ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=91)
-   -   شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=194121)

ابوالوليد المسلم 12-01-2022 02:59 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الصلاة
(كتاب السهو)
(231)



- باب التحري في الصلاة
من سها في صلاته بأن زاد فيها أو نقص فعليه أن يتحرى ثم يسجد سجدتين للسهو، كما فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر به.
التحري
شرح حديث: (إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب التحري.أخبرنا محمد بن رافع حدثنا يحيى بن آدم حدثنا مفضل وهو ابن مهلهل عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله رضي الله عنه يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الذي يرى أنه الصواب فيتمه، ثم يسجد سجدتين)، ولم أفهم بعض حروفه كما أردت].
يقول النسائي رحمه الله: باب التحري. والمُراد بالتحري: هو أنه عند الشك في الصلاة يتحرى الصواب فيما شك فيه من الزيادة أو النقصان، أو فعل الشيء وعدمه، فما غلب على ظنه فإنه يأخذ به، ويبني عليه، ويسجد للسهو سجدتين بعد السلام، هذا هو التحري، ومن العلماء من قال: إن التحري هو أن يأخذ بالأقل؛ لأنه المتيقن، لكن هذا المعنى لا يتضح معه المراد بالتحري الذي أمر به؛ وذلك أن التحري هو تأمل في الأمرين المشكوك فيهما، أيهما الواقع؟ وأيهما الصواب فيأخذ به؟ فإن غلب على ظنه الأكثر أخذ به، وإن غلب على ظنه الأقل أخذ به، هذا هو المراد بالتحري.
وقد أورد النسائي فيه عدة أحاديث، أولها حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الذي يرى أنه الصواب فيتمه، ثم يسجد سجدتين للسهو)، يعني: يأخذ بذلك الذي رأى أنه صواب، وأتى بالصلاة بناءً عليه، ثم يسجد سجدتين للسهو، ويكون ذلك بعد السلام.
(ثم يسجد سجدتين، ولم أفهم بعض حروفه كما أردت) ولعل الذي قال هذا الكلام هو النسائي، ولهذا أتى بكلمة (يعني) التي كأنها تفسير أو توضيح من غير ضبط للفظ، ولعله قال في آخره: ولم أفهم بعض حروفه كما أردت، يعني أنه لم يضبطه، لكن جاءت روايات أخرى فيها الجزم، وفيها الضبط لما جاء عن عبد الله بن مسعود، لكن من هذه الطريق، قال النسائي: (ولم أفهم حروفه كما أردت).
والحديث دال على ما ترجمه المصنف من أنه إذا شك في صلاته يتحرى ما هو الصواب فيتمه، أي: يأتي به أو يأتي ببقية صلاته على ما جزم، أو على ما غلب على ظنه أنه صواب، ثم يسجد لذلك سجدتين بعد السلام، سجدتين للسهو، وتكون بعد السلام، وعلى هذا فيكون السجود فيما إذا حصل تحري، وغلب على ظنه أحد الأمرين وأخذ به؛ فإن السجود يكون بعد السلام، وقد سبق أن مر بنا أنه أيضاً يكون السجود بعد السلام فيما إذا زاد الإنسان في صلاته ركعة، أو غير ذلك من الزيادات، كالتسليم الذي جاء في حديث ذي اليدين؛ فإنه يسجد سجدتين بعد السلام.
تراجم رجال إسناد حديث: (إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر...)
قوله: [أخبرنا محمد بن رافع].وهو القشيري النيسابوري، شيخ مسلم أكثر من الراوية عنه، وهو من بلده ومن قبيلته، فـمسلم قشيري نيسابوري، ومحمد بن رافع شيخه قشيري نيسابوري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[حدثنا يحيى بن آدم].
وهو الكوفي، وهو ثقة، حافظ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا مفضل].
وهو ابن المهلهل، ومفضل هذا ثقة، ثبت، نبيل، عابد، أخرج حديثه مسلم، والنسائي، وابن ماجه، وكلمة: هو ابن مهلهل، هذه زادها من دون تلميذه يحيى بن آدم، وهو إما محمد بن رافع أو النسائي أو من دون النسائي، أتى بهذه الزيادة الموضحة لـمفضل هذا، وأنه ابن مهلهل، فأتى بكلمة هو ابن مهلهل ؛ حتى يتضح أن هذه الزيادة ليست من التلميذ، وإنما هي ممن دون التلميذ، والتلميذ ما أتى بأكثر من قول: مفضل ؛ لأنه لم ينسب شيخه الذي هو يحيى بن آدم، ولكن من دون التلميذ هو الذي نسبه، ولكنه أتى بشيء يوضح بأن هذا الكلام ليس من التلميذ، وإنما هو ممن دون التلميذ.
[عن منصور].
وهو ابن المعتمر، وهو كوفي، ثقة ،ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن إبراهيم].
وهو ابن يزيد بن قيس النخعي الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن علقمة].
وهو ابن قيس النخعي، وهو ثقة، ثبت، عابد، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بن مسعود].
هو الهذلي، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد فقهاء الصحابة وعلمائهم، وهو من المهاجرين، ممن تقدم إسلامه، فإنه هاجر الهجرتين؛ هاجر إلى الحبشة، وهاجر إلى المدينة، وليس هو أحد العبادلة الأربعة المشهورين من الصحابة؛ لأنه متقدم، والعبادلة الأربعة كلهم من صغار الصحابة. وحديثه عند أصحاب الكتب الستة. شرح حديث: (إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر...) من طريق أخرى
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك المخرمي حدثنا وكيع عن مسعر عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر ويسجد سجدتين بعدما يفرغ)].أورد النسائي حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه من طريق أخرى، وهي مثل التي قبلها أنه يتحرى عندما يشك في صلاته، ويسجد سجدتين بعدما يفرغ، وقد جاء توضيح ذلك في بعض الروايات أن الفراغ إنما هو من التسليم، يسجد سجدتين بعد السلام، كما هو في بعض الطرق الأخرى التي ستأتي.
تراجم رجال إسناد حديث: (إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر...) من طريق أخرى
قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك المخرمي].وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود، والنسائي.
[حدثنا وكيع].
وهو ابن الجراح الرؤاسي الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الستة.
[عن مسعر].
هو ابن كدام الكوفي، وهو ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود].
وقد مر ذكرهم في الإسناد الذي قبل هذا.
شرح حديث: (... فأيكم ما شك في صلاته فلينظر أحرى ذلك إلى الصواب فليتم عليه ...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا سويد بن نصر حدثنا عبد الله عن مسعر عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله رضي الله عنه قال: (صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فزاد أو نقص، فلما سلم قلنا: يا رسول الله! هل حدث في الصلاة شيء؟ قال: لو حدث في الصلاة شيء أنبأتكموه، ولكني إنما أنا بشر أنسى كما تنسون، فأيكم ما شك في صلاته فلينظر أحرى ذلك إلى الصواب فليتم عليه، ثم ليسلم، وليسجد سجدتين)].أورد النسائي حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه من طريق أخرى، وفيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم زاد أو نقص في صلاته، فأخبروه بعد ذلك وقالوا: أحدث في الصلاة شيء؟ قال: لو حدث شيء أخبرتكم، (إنما أنا بشر أنسى كما تنسون، فأيكم ما شك)، أي: فأيكم شك في صلاته فليتحر الصواب، (فلينظر أحرى ذلك إلى الصواب فيتم عليه، ثم ليسلم، ويسجد سجدتين)، يعني: بعد السلام، فالحديث دال على ما دلت عليه الطريقان السابقتان، من أنه يتحرى الصواب، ويسجد بعد السلام.
تراجم رجال إسناد حديث: (... فأيكم ما شك في صلاته فلينظر أحرى ذلك إلى الصواب فليتم عليه ...)
قوله: [أخبرنا سويد بن نصر المروزي].ثقة، أخرج حديثه الترمذي، والنسائي.
[حدثنا عبد الله].
هو ابن المبارك المروزي، وهو ثقة، ثبت، جواد، مجاهد، عابد، قال عنه الحافظ ابن حجر بعد أن ذكر جملة من صفاته في تقريب التهذيب: جمعت فيه خصال الخير. وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن مسعر].
مسعر بن كدام الذي تقدم في الإسناد الذي قبل هذا، وباقي الإسناد هو الإسناد الذي قبل هذا.
شرح حديث: (... فأيكم شك في صلاته شيئاً فليتحر الذي يرى أنه صواب ...) من طريق ثانية
[أخبرنا الحسن بن إسماعيل بن سليمان المجالدي حدثنا الفضيل يعني: ابن عياض عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال: (صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة فزاد فيها أو نقص، فلما سلم قلنا: يا نبي الله! هل حدث في الصلاة شيء؟ قال: وما ذاك؟ فذكرنا له الذي فعل، فثنى رجله فاستقبل القبلة فسجد سجدتي السهو، ثم أقبل علينا بوجهه فقال: لو حدث في الصلاة شيء لأنبأتكم به، ثم قال: إنما أنا بشر أنسى كما تنسون، فأيكم شك في صلاته شيئاً فليتحر الذي يرى أنه صواب، ثم يسلم، ثم يسجد سجدتي السهو)].أورد النسائي حديث عبد الله بن مسعود من طريق أخرى، وفيه ما في التي قبلها من جهة أن النبي عليه الصلاة والسلام صلى صلاة زاد فيها أو نقص، فقالوا له بعد السلام: هل حدث في الصلاة شيء؟ فقال: لو حدث شيء لأخبرتكم، وثنى رجله، وسجد سجدتين، يعني: أنه لما أخبر عاد إلى اتجاه القبلة، وثنى رجله، وجلس لهيئة الجلوس والسجود فسجد، ثم أقبل على الناس بوجهه وقال: (إنما أنا بشر أنسى كما تنسون) فإذا نسيت فذكروني.
والحديث يدل على أن الرسول عليه الصلاة والسلام يحصل له النسيان، وإنه ليس معصوماً من النسيان، لكنه معصوم من نسيان شيئاً يبلغه عن الله عز وجل، وأما كونه يحصل له النسيان؛ فإنه يحصل له في الصلاة، وفي غيرها، لكن ليس معنى ذلك أنه كما جاء في بعض الأحاديث الضعيفة الواهية: أنني لا أنسى ولكني أنسى لأسن، فإنه قال عليه الصلاة والسلام: أنا أنسى كما تنسون، يعني: يحصله النسيان، إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون.
أما كونه ينسى، فيحصل له النسيان، هو نفسه صرح بهذا في الحديث: (إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون، فإذا نسيت فذكروني)، فقال: أنسى، وقال: فإذا نسيت فذكروني، فهو يدل على حصول ذلك منه عليه الصلاة والسلام.
ثم قال: (فأيكم شك في صلاته فليتحر الصواب فليتمه، ثم أن يسلم، ثم يسجد سجدتين)، وهذا فيه التنصيص على أن سجود السهو يكون بعد السلام، يكون وذلك فيما يتعلق بالتحري، أي: فيما إذا تحرى وغلب على ظنه، وأخذ بغالب ما غلب على ظنه، فإنه يسجد بعد السلام.
تراجم رجال إسناد حديث: (... فأيكم شك في صلاته شيئاً فليتحر الذي يرى أنه صواب ...) من طريق ثانية
قوله: [أخبرنا الحسن بن إسماعيل].هو الحسن بن إسماعيل بن سليمان المجالدي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي.
[حدثنا الفضيل].
هو ابن عياض، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه، وكلمة: (يعني) ابن عياض، الذي قالها من دون تلميذه، النسائي أو من دون النسائي، وكلمة: (يعني) فاعلها ضمير يرجع إلى الحسن بن إسماعيل المجالدي، هو فاعل (يعني) وقائل من دون هذا التلميذ الذي هو النسائي، أو من دون النسائي.
والفضيل بن عياض ثقة، زاهد، عابد، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[عن منصور] إلى آخر الإسناد.
وقد مر ذكرهم في الأسانيد السابقة.
حديث: (... إذا أوهم أحدكم في صلاته فليتحر أقرب ذلك من الصواب ...) من طريق ثالثة وتراجم رجال إسناده
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إسماعيل بن مسعود حدثنا خالد بن الحارث عن شعبة كتب إلي منصور وقرأته عليه، وسمعته يحدث رجلاً عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الظهر ثم أقبل عليهم بوجهه، فقالوا: أحدث في الصلاة حدث؟ قال: وما ذاك؟ فأخبروه بصنيعه، فثنى رجله، واستقبل القبلة فسجد سجدتين ثم سلم، ثم أقبل عليهم بوجهه فقال: إنما أنا بشر أنسى كما تنسون، فإذا نسيت فذكروني، وقال: لو كان حدث في الصلاة حدث أنبأتكم به، وقال: إذا أوهم أحدكم في صلاته فليتحر أقرب ذلك من الصواب، ثم ليتم عليه، ثم يسجد سجدتين)].أورد النسائي حديث عبد الله بن مسعود من طريق أخرى، وهي مثل الطرق السابقة، ودالة على ما دلت عليه.
قوله: [أخبرنا إسماعيل بن مسعود].
وهو البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي، وهو ممن وافقت كنيته اسم أبيه؛ لأنه أبو مسعود وأبوه مسعود، هذا النوع من أنواع علوم الحديث في المصطلح، فائدته دفع الغلط فيما إذا ذكر بالكنية، وهو مشهور بالاسم، فقد يظن أن فيه تصحيف إذا قيل: إسماعيل أبو مسعود بدل إسماعيل بن مسعود؛ فإن كل ذلك صواب ولا خطأ فيه؛ لأنه ابن مسعود، وهو أبو مسعود، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا خالد بن الحارث البصري].
ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن شعبة].
وهو ابن الحجاج الواسطي ثم البصري، ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو ممن وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهي من أعلى صيغ التعديل وأرفعها.
قال: كتب إلي منصور، وقرأته عليه، وسمعته وهو يحدث رجلاً، يعني: شعبة يخبر أنه تحمل هذا عن منصور بثلاثة طرق، يعني: كونه كتب إليه به، وكونه قرأ عليه، وكونه سمعه يحدث رجلاً، ومنصور ومن فوقه مر ذكرهم في الأسانيد السابقة.

