيبه من قمح وشعير وذرة وغيرها وأنبت به النخل الباسقات العاليات المرتفعات في السماء لها طلعها النضيد المتراكب بعضه فوق بعض ليتحول إلى رطب شهي يأكله الإنسان وقوله رزقا للعباد أي قوتا لهم يقتاتون به مؤمنين وكافرين إلا أن المؤمن إذا أكل شكر والكافر إذا أكل كفر, وقوله {وأحيينا به} أي بالماء الذي أنزلناه من السماء مباركا بلدة ميتا لا نبات بها ولا عشب ولا كلأ فأصبحت تهتز رابية كذلك الخروج أي هكذا يكون خروجكم من قبوركم أيها المنكرون للبعث ينزل الله من السماء ماء فتنبتون وتخرجون من قبوركم كما يخرج الشجر والزرع من الأرض بواسطة الماء المبارك فبأي عقل تنكرون البعث أيها المنكرون. إنها كما قال تعالى {لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور} .
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- تقرير عقيدة البعث بمظاهر القدرة الإلهية في الكون.
2- مشروعية النظر والاعتبار فيما يحيط بالإنسان من مظاهر الكون والحياة للعبرة طلبا لزيادة الإيمان والوصول به إلى مستوى اليقين.
3- فضل العبد المنيب وفضيلة الإنابة إلى الله تعالى والمنيب هو الذي يرجع إلى ربه في كل ما يهمه والإنابة التوبة إلى الله والرجوع إلى طاعته بعد معصيته.
__________

1 (الأرض) منصوب على الاشتغال أي: مددنا الأرض مددناها.
2 (من) ليست للتبعيض بل هي للتأكيد إلا أن زيادتها مع الإثبات نادرة كما هنا.
3 لا يقال للطويل: باسق إلا إذا كان طوله في علو وارتفاع أما ما يكون طوله في امتداد وانبساط فلا يقال له باسق.
4 الاستفهام للإنكار عليهم عدم النظر لتقرر به عقيدة البعث والجزاء، والفاء تفريعية على إنكارهم السابق للبعث الآخر.
5 (فوقهم) ظرف في محل الحال، وأطلق البناء على خلق العلويات بجامع الارتفاع والاستمساك وعدم السقوط والانهيار.
6 من آيات القدرة والعلم الإلهيين: كون السماء على شكل قبة مرفوعة في قالب لا تشقق فبها ولا تصدع مزينة بأنواع النجوم والكواكب.
7 بلى إنه لقادر بلا مرية ولا شك.
8 (رزقا) منصوب على أنه مفعول لأجله.

************************************

يتبع

ابوالوليد المسلم 10-08-2022 04:01 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
كذبت قبلهم قوم نوح وأصحاب الرس وثمود (12) وعاد وفرعون وإخوان لوط (13) وأصحاب الأيكة وقوم تبع كل كذب الرسل فحق وعيد (14) أفعيينا بالخلق الأول بل هم في لبس من خلق جديد (15)
شرح الكلمات:
كذبت قبلهم قوم نوح: أي قبل قومك يا رسولنا بالبعث والتوحيد والنبوة قوم نوح.
وأصحاب الرس وثمود: أي وكذب أصحاب الرس وهي بئر كانوا مقيمين حولها يعبدون الأصنام وثمود وهم أصحاب الحجر قوم صالح.
وعاد وفرعون: وكذبت عاد قوم هود، وكذب فرعون موسى عليه السلام.
وإخوان لوط وأصحاب الأيكة: أي وكذب قوم لوط أخاهم لوطا، وكذب أصحاب الأيكة شعيبا.
وقوم تبع: أي وكذب قوم تبع الحميري اليمني.
كل قد كذب الرسل: أي كل من ذكر قد كذب الرسل فلست وحدك المكذب يا محمد صلى الله عليه وسلم.
فحق وعيد: أي فوجب وعيدي لهم بنزول العذاب عليهم فنزل فهلكوا.
أفعيينا بالخلق الأول1: أي أفعيينا بخلق الناس أولا والجواب لا إذا فكيف نعي بخلقهم ثانية وإعادتهم كما كانوا؟.
بل هم في لبس من خلق جديد: أي هم غير منكرين لقدرة الله عن الخلق الأول بل هم في خلط وشك من خلق جديد لما فيه من مخالفة العادة وهي أن كل من مات منهم يرونه يفنى ولا يعود حيا.
معنى الآيات:
ما زال السياق في تقرير عقيدة البعث والجزاء وإثبات النبوة للرسول صلى الله عليه وسلم فقال تعالى {كذبت2 قبلهم} أي قبل قريش المكذبين بالبعث والجزاء وبالنبوة المحمدية كذبت قبلهم قوم نوح وهي أول أمة كذبت وعاش نوح نبيها ألف سنة إلا خمسين عاما يدعوها إلى الله فلم يؤمن منهم أكثر من نيف وثمانين نسمة، وأصحاب الرس أيضا قد أخذوا نبيهم ورسوه في بئر فقتلوه فأهلكهم الله تعالى في بئر كانوا يقيمون على أصنام حولها يعبدونها فأهلكهم في تلك البئر وأهلك ثمودا وهم قوم صالح، وعادا وهم قود هود وفرعون موسى وقوم لوط3، وأصحاب الأيكة أي الشجر الملتف إذ كانوا يعبدون أشجار تلك الأيكة، وقوم تبع وهو تبع الحميري اليمني. وقوله تعالى {كل كذب الرسل} أي كل تلك الأمم التي ذكرنا كذبوا الرسل ولم يؤمنوا بهم ولا بما جاءوهم به من التوحيد والشرع {فحق وعيد} 4 أي فوجب لذلك عذابهم الذي وعدتهم به على ألسنة رسلي إن لم يؤمنوا فأهلكناهم أجمعين وقومك يا محمد هم موعودون أيضا بالعذاب إن لم يبادروا بالإيمان والطاعة. قوله تعالى {أفعيينا5 بالخلق الأول} والجواب لا إذ الاستفهام للنفي أي لم يعي الله تعالى بخلق كل ما خلق من الملائكة والإنس والجن فكيف إذا يعيى بالإعادة وهي أهون من البدء والبداية، وقوله تعالى {بل هم6 في لبس من خلق جديد} أي أنهم غير منكرين لقدرتنا على الخلق الأول بل هم في لبس أي خلط وشك من خلق جديد لما فيه من مخالفة العادة حيث هم يرون الناس يموتون ولا يحيون.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- تعزية الرسول صلى الله عليه وسلم وتسليته بإعلامه بأن قومه ليسوا أول من كذب الرسل.
2- تهديد المصرين على التكذيب من كفار قريش بالعذاب إذ ليسوا بأفضل من غيرهم وقد أهلكوا لما كذبوا.
3- تقرير البعث والجزاء وإثبات عقيدتهما بالأدلة العقلية كبدء الخلق.
4- ضعف إدراك المنكرين للبعث لظلمة نفوسهم بالشرك والمعاصي.
__________

1 أي: (أفعيينا) به فنعني بالبعث وهو توبيخ لمنكري البعث وجواب على قولهم ذلك رجع بعيد يقال: عييت بالأمر: إذا لم تعرف وجهه هذا في المعاني أما في الذوات فعيي بمعنى عجز ولم يقدر عليه.
2 هذا استئناف ابتدائي الغرض منه تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم بإعلامه أن أمما كثيرة قد كذبت رسلها قبل تكذيب قومه له صلى الله عليه وسلم.
3 قوله تعالى: {وإخوان لوط} عبر بالإخوان دون القوم تنويع للأسلوب والمراد بهم قوم لوط، والأخوة هنا أخوة تلازم ومواطنه وما هي بأخوة دين ولا نسب وأصحاب الأيكة: هم قوم شعيب عليه السلام.
4 أي: صدق وعده فيهم ووجب وقوعه عليهم.
5 الاستفهام للإنكار والتغليظ إذ لا يسعهم إلا الاعتراف بأن الله تعالى الذي خلق كل شيء في الأرض والسماء ومن جملة ذلك خلقهم هم المنكرون للبعث فكيف يعجز عن إعادة خلقهم مرة أخرى للجزاء والحساب.
6 (بل) للإضراب الإبطالي أي: ما عيينا بالخلق الأول.



ابوالوليد المسلم 10-08-2022 04:02 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 


http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg
تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة ق - (2)
الحلقة (796)

سورة ق
مكية
وآياتها خمس وأربعون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 143الى صــــ 148)

ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد (16) إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد (17) ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد (18) وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد (19) ونفخ في الصور ذلك يوم الوعيد (20) وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد (21) لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد (22)
شرح الكلمات:
ولقد خلقنا الإنسان: أي خلقناه بقدرتنا وعلمنا لحكمة1 اقتضت خلقه فلم نخلقه عبثا.
ونعلم ما توسوس به نفسه: أي ونعلم ما تحدث به نفسه أي نعلم ما في نفسه من خواطر وإرادات.
ونحن أقرب إليه من حبل الوريد: أي نحن بقدرتنا على الأخذ منه والعطاء والعلم بما يسر ويظهر أقرب إليه من حبل الوريد الذي هو في حلقه.
إذ يتلقى المتلقيان: أي نحن أقرب إليه من حبل الوريد إذ يتلقى المتلقيان عمله فيكتبانه.
عن اليمين وعن الشمال قعيد2: أي أحدهما عن يمينه قعيد والثاني عن شماله قعيد أيضا.
ما يلفظ من قول: أي ما يقول من قول.
إلا لديه رقيب عتيد: أي إلا عنده ملك رقيب حافظ عتيد حاضر معد للكتابة.
وجاءت سكرة الموت بالحق: أي غمرة الموت وشدته بالحق من أمر الآخرة حتى يراه المنكر لها عيانا.
ذلك ما كنت منه تحيد: أي ذلك الموت الذي كنت تهرب منه وتفزع.
ونفخ في الصور ذلك يوم الوعيد: أي ونفخ إسرافيل في الصور الذي هو القرن ذلك يوم الوعيد للكفار بالعذاب.
معها سائق وشهيد: أي معها سائق يسوقها إلى المحشر وشهيد يشهد عليها.
لقد كنت في غفلة من هذا: أي من هذا العذاب النازل بك الآن.
فكشفنا عنك غطاءك: أي أزلنا عنك غفلتك بما تشاهده اليوم.
فبصرك اليوم حديد: أي حاد تدرك به ما كنت تنكره في الدنيا من البعث والجزاء.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في تقرير عقيدة البعث والجزاء فقال تعالى {ولقد خلقنا الإنسان} حسب سنتنا في الخلق خلقناه بقدرتنا وعلمنا لحكمة3 اقتضت خلقه منا ولم نخلقه عبثا ونحن نعلم ما توسوس به نفسه أي ما تتحدث به نفسه من إرادات أو خواطر، ونحن أي رب العزة والجلال أقرب إليه من حبل الوريد4 فلو أردنا أن نأخذ منه أو نعطيه أو نسمع منه أو نعلم به لكنا على ذلك قادرين وقربنا في ذلك منه أقرب من حبل عنقه إلى نفسه وذلك في الوقت الذي يتلقى فيه الملكان المتلقيان سائر أقواله وأعماله يثبتانها ويحفظانها وقوله عن اليمين وعن الشمال قعيد أي أحد الملكين وهو المتلقيان عن يمينه قاعد والثاني عن شماله قاعد هذا يكتب الحسنات وذاك يكتب السيئات.
ولفظ قعيد معناه قاعد كجليس بمعنى مجالس أو جالس، وقوله تعالى {ما يلفظ من قول} أي ما يقول الإنسان إلا لديه رقيب عتيد أي إلا عنده ملك رقيب حافظ، وعتيد حاضر لا يفارقانه مدى الحياة إلا أنهما يتناوبان ملكان بالنهار وملكان بالليل ويجتمعون في صلاتي الصبح والعصر وقوله تعالى {وجاءت سكرة الموت5 بالحق} أي وإن طال العمر فلابد من الموت وها هي ذي قد جاءت سكرة الموت أي غمرته وشدته بالحق من أمر الآخرة حتى يراه المنكر للبعث والدار الآخرة المكذب به يراه عيانا. {ذلك ما كنت منه تحيد} أي قال له هذا الموت الذي كنت منه تحيد أي تهرب وتفزع. قوله تعالى {ونفخ في الصور} أي نفخ إسرافيل في الصور أي القرن الذي قد التقمه وجعله في فيه من يوم بعث النبي الخاتم نبي آخر الزمان محمد صلى الله عليه وسلم وهو ينتظر متى يؤمر فينفخ نفخة الفناء ذلك أي يوم ينفخ في الصور هو يوم الوعيد6 بالعذاب للكافرين، وفعلا نفخ في الصور نفخة البعث بعد نفخة الفناء {وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد} أي ملك يسوقها إلى
المحشر وملك شاهد يشهد عليها. ويقال لذلك الذي جاء به سائق يسوقه وشاهد يشهد عليه لقد كنت في غفلة من هذا أي كنت في الدنيا في غفلة عن الآخرة وما فيها وغفلتك من شهواتك ولذاتك وغرورك بالحياة الدنيا من هذا العذاب النازل بك الآن فكشفنا عنك غفلتك بما تشاهده اليوم عيانا بيانا من ألوان العذاب فبصرك اليوم حديد أي حاد تدرك به وتبصر ما كنت تكفر به في الدنيا وتنكره.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- بيان قدرة الله وعلمه وأنه أقرب إلى الإنسان من حبل وريده ألا فليتق الله امرؤ.
2- تقرير عقيدة أن لكل إنسان مكلف ملكين يكتبان حسناته وسيئاته.
3- بيان أن للموت سكرات قطعا اللهم هون علينا سكرات الموت.
4- ساعة الاحتضار يؤمن كل إنسان بالدار الآخرة إذ يرى ما كان ينكره يراه بعينه.
5- تقرير عقيدة البعث والجزاء بعرض بعض أحوال وأهوال الآخرة.
__________

1 هذه الحكمة هي ذكره تعالى وشكره بأنواع العبادات بقوله تعالى {وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون} وسائر المخلوقات هي لأجل الناس فعاد الأمر إلى أن المخلوقات كلها مخلوقة لعلة العبادة.
2 القعيد معنى القاعد كالجليس بمعنى الجالس.
3 تقدم بيان الحكمة للخلق تحت رقم واحد من هذا السياق في شرح الكلمات.
4 الوريد: واحد الشرايين، وهو ثاني شريانين يخرجان من التجويف الأيسر من القلب وهما عرقان يكتنفان صفحتي العنق في مقدميهما متصلان بالوتين يردان من الرأس إليه، والحبل: العرق والجمع عروق ويختلف اسمه باختلاف موضعه من الجسم.
5 السكرة: اسم لما يعتري الإنسان من ألم واختلال في المزاج يحد من إدراك العقل فيختل الإدراك ويعتري العقل غيبوبة وهو مشتق من السكر وهو الغلق لأنه يغلق العقل، ومنه جاء وصف السكران.
6 يوم وعيد للكافرين ويم وعد صادق للمؤمنين, ولما كان السياق في دعوة الكافرين إلى الإيمان ذكر الوعيد دون الوعد.

*****************************

يتبع

ابوالوليد المسلم 10-08-2022 04:02 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
وقال قرينه هذا ما لدي عتيد (23) ألقيا في جهنم كل كفار عنيد (24) مناع للخير معتد مريب (25) الذي جعل مع الله إلها آخر فألقياه في العذاب الشديد (26) قال قرينه ربنا ما أطغيته ولكن كان في ضلال بعيد (27) قال لا تختصموا لدي وقد قدمت إليكم بالوعيد (28) ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد (29) 1يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد (30)
شرح الكلمات:
وقال قرينه: أي الملك الموكل به.
هذا ما لدي عتيد: أي هذا عمله حاضر لدي.
كل كفار عنيد: أي كثير الكفر والجحود لتوحيد الله وللقائه ولرسوله معاند كثير العناد.
مناع للخير معتد مريب: أي مناع للحقوق والواجبات من مال وغيره.
الذي جعل مع الله إلها آخر: أي أشرك بالله فجعل معه آلهة أخرى يعبدها.
ربنا ما أطغيته: أي يقول قرينه من الشياطين يا ربنا ما أطغيته أي ما حملته على الطغيان.
ولكن كان في ضلال بعيد: أي ولكن الرجل كان في ضلال بعيد عن كل هدى متوغلا في الشرك والشر.
وقد قدمت إليكم بالوعيد: أي قدمت إليكم وعيدي بالعذاب في كتبي وعلى لسان رسلي.
ما يبدل القول لدي: أي ما يغير القول عندي وهو قوله لأملأن جهنم منكم أجمعين.
يوم نقول لجهنم هل امتلأت: أي وما الله بظلام للعبيد يوم يقول لجهنم هل امتلأت.
وتقول هل من مزيد: أي لم أمتليء هل من زيادة فيضع الجبار عليها قدمه فتقول قط قط.
معنى الآيات:
ما زال السياق في تقرير عقيدة البعث والجزاء بذكر مشاهد القيامة وأحوال الناس فيها فقال تعالى {وقال قرينه2} أي قال قرين3 ذلك الكافر الذي جيئ به إلى ساحة فصل القضاء ومعه سائق يسوقه وشهيد يشهد عليه. قال قرينه وهو الملك الموكل به هذا ما لدي أي من أعمال هذا الرجل الذي وكلت بحفظ أعماله وكتابتها عتيد أي حاضر. وهنا يقال لمن استحق النار {ألقيا في جهنم} وهو الخطاب لمن4 جاءا به وهما السائق والشهيد {كل كفار عنيد مناع للخير معتد مريب} فهذه خمس صفات قد اجتمعت في شخص واحد فأوبقته الأولى {كفار} أي كثير الكفر الذي هو الجحود لما يجب الإيمان به والتصديق من سائر أركان الإيمان الستة، والثانية عنيد والعنيد التارك لكل ما يوجب عليه المعاند في الحق المعاكس في المعروف وهي شر صفة، الثالثة مناع للخير أي كثير المنع للخير مالا كان أو غيره لا يبذل معروفا قط؛ الرابعة معتد أي على حدود
الشرع معتد على الناس ظالم لهم بأكل حقوقهم وأذيتهم في أعراضهم وأموالهم وأبدانهم الخامسة مريب أي شاك لا يعرف التصديق بشيء من أمور الدين فهو جامع لكل أنواع الكفر وقوله {الذي جعل مع الله إلها} وهذا وصف سادس وهو أسوأ تلك الصفات وهو اتخاذه إلها آخر يعبده دون الله تعالى وقوله تعالى {فألقياه في العذاب الشديد} هذا أمر آخر أكد به الأمر الأول وهو ألقيا في جهنم كل كفار عنيد. وقوله تعالى {قال قرينه ربنا ما أطغيته ولكن كان في ضلال بعيد} قال هذا القول القرين لما قال المشرك معتذرا رب إن قريني من الشياطين أطغاني فرد عليه القرين بما أخبر تعالى به عنه في قوله قال قرينه ربنا ما أطغيته ولكن كان في ضلال بعيد فقال الرب تعالى {لا تختصموا5 لدي وقد قدمت إليكم بالوعيد} فرد الله حجة كل من الكافر والقرين من الشياطين وأعلمهما أنه قد قدم إليهما بالوعيد في كتبه وعلى ألسن رسله من كفر بالله وأشرك به وعصى رسله فإن له نار جهنم خالدا فيها أبدا.
وقوله تعالى {ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد} أخبر6 تعالى أن حكمه نافذ فيمن كفر به وعصى رسله إذ سبق قوله لإبليس عندما أخرج آدم من الجنة بوسواسه وهو لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين. فهذا القول الإلهي لا يبدل ولا يقدر أحد على تبديله وتغيريه وقوله {وما أنا بظلام للعبيد} نفى تعالى الظلم عن نفسه والظلم هو أن يعذب مطيعا، أو يدخل الجنة كافرا عاصيا. وقوله تعالى {يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد} أي اذكر يا نبينا لقومك المنهمكين في الشرك والمعاصي ما ينتظر أمثالهم من عذاب جهنم اذكر لهم يوم نقول لجهنم هل امتلأت فتقول هل من مزيد بعدما يدخل فيها كل كافر وكافرة من الإنس والجن وتقول طالبة الزيادة هل من مزيد؟ ولما لم يبق أحد يستحق عذاب النار يضع الجبار فيها قدمه فينزوي بعضها في بعض وتقول قط قط والحديث معناه في الصحيحين وغيرهما.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- تقرير عقيدة البعث والجزاء.
2- التحذير من الصفات الست التي جاءت في الآية وهي الكفر والعناد ومنع الخير والاعتداء والشك والشرك.
3- بيان خصومة أهل النار من إنسان وشيطان.
4- نفي الظلم عن الله تعالى وهو كذلك فلا يظلم الله أحدا من خلقه.
5- إثبات7 صفة القدم للرب تعالى كما يليق هذا الوصف بذاته التي لا تشبه الذوات سبحانه وتعالى عن صفات المحدثين من خلقه.
__________

1 قرأ نافع: (يوم يقول) بالياء, وقرأ حفص (نقول) بالنون.
2 الواو واو الحال، والجملة حالية، وصاحب الحال تاء الخطاب في قوله تعالى {لقد كنت في غفلة من هذا} والقرين، بمعنى مقرون وهو مأخوذ من القرن بفتح القاف والراء وهو الحبل إذ كانوا يقرنون البعير بمثله بحبل سموه القرن.
3 اختلف في تحديد القرين على ثلاثة أقوال وما ذكر في التفسير هو أرجحها.
4 وجائز أن يكون خطابا لواحد بصيغة التثنية على حد قول الشاعر: قفا بنك من ذكرى حبيب ومنزل.
5 النهي عن المخاصمة دال على أن النفوس الكافرة ادعت أن قرناءها أطغوها، وأن القرناء تنصلوا من ذلك، وأن النفوس أعادت القول فكانت بذلك خصومة فأسكتهم الحق عز وجل بقوله: {لا تختصموا لدي} .
6 المبالغة في وصف (ظلام) راجعة إلى تأكيد النفي المطلق إذ المراد لا أظلم شيئا من الظلم، وليس المعنى ما أنا بكثير الظلم أو شديده إذ الأمر في أمثلة المبالغة أن يقصد بها المبالغة في النفي. قال طرفة:
ولست بحلال التلاع مخافة
ولكن متى يسترفد القوم أرفد
إذ لم يرد نفي كثرة حلوله التلاع وإنما أراد كثرة النفي إذ هو لم يحل في تلعة بالمرة جبنا وخوفا.
7 أخرج مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تزال جهنم يلقى فيها وتقول هل من مزيد؟ حتى يضع رب العزة فيها قدمه فينزوي بعضها إلى بعض، وتقول قط قط بعزتك وكرمك ولا يزال في الجنة فضل حتى ينشء الله لها خلقا فيسكنهم فضل الجنة " نزع هنا بعض أهل العلم كالقرطبي إلى تأويل القدم ففسرها بما يقدم للنار من أقوام وأولوا كذلك لفظ الرجل في حديث "حتى يضع الله عليها رجله" وقال الرجل بمعنى العدد الكثير من الناس كالرجل من الجراد، ولا داعي لهذا التأويل الذي لم يؤوله رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحدث به أصحابه فالأسلم للمؤمن أن يؤمن بصفات الله ويمرها كما جاءت فالقدم، والرجل كاليد والعين صفات ذات لله يؤمن العبد بها وهو يعتقد أنها لا تشبه صفات العباد وهي كذلك والحمد لله.
(غير بعيد) نعت لمحذوف تقديره مكانا غير بعيد من المتقين والإزلاف للتقريب.



