ملتقى الشفاء الإسلامي - مصر: اعتداءات دامية على المعتصمين في العباسية ( مصور )

"جمعة" مصرية صاخبة تكرس الصراع بين "الاخوان" و"العسكر"

غاب الجديد السوري البارز، مفسحا في المجال أمام التطورات الميدانية المصرية للتقدم على ما عداها من أحداث ومواقف إقليمية ومحلية،عادة ما تعصف بالعالمين العربي والاسلامي كل نهار جمعة.
غير أنّ نكهة "الجمعة" المصرية اختلفت بالكامل هذه المرة، فحفل هذا النهار بالاشتباكات التي كان أعنفها على مقربة من وزارة الدفاع المصرية مع الاشارة إلى أنّ التوتر الامني في القاهرة وبعض محافظات مصر يتدرج صعودا منذ أن فتحت معركة الرئاسة.
وفي هذا السياق، يعرب دبلوماسي عربي عن اعتقاده بأنّ الأحداث في مصر تسير بخطى واسعة باتجاه الفوضى الدائمة بعدما تحول الصراع على السلطة الى حرب باردة بين الاخوان المسلمين والتيارات المتشددة المؤيدة لهم من جهة و"العسكر" من جهة ثانية، خصوصاً أنّ واشنطن ومعها الاتحاد الاوروبي تفاجأت بحجم الاخوان الشعبي الذي ترجمته الانتخابات التشريعية بحصولهم على أكثر من ستين بالمئة من المقاعد النيابية في وقت كانت الاحصاءات واستطلاعات الرأي التي أبلغ الاميركيون نتائجها للاوروبيين تشير إلى نصف هذا الحجم. وهذا يعني واحد من احتمالين، إما أنّ واشنطن لم تطلق بالاساس موجة الربيع العربي إنما ركبتها وبالتالي فإنها أخطأت الحسابات وما عادت تتحكم بمسار الشارع المصري خصوصا والعربي عموما، أو أنها تعمدت خداع حلفائها لغايات في نفس يعقوب بحسب التعبير. فالاحتمال الاول، وهو المرجح بالنسبة للدبلوماسي العربي، يكشف أنّ الولايات المتحدة أخطأت تقدير حجم الأصولية في العالم العربي، وبالتالي فإنّ كلّ حساباتها الاستراتيجية مبنية على خطأ يصعب تصحيحه، وذلك في ظل حقيقة تترسخ يوما بعد يوم تشير إلى استحالة التعايش مع الاصولية.
في المقابل، يعرب الدبلوماسي العربي عن خشيته من سيطرة "الاخوان" على الحكم في مصر لعدة اسباب أولها الثقة المترجرجة بين المجتمع الغربي والاصولية التي تهدد المصالح الغربية في المنطقة، وثانيها إمكانية انقلاب "الاخوان" على تحالفهم مع واشنطن في حال اشتدّ عودهم السياسي، وثالثها سعي طبيعي من قبلهم لتوسيع دائرة نفوذهم في العالمين العربي والاسلامي وهذا لن يكون سوى على حساب الاعتدال. ومن هنا، فإنّ حقيقة الصراع في مصر تتمحور ليس فقط على خلفية من يحكم أكبر دولة عربية، إنما حول البدائل التي لا يمكن إلا أن تكون على حساب الدول الاسلامية واستطرادا على حساب الدول الاوروبية القريبة جغرافيا وحضاريا من دول عربية واسلامية معنية بالصراع على أكبر وجه.
واستنادا إلى تطورات الساعات الاخيرة، تبرز عوامل جديدة على مستوى الصراع بعد دخول الجيش المصري على خط المواجهات في وقت كانت قوات الشرطة هي من تتولى أمن الشارع، مع الاشارة إلى أنّ الاشتباكات الأعنف بين المتظاهرين والجيش حصلت على مقربة من وزارة الدفاع المصرية، ما يعني أنّ المتظاهرين غيّروا من نمط تعاطيهم في الشارع، تمهيدا لحصر الصراع على قيادة مصر بين "الاخوان" والجيش وذلك في مشهد متوتر قد يستمر طويلا ويتحول إلى فوضى عارمة تعيد خلط الاوراق في الشارع.

المصدر