يتبع


ابوالوليد المسلم 12-01-2022 03:00 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
شرح أثر ابن مسعود: (من أوهم في صلاته فليتحر الصواب ...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا سويد بن نصر أخبرنا عبد الله عن شعبة عن الحكم سمعت أبا وائل يقول: قال عبد الله: (من أوهم في صلاته فليتحر الصواب، ثم يسجد سجدتين بعد ما يفرغ وهو جالس)].أورد النسائي هذا الحديث عن عبد الله، وهو موقوف عليه بإسناده إلى عبد الله أنه قال: (من أوهم في صلاته فليتحر الصواب، ثم يسجد سجدتين بعدما يفرغ وهو جالس)، أورده النسائي بإسناده إلى عبد الله بن مسعود موقفاً عليه، وقد مر من طرق متعددة عن عبد الله بن مسعود مرفوعاً إلى رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
تراجم رجال إسناد أثر ابن مسعود: (من أوهم في صلاته فليتحر الصواب ...)
قوله: [أخبرنا سويد بن نصر أخبرنا عبد الله عن شعبة].وقد مر ذكرهم.
[عن الحكم].
هو ابن عتيبة الكندي الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[سمعت أبي وائل].
وهو شقيق بن سلمة الكوفي، ثقة، مخضرم، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور بكنيته، واسمه شقيق بن سلمة، يأتي ذكره أحياناً باسمه، ويأتي ذكره أحياناً بكنيته كما هو هنا، ومعرفة كنى المحدثين مهمة، وفائدتها أن لا يظن الشخص الواحد شخصين، فيما إذا ذكر مرة باسمه، ومرة بكنيته؛ فإن من لا يعرف أن أبا وائل كنية لـشقيق بن سلمة، لو رأى في إسناد أبا وائل، ورأى في إسناد آخر شقيق، يظن أن هذا شخص وذاك شخص، لكن من عرف أن هذه كنية لهذا الشخص، لا يلتبس عليه الأمر.
وشقيق بن سلمة أبو وائل ثقة، مخضرم، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله].
وقد مر ذكره.
أثر ابن مسعود: (من شك أو أوهم فليتحر الصواب ...) من طريق أخرى
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا سويد بن نصر أخبرنا عبد الله عن مسعر عن الحكم عن أبي وائل عن عبد الله قال: (من شك أو أوهم فليتحر الصواب، ثم ليسجد سجدتين)].وهذا أيضاً موقوف على ابن مسعود، والإسناد مر ذكر رجاله.
شرح أثر إبراهيم النخعي: (كانوا يقولون: إذا أوهم يتحرى الصواب ثم يسجد سجدتين)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا سويد بن نصر أنبأنا عبد الله عن ابن عون عن إبراهيم (كانوا يقولون: إذا أوهم يتحرى الصواب ثم يسجد سجدتين)].وهذا أيضاً موقوف على إبراهيم يعزوه، ويضيفه إلى غيره من العلماء، أنهم كانوا يقولون: إذا أوهم في صلاته يتحرى الصواب ثم يسجد سجدتين، وقد عرف أن هذا المعنى جاء مرفوعاً إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام من طرق متعددة، جاء عن طريق عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في الأسانيد السابقة، وهو موقوف هنا على إبراهيم النخعي، ويقول: (كانوا يقولون) أي: العلماء في زمانه وقبل زمانه: (إذا أوهم في صلاته فليتحرى الصواب وليسجد سجدتين)، ومن المعلوم أن هذا المتن الموقوف جاء مرفوعاً إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام.
قوله: [أخبرنا ابن عون]، هو عبد الله بن عون البصري، وهو: ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
وبقية رجال الإسناد قد مر ذكرهم في الأسانيد السابقة.
الأسئلة
مدى صحة اعتبار أن أهل الحديث هم الفرقة الناجية
السؤال: هل أهل الحديث هم الفرقة الناجية؟ وما حال غيرهم إذا كان الجواب بالإثبات؟الجواب: لا شك أن أهل الحديث هم من الفرقة الناجية، وقد جاء التنصيص على ذلك من بعض العلماء، وأنهم أهل الحديث، وقال: إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أدري منهم، ولا شك أنهم من الفرقة الناجية، والفرقة الناجية أعم منهم، لكن لا شك أنهم يدخلون فيها دخولاً أولياً، الذين يعرفون حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام ويطبقونه وينفذونه، هم أولى الناس بالدخول تحت هذا الاسم الذي جاء عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، الفرقة الناجية، والطائفة المنصورة.
والفرقة الناجية هم -كما هو معلوم-: من كان على ما كان عليه رسول الله عليه الصلاة والسلام وأصحابه، كما جاء في حديث: (ستفترق هذه الأمة على ثلاثة وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة، قيل من؟ قال: هي الجماعة)، وفي بعض الروايات قال: (من كان على ما أنا عليه وأصحابي)، فمن كان على هذه الطريقة وعلى هذه الجادة، فهو من هذه الفرقة.
الفرق بين التحري والشك واليقين
السؤال: لو أعدتم لنا معنى التحري، والفرق بينه، وبين الشك، واليقين في الصلاة؟الجواب: اليقين كما هو معلوم ليس معه شك، الإنسان متيقن من شيء، يعني معناه: غير شاك فيه، ولكنه إذا شك وصار متردداً بين أمرين، هل فعل هذا أو ما فعل هذا، التحري يكون بأن يتأمل، ويتذكر: أيهما الذي حصل؟ وأيهما يغلب على ظنه أنه وقع؟ فهذا هو التحري، بعض العلماء قال: التحري أنه يبنى على اليقين الذي هو الأقل، لكن هذا لا يتضح معه معنى التحري، وأنه أقرب للصواب، وينظر ما هو أقرب إلى الصواب، بل هذا واضح في أنه يتأمل أي الأمرين المشكوك فيهما، أيهما الذي يغلب على الظن حصوله فيعمل به، هذا هو مقتضى الحديث.
ما يفعل من شك في السجدتين في الصلاة
السؤال: إذا كان الرجل ساجداً في الصلاة، ولم يدر هل هو في السجدة الأولى أم في الثانية، فكيف يفعل؟الجواب: نفس الشيء، يبني يعني يتحرى إذا غلب على ظنه أنها الثانية، لا يأتي بشيء، وإذا كان غلب على ظنه أنها الأولى يأتي بالثانية، وإذا لم يغلب على ظنه لا هذا، ولا هذا؛ فإنه يبني على الأقل؛ لأنه المتيقن، ويأتي بالثانية. لكن إن غلب على ظنه أنها الثانية، لا يأت بشيء.
مدى حصول الأجر لمن يحج سنة ويقعد أخرى مع زوجه وأولاده
السؤال: شخص يحب أن يحج كل سنة حتى يفوز بحديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (تابعوا بين الحج والعمرة... الخ الحديث)، يقول: ولكن زوجته وأولاده يحبون أن يكون معهم في العيد، فاتفقوا على أن يحج سنة، ويجلس معهم سنة، فهل يفوز بالأجر المذكور في الحديث؟الجواب: الأجر عند الله عز وجل، لكنه على خير.
توضيح معنى قاعدة: الحكم على الشيء فرع عن تصوره
السؤال: وضحوا لنا القاعدة الشرعية التالية: الحكم على الشيء فرع عن تصوره، واضربوا لنا مثالاً على ذلك؟الجواب: الحكم على شيء فرع عن تصوره، الإنسان إذا كان ليس متصوراً الشيء الذي سيحكم عليه، يكون الحكم مبني على غير أساس؛ لأنه ما فهم الشيء الذي سيحكم عليه، معناه: أن من أراد أن يحكم على شيء، فليتصور ذلك الشيء الذي سيحكم عليه، يعني: أمر من الأمور طلب منه أن يبين حكمه، وهو لا يعرف ذلك الأمر الذي سئل عنه، مثل: مسائل البنوك، والأشياء التي في البنوك، والمصطلحات التي في البنوك مثلاً فيقول: ما المراد بهذا؟ أيش المراد بهذا الكلام؟ تقول: إن هذا من الأمور المصطلحية في البنوك، الحكم عن الشيء فرع عن تصوره، الإنسان إذا ما تصور المحكوم عليه كيف يحكم عليه؟! يعني: إذا سئل مثلاً عن الأسهم أيش بيع الأسهم؟ أيش معنى الأسهم؟ يعني: فيه مصطلحات موجودة عند البنوك فيسأل الإنسان عنها وهو لا يعرف أيش معناها؛ لأن الحكم على شيء فرع عن تصوره، كون الإنسان ما فهم الشيء كيف يحكم عليه.
علاقة نزول الثوب أثناء الركوع والسجود بالإسبال
السؤال: إذا قام الشخص فوصل ثوبه إلى الكعب، ثم إذا ركع تعدى الكعب، هل هذا إسبال؟ الجواب: لا ليس هذا إسبال، إذا كان عندما يركع ينزل ثوبه بسبب ركوعه ما دام أنه لم ينزل عن الكعب، لا يقال له: إسبال، الإسبال إذا كان واقفاً.
كيفية معرفة الرواة إذا تشابهت كناهم
السؤال: إذا تشابهت الكنى فكيف يُميز بينهما؟الجواب: إذا تشابهت الكنى، يعني: إذا كان المقصود بالسؤال بالنسبة لتعدد أشخاص، فإذا كانوا في طبقتين، طبعاً يعرف بالطبقة، يعني: كون هذا الشخص في طبقة متقدمة، وهذا في طبقة متأخرة، الذي في طبقة متأخرة لا يتوقع أن يكون الذي في الطبقة المتقدمة، وكذلك العكس، فيميز بينهم بالطبقات، وأما إذا كانوا في طبقة واحدة، فينظر أيضاً إلى التسمية، يعني: تسميته مع الكنية، فقد يرد في بعض الأسانيد التسمية مع الكنية، وبذلك يزول الالتباس، والاحتمال فيما إذا كان هناك كنى متعددة لأشخاص في زمن واحد؛ فإن التسمية مع الكنية يكون فيها التمييز.
حكم شراء سيارة بالتقسيط وبيعها نقداً لشخص آخر
السؤال: بعض الناس يحتاج إلى المال فيشتري سيارة بالقسط، ثم بعد استلامها يبيع لآخر نقداً، وكل ذلك من أجل الحصول على المال فقط، فهل هذه الصورة صحيحة؟الجواب: كون الإنسان يشتري سلعة بثمن مؤجل، ثم يبيعها بثمن حال على غير الذي اشتراها منه، جائز، لكن ليس للإنسان أن يحمل نفسه ديون من غير ضرورة تلجئه إلى ذلك، وحتى لو كان مضطراً؛ بأن كان مديناً، يريد أن يتخلص من الدين بدين آخر، فإن هذا أيضاً زيادة أعباء؛ لأنه سيتحمل الدين، وزيادة هذه التي تقابل التأجيل، وكما قال الله عز وجل: (وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ )[البقرة:280]، الإنسان الذي هو مدين ولا يستطيع لا يتدين، ويتحمل دين آخر من أجل أن يوفي ناس دائنين، وإنما الأمر كما قال الله عز وجل: (وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ )[البقرة:280]، والإنسان لا يقدم على تحمل ديون إلا لضرورة لا بد منها، أما كون الإنسان يتحمل ديون من أجل يعني يحصل زيادة مال، أو من أجل أنه يوفي دائنين أو ما إلى ذلك؛ فإن هذا يجلب عليه الضرر.
الكلام على ورقة خادم الحجرة ومدى صحة ما فيها
السؤال: هذه الورقة ظهرت قبل سنوات يعني واحد لمن يسمى خادم الحجرة النبوية فما قولكم فيها؟الجواب: صاحب الحجرة، الشيخ ابن باز رد عليه رداً واضحاً، مطبوعاً يمكن للإنسان يطلع عليه، وينظر ما في هذه الدعوى من الكذب، وأن هذا شيء لا أساس له، وأن ما ذكره من الأشياء التي فيها غير صحيحة، وأنها كلها من الكذب، بالرجوع إلى كتابة الشيخ عبد العزيز بن باز، أظنها ضمن التحذير من البدع، فيه مجموعة رسائل مطبوعة بكتيب واحد اسمه: التحذير من البدع، مشتمل على ليلة النصف من شعبان، وليلة الإسراء والمعراج، والمولد النبوي، والحجرة، أو كذب المسمى أحمد، الذي يقال عنه: أنه خادم الحجرة، فالشيخ ابن باز حفظه الله كتب كتابة كافية وافية فيما يتعلق في هذا الموضوع، فيمكن للإنسان أنه يطلع عليها، ويرى توضيح الرد على الافتراءات التي اشتملت عليها، وذلك الكذاب المفتري المنسوب إلى الشيخ أحمد خادم الحجرة.
حكم إقامة الصلاة على المرأة
السؤال: هل المرأة إذا صلت مع النساء عليها أن تقيم الصلاة، وكذلك إذا صلت وحدها، فهل عليها إقامة؟الجواب: النساء ليس عليهن أذان ولا إقامة.
مدى إجزاء كبش واحد عن الذكر في العقيقة
السؤال: هل يجزي كبش واحد عن عقيقة الذكر؟الجواب: السنة جاءت بأن الذكر يذبح عنه اثنتان، والجارية يذبح عنها واحدة، هذه السنة التي جاءت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، فالإنسان لا يقتصر على واحد، وإنما عليه أن يأتي بما جاءت به السنة، وهو ذبيحتان للذكر، وذبيحة للأنثى.
وهذه من المسائل الخمس التي المرأة فيها على النصف من الرجل، ذكرها ابن القيم في بعض كتبه، وهي: العقيقة، والدية، والإرث، والشهادة، والعتق، يعني: من أعتق شخصاً كان فكاكه من النار، ومن أعتق جاريتين كانتا فكاكه من النار، فهذه خمسة أمور جاءت النصوص في أن المرأة على النصف من الرجل فيها.
الاعتماد في دفع زكاة الحلي على البيع أو الشراء
السؤال: دفع زكاة حلي المرأة، هل يكون بثمن البيع أم بثمن الشراء؟الجواب: يكون بقيمتها في وقت حلول الزكاة، قيمة الحلي في وقت حلول الزكاة، يحسب الزكاة على هذا الحساب، لا ينظر إلى قيمة الشراء، وإنما ينظر إلى قيمتها في وقت حلول الزكاة فيها، فإذا كانت عند الشراء تساوي ألف، وعند حلول الزكاة تساوي ألفين، يخرج زكاة ألفين.
الحكمة في إنكار المنكر على من يحتفل بالمولد النبوي
السؤال: في بعض البلاد يوجد ليلة الزفاف في العرس، أو ليلة العرس احتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم، فيقرأ أناشيد في نعت النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا أنكر عليهم بدلوا بالموسيقى والغناء المحرمة، فنرجو منك الإجابة.الجواب: على كلٍ كل ذلك منكر، البديل، والمبدل. فينكر على الجميع.
حكم تحريك الخاتم عند الوضوء
السؤال: إذا كان الرجل يلبس خاتم، فهل ينزعه عند الوضوء أو لا؟ هل يحركه؟الجواب: لا يلزم أبداً، إذا كان يعرف أنه واسع وأن الماء يدخل، فإن ذلك كاف، وإذا تحقق من دخول الماء إلى داخل ما كان تحت الخاتم، فإنه يحصل المقصود بذلك.

ابوالوليد المسلم 12-01-2022 03:01 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الصلاة
(كتاب السهو)
(232)

- تابع باب التحري في الصلاة
دلت السنة على أنه يشرع في حق من شك في صلاته ولم يدرِ كم صلى أن يسجد سجدتين للسهو بعد التسليم.
تابع التحري في الصلاة
شرح حديث: (من شك في صلاته فليسجد سجدتين بعدما يسلم)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب التحري.أخبرنا سويد بن نصر أخبرنا عبد الله عن ابن جريج قال عبد الله بن مسافع عن عقبة بن محمد بن الحارث عن عبد الله بن جعفر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من شك في صلاته فليسجد سجدتين بعدما يسلم)].
فهذا الحديث حديث عبد الله بن جعفر بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وعن أبيه وعن الصحابة أجمعين، أورده النسائي في باب التحري، وقد عرفنا من الأحاديث الماضية التي أوردها النسائي في هذا الباب من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه أن التحري هو: أنه إذا شك في صلاته فإنه يتحرى الصواب في أي الأمرين الذين تردد فيهما، فإذا غلب على ظنه أحدهما فإنه يأخذ به ويسجد سجدتين بعدما يسلم، وهذا هو الذي يناسب ما جاء في الأحاديث من لفظ كونه يتحرى ما هو أقرب إلى الصواب أو يتحرى الصواب، ومن العلماء من قال: إن التحري هو: أن يبني على الأقل فيما إذا كان التردد في شيئين أقل وأكثر فإنه يبني على الأقل لأنه اليقين، لكن هذا لا يناسب ما جاء في لفظ الحديث من قوله: يتحرى ما هو أقرب إلى الصواب أو يتحرى الصواب، فإن هذا ليس فيه تحري وإنما فيه أخذ بشيء معين، لكن التحري فيه الأخذ بما يغلب على الظن إما هذا وإما هذا، إما هذا الشيء وإما هذا الشيء، والأخذ بالأقل هو أخذ بشيء واحد لا تحري فيه، وحديث عبد الله بن جعفر هذا ليس فيه ذكر شيء من التحري، وإنما فيه أن من شك في صلاته فليسجد سجدتين بعد ما يسلم، ومن المعلوم أن الشك هو: التردد بين أمرين فلم يترجح أحد الاحتمالين ، ولم يحصل غلبة الظن لا في هذا ولا في هذا ، هذا هو الشك عندما يحصل؛ لأنه تساوي الطرفين وعدم ترجح أحدهما على الآخر، فإذا غلب الظن أحد الأمرين فإن الشك لا يكون باقياً، بل حصلت غالبية الظن على أحد الاحتمالين المشكوك فيهما.
وحديث عبد الله بن جعفر هذا أورده النسائي من طرق أربع، وكلها ذكرها الشيخ الألباني في ضعيف سنن النسائي، ذكرها أي: الطرق الأربع بهذا الحديث هذه الطريق والثلاث التي بعدها، وفي رجالها من تكلم فيه.
تراجم رجال إسناد حديث: (من شك في صلاته فليسجد سجدتين بعدما يسلم)
قوله: [أخبرنا سويد بن نصر].هو سويد بن نصر المروزي، ثقة، أخرج حديثه الترمذي، والنسائي، وهو راوية عبد الله بن المبارك، وهو من أهل بلده، وعبد الله بن المبارك مروزي، وسويد بن نصر راويته.
[أخبرنا عبد الله بن المبارك] .
قال عنه الحافظ في التقريب: ثقة، ثبت جواد، مجاهد، عابد، جمعت فيه خصال الخير، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن جريج].
وهو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي ثقة، يرسل ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[قال عبد الله بن مسافع].
هذا لم يذكر الحافظ عنه شيئاً في التقريب، وفي تهذيب التهذيب ذكر ترجمته، وذكر من روى عنه والذين روى عنهم، ولم يذكر شيئاً في بيان حاله، وذكر أنه أخرج له أبو داود، والنسائي حديثاً واحداً، هو هذا الحديث في سجود السهو، فليس له في الكتب الستة إلا عند أبي داود، والنسائي والذي عندهما له هو هذا الحديث الواحد، ولم يأت ذكر عبد الله بن مسافع إلا مرة واحدة في هذا الموضع، هناك طرق متعددة ولكن جاءت في حديث واحد، أي: هذه الطرق الأربعة جاء ذكره فيها أربع مرات لكنها حديث واحد، فرواية أبي داود عنه هذا الحديث وحده، هو رواية النسائي عنه هذا الحديث وحده.
[عن عقبة بن محمد بن الحارث].
عقبة وقيل: عتبة، وقيل: إن الأرجح هو عتبة بن محمد بن الحارث. قيل عتبة وقيل عقبة. ولكنه بالتاء أرجح، وهو مقبول أخرج حديثه أبو داود، والنسائي، مثل عبد الله بن مسافع أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[عن عبد الله بن جعفر].
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو من صغار الصحابة رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وأبوه جعفر بن أبي طالب أحد الأمراء الثلاثة في غزوة مؤتة، والذين هم: زيد بن حارثة، وجعفر بن أبي طالب، وعبد الله بن رواحة الذين قتلوا، وقد ذكرهم النبي عليه الصلاة والسلام على الترتيب، قال: فلان، ثم فلان، ثم فلان، وقد استشهدوا وماتوا في تلك الغزوة رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، وبعد ذلك اختار الجيش خالد بن الوليد رضي الله تعالى عنه، فقام بالمهمة بعد وفاة هؤلاء الصحابة رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، فأبوه جعفر هو أحد الأمراء الثلاثة، وعبد الله بن جعفر هذا من صغار الصحابة، ولد في السنة الأولى من الهجرة، هو وعبد الله بن الزبير في سنة واحدة، ومات رسول الله عليه الصلاة والسلام وعمره عشر سنوات، وتوفي سنة ثمانين وعمره ثمانون سنة، فهو من صغار الصحابة، وهو من لدة عبد الله بن الزبير؛ لأن عبد الله بن الزبير ولد في السنة الأولى من الهجرة، والنعمان بن بشير أصغر منه؛ لأنه توفي رسول الله عليه الصلاة والسلام وعمره ثمان سنوات، ومن المعلوم أن رواية الراوي في حال صغره وتحمله في حال صغره وتأديته في حال كبره هذا أمر مشهور، ومعتبر عند العلماء، لهذا يأتي في بعض الطرق عن هؤلاء الصغار يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كذا، وكذا يتحمل في حال صغره، ويؤدي في حال كبره، وذلك معتبر عند المحدثين، ومثله كون الكافر يتحمل في حال كفره ويؤدي في حال إسلامه، فإن حديثه معتبر وكلامه معتبر، ومن ذلك حديث أبي سفيان في قصة هرقل، فإنه حدث، وأخبر بما جرى بينه وبين هرقل، وأخبر عن كتاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، فتحمل الكافر في حال كفره وتأديته في حال إسلامه أمر معتبر، وكذلك تحمل الصغير في حال صغره وتأديته في حال كبره هذا أمر معتبر.
وقد جاء في طريقين آتيين أن عتبة يروي عن مصعب، الطريقين الأخيرين مصعب يروي عن عتبة عن عبد الله بن جعفر.
يعني: أن عتبة يروي عن عبد الله بن جعفر بواسطة وبغير واسطة، وقد ذكر الحافظ في تهذيب التهذيب أن هذا هو الأرجح، كونه فيه واسطة، وقيل عنه: عن مصعب عن عبد الله بن جعفر، قال: وهذا هو الأرجح، معناه أنه جاء من أربع طرق، طريقان ليس فيهما ذكر مصعب بن شيبة، والطريقان الآخران فيهما مصعب بن شيبة، بين عبد الله بن المسافع وعتبة.
حديث جعفر روى له الجماعة.
وعبد الله بن جعفر بن أبي طالب روى له أصحاب الكتب الستة، والأحاديث التي له قليلة جداً.
حديث: (من شك في صلاته فليسجد سجدتين بعد التسليم) من طريق ثانية وتراجم رجال إسناده
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن هاشم حدثنا الوليد حدثنا ابن جريج عن عبد الله بن مسافع عن عقبة بن محمد بن الحارث عن عبد الله بن جعفر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من شك في صلاته فليسجد سجدتين بعد التسليم)].أورد النسائي حديث عبد الله بن جعفر من طريق أخرى وهي مثل الطريق السابقة التي قبلها، وهي ليس فيها ذكر مصعب بن شيبة.
قوله: [أخبرنا محمد بن هاشم].
هو محمد بن هاشم البعلبكي، وهو صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا الوليد].
وهو ابن مسلم الدمشقي وهو ثقة، يدلس، ويسوي، عنده التدليس والتسوية، أي: تدليس الإسناد وتدليس التسوية. وتدليس التسوية هو: أن يأتي إلى إسناد فيه ثقات وبينهم ضعفاء، فيحذف الضعفاء ويبقى الإسناد كأنه على ظاهره، وأن أصحابه أجواد وأنهم معتبرون وأنهم ثقات، وقد حذف الضعفاء، وهذا هو شر أنواع التدليس؛ لأن هذا ليس تدليساً من الراوي نفسه بينه وبين شيخه، وإنما هذا فيه إسقاط ضعفاء لم يلقهم وإنما هم فوق مشايخه يسقطهم ويسوي الإسناد فيكون ظاهره أنهم كلهم ثقات مع أن في أثنائه حذفاً لبعض الضعفاء من أثنائه.
والوليد بن مسلم أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا ابن جريج].
قد تقدم ذكره، وكذلك الذين فوقه تقدم ذكرهم في الإسناد الذي قبل هذا.
حديث: (من شك في صلاته فليسجد سجدتين) من طريق ثالثة وتراجم رجال إسناده
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم حدثنا حجاج قال: ابن جريج أخبرني عبد الله بن مسافع أن مصعب بن شيبة أخبره عن عقبة بن محمد بن الحارث عن عبد الله بن جعفر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من شك في صلاته فليسجد سجدتين بعدما يسلم)].أورد النسائي طريق أخرى لحديث عبد الله بن جعفر وهي مثل الطرق السابقة إلا أن فيها ذكر مصعب بن شيبة بين عبد الله بن المسافع وبين عتبة بن محمد بن الحارث.
قوله: [أخبرنا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم].
وهو محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم بن علية، أبوه مشهور بأنه ابن علية، وقد يطلق على أولاده ابن علية، على أولاد إسماعيل يقال له ابن علية لكن المشهور بها الأب، ومحمد هذا ثقة أخرج حديثه النسائي وحده، وله أخ اسمه إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم وهذا ليس على طريقة أهل السنة، بل هو من المبتدعة، وقال عنه الذهبي في الميزان: إنه جهمي هالك الذي هو إبراهيم، ومحمد بن إسماعيل من أهل السنة، وهو ثقة أخرج حديثه النسائي، وأبوه إسماعيل بن إبراهيم ثقة، ثبت أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وأما إبراهيم أخو محمد بن إسماعيل فذاك جهمي هالك كما قال الذهبي.
ويأتي -كما ذكرت ذلك من قبل- ذكره في مسائل الفقه الشاذة، يعني: عندما تأتي مسائل فقهية فيها رأي شاذ يقال فيها: قال به ابن علية فالمقصود به إبراهيم الجهمي، ومن أمثلة ذلك: مسألة الإجارة حكمها، يقول: إن الإجارة لا تجوز وأنها حرام، يعني: كون الإنسان يستأجر إنسان أو كونه يستأجر منه شيئاً هذا حرام لا يجوز، هذا شذوذ ما بعده شذوذ، من يستغني عن الإجارة، ما أحد يستغني عن الإجارة، الناس بحاجة إلى بعضهم، الواحد يستأجر من يعمل له، ويستأجر من غيره مثلاً منزلاً أو دكاناً أو سيارة أو ما إلى ذلك من الأشياء التي يحتاج الناس إليها، وهم لا يستطيعون أن يملكوا مثل هذه الأشياء، وإنما يحصلونها عن طريق الأجرة، أي: استئجار المنفعة وملك المنفعة لفترة معينة، فهذا من الشذوذ الواضح البين الذي هو مخالف لما جاء في الكتاب والسنة ولما عليه سلف هذه الأمة، ثم هو مخالف لما يضطر الناس إليه، فإن ضرورة الناس إلى الإجارة ضرورة ملحة ما أحد يستغني عن الإجارة، إما يستأجر أشخاص، وإما يستأجر أماكن، أو يستأجر أدوات، أو ما إلى ذلك من الأشياء التي يحتاج الناس إلى استئجارها.
[حدثنا حجاج].
وهو حجاج بن محمد المصيصي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[قال ابن جريج].
وقد مر ذكره.
[أخبرني عبد الله بن مسافع].
وقد مر ذكره.
[أن مصعب].
مصعب بن شيبة هو الحجبي المكي العبدري، من بني عبد الدار، ويقال له: الحجبي نسبة إلى حجابة الكعبة، هم المسئولون عن فتحها وإغلاقها وما إلى ذلك، الذين هم بني شيبة، فيقال له الحجبي، ويقال له العبدري نسبة إلى بني عبد الدار، وقال عنه الحافظ في التقريب أنه لين الحديث، وحديثه أخرجه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
والبقية الذين بعده مر ذكرهم.