ابوالوليد المسلم 10-08-2022 04:03 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 


http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg
تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة ق - (3)
الحلقة (797)

سورة ق
مكية
وآياتها خمس وأربعون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 149الى صــــ 153)

وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد (31) هذا ما توعدون لكل أواب حفيظ (32) من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب (33) ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود (34) لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد (35)
شرح الكلمات:
وأزلفت الجنة للمتقين: أي قربت الجنة للمتقين الذي اتقوا الشرك والمعاصي.
غير بعيد2: أي مكانا غير بعيد منهم بحيث يرونها.
لكل أواب حفيظ: أي رجاع إلى طاعة الله كلما ترك طاعة عاد إليها حافظ لحدود الله.
من خشي الرحمن بالغيب: أي خاف الله تعالى فلم يعصه وإن عصاه تاب إليه وهو لم يره.
وجاء بقلب منيب: أي مقبل على طاعته تعالى.
ادخلوها بسلام: أي ويقال لهم وهم المتقون ادخلوها أي الجنة بسلام أي مع سلام وحال كونكم سالمين من كل مخوف.
ولدينا مزيد: أي مزيد من الإنعام والتكريم في الجنة وهو النظر إلى وجه الله الكريم.
معنى الآيات:
ما زال السياق في تقرير البعث والجزاء بذكر بعض مظاهره قال تعالى بعدما ذكر ما لأهل النار من عذاب {وأزلفت الجنة} أي1 أدنيت وقربت {للمتقين غير بعيد} وهم الذين اتقوا الله تعالى بترك الشرك والمعاصي فلا تركوا فريضة ولا غشوا كبيرة.2 وقوله تعالى هذا ما توعدون أي يقال لهم هذا ما توعدون أي من النعيم المقيم، لكل أواب حفيظ أي رجاع إلى طاعة الله تعالى حفيظ أي حافظ لحدود الله. حفيظ أيضا بذنوبه لا ينساها كلما ذكرها استغفر الله تعالى منها. وقوله من خشي الرحمن بالغيب هذا بيان للأواب الحفيظ وهو من خاف الرحمن تعالى بالغيب أي وهو غائب عنه لا يراه ولم يعصه بترك واجب ولا بفعل حرام، وقوله وجاء بقلب منيب3 أي إلى ربه أي مقبل على طاعته بذكر الله فلا ينساه ويطيعه فلا يعصيه، وقوله تعالى ادخلوها أي يقال لهم أي للمتقين ادخلوها أي الجنة4 بسلام أي مسلما عليكم مسالمين من كل مخوف كالموت والمرض والألم والحزن وذلك يوم الخلود أي في الجنة وفي النار فأهل اللجنة خالدون فيها وأهل النار خالدون5 فيها وقوله لهم ما يشاءون فيها أي لأهل الجنة ما يشاءون أي ما تشتهيه أنفسهم وتلذه أعينهم وقوله ولدينا مزيد أي وعندنا لكم مزيد من النعيم وهو النظر إلى وجهه الكريم.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- فضل التقوى وكرامة المتقين على رب العالمين.
2- فضل الأواب الحفيظ وهو الذي كلما ذكر ذنبه استغفر ربه.
3- بيان أكبر نعيم في الجنة وهو رضا الله والنظر إلى وجهه الكريم.
__________

1 عطف على (يوم نقول لجهنم هل امتلأت) .
2 أ, تركوا وغشوا ولكن تابوا وصحت توبتهم فقبلت منهم فهم كمن لم يترك لم يترك فريضة ولم يغش كبيرة إذ التوبة تجب ما قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له.
3 أي: حضر يوم القيامة مصاحبا قلبه المنيب إلى الله، وفي الحديث: "من مات على شيء بعث عليه" فهذا العبد عاش ومات على قلب منيب فبعثه به شاهد عليه بالإنابة إلى ربه.
4 هذا كقوله تعالى: {ادخلوها بسلام آمنين} .
5 هذا المطلق من الأخبار مقيد قطعا بمن مات على الشرك والكفر أما من مات على الإيمان والتوحيد فإنه لا يخلد في النار بل يخرج منها إلى الجنة ومن ينكر هذا كالخوارج فقد كذب الله ورسوله ومن كذب الله ورسوله عامدا فقد كفر.

****************************

يتبع

ابوالوليد المسلم 10-08-2022 04:03 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أشد منهم بطشا فنقبوا في البلاد هل من محيص (36) إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد (37) ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب (38) فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب (39) ومن الليل فسبحه وأدبار السجود (40) واستمع يوم يناد المناد من مكان قريب (41) يوم يسمعون الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج (42) إنا نحن نحيي ونميت وإلينا المصير (43) يوم تشقق الأرض عنهم سراعا ذلك حشر علينا يسير (44) نحن أعلم بما يقولون وما أنت عليهم بجبار فذكر بالقرآن من يخاف وعيد (45)
شرح الكلمات:
وكم أهلكنا قبلهم من قرن: أي كثيرا من أهل القرون قبل كفار قريش وأهلكناهم.
هم أشد منهم بطشا: أي أهل القرون الذين أهلكناهم قبل كفار قريش هم أشد قوة وأعظم أخذا من كفار قريش ومع هذا أهلكناهم.
فنقبوا في البلاد هل من محيص: أي بحثوا وفتشوا في البلاد علهم يجدون مهربا من الهلاك فلم يجدوا.
إن في ذلك لذكرى: أي إن في المذكور من إهلاك الأمم القوية موعظة.
لمن كان له قلب أو ألقى السمع: أي موعظة تحصل للذي له قلب حي وألقى سمعه يستمع.
وهو شهيد: وهو شهيد أي حاضر أثناء استماعه حاضر القلب والحواس.
وما مسنا من لغوب: أي من نصب ولا تعب.
فاصبر على ما يقولون: أي فاصبر يا رسولنا على ما يقوله اليهود وغيرهم من التشبيه لله والتكذيب بصفاته.
وسبح بحمد ربك قبل طلوع: أي صل حامدا لربك قبل طلوع الشمس وهي صلاة الفجر.
الشمس
وقبل الغروب: أي صل صلاة الظهر والعصر.
ومن الليل فسبحه: أي صل صلاتي المغرب والعشاء.
وأدبار السجود: أي بعد أداء الفرائض فسبح بألفاظ الذكر والتسبيح.
واستمع: أي أيها المخاطب إلى ما أقول لك.
يوم ينادي المناد من مكان قريب: أي يوم ينادي إسرافيل من مكان قريب من السماء وهو صخرة بيت المقدس فيقول أيتها العظام البالغة والأوصال المتقطعة واللحوم المتمزقة والشعور المتفرقة إن الله يأمركن أن تجتمعن لفصل القضاء.
يوم يسمعون الصيحة بالحق: أي نفخة إسرافيل الثانية وهي نفخة البعث يعلمون عاقبة تكذيبهم.
ذلك يوم الخروج: أي من القبور.
يوم تشقق الأرض عنهم سراعا: أي يخرجون من قبورهم مسرعين بعد تشقق القبور عنهم.
ذلك حشر علينا يسير: أي ذلك حشر للناس وجمع لهم في موقف الحساب يسير سهل علينا.
نحن أعلم بما يقولون: أي من الكفر والباطل فلا تيأس لذلك سننتقم منهم.
وما أنت عليهم بجبار: أي بحيث تجبرهم على الإيمان والتقوى.
فذكر بالقرآن: أي عظ مرغبا مرهبا بالقرآن فقرأه على المؤمنين فهم الذين يخافون وعيد الله تعالى ويطمعون في وعده.
معنى الآيات:
بعد ذلك العرض العظيم لأحوال القيامة وأهوالها على كفار قريش المكذبين بالتوحيد والنبوة والبعث ولم يؤمنوا فكانوا بذلك متعرضين للعذاب فأخبر تعالى رسوله أن هلاكهم يسير فكم1 أهلك تعالى {قبلهم من قرن هم أشد منهم بطشا} أي قوة وأخذا ولما جاءهم العذاب فروا يبحثون
عن مكان يحيصون إليه أي يلجأون فلم يجدوا وهو معنى قوله تعالى {فنقبوا في2 البلاد هل من محيص3} وقوله تعالى {إن ذلك} 4 أي الذي ذكرنا من قوله وكم أهلكنا قبلهم من قرن لذكرى أي موعظة يتعظ بها عبد كان له قلب حي وألقى سمعه يستمع وهو شهيد أي حاضر بكل مشاعره وأحاسيسه. وقوله تعالى {ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام} أولها الأحد وآخرها الجمعة {وما مسنا من لغوب} أي نصب أو تعب، هذا الخبر رد الله تعالى به على اليهود الذين قالوا أتم الله خلق السماوات والأرض في يوم الجمعة واستراح يوم السبت فلذا هم يسبتون أي يستريحون يوم السبت فرد تعالى عليهم بقوله {وما مسنا من لغوب} أي تعب، إذ التعب يلحق العامل من الممارسة والمباشرة لما يقوم بعمله والله تعالى يخلق بكلمة التكوين فلذا لا معنى لأن يصيبه تعب أو نصب أو لغوب وقوله تعالى {فاصبر على ما يقولون وسبح} أي فاصبر يا رسولنا على ما يقوله يهود وغيرهم من الكفر والباطل واستعن على ذلك أي على الصبر وهو صعب بالصلاة والتسبيح قبل طلوع الشمس5 وقبل الغروب، ومن الليل فسبحه وأدبار النجوم فشمل هذا الإرشاد والتعليم الإلهي الصلوات الخمس6، إذ قبل طلوع الشمس فيه صلاة الصبح وقبل الغروب فيه صلاة الظهر والعصر ومن الليل فيه صلاة المغرب والعشاء، ولنعم العون على الصبر الصلاة، ولذا كان صلى الله عليه وسلم إذ حزبه أمر فزع إلى الصلاة، وقوله أدبار السجود7 أي بعد الصلوات الخمس سبح ربك متلبسا بحمده.
نحو سبحان الله والحمد لله والله أكبر. وقوله {واستمع8 يوم يناد المناد من مكان قريب} أي واستمع أيها الخاطب يوم ينادي إسرافيل من مكان قريب وهو صخرة بيت المقدس وهو مكان قريب من السماء فيقول المنادي وهو إسرافيل أيتها العظام البالية والأوصال المتقطعة واللحوم المتمزقة والشعور المتفرقة إن الله يأمركن أن تجتمعن لفصل القضاء وقوله {يوم يسمعون الصيحة بالحق} وهي نفخة إسرافيل الثانية نفخة البعث {ذلك يوم الخروج} من القبور ويوم يرى المكذبون عاقبة تكذيبهم. وقوله {يوم تشقق الأرض9 عنهم سراعا} أي يخرجون مسرعين ذلك المذكور من تشقق الأرض وخروجهم مسرعين حشر علينا لهم يسير أي سهل لا صعوبة فيه، وقوله {نحن أعلم بما يقولون} فيه تسلية للرسول صلى الله عليه وسلم وفيه تهديد لكفار قريش. وقوله {وما أنت عليهم بجبار} أي بذي قوة وقدرة فائقة تجبرهم بها على الإيمان والاستقامة وعليه فمهمتك ليست الإجبار وأنت عاجز عنه وإنما هي التذكير {فذكر بالقرآن} إذا {من يخاف وعيد} وهم المؤمنون الصادقون والمسلمون الصالحون.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- مشروعية تخويف العصاة والمكذبين بالعذاب الإلهي وقربه وعدم بعده.
2- للانتفاع بالمواعظ شروط أن يكون السامع ذا قلب حي واع وأن يلقي بسمعه كاملا وأن يكون حاضر الحواس شهيدها.
3- وجوب الصبر والاستعانة على تحقيقه بالصلاة.
4- مشروعية الذكر والدعاء بعد الصلاة فرادى لا جماعات.
5- تقرير البعث وتفصيل مبادئه.
6- المواعظ ينتفع بها أهل القلوب الحية.
__________

1 قوله تعالى: {وكم أهلكنا قبلهم} هذا تعريض بالتهديد للمشركين وتسلية للنبي صلى الله عليه وسلم. و (كم) خبرية.
2 (النقب) الثقب فالتنقيب مأخوذ منه، ومعنى الآية أي: ذللوا وأخضعوا وتصرفوا في الأرض بالحفر والغرس والبناء ونحت الجبال وإقامة السدود والحصون وما إلى ذلك من مظاهر القوة في الأرض ولم يغني ذلك عنهم من الله شيئا وجاءهم الموت من حيث لا مهرب منه ولا محيص.
3 المحيص: مصدر ميمي من: حاص: إذا عدل عن الطريق وهرب فالمحيص: المهرب، والاستفهام إنكاري وهو بمعنى النفي.
4 الإشارة إلى كل ما ذكر من الاستدلال والتهديد في الآيات السابقة والذكرى: التذكرة العقلية لمن توفر له ثلاثة شروط: القلب الحي وإلقاء السمع للإصغاء وحضور البال.
5 في الصحيح عن جرير بن عبد الله البجلي قال: كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم "إذ نظر إلى القمر ليلة البدر فقال: أما إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا" ثم قرأ جرير (وسبح بحمد ربك..)
6 وجائز أن يراد بها نوافل الصلاة فيكون الذي قبل طلوع الشمس ركعتا الفجر ولكن ما في التفسير أولى وأصح وأنها الصلوات الخمس إذ السورة مكية ونزلت بعد فرض الصلوات الخمس.
7 قرأ نافع: (وإدبار) بكسر الهمزة، وقرأ حفص (وأدبار) بفتحها.
8 التعبير بالاستماع فيه معنى التشويق لما يسمع، والمعنى، أقم الصلاة وهي زادك إلى الدار الآخرة وانتظر موعد الجزاء فإنه كائن يوم ينادي المنادي للقيام للجزاء على الصبر والصلاة كما هو على الشرك والعصيان، والآية تحمل التسلية وتدعو إلى الصبر والصلاة.
9 قرأ نافع (تشقق) بفتح التاء وتشديد الشين بتائين فأدغمت التاء الثانية في الشين بعد قلبها شينا، وقرأ حفص بتخفيف الشين على حذف إحدى التائين.



ابوالوليد المسلم 10-08-2022 04:04 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 


http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg
تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة الذاريات - (1)
الحلقة (798)

سورة الذاريات
مكية
وآياتها ستون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 154الى صــــ 159)

سورة الذاريات
مكية
وآياتها ستون آية
بسم الله الرحمن الرحيم

والذاريات ذروا (1) فالحاملات وقرا (2) فالجاريات يسرا (3) فالمقسمات أمرا (4) إنما توعدون لصادق (5)
وإن الدين لواقع (6) والسماء ذات الحبك (7) إنكم لفي قول مختلف (8) يؤفك عنه من أفك (9) قتل الخراصون (10) الذين هم في غمرة ساهون (11) يسألون أيان يوم الدين (12) يوم هم على النار يفتنون (13) ذوقوا فتنتكم هذا الذي كنتم به تستعجلون (14)

شرح الكلمات:
والذاريات ذروا: أي الرياح تذروا التراب وغيره ذروا.
فالحاملات وقرا: أي السحب تحمل الماء.
فالجاريات يسرا: أي السفن تجري على سطح الماء بسهولة.
فالمقسمات أمرا: أي الملائكة تقسم بأمر ربها الأرزاق والأمطار وغيرها بين العباد.
إن ما توعدون لصادق: أي إن ما وعدكم به ربكم لصادق سواء كان خيرا أو شرا.
وإن الدين لواقع: أي وأن الجزاء بعد الحساب لواقع لا محالة.
والسماء ذات الحبك: أي ذات الطرق كالطرق التي تكون على الرمل والحبك جمع حبيكة.
إنكم لفي قول مختلف: أي يا أهل مكة لفي قول مختلف أي في شأن القرآن والنبي صلى الله عليه وسلم فمنهم من يقول القرآن سحر وشعر وكهانة ومنهم من يقول النبي كاذب أو ساحر أو شاعر.
يؤفك عنه من أفك: أي يصرف عن النبي والقرآن من صرف.
قتل الخراصون: أي لعن الكذابون الذين يقولون بالخرص والكذب.
الذين هم في غمرة ساهون: أي في غمرة جهل تغمرهم ساهون أي غافلون عن أمر الآخرة.
يوم هم على النار يفتنون: أي يعذبون فيها.
معنى الآيات:
قوله تعالى {والذاريات} 1 هذا شروع في قسم ضخم أقسم الله تعالى به وهو الذاريات ذروا أي الرياح تذروا التراب وغيره من الأشياء الخفيفة {فالحاملات2 وقرا} أي السحب تحمل الماء {فالجاريات3 يسرا} أي السفن تجري على سطح الماء {فالمقسمات أمرا} أي الملائكة تقسم الأرزاق والأمطار وغيرها بأمر ربها كل هذا قسم أقسم الله به وجوابه {إنما توعدون} أيها الناس من البعث والجزاء بالنعيم المقيم أو بعذاب الجحيم لصادق وإن الدين أي الجزاء العادل لواقع أي كائن لا محالة. وقوله {والسماء ذات الحبك} 4 هذا قسم آخر أي ذات الطرق كالتي على الرمل جمع حبيكة بمعنى طريقة {إنكم لفي قول مختلف} هذا جواب القسم فمنكم من يقول محمد ساحر ومنكم من يقول كاذب أو كاهن. ومنكم من يقول في القرآن سحر وشعر كهانة وقوله تعالى {يؤفك عنه من أفك} أي يصرف عن القرآن ومن نزل عليه من أفك أي صرف بقضاء الله وقدره. وقوله تعالى: {قتل الخراصون} أي لعن الكذابون الذين يقولون بالخرص والكذب والظن الذين هم في غمرة جهل تغمرهم ساهون أي غافلون عن أمر الآخرة وما لهم فيه من عذاب لو شاهدوه ما ذاقوا طعاما ولا شرابا لذيذا.
وقوله تعالى يسألون أيان يوم الدين أي متى قيام الساعة ومجيئها وهم في هذا مستهزئون ساخرون وجوابهم في قوله تعالى {يوم هم على النار يفتنون} أي يعذبون ويقال لهم ذوقوا فتنكم أي عذابكم هذا الذي كنتم به تستعجلون أي تطالبون به رسولنا بتعجيله لكم استخفافا وتكذيبا منكم.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- تقرير عقيدة البعث والجزاء حيث أقسم تعالى على ذلك.
2- تقرير عقيدة القضاء والقدر في قوله يؤفك عنه من أفك.
3- لعن الله الخراصين الذين يقولون بالخرص والكذب ويسألون استهزاء وسخرية لا طلبا للعلم والمعرفة للعمل.
__________

1 هنا ذكر القرطبي موعظة عجبا وهي أن رجلا يقال له: صبيغ بلغ عمر عنه أن يسأل عن يسأل عن تفسير مشكل القرآن فقال: اللهم أمكني منه فدخل الرجل على عمر يوما وهو لابس ثيابا وعمامة وعمر يقرأ القرآن فلما فرغ قام إليه الرجل وقال: يا أمير المؤمنين ما الذاريات ذروا؟ فقام عمر فحسر عن ذراعيه وجعل يجلده ثم قال: ألبسوه ثيابه واجعلوه على قتب وأبلغوا به أهله ثم ليقم خطيبا فليقل: إن صبيغا طلب العلم فأخطأ فلم يزل وضيعا في قومه بعد أن كان سيدا فيهم. وأخرى وهو أن ابن الكواء سأل عليا رضي اللع عنه فقال: يا أمير المؤمنين ما (الذاريات) قال: ويلك سل تفقها ولا تسأل تعنتا.
(فالحاملات وقرا) السحب تحمل الماء كما تحمل ذوات الأربع الوقر: أي الحمل الثقيل.
3 جائز أن يراد ب (الجاريات) السفن، وأن يراد بها الرياح تجري بالسحب بعد تراكمها، واليسر: اللين والهون، أي الجاريات جريانا لينا هينا شأن السير بالشيء الثقيل كما قال الأعشى.
كأن مشيتها من بيت جارتها
مشي السحابة لا ريث ولا عجل
(الحبك) بفتح فسكون: إجادة النسج وإتقان الصنع، وجائز أن يكون المراد بالحبك حبك السماء أي: نجومها لأنها تشبه الطرائق الموشاة في الثوب. وعن الحسن أنها طرائق المجرة أو طرائق السحاب، والكل جائز.

