ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=91)
-   -   شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=194121)

ابوالوليد المسلم 03-06-2021 04:41 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الإمامة
(161)


- (باب السعي إلى الصلاة) إلى (باب التهجير إلى الصلاة)

حث الرسول صلى الله عليه وسلم أمته على الصلاة في جماعة، وأرشدهم إلى آدابها، فنهاهم عن الإتيان إليها وهم يسعون، وأمرهم بأن يأتوها وعليهم السكينة والوقار، لذا شرع لهم التبكير إلى الصلاة.

السعي إلى الصلاة


شرح حديث: (إذا أتيتم الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون ..)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ السعي إلى الصلاة.أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن الزهري حدثنا سفيان حدثنا الزهري عن سعيد عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا أتيتم الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون، وأتوها تمشون وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فاقضوا) ].يقول النسائي رحمه الله: السعي إلى الصلاة، أي: حكمه، وقد أورد النسائي فيه حديث: أبي هريرة الذي فيه النهي عن إتيان الصلاة والإنسان ساعياً، حيث قال: (فلا تأتوها وأنتم تسعون)، إذاً المراد بالترجمة هو: بيان حكم السعي الذي هو: الإسراع الشديد البليغ وأن ذلك غير سائغ؛ لنهي الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عن ذلك، والمراد بالسعي هو: الإسراع الشديد البليغ الذي يكون الإنسان كأنه شبيه بالذي يجري، وهذا العمل أو الهيئة بالإضافة إلى كونها غير لائقة فهي أيضاً إثارة النفس عندما يصل الإنسان إلى المسجد يكون نفسه ثائراً؛ بسبب ذلك السعي والجري، فيكون منشغلاً بنفسه، وقد ظهر نفسه وهو يصلي، لكن النبي عليه الصلاة والسلام أرشد إلى أن السعي إليها أو أن الذهاب إليها يكون بالمشي، والمشي فيه تكثير الخطى، وقد مر بنا قريباً أثر ابن مسعود الذي يقول: كنا نقارب بين الخطى؛ وذلك لتكثر الحسنات؛ لأن الإنسان لا يخطو خطوة إلا يرفع له بها درجة ويحط عنه بها خطيئة، فكانوا يقاربون بين الخطى، معناه: أنهم يمشون ولا يسعون، وقد جاء في القرآن قول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ [الجمعة:9]، وليس المراد بالسعي المأمور به في قوله: فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ، هو هذا الذي نهى عنه الرسول عليه الصلاة والسلام في قوله: (فلا تأتوها وأنتم تسعون)، وإنما المقصود من ذلك: الإسراع الخفيف الذي لا يترتب عليه مشقة، ولا يترتب عليه مضرة، هذا هو المراد بالسعي الذي جاء في الآية، وليس المراد به: العدو والجري الذي يترتب عليه ثوران النفس، فيأتي الإنسان مشغولاً بنفسه في أول صلاته، بل الأمر كما جاء في حديث أبي هريرة : (إذا أتيتم الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون).يعني: إذا أردتم الإتيان إليها، وقصدتم الإتيان إليها، فلا تأتوها وأنتم تسعون، إذا خرج الإنسان من منزله يريد الصلاة، وأراد الذهاب إليها، فيأتي إليها وهو يمشي، ولا يأتي إليها وهو يسعى، (إذا أتيتم الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون، وأتوها وأنتم تمشون)، فنهى عن إتيانها ساعياً، وأرشد إلى الإتيان إليها ماشياً.وقد عرفنا الفرق بين السعي والمشي، وأن السعي يترتب عليه من المضرة ما يترتب عليه، والمشي يترتب عليه من الفوائد ما يترتب، فمن ذلك: كثرة الخطى، وكثرة الدرجات، ومن ذلك: كون الإنسان يمشي بسكينة ووقار، ويصل ونفسه هادئ ليس ثائر النفس، فيكون متشوشاً في صلاته مشغولاً بنفسه، فإن هذا مما يترتب على الإتيان ساعياً عادياً جارياً.ثم قال: [(وعليكم السكينة)]، وهذا يؤكد الأمر في قوله: (وأتوها وأنتم تمشون)؛ لأن الإتيان والإنسان عليه السكينة، أي: كونه يمشي بهدوء، وعدم سعي وجري.فقوله: (عليكم السكينة)، مؤكد للجملة التي قبلها وهي قوله: (وأتوها وأنتم تمشون). ثم قال: [(فما أدركتم فصلوا)]، يعني: ليس معناه إذا كانت الصلاة مقامة فللإنسان أن يسرع ويجري من أجل أن يحصل الركعة الأولى، أو الركعة الأخيرة، يحصل الركوع، أو يحصل الدخول في الصلاة إذا أقيمت الصلاة، لا، وإنما الإنسان يمشي، فما أدركه صلى، وما فاته قضى، (وما أدركتم فصلوا)، أي: إذا مشيتم وعليكم السكينة، فإذا وصلتم صلوا ما أدركتم واقضوا ما فاتكم، وقد جاء في هذه الرواية (وما فاتكم فاقضوا)، وجاء في أكثر الروايات عن جماعة من الصحابة، (وما فاتكم فأتموا).وقد اختلف العلماء في مسألة، وهي: ما يقضيه المسبوق، هل هو أول صلاته أو آخر صلاته؟من العلماء من قال: إن ما يدركه المسبوق هو آخر صلاته؛ لأن هذا الذي أدركه مع الإمام هو آخر صلاة الإمام، فيكون آخر صلاة المأموم، ويتفق نية المأموم مع نية الإمام، هذا آخر صلاته وهذا آخر صلاته، وإذا سلم قام يقضي أول صلاته، وهذا القول يترتب عليه أن الإنسان يطيل الركعتين الفائتتين؛ لأنه ما دام أنها أول صلاته فإنه يطيل، ويقرأ الفاتحة وسورة، ويمكن أن يجهر أيضاً في الصلاة الجهرية، بحيث لا يؤذي أحداً، هذا على القول: بأن ما يقضيه هو أول صلاته.وقال الآخر: إن ما يدركه المسبوق هو أول صلاته، وما يقضيه هو آخر صلاته، فيكون الأول هو الأول، أي: أول الصلاة هو أولها، ما أدركه، هو أول صلاته، وما أتى به بعد سلام الإمام يكون هو آخر صلاته، فالأول هو الأول، والآخر هو الآخر، ولا يكون الآخر الذي أدركه مع الإمام هو الآخر، والذي يأتي به بعد ذلك هو الأول، بل ما فعله أولاً هو أول صلاته، وما فعله آخراً هو آخر صلاته، وإن اختلفت نية الإمام والمأموم هذا في أول صلاته وهذا في آخر صلاته، أي: الإمام في آخر صلاته، والمأموم في أول صلاته لا محظور في ذلك ولا مانع، وأكثر الروايات على: أتموا، وهي تؤيد، أو ترجح هذا القول؛ لأن قوله: (وما أدركتم فأتموا)، معناه: أن الذي يقضيه المسبوق هو آخر صلاته، أي: ما يقضيه المسبوق بعد سلامه إمامه هو آخر صلاته؛ لأن قوله: (وما أدركتم فأتموا)، وهي أكثر الروايات تدل على هذا.ثم أيضاً الذين قالوا: بأن ما يقضيه المسبوق هو أول صلاته يستدلون بهذه الرواية: (وما فاتكم فاقضوا)؛ لأنه أدرك آخر الصلاة فيقضي أول الصلاة، لكن القضاء يمكن أن يفسر بمعنى الأداء، وهو يأتي بمعنى الأداء والإتمام، يأتي بمعنى الإتمام، (ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا)، فتفسر اقضوا بمعنى: أتموا، فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ [فصلت:12]، أي: أتمهن، أو أتم خلقهن، فالقضاء يأتي بمعنى الإتمام، وعلى هذا فتكون رواية (أتموا)، دالةً على أن ما يدركه المسبوق هو أول صلاته، ورواية: اقضوا، تفسر بمعنى الإتمام وهو سائغ في اللغة، وبه يتفق مع الروايات الكثيرة التي هي أرجح وأقوى من رواية: فاقضوا التي هي رواية: (فأتموا).إذاً: فما يقضيه المسبوق وهو آخر صلاته، وما يدركه هو أول صلاته. وهذا هو القول الأظهر في هذه المسألة.
تراجم رجال إسناد حديث: (إذا أتيتم الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون ...)
قوله: [أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن].وهو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة الزهري، صدوق، خرج له مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.[حدثنا سفيان].وهو ابن عيينة، وسفيان هنا مهمل، يحتمل الثوري، ويحتمل ابن عيينة، لكن كونه يروي عن الزهري في هذا الإسناد، تبين بأنه ابن عيينة؛ لأن ابن عيينة هو المعروف بالرواية عن الزهري، وقد قال الحافظ ابن حجر: إن الثوري لا يروي عن الزهري إلا بواسطة.إذاً: إذا جاء سفيان غير منسوب يروي عن الزهري، فالمراد به: ابن عيينة ؛ لأنه مكثر من الرواية عنه.وهذه هي الطريقة التي يميز بها المهمل؛ لأن المهمل نوع من أنواع علوم الحديث، وهو: أن الرواة تتفق أسماؤهم، أو أسماؤهم وأسماء آبائهم، ولا يعرف لكونه يحتمل عدة أشخاص، فلتمييز هذا من هذا يسلك لذلك معرفة الشيوخ والتلاميذ، وإذا كانوا متفقين بالشيوخ والتلاميذ فينظر لمن يكون أكثر رواية، ولمن يكون من أهل بلده، ولمن يكون ملازماً له، فيتبين أنه أحد الاثنين بمعرفة كونه مكثراً للرواية عن ذلك الشيخ، أو ملازماً له، أو من أهل بلده، أو ما إلى ذلك، وأيضاً يمكن أن يعرف عن طريق النظر في الأسانيد الأخرى لهذا الحديث؛ لأنه قد يكون الحديث مثلاً عند أبي داود، والنسائي، وابن ماجه بإسناد واحد، فيكون في أحد الكتب ينسب المهمل فيقال: فلان بن فلان، فيتميز.
الإسراع إلى الصلاة من غير سعي