يتبع

ابوالوليد المسلم 12-01-2022 03:01 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
حديث: (من شك في صلاته فليسجد سجدتين...) من طريق رابعة وتراجم رجال إسناده
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا هارون بن عبد الله حدثنا حجاج وروح هو ابن عبادة عن ابن جريج أخبرني عبد الله بن مسافع أن مصعب بن شيبة أخبره عن عقبة بن محمد بن الحارث عن عبد الله بن جعفر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من شك في صلاته فليسجد سجدتين) قال حجاج: بعد ما يسلم، وقال روح: وهو جالس].أورد النسائي الطريق الأخيرة من الطرق لحديث عبد الله بن جعفر رضي الله تعالى عنه، وهي مثل الطريق الثالثة فيها ذكر مصعب بن شيبة بين عبد الله بن مسافع وبين عتبة بن محمد بن الحارث.
قوله: [أخبرنا هارون بن عبد الله].
وهو الحمال البغدادي، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[حدثنا حجاج وروح].
هو ابن محمد المصيصي الذي تقدم ذكره في الإسناد الذي قبل هذا، وفيه روح وهو روح بن عبادة البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وقوله: (هو: ابن عبادة) هذه الذي قالها هو من دون هارون؛ لأن هارون يروي عن حجاج وروح، فالذي قالها من دون هارون، إما النسائي أو من دون النسائي، وبقية الرجال مر ذكرهم في الإسناد الذي قبل هذا.
وفي آخره قال: [قال حجاج بعدما يسلم، وقال روح: وهو جالس].
قال حجاج: بعد ما يسلم، أي: أن شيخي هارون بن عبد الله أحدهما قال: بعدما يسلم، يعني ذكر السجدتين، والثاني قال: وهو جالس، أي: ذاك سجدتين وهو جالس الذي هو روح، وأما حجاج فقال: بعدما يسلم.
شرح حديث أبي هريرة فيما يفعله من لبس عليه الشيطان صلاته حتى لا يدري كم صلى
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة عن مالك عن ابن شهاب عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن أحدكم إذا قام يصلي جاءه الشيطان فلبس عليه صلاته حتى لا يدري كم صلى، فإذا وجد أحدكم ذلك فليسجد سجدتين وهو جالس)].أورد النسائي حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (إذا قام أحدكم يصلي جاء الشيطان ولبس عليه صلاته حتى لا يدري كم صلى، فإذا وجد شيئاً من ذلك فليسجد سجدتين وهو جالس)، هذا الحديث يدل على أن الشيطان عندما يدخل للإنسان في صلاته فإنه يشغله فيها بما يأتي على خاطره من الأمور التي ينشغل بها عن صلاته، وقد جاء في بعض الأحاديث أنه يقول: اذكر كذا اذكر كذا اذكر كذا، فيذكره أشياء يشغله بها عن الصلاة، قال: فإذا وجد شيئاً من ذلك أي: الإنسان فليسجد سجدتين وهو جالس، لهذا السهو ولهذا الذي حصل له من كونه تشوش حتى إنه لا يدري كم صلى.
ومن المعلوم أنه مر في الأحاديث السابقة أنه يتحرى إذا كان لا يدري كم صلى، فإنه يتحرى ما هو الصواب فيأخذ بما يغلب على ظنه، ويسجد سجدتين، وقد مر في الأحاديث السابقة أنه عندما يتحرى ويأخذ بما يغلب على ظنه أن السجود يكون بعد السلام.
تراجم رجال إسناد حديث أبي هريرة فيما يفعله من لبس عليه الشيطان صلاته حتى لا يدري كم صلى
قوله: [أخبرنا قتيبة].هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وبغلان قرية من قرى بلخ، وهو ثقة، ثبت أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
وهو متقدم: ووفاته سنة أربعين ومائتين، ولكن ولادته سنة مائة وخمسين؛ لأن عمره تسعون سنة، فولادته في نفس السنة التي ولد فيها الشافعي، والشافعي توفي سنة مائتين وأربع، وهو توفي مائتين وأربعين، وولادة كل منهما سنة مائة وخمسين، فكون عمره طويل أدرك الذين أدركهم الشافعي، فـالشافعي متقدم الوفاة؛ لأنه توفي سنة مائتين وأربعة، وقتيبة عاش بعده ستاً وثلاثين سنة بعد الشافعي، وقد ولد مع الشافعي في سنة واحدة، وهي السنة التي مات فيها أبو حنيفة مائة وخمسين، ولهذا قتيبة يروي عن مالك، ومالك توفي سنة مائة وتسعة وسبعين، بل يمكن أنه يروي عمن قبل مالك، في الوفاة؛ لأن ولادته سنة مائة وخمسين ومعلوم أن الراوي يأخذ أو يتحمل في حال صغره، ويلقى الشيوخ في أواخر أعمارهم والطلبة في أوائل الأعمار، فيروي عن هذا ثم يعمر بعده، وهذا هو الذي من أجله يأتي قصر الإسناد، أو يقل رجال الإسناد بسبب أن يكون الواحد يعمر فيلقى في أول حياته شخصاً في آخر حياته، وذاك الذي قبله لقي في أول حياته شخصاً في آخر حياته فتقل الرجال، ولهذا يكون عند البخاري ثلاثة أشخاص بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والبخاري توفي سنة مائتين وست وخمسين، ، ويأتي عنده في بعض الأسانيد تسعة أشخاص، التي هي أنزل الأسانيد عند البخاري وأعلى الأسانيد ثلاثة أشخاص، والكثرة تأتي بكثرة هؤلاء الأشخاص فيكون هذا لقي هذا وهذا لقي هذا، لكن بالنسبة للأسانيد العالية يكون هذا عن طريق المعمرين، الذي يعمر هو الذي يكون عنده العلو في الإسناد بكونه يلقى في أول حياته شخصاً ويحدث عنه في آخر حياته وهكذا.
وقتيبة ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، يروي عن مالك بن أنس إمام دار الهجرة المحدث، الفقيه، الإمام، المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وهو الثاني في الترتيب من حيث الوجود؛ لأن أولهم أبو حنيفة، ثم بعده مالك، ثم الشافعي، ثم الإمام أحمد، وحديث الإمام مالك عند أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن شهاب].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب، إمام، مشهور، ومحدث، فقيه مكثر من رواية حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة، وهو من صغار التابعين الذين أدركوا صغار الصحابة.
[عن أبي سلمة].
هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف المدني، وهو ثقة، حديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وهو محدث، فقيه، بل هو أحد الفقهاء السبعة في المدينة في عصر التابعين على أحد الأقوال في السابع منهم؛ لأن السابع من الفقهاء السبعة قيل فيه ثلاثة أقوال، قيل: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وقيل: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام وقيل: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، هذه ثلاثة أقوال في السابع، وستة متفق على عدهم في الفقهاء السبعة، وهم: سعيد بن المسيب، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وعروة بن الزبير بن العوام، وخارجة بن زيد بن ثابت، وسليمان بن يسار، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود.
يروي [عن أبي هريرة].
وأبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو أكثر الصحابة على الإطلاق حديثاً عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
شرح حديث أبي هريرة فيما يفعله من لبس عليه الشيطان صلاته من طريق أخرى
قال المصنف رحمه الله: [أخبرنا بشر بن هلال حدثنا عبد الوارث عن هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا نودي للصلاة أدبر الشيطان له ضراط، فإذا قضى التثويب أقبل حتى يخطر بين المرء وقلبه حتى لا يدري كم صلى، فإذا رأى أحدكم ذلك فليسجد سجدتين)].أورد النسائي حديث أبي هريرة من طريق أخرى، وفيه أن الشيطان إذا نودي للصلاة ولى، وله ضراط، لأنه يفر من الأذان، ويفر من ذكر الله عز وجل، فهو يهرب حتى لا يسمع النداء الذي هو ذكر الله عز وجل الذي يعلن ويرفع به الصوت بدعاء الناس إلى أن يأتوا إلى الصلاة، فإنه يفر من ذكر الله، ويكره الشيء الذي فيه إقدام الناس على العبادة، وإلى طاعة الله عز وجل، وطاعة رسوله عليه الصلاة والسلام، فهو يولي، وله ضراط، فإذا قضى التثويب أقبل ، أي: إذا فرغ من التثويب الذي هو الإقامة، رجع وعاد حتى يخطر بين المرء وقلبه، فلا يدري كم صلى، وقد جاء في بعض الطرق لهذا الحديث أنه إذا سمع الأذان ولى ثم يرجع، فإذا سمع التثويب ولى، بمعنى أنه يأتي بعدما ينتهي الأذان، ثم إذا سمع التثويب هرب، ثم إذا فرغ من التثويب رجع حتى يشغل الإنسان في صلاته، والتثويب هو الإقامة. يقال لها التثويب لأنها رجوع إلى النداء بعد النداء الأول الذي هو الأذان ؛ لأن الأذان هو: إعلام بدخول الوقت، والإقامة هي: إعلام بالقيام إلى الصلاة، وإخبار بالقيام إلى الصلاة، وأن المأمومين مطلوب منهم أن يقوموا حتى يصفوا ويستعدوا للصلاة، فكل منهما نداء، ولهذا يقال للإقامة أذان، وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (بين كل أذانين صلاة) المراد بالأذانين الأذان والإقامة، لأنه يقال لها أذان، وحديث الصحابي الذي تسحر مع رسول الله عليه الصلاة والسلام قال: ثم قمنا إلى الصلاة، قال: كم كان بين الأذان والسحور؟ قال: قدر خمسين آية، الأذان هو الإقامة، لأن السحور الذي هو الإمساك، أي: أمسكوا عند الأذان ودخول الوقت ثم جلسوا، وكان المقدار بين الأذان والإقامة مقدار قراءة خمسين آية، ثم أذن للصلاة، أي: أقيمت الصلاة.
ويقال للصلاة خير من النوم التثويب، ولعله قيل لها التثويب لأنها رجوع إلى الدعوة إلى حضور الصلاة لأن حي على الصلاة حي على الفلاح هي دعاء، وهذا أيضاً فيه رجوع إلى ذلك الدعاء إلى الصلاة، وأن الصلاة التي يدعون إليها هي خير من النوم الذي هم متلذذون به، والحاصل: أن الصلاة خير من النوم يقال لها التثويب، والإقامة يقال لها التثويب، والحديث الذي هنا ثوب، فإذا انقضى التثويب أي: الإقامة، إذا انقضت الإقامة فإنه يأتي، فيخطر بين الإنسان وقلبه، وجاء في بعض الروايات أنه يقول: اذكر كذا اذكر كذا حتى لا يدري الإنسان كم صلى، لأنه انشغل ما يدري، انشغل بتلك الأفكار والهواجس التي تخطر على باله بإلقاء الشيطان إياها عليه، قال عليه الصلاة والسلام: (فإذا وجد شيئاً من ذلك فليسجد سجدتين).
تراجم رجال إسناد حديث أبي هريرة فيما يفعله من لبس عليه الشيطان صلاته من طريق أخرى
قوله: [أخبرنا بشر بن هلال].هو بشر بن هلال الصواف، وهو ثقة، أخرج له مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[حدثنا عبد الوارث].
هو عبد الوارث بن سعيد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن هشام الدستوائي].
هو هشام بن أبي عبد الله الدستوائي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن يحيى بن أبي كثير].
هو يحيى بن أبي كثير اليمامي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو الذي سبق أن نبهت فيما مضى إلى كلمة مأثورة عنه مشهورة، وهي قوله: (لا يستطاع العلم براحة الجسم) معناه أن العلم لا يحصل إلا بالتعب والنصب والمشقة، لا يحصل بالسهولة، واليسر، وقلة العناء، والمشقة، فإنه لابد من التعب، من أراد أن يحصل العلم فليتعب، ولينصب، لا يحصل العلم بالراحة، والإخلاد إلى الراحة، فإنه كما يقولون: ملء الراحة لا يدرك بالراحة، أي: الشيء القليل الذي على مقدار راحة اليد لا يحصل بالراحة، ولكن تحصل الأشياء بالجد والاجتهاد.
وإذا كانت النفوس كباراً تعبت في مرادها الأجساد
فالرغبة عندما تكون يكون هناك جهود عظيمة في سبيل تحقيقها وتحصيلها، وليس بالأماني والإخلاد إلى الراحة، فإن الإخلاد إلى الراحة والأماني لا يكون من ورائها نتيجة، هذه ليس وراءها إلا الضياع وليس وراءها إلا الإفلاس، ولكن من جد وجد، ومن تعب فإنه يحصل، وهذه كلمة عظيمة قالها يحيى بن أبي كثير، والإمام مسلم رحمه الله ذكرها بإسناده إليه في صحيحه، وهي من المقاطيع ومن الأشياء الموقوفة التي في صحيح مسلم، لأن مسلماً رحمه الله ذكرها في أثناء حديث عبد الله بن عمرو بن العاص عندما أورد الطرق المتعددة عن عبد الله بن عمرو بن العاص في أوقات الصلاة، في بيان أوقات الصلاة، أتى بالإسناد إلى يحيى بن أبي كثير وقال: لا يستطاع العلم براحة الجسم، يعني: معناه أن تحصيل العلم لا ينال بالراحة والإخلاد إليها، وإنما ينال بالتعب، والمشقة، وبالعناء، وبالنصب، فبهذا يحصل العلم، وما ساد من ساد إلا بتعبه ونصبه، ولهذا يقول الشاعر:
لولا المشقة ساد الناس كلهم الجود يفقر والإقدام قتال
لولا المشقة كل الناس يكونون سادة، إذا كنت السيادة ستحصل بلاش، إذا كان السؤدد بلاش دون ثمن الكل يصير سيد، والكل يحصل هذه المرتبة، والمنزلة، لكن السؤدد لا يحصله كل أحد، وإنما يحصل بالتعب، والنصب، لأن السؤدد لا يحصل إلا بالمشقة.
الإنسان إذا كان عنده مال إذا ما كان عنده يقين وعنده رغبة صادقة ما يقدم على الإنفاق، لأن الإنفاق يؤدي إلى أنه ما يصير بيده شيء، إلى أنه يكون قليل ذات اليد، والإقدام قتال، الذي يقدم في الميدان يحصل القتل، وليس الكل يصبر على القتل وليس الكل يصبر على الإنفاق، تحصل له الشهادة ببذله، وجده، واجتهاده في إعلاء كلمة الله عز وجل، وكذلك الذي ينفق المال في سبيل الله عز وجل يحصل السؤدد لجوده، وكرمه، وإحسانه.
هذه كلمة عظيمة قالها يحيى بن أبي كثير اليمامي.
[عن أبي سلمة عن أبي هريرة].
وقد مر ذكرهما في الإسناد الذي قبل هذا.

