رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله
الفقه على المذاهب الأربعة المؤلف: عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري الجزء الرابع [كتاب النكاح] صـــــ 120 الى صــــــــ 129 الحلقة (179) [مبحث نكاح التفويض وما يجب فيه من صداق، أو متعة] -التفويض في اللغة رد الأمر إلى الغير، ومنه (فوضت أمري إلى الله) . وشرعا إخلاء الزواج عن المهر وفي بيانه وحكمه تفصيل المذاهب (1) . [مبحث تصرف الزوجين في الصداق بالهبة والبيع ونحوهما] -الصداق كله يصبح ملكا للزوجة بمجرد العقد الصحيح إلا أنه يحتمل السقوط كلا أو بعضا، فإذا تصرفت فيه الزوجة ببيع، أو رهن نفذ تصرفها، فإذا تصرفت فيه قبل الدخول كأن وهبته للزوج نفسه، ثم طلقها قبل الدخول، فإن فيه تفصيل المذاهب (2) .تسميته، وبالوطء في العقد الفاسد. أو الوطء لشبهة، ويفرض لمن أكرهت على الزنا، ولمن فوضت لوليها أن يزوجها بلا مهر) . (1) (الحنفية - قالوا: المرأة التي زوجت بلا مهر - ويقال لها: مفوضة - بكسر الواو - لتفويض أمرها إلى الولي، ومفوضة - بفتح الواو - لأن الولي فوضها للزوج، أي جعل لها دخلا في إيجاب المهر يفرضه هو - لا يخلو حالها من أن يدخل بها الزوج بأن يطأها. أو يخلو بها خلوة صحيحة. أو يطلقها. أو يموت عنها قبل الوطء والخلوة فإن كان الأول فقد ثبت لها مهر المثل، كما تقدم من أن مهر المثل يتقرر بالنكاح الفاسد بالغا ما بلغ عند عدم التسمية، فتقرره بالصحيح أولى، وتزوجها بشرط عدم المهر ملغى لا قيمة له، فإن طلقها قبل الوطء والخلوة وجبت لها المتعة، سواء فرض لها مهرا أو لا، لأن ما فرض بعد العقد لا ينصف. فالطلاق الذي تجب به المتعة هو ما يكون قبل الدخول في نكاح لا تسمية فيه، سواء فرض الصداق بعد العقد، أو لا، أو كانت التسمية فيه فاسدة من كل وجه، كما إذا سمى خمرا، أو خنزيرا أما إذا صحت التسمية من وجه دون وجه. كما إذا سمى عشرة دراهم، وعشرة أرطال من الخمر، وجب لها نصف العشرة، وألغي الخمر، كما تقدم في شروط المهر. وكذا إذا تزوجها على مائة وهدية، ثم طلقها قبل الدخول كان لها نصف المائة، وألغيت الهدية ولا متعة لها في الحالتين، وذلك لأنه لا مدخل لمهر المثل في الطلاق قبل الدخول، بل ينظر إلى المسمى، فإن كان فاسدا من جميع الوجوه ألغي ووجبت لها المتعة، وإن كان فاسدا من وجه دون وجه استحقت نصف الصحيح، وألغي الفاسد، أما بعد الدخول فلها مهر المثل، كما ذكرنا، والمراد بالطلاق قبل الدخول كل فرقة جاءت من قبل الزوج بدون أن يكون صاحب المهر شريكا للزوج في سبب الفرقة طلاقا كانت، أو فسخا، كالطلاق، والفرقة بالإيلاء. واللعان والجب والعنة والردة وإبائه الإسلام. وتقبيله ابنتها أو أمها بشهوة، فإن الفرقة في كل هذه الأحوال توجب لها المتعة، أما إذا كانت الفرقة من قبلها، كردتها، وإبائها الإسلام، ومطاوعتها لابنه في الفجور، أو تقبيلها إياه بشهوة، أو إرضاع ضرتها الصغيرة أو اختارت نفسها عند بلوغها. أو تزوجت غير كفء ففسخه الولي، فإنها لا متعة لها في كل هذه الأحوال لا وجوبا ولا استحبابا، وكذا إذا لم تكن مفوضة وسمى لها مهرا، وفارقته قبل الوطء، فإنه يسقط نصف المسمى الذي كانت تستحقه لو كانت الفرقة من جهته. وخرج بقولنا: بدون أن يكون صاحب المهر شريكا للزوج في سبب الفرقة ما إذا كانت أمة مملوكة لشخص، ثم زوجها الآخر، وقبل أن يدخل عليها زوجها باعها السيد وهو صاحب الصداق فإن العقد يفسخ في هذه الحالة، ولا تستحق الأمة نصف صداق، ولا تجب لها متعة، وذلك لأن الفرقة وإن لم تكن من وجهتها ولكن سيدها - وهو صاحب المهر - مشترك مع الزوج في سببها وهو تمليكها للغير، فلو لم يبعها السيد، أو لو اشتراها الزوج لم يملها الغير فلو اشتراها الزوج