شرح حديث: (... بينما النبي يسرع إلى صلاة المغرب ...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [الإسراع إلى الصلاة من غير سعي. أخبرنا عمرو بن سواد بن الأسود بن عمرو أخبرنا ابن وهب حدثنا ابن جريج عن منبوذ عن الفضل بن عبيد الله عن أبي رافع رضي الله عنه أنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى العصر ذهب إلى بني عبد الأشهل، فيتحدث عندهم حتى ينحدر للمغرب، قال أبو رافع: فبينما النبي صلى الله عليه وسلم يسرع إلى المغرب مررنا بالبقيع، فقال: أف لك، أف لك، قال: فكبر ذلك في ذرعي، فاستأخرت وظننت أنه يريدني، فقال: ما لك؟ امش، فقلت: أحدثت حدثاً؟ قال: ما ذاك؟ قلت: أففت بي، قال: لا، ولكن هذا فلان بعثته ساعياً على بني فلان فغل نمرة، فدرع الآن مثلها من نار)].أورد النسائي باب: الإسراع إلى الصلاة من غير سعي، يعني: لما ذكر السعي إلى الصلاة، وأنه قد جاء النهي عنه، والمراد به: الإسراع الشديد البليغ، أتى بعده بهذه الترجمة، وهي: الإسراع إلى الصلاة من غير سعي، أي: الإسراع الخفيف الذي ليس فيه جري وعدو وركض، وإنما هو إسراع خفيف؛ لأن المشي منه ما هو بطيء، ومنه ما هو فوقه، ومنه ما هو شديد، وهنا يريد: الإسراع الخفيف، وأن ذلك سائغ؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام فعله في هذا الحديث الذي أورده النسائي، وهو حديث: أبي رافع أن النبي عليه الصلاة والسلام: كان إذا صلى العصر ذهب إلى بني عبد الأشهل فيتحدث معهم، حتى يقرب المغرب، ثم ينحدر، أي: ينزل، وكأنه يأتي من مكان مرتفع مائل، يعني: يكون فيه شيء من الإسراع الخفيف بسبب الانحدار، وكون الإنسان ينزل من مكان عال، يكون فيه شيء من الحركة والإسراع الخفيف، قال أبو رافع: (فبينما النبي صلى الله عليه وسلم يسرع إلى المغرب)، أي: يمشي مشياً سريعاً ليس بالشديد، وإنما هو إسراع خفيف، إذ مر بالبقيع، فقال: (أف لك أف لك)، فـأبو رافع ظن أنه يعنيه فتأخر، فلم يمش معه كالمشي الأول بل تأخر عنه، فقال: (ما لك امش، فقلت: أحدثت حدثاً؟ قال: ما ذاك؟).والذي جعله يتأخر: ظن أنه يريده في قوله: (أف لك، أف لك)، يعني: هذا التأفيف ظن أنه هو المعني به فشق ذلك عليه، وضاق ذرعاً ولم يطق ذلك، وظن أنه حصل منه شيء استوجب هذا التأفيف، فقال: (امش ما لك)؛ لأنه تأخر، (فقال: أحدثت حدثاً؟)، هذا سؤال حذفت منه الهمزة، أأحدثت حدثاً، يعني: أحصل مني أن أحدثت حدثاً استوجب ذلك الذي حصل؟ قال: (وما ذاك؟ قال: إنك أففت بي)، أي: قلت: أف لك، أف لك، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: لا، ولكن ذلك رجل بعثته ساعياً إلى بني فلان فغل نمرة، يعني: أخذها من الغنيمة وهي الخيانة، فخان في أمانته، وأخذ تلك النمرة التي هي: كساء أو ثوب، قال: (فدرع الآن مثلها من نار).الآن مثل تلك النمرة، يعني: يعذب بها، والنبي صلى الله عليه وسلم أطلعه الله عز وجل على هذا العذاب الذي حصل في قبر ذلك الرجل، وكذلك أعلم بالسبب الذي حصل فيه ذلك العذاب، وهو أنه قد غل.