الأسئلة
النيابة في الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
السؤال: هل تجوز النيابة في الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟الجواب: الصلاة والسلام على رسول الله عليه الصلاة والسلام إذا فعلها المسلم في أي مكان في الأرض فإن الملائكة تبلغ الرسول عليه الصلاة والسلام، فقد قال عليه الصلاة والسلام: (إن لله ملائكة سياحين يبلغوني عن أمتي السلام) قال عليه الصلاة والسلام: (لا تجعلوا بيوتكم قبوراً ولا تتخذوا قبري عيداً، وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم) فإذا كان أحد من الناس جاء من بلد متجه إلى المدينة وقال لهذا الذي سيقدم إلى المدينة أبلغ سلامي إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام فإن الجواب المسكت والجواب الصحيح أن يقول له: صل وسلم على رسول الله عليه الصلاة والسلام وأكثر من الصلاة والسلام عليه فإن الملائكة تبلغه، فإن الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام هو الذي قال هذا الكلام، وليس من السنة ومن السائغ أن الإنسان يأتي عند القبر ويقول: فلان يسلم عليك أو عليك السلام من فلان أو ما إلى ذلك، فإن هذا لم يثبت فيه شيء ولم يكن معروفاً، بل يغني عنه كون الملائكة تبلغ الصلاة والسلام عليه عليه الصلاة والسلام كما جاء في هذين الحديثين، ولهذا لما رأى علي بن الحسين رجلاً يأتي عند قبر النبي عليه الصلاة والسلام، وقال له: ألا أحدثك حديثاً سمعته عن أبي عن جدي؟ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تجعلوا بيوتكم قبوراً ولا تتخذوا قبري عيداً، وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم)، ثم قال: ما أنت ومن في الأندلس إلا سواء، الملائكة تبلغ الذي يسلم على الرسول ويصلي عليه وهو في الأندلس، وكذلك الذي يكون في المدينة.
حكم نزع الخف بعد المسح عليه
السؤال: رجل نزع خفه بعد المسح عليه، هل يحتاج إعادة الوضوء إذا أراد الصلاة؟الجواب: إذا كان قد نقض الوضوء ونزع الخف فإنه يحتاج إلى إعادة الوضوء، وأما إذا كان لم ينقض الوضوء لبس خفه وما استمر على وضوؤه ونزع الخف ثم لبسه أو لم يلبسه هو على وضوء، دخل رجله في الخف أو لم يدخله ما دام ما حصل منه الحدث، فإذا كان نزعه الخف وهو على وضوئه لم يحدث، فهو باق على طهارته، أما إذا مسح عليه فإنه عليه أن يعيد الطهارة؛ لأن الفرض كان هو المسح، وقد حصل أنه مسح عليه ونزعه، فإذاً: لا يبقى لهذا الوضوء اعتبار بهذه الطريقة، بعض العلماء يقول: إنه يصح لكن هذا ليس بصحيح، ويقيس هذا على الرأس، فيما لو إنسان توضأ ومسح على رأسه ثم حلق رأسه.


ابوالوليد المسلم 12-01-2022 03:02 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الصلاة
(كتاب السهو)
(233)


- باب ما يفعل من صلى خمساً
وردت أحاديث كثيرة تبين ما ينبغي فعله عند الزيادة في الصلاة سهواً، وأنه يسجد له سجدتين بعد السلام؛ لأنه عن زيادة، وقد سها عليه الصلاة والسلام في صلاته مما يدل على أنه بشر ينسى.
ما يفعل من صلى خمساً
شرح حديث: (صلى النبي الظهر خمساً... فثنى رجله وسجد سجدتين)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ما يفعل من صلى خمساً.أخبرنا محمد بن المثنى ومحمد بن بشار واللفظ لـابن المثنى قالا: حدثنا يحيى عن شعبة عن الحكم عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله رضي الله عنه أنه قال: (صلى النبي صلى الله عليه وسلم الظهر خمساً فقيل له: أزيد في الصلاة؟ قال: وما ذاك؟ قالوا: صليت خمساً، فثنى رجله وسجد سجدتين)].
يقول النسائي رحمه الله: باب ما يفعل من صلى خمساً؛ أي: أنه سهى في الصلاة الرباعية فجعلها خمساً، والمراد مما يفعله أنه يسجد سجدتين بعد السلام كما جاء ذلك مبيناً في بعض الروايات؛ وذلك أن زيادة ركعة يجعل الذي سهى وزادها يكون سجوده بعد السلام، وهذا مثل ما مر في حديث ذي اليدين: (أن النبي عليه الصلاة والسلام سجد بعد السلام)؛ وذلك لأنه سلم من اثنتين وأخبر بأنه حصل نسيان، وكان الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم يظنون أن الصلاة قد قصرت، ولما قال له ذو اليدين: أقصرت الصلاة أم نسيت؟ قال: كل ذلك لم يكن، قال: بل كان بعض ذلك يا رسول الله! أي: النسيان، فقال: أكما يقول ذو اليدين؟ فقال الحاضرون وفيهم أبو بكر وعمر: نعم، فقام وأتى بالركعتين ثم سجد بعد السلام؛ وذلك أن فيه زيادة في الصلاة وهي زيادة السلام الذي في أثنائها.
وكذلك ما جاء في هذا الحديث الذي فيه زيادة ركعة خامسة سهواً، فإن السجود يكون بعد السلام؛ لأن السهو إذا كان عن زيادة فالسجود له يكون بعد السلام كما جاء في حديث عبد الله بن مسعود المتعلق بزيادة ركعة خامسة سهواً، وكما جاء في حديث أبي هريرة في قصة ذي اليدين، وأن النبي عليه الصلاة والسلام بعد أن أتى بالركعتين الباقيتين عليه، وكان تخلل ذلك سلام فكان سجوده لذلك السهو بعد السلام.
وحديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه الذي أورده النسائي تحت هذه الترجمة فيه أن النبي عليه الصلاة والسلام صلى الظهر خمساً، فسألوا رسول الله عليه الصلاة والسلام وذكروا له الزيادة وأنه صلى خمساً، وقد سبق أن مر حديث ابن مسعود وفيه أنه زاد أو نقص، وكان ذلك شكاً هل كان زيادة أو نقصان، لكن جاءت بعض الروايات، -ومنها هذه الرواية التي معنا- مبينة أن السهو كان بزيادة ركعة، فتعين من هذه الرواية وغيرها من الروايات أنه حصل الجزم بما حصل وهو الزيادة، وكان في بعض الروايات تردد من الراوي هل زاد أو نقص، فلما أخبروه ثنى رجله وسجد سجدتين وهو جالس، وهنا في هذا الحديث فيه أنه صلى الظهر خمساً، ففيه تعيين الصلاة أنها الظهر، وأن الذي حصل هو الزيادة، وهو زيادة ركعة، فلما أخبروا بذلك رسول الله عليه الصلاة والسلام ثنى رجله وسجد سجدتين، وجاء في بعض الروايات أنه بعد السلام؛ وذلك لأنه كان عن زيادة، والسهو إذا كان عن زيادة يكون السجود له بعد السلام.
قوله: [صلى النبي صلى الله عليه وسلم الظهر خمساً فقيل له: أزيد في الصلاة؟ قال: وما ذاك؟ قالوا: صليت خمساً، فثنى رجله وسجد سجدتين].
الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم لما صلى خمساً، وكانوا يعلمون أنها خمس، ولكن الزمن زمن تشريع، فإذا حصل شيء من ذلك ظنوا أن الوحي نزل وأن الصلاة زيد فيها أو نقص، ففي هذا الحديث قالوا: أزيد في الصلاة؟ وفي حديث ذي اليدين قالوا: أقصرت الصلاة أم نسيت؟ لأنه صلى ركعتين والصلاة رباعية، وهنا الرباعية صارت خمساً، فقالوا: أزيدت الصلاة؟ أي: أنه شرع أو نزل الوحي بزيادة ركعة خامسة في صلاة الظهر، فقالوا: وما ذاك؟ فأخبروه أنه زاد ركعة خامسة، فسجد سجدتين للسهو، وذلك بعد السلام؛ لأنه بعد ما سلم وتكلم كلموه فسجد سجدتين بعد السلام.
وقد جاءت بعض الروايات مبينة أن ذلك كان بعد السلام، والروايات المتقدمة التي فيها الشك هل زيد أو نقص ولما أخبروه قال: (لو حدث شيء لأخبرتكم، ثم سجد السجدتين بعد السلام).
تراجم رجال إسناد حديث: (صلى النبي الظهر خمساً... فثنى رجله وسجد سجدتين)
قوله: [أخبرنا
محمد بن بشار ومحمد بن المثنى واللفظ له]. أي: لـمحمد بن المثنى، ومحمد بن بشار هو الملقب بندار، وهو محمد بن بشار البصري.

قوله: [واللفظ لـابن المثنى] الذي هو الشيخ الأول من الشيخين؛ محمد بن المثنى وهو العنزي الملقب الزمن، وكنيته أبو موسى، وهو بصري، ثقة أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة رووا عنه مباشرة وبدون واسطة، ويعتبر من صغار شيوخ البخاري؛ إذ كانت وفاته قبل وفاة البخاري بأربع سنوات؛ لأن البخاري توفي سنة ست وخمسين ومائتين، ومحمد بن المثنى توفي سنة اثنتين وخمسين ومائتين.
ومحمد بن المثنى لقبه الزمن ومحمد بن بشار لقبه بندار، وهو بصري، ثقة أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، وكانت وفاته في السنة التي مات فيها محمد بن المثنى وهي سنة اثنتين وخمسين ومائتين، وولادته في نفس السنة التي ولد فيها محمد بن المثنى، فهذان الشخصان: محمد بن المثنى ومحمد بن بشار ولدا في سنة واحدة وماتا في سنة واحدة، وكل منهما بصري، وكل منهما شيخ لأصحاب الكتب الستة، ولهذا قال عنهم الحافظ في التقريب: وكانا كفرسي رهان؛ لأنهما اتفقا في سنة الولادة، وفي سنة الوفاة، وفي أنهما من أهل البصرة، وفي أنهما جميعاً شيوخ لأصحاب الكتب الستة، فكانوا متماثلين، فكانا مثل فرسي الرهان اللذين يتسابقان وكل واحد لا يسبق الثاني لتنافسهما، فهما متساويان في هذه الأمور كلها، وهما من صغار شيوخ البخاري، وهناك شخص ثالث مات في نفس السنة التي مات فيها، وهو شيخ لأصحاب الكتب الستة؛ وهو يعقوب بن إبراهيم الدورقي، هذا الشخص مع هذين الشخصين كل منهم توفي سنة اثنتين وخمسين ومائتين وهم جميعاً شيوخ لأصحاب الكتب الستة رووا عنهم مباشرة وبدون واسطة.
[قال: واللفظ لـابن المثنى].
أي: المتن الموجود هو لفظ ابن المثنى، ومعنى هذا أن ابن بشار لفظه يختلف، فـمحمد بن بشار لفظه ليس هذا الموجود، بل هو يختلف عن هذا؛ لأنه نص على أن اللفظ للأول منهما، وهو محمد بن المثنى؛ أي: المتن الموجود هو لفظ محمد بن المثنى أما لفظ محمد بن بشار فهو مثله في المعنى ولكنه يختلف عنه، ولهذا نص على من له اللفظ منهما، وهو الشيخ الأول محمد بن المثنى.
[قالا: حدثنا يحيى].
يحيى هذا شيخ لهذين؛ وهما محمد بن المثنى، ومحمد بن بشار، وهو يحيى بن سعيد القطان البصري، وأهمل فلم ينسب؛ لأنه معروف، وإذا أطلق هذان الشخصان يرويان عن يحيى فالمراد به يحيى بن سعيد القطان وهو محدث، ثقة، ناقد، متكلم بالرجال جرحاً وتعديلاً، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وقد قال عنه الذهبي في كتابه: من يعتمد قوله في الجرح والتعديل قال عنه وعن عبد الرحمن بن مهدي أنهما إذا جرحا شخصاً فهو لا يكاد يندمل جرحه؛ أي: أنهما يصيبان الغرض، وأنه يعول على كلامهما.
[عن شعبة].
هو ابن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة، ثبت، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهي صفة من أعلى صيغ التعديل، وأرفعها، فإن كونه يقال عن شخص: أمير المؤمنين في الحديث معناه أن هذا قمة في التعديل وقمة في التوثيق، وهذا اللقب الرفيع لم يظفر به إلا القليل النادر من المحدثين ومنهم شعبة هذا، وكذلك منهم: سفيان الثوري، ومنهم: البخاري، ومنهم: إسحاق بن راهويه، ومنهم: الدارقطني، وعدد قليل نص على تلقيبهم بهذا اللقب أو على وصفهم بهذا الوصف الذي هو من أعلى صيغ التعديل، وأرفعها، وحديث شعبة عند أصحاب الكتب الستة.
[عن الحكم].
هو ابن عتيبة الكندي الكوفي، وهو ثقة، فقيه أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن إبراهيم].
هو ابن يزيد بن قيس النخعي الكوفي محدث، فقيه، ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو الذي قال الكلمة المأثورة المشهورة عند الفقهاء عند التعبير عن الذي لا دم له بأنه لا نفس له سائلة، هو أول من عبر بهذه العبارة فتلقاها الفقهاء من بعده فعبر عن الحيوانات التي لا دم فيها مثل الجراد، ومثل الذباب وغيرها من الحيوانات التي ليس فيها دم، قال: لا نفس لها سائلة، فهذه العبارة قال الإمام ابن القيم في كتابه زاد المعاد: أول من حفظ عنه في الإسلام أنه عبر بهذه العبارة فقال: ما لا نفس له سائلة لا ينجس الماء إذا مات فيه، وقد أخذوا ذلك من كون النبي عليه الصلاة والسلام أرشد أن الذباب إذا وقع في إناء أحدكم فليغمسه، ثم يخرج الذباب ويشرب، فلذلك يغمسه حتى يكون الجناح الذي فيه الدواء يأتي مع الجناح الذي فيه الداء.
قالوا: إنه إذا غمس قد يكون الماء حاراً فيموت بسبب هذا الغمس، ومع ذلك الرسول أرشد إلى شربه، وإلى استعماله، فدل هذا على عدم نجاسة ما لا نفس له سائلة إذا مات في الماء.
وحديث إبراهيم بن يزيد بن قيس النخعي الكوفي أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن علقمة].
هو ابن قيس النخعي ثقة، ثبت، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله].
هو عبد الله بن مسعود الهذلي، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو عبد الرحمن وهو من المهاجرين وممن هاجر الهجرتين، وهو من فقهاء الصحابة وعلمائهم رضي الله عنه وأرضاه، وكانت وفاته سنة اثنتين وثلاثين، وليس أحد العبادلة الأربعة المشهورين في الصحابة؛ لأنه من كبار الصحابة، والعبادلة الأربعة المشهورون هم من صغار الصحابة؛ الذين هم: ابن عمر، وابن عمرو، وابن الزبير، وابن عباس، وبعض العلماء يجعل عبد الله بن مسعود منهم، والصحيح عند العلماء أنه ليس منهم وإنما هم أربعة من صغار الصحابة عاشوا في وقت واحد وأدركهم من لم يدرك ابن مسعود ؛ لأنه متقدم الوفاة وهم تأخروا عنه ما يقرب من ثلاثين سنة، فبعض العلماء يعده من العبادلة الأربعة، والصحيح المشهور أنه ليس منهم، وأن العبادلة الأربعة يطلقوا على أربعة من صغار الصحابة كانوا في وقت واحد وهم: عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنهم وعن الصحابة أجمعين.
وحديث عبد الله بن مسعود الهذلي رضي الله تعالى عنه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
وهذا الإسناد: محمد بن بشار ومحمد بن المثنى عن يحيى بن سعيد القطان عن شعبة بن الحجاج عن الحكم بن عتيبة عن إبراهيم بن يزيد النخعي عن علقمة بن قيس النخعي عن عبد الله بن مسعود كل هؤلاء حديثهم أخرجه أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث: (أن النبي صلى بهم الظهر خمساً ... فسجد سجدتين بعدما سلم وهو جالس) من طريق أخرى
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عبدة بن عبد الرحيم حدثنا ابن شميل أخبرنا شعبة عن الحكم ومغيرة عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم (أنه صلى بهم الظهر خمساً، فقالوا: إنك صليت خمساً، فسجد سجدتين بعدما سلم وهو جالس)].هنا أورد النسائي حديث عبد الله بن مسعود من طريق أخرى، وهي مثل الطريق السابقة إلا أن فيها التنصيص على أن السجود بعد السلام، وأنه جالس، ومعناه: أن السجود للسهو يكون عن جلوس وليس عن قيام، فإذا أراد أن يسجد للسهو يسجد وهو جالس، يخر إلى السجود عن جلوس، لا يحتاج الأمر إلى أن يقوم ليخر ساجداً من قيام، ففيه الزيادة عن الرواية السابقة التنصيص على أن السجود يكون بعد السلام وأن السجود يكون عن جلوس.
تراجم رجال إسناد حديث: (أن النبي صلى بهم الظهر خمساً ... فسجد سجدتين بعدما سلم وهو جالس) من طريق أخرى
قوله: [أخبرنا عبدة بن عبد الرحيم].صدوق، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، والنسائي.
[حدثنا ابن شميل].
هو النضر بن شميل، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا شعبة].
قد مر ذكره في الإسناد الذي قبل هذا.
[عن الحكم ومغيرة].
الحكم هو ابن عتيبة وقد مر ذكره، ومغيرة هو ابن مقسم، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وقيل: إنه يدلس، ولا سيما عن إبراهيم، وهو هنا يروي عن إبراهيم، لكن كما هو معلوم معه الحكم بن عتيبة شاركه في الرواية عن إبراهيم.
[عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله].
إبراهيم وعلقمة وعبد الله بن مسعود قد مر ذكرهم في الإسناد الذي قبل هذا.
شرح حديث: (أن النبي صلى خمساً فوشوش القوم ... فثنى رجله فسجد سجدتين ...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن رافع حدثني يحيى بن آدم حدثنا مفضل بن مهلهل عن الحسن بن عبيد الله عن إبراهيم بن سويد قال: صلى علقمة خمساً فقيل له، فقال: ما فعلت؟ قلت برأسي: بلى، قال: وأنت يا أعور؟ فقلت: نعم، فسجد سجدتين، ثم حدثنا عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم (أنه صلى خمساً فوشوش القوم بعضهم إلى بعض فقالوا له: أزيد في الصلاة؟ قال: لا، فأخبروه فثنى رجله فسجد سجدتين ثم قال: إنما أنا بشر أنسى كما تنسون)].أورد النسائي حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه، وأورده النسائي من هذه الطريق، وفيها أن علقمة بن قيس النخعي صلى وسهى وزاد خامسة، فقالوا له، فثنى رجله وسجد، ثم أخبرهم وحدثهم عن عبد الله عن رسول الله عليه الصلاة والسلام [أنه صلى بالناس خمساً فوشوش القوم]، أي: حصل بينهم كلام خفي، يتكلم بعضهم مع بعض حول الزيادة وأنه حصل زيادة في الصلاة، ثم إنهم سألوه وقالوا: [أزيد في الصلاة يا رسول الله؟] بعد ما تكلموا فيما بينهم أنه حصل زيادة، فسألوا الرسول عليه الصلاة والسلام وقالوا: أزيد في الصلاة؟ [فقال: لا]، فأخبروه وقالوا: أنه حصل زيادة، [ثم إنه ثنى رجله]، أي: اتجه إلى القبلة وسجد سجدتين ثم التفت وأقبل على الناس وقال: [إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون]؛ أي: أن هذا الذي حصل منه نسيان وأنه بشر يحصل منه النسيان، وأنه جاء في بعض الروايات: (فإذا نسيت فذكروني) وهذا يدل على أن الرسول عليه الصلاة والسلام ينسى في مثل هذه الأفعال، ولكنه لا ينسى شيئاً مما أمر بتبليغه، والشرع الذي كلف بإبلاغه فإنه يؤديه كاملاً، ولا ينسى منه شيئاً عليه الصلاة والسلام، ولكنه ينسى كغيره من البشر يحصل منه النسيان، فصلى هذه الصلاة وزاد ركعة خامسة، وذلك نسيان منه، وكان الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم يظنون أن الصلاة بدل ما تكون أربعاً زيد فيها فصارت خمساً، والزمن زمن التشريع، وما جاء من الحديث الذي يقول فيه: (إنني لا أنسى ولكني أنسى لأسن) هذا لم يثبت، بل الثابت هو هذا الحديث الذي يقول: (إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون) وفي بعض الروايات: (فإذا نسيت فذكروني).

