ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   فلسطين والأقصى الجريح (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=79)
-   -   القدس اسلامية رغم أنف امريكا متابعة لملف القدس وفلسطين المحتلة وكل ما يستجد من احداث (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=194112)

ابوالوليد المسلم 12-11-2019 10:45 AM

رد: القدس اسلامية رغم أنف امريكا متابعة لملف القدس وفلسطين المحتلة وكل ما يستجد من اح
 
#عاجل : وزارة الصحة الفلسطينية : شهيدان و7 إصابات منذ بدء التصعيد على قطاع غزة فجر اليوم الثلاثاء .
منقول


https://scontent-hbe1-1.xx.fbcdn.net...6a&oe=5E54D77F

https://scontent-hbe1-1.xx.fbcdn.net...1a&oe=5E5DF5E9


ابوالوليد المسلم 12-11-2019 05:26 PM

رد: القدس اسلامية رغم أنف امريكا متابعة لملف القدس وفلسطين المحتلة وكل ما يستجد من اح
 
#عاجل : 5 شهداء و 30 اصابة بجراح مختلف
*الشهداء إن شاء الله هم/*
1⃣ بهاء سليم حسن ابو العطا 42 عامة
2⃣ اسماء محمد حسن ابو العطا 39 عام
3⃣ محمد عطية مصلح حمودة 20 عام
4⃣ زكي عدنان محمد غنامة 25 عام
5⃣ ابراهيم احمد عبد اللطيف الضابوس 26 عام



منقول

ابوالوليد المسلم 12-11-2019 07:05 PM

رد: القدس اسلامية رغم أنف امريكا متابعة لملف القدس وفلسطين المحتلة وكل ما يستجد من اح
 
#عاجل : مراسل غزة الآن : شهيدين وإصابة شرق بيت حانون شمال قطاع غزة , وصلو الآن إلى مستشفى الإندونيسي , نتحفظ على الاسماء لحين التأكيد من قبل وزارة الصحة الفلسطينية .


ابوالوليد المسلم 12-11-2019 09:55 PM

رد: القدس اسلامية رغم أنف امريكا متابعة لملف القدس وفلسطين المحتلة وكل ما يستجد من اح
 
#عاجل : المقاومة الفلسطينية تطلق عشرات الصواريخ الآن من غزة تجاه الأراضي المحتلة .
منقول


ابوالوليد المسلم 12-11-2019 10:26 PM

رد: القدس اسلامية رغم أنف امريكا متابعة لملف القدس وفلسطين المحتلة وكل ما يستجد من اح
 
بعد إطلاق 100 صاروخ من غزة... الجيش الإسرائيلي يعلن «الطوارئ»

اخبار اليوم


أعلن الجيش الإسرائيلي، حالة الطوارئ في المناطق التي تبعد 80 كم عن الحدود مع قطاع غزة.
وقال الخبير العسكري لصحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية يوآف زيتون، على حسابه الرسمي بـ "تويتر"، وزير الدفاع نفتالي بينيت أعلن حالة الطوارئ في منطقة غلاف غزة وحتى 80 كلم من القطاع، ولمدة 48 ساعة على الأقل.
ووفقا للقناة السابعة العبرية، فإن الجيش الاسرائيلي بدأ باستدعاء قوات احتياط لتعزيز الوحدات العاملة على تشغيل منظومة "القبة الحديدية".
https://images.akhbarelyom.com/UP/20191112212605050.jpg
وأفاد موقع هيئة البث الإسرائيلية، في وقت سابق اليوم، بأن أكثر من 100 قذيفة صاروخية أطلقت من قطاع غزة منذ ساعات الصباح الباكر باتجاه إسرائيل.
وأضافت أن صواريخ أطلقت باتجاه مدينة سديروت والمنطقة الصناعية المتاخمة لها. وتعرضت مدينة أشكلون هي الأخرى لعدة قذائف صاروخية وتم إسعاف نحو 30 شخصا أصيبوا بصورة طفيفة أو بهلع.
كما تم العثور على بالونات حارقة في حقول زراعية وهرعت إلى المكان خبراء متفجرات من الشرطة.
وبحسب الموقع فإن منظومة القبة الحديدية اعترضت حوالي 20 صاروخا.

وفي أعقاب إطلاق القذائف الصاروخية على إسرائيل، تم تعطيل الدراسة في المدارس الواقعة بين تل أبيب وقطاع غزة.
كما طلبت السلطات العاملين في المرافق غير الحيوية في هذه المناطق بعدم الذهاب إلى عملهم.
وأعلنت عدة بلديات منها تل أبيب عن استعدادها لفتح الملاجئ. وتوقفت حركة القطارات بين أشكلون وسديروت وبئر السبع حتى إشعار أخر.
https://images.akhbarelyom.com/UP/20191112212846833.jpg
https://images.akhbarelyom.com/UP/20191112212909349.jpg
https://images.akhbarelyom.com/UP/20191112212927802.jpg

ابوالوليد المسلم 13-11-2019 01:06 AM

رد: القدس اسلامية رغم أنف امريكا متابعة لملف القدس وفلسطين المحتلة وكل ما يستجد من اح
 
سلاح الجو الإسرائيلي يشن سلسلة غارات جديدة على قطاع غزة


اخبار اليوم
https://Images.akhbarelyom.com/image...2231859683.jpg
صورة -ارشيفية



أعلن الجيش الإسرائيلي، أن سلاح الجو الإسرائيلي يبدأ بشن سلسلة غارات جوية على أهداف في قطاع غزة.

وجاء في بيان الجيش "يقوم جيش الدفاع في هذه الساعة بموجة غارات ضد أهداف تابعة لحركة الجهاد الإسلامي في قطاع غزة".

وتواصل المقاتلات الإسرائيلية استهدافها وغاراتها الجوية على مناطق متفرقة في قطاع غزة حيث بدأ القصف فجر اليوم باستهداف القيادي في سرايا القدس الذراع المسلح لحركة الجهاد الإسلامي بهاء أبو عطا وزوجته شرق غزة.
من جانبها أطلقت المقاومة الفلسطينية عشرات الرشقات الصاروخية تجاه البلدات والمستوطنات الواقعة في غلاف قطاع غزة حيث دوت صافرات الإنذار في المستوطنات في وقت أصدر فيه الجيش الإسرائيلي تعليماته للمستوطنين بالبقاء بالقرب من الملاجئ.
وعقد الليلة اجتماع بين رؤساء مجالس البلدية في مستوطنات غلاف غزة مع قيادة الجبهة الداخلية وتم الاتفاق على تعطيل الدوام في المدارس يوم غدا الأربعاء.
وبحسب القناة 13 الإسرائيلية "أبلغ مستشار الأمن القومي مئير بن شبات الوزراء في اجتماع المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية "الكابينيت" هذا الصباح أن حماس "قد بعثت برسالة إلى إسرائيل عبر مصر بأنها لا تريد التصعيد في قطاع غزة" وفقًا للوزيرين الذين شاركوا في الاجتماع".
وقال شبات للوزراء إنه "بعد جنازة أبو العطا، بدء الجانب المصري محادثات مع حماس والجهاد الإسلامي في محاولة لتهدئة الوضع". وقال بن شبات للوزراء إن "رسالة حماس جاءت ردا على نفس الرسالة التي نقلتها إسرائيل إلى المنظمة عبر مصر في الصباح الباكر مباشرة بعد التصفية".
وقال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية في بيان "يجب على إسرائيل وقف جرائمها ضد المدنيين فورا، وندعو الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان لتوفير الحماية لأبناء شعبنا من انتهاكات الاحتلال سواء في غزة أو الضفة".
وبدورها، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية عن ارتفاع عدد القتلى إلى 11 شخصا ونحو 50 إصابة جراء قصف مواقع في قطاع غزة.







ابوالوليد المسلم 14-11-2019 03:45 AM

رد: القدس اسلامية رغم أنف امريكا متابعة لملف القدس وفلسطين المحتلة وكل ما يستجد من اح
 

بالصور : استشهاد عائلة بأكملها في في غارة إسرائيلية وسط غزة






ارتكبت طائرات الاحتلال الإسرائيلية مجزرة جديدة بحق المدنيين في قطاع غزة , واستهدفت منزلاً يعود لعائلة أبو ملحوس في منطقة البركة غرب دير البلح وسط قطاع غزة .
وقد أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية عن استشهاد 6 مواطنين بينهم أطفال وإاصابة 10 أخرين .
وقال مراسل غزة الآن إن طائرات الاحتلال استهدفت بصاروخين المنزل الذي تسكنه العائلة , بينما كانت نائمة , ووصلت سيارات الإسعاف والطواقم الطبية لإنتشال الشهداء من تحت الركام .
وتم التعرف على بعض أسماء الشهداء وهم "بينهم سيدتان وطفلان, الشهيد رسمي أبو ملحوس ويسرى أبو ملحوس ومريم أبو ملحوس والطفل مهند أبو ملحوس " وتم نقلهم إلى مستشفى شهداء الأقصى .
واخرون لم تعلن عنهم وزارة الصحة حتى اللحظة
وتجمهر السكان في محاولة لإنقاذ الأطفال تحت الركام ولكن النتيجة أنهم استشهدوا وتظهر في الصور بان الأطفال كانوا نائمون واستهدفتهم طائرات الاحتلال .
وبحسب وزارة الصحة الفلسطينية فإن عدد الشهداء ارتفع إلى 32 شهيداً في اليوم الثالث على التوالي جراء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة , وأصيب اكثر من 100 أخرين .
وما زالت طائرات الاحتلال تستهدف اماكن وأنحاء متفرقة من قطاع غزة .
وترد المقاومة الفلسطينية على العدوان الإسرائيلي بإطلاق عشرات الصواريخ تجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة , وقد أعلنت سرايا القدس قصف تل أبيب والقدس المحتلة رداً على استهداف المدنيين في قطاع غزة .

https://gazaalan.net/uploads/images/2019/11/JWtqJ.jpeg
https://gazaalan.net/uploads/images/2019/11/q8jCH.jpeg
https://gazaalan.net/uploads/images/2019/11/cQ4bj.jpeg


https://gazaalan.net/uploads/images/2019/11/I1shN.jpeg









منقول

ابوالوليد المسلم 25-11-2019 05:12 AM

رد: القدس اسلامية رغم أنف امريكا متابعة لملف القدس وفلسطين المحتلة وكل ما يستجد من اح
 
اعتذارية إلى بيت المقدس في
غيبة الناصر صلاح الدين
محمد علي محاسنة

خَجِلٌ أنا … خَجِلٌ أنا
خَجِلٌ أنا إذْ أَمْتطي
سَرْجَ القصيدِ إليكِ لا صَهَواتِها
وأقولُ ماذا إذْ رَنَا
طرفٌ إليَّ بهِ تَجُولُ غِشاوةٌ مِنْ عَبْرَةٍ…؟
وإذْ الحبيبُ (الغشمريّ) عن الديارِ بعيدةٌ
أَنفْاسُهُ..
لَيْلى" تُصاوِلُ وَحْدَها
وخِباءُ ليلى في الفلاةِ ودُونَه
ُ مِقْلاعُها…
عَهْدٌ يُخَضِّبُ كَفَّها
وَيُكَحِّلُ اللَّحْظَ الأبيَّ مُكَبِّرا
يَرْمي… ويَرْمي إذْ رَمَى"
فَزِعَتْ ذِئابٌ كَشَّرَت
ْ وَعَوَتْ سُعاراً تَرْتَعِدْ قِطْعانُها…؟
***
هذا أنا… كُلِّي أنا
أَتَرَيْنني؟
كُلِّي هُنا..
في قُرْنَةِ القُضْبانِ تَكْسُو عَوْرَتِي
قُضْبانُنا..
قُضْبانُهُمْ..
خَجِلُوا لِعُريي وانكشافِ السوأةِ الكُبْرى
فَهُم
ْ مازال بَعْضُ جبيننا..
مازالَ بَعْضُ جبينهم
ْ يَنْدَى لبعضِ فعائلٍ… أَتُصَدِّقِين…؟!
هذا أنا
***
هَذا أنا
أَتَرَيْنَني…؟ أَعَرَفْتني..؟
هذي مَلامِحُ مِنْ تيميمٍ والكُميتِ وعَبْدِ شَمْسٍ ها أنا
ولديَّ اسمٌ مِنْ حُروفِكِ والنُقَط
ْ أَتَأَبَّطُ الشِعْرَ الليالي مارِقا
ً رِهْطِي صَعاليكُ الفَلاةِ فلاتنا
كُثْرٌ هُمُو… كُثْرٌ هُمُو.. كُثْرٌ هُمُو…
مِنْ كُلِّ حَدْبٍ أقْبَلُوا
(ماذا جَنَتْ خَلَوَاتُنا.. فَتَصَعْلَكَتْ فَلَوَاتُنا..؟
***
هذا أنا..
في بعضِ عَنْقاءِ الفيافي أَنْبَعَث
ْ مِنْ نارِ عِشْقِكِ مارداً
لأخُطَّ مِنْ لَهَبِ الحجارة والغَضَب
ْ مَرْسُومَ مَلْحَمَةِ الغَضَبْ
بَعْضِ الغَضَبْ… هذا أنا
أوَ تُعْذِري؟؟
***
أُمَّاهُ إنَّا آيبون بِكُلِّ تَوْباتِ المُنِيبِ إليكِ نأتي..
في الضُحى
عهداً كما أرضعتنا
ونُقَبِّلَ الصخراتِ والحَجَرَ المُخَضَّبَ والصَبيَّ
الـمُرْسِلَ السِجِّيلَ حُباً
والثرى القُدسيَّ صُبْحاً والندى
والتينَ والزيتونَ والطورَ المُكَبِّرَ إننا
آتونَ أقبلَ مَوْعد
(باب العمود) الملتقى
هذا أنا… آتٍ أنا
حجرٌ غضبْ.. حَجَرٌ لَهَبْ.. غَضَبٌ عَضَبْ..
لَهَبٌ لَهَبْ
هذا أنا.. آتٍ أنا.. آتٍ أنا.
آتٍ أنا فَجْر الغَضَبْ

ابوالوليد المسلم 27-11-2019 12:24 AM

رد: القدس اسلامية رغم أنف امريكا متابعة لملف القدس وفلسطين المحتلة وكل ما يستجد من اح
 
#عاجل : مراسل غزة الآن: مجدداً قصف إسرائيلي عنيف على خانيونس جنوب قطاع غزة الآن


ybahnasy 14-12-2019 02:18 PM

رد: القدس اسلامية رغم أنف امريكا متابعة لملف القدس وفلسطين المحتلة وكل ما يستجد من اح
 
الله يلعن اليهود الخنازير

ابوالوليد المسلم 25-12-2019 02:47 AM

رد: القدس اسلامية رغم أنف امريكا متابعة لملف القدس وفلسطين المحتلة وكل ما يستجد من اح
 

صور وفيديو| انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي للمقدسات لا تنتهي.. وتحذيرات من حرب دينية

Developed By Heba Musa
https://Images.akhbarelyom.com/image...4180900272.jpg
http://media.masr.me/gdWRHDidzXM



الكثير من الانتهاكات والمجازر قام بها الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين منذ بداية الصراع عام 1897، وعلى الرغم من المؤتمرات والدعوات والمجهودات الدولية، إلا إن هذه الانتهاكات لم تتوقف يوما واحدًا، وتتكرر على مسمع ومرئي من العالم، وأحيانًا بتشجيع ومباركة من بعض قادته.

وفقًا للناطق باسم وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردنية حسام الحياري، فإن الاقتحامات المتكررة لقوات الاحتلال واليهود المتطرفين للمسجد الأقصى هي «محاولات لفرض واقع جديد في المسجد الأقصى المبارك».


وأضاف في بيان نقلته موقع قناة المملكة الأردنية، الثلاثاء 24 ديسمبر، أن الوزارة تستنكر اقتحامات اليهود المتطرفين للمسجد الأقصى بشكل ممنهج، محذرة من أن هذا يمثل استفزازا للمسلمين، وانتهاكا لحرمة الأقصى.


وأضاف: «ما يقوم به المتطرفون والمستوطنون بحماية شرطة الاحتلال من اقتحامات للمسجد الأقصى المبارك وساحاته، ومحاولتهم القيام بطقوس تلمودية، واستخدام مكبرات الصوت، واستفزاز المصلين وجميع المسلمين من خلال بث هذه الطقوس مباشرة عبر الهواتف، تكريس لهذا الأمر الممنهج المرفوض».


جاء ذلك البيان بعد اقتحام عشرات المستوطنين الثلاثاء 24 ديسمبر، باحات المسجد الأقصى - الحرم القدسي الشريف.


اقتحامات للمتطرفين
https://images.akhbarelyom.com/UP/20191224180712771.jpg

ووفقًأ لوكالة الأنباء الفلسطينية «وفا» الثلاثاء 24 ديسمبر، قاد المستوطن المتطرف «يهودا جليك»، اقتحاما جديدا للمسجد الأقصى المبارك، برفقة عشرات المستوطنين.


وقالت دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، إن المتطرف جليك اقتحم الأقصى مع 211 مستوطنا، وقائد شرطة الاحتلال في القدس «دورون يديد»، وعدد من ضباطه، من جهة باب المغاربة، ونفذوا جولات استفزازية داخل باحاته، وغادروه من باب السلسلة.


وقالت مصادر محلية، إن قوات الاحتلال سلمت عددا من الشبان والشابات بلاغات، لمراجعة مخابراتها؛ بحجة تواجدهم في باحات الأقصى.
وتأتي هذه الاقتحامات في سياق حملة دعا إليها مستوطنون لتصعيد عمليات الاقتحام للأقصى، تزامنا مع عيد «الحانوكاه»العبري، الذي يستمر لنحو أسبوع.

انتهاكات لحقوق الإنسان..ومنع من السفر
قال مركز الدفاع عن الحريات والحقوق «حريات»، إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي، منعت 7984 شخصا من السفر خلال السنوات الخمس الماضية، 9% من بينهم نساء.

وأكد "حريات"، أن 310 حالات منع سفر وثقت منذ بداية العام الجاري من بينها 7 نساء، مشيرا إلى أن هذا التوثيق لحالات منع فردية، ويستثنى حالات المنع الجماعي التي كانت تطال أحياناً محافظة بأكملها كما حصل في محافظة الخليل عام 2014.

وأضاف انه يواصل جهوده في مناهضة سياسة سلطات الاحتلال الإسرائيلي، بتقييد حرية الحركة والتنقل، بما في ذلك منع السفر المستمر منذ عقود وعلى نحو يطال عشرات الآلاف من المواطنين، ويلحق ضررا فادحا في مسارات رئيسية من حياتهم.

وبين مركز "حريات" أن ما تقوم به سلطات الاحتلال يشكل انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان المدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، التي أكدتها أحكام القانون الدولي الإنساني، خاصة اتفاقية جنيف الرابعة، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، خاصة العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.


ولفت إلى أنه قدم المساعدة القانونية لـ130 مواطنا ومواطنة ممنوعين من السفر، ونجح في رفع حالة المنع عن 57 شخصا منهم 9 نساء، فيما تم رفض 42 شخصا وما زالت بقية الحالات الأخرى قيد المتابعة.

التحذير من حرب دينية



وحذر مدير المسجد الأقصى المبارك الشيخ عمر الكسواني من إشعال فتيل الحرب الدينية، لربط اقتحامات المستوطنين الأقصى المبارك بالأعياد اليهودية، مطالبا الدول العربية والإسلامية القيام بواجبها في حماية المسجد، وفقًأ لوكالة معًا الفلسطينية، الثلاثاء 24 ديسمبر.


وأضاف الشيخ عمر الكسواني في تصريحات :«ما يتم في الأقصى من اقتحامات وحجز هويات وملاحقات للمصلين بقوة السلاح، لا يعطي للجماعات المتطرفة وللشرطة أي حق في الأقصى، فهذا المسجد وبقرار رباني هو مسجد إسلامي».


وحمل الشيخ الكسواني حكومة الاحتلال مسؤولية ردود الأفعال، بسبب الاقتحامات والاستفزازات اليومية في الأقصى.


وقال الشيخ الكسواني :«اليوم هو يوم حزين على الأقصى، لاستباحته من قبل المستوطنين المتطرفين، فالجماعات المتطرفة وقوات الاحتلال تريد فرض واقع جديد بالمسجد، إلا أن موظفي الأوقاف الإسلامية والمصلين ورغم ما يواجهونه يرابطون ويواجهون ما يحدث في المسجد ويقومون بواجبهم فيه».

https://images.akhbarelyom.com/UP/20191224180753506.jpg

ودعا الشيخ الكسواني الى شد الرحال إلى الأقصى والصلاة والتواجد فيه، فالتواجد يبدد المخططات الهادفة لفرض واقع جديد في الأقصى من قبل الجماعات المتطرفة، وقال :«نحن باقون وهم راحلون وسيبقى رباطنا لحماية إسلامية وعروبة الأقصى المبارك».


وكثفت جماعات الهيكل المزعوم خلال هذه الأيام، من دعواتها لتنفيذ اقتحامات واسعة للمسجد الأقصى المبارك، خلال فترتي الاقتحامات الصباحية وبعد الظهر، بمناسبة أسبوع «عيد الأنوار/ الحانوكاة».

https://images.akhbarelyom.com/UP/20191224180807334.jpg
https://images.akhbarelyom.com/UP/20191224180819787.jpg











ابوالوليد المسلم 09-01-2020 11:12 PM

رد: القدس اسلامية رغم أنف امريكا متابعة لملف القدس وفلسطين المحتلة وكل ما يستجد من اح
 
رغم المحن والآلام - المستقبل للإسلام


د. محمود بن أحمد الدوسري






http://www.al-forqan.net/site_downlo...b6809e044d.jpg



شرَّف الله -تعالى- نبيَّه الكريم صلى الله عليه وسلم ، وأظهر دينه على الأديان كلِّها إلى يوم القيامة؛ لكونه سيِّد ولد آدم، وإمامَ النبيين وخاتَمهم، ولكون رسالته عالميَّةً، ومحفوظةً إلى يوم الدِّين، بينما الرسالات السابقة كان ظهورها جزئيًّا مؤقَّتاً؛ لأنها ليست عالميةً، بل هي رسالات قومية محدودة بزمن مُعين؛ لذا اندثرت وانمحت تعاليمها الأصلية، لدخول الزيادة والنقص والتحريف إليها، وقال الله -تعالى- عن هؤلاء المُحرِّفين: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ}(المائدة: ١٣).
ومن الأدلة على إظهاره لدين نبيه الكريم على الأديان كافة: قوله -تعالى-: {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}(التوبة: 32، 33)؛ فالآية مُستأنفة بصيغة القَصْر، بمعنى أنَّ الله -تعالى- هو وحده، لا غيره الذي أرسَلَ رسولَه محمداً صلى الله عليه وسلم بهذا النور، وبهذا الدِّين؛ فكيف يَترُك لمعانديه أن يطفئوا هذا النورَ العظيم، نورَ الإسلام؟
أشرف الأديان وأفضلها
وعبَّر عن الإسلام: {بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ }(التوبة: 33)، تنويهاً بفضله، وتعريضاً بأنَّ ما هم عليه ليس بهدًى ولا حقٌّ، وفِعْلُ الإظهار في قوله: {لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّه}(التوبة: 33)، عُدِّي بِـ{عَلَى}(التوبة: 33)؛ فيكون مُضَمَّناً معنى النَّصر، أو التَّفضيل، أي: «لِينصُرَه على الأديان كلِّها، أي: ليكون أشرفَ الأديان وأفضلها وأغلَبَها، والمعنى: لِيُعْلِيه على سائر الأديان، بالحُجَّة والبرهان، والسَّيف والسِّنان، وإنْ كَرِه المشركون ذلك، وبغُوا له الغوائل، ومكروا مكرهم؛ فإنَّ المكر السَّيئ لا يضرُّ إلاَّ صاحبَه؛ فوَعْدُ اللهِ لابدَّ أنْ يُنجزه، وما ضَمِنَه لا بدَّ أنْ يقوم به»، ولقد أنجز اللهُ -عز وجل- وعدَه، وصَدَقَ عبدَه؛ فلم يبق دينٌ من الأديان، إلاَّ وهو مغلوبٌ مقهور بدِين الإسلام.
أهلُ المِلَل
لقد دخل أهلُ المِلَلِ في كثير من الأقطار دينَ الإسلام، بالرغم من كراهية أقوامِهم وعظماءِ مِلَلِهم ذلك، ومقاومَتِهم إيَّاه بكلِّ حِيلة، ومع ذلك فقد ظَهَرَ وعلا، وبانَ فضلُه على الأديان التي جاوَرَها، وسَلِمَ من الخرافات والأوهام التي تعلَّقوا بها، وما صلحت بعضُ أمورهم إلاَّ فيما قلَّدوه من أحوال المسلمين وأسباب نهوضهم.
إظهار الله -تعالى- لدينه
ومن الأدلة على إظهار الله -تعالى- لدين نبيِّه الكريم على سائر الأديان: قوله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِي الأَرْضَ؛ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زَوَى لِي مِنْهَا».
قال النووي -رحمه الل: «فيه إشارةٌ إلى أنَّ مُلْكَ هذه الأمة يكون مُعْظَمُ امتدادِه في جهتي المشرق والمغرب، وهكذا وقع، وأمَّا في جهتي الجنوب والشمال؛ فقليلٌ بالنسبة إلى المشرق والمغرب»، وقيل: «إنَّ الأرض زُوِيَت لي جملتُها مرةً واحدة؛ فرأيتُ مشارقَها ومغاربها، ثم هي تُفتح لأمتي جزءاً فجزءاً، حتى يصل مُلْكُ أُمَّتي إلى كلِّ أجزائها»، وقوله صلى الله عليه وسلم : «لَنْ يَزَالَ أَمْرُ هذه الأُمَّةِ مُسْتَقِيمًا حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، أو حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ»، وقوله صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ على الْحَقِّ، لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ»، وقد وقع ما أخبر به صلى الله عليه وسلم ، ولله الحمد؛ فلم تزل هذه الطائفة من زمنه وهلمَّ جَرّا، ولا تزول حتى يأتي أمرُ الله -تعالى-، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : «لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ، ظَاهِرِينَ إلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، قال: فَيَنْزِلُ عِيسَى ابنُ مَرْيَمَ - عليه السلام-؛ فيقول أَمِيرُهُمْ: تَعَالَ صَلِّ لَنَا؛ فيقول: لاَ، إِنَّ بَعْضَكُمْ على بَعْضٍ أُمَرَاءُ؛ تَكْرِمَةَ اللَّهِ هذه الأُمَّةَ».
الخلاصة: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم بيَّن - وهو الصادق المصدوق - أنَّ هذا الدِّين سيظهر على كثير من البقاع في مشارق الأرض ومغاربها، وهو ما حدث إلى يومنا هذا حتى قيام الساعة.
سؤال مهم
والسؤال هنا: ماذا يقتضيه إظهارُ الإسلام على سائر الأديان؟ وماذا يعني ذلك؟ إنَّ من مقتضيات إظهار دين النبي صلى الله عليه وسلم على جميع الأديان أمور عدة من أهمها:
- عظيم قُدرةِ الله -تعالى- الذي تكفَّل بإظهار دين نبيِّه صلى الله عليه وسلم على سائر الأديان واستمراره، رغم المكر الكُبَّار من الكُفَّار، كما قال -سبحانه-: {وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ}(إبراهيم: ٤٦).
- عظيم مكانة النبي صلى الله عليه وسلم عند ربِّه الذي شرَّفه بهذا الدِّين، وأظهره على سائر الأديان، وشرَّف أُمَّته من بعده.
- كمال دين الإسلام وصلاحيته لإسعاد البشرية إلى يوم القيامة؛ بسبب حِفْظِه، وإظهاره على الأديان.
- فيه إثباتٌ أن محمداً صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين والمرسلين، وأنه مبعوثٌ إلى العالَمين؛ حيث أظهر اللهُ -تعالى- دينه على سائر الأديان.
- أنَّ دين الإسلام ناسخ للأديان السابقة، ومهيمن عليها.
- إظهار دين محمدٍ صلى الله عليه وسلم على سائر الأديان، مُنْسَجِمٌ ومُتَّفِقٌ مع حفظِ الله -تعالى- لِوَحيه، المتمثل في الكتاب والسنة، وفيه ثقةٌ مطلقة عظيمة بهذا الدِّين القويم، وبراءة من الشك الذي تورَّط فيه غيرنا.
-رحمةُ اللهِ تعالى- بالناس أجمعين؛ حيث حَفِظَ لهم الدِّين القويم، وأبقاه ظاهراً بالحجة والبيان إلى يوم الدِّين.
- أن يندفع المسلمون إلى نشر نور الإسلام في كل مكان؛ لأنَّه الأظهر والأبقى والأحق بالاتباع، كما فَعَل ذلك صدر هذه الأمة من الصحابة وتابعيهم بإحسان.
- بما أن الأمة الإسلامية امتلكت مقومات الظهور المعنوية والعلمية؛ فهي قادرة على امتلاك مقومات الظهور المادية، متى ما أخلص المسلمون عملهم لله، وتهيَّئوا له على المستويات كلها، وسخَّروا إمكاناتهم الهائلة كلها لخدمة الدِّين ونشره.
الإسلام ظاهِرٌ بالحجَّة والبيان
وبالرغم من ظهور الكفار وغَلَبَتِهم ماديًّا، وسيطرتهم على المنافذ الماديَّة كلها، إلاَّ أنَّ دين الإسلام - مع ذلك كله - ظاهِرٌ بالحجَّة والبيان، وظاهِرٌ بما فيه من صفاتٍ تُناسب فِطَرَ الناس وحاجاتهم المادية والمعنوية؛ مما كان له أكبر الأثر في اعتناق الناس المتزايد لدِين الإسلام من الأوربيين، وهذه بعض الإحصاءات الحديثة تشير إلى انتشار الإسلام في نطاق واسع من أوروبا، مصداقاً لقوله -تعالى-: {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}(الصف: ٨، ٩).
إحصاءات ومبشرات
وهناك العديد من الإحصاءات الصادرة عن جهاتٍ رسميةٍ تُمثِّل حكوماتِ دُوَلِها تدلُّ على إظهار دين الله -تعالى- على الدِّين كلِّه كما وعد -سبحانه-، وهو -سبحانه وتعالى- ناجِزٌ وعدَه لا محالة.
المسلمون الفرنسيون
في دراسةٍ أعدَّتها وزارة الداخلية الفرنسية تقول: إن أكثر من 3600 فرنسي يعتنقون الإسلام سنويًا، وأكدت الدراسة أن المسلمين الفرنسيين أكثر التزامًا، وتندر الجريمة في أوساطهم، وقد أصبح الإسلام الدِّين الثاني بعد المسيحية بفرنسا، وهناك توقعات بأن يُمثِّل المسلمون ربع سكان فرنسا.
5000 آلاف دنماركي
أكدت صحيفة (البوليتيكن) الدنماركية: أنَّ عدد الدنماركيين الذين يعتنقون الدين الإسلامي يتزايد يومًا بعد يوم، وأنَّ مواطنًا دنماركيًا واحدًا على الأقل يختار اعتناق الدين الإسلامي يوميًا، كما أنَّ عدد الدنماركيين الذي تحوَّلوا للإسلام منذ نشر الرسوم المسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم تجاوز 5000 آلاف دنماركي.
الشريعة الإسلامية في بريطانيا
كما ألْغَتْ بريطانيا مصطلح الإرهاب الإسلامي، والإشارة إليه بوصفه إرهابا عنيفا، وعدَّلَتْ قوانين الإرث بناءً على اعترافها بتعدد الزوجات، ويبدو أن الشريعة الإسلامية قد جذبت إليها الكثيرين في بريطانيا، الأمر الذي تؤكِّده دعوة (روان ويليامز) كبير أساقفة كنيسة كانتربري: إلى تطبيق بعض جوانب الشريعة الإسلامية في بريطانيا، معتبرًا أنه أمر لا يمكن تجنبه، قائلاً - في حديثٍ له مع إذاعة الـ BBC في فبراير 2008: «إن تطبيق الشريعة الإسلامية أمرٌ لا مفر منه، لتماسك المجتمع البريطاني».
المسلمون في روسيا

يبلغ عدد المسلمين في روسيا 23 مليون مسلم، أي: ما يمثل 20% من عدد السكان، وتتوقع مجلة (إكونوميست) البريطانية أن يُمثِّل المسلمون غالبية أفراد القوات المسلحة الروسية بعد ستة أعوام، وفي شهر يوليو من عام 2008م نشرت جريدة (برافدا) الروسية مقالاً بعنوان: (الإسلام سيكون دِينَ روسيا الأوَّل مع حلول عام 2050).

الفطرة السليمة
وهكذا نجد أنَّ هذا الدِّين الذي ما زال أعداؤه يكيدون له المكائد، ويُدبِّرون المؤامرات من أجل القضاء عليه؛ فيُجيِّشون الجيوش، ويُنفِقون الملايين، بل والمليارات، هذا الدِّين نفسُه يغزوهم في عقر دارهم دون دعوةٍ أو جُهدٍ يُبذل، لوضوحه وقُوَّتِه، وموافقتِه الحقَّ الذي أودعه اللهُ -تعالى- في الفطرة السليمة.



ابوالوليد المسلم 16-01-2020 01:41 PM

رد: القدس اسلامية رغم أنف امريكا متابعة لملف القدس وفلسطين المحتلة وكل ما يستجد من اح
 
أوروبا تستغل الفقر للتنصير في إندونيسيا



https://static.islamway.net/uploads/...s/download.jpg
أجرت البيان حواراً مع محمد نور صالح نائب رئيس مدينة تيغال الواقعة وسط جافا الوسطى في أندونيسيا. صالح المولود في1957 والذي شغل منصب رئيس حزب غولكاز في المدينة من عام 2009-2015 والمستشار السياسي البارز إضافة لعمله نائباً لأمين وزارة الدفاع الأندونيسية من 1998-2004، وهو عضو جمعية نهضة العلماء الأندونيسية التي تتمتع بنفوذ سياسي هائل، وله مواقف كثيرة معارضة لمواقف الجمعية خصوصاً فيما يتعلق بالتطبيع مع الكيان الصهيوني، ويعتبر صالح من المناهضين لعمليات التنصير الممنهجة التي تتعرض لها أندونيسيا، ويسعى باستمرار لتعزيز نفوذه داخل غولكاز للوصول إلى مستوى سياسي كبير.
مراسل البيان زار غولكاز في بيته وأجرى معه حواراً مطولاً حول رأيه في العديد من المواقف السياسية في ظل التغيرات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط والدول الإسلامية خصوصاً حيث تعتبر أندونيسيا أكبر الدول الإسلامية في العالم، ورابع دولة من حيث عدد السكان، وطرح مراسل البيان عديد الأسئلة على صالح.
البيان: أنتم كأكبر دولة إسلامية في العالم ألا تتخوفون من محاولات متعمدة لأطراف خارجية لتقليص دوركم؟
حقيقة نحن اتفقنا في بيننا بالرغم من تعداد سكاننا الكبير والذي قارب على 400 مليون نسمة على التعايش، الشعب الأندونيسي شعب مسالم في طبيعته، واتفقت كافة الأطياف والأحزاب على التعايش تحت شعار التنمية الاقتصادية للبحث عن مركز مهم وصاعد في الاقتصاد العالمي فتوفير العمل للناس والحد من الفقر والبدء بتنمية البنى التحتية ودعم الاقتصاد المحلي هو الشعار الأول التي ترفعه كافة الأحزاب السياسية الأندونيسية.
البيان: لكن ليس لكم دور اقتصادي مع الدول الإسلامية، حيث من الممكن تشكيل تحالف اقتصادي قوي يدعم الشعوب المضطهدة ويخفف وطئة التبعية للدول الكبرى؟
هذا سؤال مهم، ونحن لنا تأثير قوى ولعلك تتذكر تحالف قوى الجنوب والتي قررت وقف صادراتها النفطية للدول الغربية في مؤتمر "التعاون الاقتصادي" عام 1975 بقيادة أندونيسيا، اليوم هناك آفاق جديدة للتشارك والتقارب الاقتصادي بين الدول الاسلامية والعربية، خصوصاً آفاق الاستثمار، وقد تواصلنا بهذا الشأن مع رئيس الدولة لعقد تحالفات اقتصادية مع دول المشرق.
البيان: أندونيسيا الدولة الإسلامية الأكبر هل تعاني اليوم من حملات تنصير ممنهجة؟
نعم التنصير موجود خصوصاً في المدن الكبرى، وهناك حملات تنصيرية مدعومة من الغرب خصوصاً أوروبا تستغل حاجة الناس القرويين الفقراء، وتوزع عليهم المساعدات الغذائية والملابس وكتب الإنجيل، ولا تنسى الاستعمار الهولندي السابق لأندونيسيا، فما زالت بعض المراكز الهولندية تساعد في حملات التنصير، ولكن الناس بطبيعيتها وفطرتها مسلمة وتحب الإسلام، وهي تأخذ المساعدات لحاجتها وترفض اعتناق المسيحية، الحكومة قامت بدور كبير في محاربة هذه الظاهرة حيث ابتدأت بتوزيع المساعدات على فقراء القرى، وانشاء المساجد والمعاهد الإسلامية في تلك المناطق، ضمن خطة واضحة لمحاربة التنصير.
البيان: ماذا عن المد الشيوعي في أندونيسيا أقصد الصين؟
ج: يوجد صينيون هنا بشكل كبير، وهم متنفذين في الاقتصاد والمشاريع، وكل يوم تأتي أفواج من الصينيين ويتزايد عددهم، هم لا يدعون إلى الشيوعية بشكل واضح ولكن هناك تخوف من الزحف الصيني، وهناك في المقابل صينيون يدخلون في الإسلام أعرف في مدينتي كل فترة يدخل صينيون في الإسلام نتيجة المعاملة الحسنة من الأندونيسيين، ولا أستطيع انكار خطورة التنصير والشيوعية، وهذا دور كبير يقع على عاتق الحكومة للتصدى بمشاريع تنموية إسلامية ودعم المراكز الإسلامية في أندونيسيا، والمساجد هنا في كل مكان والآذان يرفع على مدار مواقيت الصلاة.
البيان: كيف تتعاطى أندونيسيا مع قضايا المسلمين في العالم؟
في قضية ميانمار كنا نتواصل على مدار الساعة مع الجهات الرسمية والأطراف الدولية لوقف المجازر بحق مسلمي الروهنغا، وزار وزير الخارجية الأندونيسي مخيمات لاجئي الروهنغا في بنغلادش، وكان ومازال هناك ضغوط كبيرة على حكومة ميانمار لوقف الجرائم، وتهديدهم بالقوة تارة، وقررنا دعم الديمقراطية هناك لاحلال السلام، فنحن كلمة السر والمفتاح الرئيسي لتطويق الأزمة وانتهائها، وقد رفعنا القضية في الأمم المتحدة وتواصلنا مع كافة المسلمين في العالم لإنهاء هذا الصراع، ولا تزال الجهود مستمرة، وكذلك نحن نقدم المساعدات بشكل دائم لمسلمي سوريا المهجرين واليمن وفلسطين، ونحاول قدر المستطاع الوقوف إلى جانبهم من خلال المؤسسات والجمعيات الخيرية والإغاثية الأندونيسية التي تتواصل مع المؤسسات العالمية، نحن جزء مهم من العالم الإسلامي، وتهمنا قضايا المسلمين في كل مكان.
البيان: داعش وصلت إلى الفلبين هل هناك تخوف من قدومها لأندونيسيا؟
الجميع يعلم أن داعش صناعة استخباراتية، والخطر الكبير في داعش أنها فكرة قد تتولد في أي مكان دون ضرورة الإرتباط تنظيماً بأطرافها في دول أخرى، وداعش تمثل خطر على أي مكان مستقر في العالم، ونحن دولة إسلامية تدعم الإسلام والمسلمين ومجتمع وسطي،وليس لنا عداوة مع أحد تستدعي تواجد هذه الفكرة الخطرة لدينا، ولكن الحذر مطلوب دائماً.
البيان: أنت أحد أعضاء جمعية نهضة العلماء التي دعت للتطبيع مع الكيان الصهيوني ما رأيك في مثل هذه الدعوات؟
أنا كنت ضد موقف عبد الرحمن وحيد رئيس جمعية نهضة العلماء، وأنا أرفض الإعتراف بالاحتلال الصهيوني على أرض فلسطين المسلمة، ففلسطين أرض إسلامية أولاً وأخيراً، ونحن علاقتنا مع الفلسطينيين علاقة اسلامية أولاً، كذلك كثير من النخبة السياسية ترفض الخطوات التطبيعية التي تحصل، ونحن نعمل على معارضتها كلياً، وتعرضت نهضة العلماء لانتقاد كبير من أطياف مختلفة من الأندونيسيين خصوصاً بعد موقفها من العلاقة مع الاحتلال الصهيوني، وهناك حراك صهيوني خفي لمحاولات تطبيع علاقة مع الأندونيسيين، فلسطين قضية حاضرة في قلب المسلمين، فهي قبلتهم الأولى ومسرى ومعراج نبيهم، هي مكان إسلامي مقدس كما بيت الله الحرام في السعودية، صحيح أن أخبار فلسطين قد تصل الأندونيسيين مشوهة أو متأخرة نتيجة ضعف المواقع الإعلامية الناطقة بالأندونيسية لتغطية الأخبار أول بأول، وعدم اتقان المجتمع الأندونيسي للغة العربية إلا أنها قضية محورية ومركزية، تلاقي حب ودعم كافة الأندونيسيين بكافة توجهاتهم.
البيان: ما هي أوجه الدعم لقضية فلسطين؟
نحن نتابع باستمرار ما يتعرض له المسجد الأقصى من عمليات تهويد، وما يتعرض له المقدسيين من تضييق واعتقال وفرض للضرائب، ونضع في سلم أولوياتنا دعم صمود المقدسيين في المدينة المقدسة لأنهم خط الدفاع الأول، نستضيف بشكل مستمر ودوري خطباء المسجد الأقصى لمعرفة الأوضاع هناك، وقد دعمنا في رمضان العديد من الفعاليات في المسجد الأقصى كإفطار الصائمين، وبالتعاون مع مؤسسات اسلامية أخرى، وأيضا نحن نرسل المساعدات الإغاثية بشكل مستمر للمحاصرين في غزة، وقد نفذنا عدة مشاريع هناك كمشروع المستشفى الأندونيسي، نعلم أن مأساة غزة كبيرة، والوضع السياسي والاقتصادي صعب للغاية، لذلك يجب أن تستمر هذه الجهود لدعم الفلسطينيين، حيث تشارك أندونيسيا بشكل كبير في القمم الإسلامية لدعم قضايا المسلمين، آخرها القمة الإسلامية في مارس 2016 والتي خصصت جزء كبير منها لدعم قضية فلسطين.
منقول

ابوالوليد المسلم 18-01-2020 01:16 AM

رد: القدس اسلامية رغم أنف امريكا متابعة لملف القدس وفلسطين المحتلة وكل ما يستجد من اح
 
مصير دولة الاحتلال الصهيوني في القرآن الكريم




أبو الحسن هشام المحجوبي و وديع الراضي





بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، وعرج به إلى السموات العُلا، والصلاة والسلام على نبيه المرتضى، وآله وصحبه أهل الصلاح والوفا، وبعد:
فقد قال سبحانه: ﴿ وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا * فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا * ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا * إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا *عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا ﴾ [الإسراء: 4 - 8].