يتبع

ابوالوليد المسلم 03-06-2021 04:42 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
إثبات عذاب القبر ونعيمه
والحديث يدل على: إثبات عذاب القبر؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (أف لك أف لك)، وأنه درع مثلها من نار، يعني: مثل تلك النمرة، معناه: أنه يعذب بها في قبره، والنبي صلى الله عليه وسلم يطلعه الله عز وجل على ما يجري في القبور وكذلك يسمع ما يجري في القبور، كما جاء في الحديث الصحيح: (لولا ألا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر ما أسمع)، والحديث في صحيح مسلم، فهو عليه الصلاة والسلام أطلعه الله عز وجل على ما يجري في القبور من الأهوال، ويسمع أصوات المعذبين الذين يعذبون في قبورهم، وهذا الحديث فيه: أنه أطلع على أن ذلك الشخص معذب في قبره وأن سبب عذابه نمرة غلها وأنه عذب بمثلها في النار، ففيه: دليل على إثبات عذاب القبر، وأن عذاب النار يصل إلى المقبورين، كما أن نعيم الجنة يصل إلى المقبورين، لمن كان من أهل ذلك، كما جاء في حديث البراء بن عازب المشهور الطويل: (يفتح له باب من الجنة فيأتيه من روحها ونعيمها، والآخر يفتح له باب من النار فيأتيه من حرها وسمومها)، وهذا فيه حصول العذاب لمن يستحقه، ويشبه ذلك ما جاء في حديث صاحبي القبرين اللذين قال عنهما: (يعذبان، وما يعذبان بكبير، أما أحدهما فكان لا يستبرئ من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة)، فهذا يدل على حصول عذاب القبر ووقوعه، وعلى بيان سببه، وهذا الحديث الذي معنا كذلك يدل على حصول عذاب القبر، وعلى حصول سببه الذي هو الغلول من الغنائم، كون الإنسان يغل من الغنائم فهذا من أسباب العذاب في النار، بل من أسباب حصول عذاب القبر، وأن صاحب الغلول يعذب في قبره بعذاب النار، بحيث يصل إليه عذاب النار وهو في قبره، وقد جاء في القرآن: في آل فرعون قوله تعالى: النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ [غافر:46]، فدل على أن الكفار من آل فرعون يعذبون في النار، وهنا دل على أن الذي غل يعذب، وإن لم يكن الغلول كفراً، ولكنه كبيرة من الكبائر، كذلك عدم الاستبراء من البول، والمشي بالنميمة، هذه من الكبائر، وهي من أسباب العذاب للمؤمنين والمسلمين، من شاء الله تعالى عذبه،وإن شاء عفى عنه، وعلى هذا فمن مات من المسلمين على كبيرة ولم يتب فإن أمره إلى الله عز وجل، إن شاء عذبه، وإن شاء تاب عليه فلم يعذبه.ومحل الشاهد منه: (فبينما هو يسرع)، أي: محل الشاهد من الحديث، في باب الترجمة، وهي: الإسراع إلى الصلاة من غير سعي، المقصود منه: إسراعاً خفيفاً ليس بالشديد الذي جاء النهي عنه عن رسول الله عليه الصلاة والسلام في الحديث السابق: (فلا تأتوها وأنتم تسعون، وأتوها وأنتم تمشون وعليكم السكينة).
تراجم رجال إسناد حديث: (... بينما النبي يسرع إلى صلاة المغرب ...)
قوله: [أخبرنا عمرو بن سواد بن الأسود].وهو عمرو بن سواد بن الأسود بن عمرو المصري، ثقة، أخرج له مسلم، والنسائي، وابن ماجه .[أخبرنا ابن وهب]. وهو عبد الله بن وهب المصري، ثقة، فقيه، مشهور، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [حدثنا ابن جريج].وهو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، ثقة، فقيه، فاضل، يرسل ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور بنسبته إلى جده عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، إذاً هو مشهور بالنسبة إلى جده جريج فيقال له: ابن جريج . [عن منبوذ].منبوذ، وهو المدني، من آل أبي رافع، وهو مقبول، خرج حديثه النسائي وحده. [عن الفضل بن عبيد الله بن أبي رافع].وهو أيضاً مقبول، خرج حديثه النسائي وحده. [عن أبي رافع].وهو أبو رافع القبطي مولى مولى رسول الله عليه الصلاة والسلام، اختلف في اسمه فقيل: اسمه إبراهيم، وقيل: غير ذلك، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
طريق أخرى لحديث: (... بينما النبي يسرع إلى صلاة المغرب ...) وتراجم رجال إسنادها
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا هارون بن عبد الله حدثنا معاوية بن عمرو حدثنا أبو إسحاق عن ابن جريج أخبرني منبوذ رجل من آل أبي رافع عن الفضل بن عبيد الله بن أبي رافع عن أبي رافع: نحوه].أورد النسائي إسناداً آخر، ولم يسق المتن، بل قال: نحوه، لما فرغ من ذكر الإسناد قال: نحوه، أي: أن متن الحديث بهذا الإسناد على النحو من المتن السابق، ليس مماثلاً له وإنما هو نحوه، ومن المعلوم: أن الفرق بين (مثل) و(نحو)، أن (مثل): تقتضي التماثل في المتن بين المحال والمحال إليه الذي لم يذكر متنه، ويقال: مثله، والذي أحيل إليه هو المتن السابق، فإذا كان المتنان متماثلين قيل: مثله، وإذا كان يختلف عنه فيقال: نحوه، أي: أنه ليس مماثلاً له، ولكنه نحوه.قوله: [أخبرنا هارون بن عبد الله].وهو هارون بن عبد الله البغدادي، ثقة، خرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.[حدثنا معاوية بن عمرو].وهو معاوية بن عمرو البغدادي، ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [حدثنا أبو إسحاق]. وهو إبراهيم بن محمد بن الحارث الفزاري، ثقة، حافظ، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن ابن جريج إلى آخره].وعند هذا يتفق الإسناد، إلا أن في الإسناد الثاني كون ابن جريج يقول: أخبرني منبوذ، وفي الإسناد الأول يعنعن ابن جريج يقول: عن، إذاً: فالإسناد الثاني فيه فائدة، وهي: كون ابن جريج وهو مدلس صرح بالسماع في هذا الحديث عن منبوذ الذي روى عنه بالعنعنة في الإسناد الأول الذي قبله، يعني: في الأول يقول ابن جريج: عن، وهنا يقول: أخبرني منبوذ.
التهجير إلى الصلاة