يتبع

ابوالوليد المسلم 12-01-2022 03:03 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
تراجم رجال إسناد حديث: (أن النبي صلى خمساً فوشوش القوم ... فثنى رجله فسجد سجدتين ...)
قوله: [أخبرنا محمد بن رافع].محمد بن رافع القشيري النيسابوري أحد شيوخ مسلم الذين أكثر من الرواية عنهم في صحيحه، وهو من بلد مسلم، ومن قبيلته؛ لأن مسلماً قشيري من حيث النسب، ونيسابوري من حيث البلد، ومحمد بن رافع شيخه قشيري نسباً، وهو نيسابوري بلداً، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه فإنه لم يخرج له شيئاً، ومسلم رحمه الله روى من طريقه أحاديث صحيفة همام بن منبه؛ الأحاديث الكثيرة التي جاءت بإسناد واحد من طريق عبد الرزاق عن معمر عن همام عن أبي هريرة رواها من طريق شيخه محمد بن رافع، والأحاديث التي انتقاها وأوردها في صحيحه من صحيفة همام بن منبه رواها من طريق شيخه محمد بن رافع النيسابوري.
وصحيفة همام بن منبه صحيفة مشتملة على مائة وأربعين حديثاً تقريباً هي بإسناد واحد، ويفصل بين كل حديث وحديث جملة: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أي: تأتي كلمة: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة وأربعين مرة، ولكن جاء الإسناد في أول مرة عن عبد الرزاق عن معمر عن همام عن أبي هريرة وهي مشتملة على مائة وأربعين حديثاً، انتقى البخاري منها أحاديث، وانتقى مسلم منها أحاديث فاتفقا على إخراج أحاديث من الصحيفة وانفرد البخاري بإخراج أحاديث من الصحيفة، وانفرد مسلم بإخراج أحاديث من الصحيفة، وهي بإسناد واحد، وهذا من أوضح الأدلة على أن البخاري، ومسلماً ما اشترطا إخراج كل حديث صحيح، ولم يلتزما ذلك، ولو كانا قد اشترطاه لأوردا صحيفة همام بن منبه بكمالها؛ لأن إسنادها واحد، ومع ذلك أخذوا منها أحاديث وتركوا أحاديث، وصحيفة همام بن منبه موجودة في مسند الإمام أحمد عن أبي هريرة بكاملها هي عن شيخ الإمام أحمدعبد الرزاق عن معمر عن همام عن أبي هريرة.
وهي أيضاً مطبوعة مستقلة ومعتنى بإخراجها بعنوان: صحيفة همام بن منبه وعليها تعليقات بمجلد كبير.
[حدثني يحيى بن آدم].
هو يحيى بن آدم الكوفي، وهو ثقة، حافظ، فاضل، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو مؤلف كتاب الخراج.
[حدثنا مفضل بن مهلهل].
ثقة، ثبت، نبيل، عابد، أخرج حديثه مسلم، والنسائي، وابن ماجه.
[عن الحسن بن عبيد الله].
هو الحسن بن عبيد الله النخعي الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن إبراهيم بن سويد].
هو إبراهيم بن سويد النخعي، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[صلى علقمة.. إلخ.
قال: صلى علقمة بن قيس النخعي بالناس فصلى خمساً، فقالوا له، فقال: ما فعلت، أي: ما زدت، ما صليت خمساً صليت أربعاً، فأومأ إبراهيم بن سويد النخعي برأسه: أن نعم، فقال: وأنت يا أعور؟ ولقبه الأعور الذي هو إبراهيم بن سويد، فقال: وأنت يا أعور؟ فقال: نعم، أنا أقول أنك قد زدت خامسة، فثنى رجله وسجد سجدتين.
[حدثنا عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم (أنه صلى خمساً فوشوش القوم بعضهم إلى بعض فقالوا له: أزيد في الصلاة؟ قال: لا، فأخبروه فثنى رجله فسجد سجدتين، ثم قال: إنما أنا بشر أنسى كما تنسون)].
فهو مثل الذي قبله، وفيه أن سلف هذه الأمة عندما يعملون الأعمال ويأتون بالأدلة؛ لأن علقمة بن قيس لما فعل هذا الفعل وأنه سجد روى الحديث عن عبد الله بن مسعود الذي فيه أن النبي عليه الصلاة والسلام فعل مثلما فعل، وأنه عليه الصلاة والسلام سهى وزاد خامسة، وأنه سجد بعد السلام، وعلقمة بن قيس لما سهى هذا السهو الذي هو كونه زاد خامسة سجد سجدتين بعد السلام.
شرح الأثر عن علقمة بن قيس في صلاته خمساً وسجوده للسهو
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا سويد بن نصر حدثنا عبد الله عن مالك بن مغول سمعت الشعبي يقول: سها علقمة بن قيس في صلاته فذكروا له بعدما تكلم فقال: أكذلك يا أعور؟ قال: نعم، فحل حبوته ثم سجد سجدتي السهو وقال: هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: وسمعت الحكم يقول: كان علقمة صلى خمساً].أورد النسائي حديث عبد الله بن مسعود ولكنه هنا ما ذكر عبد الله بن مسعود، وإنما ذكر قصة سهو علقمة بن قيس النخعي، وهذا من المراسيل؛ لأنه قال: هكذا فعل رسول الله؛ أي: أن علقمة أضاف هذا إلى الرسول عليه الصلاة والسلام، فإضافته إياه إلى الرسول يعتبر من قبيل المرسل؛ لأنه تابعي والتابعي إذا ضاف إلى الرسول عليه الصلاة والسلام شيئاً يقال: إنه مرسل، ومعلوم أنه جاءت الروايات السابقة تبين الواسطة وتعين الصحابي الذي روى عن رسول الله عليه الصلاة والسلام هذه الهيئة وهذه الكيفية التي هي كونه عليه الصلاة والسلام سجد بعد أن سها في صلاته وصلى خمساً، فهنا يعتبر مرسل؛ لأن علقمة ما ذكر الصحابي وإنما قال: هكذا فعل رسول الله عليه الصلاة والسلام، فهو من قبيل المرسل، ولكن هذا المرسل تبينه الروايات السابقة من أن علقمة إنما روى هذا الحديث الذي أرسله وأضافه إلى الرسول عليه الصلاة والسلام كان ذلك من طريق عبد الله بن مسعود صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله تعالى عنه وعن الصحابة أجمعين.
تراجم رجال إسناد الأثر عن علقمة بن قيس في صلاته خمساً وسجوده للسهو
قوله: [أخبرنا سويد بن نصر].هو سويد بن نصر المروزي وهو ثقة، أخرج حديثه الترمذي، والنسائي، وهو راوية عبد الله بن المبارك.
[حدثنا عبد الله].
هو ابن المبارك المروزي أيضاً، وهو ثقة، ثبت، جواد، مجاهد، عابد، قال عنه الحافظ في التقريب بعد أن ذكر جملة من صفاته الحميدة: جمعت فيه خصال الخير، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن مالك بن مغول].
ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[سمعت الشعبي يقول].
هو: عامر بن شراحيل الشعبي مشهور بهذه النسبة، واسمه عامر بن شراحيل، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
وعامر الشعبي هذا هو الذي عزى إليه شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة الكلمة المأثورة التي تدل على سوء الرافضة، وأنه قال: إن اليهود لو سئلوا: من خير أهل ملتكم؟ لقالوا: أصحاب موسى، وأن النصارى لو سئلوا فقيل لهم: من خير أهل ملتكم؟ لقالوا: أصحاب عيسى، والرافضة لو سئلوا: من شر أهل ملتكم؟ لقالوا: أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم وأرضاهم، هو الذي قال هذه الكلمة، وقد ذكرها عنه شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه منهاج السنة.
[قال: سها علقمة بن قيس في صلاته، فذكروا له بعد ما تكلم، فقال: أكذلك يا أعور؟ قال: نعم، فحل حبوته].
قال: سها علقمة بن قيس في صلاته فأخبروه بعد ما تكلم، أي: بعد ما سلم وتكلم، فقال: أهكذا يا أعور؟ يخاطب إبراهيم بن سويد الذي تقدم ذكره في الإسناد الذي قبل هذا.
قال: نعم، فحل حبوته؛ والحبوة هي ما يشده الإنسان على ظهره وعلى رجليه من ثوب، وقد يكون الإنسان يحتبي بيديه؛ وذلك بأن يجلس على مقعدته ويجعل قدميه على الأرض ثم يجعل يديه من وراء ساقيه، فهذا يقال له: احتباء، وقد يكون الاحتباء في ثوب؛ بأن يشده على ظهره وعلى رجليه، فحل حبوته ثم سجد سجدتي السهو وقال: [هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم].
وقال: [هكذا فعل رسول الله]، يقوله علقمة، وقد ذكرت أن هذا مرسل؛ لأن علقمة من التابعين، فإضافته الشيء إلى الرسول عليه الصلاة والسلام يعتبر من قبيل المرسل، ولكن كما ذكرت الأحاديث السابقة بينت الواسطة بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين علقمة؛ وهو عبد الله بن مسعود الهذلي رضي الله تعالى عنه.
[قال: وسمعت الحكم يقول: كان علقمة صلى خمساً].
لأن الرواية التي جاءت عن الشعبي ليس فيها ذكر الخمس وإنما فيه ذكر السهو فقط، ولكن يقول مالك بن مغول: وسمعت الحكم يقول: صلى علقمة خمساً؛ أي: أن السهو الذي حصل من علقمة أنه كان صلى خمساً، وقائل: (وسمعت) هو مالك بن مغول؛ لأنه هو الذي روى عن الشعبي وهو الذي روى عن الحكم بن عتيبة الكندي الكوفي.
الأثر عن علقمة في صلاته خمساً وسجوده للسهو من طريق أخرى وتراجم رجال إسناده
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا سويد بن نصر أخبرنا عبد الله عن سفيان عن الحسن بن عبيد الله عن إبراهيم أن علقمة صلى خمساً، فلما سلم قال إبراهيم بن سويد: يا أبا شبل، صليت خمساً، فقال: أكذلك يا أعور؟ فسجد سجدتي السهو ثم قال: هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم].هذا مثل الذي قبله، وإبراهيم الذي في الإسناد هو إبراهيم بن سويد الذي مر ذكره في الإسناد السابق، وإبراهيم بن سويد هو الذي خاطبه علقمة بقوله: (يا أعور)، وكنية علقمة هي أبو شبل، ولهذا خاطبه إبراهيم بن سويد وقال: يا أبا شبل.
قوله: [أخبرنا سويد بن نصر أخبرنا عبد الله].
قد مر ذكرهما.
[عن سفيان].
هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، ثقة، ثبت، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهو محدث، فقيه، حديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن الحسن بن عبيد الله عن إبراهيم].
الحسن بن عبيد الله وإبراهيم وهو ابن سويد قد مر ذكرهما.
[عن علقمة].
قد مر ذكره.
وهو مرسل؛ لأن قول علقمة: (هكذا فعل رسول الله) هو من قبيل المرسل.
شرح حديث: (أن رسول الله صلى إحدى صلاتي العشي خمساً ... فسجد سجدتين ثم انفتل)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا سويد بن نصر حدثنا عبد الله عن أبي بكر النهشلي عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن عبد الله رضي الله عنه أنه قال: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى إحدى صلاتي العشي خمساً، فقيل له: هل زيد في الصلاة؟ قال: وما ذاك؟ قالوا: صليت خمساً، قال: إنما أنا بشر أنسى كما تنسون وأذكر كما تذكرون، فسجد سجدتين ثم انفتل)].هنا أورد النسائي حديث عبد الله بن مسعود وأنه قيل له: [يا رسول الله! هل زيد في الصلاة؟ فقال: إنما أنا بشر أنسى كما تنسون وأذكر كما تذكرون، ثم إنه سجد سجدتين ثم انفتل] يعني: التفت إلى الناس؛ أي وانصرف وأقبل عليهم.
تراجم رجال إسناد حديث: (أن رسول الله صلى إحدى صلاتي العشي خمساً ... فسجد سجدتين ثم انفتل)
قوله: [أخبرنا سويد بن نصر عن عبد الله].قد مر ذكرهما.
[عن أبي بكر النهشلي].
هو أبو بكر النهشلي الكوفي، وهو صدوق، أخرج حديثه مسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[عن عبد الرحمن بن الأسود].
هو عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد بن قيس النخعي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
هو الأسود بن يزيد بن قيس النخعي، وهو ثقة، مخضرم، مكثر، من رواية حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله].
عبد الله قد مر ذكره.
الأسئلة
حكم الرهان
السؤال: ما حكم الرهان في جميع صوره سواء جعل المال من المتسابقين أم من المسبوق؟الجواب: المراهنة هذه التي تكون بين الناس مغالبة على شيء، ثم يكون هناك مقدار يكون لمن غلب، معلوم أنه جاء في السنة في أمور متعددة وهي فيما يتعلق بالخف أي: الحافر، وجاءت نصوص تدل على ذلك، فهذا يؤخذ فيه الذي يوضع أو الذي يكون لمن يسبق ولمن يفوز، فيه استعداد للجهاد في سبيل الله وفيه اعتياد بمثل هذا العمل الذي ينفع الناس؛ لأن فيه إعداداً للجهاد واستعداداً للجهاد وتمكن من الرمي ومن الكر والفر وما إلى ذلك، أما الأمور الأخرى التي تكون بين الناس من المراهنة والمغالبة فإن هذا لا يصلح أن يقع بين الناس مثل ذلك، ولا يؤخذ أجور على هذا.