وطلقها كانت لها المتعة. أو نصف الصداق، أما إذا مات عنها قبل الوطء، فإن فرض لها شيئا بعد العقد، وتراضيا عليه استحقت المفروض، فإن لم يفرض لها شيئا كان لها بالموت مهر المثل سواء نفى المهر، بأن تزوجها بدون مهر، أو سكت فلم يسم مهرا، وإذا فرض لها مهرا فاسدا، كخمر أو خنزير ألغي وثبت لها مهر المثل، كما إذا فرض لها مهرا بعد العقد ثم طلقها قبل الدخول وجبت لها المتعة لا نصف المهر لأن الذي يفرض بعد العقد لا ينتصف، كما ذكرنا آنفا، كالذي يزاد على المسمى بعد العقد، فلو سمى لها مائة جنيه في العقد، ثم زاد لها عليها خمسين بعد العقد وطلقها قبل الدخول استحقت نصف المائة. والمتعة قسمان: واجبة، ومستحبة، فالواجبة هي للمفوضة قبل الوطء المتقدم بيانها أم المستحبة فهي لكل مطلقة بعد الوطء، سواء سمى لها مهرا أولا، وللمطلقة قبل الوطء إذا كان لها مهر مسمى - على الصحيح - متى كانت الفرقة من جهته، إلا إذا ارتد، أو أبى الدخول في الإسلام، فإن المتعة لا تستحب في حقه، لأن الاستحباب فضيلة لا تطلب إلا من المسلم. والمتعة هي عبارة عن كسوة، أو قيمتها للمفوضة بدل نصف المهر، على أنه لا يجب عليه أن يعطيها ما يزيد على النصف مهر المثل، وهي تختلف باختلاف أحوال الناس، فإن تراضيا عليها فذلك، وإلا فرضها القاضي بالنظر إلى حالها وحاله - على الصحيح - فإن كانا موسرين قدرها لها من أعلى الثياب، وإن كان أحدهما موسرا والآخر فقيرا قدرت وسطا، وإلا قدرت دون ذلك. وقد بينها الفقهاء بأنها ما تغطى رأس المرأة، وتسمى - الطرحة - والملحفة، وهي ما تلتحف به المرأة من رأسها إلى قدمها، وتسمى ملاءة - أو شقة - والملحفة والإزار بمعنى واحد، فمن زاد على ذلك الإزار لا حظ اختلافهما، فأراد من الإزار ما ليس تحت الملحفة من ثياب وبالجملة فالمطلوب أن تكس المرأة بمثل ما اعتادت أن تخرج به بحسب اصطلاح كل جهة، فالمتعة الآن مثلا هي ثوب منقوش - جلابية - وتحتها قميص ولباس، وفوقها إزار - بالطو - أو ملاءة، وعلى الرأس - طاقية - خاصة. أو منديل بحسب اختلاف أحول الناس، وإذا أعطاها قيمة الكسوة يجب عليها قبولها لتشتري هي ما يناسبها. الشافعية - قالوا: نكاح التفويض، هو إخلاء النكاح عن المهر، وينقسم إلى قسمين: تفويض مهر، كقولها للولي: زوجني بما شئت، أو شاءفلان من الصداق، وتفويض بضع، كقولها للولي: زوجني بلا مهر. أو زوجني بلا مهر لا في الحال ولا بعد الوطء وتسمى مفوضة - بكر الواو - لأنها فوضت أمرها إلى الولي، ومفوضة - بفتح الواو - لأن الولي فوض أمرها للزوج، ويصح للمرأة أن تفوض للولي بشرط أن تكون رشيدة، فإذا كانت سفيهة يكون تفويضها إذنا للولي بزوجها بالشروط التي تقدمت في مباحث الولي، وإذا قالت له: زوجني وسكتت عن المهر لا يكون هذا تفويضا للصداق. أو للبضع بدون صداق، لأن الزواج عادة لا بد أن يكون بمهر. وحكم نكاح التفويض أن الولي إذا زوجها بمهر المثل، ومن نقد البلد المعروف ثبت لها المسمى. وإلا بأن زوجها بلا مهر أصلا، لا بمهر المثل أو بمهر من غير نقد البلد، أو سكت عم ذكر المهر، وجب لها بالوطء مهر المثل، وكذا بالموت، فإن طلقها قبل أن يفرض لها مهرا فإنه يتقرر لها مهر المثل، لن الموت كالوطء في إيجاب مهر المثل مطلقا في التفويض، سواء فرض لها مهر المثل أو لا، خلافا للمالكية، فإن فرض لها مهرا صحيحا برضاهما. أو فرض قاض عند التنازع، ثم طلقها قبل الوطء كان لها نصف المفروض، فإذا سمى لها صداقا - كخمر - ورضيت به وطلقها قبل الدخول فلا تستحق نصفه وغنما تستحق المتعة، كما تقدم، وهذا بخلاف ما إذا سمى صداقا فاسدا في العقد ثم طلقها قبل الدخول، فإن لها نصف صداق المثل. كما تقدم، وإذا سمى صداقا فاسدا ورضيا به معا صح، وإلا فلا. ولو كان من ماله ويعتبر