قال تعالى: ﴿ وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا ﴾: قيل: "في الكتاب": اللوح المحفوظ، وقيل: التوراة، وقيل: القرآن، وجميعها صحيح؛ أيْ: كتَبَ اللهُ هذا الأمر في اللوح المحفوظ والتوراة والقرآن.

﴿ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا ﴾؛ أيْ: إنَّ الله تعالى علِم أن اليهود سيفسدون مفسدتين عظيمتين، يقترفون فيهما أقبح الذنوب والآثام؛ كالشرك بالله، وتحريف التوراة والإنجيل، وقصد إضلال الناس، والسعي إلى نشر الربا والفواحش، وتعاطي السحر، وأكل أموال الناس بالباطل، وإشعال الحروب، وقتل النساء والأطفال والأبرياء بغير حق، وهذه المفاسد مقترنة بتكبُّر واستعلاء، فمِن عقائدهم أنهم شعب الله المختار، وغيرهم من الأمم حيوانات وحشرات خلقها الله على صورة البشر؛ كي لا تؤذي بصرهم.

﴿ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا ﴾ [الإسراء: 5]، ﴿ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ ﴾؛ أَيْ: ملكوها وساروا بينها، وقعت المفسدة الأولى في بني إسرائيل - والله تعالى أعلم - بعد وفاة سليمان عليه السلام؛ إذ انتشر فيهم قتل الأنبياء وتحريف التوراة وتعاطي السحر واقتراف الفواحش وأكل الحرام، فسلَّط عليهم الله تعالى بختنصر ملك بابل، فقتل منهم طائفة كبيرة، وأسَر طائفة، وشرَّد الباقي، وتحتمل الآية - والله تعالى أعلم - أن المفسدة الأولى عند بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، حيث كذَّبه اليهود في المدينة وخانوه وحاولوا قتله وعملوا على تفريق أصحابه بإحياء صراعات الجاهلية، فسلَّط الله عليهم رسوله والمؤمنين، فقتلوهم شر قِتلة في غزوة خيبر.

﴿ ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا ﴾ [الإسراء: 6]؛ أَيْ: إنَّ الله سينصر اليهود على المسلمين بسبب تضييع المسلمين لدينهم، ويُغدِق الدنيا على اليهود ويجعل حلفاءهم أكثر من المسلمين، وقد وقع هذا في سنة 1948 م؛ حيث احتل اليهود بيت المقدس وفلسطين كاملة وبعض الأراضي العربية في الحروب التي شنَّتها عصابات الهاغانا، والجيش الإسرائيلي في حرب الأيام الستة سنة 1967 م.

﴿ إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ﴾ [الإسراء: 7]؛ أيْ: إن تاب اليهود في هذه الفترة وأسلَموا واتَّبعوا النبيَّ الأميَّ الذي يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويُحل لهم الطَّيبات ويُحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم، فقد أحسَنوا لأنفسهم وأهليهم، وإن أساؤوا بإصرارهم على كفرهم وطغيانهم، فقد أساؤوا لأنفسهم وأهليهم.

﴿ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا ﴾ [الإسراء: 7]، ثم يقترف اليهود المفسدة الثانية التي نعيشها في هذا الزمان، فهم يقفون وراء كل منكر على وجه الأرض، ويشنُّون حروبًا ظالمة على الأبرياء والمستضعفين في غزة والضفة الغربية، فيقتلون الأطفال والنساء، ويهدمون البيوت، ويحرقون الأشجار، ويفِرُّون من المقاومة، فينتصر المسلمون إن شاء الله عليهم ويُذلُّونهم ويهينونهم ويقتلون فيهم ما استطاعوا لذلك سبيلاً، ويَدخلون المسجد الأقصى كما دخله عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهذا سيقع في معركة عظيمة تُسمَّى عند اليهود بهرمجدون، تُحرَّر فيها فلسطين وبيت المقدس ويُردُّ الحق فيها لأهله، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود، حتى يقول الحجر وراءه اليهودي: يا مسلم، هذا يهودي ورائي فاقتله))، وزاد مسلم: ((إلا الغرقد؛ فإنه من شجر اليهود)).

﴿ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ ﴾: الخطاب موجَّه للمسلمين؛ أيْ: إن الله سيرحم المسلمين الذين تمسَّكوا بدينهم وصبروا على أذى اليهود؛ لأنَّ "عسى" في كلام الله تفيد التحقيق، ﴿ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا ﴾؛ أيْ: إن عدتم أيها المسلمون إلى دينكم، فسنعود إلى نصركم، قال سبحانه: ﴿ إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴾ [محمد: 7]، وفي آية أخرى: ﴿ وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الروم: 47]، وتحتمل الآية: إن عدتم أيها اليهود إلى الإفساد مع الدجال، فسنعود إلى إهلاككم على يد عيسى عليه السلام والمؤمنين، قال صلى الله عليه وسلم: ((يتْبَع الدجالَ سبعون ألفًا من يهود أصبهان))، وفي بعض الروايات أن الدجال يقاتل المسلمين بجيش من اليهود والمنافقين، فينزل عيسى عليه السلام على المنارة البيضاء بدمشق ويقاتلهم، وبمجرد رؤيته يذوب مثل الملح، فيصيبه عليه السلام بسهم ليرى الناسُ دمَه.

﴿ وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا ﴾؛ أيْ: لليهود ومن كان على نهجهم من الكفار والمنافقين سجنًا ومِهادًا لا يخرجون منها.

نَسْأَلُ الله تعالى أن يتقبَّل منا جميعًا وأن يعلِّمنا ما جَهِلْنَا، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين





ابوالوليد المسلم 22-01-2020 09:26 PM

رد: القدس اسلامية رغم أنف امريكا متابعة لملف القدس وفلسطين المحتلة وكل ما يستجد من اح
 
بنو إسرائيل وأسطورة التعلق ببيت المقدس


لما خرج بنو إسرائيل من مصر يقدُمهم كليم الله موسى عليه السلام، ووقفوا أمام اليَمِّ عاجزين، أمر الله نبيه أن يضرب البحر بعصاه فانفلق فكان كلُّ فرق كالطود العظيم.

لكنهم ما إن جفت أقدامهم حتى سألوا نبيهم قائلين: {اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آَلِهَةٌ}، ثم عتوا فقالوا: أرنا الله جهرة، ثم اتخذوا العجل من بعد ما جاءتهم البينات.
فلما دعاهم إلى دخول الأرض المقدسة قائلًا: {يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ الْـمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ} [المائدة: 21]، أجابوه: {قَالُوا يَا مُوسَى إنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإن يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإنَّا دَاخِلُونَ} [المائدة: 22].
زهدٌ في أرض الأنبياء التي باركها الله، مع جبنٍ وخوَرٍ، وبُعدٍ عن منهج الله، وتمرد على النبوة. لقد كان حب الدنيا قد تملك شغاف قلوبهم حتى زهدوا في بيت المقدس خوفاً من أن يحال بينهم وبين ما يشتهون.
ولذا عاش اليهود أذلة بين الأمم لا يجرؤون إلا على الأنبياء وأتباعهم لقِلَّتهم. وقد وصف الله عز وجل حرصهم على الحياة رفيعةً كانت أم وضيعةً، فقال: {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أْن يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ} [البقرة: 96].
وما تخلُّفهم عن دخول الأرض المقدسة، أرضِ الرسالات، إلا مظهرٌ من مظاهر هذا التعلق بالدنيا، ولهذا أجابوا نبي الله بقولهم: {قَالُوا يَا مُوسَى إنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} [المائدة: 24].
وهو جوابٌ جامعٌ للشخصية اليهودية: فهي جريئة على الله، جبانة عن عباده. فكيف يُظن بمن جَبُن عن دخول الأرض المقدسة في زمن كليم الله أن يقاتل من أجلها تعبُّداً بعد وفاته بأكثر من ثلاثة آلاف عام؟ وقد ورد في ما يجدون بين أيديهم على لسان موسى عليه السلام: «لأني أعرف تمردكم وقساوة قلوبكم. إذ وأنا ما زلت حياً معكم اليوم أخذتم في مقاومة الرب. فكم بالأحرى تتمردون بعد موتي؟»[1].
بعد وفاة الكليم عليه السلام خلَفَه فتاهُ يوشع بن نون عليه السلام، فدخل بمن معه من بني إسرائيل الأرض المقدسة وأيده الله بمعجزة باهرة. قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أحمد في مسنده: «إن الشمس لم تُحبس لبشر إلا ليوشع ليالي سار إلى بيت المقدس» [2].
دخل بنو إسرائيل بيت المقدس يزحفون على أستاههم![3] وكما نزعوا إلى شرك الفراعنة في مصر، تأثروا بمعبودات الوثنيين من حولهم في أرض الشام، فعبدوا أصنامهم بعد موت يوشع عليه السلام، وبهذا تشهد أسفارهم فسلط الله عليهم أعداءهم.
تسلط العماليق على الأرض المقدسة إبان حكم الأسباط الاثني عشر، وعجز القضاة عن سياسة بني إسرائيل واضطربت شؤونهم، فسأل بنو إسرائيل نبيهم «صموئيل» أن يبعث لهم ملكاً يقاتلون معه في سبيل الله. قال تعالى في ذِكر حالهم: {أَلَمْ تَرَ إلَى الْـمَلأِ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إن كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا} [البقرة: 246].
وعند أهل الكتاب أن صموئيل خاطبهم قائلاً: «انْزِعُوا الآلِهَةَ الْغَرِيبَةَ وَأَصْنَامَ الْعَشْتَارُوثِ مِنْ وَسَطِكُمْ، وَهَيِّئُوا قُلُوبَكُمْ لِلرَّبِّ وَاعْبُدُوهُ وَحْدَهُ، فَيُنْقِذَكُمْ مَنْ قَبْضَةِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ»[4].
فماذا كان جوابهم؟ قال تعالى: {فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ} [البقرة: 246]، كحال أسلافهم الذين أبوا أن يدخلوا الأرض المقدسة.
لكن الله نصر من ثبَت من المؤمنين يقودهم ملكهم طالوت، وكان في جنده داود عليه السلام. وقَتل داود جالوت وآتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء. ثم كان فتح مدينة القدس على يده فعادت لأهل الإيمان.
ولما بعث الله المسيح عليه السلام رسولاً إلى بني إسرائيل، ودخل الهيكل - وهو بيت المقدس - وجد اليهود قد جعلوا من المسجد سوقاً للربا فـ«أَخَذَ يَطْرُدُ الَّذِينَ كَانُوا يَبِيعُونَ فِيهِ وَيَشْتَرُونَ، قَائِلاً لَهُمْ: قَدْ كُتِبَ: إِنَّ بَيْتِي هُوَ بَيْتٌ لِلصَّلاَةِ. أَمَّا أَنْتُمْ، فَقَدْ جَعَلْتُمُوهُ مَغَارَةَ لُصُوصٍ!»[5].
ثم أشار إلى زهدهم في بيت المقدس لأجل حطام الدنيا كما صنع آباؤهم من قبل، فقال: «لَكِنِ الْوَيْلُ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ!... تَقُولُونَ: مَنْ أَقْسَمَ بِالْهَيْكَلِ، فَقَسَمُهُ غَيْرُ مُلْزِمٍ؛ أَمَّا مَنْ أَقْسَمَ بِذَهَبِ الْهَيْكَلِ، فَقَسَمُهُ مُلْزِمٌ! أَيُّهَا الْجُهَّالُ وَالْعُمْيَانُ! أَيُّ الاِثْنَيْنِ أَعْظَمُ: الذَّهَبُ أَمِ الْهَيْكَلُ الَّذِي يَجْعَلُ الذَّهَبَ مُقَدَّساً؟».
وتفضيل الذهب على الهيكل يذكرنا بحال أبي الصهيونية ثيودور هرتزل لما استجدى البابا بيوس العاشر - كما دوَّن في مذكراته - قائلاً: «أيها الأب الأقدس، إن اليهود في أزمة فظيعة، ولا أدري إن كان قداستك يعلم قدر مأساتهم. إننا بحاجة إلى أرض لهؤلاء المنكوبين»، فلما سأله البابا: «هل يُشترط أن تكون أورشليم [القدس]؟» أجاب أبو الصهيونية: «إننا لا نريد أورشليم، وإنما فلسطين، الأرض العلمانية [The Secular Land]»[6]، أي فلسطين باستثناء البقاع المقدسة. فهو كأسلافه يؤثر الذهب على الهيكل. ومطمع الصهيونية منذئذ كان وما زال أرض فلسطين باستثناء البقاع المقدسة، وهو ما أكده هرتزل في مواطن أخر من مذكراته[7].
إن الحركة الصهيونية حركة استعمارية رومية وظفت يهود العالم لخدمتها، بينما صورها الغرب أمام الشرق على أنها طوفان يهودي عاد ليكتسح الأرض المقدسة ويستعيد تراث بني إسرائيل! ولا أدري كيف أصبح اليهود الذين تخلوا عن الأرض المقدسة بصحبة الأنبياء حريصين على استعادتها مع هرتزل أو نتنياهو؟ إلا أن يكون فهمنا للتاريخ خاطئاً.

ومن قرأ مذكرات الدُّنياني (العلماني) ثيودور هرتزل أدرك أن شخصيته تجسيد لواقع الذلة والمسكنة التي ضربها الله على يهود كما قال الله عز وجل في كتابه: {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إلَّا بِحَبْلٍ مِّنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ} [آل عمران: 122] ، فهي ملازمة لهم وإن سكنوا البروج المشيدة.
قال ابن زيد رحمه الله مفسراً هذه الآية: «واليهود لا يأمنون في أرضٍ من أرض الله إلا بهذا الحبل... فليس بلد فيه أحد من النصارى إلا وهم فوق يهود في شرق ولا غرب، هم في البلدان كلها مستذَلُّون»[8].



[1] التثنية 31: 27.
[2] مسند الإمام أحمد 14/65.
[3] رجح الإمام ابن كثير في تفسيره أن بيت المقدس هو القرية التي جاء ذكرها في قول الله عز وجل: {وَإذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْـمُحْسِنِينَ 58 فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِّنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} [البقرة: 58، 59]. وعليه يكون دخولهم على ما جاء وصفه في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام البخاري: «قِيلَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ {ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ} [البقرة: 58] فَدَخَلُوا يَزْحَفُونَ عَلَى أَسْتَاهِهِمْ فَبَدَّلُوا وَقَالُوا حِطَّةٌ حَبَّةٌ فِي شَعَرَةٍ».
[4] صموئيل الأول 7: 3.
[5] لوقا 19: 43-46.
[6] Marvin Lowenthal, trans. The Diaries of Theodor Herzl (NY: The Universal Library, 1962), p. 429.
[7] The Diaries of Theodor Herzl, p. 419.
[8]  تفسير الطبري (دار المعارف)، 7/ 112.

منقول




ابوالوليد المسلم 30-01-2020 08:30 PM

رد: القدس اسلامية رغم أنف امريكا متابعة لملف القدس وفلسطين المحتلة وكل ما يستجد من اح
 
متى يسود المسلمون؟





د. إبراهيم إبراهيم هلال




لقد جاء الإسلام على يدِ الرسول صلى الله عليه وسلم فرفع معتنقيه إلى أعلى مكانة وأسمى منزلة، وبوَّأهم قيادة العالَم وسيادته، وحقَّق لهم وعده الذي وعدهم به في كتابه الكريم: ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ﴾ [النور: 55].

فدانت لهم الجزيرة العربية في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وبدأت الأقطار والدول العظمى تدخل في دين اللَّه أفواجًا في عهد خلفائه، واستمرت تلك الدفعة التي دفعهم إياها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حتى وصلت إلى حدود الصين شرقًا، وإلى إسبانيا غربًا، حتى وجدنا تلك السَّعة تُصوَّر في خطاب هارون الرشيد حين كان في مجلس بين حاشيته، وقد مرت عليه سحابة تكاد تمطر، فحدَّث مَن في مجلسه وقال لهم: إن هذه السحابة ستجودنا، ولكنها مرت في طريقها دون أن تمطر في هذا المكان، فقال لها الرشيد: اذهبي حيث شئتِ، فإنك لا بد وأن تنزلي في أرضي، وسيأتي إليَّ خراجُك، وينتفع شعبي بثمراتك.

هذه الدنيا العريضة، وهذه الأقطار العديدة كلها كانت قوة واحدة هي أقوى قوة في العالم في هذا الزمان، وتدين لخليفة أو حاكم واحد بالطاعة والعدل، وتشعر في ذلك بالعزة والسيادة، دستورها الإسلام في تعاملها بين العربي وغير العربي، والمسلم وغير المسلم، والكل في العدل وفي وفرة الأمن سواء.

كان هذا القانون – أو هذا الدين – هو أسلوب تعاملهم في الداخل والخارج، وليس كما تفعل دول حضارة اليوم تعامل أبناءها، تبعًا لميثاق الأمم المتحدة وحقوق الإنسان، وتعامل غير أبنائها بميثاق الوحوش واللصوص والمنافقين، فهم كما قال فيهم أمير الشعراء أحمد شوقي:
حفِظوا حقوقَ الناس في أوطانِهم https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
إلا أباة الضَّيمِ والضعفاء https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


ذهبت عنهم العفة، وتجردوا من النخوة، وحُرِموا من عاطفة الإنسانية والشعور بالإخاء نحو الجميع، فصارت أعمالهم تنطق بضد ما يدَّعيه تمدُّنهم.

كانت هذه هي العزة الإسلامية طوال القرون الأولى للإسلام:
فهل كانت هناك أسباب أهَّلتهم للوصول إلى هذا المجد؟


وهل جاءت بعد تلك الأسبابِ أسبابٌ نزعت عنهم ثوب ذلك المجد؟!

نعم، كانت هناك أسباب دفعتهم إلى هذا المجد دفعًا:
أوَّلُها وأهمها: الإسلام بما اشتمل عليه من نظم وأساليب، هي أساليب الحياة الرفيعة الكريمة.

وثانيها: عدم ظهور خطر جيل المنافقين من الفرس أو أبناء حكام وأمراء الفرس، الذين دخلوا في الإسلام، ولم يدخل الإسلامُ قلوبَهم، وانتهازهم فرصة الخلاف على الحكم بين أبناء علي وغيرهم من الأمويين أولاً، والعباسيين ثانيًا، لكي يشوِّهوا في هذه الفرصة معالم العقيدة الإسلامية، عن طريق قولهم في الإمام أو الخليفة، وارتفاعهم بصفاته إلى صفات الملائكة أو الإله سبحانه وتعالى، ثم خلع تلك الصفات على الإمام من آل البيت، والدعوة له بالخلافة، وأنه هو الأحق بها بالنسبة لتلك الصفات المخترعة والخيالية في الوقت نفسه، والتي لا توجد في ذلك الخليفة الأموي أو الخليفة العباسي، وربما خلعوا هذه الصفات على بعض دعاتهم من الفرس، أو رؤساء تلك الدعوات، أو خلعها ذلك الداعي الكبير على نفسه، إشارة إلى أنها انحدرت إليه من الإمام الذي يدعو إليه من آل البيت، وهكذا كان تشيعهم لآل البيت؛ مما دعا آل البيت إلى نقمتهم عليهم، وثورتهم على تلك الصفات التي ألصقوها بهم.

لم تظهر هذه الدعوة المجوسية - أو لم يظهر أثرها - في عصور مجد الإسلام؛ لأن الخلفاء كانوا في غاية اليقظة لهؤلاء، فرأينا مظهرًا لهذه اليقظة مصرع أبي مسلم الخراساني على يد أبي جعفر المنصور العباسي، ولو أن أبا مسلم هذا هو المؤسس الحقيقي للدولة العباسية، ثم نكبة البرامكة في عهد الرشيد.

وهكذا ظل المجد الإسلامي والحضارة العلمية والإسلامية والشخصية العظيمة لدول الإسلام طول فترة يقظة الخلفاء، وقدرتهم على التمييز بين الأعداء والأصدقاء من أصحاب الأقاليم المفتوحة والبلاد التي لم يتمكن الإسلام من نفوس أصحابها، ثم أخطأ الخليفة في السياسة[1]، فاتخذ من سَعة الإسلام سبيلاً إلى ما كان يظنه خيرًا له، ظن أن الجيش العربي قد يكون عونًا لخليفة عَلوي؛ لأن العَلويين كانوا ألصق ببيت النبي عليه الصلاة والسلام فأراد أن يتخذ لنفسه جيشًا أجنبيًّا من الترك والديلم، وغيرهما من الأمم التي ظن أنه يستعبدها بسلطانه، ويصطنعها بإحسانه، فلا تساعد الخارج عليه، ولا تعين طالب مكانه من الملك، فلم تكن إلا عشيَّة أو ضحاها حتى تغلَّب رؤساء الجند على الخلفاء، واستبدوا بالسلطان دونهم، وصارت الدولة في قبضتهم، ولم يكن لهم ذلك العقل الذي راضه الإسلام، والقلب الذي هذَّبه الدين، بل جاؤوا إلى الإسلام يحملون ألوية الظلم.

كان هذا العامل الذي بدأه الخليفة المعتصم مهيأً للجو تمام التهيئة أمام استفحال ذلك العامل التشيعي المتقدم، فبدأت تلك الدولة الواسعة من الناحية السياسية تنهار، وانفصلت أجزاؤها عنها جزءًا فجزءًا، حتى اقتصرت في النهاية على بغداد وما حولها، وقامت دول متعددة نتيجة لتلك الدعوة التشيعية الغالية، التي من أبرزها دولة القرامطة والدولة الفاطمية، وكلها كانت دويلات لا دولاً؛ إذ في عهدهم بدأ الغزو الأوروبي الاستعماري ينزل في بلاد الشرق الأوسط في بيت المقدس وما حولها، باسم الصليب وادعاء تأمين بيت المقدس أو الطريق إليه، وظل حوالي مائتي عام، ثم جاء الغزو التتري، ولولا الروح الإسلامية التي صحت صحوتها في مصر، ولولا بقية من نخوة عربية، ودفعة قوية من علماء أجلاء من أمثال ابن تيمية والعز بن عبدالسلام، لكان للدنيا وجه غير وجهها الآن.

هذان العاملان - عامل الاستبداد السياسي الأجنبي، وعامل التشيع الغالي - كانت نتيجتهما تحطُّم الدولة الإسلامية، ذلك التحطم الذي نحاول التخلص منه الآن، كذلك من نتيجتهما اتجاه الاستعمار الأوروبي إليها منذ الحروب الصليبية، حتى تلك الحرب الإسرائيلية التي نخوضها، فكان الاستبداد السياسي الأجنبي عاملاً في القضاء على شخصية الحاكم، وكانت الدعوة التشيعية أو الباطنية عاملاً في القضاء على العقلية الإسلامية والفهم السلفي للإسلام وتعاليمه الذي كان للصحابة رضي اللَّه عنهم ومَن بعدهم من الجيل الأول والجيل الثاني، جعل المسلمين يفهمون دينَهم على غير ما أنزله الله، واستبدَّت به الروح التصوفية التواكلية التي تدَعُ كلَّ شيء للقضاء والقدر، وتفصل الدين عن الدنيا، وتُصوِّر الدين في صورة طقوس فارسية، أو يونانية، أو هندية، أو مسيحية مبدَّلة، أو يهودية مبتدعة، فأصبح المسلمون على غير الإسلام وأصبح الإسلام حجة عليهم، وليسوا هم حجة عليه، فذابت منهم الروح الإنسانية، ومسخت فطرتهم وأصبحوا غثاءً كغثاء السيل، لا روح فيهم ولا حياة، إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل.

والآن وقد زال هذان العاملان بكليَّتِهما، فليس هناك من مستبدٍّ يحكم بالجهل ويتعصب للضلال ويتخذ الفوضى دستورًا، كما كان يفعل أولئك الحكام من الأتراك والديلم، وليس هناك من متشيِّع، ولا متشيَّع له من أجل الحكم والسياسة، ولا اتخاذ النسب الشريف سببًا للحكم، وإنما المسلمون قد أصبحوا وأمرهم شورى بينهم، ضاعت منهم العصبيات الإقليمية، وتاهت رواسب الأديان القديمة في تيه الانتقال من عصر الحروب الصليبية، إلى فترة التأهب لتمزيق الإسرائيليين شر ممزَّق، ومن والاهم من الاستعمار في كل مكان، وانجابت عنهم الغفلة، وقد وضح النهار أمام أعينهم، فإذا هم يرون دينهم أمامهم، كما كان الصحابة رضوان اللَّه عليهم يرونه، وينظرون إلى بعضهم البعض نظرة الصحابة بعضهم إلى بعض، أشداء على الكفار رحماء بينهم، وما عليهم بعد ذلك إلا الثبات على هذا ومواصلة العمل والجد والاجتهاد والتماس الرزق في خبايا الأرض، وبين طيات الماء وذرات الهواء، وهكذا فرغم محاولات الاستعمار الفاشلة، فنحن اليوم بنبت جديد وعصرنا عصر البعث الإسلامي القوي المجيد: ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ﴾ [النور: 55].

المصدر: مجلة التوحيد، عدد رجب 1393هـ، صفحة 33.



[1] خليفة عباسي - وهو المعتصم - أراد أن يصنع لنفسه ولخلفه، وبئس ما صنع بأمته ودينه.



ابوالوليد المسلم 31-01-2020 03:03 PM

رد: القدس اسلامية رغم أنف امريكا متابعة لملف القدس وفلسطين المحتلة وكل ما يستجد من اح
 
صلاحُ الدين الأيوبي.. بطلٌ في صغره


خليل محمود الصمادي


نشأ يوسف في تكريت بين أحضان والديه جادًّا مثابِرًا، لا يعرفُ إلا الاجتهادَ والعملَ الصالحَ، فقد رضع العلم وحبَّ الجهادِ منذُ صغرِه، كانَ أبوهُ نَجْمُ الدينِ أيوبُ أحدَ الأبطالِ المجاهدين المرابطين على ثغورِ الإسلام، فقدْ جعله القائدُ نورُ الدينِ الشَّهيدُ نائبًا على تكريت، كمَا جعل عمَّه (شيركوه) قائدًا للجيوشِ هُناكَ.

أحَبَّ أيوبُ أن يكونَ ولَدُهُ يوسفُ على درجةٍ من العلمِ الشَّرعيِّ؛ فَاْهتمَّ به وأرْسَلهُ إلى دورِ العلم لينهل منها الزلالَ العذبَ، فحفِظَ القرآنَ الكريمَ منذُ نعومةِ أظْفارهِ، كَمَا حفِظَ الكثيرَ منْ أحاديثِ الرسولِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- ثمَّ انْطلقَ إلى نوادي الرمايةِ والفروسيةِ ليتعلمَ فنونَ القتالِ معَ أقرانهِ.


ولَمَّا اقتربَ عمرُهُ من الحاديةَ عشرةَ أحبَّ أيوبُ أن يرسلَهُ إلى حَلَبَ في بلادِ الشامِ؛ حتَّى يُكْمِلَ تعليمَهُ، فتكريتُ مدينةٌ صغيرةٌ لا تضاهِي حلبَ في مساجدها وعلمائِها، ودورِ العلمِ فيها.


ألْحقَهُ والدُه بقافلةٍ متجهةٍٍ هناكَ فيها عددٌ منَ التُّجارِ والمسافرينَ، وأرسلَ معَهُ خادمًا ليكونَ لهُ عَونًا في الطَّريق وَفِي حَلَبَ الشهباء أيضًا.


لم يكنِ الطَّريقُ آمنًا، فالعِصاباتُ الصَّليبيةُ تسْرحُ وَتمْرحُ في بَعضِ المناطقِ الَّتي استولتْ عليها؛ فهيَ تُرهبُ المسافرينَ وَتستولي على متاعهمْ، وفِي أحسنِ الأحوالِ يفرضُونَ عليهم ضَرائبَ ليمروا بأمانٍ!!


كانَ صلاحُ الدينِ مولعًا بتربيةِ الحمامِ، يشتري الأنواعَ المختلفة منه، ويقدم لها الحَبَّ والماءَ، ويستمتعُ برؤيتها وهيَ تطير منْ مكانٍ إلى مكان.


لمْ ينسَ صلاحُ الدينِ أنْ يأخذَ مَعَهُ عددًا منْ طيورِ الحمامِ الزاجلِ حتَّى يأْنسَ بها في أوقاتِ فراغهِ، وحتَّى يُراسِلَ أباه وأمَّه كلما اشتاق إليهما.


وَضَعَ الحماماتِ في قفصٍ خشبيٍّ، ووضَعَ لها الحبَّ والماءَ، وتركَها في آخرِ عربةٍ من القافلةِ.


سَارتِ القافلةُ عدةَ أميالٍ، وَمَا قَطعتْ تكريتَ وَأَصبحتْ بينَ الجبالِ والتِّلالِ حتَّى شَعَرَ يوسفُ أنَّ القافلةَ بدأتْ تسيرُ ببطْءٍ شديدٍ، وأنَّ الحاديَ الذي كانَ يبعثُ الهِمَّةَ في النفوسِ ويسلي المسافرينَ بصوتِهِ النَّديِّ قدْ كفَّ عنَ الشَّدوِ والغناءِ.


دهشَ الغلامُ الصَّغيرُ لمَّا رأى الصَّمتَ يزدادُ، والرجالَ يتهامَسونَ بينَهم.


اقْتربَ منْ خادمهِ وسألَهُ: ما الأمرُ؟


هَمَسَ الخادمُ: إنَّنَا في خطرٍ؛ الصليبيونَ خلفَ التِّلالِ، علَيْنا أنْ نَجْتازَ هذهِ المِنْطَقةَ بحذرٍ شديدٍ.


انقاد يوسفُ لأَوامرِ خادمهِ، وسَارَ معَ القافلةِ بخطًى وئيدة، وصارَ يدعُو اللهَ أنْ يمرُّوا بسلامٍ.


الموقفُ رهيبٌ، الرِّجالُ يَضَعونَ الكَمَّاماتِ على أفواهِ الجِمالِ، والألْجِمةَ على أفواهِ البغالِ والخيولِ، وعيونُ المسافرينَ ترقبُ التلالَ المحيطةَ بهم وهُمْ يحطونَ أقدامَهُم على الأرضِ بهدوءٍ وتؤدةٍ، حتَّى الهمسُ انقطعَ فجأةً منَ المكانِ...


في لحظةٍ لم تكنْ بِالحسبانِ وعَلى مقربةٍ من أحدِ التِّلالِ بَرَزَ نفرٌ مِنَ الفرسانِ الصَّليبينَ، شَاهرينَ سِلاحَهم، وَأََخَذُوا يصرخون: قِفوا قِفُوا، وإلا رَمَيْنَاكم بِالسهامِ والنبالِ.


تَوقَفتِ القَافلةُ وَبَدأتِ المعاناةُ...


أحاطَ الصليبيونَ بالقافلةِ من الجِهاتِ كلِّها، وأخذوا يُحذِّرونَ المسافرينَ منْ المقاومةِ، ثمَّ طلبوا منْهم أنْ يترَجَّلوا على الأرضِ.


نزلَ الجميعُ الأرضَ وفيهم يوسفُ، وفَجْأةً اقْتربَ مِنْهُ الخَادمُ قَائلا: إيَّاك أنْ تُفصحَ عنْ نَفْسكَ، إياكَ أنْ يعلمُوا مَنْ أبُوكَ أوْ عمُّكَ، فلوْ عَرَفُوكَ لأَخَذوكَ أسِيرًا، وَلَطلبُوا فديةً عَظِيمةً في المقابلَ، هذا إن لم يقتلوك!!


استمع يُوسفُ إلى نصائح خادمه، وَوعدَهُ ألا يَبُوحَ بالسِّرِّ، وَلكنَّه سَأَلَهُ: في أيّ مَكَانٍ نَحْنُ الآنَ؟ وكمْ نبعدُ عن تكريتَ؟


أَجَابَهُ الخَادمُ: عِنْدَ تِلالِ الصفوانِ، نبعدُ عَنْ تكريتَ نَحْوَ خَمْسة فراسِخَ.


أَجابَهُ يوسفُ: حسنٌ، حَسنٌ، يَا أخِي.


تَركَ الغلامُ الصغيرُ خادمَهُ واقفًا يرقبُ الصليبيينَ، وانْزَوى خَلْفَ القَافلةِ، فظنَّ الخادمُ أنَّه التحقَ بعربةِ النسَّاء والأطفالِ فانفرجتْ أساريرُ وجهِهِ، ثم مَا لبِثَ أنْ عادَ إلى المُقدمةِ، رَآَهُ الخادمُ فَطَلَبَ مِنْهُ أنْ يعودَ ثانيةً إلى المؤخرةِ حيْثُ النِّساء والصِّغار!!


لم ينفذ يوسفُ كلامَ خَادِمِهِ، وَأَصَرَّ على البَقَاءِ بَيْنَ الَّرجَالِ.


أَخَذَ الصَّغِيرُ ينظرُ إلى اللصُوصِ فَرَأَى وُجُوهَهم الحمر وشعورَهم الصفر كَأنَّهمُ الشَّياطينُ؛ فازْدَراهمْ وَتمنَّى لوْ كَانَ معهُ سيفٌ لينازلهم جَميعًا.


وَقَفَ زَعيمُ العصابة أَمَامَ القَافلَة يَصْرخُ بلغةٍ عَرَبيَّةٍ مُكَسَّرةٍ: أَنْتُمْ فِي أَرْضٍ صليبيةٍ؛ عليكمْ أنْ تَدْفعوا الجزيةَ مقابلَ السَّماحِ لكمْ بالمُرورِ، مِقدارُ الجزيةِ التي ستَدفَعُونَها: عَشرةُ دنانيرَ عنْ كلِّ رجلٍ، وَخَمْسةٌ عنْ كلِّ امْرأةٍ، وَدِيْنارانِ عنْ كلِّ طفلٍ، وَعَليْكمْ كَذَلكَ أنْ تَتْركوا نِصْفَ أحمالِكمْ، وَمَنْ يقاوم منكم نُصادر أحْمَالَهُ كلَّهَا ونقتلهُ، هيَّا أسْرِعُوا، أَمَا سَمِعْتُمُ الكَلامَ؟!


نَظَرَ الخادمُ إلى يوسفَ فرآهُ غاضِبًا، يكادُ الشَّررُ يتطايَرُ من عينيهِ، فخافَ عليهِ، واقْتَربَ منْهٌ وَأَمْسَكَ بِيَدِهِ، وَرَجَاهُ ألا يَنْفعلَ، وَأَوْصاهُ ثانيةً ألا يفْصِحَ عنِ اسْمِهِ.


تَرَجَّلَ فَارِسانِ منَ الصَّليْبِيْيِّنَ وغرسا رُمْحَينِ فِي الأرضِ، ثمَّ أحْضرا رمحًا ثالثًا وَرَبَطَاهُ بَيْنهمَا، ولمْ يشدَّا وثاقَهُ وَجَعَلاهُ يَتَحرَّكُ كمَا يحْلُو لهمَا، ولمَّا انْتهيا مِنْ مُهمَّتهِما صاحَ قائِدُهُم:


يَنْبَغِي لكُلِّ فردٍ منْكم أنْ يَمُرَّ أَولا مِنْ هذهِ البوابةِ، ثُمَّ يَدفعَ الجزيةَ للفارسِ الموجودِ هناكَ، وَلْيقفْ كلُّ واحدٍ في مكانِهِ بعدَ أنْ يصلَ هناكَ!!


ضحكاتُ الصليبيينَ تَتَعالى فِي المَكانِ وَهُمْ يَسْخرونَ من المارينَ، فالرجلانِ اللذانِ نصَبَا الرماحَ وَقَفَ كلُّ واحدٍ مِنْهُمَا يُمْسِكُ بطرفِ الرُّمحِ الثَّالثِ يتعمدانِ رفْعه وَخَفْضه حتَّى يَمُرَّ المرءُ رَاكعًا، وَإنْ لمْ يعجبا مِنَ الرَّجلِ خَفَضَا الرُّمحَ حتَّى يمرَّ سَاجدًا!!


وَقَفَ يُوسفُ يَتَأمَّلُ الرجالَ وَهمْ يمرُّونَ مِنَ البوَّابةِ فَلَمْ يَتََمالكْ أعصَابَهُ فَصَرَخَ بِأعلَى صَوْتِهِ: كَفَى أيُّها المجْرمونَ! أَلا توقرون كبيرًا؟ ألا تحترمون عاجزًا؟ ألا تشفقونَ على طفلٍ صغيْرٍ؟!!


سمعَ الصلبيونَ كلامَهُ فتوعدوهُ صائحينَ: وَأَنْتَ ستمرُّ كَمَا يمرُّ الباقونَ وَسَنرى شَجاعَتَكَ بَعْدَ قليلٍ.


صاحَ القائدُ: هيَّا يا غلامُ، يا بطلَ الأبطالِ، أَرِنا شَجَاعتكَ؛ ستمرُّ منْ هنَا، لا راكعًا ولا ساجدًا ولكنْ حبوًا.


وَفِي سُرعةِ البرقِ أمرَ القائدُ الرَّجلينِ أنْ يخفضَا الرُّمحَ إلى أَدْنَى مستوًى، وَصَرخَ في وَجْهِهِ: هيَّا تقدمْ.... ألمْ تسمعْ كَلامِي؟


رَمَقَهُ يوسفُ بِطَرَفِ عينهِ ولمْ يَتَحرَّك منْ مَكَانِهِ.


كرَّرَ القائدُ كلامَهُ: أيُّها الأبْلهُ أمَا تسمعُ؟.. هيَّا نفذِ الأوامرَ، وإلا جَعلتكَ عبْرةً لغيركِ.


صاح َيوسفُ: لنْ أنْحنِيَ إلا للهِ عزَّ وجلَّ.