ابوالوليد المسلم 12-01-2022 03:04 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الصلاة
(كتاب السهو)
(234)


- (باب ما يفعل من نسي شيئاً من صلاته) إلى (باب موضع المرفقين)

بين الشرع الحكيم لمن نسي شيئاً من صلاته أنه يسجد سجدتين للسهو ويكبر فيها أربع تكبيرات خفضاً ورفعاً، ثم بين صفة الجلوس في التشهد الأوسط والأخير، وبين وضع المرفقين والذراعين في حال الجلوس للتشهد في الصلاة.
ما يفعل من نسي شيئاً من صلاته
شرح حديث: (من نسي شيئاً من صلاته فليسجد ...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ما يفعل من نسي شيئاً من صلاته. أخبرنا الربيع بن سليمان حدثنا شعيب بن الليث حدثنا الليث عن محمد بن عجلان عن محمد بن يوسف مولى عثمان عن أبيه يوسف: (أن معاوية رضي الله عنه صلى أمامهم فقام في الصلاة وعليه جلوس، فسبح الناس فتم على قيامه، ثم سجد سجدتين وهو جالس بعد أن أتم الصلاة، ثم قعد على المنبر فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من نسي شيئاً من صلاته، فليسجد مثل هاتين السجدتين)].
المقصود من هذه الترجمة: أن من نسي شيئاً من صلاته، فإنه يسجد للسهو، أي: الذي يفعله أنه يسجد للسهو، وليس كل ما ينسى يجبر بسجود السهو، وإنما يكون ذلك في بعض الأعمال مثل: حصول نسيان أو شك أو مثل من ترك التشهد الأول، وقام للركعة الثالثة، ولم يجلس للتشهد الأول حتى دخل بها وبدأ بها فإنه يجبره بسجود السهو، وأما الأشياء التي لا بد منها كالأركان، وهي مثل: نسيان سجدة، أو نسيان ركوع، أو ما إلى ذلك من الأشياء التي هي أركان فهذه لا يجبرها سجود السهو، بل لا بد من الإتيان بها، وإذا فرغ من الصلاة، وتبين أنه ترك سجدة، أو ترك ركوعاً فإنه يأتي بركعة كاملة، ولا يكفي سجود السهو عن ترك الأركان، وإنما يكفي عن الأشياء التي دون ذلك، فهذه الترجمة وهي قوله: ما يفعله من نسي شيئاً في صلاته، أي: أنه يسجد، هذا المراد به ما عدا الأركان التي لا يجزئ أو لا يجبرها شيء، بل لا بد من الإتيان بها.
وأورد النسائي حديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، أنه صلى بالناس فقام عن الجلوس في التشهد الأول، فنبهوه فاستمر في صلاته، ولما فرغ من صلاته سجد سجدتين، ثم إنه صعد على المنبر وأخبرهم بما سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن من نسي شيئاً من صلاته فيسجد مثل هاتين السجدتين اللتين سجدهما، وكلمة (يفرغ من صلاته) ليس فيه تحديد موضع السجود، والفراغ يمكن أن يكون بحيث لم يبق إلا التسليم، ويمكن أن يكون بعد التسليم، لكن سجود السهو عن ترك التشهد الأول، جاء موضحاً في حديث عبد الله بن بحينة رضي الله تعالى عنه أن السجود قبل السلام؛ وذلك لأنه سجود عن نقص، فالسجود له يكون قبل السلام، وقد سبق أن مر أن السجود إذا كان السهو لزيادة فإنه يكون بعد السلام، وحديث عبد الله بن بحينة الذي تقدم والذي سيأتي يدل على أن سجود السهو عن النقص يكون قبل أن يسلم.
تراجم رجال إسناد حديث: (من نسي شيئاً من صلاته فليسجد ...)
قوله: [أخبرنا الربيع بن سليمان].النسائي له شيخان كل منهما يقال له: الربيع بن سليمان، أحدهما الربيع بن سليمان بن داود الجيزي المرادي المصري، والثاني الربيع بن سليمان بن عبد الجبار المرادي المصري، وكل منهما شيخ للنسائي روى عنه وأخذ عنه، وهذا الذي في الإسناد الذي يظهر أنه الربيع بن سليمان بن عبد الجبار صاحب الإمام الشافعي وراوي كتبه عنه، والمشهور بوصف صاحب الشافعي، وقد ذكر الحافظ في تهذيب التهذيب أن الشافعي، روى عن شعيب، وكذلك في ترجمة شعيب، أنه روى عن الربيع بن سليمان المرادي لكن في ترجمة الربيع بن سليمان بن داود لم يذكر أنه روى عن شعيب بن الليث، وفي تهذيب الكمال في كل من الترجمتين لم يذكر في أي منهما الرواية عن شعيب، لكن في تهذيب التهذيب ذكر في ترجمة الربيع بن سليمان بن عبد الجبار صاحب الشافعي أنه روى عن شعيب، والربيع بن سليمان بن عبد الجبار المرادي المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، والنسائي، وابن ماجه ، وروى له الترمذي إجازةً، يعني: معناه أن الترمذي روى له أيضاً بالإجازة، وعلى هذا يكون روى له الأربعة، الأربعة الذين هم أصحاب السنن الأربعة، لكن الترمذي روى له إجازة.
[حدثنا شعيب بن الليث].
وهو شعيب بن الليث بن سعد، وهو ثقة، نبيل، فقيه، أخرج له مسلم، وأبو داود، والنسائي.
[حدثنا الليث].
وهو المحدث، الفقيه، فقيه مصر ومحدثها، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن محمد بن عجلان].
وهو محمد بن عجلان المدني وهو صدوق أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة، ومحمد بن عجلان المدني هذا هو الذي ذكروا في ترجمته أن أمه حملت به ثلاث سنوات.
[عن محمد بن يوسف مولى عثمان].
وهو مولى عثمان القرشي، وهو مقبول، أخرج له النسائي، وابن ماجه .
[عن أبيه يوسف].
وهو القرشي المدني، مقبول، أخرج له النسائي، وابن ماجه كابنه.
[عن معاوية].
وهو معاوية بن أبي سفيان، وأبو سفيان صخر بن حرب، ومعاوية هو أمير المؤمنين أبو عبد الرحمن أول ملوك المسلمين، وخير ملوك المسلمين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وهو الذي يتكلم فيه كثيرون من أهل البدع ويذمونه ويبغضونه، ومن المعلوم أن أي بغض، وأي تنقص لأحد من أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام إنما هو دال على سوء من فعل ذلك، ودال على خذلانه؛ لأن أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام ورضي الله عنهم وأرضاهم تجب محبتهم وتجب مودتهم، وأن تكون القلوب مملوءة بحبهم، والألسنة رطبة بذكرهم بالجميل اللائق بهم، رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، وكثيرون من السلف تكلموا في معاوية بن أبي سفيان بالكلام الحسن الذي يليق به، والذي يليق بفضله وصحبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ونزه الله ألسنتهم من أن تتكلم فيه، وأن تلغ فيه كما حصل ممن خذله الله عز وجل، من الذين تكلموا فيه، وسبوه، وعادوه، وكلام سلف الأمة فيه كثير، ولهذا يقول شارح الطحاوية: ومعاوية أول ملوك المسلمين، وخير ملوك المسلمين، وإنما كان خير الملوك؛ لأنه صحابي، والصحابة خير ممن جاء بعدهم.
وقد جاء عن بعض سلف هذه الأمة أنه سئل عن معاوية، فقيل له: ماذا تقول في معاوية ؟ فقال: ماذا أقول في رجل صلى خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة: (سمع الله لمن حمده، فقال معاوية وراءه: ربنا ولك الحمد)، ومعنى سمع: استجاب، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (سمع الله لمن حمده)، استجاب الله لمن حمده، ومعاوية وراءه يقول: ربنا ولك الحمد، ماذا يقال في رجل هذا شأنه؟ أكرمه الله عز وجل أن يكون من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن يصلي وراء الرسول عليه الصلاة والسلام، والرسول عندما يرفع رأسه من الركوع يقول: (سمع الله لمن حمده) ومعاوية، وغيره من المصلين وراءه يقولون: ربنا ولك الحمد، فهذا شرف أنهم ظفروا بصحبته، وأكرمهم الله بصحبته، وقال معاوية: ربنا ولك الحمد بعد أن قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (سمع الله لمن حمده) أي: استجاب الله لمن حمده، وهو كاتب الوحي للرسول عليه الصلاة والسلام.
والحديث ذكره الشيخ الألباني في ضعيف سنن النسائي، ومن المعلوم أن ذلك من أجل محمد بن يوسف وأبوه، لكن الحديث وهو كونه يسجد سجدتي السهو عند ترك التشهد الأول، ثابت في حديث عبد الله بن مالك بن بحينة الذي يأتي بعد هذا، وقد سبق أن مر بنا في جملة الأحاديث عند النسائي أن من ترك التشهد الأول، فإنه يجبر ذلك بأن يسجد للسهو قبل السلام، كما جاء مبيناً في حديث عبد الله بن مالك بن بحينة رضي الله تعالى عنه.
التكبير في سجدتي السهو
شرح حديث: (أن رسول الله قام في الثنتين من الظهر فلم يجلس ... فلما قضى صلاته سجد سجدتين ...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب التكبير في سجدتي السهو. أخبرنا أحمد بن عمرو بن السرح أخبرنا ابن وهب أخبرني عمرو ويونس والليث أن ابن شهاب أخبرهم عن عبد الرحمن الأعرج أن عبد الله بن بحينة رضي الله عنه حدثه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام في الثنتين من الظهر فلم يجلس، فلما قضى صلاته سجد سجدتين، كبر في كل سجدة وهو جالس قبل أن يسلم، وسجدهما الناس معه مكان ما نسي من الجلوس) ].
أورد النسائي، هذه الترجمة وهي: باب التكبير في سجدتي السهو، المقصود من الترجمة: إثبات التكبير في سجدتي السهو، وأن الإنسان عندما يسجد للسهو يكبر عندما يخر للسجود -وهو يخر عن جلوس- وعندما يرفع من السجود، في كل من السجدتين، معناه: يكبر أربع مرات لسجدتي السهو، عند الخرور للسجود وعند الرفع من السجود فإنه يكبر، وهذا فيه التنصيص على حصول التكبير عند السجود للسهو، وسبق أن مر الحديث الذي يدل بعمومه أيضاً على هذا، وهو أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يكبر عند كل خفض ورفع؛ وهذا فيه خفض ورفع، ولهذا سجود التلاوة عندما يصلي الإنسان ثم يأتي عند سجدة ويخر ساجداً، فإنه يكبر عند السجود وعند القيام، ويدخل ذلك في عموم الحديث، (أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يكبر عند كل خفض ورفع) يعني: في الصلاة.
فهذه الترجمة تتعلق بتكبير سجود السهو، أي: عند الخفض والرفع منه، وقد أورد النسائي حديث عبد الله بن مالك ابن بحينة رضي الله عنه، وفيه التصريح بأن النبي عليه الصلاة والسلام كان يكبر عند السجدتين، أي: سجدتي السهو.
[عن عبد الله بن بحينة رضي الله عنه حدثه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام في الثنتين من الظهر فلم يجلس، فلما قضى صلاته سجد سجدتين، كبر في كل سجدة وهو جالس قبل أن يسلم)].
فالرسول صلى الله عليه وسلم، قام في الركعتين أو بعد الركعتين من صلاة الظهر، ولم يجلس للتشهد الأول، ولما فرغ من الصلاة، ولم يبق إلا السلام، سجد سجدتين كبر فيهما، وكان السجود وهو جالس، أي: أن السجود عن جلوس وليس عن قيام، وكان ذلك قبل السلام، ثم قال: (مكان ما نسي من الجلوس) ، وفي هذا دليل على أن التشهد الأول ليس بركن، وأنه يجزئ عنه سجود السهو إذا نسيه، وأن سجود السهو في النقص يكون قبل السلام، وأن سجود السهو يكون فيه التكبير، سواء في ذلك ما كان عند السجود أو عند القيام من السجود.
تراجم رجال إسناد حديث: (أن رسول الله قام في الثنتين من الظهر فلم يجلس ... فلما قضى صلاته سجد سجدتين ...)
قوله: [أخبرنا أحمد بن عمرو بن السرح].وهو أبو الطاهر المصري وهو ثقة، أخرج له مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه ، ولم يخرج له البخاري ولا الترمذي .
[أخبرنا ابن وهب].
وهو عبد الله بن وهب المصري، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[أخبرني عمرو ويونس والليث].
عمرو هو ابن الحارث المصري وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
ويونس هو ابن يزيد الأيلي وهو مصري، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
والليث هو ابن سعد المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة وقد مر ذكره، فهؤلاء ثلاثة مصريون كلهم روى عنهم النسائي رحمه الله.
و عبد الله بن وهب المصري، والذي روى عنه أيضاً أبو الطاهر المصري، الذي روى عن عبد الله بن وهب، فهؤلاء كلهم مصريون يعني: ثلاث طبقات يعني: شيخ النسائي، وشيخ شيخه، وشيخ شيخ شيخه ، كل هؤلاء مصريون.
[أن ابن شهاب أخبرهم].
وهو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب، محدث، فقيه، وإمام مشهور، مكثر من رواية حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو من صغار التابعين، الذين رأوا صغار الصحابة، وأدركوا صغار الصحابة، ومحمد بن مسلم الزهري هذا هو الذي كلفه الخليفة عمر بن عبد العزيز بتدوين السنة، وهو الذي قال فيه السيوطي في الألفية:
أول جامع الحديث والأثر ابن شهاب آمر له عمر
والمراد من ذلك: أن قيامه بالتدوين إنما كان بتكليف من السلطان، وأما حصول التدوين بجهود فردية وبأعمال خاصة فإن هذا كان موجوداً من قبل، يعني: في الصحابة والتابعين، ومن المعلوم أن عبد الله بن عمرو بن العاص كان يكتب حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام، وقد جاء ذلك مبيناً في حديث أبي هريرة، (وأنه كان يكتب ولا أكتب)، فالمقصود بكتابة الزهري للسنة أي: أنه بتكليف من السلطان، بتكليف من ولي الأمر الخليفة عمر بن عبد العزيز رحمة الله عليه، وحديث الزهري أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الرحمن الأعرج].
وهو عبد الرحمن بن هرمز المدني الملقب بـالأعرج وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بن بحينة].
وهو عبد الله بن مالك بن بحينة من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