*****************************

يتبع

ابوالوليد المسلم 10-08-2022 04:04 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
إن المتقين في جنات وعيون (15) آخذين ما آتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين (16) كانوا قليلا من الليل ما يهجعون (17) وبالأسحار هم يستغفرون (18) وفي أموالهم حق للسائل والمحروم (19) وفي الأرض آيات للموقنين (20) وفي أنفسكم أفلا تبصرون (21) وفي السماء رزقكم وما توعدون (22) فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون (23)
شرح الكلمات:
إن المتقين في حنات وعيون: أي إن الذين1 اتقوا ربهم في بساتين وعيون تجري خلال تلك البساتين والقصور التي فيها كقوله تجري من تحتها الأنهار.
آخذين ما آتاهم ربهم: أي آخذين ما أعطاهم ربهم من الثواب.
إنهم كانوا قبل ذلك محسنين: أي كانوا قبل دخولهم الجنة محسنين في الدنيا أي في عبادة ربهم وإلى عباده.
كانوا قليلا من الليل ما يهجعون: أي كانوا في الدنيا يحيون الليل ولا ينامون فيه إلا قليلا.
وبالأسحار هم يستغفرون: أي وفي وقت السحور وهو السدس الأخير من الليل يستغفرون يقولون ربنا اغفر لنا.
وفي أموالهم حق للسائل والمحروم: أي للذي يسأل والمحروم الذي لا يسأل لتعففه وهذا الحق أوجبوه على أنفسهم زيادة على الزكاة الواجبة.
وفي الأرض آيات للموقنين: أي من الجبال والأنهار والأشجار والبحار والإنسان والحيوان دلالات على قدرة الله مقتضية للبعث والموجبة للتوحيد للموقنين أما غير المؤمنين فلا يرون شيئا.
وفي أنفسكم أفلا تبصرون: أي آيات من الخلق والتركيب والأسماع والأبصار والتعقل والتحرك أفلا تبصرون ذلك فتستدلون به على وجود الله وعلمه وقدرته.
وفي السماء رزقكم وما توعدون: أي من الأمطار التي بها الزرع والنبات وسائر الأقوات وما توعدون من ثواب وعقاب إن كل ذلك عند الله في السماء مكتوب في اللوح المحفوظ.
فورب السماء والأرض إنه لحق: إنه لحق أي ما توعدون لحق ثابت.
مثل ما أنكم تنطقون: أي إن البعث لحق مثل نطقكم فهل يشك أحد في نطقه إذا نطق والجواب لا يشك فكذلك ما توعدون من ثواب وعقاب.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في تقرير عقيدة البعث والجزاء التي كذب بها المشركون في مكة فقال تعالى {إن المتقين في جنات وعيون} أي إن الذين اتقوا ربهم فلم يشركوا به ولم يعصوه بترك الواجبات ولا بفعل المحرمات هؤلاء يوم القيامة في بساتين وعيون تجري في تلك البساتين وقوله {آخذين ما آتاهم ربهم} أي ما أعطاهم ربهم من ثواب هو نعيم مقيم في دار السلام.
ثم ذكر تعالى مقتضيات هذا العطاء العظيم والثواب الجزيل فقال {إنهم كانوا قبل} دخولهم الجنة {محسنين} في الدنيا فأحسنوا نياتهم وأعمالهم أخلصوها لله ربهم وأتوا بها وفق ما ارتضاه وشرعه لعباده بلا زيادة ولا نقصان كما أحسنوا إلى عباده ولم يسيئوا إليهم بقول ولا عمل هذا موجب وآخر أنهم {كانوا قليلا من الليل ما يهجعون} 1 أي لا ينامون من الليل إلا قليلا إذ أكثر الليل يقضونه في الصلاة وهو التهجد وقيام الليل وبالأسحار أي وفي السدس الأخير من الليل هم يستغفرون أي يقولون ربنا اغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار وثالث {وفي أموالهم حق للسائل} والمحروم أي وزيادة على الزكاة المفروضة في كل مال بلغ النصاب فإنهم أوجبوا على أنفسهم في أموالهم حقا يبذلونه للسائل الذي يسأل والمحروم الذي لا يسأل لحيائه وعفته. هذه موجبات العطاء الكريم الذي أعطاهم ربهم من النعيم المقيم في جنات وعيون. وقوله تعالى {وفي الأرض2 آيات للموقنين} أي وفي ما خلق في الأرض من مخلوقات من جبال وأنهار وزروع وضروع وأنواع الثمار، وإنسان وحيوان آيات أي دلائل وعلامات على قدرة الله وعلمه وحكمته ورحمته وكلها موجبة له التوحيد ومقررة لقدرته على البعث الآخر والجزاء وكون هذه الآيات للموقنين مبني على أن الموقنين ذووا بصائر وإدراك لما يشاهدون في الكون فكلما نظروا إلى آية في الكون ازداد إيمانهم وقوى فبلغوا اليقين فيه فأصبحوا أكثر من غيرهم في الاهتداء والانتفاع بكل ما يسمعون ويشاهدون. وقوله تعالى {وفي أنفسكم أفلا تبصرون} أي وفي أنفسكم3 أيها الناس من الدلائل والبراهين المتمثلة في خلق الإنسان وأطواره التي يمر بها من نطفة إلى علقة إلى مضغة إلى طفل إلى شاب فكهل وفي إدراكه وسمعه وبصره ونطقه إنها آيات أخرى دالة على وجود الله وتوحيده وقدرته على البعث والجزاء وقوله {أفلا تبصرون} توبيخ لأهل الغفلة والإعراض عن التفكر والنظر إذ لو نظروا بأبصارهم متفكرين ببصائرهم لاهتدوا إلى الإيمان والتوحيد والبعث والجزاء. وقوله تعالى وفي السماء رزقكم وما توعدون أي4 يخبر تعالى عباده أن رزقهم في السماء يريد تدبير الأمر في السماء والأمطار التي هي سبب كل الثمار والحبوب وسائر الخضر والفواكه التي هي غذاء الإنسان في السماء وقوله وما توعدون من خير وشر من رحمة وعذاب الكل في السماء إذ الأمر لله وهو يحكم بالرحمة والعذاب على من يشاء وكتاب المقادير التي كتب فيه كل شيء هو في السماء. وقوله تعالى {فورب السماء والأرض
إنه لحق6 مثل ما أنكم تنطقون7} هذا قسم منه تعالى أقسم فيه بنفسه على أن البعث والجزاء يوم القيامة حق ثابت واجب الوقوع كائن لا محالة إذا كنا لا نشك في نطقنا إذا نطقنا أن ما نقوله ونسمعه لا يمكن أن يكون غير ما نطقنا به وسمعناه فكذلك البعث الآخر واقع لا محالة.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- بيان ما للمتقين من نعيم مقيم في الدار الآخرة.
2- بيان صفات المتقين من التهجد بالليل والاستغفار في آخره والإنفاق في سبيل الله.
3- بيان أن في الأرض كما في الأنفس آيات أي دلائل وعلامات على قدرة الله على البعث والجزاء.
4- بيان أن في السماء رزق العباد8 فلا يطلب إلا من الله تعالى وأن ما نوعده من خير وشر أمره في السماء ومنها ينزل بأمره تعالى فليكن طلبنا الخير من الله دائما وتعوذنا من الشر بالله وحده.
__________

1 لما ذكر تعالى مآل الكافرين وهو أنهم على النار يفتنون أي: يعذبون كما قال الشاعر:
كل امرئ من عباد الله مضطهد
ببطن مكة مقهور ومفتون
2 الهجوع: النوم ليلا، والتهجاع: النومة الخفيفة قال الشاعر:
قد حصت البيضة رأسي فما
أطعم نوما غير تهجاع
والفعل يهجع هجوعا، و (ما) زائدة لتقوية الكلام أي: كانوا ينامون قليلا من الليل، والجملة: (وكانوا قليلا) الخ بدل من جملة: (كانوا قبل ذلك محسنين) بدل بعض من كل.
3 هذا متصل بالقسم في قوله: {والذاريات} إنه بعد أن حقق عقيدة البعث بالاقسام عليها عطف شواهد من الأدلة على ذلك.
4 مما هو آية في النفس أن المرء يأكل ويشرب من مكان واحد ويخرج من مكانين ولو شرب لبنا محضا لخرج منه الماء ومنه الغائط فتلك الآية في النفس.
5 يروى أن الحسن رحمه الله تعالى كان إذا رأى السحاب قال لأصحابه فيه والله رزقكم ولكنكم تحرمونه بخطاياكم.
6 (ما) في {مثل ما أنتم تنطقون} مزيدة للتوكيد، والمضارع {تنطقون} جيء به بدلا عن المصدر نطقكم لإفادته التشبيه بنطقهم المتجدد المحسوس لهم وتقدير الكلام أن ما توعدونه من البعث والجزاء لحق مثل نطقكم الذي لا تنكرونه إذ لا يوجد من ينكر نطقه أبدا..
(ما) في (مثل ما أنكم تنطقون) مزيدة للتوكيد، والمضارع (تنطقون) جيء به بدلا عن المصدر نطقكم الذي لا تنكرونه إذ لا يوجد من ينكر نطقه أبدا.
7 قيل: خص النطق من بين سائر الحواس: لأن ما سواه من الحواس يدخله التشبيه, والنطق سبيم من ذلك.
8 ذكر القرطبي عند تفسير هذه الآية قصة مأثورة عن الأصمعي خلاصتها: أن أعرابيا قال له: اقرأ علي من كلام الرحمن شيئا فقرأ عليه: (وفي السماء رزقكم وما توعدون) ففهمها الأعرابي علقيقتها فكسر قوسه ونحر بعيره فتصدق به وتاب إلى ربه ولقيه بعد سنة فطلب منه أن يسمعه من كلام الرحمن فقرأ عليه فورب السماء والأرض إنه لحق ... ) الآية فأخذ الأعرابي رداءه وهو يقول: من يغضب الرحمن. وما زال يرددها حتى مات.


ابوالوليد المسلم 10-08-2022 04:05 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 


http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg
تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة الذاريات - (1)
الحلقة (799)

سورة الذاريات
مكية
وآياتها ستون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 159الى صــــ 164)

هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين (24) إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال سلام قوم منكرون (25) فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين (26) فقربه إليهم قال ألا تأكلون (27) فأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم (28) فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها وقالت عجوز عقيم (29) قالوا كذلك قال ربك إنه هو الحكيم العليم (30)

شرح الكلمات:
هل أتاك حديث: أي قد أتاك يا نبينا حديث أي كلام.
ضيف إبراهيم المكرمين: أي جبريل وميكائيل وإسرافيل أكرمهم إبراهيم الخليل.
وقالوا سلاما: أي نسلم عليك سلاما.
قال سلام قوم منكرون: أي عليكم سلام أنتم قوم منكرون أي غير معروفين.
فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين: أي عدل ومال إلى أهله فجاء بعجل سمين حنيذ.
فقال ألا تأكلون: أي فأمسكوا عن الأكل فقال لهم ألا تأكلون.
فأوجس منهم خيفة: أي فأضمر في نفسه خوفا منهم.
بغلام عليم: أي بولد يكون ذا علم كبير غزير.
فأقبلت امرأته في صرة: أي في رنة وصيحة.
فصكت وجهها: أي لطمت وجهها أي ضربت بأصابعها جبينها متعجبة.
وقالت عجوز عقيم: أي كبيرة السن وعقيم لم يولد لها قط.
قالوا كذلك قال ربك: أي قالت الملائكة لها كالذي قلنا لك قال ربك.
إنه هو الحكيم العليم: أي إنه هو الحكيم في تدبيره وتصريف شؤون عباده. العليم بما يصلح للعبد وما لا يصلح فليفوض الأمر إليه.
معنى الآيات:
قوله تعالى {هل أتاك حديث1 ضيف إبراهيم المكرمين} 2 هذا الحديث يشتمل على موجز قصة قد ذكرت في سورة هود والحجر والمقصود منه تقرير نبوة محمد صلى الله عليه وسلم إن مثل هذا القصص لا يتم لأمي لا يقرأ ولا يكتب إلا من طريق الوحي كما أنه يحمل في نهايته التهديد بالوعيد لمشركي قريش المصرين على الكفر والتكذيب والإجرام الكبير إذ في نهاية القصة يسأل إبراهيم الملائكة قائلا فما خطبكم أيها المرسلون فيجيبون قائلين إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين لنرسل عليهم حجارة من طين أي لتدميرهم وإهلاكهم من أجل إجرامهم، وقريش في هذا الوقت مجرمة مستحقة للعذاب كما استحقه إخوان لوط. فقوله تعالى في خطاب رسوله هل أتاك حديث ضيف إبراهيم الخليل وهم ملائكة في صورة رجال من بينهم3 جبريل وميكائيل وإسرافيل إذ دخلوا عليه أي على إبراهيم وهو في منزله فسلموا عليه4 فرد السلام ثم قال أنتم قوم منكرون أي لا نعرفكم بمعنى أنكم غرباء لستم من أهل هذا البلد فلذا سارع في إكرامهم فراغ إلى أهله أي عدل ومال إلى أهله فعمد إلى عجل سمين من أبقاره وكان ماله يومئذ البقر فشواه بعد ذبحه وسلخه وتنظيفه. فقربه إليهم وكأنهم أمسكوا عن تناوله فعرض عليهم الأكل عرضا بقوله ألا تأكلون فقالوا إنا لا نأكل طعاما إلا بحقه. فقال إذا كلوه بحقه، فقالوا وما حقه؟ قال أن تذكروا اسم الله في أوله وتحمدوا الله في آخره أي تقولون بسم الله في البدء والحمد لله في الختم فالتفت جبريل إلى ميكائيل وقال له حق للرجل أن يتخذه ربه خليلا ولما لم يأكلوا أوجس منهم خيفة أي خوفا أي شعر بالخوف في نفسه منهم لعدم أكلهم لأن العادة البشرية وهي مستمرة إلى اليوم إذا أراد المرء بأخيه سوءا لا يسلم عليه ولا يرد عليه السلام، ولا يأكل طعامه هذا حكم غالبي وليس عاما. قالوا لا تخف وبشروه بغلام وأعلموه أنهم مرسلون من ربه إلى قوم لوط لإهلاكهم من أجل إجرامهم وبشروه بغلام يولد له ويكبر ويولد له فالأول إسحق والثاني يعقوب كما جاء في سورة هود فبشرناه بإسحاق ومن وراء إسحق يعقوب وقوله {فأقبلت امرأته في صرة} 5 أخذت في رنة لما سمعت البشرى فصكت أي لطمت وجهها بأصابع يدها متعجبة وهي تقول أألد وأنا عجوز6 وهذا بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيب إذ كان عمرها تجاوز التسعين وعمر إبراهيم تجاوز المئة وكانت عقيما لا تلد قط فلذا قالت عجوز7 عقيم كيف ألد يا للعجب؟ فأجابها الملائكة قائلين كذلك أي هكذا قال ربك فاقبلي البشرى واحمديه واشكريه. إنه تعالى هو الحكيم في تصرفاته في شؤون عباده العليم بما يصلح لهم وما لا يصلح فليفوض الأمر إليه ولا يعترض عليه.

هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- تقرير النبوة المحمدية.
2- فضيلة إبراهيم أبي الأنبياء وإمام الموحدين.
3- وجوب إكرام الضيف.
4- الخوف الفطري عند وجود أسبابه لا يقدح في العقيدة ولا يعد شركا.

__________

1 هذا الكلام مستأنف ابتدائي سيق لتسلية الرسول صلى الله عليه وسلم وتقرير نبوته وإنذار قومه المكذبين المصرين على الشرك والظلم، ولفظ الضيف، يطلق على الواحد فأكثر وافتتاح الكلام بهل للتفخيم للحدث الذي يخبر عنه والتهويل من شأنه.
2 قال فيهم المكرمين: لخدمة إبراهيم إياهم وإكرامه لهم بتقديم العجل الحنيذ، وقيل هم مكرمون من قبل الله تعالى.
3 قيل إنهم كانوا تسعا وسما منهم غير الثلاثة رفائيل عليه السلام.
4 في الآية مشروعية السلام إلقاء وردا إلا أن الإلقاء سنة والرد واجب لآية النساء: {وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها} .
5 الصرة: الصيحة والضجة، والصرة، الجماعة، والصرة: الشدة من كرب وغيره قال الشاعر:
فألحقه بالهاديات ودونه
جواحرها في صرة لم تزين
الهاديات: أوائل بقر الوحش وجواحرها: متخلفاتها ولم تزيل لم تنفرق الشاهد في الصرة هنا فإنها بمعنى الضجة والجماعة والشدة. وهو يمدح فرسه الذي ألحقه بأوائل بقر الوحش الذي يصيد.
6 نص آية هود: {قالت يا ويلتى أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيب} .
7 أي: كيف ألد وأنا عجوز عقيم ف (عجوز) خبر، و (عقيم) بدل منه والمبتدأ محذوف أي: أنا والعجوز يشترك فيه المذكر والمؤنث يقال رجل عجوز وامرأة عجوز فهو فعول بمعنى فاعل مشتق من العجز والعقيم كذلك يستوي فيه المذكر والمؤنث وهو فعيل بمعنى مفعول مأخوذ من عقمها الله: إذا خلقها لم تحمل بجنين، وكانت سارة لم تحمل قط.

************************

يتبع


ابوالوليد المسلم 10-08-2022 04:05 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
الجزء السابع والعشرون
قال فما خطبكم أيها المرسلون (31) قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين (32) لنرسل عليهم حجارة من طين (33) مسومة عند ربك للمسرفين (34) فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين (35) فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين (36) وتركنا فيها آية للذين يخافون العذاب الأليم (37)

شرح الكلمات:
قال فما خطبكم أيها المرسلون: أي ما شأنكم أيها المرسلون.
إلى قوم مجرمين: أي إلى قوم كافرين فاعلين لأكبر الجرائم وهي إتيان الفاحشة.
حجارة من طين: أي مطبوخ بالنار.
مسومة: أي معلمة على كل حجر اسم من يرمى به.
للمسرفين: أي المبالغين في الكفر والعصيان كإتيان الذكران.
غير بيت من المسلمين: وهو بيت لوط وابنتيه ومن معهم من المؤمنين.
وتركنا فيها آية: أي بعد إهلاكهم: تركنا فيها علامة على إهلاكهم وهي ماء أسود منتن.
للذين يخافون العذاب الأليم: أي عذاب الآخرة فلا يفعلون فعلهم الشنيع.
معنى الآيات:
ما زال السياق في قصة إبراهيم مع ضيفه من الملائكة إنه لاحظ بعد أن عرف أنهم سادات الملائكة أن مهمتهم لم تكن مقصورة على بشارته فقط بل هي أعظم فلذا سألهم قائلا: فما1 خطبكم أيها المرسلون؟ فأجابوه قائلين: إنا أرسلنا أي أرسلنا ربنا عز وجل إلى قوم مجرمين2 أي على أنفسهم بالكفر، وفعل الفاحشة، والعلة من إرسالنا إليهم هي لنرسل عليهم حجارة من طين3 مطبوخ بالنار، وتلك الحجارة مسومة أي معلمة عن ربك للمسرفين أي قد كتب على كل حجر اسم من يرمى به، وذلك في السماء قبل أن تنزل إلى الأرض.
وقوله تعالى: {فأخرجنا} أي من تلك القرية وهي سدوم من كان فيها من4 المؤمنين فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين وهو بيت لوط عليه السلام وما به سوى لوط وابنتيه ومن الجائز أن يكون معهم بعض المؤمنين إذ قيل كانوا ثلاثة عشر نسمة وقوله تعالى: {وتركنا فيها آية5} أي علامة على إهلاكهم وهي ماء أسود منتن كالبحيرة وتعرف الآن بالبحر الميت. وقوله {للذين يخافون العذاب الأليم} وهم المؤمنون الذين يخافون عذاب الآخرة حتى لا يفعلوا فعل قوم لوط من الكفر وإيتان الفاحشة.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- جواز تشكل الملائكة بصورة رجال من البشر.
2- التنديد بالإجرام وفاعليه.
3- جواز الإهلاك بالعذاب الخاص الذي لم يعرف له نظير.
4- تقرير حقيقة علمية وهي أن كل مؤمن صادق الإيمان مسلم, وليس كل مسلم مؤمنا حتى يحسن إسلامه بانبنائه على أركان الإيمان الستة.6
__________

1 الفاء: هي الفاء الفصيحة إذ أفصحت أي: دلت على كلام محذوف تقديره: لما كنتم مرسلين من قبل الله تعالى فما خطبكم أي ما شأنكم وما مهمتكم العظيمة التي جئتم لها؟.
2 هم أهل سدوم وعمورية.
3 (من طين) فيه احتراس من أن تكون من البرد الذي ينزل مع المطر من السماء, وجائز أن تكون من بركان قذفته الأرض فارتفع بقوة الضغط فسقط عليهم فدمرهم بأمر الله تعالى وتدبيره فيهم.
4 قوله: (من المؤمنين) : إشارة إلى أن سبب نجاتهم هو إيمانهم وفي قوله: (من المسلمين) كذلك أي: سبب النجاة الإسلام كما هو التنويه بشأن كل من الإيمان والإسلام إذ الدعوة النبوية تدور عليهما.
5 الضمير) فيها) عائد إلى القرية التي أصبحت خربة تدل على قدرة الله تعالى ونقمته من أعدائه.
6 هي الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله, واليوم الآخر, والقدر خيره وشره, كما في آية البقرة, (ليس البر) وفي حديث جبريل عند مسلم.



ابوالوليد المسلم 10-08-2022 04:06 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 



http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg
تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة الذاريات - (2)
الحلقة (800)

سورة الذاريات
مكية
وآياتها ستون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 165الى صــــ 170)

وفي موسى إذ أرسلناه إلى فرعون بسلطان مبين (38) فتولى بركنه وقال ساحر أو مجنون (39) فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم وهو مليم (40) وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم (41) ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم (42) وفي ثمود إذ قيل لهم تمتعوا حتى حين (43) فعتوا عن أمر ربهم فأخذتهم الصاعقة وهم ينظرون (44) فما استطاعوا من قيام وما كانوا منتصرين (45) وقوم نوح من قبل إنهم كانوا قوما فاسقين (46)
شرح الكلمات:
وفي موسى إذ أرسلناه إلى فرعون: أي فكذبه وكفر, فأغرقناه ومن معه آية كآية سدوم.
بسلطان مبين: أي بحجة ظاهرة قوية وهي اليد والعصا.
فتولى بركنه: أي أعرض عن الإيمان مع رجال قومه.
وقال ساحر أو مجنون: أي وقال فرعون في شأن موسى ساحر أو مجنون.
فنبذناهم في اليم: أي طرحناهم في البحر فغرقوا أجمعين.
وهو مليم: أي آت بما يلام عليه إذ هو الذي عرض جيشا كاملا للهلاك زيادة على ادعائه الربوبية وتكذيبه لموسى وهرون وهما رسولان.
وفي عاد: أي وفي إهلاك عاد آية أي علامة على قدرتنا وتدبيرنا.
الريح العقيم: أي التي لا خير فيها لأنها لا تحمل المطر ولا تلقح الشجر وهي الدبور, لقول الرسول صلى الله عليه وسلم "نصرت بالصبا" وهي الريح الشرقية "وأهلكت عاد بالدبور" وهي الريح الغربية بالحجاز.
ما تذر من شيء أتت عليه: من نفس أو مال.
إلا جعلته كالرميم: أي البالي المتفتت.
وفي ثمود: أي وفي إهلاك ثمود آية دالة على قدرة الله وكرهه تعالى للكفر والإجرام.
إذ قيل لهم: أي بعد عقر الناقة تمتعوا إلى انقضاء آجالكم بعد ثلاثة أيام.
فأخذتهم الصاعقة: أي بعد ثلاثة أيام من عقر الناقة.
فما استطاعوا من قيام: أي ما قدروا على النهوض عند نزول العذب بهم.
وقوم نوح من قبل: أي وفي إهلاك قوم نوح بالطوفان آية وأعظم آية.
قوله تعالى {وفي موسى} 1 الآية إنه تعالى لما ذكر إهلاك قوم لوط وجعل في ذلك آية دالة على قدرته وعلامة تدل العاقل على نقمه تعالى ممن كفر به وعصاه ذكر هنا في هذه الآيات التسع من هذا السياق أربع آيات
أخرى، يهتدي بها أهل الإيمان الذين يخافون يوم الحساب فقال عز من قائل: وفي موسى بن عمران نبي بني إسرائيل إذ أرسلناه إلى فرعون ملك القبط بمصر {بسلطان مبين} أي بحجة قوية ظاهرة قوة السلطان وظهوره وهي العصا2 فلم يستجب لدعوة الحق فتولى بركنه أي 3بجنده الذي يركن إليه ويعتمد عليه، وقال في موسى رسول الله إليه: هو ساحر أو 4مجنون فانتقمنا منه بعد الإصرار على الكفر والظلم فنبذناهم أي طرحناهم في اليم البحر فهلكوا بالغرق. في هذا الصنيع الذي صنعناه بفرعون لما كذب آية من أظهر الآيات. وقوله تعالى: {وفي عاد5} حيث أرسلنا إليهم
أخاهم هودا فدعاهم إلى عبادة الله وحده وترك عبادة ما سواه فكذبوه {إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم} التي لا تحمل مطرا ولا تلقح شجرا6 ما تذر من شيء أتت عليه أي مرت به من أنفس أو أموال إلا جعلته كالرميم7 البالي المتفتت في هذه الإهلاك آية من أعظم الآيات الدالة على قدرة الله الموجبة لربوبيته وعبادته والمستلزمة لقدرته تعالى على البعث والجزاء يوم القيامة.
وقوله تعالى {وفي ثمود8} إذ أرسلنا إليهم أخاهم صالحا فدعاهم إلى عبادة الله وحده وترك الشرك فكذبوه وطالبوه بآية تدل على صدقه فأعطاهم الله الناقة آية فعقروها استخفافا منهم وتكذيبا {إذ قيل لهم تمتعوا حتى حين} أي إلى إنقضاء الأجل الذي حدد لهلاكهم. فبدل أن يؤمنوا ويسلموا
فيعبدوا الله ويوحدوه عتوا عن أمر ربهم وترفعوا متكبرين {فأخذتهم الصاعقة} صاعقة العذاب وهم ينظرون بأعينهم الموت يتخطفهم {فما استطاعوا من قيام} من مجالسهم وهم جائمون على الركب {وما كانوا منتصرين} في إهلاك ثمود أصحاب الحجر آية للذين يخافون العذاب الأليم فلا يفعلوا فعلهم حتى لا يهلكوا هلاكهم.
وقوله تعالى: {وقوم نوح7 من قبل إنهم كانوا قوما فاسقين} أي وفي إرسالنا نوحا إلى قومه وتكذيبهم إياه وإصرارهم على الشرك والكفر والتكذيب ثم إهلاكنا لهم بالطوفان وانجائنا المؤمنين آية من أعظم الآيات الدالة على وجود الله تعالى وربوبيته وألوهيته للعالمين، والمستلزمة لقدرته على البعث والجزاء الذي يصر الملاحدة على إنكاره ليواصلوا فسقهم وفجورهم بلا تأنيب ضمير ولا حياء ولا خوف أو وجل.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- تقرير كل من التوحيد والنبوة والبعث لما في الآيات من دلائل على ذلك.
2- قوة الله تعالى فوق كل قوة إذ كل قوة في الأرض هو الذي خلقها ووهبها.
3- اتهام المبطلين لأهل الحق دفعا للحق وعدم قبول له يكاد يكون سنة بشرية في كل زمان ومكان.
4- من عوامل الهلاك العتو عن أمر الله أي عدم الإذعان لقبوله، والفسق عن طاعته وطاعة رسله.
__________

(وفي موسى) أي: وتركنا أيضا في قصة موسى آية، والعطف على قوله: {وفي الأرض آيات للموقنين} .
2 وجائز أن يكون غير العصا من الآيات التسع.
3 وجائز أن يكون بقوته كما قال عنترة:
فما أوهى مراس الحرب ركني
ولكن ما تقادم من زماني
أراد بركنه: قوته، وركن الشيء: جانبه الأقوى.
(أو) بمعنى الواو أي: قال مرة في موسى ساحر وقال مرة أخرى مجنون وشاهده قول الشاعر:
أثعلبة الفوارس أو رياحا
عدلت بهم طهية والخشايا
أي: ورياحا فأو بمعنى الواو العاطفة لا غير وطهية كسمية: حي من تميم والخشاب: بطون من تميم أيضا.
(وفي عاد) أي: وتركنا في عاد آية كالتي في موسى.
6 ولا خير فيها ولا بركة ولا منفعة البتة مأخوذة من: امرأة عقيم لا تحمل ولا تلد، وهي الدبور لقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الصحيح "نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور} .
(الرميم) الشيء الهاك البالي. قال مجاهد، ومنه قول الشاعر:
تركتني حين كف الدهر من بصري
وإذ بقيت كعظم الرمة البالي
مأخوذ من رم العظم: إذا بلى يقال: رم العظم يرم بالكسر رمة فهو رميم.
(وفي ثمود) أي: وتركنا في ثمود آية للموقنين دالة على قدرة الله وعلمه وحكمته وهي موجبات ألوهيته.
7 قرأ حمزة والكسائي (وقوم) بالكسر أي: وفي قوم نوح آية، وقرأ الجمهور بالنصب أي: وأهلكنا قوم نوح من قبل عاد وثمود ومدين.