كادَ قلْبُ الخادمِ يسْقطُ أرضًا، اقتربَ منْهُ راجيًا أنْ ينفذَ الأوامرَ، لكنَّ الغلامَ الشجاعَ قالَ لهُ: لنْ أمرَّ حتَّى لوْ قَتَلتمُونِي.


امْتطى قائدُ العصَابةِ جَوادَهُ وَهوَ فِي حَيْرةٍ منْ أَمْرِ هذا الغلامِ العنيدِ، وانْطلقَ يدورُ حولَهُ وَهُوَ يقولُ: مَنْ أنْتَ أيُّها الغلامُ حتَّى تعصِيَ أوَامرِي؟ لقدْ أخَّرتنَا كثيرًا.


صاحَ كثيرٌ مِن الرجالِ: نفذِ الأمرَ يا غلامُ، ودَعْنا نمشِي في سبِيلِنا، ولا تعاندْ كثيرًا.


أخذَ يلفُّ ويدورُ حولَه علَّه يُرهبُهُ وانْطلقَ نحوَهُ كالريحِ، اقتربَ أكثرَ وأكثرَ، لكنَّ البطل الصنديد ظلَّ راسخًا كالطود الشامخ.


شدَّ لجام فرسه، وترجلَ، واندفعَ نحوَهُ والشَّررُ يتطايرُ منْ عينَيْهِ وَهُوَ يرعد:


مَنْ تظنُ نفسكَ أيها العنيد، سأقتلك في الحالِ إن لم تنفذِ الأوامرَ!


رفعَ سيْفَه إلى أعْلى.. ولكنَّ الصبيَّ لمْ يهتزَّ، وظلَّ يحدِّق في رئيسِ العصَابةِ وكأنَّ شيئًا لا يعنيه.


غرسَ سيفهُ فِي الأَرْضِ وَصَاحَ بأَعْلى صَوْتِهِ: لمْ أرَ في حَياتي غُلامًا عَنيدًا مثلكَ!! آهٍ لوْ كنتَ كَبيرًا لقَتلتكَ، ولكنَّ الذي يَشْفَعُ لَكَ هُوَ صغرُ سِنِّكَ.


وَتَابَعَ حديثَهُ: سَأُسامحكَ في المبلغِ، ولكنْ عليكَ أن تمرَّ منْ بينِ الرِّماحِ مرتينِ.


- لنْ أمرَّ


- مَاذا تَقولُ؟


- الَّذي سَمِعْتَهُ الآنَ!!


تحير القائدُ من أمرِ هذا الغلامِ العنيدِ وأحبَّ أن ينهِيَ الموقفَ بحفظِ ماءِ وَجْهِهِ، فقالَ لَهُ:

- إذنْ علَيْكَ أنْ تَدْفَعَ خَمْسةَ دنانيرَ بدلَ الدِّينارينِ!!

- لنْ أدفعَ لكَ شيئا!!


- مَاذا تَقُولُ يَا غلامُ؟


- مَاذا سَمِعْتَ يَا علجُ؟


عِنْدهَا هُرِعَ الخَادمُ عنْدَ القائدِ وَهُوَ يَحْمِلُ الدنانيرَ الذَّهبيةََ الخَمْسةََ، فصَاحَ بِهِ يوسفُ: ارْجعْ مَكَانَكَ وَلا تُعْطِهِ شيئًا!!


أخذَ بعْضُ رجالِ القافلةِ يتَملْملونَ منَ الانْتظارِ، والخَوْفُ يعْلو وجُوهَهَم، وصَاروا يَرْجونَ يُوسفَ أنْ يحلَّ المشكلةَ ويتركَ الخادمَ يعطه النقودَ وَتنْتهي المشكلةََ التي طالتْ.


تَقَدَّمَ الخَادمُ مِنْ يُوسفَ ليسألهُ عَنْ سرِّ هذا العِنَادِ، فَقَالَ لَهُ: انْتظرْ قَليْلا وسَتَرى مَا يُعْجِبُكَ!!


وَمَا كادَ يُوسفُ يُنْهِي كَلامَه حتَّى كَانَ جُنُودُ (أيوبَ) وَ(شِيركُوه) قدْ أَحَاطُوا بِالجنودِ الصَّليبيينَ مِنْ كلِّ جَانبٍ، عِنْدَها صَاحَ النَّاسُ: الله أكبر، الله أكبر.


أمْسَكَ الجُنودُ بالصَّليبيينَ العَشرةِ وَأَحَضَرَ شيركوه حَبْلا غَليْظًا شَدَّهمْ بِهِ، وَأَخذوا منهمْ مَا سَلَبوهُ مِنْ المُسافرينَ وَرَدوهُ إِليهمْ.


صَاحَ أيوبُ: الحَمْدُ للهِ عَلى سَلامةِ الجَميع ِ، أَيْنَ أنْتَ يَا يوسفُ؟


صَاحَ الغُلامُ: أَنَا هُنَا يَا أبِي!!


واقتربَ يوسفُ منْ أبيهِ وَعَمِّهِ وَسلَّم عَليهمَا وَشَكَرَهُمَا عَلى مَا فعلا.


قالَ أبوهُ: الشُّكْرُ للهِ أولا ثُمَّ للحَمامةِ التِي أَوْصَلَتِ الرِّسَالَةَ.


ذُهِلَ الجَميعُ مِمَّا حَصَلَ، فَالمفاجأةُ نزلتْ كالصاعقةِ على أفْرادِ العصابةِ الأشرارِ، الذينَ سِيقُوا كالخِرفان أَمَامَ جنودِ المسلمينَ إلى قَلْعَةِ تكريت.


هذهِ سيرةُ البطل الصغير يوسف بن أيوب الذيْ عُرِفَ فيما بعدُ بالبطلِ صلاحِ الدينِ الأيوبي.





ابوالوليد المسلم 12-02-2020 01:49 PM

رد: القدس اسلامية رغم أنف امريكا متابعة لملف القدس وفلسطين المحتلة وكل ما يستجد من اح
 
القُدْسُ إِسْلامِيَّة.. وستظل إِسْلامِيَّة


د. ياسر حسين محمود


قال الله -تعالى- عن إبراهيم -عليه السلام-: {وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ} (الأنبياء: 71)، قال ابن كثير -رحمه الله-: «يقول الله -تعالى- مُخبِرًا عن إبراهيم: أنه سَلَّمَه اللهُ مِن نار قومه، وأخرَجَه مِن بيْن أظْهُرِهِم مُهاجِرًا إلى بلاد الشام، إلى الأرض المُقَدَّسَة منها، وعن أُبَيِّ بن كَعب قال: الشام، وكذا قال أبو العلياء وقتادة».
فبداية تَعمِيرِ بيت المقدس، كان هجرة إبراهيم -عليه السلام- إليها، قال الله -تعالى-: {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ}(آل عمران: 67-68).
ميراثُ مِلَّةٍ ودِينٍ وعَقيدةٍ
فميراثُ إبراهيم ميراثُ مِلَّةٍ ودِينٍ وعَقيدةٍ، لا يستحقه إلا مَن كان على دينه مِن التوحيد والإيمان بالرسل، وكذلك ميراثُ يعقوب وهو إسرائيل -عليه السلام- قال -تعالى-: {وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ} (البقرة:130-131)، أي: ووَصَّى بكلمة الإسلام إبراهيمُ أبناءَه، وَوَصَّى يعقوبُ أبناءَه أيضًا مثلما وصى بها إبراهيمُ -عليه السلام-: {يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} (البقرة: 132-133)؛ فبنو إسرائيل كانوا مِن المُسْلِمين؛ فمَن كان منهم -مِن ذُرِّيَتِهِم- مُسْلِمًا مُوَحِّدًا مُتَّبِعًا للأنبياء، كان لهم مِن ميراثهم في الأرض المُقَدَّسَة، ومَن كان كافِرًا مُكَذِّبًا للأنبياء، لم يكن له نصيب فيها.
ثاني المساجد
وقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم لأبي ذر لَمَّا سَأَلَه: أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الْأَرْضِ أَوَّلُ؟ قَالَ: «الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ»، قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: «الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى»، قُلْتُ: كَمْ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: «أَرْبَعُونَ سَنَةً» (رواه مسلم)، وهذا يَدُلُّ على أن أَوَّلَ مَن بنى (المسجد الأقصى) إما إبراهيم، وإما إسحاق، وإما يعقوب -عليهم السلام-، أَوْ هُم جميعًا؛ لأن هذه المُدَّةَ بعد بناء الكعبة في (مَكَّةَ المُكَرَّمَة) لا تتجاوز ذلك في الغالب.
بِنَاءُ سُلَيمان -عليه السلام
وأما بِنَاءُ سُلَيمان -عليه السلام- للمسجد الأقصى فكان بعد تحرير (بيت المقدس) مِن أعداء بني إسرائيل الذين أخرجوهم منه، كما دَلَّت عليه آيات سورة البقرة في قصة داود -عليه السلام-: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا} (البقرة:246) إلى قوله -تعالى-: {فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ} (البقرة: 251).
أَوَّلَ هَدْمٍ للمسجد
والذي يَنْقُلُه أهلُ الكِتاب أن أَوَّلَ هَدْمٍ للمسجد الأقصى كان على يد (بُختُنَصَّر)؛ فَدَمَّرَ المدينة المُقَدَّسَة كُلَّها، وهو الذي يعرف بـ (سَبْيِ بَابِل)، والقرآن والسُّنَّةُ يَدُلّان على أن مُلك يوسف -عليه السلام- لمصر والجدب الذي حدث في صحراء الشام في تلك الأيام، كان سبب هجرة يعقوب وذُرِّيَّتِه إلى مصر، قال -تعالى- عن يوسف: {وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ} (يوسف: 93) إلى قوله -تعالى-: {فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} (يوسف:99).
محنة بني إسرائيل
وظل بنو إسرائيل في مصر إلى أن وَقَعَت لهم المِحْنة على يَدِ فرعون، ونَجَّاهُم اللهُ منه مع موسى وهارون -عليهما السلام-، وأَهْلَكَ فرعون وجُنْدَه، وبنو إسرائيل إذ ذاك مسلمون مؤمنون، قال -تعالى-: {وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ فَقَالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا} (يونس:84-85).
هَلاك فرعون
وبعد هَلاكِ فرعون اتجه موسى ببني إسرائيل إلى الأرض المُقَدَّسة، وأَمَرَهُم بالقِتَالِ لِدُخولِها، ووعَدَهم أنها لهم: {يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ قَالُوا يَامُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} (المائدة:21-24)؛ فعند ذلك كَتَبَ اللهُ عليهم التِّيْهَ، عُقوبَةً لهم على مُخالَفَة نَبيِّهِم صلى الله عليه وسلم ، وتَرْكِهِم الجِهادَ الذي أُمِرُو به.
فترة التِّيْهِ
ومات هارون ثم موسى -عليهما السلام- في فترة التِّيْهِ، ولم يدخل الأرض المقدسة، بل لما أتاه الموتُ سَأل اللهَ أن يُدنِيه مِن الأرض المقدسة رميةً بحَجَرٍ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : «فَلَوْ كُنْتُ ثَمَّ لَأَرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ إِلَى جَانِبِ الطَّرِيقِ، تَحْتَ الْكَثِيبِ الْأَحْمَرِ» (متفق عليه)، ثم كان يُوشَع بن نون -فَتَى مُوسَى- هو الذي نبَّأَهُ اللهُ بعد مُوسَى، وقاد بني إسرائيل إلى (بيت المقدس)، وهو النبيُّ الذي حُبِسَت له الشمسُ عَصْر الجُمعة لكي يُقاتِل قَبل دُخولِ لَيلةِ السَّبْتِ؛ فَقَاتَل حتى فَتَحَ اللهُ عَلَيهِ (بيت المقدس).
سَكَنَها المُسْلِمون المُوَحِّدُون
وسَكَنَها المُؤْمِنون المُسْلِمون المُوَحِّدُون من بني إسرائيل مُدَّةً من الزمن، إلى أن وَقَعَ ما أَخْبَرَ اللهُ عنهم من الفَسادِ والعُلُوِّ: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا} (الإسراء:4-6)، وكان الفسادُ الذي وَقَعَ منهم فَسادُ الاعتقادِ والعَمل، من الشِّرْك والكُفْرِ، مِن تكذيب الأنبياء وقَتْلِهِم بغير حَقٍّ، وأنواع الفساد والطغيان والبَغْي، وظَاهِرُ القرآنِ أن هذا بعد نزول (التَّوْرَاة)؛ لأنه قال: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ) وهو التوراة.
الفساد الأول
فكانت المَرَّة الأُولى مِن الفسادين هي التي جاء وعد العقوبة عليها على يَدَي (بُختُنَصَّر) -على المَشهورِ عندهم-، قال سعيد بن المُسَيِّب -رحمه الله-: «ظَهَرَ بُختُنَصَّر على الشام؛ فَخَرَّبَ بيت المقدس»، قال ابن كثير -رحمه الله-: «وهذا هو المشهور، وأنه قَتَل أَشرافَهم وعُلَماءَهُم، حتى إنه لم يبق من يَحْفَظُ (التَّوْرَاة)، وأَخَذ مَعَه منهم خَلْقًا كَثيرًا أَسْرَى، من أبناء الأنبياء وغيرهم». (انتهى)، وظَاهِرُ القرآن يَدُلُّ على أنه دَمَّرَ المسجد تدميرًا، لقوله -تعالى-: {وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا} أي: يُدَمِّروا ما عَلَوا عليه -أي: ظَهَرُوا عليه- مِن البلد تدميرًا؛ فدَلَّ على أن المَرَّةَ الأولى كان فيها تدمير شامل، وقد كان (بُختُنَصَّر) مُشْرِكًا كافرًا، لكن سَلَّطَهُ اللهُ على بني إسرائيل؛ لإساءَتِهم وكِبْرِهم وإفسادِهِم؛ لِنَعْلَم سُنَّةَ اللهِ في خَلْقِه، أنه قد يُسَلِّطُ الكُفَّارَ على المسلمين إذا ظَهَرت فيهم البِدَع والشرك والظلم والفساد.
قَتَلُ دَاوُد لجَالُوت
ثم إن الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- وَفَّقَ بني إسرائيل بعد مُدَّةٍ -بِدَعْوَةٍ مِن نَبِيٍّ لَهُم- للطاعة والإيمان والرَّغْبَة في الجهاد، ورَدَّ اللهُ لهم الكَرَّةَ عَلَيهم، وأمَدَّهم بأموالٍ وبَنِين، وجَعَلَهُم أَكْثَرَ نَفيرًا -أي: عَسْكَرًا- مما كانوا عليه من قبل؛ فنَصَرَهم الله مع (طَالُوت) -مَلِكهم الذي بعثه الله لهم على لسان نَبِيِّهِم-؛ فدخلوا (بيت المقدس)، وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ، وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ بعد طَالُوت، وجَعَلَهُ نَبِيَّاً مَلِكًا، وآتاه (الزَّبُور)، وكان مُجاهِدًا في سبيل الله، صَائِمًا قَائِمًا عَابِدًا، تَالِيًا لكتاب الله.
بناء سليمان -عليه السلام
ووَرِثَه سُليمان -عليه السلام-، وهو الذي بنى (بيت المقدس)، وفي الحديث الصحيح قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لَمَّا فَرَغَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ مِنْ بِنَاءِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، سَأَلَ اللَّهَ ثَلَاثًا: حُكْمًا يُصَادِفُ حُكْمَهُ، وَمُلْكًا لَا يَنْبَغِي لَأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ، وَأَلَّا يَأْتِيَ هَذَا الْمَسْجِدَ أَحَدٌ لَا يُرِيدُ إِلَّا الصَّلَاةَ فِيهِ، إِلَّا خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ»؛ فَقَالَ النَّبِيُ صلى الله عليه وسلم : «أَمَّا اثْنَتَانِ فَقَدْ أُعْطِيَهُمَا، وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ قَدْ أُعْطِيَ الثَّالِثَةَ» (رواه أحمد، والنسائي، وابن ماجه، وصححه الألباني).
التوحيد والإيمان

فالمسجد الأقصى بُنِيَ على التوحيد والإيمان والإسلام واتِّبَاعِ الأنبياء، ولم يُبْنَ على الكفر والتكذيب قَطّ؛ فإذا ضَيَّعَتْهُ الأُمَّةُ المُسْلِمة بتفريطها وإساءَتِها نَزَعَهُ اللهُ -عزَّ وَجَلَّ- منهم، وفي أخبار أهل الكتاب أن الرومان هم الذين هدموا (المسجد الأقصى) المرة الثانية، بعد أن سَلَّطَهُم اللهُ عليهم -بإفسادِهِم وكِبْرِهِم- ودَمَّرُوا البَلَدَ تَدمِيرًا، قال -تعالى-: {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ} أي المرة الآخرة مِن الفسادين جاء وقت العقوبة عليها {لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا} (الإسراء:7)، وبُعِثَ يحي وعيسى -عليهما السلام- والمسجدُ مهدوم، وظَلَّ مَهدُومًا إلى عهد النبي صلى الله عليه وسلم .



ابوالوليد المسلم 17-02-2020 11:59 AM

رد: القدس اسلامية رغم أنف امريكا متابعة لملف القدس وفلسطين المحتلة وكل ما يستجد من اح
 
مستقبل بيت المقدس في السنة النبوية


أسامة شحادة



تتوالى التحليلات والسيناريوهات اليوم لمستقبل بيت المقدس وفلسطين، وفي ظل الكثير من المقالات والمقابلات الرافضة والمنددة بالاعتداءات اليهودية المتكررة على المسجد الأقصى وعموم فلسطين والفلسطينيين، في ظل كل هذا الحديث يتراوح بين العواطف الغاضبة، أو المحاولات للبحث عن مخرج وحلول ممكنة، أو الدعوات لطرح خطوات وحلول، القليل منها يمكن تحقيقه، أو دعوات الاستسلام والقبول بالهزيمة، يكون من المهم استحضار الخطاب الديني الشرعي في قضية فلسطين عموما، وبيت المقدس خصوصا؛ وذلك أن هذه القضية جوهرها الدين والشرع مهما حاولوا إلباسها ثوب السياسة والاقتصاد، أو العلمنة والحداثة أو القومية والتاريخ.

بل إن جوهر الحياة البشرية، هو قضية دينية شرعية لها صور سياسية واقتصادية {وما خلقتُ الجن والإنس إلا ليعبدون} (الذاريات: ٥٦)، وقال -تعالى- أيضا: {ليبلوكم أيّكم أحسن عملا}(الملك: ٢)؛ فالسياسات والاقتصاد والتحالفات والحروب، كلها داخلة في امتحان العبادة وابتلائها، هل تكون بما يرضي الله -عزوجل- ومما يعدّ حسنا عند الله -عزوجل؟

تاريخ ممتد

ولذلك فإن تاريخ فلسطين وبيت المقدس تاريخ ممتد في الماضي والحاضر والمستقبل، وسيشهد الكثير الكثير من الأحداث الضخمة ذات الدلالات المتنوعة التي ترتبط ارتباطا وثيق الصلة بالدين والشرع.

خمسة أحاديث نبوية

وفيما يلي خمسة أحاديث نبوية صحيحة تتعلق بمستقبل بيت المقدس، أخذتها من كتاب: (الأربعون الفلسطينية) للأستاذ جهاد العايش؛ وذلك حتى نوازن بين طوفان التحليلات القاتمة بسبب حالة العجز والضعف والتفرق والتشتت، وضوء الأمل وحبل اليقين بالنصر والتمكين إذا جمعنا الإيمان الصادق والأسباب الصحيحة للقوة من العِلم والعمل والتخطيط والتعاون والوحدة.

هجرة المسلمين

استمرار هجرة المسلمين لفلسطين وبيت المقدس؛ فعن عبد الله بن عمرو، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ستكون هجرة بعد هجرة؛ فخيار أهل الأرض ألزمهم مهاجر إبراهيم، ويبقى في الأرض شرار أهلها تلفظهم أرضوهم» (رواه أبو داود وصححه الألباني)، وفي هذا الحديث إشارة واضحة إلى ارتباط أرض فلسطين بأبي الأنبياء، وارتباط المؤمنين بها، واتخاذها دار هجرة لهم إلى نهاية العالم.

زوال الاحتلال

وفي الحديث إشارة لزوال الاحتلال اليهودي كما زال من قبله الاحتلال الصليبي، والحديث يؤكد حقيقة تاريخية وواقعية، وهي أن فلسطين وبيت المقدس، مقصد لكثير من الهجرات؛ فقد استوطن فلسطينَ عددٌ من الصحابة والتابعين عند الفتح العمري لها، واستوطنها أقوام شتى في عهد الفتح الصلاحي لها، كما أن كثيرًا من الحجاج والمعتمرين أقاموا وجاوروا فيها ولم يعودوا لأوطانهم رغبةً في بركتها وفضلها.

عمران كبير

بيت المقدس سيشهد عمرانا كبيرا في المستقبل؛ فعن معاذ بن جبل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «عمران بيت المقدس خراب يثرب، وخراب يثرب خروج الملحمة، وخروج الملحمة فتح القسطنطينية، وفتح القسطنطينية خروج الدجال» (رواه أبو داود، وأحمد، وصححه الألباني)، والحديث ينص على مستقبل عمراني كبير لبيت المقدس في ظل الإسلام، كما أن المدينة المنورة اليوم تشهد نهضة عمرانية ضخمة، وفي هذا بشارة أن حال التضييق اليهودي على أهل بيت المقدس لن تستمر من منع صيانة المسجد الأقصى وتوسعته، أو بيوت وأسواق المقدسيين، وعسى أن يكون هذا قريبا عاجلا بإذنه -تعالى.

مقر للخلافة الإسلامية

هذا العمران لبيت المقدس، وكونه مقصد الهجرات للمؤمنين، سيجعله مقرا للخلافة الإسلامية؛ فعن عبدالله بن حوالة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: «يا ابن حوالة، إذا رأيت الخلافة قد نزلت الأرض المقدسة، فقد دنت الزلازل والبلايا والأمور العظام، والساعة يومئذ أقرب إلى الناس من يدي هذه من رأسك» (رواه أحمد، وأبو داود، والحاكم، وصحّحه الألباني)، وهذا الحديث يؤكد الدور السياسي الكبير القادم في فلسطين وبيت المقدس؛ حيث سيكون لها دور كبير، وستكون مقرا للخلافة النبوية الراشدة، وغالبا سيكون ذلك زمن المهدي وعيسى -عليه السلام.

دخول الدجال المسجد

لن يتمكن الدجال من دخول المسجد الأقصى: أخرج أحمد في المسند أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أنذرتكم فتنة الدجال..لا يأتي أربعة مساجد: الكعبة ومسجد الرسول والمسجد الأقصى والطور» (صححه الألباني)، وهذا يتسق مع كون بيت المقدس مقر الخلافة ومأوى الطائفة المنصورة، وفي الحديث ملمح يبين أن بيت المقدس الذي ينجيه الله -عز وجل- وأهله من فتنة الدجال، بالتأكيد سينجيه الله وأهله من بلاء اليهود، ولكن في ذلك اختبار لهم واصطفاء للشهداء والمجاهدين، وعقوبة للمقصرين والمعرضين عن نصرة دين رب العالمين ومسجده.

هلاك يأجوج ومأجوج

وأيضا فإنه على أعتاب بيت المقدس يُهلك الله -عز وجل- يأجوج ومأجوج؛ فعن النواس بن سمعان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ويبعث الله يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون، فيمر أوائلهم على بحيرة طبرية فيشربون ما فيها، ويمر آخرهم فيقولون: لقد كان بهذه مرة ماء! ثم يسيرون حتى ينتهوا إلى جبل الخمر -وهو جبل بيت المقدس- فيقولون: لقد قتلنا من في الأرض هلم فلنقتل مَن في السماء؛ فيرمون بنشابهم إلى السماء؛ فيرد الله عليهم نشابهم مخضوبة دما؛ فيرسل الله عليهم النغف في رقابهم فيصبحون فرسى» فرسى أي قتلى، (رواه مسلم).

مركزية فلسطين

وهذا الحديث يؤكد مرة أخرى على مركزية فلسطين وبيت المقدس في التاريخ المستقبلي ويؤكد على الطابع الديني للصراع؛ حيث بلغ الفجور بقوم يأجوج ومأجوج لمحاربة أهل السماء! ويكون دعاء عيسي -عليه الصلاة والسلام- والمؤمنين سبب هلاك هؤلاء القوم المفسدين.


شحذ الهمم

وفي الختام: إن الغاية من هذه التذكرة بهذه الأحاديث النبوية شحذ الهمم في وجه المؤامرات اليهودية المعاصرة، والتيقن أنها بلاء وامتحان عارض، سرعان ما يزول إذا قام أهل الإيمان بواجبهم الصحيح قياما سليما وتاما، وأن لفلسطين وبيت المقدس مستقبلا كبيرا ومشرقا، وفيه أحداث جسام لن يتم عبوره إلا باجتماع الإيمان الصحيح والعمل السليم المتقن، والموفق اليوم هو من وفّقه الله -عز وجل- ليجمع بين الأمرين؛ وبذلك يحقق واجب الوقت وينال شرف نصرة بيت المقدس.



ابوالوليد المسلم 23-02-2020 03:10 AM

رد: القدس اسلامية رغم أنف امريكا متابعة لملف القدس وفلسطين المحتلة وكل ما يستجد من اح
 


http://www.aqsaonline.org/Admin/pics/2007448396.jpg

المسجد الأقصى.. الحقيقة والتاريخ






نظرة في كتاب: قديم جديد 1-3


د. محمد بن سعد الشويعر



هذا الكتاب هو (المسجد الأقصى.. الحقيقة والتاريخ)، ومؤلفه عيسى القدُّوميّ من الباحثين الفلسطينيين، وهو غني عن التعريف؛ لأن كتبه وتفهمه القضية الفلسطينية، وما قدم عنها وعن اليهود من دراسات، وما صدر له من مؤلفات متعددة، كافية في التعريف عنه، حيث نذر نفسه للقضية: مدافعاً بلسانه وقلمه مع المشاركات في المحافل والندوات.
وأما تسمية العنوان: بنظرة، فإنما نقدمه عن هذا الكتاب، ما هي إلا إلمامة يسيرة؛ لأن الموضوع وقرائنه يستحق وقفات، ودراسة متأنية؛ إذ امتلأت الكتب بالحديث عن هذه القضية التي لم يسبق لها في التاريخ نظير: حقوق تغتصب، وأرض وديار يشرد أهلها، لتعطى لشذاذ الآفاق، وتطلق أيديهم في ممتلكات أهلها، ويعانون في استباحة الحرمان بوعود جائرة في تمليكهم تلك الديار، بقوة السلاح، فيشرد أهل الحق من ديارهم في نظرة عامة: تشبه شريعة الغاب.
ويشهد لتلك الوقائع الكثيرة التي تدور منذ ستين عاماً، ما حصل لغزة منذ أشهر قليلة حيث شاهد العالم بأسره ما حلَّ بها من دمار، وبأهلها في سفك دماء وهلع وتشريد، وبمواطنيها من قتل لا يفرق بين نساء وأطفال وشيوخ ممن نهى الإسلام عن قتلهم، وأقرت هذا النهي القوانين العصرية.
ولكن اليهود قتلة أنبياء الله قد تأصل الإجرام فيهم، وهي سجية فيهم عُرفوا بها، مع ما ضرب الله عليهم: من الغضب والذلة والمسكنة وغير ذلك من صفات عديدة، جاءت في القرآن الكريم، إلا بحبل من الله، وحبل من الناس، يشتد عويلهم لجندي مأسور، ولا ينظرون لما في سجونهم من أبرياء مظلومين.. لينطبق عليهم قول الشاعر:
قتل امرئ في غابة جريمة لا تغتفر
وقتل شعب آمن مسألة فيها نظر

أما كون الكتاب: قديماً وجديداً، فإن المسجد الأقصى قديم في مكانته، وفي قداسته لدى المسلمين؛ لأنه مسرى رسول الله عندما عُرج به إلى السماء حيث أمَّ أنبياء الله والملائكة فيه تلك الليلة، وقد جعله رسول الله - عليه الصلاة والسلام -، ثالث المساجد التي تشد إليها الرحال وتضاعف فيه الحسنات، وقد بناه نبي الله سليمان، ثم دخل تحت راية الإسلام في عهد عمر بن الخطاب، ولم يسلم كبير البطاركة مفاتيح بيت المقدس، إلا لقائد المسلمين، فإن رأوا نعته وصفاته التي في كتبهم، سلموا له بدون قتال؛ لأنهم يعلمون عن قدرته وعدله؛ ذلك أنهم أحبوه قبل أن يروه؛ لما وصف به عندهم من العدل وسلامة الحكم.
فلما وصل عمر بن الخطاب، ورأوا بساطته على ظهر راحلته المتواضعة وعليه سيماء الوقار وحسن الخلق التي هي من تعاليم الإسلام، دين الله الحق؛ فقابله كبير البطارقة مستبشراً وسلمه المفاتيح، مذعناً في أداء الجزية، والدخول في رعاية دولة الإسلام، وبعد الوثيقة التي تعتبر عهداً أعطاهم عمر بموجبه عهد الله وعهد رسوله، في وثيقة أشهد عليها كبار الصحابة، رضي الله عنهم، ولا يزالون يحتفظون بها، وسوف نوردها فيما بعد كما جاءت.
وعندما ذهب عمر - رضي الله عنه - معه، ليريه كنيستهم الكبرى (كنيسة القمامة) طلب عمر أن يصلي فيها، فقال وفق نظرته البعيدة: أخشى أن يغلبكم عليها المسلمون، ولكن أصلي هاهنا.. في موقع خارجها، وقريب من بابها.
وقد تحقق ما نوه عنه عمر - رضي الله عنه -؛ إذ أصبح هذا المكان مسجداً يصلي فيه المسلمون، وقد هدمه الصليبيون وأعاده صلاح الدين الأيوبي - رحمه الله -، وأما كونه جديداً، فإنه موضوع الأمة وما يمر بأهالي فلسطين من كوارث ومصائب.
وفي هذا الكتاب الذي نشرته جمعية إحياء التراث الإسلامي بالكويت، بالتعاون مع مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية عام 1428هـ - 2007م، الطبعة الأولى، الإصدار الثامن عشر، وسوف نسير خطوات يستنير بها القارئ، ولن نستطيع الوفاء بكل ما قاله المؤلف، مع أن صفحات الكتاب بالفهارس والمصادر (150) مائة وخمسون صفحة من القطع الكبير، ويتخلل الصفحات صور وإحصائيات ووثائق، يقع الكتاب في خمسة فصول هي:
الفصل الأول: المسجد الأقصى: معالم وفضائل، والفصل الثاني: المسجد الأقصى، وشهادة التاريخ، الفصل الثالث: المسجد الأقصى وأكاذيب اليهود، والفصل الرابع: المسجد الأقصى والحقد اليهودي، والفصل الخامس: المسجد الأقصى وواجب النصرة والتأييد.
وتحت كل فصل من هذه الفصول عناوين وموضوعات كثيرة ومهمة، تحدث عنها المؤلف بإيجاز مفيد وبإشارات عميقة الدلالة، تحرك المشاعر، وخير الكلام ما قل ودل، ولم يكثر فيمل.. وقد ختم كتابه هذا ب(خريطة فلسطين الطبيعية)، ثم المراجع والفهارس.
وتحت عنوان في هذا الإصدار، والتي جاءت في الغلاف الخارجي: تحدث المؤلف بإيجاز، عما يحويه كتابه هذا فقال: بين الحقيقة والخيال، ورغم الأحداث والجراح، نجول في رحاب المسجد الأقصى؛ للعيش عبق تاريخه، ومراحل بنائه من لدن الأنبياء جميعاً والصحابة الكرام، وروعة فتحه وعمارته، وتناوب جهابذة العلماء والمحدثين عليه: للتعليم والوعظ، بشهادة التاريخ، ثم ما كان من احتلاله على يد الصليبيين، وتحريره من دنس الأوثان على يد البطل المسلم: صلاح الدين الأيوبي - رحمه الله -.
وبعد ذلك احتلاله وإحراقه، والعبث فيه على يد اليهود الغاصبين، مع بيان شبهات اليهود والمستشرقين والرد عليهم، وتفاصيل الحقد اليهودي في حفر الأنفاق تحت المسجد الأقصى، ونبش مقابر الصحابة وبناء المتحف اليهودي، وهدم طريق باب المغاربة.
وما أعد اليهود لهدم بيت من بيوت الله: المسجد الأقصى، وما حوله من البناء لقيام معبدهم المزعوم، على أنقاضه.
وبعد ذلك كله التوجه للمسلمين جميعاً، بالنهوض والقيام بواجب النصرة والتأييد، ومناشدتهم حماية القدس، والأقصى السليب، قبل فوات الأوان. أ.هـ.
وهذه الكلمة التي جعلها المؤلف في نهاية كتابه، وقد أبرزها بحكم موقعها في صفحة مستقلة هي تمثل الختام، ولكن واقعها يعني منهج المؤلف في كل ما طرحه، من آراء ومعلومات في كتابه، مخالفاً المنهج عند كثير من المؤلفين بأن يكون مثل هذا في البداية: إما في المقدمة أو بعنوان مستقل.
وهذه الطريقة بدأ كثير من المؤلفين يستحسنها؛ ليسهل على القارئ قبل الشراء معرفة المحتويات، وما طرح فيه من آراء وأفكار.
أما الإهداء، فقد جعله المؤلف، بكلمة موجزة، وفي مكان بارز بصفحة مستقلة، لافتاً النظر، وهذا نصه: (إلى القلوب الحية، التي تعلقت بحب المسجد الأقصى).. فهي كلمة - إن شاء الله - مثلما خرجت من قلب صادق، فسوف تلج القلوب المؤمنة المخلصة، متى ما أخذها القراء، بإخلاص ومحبة في الوفاء.
وقبل الدخول في مادة الكتاب وفصوله الخمسة نرى في صفحة 6 يستفتح بقول الله سبحانه: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى) (1) سورة الإسراء، بخط بارز جميل في وسط الصفحة وبارز، بين صورتين: العليا منهما الكعبة المشرفة، بيت الله الحرام، وفي الجزء الأسفل من الصفحة: المسجد الأقصى.. وهذا الإخراج يرمز إلى مكانة المساجد الثلاثة المسجد الحرام، الذي قدسه الله، وبناه أبو الأنبياء إبراهيم، يساعده ابنه اسماعيل عليهما السلام، والثاني الحرم المدني ومسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي بناه في مكان مهاجره المدينة، والثالث: المسجد الأقصى الذي بناه سليمان عليه السلام.
فهو يورد في صفحة 7 تحت صورتين: للمسجد الأقصى خاصة، والأخرى لنفس المسجد، ويبرز فيها مسجد الصخرة وتحتهما هذا العنوان: لماذا المسجد الأقصى: الحقيقة والتاريخ؟ يعرف بالمحتوى المقدم للقراء بين دفتي هذا الكتاب: فيقول: جهد نقدمه إلى الأمة الإسلامية؛ إسهاماً بالكلمة والصورة في معركة الدفاع عن المسجد الأقصى، وبيت المقدس، وأرض فلسطين لتثبيت الحقائق، حول مكانة المسجد الأقصى في الشرع الإسلامي، والرد على شبهات اليهود وأكاذيبهم والتي أرادوا من إشاعتها، أن يسلب المسجد الأقصى من أصحابه الشرعيين: عقيدةً وتاريخاً وتراثاً، مثلما سلب منهم: حساً وواقعاً، وتسليط الضوء على واقع المسجد الأقصى المبارك، في ظل الاحتلال، لنعي حجم المؤامرة لسلب مسرى النبي الكريم محمد - صلى الله عليه وسلم -.. إصدار يضاف إلى ما كتب عن المسجد الأقصى، ومدينة القدس وأرض فلسطين، إلى أن قال: فهذا هو تاريخنا لمن أراد شهادة التاريخ، وهذه أدلة شرعنا على حقنا في مقدساتنا، وتلك هي الوثائق والعهود على مر العصور، ماثلة أمامنا، ولا تخفى على أحد، تضحيات المسلمين في دفاعهم عن أرض فلسطين، وتلك هي مخططات اليهود، قتلة الأنبياء، ومحرفي الكتب والرسالات، نسطرها للمسلمين؛ لتكون عوناً وترسيخاً، لتبرز الحقائق واضحة، جلية من غير تشويه ولا تحريف، في زمن أصبح فيه قلب الحقائق، وطمس التاريخ، وعولمة الأكاذيب، وافتراءات اليهود، أحد مقومات الإعلام العالمي المنحاز لليهود وافتراءاتهم (ص7).
ثم يؤكد ارتباط الدفاع عن القدس والمسجد الأقصى، بالدفاع عن كل شبر من أرض فلسطين؛ فالقدس هي فلسطين، وفلسطين قضيتنا الأولى ولن نتنازل عن أي جزء منها؛ لأنها قضية إسلامية عالمية.







ابوالوليد المسلم 23-02-2020 10:52 PM

رد: القدس اسلامية رغم أنف امريكا متابعة لملف القدس وفلسطين المحتلة وكل ما يستجد من اح
 
كيف تغلغل اليهود في أوربا



كتب الأستاذ/ هاني مراد

بدأت تسلل اليهود إلى قلب أوربا، مع ظهور الثورة الصناعية، حيث اتجه اليهود المعروفون بتاريخهم الربوي، إلى إقراض أصحاب المصانع الذين كانوا في أشد الحاجة إلى رؤوس الأموال، لأن الصناعة كانت مجالا جديدا، يحمل قدرا كبيرا من المخاطرة، ويحتاج إلى الطاقة والمواصلات التي لم تكن متوافرة بقدر كاف. وكان أرباب الأموال من الأمراء والإقطاعيين يفضلون الاستثمار في الزراعة التي يعرفونها جيدا.
ولكي يزيد اليهود من أرباحهم، كان عليهم التخلص من طبقتين متحالفتين تسيطران على الاقتصاد، وتحظيان بالنفوذ المالي والاجتماعي؛ هما: طبقة الإقطاعيين أو النبلاء، وطبقة رجال الدين أو الكنيسة.
ولكي يتخلص اليهود من طبقة الإقطاعيين، وتزدهر أعمالهم الربوية في الوقت ذاته، عملوا على تحرير العبيد، حتى يتركوا الحقول ويعملوا في المصانع الجديدة. كما عملوا على تأسيس البنوك، وحفظ الأموال التي كانوا يقرضونها للمصانع، مقابل فائدة بسيطة للمودعين، وأرباح وفيرة لليهود.
وحتى يتخلص اليهود من الطبقة الثانية، وهي طبقة رجال الدين التي أذلتهم لقرون، لقتلهم "الرب" وفق المعتقد الكنسي، وللتخلص من سلطانها الديني الذي تتحالف به مع طبقة النبلاء أو الإقطاعيين، عملوا على تشجيع مبادئ الثورة الفرنسية التي تدعو إلى الحرية المطلقة وهجر الدين. ولأن طبيعة اليهود اقتناص الفرص، فقد وجدوا في هذه الثورة ضالتهم المنشودة.
وهكذا تضخم نفوذ اليهود يوما بعد يوم، واستعرت حربهم الخفية والصريحة على الدين، وحلت طبقتهم محل طبقة النبلاء والإقطاعيين، ليشكلوا طبقة رأسمالية كانزة جديدة. كما تضخم نفوذهم على حساب الكنيسة.
وبعد نجاح الثورة، تشكل عالم جديد، أطلقت فيه الثورة الوليدة المنتصرة يد أسيادها الذين ساعدوها على التخلص من الدين، وشنق آخر ملك بأمعاء آخر قسيس.