شرح حديث: (إنما مثل المهجر إلى الصلاة كمثل الذي يهدي البدنة ...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [التهجير إلى الصلاة.أخبرنا أحمد بن محمد بن المغيرة حدثنا عثمان عن شعيب عن الزهري أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن وأبو عبد الله الأغر: أن أبا هريرة رضي الله عنهما حدثهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إنما مثل المهجر إلى الصلاة كمثل الذي يهدي البدنة، ثم الذي على إثره كالذي يهدي البقرة، ثم الذي على إثره كالذي يهدي الكبش، ثم الذي على إثره كالذي يهدي الدجاجة، ثم الذي على إثره كالذي يهدي البيضة)].أورد النسائي التهجير إلى الصلاة، يريد به: بيان فضله والحث عليه، والمراد بالتهجير: التبكير إلى الصلاة، يعني: يذهب إليها مبكراً، ثم أورد النسائي حديث: أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (إنما مثل الذي يهجر إلى الصلاة كالمهدي بدنة)، أي: الذي يكون مبكراً قبل غيره، ويسبق غيره إلى الوصول إلى المسجد هذا كالمهدي بدنة، ثم الذي يكون على إثره كالمهدي بقرة، ثم الذي على إثره كالمهدي كبشاً، ثم الذي على إثره كالمهدي دجاجة، ثم الذي على إثره كالمهدي بيضة، وهذا يدل على فضل التبكير إلى الصلوات، وأن الإنسان إذا بكر إليها يكون بهذه المثابة وبهذه المنزلة، ومن المعلوم: أن الإنسان إذا بكر إلى الصلاة حصل الصف الأول الذي هو خير الصفوف، والذي يقول فيه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: (لو يعلم الناس ما في النداء والصف والأول، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا عليه)، ثم أيضاً إذا جلس في المسجد، فهو في صلاة ما انتظر الصلاة، فكل ما زاد جلوسه في المسجد في انتظار الصلاة فهو في صلاة، وهذه زيادة في ثوابه وأجره، ولهذا شبه النبي صلى الله عليه وسلم الذي يبكر إلى الصلاة قبل غيره بالمهدي بدنة.والمراد بالإهداء، قيل: هو كونها تكون هدياً، وقيل: إن المراد بذلك التصدق، ومن المعلوم: أن الهدي أو الإهداء لا يكون بالدجاجة والبيضة؛ لأن الهدي والأضاحي إنما يكون في بهيمة الأنعام خاصة التي هي: الإبل، والبقر، والغنم، وليس بالدجاج والبيض، لكن الصدقة تكون في كل ما هو نافع، دجاج أو غير دجاج، لكن المقصود من هذا: هو بيان عظم ما تقرب به الإنسان إلى الله عز وجل، وأن الإنسان الذي تقرب إلى الله عز وجل بالبدنة، ثم بالبقرة، ثم بالكبش، ثم بالدجاجة، ثم بالبيضة، يعني: أنه فعل أمراً يقربه إلى الله عز جل، ويرجو من الله عز وجل الثواب، ولكن ليس المقصود من ذلك: الإهداء إلى الكعبة؛ لأن الهدي لا يكون إلا بالإبل، والبقر، والغنم، لا يكون بالدجاج، والبيض، ولكن بالنسبة للصدقة والتقرب إلى الله عز وجل بالأعمال الصالحة، والإحسان إلى الناس يكون بكل ما هو نافع.
تراجم رجال إسناد حديث: (إنما مثل المهجر إلى الصلاة كمثل الذي يهدي البدنة ...)
قوله: [أخبرنا أحمد بن محمد بن المغيرة].وهو أحمد بن محمد بن المغيرة الحمصي، صدوق، خرج حديثه النسائي وحده. [حدثنا عثمان].وهو ابن سعيد بن كثير الحمصي، ثقة، خرج حديثه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه. [عن شعيب].وهو شعيب بن أبي حمزة الحمصي، ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو من أثبت الناس في حديث الزهري، وهو يروي عن الزهري، والزهري سبق أن مر بنا قريباً.[أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن وأبو عبد الله الأغر].وهو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف المدني، وأحد الفقهاء السبعة، على أحد الأقوال في السابع، الذين أشرت إليهم قريباً، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة، وكذلك أيضاً أبو عبد الله الأغر، وهو: سلمان الأغر، ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن أبي هريرة]. أبو هريرة رضي الله عنه، وقد مر ذكره قريباً.
الأسئلة