**********************

يتبع

ابوالوليد المسلم 10-08-2022 04:06 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون (47) والأرض فرشناها فنعم الماهدون (48) ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون (49) ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين (50) ولا تجعلوا مع الله إلها آخر إني لكم منه نذير مبين (51)
شرح الكلمات:
والسماء بنيناها بأيد: أي وبنينا السماء بقوة ظاهرة في رفع السماء وإحكام البناء.
وإنا لموسعون: أي لقادرون على البناء والتوسعة.
والأرض فرشناها: أي مهدناها فجعلناها كالمهاد أي الفراش الذي يوضع على المهد.
فنعم الماهدون: أي نحن أثنى الله تعالى على نفسه بفعله الخيري الحسن الكبير.
ومن كل شيء خلقنا زوجين: أي وخلقنا من كل شيء صنفين أي ذكرا وأنثى، خيرا وشرا، علوا وسفلا.
لعلكم تذكرون: أي تذكرون أن خالق الأزواج كلها هو إله فرد فلا يعبد معه غيره.
ففروا إلى الله: أي إلى التوبة بطاعته وعدم معصيته.
إني لكم منه نذير مبين: أي إني وأنا رسول الله إليكم منه تعالى نذير مبين بين النذارة أي أخوفكم عذابه.
ولا تجعلوا مع الله إلها آخر: أي لا تعبدوا مع الله إلها أي معبودا آخر إذ لا معبود بحق إلا هو.
إني لكم منه نذير مبين: إني لكم منه تعالى نذير بين النذارة أخوفكم عذابه إن عبدتم معه غيره.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في عرض مظاهر القدرة الإلهية الموجبة له تعالى الربوبية لكل شيء والألوهية على عباده. فقال تعالى: {والسماء1 بنيناها بأيد وإنا لموسعون} فهذا أكبر مظهر من مظاهر القدرة الإلهية إنه بناء السماء وإحكام ذلك البناء وارتفاعه وما تعلق به من كواكب ونجوم وشمس وقمر تم هذا الخلق بقوة الله التي لا توازيها قوة. وقوله {وإنا لموسعون} أي لقادرون على توسعته أكثر مما هو عليه، وذلك لسعة قدرتنا.
ومظهر ثان هو في قوله: {والأرض2 فرشناها فنعم الماهدون} والأرض فرشها بساطا ومهدها مهادا فنعم الماهدون نحن نعم الماهد الله تعالى لها إذ غيره لا يقدر على ذلك ولا يتأتى له، وثالث مظاهر القدرة في قوله: {ومن كل شيء3 خلقنا زوجين لعلكم تذكرون} فهذا لفظ عام يعم سائر المخلوقات وأنها كلها أزواج وليس فيها فرد قط.
والذوات كالصفات فالسماء يقابلها الأرض، والحر يقابله البرد، والذكر يقابله الأنثى، والبر يقابله البحر، والخير يقابله الشر، والمعروف يقابله المنكر، فهي أزواج بمعنى أصناف كما أن سائر الحيوانات هي أزواج من ذكر وأنثى. وقوله {لعلكم تذكرون} أي خلقنا من كل شيء زوجين رجاء أن تذكروا فتعلموا أن خالق هذه الأزواج هو الله الفرد الصمد الواحد الأحد لا إله غيره ولا رب سواه فتعبدوه وحده ولا تشركوا به سواه من سائر خلقه.
وقوله تعالى {ففروا إلى4 الله إني لكم منه نذير مبين} أي بعد أن تبين لكم أيها الناس أنه لا إله غير الله ففروا إليه تعالى أي بالإيمان به وبطاعته وبفعل فرائضه وترك نواهيه اهربوا إلى الله يا عباد الله بالإسلام إليه والانقياد لطاعته إني لكم منه تعالى نذير من عقاب شديد، ونذارتي بينة لا شك فيها وأنصح لكم أن لا تجعلوا مع الله إلها آخر أي معبودا غيره تعالى تعبدونه إن الشرك به يحبط أعمالكم ويحرم عليكم الجنة فلا تدخلوها أبدا واعلموا أني لكم منه عز وجل نذير مبين.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- تقرير التوحيد والبعث بمظاهر القدرة الإلهية التي لا يعجزها شيء ومظاهر العلم والحكمة المتجلية في كل شيء.
2- ظاهرة الزوجية في الكون في الذرة انبهر لها العقل الإنساني وهي مما سبق إليه القرآن الكريم وقرره في غير موضع منه: سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون. فدل هذا قطعا على أن القرآن وحي الله وأن من أوحى به إليه وهو محمد بن عبد الله لن يكون إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
3- التحذير من الشرك فإنه ذنب عظيم لا يغفر إلا بالتوبة الصحيحة النصوح.
__________

1 هذا عرض آخر قدرة الله تعالى وعلمه وحكمته الدالة على قدرته على البعث الآخر (والسماء) : منصوب على الاشتغال، والأيد جمع يد وكثر إطلاقه على القوة نحو: (واذكر عبدنا داود ذا الأيد) أي: القوة، والموسع: القادر على توسعة ما يريد توسعته من رزق وغيره.
2 نصب الأرض على الاشتغال، والفرش: البسط يقال: فرش البساط: إذا نشره وقوله: (فنعم الماهدون) أثنى تعالى على نفسه بهذه المنة على خلقه وهي: بسط الأرض وتمهيدها للحياة عليها وفي هذا تعليم للعباد أن يحمدوا الله ويشكروه: فله الحمد تعالى وله المنة.
3 في خلق الله تعالى للذكر والأنثى والتناسل منهما دليل ظاهر على البعث الذي ينكره الكافرون فمن فكر في إيجاد الحياة من جماد النطفة سهل عليه الإيمان بالحياة الثانية بعد انتهاء هذه ولذا عقب على ذلك بجملة (لعلكم تذكرون) وهي جملة تعليلية.
4 الفاء للتفريع إنه بعد أن بين للمشركين ضلالهم وخطأهم في الشرك والكفر وإنكار البعث بما ساق من الأدلة وأبرز عن البراهين القطعية قال لرسوله: قل لهم أيها الناس ففروا إلى الله أي: اهربوا إليه لينجيكم من الخسران فإنه ليس لكم إلا هو فآمنوا به واعبدوه ووحدوه وعلل ذلك بقوله لهم {إني لكم منه نذير مبين} .



ابوالوليد المسلم 10-08-2022 08:28 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 



http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg
تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة الطور - (1)
الحلقة (801)

سورة الطور
مكية
وآياتها تسع وأربعون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 171الى صــــ 175)

كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون (52) أتواصوا به بل هم قوم طاغون (53) فتول عنهم فما أنت بملوم (54) وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين (55) وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون (56) ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون (57) إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين (58) فإن للذين ظلموا ذنوبا مثل ذنوب أصحابهم فلا يستعجلون (59) فويل للذين كفروا من يومهم الذي يوعدون (60)

شرح الكلمات:
كذلك ما أتى الذين من قبلهم: أي الأمر كذلك ما أتى الذين من قبل قومك يا محمد من رسول.
إلا قالوا ساحر أو مجنون: أي هو ساحر أو مجنون.
أتواصوا به بل هم قوم طاغون: أي أتواصت الأمم كل أمة توصي التي بعدها بقولهم للرسول هو ساحر أو مجنون, والجواب, لا أي لم يتواصوا بل هم قوم طاغون يجمعهم على قولهم هذا الطغيان.
فتول عنهم فما أنت بملوم: أي أعرض عنهم يا رسولنا فما أنت بملوم لأنك بلغتهم فأبرأت ذمتك.
وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين: أي عظ بالقرآن يا رسولنا فإن الذكرى بمعنى التذكير ينفع المؤمنين أي من علم الله أنه يؤمن.
وما خلقت الجن والإنس: أي خلقتهم لأجل أن يعبدوني فمن عبدني أكرمته ومن ترك عبادتي أهنته.
ما أريد منهم من رزق: أي لا لي ولا لأنفسهم ولا لغيرهم.
وما أريد أم يطمعون: أي لا أريد منهم ما يريد أرباب العبيد من عبيدهم هذا يجمع المال وهذا يعد الطعام، والله هو الذي يرزقهم.
ذو القوة المتين: أي صاحب القوة المتين الشديد الذي لا يعجزه شيء.
ذنوبا مثل ذنوب أصحابهم: أي نصيبا من العذاب مثل نصيب أصحابهم الذين ماتوا على الكفر.
فلا يستعجلون: أي فلا يطالبوني بالعذاب فإن له موعدا لا يخلفونه.
من يومهم الذي يوعدون: أي يوم القيامة.
معنى الآيات:
بعد عرض تلك الأدلة المقررة للتوحيد والبعث والمستلزمة للرسالة المحمدية والمشركون ما زالوا في إصرارهم على الكفر والتكذيب قال تعالى مسليا رسوله مخففا عنه ما يجده من إعراض وتكذيب: {كذلك} أي الأمر والشأن كذلك وهو أنه ما أتى الذين من قبلهم أي من قبل قومك للرسول إلا قالوا فيه هو ساحر1 أو مجنون كما قال قومك لك اليوم. ثم قال تعالى: {أتواصوا2 به} أي بهذا القول كل أمة توصي التي بعدها بأن تقول لرسولها: ساحر أو مجنون. بل هم قوم طاغون أي لم يتواصوا به وإنما جمعهم على هذا القول الطغيان الذي هو وصف عام لهم فإن الطاغي من شأنه أن ينكر ويكذب ويتهم بأبعد أنواع التهم والحامل له على ذلك طغيانه. وما دام الأمر هكذا فتول عنهم يا رسولنا أي أعرض عنهم ولا تلتفت إلى أقوالهم وأعمالهم فما أنت بملوم في هذا القول لأنك قد بلغت رسالتك وأديت أمانتك ولا يمنعك هذا التولي عنهم أن تذكر أي عظ بالقرآن بل عظ وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين الذين علم الله تعالى أنه يؤمنون ممن هم غير مؤمنين الآن كما تنفع المؤمنين حاليا بزيادة إيمانهم وصبرهم على طاعة الله ربهم.
وقوله تعالى: {وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون3} أي لم يخلقهما للهو ولا للعب ولا
لشيء وإنهما خلقهما ليعبدوه بالإذعان له والتسليم لأمره ونهيه. وقوله تعالى {ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون} أي إن شأني معهم ليس كشأن السادة مالكي العبيد الذين يتعبدونهم بالقيام بحاجاتهم. هذا يجمع المال وهذا يعد الطعام بل خلقتهم ليعبدوني أي يوحدوني في عبادتي، إذ عبادتهم لي مع عبادة غيري لا أقبلها منهم ولا أثيبهم عليها بل أعذبهم على الطاعة حيث عبدوا من لا يستحق العبادة من سائر المخلوقات.
قوله تعالى {إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين4} قرر به غناه عن خلقه، وأعلم أنه ليس في حاجة إلى أحد وذلك لغناه المطلق، وقدرته التي لا يعجزها في الأرض ولا في السماء شيء. وقوله فإن للذين ظلموا5 ذنوبا مثل ذنوب أصحابهم أي إذا عرفت حال من تقدم من قوم عاد وثمود وغيرهم فإن لهؤلاء المشركين ذنوبا مثل ذنوب أصحابهم أي نصيبا من العذاب وعبر بالذنوب التي هي الدلو الملأى بالماء عن العذاب لأن العذاب يصب عليهم كما يصب الماء من الدلو ولأن الدلاء تأتى واحدا بعد واحد فكذلك. الهلاك يتم لأمة بعد أمة حتى يسقوا كلهم مر العذاب, وقوله {فلا يستعجلون} أي ما هناك حاجة بهم الى استعجال العذاب فإنه آت في إبانه ووقته المحدد له لا محالة. وقوله تعالى {فويل للذين كفروا} أي بالله ولقائه والنبي وما جاء به ويل لهم من يومهم الذي يوعدون أي العذاب الشديد لهم من يومهم الذي أوعدهم الله تعالى به وهو يوم القيامة والويل واد في جهنم يسيل بصديد أهل النار والعياذ بالله.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- بيان سنة بشرية وهي التكذيب والاتهام بالباطل وقلب الحقائق لكل من جاءهم يدعوهم إلى خلاف مألوفيهم وما اعتادوه من باطل وشر فيدفعون بالقول فإذا أعياهم ذلك دفعوا بالفعل وهي الحرب والقتال.
2- بيان أن طغيان النفس يتولد عنه كل شر والعياذ بالله.
3- مشروعية التذكير، وأنه ينتفع به من أراد الله إيمانه ممن لم يؤمن، ويزداد به إيمان المؤمنين الحاليين.
4- بيان علة خلق الإنس والجن وهي عبادة الله وحده.
5- بيان غنى الله تعالى عن خلقه، وعدم احتياجه إليهم بحال من الأحوال.
6- توعد الرب تبارك وتعالى الكافرين وأن نصيبهم من العذاب نازل بهم لا محالة.
__________

1 أو: بمعنى الواو إذ هم مرة يقولون ساحر ومرة يقولون مجنون وليس معنى ساحر أو مجنون أن يكون إما ساحرا أو مجنونا فتكون أو بأحد الشيئين.
2 الاستفهام للتعجب، و (بل) للإضراب الإبطالي، أي لم يتواصوا بهذا القول الفاسد، وإنما جمعهم الطغيان فقالوا ما قالوا ولم يتخلف قوم منهم في ذلك.
3 قوله: {وما خلقت ... } الخ فيه تعريض للمشركين والكافرين التاركين لعبادته تعالى، والإنس واحده إنسي، والاستثناء مفرغ من علل لم تذكر، والإرادة هنا؛ هي الإرادة الشرعية التكليفية ليست الإرادة الكونية التي لا تتخلف، ولذا فلا معنى لمن قال: المراد بالناس هنا المؤمنون فقط، أو هو على تقدير لآمرهم وأنهاهم أو أن المراد من العبادة: ظهور قدرة الله تعالى فيهم من الخلق والإحياء والإماتة.
4 الجملة تعليلية لما سبقها من قوله: {ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون} و (الرزاق) : كثير الإرزاق و (ذو القوة) : صاحبها ومن خصائص (ذو) أنها لا تضاف إلا إلى أمر مهم, (والمتين) : الكامل في قوته الذي لا يعارض ولا يدانى.
5 في قوله تعالى (ذنوبا) إشارة إلى مل حصل لصناديد قريش إذ بعد قتلهم ألقوا في قليب ببدر فكان ذلك مصداق قوله {فإن للذين كفروا ذنوبا} وهي الدلو الملأى فعجبا لهذا القرآن العظيم.

***********************

يتبع

ابوالوليد المسلم 10-08-2022 08:30 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
سورة الطور
مكية
وآياتها تسع وأربعون آية
بسم الله الرحمن الرحيم

والطور (1) وكتاب مسطور (2) في رق منشور (3) والبيت المعمور (4) والسقف المرفوع (5) والبحر المسجور (6) إن عذاب ربك لواقع (7) ما له من دافع (8) يوم تمور السماء مورا (9) وتسير الجبال سيرا (10) فويل يومئذ للمكذبين (11) الذين هم في خوض يلعبون (12) يوم يدعون إلى نار جهنم دعا (13) هذه النار التي كنتم بها تكذبون (14) أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون (15) اصلوها فاصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم إنما تجزون ما كنتم تعملون (16)

شرح الكلمات
والطور: أي والجبل الذي كلم الله عز وجل عليه موسى عليه السلام.
وكتاب مسطور: أي وقرآن مكتوب.
في رق منشور: أي في جلد رقيق أو ورق منشور.
والبيت المعمور: أي بالملائكة يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون أبدا.
والسقف المرفوع: أي السماء التي هي كالسقف المرفوع للأرض.
والبحر المسجور: أي المملوء المجموع ماؤه بعضه في بعض.
يوم تمور السماء مورا: أي تتحرك وتدور.
في خوض يلعبون: أي في باطل يلعبون أي يتشاغلون بكفرهم.
يدعون إلى نار جهنم دعا: أي يدفعون بعنف دفعا.
أفسحر هذا: أي العذاب الذي ترون كما كنتم تقولون في القرآن.
أم أنتم لا تبصرون: أي أم عدمتم الأبصار فأنتم لا تبصرون.
اصلوها: أي اصطلوا بحرها.
فاصبروا أو لا تصبروا: أي صبركم وعدمه عليكم سواء.
معنى الآيات:
قوله تعالى {والطور1 وكتاب مسطور في رق منشور والبيت المعمور والسقف المرفوع والبحر المسجور} هذه خمسة أشياء عظام أقسم الله تعالى بها, وبالتتبع لما يقسم الله تعالى به يرى أنه إذا أقسم بشيء إنما يقسم به إما لكونه مظهرا من مظاهر القدرة الإلهية, كالسماء مثلا, وإما لكونه معظما نحو لعمرك إذ هو إقسام بحياة النبي صلى الله عليه وسلم. وإما لكونه ذا فائدة للإنسان ونفع خاص به كالتين والزيتون وقوله تعالى {والطور} وهو جبل الطور الذي كلم تعالى عليه موسى وهو مكان مقدس, وقوله {وكتاب مسطور في رق منشور2} أي منشور في ورق أو جلد رقيق وهو التوراة أو القرآن والإقسام به لما فيه من حرمة وقدسية عند الله تعالى, والبيت المعمور3 وهو بيت في السماء تغشاه الملائكة كل يوم وتعمره بالعبادة وهو بحيال الكعبة بحيث لو وقع لوقع فوقها والسقف المرفوع وهو السماء وهي كالسقف للأرض وهي مظهر من مظاهر قدرة الله تعالى وعلمه ومثلها البحر المسجور4 أي المملوء بكميات المياه الهائلة فإنه مظهر من مظاهر القدرة والعلم والحكمة الإلهية هذا القسم الضخم جوابه أو المقسم عليه هو قوله إن عذاب ربك يا رسولنا لواقع ماله من دافع ليس له من5 دافع يدفعه أبدا, وإن له وقتا محددا يقع فيه, وعلامات تدل عليه وهي
قوله تعالى {يوم تمور السماء 6مورا} أي تتحرك بشدة وتدور وتسير الجبال سيرا فتكون كالهباء المنبث هنا وهناك فويل يومئذ للمكذبين والويل واد في جهنم مملوء بقيح وصديد أهل النار, والمكذبون هم الكافرون بالله وبما جاءت به رسله عنه من أركان الإيمان وقواعد الإسلام وقوله: {الذين هم في خوض يلعبون} أي في باطلهم وكفرهم يتشاغلون به عن الإيمان الحق والعمل الصالح المزكى للنفس المطهر لها. وقوله {يوم7 يدعون إلى نار جهنم دعا} أي يوم يدفعون بشدة وعنف إلى جهنم ويقال لهم توبيخا وتقريعا لهم هذه النار التي كنتم بها تكذبون.
أخبرونا: أفسحر8 هذا أي العذاب الذي أنتم فيه الآن تعذبون أم أنتم لا تبصرون فلا تعاينونه. ويقال لهم أيضا تبكيتا وتقريعا فاصبروا على عذاب النار أو لا تصبروا سواء عليكم أي صبركم وعدمه عليكم سواء. إنما 9تجزون ما كنتم تعلمون أي في الدنيا من الشرك والمعاصي.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- تقرير البعث والجزاء.
2- لله تعالى أن يقسم بما يشاء من خلقه وليس للعبد أن يقسم بغير الله تعالى.
3- عرض سريع لأهوال القيامة وأحوال المكذبين فيها.
4- تقرير قاعدة الجزاء من جنس العمل.
__________

(الطور) : الجبل باللغة السريانية ونقل إلى العربية بهذا اللفظ بمعنى الجبل وأصبح علما بالغلبة على جبل طور سيناء الذي ناجى الله تعالى فيه نبيه موسى عليه السلام.
2 الرق: بفتح الراء, ما رق من الجلد ليكتب فيه, والمنشور: المبسوط وجائز أن يكون المراد به التوراة أو القرآن, إذ القرآن يقرؤه المؤمنون من المصاحف وتقرأه الملائكة من اللوح المحفوظ والرق بكسر الراء الملك.
3 جائز أن يكون المراد بالبيت المعمور الكعبة المشرفة بمكة المكرمة,
وجائز أن يكون بيتا في السماء كما في التفسير, ويقال له: الضراح بضم الضاد وفي الطبري: أن عليا سئل عن البيت المعمور فقال: بيت في السماء يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه أبدا.
4 جائز أن يكون المراد بالبحر: البحر الأحمر, (القلزم) الذي أغرق الله تعالى فيه فرعون وملأه. لمناسبة ذكر الطور, وجائز أن يكون المحيط ووصف بالمسجور وهو المملوء: حتى لا يدخل فيه الأنهار التي تملأ بالأمطار والأودية والسيول.
5 زيدت (من) في قوله تعالى (ما له من دافع) لتأكيد النفي.
6 المور: التحرك باضطراب, ومور السماء: اضطراب أجسامها من الكواكب, واختلال نظامها عند نهاية الحياة.
7 (يوم يدعون) بدل اشتمال من {يوم تمور السماء مورا} .
8 (أم) هي المنقطعة التي تقدر ببل والاستفهام, والاستفهام هنا للتهكم والتوبيخ والتقدير: بل أنتم لا تبصرون أي المرئيات.
9 (إنما تجزون) : جملة تعليلية وإن حرف توكيد وما الموصولة بها هي الكافة وإنما المركبة من إن المشددة وما: الكافة لها عن العمل أفادت التعليل.