ابوالوليد المسلم 25-02-2020 11:31 AM

رد: القدس اسلامية رغم أنف امريكا متابعة لملف القدس وفلسطين المحتلة وكل ما يستجد من اح
 




http://www.aqsaonline.org/Admin/pics/1_688566587.jpg
نظرة في كتاب: قديم جديد 2-3

المسجد الأقصى.. الحقيقة والتاريخ






د. محمد بن سعد الشويعر




وفي الفصل الأول: الذي تحته تسعة عناوين، بعد أن تحدّث عن هذه العناوين، التي تثبت مكانة المسجد الأقصى، وما حوله بالنصوص الكريمة، من كتاب الله العزيز، وبما جاء في سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم الشَّريفة، ثم دخل في الحديث عن معالم المسجد الأقصى..
ومن بناه وعمارته ومدارسه، على مرّ التاريخ وما قام فيه من دروس العلم، ومن تخرّج من العلماء ومجالسهم، وآثاره العلمية.
ذلك أن من يقرأ العناوين من ص 7 -34 بإيجاز فإنه يتمتع بروحانية تنقل أفكاره وتخيّلاته، إلى حالة المسجد الأقصى، بالتوضيح والإرشادات والصور، وكأنّ القارئ يشاهد الأقصى عياناً، حيث بيَّن حقائق عن قبّة الصخرة، ونفى كل ما قِيلَ مِن أكاذيب لا صحة لها، وما جاء عنها من خرافات وردتْ في بعض الكُتب:
كبدائع الزهور، ومن ذلك ما قاله المؤلف:
قبَّة الصخرة هي أقدم أثر معماري إسلامي، باقٍ حتى الآن، أنشأها الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان، وتعد من درر الفنون الإسلامية، وبُنيت داخل أسوار المسجد الأقصى، لتكون قبّة للمسجد، فوق الصخرة التي قيل فيها الكثير، مما لا يثبت سنداً وشرعاً، والصخرة شكل غير منتظم من الحجر، نصف دائرة تقريباً، أبعادها (5م في 7م في 3م الارتفاع).
والصخرة تشكِّل أعلى بقعة في المسجد الأقصى، وأسفل الصخرة يوجد كهف مرتفع تقريباً، طول ضلعه (4.5م) بعمق (2.5م) يصلي فيه بعضُ الناس، بحسب اعتقادهم، ويوجد في سقف هذا الكهف، ثقب قطره متر واحد، تقريباً، وهي ليست معلقة، ولم تكن معلقة في يوم من الأيام كما يُشاع، وكلّ ما يروى في قصتها فهو من الخرافات التي لا تثبت. (ص 18).
وفي ص 34 تحدّث عن أخطاء شائعة، في فضيلة صخرة بيت المقدس، فقال: إن من الخطأ ما تظهره وسائل الإعلام الإسلامية والعالمية: أن الصخرة ومسجدها، هي المسجد الأقصى، وأن لها قداسة خاصَّة، بلغ ببعض المسلمين، التجاوز والإفراط، حيث قالوا في الصخرة التي ببيت المقدس، من الأمور المنكرة ما يلي:

1 - أنه كان عليها ياقوتة تضيء بالليل كضوء الشمس، ولم تزل كذلك حتى فرّ بها بختنصّر.

2 - أنها من صخور الجنة.

3 - أن صخرة بيت المقدس تتحوّل إلى مرجانة بيضاء.

4 - أن إليها المحشر ومنها المنشر.

5 - أن سيّد الصخور صخرة بيت المقدس.

6 - أنها صخرة معلّقة من جميع الجهات.

7 - أن مياه الأرض كلّها تخرج من تحت الصخرة.

8 - أن فيها موضع قدم رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم.

9 - أن عليها أثّر أجنحة الملائكة.

10 - أن المياه العذبة، والرياح اللّواقح، من تحت صخرة ببيت المقدس.

11 - أن الماء يخرج من أصل الصخرة.

12 - أن هذه الصخرة: عرش الله الأدنى، ومن تحتها بسطت الأرض.

13 - أنها على نهر من أنهار الجنة.

14 - أن هذه الصخرة وسط الدنيا، وأوسط الدنيا كلها.

15 - أنه عُرج بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم منها إلى السماء، وارتفعت وراءه، وأشار إليها جبريل أن اثبتي.

16 - أن لها مكانة كالحجر الأسود في الكعبة.


وقد أنكر علماء الإسلام هذا التعلّق بالصخرة، وبيّنوا أنها صخرة من صخور المسجد الأقصى، وجزء منه، وبيَّنوا أنها صخرة من صخور المسجد الأقصى، وليس لها أي مزيّة خاصة، ثم بيَّن ما قاله العلماء، ومنهم ابن تيمية في فتاواه، من تكذيب وتفنيد لتلك الاعتقادات، وأنه لا يصح منها شيء، وإنما هي وغيرها تجاوزات من بعض العامة (ص 34 - 36)
وأعقب ذلك في جزء من ص 36 وص 37 بأخطاء شائعة منها: تسمية المسجد الأقصى حرماً، حيث لم يثبت هذا القول، عن أحد من العلماء المحققين، وإنما الثابت: الحرم بمكة، والحرم بالمدينة، وما سوى ذلك فهي مساجد، ومنها الصخرة والمسجد الأقصى.
ومن أسمائه الثابتة: بالكتاب والسنة: المسجد الأقصى، وبيت المقدس، ومسجد إيليا، والمسجد الأقصى فيه من الفضل ما فيه، ولا نضيف في مسمياته ما لم يشرع الله (ص 37).
وذكر أن من الصحابة من شدّ الرحال إليه، حيث قصدوه بالسكن والعبادة والوعظ والإرشاد، وذكر منهم (20) عشرين صحابياً (ص 38).
وعن الأوائل ذكر أن أول من بناه في الإسلام عمر بن الخطاب، وأول من أذّن فيه بعد الفتح بلال بن رباح، وأول من أمَّ المسلمين بعد عمر بن الخطاب سلامة بن قيصر، وأول من ولي القضاء فيه من المسلمين عبادة من الصامت.
كما ذكر في التنبيهات والتوجيهات أموراً بلغت (20) حالة، لا تجوز شرعاً في المسجد الأقصى منها:
- لا يجوز تعظيم أي نوع من أنواعه، كالتمسّح بها وتقبيلها، وسوق الغنم إليها لذبحها هناك ولا غير ذلك، كما لا يجوز التمسّح أو التقبيل، أو الطواف بأي شيء في المسجد الأقصى المبارك، ولا يجوز لأحد أن يسأل قبراً، ولا ولياً ولا غيرها في قضاء حاجة أو تفريج كربة، أو شفاء مريض، أو أن يشفع له في الآخرة، أو نحو ذلك لأن هذا لا يطلب إلا من الله عزَّ وجلَّ، وطلبه من الأموات شرك بالله، ولا يجوز الصلاة عندما يُقال: إنه قبر إبراهيم الخليل، في مدينة الخليل.
- أما قول: من زارني وزار إبراهيم في عام واحد، ضَمِنْتُ له الجنة، فهو حديث لا يصح وهو مكذوب باتفاق أهل المعرفة بالحديث (39).
- وتعرَّض لألفاظ أُطلقت، وهي لا تصح، لأن وراءها ما يطمس الحقائق، مثل حارة اليهود التي اسمها الحقيقي حارة المغاربة، لأن هذا من اصطلاح الصليبيين ثم اليهود، لطمس معالم المسلمين في التوسعة للمسجد في عهد الأمويين، وكل تلك الألفاظ وعددها (13) تخدم اليهود في تغيير الملامح الإسلامية، بهوية يهودية صليبية (ص40 -41).
والفصل الثاني سماه المسجد الأقصى، وشهادة التاريخ: وفيه بداية من ص 45، عنوان بدأ ذلك بدعوة الأنبياء وسؤالهم، والخلفاء الراشدين، ومعاملتهم الحسنة، للأهالي وهم أهل إيليا (46 - 49).
ثم أتبع ذلك ببرقية القائد أبي عبيدة إلى البطارقة، وهذا نصها: من أبي عبيدة بن الجراح، إلى بطارقة أهل إيليا وسكانها، سلام على من اتبع الهدى، وآمن بالله وبالرسول: أما بعد فإنا ندعوكم، إلى شهادة أنّ لا إله إلا الله، ومحمد رسول الله، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأنّ الله يبعث من في القبور، فإنْ شهدتم بذلك، حَرُمتْ علينا أموالكم ودماؤكم، وذراريكم، وكنتم لنا إخواناً، وإنْ أبيتم فأقروا لنا بأداء الجزية، عن يد وأنتم صاغرون. وإن أبيتم سرتُ إليكم بقوم هم أشد حباً للموت، منكم لشرب الخمرة، وأكل لحم الخنزير، ثم لا أرجع عنكم إن شاء الله أبداً، حتى أقتل مقاتلتكم، وأسبي ذراريكم (ص50).
وقد جاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه، بناءً على طلب البطارقة، ليسلّموه المفاتيح، فكتب معهم وثيقة بذلك، سُميت الوثيقة العمرية، وأورد نصها وهو:
بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أعطى أمير المؤمنين: عبد الله عمر بن الخطاب، أهل إيليا من الأمان، أعطاهم أماناً لأنفسهم وأموالهم، ولكنائسهم وصلبانهم، وسقيمها وبارئيها وسائر ملّتها، أن لا تسكن كنائسهم، ولا تهدم، ولا ينتقص منها، ولا من حيزها، ولا من صُلُبُهم، ولا من شيء من أموالهم، ولا يكرهون على دينهم، ولا يضارّ أحد منهم، ولا يَسْكُنُ بإيلياء معهم أحد من اليهود. وعلى أهل إيليا أن يعطوا الجزية، كما يعطي أهل المدائن، وعليهم أن يُخرجوا منها الروم واللصوص، فمن خرج منهم، فإنه آمن على نفسه وماله، حتى يبلغوا مأمنهم، ومن أقام منهم فهو آمن، وعليه ما على أهل إيليا من الجزية.. ومن أحبّ من أهل إيليا أن يسير بنفسه مع الروم، ويخلي بيعهم وصُلُبُهم، فإنهم آمنون على أنفسهم وعلى بيعهم، وصُلُبُهم، حتى يبلغوا مأمنهم.
فمن شاء منهم قعد، وعليه مثل ما على أهل إيليا من الجزية، ومن شاء سار مع الروم، ومن شاء رجع إلى أهله، فإنه لا يؤخذ منهم شيء، حتى يحصد حصادهم، وعلى ما في هذا الكتاب، عهد الله وذمّة رسوله وذمّة الخلفاء والمؤمنين، إذا أعطوا الذي عليهم من الجزية.
شهد على ذلك خالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، وعبد الرحمن بن عوف، ومعاوية بن أبي سفيان، وكتب وحضر سنة 15 هجرية، ثم إنّ المؤلف: اتبع ذلك بصفحة كاملة، عمّا جاء في ظلال هذه الوثيقة (ص52-53).

وفي الصفحات (54 - 55) تحدث عن صلاح الدين الأيوبي رحمه الله، وتحريره المسجد الأقصى من الصليبيين، مبيِّناً أسباب النصر، وتحرير بيت المقدس عام (583هـ)، ومقارناً بين سماحة الإسلام، والحقد الصليبي.

وعن سماحة الإسلام، نذكر بعض ما أورده بألسنة الغربيين، فهذا ستيفن لين يقول: إن السلطان: قد سمح لعدد كبير بالرحيل، دون فدية، ويقول ستانلي لين بول: إن السلطان قد قضى يوماً من بزوغ الشمس إلى غروبها، وهو فاتح الباب للعجزة، والفقراء، تَخْرجُ من دون من أن تدفع الجزية.

ابوالوليد المسلم 25-02-2020 11:38 AM

رد: القدس اسلامية رغم أنف امريكا متابعة لملف القدس وفلسطين المحتلة وكل ما يستجد من اح
 
http://www.aqsaonline.org/Admin/pics/1_688566587.jpg


نظرة في كتاب: قديم جديد 3-3

المسجد الأقصى.. الحقيقة والتاريخ




د. محمد بن سعد الشويعر




ويقول المؤرخ الإنجليزي (ول ديورانت): ذهب عدد من المسيحيين الذين غادروا القدس، إلى أنطاكية المسيحيّة، فلم يكن من نصيبهم إلا أن طردهم وأبى أن يضيفهم، فساروا على وجوههم في بلاد المسلمين فقوبلوا بكلّ تِرْحاب.. وقد خرج البطريك (ستانلي) بأموال وذخائره الكثيرة دون أن يصرف منها شيئاً، في فداء الفقراء، والمساكين فقيل لصلاح الدين، لِمَ لا تصادر هذا؟
فيما يحمل وتستعمله فيما تقوي به أمر المسلمين؟ فقال: (لا نأخذ منه إلا عشرة دنانير، ولا أغدر به).
وفي هذا يقول ستانلي لين بول: قد وصل الأمر إلى أن سلطاناً مسلماً، يُلْقي على راهب مسيحي دَرْساً في معنى البرّ والإحسان (ص 56 - 57).
وإلى جانب هذه المعاملة الحسنة من المسلمين وِفْقَ تعاليم دينهم، نرى المؤلف ينقل ضدّ ذلك في عملهم ضد المسلمين بشهادة واحد من مشاهيرهم، وهو غوستاف لوبون في كتابه: حضارة العرب، حيث يقول في معاملة الصليبيين للمسلمين في القدس، ووثّق ذلك بشهادة (ريمون أجيل)، الذي وصف بشاعتهم بالآتي: لقد حدث ما هو عجيب، عندما استولى قومنا الصّليبيون على أسوار القدس وبروجها، فقد قطعت رؤوس بعض العرب، في شوارع القدس وميادينها، وبقرت بطون النساء، وبطون بعضهم، وقُذِفَ بجزء منهم من أعلى الأسوار، وحُرّق بعضهم في النّار، وكان لا يُرى سوى أكداس من رؤوس العرب وأيديهم وأرجلهم.. فأفنوهم على بكرة أبيهم، في ثمانية أيام، ولم يستثنوا منهم: امرأة ولا ولداً ولا شيخاً (ص 59).
ونحن وكل القراّء نقول مع المؤلف: إنّ الشّاهد القريب ما عمله اليهود الصهاينة في غزّة، الذي بان أثره في الإعلام العالميّ كلّه رغم محاولة التّعتيم إعلامياً بوسائل اليهود، وقبل هذا ما عمله الصهاينة في دير ياسين، وصبرا وشاتيلا وغيرها من المآسي والفواجع التي تهدّ الجبال، مع قتل الأبرياء والنساء والعجزة.
وفي الفصل الثالث: الذي خصّصه للمسجد الأقصى وأكاذيب اليهود، يورد شبهات عديدة ودورها وهي كذب، ويرد عليها. نأخذ منها واحدة، هي قوله: يزعم اليهود أنهم ورثة أنبياء الله: إبراهيم وإسحاق ويعقوب، وسليمان عليهم السلام الذين كانت لهم الإمامة والرسالة، على أرض فلسطين.
فكان ردّه: نقول اليهود كفروا بالله، ورفضوا الاعتراف له بالألوهيّة والربوبيّة، وقالوا: (سمعنا وعصينا) ونسبوا إلى الله الولد، (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ) (التوبة 30)، ووصفوا الأنبياء بأشنع الأوصاف، فالأنبياء الذين تذكرهم توراتهم، ليسوا هم الأنبياء الذين ذكرهم الله في القرآن، وإن اتفقوا في الاسم، لأن الأنبياء الذين ورد ذكرهم في التوراة لا يكاد ينجو منهم نبي من افتراء وبهتان اليهود، وهم مطهرون من ذلك.

نوح عليه السلام: يصوّرونه سكيراً، يتعرى داخل خبائه، حتى أنّ أصغر أولاده يرى عورته، فيسخر منه مع إخوانه (ينظر الإصحاح التاسع من سفر التكوين).
ولوط النبي الكريم، الذي آتاه الله حلماً وعلماً، يدّعون زوراً وبهتاناً أنّه يزني بابنتيه، وتحملان منه سفاحاً. (ينظر سفر التكوين 19-30-37).
وأبو الأنبياء إبراهيم الخليل عليه السلام، يصوّرونه رجلاً ماديا، شرهاً نهماً لا يهمّه إلاّ جمع المال، حتى أنّه يتاجر بزوجته الحسناء عند الملوك، ليأكل ويربح، بهذه الطريقة (ينظر سفر التكوين 19 - 20).
ودنّسوا صورة يعقوب عليه السلام، فصوّروه على أنّه سارق نبوّة أخيه العيص.
وداوود عليه السلام، يرمونه بالزنى، مع امرأة واحد من جنوده، ثم يقصّون بهتاناً: كيف احتال على الجنديّ من أجل أن يضاجع زوجته، حتى ينسب إليه الحمل، ولما أبى الجنديّ، أنْ يذهب إلى بيته، تآمر عليه داوود ليستر جريمته، بجريمة قتل القائد.
وسليمان عليه السلام بزعمهم: ابن هذه المرأة الزانية، التي زنى بها داوود، وقتل زوجها.. قاتلهم الله على هذه الافتراءات على أنبياء الله، ولم يسلم منهم الملائكة: (جبريل وميكائيل وغيرهم ممن أخبر عنهم القرآن الكريم).
ولذا فإن التّوراة التي صورت الأنبياء الطاهرين، بهذه الصورة البشعة لا يمكن أن تكون من عند الله، وهؤلاء الأنبياء ليسوا هم أنبياء الله، ومن هنا فإنّ مضمون أسفار التوراة، التي بأيديهم لا يمثّل التاريخ، بل ليس من التاريخ ولا عن الله، وإنّما هي قصص تمثل نفوساً وضيعة (68 - 71) إلى آخر أكاذيبهم وتفنيدها.
ويدخل في أكاذيبهم الهيكل المزعوم، عند اليهود، لأنّ عندهم آراء ونظريات عدّة بشأن مكان الهيكل، تبرهن على كذبهم لبعد بضعها عن بعض، وقد فنّد هذه الأكذوبة (ص 72 - 73).
كما أن من أكاذيب اليهود التي ذكر: أن القدس ليست مقدّسة عند المسلمين، وردّ عليهم بنصوص شرعية (ص 74- 75).

والفصل الرابع: جعله عن المسجد الأقصى، والحقد اليهودي وتحته (24) عنواناً، بدأه بإحصائية عن عدد اليهود في القدس حيث لم يبدأ تواجدهم إلا في عام 1297م، بعائلتين يهوديتين، وفي عام 1560م عددهم 115 يهودياً، وفي عام 1905م كان عددهم 400 يهودي، أما أيام الانتداب البريطاني، حيث جاء (وعد بلفور) المشئوم فلا يزيد عددهم عن 33960 يهودياً (ص 81) ثم قال:
وفي فجر يوم الخميس 21-8-1969م استيقظ المسلمون، من القدس الشرقية، على صوت التكبير عبر المآذن، في وقت مبكر، وشاع الخبر بأن حريقاً أصاب المسجد الأقصى المبارك، وهبّ المسلمون للنجدة، واستبسلوا في عمليات الإطفاء، التي تمّتْ رغم سلطات الاحتلال، التي حاولت تعطيل إطفاء الحريق، ومنعت المسلمين وسيارات الإطفاء، وقطعتِ المياه عن منطقة المسجد الأقصى، فور ظهور الحريق، وأتتْ ألسنة النّيران على المحراب، ومنبر صلاح الدين الأيوبي، وبلغت المسافة المحرقة، أكثر من ثلث مساحة المسجد الأقصى الإجمالية، حيث احترق ما يزيد عن 1500م2، من المساحة الأصلية البالغة 4400م2، وكذبوا في ادّعاء أنّ تماسًّا كهربائيا كان سبب الحريق لكن المهندسين العرب، أثبتوا أنه تمّ بفعل أيد مجرمة، مع سابق الإصرار والتصميم.
فعاد اليهود وكيانهم، ليدّعى أنّ شاباً أسترالياً، يدعى: (دينيس مايكل)، ويبلغ من العمر 28 عاماً، هو المسئول عن الحريق، وسيقدّم للمحاكمة.
وفي وقت قصير: قامتْ محاكم الكيان اليهودي، بتبرئة مساحته وأطلق سراحه، بحجة أنّه مجنون (ص82) فكان شعارهم بعد هذا: فليبن الهيكل، وليهدم الأقصى، الذي تحدث فيه طويلاً المؤلف: مبيناً مسيرة الإحراق، وما يُبيّتُ من تصميمهم وما يبيّتون من تدبيرات وأساليب، لإزالة المسجد الأقصى عن الوجود، ومن ثم بناء هيكلهم المزعوم مكانه (84-90).
وعن ممارسات الصهاينة من اليهود، لهدم الأقصى، وضح عن إجراءات اتخذوها من طقوسهم، وإبراز سدنة المعبد، وهم يباركون البقرة الحمراء قبل ذبحها، بالصورة والحركة، المثيرة لأحاسيس اليهود، ويربطون ذلك - كمعتقد ديني- بعلاقة هدم المسجد الأقصى، بالبقرة الحمراء، وما يدور حولها من اعتقادات، ينموّنها جيلاً بعد جيل، ويقرّبون وقتها مع بناء الهيكل، الذي جهزوا رسومه وأبراجه، ليمثل حقيقة - كما يزعمون- بعد هدم المسجد الأقصى (ص 91 - 97).
وقد حوّل اليهود مقدّسات المسلمين، والمساجد إلى ممتلكات يهوديّة، بوضع اليد، وبعض المساجد إلى كُنُسٍ ومعابد، ثم أبان المؤلف عن سعيهم في هذا الفصل، الجادّ في تهويد كل شيء (98 - 131).
أما الفصل الخامس والأخير فقد عنون له ب: المسجد الأقصى وواجب النصرة والتأييد يستحث فيها المسلمين بهذا الأمر، مع أدعية أوردها: نحو القدس والمسجد الأقصى وأن العاقبة للمتقين طال الزمن، أو قصر، إنه نداء للمسلمين بهذا الأمر مع أدعية أوردها لتحرير الأقصى والقدس من اليهود الغاصبين (ص136-145).
وختم الكتاب بخريطة طبيعية لفلسطين ثم المراجع والفهارس (146 - 150).
وهو كتاب قيّم توثيقي،، يناقش الموضوعات المطروحة، بأسلوب هادئ وحجج يحرّك بها المشاعر، ويلامس أوتار القلوب، لأنّه يأتي بالحقائق الشرعية، والقرائن التاريخية، ويبرز عدالة الإسلام وقياداتهم، مع جميع الأمم، وعلى مرّ التاريخ، وظلم وخيانة الوافدين على ديار الإسلام لكي يستولوا عليها: قهراً ليستوطنوها، فيحرك عند الإسلام الصّمود أمامهم، وأنّ الحق لا يضيع مهما طال، وفي المقارنة بين حالين، كأنّه يصور، قول الشاعر بعد انتصار صلاح الدين الأيوبي:
حَكَمْنَا فَكانَ العدلُ شيمة حُكْمِنا
ولما حكمتم سال بالدم أبطح

نسأل الله أن يجمع كلمة المسلمين على الحقّ، وينصر بهم دينه، ويخذل أعداء شرعه فهو القادر سبحانه.


ابوالوليد المسلم 28-02-2020 03:15 PM

رد: القدس اسلامية رغم أنف امريكا متابعة لملف القدس وفلسطين المحتلة وكل ما يستجد من اح
 

http://www.aqsaonline.org/Admin/pics/124_246.jpg



بماذا انتصر صلاح الدين؟
أسامة شحادة


إن انتصارات صلاح الدين واسترداده لبيت المقدس أصبحت نموذجاً تقتدي به الأجيال من بعده، بسبب عوامل التشابه الكثيرة مع الواقع الذي تحرك فيه البطل صلاح الدين الأيوبي، ولم يخالف في أهمية ومركزية تجربة صلاح الدين سوى محسن الأمين منطلقاً من دوافع طائفية بحتة مما حدا بالمؤرخ السوري الكبير مصطفي شاكر أن يفند مغالطاته في كتابه "صلاح الدين الفارس المجاهد والملك الزاهد المفترى عليه".
ومع الأسف لا يزال غالب تعلقنا بصلاح الدين هو تعلق عاطفي منبهر بالبطولة والإنجاز أكثر من التعلق العلمي الموضوعي القادر على تحويل هذه التجربة إلى قواعد ومبادئ يمكن تحويلها إلى آليات وإجراءات محددة مع تطويرها بما يلاءم متطلبات الحاضر، ويتبدى هذا التعلق العاطفي بكثرة الكتابات التمجيدية لصلاح الدين أكثر بكثير من الكتابات التحليلية لتجربة صلاح الدين، وقد انعكست هذه الكتابات التمجيدية لصلاح الدين على ضحالة وسطحية ثقافة عامة الناس بل وقادة الحركات والجماعات الإسلامية تجاه صلاح الدين وانجازاته، فأصبح كثير من الناس يعتقد أن مشكلة المسلمين اليوم هي عدم توفر قائد مثل صلاح الدين يعيد لنا المجد والقوة.
إن فكرة انحصار النصر بشخص القائد هي من الأفكار الصوفية والتي ساهمت بشكل كبير في تخلف أمتنا، لأنها أورثت الكثيرين الكسل والتواكل وعدم المبالاة، كما أنها تعمل على تبرير الاستبداد والطغيان، وترك الاهتمام بالحصول على الأسباب المعينة على النصر، ومن أجل تلافي هذه المزالق عزل الفاروق عمر بن الخطاب سيف الله خالد بن الوليد حتى لا تتعلق قلوب المسلمين بالبطل عن تحصيل الأسباب الجالبة للنصر بإذن الله عز وجل.
إن عظمة صلاح الدين لا تتجلى فقط في انتصاراته وفتوحاته وتحرير بيت المقدس، بل العظمة الحقيقية لصلاح الدين أنه كان مدركاً بكل وضوح أن عوامل وأسباب انتصاراته ليست مرتبطة بشخصه أو بالقتال العسكري المجرد، بل هي متعلقة بفريق متكامل من الشخصيات يملك رؤية وبرنامج للوصول للنصر.
ومن أوضح الدلائل على إدراك صلاح الدين للدور المركزي لفريقه في حصول النصر نسبته هذا النصر لمساعده القاضي الفاضل عبد الرحيم البيساني العسقلاني، حين أعلن صلاح الدين لجنوده: "لا تظنوا أني فتحت البلاد بالسيوف، إنما فتحتها بقلم القاضي الفاضل".
إن هذا التصريح الخطير من صلاح الدين يحتاج منا إلى دراسة مفصلة لدور القاضي الفاضل وما مدى تأثيره وما هي الأسباب التي دعت صلاح الدين لنسبة النصر إليه، بل لقلمه!!
الإجابة عن بعض هذه الأسئلة قامت بها د.هادية دجاني والتي اهتمت بأدب القاضي الفاضل في رسالتها للماجستير منذ سنة 1961م ، ومن ثم واصلت ذلك في رسالة الدكتوراة لجامعة ميتشيغن، وواصلت تطوير وتوسيع البحث بدعم من جامعة تورنتو لتخرج لنا سنة 1991م كتاب "القاضي الفاضل عبد الرحيم البيساني العسقلاني، دوره التخطيطي في دولة صلاح الدين وفتوحاته".
أظهرت دراسة د.هادية أن محورية دور القاضي الفاضل في جهود صلاح الدين جاءت من شخصيته وموقعه، فقد كان صاحب شخصية قوية تمتاز بالذكاء والدهاء مع الحكمة ويتمتع بثقافة واسعة جداً مع قدرة على التعبير والكتابة ، هذه الصفات المتعددة منحت القاضي الفاضل الفرصة وهو في سن السابعة عشر للتدرج في ديوان الدولة الفاطمية رغم أنه وافد على القاهرة من فلسطين، حتى وصل إلى منصب رئاسة ديوان الجيش وهو يعد من أعلى المناصب الإدارية في الدولة الفاطمية بمصر.
فحين آلت أمور وزارة مصر إلى صلاح الدين بعد وفاة عمه أسد الدين شيركوه، وجد صلاح الدين القاضي الفاضل من كبار القائمين بشؤون الدولة، وكان صلاح الدين بحاجة لرجل يتصف بالكفاءة والثقة يمكنه من إدارة مصر فوجدها في القاضي الفاضل ، وكان القاضي الفاضل بحاجة لقائد يمكن له الحفاظ على مصر من أطماع الفرنجة فوجدها في صلاح الدين ومن هنا وعلى هذا بدأت مسيرة التعاون المباركة بينهما من سنة 564 هـ وحتى وفاة صلاح الدين 592هـ.
وبحكم وظيفته كرئيس للديوان التي تضطلع بمسؤولية وزارات الداخلية والخارجية والإدارة المحلية في عصرنا كتب القاضي الفاضل كتاب تولية صلاح الدين لخص فيه لصلاح الدين المسؤوليات المطلوبة منه والمهام المتوقعة منه فكان منها: التنبيه على أحوال مصر الاقتصادية وضرورة التخفيف من أعباء الناس المالية، والحث على الجهاد وحماية الدولة من أطماع الفرنجة.
فكانت هذه أول مبادرة من قلم القاضي الفاضل لتنفيذ مشروع صلاح الدين، وتوالت بعد ذلك مساهمات قلم القاضي الفاضل من التوجيهات الإدارية للولاة والموظفين في كافة شؤون الدولة لإنجاح مشروع صلاح الدين بإلغاء الضرائب الظالمة مما قرب صلاح الدين للرعية، والقيام بالدعاية لحكم ومشروع صلاح الدين في البلاد من خلال إشاعة العدل وفرض هيبة القانون، وكشف المؤامرات ضد صلاح الدين، وإرسال الرسائل لجلب التأييد لصلاح الدين من الخليفة العباسي والقائد نور الدين، ومتابعة شؤون الإمدادات للوحدات المقاتلة، ورعاية إقامة التحصينات في الخطوط الخلفية لجيش صلاح الدين، والإشراف على المفاوضات التي يجريها صلاح الدين مع جيوش الصليبين، ووضع نصوص المعاهدات والهدنة التي يعقدها صلاح الدين، مع تزويد صلاح الدين بتقارير وافية عن أحوال الدولة.
باختصار قام قلم القاضي الفاضل بدور اجتماعي اقتصادي إصلاحي، ودور عسكري إداري، ودور تخطيطي إستراتيجي.
كما كان لقلم صلاح الدين دور هام على الصعيد الشخصي لصلاح الدين حيث كان يرسل له رسائل في المواقف الصعبة والمفصلية بما يعين صلاح الدين على تجاوز المحن والفتن، ومما يدلل على عمق الصلة الشخصية بين صلاح الدين والقاضي الفاضل، أن صلاح الدين كان في غيبوبته أثناء مرضه ينادي على القاضي الفاضل رغم أنه لم يكن في البلدة التي هو فيها أصلاً.
من هذا العرض السريع يتضح مركزية دور القاضي الفاضل وسبب إناطة صلاح الدين النصر بقلمه، وهذا يدل على أهمية البطانة الصالحة والعلماء الناصحين والمساعدين المخلصين للقائد في تحقيق النجاح.




ابوالوليد المسلم 09-03-2020 12:13 AM

رد: القدس اسلامية رغم أنف امريكا متابعة لملف القدس وفلسطين المحتلة وكل ما يستجد من اح
 
أضواء على أعمال صلاح الدين الايوبى
د.احمد عبد الرازق عبد العزيز

https://i.imgur.com/uJF1jOE.jpg
https://i.imgur.com/CbfDCSM.jpg




ابوالوليد المسلم 19-03-2020 01:36 AM

رد: القدس اسلامية رغم أنف امريكا متابعة لملف القدس وفلسطين المحتلة وكل ما يستجد من اح
 
من له الحقُّ في القدس؟

الشيخ: محمد صالح السيلاوي


http://www.al-forqan.net/site_downlo...92273dfc67.jpg
قال الله -تعالى-: {يا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ}(المائدة), وقال -تعالى-: {وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ}(الأنبياء)؛ فهذه الآيات وغيرها تدل على مكانة بيت المقدس وما حولها في كتاب الله -تعالى-, وقد وصفها الله تارة بأنَّها مقدَّسة، وتارة بأنَّها مباركة, بل إنَّ الله -تعالى- أقسم بها كما في سورة التِّين. وقد استمرَّت القبلة في الصَّلاة إلى بيت المقدس أكثر من أربعة عشر عاماً, من بداية تشريع الصَّلاة في مكَّة عندما أنزل الله -تعالى- على نبيِّه: {ياأيها المزمل قم الليل إلا قليلا}، إلى أن فُرضت في اليوم والليلة خمس مرات في مكَّة قبل الهجرة، واستمرّت كذلك في المدينة بعد الهجرة سبعة عشر شهراً, والمسلمون يتوجَّهون في صلاتهم إلى بيت المقدس، لا تصحُّ صلاتهم ولا تقبل إلا بالتوجَّه إليها؛ حيث مُهاجر إبراهيم ولوط؛ وحيث موطن الأنبياء جميعاً؛ وحيث صلَّى بهم النَّبيُّ[ إماماً في حادثة الإسراء والمعراج، وغير ذلك من النُّصوص الصَّحيحة المتواترة، تواترًا معنويّا والدَّالَّة على فضيلة بيت المقدس، وعلى مكانته عند المسلمين، مَّما لا يحتاج إلى بيانٍ وإسهاب فيه.
وسواءً قُلنا: إنَّ الذي بنى المسجد الأقصى هو إبراهيم، أو قلنا: هو إسحاق، أو قلنا: هو يعقوب، أو قلنا: هو سليمان وداود، مع أن أصحَّ الآراء في ذلك هو آدم؛ حيث دلّت عليه بعض الأخبار عن السّلف، ولو قلنا جدلاً: إنَّه يعقوب، فلا يعني ذلك أنَّ اليهود أحقُّ بالمسجد الأقصى من أهل الإسلام؛ فإنَّ يعقوب إنّما بناه ليصلِّي فيه الموحِّدون وليس المشركون الَّذين قالوا: {عزيرٌ ابن الله}؛ فنسبوا إليه الولد, وممَّن قالوا: {يد الله مغلولة}، -تعالى الله عمّا يقول الظّالمون علوًّا كبيرا-؛ فيعقوب إنّما بناه تعظيماً لله، وتوحيداً له، ولئلَّا يُعبد فيه غير الله، ولم يَكُن ليسمح أو يرضى بأنْ يُصلِّي في مسجدٍ بناه هو أحدٌ من المشركين, ولو كانوا أبناءً له؛ لأنَّ الأنبياء جميعهم دعوتهم ليست دعوة عرقيَّة ولا شعوبيَّة, بل دعوةٌ تقوم على توحيد الله؛ فمن حقَّق التَّوحيد فهو من أتباعهم.
يقول -تعالى-: {ووَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}؛ فليست القضيَّة قضيَّة شعوب وأعراق, بل قضيَّة توحيد وإسلام, هذا إن سلَّمنا لهم أنَّهم فعلًا من ذرية يعقوب، وهيهات هيهات أن يكونوا كذلك!
ومن يزعم أنَّ اليهود لهم حقٌّ في فلسطين والقدس؛ لأنَّهم سكنوها فترةً من الزَّمان؛ فإنَّ التَّاريخ يدلُّ على أنَّ أوَّل من سكن فلسطين هم الكنعانيُّون؛ وذلك قبل الميلاد بـ 6000 عام, وهم قبيلةٌ عربيَّةٌ، قدمت إلى فلسطين من الجزيرة العربيَّة، بل وسمِّيت فلسطين باسم أرض كنعان نسبةً إليهم, أمَّا اليهود؛ فكان أوَّل دخولهم فلسطين بعد إبراهيم بستمائة عام، أي أنَّهم دخلوها قبل الميلاد بــ 1400 عام؛ فيكون الكنعانيُّون قد سكنوها قبل الميلاد مدّةً تصل إلى 450 عاما.
إنَّ الأرض كلَّها لله، خلقها الله، وخلق الإنسان عليها، لعبادته وحده لاشريك له, وليقيم عليها دينه وشريعته وحكمه.. قال -تعالى-: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ}(الأنبياء: 105، { إن الأرض للّه يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين}(الأعراف: 128).
ومما يجب أن يعلمه المسلم، أن واجبه تجاه المسجد الأقصى، واجبٌ شرعيٌّ دينيٌّ، وهو امتداد لإيمانه وتوحيده لله -تعالى-, فلا يظنَّ أنَّه إذا تبرَّع له أو دعا الله له، أنَّه بذلك يتفضَّل عليه، بل لو تصوَّرنا أنَّ أهل القدس وفلسطين تخاذلوا عن الجهاد في سبيل تحريرها واستعادتها؛ فإنَّ المسلمين يتوجَّب عليهم أن يستمرُّوا في تحقيق وعد الله -تعالى- وفي الجهاد لتحرير الأرض المقدَّسة.