هل يجوز للرجل أن يأخذ زكاة ذهب زوجته؟
السؤال: هل يجوز لي أن آخذ زكاة ذهب زوجتي، علماً بأنني أزكي الذهب من مالي، ويعلم الله بحاجتي الشديدة للمال لفقري وعدم استطاعتي للتزكية دائماً؟الجواب: المالك هو الذي يزكي، وما دام أنه هو الذي يخرج الزكاة عن زوجته، فهذا يعني: أنه شيء زائد عن حاجته بحيث يدفع الزكاة، فمن المعلوم: أن الزكاة تدفع للفقراء والمساكين، وإذا كان هو فقير فالزوجة لها أن تعطي الزكاة لزوجها، لكن الآن هو الذي يدفع الزكاة عنها؛ لأنه ما دام أنه هو الآن عنده زيادة مال، هو الآن يعطي من ماله زكاة.
من قال: علي لعنة الله ألا أفعل كذا ثم فعله
السؤال: من حلف وقال: علي لعنة الله إن ساعدته، يعني: رجلاً، ثم بعد ذلك بدا لي خطئي، ما ظننت فيه سوء؟الجواب: أقول: مثل هذا الكلام كلام سيئ، أي: كون الإنسان يلعن نفسه ويدعو على نفسه بالطرد عن رحمة الله؛ لأن معنى اللعن هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله عز وجل، فلا يجوز للإنسان أن يفعل ذلك، لكن هل هذه يمين أو ليست يمين تحتاج إلى تفكير؟ لا أدري، لكن كون الإنسان يتكلم بمثل هذا الكلام لا يجوز.
كفارة اليمين
السؤال: من حلف وقال: والله الذي لا إله غيره لا أدخل منزل فلان، ثم دخله فماذا عليه؟الجواب: يكفر عن يمينه بأن يطعم عشرة مساكين أو يكسوهم، أو يعتق رقبة، فإن لم يستطع لا العتق ولا الإطعام ولا الكسوة فإنه ينتقل إلى صيام ثلاثة أيام، وهذه هي كفارة اليمين، فيها ترتيب وتخيير، وليس في الكفارات تخيير وترتيب إلا كفارة الأيمان؛ لأن فيها تخيير بين العتق والكسوة والإطعام، وترتيب بين هذه الأمور وبين الصيام، يعني: الصيام ليس مخيراً فيه، وإنما التخيير بين الأمور الثلاثة التي هي: عتق، أو كسوة، أو إطعام، وإن لم يستطع هذه الأمور الثلاثة ينتقل إلى الصيام، ففيها تخيير وترتيب، تخيير بين الثلاثة، وترتيب بين الصيام وما قبله.
في زكاة الحلي
السؤال: هل على المرأة زكاة في الذهب الذي تلبسه وتتحلى به أم لا؟الجواب: نعم، الحلي تجب فيه الزكاة، ولو كان معداً للزينة؛ لأن عموم الأحاديث التي وردت في زكاة الذهب تشملها، (ما من صاحب ذهبٍ ولا فضة لا يؤدي زكاتها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار)، فعموم هذا يشمله، ثم أيضاً ما جاء في الحديث الذي فيه: (أن امرأةً جاءت وعليها مسكتان من ذهب، فقال: أتؤدين زكاة هذا؟ قالت: لا، قال: أتحبين أن يسورك الله بسوارين من نار؟)، فهذه الأحاديث تدل على وجوب الزكاة في حلي النساء.
صلاة المرأة في بيتها أفضل من الصلاة في المسجد النبوي
السؤال: هل حضور المرأة إلى المسجد النبوي لشهود صلاة الجمعة أمر محمود، أم الأفضل أن تبقى في بيتها وتصلي ظهراً؟الجواب: الأفضل هو صلاتها في بيتها بلا شك، كما جاءت بذلك الأحاديث، يعني: جاءت الأحاديث تدل على أن أفضل صلاة المرأة إنما تكون في بيتها، لكن مجيئها إلى المسجد إذا طلبته أو أرادته سائغ، لكن بشرط أن تخرج بعيدة عن المحظور، فلا تظهر متجملة ولا متعطرة، ولا يحصل منها شيء يكون سبباً في فتنتها أو فتنة غيرها بها، وصلاتها في بيتها أفضل، في جميع الصلوات الجمعة وغير الجمعة، فصلاتها في البيت أفضل من صلاتها في المسجد، وخير من صلاتها في المسجد، لكن إذا أرادت المسجد لا بأس، لها أن تذهب إليه وليس لوليها أن يمنعها إلا إذا كان هناك محظور تمنع بسببه.
إذا صلت المرأة الجمعة في بيتها تصليها ظهراً
السؤال: إذا صلت المرأة في البيت هل تصلي ظهراً أم جمعة؟الشيخ: لا، تصلي ظهراً، الإنسان إذا ما أدرك الجمعة يصلي ظهراً، بل الذي يأتي إلى المسجد ولا يدرك الركعة الثانية، أي إذا فاته الركوع من الركعة الثانية يدخل مع الإمام وإذا قام يقضي ظهر لا يقضي ركعتين، أي: إذا دخل مع الإمام بعد رفعه من الركوع في الركعة الثانية، ثم سلم الإمام قام يقضي يصلي أربعاً، لا يصلي ثنتين.
النهي عن الإسراع والسعي للصلاة للتحريم
السؤال: قوله صلى الله عليه وسلم: (فلا تأتوها وأنتم تسعون)، هل النهي للتحريم أو للكراهة؟الجواب: الأصل أنه للتحريم.
يوجد في سنن النسائي أحاديث ضعيفة لأنه لم يشترط الصحة
السؤال: نعلم أن الإمام النسائي من المتشددين في التعديل، ومع ذلك فقد أورد في سننه أحاديث ضعيفة، فكيف ذلك؟الجواب: لأنه لم يشترط الصحة، أقول: لم يلزم نفسه بالصحة حتى يعترض عليه بذلك، أو حتى يستدرك عليه؛ لأنه لم يقل عن كتابه هذا: هو كتاب صحيح، وأنه لا يرد فيه إلا أحاديث صحيحة، وإنما لما عقد التراجم وأتى بالتراجم، أتى بما يدل على هذه الترجمة، من ذلك ما هو صحيح، ومنه ما هو ضعيف فيغني عنه الصحيح، يعني: ضعيف وصحيح في موضع واحد وفي معنى واحد، وقد يكون أيضاً في معنى واحد؛ لأنه قد يكون هذا الذي وجده فيما يتعلق بهذا الموضوع أو بهذه الترجمة، لكن كونه يورد أحاديث ضعيفة، لا إشكال فيه؛ لأنه ما التزم ألا يأتي إلا بأحاديث صحيحة.
تراجم الأبواب في صحيح مسلم من عمل النووي
السؤال: هل تراجم كتب صحيح مسلم ككتاب الإيمان والطهارة إلى آخره من الإمام مسلم أم من النووي؟الجواب: تراجم الأبواب في صحيح مسلم هي من عمل النووي وغيره؛ لأن النووي ذكر: أن العلماء ذكروا تراجم لهذه الأبواب وأنه اعتنى بوضع تراجمه، أما الكتب فهي من وضع الإمام مسلم، والأبواب هي من وضع النووي وغير النووي، ولكن المشهور الموجود مع شرح النووي، وكذلك الذي طبع مع المتن الذي اعتنى به عبد الباقي، يعني: الأبواب هي أبواب النووي أدخلها في الصحيح، والنووي في الشرح، فالأبواب تأتي مع الشرح لا تأتي مع الكتاب في داخل المتن، فالمتن في الأعلى وليس فيه إلا الكتب، والأبواب تأتي في الشرح، ومسلم رحمه الله لما عمل كتابه جعله في حكم المبوب وإن لم يبوبه، يعني: يجمع الأحاديث الذي في موضوع واحد ويسوقها مساقاً واحداً، ثم ينتقل إلى موضوع آخر، فهو في حكم المبوب، وإن لم يكن فيه تسمية أبواب، أما الكتب فهي من عمل مسلم، وليست من عمل النووي ولا غيره، والدليل على هذا: أن الذين ألفوا في رجال مسلم قبل النووي، مثل: كتاب ابن منجويه في رجال مسلم، والجمع بين رجال الصحيحين للمقدسي، عندما يأتون بترجمة شخص يقولون: روى عنه مسلم في كتاب الإيمان، روى عنه مسلم في كتاب الزهد، هؤلاء قبل النووي، فذكروا في ترجمة الشخص: أنه روى عنه مسلم في كتاب كذا، وروى عنه في كتاب كذا، وروى عنه في كتاب كذا إذا كان مقلاً، وإلا يكتفوا بأن يقولوا: روى عن فلان وفلان عندهما، أو روى عن فلان وفلان عند غيره إذا كان مكثراً، فالكتب من عمل مسلم، والأبواب ليست من عمله.
ضابط التبكير إلى المسجد
السؤال: ما ضابط التبكير إلى الصلاة، هل هو الوصول إلى المسجد قبل الأذان، أم إدراك الصف الأول، أم الوصول أول الناس؟الجواب: التبكير إلى الصلاة كما هو معلوم ليس مقصوراً على الأذان، بل يكون قبل الأذان، والإنسان يأتي إلى المسجد ويبكر ويصلي ما أمكنه ويجلس، وإذا أذن المؤذن قام يؤدي الرواتب إذا كانت الصلاة ذات رواتب كالظهر، وإذا كانت غير ذات رواتب يقوم يصلي ركعتين أو ما شاء؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (بين كل أذانين صلاة)، يعني: بين الأذان والإقامة، فالتبكير إلى الصلاة يكون ليس من حصول الأذان، بل يكون قبل ذلك؛ لأنه كلما طال جلوسه في المسجد وانتظاره الصلاة فهو يعتبر مبكراً، ويعتبر في صلاة ما انتظر الصلاة.