عندهم مهر مثلها حال العقد، فإن كانت جميلة مثلا، حال العقد ثم عرض لها ما أضاع شيئا من جمالها عند الوطء فلا يعتبر إلا حالها عند العقد على الصحيح. وللمفوضة منع نفسها من الدخول حتى يفرض لها الصداق، فإن امتنع الزوج رفع إلى القاضي لفرضه لها. فإذا طلقت المفوضة قبل الدخول، وقبل أن يفرض لها مهر وجبت لها المتعة وهي مال يدفعه الزوج وجوبا لمن فارقها قبل الدخول حيث لا شيء لها، أو بعد الدخول ولو كان فهما للكل إلا في أمور: أحدها المفوضة التي طلقت قبل الدخول، وفرض لها مهر قبل العقد، فإن لها نصف المهر. ومثلها كل من لها نصف المهر، فإنها لا متعة لها. ثانيها: إذا كانت الفرقة بسببها وحدها أو مع الزوج بأن ارتدا معا. ثالثها: موت أحدهما، فإنه لا متعة لها بالموت، ومن الفرقة بسببه فرقة اللعان فتجب عليه المتعة، فأقلها ما له قيمة مالية، وحد لأكثرها، ثم إن تراضيا على قدرها فذاك وإلا قدرها القاضي باجتهاده معتبرا حالهما، ويستحب أن لا تنقص عن ثلاثين درهما. وألا تبلغ نصف المهر. المالكية - قالوا: نكاح التفويض، هو عقد خالي من تسمية المهر. ومن لفظ وهبت، لم توكل تعيينه إلى حكم أحد ولم يتفق على إسقاطه، مثاله أن يقول شخص لآخر: زوجتك ابنتي، ولم يذكر المهر. ولم يتفق معه على إسقاط المهر، فيقول له: قبلت، فهذا يسمى نكاح التفويض وهو جائز، كما يأتي، فإذا قال له: وهبت لك ابنتي قاصدا تزويجها إياه، ولم يذكر مهرا فقال له: قبلت، فسد العقد، ويفسخ قبل الدخول، ويثبت بعده بصداق المثل، كما تقدم في الصيغة، أما إذا قال له: وهبت لك ابنتي تفويضا، فإنه يكون عقد تفويض بقرينة ذكر التفويض، وقوله: لم يوكل تعيينه إلى حكم أحد خرج به نكاح التحكيم، فإنه عقد خال من تسمية المهر ومن لفظ: وهبت ولكن وكل تعيينه إلى حكم شخص كما إذا قال له: زوجتك ابنتي على أن يحكم فلان في تعيين صداقها وقولهم: لم يتفق على إسقاطه خرج به ما إذا دخلوا على إسقاط الصداق فإن العقد يفسد ويفسخ قبل الدخول، ويثبت بعده بصداق المثل، كما تقدم فيما إذا سميا مهرا مغصوبا علما به معا. وحكم نكاح التفويض أنه عقد صحيح جائز باتفاق، ومثله نكاح التحكيم، ثم إن الزوجة تستحق مهر مثلها بالوطء، ولو كان في حال وجود مانع من حيض، أو نفاس، أو كان أحدهما متلبسا بعبادة تمنع الوطء كإحرام، وصيام رمضان بشرط أن يكون الزوج الواطئ بالغا وتكون الزوجة كبيرة مطيقة للوطء، فإن كان غير بالغ، أو كانت صغيرة لا تطيق الوطء فلا تستحق مهرا بالوطء في هذه الحالة، لأنه كالعدم، فإن طلقت قبل الوطء وقبل الدخول أو مات أحدهما قبل ذلك، فلا يخلو إما أن يكون قد فرض لها الزوج مهرا قبل الطلاق وقبل الموت أولا فإن لم يكن قد فرض لها مهرا فلا شيء لها، وإن كان قد فرض لها، فلا يخلو إما أن يكون مهر المثل أو أقل وفي الحالتين إما أن تكون قد رضيت به، أولا، فإن كان فرض لها مهر المثل وادعت أنه قد فرض لها ذلك قبل الطلاق، وثبت أنه قد فرض لها مهر المثل كما ادعت فإنها تستحق نصفه، سواء ثبت رضاها، أولم يثبت، لأن مهر المثل يلزمها بدون رضا، فإن ادعت أنه فرضه لها قبل موته، وثبت أخذته جميعه بصرف النظر عن رضاها وعدمه، وإن كان قد فرض لها أقل من مهر المثل، فإن ثبت أنها قد رضيت به قبل الطلاق، أو الموت ببينة كان لها نصف المفروض بالطلاق، وجميعه بالموت، أما إذا لم يثبت أنها رضيت قبل الطلاق، أو الموت فلا شيء لها، ولا تقبل دعواها بأنها رضيت به بدون بينة. والحاصل أنه لا يثبت لها شيء بالطلاق، أو الموت قبل الوطء إلا إذا ثبت بالبينة أنه فرض لها صداقا قبل ذلك، ثم بعد أن يثبت الفرض، فإن كان الذي ثبت فرضه هو مهر المثل كان لها جميعه بالموت، ونصفه بالطلاق، بصرف النظر عن رضاها وعدمه، وإن كان الذي ثبت فرضه