ابوالوليد المسلم 18-04-2020 04:40 PM

رد: القدس اسلامية رغم أنف امريكا متابعة لملف القدس وفلسطين المحتلة وكل ما يستجد من اح
 
صلاح الدين الأيوبي ومعركة حطين الفاصلة


علي الصلابي







https://islamonline.net/wp-content/u...bi-300x150.jpg
ينتمي صلاح الدين إلى عائلة كردية، وتنتسب هذه العائلة إلى قبيلة كردية تعدُّ من أشراف الأكراد نسباً من عشيرة تعرف بالرَّوادية، وينتسب الأيوبيون إلى أيوب بن شادي، ويعتبرهم ابن الأثير أشرف الأكراد؛ لأنهم لم يجر على أحدٍ منهم رقٌّ أبداً، وقد ولد صلاح الدين الأيوبي عام 532هـ/1137م في قلعة تكريت، وهي بلدة قديمة أقرب إلى بغداد منها إلى الموصل.
نشأة صلاح الدين

هاجر الأخوان نجم الدين أيوب وشيركوه من بغداد إلى الموصل، حيث نزلا عند (عماد الدين زنكي) الذي رحَّب بالأخوين ترحيباً عظيماً، وما هذا الترحيب، والإكرام إلا مكافأة على موقفهما المخلص من إنقاذهما له من القتل، أو الأسر، فأقطعهما أرضاً ليعيشا عنده، معزَّزين مكرمين، وفي رحاب عماد الدِّين تطورَّت الأسرة الأيوبية، فقد أصبح نجم الدين، وأخوه شيركوه من خيرة القادة، وقتل عماد الدين بعد ذلك، وأصبح نور الدين صاحب اليد الطولى، وكان ذلك بمساعدة الأيوبيين، واستطاع أن يضمَّ دمشق لملكه، وفي دمشق ترعرع صلاح الدين، وتلَّقى علومه الإسلامية، ومارس فنون الفروسية، والصيد، والرَّمي بالسهام، وغيرهما من ضرورات البطولة.
ثم التحق صلاح الدين في خدمة عمه أسد الدين شيركوه، وكان أسد الدين مرافقاً لنور الدين؛ الذي تولَّى قيادة الزنكيين بعد مقتل والده، ويبدو أنَّ نور الدين كان قد أدرك قدرات صلاح الدين العسكرية، والإدارية، فقد ذكر أبو شامة: أنَّ صلاح الدين تقدَّم بين يدي نور الدين فقبَّله، وأقطعه إقطاعاً حسناً، وعوَّل عليه، ونظر إليه، وقرَّبه، وخصَّصه، ولم يزل يتقدَّم تقدُّما تبدو منه أسباب تقضي تقديمه إلى ما هو أعلى. وكان نور الدين يكلِّفه بالذهاب إلى عمِّه لاستشارته في قضايا تخصُّ الدولة، والمكوس، والضَّمانات، فقد كان نور الدين يهتمُّ بمشاورة كبار قواده، وتسمى هذه الوظيفة لصلاح الدين في العصر الحديث: كاتم الأسرار وضابط الرُّكن الشخصي لنور الدين.
معركة حطين وفتح بيت المقدس

تمكَّن صلاح الدين من تكوين جبهة إسلامية موحَّدة، لكن سيطرة الصَّليبين على بعض مدن الساحل الشَّامي، فضلاً عن حصني الكرك، والشوبك، كلُّ ذلك يمثل عقبة كأداء في إمكانية الاتصال بين محوري دولته التي ضمت مصر، ومعظم بلاد الشام، وجزءاً من أرض العراق، يضاف إلى ذلك: أنَّ هـذه المدن، والموانئ الساحلية تمتَّعت بمكانةٍ استراتيجية هامَّة؛ لأنَّ سيطرة الصليبيين عليها جعلهم على اتِّصال دائمٍ بوطنهم الأم الغرب الأوربي، لذلك اهتمَّ صلاح الدين منذ بداية حكمه بالإغارة على هـذه المناطق، بل إنَّ اهتمامه بذلك يرجع أيضاً إلى أيَّام وزارته في الدولة الفاطمية.
وفي الواقع إنَّ صلاح الدين قد ألحق بالصليبيين خسائر جسيمة في الأرواح، والعتاد من جراء تلك الغارات التي نظَّمها على مدن الساحل الشامي، الأمر الذي دفع الصَّليبيين ـ على ما يبدو ـ إلى التفكير في تخفيف الضَّغط عن تلك المناطق بتحويل نظر صلاح الدين عنها، وذلك بالإغارة على منطقة ساحل البحر الأحمر، هـذا فضلاً عن استغلال وجوده في تلك المنطقة، وتهديد المقدَّسات الإسلاميَّة لطعن الإسلام في أقدس بقاعه إلا أن الأحداث كانت تجري بسرعة في مصلحة صلاح الدين.
مقدِّمات معركة حطين

1 ـ وفاة بلدوين الخامس وتأثيرها على أوضاع الصَّليبيين: توفي الملك بلدوين الخامس في شهر جمادى الآخرة عام 582 هـ/ بعد شهور من توليته، فبرزت من جديد مشاكل الصَّليبيين الدَّاخلية؛ إذ كانت وفاته إيذاناً بصراع حادٍّ بين الأمراء حول الفوز بعرش المملكة، وقد استفاد صلاح الدين من هذه الظروف التي مرت بها المملكة.
2 ـ وقعة صفورية: في الوقت الذي كان صلاح الدين فيه معسكراً بالقرب من حصن الكرك، والشوبك لحماية الحاجِّ من اعتداءات الصَّليبيين؛ عمد إلى إرسال قَّوةٍ استطلاعيةٍ، اتجهت إلى صفورية. وقد حرص قوَّادها على أن يكون مسيرها على قدر كبير من السرية، والخفاء، فكان سيرهم إليها في الجزء الأخير من الليل، على أن يكون هجومهم عليها في الصَّباح الباكر، وبالفعل فقد نُفِّذت تلك الخطة بدقَّة تامَّةٍ وصبحوا صفورية، وساء صباح المنذرين.
3 ـ الاستعدادات التي سبقت معركة حطِّين: استبشر صلاح الدين ـ الذي كان آنذاك يعسكر بالقرب من حصن الكرك ـ بذلك النَّصر الذي حقَّقته تلك السَّريَّة الإسلامية في معركة صفورية، فترك الكرك، والشُّوبك، وسار مسرعاً على رأس جيشه في اتجاه العدو، وعسكر في عشترا، واجتمعت حوله العساكر الإسلامية بإعدادٍ هائلة حتى «غطَّى بها الفضاء» على حدِّ قول ابن واصل وفي عشترا قام بعرض عسكره، فكان في اثني عشر ألف مقاتل. ثمَّ رتب جيشه طبقاً لنظام المعركة المعتاد، فجعل ابن أخيه تقي الدين عمر في الميمنة، ومظفر الدين كوكبوري في الميسرة، وكان هو في القلب، وبقيَّة الجيش فرَّقه على الجناحين استعداداً للحرب.
أحداث معركة حطين

1 ـ بداية الهجوم الإسلامي: وبدأ الهجوم الإسلامي على الصَّلبيين، فاستمات المسلمون في القتال، وشدَّدوا هجماتهم على الأعداء مدركين: أنَّ من ورائهم الأردن، ومن بين أيديهم بلاد الرُّوم، وأنهم لا ينجيهم إلا الله. وأمام ذلك الهجوم الإسلامي الرَّهيب أدرك الصليبيون: أنَّ نهايتهم قد حانت، وأنَّه لا ينجيهم من صلاح الدين سوى الفرار، أو الاستسلام، ولم يستطع النَّجاة سوى ريموند أمير طرابلس؛ الذي رأى عجز الصَّليبيين عن مقاومة الجيش الإسلامي، فاتفق مع جماعةٍ من أصحابه، وحملوا على من يليهم من المسلمين، ففتح المسلمون لهم طريقاً يخرجون منه، وبعد خروجهم التأم الصفُّ مرةً أخرى.
2 ـ الحرب النفسية عند صلاح الدين: ويبدو أنَّ صلاح الدين كان في تلك المعركة الحاسمة يعمد إلى القضاء على الصَّليبيين، وإدخال الوهن في نفوسهم بكل الوسائل، والدَّليل على ذلك: أنه بعد أن حصر الصليبيين في أعلى جبل حطين؛ ركز اهتمامه على الاستيلاء على صليبهم الأعظم الذي يسمونه: صليب الصلبوت، والذي يزعمون: أنَّ فيه قطعةً من الخشبة التي صلب عليها المسيح ـ عليه السلام ـ وبالفعل، فما أن تمكَّن من أخذه حتَّى حلَّ بالصَّليبيين البوار، وأيقنوا بالهلاك.
3 ـ صلاح الدين يصلِّى صلاة الشُّكر ويستقبل الملوك الأسرى: أمر صلاح الدين بأن تضرب له خيمة، فتمَّ له ذلك، فنزل فيها، وصلى لله تعالى شكراً على هـذه النِّعمة؛ التي درج الملوك من قبله على تمنِّي مثلها، وماتوا بحسرتها. ثم أحضر ملوك الصَّليبيين، ومقدَّميهم، واستقبلهم استقبالاً حسناً، وأجلس الملك جاي إلى جانبه، وأجلس البرنس أرناط صاحب الكرك إلى جانب الملك، وبادر صلاح الدِّين بتقديم إناء به ماء مثلَّج للملك جاي، فشرب منه، وأعطى ما تبقى لأرناط، فشرب، وعندئذ غضب صلاح الدين من ذلك، وخاطب الملك مؤكداً له بأن أرناط لم يشرب الماء بإذنه، فينال أمانه.
ثم التفت إليه، وذكره بجرائمه، وخيانته، وقال له: كم تحلف، وتنكث؟! فقال الترجمان عنه: إنه يقول: قد جرت عادة الملوك بذلك. فوقف السُّلطان صلاح الدين، وقال: هأنذا استنصر لمحمَّد. ثم عرض عليه الإسلام فأبى، فاستلَّ صلاح الدين سلاحه، وضربه، فحلَّ كتفه، وتمَّم عليه مَنْ حضر. ولمَّا رأى ملك بيت المقدس جاي لوزجنان ذلك المنظر؛ خاف، وظن: أنَّ صلاح الدين سوف يثنِّي به، ولكن السُّلطان استحضره، وطيب قلبه، وقال له: لم تجر عادة الملوك أن يقتلوا الملوك، أمَّا هـذا فإنه تجاوز حدَّه، فجرى ما جرى.
نتائج معركة حطِّين

1 ـ معركة فاصلة وحاسمة: توصف معركة حطِّين بأنها معركةٌ فاصلةٌ، وحاسمة؛ لأننا نلاحظ: أنها غيَّرت خريطة التوزيعات السياسية في المنطقة، ففي أعقابها اتَّجه ذلك السُّلطان المجاهد إلى فتح مدن السَّاحل الشامي، وتساقطت الواحدة تلو الأخرى باستثناء صور ذات المنعة، والحصانة، وهكذا تمَّ حل مشكلة السَّاحل الشامي؛ الذي طرد منه المسلمون منذ أعوام طوال، ولم يعد المسلمون أصحاب وجود بريٍّ حبيس، وهكذا تساقطت مدن عكَّا، ويافا، وصيدا، وبيروت، وجبيل، وعسقلان، وغيرها.
2 ـ بداية النهاية للوجود الصليبي: كانت معركة حطين أعظم من مجرَّد كارثة عسكريَّة حلَّت بالصليبيين، لقد كانت في حقيقة أمرها بشيراً بنجاح المسلمين في القضاء على أكبر حركة استعمارية، شهدها العالم في العصور الوسطى، كما شكَّلت حدَّاً تراجع عنده المدُّ الصَّليبي باتجاه الشرق الأدنى الإسلامي، وبداية النهاية للوجود الصليبي، وقد أنهت المعركة زهاء تسعة عقود من الاضمحلال، والتدهور، والتشرذم في المنطقة الإسلامية في الشرق الأدنى؛ لتؤكد أهمية الوحدة بين أقطار هذه المنطقة الجغرافية في جنوب غرب آسيا، وفي مصر في مواجهة كلِّ الأخطار.
3 ـ معركة حطين مفتاح بيت المقدس: كانت معركة حطين معركة تحرير فلسطين؛ لأنَّها هي التي فتحت طريق النصر إلى بيت المقدس، وباقي فلسطين، وقد وصف ابن واصل هذه المعركة بقوله: كانت وقعة حطِّين مفتاح الفتوح الإسلامية، وبها تيسَّر فتح بيت المقدس، وعدَّها حلقةً وسط بين فتوحات نور الدين محمود، وركن الدِّين بيبرس البندقاري. فمنذ وفد ملوك الفرنج إلى البلاد الساحلية، واستولوا عليها؛ لم يقع للمسلمين معهم يومٌ كيوم حطين، فرحم الله الملك الناصر، وقدَّس روحه، فلم يؤيَّد الإسلام بعد الصَّحابة ـ رضي الله عنهم ـ برجل مثله، ومثل نور الدين محمود بن زنكي، رحمة الله عليهما، فهما جدَّدا الإسلام بعد دروسه، وشيَّدا بنيان التوحيد بعد طموسه، ثمَّ أيد الله الإسلام بعدهما بالملك المظفَّر ركن الدين بيبرس، وكان أمره أعجب؛ إذ جاء بعد أن استولى التتار على معظم البلاد الإسلاميَّة، وأيس الناس أن لا انتعاش للملَّة، فبدَّد شمل التتار، وحفظ البلاد الإسلامية.
1- محمد محمد الصلابي، صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس، ص.ص (183-187)، ص. ص (298-422).

2- عبد الله علوان، صلاح الدين، دار السلام مصر. ص21.

3- د. أحمد شلبي، التاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية: (ج5/187).

4- بهاء الدين بن شدَّاد، النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية تحقيق: أحمد إيبيش، دار الأوائل سوريا، الطبعة الأولى 2003 م، ص6.

5- تقي الدين أحمد بن قاضي شهبة، الكواكب الدرية في السيرة النورية، تحقيق: محمود زايد، طبعة أولى، بيروت 1971 م، ص43.

6- أبو شامة، شهاب الدين عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم بن عثمان المقدسي الدمشقي الشافعي كتاب الروضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى 1418 هـ/1997م، (2/75).


7- ابن خلكان، أبو العباس شمس الدين أحمد، وفيات الأعيان وأنباء الزمان، تحقيق إحسان عباس، دار صارد بيروت. (7/174).





ابوالوليد المسلم 27-06-2020 08:02 PM

رد: القدس اسلامية رغم أنف امريكا متابعة لملف القدس وفلسطين المحتلة وكل ما يستجد من اح
 
غارات إسرائيلية على مواقع في قطاع غزة.
شن الجيش الإسرائيلي قصفا جويا ومدفعيا على مواقع تابعة للفصائل الفلسطينية غرب دير البلح ومنطقة غرب خان يونس في قطاع غزة.

منقول


ابوالوليد المسلم 14-07-2020 01:28 AM

رد: القدس اسلامية رغم أنف امريكا متابعة لملف القدس وفلسطين المحتلة وكل ما يستجد من اح
 


صلاح الدين والدنيا

د. حمدي طنطاوي محمد


إننا حينما نتحدث عن صلاح الدين فإننا نتحدث عن صلاح دين ودنيا، نتحدث عن رجل قاد أمة إلى بر الأمان بعدما عاشت سنين تركض في بحر الهزيمة والعصيان، فباتت تسطر في سجل الانتصارات فخراً بعد فخر، وانتصاراً بعد انتصار، إلى أن منَّ الله عليها بتحرير القدس وتحرير الأقصى الشريف، لقد كان حرياً بسيرة هذا الرجل الصالح أن يكلل الله حياته بهذا النصر، يقول ابن شداد: كان رحمة الله عليه حسن العقيدة، كثير الذكر لله تعالى، قد أخذ عقيدته من مشايخ أهل العلم وأكابر الفقهاء، وكان إذا جرى الكلام بين يديه يقول فيه قولاً حسناً وإن لم يكن بعبارة الفقهاء فتحصل من ذلك سلامة عقيدته عن كدر التشبيه.. وكان لشدة حرصه عليها يعلمها الصغار من أولاده حتى ترسخ في أذهانهم في الصغر[1].

وأما الصلاة فإنه كان رحمه الله تعالى شديد المواظبة عليها بالجماعة وكان يواظب على السنن الرواتب، وكان له صلوات يصليها إذا استيقظ في الليل وإلا أتى بها قبل صلاة الصبح وما ترك الصلاة إلا في الأيام الثلاثة التي تغيب فيها ذهنه، وأما الزكاة فإنه مات رحمه الله تعالى ولم يحفظ ما تجب عليه به الزكاة، وأما صدقة النفل فإنها استرقت جميع ما ملكه من الأموال؛ فإنه ملك ما ملك ولم يخلف في خزانته من الذهب والفضة إلا سبعة وأربعين درهماً ناصرية وجرماً واحداً ذهباً ولم يخلف ملكاً ولا داراً ولا عقاراً ولا بستاناً ولا قريةً ولا مزرعةً ولا شيئاً من أنواع الأملاك[2].
أما صوم رمضان فإنه كان عليه منه فوائت بسبب أمراض تواترت عليه في رمضانات متعددة وكان القاضي الفاضل قد تولى ثبت تلك الأيام وشرع رحمه الله في قضاء تلك الفوائت بالقدس الشريف في السنة التي توفي فيها[3].
وأما الحج فإنه كان لم يزل عازماً عليه وناوياً له لاسيما في العام الذي توفي فيه فإنه صمم العزم عليه وأمر بالتأهب وعملنا الرفادة ولم يبق إلا المسير فاعتاق عن ذلك بسبب ضيق الوقت وخلو اليد عما يليق بأمثاله فأخر إلى العام المستقبل فقضى الله ما قضى[4].
كان رحمه الله تعالى يحب سماع القرآن العظيم ويستجيد إمامه، ويشترط أن يكون عالماً بعلم القرآن العظيم متقناً لحفظه. وكان يستقرئ من يحرسه في الليل وهو في برجه الجزءين والثلاثة والأربعة وهو يسمع. وكان يستقرئ وهو في مجلسه العام من جرت عادته بذلك الآية والعشرين والزائد على ذلك، ولقد اجتاز على صغير بين يدي أبيه وهو يقرأ القرآن فاستحسن قراءته فقربه وجعل له حظاً من خاص طعامه ووقف عليه وعلى أبيه جزأً من مزرعة.
وكان رحمه الله تعالى خاشع القلب رقيقه غزير الدمعة إذا سمع القرآن يخشع قلبه وتدمع عينه في معظم أوقاته. وكان رحمه الله شديد الرغبة في سماع الحديث ومتى سمع عن شيخ ذي رواية عالية وسماع كثير فإن كان ممن يحضر عنده استحضره وإن كان ذلك الشيخ ممن لا يطرق أبواب السلاطين ويتجافى عن الحضور في مجالسهم سعى إليه وسمع عليه. تردد إلى الحافظ الأصفهاني بالإسكندرية حرسها الله تعالى وروى عنه أحاديث كثيرة[5].
ولقد كان رحمه الله عادلاً رؤوفاً رحيماً ناصراً للضعيف على القوي. وكان يجلس للعدل كل يوم إثنين وخميس في مجلس عام يحضره الفقهاء والقضاة والعلماء ويفتح الباب للمتحاكمين حتى يصل إليه كل أحد من كبير وصغير وعجوز هرمة وشيخ كبير وكان يفعل ذلك سفراً وحضراً[6].
ولقد كان رؤوفاً بالرعية ناصراً للدين مواظباً على تلاوة القرآن العزيز عالماً بما فيه عاملاً به ولم يرد قاصداً أبداً أو منتحلاً ولا طالب حاجة.
يقول ابن شداد: «لقد رأيته رحمه الله بمرج عكا وهو على غاية من مرض اعتراه بسبب كثرة دماميل كانت ظهرت عليه من وسطه إلى ركبتيه بحيث لا يستطيع الجلوس وإنما يكون منكباً على جانبه إن كان بالخيمة، وكان مع ذلك قد نزل بخيمة الحرب قريباً من العدو وقد رتب الناس ميمنة وميسرة وقلباً تعبية القتال وكان مع ذلك كله يركب من بكرة النهار إلى صلاة المغرب يطوف على الأطلاب صابراً على شدة الألم وقوة ضربان الدمامل وأنا أتعجب من ذلك فيقول إذا ركبت يزول عني ألمها حتى أنزل وهذه عناية ربانية[7].
يروي ابن الأثير أنَّ داراً بمصر كانت تسمى دار المعونة يحبس فيها من يراد حبسه هدمها صلاح الدين، وأزال ما كان فيها من الظلم وبنى فيها داراً للعدل، هكذا العظماء، وعزل القضاة المصريين - وكانوا شيعة - وأقام قاضياً شافعياً، وجعل القضاة الشافعية في كل البلاد.
ومن محاسن صلاح الدين، بعد أن ثبت قدمه بمصر وأزال المخالفين، إلزام نفسه بما ألزمه به نور الدين من قطع الخطبة العاضدية وإقامة الخطبة المستضيئية، بعد أن استشار أمراءه فمنهم من أشار عليه به ومنهم من خافه، فما أمكنه إلا أن يمتثل لأمر نور الدين بعد أن ألزمه إلزاماً لا فسحة فيه، وكتب بذلك إلى سائر بلاد مصر ففعلوا ذلك ولم ينتطح فيه عنزان[8]. ولما وصلت البشارة إلى بغداد بذلك ضربت البشائر بها عدة أيام وزينت بغداد وظهر من الفرح والجذل ما لا حد عليه.
ومن محاسنه أنَّه كان سيفاً يخوف به بلاد الفرنج، وذلك لما مات نور الدين محمود صاحب الشام اجتمع الفرنج وساروا إلى قلعة بانياس من أعمال دمشق فحصروها فجمع شمس الدين محمد بن عبد الملك ابن المقدم العسكر عنده بدمشق فخرج عنها فراسلهم ولاطفهم ثم أغلظ لهم في القول وقال لهم إن أنتم صالحتمونا وعدتم عن بانياس فنحن على ما كنا عليه وإلا فنرسل إلى سيف الدين صاحب الموصل ونعلمه ونصالحه ونستنجده ونرسل إلى صلاح الدين بمصر فنستنجده ونقصد بلادكم من جهاتها كلها ولا تقومون لنا وأنتم تعلمون أن صلاح الدين كان يخاف أن يجتمع بنور الدين والآن فقد زال ذلك الخوف وإذا طلبناه إلى بلادكم فلا يمتنع، فعلموا صدقه فصالحوه على شيء من المال أخذوه وأسرى لهم كانوا عند المسلمين وتقررت الهدنة، فلما سمع صلاح الدين بذلك أنكره واستعظمه وكتب إلى الملك الصالح والأمراء الذين معه يقبح لهم ما فعلوه ويبذل من نفسه قصد بلاد الفرنج ومقارعتهم وإزعاجهم عن قصد شيء من بلاد الملك الصالح[9].
وسيرته كانت تهابها الأعداء ويطمئن لها الأولياء، ففي سنة 570هـ هاجم أسطول من الفرنج مدينة الإسكندرية وكان سبب ذلك إرسال بعض أهل مصر إلى ملك الفرنج بساحل الشام وإلى صاحب صقلية ليقصدوا ديار مصر ليثوروا بصلاح الدين ويخرجوه من مصر، فجهز صاحب صقلية أسطولاً عدة وعتاداً فخرج أهل الإسكندرية بسلاحهم وعدتهم ليمنعوهم من النزول وأبعدوا عن البلد فمنعهم الوالي عليهم من ذلك وأمرهم بملازمة السور، ونزل الفرنج إلى البر مما يلي البحر والمنارة وتقدموا إلى المدينة ونصبوا عليها الدبابات والمنجنيقات وقاتلوا أشد قتال وصبر لهم أهل البلد ولم يكن عندهم من العسكر إلا القليل، ورأى الفرنج من شجاعة أهل الإسكندرية وحسن سلاحهم ما راعهم، وسيرت الكتب بالحال إلى صلاح الدين يستدعونه لدفع العدو عنهم، ودام القتال أول يوم إلى آخر النهار ثم عاود الفرنج القتال اليوم الثاني وجدوا ولازموا الزحف حتى وصلت الدبابات إلى قريب السور، ووصل ذلك اليوم من العساكر الإسلامية كل من كان في إقطاعه وهو قريب من الإسكندرية فقويت بهم نفوس أهلها وأحسنوا القتال والصبر وكثر الصياح من كل الجهات فارتاع الفرنج واشتد القتال فوصل المسلمون إلى الدبابات فأحرقوها وصبروا للقتال فأنزل الله نصره عليهم وظهرت أماراته، ولم يزل القتال إلى آخر النهار ودخل أهل البلد إليه وهم فرحون مستبشرون بما رأوا من تباشير الظفر وقوتهم وفشل الفرنج وفتور حربهم وكثرة القتل والجراح في رجالتهم.
وأما صلاح الدين فإنه لما وصله الخبر سار بعساكره وسير مملوكاً له ومعه ثلاثة جنائب ليجد السير عليها إلى الإسكندرية يبشر بوصوله وسير طائفة من العسكر إلى دمياط خوفاً عليها واحتياطاً لها، فسار ذلك المملوك فوصل الإسكندرية من يومه وقت العصر والناس قد رجعوا من القتال فنادى في البلد بمجيء صلاح الدين والعساكر مسرعين، فلما سمع الناس ذلك عادوا إلى القتال وقد زال ما بهم من تعب وألم الجراح وكل منهم يظن أن صلاح الدين معه فهو يقاتل قتال من يريد أن يشاهد قتاله.
وسمع الفرنج بقرب صلاح الدين في عساكره فسقط في أيديهم وزادوا تعباً وفتوراً فهاجم المسلمون عند اختلاط الظلام ووصلوا إلى خيامهم فغنموها بما فيها من الأسلحة الكثيرة والتحملات العظيمة، وكثر القتل في رجالة الفرنج فهرب كثير منهم إلى البحر وقربوا شوانيهم إلى الساحل ليركبوا فيها فسلم بعضهم وركب وغرق بعضهم وغلبهم أهل البلد وقهروهم فصاروا بين قتيل وأسير وكفى الله المسلمين شرهم[10].
فتح الكرك:

في سنة 580هـ رأى صلاح الدين أنَّ فتح الكرك لزاماً عليه، وأنَّ فتحها أنفع للمسلمين من غيرها، فإن أهلها يقطعون الطريق على الحجاج، فبينما هو كذلك إذ بلغه أنَّ الفرنج قد اجتمعوا له كلهم فارسهم وراجلهم، ليمنعوا منه الكرك، فانشمر عنها وقصدهم فانهزمت الفرنج فأرسل وراءهم من قتل منهم مقتلة عظيمة، وفي هذه السنة مرض صلاح الدين مرضاً شديداً حتى لقد أشار عليه أخوه العادل بأن يوصي بعد أن قصده بالأطباء والأدوية من حلب، ثم نذر لئن شفاه الله من مرضه هذا ليصرفن همته كلها إلى قتال الفرنج ولا يقاتل بعد ذلك مسلماً، وليجعل أكبر همه فتح بيت المقدس، ولو صرف في سبيل الله جميع ما يملكه من الأموال والذخائر، وليقتلن البرنس صاحب الكرك بيده، لأنَّه نقض العهد وتنقص الرسول صلى الله عليه وسلم ، وذلك أنه أخذ قافلة ذاهبة من مصر إلى الشام فأخذ أموالهم وضرب رقابهم وهو يقول: أين محمدكم؟ دعوه ينصركم، فعند ذلك شفاه الله وعافاه من ذلك المرض الذي كان فيه، كفارة لذنوبه، وجاءت البشارات بذلك من كل ناحية، فدقت البشائر وزينت البلاد؛ فرحاً بإتمام الشفاء. ثم ركب السلطان من حران بعد العافية فدخل حلب، ثم ركب فدخل دمشق، وقد تكاملت عافيته، وقد كان يوماً مشهوداً[11].
واقعة حطين:

لقد كان يوم حطين يوماً عظيماً في تاريخ البشرية، وكانت معركته فاصلة قصمت ظهور النصارى، وكانت هي الممهدة لفتح بيت المقدس.
يقول ابن كثير: «جاء السلطان بجحافله فالتفت عليه جميع العساكر، فرتب الجيوش وسار قاصداً بلاد الساحل، وكان جملة من معه من المقاتلة اثني عشر ألفاً غير المتطوعة، فتسامعت الفرنج بقدومه فاجتمعوا كلهم وتصالحوا فيما بينهم، وصالح قومس طرابلس وبرنس الكرك الفاجر، وجاؤوا بحدهم وحديدهم واستصحبوا معهم صليب الصلبوت يحمله منهم عباد الطاغوت، وضلال الناسوت، في خلق لا يعلم عدتهم إلا الله عز وجل، يقال كانوا خمسين ألفاً وقيل ثلاثاً وستين ألفاً، وقد خوفهم صاحب طرابلس من المسلمين فاعترض عليه البرنس صاحب الكرك فقال له لا أشك أنك تحب المسلمين وتخوفنا كثرتهم، وستري غب ما أقول لك، فتقدموا نحو المسلمين وأقبل السلطان، ففتح طبرية وتقوى بما فيها من الأطعمة والأمتعة وغير ذلك، وتحصنت منه القلعة، فلم يعبأ بها، وحاز البحيرة في حوزته ومنع الله الكفرة أن يصلوا منها إلى قطرة، حتى صاروا من عطش عظيم، فبرز السلطان إلى سطح الجبل الغربي من طبرية عند قرية يقال لها حطين، التي يقال إنَّ فيها قبر شعيب عليه الصلاة والسلام، وجاء العدو المخذول، وكان فيهم صاحب عكا وكفرنكا وصاحب الناصرة وصاحب صور وغير ذلك من جميع ملوكهم، فتواجه الفريقان وتقابل الجيشان، وأسفر وجه الإيمان وأغبر وأقتم وأظلم وجه الكفر والطغيان، ودارت دائرة السوء على عبدة الصلبان، وذلك عشية يوم الجمعة، فبات الناس على مصافهم وأصبح صباح يوم السبت الذي كان يوماً عسيراً على أهل الأحد وذلك لخمس بقين من ربيع الآخر، فطلعت الشمس على وجوه الفرنج واشتد الحر وقوي بهم العطش، وكان تحت أقدام خيولهم حشيش قد صار هشيماً، وكان ذلك عليهم مشؤوماً، فأمر السلطان النفاطة أن يرموه بالنفط، فرموه فتأجج ناراً تحت سنابك خيولهم، فاجتمع عليهم حر الشمس وحر العطش وحر النار وحر السلاح وحر رشق النبال، وتبارز الشجعان، ثم أمر السلطان بالتكبير والحملة الصادقة فحملوا وكان النصر من الله عز وجل، فمنحهم الله أكتافهم فقتل منهم ثلاثون ألفاً في ذلك اليوم، وأسر ثلاثون ألفاً من شجعانهم وفرسانهم[12]، وكان في جملة من أسر جميع ملوكهم سوى قومس طرابلس فإنه انهزم في أول المعركة، واستلبهم السلطان صليبهم الأعظم، وهو الذين يزعمون أنه صلب عليه المصلوب، وقد غلفوه بالذهب واللآلئ والجواهر النفيسة، ولم يسمع بمثل هذا اليوم في عز الإسلام وأهله ودمغ الباطل وأهله، حتى ذكر أن بعض الفلاحين رآه بعضهم يقود نيفاً وثلاثين أسيراً من الفرنج قد ربطهم بطنب خيمة، وباع بعضهم أسيراً بنعل ليلبسها في رجله، وجرت أمور لم يسمع بمثلها إلا في زمن الصحابة والتابعين، فلله الحمد دائماً كثيراً طيباً مباركاً.
فلما تمت هذه الوقعة ووضعت الحرب أوزارها أمر السلطان بضرب مخيم عظيم، وجلس فيه على سرير المملكة وعن يمينه أسرة وعن يساره مثلها، وجيء بالأسارى تتهادى بقيودها، فأمر بضرب أعناق جماعة من مقدمي الداوية - والأسارى بين يديه - صبراً، ولم يترك أحداً منهم ممن كان يذكر الناس عنه شراً، ثم جيء بملوكهم فأجلسوا عن يمينه ويساره على مراتبهم، فأجلس ملكهم الكبير عن يمينه، وأجلس أرياط برنس الكرك وبقيتهم عن شماله، ثم جيء إلى السلطان بشراب من الجلاب مثلوجاً، فشرب ثم ناول الملك فشرب، ثم ناول أرياط صاحب الكرك فغضب السلطان وقال له: إنما ناولتك ولم آذن لك أن تسقيه، هذا لا عهد له عندي، يقول ابن شداد: «فقصد رحمه الله أن من أكل من طعامي فالمروءة تقتضي أن لا أؤذيه»[13]. ثم تحول السلطان إلى خيمة داخل تلك الخيمة واستدعى أرياط صاحب الكرك، فلما أوقف بين يده قام إليه بالسيف ودعاه إلى الإسلام فامتنع، فقال له: نعم أنا أنوب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الانتصار لأمته، ثم قتله وأرسل برأسه إلى الملوك وهم في الخيمة، وقال: إن هذا تعرض لسب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم قتل السلطان جميع من كان من الأسارى من الداوية والإسبتارية صبراً وأراح المسلمين من هذين الجنسين الخبيثين، ولم يسلم ممن عرض عليه الإسلام إلا القليل، فيقال إنه بلغت القتلى ثلاثين ألفاً، والأسارى كذلك كانوا ثلاثين ألفاً، وكان جملة جيشهم ثلاثة وستين ألفاً، وكان من سلم مع قلتهم قد هرب أكثرهم جرحى، فماتوا ببلادهم، وكان يوماً مشهوداً[14]، فلله الحمد والمنة.
ثم اتجه إلى عكا فأخذها وأخرج الأسرى كلهم من ضيق الأسر وكانوا زهاء أربعة آلاف أسير وأعطى كل واحد منهم نفقة يصل بها إلى بلده وأهله.
يقول ابن شداد: «كان حسن العشرة لطيف الأخلاق طيب الفكاهة حافظاً لأنساب العرب ووقائعهم عارفاً بسيرهم وأحوالهم حافظاً لأنساب خيلهم عالماً بعجائب الدنيا ونوادرها بحيث كان يستفيد محاضره منه ما لا يسمع من غيره.
وكان حسن الخلق يسأل الواحد منا عن مرضه ومداواته ومطعمه ومشربه وتقلبات أحواله.
وكان طاهر المجلس، لا يذكر بين يديه أحد إلا بخير السمع، فلا يحب أن يسمع عن أحد إلا الخير وطاهر اللسان فما رأيته ولع بشتم قط، وكان حسن العهد والوفاء، فما أحضر بين يديه يتيم إلا وترحّم على مخلفيه وجبر قلبه، وأعطاه وجبر مصابه، وإن كان له من أهله كبير يعتمد عليه سلمه إياه وإلا أبقى له من الخير ما يكف حاجته وسلمه إلى من يعتني بتربيته ويكفلها.
وكان لا يرى شيخاً إلا ويرق له ويعطيه ويحسن إليه ولم يزل على هذه الأخلاق إلى أن توفاه الله إلى مقر رحمته ومكان رضوانه[15].
يقول القاضي ابن شداد: «ولقد كنت راكباً في خدمته، في بعض الأيام قبالة الإفرنج، وقد وصل بعض اليزكية ومعه امرأة شديدة التخوف، كثيرة البكاء، متواترة الدق على صدرها قال اليزكي: إنَّ هذه خرجت من عند الإفرنج فسألت الحضور بين يديك وقد أتينا بها، فأمر الترجمان أن يسألها عن قصتها فقالت اللصوص المسلمون دخلوا البارحة إلى خيمتي وسرقوا ابنتي وبت البارحة أستغيث إلى بكرة النهار، فقال لي المملوك: السلطان هو أرحم ونحن نخرجك إليه تطلبين ابنتك منه، فأخرجوني إليك وما أعرف ابنتي إلا منك. فرق لها ودمعت عينه وحركته مروءته وأمر من ذهب إلى سوق العسكر يسأل عن الصغيرة من اشتراها ويدفع له ثمنها ويحضرها وكان قد عرف قضيتها من بكرة يومه فما مضت ساعة حتى وصل الفارس والصغيرة على كتفه، فما كان إلا أن وقع نظرها عليها فخرت إلى الأرض تعفر وجهها في التراب والناس يبكون على ما نالها وهي ترفع طرفها إلى السماء ولا نعلم ما تقول فسلمت ابنتها إليها وحملت حتى أعيدت إلى عسكرهم.
وكان مغرماً بالإنفاق في سبيل الله، وكان لا يرى الإساءة إلى من صحبه وإن أفرط في الخيانة ولقد أبدل في خزائنه كيسان من الذهب المصري بكيسين من الفلوس فما عمل بالنواب شيئاً سوى أن صرفهم من عملهم لا غير[16].

فتح القدس الشريف:

طار في الناس أن السلطان عزم على فتح بيت المقدس، فقصده العلماء والصالحون تطوعاً، وجاؤوا إليه، ووصل أخاه العادل بعد وقعة حطين وفتح عكا ففتح بنفسه حصوناً كثيرةً، فاجتمع من عباد الله ومن الجيوش شيء كثيرٌ جداً، فعند ذلك قصد السلطان القدس[17].
وكان صاحب القدس يومئذ رجلاً يقال له بالبان بن بازران، ومعه من سلم من وقعة حطين يوم التقى الجمعان، من الداوية والإسبتارية أتباع الشيطان وعبدة الصلبان وقاتل الفرنج دون البلد قتالاً هائلاً، وبذلوا أنفسهم وأموالهم في نصرة دينهم وقمامتهم، واستشهد في الحصار بعض أمراء المسلمين(3)، فحنق عند ذلك كثير من الأمراء والصالحين، واجتهدوا في القتال، والعيون تنظر إلى الصلبان منصوبةً فوق الجدران، وفوق قبة الصخرة صليب كبير، فزاد ذلك أهل الإيمان حنقاً وشدةً، وكان ذلك يوماً عسيراً على الكافرين غير يسير، فبادر السلطان بأصحابه إلى الزاوية الشرقية الشمالية من السور فنقبها وحشاها وأحرقها، فسقط ذلك الجانب وخر البرج برمته، فلما شاهد الفرنج ذلك الحادث الفظيع، والخطب المؤلم الوجيع، قصد أكابرهم السلطان وتشفعوا إليه أن يعطيهم الأمان، فامتنع من ذلك وقال: لا أفتحها إلا عنوة، كما افتتحتموها أنتم عنوة، ولا أترك بها أحداً من النصارى إلا قتلته، كما قتلتم أنتم من كان بها من المسلمين، فطلب صاحبها بالبان بن بازران الأمان؛ ليحضر عنده فأمنه، فلما حضر ترقق للسلطان وذل ذلاً عظيماً، وتشفع إليه بكل ما أمكنه فلم يجبه إلى الأمان لهم، فقالوا إن لم تعطنا الأمان رجعنا فقتلنا كل أسير بأيدينا - وكانوا قريباً من أربعة آلاف - وقتلنا ذرارينا وأولادنا ونساءنا وخربنا الدور والأماكن الحسنة، وأحرقنا المتاع وأتلفنا ما بأيدينا من الأموال، وهدمنا قبة الصخرة وحرقنا ما نقدر عليه، ولا نبقي ممكناً في إتلاف ما نقدر عليه، وبعد ذلك نخرج فنقاتل قتال الموت، ولا خير في حياتنا بعد ذلك، فلا يقتل واحد منا حتى يقتل أعداداً منكم، فماذا ترتجي بعد هذا من الخير؟ فلما سمع السلطان ذلك أجاب إلى الصلح وأناب، على أن يبذل كل رجل منهم عن نفسه عشرة دنانير، وعن المرأة خمسة دنانير، وعن كل صغير وصغيرة دينارين، ومن عجز عن ذلك كان أسيراً للمسلمين، وأن تكون الغلات والأسلحة والدور للمسلمين، وأنهم يتحولون منها إلى مأمنهم وهي مدينة صور.
فكتب الصلح بذلك، وأن من لم يبذل ما شرط عليه إلى أربعين يوماً فهو أسير، فكان جملة من أسر بهذا الشرط ستة عشر ألف أسير من رجال ونساء وولدان، ودخل السلطان والمسلمون البلد يوم الجمعة قبل وقت الصلاة بقليل، وذلك يوم السابع والعشرين من رجب.
قال العماد: وهي ليلة الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى[18].
قال ابن شداد: «لما قصد صلاح الدين القدس، اجتمعت عليه العساكر التي كانت متفرقة، ورأى أعداء الله ما نزل بهم من الأمر الذي لا يندفع عنهم وظهرت لهم أمارات نصرة الحق على الباطل وكان قد ألقى في قلوبهم الرعب مما جرى على أبطالهم ورجالهم من السبي والقتل والأسر، وما جرى على حصونهم من الاستيلاء والأخذ علموا أنهم إلى ما صاروا إليه صائرون. وبالسيف الذي قتل به إخوانهم مقتولون، فاستكانوا وأخلدوا إلى طلب الأمان، واستقرت القاعدة بالمراسلة بين الطائفتين، وكان تسلمه القدس قدس الله روحه ليلة الإسراء والمعراج. فانظر إلى هذا الاتفاق العجيب كيف يسّر الله عوده إلى أيدي المسلمين في مثل زمان الإسراء بنبيهم صلى الله عليه وسلم وهذه علامة قبول هذه الطاعة من الله تعالى، وارتفعت الأصوات بالضجيج والدعاء والتهليل والتكبير، وخطب فيه، وصليت فيه الجمعة يوم فتحه. وحطّ الصليب الذي كان على قبة الصخرة نصر الله الإسلام نصر عزيز مقتدر[19].
هذه بعض محاسن صلاح الدين سقناها للعبر، علها تجد في سوق الرجال رجالاً هم للراية السند وللشهادة الطلب وبهم ينتفع وعلى مثلهم يعتمد، والله المستعان.
[1] النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية لابن شداد، تحقيق: الدكتور جمال الدين الشيال، ص33، ط2، 1415هـ - 1994م، مكتبة الخانجي، القاهرة.
[2] النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية، ص34.
[3] المرجع نفسه ص35.
[4] النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية، ص35.
[5] النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية، ص36.
[6] المرجع نفسه، ص41.
[7] المرجع نفسه، ص57.
[8] الكامل في التاريخ لابن الأثير، تحقيق عبد الله القاضي، 10/33-34، ط1415هـ، دار الكتب العلمية، بيروت.
[9] الكامل في التاريخ، 10/60.
[10] الكامل في التاريخ، 10/63-64.
[11] البداية والنهاية، 12/387.
[12] البداية والنهاية، 12/392.
[13] النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية، ص70.
[14] البداية والنهاية، 12/392 -393.
[15] النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية، ص70.
[16] النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية، ص68-69.
[17] البداية والنهاية، 12/ 394.
[18] البداية والنهاية، 12/ 396.

[19] النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية، ص124-125.