ابوالوليد المسلم 03-06-2021 04:43 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الإمامة
(162)


- (باب ما يكره من الصلاة عند الإقامة) إلى (باب المنفرد خلف الصف)

لا يجوز الشروع في نافلة إذا أقيمت الصلاة المكتوبة، فإن أقيمت الصلاة وقد شرع في النافلة فإن كان انشغاله بها يؤدي إلى فوات شيء من الركعة فإنه يقطعها، أما إن كان في آخرها وقد مضى أكثرها فإنه يتمها خفيفة.
ما يكره من الصلاة عند الإقامة

شرح حديث: (إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ما يكره من الصلاة عند الإقامة.أخبرنا سويد بن نصر أخبرنا عبد الله بن المبارك عن زكريا حدثني عمرو بن دينار سمعت عطاء بن يسار يحدث عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة) ].يقول النسائي رحمه الله: ما يكره من الصلاة عند الإقامة. المقصود من هذه الترجمة أن إيجاد الصلاة أو إحداث الصلاة بعد الإقامة أن ذلك مما يكره، والمقصود بالكراهة هنا كراهة التحريم؛ لأن الحديث الذي أورده وكذلك الأحاديث الأخرى تدل على ذلك؛ لأنه عليه الصلاة والسلام قال: (إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة)، يعني ليس للإنسان أن يتشاغل بالنفل عن الفرض، وإنما إذا أقيمت الصلاة المفروضة فعلى الإنسان ألا يبدأ بصلاة بعد الإقامة أو عند الإقامة، وإنما عليه أن يدخل في الصلاة المكتوبة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة).والمكروه يطلق في عرف المتقدمين ويراد به ما يشمل الحرام، وأما عند الفقهاء فإن المكروه دون المحرم، كما أن المندوب عندهم دون الواجب، فالمكروه عندهم دون المحرم، والمعروف عند المتقدمين وهو الذي يأتي في الشرع أن المكروه يراد به المحرم؛ لأن الله عز وجل لما ذكر جملةً من المحرمات في سورة الإسراء قال: كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا [الإسراء:38]، هذا إذا دخل الإنسان في الصلاة النافلة بعد الإقامة، أما إذا كان قبل الإقامة، ففيه خلاف بين العلماء، فمنهم من يقول: إنه يتمها خفيفة، يتمها خفيفة ويستدل بالآية: لا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ [محمد:33]، قالوا: فقطعها هذا من إبطال العمل، ومنهم من قال: إنه يقطعها؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: (إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة)؛ وهذا يدل على أنه يتركها، لكن فصل بعض العلماء فقال: إن كان في أولها وكان انشغاله بها يؤدي إلى فوات شيء من الركعة فإنه يقطعها، أما إذا كان في آخرها وقد مضى أكثرها فإنه يتمها خفيفة؛ لأنه إذا أتمها خفيفة فيمكنه أن يتم ذلك في زمن الإقامة أو بعيد زمن الإقامة قبل الدخول في الصلاة، وهذا القول المفصل يظهر أنه هو الأولى؛ فإذا كان في أول الركعتين اللتين قد دخل فيهما قبل الإقامة فإنه يقطعها؛ لأن انشغاله بالركعتين يفوت عليه جزءاً من الصلاة، وأما إذا كان في آخرها فإنه يتمها خفيفة.فإذا ابتدأها بعد الدخول في الصلاة أو بعد الإقامة، فإن ذلك غير سائغ وغير جائز، ويدخل ذلك في قوله عليه الصلاة والسلام: (إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة)، وقد أورد النسائي رحمه الله حديث أبي هريرة من طريقين، وهما بلفظ واحد، (إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة)، ومن عبارات الفقهاء التي تتفق مع النص هذه العبارة، فيأتي في كتب الفقه: (وإذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة)؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة).(لا صلاة)، خبر بمعنى النهي مثل: فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ [البقرة:197]، (فلا رفث)، يعني: فلا يرفث ولا يفسق، وهنا (لا صلاة)، يعني: لا يصل، فهو خبر يراد به النهي، المعنى: أنه نهي عن أي صلاة إلا المكتوبة التي أقيمت، لكن يستثنى من ذلك ما إذا كان الإنسان متنفلاً وقد صلى المكتوبة من قبل، فإن صلاته تلك تكون نافلة، ولا يقال: إنها فريضة؛ لأن الفريضة هي الأولى، وتلك التي صلاها مع الجماعة التي أقيمت بعد أدائه الفريضة تعتبر نافلة، وقد مر بنا جملة من الأحاديث الدالة على هذا المعنى، وهو (أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يصلي في مسجد الخيف صلاة الصبح، فلما فرغ من الصلاة وجد رجلين قد جلسا ناحيةً، فدعا بهما، فأتي بهما ترتعد فرائصهما، فقال: ما لكما لم تصليا؟ قالا: إنا صلينا في رحالنا، قال: إذا صليتما في رحالكما وأتيتما والإمام لم يصل فصليا معه تكن لكما نافلة)، فتلك الصلاة هي نافلة في حقهما، وإن كانت التي أقيمت مكتوبة وهي صلاة جماعة مفروضة، لكنها في حق من أدى فريضة من قبل تكون نافلة.(إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة)، هذا لمن لم يكن قد صلى المكتوبة من قبل أما من سبق أن صلى المكتوبة فلا تكون الصلاة المقامة مكتوبةً في حقه، ولا تكون فريضة في حقه، وإنما تكون نافلة، فيكون هذا مما يستثنى من كون الإنسان يؤدي نافلة في وقت المكتوبة، أو في وقت أداء المكتوبة؛ لأنه سبق أن أدى المكتوبة، والمكتوبة لا تؤدى مرتين، وإنما تؤدى مرة واحدة.
تراجم رجال إسناد حديث: (إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة)
قوله: [أخبرنا سويد بن نصر ]. هوسويد بن نصر المروزي، وهو ثقة، خرج حديثه الترمذي، والنسائي. [أخبرنا عبد الله بن المبارك ].هو عبد الله بن المبارك المروزي أيضاً، وهو ثقة، ثبت، جواد، مجاهد، عابد، ذكر ابن حجر في التقريب جملةً من صفاته، ثم عقبها بقوله: جمعت فيه خصال الخير، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.[عن زكريا ].هو زكريا بن إسحاق، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن عمرو بن دينار ].هو عمرو بن دينار المكي، وهو ثقة، حديثه أيضاً عند أصحاب الكتب الستة.[عن عطاء بن يسار ].هو عطاء بن يسار الهلالي مولى ميمونة المدني، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة أيضاً. [عن أبي هريرة ].و أبو هريرة رضي الله تعالى عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث: (إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة) من طريق أخرى