هو أقل من مهر المثل فلا بد أن يثبت مع ذلك أنها رضيت به قبلهما بالبينة. وإلا فلا شيء لها. هذا، ولها طلب تقدير المهر قبل الدخول، ويكره أن تمكنه من نفسها قبل هذا الفرض. أما نكاح التحكيم فهو كنكاح التفويض في التفصيل المتقدم، فإن طلقها بعد الوطء كان لها مهر المثل، وإن طلقها قبل الوطء. أو مات عنها حكمه ما ذكر في نكاح التفويض، ثم إذا كان المحكم الزوج، وفرض لها مهر المثل لزمها القبول ولزمه الدفع، أما إذا لم يفرض لها شيئا وطلقها قبل الدخول فلا شيء عليه، وإذا كان المحكم الزوجة. أو شخصا أجنبيا وحكم بمهر المثل. فقيل: يلزم الزوج، سواء رضي، أولم يرض، وقيل: لا يلزم إلا برضاه، فإذا طلقها قبل الرضا لاشيء عليه، والأظهر أنه لا يلزم إلا إذا تراضا معا، المحكم، والزوج سواء كان المحكم الزوجة أو غيرها. الحنابلة - قالوا: نكاح التفويض يطلق على أمور: أحدها: أن يزوج الأب المجبر من له عليها الولاية بدون مهر. الثاني: أن تأذن المرأة لوليها أن يزوجها بدون مهر، ويقال للمرأة في الحالتين: أنها مفوضة البضع أي جعلت أمر العقد عليه راجعا إلى الولي. الثالث: أن يفوض إليها الزوج مهرها بأن يتزوجها على ما شاءت من المهر، ومثل ذلك ما إذا فوض أمرها إلى غيرها كما إذا تزوجها على ما شاء فلان من المهر، ويقال للمرأة في هذه الحالة: مفوضة مهر - بفتح الواو - وهذه الحالة الأخيرة تشبه نكاح التحكيم عند المالكية. أما حكم نكاح التفويض بجمع أنواعه عند الحنابلة، فهو الصحة في جميع أنواعه ويجب للمرأة مهر المثل بمجرد العقد، ولكن لا يتقرر إلا بالوطء والخلوة. والفرض قبل الوطء والخلوة، وموت أحدهما، أما إذا طلق قبل الوطء والخلة. وقبل أن يفرض الحاكم، أو يتراضيا على فرضه، وجبت لها المتعة بالنظر إلى حال زوجها من اليسر والعسر، وأعلاها رقبة، وأدناها كسوة تجزئها في صلاتها، وهي درع، أي قميص، وخمار - طرحة تغطي رأسها - وثوب تصلي فيه، فهذه أدنى المتعة، فإذا وطئها، أو خلا بها، أو قبلها ولو بحضرة الناس. أو نظر إلى فرجها بشهوة أو لمسها بشهوة، ولو بحضرة الناس - بأن فعل معها ما لا يحل لغيره أن يفعله - استقر لها مهر المثل، وكذا إذا مات أحدهما فإنه يستقر، ولو لم يفرضه الحاكم، وكذا إذا فرض الحاكم مهر المثل، والحالم يفرضه بطلبها بدون زيادة عليه أو نقص منه، فإن فرض المثل، أو أقل، أو أكثر لزم الزوجين فرضه كحكمه، وأصبح المهر المفروض كالمسمى، وإن تراضى الزوجان على مهر لزمها قليلا كان، أو كثيرا، فإن طلقها بعد الفرض وقبل الوطء وتوابعه كان لها نصف المفروض، كالمسمى، وكما أن المتعة تجب للمفوضة التي لم يسم لها صداق وطلقت قبل الوطء وتوابعه كذلك تجب لمن سمى لها مهر فاسد، كخمر، أو خنزير، أو نحوهما، مما تقدم في شروط الصداق. ثم كانت الفرقة من قبل لا يجب لها صداق. ولا متعة، سواء كانت مفروضة، أولا، فلم يجب لها شيء بفرقة اللعان لأنها بسببها، إذ هي تعق عقب لعانها، وبفرقة عيب فيها من رتق ونحوه وبفرقة ردتها إذا كانت متزوجة بمسلم، وبإسلامها إذا كانت متزوجة بكافر، وبإرضاعها لضرتها، أما إن كانت الفرقة من جهته، فلها نصف المسمى، والمتعة إذا لم يسم لها شيئا. كما ذكرنا. وكل ذلك فيما إذا حصلت الفرقة قبل الوطء والخلوة وغيرهما مما يقرر الصداق ويؤكده، وإلا فإنه لا يسقط بعد ذلك، ولو كانت الفرقة من جهتها) يتبع |
رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله
الفقه على المذاهب الأربعة المؤلف: عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري الجزء الرابع [كتاب النكاح] صـــــ 120 الى صــــــــ 129 الحلقة (180) (2) (الحنفية - قالوا: إذا طلقها قبل الدخول لا يخلو إما أن تكون قد قبلت المهر، أولا، فإن كان الثاني رجع النصف إلى ملك الزوج بمجرد الطلاق بدون حاجة إلى قضاء، أو رضا منها، وإذا كانت الفرقة من جهتها رجع إليه كل المهر ولو كان المهر قد تبرع به عنه آخر، وفي هذه الحالة ينفذ تصرفه فيما يستحقه بمجرد طلاقها، فلو مهرها فرسا ولم يسلما لها، ثم طلقها من قبل الدخول له أن يبيع نصف هذه الفرس. أما إذا قبضت الفرس وطلقها قبل الدخول، ثم باع نصفه بدون رضاها أو حكم القاضي فإن بيعه لا ينفذ، وذلك لأن القبض كان مبنيا على عقد صحيح، وهو من أسباب الملك، فلا يزول الملك إلا بالفسخ من القاضي، أما الزوجة فإنها إذا تصرفت فيه بعد قبضه كله، أو بعضه نفذ تصرفها بدون قضاء. وبدون رضا الزوج، فإذا تصرفت فيه وطلقها قبل الدخول كان عليها نصف قيمة الأصل يوم القبض إن كان متقوما أو نصف مثله إن كان له مثل، وذلك لأنه دخل في ضمانها بالقبض فإذا تصرفت فيه ببيع مثلا ونفذ بيعها، ثم طلقها قبل الدخول فقد تعذر رد النصف فتضمن قيمة النصف، من يوم القبض، فلو كان يساوي عشرين عند القبض ونقصت قيمته بعد ذلك كان عليها نصف العشرين وبالعكس، وإذا طرأ على الصداق زيادة بعد قبضه لا حق للزوج فيها. فليس له إلا نصف قيمة الأصل، كما سيأتي قريبا. أما إذا تصرفت فيه بالبيع، أو بالهبة في نظير عوض قبل أن تقبضه فإن يصرفها ينفذ، ولكن إذا طلقها قبل الدخول فعليها نصف القيمة من يوم البيع، فإذا كان وقت البيع يساوي عشرين، ثم نزلت قيمته بعد كانت ملزمة بعشرة، ثم إن كان الصداق له مثل ترجع عليه بنصف المثل لا بنصف القيمة في جميع الأحوال. كما ذكرنا. وإذا تصرفت في صداقها بالهبة فإنه يصح ولا حق لوليها، أو غيره في الاعتراض عليها مادامت غير محجور عليها، ولكن لا يخلو إما أن تهبه لغير الزوج، أو تهبه للزوج، فإن وهبته لغير الزوج وقبضه فعلا، ثم طلقت قبل الدخول رجع الزوج عليها بنصف الصداق، لا فرق بين أن يكون الصداق نقدا، أو عينا، على أن لها الرجوع في الهبة للأجنبي، أما إذا وهبته للزوج فلا يخلو إما أن تهبه كله، أو بعضه، وعلى كل إما أن يكون نقدا، أو عينا بعد القبض، أو قبله، فإذا كان نقدا ووهبته له كله بعد القبض لزمتها الهبة، ولا يصح الرجوع فيها على أي حال، وذلك لأن هبة الزوجة لزوجها لازمة كهبة الزوج لزوجته، فلا يمكن الرجوع فيها، فإذا طلقها قبل الدخول بعد أن وهبت له وهو زوجها لا يصح لها الرجوع في هبتها، فأصبح المهر حقا للزوجة بالهبة، وله بالطلاق قبل الدخول نصف المهر، فهل في هذه الحالة يرجع عليها بنصف المهر من غير الموهوب، أو يقال: إنها وهبت له كل المهر بعنوان كونه مهرا، فليس وراءه مهر حتى يأخذ نصفه. وعلى هذا لا يرجع عليها بشيء زيادة على الذي وهبته، مثلا إذا مهرها ألف جنيه. فوهبته ألف جنيه بعنوان كونها مهرها بعد قبضه، فصارت الألف ملكا له، ثم طلقها قبل الدخول، وبذلك أصبح يستحق خمسمائة نصف المهر، فهل تعتبر الخمسمائة داخلة في المهر الذي وهبته لزوجها، أو لا؟ الجواب: لا تعتبر، وذلك لأن النقد من دراهم، أو دنانير، أو جنيهات لا يتعين بالتعين، فلا ينحصر المهر في خصوص الألف التي قبضتها ووهبتها. ولذا لها أن تعطيه غيرها بعد الهبة، ولها أن تعطيه نصف الألف إذا طلقها بدون هبة من نقود أخرى، وحيث أن النقد لا يتعين بالتعين، فلا ينحصر المهر في الألف حتى ولو قالت له وهبتك ألف المهر، بل لا فرق بين أن تقول له وهبتك ألف المهر، أو وهبتك ألفا، بصرف النظر عن كونها مهرا، فإذا طلق قبل الدخول استحق نصف المهر زيادة على الألف الموهوبة، أما إذا وهبت له ألف المهر قبل أن تقبض، ثم طلقها قبل الدخول، فإن كلا منهما لا يرجع على صاحبه بشيء، لأن المهر تعين في ذمته، وقد وهبته له فلم يبق وراءه مهر، ومثل ذلك ما إذا وهبت له نصف الألف بعد قبض الألف، ثم طلقها قبل