ابوالوليد المسلم 20-07-2020 06:52 PM

رد: القدس اسلامية رغم أنف امريكا متابعة لملف القدس وفلسطين المحتلة وكل ما يستجد من اح
 
رعاية الأقصى من سنن المرسلين والصالحين


أيمن الشعبان




الحمد لله ذي الجود والعطاء، باسطِ الأرض ورافع السماء، والصلاة والسلام على من أمَّ الأنبياء جميعًا ليلة الإسراء، وعلى آله الأتقياء وصحابته الأوفياء، ومن سار على نهجهم إلى يوم العرض والجزاء، وبعد:
فإنّ الله سبحانه وتعالى جعل لرقيِّ ونُهوضِ الأمم سُننًا ومقدماتٍ وقوانينَ ومقومات، ومن أعظمِ خصائص السنن الإلهية أنها ثابتة لا تتبدل ولا تتغير، وأنها لا تحابي أحدًا ولا تجامل أمةً ولا دولة، قال سبحانه: {فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلا} [فاطر:43].
المقدسات من المساجد والبقاع والمدن والأماكن، التي عظّمها الله سبحانه وتعالى وشرّفها واصطفاها وكرّمها على غيرها؛ هي من شعائر الله المكانية التي جعل الله سبحانه تعظيمها وتقديسها ومحبتها والذبِّ عنها معياراً ومؤشراً للتقوى والفلاح، قال عز وجل: ( {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} ) [الحج:32].
والشعيرة هي ما أشعرنا الله سبحانه بأهميتها ومكانتها وفضلها، لتعظيمها والمحافظة على حرمتها والذبِّ عنها والعناية بها كما أراد الله سبحانه الذي اجتباها واختارها، والشعيرة هي المعلم الظاهر الواضح والعلامة التي تتميز بها الأمة، والشعيرة من الشعور ليشعر بها الرائي فتختلط محبتها في وجدانه وقلبه.
يقول (محمد صديق خان) في تفسيره فتح البيان (9/47): "فشعائر الله أعلام دينه".
ويقول (ابن عاشور) في التحرير والتنوير (17/256): "فَكُلُّ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ بِزِيَارَتِهِ أَوْ بِفِعْلٍ يُوقَعُ فِيهِ فَهُوَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ، أَيْ مِمَّا أشعر الله النَّاس وَقَرَّرَهُ وَشَهَرَهُ".
ويضيف قائلاً في بيان ضرورة غرس محبة الشعيرة في القلب وظهور أثر ذلك عملاً وتطبيقًا، فيقول في تفسيره (17/257): "وَإِضَافَةُ تَقْوَى إِلَى الْقُلُوبِ لأَنَّ تَعْظِيمَ الشَّعَائِرِ اعْتِقَادٌ قَلْبِيٌّ يَنْشَأُ عَنهُ الْعَمَل".
لقد حظي المسجد الأقصى المبارك منذ تأسيسه في عهد آدم؛ بعناية ربانية فائقة ورعاية نبوية كبيرة، إذ ارتبط ارتباطًا متينًا بالمسجد الحرام تاريخيًا وعقديًا وإيمانيًا وتعبديًا، فهما كالعقدين الثمينين النفيسين، اللذين أصبحا رمزًا وعنوانًا لتوحيد الله عز وجل وتحقيق العبودية الخالصة لله.
منذ وجوده على ثرى فلسطين صار المسجد الأقصى مهوى أفئدة الأنبياء وأتباعهم، ومركزًا ومحلاً لنشر التوحيد وتحقيق العبودية لله عز وجل، حتى صار عنوانًا لقوة الدِّين وبوصلةً للصراع بين الحق والباطل بمختلف الأزمنة والظروف والأحوال.
الأرض المباركة التي قَلبُها بيت المقدس، هاجر إليها أبو الأنبياء وإمام الحنفاء وخليل الرحمن إبراهيم عليه السلام، مع ابن أخيه لوط وزوجه سارة، وأسس مجتمعًا صالحًا مع ذريته، واعتنى بالمسجد الأقصى عمرانيًا وإيمانيًا.
قال سبحانه: ( {وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ . وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلا جَعَلْنَا صَالِحِينَ * وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ} ) [الأنبياء:71-73].
يوسف الصديق الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم عليه السلام، الذي توفاه الله في مصر، ومع ذلك أوصى علماء بني إسرائيل بأن يحملوا جثمانه إلى الأرض المباركة، عند انتقالهم إليها، ليعطي درسًا بليغًا بأن بيت المقدس هي أرض الأنبياء في حياتهم وبعد مماتهم!
رسخّ كليم الله موسى -عليه السلام- أهمية وجود المقدسات في حياة الأمة، كركيزة أساسية وقوة مركزية، لضمان الاستقرار والتماسك والرقي بمختلف المجالات، إذ كان يتطلع بعد نجاتهم من فرعون وجنده في آخر مراحل حياته لفتح بيت المقدس وتحريرها، من العمالقة الجبارين الوثنيين.
سار موسى وبنو إسرائيل باتجاه الأرض المقدسة، لاستعادتها وتحقيق العبودية الخالصة لله عز وجل فيها، بعد وعد من الله سبحانه أنهم بمجرد الدخول والصبر والثبات والاستجابة لأمر موسى؛ تكون لهم الغلبة والتمكين، إلا أنهم خذلوا موسى عليه السلام فعاقبهم الله -عز وجل- بالتيه أربعين سنة وحرمها عليهم!
فالقوم الذين يعتادون الراحة والدعة حتى تصبح المقدسات من آخر أولوياتهم؛ فإن مآلهم الخذلان والانتكاس والذُّل، وبالتالي يعيشون في تيه وحيرة، فالأمة التي لا تحافظ على الأرض المباركة تعاقب بنقيض قصدها وبجنس اختيارها من عدم الاستقرار والأمن والأمان.
وهنا توجيه عظيم وإشارة مهمة إلى أن الأمم من بعدهم إذا لم يحفظوا المقدسات ويحافظوا على المسجد الأقصى، فإن الله سيعاقبهم بتيه من نوع آخر هو تيه معنوي؛ يأخذ عدة أشكال وصور، تيه فيه الضلال والفرقة والتخبط حتى تصبح الأمة ضعيفة وفي آخر الركب.
فكل من تخلى عن مسؤولياته وتنصل عن الواجب تجاه المقدسات، سيناله حظٌ من التيه المعنوي الذي هو أخطر من التيه الحسي الذي وقع على بني إسرائيل وهو مؤقت بمدَّة سينتهي بزوال الجيل المُخذِّل بعد أربعين سنة، أما التيه المعنوي فالاستبدال مرتبط بسنن شرعية وأخرى كونية، والتيه قد يكون تيه في التصور وتيه في السلوك وتيه في العقيدة وتيه في العلم وتيه في الإصلاح وتيه في الأهداف والتخطيط وتيه في المخرجات والثمار، حتى يشمل جميع جوانب الحياة كالإدارة والاقتصاد والسياسة والتنمية والإعلام وهكذا.
فبِقَدْرِ تَشَبُّع الأمة بمظاهر التيه فإن عَدّاد المنافسة مع الأمم الأخرى يتوقف، حتى تصبح فترة التيه عبئاً ووبالاً ومنقصةً للدول والمجتمعات، لأنها فترات مشطوبة لا قيمة لها!
إن عناية سليمان -عليه السلام- وتجديده بناء بيت المقدس؛ يرسخ هذا الأصل والمفهوم، ففي ظل تسخير الجن والإنس والريح والمعجزات التي أعطيها، وأنه قاد أعظم مملكة عبر التاريخ، تكون له تلك الرعاية العمرانية والتعبدية للمسجد الأقصى، للتدليل على العلاقة المطردة بين المحافظة والعناية بالمقدسات، ورقي وازدهار ورفعة الأمة وديمومة وتمكين الملك.
بعد وفاة سليمان -عليه السلام- عمّ الفساد وضعف الدِّين، وانقسمت مملكته إلى دولتين متعاديتين، مملكة (يهودا) وعاصمتها القدس ومملكة (السامرة) وعاصمتها نابلس، حتى تسلط عليهم (نبوخذ نصر ) أو (بختنصر) سنة 586 ق.م. وسباهم بما بات يعرف بالسبي البابلي الثاني.
فُتحت القدس في عهد عمر -رضي الله عنه- وهي المدينة الوحيدة التي تسلم مفاتيحها، في الوقت الذي فتحت في عهده العديد من المدن والقرى والأقاليم والأمصار، لكن لخصوصيتها وتمكنها من وجدانهم وقيمتها في قلوبهم، كان لها عناية ورعاية منقطعة النظير، وشغف في ضمها لحياض المسلمين، لإدراكهم أن الأمة بلا أقصى لا قيمة لها!
وخاض بالوحل فقال له أبو عبيدة: "لَقَدْ صَنَعْتَ الْيَوْمَ صَنِيعًا عَظِيمًا عِنْدَ أَهْلِ الأَرْضِ"! فقال له الفاروق: "لو غيرك قالها أبا عبيدة وضربه على صدره"، ثم قال مقولته المشهورة: "يَا أَبَا عُبَيْدَةَ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ أَذَلَّ النَّاسِ وَأَقَلَّ النَّاسِ وَأَحْقَرَ النَّاسِ فَأَعَزَّكَمُ اللَّهُ بِالإِسْلَامِ فَمَهْمَا تَطْلُبُوا الْعِزَّ بِغَيْرِهِ يُذِلَّكُمُ اللَّهُ"1.
أدرك وأيقن الصحابة -رضوان الله عليهم- أن عزهم وسؤددهم ورفعتهم مرتبطة بالمحافظة على مقدساتهم لا سيما المسجد الأقصى المبارك، ولنتأمل هذا الموقف الذي أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (1/146) عن أبي ذر الغفاري –رضي الله عنه- قوله: أتاني نبي الله -صلى الله عليه وسلم- وأنا نائم في مسجد المدينة فضربني برجله، وقال: "ألا أراك نائما فيه؟ قال: قلت يا نبي الله غلبتني عيني، قال: كيف تصنع إذا أخرجت منه؟ قال: قلت آتي الشام الأرض المقدسة، قال: فكيف تصنع إذا أخرجت من الشام قال: أعوذ بالله ....".
ومن أعجب العجب العجاب أن الأعداء يدركون حقيقة أن الأقصى إذا حازه المسلمون تكون لهم القوَّة والغلبة والرفعة والتمكين، فيبذلون جهدهم ويمكرون مكر الليل والنهار ويحرصون ويسعون لإبعادنا عنه، إلا أننا أضعنا البوصلة الحقيقية لاستعادة المجد والمكانة الحقيقية لها.
ومن المواقف التاريخية التي تؤكد وتُرسِّخ مفهوماً مُهماً في نفوس المسلمين، أن الأمة بأسرها بلا مسرى الحبيب -صلى الله عليه وسلم– لا وجود لها ولا مكانة بين الأمم؛ ما سطرته كتب التاريخ من إقدام وشجاعة أمير الموصل مودود، وتحريضه الأمراء والقادة وشحذ هممهم لاسترجاع بيت المقدس.
ففي سنة (505هـ) بعث السلطان (غياث الدِّين) جيشًا كثيفًا، صحبة الأمير (مودود بن زنكي) صاحب الموصل، في جملة أمراء ونواب، منهم (سكمان القطبي)، صاحب تبريز، و(أحمد يل) صاحب مراغة، والأمير (إيلغازي) صاحب ماردين، وعلى الْجَمِيعِ الْأَمِيرُ (مَوْدُودٌ) صَاحِبُ الْمَوْصِلِ، لِقِتَالِ الْفِرِنْجِ بِالشَّامِ، فَانْتَزَعُوا مِنْ أَيْدِي الْفِرِنْجِ حُصُونًا كَثِيرَةً، وقتلوا منهم خلقاً كثيراً ولله الحمد، وَلَمَّا دَخَلُوا دِمَشْقَ دَخَلَ الْأَمِيرُ (مَوْدُودٌ) إِلَى جَامِعِهَا لِيُصَلِّيَ فِيهِ فَجَاءَهُ بَاطِنِيٌّ فِي زِيِّ سائل فطلب منه شيئاً فأعطاه، فَلَمَّا اقْتَرَبَ مِنْهُ ضَرَبَهُ فِي فُؤَادِهِ فَمَاتَ من ساعته2.
يقول ابن الأثير عن الأمير مودود رحمه الله: "وَكَانَ خَيِّرًا، عَادِلا، كَثِيرَ الْخَيْرِ. حَدَّثَنِي وَالِدِي قَالَ: كَتَبَ مَلِكُ الْفِرِنْجِ إِلَى طُغْتِكِينَ، بَعْدَ قَتْلِ مَوْدُودٍ، كِتَابًا مِنْ فُصُولِهِ: أَنَّ أُمَّةً قَتَلَتْ عَمِيدَهَا. يَوْمَ عِيدِهَا. فِي بَيْتِ مَعْبُودِهَا. لَحَقِيقٌ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُبِيدَهَا"3.
حَرِصَ العلماء والقادة والعظماء على خَلْقِ وعيٍ وصناعة جيلٍ تعيش معه قضية الأقصى في جميع أحوالهم وظروفهم، وأن تتصدر همومهم وأولوياتهم ومسؤولياتهم علمًا وعملاً تنظيرًا وتطبيقًا.
ذكر (أبو شامة المقدسي) في كتاب "الروضتين في أخبار الدولتين": "أنه جاء إلى نور الدِّين ذات يوم جماعة من العلماء فقالوا: جئنا نروي عنك بسند متصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا مسلسلاً قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يبتسم، فتبسم نروه عنك. فالتفت إليهم نور الدين والهمُ يَعصر فؤاده وهو يقول: "كيف ابتسم والمسجد الأقصى راسف في قيود الذُّل والهوان، تحت سنابك خيل الأعداء"4؟!.
هذه الحقيقة راسخة في وجدان ذلك القائد الهمام، لذلك كان يقول: "إِذا كَانَ معي ألف فَارس فَلَا أُبَالِي بهم –أي الأعداء- قلوا أَو كَثُرُوا، وَوَاللَّه لا أستظل بجدار حَتَّى اخذ بثأر الإِسْلام وثأري"5.
ويذكر (أبو شامة المقدسي) البيت المقدس بوصف جميل، ما جعل القائد الهمام صلاح الدين مستنفرًا حريصًا أشد الحرص على استعادته وتحريره من الاحتلال الصليبي، فيقول: "فَمَا أَجَلَّهُ وأعظمه، وأشرفه وأفخمه، وَأَعلاهُ وَأَجْلاهُ، وأسماه وأسناه، وأيمن بركاته وأبرك ميامنه، وَأحسن حالاته وَأحلى محاسنه، وأزين مباهجه وأبهج مزاينه، وَقد أظهر الله طُوله وَطَوْله بقوله: (الَّذِي باركنا حوله) وَكم فِيهِ من الآيَات الَّتِي أَرَاهَا الله نَبيه، وَجعل مسموعنا من فضائله مرئية"، وَوصف للسُّلْطَان من خَصَائِصه ومزاياه، مَا وثق على استعادة آلائه مواثيقَه وألاياه، وَأقسم لا يبرح حَتَّى يبر قَسمُه، وَيُرْفَع بأعلاه عَلَمُه، وتخطو إِلَى زِيَارَة مَوضِع الْقدَم النَّبَوِيَّة قدمُه6، ويصغي إِلَى صرخة الصَّخْرَة، وَسَار واثقًا بِكَمَال النُّصْرَة7.
تشير مكاتبات ورسائل وبشارات العلماء الأفذاذ في وصف الفتح الصلاحي لبيت المقدس سنة 583هـ، إلى تلك المحبة المتجذرة والحرص العظيم والفرح الشديد باستعادة المسجد الأقصى إلى حياض الأمة، ما اعتبروه فتحًا عظيمًا ونقطةً فارقةً في تاريخ ومجد الأمة الإسلامية.
يقول العلامة الإمام (خليفة القاضي الفاضل الهمام، عماد الدين القرشي الأصبهاني) واصفًا تحرير المسجد الأقصى المبارك: "الْحَمدُ لله الَّذِي أنْجز لِعِبَادِهِ الصَّالِحين وعد الاسْتِخْلاف، وقهر بِأَهْل التَّوْحِيد أهل الشّرك وَالْخلاف، وَخَصَّ سُلْطَان الدِّيوَان الْعَزِيز بِهَذِهِ الْخلافَة، وَمكَّن دينه المُرتضى، وَبَدَّل الأَمْن من المخافة، وَذخر هَذَا الْفَتْح الأَسْنَى والنصر الأهنى للعصر الإمامي النَّبَوِيّ الناصري على يَد الْخَادِم؛ أخْلص أوليائه، وأخصِّ مَنِ اعتزازُه باعتزائه إِلَيْهِ وانتمائه. وَهَذَا الْفَتْح الْعَظِيم والنُّجح الْكَرِيم قد انقرض من الْمُلُوك الْمَاضِيَة، والقرون الخالية على حسرةِ تمنِّيه، وحيرة ترجيه، ووحشة الْيَأْس من تسنِّيه، وتقاصرت عَنهُ طوال الهِمَم، وتخاذلت عَن الِانْتِصَار لَهُ أَمْلَاكُ الأُمَم، فَالْحَمْد لله الَّذِي أعَاد الْقُدُس إِلَى الْقُدْس، وأعاذه من الرِّجس، وحقَّق من فَتْحه مَا كَانَ فِي النَّفس، وَبدَّل وَحْشَة الْكُفْر فِيهِ من الإِسْلَام بالأُنس، وَجعل عِزَّ يَوْمه ماحياً ذُلَّ الأمس، وَأَسْكَنَهُ الْفُقَهَاء وَالْعُلَمَاء بعد الْجُهَّال والضُّلال من البطرك والقَسّ، وَعَبدَة الصَّلِيب ومستقبلي الشَّمْس، وَقد أظهر الله على الْمُشْركين الضَّالّين جُنُودَه الْمُؤمنِينَ الْعَالمين، وَقطع دابر الْقَوْم الظَّالِمين، وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين، فَكَأَن الله شَرَّف هَذِه الْأمة، وَقَالَ لَهُم اعزموا على اقتناء هَذِه الْفَضِيلَة الَّتِي بهَا فَضَّلكُمْ، وحقق فِي حَقهم امْتِثَال أمره فِي قَوْله الْكَرِيم: (ادخُلُوا الأَرْض المقدسة الَّتِي كتب الله لكم)"8.
إن الموقف التاريخي للسلطان (عبد الحميد الثاني) يجسد هذا المعنى ويرسخ هذا المفهوم بأن فلسطين جزءًا مهمًا في كيان الأمة لا يمكن التنازل عنه، لما طلب منه (هرتزل) بتسهيل الإجراءات والسماح لليهود بالهجرة لفلسطين، فردَّ عليه السلطان العثماني قائلاً: "لا أستطيع بيع حتى ولو شبر واحد من هذه الأرض؛ لأن هذه الأرض ليس مُلكاً لشخصي بل هي ملكٌ للدولة العثمانية، نـحن ما أخذنا هذه الأراضي إلا بسكب الدماء والقوة ولن نسلمها لأحد إلا بسكب الدماء والقوة، والله لئن قطعتم جسدي قطعة قطعة لن أتخلى عن شبرٍ واحد من فلسطين".
لقد عرض (هرتزل) على السلطان (عبد الحميد) مناصرة اليهود له، وسداد ديون الدولة العثمانية مقابل السماح لليهود بإقامة دولة خاصة بهم في فلسطين، فأبى كل الإباء، بل وعمل على منع توطين اليهود في تلك الديار، فما كان من اليهود إلا أن ثلوا عرشه، وأزالوا ملكه، وحققوا مرادهم الذي خططوا له9.

تبقى قضية الأقصى المبارك قضية أمة بأكملها، وهي عنوان ولب ومحور الصراع بين الحق والباطل إلى قيام الساعة، يقول عليه الصلاة والسلام: "لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين على من ناوأهم حتى يقاتل آخرهم المسيح الدجال"10.
وأخيرًا: هذه شذرات ووقفات وإشارات تقودنا لحقيقةٍ مهمةٍ، يُراد تغييبها وطمسها واختزالها؛ وهي أن الأمة لن تقوم لها قائمة ولن تستعيد مكانتها وقوتها ورفعتها وسؤددها ورقيها ونهضتها وتقدمها وازدهارها، إلا إذا استعادت المقدسات وطهرتها من دنس الغاصبين وحافظت عليها وعملت على رعايتها وعمرانها حسيًا ومعنويًا.


سلسلة بيت المقدس للدراسات- العدد 27
ذو القعدة 1441هـ - يوليو 2020م
----------
الهوامش:
1- أخرجه أبو نعيم في الحلية (1/47)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (1/100).
2- البداية والنهاية (12/213).
3- الكامل في التاريخ (8/596).
4- تذكير النفس بحديث القدس، د. سيد العفاني (1/281).
5- الروضتين في أخبار الدولتين، لأبي شامة المقدسي (1/398).
6- لا يجوز تتبع آثار النبي عليه الصلاة والسلام وتعظيمها وقصدها بالزيارة فيما لو ثبتت، فكيف والحال أنه لا دليل على تحديد بقعة بعينها أنه صلى الله عليه وسلم عرج به منها.
7- الروضتين في أخبار الدولتين (3/338).
8- الروضتين في أخبار الدولتين، لأبي شامة المقدسي (3/346-347).
9- وليتبروا ما علوا تتبيرا، للشيخ عمر الأشقر، ص13.
10- صحيح الجامع برقم (2526).










ابوالوليد المسلم 22-07-2020 02:09 AM

رد: القدس اسلامية رغم أنف امريكا متابعة لملف القدس وفلسطين المحتلة وكل ما يستجد من اح
 
مكانة بيت المقدس في الإسلام وعند المسلمين


عبد الحليم عويس



إنَّ تعرُّفَنا على مكانة بيْت المقدس في الإسلام يُلزمنا بالرجوع إلى المصادر الإسلاميَّة الأساسيَّة: القرآن والسنة، ثمَّ عمل الصَّحابة وإجْماع الأمَّة، مكتفين بتقديم بعضِ النصوص الواردة في الموضوع.

يقول القرآن الكريم: «سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ» [الإسراء: 1].

وقد أُسري بالرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - وعُرِج به إلى السَّماء قبل الهجرة النبويَّة بعام وبضعة أشهر، ويقول الرَّسول - صلَّى الله عليه وسلَّم -: «لا تُشَدُّ الرّحال إلاَّ لثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى» [1]؛ متفق عليه.

ويقول أيضًا: «فُضِّلت الصلاة في المسجد الحرام على غيرِه بمائة ألْف صلاة، وفي مسجدي بألف صلاة، وفي مسجد بيْت المقدس بخمسمائة صلاة» [2]؛ رواه الإمام أحمد.

ويقول أبو ذر الغفاري: قلتُ: يا رسول الله، أيُّ مسجد وُضِع في الأرض أوَّلاً؟ قال: «المسجد الحرام»، قلتُ: ثمَّ أيّ؟ قال: «المسجد الأقصى» ، قلتُ: كم بينهما؟ قال: «أربعون سنَة» [3]؛ متَّفق عليه.


ويقول أبو أُمامة الباهلي: إنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: «لا تزال طائفة من أمَّتي ظاهرين على الحقِّ، لعدوِّهم قاهرين، لا يضرهم مَن خالفهم، حتى يأتيَهم أمر الله - عزَّ وجلَّ - وهم كذلك»، قالوا: يا رسول الله وأين هم؟ قال: «ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس» [4]؛ رواه الإمام أحمد في "مسنده".

إنَّ المسجد الأقصى كما نرى من النصوص الإسلامية:
♦ مسرى الرَّسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - ومنطقة عروجه.
♦ وهو أولى القِبلَتين.
♦وثاني مسجدَين وُضِعَا في الأرض.
♦ وهو منزل مبارَك تُضاعَف فيه الحَسنات، وتُغفر فيه الذنوب.

عند الصحابة والتابعين:
وبهذه القداسة، وبناءً على هذه المكانة، نظر المسلمون إلى بيت المقدس على أنه مزارٌ شريف، ومنزل مبارك وموضِع مقدَّس كريم، فشدُّوا إليه الرِّحال، وأحرموا منْه للحج والعمرة، وزاروه لذاتِه بغية الصَّلاة والثَّواب، وأحاطوه برعايتهم الدينيَّة الكريمة.

وقد أحرم الخليفة عمر بن الخطَّاب نفسه للحج والعمرة من المسجد الأقْصى، وقدِم سعد بن أبي وقَّاص قائد جيشِ القادسية إلى المسجد الأقصى فأحرَم منه بعُمرة، وكذلك فعَل الصَّحابة: عبدالله بن عمر، وعبدالله بن عبَّاس، ومحمود بن الربيع الأنصاري الخزرجي[5].

أمَّا الصحابة والفُقهاء وأعلام الفِكْر الإسلامي الذين زاروا بيت المقدس، وبعضُهم أقام فيه، فهُم أكثر من أن يُحصَوا، وحسبُنا أن نذكُر بعضهم لندلَّ على المكانة الدينيَّة التي احتلَّها بيتُ المقدس في فِكْر المسلمين وحضارتِهم.
فمِن هؤلاء[6]: أبو عبيدة بن الجرَّاح، وصفيَّة بنت حُيَي زوْج رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ومعاذ بن جبَل، وبلال بن رباح مؤذِّن الرسول - الذي رفَض الأذان بعدَ وفاة الرسول، فلم يؤذِّن إلاَّ بعد فتْح بيت المقدس - وعياض بن غُنم، وعبدالله بن عمر، وخالد بن الوليد، وأبو ذر الغفاري، وأبو الدَّرداء عوَيمر، وعُبادة بن الصَّامت، وسلمان الفارسي، وأبو مسعود الأنصاري، وتميم الداري، وعمرو بن العاص، وعبدالله بن سلام، وسعيد بن زيد، وشدَّاد بن أوس، وأبو هريرة، وعبدالله بن عمرو بن العاص، ومعاوية بن أبي سفيان، وعوف بن مالِك، وأبو جمعة الأنصاري، وكل هؤلاء مِن طبقة صحابة الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم.

ومن التَّابعين والفقهاء الأعلام: مالك بن دينار، وأويْس القرني، وكعْب الأحْبار، والإمام الأوزاعي، وسفْيان الثَّوري، وإبراهيم بن أدهم، ومقاتل بن سفيان، واللَّيْث بن سعد، ووكيع بن الجرَّاح، والإمام الشافعي، وأبو جعفر الجرشي، وبشر الحافي، وثوبان بن يمرد[7]، ذو النون المصري، وسُليم بن عامر، والسري السقطي، وبَكْر بن سهل الدمياطي، وأبو العوَّام مؤذِّن بيت المقدس، وسلامة المقدس الضرير، وأبو الفرج عبدالواحد الحنبلي، والإمام الغزالي، والإمام أبو بكر الطرطوشي، والإمام أبو بكر العربي، وأبو بكر الجرجاني[8]، وأبو الحسن الزهري... ومئات غيرهم.

خلفاء وملوك زاروا القدس:
ومن الخلفاء الذين زاروا بيتَ المقدس: عمر بن الخطاب، ومعاوية بن أبي سفيان[9]، وعبدالملك بن مروان، وعمر بن عبدالعزيز، والوليد بن عبدالملك، وسليمان بن عبدالملك الذي همَّ بالإقامة في بيت المقدس واتِّخاذها عاصمةً لدولته بدل دمشق، وأبو جعفر المنصور، والخليفة المهدي بن المنصور، وغيرهم مِن خلفاء الأيوبيين والمماليك والعثمانيين.

وقد درج بعضُ الخلفاء والملوك - بدءًا من العصر المملوكي - على كَنْس الصَّخرة وغسلها بماء الورْد بأيديهم، ومن هؤلاء: الظاهر بيبرس، والملِك العادل زين الدين كتبغا المنصوري، والملك الناصر محمد بن قلاوون، وأخوه السلطان حسن والملك الظاهر برقوق، والملِك الأشْرف برسباي، والملِك الأشرف إبنال، والملِك الأشرف قايتباي، والسلطان سليمان القانوني، والسلطان محمود الثاني، والسلطان عبدالمجيد، والسلطان عبدالعزيز، والسلطان عبدالحميد الثاني، وغيرهم[10].

حماية بيت المقدس حق للمسلمين لا اليهود:
نحن - المسلمين - نؤمِنُ عن يقينٍ نابع من الإسلام أنَّ بيت المقدس وما حولَه إنَّما هو أرضٌ مقدَّسة، لا نستطيع أن نفرِّط فيها إلاَّ إذا فرَّطنا في تعاليم ديننا.

وغنيٌّ عن التأكيد أنَّنا - وحْدَنا في الأرض بالأمس واليوم - الذين نؤمِن بكلِّ الأنبياء ونُكرمهم ونُنزههم عن كل نقصٍ، بدءًا من آدم وإبراهيم ونوح، وحتَّى موسى وعيسى ومحمَّد - عليهم جميعًا السَّلام - وليس في دِيننا نصٌّ واحد - لا في القرآن الكريم ولا في السنَّة النبوية الشريفة - يَنسبُ إلى أي نبي فاحشةً أو جريمة أو كذبًا.

ولا يُقبل إيمانُ المسلم إلاَّ إذا آمَنَ بكلِّ الأنبياء وأنزلهم جميعًا منزلة كريمة؛ {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ} [البقرة: 285].
{قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة: 126].

وفي القرآن الكريم عشراتُ الآيات التي تتناول كلَّ نبي على حِدَة، وتُثبت له كلَّ كريم من الخُلُق، وتَنفي عنه كلَّ ما حاول بعضُهم إلْصاقه به، وتَحكي للمسلم قصة جهاده في أداء رسالته، وما لاقاه من الأذى المادي والمعنوي؛ لتوحي إلى المسلم أن يَحذوَ حَذْوه؛ لأنَّ رسالة الأنبياء منذ نوح وحتى محمد - صلَّى الله عليهم أجمعين - رسالةٌ واحدة، تَنبِع من مصدر واحد، وتهدف إلى غايات واحدة، ويُكمِّل بعضها بعضًا[11].

وبالتَّالي، وانطلاقًا مِن هذا الإيمان الكامل نقف نحن - المسلمين - حُماة لكل التراث والمقدَّسات الدينيَّة السَّماويَّة، وذلك بأمر دِيننا الذي مثَّل آخِرَ حلقة في سلسلة الوحْي السَّماوي، والذي حمل أتباعه - نتيجة هذا - مسؤولية إنسانيَّة عامَّة: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران: 110].
{وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ} [الحج: 78].

وإنَّ حقيقة هذه المسؤوليَّة العامَّة وقيمتها، لتتَّضح إذا قارنَّاها بالموقِف اليهودي مِنَ الأنبياء، وهو ذلك الموقف الذي لا يؤهِّلهم لأي لونٍ من ألوان الحماية أو الهيمنة على أيَّة مقدسات دينيَّة في الأرض.

إنَّ التوارة نفسها - والإنجيل والقرآن أيضًا - تصِفُهم في مواضع عديدة بأنَّهم "قتَلة الأنبياء" ومُشوِّهوهم، و"أولاد الأفاعي"، و"الضَّالون والعُميان"، و"الملعونون بكفرهم"، وتقول: "قال الرَّب: ها أنذا جالبٌ شرًّا على أورشليم ويهوذا، وأدفعهم إلى أيدي أعدائهم غنيمة ونهبًا لجميع أعدائهم؛ لأنَّهم عملوا الشَّرَّ في عيني"[12].

وتقول: "ها أنذا جالب الشَّر على هذا الموضع وسكَّانه؛ من أجْل أنهم تركوني وأوقدوا لآلهةٍ أخرى؛ لكي يغيظوني بكلِّ عملِ أيديهم، فيشتعل غضبي على هذا الموضع ولا ينطفِئ"[13].

وتقول: "إنَّ الله قال: اذهب: قل لهذا الشَّعْب: اسمعوا سمعًا، ولا تُقهقِهوا، وأبصروا إبصارًا، ولا تعرفوا غِلظَ قلب هذا الشَّعب، وثقل أذنيه، وأطمس عينيه؛ لئلا يبصرَ بعينيْه ويسمع بأُذنيه ويَفهم بقلبه"[14].

وتقول: "وصار مرشدو هذا الشَّعب مضلِّين؛ لأجل ذلك لا يفرح الرَّب بفتيانِه، ولا يرحم أيتامَه وأراملَه؛ لأنَّ كلَّ واحد منهم منافِق وفاعل شرٍّ"[15].

وتسجِّل كتبهم التاريخية أنهم قتلوا من الأنبياء: "حزقيال"، و"أشعيا بن أموص"، و"آرميا"، و"زكريا"، و"يحيى بن زكريا"[16]، كما أنَّهم حاوَلوا قتْل "عيسى"، و"محمَّد" - عليهما الصَّلاة والسَّلام - وتواطؤوا ضدَّهما وضدَّ أتباعهما.

وفي "التوراة" أنَّ إسرائيل "النبي يعقوب" أصرَّ على محْق العرب الكنعانيِّين وعدم الاعتراف لكنعان بحقِّ الحياة "حتَّى لو اعتنق العربُ اليهوديَّة"؛ لأنَّها دين إسرائيل وحْده[17]، وهو أمرٌ محرَّف؛ لأنَّ يعقوب نبي الله ولا يصدُر عنْه هذا التصرُّف الظالم.

وفيها أيضًا أنَّ كلَّ البشر غير اليهود كلاب وخدَم لليهود، ففي أصل الديانة وهي تقول على لسان اليهود:
"لم نأخذْ أرضًا لعرب، ولم نستولِ على شيء لأجنبي، ولكنَّه ميراث آبائنا الذي كان أعداؤنا قد استولَوْا عليه ظلمًا"[18].

وتقول: "استيلاء اليهود على ما يَملِكه الغوييم - أي: غير يهود - حقٌّ وعَمَل تصحبه المسرَّة الدائمة".
وتقول: "يستحقُّ القتلَ كلُّ غوييم - أي: غير اليهود - حتَّى ذَوو الفضل منهم".
فهل يمكن أن يؤتمنَ ناسٌ - هذه تعاليم كُتبهم المقدَّسة - على التراث الدِّيني، أو على الحضارة البشرية؟! ويقول القرآن الكريم: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ} [آل عمران: 112].
فهل يصلُحُ ناسٌ هذا موقفهم لحماية تراث الأنبياء؟!
وأين موقف الإسلام والمسلمين من موقف اليهوديَّة واليهود؟!
ومَن يا ترى أَوْلى بحفظ هذا التراث وحمايته؟!

والمسلمون منذ أربعة عشر قرنًا يَنظرون إلى بيْت المقدس نظرةَ تقديس، على أنَّه مركز لتراث دِيني كبير تجب حمايتُه، وهم يربطون ربطًا كاملاً وثيقًا بيْن المسجد الحرام في مكَّة والمسجد الأقصى في القُدس، وينظرون إلى القُدس نظرةً تقترب من نظرتهم إلى مكَّة، فإليهما يشدُّون الرِّحال، وفي كليهما تراث ديني ممتدٌّ في التَّاريخ.

وإذا كان المسلمون في كلِّ بقاع الأرض أصبحوا يتَّجهون في صلاتهم إلى المسجد الحرام، فإنَّهم لا ينسَوْن أنَّ نبيَّهم محمَّدًا وأسلافهم الصَّالحين قد اتَّجهوا - قبل نزول آيات حديث القِبلة إلى الكعبة - إلى المسجد الأقْصى أُولى القِبلتين، ولا زالت مدينة الرسول - عليْه الصَّلاة والسَّلام - تضم مسجدًا يسمى "مسجد القبلتين" شاهدًا حيًّا على الترابط الديني بين مكَّة والقدس، والمسجد الحرام والمسجد الأقصى.

وإذا ذَكَر المسلم بحسِّه الديني الممتد، ووَعْيه التاريخي الإسلامي - بيتَ المقدس، فإنَّه يذكر أنَّه المكان الذي كلَّم الله فيه موسى، وتاب على داود وسليمان، وبشَّر زكريا بيحيى، وسخَّر لداود الجبال والطَّير، وأوْصى إبراهيم وإسحاق أن يُدفنا فيه، وفيه وُلِد عيسى، وتكلَّم في المهد، وأُنزِلت عليه المائدة ورُفِع إلى السَّماء، وماتَت مريم[19].

إنَّ هذا هو موقف المسلم من الأنبياء وتُراثهم ومن بيت المقدس، وهو موقفٌ يقوم على التقْدير والتَّقديس والشعور بالمسؤوليَّة الدينيَّة والتاريخيَّة.


[1] متفق عليه.
[2] رواه الإمام أحمد.
[3] متفق عليه.
[4] رواه الإمام أحمد في "مسنده".
[5] انظر: الأنس الجليل 1/260-266، ومحمد الفحام؛ المسلمون واسترداد بيت المقدس، ص34 وما بعدها، نشْر الأزهر، والإحرام في الإسلام قبل الميقات، وهو أمر معروف والمهم ألا يتعدَّى المَيقات.
[6] انظر: ابن سعد؛ "الطبقات الكبرى" 7/424، طبعة بيروت.
[7] "الطبقات" 7/464.
[8] "الأنس الجليل"، ص575 وما بعدها.
[9] انظر: ابن سعد؛ "الطبقات الكبرى" 7 /406.
[10] انظر: د. رشاد الإمام؛ "مدينة القدس في العصر الوسيط"، ص62 وما بعدها.
[11] انظر: "حقيقة هذه الوحدة في الآيات" (83- 90).
[12] "سفر الملوك الثاني" 21 /12 - 15.
[13] "سفر الملوك الثاني" 21 /16 - 17.
[14] "سفر أشعيا" 6/1208.
[15] "سفر أشعيا" 9/13- 17.
[16] انظر: نبيل شبيب، "الحق والباطل"، ص 18 - أخن - ألمانيا.
[17] انظر: سفر المكابين الثاني.
[18] انظر: سفر المكابين الثاني.
[19] انظر: "الأنس الجليل" 1/239.