يتبع


ابوالوليد المسلم 12-01-2022 03:04 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
صفة الجلوس في الركعة التي يقضي فيها الصلاة
شرح حديث أبي حميد الساعدي في صفة الجلوس في الركعة التي يقضي فيها الصلاة
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب صفة الجلوس في الركعة التي يقضي فيها الصلاة. أخبرنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي ومحمد بن بشار بندار واللفظ له قالا: حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا عبد الحميد بن جعفر حدثني محمد بن عمرو بن عطاء عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه أنه قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان في الركعتين اللتين تنقضي فيهما الصلاة أخر رجله اليسرى وقعد على شقه متوركاً ثم سلم)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: باب صفة الجلوس في الركعة التي يقضي فيها الصلاة، المقصود من هذه الترجمة: صفة الجلوس في التشهد الأخير، أو الركعة الأخيرة من الصلاة التي هي المغرب مثلاً، والمراد من ذلك بيان كيفية الجلوس فيه، ومن المعلوم أن المصلي له في الجلوس ثلاث حالات أو حالتان: حالة جلوس بين السجدتين، وحالة جلوس للتشهد الأول، وجلوس للتشهد الثاني، وكذلك أيضاً جلوس في الثنائية، يعني: الفراغ من الصلاة إذا كانت ثنائية كالفجر أو السنن، فالسنة أنه عند الجلوس بين السجدتين وفي التشهد الأول يفرش الإنسان رجله اليسرى ويجلس عليها، وينصب اليمنى ويجعل أصابعها متجهة إلى القبلة، هذه هي الهيئة التي تكون بين السجدتين وفي التشهد الأول.
وكذلك أيضاً في الصلاة التي ليس فيها إلا تشهد واحد، وهي الفجر والسنن، فإنه يجلس مفترشاً، لكن في الصلاة التي فيها تشهدان يختلف التشهد الثاني عن التشهد الأول في كيفية الجلوس، وقد جاء مبيناً في حديث أبي حميد الساعدي الذي معنا، وهو: أنه يؤخر رجله اليسرى، يعني: عن مقعدته ويخرجها من عند رجله اليمنى المنصوبة من تحتها ويجلس، ويجعل وركه الأيسر على الأرض متوركاً ليس مفترشاً، يعني: يكون الورك الأيسر على الأرض، والرجل اليسرى أخرجت من تحت اليمنى واليمنى منصوبة، وأصابعها متجهة إلى القبلة، كما جاء ذلك موضحاً في حديث أبي حميد الساعدي رضي الله تعالى عنه، فهذه الكيفية التي هي كيفية الجلوس في الركعتين التي يقضي فيهما الصلاة.
تراجم رجال إسناد حديث أبي حميد الساعدي في صفة الجلوس في الركعة التي يقضي فيها الصلاة
قوله: [أخبرنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي ومحمد بن بشار بندار واللفظ له].يعقوب بن إبراهيم الدورقي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة رووا عنه مباشرة وبدون واسطة، ومثله أيضاً محمد بن بشار بندار، فإنه شيخ لأصحاب الكتب الستة، رووا عنه مباشرة وبدون واسطة، وهذان الشخصان لهما ثالث، وهو: محمد بن المثنى وهو أيضاً شيخ لأصحاب الكتب الستة، وهؤلاء الثلاثة ماتوا في سنة واحدة، وهي سنة (252هـ) أي: قبل وفاة البخاري بأربع سنوات، وهم جميعاً من صغار شيوخ البخاري، وليس بين وفاتهم وبين وفاته إلا أربع سنوات، وكانت وفاة هؤلاء الثلاثة في سنة واحدة، وهي سنة (252هـ).
ومحمد بن بشار، لقبه بندار ورسمها: أن النون متصلة بالباء، وفي نسخة جاءت النون منفصلة عن الدال، وهي كلمة واحدة بندار هذا لقبه محمد بن بشار لقبه بندار، يذكر أحياناً باسمه ولقبه كما هنا، وأحياناً يذكر باسمه فقط ولا يذكر لقبه، وأحياناً يذكر لقبه فقط، ومعرفة ألقاب المحدثين مهمة، وفائدتها أن لا يظن الشخص الواحد شخصين، فيما لو ذكر باللقب مرة وذكر بالاسم مرة أخرى، فإن من لا يعرف أن بنداراً لقب لـمحمد بن بشار، لو رأى محمد بن بشار في إسناد، ثم رأى إسناد آخر فيه بندار، وليس فيه محمد بن بشار، يظن أن هذا شخص آخر، لكن من عرف أن هذا هو محمد بن بشار، لقبه بندار، يعرف أن هذا هو هذا، سواء جاء في إسناد واحد، أو في إسنادين، فهذه فائدة معرفة ألقاب المحدثين، أن لا يظن الشخص الواحد شخصين، فيما لو ذكر باسمه مرة وذكر بلقبه مرة أخرى.
[واللفظ له].
أي: اللفظ لـمحمد بن بشار أي: المتن الموجود هذا لفظ محمد بن بشار ومعنى ذلك أن يعقوب بن إبراهيم لفظه ليس مطابقاً لهذا اللفظ الموجود بل هو بمعناه، ولكن المعنى متفق عليه عندهما، واللفظ المذكور لفظ محمد بن بشار، ويعقوب بن إبراهيم لم يذكر لفظه هنا.
[قالا: حدثنا يحيى بن سعيد].
وهو القطان، المحدث، الناقد، البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا عبد الحميد بن جعفر].
وهو عبد الحميد بن جعفر الأنصاري، وهو صدوق ربما وهم، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[حدثني محمد بن عمرو بن عطاء].
وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي حميد].
أبو حميد الساعدي، وهو المنذر بن سعد بن المنذر، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث وائل بن حجر في صفة الجلوس للتشهد الأخير
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة حدثنا سفيان عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر رضي الله عنه أنه قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع يديه إذا افتتح الصلاة، وإذا ركع، وإذا رفع رأسه من الركوع، وإذا جلس أضجع اليسرى ونصب اليمنى، ووضع يده اليسرى على فخذه اليسرى، ويده اليمنى على فخذه اليمنى، وعقد ثنتين الوسطى والإبهام وأشار)].أورد النسائي حديث وائل بن حجر رضي الله تعالى عنه في نفس الموضوع؛ وهو صفة الجلوس وأنه قال: (أضجع اليسرى ونصب اليمنى)، والمقصود مطابق للترجمة، يعني: أن هذا يكون توركاً، كما جاء في الحديث الأول عن أبي حميد رضي الله تعالى عنه.
وهذا الحديث يدل على: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه في ثلاثة مواضع: عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع من الركوع، هذا هو الذي يدل عليه حديث وائل بن حجر رضي الله عنه، وقد سبق أن مر بنا أنه أيضاً يكون عند القيام إلى التشهد الأول ترفع اليدين، وهذا في صحيح البخاري من حديث أبي حميد الساعدي، وكذلك أيضاً جاء في بعض الأحاديث في السنن، أنه يكون عند السجود، في مواضع من السجود، وأن هذا يكون أحياناً، وحديث وائل بن حجر، يدل على الرفع في هذه المواضع الثلاثة، وفيه أيضاً: أنه عند الجلوس يضجع اليسرى وينصب اليمنى، وهذا هو المقصود من إيراد الحديث تحت الترجمة، وبالنسبة لليدين يضع اليد اليسرى على الفخذ اليسرى، واليد اليمنى على الفخذ اليمنى ويعقد الإبهام والوسطى، (وأشار) يعني: يشير بالسبابة، ولكن المقصود من إيراد الحديث هو الجملة الوسطى وهي ما يتعلق بكيفية الجلوس في نهاية الصلاة.
تراجم رجال إسناد حديث وائل بن حجر في صفة الجلوس للتشهد الأخير
قوله: [أخبرنا قتيبة].وهو ابن سعيد بن جميل طريف البغلاني، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا سفيان].
وهو ابن عيينة ؛ لأن المزي في تهذيب الكمال ذكر أن قتيبة بن سعيد، يروي عن سفيان بن عيينة، فإذا جاء سفيان مهمل غير منسوب، يروي عنه قتيبة، فإنه يحمل على سفيان بن عيينة، وقتيبة بن سعيد ولد سنة 150هـ ، ومات سنة 240هـ، ولد في السنة التي مات فيها أبو حنيفة، والتي ولد فيها الشافعي ؛ لأنه هو والشافعي لدة؛ ولدوا في سنة واحدة، والشافعي توفي سنة 204هـ وعمره أربع وخمسون سنة، وأما قتيبة فقد عاش إلى سنة أربعين، ومات قبل وفاة الإمام أحمد بسنة واحدة وعمره تسعون سنة، وسفيان الثوري أدرك إحدى عشر سنة من حياته؛ لأن سفيان الثوري توفي سنة 161هـ، وقتيبة بن سعيد ولد سنة 150هـ، والمزي في تهذيب الكمال ذكر أن قتيبة يروي عن سفيان بن عيينة، وما ذكر سفيان الثوري، وسفيان بن عيينة هو المكي وهو ثقة أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عاصم بن كليب].
صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبيه].
عن أبيه كليب بن شهاب، وهو أيضاً صدوق، أخرج حديثه البخاري في جزء رفع اليدين، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن وائل بن حجر].
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله تعالى عنه وأرضاه، وحديثه أخرجه البخاري في جزء القراءة، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
موضع الذراعين
شرح حديث وائل بن حجر: (أنه رأى النبي جلس في الصلاة ... ووضع ذراعيه على فخذيه ...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب موضع الذراعين. أخبرنا محمد بن علي بن ميمون الرقي حدثنا محمد وهو ابن يوسف الفريابي حدثنا سفيان عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر رضي الله عنه (أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم جلس في الصلاة فافترش رجله اليسرى، ووضع ذراعيه على فخذيه وأشار بالسبابة يدعو بها)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: موضع الذراعين، وهي أنها تكون على الفخذين، يعني: يضع اليدين على الفخذين، والذراعان يكونان عليهما، لكن لا يكون معتمداً على فخذيه، وإنما تكون موضوعة أو قريبة منها، وليس معناه أنه متكئ عليها ومعتمد عليها يعني: على فخذيه. وأورد النسائي حديث وائل بن حجر وفيه الدلالة على ما ترجم له المصنف.
قوله: (وضع ذراعيه على فخذيه) من غير أن يكون هناك اعتماد. يعني: أنه ليس هناك اعتماد؛ لأن الإنسان لا تعتمد أعضاؤه بعضها على بعض في الصلاة، لا في الجلوس، ولا في السجود، من حيث: أنه يفترش ذراعيه في حال سجوده ويعتمد عليها، أو يضع ذراعيه على فخذيه، وهو ساجد ويتكئ عليها، أو كذلك وهو جالس يتكئ بذراعيه على فخذيه، وإنما يضعهما على فخذيه.
ثم أيضاً ذكر ما يتعلق باليدين، وأنه (أشار بالسبابة يدعو بها) في الرواية السابقة ذكر: (ثم أشار)، وهنا قال: (يدعو بها)، يعني: بالسبابة، والوسطى مع الإبهام قد عقد بينهما أو حلق بهما وجعلهما كالحلقة.
تراجم رجال إسناد حديث وائل بن حجر: (أنه رأى النبي جلس في الصلاة ... ووضع ذراعيه على فخذيه ...)
قوله: [أخبرنا محمد بن علي بن ميمون الرقي].وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا محمد وهو ابن يوسف الفريابي].
وهو ابن يوسف الفريابي وهو ثقة، فاضل، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وكلمة: (هو الفريابي) الذي قالها هو من دون محمد بن علي بن ميمون الرقي الذي هو تلميذه، أي: النسائي أو من دون النسائي هو الذي قال هذه الكلمة، التي بين بها من هو محمد بن يوسف ؛ لأن محمد بن علي الرقي ما زاد على أن قال محمد بن يوسف، لكن من دون هذا التلميذ هو الذي أضاف كلمة: (هو الفريابي).
[حدثنا سفيان].
وهو ابن سعيد بن مسروق الثوري، ثقة، ثبت، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهي من أعلى صيغ التعديل، وهو محدث، فقيه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وقد لازمه محمد بن يوسف الفريابي.
[عن عاصم عن أبيه عن وائل].
وقد مر ذكرهم.
موضع المرفقين
شرح حديث وائل بن حجرفي موضع المرفقين في الجلوس للتشهد
قال المصنف رحمه الله تعالى: [موضع المرفقين. أخبرنا إسماعيل بن مسعود حدثنا بشر بن المفضل حدثنا عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر رضي الله عنه، قال: (قلت: لأنظرن إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يصلي، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستقبل القبلة فرفع يديه حتى حاذتا أذنيه، ثم أخذ شماله بيمينه، فلما أراد أن يركع رفعهما مثل ذلك، ووضع يديه على ركبتيه، فلما رفع رأسه من الركوع رفعهما مثل ذلك، فلما سجد وضع رأسه بذلك المنزل من يديه، ثم جلس فافترش رجله اليسرى، ووضع يده اليسرى على فخذه اليسرى، وحد مرفقه الأيمن على فخذه اليمنى، وقبض ثنتين وحلق، ورأيته يقول هكذا، وأشار بشر بالسبابة من اليمنى، وحلق الإبهام والوسطى)].
أورد النسائي حديث وائل بن حجر فيما يتعلق بوضع المرفقين، وهناك ذكر الذراعين وهنا المرفقين.
قول وائل بن حجر رضي الله عنه هذا يدلنا على ما كان عليه أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام ورضي الله عنهم وأرضاهم، من الحرص على معرفة أفعال الرسول عليه الصلاة والسلام في صلاته، وفي حجه، وما إلى ذلك من الأعمال التي يعملها، وهم يشاهدونه ويعاينونه؛ لأنه يقول في نفسه، ويقصد، ويعزم على أن ينظر إلى الرسول عليه الصلاة والسلام حتى يعرف كيفية فعله، والنبي عليه الصلاة والسلام قال: (صلوا كما رأيتموني أصلي) وقال في الحج: (خذوا عني مناسككم) فشأنهم أنهم يتلقون عنه أقواله وأفعاله عليه الصلاة والسلام، ووائل بن حجر رضي الله عنه يقول: (لأنظرن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يصلي)، يعني: حتى يعرف كيفية صلاته، معناه: أنه يعقد العزم ويتجه هذا الاتجاه ويقصد هذا القصد، وهو أن يعرف الهيئة والكيفية التي يفعلها رسول الله عليه الصلاة والسلام.
قال: [(فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستقبل القبلة فرفع يديه حتى حاذتا أذنيه)].


ابوالوليد المسلم 12-01-2022 03:06 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الصلاة
(كتاب السهو)
(235)


- (باب موضع الكفين) إلى (باب الإشارة بالأصبع في التشهد)

حث الشرع على الخشوع في الصلاة، ومن ذلك الهيئة التي وردت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في جلوس التشهد، وهي: وضع اليدين على الفخذين، اليمنى على الأيمن، واليسرى على الأيسر، وقبض الأصابع كلها من اليد اليمنى عدا السبابة؛ لأجل الإشارة بها بدون تحريك، وتبسط اليد اليسرى على الركبة.
موضع الكفين
شرح حديث: (... ووضع يده اليمنى على فخذه اليمنى ويده اليسرى على فخذه اليسرى وأشار بالسبابة)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب موضع الكفين. أخبرنا محمد بن منصور حدثنا سفيان حدثنا يحيى بن سعيد عن مسلم بن أبي مريم شيخ من أهل المدينة، ثم لقيت الشيخ فقال: سمعت علي بن عبد الرحمن يقول: (صليت إلى جنب ابن عمر رضي الله عنهما فقلبت الحصى، فقال لي ابن عمر : لا تقلب الحصى، فإن تقليب الحصى من الشيطان، وافعل كما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل، قلت: وكيف رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل؟ قال: هكذا، ونصب اليمنى وأضجع اليسرى ووضع يده اليمنى على فخذه اليمنى ويده اليسرى على فخذه اليسرى وأشار بالسبابة)].
المراد بالترجمة: أن الكفين يضعهما المصلي على فخذيه، وقد مر في التراجم السابقة موضع الذراعين، وموضع المرفقين، وهنا موضع الكفين، وتلك النصوص التي أوردها في تلك التراجم هي مشتملة على موضع الكفين، وأنه يكون على الفخذين مع بسط اليسرى على الفخذ، وقبض الخنصر، والبنصر، وتحليق الإبهام مع الوسطى، والإشارة بالسبابة، وأورد النسائي حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنه وأرضاه الذي حدث به علي بن عبد الرحمن الراوي عنه، وأنه صلى بجواره (فجعل يقلب الحصى)، يعني: وهو في حال جلوسه، يقلب الحصى، فبعد ما فرغ من الصلاة، أرشده عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، أن يضع يديه على فخذيه، بالطريقة التي وصفها، ونهاه أن يقلب الحصى وقال: (إنه من الشيطان)، وهذا يدلنا على ما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم وأرضاهم من الدعوة إلى الخير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحرصهم على تبليغ السنن، وتحذيرهم من الأمور المنكرة، التي تقع في الصلاة وفي غيرها، فإنه حذره من ذلك وقال: (إنه من الشيطان)، وأرشده إلى الهيئة التي يجعل يديه مستقرتين عليها، وهي كونهما على الفخذين، باسطاً اليسرى ومشيراً بالسبابة، مع تحليق الإبهام مع الوسطى، وقبض الأصبعين الآخرين.
فالحديث دال على ما ترجم له المصنف، ودال أيضاً على غير ذلك، وهو كونه في حال جلوسه ينصب اليمنى ويضجع اليسرى، وقد وصف له بالفعل؛ لأنه لما رآه يقلب الحصى قال له: (ألا تفعل كما فعل رسول الله عليه الصلاة والسلام، قال: وماذا كان يفعل؟ قال: هكذا)، ثم وصف ذلك عبد الله بن عمر بطريقة عملية وهي أن ينصب اليمنى ويضجع اليسرى، أراه ذلك بالفعل، حتى ينظر إليه وحتى يشاهده، وهذا فيه بيان السنن أنها تبين بالفعل، كما تبين بالقول، السنن تبين بالأفعال كما تبين بالأقوال؛ لأن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما بين هذه السنة التي أرشده إليها بالفعل.
تراجم رجال إسناد حديث: (... ووضع يده اليمنى على فخذه اليمنى ويده اليسرى على فخذه اليسرى وأشار بالسبابة)
قوله: [أخبرنا محمد بن منصور].ومحمد بن منصور اثنان هما من شيوخ النسائي، محمد بن منصور الجواز المكي، ومحمد بن منصور الطوسي، وكل منهما روى عن سفيان بن عيينة، لكن لما كان الجواز من أهل مكة، وسفيان بن عيينة من أهل مكة، فإنه عند الاحتمال، يحمل على من يكون للشيخ به خصوصية من حيث الملازمة، ومن حيث كونه في بلده؛ لأنه إذا كان من أهل بلده يروي عنه كثيراً، ويكون على صلة به يومياً أو في الليل والنهار، أو على الأقل دون ذلك، لكن ليس مثل الذي يكون في بلد آخر لا يتأتى له أن يلقى الشخص الذي يروي عنه إلا بالسفر، أو في مناسبة كحج، أو عمرة، أو زيارة، فلاشك أن من يكون له به خصوصية عند الإطلاق يحمل عليه، ومن المعلوم أن محمد بن منصور الجواز مكي، وسفيان بن عيينة مكي، فعند الإطلاق يحمل على محمد بن منصور الجواز، ومحمد بن منصور الجواز المكي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي، أما الآخر الذي هو محمد بن منصور الطوسي، فهو ثقة، وأخرج حديثه أبو داود، والنسائي، أما سفيان الذي يروي عنه محمد بن منصور فهو سفيان بن عيينة المكي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا يحيى بن سعيد].
وهو يحيى بن سعيد الأنصاري المدني، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو من صغار التابعين الذي لقوا صغار الصحابة.
[عن مسلم بن أبي مريم].
وهو مسلم بن أبي مريم المدني، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي.
[سمعت علي بن عبد الرحمن].
وهو علي بن عبد الرحمن المعاوي وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود، والنسائي.
[عن ابن عمر].
وهو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، وهو صحابي جليل، وهو أحد العبادلة الأربعة من الصحابة المشهورين بهذا اللقب، وهم أربعة من صغار الصحابة، عبد الله بن عمر، أحدهم، وهم: عبد الله بن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعبد الله بن الزبير بن العوام، وعبد الله بن عباس بن عبد المطلب رضي الله تعالى عنهم، فإن هؤلاء هم العبادلة الأربعة، إذا قيل: في مسألة فقهية قال بها العبادلة الأربعة، فإن المراد بهم من الصحابة هؤلاء الذين هم من صغار الصحابة، بعض العلماء يجعل ابن مسعود أحد هؤلاء، ويجعل رابعهم ابن مسعود ويحذف واحداً من الأربعة المذكورين، لكن المشهور عند العلماء أن ابن مسعود ليس منهم؛ لأن ابن مسعود من المتقدمين ومن الكبار، وهو متقدم الوفاة، وأما هؤلاء الأربعة فهم من الصغار، وقد عاشوا في وقت واحد، وأدركهم من لم يدرك ابن مسعود، ولقيهم من التابعين من لم يلق ابن مسعود؛ لأن ابن مسعود توفي سنة (32هـ) وأما أولئك فتأخرت وفاتهم، من هو على الضعف يعني: في المدة، فمنهم من هو فوق السبعين ومنهم من فوق الستين، فهم متأخرون في الوفاة عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه.
وعبد الله بن عمر، هو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد قال السيوطي في هؤلاء السبعة:
والمكثرون في رواية الأثر أبو هريرة يليه ابن عمر
وأنس والبحر كالخدري وجابر وزوجة النبي
هؤلاء السبعة معروفون بكثرة الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهم من أصحابه الكرام رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم.
وفي الإسناد أن سفيان روى عن يحيى بن سعيد، عن مسلم بن أبي مريم شيخ من أهل المدينة، ثم لقيت ذلك الشيخ، فحدثني عن علي بن عبد الرحمن، والمقصود من هذا الكلام أن سفيان بن عيينة روى الإسناد بطريق نازل؛ لأنه رواه عن مسلم بن أبي مريم بواسطة يحيى بن سعيد الأنصاري، ثم إنه لقي مسلم بن أبي مريم، فروى عنه مباشرة فصار هذا الإسناد فيه طريقان: طريق عالية وطريق نازلة، الطريق الأولى نازلة، والطريق الثانية عالية؛ لأن سفيان في الطريق الأولى يروي عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن مسلم بن أبي مريم، عن علي بن عبد الرحمن المعاوي، وفي الطريق الثانية يروي سفيان عن مسلم بن أبي مريم، نقص شخص واحد، يعني: فصار الإسناد فيه طريقان، طريق نازلة فيها زيادة راو وهو يحيى بن سعيد الأنصاري المدني، وطريق عالية ليس فيها يحيى بن سعيد بل سفيان بن عيينة روى مباشرة عن من روى عنه يحيى بن سعيد الأنصاري، وهو ذلك الشيخ من أهل المدينة الذي هو مسلم بن أبي مريم، وطريقة المحدثين أنهم يحصلون الأحاديث بطرق نازلة، وإذا لقوا الذين روى عنه، من رووا عنه، فإنهم يأخذون عنه مباشرة، فتأتي الرواية على الحالتين، حالة النزول، وحالة العلو، وغالباً ما تكون الطريق النازلة فيما إذا لم تحصل رحلة، بأن يكون مثلاً: روى عن غيره بواسطة شخص سافر ولقي ذلك الشخص الذي ما رآه، فيروي عنه نازلاً، ثم يحصل له رحلة فيلقى ذلك الشخص الذي كان روى عنه بواسطة، فيحدثه مباشرة، فيروي على الحالتين، حالة الواسطة وحالة غير الواسطة، فيكون هناك طريقان، طريق عالية ظفر بها أخيراً، وطريق نازلة كان قد حصلها أولاً.
ومن المعلوم أنه إذا وجد العلو، فإنه لا يصار إلى النزول، إلا إذا كان في النزول صفة ليست في العلو، كأن يكون الرجال فيهم زيادة في الثقة، وزيادة في الضبط والإتقان، فإن الطريق النازلة عند ذلك يكون لها قيمة ويكون لها شأن، أما إذا لم يكن هناك قوة في النازل، فإن الطريق العالية تكون أفضل منها، ويشبه هذا الذي جاء في الحديث، أو في هذا الإسناد من حيث أن سفيان بن عيينة، روى عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن مسلم بن أبي مريم، ثم إنه لقي مسلم بن أبي مريم فروى عنه مباشرة يعني: أنه حصل الطريق النازلة أولاً، ثم حصل الطريق العالية يشبه هذا أيضاً ما جاء عن سفيان بن عيينة في حديث: (الدين النصيحة) وهو في صحيح مسلم، حديث تميم الداري رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الدين النصيحة، قالوا: لمن يا رسول الله، قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم) فإن مسلماً رواه بإسناد، وفيه الإشارة إلى الطريق النازلة والعالية.
يقول مسلم رحمه الله في كتابه الصحيح: حدثنا محمد بن عباد المكي، قال: حدثنا سفيان قال -الذي هو سفيان-: لقيت سهيل بن أبي صالح فقلت له: إن عمراً حدثنا عن القعقاع عن أبيك بكذا، ورجوت أن تسقط عني رجلاً، أي: فتحدثني به عن أبيك؛ لأن سهيل بن أبي صالح السمان يروي عن أبيه، وسفيان حصل الحديث من طريق عمرو بن دينار، عن القعقاع، عن أبي صالح الذي هو أبو سهيل، وسفيان طلب من سهيل أن يحدث عن أبيه، فيكون ما بينه وبين أبوه إلا شخص واحد، وفي الطريق الأولى كان فيها اثنين، عمرو بن دينار، والقعقاع، فقال: سأحدثك عن الذي أخذ عنه أبي يعني: سيسقط له اثنين وهو واحد، يعني: أنا سمعته ممن سمعه منه أبي، ثم قال يعني سفيان: حدثنا سهيل، عن عطاء بن يزيد، عن تميم، فحذف القعقاع وحذف أباه، فأسقط واسطتان، فصارت الطريقة الأولى فيها زيادة شخصين والطريقة الثانية فيها نقص شخصين.
فكما قلت: كانوا يفرحون بالعلو ويحرصون عليه، إذا وجدوه، وإذا حصلوه نازلاً ثم ظفروا به عالياً رووه من الطريق العالية.
قبض الأصابع من اليد اليمنى دون السبابة
شرح حديث ابن عمر في قبض الأصابع من اليد اليمنى دون السبابة في الجلوس للتشهد
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب قبض الأصابع من اليد اليمنى دون السبابة. أخبرنا قتيبة بن سعيد عن مالك عن مسلم بن أبي مريم عن علي بن عبد الرحمن قال: (رآني ابن عمر وأنا أعبث بالحصى في الصلاة فلما انصرف نهاني، وقال: اصنع كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع، قلت: وكيف كان يصنع؟ قال: كان إذا جلس في الصلاة وضع كفه اليمنى على فخذه وقبض يعني: أصابعه كلها وأشار بأصبعه التي تلي الإبهام ووضع كفه اليسرى على فخذه اليسرى)].
ثم أورد النسائي حديث عبد الله بن عمر من طريق أخرى، وفيها بيان الكيفية التي يفعلها عند الجلوس في الصلاة، وهو في التشهد يضع اليد اليسرى على الفخذ اليسرى، ويقبض أصابع اليمنى ويشير بالسبابة، يقبضها ما عدا السبابة؛ فإنه يشير بها، ومعنى ذلك: أنه يقبض الخنصر والبنصر، ويجعل الوسطى مع الإبهام، يعني: على هيئة الحلقة، ويشير بالسبابة، فأرشده عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنه وأرضاه، إلى أن يعمل هذه الهيئة التي هي مشروعة، وأن يترك هذا الذي كان يفعله، وهو أنه كان يقلب الحصى في حال جلوسه، أرشده إلى ما كان عليه الصلاة والسلام يفعله، فهذه الطريق هي: دالة على ما دلت عليه الطريقة السابقة.
تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر في قبض الأصابع من اليد اليمنى دون السبابة في الجلوس للتشهد
قوله: [أخبرنا قتيبة بن سعيد].وهو ابن جميل بن طريف البغلاني، وبغلان قرية من قرى بلخ وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن مالك].
وهو ابن أنس، إمام دار الهجرة، المحدث، الفقيه، الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة، من مذاهب أهل السنة المشهورة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة، وقتيبة بن سعيد روى عن مالك، ومالك توفي سنة (172هـ) وقتيبة سنة (240هـ)؛ لأنه عمر تسعون سنة؛ ولأنه ولد في السنة التي ولد فيها الشافعي، وهي السنة التي مات فيها أبو حنيفة، وهي سنة (150هـ)، وعاش بعد الشافعي ستاً وثلاثين سنة، وأدرك مالك، ومن قبل مالك؛ لأنه معمر إذ بلغ عمره تسعين سنة.
[عن مسلم بن أبي مريم عن علي بن عبد الرحمن المعاوي عن ابن عمر].
وقد مر ذكرهم في الإسناد.