الدخول، فلا يرجع أحدهما على الآخر بشيء، لأن الموهوب نصف المهر، فينصرف إلى النصف وهو دين في ذمته. وكذا إذا قبضت النصف ووهبته الكل المقبوض وغيره، ثم طلقها قبل الدخول فلا رجوع لأحدهما، لأن النصف غير المقبوض جعل الموهوب جميعه في حكم المعين، أما إذا وهبت له أقل من النصف فإنها ترد له ما يكمل النصف. هذا إذا كان الصداق نقدا، أما إذا كان غير نقد بأن كان عروض تجارة حاضرة معينة كهذه الثياب، أو هذا الأساس، أو غير معينة بل موصوفة في الذمة - وذلك صحيح في لنكاح لا في البيع، لأن عروض التجارة لا تثبت في الذمة، كما تقدم في الجزء الثاني في مباحث البيع - أو كان الصداق حيوانا معينا حاضرا، أو موصوفا، كهذا الفرس، أو فرسا عربيا صفته كذا، ثم وهبته له، وطلقها قبل الدخول، فلا رجوع لأحدهما على الآخر، سواء قبضت، أو لم تقبض، وإذا وهبته الكل فالأمر ظاهر، وإذا وهبته النصف أو أكثر فقد أخذ حقه الثابت له بالطلاق، أما إذا وهبته أقل من النصف ردت له ما يكمل النصف، وذلك لأنها وهبت له هذا المهر المعين بخصوصه أو الموصوف في الذمة، فهو في حكم المعين الحاضر هنا، كما قلنا، فإذا طلقها قبل الدخول لم يجد مهرا وراء ذلك حتى يأخذ نصفه. فإن باعت له الصداق من عروض تجارة ونحوها، ثم طلقها قبل الدخول رجع عليها بنصف قيمته من يوم قبضه لا بنصف ثمنه الذي دفعه لها. بقي ما إذا كان الصداق كيلا، أو موزونا، وحكم هذا أنه إذا كان معينا حاضرا، كمائة قنطار من هذا العسل النحل، كان كعروض التجارة، وإذا كان غير معين كعشرين إردبا من القمح البعلي الصعيدي فإنه يكون كالنقد إذا وهبته قبل القبض فلا رجوع، وبعد القبض يرجع، لأنه لا يتعين مثل الدراهم والدنانير. المالكية - قالوا: هل تملك المرأة بالعقد جميع الصداق، أو نصفه، أو لا تملك شيئا؟ والصحيح عندهم أنها تملك نصف الصداق، فعلى القول بأنها تملك جميع الصداق ينفذ تصرفها فيه بتمامه قبل القبض وبعده، لأنه تصرف في المملوك لها وعلى القول بأنها لا تملك شيئا منه بالعقد، ثم تصرفت فيه بالبيع وغيره وطلقت قبل الدخول نفذ تصرفها في حقها، وهو نصفه، وبطل النصف الذي يملكه الزوج، لأنها وإن كانت فضولية في الجميع، ولكن الطلاق حقق لها ملك النصف، فينفذ فيه. أما على القول المعتمد من أنها تملك النصف بالعقد، وتصرفت ببيع، أو هبة، أو عتق فإن تصرفها ينفذ في الجميع، لأنها وإن كانت تملك النصف إلا أن النصف الآخر معرض لملكها إياه فيصح تصرفها في الجميع، وأيضا روعي القول بأنها تملك الكل بالعقد الصحيح في تصرفها، لأنه قال به بعض أئمتهم، وقال به الأئمة الثلاثة. ثم إذا تصرفت فيه بلا عوض - كهبة - فإن للزوج الحق في نصف المثل إذا كان الصداق مثليا. ونصف قيمته إذا كان متقوما، وتعتبر القيمة يوم الهبة على المشهور، وقيل: تعتبر يوم القبض. أما إذا تصرفت بعوض، كأن باعت مهرها من حيوان، أو غلة، أو دار بثمن نفذ بيعها، فإذا طلقها قبل الدخول، وجب له قبلها نصف ما حابت فيه، فإذا باعته بعشرة، وكان يساوي ستة عشر كان له الحق في ثمانية لا خمسة. وفي تصرفها فيه بالهبة أحوال: الحالة الأولى أن تكون الواهبة رشيدة، والموهوب له الزوج وفي ذلك صور: إحداها أن تهب كل المسمى قبل قبضه، وبعد العقد، وقبل الدخول، وحكم هذه الصورة أنه إن طلقها قبل الدخول، فلا شيء لأحدهما على الآخر، ويستمر الصداق على ملك الزوج، وإن أراد الدخول بها، وجب عليه أن يدفع لها أقل الصداق، وهو ثلاثة دراهم، أو ربع دينار. الصورة الثانية: أن تهبه له بعد قبضه، وبعد العقد، وقبل الدخول، وحكم هذه الصورة أنه إن طلقها قبل الدخول فلا شيء لأحدهما قبل صاحبه أيضا، وإن أراد الدخول بها فلا يجبر على دفع أقل الصداق. الصورة الثالثة: أن تهب له شيئا من مالها لدفعه لها