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا أحمد بن عبد الله بن الحكم ومحمد بن بشار قالا: حدثنا محمد عن شعبة عن ورقاء بن عمر عن عمرو بن دينار عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة) ].أورد النسائي حديث أبي هريرة من طريق أخرى، وهو باللفظ المتقدم: (إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة).
تراجم رجال إسناد حديث: (إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة) من طريق أخرى
قوله: [ أخبرنا أحمد بن عبد الله ].هو أحمد بن عبد الله بن الحكم، ثقة، خرج له مسلم، والترمذي، والنسائي.[ ومحمد بن بشار ].هو شيخ النسائي الثاني، الملقب بندار، وهو شيخ لأصحاب الكتب الستة، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لهم جميعاً، كلهم رووا عنه مباشرةً وبدون واسطة.[ حدثنا محمد ].و محمد، المراد به ابن جعفر، الذي هو غندر ؛ لأنه إذا جاء محمد بن بشار، يروي عن محمد، ومحمد يروي عن شعبة، فالمراد به غندر الذي هو محمد بن جعفر، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[ عن شعبة ]. شعبة هو شعبة بن الحجاج الواسطي، الثقة، الثبت، الذي وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهو لقب رفيع، وصفة عالية، لم يظفر بها إلا القليل النادر من المحدثين، مثل: شعبة، وسفيان الثوري، وإسحاق بن راهويه، والبخاري، والدارقطني.[ عن ورقاء بن عمر ]. ورقاء بن عمر صدوق، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن عمرو بن دينار عن عطاء عن أبي هريرة ].وهؤلاء في الإسناد المتقدم.
شرح حديث عبد الله بن بحينة فيمن صلى نافلة الصبح والمؤذن يقيم
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا قتيبة حدثنا أبو عوانة عن سعد بن إبراهيم عن حفص بن عاصم عن ابن بحينة رضي الله عنه أنه قال: (أقيمت صلاة الصبح فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً يصلي والمؤذن يقيم، فقال: أتصلي الصبح أربعاً؟) ].أورد النسائي حديث عبد الله بن مالك بن بحينة رضي الله تعالى عنه أنه قال: (أقيمت صلاة الصبح فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً يصلي والمؤذن يقيم، فقال: أتصلي الصبح أربعاً؟)، يعني أنه إذا تشاغل بالركعتين في وقت أداء الفريضة وصلاهما ثم دخل في الفريضة فيكون قد صلى بعد الإقامة أربع ركعات، وهذا استفهام إنكار؛ لأن الصلاة عندما تقام لا يصلى غيرهما وهي ركعتان، فلا يتشاغل بالنافلة عن الفريضة، وإنما يدخل الإنسان في الفريضة، وإذا فرغ من الصلاة يقوم ويصلي الركعتين، وهذا سائغ جاءت به السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، يعني بعد صلاة الفجر نهي عن الصلاة، لكن قضاء ركعتي الفجر جائز؛ لأنه جاءت السنة بذلك عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.وقد ذكر الحافظ ابن حجر في فتح الباري كلمة نسبها إلى بعض العلماء، فقال: قال بعض الأكابر: من شغله الفرض عن النفل فهو معذور، ومن شغله النفل عن الفرض فهو مغرور؛ لأن كونه يؤدي الواجب ويشتغل به عن النفل عذر له؛ لأن الفريضة مقدمة على النافلة، لكن من يتشاغل بالنوافل ويقصر في الفرائض أو تشغله عن الفرائض فإنه يكون مغروراً؛ لأنه ترك ما هو واجب عليه، وما هو مطلوب منه حتماً إلى ما ليس بمطلوب منه حتماً، وإنما هو مطلوب منه على سبيل الاستحباب، ثم يمكنه أن يقضيه لو اشتغل بالفرض كما هو مطلوب منه.الحاصل: أن الرسول صلى الله عليه وسلم أنكر عليه، وقال: (أتصلي الصبح أربعاً؟)، وذلك لأنه في وقت الصلاة صلى النافلة ثم دخل مع الناس في الفريضة، فيكون في ذلك الوقت الذي الناس يصلون الفريضة فيه ركعتين، يكون قد صلاها ركعتين نافلة، ثم لحق بالإمام وصلى معه الفريضة، فهذا استفهام إنكار يدل على أن مثل ذلك العمل لا يجوز، لكن كان أنه إذا كان الدخول في الصلاة قبل الإقامة، فإن كان في أول الصلاة فإنه يقطعها ويدخل في الصلاة مع الإمام، وإن كان في آخر النافلة فإنه يتمها خفيفة ويدخل مع الإمام، ولا يفوته بذلك شيء.
تراجم رجال إسناد حديث عبد الله بن بحينة فيمن صلى نافلة الصبح والمؤذن يقيم
قوله: [أخبرنا قتيبة ].قتيبة، هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، ثقة، ثبت، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، واسمه من الأسماء المفردة، التي ليس له مشارك فيها، وهذا يسمونه الأسماء المفردة، يعني: التي يقل التسمية فيها، أو تكون التسمية فيها نادر؛ لأنه ليس في رجال الكتب الستة، من يسمى قتيبة إلا هو، فهو من الأسماء المفردة؛ لأن هناك أسماء يكثر التسمية بها، وأسماء يندر التسمية بها، بل قد يكو واحداً، أو لا يعرف بها إلا شخص واحد مثلاً، ورجال الكتب الستة ليس فيهم من يسمى قتيبة إلا قتيبة بن سعيد هذا.[حدثنا أبو عوانة ].وهو الوضاح بن عبد الله اليشكري، وهو ثقة، ثبت، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور بكنيته أبو عوانة، وهناك أبو عوانة متأخر، صاحب المستخرج على صحيح مسلم الذي يقال لكتابه: مسند أبي عوانة، ويقال له: صحيح أبي عوانة، ويقال له: مستخرج أبي عوانة، فذاك متأخر عن هذا، وهذا متقدم؛ لأن هذا يروي عنه النسائي بواسطة، وأما ذاك فله مستخرج على صحيح مسلم، فهو يروي أحاديث مسلم بأسانيد لا يمر فيها على مسلم، وإنما يلتقي فيها مع مسلم في شيخه أو شيخ شيخه أو من فوق ذلك، وهذا هو معنى المستخرج.[عن سعد بن إبراهيم ].وهو سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن حفص بن عاصم ].وهو حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن ابن بحينة ].ابن بحينة، وهو عبد الله بن مالك بن القشيب، مشهور بـابن بحينة، وهو صحابي، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
فيمن يصلي ركعتي الفجر والإمام في الصلاة