يتبع


ابوالوليد المسلم 12-01-2022 03:06 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
قبض الثنتين من أصابع اليد اليمنى وعقد الوسطى والإبهام منها
شرح حديث وائل بن حجر في قبض الثنتين من أصابع اليد اليمنى وعقد الوسطى والإبهام منها في الجلوس للتشهد
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب قبض الثنتين من أصابع اليد اليمنى وعقد الوسطى والإبهام منها.أخبرنا سويد بن نصر أخبرنا عبد الله بن المبارك عن زائدة حدثنا عاصم بن كليب حدثني أبي أن وائل بن حجر رضي الله عنه قال: (قلت: لأنظرن إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يصلي، فنظرت إليه فوصف، قال: ثم قعد وافترش رجله اليسرى، ووضع كفه اليسرى على فخذه وركبته اليسرى، وجعل حد مرفقه الأيمن على فخذه اليمنى، ثم قبض اثنتين من أصابعه وحلق حلقه، ثم رفع أصبعه فرأيته يحركها يدعو بها مختصر) ].
ثم أورد النسائي الترجمة، قال: [باب قبض الثنتين من أصابع اليد اليمنى وعقد الوسطى والإبهام منها.
باب قبض الثنتين من أصابع اليد اليمنى وعقد الإبهام والوسطى منها. أي: من اليد اليمنى، أورد فيه حديث وائل بن حجر رضي الله تعالى عنه أنه قال: (لأنظرن إلى صلاة رسول الله عليه الصلاة والسلام)، قال: ثم وصف، وكلمة (فوصف) هذه معناها: أن فيها إشارة إلى شيء محذوف، وإلى أنه اختصر؛ لأنه ذكر أشياء لم يذكرها في الرواية تلك، وإنما أشار إليها بالوصف، ثم أتى بالمعطوف وفيه الإشارة إلى معطوف عليه؛ لأن المعطوف عليه هو الذي قال عنه فوصف، ثم أتى بثم يعني: معناه في كلام متقدم اكتفي بالإشارة إليه بوصف؛ لأن المطلوب هو الاختصار ولهذا جاء في آخره (مختصر)، جاء في آخر الحديث قال: (مختصر)، معناه: أن هذه الرواية فيها اختصار، ولهذا قال: (فوصف) بعد أن قال: (لأنظرن إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فوصف) يعني: وصف أشياء إلى أن وصل إلى هذا الذي يريد أن يأتي به الراوي هنا، فذكر ما يتعلق بالجلوس، والافتراش، وذكر فيما يتعلق باليدين، وأنه وضع اليد اليسرى على الفخذ اليسرى والركبة، بمعنى أنه على طرف الفخذ بحيث يكون طرفها يعني: شيء منها على الركبة وشيء منها على الفخذ، (وقبض اثنتين).
(وجعل حد مرفقه الأيمن على فخذه اليمنى) يعني: هذا سبق أن مر بالنسبة لموضع المرفقين، وأنه يكون على الفخذ لكن من غير اعتماد، من غير أن يعتمد، ومن غير أن يكون هناك مجافاة في حال الجلوس، لا يجافي، وإنما يضع المرفق على الفخذ بدون اعتماد بمرفقه على فخذه، ولا يعتمد عليها لا في الجلوس، ولا في حال السجود، وفي حال السجود يجافي، ولا يضع المرفق على الفخذ، وأما في حال الجلوس، فإن المرفق تكون على الفخذ لكن من غير اعتماد، (ثم قبض اثنتين من أصابعه وحلق). يعني: الحلقة: التي هي الإبهام مع الوسطى.
(ثم رفع أصبعه فرأيته يحركها يدعو بها)، (فرأيته يحركها) أي: السبابة يدعو بها، ثم قال: مختصر، يعني: أن الحديث مختصر، والذي يشير إلى الاختصار الذي أشرت إليه في أوله حيث قال: (لأنظرن إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فنظرت إليه فوصف)، يعني: فكلمة وصف هذه هي التي تفيد المحذوف.
تراجم رجال إسناد حديث وائل بن حجر في قبض الثنتين من أصابع اليد اليمنى وعقد الوسطى والإبهام منها في الجلوس للتشهد
قوله: [أخبرنا سويد بن نصر].وهو سويد بن نصر المروزي وهو ثقة، أخرج حديثه الترمذي، والنسائي.
[أخبرنا عبد الله بن المبارك المروزي].
وهو ثقة، ثبت، جواد، مجاهد، عابد، جمعت فيه خصال الخير، هكذا قال الحافظ ابن حجر في التقريب عن هذا الرجل العظيم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن زائدة].
وهو زائدة بن قدامة الثقفي الكوفي، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عاصم].
وهو: عاصم بن كليب بن شهاب، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[حدثني أبي] .
كليب بن شهاب وهو صدوق أيضاً، أخرج حديثه البخاري في رفع اليدين، وأصحاب السنن الأربعة.
[أن وائل بن حجر].
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وحديثه أخرجه البخاري في جزء القراءة، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
بسط اليسرى على الركبة
شرح حديث: (... ويده اليسرى على ركبته باسطها عليها)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب بسط اليسرى على الركبة.أخبرنا محمد بن رافع حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا جلس في الصلاة وضع يديه على ركبتيه ورفع أصبعه التي تلي الإبهام فدعا بها ويده اليسرى على ركبته باسطها عليها).
أورد النسائي حديث ابن عمر باب: بسط اليسرى على الركبة، وأورد فيه حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، أن النبي عليه الصلاة والسلام جعل يده اليسرى على ركبته، وكما هو معلوم، جاءت الأحاديث على أنها على فخذه، والتوفيق بينها بأن يكون البعض على الفخذ والبعض على الركبة، وأما بالنسبة لليمنى فإنه يشير بإصبعه السبابة، والمقصود منه وضع اليد اليسرى وأنه يضعها على الركبة، وفي بعض الأحاديث أنه على الفخذ، ومعنى ذلك أنه يكون عليهما جميعاً، بحيث يكون طرف أصابعه على ركبتيه وكفه على فخذه.
تراجم رجال إسناد حديث: (... ويده اليسرى على ركبته باسطها عليها)
قوله: [أخبرنا محمد بن رافع].هو القشيري النيسابوري، وهو من شيوخ مسلم الذين أكثر من الرواية عنهم، وهو من بلده ومن قبيلته؛ لأن مسلم قشيري النسب ونيسابوري البلد، وشيخه محمد بن رافع كذلك، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه، وسبق أن ذكرت أن مسلم بن حجاج روى عن شيخه محمد بن رافع الأحاديث التي أخذها من صحيفة همام بن المنبه؛ لأن صحيفة همام بن المنبه رواها مسلم أو الأحاديث التي انتقاها مسلم منها أوردها من طريق شيخه محمد بن رافع، عن عبد الرزاق بن همام الصنعاني عن معمر عن همام عن أبي هريرة.
وهنا الحديث الذي معنا محمد بن رافع حدثنا عبد الرزاق، وعبد الرزاق هو: ابن همام الصنعاني، ثقة، حافظ، مصنف، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، ونسب إليه التشيع، ولعل هذه النسبة المراد بها أنه كان يفضل علياً على عثمان، والتفضيل لـعلي على عثمان، قال به بعض العلماء من أهل السنة: منهم عبد الرزاق هذا، ومنهم ابن جرير، ومنهم عبد الرحمن بن أبي حاتم، ومنهم الأعمش، وليس هذا بقادح في الراوي، وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في العقيدة الواسطية، أن بعض أهل السنة قال: بتقديم علي على عثمان في الفضل، وهو خلاف المشهور من مذهب أهل السنة، قال: ومثل ذلك لا يبدع به، وإنما الذي يبدع به القول بأن علياً أولى منه بالخلافة، وأنه مقدم عليه بالخلافة؛ لأن هذا اعتراض على ما اتفق عليه أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، من تقديم عثمان، على علي، رضي الله تعالى عن الجميع.
الحاصل: أن عبد الرزاق وصف بالتشيع، وتشيعه هو من هذا القبيل الذي لا يؤثر في رواية الراوي، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا معمر].
وهو ابن راشد البصري، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن عبيد الله].
وهو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، وهو عبيد الله الذي يقال له: المصغر تمييزاً له عن أخيه عبد الله المكبر، فإن عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وأما أخوه عبد الله بن عمر فهو ضعيف، ويميزون بينهما بأن يقولوا: المصغر والمكبر؛ لأن عبيد الله بالتصغير، وعبد الله بالتكبير، فيميز هذا عن هذا فـالمصغر الذي معنا ثقة، ثبت، والمكبر الذي هو عبد الله بن عمر أخوه هذا ضعيف.
[عن نافع].
مولى ابن عمر، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عمر].
وقد مر ذكره.
شرح حديث: (أن النبي كان يشير بإصبعه إذا دعا ولا يحركها)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أيوب بن محمد الوزان حدثنا حجاج عن ابن جريج أخبرني زياد عن محمد بن عجلان عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشير بأصبعه إذا دعا ولا يحركها). قال ابن جريج: وزاد عمرو قال: أخبرني عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه أنه (رأى النبي صلى الله عليه وسلم يدعو كذلك ويتحامل بيده اليسرى على رجله اليسرى)].أورد النسائي حديث عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنهما، وفيه أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يتحامل بيده اليسرى على رجله اليسرى، بمعنى: كأنه يعتمد عليها أو أنه يمسكها بقوة ويشد بها، وهذا هو المقصود بالتحامل على رجله اليسرى بيده اليسرى، وفي أول الحديث يقول: (إنه يشير بأصبعه ولا يحركها)، وهذا يخالف ما جاء في بعض الروايات الأخرى التي هي متقدمة، وفيها (أنه كان يحركها يدعو بها)، فحكم بعض أهل العلم على هذه الرواية أو هذه الزيادة بالشذوذ؛ لأن الإسناد صحيح والحديث ثابت، لكن هذه التي هي كلمة (لا يحركها) حكم عليها بالشذوذ لكونها مخالفة للروايات الكثيرة التي تدل على حصول التحريك للأصبع السبابة من اليمنى حين يحركها يدعو بها،
تراجم رجال إسناد حديث: (أن النبي كان يشير بإصبعه إذا دعا ولا يحركها)
قوله: [أخبرنا أيوب بن محمد].وهو أيوب بن محمد الوزان، وهو ثقة، أخرج له أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[حدثنا حجاج].
وهو حجاج بن محمد المصيصي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن جريج].
وهو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، وهو ثقة، فقيه، يرسل ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[أخبرني زياد].
وهو ابن سعد بن عبد الرحمن الخراساني، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن محمد بن عجلان].
هو محمد بن عجلان المدني، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن عامر بن عبد الله].
وهو عامر بن عبد الله بن الزبير، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بن الزبير] رضي الله تعالى عنهما.
وهو صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو من صغار الصحابة، وهو أحد العبادلة الأربعة الذي مر ذكرهم قريباً، وكانت ولادته في السنة الأولى من الهجرة، بل هو أول مولود ولد في المدينة بعد هجرة الرسول عليه الصلاة والسلام إليها، والرسول عليه الصلاة والسلام والذين هاجروا معه أولاً، نزلوا في قبا عدة أيام قبل أن يصلوا إلى المدينة، وكان عبد الله بن الزبير ولد في قباء يعني: في الوقت الذي كانوا وصلوا فيه المدينة، ومكثوا في قباء أياماً، ولد في ذلك الوقت، فقالوا: هو أول مولود بعد الهجرة، وأول مولود ولد في المهاجرين بعد الهجرة هو عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنهما، وحديث عبد الله بن الزبير أخرجه أصحاب الكتب الستة.
والطريق الثانية: [قال: ابن جريج وزاد عمرو].
وهو عمرو بن دينار، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وبقية الإسناد نفس الطريقة الأولى.
الإشارة بالأصبع في التشهد
حديث نمير الخزاعي في الإشارة بالإصبع في التشهد وتراجم رجال إسناده قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الإشارة بالأصبع في التشهد.أخبرني محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي عن المعافى عن عصام بن قدامة عن مالك وهو ابن نمير الخزاعي عن أبيه رضي الله عنه قال (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم واضعاً يده اليمنى على فخذه اليمنى في الصلاة ويشير بأصبعه)].
ثم أورد النسائي باب: الإشارة بالإصبع في التشهد، أورد فيه حديث نمير الخزاعي رضي الله عنه أنه رأى النبي عليه الصلاة والسلام واضعاً يده اليمنى على فخذه اليمنى في الصلاة ويشير بإصبعه.
قوله: [أخبرني محمد بن عبد الله بن عمار].
محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي، وهو ثقة، حافظ، أخرج حديثه النسائي.
[عن المعافى].
وهو المعافى بن عمران الموصلي، وهو ثقة، عابد، فقيه، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود، والنسائي.
[عن عصام بن قدامة].
صدوق، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي وابن ماجه.
[عن مالك وهو ابن نمير الخزاعي ].
مقبول، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي وابن ماجه أيضاً.
[عن أبيه]
وهو نمير الخزاعي.
أبو داود، والنسائي وابن ماجه.
الأسئلة

صلاة المرأة في الروضة
السؤال: ما حكم صلاة المرأة في الروضة إذا مكنت من ذلك؟الجواب: لا بأس، المرأة إذا جاءت للمسجد وصلت فيه أو تيسر لها الوصول إلى الروضة تصلي بها، الروضة مكان له ميزة، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة) يدل على تميزه، لكن هذا إنما يكون في النفل وليس في الفرض، أما الفرض فإن صلاة المصلين في الصفوف الأول أفضل من الصلاة في الروضة، بل الصفوف اليمنى التي هي محاذية للروضة هي أفضل منها، يعني: الرسول صلى الله عليه وسلم كان يحث على ميامن الصفوف، ومعلوم أن ميامن الصفوف ليست في الروضة أو بعضها ليست في الروضة.



الساعة الآن : 05:18 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 240.18 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 239.69 كيلو بايت... تم توفير 0.50 كيلو بايت...بمعدل (0.21%)]