مهرا قبل العقد، أو بعده، وقبل الدخول، وحكم هذه الصورة أنه إن عقد عليها وأراد الدخول بها، وجب عليه دفع أقل المهر وإن لم يعقد عليها، أو عقد وطلقها قبل الدخول، وجب عليه أن يرد لها ما أخذه منها لأنها لم تهبه إلا لدفعه صداقا لزواجها، فلا معنى لأخذه منها بعد طلاقها. الصورة الرابعة: أن تهبه له بعد الدخول، سواء قبضه، أو لم يقبضه، وفي هذه الحالة إذا طلقها بعد الهبة أخذ الموهوب، ولا شيء عليه. الصورة الخامسة: أن تهب له بعض صداقها قبل البناء وفي هذه الحالة أنه إذا أراد الدخول بها، وكان البعض الذي بقي معها أقل من المهر الشرعي وهو ثلاثة دراهم، أو ربع دينار، وجب عليه أن يكمله. وإذا أراد أن يطلقها قبل الدخول طلق ووجب عليه أن يعطيها نصف ما بقي بعد الهبة. الصورة السادسة: أن تهب له بعض صداقها بعد البناء، وفي هذه الحالة لا شيء لها عليه إذا طلقها. الصورة السابعة: أن تهبه كل صداقها، أو شيئا منه بعد البناء، ولو لم تقبضه، أو قبل البناء، سواء قبضته، أو لم تقبضه على قصد أن يدخل بها وتدوم العشرة بينهما، فطلقها قبل الدخول، أو فسخ النكاح لفساده، أو طلقها بعد الدخول، وفي هذه الحالة يجب أن يرد لها ما أخذه منها إن طلقها عن قرب، كأن طلقها قبل سنتين، أما إذا طلقها بعد أن مكث معها سنتين، فلا يرد لها شيئا، وهذا بخلاف ما إذا أعطته بشرط أن لا يتزوج عليها فتزوج فإنه يرد لها ما أخذ، ولو تزوج بعد سنين طويلة، نعم إذا وقعت عليه يمين بدون اختياره كما إذا حلف أن تدخل الدار فدخلت، أو حلف أن لا يدخل هو فدخل ناسيا، فإن في هذه الحالة خلافا، فبعضهم يقول: إنه يجب عليه أن يرد لها ما أخذه منها أيضا، إذ لا فرق بين أن يفسخ العقد بدون اختياره، فيرد لها ما أخذ، وبين أن يقع عليه يمين بغير اختياره، وهذا هو الظاهر، وبعضهم يقول: إنه لا يرد لها شيئا في هذه الحالة. الحالة الثانية: أن تكون الواهبة سفيهة، والموهوب له الزوج، وحكم هذه الحالة أن هبتها لا تعتبر. فإذا وهبته مالا ليجعله لها صداقا، وكان قدر صداق مثلها، ففعل، فالعقد يصح، ولكن يجب عليه أن يرد لها ما أخذه منها، ويجبر إن امتنع، فإن أعطته أقل من مهر مثلها، وجب عليه أن يرده لها، ويدفع من ماله قدر مهر مثلها، ولا يجوز له أن يعقد عليها بأقل من مهر المثل إذ لا يصح أن يزوج السفيهة بغير مهر المثل سوى أبيها. الحالة الثالثة: أن تهب الرشيدة صداقها لغير الزوج. وفي هذه الحالة صور: الصورة الأولى: أن يقبضه الموهوب له منها، أو من الزوج وهو لا يعلم أنه صداق ولم تقل له: إنه صداقها، وفي هذه الصورة إذا طلق الزوج قبل الدخول رجع على الزوجة بنصف الصداق وليس للزوجة الحق في الرجوع على الموهوب له بما أعطته للزوج. الصورة الثانية: أن يعلم الموهوب له الأجنبي أنها وهبت له صداقها، أو تبين له هي أنه صداقها، وفي هذه الحالة يكون لها الحق في أن ترجع على الموهوب له النصف الذي استحقه الزوج أما النصف الذي ملكته هي بالطلاق فلا رجوع لها. الصورة الثالثة: أن لا يقبض الموهوب له الهبة، ويطلقها الزوج قبل الدخول، وفي هذه الصورة تنفذ الهبة وتجبر على تنفيذ ما تملكه هي من النصف، أما النصف الذي يملكه الزوج فإن كانت الزوجة موسرة يوم الطلاق فإن الزوج يجبر على تنفيذ الهبة في نصفه أيضا، ويكون الصداق كله للموهوب له، ويرجع الزوج عليها بنصف الصداق في مالها، أما إذا كانت الزوجة معسرة يوم الطلاق فإن الزوج لا يجبر على الهبة في النصف الذي يملكه، بل يأخذ الموهوب له نصفها هي فقط، ولا يرجع عليها بشيء. والحاصل أن الهبة تنفذ في نصفها هي على أي حال سواء كانت موسرة يوم الطلاق والهبة أو معسرة، أما نصف الزوج فإنها لا تنفذ فيه إلا إذا كانت الزوجة موسرة يوم الطلاق بأن كان لها مال يأخذ منها