ابوالوليد المسلم 10-08-2022 08:30 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 


http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg
تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة الطور - (2)
الحلقة (802)

سورة الطور
مكية
وآياتها تسع وأربعون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 175الى صــــ 179)

إن المتقين في جنات ونعيم (17) فاكهين بما آتاهم ربهم ووقاهم ربهم عذاب الجحيم (18) كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون (19) متكئين على سرر مصفوفة وزوجناهم بحور عين (20)

شرح الكلمات:
إن المتقين: أي الذين اتقوا ربهم فعبدوه وحده بما شرع لهم فأدوا الفرائض واجتنبوا النواهي.
فاكهين: أي متلذذين بأكل الفواكه الكثيرة التي آتاهم ربهم.
ووقاهم عذاب الجحيم: أي وحفظهم من عذاب الجحيم عذاب النار.
على سرر مصفوفة: أي بعضها إلى جانب بعض.
وزوجناهم بحور عين: أي قرناهم بنساء عظام الأعين حسانها.
معنى الآيات:
لما ذكر تعالى حال أهل النار ذكر حال أهل الجنة وهذا أسلوب الترغيب والترهيب الذي أمتاز به القرآن الكريم فقال تعالى مخبرا عن حال أهل الجنة: {إن المتقين} أي الذين اتقوا في الدنيا الشرك والمعاصي {في جنات} أي بساتين ونعيم مقيم يحوي كل ما لذ وطاب مما تشتهيه الأنفس وتلذه الأعين. فاكهين1 بما آتاهم ربهم أي متلذذين بأكل الفواكه الكثيرة الموصوفة بقول الله تعالى: لا مقطوعة ولا ممنوعة. {ووقاهم عذاب الجحيم} أي حفظهم من عذاب النار. ويقال لهم: {كلوا واشربوا2 هنيئا بما كنتم تعملون} أي بسبب ما كنتم تعملونه من أعمال البر والإصلاح بعد الفرائض واجتناب الشرك والمعاصي. وقوله {متكئين} أي حال كونهم وهم في نعيمهم متكئين على سرر3 مصفوفة قد صف بعضها إلى جنب بعض. وقوله تعالى {وزوجناهم بحور عين} أي قرناهم بزوجات من الحور العين والحور جمع حوراء وهي التي يغلب بياض عينهم على سوادها والعين جمع عيناء وهي الواسعة العينين. جعلنا الله ممن يزوجون بهن إنه كريم.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- فضل التقوى وكرامة أهلها.
2- بيان منة الله وفضله على أهل الإيمان والتقوى وهم أولياء الله تعالى.
3- مشروعية الدعاء بكلمة هنيئا لمن أكل أو شرب ائتساء بأهل الجنة.
4- الإيمان والأعمال الصالحة سبب في دخول الجنة وليست ثمنا لها لأن الجنة أغلى من عمل الإنسان، وإنما العمل الصالح يزكى النفس فيؤهل صاحبها لدخول الجنة فالباء في قوله {بما كنتم تعملون} سببية وليست للعوض كما في قولك بعتك الدار بألف مثلا.
__________

1 (فاكهين) : أي: ذوي فاكهة كثيرة، يقال: رجل فاكه: أي ذو فاكهة كما يقال: لابن وتامر أي: ذو لبن وتمر، قال الشاعر:
وغررتني وزعمت أنك لابن بالصيف تامر
وفعله فكه كفرح فهو فاكه وفكه، وقرأ الجمهور بالأول وقرأ أبو جعفر بالثاني، والفاكه: من طابت نفيه وسرت بما به من نعيم.
2 الهنيئ: مالا تنغيص فيه ولا نكد ولا كدر يقال لهم: ليهنأكم ما صرتم إليه (هنيئا) .
(سرر) جمع سرير، وفي الكلام حذف تقديره: متكئين على نمارق سرر. قال ابن عباس رضي الله عنهما: سرر من ذهب مكللة بالزبرجد والدر والياقوت، والسرير كما بين مكة وأيلة.

*******************************

يتبع

ابوالوليد المسلم 10-08-2022 08:31 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء كل امرئ بما كسب رهين (21) وأمددناهم بفاكهة ولحم مما يشتهون (22) يتنازعون فيها كأسا لا لغو فيها ولا تأثيم (23) ويطوف عليهم غلمان لهم كأنهم لؤلؤ مكنون (24) وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون (25) قالوا إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين (26) فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم (27) إنا كنا من قبل ندعوه إنه هو البر الرحيم (28)
شرح الكلمات:
والذين آمنوا: أي حق الإيمان المستلزم للإسلام والإحسان.
واتبعتهم ذريتهم بإيمان: أي كامل مستوف لشرائطه ومنها الإسلام.
ألحقنا بهم ذريتهم: أي وإن لم يعملوا عملهم بل قصروا في ذلك.
وما ألتناهم من عملهم من شيء: أي وما نقصناهم من أجور أعمالهم شيئا.
كل امرئ بما كسب رهين: أي كل إنسان مرهون أي محبوس بكسبه الباطل.
يتنازعون فيها كاسا: أي يتعاطون بينهم فيها أي في الجنة كأسا من خمر.
لا لغو فيها ولا تأثيم: أي لا يقع لهم بسبب شربها لغو وهو كل كلام لا خير فيه ولا إثم.
ويطوف عليهم غلمان: أي ويدور بهم خدم لهم.
كأنهم لؤلؤ مكنون: أي مصون.
وأقبل بعضهم على بعض: أي يسأل بعضهم بعضا عما كانوا عليه في الدنيا وما وصلوا إليه في الآخرة.
قالوا إنا كنا قبل: أي قالوا مشيرين إلى علة سعادتهم إنا كنا قبل أي في الدنيا.
في أهلنا مشفقين: أي بين أهلنا وأولادنا مشفقين أي خائفين من عذاب الله تعالى.
فمن الله علينا: أي بالمغفرة.
ووقانا عذاب السموم: أي وحفظنا من عذاب النار التي يدخل حرها في مسام الجسم.
إنا كنا ندعوه: أي في الدنيا نعبده موحدين له.
إنه هو البر الرحيم: أي المحسن الصادق في وعده الرحيم العظيم الرحمة.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في ذكر افضال الله تعالى وإنعامه على أوليائه في الجنة إذ قال تعالى: {والذين آمنوا} أي حق الإيمان الذي هو عقد بالجنان وقول باللسان وعمل بالأركان واتبعتهم1 ذريتهم بإيمان كامل صحيح إلا أنهم لم يبلغوا من الأعمال الصالحة ما بلغه آباؤهم ألحقنا بهم ذريتهم لتقر بذلك أعينهم وتعظم مسرتهم وتكمل سعادتهم باجتماعهم مع ذريتهم. وقوله تعالى: {وما ألتناهم2 من عملهم من شيء} أي وما نقصنا الآباء من عملهم الصالح من شيء بل وفيناهموه كاملا غير منقوص ورفعنا إليهم ابناءهم بفضل منا ورحمة. وقوله تعالى: {كل امرئ بما كسب3 رهين} إخبار منه تعالى أن كل نفس عنده يوم القيامة مرتهنة بعملها تجزى به إلا أنه تعالى تفضل على أولئك الآباء فرفع إلى درجاتهم أبناءهم تفضلا وإحسانا. وقوله عز وجل: {وأمددناهم} أي الآباء والأبناء من سكان الجنة بفاكهة ولحم مما يشتهون من اللحمان. هذا طعامهم أما الشراب فإنهم 4يتنازعون أي يتعاطون في الجنة كأسا من خمر لا لغو فيها. أي لا تسبب هذايانا من الكلام إذ اللغو الكلام الذي لا فائدة منه. وقوله: {ولا تأثيم} 5 أي وليس في شربها إثم وقوله تعالى: {ويطوف عليهم غلمان} أي خدم لهم كأنهم في جمالهم وحسن منظرهم لؤلؤ مكنون في أصدافه.
وقوله تعالى: {وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون} أي عما كان لهم في الدنيا، وما انتهوا إليه في الآخرة من هذا النعيم المقيم. وقالوا مشيرين إلى سبب نعيمهم في الآخرة إنا كنا أي في الدنيا في أهلنا مشفقين أي خائفين من عذب ربنا فترتب على ذلك أن من الله علينا بدخول الجنة ووقانا عذاب السموم الذي هو عذاب النار الذي ينفذ إلى المسام والعياذ بالله تعالى. إنا6 كنا من قبل أي في الدنيا قبل الآخرة ندعوه ونتضرع إليه أن يجيرنا من النار ويدخلنا الجنة إنه هو تعالى البر بأوليائه الرحيم بعباده المؤمنين.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- وصف كامل لأهل الجنة وهو تقرير في نفس الوقت للبعث والجزاء بذكر ما يكون فيه.
2- فضل الإيمان وكرامة أهله عند الله بإلحاق الأبناء قليل العمل الصالح بآبائهم الكثيري العمل الصالح.
3- تقرير قاعدة أن المرء يوم القيامة يكون رهين كسبه لا يفكه إلا الله عز وجل فمن استطاع أن يفك رقبته فليفعل وذلك بالإيمان والإسلام والإحسان.
4- فضيلة الإشفاق في الدنيا من عذاب الآخرة.
5- فضل الدعاء والتضرع إلى الله تعالى.
__________

1 قرأ الجمهور {واتبعتهم} وقرأ أبو عمرو وحده {وأتبعناهم} وقرأ الجمهور (ذريتهم) بالإفراد، وقرأ ابن عامر بالجمع: {ذرياتهم} مفعول لأتبعناهم، وقرأ نافع {ذرياتهم} الأخيرة بالجمع وقرأ حفص بالإفراد {ذريتهم} كالأولى.
2 {وما ألتناهم} قرأ الجمهور بفتح اللام، وق {وقرأه ابن كثير بكسر اللام، والواو للحال، فالجملة حالية، والمعنى: أن الله تعالى ألحق بهم ذرياتهم في الدرجة من دون أن ينقص من حسناتهم شيئا.
3 الجملة معترضة بين جملة: {وما ألتناهم} وجملة {وأمددناهم} والجملة تقرير لعدالة الرب تعالى في الحكم بين عباده فيجزي كل نفس بما كسبت، وله أن يتفضل ويرفع من يشاء درجات.
4 أطلق التنازع على التداول والتعاطي والمعنى: أن بعضهم يصب للبعض ويناوله إيثارا له وكرامة.
5 اللغو: سقط الكلام وهذيانه الصادر عن الخلل في العقل. والتأثيم: ما يؤثم به فاعله من ضرب أو شتم أو تمزيق ثوب.
6 قرأ نافع بفتح همزة أنه على تقدير حرف جر لأنه للتعليل، وقرأ حفص بالكسر. والجملة تعليلية.



ابوالوليد المسلم 10-08-2022 08:31 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 


http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg
تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة الطور - (3)
الحلقة (803)

سورة الطور
مكية
وآياتها تسع وأربعون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 180الى صــــ 185)

فذكر فما أنت بنعمت ربك بكاهن ولا مجنون (29) أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون (30) قل تربصوا فإني معكم من المتربصين (31) أم تأمرهم أحلامهم بهذا أم هم قوم طاغون (32) أم يقولون تقوله بل لا يؤمنون (33) فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين (34)
شرح الكلمات:
فذكر فما أنت بنعمة ربك: أي فذكر بالقرآن وعظ من أرسلت إليهم من قومك وغيرهم فلست بنعمت ربك عليك بالعقل وكمال الخلق والوحي إليك.
بكاهن ولا مجنون: أي بمتعاط للكهانة فتخبر عن الغيب بواسطة رئي من الجن ولا أنت بمجنون.
نتربص به ريب المنون: أي تنظر به حوادث الدهر من موت وغيره.
أم تأمرهم أحلامهم بهذا: أي أتأمرهم أحلامهم أي عقولهم بهذا وهو قولهم إنك كاهن ومجنون لم تأمرهم عقولهم به.
أم هم قوم طاغون: أي بل هم قوم طاغون متجاوزون لكل حد تقف عنده العقول.
أم يقولون تقوله؟ : أي أختلق القرآن وكذبه من تلقاء نفسه.
فليأتوا بحديث مثله: أي فليأتوا بقرآن مثله يختلقونه بأنفسهم.
إن كانوا صادقين: أي في أن محمدا صلى الله عليه وسلم اختلق القرآن.
معنى الآيات:
بعد ذلك العرض لأحوال أهل النار وأهل الجنة فلم يبق إلا التذكير يا رسولنا فذكر أي قومك ومن تصل إليهم كلمتك من سائر الناس بالقرآن وما يحمل من وعد ووعيد، وما يدعوا إليه من هدى وطريق مستقيم، فما أنت بنعمة ربك أي بما أولاك ربك من رجاحة العقل وكمال الخلق وكرم الفعال وشرف النبوة بكاهن تقول الغيب بواسطة رئي من الجن، ولا مجنون تخلط القول وتقول بما لا يفهم عنك ولا يعقل. وقوله تعالى: {أم يقولون شاعر 1نتربص به ريب المنون} 2 أي بل يقولون هو شاعر كالنابغة وزهير نتربص به حوادث الدهر حتى يهلك كما هلك من قبله من الشعراء ولا ندخل معه في خصومة وجدل قد يغلبنا. وقوله تعالى قل تربصوا3 أي ما دمتم قد رأيتم التربص بي فتربصوا فإني معكم من المتربصين، وقوله تعالى: {أم تأمرهم أحلامهم بهذا} والاستفهام للنفي والتوبيخ والجواب لم تأمرهم عقولهم بهذا بل هم قوم طاغون أي إن طغيانهم هو الذي يأمرهم بما يقولون ويفعلون من الباطل والشر والفساد وقوله أم يقولون تقوله والجواب وإن قالوا تقوله فإن قولهم لم ينبع من عقولهم ولم يصدر من أحلامهم بل عن كفرهم وتكذيبهم بل لا يؤمنون، والدليل على صحة ذلك تحدي الله تعالى لهم بالإتيان بحديث مثله وعجزهم عن ذلك فلذا هم لا يعتقدون ولا يرون أن الرسول تقول القرآن من عنده، وإنما لما لم يؤمنوا به لابد أن يقولوا كلمة يدفعون بها عن أنفسهم فقالوا تقوله فقال تعالى {بل لا يؤمنون4 فليأتوا بحديث مثله} أي مثل القرآن {إن كانوا صادقين} في قولهم إن الرسول تقوله.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- وجوب التذكير والوعظ والإرشاد على أهل العلم بالكتاب والسنة لأنهم خلفاء الرسول صلى الله عليه وسلم في أمته.
2- ذم الكهانة بل حرمتها لأنها من أعمال الشياطين، والكاهن من يقول بالغيب.
3- ذم الطغيان فإنه منبع كل شر ومصدر كل فتنة وضلال.
4- حرمة الكذب مطلقا وعلى الله ورسوله وبخاصة لما ينشأ عنه من فساد الدين والدنيا.
__________

1 أم: هي المنقطعة المفسرة ببل والاستفهام قيل للإضراب الإنتقالي من قول إلى آخر والاستفهام إنكاري.
2 روى الطبراني عن قتادة: أنهم كانوا يقولون: تربصوا بمحمد الموت يكفيكموه كما كفاكم شاعر بني فلان وشاعر بني فلان، (والمنون) من أسماء الموت، والريب: أحداث الدهر. والمعنى: ينتظرون به أحداث الدهر المفضية به إلى الموت.
3 أمر الله رسوله أن يقول لهم (تربصوا) بي ريب المنون فإني متربص بكم ما سيحدث لكم من أحداث تهلكون فيها وبهذا: معنى المفاصلة وإنهاء الجدال والمخاصمة.
4 (بل لا يؤمنون) أي: علة لقولهم (تقوله) . إذ هم يعرفون تمام المعرفة أنه ليس من قول الرسول صلى الله عليه وسلم وإنما مما يوحى إليه من الله تعالى وإنما قالوا: تقوله لعدم إيمانهم، ثم تحداهم الحق تعالى بقوله {فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين} في دعواهم أنه تقوله أي: فليتقولوا مثله!!

************************

يتبع

ابوالوليد المسلم 10-08-2022 08:31 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون (35) أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون (36) أم عندهم خزائن ربك أم هم المصيطرون (37) أم لهم سلم يستمعون فيه فليأت مستمعهم بسلطان مبين (38) أم له البنات ولكم البنون (39) أم تسألهم أجرا فهم من مغرم مثقلون (40) أم عندهم الغيب فهم يكتبون (41) أم يريدون كيدا فالذين كفروا هم المكيدون (42) أم لهم إله غير الله سبحان الله عما يشركون (43)
شرح الكلمات
أم خلقوا من غير شيء؟ : أي من غير خالق خلقهم وهذا باطل.
أم هم الخالقون؟ : أي لأنفسهم وهذا محال إذ الشيء لا يسبق وجوده.
أم خلقوا السماوات والأرض؟ : أي لم يخلقوهما لأن العجز عن خلق أنفسهم دال على عجزهم عن خلق غيرهم.
بل لا يوقنون: أي أن الله خلقهم وخلق السماوات والأرض كما يقولون إذ لو كانوا موقنين لما عبدوا غير الله ولآمنوا برسوله صلى الله عليه وسلم.
أم عنهم خزائن ربك: أي من الرزق والنبوة وغيرهما فيخصوا من شاءوا بذلك من الناس.
أم هم المسيطرون: أي المتسلطون الغالبون فيتصرفون كيف شاءوا.
أم لهم سلم يستمعون فيه: أي ألهم مرقى إلى السماء يرقون فيه فيسمعون كلام الملائكة فيأتون به ويعارضون الرسول في كلامه.
فليأتوا بسلطان مبين: أي بحجة بينة تدل على صدقه1 وليس لهم في ذلك كله شيء.
أم له البنات ولكم البنون؟ : أي أله تعالى البنات ولكم البنون إن أقوالكم كلها من هذا النوع لا واقع لها أبدا إنها افتراءات.
أم تسألهم أيها الرسول أجرا: أي على إبلاغ دعوتك.
فهم من مغرم مثقلون: أي فهم من فداحة الغرم مغتمون ومتعبون فكرهوا ما تقول لذلك.
أم عندهم الغيب فهم يكتبون: أي علم الغيب فهم يكتبون منه لينازعوك ويجادلوك به.
أم يريدون كيدا: أي مكرا وخديعة بك وبالدين.
فالذين كفروا هم المكيدون: أي فالكافرون هم المكيدون المغلوبون.
أم لهم إله غير الله: أي ألهم معبود غير الله والجواب: لا.
سبحان الله عما يشركون: أي تنزه الله عما يشركون به من أصنام وأوثان.
معنى الآيات:
بعد أن أمر تعالى رسوله بالتذكير وأنه أهل لذلك لما أفاض عليه من الكمالات وما وهبه من المؤهلات. أخذ تعالى يلقن رسوله الحجج فيذكر له باطلهم موبخا إياهم به ثم يدمغه بالحق في أسلوب قرآني عجيب لا يقدر عليه إلا الله سبحانه وتعالى. ومنه قوله: {أم خلقوا1 من غير شيء} أي أخلقوا من غير خالق {أم هم2 الخالقون} والجواب لم يخلقوا من غير خالق، ولا هم خلقوا أنفسهم إذ الأول باطل فما هناك شيء موجود وجد بغير موجد؟! والثاني محال، إن المخلوق لا يوجد قبل أن يخلق فيكف يخلقون أنفسهم وهم لم يخلقوا بعد؟! ويدل على جهلهم وعمي قلوبهم ما رواه البخاري عن جبير بن مطعم أنه ذكر أنه لما قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وقعة بدر في شأن فداء الأسرى سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في صلاة المغرب بسورة الطور قال فلما بلغ في القراءة عند هذه الآية {أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون} كاد قلبي يطير.
سمعها وهو مشرك فكانت سببا في إسلامه فلو فتح القوم قلوبهم للقرآن لأنارها وأسلموا في أقصر مدة. وقوله تعالى: {أم خلقوا السماوات3 والأرض} والجواب: لا، إذ العاجز عن خلق ذبابة فما دون عن خلق السماوات والأرض وما فيهما أعجز. وقوله تعالى {بل لا يوقنون} أن الله هو الذي خلقهم وخلق السماوات والأرض فقولهم عند سؤال من خلقهم: الله، وعن خلق السماوات والأرض: الله لم يكن عن يقين إذ لو كان عن يقين منهم لما عبدوا الأصنام ولما أنكروا البعث ولما كذبوا بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم. وقوله تعالى: {أم عندهم خزائن ربك} أي من الأرزاق والخيرات والفواضل والفضائل فيخصوا من شاءوا منها ويحرموا من شاءوا والجواب ليس لهم ذلك فلما إذا ينكرون على الله ما أتى رسوله من الكمال والإفضال؟ أم هم المسيطرون أي الغالبون القاهرون المتسلطون فيصرفون كيف شاءوا في الملك؟ والجواب: لا، إذا فلما هذا التحكم الفاسد. وقوله تعالى: {أم لهم سلم يستمعون4 فيه فليأت مستمعهم بسلطان مبين} أي ألهم مرقى
يرقون فيه إلى السماء فيستمعون إلى الملائكة فيسمعون منهم ما يمكنهم أن ينازعوا فيه رسولنا محمدا صلى الله عليه وسلم فليأت مستمعهم بحجة واضحة ظاهرة على دعواه ومن أين له ذلك وقد حجبت الشياطين والجن عن ذلك فكيف بغير الجن والشياطين.
وقوله: {أم له البنات ولكم البنون} أي لله تعالى البنات ولكم البنون إن جميع ما تقولونه من هذا النوع هو كذب ساقط بارد، وافتراء ممقوت ممجوج إن نسبتهم البنات لله كافية في رد كل ما يقولون ومبطلة لكل ما يدعون فإنهم كذبة مفترون لا يتورعون عن قول ما تحيله العقول، وتتنزه عنه الفهوم. وقوله: {أم تسألهم أجرا فهم من مغرم مثقلون} أي أتسألهم يا رسولنا عما تبلغهم عنا أجرا فهم لذلك مغتمون ومتعبون فلا يستطيعون الإيمان بك ولا يقدرون على الأخذ عنك. وقوله: {أم عندهم الغيب فهم5 يكتبون} أي أعندهم علم الغيب فهم منهمكون في كتابته لينازعوك في ما عندك ويحاجوك بما عندهم، والجواب من أين لهم ذلك، وقوله: {أم يريدون كيدا} أي أيريدون بك وبدينك كيدا؛ ليقتلوك ويبطلوا دينك فالذين كفروا6 هم المكيدون ولست أنت ولا دينك. ولم يمض عن نزول هذه الآيات طويل زمن حتى هلك أولئك الكائدون ونصر الله رسوله وأعز دينه والحمد لله رب العالمين.
وقوله تعالى: {أم لهم إله غير الله} أي ألهم7 إله أي معبود غير الله يعبدونه والحال أنه لا إله إلا الله {فسبحان8 الله عما يشركون} أي تنزه الله وتقدس عما يشركونه به من أصنام وأوثان لا تسمع ولا تبصر فضلا عن أن تضر أو تنفع.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
1- تقرير التوحيد بذكر دلائله.
2- تقرير النبوة المحمدية.
3- تسفيه أحلام المشركين.
4- عدم مشروعية أخذ أجر على إبلاغ الدعوة.
5- لا يعلم الغيب إلا الله.
6- صدق القرآن في أخباره آية أنه وحي الله وكلامه صدقا وحقا إنه لم يمض إلا قليل من الوقت أي خمسة عشر عاما حتى ظهر مصداق قول الله تعالى فالذين كفروا هم المكيدون.
__________

1 هذا إضراب إنتقالي إلى إبطال نوع آخر من شبهتهم في إنكار البعث إذ السورة مكية، والغالب على هذه السورة معالجة عقيدة البعث الآخر والاستفهام المقدر بعد (أم) تقريري.
2 الاستفهام المقدر هنا إنكاري.
3 الاستفهام تقريري، ويل المقدرة قبل الاستفهام للانتقال وهكذا يورد. قولهم مقررا لهم ثم يكر عليه فيبطله في جميع هذه الجمل المبدوءة بـ أم المنقطعة.
4 السلم: المصعد، وجمعه سلالم قال الشاعر:
ومن هاب أسباب المنية يلقها
ولو رام أسباب السماء بسلم
وقال آخر:
لا تحرز المرء أحجاء البلاد ولا
يبنى له في السماوات السلاليم
أحجاء البلاد: أرجاؤها ونواحيها.
5 حاصل معنى هذا: أنهم لا قبل لهم بإنكار ما جحدوه من البعث والوعيد والنبوة ولا بإثبات ما أثبتوه من الشرك وما وصفوا به الرسول صلى الله عليه وسلم من صفات مستحيلة الوقوع.
6 لم يمض يسير زمن حتى هلك رؤساء الشرك في بدر مصداق قوله تعالى: {هم المكيدون} كقوله: {ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله} .
7 الاستفهام إنكاري.
8 نزه تعالى نفسه أن يكون له شريك كما زعم المشركون وادعوا باطلا فأبطل بذلك كل دعاويهم في تأليه غيره تعالى من الأصنام والشياطين.