ابوالوليد المسلم 16-08-2020 04:24 PM

رد: القدس اسلامية رغم أنف امريكا متابعة لملف القدس وفلسطين المحتلة وكل ما يستجد من اح
 
تلامذة التلمود

د. محمد قسم الله محمد إبراهيم


كلمة التلمود كلمة عبرية تعني الشريعة الشفوية والتعاليم ، وهو كتاب تعليم الديانة اليهودية بكل ما فيها من شطحات وسفاهات وأحقاد على العالم.
ويدَّعي اليهود أنّ موسى عليه السلام ألقى التلمود على بني إسرائيل فوق طور سيناء، وحفظه عند هارون ، ثم تلقاه يوشع من هارون ثم إليعازر وهلم جرا … حتى وصل الحاخام يهوذا حيث وضع التلمود بصورته الحالية في القرن الثاني قبل الميلاد وذلك على ما يزعمون.
والحقيقة أن التلمود هو كتاب مختلق يضم كل شيء عن هواجس وخرافات بني إسرائيل، ويعطي اليهود التلمود أهمية كبرى وتقديس منقطع النظير لدرجة أنهم يعتبرونه الكتاب الثاني ، والمصدر الثاني للتشريع ، حتي أنهم يقولون إنّه من يقرأ التوراة بدون المشناه والجمارة فليس له إله.
والمشناة والجمارة هما جزءا التلمود. فالمشناه Mishnah هي النسخة الأولى المكتوبة من الشريعة اليهودية التي كانت تتواتر شفويا والشريعة اليهودية الشفوية دُونت بواسطة يهوذا هاناسي أو يهوذا الأمير وعُرفت باسم الميشناه عام 200 م. أما الجماره Gemara فهى التى تتناول الميشناه بالبحث والدراسة وشروحات وتعليقات حاخامات وحكماء بنى صهيون. وفي القرون الثلاثة اللاحقة للعام 200م خضعت الميشناه للتحليل والدراسه والإضافه في كل من فلسطين وبابل أكثر أماكن تواجد اليهود في العالم في ذلك الزمان.
إذاً فالتلمود هو محض تدوين لنقاشات حاخامات اليهود حول الشريعة اليهودية والأعراف، وقصص التراث اليهودي ، وهو أيضا المصدر الأساسي لتشريع الحاخامات في الدعاوى القانونية والعامل المؤثر الرئيسي في الإيمان والمعتقد اليهودي . وكذلك فهو القاعدة الأساسية لجميع التشريعات القانونية اليهودية اللاحقة.
ولذلك فالمرتكز الأساسى لدولة إسرائيل هو هذا التلمود بكل ما فيه من خزعبلات أقلها الطعن فى الذات الإلهيه تعالى الله عن ما يزعمون علواً كبيراً ولو أنك إطلعت على بعض ما جاء فى هذا التلمود لتصبب عرقك مما يفترون.
ولا يختلف يهودى فى استمساكه بتشريعات التلمود أكثر من إستمساكه بالتشريعات السماويه التى أُنزلت على بنى إسرائيل عبر العصور لا يختلف فى ذلك المنتمين لحزب العمل أو الليكود أو حزب شاس الراديكالى. الشاهد أنَّ إعتناق اليهود للتلمود وتعاليمه وإجتهادهم فى التلمذه على مبادئه لا لشيئ إلا لأنَّ التلمود بهرطقاته يًُعلى من شأنهم بما يحتويه من أباطيل ما أنزل الله بها من سلطان ويجعلهم فى منزلة شعب الله المختار وهذا ما لم تُقره التشريعات السماويه على اختلافها وتواتر أزمانها. وعلى ما عُرف به اليهود من المعصيه فقد وجدوا ضالتهم فى التلمود هذا السفر الموضوع الذى أضفوا عليه سمة القداسه في مسعاهم الحثيث والخبيث لهيمنة العنصر اليهودى .
وقد تمكن اليهود وعبر السنوات من خدمة أغراضهم الإستعماريه والإستعلائيه على السواء مستندين على خبثهم ودهائهم وعلى تلمودهم الذى يجتمعون حول ضلالاته بعصبيه غريبه منقطعة النظير حتى بلغ بهم الأمر السيطره على مفاصل الإقتصاد العالمى بل والتأثير على مجريات الأحداث السياسيه فى الكثير من بلدان العالم غير أنّ ما يدور عبر العصور فى الأراضى الفلسطينيه يدعو للتأمل فى المكر اليهودى على النحو الذى يجعلنا فى كل مره تتجدد فيها الأطماع الإسرائيليه فى المزيد من الأرض العربيه نسترجع أدبيات الصراع الأزلي لكن المؤسف أن سياسات التمدد اليهودى لا تزال تأخذ طريقها بطابع دينى مستمد من شريعة التلمود المزعوم..
وهذا االصراع الأزلى يرتبط بشكل جذري بتاريخ اليهود في المنطقه ونشوء الصهيونية والهجرة اليهودية إلى فلسطين ، والاستيطان فيها ، ودور الدول العظمى في أحداث المنطقة هذا من جانب ، بالمقابل وفي الجانب الآخر تتمحور القضية الفلسطينية حول تاريخ الفلسطينيين في نفس المنطقه الجغرافيه وقضية اللاجئين الفلسطينيين وشرعية إسرائيل واحتلالها للأراضي الفلسطينية بعدة مراحل ، وارتكابها للمجازر بحق الفلسطينيين وعمليات المقاومة الفلسطينيه ضد الإحتلال.
والمعلوم بالضروره أنَّ القضية الفلسطينية أو النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي مصطلح يشار به إلى الخلاف السياسي والتاريخي والمشكلة الإنسانية في فلسطين بدءاً من عام 1880 وحتى يومنا الحالي ، ويُعتبر هذا النزاع القضية المركزية في الصراع العربي الإسرائيلي وسبب أزمة هذه المنطقة وتوترها. وبالرغم من أن هذا النزاع يحدث ضمن منطقة جغرافية صغيرة نسبياً ، إلا أنه يحظى باهتمام سياسي وإعلامي كبير نظراً لتورط العديد من الأطراف الدولية فيه وبمشاركه فاعله للدول العظمى في العالم نظراً لتمركزه في منطقة حساسة من العالم وارتباطه بقضايا إشكالية تشكل ذروة أزمات العالم المعاصر، مثل الصراع بين الشرق والغرب ، وعلاقة الأديان الإسلام والمسيحية واليهودية فيما بينها ، وعلاقات العرب مع الغرب ، وأهمية النفط العربي للدول الغربية ، وأهمية وحساسية القضية اليهودية في الحضارة الغربية خصوصاً بعد الحرب العالمية الثانية نتيجةً للتغلغل اليهودى متمثلاً فى جماعات الضغط واللوبيات اليهوديه فى صناعة رأى عالمى ينحاز لجانب اليهود وإظهارهم بمظهر المضطهد كما فى دعاوى الهولوكوست اليهودي وقضايا معاداة السامية.
أما علي الصعيد العربي فيعتبر الكثير من المفكرين والمنظرين العرب وحتى السياسيين أن قضية النزاع الفلسطيني الإسرائيلي هي القضية والأزمة المركزية في المنطقة التي تنال إهتماماً واسعاً لدى القادة العرب في دعم القضية في كافة الأوساط والانتهاء بها إلى إثبات الحق العربي الفلسطيني في الأرض المحتلة وإعلان الدولة الفلسطينية كاملة السيادة.
والثابت تاريخياً أنَّ أطماع اليهود الغربيين في العصر الحديث في الأراضي الفلسطينية بدأت منذ عام 1530 م عندما حاول اليهودي الإيطالي يوسف ناسي الذي كان يعتبر أغنى رجل في العالم حينها بناء مستعمرة لليهود الغربيين يفرون فيها من الاضطهاد الذي يتعرضون له في الغرب . ثمَّ بدأ اليهود الغربيون في ثمانينيات القرن التاسع عشر تبني نظريات جديدة في استعمار الأراضي الفلسطينية تقوم على فكرة استبدال محاولات السيطرة المدنية أو السلمية بالسيطرة المسلحة، وقد كان من أكبر الداعمين لهذه النظرية الحركة الصهيونية العالمية التي قالت إن اليوم الذي نبني فيه كتيبة يهودية واحدة هو اليوم الذي ستقوم فيه دولتنا. ففي أواسط العام 1880، قامت الحركة الصهيونية في أوروبا بتكوين مجموعة "عشاق صهيون". كأول كتيبه يهوديه طالبت بإقامة دولة خاصة باليهود ، ورأى العديد من الصهاينة أن موقع هذه الدولة يجب أن يكون في المنطقة التي تعرف باسم فلسطين. وكانت فلسطين حينذاك جزءاً من الدولة العثمانية وتحظى بحكم محلي كولاية عثمانيه ، وكانت المنطقة مأهولة بالفلسطينيين العرب بشكل رئيسي.
لاقى هذا المشروع الصهيوني غضباً شعبياً عمَّ كل فلسطين، ورفضاً قاطعاً من كل الشخصيات السياسية آنذاك ، كان من بينهم زعماء سياسيين ودينيين وعسكريين ، وكانت تلك هي بدايات نشوء المقاومة الشعبية في فلسطين التي اكتسبت مداً شعبيا وتعاطفا عربياً كاسحاً من الشعوب العربية والقادة العرب.
أما بالنسبة للدول الغربية فقد رحبت بالمشروع الصهيوني في فلسطين ، فتلقى المشروع دعماً مالياً وعسكرياً ولوجستياً من دول كبرى مثل بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا، والتي رأت في الدولة العبرية التي يطمح الصهاينة لإنشائها في فلسطين حماية لمصالحها في المنطقة.
وحينما أعلن الشريف حسين بن علي الثورة ضد الأتراك بإسم العرب جميعاً تحت مبادئ الثورة العربية التي وُضعت بالاتفاق ما بين الشريف حسين وقادة الجمعيات العربية في بلاد الشام والعراق في ميثاق قومي عربي غايته استقلال العرب وإنشاء دولة عربية متحدة قوية ، وكانت فلسطين من ضمن المناطق المكونة لهذه الدولة المرتقبه. وقد وعدت الحكومة البريطانية العرب من خلال مراسلات حسين - مكماهون (1915) بالاعتراف باستقلال العرب ورفع العلم العربى ذى الألوان الأربعه إبتداءاً من يونيو 1917 فى الذكرى السنويه الأولى للثوره العربيه مقابل إشراكهم في الحرب إلى جانب الحلفاء ضد الأتراك. إلا أن بريطانيا نقضت عهدها للعرب ، وتمت المصادقة على اتفاقية سايكس بيكو ومن ثم وعد بلفور لتكريس الوجود الصهيوني في فلسطين ، وفصل الأخيرة عن محيطها العربي ومنحها لقمةً مستساغةً فى طبق من ذهب لتلامذة التلمود الذين أحسنوا المحاوره والمناوره والمداوره تماماً كما علمهم حيي بن أخطب ويهوذا الأمير..
ولقد تبنت إنجلترا منذ بداية القرن العشرين وبإلحاح سياسة إيجاد كيان يهودي سياسي في فلسطين يكون في المستقبل مشغلة للعرب ينهك قواهم ويورثهم الهم الدائم ويعرقل كل محاولة للوحدة فيما بينهم .وفى سبيل خدمةً أغراضها الإستراتيجيه ومصالحها التوسعيه فى الشرق الأوسط قامت بريطانيا بتحويل مسار هجرة يهود روسيا وأوروبا الشرقية الذين كانوا يتعرضون للاضطهاد إلي فلسطين وقامت بتوفير الحماية لهم والمساعدة اللازمة . وتوجت بريطانيا سياستها هذه بوعد بلفور الذي أطلقه وزير خارجيتها آنذاك آرثر جيمس بلفور بإسم ملكة بريطانيا لزعماء الحركة الصهيونية في الثاني من نوفمبر عام 1917 بتأسيس وطن قومي لليهود على أرض فلسطين.
ولقي هذا الإعلان معارضة العرب الشرسة ، ووجدت فلسطين نفسها فى المأزق الذي لا زال يكبلها حتى اليوم وتعددت المساعي الحميده والخبيثه علي السواء لحل المشكل العربى الإسرائيلي ومن ذلك ما يُعرف بخارطة تقسيم فلسطين وهي من أولي المحاولات لحل النزاع على أرض فلسطين فى العام1947 بواسطة الأمم المتحده وقضت بإنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين وتقسيم أراضيه إلي ثلاثة كيانات جديدة ، أي تأسيس دولة عربية وأخرى يهودية على تراب فلسطين وأن تقع مدينتا القدس وبيت لحم في منطقة خاصة تحت الوصاية الدولية ... وتوالت المحاولات التي دائماً ما تذروها الرياح .... كما توالت السنوات ... ولاتزال السلطة الفلسطينية ومنذ تأسيسها عام 1994عقب إتفاقية غزه أريحا، تفاوض على قيام دولة فلسطينية مستقلة في الضفة الغربية وقطاع غزة وتقع في هاتين المنطقتين مدن فلسطينية كبيرة مثل القدس الشرقية وغزة ورام الله ونابلس والخليل. وتتخذ السلطة من مدينتي رام الله وغزة مقرا مؤقتا لمؤسساتها. وتشمل الضفة الغربية جغرافيا جبال نابلس و جبال القدس بما في ذلك الجزء الشرقي من مدينة القدس وجبال الخليل وغربي غور الأردن. وقد سمتها السلطات الأردنية بالضفة الغربية لأنها واقعة إلى الغرب من نهر الأردن بينما يقع معظم أراضي المملكة الأردنية الهاشمية شرقي النهر. أما قطاع غزة فهو شريط ضيق يمتد جنوب الشاطئ الفلسطيني على البحر المتوسط ذو الكثافة السكانية الأعلى بالعالم نتيجة لجوء أعداد كبيرة من فلسطينيي الداخل إليه بعد النكبة.
وتعتبر مكانة قطاع غزة السياسية معقدة بشكل خاص منذ انسحاب الجيش الإسرائيلي منها عام 2005 دون اتفاق بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية على طبيعة السلطة فيه، وكذلك بسبب استيلاء حركة حماس الراديكالية عليه رغم معارضة السلطة الفلسطينية لخطوة حماس تلك وما استتبع ذلك من صراع فلسطينى – فلسطيني لم يكن بطبيعة الحال في صالح القضيه برمتها. وتنفجر الأوضاع بشكل متزايد بين الحزبين الكبيرين_إن جاز التعبير_ فى فلسطين حزب فتح وحزب حماس وبينهما ما بينهما من التنافس المضمر والأجنده الخفيه ... فتاريخياً وفي العام 1964 تأسست منظمة التحرير الفلسطينية كمنظمة سياسية شبه عسكرية ، معترف بها في الأمم المتحدة والجامعة العربية وكممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني داخل وخارج فلسطين. وجاء تأسيسها بعد انعقاد المؤتمر العربي الفلسطيني الأول في القدس نتيجة لقرار الجامعة العربية في اجتماعها الأول بالقاهرة عام 1964 لتمثيل الفلسطينيين في المحافل الدولية وهي تضم معظم الفصائل والأحزاب الفلسطينية تحت لوائها. ومن بينها حركة فتح والجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية... وغيرها. ويعتبر رئيس اللجنة التنفيذية فيها رئيسا لفلسطين والشعب الفلسطيني في الأراضي التي تسيطر عليها السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة بالإضافة إلى فلسطينيي الشتات. وتجدر الإشارة هنا إلى أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وحركة الجهاد الإسلامي ليستا من فصائل منظمة التحرير الفلسطينية.
كان الهدف الرئيسي من إنشاء المنظمة، هو تحرير فلسطين عبر النضال المسلح إلا أن المنظمة تبنت فيما بعد فكرة إنشاء دولة ديمقراطية علمانية ضمن حدود فلسطين التي أقرتها سلطة الإنتداب البريطاني.
وفي العام 1988 تبنت منظمة التحرير رسميا خيار الدولتين في فلسطين التاريخية ، والعيش جنبا لجنب مع إسرائيل في سلام شامل يضمن عودة اللاجئين واستقلال الفلسطينيين على الأراضي المحتلة عام 1967 وتحديد القدس الشرقية عاصمة للدوله الفلسطينيه ، وبحلول العام 1993 قام رئيس اللجنة التنفيذية بمنظمة التحرير آنذاك ياسرعرفات بالاعتراف رسميا بإسرائيل، في رسالة رسمية إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك إسحق رابين ، في المقابل اعترفت إسرائيل بمنظمة التحرير كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني. نتج عن ذلك تأسيس السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، والتي تُعتبر من نتائج اتفاق أوسلو بين المنظمة وإسرائيل.
أما كفة الميزان الأخرى فتمثلها الحركة الإسلامية في فلسطين والتي يُعبِّر عنها فصيلان رئيسيان، هما حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين وحركة المقاومة الإسلامية (حماس). وكانت نشأة حركة الجهاد الإسلامي ثمرة تدافع سياسي شهدته الحركة الإسلامية الفلسطينية أواخر السبعينات وقادته مجموعة من الشباب الفلسطيني أثناء وجودهم للدراسه الجامعية في مصر، وكان على رأسهم مؤسس الحركة فتحي الشقاقي.
في أوائل الثمانينات وبعد عودة الشقاقي وعدد آخر من السياسيين إلى فلسطين تم بناء القاعدة التنظيمية لحركة الجهاد وبدأ التنظيم خوض غمار التعبئة الشعبية والسياسية في الشارع الفلسطيني بجانب الجهاد المسلح ضد إسرائيل، كحل وحيد لتحرير فلسطين.
أما بالنسبة لحركة حماس فأعلن عن تأسيسها الشيخ أحمد ياسين في ديسمبر 1987، حيث اجتمع سبعة من كوادر وكبار قادة جماعة الإخوان المسلمين العاملين في الساحة الفلسطينية، وكان هذا الاجتماع إيذانًا بانطلاق حركة حماس وبداية الشرارة الأولى للعمل الجماهيري ضد الاحتلال.
واشتعلت الانتفاضة فى العام1987 وهي التي أعادت القضية الفلسطينية إلى الأجندة العالمية من جديد بعد سنوات من الإهمال السياسي. وكان من أهم نتائج هذه الانتفاضة إضافة إلى الخسائر المادية التي ألحقتها بإسرائيل أن أزالت الخوف من صدور الشباب الفلسطيني وأعادت خيار المقاومة المسلحة إلى صدارة الحلول المطروحة لحل المشكلة الفلسطينية.
وأثناء ذلك قام المجلس الوطني الفلسطيني في نوفمبر 1988 بإعلان استقلال دولة فلسطين على جزء من أرض فلسطين التاريخية، تم ذلك خلال انعقاد الدورة التاسعة عشرة (دورة الانتفاضة) المنعقدة في الجزائر.ويطلق إعلاميا على إعلان الاستقلال بوثيقة إعلان الاستقلال التي كتبها الشاعر محمود درويش وقرأها الرئيس الراحل ياسر عرفات. ومع نهاية الإعلان عزفت موسيقي الجيش الجزائري النشيد الوطني الفلسطيني. بعدها قامت مائه وخمسة دول بالاعتراف بهذا الاستقلال، وقامت منظمة التحرير بنشر سبعين سفيراً فلسطينياً في عدد من الدول المعترفة بالاستقلال.
لكن لم يستمتع الفلسطينيون بالحكم الذاتي على علاته إلا بعد تأسيس السلطة الوطنية الفلسطينية بموجب إتفاق أوسلو الذى تم التوقيع عليه في واشنطن في سبتمبر 1993 على أساس إعلان المبادئ بين الفلسطينيين والإسرائيليين حول الحكم الذاتي المرحلي ، وفي إطاره تم إعطاء الصلاحيات المدنية بشكل مؤقت لحين مفاوضات الوضع النهائي ، ويعول عليها أن تكون نواة الدولة الفلسطينية المقبلة على جزء من أرض فلسطين التاريخية وهي الضفة الغربية وقطاع غزة وعاصمتها القدس، والتي طالما حلم بها الشعب الفلسطيني.
يقوم الفلسطينيون في الأراضي الفلسطينية (الضفة الغربية وقطاع غزة) بانتخاب رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية وأعضاء المجلس التشريعي.
ويقوم الرئيس بتعيين المدعي العام ويختار رئيس الوزراء ويكون مسؤولا عن قوات الأمن والشرطة الفلسطينية ويقوم رئيس الوزراء باختيار مجلس الوزراء.
في الانتخابات التشريعية التي جرت في يناير 1996 حصل ممثلو حركة فتح على الأكثرية البرلمانية محتلين خمسه وحمسين مقعدا من أصل ثمانيه وثمانين ولم تشارك حركة حماس في الإنتخابات. وفي الانتخابات التشريعية التاليه في يناير 2006 خسرت فتح الأكثرية البرلمانية في المجلس التشريعي الفلسطيني لتفوز بها حركة حماس بواقع سته وسبعين مقعداً من أصل مئه إثنين وثلاثين مقعداً ، مما أعطى حماس أغلبية في المجلس التشريعي ، وحيث لا تؤمن حماس بأي حق لليهود الذين أعلنوا دولتهم عام 1948 في فلسطين، ولكن لا تمانع في القبول مؤقتاً وعلى سبيل الهدنة بحدود 1967، ولكن دون الاعتراف لليهود الوافدين بأي حق لهم في فلسطين التاريخية.
وتعتقد حماس التي تتوزع قياداتها السياسية ما بين فلسطين والخارج أن مسيرة التسوية بين العرب وإسرائيل التي انطلقت رسميا في مؤتمر مدريد عام 1991 أقيمت على أسس خاطئة، وتعتبر اتفاق إعلان المبادئ بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل والذي وقع عام 1993 ومن قبله خطابات الاعتراف المتبادل ثم تغيير ميثاق المنظمة وحذف الجمل والعبارات الداعية إلى القضاء على دولة إسرائيل تفريطا بحق العرب والمسلمين في أرض فلسطين التاريخية وبينما كانت المساعي تمضي حثيثة بدعم عربي للقضية الفلسطينية للوصول بتعقيداتها المتشابكة لتسوية سياسية مرضية لكن حماس بمواقفها الراديكالية المتطرفة أفسدت تلك الجهود الجادة وانحرفت بالقضية في مسار آخر تماماً يتسم بالصراع بين الطرفين فتح وحماس.
هذا الصراع المزمن يعيق الهدف الإستراتيجى ممثلاً في عودة الأرض العربيه وهو صراع بطبيعة الحال يعطل تسارع الخطى حثيثاً نحو تحقيق هذا الهدف الإستراتيجى بعيد المنال. وتعود جذور هذا الصراع عملياً بين الحركتين عندما وقع الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات مع إسرائيل عام 1994 إتفاق إعلان المبادئ الشهير بـ " اتفاق غزة أريحا "، فقد أعلنت حركة حماس رفضها الاتفاق وقررت مواصلة عملها العسكري ضد إسرائيل، وهو بالطبع ما حولها بعد نشوء السلطة الفلسطينية بموجب تطبيق اتفاق إعلان المبادئ والملاحق التابعة له لقوة المعارضة الرئيسية في الأراضي الفلسطينية.
ومنذ تلك الفترة، بدأت المناوشات وحرب التصريحات الإعلامية تظهر على الساحة بين حركة ( فتح ) التي ذابت تماماً داخل جسد السلطة الفلسطينية وحركة ( حماس ) التي اعتمدت الخطاب الديني المتزمت خطاً لمسيرتها، وازدادت شدة الاحتدام عندما بدأت الأخيرة بشن عمليات تفجيرية في قلب الدولة العبرية، فردت السلطة الفلسطينية تحت ضغوط كبيرة من الحكومة الإسرائيلية والولايات المتحدة الأميركية بإعلان ( حماس ) تنظيماً محظوراً وشنت حملة إغلاق لمؤسساتها الخيرية والإعلامية واعتقلت العديد من كوادرها وأنصارها في الضفة الغربية وقطاع غزة.
في مارس 2002 اجتاحت القوات الإسرائيلية كافة مدن الضفة الغربية، ودمرت غالبية مقرات الأجهزة الأمنية الفلسطينية، وهو ما ولد معه مستجدات على الساحة، واقتربت حركتا (فتح) و(حماس) وفقاً لذلك نوعاً ما من بعضهما، ونفذتا عمليات عسكرية مشتركة ضد إسرائيل ولكن مرحلة الانفجار والتوتر بين الحركتين تجددت مع إعلان حركة (حماس) قرارها بترشيح نفسها لخوض الانتخابات التشريعية الفلسطينية التي عقدت عام 2006، بعد عشر سنوات من رفض الحركة المشاركة في الانتخابات التي أجريت 1996. وبالتالي بدأت الغيره السياسيه لحركة (فتح) تسري مسراها كما رأت فى ذلك تهديداً جديداً لوجودها، ومارس قادة حركة (فتح) ضغوطا على الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن من أجل إرجاء الانتخابات التشريعية تحسباً لفوز حركة حماس.
ومع إعلان فوز حماس بأغلب مقاعد المجلس التشريعي حينها ثارت قيادات وأنصار حركة فتح، واستخدموا بالتالي خطاباً إعلامياً عنيفاً ضد حماس حمل لغة المنافسة والتحريض والاستقطاب .
وفي ظل موجة من التصريحات والاتهامات المتبادلة ، انطلقت شرارة الاقتتال الداخلي فى الأول من أكتوبر العام 2006 وسمي هذا التاريخ بيوم "الأحد الأسود أو الدامي" حيث وقعت اشتباكات بين عناصر من القوة التنفيذية التي أسستها حركة (حماس) أثناء تشكيلها لحكومتها الأولى، وعناصر من الأجهزة الأمنية التابعة لحركة (فتح) .
ووصلت بعدها درجة التحريض والاحتقان للذروة، وكانت أرضية خصبة مهدت لوقوع اشتباكات اشد عنفاً، انتهت في يونيو2007 عندما أحكمت حركة حماس سيطرتها العسكرية على قطاع غزة. وهو ما أسس لمرحلة تحارب وتحريض غير مسبوقة بين الحركتين، وبات المواطن الفلسطيني والعربي يسمع مصطلحات جديدة يتبادلها الطرفان، مثل الانقلابيون والخونة والزمرة الفاسدة، وغيرها من الكلمات ذات الطابع الاستفزازي والمحرض وتقول منظمة العفو الدولية في آخر تقاريرها إن الصراع بين حركتي فتح وحماس الفلسطينيتين يؤدي الى انتهاكات خطيرة لحقوق الانسان.
والآن لا تزال الخلافات الفلسطينيه – الفلسطينيه تراوح مكانها . وتحت ظل هذا الصراع المتأجج بين فتح التي تتشبث ببضع كيلومترات ترزح تحت رحمة دولة الكيان فى الضفه ورام الله، وحركة حماس تنفرد بقطاع غزه فإن شقة الخلاف تتسع والخاسر الكبير هى القضيه الفلسطينيه فى المقام الأول والحال هكذا يفقد الشارع العربى والفلسطينى الثقه فى كلتا الحركتين التين كانتا يُعوَّل عليهما الكثير وليس التصارع على كراسى ليست كاملة الأهلية والعدو ينخر كالسوس مستثمراً لهذا الصراع فما بين الإتهامات التى تطعن فى أخلاقيات قادة فتح وسلوكياتهم فضلاً عن ذممهم الماليه على النحو الذى تحدث عنه مسئول أمنى سابق فى السلطه الفلسطينيه مما تناقلته وسائل الإعلام وقتها، و قضية إبن القيادى فى حركة حماس القابع فى السجون الإسرائيليه حسن يوسف الإبن الذى إسمه مصعب أصدر كتاباً أعلن فيه عمالته لإسرائيل وبدل إسمه إلى جوزيف بدلاً عن مصعب بعد أن إعتنق المسيحيه .. فتأمل كيف اخترقت إسرائيل فتح وحماس، وقبلها يذكر الناس الخلافات الشهيره بين الرئيس محمود عباس أبو مازن والرئيس الراحل ياسر عرفات وغير ذلك من الخلافات المتجدده بينما يري العالم كيف أسس هؤلاء اليهود لأنفسهم نظام حكم مستقر يرسخون به لأنفسهم في ظل هذا الصراع المخزي بين الإخوه الأعداء فتح وحماس.
وكل العالم شهد عمليات الإستيطان المستمره وعمليات ضم المقدسات الإسلاميه للتراث اليهودي، تخسر فتح وتخسر حماس وتخسر القضية الفلسطينية برمتها حينما تتصارع الثيران فى مستودع الخزف حيث المستفيد الأوحد هم هؤلاء التلامذه النجباء .. تلامذة التلمود.








ابوالوليد المسلم 01-09-2020 12:56 PM

رد: القدس اسلامية رغم أنف امريكا متابعة لملف القدس وفلسطين المحتلة وكل ما يستجد من اح
 
صلاح الدين.. أخلاق الفارس الإسلامي (في ذكرى وفاته: 27 من صفر 589هـ)






أحمد تمام




شاءت الأقدار أن يتولى صلاح الدين الأيوبي الوزارة للخليفة العاضد الفاطمي، سنة (564هـ = 1168م)، خلفا لعمه “أسد الدين شيركوه” الذي لم ينعم بالوزارة سوى أشهر قليلة، وبتوليه هذا المنصب تغيرت حركة التاريخ في القرن السادس الهجري، فسقطت دولة كانت في النزع الأخير، وتعاني سكرات الموت، وقامت دولة حملت راية الجهاد ضد الإمارات الصليبية في الشام، واستردت بيت المقدس من بين مخالبهم، بعد أن ظل أسيرا نحو قرن من الزمان.

صلاح الدين وزيرًا

شهدت السنوات الأخيرة من عمر الدولة الفاطمية في مصر صراعا محموما بين “شاور” و”ضرغام” على منصب الوزارة، ولم ينجح واحد منهما في حسم الصراع لمصلحته، والانفراد بالمنصب الكبير، فاستعان كل منهما بقوة خارجية تعينه على تحقيق هدفه؛ فاستعان ضرغام بالصليبيين، واستعان الآخر بنور الدين محمود سلطان حلب، فلبَّى الفريقان الدعوة، وبدأ سباق بينهما لاستغلال هذا الصراع كلٌّ لصالحه، والاستيلاء على مصر ذات الأهمية البالغة لهما في بسط نفوذهما وسلطانهما في تلك المنطقة.

وانتهى الصراع بالقضاء على الوزيرين المتنافسين سنة (564هـ = 1168م)، وتولى “أسد الدين شيركوه” قائد حملة نور الدين منصب الوزارة للخليفة العاضد الفاطمي، ثم لم يلبث أن تُوفي شيركوه فخلفه في الوزارة ابن أخيه صلاح الدين الذي كان في الثانية والثلاثين من عمره.

وزير سنِّي في دولة شيعية

كانت المفارقة أن يتولى صلاح الدين السُّني المذهب الوزارة لدولة شيعية، وأن يدين في الوقت نفسه بالولاء لنور الدين الزنكي سلطان حلب التابع لدولة الخلافة العباسية، وتحولت مهمته من منع مصر من السقوط في أيدي الصليبيين إلى السعي في ردها إلى أحضان الخلافة العباسية.

ولم يكن لصلاح الدين من سابق الأعمال أو خبرة السنين ما يُسَهِّل عليه القيام بهذه المهمة الصعبة، لكنه نجح في أدائها على نحو يثير الإعجاب، والتقدير، واستعان في تحقيقها بوسائل جديدة تدل على فرط الذكاء وعمق البصيرة، وحسن التصرف، وقوة الإدراك والوعي بحركة التاريخ، وتفضيل التغيير السلمي الواعي على غيره من وسائل التغيير، وتهيئة الأجواء له حتى لا تصطدم به أي عوائق.

ولكي ينجح صلاح الدين في تحقيق هدفه كان عليه أن يقوي المذهب السني في مصر؛ حتى يتمكن من إسقاط الدولة الفاطمية، وإلغاء المذهب الإسماعيلي الشيعي، واستغرقت هذه المهمة ثلاث سنوات، لجأ في أثنائها إلى العمل المتأني والخطوات المحسوبة، فعزل القضاة الشيعيين، وأحل محلهم قضاة من أهل السنة، وأنشأ عددا من المدارس لتدريس الفقه السني.

حتى إذا وجد أن الفرصة المناسبة قد لاحت، وأن الأجواء مستعدة للإعلان عن التغيير، أقدم على خطوة شجاعة، فأعلن في الجمعة الأولى من شهر المحرم (567هـ = سبتمبر1171) قطْع الخطبة للخليفة الفاطمي الذي كان مريضًا وملازمًا للفراش، وجعلها للخليفة العباسي، فكان ذلك إيذانا بانتهاء الدولة الفاطمية، وبداية عصر جديد.

بناء الوحدة الإسلامية

قضى صلاح الدين السنوات الأولى بعد سقوط الدولة الفاطمية في تثبيت الدولة الجديدة، وبسط نفوذها وهيبتها على كل أرجائها، خاصة أن للدولة الفاطمية أنصارًا وأعوانًا ساءهم سقوطها، وأحزنهم إضعاف مذهبها الإسماعيلي، فناهضوا صلاح الدين، ودبروا المؤامرات للقضاء على الدولة الوليدة قبل أن يشتد عودها، وكان أشد تلك الحركات مؤامرة “عمارة اليمني” للقضاء على صلاح الدين، وفتنة في أسوان اشتعلت لإعادة الحكم الفاطمي، لكن تلك الحركات باءت بالفشل، وتمكَّن صلاح الدين من القضاء عليها تماما.

وبعد وفاة “نور الدين محمود” سنة (569هـ = 1174م) تهيأت الفرصة لصلاح الدين الذي يحكم مصر نيابة عنه، أن يتطلع إلى ضم بلاد الشام إلى حكمه؛ لتقوية الصف الإسلامي، وتوحيد الجهود استعدادا للوقوف أمام الصليبيين، وتحرير الأراضي المغتصبة من أيديهم، فانتهز فرصة استنجاد أحد أمراء دمشق به، فسار إلى دمشق، وتمكن من السيطرة عليها دون قتال سنة (570هـ = 1174م)، ثم على حمص وحماة وبعلبك، ثم أعلن عن استقلاله عن بيت نور الدين محمود وتبعيته للخلافة العباسية التي منحته لقب سلطان، وأصبح حاكما على مصر، ثم عاود حملته على الشام سنة (578هـ = 1182م)، ونجح في ضم حلب وبعض المدن الشامية، وأصبح شمال الشام كله تحت سيطرته، وتعهَّد حاكم الموصل بإرسال مساعدات حربية إذا طلب منه ذلك.

واستغرق هذا العمل الشاق من أجل توحيد الجبهة الإسلامية أكثر من عشر سنوات، وهي الفترة من سنة (570هـ = 1174م) إلى سنة (582هـ = 1186م)، وهي فترة لم يتفرغ فيها تماما لحرب الصليبيين.

من نصر إلى نصر

اطمأن الناصر صلاح الدين إلى جبهته الداخلية، ووثق تماما في قوتها وتماسكها، فانتقل إلى الخطوة الأخرى، وانصرف بكل قوته وطاقته إلى قتال الصليبيين، وخاض معهم سلسلة من المعارك كُلِّلت بالنصر، ثم توج انتصاراته الرائعة عليهم في معركة “حطين” سنة (583هـ = 1187م)، وكانت معركة هائلة أُسر فيها ملك بيت المقدس وأرناط حاكم حصن الكرك، وغيرهما من كبار قادة الصليبيين.

وترتب على هذا النصر العظيم، أن تهاوت المدن والقلاع الصليبية، وتساقطت في يد صلاح الدين؛ فاستسلمت قلعة طبرية، وسقطت عكا، وقيسارية، ونابلس، وأرسوف، ويافا وبيروت وغيرها، وأصبح الطريق ممهدا لأن يُفتح بيت المقدس، فحاصر المدينة المقدسة، حتى استسلمت وطلبت الصلح، ودخل صلاح الدين المدينة السليبة في (27 من رجب 583هـ = 2 من أكتوبر 1187م)، وكان يوما مشهودا في التاريخ الإسلامي.

ارتجت أوروبا لاسترداد المسلمين لمدينتهم المقدسة، وتعالت صيحات قادتهم للأخذ بالثأر والانتقام من المسلمين، فأرسلت حملة من أقوى حملاتهم الصليبية وأكثرها عددا وعتادا، وقد تألفت من ثلاثة جيوش ألمانية وفرنسية وإنجليزية، نجح جيشان منها في الوصول إلى موقع الأحداث، في حين غرق ملك ألمانيا في أثناء عبوره نهرًا بآسيا الصغرى، وتمزق شمل جيشه.

استطاع الجيش الفرنسي بقيادة “فيليب أغسطس” من أخذ مدينة عكا من المسلمين، واستولى نظيره الإنجليزي بقيادة “ريتشارد قلب الأسد” من الاستيلاء على ساحل فلسطين من “صور” إلى “حيفا”؛ تمهيدا لاستعادة بيت المقدس، لكنه فشل في ذلك، واضطر إلى طلب الصلح، فعُقد صلح بين الطرفين، عُرف بصلح الرملة في (22 من شعبان 588هـ = 2 من سبتمبر 1192م)، ولحق ريتشارد بملك فرنسا عائدا إلى بلاده.

إنجازات حضارية

يظن الكثير من الناس أن صلاح الدين شغلته أعمال الجهاد عن الانصراف إلى شئون الدولة الأخرى الحضارية، ولعل صورة الفارس المحارب صلاح الدين قد طغت على الجوانب الأخرى من شخصيته، فأخفت بعضا من ملامحها المشرقة وقسماتها المضيئة.

وأول عمل يلقانا من أعمال صلاح الدين هو دعمه للمذهب السني؛ بإنشائه مدرستين لتدريس فقه أهل السنة، هما المدرسة الناصرية لتدريس الفقه الشافعي، والمدرسة القمحية لتدريس الفقه المالكي، وسُميت بذلك؛ لأنها كانت توزع على أساتذتها ومعيديها وتلاميذها قمحًا، كانت تغله أرض موقوفة عليها، وفي الوقت نفسه قصر تولي مناصب القضاء على أصحاب المذهب الشافعي، فكان ذلك سببا في انتشار المذهب في مصر وما يتبعها من أقاليم.

وبرز في عصر صلاح الدين عدد من الشخصيات العلمية والفكرية، مثل “القاضي الفاضل” المتوفَّى سنة (596هـ = 1200م) رئيس ديوان الإنشاء وصاحب القلم البديع في الكتابة، وكان صلاح الدين يستشيره في أدق أمور الحرب والسياسة، و”العماد الأصفهاني” المتوفَّى سنة (597هـ = 1201م)، وصاحب المؤلفات المعروفة في الأدب والتاريخ، ونجح مع القاضي الفاضل في ازدهار ديوان الإنشاء في مصر، وهذا الديوان يشبه في وظيفته وزارة الخارجية.

وعُني صلاح الدين ببناء الأسوار والاستحكامات والقلاع، ومن أشهر هذه الآثار “قلعة الجبل”؛ لتكون مقرًّا لحكومته، ومعقلا لجيشه، وحصنا منيعا يمكِّنه من الدفاع عن القاهرة، غير أن صلاح الدين لم يتمكن من إتمام تشييدها في عهده، وظلت القلعة مقرا لدواوين الحكم في مصر حتى وقت قريب، وأحاط صلاح الدين الفسطاط والعسكر وأطلال القلاع والقاهرة، أحاطها جميعا بسور طوله 15كم، وعرضه ثلاثة أمتار، وتتخلله الأبراج، ولا تزال بقاياه قائمة حتى اليوم في جهات متفرقة.

واستقرت النظم الإدارية؛ فكان السلطان يرأس الحكومة المركزية في العاصمة، يليه نائب السلطان؛ وهو المنصب الذي استحدثه صلاح الدين لينوب عنه في أثناء غيابه يليه الوزير، وكان يقوم بتنفيذ سياسات الدولة، ويلي ذلك الدواوين، مثل: “ديوان النظر” الذي يشرف على الشئون المالية، و”ديوان الإنشاء” ويختص بالمراسلات والأعمال الكتابية، و”ديوان الجيش” ويختص بالإشراف على شئون الجيش، و”ديوان الأسطول” الذي عُني به صلاح الدين عناية فائقة لمواجهة الصليبيين الذين كانوا يستخدمون البحر في هجومهم على البلاد الإسلامية، وأفرد له ميزانية خاصة، وعهد به إلى أخيه العادل، وقد اشترك الأسطول في عدة معارك بحرية في سواحل مصر والشام، منها صدِّه لحملة أرناط على مكة والمدينة.

وعُني صلاح الدين بالمؤسسات الاجتماعية التي تعين الناس وتخفف عنهم بعض عناء الحياة؛ فألغى الضرائب التي كانت تفرض على الحجاج الذين يمرون بمصر، وتعهد بالإنفاق على الفقراء والغرباء الذين يلجئون إلى المساجد، وجعل من مسجد “أحمد بن طولون” مأوى للغرباء من المغاربة.

واشتهر صلاح الدين بسماحته وجنوحه إلى السلم؛ حتى صار مضرب الأمثال في ذلك، فقد عامل الصليبيين بعد استسلام المدينة المقدسة معاملة طيبة، وأبدى تسامحا ظاهرا في تحصيل الفداء من أهلها، وكان دخول المسلمين بيت المقدس دون إراقة دماء وارتكاب آثام صفحة مشرقة ناصعة، تُناقض تماما ما ارتكبه الفرنج الصليبيون عند استيلائهم على المدينة سنة (492هـ = 1099م) من الفتك بأهلها المسلمين العُزَّل وقتل الألوف منهم.

وفي أثناء مفاوضات صلح الرملة التي جرت بين المسلمين والصليبيين مرض السلطان صلاح الدين، ولزم فراشه، ثم لقي ربَّه في (27 من صفر 589هـ = 4 من مارس 1193م)، وكان يوم وفاته يوما لم يُصب الإسلام والمسلمون بمثله منذ فقد الخلفاء الراشدين.

ولما تُوفِّي لم يخلف مالا ولا عقارا، ولم يوجد في خزائنه شيء من الذهب والفضة سوى دينار واحد، وسبعة وأربعين درهما، فكان ذلك دليلا واضحا على زهده وعفة نفسه وطهارة يده.



من مصادر الدراسة:

ابن واصل الحموي – مفرج الكروب في أخبار بني أيوب – تحقيق: جمال الدين الشيال – مطبعة جامعة القاهرة – 1953م.

علي بيومي – قيام الدولة الأيوبية – القاهرة – 1952.

سعيد عبد الفتاح عاشور – الناصر صلاح الدين – المؤسسة المصرية العامة للتأليف والنشر – القاهرة – 1965م.

نظير حسان سعداوي – التاريخ الحربي المصري في عهد صلاح الدين الأيوبي – مكتبة النهضة المصرية – القاهرة – 1957م.


السيد الباز العريني – الشرق الأدنى في العصور الوسطى (الأيوبيون) – دار النهضة العربية – بيروت – بدون تاريخ



ابوالوليد المسلم 13-09-2020 12:09 AM

رد: القدس اسلامية رغم أنف امريكا متابعة لملف القدس وفلسطين المحتلة وكل ما يستجد من اح
 
إِنْ مُتُّ..يَا قُدْسَ الْأُبَاةْ
محسن عبد المعطي عبد ربه


مَنْ ذَا يُضَحِّي بِالنَّفِيسْ *** وَالنَّفْسِ إِنْ حَمِيَ الْوَطِيسْ؟!!!