الزوج حقه. فإذا كانت معسرة لا تنفذ في نصف الزوج وليس للموهوب قبلها شيء إذا أيسرت. هذا، وللزوج أن ينفذ الهبة إذا كانت أكثر من ثلث مالها ما دامت الزوجية قائمة. فإن القاعدة عند المالكية أنه يجوز للمرأة أن تتصرف في أكثر من ثلث مالها بصدقة أو هبة. أو عتق أو وصية إلا إذا أجازها الزوج. الشافعية قالوا: إذا لم تقبض الزوجة الصداق فلا يصح لها أن تتصرف فيه. فإذا كان مهرها عرض تجارة أو حيوان، أو مكيلا، أو موزونا وتصرفت فيه ببيع، أو هبة، أو رهن، أو إجارة أو نحو ذلك فإن تصرفها لا ينفذ. نعم يصح لها أن تتصرف فيه بالوصية. والوقف والقسمة وإباحة الطعام للفقراء. إذا كان صداقا جزافا غير مكيل، ولا موزون، ونحو ذلك مما يباح من التصرفات في المبيع قبل قبضه. كتدبير العبد وتزويجه الخ. فإن قلت: إن الشافعية يقولون: إن الزوجة تملك الصداق كله بمجرد العقد الصحيح. وهذا يقتضي أن تصرفها يكون كاملا. لأن الشيء المملوك يصح لصاحبه أن يتصرف فيه كما يحب. الجواب: أنه وإن كان كله مملوكا لها. ولكن محتملا للسقوط كله أو بعضه. بالفرقة من جهته. أو من جهتها كان الملك ضعيفا فلا يصح تصرفها فيه قبل القبض. أما بعد القبض فإن الملك يقوى. ويصح لها أن تتصرف فيه وتضمن. كما سيأتي في الضمان. وكذلك لا يصح للزوج أن يتصرف في صداق الزوجة وهو تحت يده قبل أن تقبضه، وإذا تصرفت في صداقها لزوجها بلفظ الهبة بعد أن قبضته، ثم طلقها قبل الدخول استحق الصداق كله بالهبة، ورجع عليها بنصف الصداق الذي يستحقه بالطلاق، فإن كان الصداق مثليا استحق نصف مثله. وإن كان متقوما استحق نصف قيمته لتعذر عين الصداق في المتقوم بعد الهبة أما إذا وهبته له قبل القبض. فغن الهبة تكون باطلة على المذهب فلا يستحق إلا نصف الصداق، وهي تستحق النصف الآخر إذا طلقها قبل الدخول، وإذا وهبته نصف الصداق مللك النصف بالهبة وله نصف النصف الآخر بالطلاق، ثم بقي له شيء آخر وهو أنها أتلفت عليه النصف الموهوب، وإن كان قد أخذه هو، إذ لا فرق بين الهبة للزوج، والهبة للغير عند الشافعية، فيستحق الزوج تعويضا عما يخصه في النصف، وهو الربع، فعلى هذا يملك النصف بالهبة، ويملك نصف الباقي، وهو الربع بالطلاق، ويملك الربع الباقي تعويضا، فيأخذ منه جميع الصداق. ولا يبقى لها منه شيء في حال ما إذا وهبته نصفه، فإذا كان دينا فأبرأته منه، وطلقها قبل الدخول، فقد ذهب به، ولا يستحق أحدهما قبل الآخر شيئا. الحنابلة - قالوا: للزوجة أن تتصرف في الصداق بالبيع، والهبة والرهن وغير ذلك وينفذ تصرفها فيه بعد قبضه، فغن طلقها قبل الدخول تعين للزوج نصف المثل، أو نصف القيمة ولكل منهما أن يعفوا عن الآخر مادام رشيدا، أما قبل القبض فغن كان الصداق معينا، كهذا الحيوان الحاضر. أو هذا الثوب المعروف، فغن لها أن تتصرف فيه أيضا لأنه يكون في يد الزوج أمانة، أما إذا كان غير معين، كثلاثة أرادب من القمح الصعيدي مثلا، فإنها لا تملك التصرف فيه. وإذا تصرفت في الصداق قبل قبضه بالهبة لزوجها، أو أبرأته منه يصح، ثم إذا طلقها قبل الدخول رجع عليها بنصف الصداق زيادة على الهبة، سواء كان الصداق عينا، أو نقضا، وذلك لأنه استحق الصداق جميعه أولا بالهبة، أو بالإبراء، ثم استحق نصفه ثانيا بالطلاق فاختلفت جهة الاستحقاق، فلا يتساقطان. وإذا وهبت له نصف الصداق ثم طلقها قبل الدخول كان له الحق في النصف الباقي بتمامه. لأنه وجد النصف الذي أعطاه لها بعينه. فأشبه ما لو لم تهبه له فإذا أبرأته المفوضة قبل الدخول رجع عليها بنصف مهر المثل) . |
رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله
الفقه على المذاهب الأربعة المؤلف: عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري الجزء الرابع [كتاب النكاح] |