ابوالوليد المسلم 10-08-2022 08:32 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 


http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg
تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة النجم - (1)
الحلقة (804)

سورة النجم
مكية
وآياتها اثنتان وستون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 186الى صــــ 191)

وإن يروا كسفا من السماء ساقطا يقولوا سحاب مركوم (44) فذرهم حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون (45) يوم لا يغني عنهم كيدهم شيئا ولا هم ينصرون (46) وإن للذين ظلموا عذابا دون ذلك ولكن أكثرهم لا يعلمون (47) واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا وسبح بحمد ربك حين تقوم (48) ومن الليل فسبحه وإدبار النجوم (49)
شرح الكلمات:
وإن يروا كسفا من السماءساقطا: أي وإن ير هؤلاء المشركون قطعة من السماء تسقط عليهم.
يقولوا سحاب مركوم: أي يقولوا في القطعة سحاب متراكم يمطرنا ولا يؤمنوا.
فذرهم حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون: أي فاتركهم إذا يجاحدون ويعاندون حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون وهو يوم موتهم.
يوم لا يغني عنهم كيدهم شيئاولا هم ينصرون: أي اتركهم إلى ما ينتظرهم من العذاب ما داموا مصرين على الكفر وذلك يوم لا يغني عنهم مكرهم بك شيئا من الإغناء.
وإن للذين ظلموا عذابا دون ذلك: أي وإن لهؤلاء المشركين الظلمة عذابا في الدنيا دون
عذاب يوم القيامة وهو عذاب القحط سبع سنين وعذاب القتل في بدر.
ولكن أكثرهم لا يعلمون: أي أن العذاب نازل بهم في الدنيا قبل يوم القيامة.
واصبر لحكم ربك: أي بإمهالهم ولا يضق صدرك بكفرهم وعنادهم وعدم تعجيل العذاب لهم.
فإنك بأعيننا: أي بمرأى منا نراك ونحفظك من كيدهم لك ومكرهم بك.
وسبح بحمد ربك حين تقوم: أي واستعن على الصبر بالتسبيح الذي هو الصلوات الخمس والذكر بعدها والضراعة والدعاء صباح مساء.
معنى الآيات:
يذكر تعالى من عناد المشركين أنهم لو رأوا العذاب نازلا من السماء في صورة قطعة كبيرة من السماء ككوكب مثلا لما أذعنوا ولا آمنوا بل قالوا في ذلك العذاب سحاب مركوم الآن يسقى ديارنا فنرتوي وترتوي أراضينا وبهائمنا. إذا فلما كان الأمر هكذا فذرهم1 يا رسولنا في عنادهم وكفرهم حتى يلاقوا وجها لوجه يومهم الذي فيه يصعقون أي يموتون يوم لا يغني عنهم كيدهم2 شيئا ولا هم ينصرون، فيذهب كيدهم ولا يجدون له أي أثر بحيث لا يغنى عنهم أدنى إغناء من العذاب النازل بهم ولا يجدون من ينصرهم، وذلك يوم القيامة.
وقوله تعالى: {وإن للذين ظلموا} أي أنفسهم أي بالكفر والتكذيب والشرك والمعاصي عذبا دون 3 ذلك المذكور من عذاب يوم القيامة وهو ما أصابهم به من سني القحط والمجاعة وما أنزله بهم من هزيمة في بدر حيث قتل صناديدهم وذلوا وأهينوا ولكن أكثرهم لا يعلمون ذلك، ولو علموا لما أصروا على العناد والكفر. وقوله تعالى: واصبر لحكم ربك وقضائه بتأخير العذاب عن هؤلاء المشركين، ولا تخف ولا تحزن فإنك بأعيننا أي بمرأى منا نراك ونحفظك، وجمع لفظ العين على أعين مراعاة للنون العظمة وهو المضاف إليه (بأعيننا) وقوله {وسبح بحمد ربك} أي قل سبحان الله وبحمده حين تقوم4 من نومك ومن مجلسك ومن الليل أيضا فسبحه بصلاة المغرب والعشاء والتهجد وكذا إدبار النجوم أي بعد طلوع الفجر فسبح بصلاة الصبح وغيرها.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- بيان عناد كفار قريش ومكابرتهم في الحق ومجاحدتهم فيه.
2- تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم وهي للدعاة بعده أيضا.
3- تقرير وخامة عاقبة الظلم في الدنيا قبل الآخرة.
4- وجوب الصبر على قضاء الرب وعدم الجزع.
5- مشروعية التسبيح عند القيام من5 النوم بنحو: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو على كل شيء قدير والحمد لله الذي أحياني بعدما أماتني وإليه النشور.
__________

1 يقال في مثل هذا: هو منسوخ بآية السيف.
2 هو ما كانوا يكيدون للرسول صلى الله عليه وسلم وما يمكرون به.
3 جائز أن يكون عذاب القبر.
4 شاهده ما رواه الترمذي بإسناد حسن قوله صلى الله عليه وسلم "من جلس في مجلس فكثر فيه لغطه فقال قبل أن يقوم من مجلسه: سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك، إلا غفر له ما كان في مجلسه ذاك".
5 يرى ابن مسعود رضي الله عنه أن قوله: (حين تقوم) شامل لكل قيام يقومه من أي مكان.

***************************

يتبع

ابوالوليد المسلم 10-08-2022 08:33 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
سورة النجم
مكية
وآياتها اثنتان وستون آية
بسم الله الرحمن الرحيم

والنجم إذا هوى (1) ما ضل صاحبكم وما غوى (2) وما ينطق عن الهوى (3) إن هو إلا وحي يوحى (4) علمه شديد القوى (5) ذو مرة فاستوى (6) وهو بالأفق الأعلى (7) ثم دنا فتدلى (8) فكان قاب قوسين أو أدنى (9) فأوحى إلى عبده ما أوحى (10) ما كذب الفؤاد ما رأى (11) أفتمارونه على ما يرى (12) ولقد رآه نزلة أخرى (13) عند سدرة المنتهى (14) عندها جنة المأوى (15) إذ يغشى السدرة ما يغشى (16) ما زاغ البصر وما طغى (17) لقد رأى من آيات ربه الكبرى (18)

شرح الكلمات:
والنجم إذا هوى: أي والثريا إذا غابت بعد طلوعها.
ما ضل صاحبكم: أي ما ضل محمد صلى الله عليه وسلم عن طريق الهدى.
وما غوى: أي وما لابس الغى وهو جهل من اعتقاد فاسد.
وما ينطق عن الهوى: أي عن هوى نفسه أي ما يقوله عن الله تعالى لم يصدر فيه عن هوى نفسه.
إن هو إلا وحي يوحى: أي ما هو إلا وحي إلهي يوحى إليه.
علمه شديد القوى: أي علمه ملك شديد القوى وهو جبريل عليه السلام.
ذو مرة: أي لسلامة في جسمه وعقله فكان بذلك ذا قوة شديدة.
فاستوى وهو بالافق الأعلى: أي استقر وهو بأفق الشمس عند مطلعها على صورته التي خلقه الله عليها فرآه النبي صلى الله عليه وسلم وكان بجياد قد سد الأفق إلى المغرب وكان النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي طلب من جبريل أن يريه نفسه في صورته التي خلقه الله عليها.
ثم دنا فتدنى: أي وقرب منه فتدلى أي زاد في القرب.
فكان قاب قوسين أو أدنى: أي فكان في القرب قاب قوسين أي مقدار قوسين.
فأوحى إلى عبده ماأوحى: أي فأوحى الله تعالى إلى عبده جبريل ماأوحاه جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
ما كذب الفؤاد ما رأى: أي ماكذب فؤاد النبي ما رأى ببصره من صورة جبريل عليه السلام:
أفتمارونه على ما يرى: أي أفاتجادلونه أيها المشركون على مايرى من صورة جبريل.
ولقد رآه نزلة أخرى: أي على صورته مرة أخرى وذلك في السماء ليلة أسري به.
عند سدرة المنتهى: وهي شجرة نبق عن يمين العرش لا يتجاوزها أحد من الملائكة.
عندها جنة المأوى: أي تأوى إليها الملائكة وأرواح الشهداء والمتقين أولياء الله.
إذ يغشى السدرة ما يغشى: أي من نور الله تعالى ما يغشى.
ما زاغ البصر وما طغى: أي ما مال بصر محمد يمينا ولا شمالا، ولا ارتفع عن الحد الذي حدد له.
لقد رأى من آيات ربه الكبرى: أي رأى جبريل في صورته ورأى رفرفا أخضر سد أفق السماء.
معنى الآيات:
قوله تعالى {والنجم1} إلى قوله {من آيات ربه الكبرى} يقرر به تعالى نبوة محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وقد أقسم بالنجم إذا هوى وهو نجم الثريا إذا غاب في الأفق على أنه ما ضل محمد صاحب قريش الذي صاحبته منذ ولادته ولم يغب عنها ولم تغب عنه مدة تزيد على الأربعين سنة فهي صحبة كاملة ما ضل عن طريق الهدى وهم يعرفون هذا، وما غوى2 أيضا أية رواية وما لابسه جهل في قول ولا عمل فغوى به.
وما ينطق بالقرآن وغيره مما يقوله ويدعوا إليه عن هوى3 نفسه كما قد يقع من غيره من البشر إن هو إلا وحي يوحى أي ما هو أي الذي ينطق به ويدعوا إله ويعمله إلا وحي يوحى إليه. علمه إياه ملك شديد القوى4 ذو مرة أي سلامة عقل وبدن وكان بذلك قويا روحيا وعقليا وذاتيا وهو جبريل عليه والسلام وقوله: {فاستوى} أي جبريل {وهو بالأفق الأعلى} ومعنى استوى استقر {ثم دنا فتدلى} أي تدلى فدنا أي قرب شيئا فشيئا حتى كان من الرسول صلى الله عليه وسلم قاب قوسين أي قدر قوسين والقوس معروف آلة للرمي {أو أدنى} أي من قاب قوسين5.
وقوله تعالى {فأوحى إلى عبده ما أوحى6} أي فأوحى الله تعالى إلى جبريل ما أوحى إلى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وقوله {ما كذب الفؤاد ما رأى} أي ما كذب فؤاد محمد صلى الله عليه وسلم ما رآه محمد ببصره وهو جبريل في صورته التي خلقه الله تعالى عليها ذات الستمائة جناح طول الجناح ما بين المشرق والمغرب. وقوله تعالى: {أفتمارونه على ما يرى} هذا خطاب للمشركين المنكرين لرؤية النبي صلى الله عليه وسلم ينكر تعالى ذلك عليهم بقوله {أفتمارونه} أي تجادلونه وتغالبونه أيها المشركون على ما يرى ببصره.
{ولقد رآه نزلة أخرى7} أي مرة أخرى {عند سدرة المنتهى8} وذلك ليلة أسرى به صلى الله عليه وسلم، ووصفت هذه السدرة9 وهي شجرة النبق بأن أوراقها كآذان الفيلة وأن ثمرها كغلال هجر قال فلما غشيها من أمر الله تعالى ما غشيها تغيرت فما أحد من خلق الله تعالى يقدر أن ينعتها من حسنها، وسميت سدرة المنتهى لانتهاء علم كل عالم من الخلق إليها أو لكونها عن يمين العرش لا يتجاوزها أحد من الملائكة. وقوله {عندها جنة المأوى} أي الجنة التي تأوى إليها الملائكة وأرواح الشهداء، والمتيقن أولياء الله تعالى.
وقوله تعالى: {إذ يغشى السدرة ما يغشى10} أي من نور الله تعالى، والملائكة من حب الله مثل الغربان حين تقفز على الشجر كذا روى ابن جرير الطبري. وقوله {ما زاغ البصر وما طغى} أي ما مال بصر محمد يمينا ولا شمالا ولا ارتفع فوق الحد الذي حدد له. {لقد رأى من آيات11 ربه الكبرى} أي رأى جبريل في خلقه الذي يكون فيه في السماء ورأى رفرفا أخضر قد سد الأفق ورأى من عجائب خلق الله ومظاهر قدرته وعلمه ما لا سبيل إلى إدراكه والحديث عنه.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- تقرير النبوة لمحمد وإثباتها بما لا مجال للشك والجدال فيه.
2- تنزيه الرسول صلى الله عليه وسلم عن القول بالهوى أو صدور شيء من أفعاله أو أقواله من اتباع الهوى.
3- وصف جبريل عليه السلام.
4- إثبات رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل وعلى صورته التي يكون في السماء عليها مرتين.
5- تقرير حاثة الإسراء والمعراج وإثباتها للنبي صلى الله عليه وسلم.
6- بيان حقيقة سدرة المنتهى.
__________

1 أصل النجم: الطلوع والظهور يقال: نجم السن: إذا طلع، ونجم السر إذا ظهر وأطلق النجم بالغلبة على الثريا. الهوي: السسقوط يقال: هوى يهوي هويا كمضى يمضي مضيا. وهوى يهوي هويا: إذا خسر للسجود، ومن الحب يقال: هوى يهوي هوى كرضي يرضى رضا: إذا أحب.
2 الغي: ضد الرشد، والغواية مثله: وهو فساد الرأي وتعاطي الإنسان الباطل من الأقوال والأفعال مما لا خير فيه البتة.
3 الهوى: ميل النفس إلى ما تحبه أو تحب أن تفعله دون اقتضاء العقل السليم الحكيم له وفعله: هوى يهوي كرضي يرضى هواى.
(شديد القوى) صفة لموصوف محذوف أي: علمه ملك شديد القوى وهو جبريل إجماعا، والمرة: تطلق على قوة الذات وعلى متانة العقل معا، وعليهما كان جبريل عليه السلام.
5 أي: مقدار قوسين.
6 (ما أوحى) إبهام من أجل التفخيم أي: أوحى إليه شيئا عظيما.
7 (نزلة) على وزن فعلة من النزول دال على المرة أي: رآه إذ نزل إليه مرة أخرى.
8 السدر شجر معروف صحراوي فيه ثلاث ميزات: ظل ظليل وثمر لذيذ ورائحة ذكية.
9 هذا الوصف رواه مسلم في صحيحه.
10 في قوله (ما يغشى) من التفخيم ما فيه.
11 جملة: (لقد رأى من آيات ربه) تذليل أي: رأى آيات أخرى غير سدرة المنتهى وجنة المأوى وما غشي السدرة من البهجة والجلال والآيات: دلائل عظمة الله تعالى.



ابوالوليد المسلم 10-08-2022 08:33 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 


http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg
تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة النجم - (2)
الحلقة (805)

سورة النجم
مكية
وآياتها اثنتان وستون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 192الى صــــ 195)

أفرأيتم اللات والعزى (19) ومناة الثالثة الأخرى (20) ألكم الذكر وله الأنثى (21) تلك إذا قسمة ضيزى (22) إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى (23) أم للإنسان ما تمنى (24) فلله الآخرة والأولى (25) وكم من ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى (26)
شرح الكلمات:
أفرأيتم اللات والعزى: أي أخبروني عن أصنامكم التي اشتققتم لها أسماء من أسماء الله وأنثتموها.
ومناة الثالثة الأخرى1: وجعلتموها بنات لله، افتراء على الله وكذبا عليه.
ألكم الذكر وله الأنثى: أي أتزعمون أن لكم الذكر الذي ترضونه لأنفسكم ولله الأنثى التي لا ترضونها لأنفسكم.
تلك إذا قسمة ضيزى: أي قسمتكم هذه إذا قسمة ضيزى أي جائزة غير عادلة ناقصة غير تامة.
إن هي إلا أسماء سميتموها: أي ما اللات والعزى ومناة الثالة الأخرى إلا أسماء لا حقيقة لها.
أنتم وآباؤكم: أي سميتموها بها أنتم وآباؤكم.
ما أنزل الله بها من سلطان: أي لم ينزل الله تعالى وحيا يأذن في عبادتها.
إن يتبعون إلا الظن: أي ما يتبع المشركون في عبادة أصنامهم إلا الظن والخرص والكذب.
وما تهوى الأنفس: أي وما يتبعون إلا ما تهواه نفوسهم وما تميل إليه شهواتهم.
أم للإنسان ما تمنى: أي بل أللإنسان ما تمنى والجواب لا ليس له كل ما يتمنى.
فلله الآخرة والأولى: أي إن الآخرة والأولى كلاهما لله يهب منهما ما يشاء لمن يشاء.
وكم من ملك في السماوات: أي وكثير من الملائكة في السماوات.
لا تغني شفاعتهم شيئا: أي لو أرادوا أن يشفعوا لأحد حتى يكون الله قد أذن لهم ورضي للمسموح له بالشفاعة.
معنى الآيات:
بعد أن ذكر تعالى مظاهر قدرته وعظمته وعلمه وحكمته في الملكوت الأعلى جبريل وسدرة المنتهى وما غشاها من نور الله وما أرى رسوله من الآيات الكبرى، خاطب المشركين بقوله {أفرأيتم اللات2 والعزى ومناة الثالثة الأخرى} أي أعميتم فرأيتم هذه الأصنام أهلا لأن تسوى بمن له ملكوت السموات والأرض وعبدتموها معه على حقارتها ودناءتها، وأزددتم عمى فاشتققتم لها من أسماء الله تعالى أسماء فمن العزيز اشتققتم العزى ومن الله اشتققتم اللات، وجعلتموها بنات لله افتراء على الله بزعمكم أنها تشفع لكم عند الله. أخبروني ألكم الذكر3 لأنكم تحبون الذكران وترضون بهم لأنفسكم، وله الأنثى لأنكم تكرهونها ولا ترضون بها لأنفسكم، إذا كان الأمر على ما رأيتم فإنها قسمة ضيزى4 أي جائزة غير عادلة وناقصة غير تامة فكيف ترضونها لمن عبدتم الأصنام من أجل التوسل بها إليه ليقضي حوائجكم؟ إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم. إن أصنامكم أيها المشركون لا تعدو كونها أسماء لآلهة لا وجود لها ولا حقيقة في عالم الواقع إذ لا إله إلا الله، أما اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى فلم تكن آلهة تحيي وتميت وتعطي وتمنع وتضر وتنفع. إن هي أي ما هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان أي لم ينزل بها وحيا يأذن بعبادتها. وهنا التفت الجبار جل جلاله في الخطاب عنهم وقال {إن يتبعون إلا الظن} أي إن هؤلاء المشركين ما يتبعون في عبادة هذه الأصنام إلا الظن، فلا يقين لهم في صحة عبادتها. كما يتبعون في عبادتها {وما تهوى الأنفس} أي هوى أنفسهم {ولقد جاءهم من ربهم الهدى} فبين لهم الصراط السوي فأعرضوا عنه وهو الحق من ربهم. وتعلقوا بالأماني الكاذبة وأن أصنامهم تشفع لهم، أم للإنسان ما تمنى5 والجواب ليس له تمنى، إذ لله الآخرة والأولى يعطي منها ما يشاء ويمنع ما يشاء وكم من6 ملك في السموات لا يعدون كثرة لا تغني شفاعتهم شيئا من الإغناء ولو قل إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء أن يشفع من الملائكة وغيرهم، ويرضى عن المشفوع له، وإلا فلا شافع ولا شفاعة تنفع عند الله الملك الحق المبين.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- التنديد بالشرك والمشركين وتسفيه أحلامهم لعبادتهم أسماء لا مسميات لها في الخارج إذ تسمية حجرا إلها لن تجعله إلها.
2- بيان أن المشركين في كل زمان ومكان ما يتبعون في عبادة غير الله إلا أهواءهم.
3- بيان أن الإنسان لا يعطى بأمانيه، ولكن بعمله وصدقه وجده فيه.
4- بيان أن الدنيا كالآخرة لله فلا ينبغي أن يطلب شيء منها إلا من الله مالكها.
5- كل شفاعة ترجى فهي لا تحقق شيئا إلا بتوفر شرطين الأول أن يأذن الله للشافع في الشفاعة والثاني أن يكون الله قد رضي للمشفوع له بالشفاعة والخلاصة هي: الإذن للشافع والرضا عن المشفوع.
__________

1 هدمها خالد بن الوليد بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولما شرع في هدمها قال لها:
يا عز كفرانك لا سبحانك
إني رأيت الله قد أهانك
2 انتقل الكلام من تقرير النبوة المحمدية إلى تقرير الإلهية الربانية، واللات أصله: لات فأدخلوا عليه ال فصار اللات، وهي صنم لثقيف كانت قريش والعرب يعبدونه، وقيل: هو وصف لرجل كان يلت السوق للحجاج ثم صنع له صنم تمثالا وألهته ثقيف وقريش وجمهور العرب والعزى اسم مشتق من العز وهي فعلى ككبرى: صنم عليه بناء كان بوادي نخلة فوق (ذات عرق) ميقات أهل العراق قريبا من الطائف ومناة: صنم كان لخزاعة كان بالمشلل حذو قديد بين مكة والمدينة وكان الأوس والخزرج يهلون منه ويطوفون به كالسعي بين الصفا والمروة.
3 تقديم الجار والمجرور في (ألكم الذكر) للاهتمام بالاختصاص.
4 (ضيزى) اسم كدفلي وشعرى، وهو مشتق من ضاز يضيز ضيزا: إذا ظلم وتعدى وبخس وانتقص. قال الشاعر:
ضازت بنو أسد بحكمهم
إذ يجعلون الرأس كالذنب
5 الاستفهام المقدر بعد أم إنكاري المقصود منه إبطال حصول الإنسان على ما يتمناه.
6 هذه الجملة تأكيد لإبطال حصول الإنسان على ما يتمناه وإبطال لاعتقاد المشركين في أن آلهتهم تشفع لهم عند الله عز وجل.