مَنْ ذَا يُجَاهِدُ نَفْسَهُ *** كَيْ يَسْعَدَ الْقَلْبُ التَّعِيسْ؟!!!
مِنْ أَيِّ رُكْنٍ نَبْتَدِي *** هَدْمَ الْجِدَارِ لِكَيْ نَعِيشْ؟!!!
مِنْ أَيِّ زَاوِيَةٍ نُحَدْ *** دِدُ مَا النَّفُوسُ بِهِ تَجِيشْ؟!!!
يَا سَادتِي أَمَلِي ذَبِيحْ *** وَالْكَوْنُ فِي عَيْنِي فَسِيحْ
نَفْسِي يُعَاوِدُهَا الْحَنِي *** نُ لِكَيْ تُرِيحَ وَتَسْتَرِيحْ
يَا ثَالِثَ الْحَرَمَيْنِ يَا *** وَشْماً عَلَى قَلْبِي الْجَرِيحْ
عُدْ فَالْحَيَاةُ بِلَا مَعَا *** نٍ وَالتَّنَاسِي لَا يُرِيحْ
عُدْ إِنَّنَا تُهْنَا وَتَا *** هَتْ دَمْعَةُ الطِّفْلِ الْكَسِيحْ
يَا أُمَّتِي أَمَلٌ تَرَعْ *** رَعَ فِي السُّهُولِ وَفِي الْجِبَالْ
أَنْ تَنْهَضَ الْقِمَمُ الشَّوَا *** مِخُ مِنْ جَدِيدٍ لِلنِّضَالْ
أَنْ نْتَرُكَ الْكَسَلَ الْمُمِي *** تَ وَلَا نَخُورُ كَمَا الْجِمَالْ
يَا قِبْلَةَ الْأَقْصَى أَبُثْ *** ثُكِ مَا اعْتَرَانِي فِي الْحَيَاةْ
أَنَا مَيِّتٌ حَيٌ بِدُو *** نِكَ وَالْجِرَاحُ لِمُنْتَهَاهْ
أَنَا شَاعِرٌ عَبَرَ الْكَمِي *** نَ وَسَاءَهُ ظُلْمُ الطُّغَاةْ
أَنَا قِصَّتِي مِنْ أَيْنَ أَبْ *** دَأُ وَالْمُتَيَّمُ فِي عَمَاهْ
أَنَا مَنْ طُرِدْتُ مِنَ الْوَطَنْ *** أَنَا لَيْسَ لِي أَبَداً سَكَنْ
أَنَا مَوْطِنِي الْقُدْسُ الشَّرِي *** فُ مِنَ الْبِدَايَةِ لِلْكَفَنْ
أَنَا لَيْسَ لِي وَطَنٌ سِوَا *** هُ وَلَسْتُ أَبْخَلُ بِالثَّمَنْ
إِنْ مُتُّ.. يَا قُدْسَ الْأُبَا *** ةِ احْكِ الْحِكَايَةَ لِلزَّمَنْ
إِنِّي ابْتَغَيْتُ طَرِيقَ حُبْ *** بِكَ سِرْتُ فِي دَرْبِ الْمِحَنْ
وَعَزَفْتُ مِنْ دَمِيَ الزَّكِيْ *** يِ نَشِيدَ حُبِّي يَا وَطَنْ





ابوالوليد المسلم 17-09-2020 05:36 PM

رد: القدس اسلامية رغم أنف امريكا متابعة لملف القدس وفلسطين المحتلة وكل ما يستجد من اح
 
القدس

بين السلطان الكامل والملك الصالح

د. زين العابدين كامل





الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد،
فلا شك أن التاريخ هو المنتج الثقافي للأمم ، وهو رصيدها الحضاري، وهو عبارة عن تجارب إنسانية تكررت ولا زالت تتكرر كثيرًا في حياتنا وواقعنا، ومن التاريخ نستخلص الدروس والعبر،قال تعالى: {فاقصص القصص لعلهم يتفكرون} (الأعراف:176) وقال {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ} (111 يوسف).
وقد ذكر لنا التاريخ أن العرب اليبوسيين هم أول من سكن مدينة القدس، وهم بطن من بطون العرب الكنعانيين، وكانوا قبل ذلك يعيشون في شبه الجزيرة العربية، وقد هاجرت هذه القبائل الكنعانية قبل الميلاد بثلاثة آلاف عامٍ تقريباً من شبه الجزيرة العربية الى أرض فلسطين، حيث استوطنوا وأقاموا في بيت المقدس، لذا كان يطلق على أرض فلسطين في وقت من الأوقات (أرض كنعان) نسبة إلى العرب الكنعانيين، وكان يطلق عليها في وقت من الأوقات مدينة (يبوس) نسبة الى اليبوسيين، ثم هاجر إليها خليل الرحمن إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وكان ذلك عام (1800) ق.م تقريبًا، ثم دخلها بعض الأنبياء عليهم السلام ، فمنهم من أقام بالمدينة، ومنهم من قاتل من أجل تحريرها كداود عليه السلام،ومنهم من ساهم في تشييدها كسليمان عليه السلام، وقد تعرضت المدينة للإحتلال من قبل الرومان الى أن جاء يحيى وعيسى عليهما السلام، واستمر الأمر كذلك حتى البعثة النبوية المباركة، ثم تم انعقاد القمة النبوية بمدينة القدس، وأعني بانعقاد القمة النبوية، اجتماع الرسل والأنبياء في مدينة القدس بالمسجد الأقصى ليلة الإسراء والمعراج، يوم أن صلى النبي عليه الصلاة والسلام إماماً باللأنبياء والمرسلين، وكأنه عليه الصلاة والسلام يتسلم منهم المسؤلية لتحمل الأمانة في استرداد بيت المقدس ومدينة القدس، وبعد محاولات كثيرة يقدر الله تعالى أن يكون عمر بن الخطاب رضي الله عنه هو الذي يتسلم مفاتيح بيت المقدس عام 15 هـ ،وذلك بعد أن حاصرتها جيوش المسلمين بقيادة أبي عبيدة بن الجراح، ثم يقدر الله تعالى أن تقع القدس في أسر الصليبين عام (492 هـ ـ 1099 م )، وذلك بعد انهيار العالم الإسلامي وركون كثير من الحُكام والمحكومين إلى الدنيا، حيث ابتعد المسلمون عن طريق عزهم وعزتهم، وقد رفع الصليبيون الصليب على المسجد، ومنعوا صلاة الجماعة أكثر من تسعين سنة، ثم بدأت الأمة تعود إلى خالقها وتتمسك بدينها فأكرم الله الأمة بمجموعة من العظماء المجاهدين كعماد الدين زنكي ونور الدين محمود وصلاح الدين الأيوبي وغيرهم، فتم القضاء على الدولة العبيدية الشيعية، وتوحدت ىمصر والشام تحت راية واحدة، ويدخل صلاح الدين مدينة القدس بعد رحلة طويلة من الجهاد والكفاح، وينتصر على الصليبيين في معركة حطين عام 583هـ / 1187م ، ويسترد مدينة القدس والمسجد الأقصى مرة أخرى، ومن المؤرخين من ذكر أن تحرير القدس ودخول صلاح الدين المسجد الأقصى كان في السابع والعشرين من شهر رجب ، أي ليلة ذكرى الإسراء والمعراج، أي في مثل اليوم الذي اجتمع فيه الرسول صلى الله عليه وسلم بالأنبياء ، على قول من يقول أن الإسراء والمعراج كان في السابع والعشرين من شهر رجب.
ولذا فنحن جميعًا نفخر ونتفاخر بعمر بن الخطاب الذي فتح مدينة القدس وبصلاح الدين الأيوبي الذي حررها من الصليبيين،
صفقة تسليم مدينة القدس
وقد ظل المسلمون يسيطرون على مدينة القدس منذ أن حررها صلاح الدين الأيوبي رحمه الله، حتى كان عصر السلطان الكامل بن العادل الأيوبي سلطان مصر، وهو الذي تعامل مع القدس و كأنها جوهرة ثمينة يهديها للأعداء حفاظًا على كرسيه وسلطانه، ولم يتعامل معها كمدينة مقدسة لها قدرها وقدسيتها، فلقد عرض على الصليبيين أن يسلمهم مدينة القدس وذلك أثناء حصارهم لمدينة دمياط عام ( 616هـ/ 1219م) وذلك مقابل الجلاء عن مصر، وهذه الحملة هي ما تعرف بالحملة الصليبية الخامسة على مصر، وقد قدر الله تعالى أن يرفض الصليبييون هذا العرض حيث أنهم كانوا يطمعون في الاستيلاء على مصر، وظلُّوا في دمياط ثمانية عشر شهرًا كاملةً ، حتى تمكَّن المصريُّون من الانتصار عليهم وطردهم من دمياط، وقد تعاون أبناء السلطان الملك العادل الثلاثة: الكامل محمد، والمعظم عيسى، والأشرف موسى، أثناء هذه الحملة مما كان له أثر بالغ في انتصار المسلمين على الحملة الصليبية، ثم بسبب الصراع على الكراسي والمناصب شبَّ صراعٌ بين الكامل وأخيه السلطان المعظَّم عيسى صاحب دمشق، واستعان كلٌّ من الأخوين بقوى خارجيَّة لمؤازرته ومساندته في مواجهة الآخر؛ فاستنجد الملك المعظم بالسلطان جلال الدين بن خوارزم شاه سلطان الدولة الخوارزمية، في حين استعان السلطان الكامل بالإمبراطور فريدريك الثاني صاحب صقلية وإمبراطور الدولة الرومانية في غرب أوربَّا، وللأسف الشديد كان الثمن الذي أعلنه السلطان الكامل للإمبراطور فريدريك هو تسليمه الجوهرة الثمينة (بيت المقدس وجميع المدن التي فتحها صلاح الدين بالساحل الشامي)، كل ذلك من أجل مساعدته في حربه ضدَّ أخيه الملك المعظم، ويا له من ثمنٍ غالٍ في مقابل كرسي زائل وثمن بخس، ثم قدر الله تعالى أن مات الملك المعظَّم عيسى ، وبهذا زال سبب الصراع بين الأخوين، وعندما وصل الإمبراطور فريدريك إلى عكا لمساندة الكامل، علم بوفاة الملك المعظَّم عيسى الذي كان يعمل على التوسُّع على حساب إخوته، وقد انتهى الصراع بين الأخوين بوفاة أحدهما، وقد اقتسم الأخوان الكامل محمد والأشرف موسى ممتلكات أخيهما المعظَّم عيسى ، وعادت الأمور في البيت الأيوبي إلى الهدوء والاستقرار، فأرسل فريدريك وفدًا محملاً بالهدايا إلى السلطان الكامل ، وقد طلب الوفد من الكامل الوفاء بما تعهَّد به للإمبراطور، وتسليم بيت المقدس له، وهنا رفض السلطان الكامل هذا الطلب حيث تغيرت الأحوال بوفاة المعظم عيسى، وهنا لجأ الإمبراطور إلى أسلوب التذلل والإنكسار والخضوع والإستعطاف، حيث خاطب فريدريك الكامل بكلمات احتوت على التعظيم، فأثرت تلك الكلمات المزيفة في السلطان الكامل وألهبت مشاعره، ورق قلبه لها، وقد نجح الإمبراطور في خداعه، واتَّفق الفريقان على عقد اتفاقيَّة يافا في ربيع الأول (626هـ / 1229م)، وبمقتضاها تقرَّر الصلح بين الطرفين لمدَّة عشر سنوات، على أن يأخذ الصليبيُّون بيت المقدس وبيت لحم والناصرة وصيدا وتبنين وهونين، ونصَّت المعاهدة على أن تبقى مدينة القدس على ما هي عليه، فلا يُجدِّد سورها، وأن يظل الحرم بما يضمُّه من المسجد الأقصى وقبة الصخرة بأيدي المسلمين، تُقام فيه الشعائر والصلوات، ولا يدخله الصليبيُّون إلَّا للزيارة فقط، وبعد عقد الصلح توجه فريدريك إلى بيت المقدس، فدخل المدينة المقدَّسة في (19 ربيع الآخر 626هـ /17 من مارس 1229م)، وفي اليوم التالي دخل كنيسة القيامة، ليُتوَّج ملكًا على بيت المقدس، ويصف المقريزي ما حلَّ بالمسلمين من ألمٍ وغم بقوله: "فاشتدَّ البكاء وعظم الصراخ والعويل، وحضر الأئمَّة والمؤذِّنون من القدس إلى مخيَّم الكامل، وأذَّنوا على بابه في غير وقت الأذان واشتدَّ الإنكار على الملك الكامل، وكثرت الشفاعات عليه في سائر الأقطار" وهكذا سيطر الصليبيُّون على بيت المقدس بلا حرب ولا سلاح،وقد ذكر صاحب كتاب مفرج الكروب في أخبار بني أيوب ما نصه" ورأى الملك الكامل أنه إن شاقق الانبراطور ولم يف له بالكلية أن يفتح له باب محاربة مع الفرنج، ويتسع الخرق ويفوت عليه كلما خرج بسببه، فرأى أن يرضي الفرنج بمدينة القدس خرابًا ويهادنهم مدة، ثم هو قادر على انتزاع ذلك منهم متى شاء" وظلَّ بيت المقدس أسيرًا في أيدي الصليبيين نحو خمسة عشر عامًا يشكو إلى الله ظلم الحُكَّام وخيانتهم، حتى نجح الخوارزميُّون في تحريره في عهد السلطان المجاهد الملك الصالح نجم الدين أيوب في شهر صفر (642هـ/ 1244م) وهكذا التاريخ يتكرر في واقعنا.([1])

([1])ابن الأثير: الكامل في التاريخ، - المقريزي: السلوك لمعرفة دول الملوك،- مفرج الكروب في أخبار بني أيوب ، محمَّد بن سالم بن نصرالله- التاريخ المنصوري، محمد بن علي بن نظيف الحموي-- سعيد عبد الفتاح عاشور: الحركة الصليبية، - قاسم عبده قاسم: الحروب الصليبية، سلسلة عالم المعرفة





ابوالوليد المسلم 23-09-2020 03:37 AM

رد: القدس اسلامية رغم أنف امريكا متابعة لملف القدس وفلسطين المحتلة وكل ما يستجد من اح
 
ملأ الظالمون أرضَك يا دارُ!


د. عدنان علي رضا النحوي

يَا دِيارَ الإسلام ! أَنى تَلَفَّ تُّ تَجَرَّعْتُ غُصَّةً وَجُزُوعا[1]
وخِيامُ اللّجُوءِ تَقْذِفُها الآفا قُ! تَرمي أَفْواجَها والجُموعَا
غَصَّتِ الدَّرْبُ والشّعابُ ومَاج ال مَوْتُ فِيها جَمَاجِماً وضُلُوعَا
أَيْنَ لُبْنانُ؟! والدِّماءُ التي كا نَتْ تُنَادِي وَمَا تُلاقي سَمِيعا
فَجَّرَ المُجْرِمونَ فيها البَرَاكِي نَ فَمَادَتْ زلازِلاً وصُدُوعا
يَالهَوْلِ الإجرام! صَبَّ على السَّا حاتِ دَمْعاً مُرَوَّعاً ونجيعَا
كمْ شَقِيٍّ بَغَى عَلَيْكِ فَوَلَّى راضِياً بالإِيابِ عَنْكِ قَنُوعا
* * * *
يا حَنينَ الأَقْصَى! وَيالَهْفَةَ الشَّو قِ! وَيَا خَفْقَةً تَهزُّ الضُّلُوعا
الحَمامُ الَّذي عَهِدْنَاهُ فِيهِ غَابَ يَرْجُو مَعَ الحَنينِ رُجُوعا
لم تَزَلْ أَنَّةُ اللُّجُوء تُدَوِّي بَيْنَ أَحْنَائِنا دَويّاً فَظِيعا
الهَوَانُ الذَّليلُ خَلَّى رُبَاها عن خُطى أَهْلِهَا حِمىً مَمْنوعا

لا يَزَالُ الغَرِيبُ يَضْربُ في الأَرْضِ ليلقَى أُصُولَهُ والفُروعا

حِين يَلْقَى حِماهُ في أُمَّةِ الإِسْلاَم تُغْني رُبُوعَها والجُموعَ


ايا ظِلالَ الزَّيتُون! أَيْنَ حديثُ الأَمْ سِ؟! هَاتِ الحديثَ و التَّرجِيعا
أَيْنَ عِطرُ اللَّيمون يَنْشُر تَاري خاً ويَرْوِي مَلاَحِماً وصَنيعا
وطُيوفُ الأَقْصى تُنادِي: أَبَيْنَا أَنْ نَسُومَ الدِّيارَ أَو أَنْ نَبيعا
* * * *
أَيْنَ يا قَلْبُ أَسكُبُ الدَّمْعَ؟! أَنَّى طُفْتُ أَلْقَى مَذَلَّةً وخُنُوعا
أَعلى دِجْلةٍ أَصُبُّ دُمُوعي وأُعِيدُ الأَحْزانَ والتَّقْرِيعا
يالهولِ المُصَابِ فيها وقلبي لم يَزلْ راجفاً يَدُقُّ هلُوعا
أَم على النِّيل؟! كَمْ أَرادوكَ يا نِي لُ جَنيّاً يُرَاوِدُ التَّطويعا
وَأَرادُوكَ أَنْ تَضِيعَ مَعَ الشِّرْ كِ وتأبى عَلَيْهِمُ أَن تَضيعا
أَم على الشَّام والعَدُوُّ حوَالَيْ ها يَمدُّ السّكِّينَ والتقطيعا
أَم على الهِنْد؟! لهفَ نَفْسي! تَراهُمْ نَزَعوا للفسادِ فيها نُزُوعا
مَلؤوا الأرْضَ مِنْ جَرَائِم هِنْدُو سٍ وسِيخٍ وصَدَّعوا تَصدِيعا
وأَحَاطوا بالمُسْلِمين وهَزُّوا مِنْ قَناةٍ وجَمَّعوا تَجْمِيعا
يا "لِكَشْمير" والدِّمَاءُ عَلَيها صَبَغتْها رِيعاً يَموجُ فريعَا
[2]

كُلَّ يَومٍ تمُرُّ فِيها اللّيَالي وصَرِيعٌ يَرْثي عَلَيْها صرِيعا
أُمَّةٌ تَدْفَعُ الكتائِبَ لِلحَ قِّ وتُحْيِي جِهَادَها المَشْروعا
يالأَرْضِ "الصُّومَالِ" يَجْرِفُها المَوْ تُ فَتَلْقَى بهِ الهَلاَكَ المُريعَا
جُنَّ في أَرْضِها الشَّياطينُ بالمَكْ رِ فَصَبُّوا الفَنَاءَ والتَّجْوِيعَا
* * * *
كُلُّها سَاحَةٌ يُخَيِّمُ فِيهَا اللَّي لُ يَطْوي فَضاءَها و الرُّبوعا
الضَّلالُ البَعيدُ والمَكْرُ والمَوْ تُ ظِلالٌ يَرُوعُها تَرْويعا
وَظَلامُ السُّجُونِ يَطْوي أَنيناً وصُراخاً من الضَّحايا مُريعا
بَيْنَ آلاتِه تُمَزَّقُ أَجْسَا مٌ وتَأبى نفوسُهَا أَن تُطيعا
سَاحَةٌ يَلْعَبُ الشَقِيُّ عَلَيها مُجْرِماً ضَلَّ أَو سَفيهاً خَلِيعَا
مَلأَ الظَّالِمونَ أَرضَكِ يا دا رُ وكَانَتْ حِمىً أَبَرَّ مَنيعا
* * * *

---------------------------

[1] جزع : جزعاً وجزوعاً وهو ضد الصبر


[2] الريع : المرتفع من الأرض.



ابوالوليد المسلم 27-09-2020 05:09 PM

رد: القدس اسلامية رغم أنف امريكا متابعة لملف القدس وفلسطين المحتلة وكل ما يستجد من اح
 
عذب القصائد


د. محمد رائد الحمدو


زيدي فُديتِ تألُّقَ الإصباحِ
وتمرَّغي في عِطرِكِ الفوَّاحِ
عذبُ القصائدِ للأحِبَّةِ وَحدَهُم
ولِغَيرِهم فالشِّعرُ طَعنُ رِماحِ
فإذا الأحبَّةُ في دِيارٍ بُورِكَتْ
مِن رَبِّها كلُّ الحُروفِ أَقاحي
وشقائقُ النُّعمانِ ذاكرةٌ لهُم
للخالِدينَ لأَنبَلِ الأَرواحِ
للباذِلينَ الرُّوحَ وهِيَ سَخِيَّةٌ
في دَربِ مَكرُمَةٍ ودَربِ كِفاحِ

فالقُدسُ مُلكُ الذَّائِدينَ حِياضَها
لا مُلكُ رِعديدٍ ولا نَبَّاحِ
بَيروتُ مُلكُ الذَّائِدينَ حِياضَها
لا مُلكُ رِعديدٍ ولا نَبَّاحِ
بغدادُ مُلكُ الذَّائِدينَ حِياضَها
لا مُلكُ رِعديدٍ ولا نَبَّاحِ
الأرضُ مُلكُ الذَّائِدينَ حِياضَها
لا مُلكُ رِعديدٍ ولا نَبَّاحِ
أحفادُ خالد والبطولةُ خَلَّةٌ
مَوروثةٌ والبيتُ بيتُ فَلاحِ
مِن أُمَّةٍ ما زالَ يَنبِضُ قَلبُها
بدَمِ الجِهادِ سَبيلِ كلِّ نَجاحِ
مِن أُمَّةٍ ما زال طُهرُ كِتابِها
خيرَ الدَّليلِ لنَيلِ كُلِّ صَلاحِ
ماذا نقولُ وقُدسُنا في أَسرِها
والمسجِدُ الأَقصى مَهيضُ جَناحِ
نَجري وَراءَ السِّلمِ مع أعدائِنا
كَذبيحَةٍ تَجري إلى الذَّبَّاحِ
طُمِسَت عُيونُ اللاهِثينَ فكُلُّهُم
في الذُّلِّ يَنشُدُ رحمةَ السَّفَّاحِ
عُميُ البَصائرِ أَصبَحوا بِهَوانِهِم
كالرِّيشِ يُلقى في مَهَبِّ رِياحِ
شُكراً لكُلِّ مُقاوم ٍ لا يَنحَني
عالي الجَبينِ مُزَمجِراً في السَّاحِ
شُكراً لأطفالِ الحِجارَة إنَّهُم
في لَيلِنا مِثلُ السَّنا اللَّمَّاحِ
الباعِثونَ حَياتَنا مِن غَفوَةٍ
طالَت على الأجسادِ والأَرواحِ
تِرياقُ أمراضِ النُّفوسِ فإنَّهُم
كالبَلسَمِ الشَّافي لكُلِّ جِراحِ
يَتساقَطونَ أَعِزَّةً ونعدهم
بدُموعِنا وغِنائِنا الصَّدَّاحِ
فإذا البُكاءُ غَدا جَليلَ سِلاحِنا
تَبّاً لَهُ مِن عُدَّةٍ وسِلاحِ


ابوالوليد المسلم 01-10-2020 06:55 AM

رد: القدس اسلامية رغم أنف امريكا متابعة لملف القدس وفلسطين المحتلة وكل ما يستجد من اح
 
آنَ لِلْفَارِس
محمد عبد التواب


آن للفارس أن يقتل (حُلْمَهْ) *** اغفروا لي إنني أقصد (وَهْمَهْ)
حالمًا كان يربي زهرة *** وخيولاً للخطوب المدلهمةْ
حالماً يشحذ سيفاً حالماً *** يسكب النور من الروح لظلمة
حالماً يعلن: أن القدس لي *** يرسم القدس على زنديه نجمة
كانت القدس لديه سُلَّمًا *** تصعد الروح عليه نحو قمة
حالماً كان ينادي (خالداً) *** (وصلاحاً) ورجالاً للمهمة
غير أن الصوت يرتد بلا *** فارسٍ يأتي يداوي جرح أمة
لا صراخ القدس أضحى مجدياً *** لا ولا نوح الثكالى صار غمة
لا ضياع الأرض يعنينا، ولا *** هتك عرض للصبايا صار وصمة
وبنو (صهيون) صاروا بيننا *** آلة للحرب لا تعرف رحمة
كيف جاءوا؟ كيف صاروا فوقنا؟ *** إنه عار صنعناه ونقمة!
إننا من هذه الأرض هنا *** مات جدي تاركاً فأساً وخيمة
كان جدي أسمر اللون يرى *** أرضه كالعرض لا يقبل ذمه
قال لي قبل ممات: إن من *** يرث الأرض لها يبذل هَمَّهْ
والذي يُقْتَل للأرض فلا *** تحسبوه مات، بل أصبح غيمة
ترتوي منها الملايين التي *** تشتهى أن تلتقيه أن تضمه
مات جدي تاركا لي أرضه *** صارت الأرض له تحفظ وشمه
غير أني عندما أبصرني *** عاجزاً أبكي وأنعي موت أمة
وأنادي فيجيب الصمت لا *** إنه العجز بنا ينفث سمه
إنه اليأس رمى أجنحتي *** وأراني سائراً في جوف ظلمة
كيف أحيا والمنايا تبتغي *** صدر أختي صدر أمي صدر عمة
أغرقتني مخزيات لم أطق *** حملها فاخترت موتي مثل نجمة
فاحتضنت الموت كي أبقى وكي *** يعتلي وجه الصبايا ظل بسمة
عندما يشرق فجر سنرى *** صورة الفارس تجلو كل غمة

لا ظلام الليل يحني جبهةً *** لا ولا الموت رمى بالعجز سهمه
هل سيأتي الفجر يوما أم ترى *** آن للفارس أن يقتل (حُلْمَهْ)





ابوالوليد المسلم 21-10-2020 04:57 PM

رد: القدس اسلامية رغم أنف امريكا متابعة لملف القدس وفلسطين المحتلة وكل ما يستجد من اح
 
53 سنة على نكسة حارة المغاربة..وجع وصمود



https://static.islamway.net/uploads/...4435160981.jpg
فلسطين أرض مقدسة ومباركة بنص القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، فيها المسجد الأَقْصَى أول قبلة للمسلمين، وثاني مسجد بُنِي لله في الأرض، وثالث المساجد مَكَانَة في الإسلام، وهي أرض الإسراء، فإليها أُسرى بمحمد صلى الله عليه وسلم، وهي أرض الأنبياء فقد ولد في هذه الأرض وعاش عليها ودفن في ثراها العديد من الأنبياء عليهم السلام ممن ذكروا في القرآن الكريم، وهي أرض المحشر والمنشر، والمقيم المحتسب فيها كالمجاهد في سبيل الله، ومركز الطائفة المنصورة والثابتة على الحق إلى يوم القيامة، قال الله تعالى: {يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّـهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَىٰ أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ} [المائدة : 21].

هذه المكانة وهذه الأهمية جعلت منها على مر التاريخ، مزارا للعلماء والفقهاء والأئمة والرحالة المسلمين من مشارق الأرض ومغاربها، وكان من أبرز من وفد إليها رحالة الغرب الإسلامي من أندلسيين ومغاربة، حيث ارتبط تاريخ المغاربة من ليبيا والجزائر وتونس والمغرب قديما بمدينة القدس، فكانوا قبل وبعد أدائهم فريضة الحج يفدون على فلسطين جماعات طلبا للأجر والثواب والتبرك ببيت المقدس الشريف، وقد أدى هذا التعلق المغربي بأرض فلسطين، إلى بروز العديد من الأعلام المغربية التي زارت القدس للتعلم والتعليم بها، نذكر منهم على سبيل المثال، أبو عبد الله محمد العبدري من حاحة، وعمر بن عبد الله المصمودي، وخليفة بن مسعود المغربي الجابري من قبيلة بني جابر، و محمد فولاذ بن عبد الله المغربي، وعبد الواحد بن جبارة، وعبد الله بن أحمد بن عبد الله المراكشي...

وقد زاد هذا الارتباط المغربي بأرض فلسطين المباركة بعد أن استوطن المجاهدون المغاربة الذين جاؤوا مع جيش صلاح الدين الأيوبي لتحرير القدس من الصليبيين في القرن الثاني عشر الميلادي "حارة المغاربة" وقال فيهم قولته الشهيرة "أسكنت هنا من يثبتون في البر ويبطشون في البحر، وخير من يؤتمنون على المسجد الأقصى وعلى هذه المدينة"، و التي أوقفها عليهم الملك الأفضل الأيوبي، ابن صلاح الدين الأيوبي، لخدمة المغاربة الوافدين إلى القدس من علماء ومجاهدين وغيرهم ولتشجيع أهل المغرب على القدوم إلى القدس والإقامة فيها وفي هذا يقول مجير الدين" ووقف أيضا حارة المغاربة على طائفة المغاربة، على اختلاف أجناسهم، ذكورهم وإناثهم، وكان الوقف حين سلطنته على دمشق، وكان القدس من مضافاته".
توصيف حارة المغاربة:
تأخذ حارة المغاربة شكلاً مربعاً يتخلّله منشآت أثرية وتاريخية قديمة يعود بعضها إلى العصر الأيوبي، ويتخلل هذه المنشآت عقبات وأزقة معوجة وضيقة، تصل أرجاء الحارة بعضها ببعض، ويتوزع على جانبي كل عقبة أو طريق أو زقاق في هذه الحارة، عدد من المباني المتلاصقة التي يعلوها في بعض الأحيان قناطر وبوائك مع ظهور قليل للقباب؛ ما ميّز المدرسة الأفضلية التي كانت تعلوها قبة مرتفعة عن غيرها من المباني، عرفت بمدرسة القبة؛ وصفها العسلي قائلاً: " وتتخذ الحارة شكلا مستطيلا تتخلله طرق مبلطة ضيقة. وجميع منازل الحي متلاصقة مع بعضها؛ وهي أبنية قديمة تشتهر بآبارها وغرفها الصغيرة، وجدرانها السميكة، كما تشتهر بصغر مداخلها. ومن ضمن أبنيتها مبان تاريخية إسلامية يرجع بعضها إلى زمن المماليك".

تقدر مساحة الحارة بخمسة وأربعين ألف متر مربع؛ وهي بذلك تشكل ما نسبته 5% من مساحة القدس القديمة، يحد حارة المغاربة من جهة الجنوب سور القدس وباب المغاربة، ومن الشرق الزاوية الفخرية، ويليها المسجد الأقصى، ومن جهة الشمال المدرسة التنكزية وقنطرة أم البنات، ومن جهة الغرب حارة الشرف، ويفيد كتاب وقف الملك الأفضل لحارة المغاربة أنّ حدّها الجنوبي هو سور القدس، ويليه الطريق السالك إلى عين سلوان، وحدّها الشرقي هو حائط الحرم القدسي الشريف المعروف بحائط البراق، ومن الشمال القنطرة المعروفة بـ"قنطرة أم البنات"، ومن الغرب دار الإمام ابن شمس الدين قاضي القدس، ودار الأمير عماد الدين بن موسكي، ودار الأمير حسام الدين قايماز.
كما ضمت الحارة عشرات المباني التي يعود تاريخ بعضها إلى العصر الأيوبي، وكان أشهرها المدرسة الأفضلية. وقد بلغ عدد المباني الأثرية التي هدمتها جرافات الاحتلال الإسرائيلي ( 135 بناءً أثرياً) امتدت فوق الساحة التي أطلق عليها المحتلون اليهود فيما بعد اسم: "ساحة المبكى".
هدم حارة المغاربة:
أقدمت السلطات" الإسرائيلية " حسب العديد من الوثائق التاريخية ليلة السبت العاشر من يونيو 1967، عند الساعة الحادية عشرة مساء على البدء في هدم حارة المغاربة، بعد أن أجبرت سلطات الاحتلال حينها سكان الحي على إخلاء بيوتهم بالقوة، بعدما رفض المغاربة إخلاء بيوتهم، وقد استشهد العديد من المغاربة الذين تمسكوا بمساكنهم ومنهم الحاجة رسمية التي توفيت تحت أنقاض بيتها بعد أن رفضت تركه.

كانت سلطات الاحتلال تسارع الزمن من أجل تسوية بيوت حارة المغاربة وعددها 135 بيتا بالأرض وتحويلها إلى ساحة تجمع وصلاة لليهود، وهدم كل الأوقاف والمباني التاريخية، جامع البراق الشريف وزاويته وجامع الأفضلية وعدد من المباني المهمة في انتهاك سافر لكل الأعراف والمواثيق، ومحاولة يائسة لطمس معالم الحي وهكذا نشأت ما تسمى اليوم "ساحة البراق" على أنقاض بيوت المغاربة، التي عاشوا فيها هم وأجدادهم لمئات السنوات.
وقد أدى هدم حارة المغاربة إلى تشتت المغاربة في أحياء ومناطق مجاورة، وهم يحملون ألم الهدم والابتعاد عن هذه البقعة المباركة، ومرارة الجريمة النكراء التي قامت بها قوات الاحتلال الإسرائيلي في حق الحارة وأهلها الذين دفنت جثتهم تحت أنقاض الحارة واختلطت دماؤهم بالأرض الفلسطينية المقدسة.

ما العمل؟
ساهمت واقعة هدم الحارة، وتفرق سكانها في باقي المدن والأحياء المجاورة في اندماج المغاربة بالفلسطينيين، مقيمين معهم علاقات نسب وقرابة ومصاهرة، مكونين أسرا وعائلات واحدة يجمعهم هم الرجوع للحارة ذات يوم وطرد الكيان الغاصب والمحتل لأرض فلسطين، وفي هذا تقول إحدى المبعدات وهي السيدة أم داود الدجاني:" أتمنى أن أعود لحارتي فما زالت تفاصيلها منقوشة في ذاكرتي، وأستطيع أن أرسمها شارعا شارعا، وبيتا بيتا، لن تغادرني تفاصيلها إلا عند توقف قلبي عن النبض بالحياة" ، وتضيف الحاجة عائشة المصلوحي المعروفة بعائشة المغربية: "من أنكر أصله فلا أصل له، أعتز بجذوري المغربية لكنني مقدسية المولد والانتماء، وكمغاربة نمتلك كرامتين: الأولى كرامة المجاهدين مع صلاح الدين، والأخرى كرامة الرباط في القدس".

لقد دمر الاحتلال الصهيوني الغاشم حارة المغاربة، لكنه لم يستطيع تدمير ذاكرة سكان الحارة الذين لا زالوا يتمنون الرجوع للحارة لما لها من أهمية ومكانة في قلوبهم، هذه المكانة التي يجب أن نعتز بها ونعمل من أجلها استعدادا لوعد الله بالدخول الثاني للمسجد الأقصى المبارك فاتحين ومحررين، ومن الوفاء للحارة ولشهدائها وتاريخها أن نجعل من أولوياتنا العمل على جعل قضيتها حية في نفوس الشعوب المغاربية وذلك عبر:

1-التوعية : تعريف شباب الأمة العربية والإسلامية بتاريخ الحارة ومكوناتها وبأهميتها ومكانتها الدينية والتاريخية، وبحدث الهدم الذي طالها من طرف سلطات الاحتلال، و كشف حقيقة الصهاينة وتاريخهم الحافل بالدماء والعنصرية تجاه غيرهم، و ربط الأجيال الناشئة بفلسطين عن طريق التعريف بمدنها وقراها ومقدساتها.

2-العمل: جعل قضية حارة المغاربة وباب المغاربة بالمسجد الأقصى المبارك وأوقاف المغاربة بالقدس الشريف، أولوية في برامج الهيئات والمؤسسات العالمة لفلسطين وجعل ذكرى هدم الحارة فرصة لتعريف العالم بهذه الجريمة النكراء عبر مختلف الفعاليات والوسائل.

3 -المرافعة القانونية : استثمار المحافل الدولية والوطنية في الترافع الحقوقي والقانوني ضد سلطات الاحتلال، للمطالبة بجبر الضرر وإرجاع الحارة لأصحابها الذين سلبت منهم بالقوة وفي انتهاك سافر لكل الأعراف والمواثيق الدولية.

4- المعرفة : إنشاء المراكز الدراسية والبحثية الخاصة بحارة المغاربة وبأوقاف المغاربة في فلسطين و تشجيع البحوث والدراسات والملتقيات العلمية في هذا الصدد، مع الحرص على تضمين برامج التعليم ومناهجه في الأوطان العربية قضية فلسطين وعلاقة المغاربة التاريخية بفلسطين والقدس.

5-الثقافة والفن والإعلام : توجيه الإنتاج الأدبي والفني والثقافي والإعلامي بكل من المغرب والجزائر وليبيا وتونس نحو حارة المغاربة و أوقافهم بالقدس الشريف لتقوية الاهتمام والصلة وجعل القضية حاضرة في جميع المناسبات من طرف الشعراء والكتاب والأدباء والمفكرين والإعلاميين.

6 -الدعم المادي والمعنوي: دعم صمود المقدسيين في مواجهة سلطات الاحتلال الصهيوني ماديا ومعنويا، لتقوية خط المواجهة الأولى وكشف ممارسات الصهاينة الوحشية في حق مقدسات الأمة العربية والإسلامية وربط التواصل والصلة مع المغاربة المتواجدين بفلسطين.

وختاما نقول: ثمة إذن علاقة وطيدة بين أهل المغرب العربي وفلسطين، صلة لن تتقادم ولن تمحها حفريات الماضي وعنوانها العريض " جرح حارة المغاربة " الذي هو جزء من الجرح الكبير، جرح فلسطين التي ضاعت منا بسبب الوهن والضعف الذي تعيشه أمتنا العربية والإسلامية، لكن عيوننا وقلوبنا ستبقى متجهة نحو القدس والمسجد الأقصى للدخول الثاني محررين فاتحين كما دخلناه سابقا وما ذلك على الله بعزيز.
والحمد لله رب العالمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام













ابوالوليد المسلم 03-11-2020 07:52 PM

رد: القدس اسلامية رغم أنف امريكا متابعة لملف القدس وفلسطين المحتلة وكل ما يستجد من اح
 
المزاعم الدينية والتاريخية لليهود في فلسطين



https://static.islamway.net/uploads/...9%88%D8%AF.jpg


تجدر الإشارة إلى أن يهود هذا الزمان يبنون احتلالهم لفلسطين على مزاعم دينية وتاريخية، فيدّعون أن الله سبحانه وعدهم هذه الأرض، ويشيرون إلى ارتباطهم التاريخي بها بحكمهم إياها زمناً، وبوجودهم على أرضها، وارتباطهم النفسي والروحي بها، وقدسيتها عندهم. ونحن نؤمن بأن لليهود حريتهم الدينية، وليس من حق أحد أن يُكرههم على تغيير عقائدهم، ولكن ليس من حقهم أن يلزموا الآخرين بعقيدتهم. كما أنه ليس من حقهم أن يشردوا شعباً من دياره، ويغتصبوا أرضه وأملاكه ومقدساته تحت دعاواهم الدينية.

أما المسلمون فلا يرون لليهود حقاً في هذه الأرض، فمن ناحية دينية، فإن هذه الأرض أعطيت لبني إسرائيل عندما رفعوا راية التوحيد، واستقاموا عليها، تحت قيادة رسلهم وصالحيهم. ولكنهم انحرفوا وبدّلوا وقتلوا أنبياءهم، وعاثوا في الأرض فساداً بعد ذلك، ففقدوا تلك الشرعية. والمسلمون يؤمنون بأنهم الورثة الحقيقيون لراية التوحيد، وأنهم الامتداد الحقيقي الوحيد لأمة التوحيد ودعوة الرسل، وأن دعوة الإسلام هي امتداد واستمرار لدعوة إبراهيم وإسحاق ويعقوب وإسماعيل وموسى وداود وسليمان وعيسى …عليهم السلام. فالمسلمون الآن هم أحق الناس بهذا الميراث بعد أن انحرف الآخرون.
والمسألة غير مرتبطة بالجنس والنسل والقومية، وإنما مرتبطة باتباع المنهج، وعلى هذا فنحن المسلمين نؤمن بأن رصيد الأنبياء هو رصيدنا، وتجربتهم هي تجربتنا، وتاريخهم هو تاريخنا، والشرعية التي أعطاها الله للأنبياء وأتباعهم في حكم الأرض المقدسة هي دلالة على شرعيتنا وحقنا في هذه الأرض وحكمها. قال تعالى: {ما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً ولكن كان حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين. إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين}، وقال تعالى: {ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بَني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون}، وقال تعالى: {وإذ ابتلى إبراهيمَ ربُّه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماماً قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين}
.وهكذا فإن الله أخبر إبراهيم عليه السلام أن الإمامة والقيادة لا ينالها الظالمون من نسله وذريته، لأن الأمر مرتبط بالاستقامة على منهج الله، ولو كان الأمر مرتبطاً بالتناسل فلا ينبغي لبني إسرائيل أن يقصروه على أنفسهم، ولاستحق إسماعيل عليه السلام ونسله هذا الوعد الذي أُعطي لإبراهيم، ولاستحقه العرب المنتسبون إلى إسماعيل جد العرب العدنانية، ومنهم قريش وسيدها محمد صلى الله عليه وسلم .
أما من الناحية التاريخية، فإن حكم بني إسرائيل لفلسطين كان فترة ضئيلة ولم تتجاوز الأربعة قرون على أجزاء من فلسطين، وليس كلها. أما الحكم الإسلامي فقد استمر نحو 12 قرناً (636-1917م) قطعته لفترة ضئيلة الحروب الصليبية. وإذا كان معظم اليهود قد غادروا فلسطين، وانقطعت صلتهم الفعلية بها مدة 18 قرناً منذ (135م وحتى القرن العشرين) فإن أهل فلسطين الأصليين لم يغادروها طوال الأربعة آلاف وخمسمائة سنة الماضية، إلى أن طُرد عدد كبير منهم قسراً على يد العصابات الصهيونية عام 1948م، ولا يزالون إلى الآن يجاهدون لاسترداد أرضهم دون أن يتنازلوا عنها.
ثم إن أكثر من 80% من يهود هذا الزمان -حسب بعض الباحثين والعلماء اليهود أنفسهم وعلى رأسهم آرثر كوستلر A. Koestler صاحب كتاب القبيلة الثالثة عشر The Thirteenth Tribe: The Khazar Empire & its Heritage - لا يمُـتّون إلى بني إسرائيل ولا إلى فلسطين بأية صلة نسب أو تاريخ، لأن معظم اليهود المعاصرين هم من يهود "الخزر" الذين ترجع أصولهم إلى قبائل تترية - تركية قديمة استوطنت منطقة شمال القوقاز (جنوب روسيا) وتهودت في القرن الثامن الميلادي بقيادة ملكها بولان سنة 740م، وعندما سقط ملكهم انتشروا في روسيا وشرق أوربا، وهم ما يعرف الآن باليهود الأشكناز، فإن كان لهم ثمة حق في العودة فليعودوا إلى جنوب روسيا !!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ
"القضية الفلسطينية خلفياتها وتطوراتها حتى سنة 2001" د. محسن محمد





الساعة الآن : 04:14 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 308.63 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 306.87 كيلو بايت... تم توفير 1.76 كيلو بايت...بمعدل (0.57%)]