*******************************

يتبع

ابوالوليد المسلم 10-08-2022 08:34 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
إن الذين لا يؤمنون بالآخرة ليسمون الملائكة تسمية الأنثى (27) وما لهم به من علم إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا (28) فأعرض عن من تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا (29) ذلك مبلغهم من العلم إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بمن اهتدى (30)
شرح الكلمات:
إن الذين لا يؤمنون بالآخرة: أي إن الذين لا يؤمنون بالبعث والحياة الآخرة.
ليسمون الملائكة تسمية الأنثى: أي ليطلقون على الملائكة أسماء الإناث إذ قالوا بنات الله.
وما لهم به من علم: أي وليس لهم بذلك علم من كتاب ولا هدى من نبي ولا عقل سوي.
إن يتبعون إلا الظن1: أي في تسميتهم الملائكة إناثا إلا مجرد الظن، والظن لا تقوم به حجة ولا يعطى به حق.
فأعرض عمن تولى عن ذكرنا: أي القرآن وعبادتنا.
ولم يرد إلا الحياة الدنيا: ولم يرد من قوله ولا عمله إلا ما يحقق رغائبه من الدنيا.
ذلك مبلغهم من العلم: أي ذلك الطلب للدنيا نهاية علمهم إذ آثروا الدنيا على الآخرة.
معنى الآيات:
لما ندد تعالى بالمشركين الذين جعلوا من الأصنام والأوهام والأماني آلهة وجادلوا دونها وجالدوا ذكر ما هو علة ذلك التخبط والضلال فقال: {إن الذين لا يؤمنون بالآخرة} دار السعادة الحقة أو الشقاء {ليسمون الملائكة تسمية الأنثى} فلو آمنوا بالآخرة لما سموا الملائكة بنات الله لأن المؤمن بالآخرة يحاسب نفسه على كل قول وعمل له تبعة يخشى أن يؤخذ بها بخلاف الذي لا يؤمن بالآخرة فإنه يقول ويفعل ما يشاء لعدم شعوره بالمسؤولية والتبعة التي قد يؤخذ بها فيهلك ويخشى كل شيء وهو تعليل سليم حكيم.
وقوله تعالى: {وما لهم به من 2علم} أي ليس لهم في ادعائهم أن الملائكة بنات الله أي علم يعتد به إن يتبعون فيه إلا الظن والظن أكذب الحديث، وإن الظن لا يغني من الحق شيئا وبناء على هذا أمر تعالى رسوله أن يعرض عمن تولى منهم عن الحق بعد معرفته وعن الهدى بعد مشاهدته فقال تعالى {فأعرض3 عن من تولى عن ذكرنا} أي القرآن والإيمان والتوحيد والطاعة، ولم يرد بقوله وعمله واعتقاده إلا الحياة الدنيا إذ هو لا يؤمن بالآخرة فلذا هو قد كيف حياته بحسب
الدنيا فكل تفكيره في الدنيا، وكل عمله لها فيصبح بذلك أشبه بالآلة منه بالحيوان. وتصبح الحياة معه عميقة الفائدة فلذا يجب الإعراض عنه وتركه إلى أن يأذن الله فيه بشيء.
وقوله تعالى {ذلك مبلغهم4 من العلم} أي هذا الطلب للدنيا هو ما انتهى إليه علمهم فلذا هم آثروها عن الآخرة التي لم يعلموا عنها شيئا.
وقوله تعالى في خطاب رسوله {إن ربك هو أعلم بمن ضل5 عن سبيله وهو أعلم بمن اهتدى} أي إن ربك أيها الرسول هو أعلم منك ومن غيرك بمن ضل عن سبيله قدرا وأزلا فضل في الحياة الدنيا أيضا، وهو أعلم بمن اهتدى، قضاء وقدرا وواقعا في الحياة الدنيا وسيجزى كلا بما عمل من خير أو شر فلا تأس يا رسولنا ولا تحزن وفوض الأمر إلينا فإنا عالمون ومجازون كل عامل بما عمل في دار الجزاء.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- أكثر الأمراض مردها إلى قلب لا يؤمن بالآخرة.
2- أكثر الفساد في الأرض هو نتيجة الجهل وعدم العلم اليقيني.
3- التحذير من الماديين فإنهم شر وخطر وواجب الإعراض عنهم لأنهم شر الخليقة.
__________

1 حذر النبي صلى الله عليه وسلم من القول بالظن وكذا العمل به ففي الصحيحين قال "إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث"!!
2 نفي العلم عنهم حجة قاطعة على ادعائهم لأن ما لا يثبت بالعلم النقلي أو العقلي لا تقوم به حجة ولا يثبت به شيء وقد وبخهم تعالى في قوله: {أشهدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويسألون} ؟
3 قيل نزلت هذه الآية في النضر بن الحارث، والوليد بن المغيرة، والآية نزلت قبل الأمر بالجهاد.
4 قال الفراء: صغرهم وازدرى بهم أي: ذلك قدر عقولهم ونهاية علمهم أن آثروا الدنيا على الآخرة.
5 هذه الجملة تعليل لجملة: (فأعرض عمن تولى) والجملة متضمنة زيادة على التسلية للرسول صلى الله عليه وسلم الوعد والوعيد فالوعد للمهتدين من الرسول والمؤمنين والوعيد للمشركين الضالين عن سبيل الهدى فإن جزاءهم الشقاء في دار الشقاء.

ابوالوليد المسلم 10-08-2022 08:35 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg
تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة النجم - (3)
الحلقة (806)

سورة النجم
مكية
وآياتها اثنتان وستون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 196الى صــــ 202)

ولله ما في السماوات وما في الأرض ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى (31) الذين يجتنبون كبائر الأثم والفواحش إلا اللمم إن ربك واسع المغفرة هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى (32)

ولله ما في السموات وما في الأرض: أي خلقا وملكا وتصرفا.
ليجزي الذين أساءوا بما عملوا: ليعاقب الذي أساءوا بما عملوا من الشرك والمعاصي.
ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى: ويثيب الذين أحسنوا في إيمانهم وعملهم الصالح بالجنة.
الذين يجتنبون كبائر الإثم: أي يتجنبون كبائر الذنوب وهو كل ذنب وضع له حد أو لعن فاعله أو توعد عليه بالعذاب في الآخرة.
والفواحش الا اللمم: أي الذنوب القبيحة كالزنا واللواط وقذف المحصنات والبخل واللمم صغائر الذنوب التي تكفر باجتناب كبائرها.
هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض: أي خلق أباكم آدم من تراب الأرض.
وإذا أنتم أجنة في بطون أمهاتكم: أي وأنتم في أرحام أمهاتكم لم تولدوا بعد.
فلا تزكوا أنفسكم: أي فلا تمدحوها على سبيل الفخر والإعجاب.
هو أعلم بمن اتقى: أي منكم بمن اتقى منكم وبمن فجر فلا حاجة إلى ذكر ذلك منكم.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في تقرير ربوبيته تعالى المطلقة لكل شيء إذ تقدم في السياق قوله تعالى: {فلله الآخرة والأولى} وهنا قال عز من قائل {ولله ما في السماوات وما في الأرض} خلقا وملكا وتصرفا وتدبيرا فهو يهدي من يشاء ويضل من يشاء هداية تابعة لحكمة وإضلال كذلك يدل عليه قوله تعالى {ليجزي1 الذين أساءوا} أي إلى أنفسهم بما عملوا من الشرك والمعاصي يجزيهم بالسوء وهي جهنم {ويجزي الذين أحسنوا} إلى أنفسهم فزكوها وطهروها بالإيمان والعمل الصالح يجزيهم بالحسنى2 التي هي الجنة وقوله {الذين يجتنبون كبائر الأثم3 والفواحش} بين فيه وجه إحسان المحسنين إلى أنفسهم حين طهروها بالإيمان وصالح الأعمال ولم يلوثوها بأوضار كبائر الإثم من كل ما توعد فاعله بالنار أو بلعن أو إقامة حد، أو غضب الرب.
والفواحش من زنا ولواط وبخل وقوله {إلا اللمم3 إن ربك واسع المغفرة} أي لكن اللمم يتجاوز عنه وهو ما ألم به المرء وتاب منه أو فعله في الجاهلية ثم أسلم، وما كان من صغائر الذنوب كالنظرة والكلمة والتمرة. وقد فسر بقول الرسول صلى الله عليه وسلم إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدركه ذلك لا محالة فزنا العينين النظر وزنا اللسان المنطق والنفس تتمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه. فمغفرة الله واسعة تشمل كل ذنب تاب منه فاعله كما تشمل كل ذنب من الصغائر.
وقوله تعالى {هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم} أعلم بضعفنا وغرائزنا وحاجاتنا وعجزنا منا نحن بأنفسنا ولذا تجاوز لنا عن اللمم الذي نلم به بحكم العجز والضعف، فله الحمد والمنة. وقوله: {فلا تزكوا أنفسكم4} ينهى الرب تعالى عباده المؤمنين عن تزكية المرء نفسه بإدعاء الكمال والطهر الأمر الذي يكون فخرا وإعجابا والإعجاب بالنفس محبط للعمل كالرياء والشرك فقوله {فلا تزكوا أنفسكم} أي لا تشهدوا عليها بأنها زكية بريئة من الذنوب والمعاصي وقوله {هو أعلم بمن اتقى} أي أن الله أعلم بمن اتقى منكم ربه فخاف عقابه فأدى الفرائض واجتنب المحرمات منا ومن المتقى نفسه فلذا لا تمدحوا أنفسكم له فإنه أعلم بكم من أنفسكم.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- تقرير ربوبية الله تعالى لكل شيء وهي مستلزمة لإلوهيته.
2- تقرير حرية إرادة الله يهدي من يشاء ويضل ويعذب من شاء ويرحم إلا أن ذلك تابع لحكم عالية.
3- تقرير قاعدة الجزاء من جنس العمل.
4- تقرير قاعدة أن الصغائر تكفر باجتناب الكبائر.
5- حرمة تزكية النفس وهي مدحها والشهادة عليها بالخير والفضل والكمال والتفوق.
__________

1 هذه اللام هي لام التعليل إذ أوجد الله تعالى العوالم العلوية والسفلية من أجل الإنسان، وأوجد الإنسان للذكر والشكر فمن ذكر وشكر وهو المحسن فله الجنة ومن نسي وكفر فله السوأى وهي النار.
2 أي: بالمثوبة الحسنى وهي الجنة، والحسنى صفة لموصوف محذوف وهي المثوبة.
3 عن ابن عباس: هو الرجل يلم بالذنب ثم ينزع عنه، واستشهد قائلا:
إن تغفر اللهم تغفر جما
وأي عبد لك ما ألما
4 في الآية دليل على كراهة تزكية العبد نفسه أو تزكية غيره ففي الحديث الصحيح: "أنه لم يرض لهم تسمية برة وقرأ: {فلا تزكوا أنفسكم} الآية: وقال سموها زينب" وفي الصحيح "أنه سمع رجلا يمدح آخر فقال له: ويلك قطعت عنق صاحبك -مرارا- إذا كان أحدكم مادحا صاحبه لا محالة فليقل: أحسب فلانا والله حسيبه ولا أزكي على الله أحدا أحسبه كذا وكذا إن كان يعلم ذلك" روى مسلم "أن رجلا أتى عثمان فأثنى عليه في وجهه، فجعل المقداد بن الأسود يحثو التراب في وجهه ويقول: أمرنا رسول الله أن نحثوا التراب في وجوه المداحين".

******************************

يتبع

ابوالوليد المسلم 10-08-2022 08:35 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
أفرأيت الذي تولى (33) وأعطى قليلا وأكدى (34) أعنده علم الغيب فهو يرى (35) أم لم ينبأ بما في صحف موسى (36) وإبراهيم الذي وفى (37) ألا تزر وازرة وزر أخرى (38) وأن ليس للإنسان إلا ما سعى (39) وأن سعيه سوف يرى (40) ثم يجزاه الجزاء الأوفى (41) وأن إلى ربك المنتهى (42) وأنه هو أضحك وأبكى (43) وأنه هو أمات وأحيا (44) وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى (45) من نطفة إذا تمنى (46) وأن عليه النشأة الأخرى (47) وأنه هو أغنى وأقنى (48) وأنه هو رب الشعرى (49) وأنه أهلك عادا الأولى (50) وثمود فما أبقى (51) وقوم نوح من قبل إنهم كانوا هم أظلم وأطغى (52) والمؤتفكة أهوى (53) فغشاها ما غشى (54)
شرح الكلمات:
أفرأيت الذي تولى: أي عن الإسلام بعد ما قارب أن يدخل فيه.
أعطى قليلا وأكدى: أي أعطى من زعم أنه يحتمل عنه عذاب الآخرة أعطاه ما وعده من المال ثم منع.
أعنده علم الغيب فهوى يرى: أي يعلم أن غيره يتحمل عنه العذاب والجواب لا.
أم لم ينبأ بما في صحف موسى وابراهيم الذي وفى: أي أم بل لم يخبر بما ورد في الصحف المذكورة وهي التوراة وعشر صحف كانت لإبراهيم عليه السلام.
ألا تزر وازرة وزر أخرى: أي أنه لا تحمل نفس مذنبة ذنب غيرها.
وأن ليس للإنسان إلا ما سعى: أي من خير وشر، وليس له ولا عليه من سعي غيره شيء.
وأن سعيه سوف يرى: أي يبصر يوم القيامة ويراه بنفسه.
ثم يجزاه الجزاء الأوفى: أي الأكمل التام الذي لا نقص فيه.
إن إلى ربك المنتهى: أي المرجع والمصير إليه ينتهي أمر عباده بعد الموت ويجازيهم.
وأنه أضحك وأبكى: أي أفرح من شاء فأضحكه، وأحزن من شاء فأبكاه.
وإنه أمات وأحيا: أمات في الدنيا وأحيا في الآخرة.
وإنه خلق الزوجين: أي الصنفين الذكر والأنثى.
من نطفة إذا تمنى: أي من منى إذا تمنى تصب في الرحم.
وأن عليه النشأة الأخرى: أي الخلقة الثانية للبعث والجزاء.
وأنه هو أغنى واقنى: أي وأنه هو وحده أغنى بعض الناس بالكفاية، واقنى بعض الناس بالمال المقتنى المدخر للقنية.
وأنه هو رب الشعرى: أي خالقها ومالكها وهي كوكب خلف الجوزاء عبده المشركون.
وأهلك عادا الأولى: أي قوم هود عليه السلام.
وثمودا فما أبقى: أي أهلكها أيضا فلم يبق أحدا وهم قوم صالح.
وقوم نوح من قبل: أي وأهلك قوم نوح من قبل عاد وثمود وقوم لوط.
والمؤتفكة أهوى: أي وقرى قوم لوط أسقطها بعد رفعها إلى السماء مقلوبة إلى الأرض إذ الائتفاك الانقلاب.
فغشاها ما غشى: أي بالعذاب ما غشى حيث جعل عاليها سافلها وأمطر عليها حجارة من سجيل.
معنى الآيات:
إن هذه الآيات ترسم صورة لقرشي جاهل هو الوليد بن المغيرة إذ قدر له أن استمع إلى قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم فهش لها ودعاه الرسول فأسلم أو أوشك أن يسلم فعلم به أحد المشركين من شياطينهم فجاءه فعيره بإسلامه وترك دين آبائه فاعتذر له الوليد بأنه يخاف عذاب الله فقال له الشيطان القرشي وكان فقيرا والوليد غنيا أعطني كذا من المال شهريا أو أسبوعيا أو سنويا وأنا أتحمل عنك العذاب الذي تخافه وعد إلى دينك واثبت عليه فوافق الوليد على العرض وأخذ
يعطيه المال. ثم أكدى1 أي قطع عنه ما كان يعطيه ومنعه. فأنزل الله تعالى فيه هذه الآيات تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتعليما وتحذيرا لكل من تبلغه ويقرأها أو تقرأ عليه فقال تعالى في أسلوب حمل فيه السامع على التعجب: {أفرأيت الذي تولى} أي عن الإسلام بعد أن قارب الوصول إليه والدخول فيه، {وأعطى قليلا} أي من المال للشيطان المشرك الذي اتفق معه على أن يتحمل عليه العذاب مقابل مال يعطيه إياه أقساطا، {وأكدى} أي قطع ومنع لأن الذي يحفر بئرا في أرض أحيانا تصادفه كدية من الأرض الصلبة يعجز عن الحفر فينقطع عن الحفر ويمتنع كذلك الوليد أعطى ثم امتنع وهو معنى اكدى أي انتهى إلى كدية من الأرض الصلبة.
وقوله تعالى: {أعنده علم الغيب فهو يرى2} أي أن المرء في إمكانه أن يتحمل عذاب غيره يوم القيامة والجواب لا علم غيب عنده لا من كتاب ولا من سنة، أم لم ينبأ بما في صحف موسى وهي التوراة وإبراهيم الذي وفى لربه في كل ما عهد به إليه من ذبح ولده حيث تله للجبين ليذبحه، ومن بناء البيت والهجرة والختان بالقدوم إلى غير ذلك من التكاليف الشاقة. أي ألم ينبأ أي يخبر هذا الرجل الجاهل بما في صحف موسى بن عمران نبي بني إسرائيل وإبراهيم أبو الأنبياء ثم بين تعالى ما تضمنته تلك الصحف من علم فقال:
* ألا تزر3 وازرة وزر أخرى أن لا تحمل نفس مذنبة ذنب نفس أخرى.
* وأن ليس4 للإنسان من ثواب يوم القيامة إلا ما سعى في تحصيله بنفسه وهذا لا يتعارض مع قول الرسول صلى الله عليه وسلم في الصحيح إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث ولد صالح يدعو له أو صدقة جارية أو علم ينتفع به إذ هذه الثلاثة أمور من عمل الإنسان وسعيه الولد انجبه ورباه والصدقة الجارية أوقفها بنفسه والعلم تعلمه وبثه في الناس وعلمه فالجميع من سعيه وكسبه.
وأن سعيه أي عمله في الدنيا من خير وشر سوف يرى علانية ويجزى به خيرا كان أو شرا والجزاء الأوفى أي الأكمل الأتم.
* وأن إلى ربك المنتهى أي إليه تصير أمور عباده بعد الموت ويحكم فيها ويجزيهم بها.
* وأنه هو أضحك5 وأبكى أي أفرح من شاء وأحزن فضحك الفرح وبكى الحزن. أضحك أهل الجنة وأبكى أهل النار. زيادة على من أفرح في الدنيا ومن أحزن.
* وأنه أمات وأحيا أمات عند نهاية أجل العبد وأحياه في قبره ويوم نشره وحشره وأحيا بالإيمان وأمات بالكفر وأمات بالقحط وأحيا بالمطر.
* وأنه خلق الزوجين أي الصنفين الذكر والأنثى من سائر الحيوانات من نطفة أي قطرة المني إذا تمنى6 أي تصب في الأرحام.
* وأن عليه تعالى النشأة الأخرى أي هو الذي يقوم بها فيحيي الخلائق بعد موتهم يوم القيامة.
* وأنه هو أغنى وأقنى أي أغنى بعض الناس فسد حاجتهم وكفاهم مؤونتهم، وأقنى آخرين أعطاهم مالا كثيرا فاقتنوه قنية.
* وأنه هو رب الشعرى7 ذلك الكوكب الذي يطلع خلف الجوزاء فالله خالقه ومالكه ومسخره وقد عبده الجاهلون واتخذوه ربا وإلها وهو مربوب مألوه.
* {وأنه أهلك8 عادا الأولى} قوم هود أرسل عليهم ريحا صرصرا ما أتت على شيء إلا جعلته كالرميم، عاد تلك الأمة القائلة من أشد منا قوة دمر الله عليهم فأهلكهم أجمعين.
* وثمودا9 فما أبقى أي وأهلك ثمود قوم صالح بالحجر فما أبقى منهم أحدا.
* وقوم نوح من قبل عاد وثمود أهلكهم إنهم كانوا هم أظلم من غيرهم وأطغى.
* والمؤتفكة أي10 قرى قوم لوط سدوم وعمورة أهلكهم فرفع تلك القرى إلى عنان السماء ثم أهوى بها إلى الأرض وأرسل عليهم حجارة من طين من سجيل فغشى تلك المدن من العذاب الأليم ما غشى11 عذاب يعجز الوصف عنه هذا هو الله رب العالمين الذي اتخذ الجهال له أندادا فعبدوها معه.
هذا هو الله الإله الحق الذي اتخذ الناس من دونه آلهة لا تعلم ولا تحكم ولا تقدر. هذا هو الله العزيز المنتقم لأوليائه من أعدائه يشقي عبدا عاداه ويسعد آخر والاه.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- تقرير ربوبية الله تعالى وإثبات ألوهيته بالبراهين والحجج التي لا ترد بحال.
2- تقرير عدالة الله تعالى في حكمه وقضائه.
3- مظاهر قدرة الله تعالى وعلمه وحكمته.
4- تقرير حقيقة علمية وهي أن العمل الذي يزكي النفس أو يدنسها هو ذاك الذي يباشره المرء بنفسه وباختياره وقصده ونيته.
5- تحذير الظلمة والطغاة من أهل الكفر والشرك من أن يصيبهم ما أصاب غيرهم من الدمار والخسران.
__________

1 يقال: أكدى الكافر وأجبل إذا بلغ في حفر كدية أو جبلا فلا يمكنه أن يحفر, ثم استعمل فيمن أعطى ولم يتمم, ولمن طلب شيئا ولم يبلغ آخره. قال الحطيئة:
أعطى قليلا ثم أكدى عطاءه
ومن يبذل المعروف في الناس يحمد
2 الاستفهام إنكاري أي: ينكر عليه ما ادعاه من تحمل العذاب عن غيره, وفيه معنى التعجب فيما ادعاه كأنه يعلم الغيب ويشاهده, وليس له ذلك.
(أن لا تزر وازرة) أن: هي المخففة من الثقيلة, وموضعها جائز أن يكون حرفا بدلا من (ما) في قوله (بما في صحف) وجائز أن يكون في موضع رفع على إضمار: هو, وهو ما يفهم من التفسير.
4 يظهر أن هذا العام خصصته السنة فقد أجاز النبي صلى الله عليه وسلم الحج والعمرة عن لبغير كما أجاز الصدقة كذلك وقد يقال إن الذي يحج أو يتصدق عن غيره) هو بمثابة متوسل إلى الله تعالى طالب منه المغفرة والرحمة فإذا استجاب الله تعالى له غفر للميت ورحمه وهذا جزاء كل عمل صالح.
5 قيل: لا يوجد في المخلوقات من يضحك ويبكي إلا الإنسان وقيل إن القرد يضحك ولا يبكي، وإن البعير يبكي ولا يضحك. والله أعلم.
6 قيل: سميت مني: مني لأنها تمنى فيها الدماء أيام التشريق وهو كذلك.
7 قال القرطبي: اختلف في من كان يعبد كوكب الشعرى فقيل: كان تعبده حمير وخزاعة وقيل: إن أول من عبده أبو كبشة أحد أجداد النبي صلى الله عليه وسلم من قبل أمهاته، ولذا كان المشركون يسمون النبي صلى الله عليه وسلم ابن أبي كبشة لما خالفهم ودعاهم إلى التوحيد.
8 قرأ الجمهور (عادا) بإظهار تنوين عاد، وقرأ ورش (عادا الأولى) بحذف همزة الأولى بعد نقل حركتها إلى اللام المعرفة وإدغام نون التنوين من عاد في لام (لولى) .
9 قرأ الجمهور (وثمودا) بالتنوين وقرأ حفص (وثمود) وقرأ حفص وحمزة بدون تنوين على إرادة اسم القبيلة.
10 نصب المؤتفكة، على الاشتغال وأهوى. أي جعلها هاوية والإهواء: الإسقاط وجيء بصلتها من مادة وصيغة الفعل الذي أسند إليه لأجل التهويل، والذي غشاها: هو مطر من الحجارة المحما.
11 (ما) موصول فاعل (غشاها) .



ابوالوليد المسلم 10-08-2022 08:37 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 


http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg
تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة النجم - (4)
الحلقة (807)

سورة النجم
مكية
وآياتها اثنتان وستون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 202الى صــــ 207)

فبأي آلاء ربك تتمارى (55) هذا نذير من النذر الأولى (56) أزفت الآزفة (57) ليس لها من دون الله كاشفة (58) أفمن هذا الحديث تعجبون (59) وتضحكون ولا تبكون (60) وأنتم سامدون (61) فاسجدوا لله واعبدوا (62)

شرح الكلمات:
فبأي آلاء ربك: أي فبأي أنعم ربك عليك وعلى غيرك أيها الإنسان.
تتمارى: أي تتشكك أو تكذب.
هذا نذير من النذر الأولى: أي هذا النبي محمد صلى الله عليه وسلم من النذر الأولى أي رسول مثل الرسل الأولى الذين أرسلوا إلى أقوامهم.
أزفت الآزفة: أي قربت القيامة ووصفت بالقرب لقربها فعلا.
ليس لها من دون كاشفة: أي ليس لها أي للقيامة من دون الله نفس كاشفة لها مظهرة لوقتها، إذ لا يجليها لوقتها إلا الله سبحانه وتعالى.
أفمن هذا الحديث: أي القرآن.
تعجبون وتضحكون: أي تعجبون تكذيبا به، وتضحكون سخرية منه كذلك.
وأنتم سامدون: أي لاهون مشتغلون بالباطل من القول كالغناء والعمل كعبادة الأصنام والأوثان.
فاسجدوا لله: أي الذي خلقكم ورزقكم وكلأكم ولا تسجدوا للأصنام.
واعبدوا: أي وذلوا لله وخضعوا له تعظيما ومحبة ورهبة فإنه إلهكم الحق الذي لا إله لكم غيره.
معنى الآيات:
بعد ذلك العرض العظيم لمظاهر القدرة والعلم والحكمة وكلها مقتضية للربوبية والألوهيتة لله سبحانه وتعالى خاطب الله تعالى الإنسان فقال {فبأي آلاء1 ربك} أي بعد الذي عرضنا عليك في هذه السورة من مظاهر النعم والنقم وكلها في الباطن نعم فبأي آلاء ربك2 تتمارى أي تتشكك أو تكذب، وكلها ثابتة أمامك لا تقدر على إنكارها وإخفائها بحال من الأحوال. ثم قال تعالى: {هذا نذير 3من النذر الأولى} يشير إلى أحد أمرين إما إلى ما في هذه السورة والقرآن كله من نذر أو إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم وكلا الأمرين حق القرآن نذير ومحمد نذير من النذر الأولى التي سبقته وهم الرسل، أو ما خوفت به الرسل أقوامها من عذاب الله تعالى العاجل في الدنيا والآجل في الآخرة. ألا فاحذروا أيها الناس عاقبة إعراضكم.
وقوله تعالى: {أزفت الآزفة} يخبر تعالى أن القيامة قد آن أوانها وحضرت ساعتها إنها لقريبة جدا. ليس لها من دون الله نفس كاشفة تكشف الستار عنها وتظهرها بل تبقى مستورة لحكمة إلهية قد تفاجأ بها البشرية وويل يومئذ للمكذبين.
وقوله تعالى توبيخا للمشركين والمكذبين: {أفمن هذا الحديث} أي غفلتم كل هذه الغفلة فتعجبون من هذا الحديث الإلهي والكلام الرباني وهو القرآن. {وتضحكون} كأن قلوبكم أصابها الموات، ولا تبكون على أنفسكم وقد بعتموها للشيطان ليقدمها إلى نار جهنم حطبا،وأنتم سامدون4 ساهون لاهون تغنون وتلعبون. ويلكم أنقذوا أنفسكم فاسجدوا لله واعبدوا5، فإنه لا نجاة لكم من العذاب الأليم إلا بالاطراح بين يديه إسلاما له وخضوعا. تعبدونه بتوحيده في عبادته، وتسلمون له قلوبكم ووجوهكم فلا يكون لكم غير الله مألوها ومعبودا تعظمونه وتحبونه وتتقربون إليه بفعل محابه وترك مكاره.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- بيان قرب الساعة وخفاء ساعتها عن كل خلق الله حتى تأتي بغتة.
2- ذم الضحك مع الانغماس في الشهوات.
3- الترغيب في البكاء من خشية الله.
4- كراهية الغناء واللهو واللعب.
5- مشروعية السجود عند تلاوة هذه الآية لمن يتلوها ولمن يستمع لها، وهي من عزائم السجدات في القرآن الكريم، ومن خصائص هذه السجدة أن المشركين سجدوها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حول الكعبة كما في الصحيح.
__________

1 فبأي نعم ربك تشك أيها الإنسان المكذب، والآلاء: النعم، واحدها إلى وألى وإلي وألو كدلو.
2 التماري: التشكك، وهو تفاعل من المرية، ولا يصح أن يكون المراد بالمخاطب النبي صلى الله عليه وسلم لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يشك أبدا، وإن قاله بعضهم، ورده إمام المفسرين ابن جرير الطري.
3 حقيقة النذير: أنه المخبر عن حدث مضر بالمخبر، وجمعه: نذر ويطلق النذير على الإنذار فهو إذا اسم مصدر، ومنه: {فستعلمون كيف نذير} أي: إنذاري لكم.
4 السمود: الغناء بلغة حمير والمعنى: فرحون بأنفسكم تتغنون بالأغاني لقلة اكتراثكم بما تسمعون من القرآن، وفعله: سمد يسمد: اسمد لنا أي عن لنا.
5 جائز أن يراد بالسجود: الصلاة والعبادة والتوحيد إذ كانت الصلاة يومئذ قد فرضت، وجائز أن يكون المراد بالسجود الخضوع لله والإذعان له بالإيمان والتوحيد بعد ترك الشرك والكفر، وصح أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قرأ هذه السورة سجد فسجد المشركون بسجوده متأثرين بما أسمعهم الشيطان من مدح آلهتهم بقوله: تلك الغرانيق العلا.. وإن شفاعتهن لترتجى.

*****************************

يتبع

ابوالوليد المسلم 10-08-2022 08:37 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
سورة القمر
مكية
وآياتها خمس وخمسون آية

بسم الله ارحمن الرحيم
اقتربت الساعة وانشق القمر (1) وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر (2) وكذبوا واتبعوا أهواءهم وكل أمر مستقر (3) ولقد جاءهم من الأنباء ما فيه مزدجر (4) حكمة بالغة فما تغن النذر (5) فتول عنهم يوم يدع الداع إلى شيء نكر (6) خشعا أبصارهم يخرجون من الأجداث كأنهم جراد منتشر (7) مهطعين إلى الداع يقول الكافرون هذا يوم عسر (8)

شرح الكلمات:
اقتربت الساعة وانشق القمر: أي قربت الساعة، وانفلق القمر فلقتين على جبل أبي قبيس.
وإن يروا آية يعرضوا: أي وإن ير كفار قريش آية أي معجزة يعرضوا عنها ولا يلتفتوا إليها.
ويقولوا سحر مستمر: أي هذا سحر مستمر أي قوي من المرة أو دائم غير منقطع.
وكل أمر مستقر: أي وكل من الخير أو الشر مستقر بأهله في الجنة أو في النار.
ولقد جاءهم من الأنباء: أي من أنباء الأمم السالفة مما قصه القرآن.
ما فيه مزدجر: أي جاءهم من الأخبار ما فيه ما يزجرهم عن التكذيب والكفر.
حكمة بالغة: أي الذي جاءهم من الأنباء هو حكمة بالغة أي تامة.
فما تغن النذر: أي عن قوم كذبوا واتبعوا أهواءهم لا تغن شيئا.
فتول عنهم: أي لذلك فأعرض عنهم.
يوم يدعو الداع إلى شيء نكر: أي يدع الداع إلى موقف القيامة.
يخرجون من الأجداث: أي من القبور.
مهطعين إلى الداع: أي مسرعين إلى نداء الداع.
هذا يوم عسر: أي صعب شديد.
قوله تعالى {اقتربت 1الساعة وانشق القمر} يخبر تعالى أن ساعة نهاية الدنيا وفنائها وقيام القيامة قد اقتربت، وأن القمر قد انشق معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم وبعثة النبي صلى الله عليه وسلم علامة من علامات الساعة، وانشقاق القمر كان بمكة حيث طالبت قريش النبي صلى الله عليه وسلم بمعجزة تدل على نبوته فسأل الله تعالى انشقاق القمر فانشق فلقتين على جبل أبي قبيس فلقة فوق الجبل وفلقة وراءه فشاهدته قريش ولم تؤمن وهو معنى قوله تعالى: {وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر2 مستمر} أي هذا سحر قوي شديد. قال تعالى {وكذبوا} أي رسولنا وما جاء به من التوحيد والوحي واتبعوا في هذا التكذيب أهواءهم لا عقولهم ولا ما جاء به رسولهم. وقوله تعالى {وكل أمر3 مستقر} أي وكل أمر من خير أو شر مستقر بصاحبه إما في الجنة أو النار. وقوله تعالى {ولقد جاءهم من الأنباء} أي من أخبار الأمم السابقة وكيف أهلكها الله بتكذيبها رسلها وإصرارها على الشرك والكفر، وذلك في القرآن الكريم ما فيه مزدجر4 أي جاء من الأخبار الواعظة المذكرة من قصص الأنبياء مع أممهم ما فيه زاجر عن التكذيب والمعاصي هو5 حكمة بالغة تامة، والحكمة القول الذي يمنع صاحبه من التردي والهلاك بصرفه عن أسباب ذلك.
وقوله تعالى {فما تغن6 النذر} أي عن قوم كذبوا بالحق لما جاءهم واتبعوا أهواءهم ولم يتبعوا هدى ربهم ولا عقولهم. إذا فتول عنهم يا رسولنا واتركهم إلى حكم الله فيهم. وقوله: {يوم يدع الداع إلى شيء7 نكر} أي اذكر يا رسولنا يوم يدعو الداع إلى شيء نكر وهو موقف القيامة خشعا أبصارهم وكل أجسامهم وإنما ذكرت الأبصار لأنها أدل على الخشوع من سائر الأعضاء {يخرجون من الأجداث} أي القبور جمع جدث وهو القبر كأنهم جراد منتشر في كثرتهم وتفرقهم وانتشارهم مهطعين إلى الداع أي مسرعين إلى داع الله إلى ساحة الموقف وفصل
القضاء. يومئذ يقول الكافرون هذا يوم عسر وهو كذلك عسير شديد العسر ولكن على المؤمنين يسير غير عسير. كما قال تعالى فذلك يومئذ يوم عسير على الكافرين غير يسير مفهومه أنه على المؤمنين يسير.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- تقرير عقيدة البعث والجزاء.
2- ذكر بعض علامات الساعة. كبعثة النبي صلى الله عليه وسلم وانشقاق القمر معجزة له صلى الله عليه وسلم.
3- التنديد باتباع الهوى، والتحذير منه فإنه مهلك.
4- عدم جدوى النذر لمن يتنكر لعقلة ويتبع هواه.
__________

1 إنها بالنسبة لما مضى من أيام الدنيا لقريبة جدا إذ أكثر عمر الدنيا قد انقضى، خطب يوما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال "ما بقي من دنياكم فيما مضى إلا مثل ما بقي من هذا اليوم فيما مضى" وما نرى من الشمس إلا يسيرا.
(مستمر) : يكون بمعنى ذاهب من قولهم مر الشيء واستمر: إذا ذهب ويكون بمعنى محكم قوي شديد مأخوذ من المرة وهي القوة، وكونه مستمرا نافذا أولى بالمعنى.
3 وجائز أن يكون (مستقر) في أم الكتاب: كائن لا محالة أو أن أمر النبي صلى الله عليه وسلم إلى استقرار بانتصاره على الباطل وأهله فيكون في الخبر بشرى للنبي صلى الله عليه وسلم.
4 أصل: (مزدجر) مزتجر من زجرته فانزجر فقلبت التاء دالا لتقارب مخرجي التاء والدال، أي: جاءهم من الأخبار الواعظة ما يزجرهم عن الكفر، لو قبلوه واتعظوا به.
5 أي: جاءهم من مواعظ القرآن وزواجره ما هو حكمة بالغة إلى المقصود مفيدة لصاحبها.
6 جائز أن تكون (ما) نافية أي: لا تغني النذر شيئا عمن تلك حاله، وجائز أن تكون استفهامية أي: أي شيء تغني النذر مع الإصرار على الكفر والتوغل في الباطل، والاستفهام للنفي أيضا.
(نكر) ما تنكره النفوس وتكرهه، ونكر: وزنه نادر نحو أنف: بمعنى جديد.




ابوالوليد المسلم 10-08-2022 08:38 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 



http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg
تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)

- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة القمر - (1)
الحلقة (808)

سورة القمر
مكية
وآياتها خمس وخمسون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 207الى صــــ 211)

كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر (9) فدعا ربه أني مغلوب فانتصر (10) ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر (11) وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر (12) وحملناه على ذات ألواح ودسر (13) تجري بأعيننا جزاء لمن كان كفر (14) ولقد تركناها آية فهل من مدكر (15) فكيف كان عذابي ونذر (16) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر (17)

شرح الكلمات:
فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون: أي كذبوا نوحا عبد الله ورسوله وقالوا هو مجنون.
وازدجر: أي انتهزوه وزجروه بالسب والشتم.
فدعا ربه إني مغلوب فانتصر: أي فسأل ربه قائلا رب إني مغلوب فانتصر أي لي.
بماء منهمر: أي منصب انصبابا شديدا.
وفجرنا الأرض عيونا: أي تنبع نبعا.
فالتقى الماء: أي ماء السماء وماء الأرض.
على أمر قد قدر: أي في الأزل ليغرقوا به فيهلكوا.
وحملناه على ذات ألواح ودسر: أي حملنا نوحا على سفينة ذات ألواح ودسر وهو ما يدسر به الألواح من مسامير وغيرها. واحد الدسر دسار ككتاب.
تجري بأعيننا: أي بمرأى منا أي محفوظة بحفظنا لها.
جزاء لمن كان كفر: أي أغرقناهم انتصارا لمن كان كفر وهو نوح كفروا نبوته وكماله.
ولقد تركناها: أي إغراقنا لهم على الصورة التي تمت عليها.
آية: أي لمن يعتبر بها حيث شاع خبرها واستمر إلى اليوم.
فهل من مدكر: أي معتبر ومتعظ بها.
فكيف كان عذابي ونذر: أي ألم يكن واقعا موقعه.
ولقد يسرنا القرآن للذكر: أي سهلناه للحفظ، وهيأناه للتذكير.
فهل من مدكر: أي فهل من متعظ به حافظ له نتذكر.
معنى الآيات:
قوله تعالى {كذبت قبلهم قوم نوح} يخبر تعالى مسليا رسوله مخوفا قومه فيقول {كذبت قبلهم} أي قبل قريش قوم نوح وهو أول رسول أرسل إلى قوم مشركين فكذبوا عبدنا1 رسولنا نوحا كذبوه في دعوة التوحيد كذبوه في دعوة الرسالة، ولم يكتفوا بتكذيبه فقالوا مجنون2 أي هو مجنون {وازدجر} أي أنتهروه وزجروه ببذيء القول وسيء الفعل فدعا أي نوح ربه قائلا {أني مغلوب فانتصر} لي يا ربي، فاستجاب الله تعالى له ففتح أبواب السماء بماء منهمر3 أي منصب انصبابا شديدا، وفجرنا الأرض عيونا نابعة من الأرض فالتقى4 الماء النازل من السماء والنابع من الأرض {على أمر قد قدر} أي قدره الله في الأزل وقضى بأن يهلكهم بماء الطوفان وقوله تعالى {وحملناه على ذات ألواح ودسر} والدسر جمع واحدة دسار ككتاب وكتب وهو ما تدسر به الألواح من مسامير وغيرها وقوله تعالى {تجري} وهي حاملة لعوالم شتى {بأعيننا} أي بمرأى منا محفوظة بحفظنا لها وقوله {جزاء لمن كان كفر} أي أغرقناهم انتصارا لعبدنا نوح وجزاء له على صبره مع
طول الزمن لقد أقام فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما. وقوله {ولقد تركناها آية} أي تلك الفعلة التي فعلنا بهم وهي إغراقنا لهم تركناها آية للاعتبار لمن يعتبر بها حيث شاع خبرها واستمر إلى اليوم.
وقوله تعالى {فهل من مدكر5} أي معتبر ومتعظ بها. وقوله {فكيف كان عذابي ونذر6} ألم يكن واقعا موقعه؟ بلى. وقوله تعالى {ولقد يسرنا القرآن للذكر} أي سهلناه للحفظ وهيأناه للتذكر. فهل من مدكر؛ أي فهل من متعظ به حافظ له والاستفهام للأمر أي فاتعظوا به واحفظوه.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم.
2- تحذير قريش من الاستمرار في الكفر والمعاندة.
3- تقرير حادثة الطوفان والتي لا ينكرها إلا سفيه لم يحترم عقله.
4- فضل الله على هذه الأمة بتسهيل القرآن للحفظ والتذكر.
__________

1 أخبر تعالى أن قوم نوح كذبوا الرسل. وكان في الكلام اجمال ففصله بقوله: (فكذبوا عبدنا) أي: نوحاص، وقالوا مجنون، وفيه إشارة إلى أن المكذب برسول يعتبر مكذبا بكل الرسل.
2(مجنون) خبر لمبتدأ محذوف أي: هو مجنون. والجملة مقولة القول.
3 (منهمر) أي: كثير والهمر: الصب، وكان انهمار الماء بدون سحاب وقيل استمر أربعين يوما.
4 التقى الماءان النازل من الماء والنابع من الأرض (على أمر قد قدر) أي: على مقدار معين لم يزد أحدهما على الآخر.
5 أصل مدكر متذكر أبدلت التاء ذالا كما أبدلت الذال دالا وأدغمت الدالان الأولى في الثانية فصارت مدكر أي معتبر متعظ.
6 ونذر: تقدم أنه اسم مصدر كالإنذار.

****************************

يتبع

ابوالوليد المسلم 10-08-2022 08:38 PM

رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
(17) كذبت عاد فكيف كان عذابي ونذر (18) إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا في يوم نحس مستمر (19) تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر (20) فكيف كان عذابي ونذر (21) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر (22)
شرح الكلمات:
كذبت عاد: أي نبيها هودا عليه السلام فلم تؤمن به ولا بما جاء به.
فكيف كان عذابي ونذر1: أي فكيف كان عذابي الذي أنزلته بهم وإنذاري لهم كان أشد ما يكون.
إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا: أي ريحا عاتية ذات صوت شديد.
في يوم نحس مستمر: أي في يوم نحس أي شؤم مستمر دائم الشؤم قوية حتى هلكوا.
تنزع الناس كأنهم أعجاز2: أي تقتلعهم من الحفر التي اندسوا فيها وتصرعهم فتدق رقابهم.
نخل منقعر: منفصلة أجسامهم كأنهم والحال كذلك أعجاز أي أصول نخل منقلع.
ولقد يسرنا القرآن للذكر: أي سهلنا القرآن للحفظ والتذكير والتذكر به.
فهل من مدكر: أي تذكروا يا عباد الله بالقرآن فإن منزله سهله للتذكير.
معنى الآيات:
قوله تعالى {كذبت عاد} هذا القصص الثاني في هذه السورة يذكر بإيجاز تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتهديدا لقومه المكذبين وذكرى للمؤمنين فقال تعالى كذبت عاد أي قوم هود كذبوا رسول الله هودا عليه السلام وكفروا بما جاءهم به من التوحيد والشرع وقالوا ائتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين فأرسل تعالى عليهم ريحا صرصرا ذات صوت شديد في يوم نحس3 وكان مساء الأربعاء لثمان خلون من شهر شوال مستمر بشدة وقوة وشؤم عليهم مدة سبع ليال وثمانية أيام تنزع تلك الريح الناس وقد دخلوا حفرا تحصنوا بها فتنزعهم منها نزعا وتخرجهم فتصرعهم فتدق رقابهم فتنفصل عن أجسادهم فيصيرون والحال هذه لطول أجسامهم كأنهم أعجاز نخل منقعر أي منقلع ساقط على الأرض. وقوله تعالى {فكيف كان عذابي ونذر؟} هذا الاستفهام للتهويل أي إنه كان كأشد ما يكون لعذاب والإنذار. وقوله تعالى {ولقد يسرنا القرآن للذكر} أي سهلناه وهيأناه بفضل منا ورحمة للحفظ ولولا هذا التسهيل ما حفظه أحد، وهيئناه للتذكر به. فهل من مدكر أي من متذكر والاستفهام للأمر كأنما قال: فاحفظوه وتذكروا به.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1-بيان عقوبة المكذبين لرسل الله وما نزل بهم من العذاب في الدنيا قبل اللآخرة.
2-بيان أن قوة الإنسان مهما كانت أمام قوة الله تعالى هي لا شيء ولا ترد عذاب الله بحال.
3-بيان تسهيل الله تعالى كتابه للناس ليحفظوه ويذكروا به, ويعملوا بما جاء فيه ليكملوا ويسعدوا في الحياتين.
__________

1 قال القرطبي: وقعت نذر في هذه السورة في ستة أماكن محذوفة الياء في جميع المصاحف، وقرأها يعقوب مثبتة في الحالين أي: في الوصل والوقف، وقرأها ورش في الوصل لا غير. وحذفها الباقون ولا خلاف في حذف النون في قوله: (فما تغن النذر) والواو في قوله: (يدع) وأما الياء من (الداع) أثبتها ورش وأبو عمرو في الوصل وحذفها الباقون.
2 جملة: {كأنهم أعجاز نخل منقعر} في موضع نصب على الحال من الناس.
3 النحس: سوء الحال، وقد انجر إلى المسلمين بواسطة عقائد المجوس التشاؤم بيوم الأربعاء من آخر الشهر، ولا تشاؤم في الإسلام والنحس كان على الكافرين الذين





الساعة الآن : 02:09 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 639.13 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 637.37 كيلو بايت... تم توفير 1.76 كيلو بايت...بمعدل (0.28%)]