شرح حديث عبد الله بن سرجس فيمن صلى ركعتي الفجر والإمام في الصلاة
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ فيمن يصلي ركعتي الفجر والإمام في الصلاة.أخبرنا يحيى بن حبيب بن عربي حدثنا حماد حدثنا عاصم عن عبد الله بن سرجس رضي الله عنه قال: (جاء رجل ورسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الصبح، فركع الركعتين ثم دخل، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته قال: يا فلان، أيهما صلاتك: التي صليت معنا، أو التي صليت لنفسك؟) ].أورد النسائي هذه الترجمة وهي: فيمن يصلي ركعتي الفجر والإمام في الصلاة، يعني: أنه يدخل في ركعتي الفجر، والإمام داخل في صلاة الفجر المفروضة.وقد أورد النسائي حديث عبد الله بن سرجس رضي الله تعالى عنه: أن رجلاً دخل فصلى الركعتين، أي: ركعتي الفجر، و(أل) هنا للعهد الذهني، وهما: ركعتا الفجر، السنة المؤكدة المستحبة قبل الفجر، فصلاهما ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة، يعني أنه صلى الركعتين، ثم دخل مع الرسول صلى الله عليه وسلم وصلى الركعتين معه؛ لأن صلاة الفجر تطول فيها القراءة، لا سيما في الركعة الأولى، فيدخل الداخل ويصلي ركعتين، ثم يدخل مع الرسول صلى الله عليه وسلم فيصلي، فيكون صلى الفريضة بركعتيها، وصلى الركعتين وحده، يعني في وقت صلاة الإمام، لكن هذا غير سائغ؛ لأن الأحاديث التي مرت، تدل على منعه، حيث قال: (إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة)، وكذلك هنا جاء في هذا الحديث لما صلى الرجل قال له:(أيهما صلاتك التي صليتها وحدك أو التي صليتها معنا؟)؛لأن الإنسان صلى في وقت إقامة الصلاة ركعتين وحده بعدما دخل الناس في الصلاة، ثم صلى ركعتين مع الإمام، وقد فاته جزء كبير من الركعة الأولى، وهو متشاغل بالركعتين التي هي ركعتا الفجر.لذا قال له: أيهما صلاتك؟ الركعتان اللتان صليتهما وحدك أو اللتان صليتهما معنا؟ وذلك أن الإنسان جاء من بيته يريد الصلاة التي هي الصلاة المكتوبة، فكونه يأتي والإمام يصلي ثم يدخل في شيء ليس هو المقصود من الإتيان فذاك خلاف المقصود، بل النافلة يمكن أن تصلى في البيت وصلاتها في البيت أفضل، فإذا جاء الإنسان في قرب الصلاة أو قرب إقامة الصلاة فأن يصليها في البيت أفضل، لكن إذا جاء قبل الفجر، وأذن لصلاة الفجر وهو في المسجد، فإنه يصلي الركعتين في المسجد، لكن أن يتأخر ثم يجد الإمام يصلي ثم يتشاغل بالركعتين، وقد جاء لصلاة الصبح، فيكون قد اشتغل بنافلة كان أداؤها في البيت أفضل، وترك أو تشاغل عن المكتوبة التي جاء من أجلها، والتي نودي لها بحي على الصلاة حي على الفلاح، ثم بعد ذلك تشاغل عن هذه الصلاة المكتوبة بصلاة نافلة كان أداؤها في البيت أفضل لو أداها قبل أن يأتي، وأيضاً فإنه لا يفوت قضاؤها، بل قضاؤها ممكن بعد صلاة الصبح، إذا فرغ الإنسان من صلاة الصبح فإنه يؤديها، فهذا إنكار عليه، وعتب ولوم يدل على أنه فعل أمراً غير سائغ، وأن الصلاة التي جاء من أجلها، وهي المقصودة في مجيئه وإتيانه، قد تشاغل عنها بنافلة كان إتيانه بها في البيت أولى، وإذا لم يأت بها فيمكنه أن يأتي بها بعد الصلاة كما جاءت بذلك السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
تراجم رجال إسناد حديث عبدالله بن سرجس فيمن صلى ركعتي الفجر والإمام في الصلاة
قوله: [أخبرنا يحيى بن حبيب ].هو يحيى بن حبيب بن عربي البصري، وهو ثقة، خرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.[حدثنا حماد ].و حماد، هو ابن زيد، وحماد هنا مهمل غير منسوب، يحتمل ابن زيد، ويحتمل ابن سلمة، وهما في طبقة واحدة، وفي بلد واحد، فهما من أهل البصرة، لكن في ترجمة يحيى بن حبيب بن عربي، ما ذكر في شيوخه ابن سلمة، بل ذكر في شيوخه حماد بن زيد ؛ لأن المزي في تهذيب الكمال، لما ذكر شيوخ يحيى بن حبيب بن عربي، لم يذكر فيهم ابن سلمة، وإنما ذكر حماد بن زيد، إذاً هذا المهمل هو حماد بن زيد، وهو حماد بن زيد بن درهم، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[حدثنا عاصم ].و عاصم، هو عاصم بن سليمان الأحول، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [عن عبد الله بن سرجس ]. و عبد الله بن سرجس، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة، وهذا الإسناد من رباعيات النسائي التي هي أعلى الأسانيد عنده؛ لأن فيه يحيى بن حبيب، وحماد بن زيد، وعاصم الأحول، وعبد الله بن سرجس، أربعة أشخاص، وهذا من أعلى الأسانيد عند النسائي ؛ لأن النسائي ليس عنده ثلاثيات، بل أقل عدد بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة أشخاص، وقد ذكرت مراراً وتكراراً أن أصحاب الكتب الستة ثلاثة منهم عندهم ثلاثيات، وثلاثة ليس عندهم شيء أعلى من الرباعيات، فليس عندهم ثلاثيات، فالذين عندهم الثلاثيات: البخاري، عنده اثنان وعشرون حديثاً ثلاثياً، والترمذي عنده حديث واحد ثلاثي، وابن ماجه عنده خمسة أحاديث ثلاثية، وكلها بإسناد واحد، يعني رجال هذه الثلاثيات من الأول إلى الآخر هم جماعة واحدة، يعني لا يأتي في إسناد شخص وفي إسناد شخص آخر، بل كل الخمسة إسنادها واحد، وإن كانت موضوعاتها مختلفة، فليست حديثاً واحداً، وإنما هي أحاديث لكن جاءت بإسناد واحد، أما مسلم، وأبو داود، والنسائي، فأعلى ما عندهم الرباعيات.
المنفرد خلف الصف

شرح حديث أنس: (صليت ويتيم لنا خلف رسول الله، وصلت أم سليم خلفنا)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ المنفرد خلف الصف.أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن حدثنا سفيان حدثني إسحاق بن عبد الله سمعت أنساً رضي الله عنه قال: (أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتنا، فصليت أنا ويتيم لنا خلفه، وصلت أم سليم خلفنا) ].أورد النسائي باب المنفرد خلف الصف، وأورد فيه حديث أنس بن مالك رضي الله عنه الذي سبق أن مر وتعلق بالإمامة بالجماعة، وهنا أورده من أجل الانفراد خلف الصف، والمراد بذلك: المرأة التي صلت وراءهم، وهي أم سليم؛ لأنها منفردة خلف الصف، فالمرأة لها أن تصلي وحدها، يعني خلف الصفوف، بل لو كانت وراء إمام، وليس هناك رجال، فإنها تصلي وراء الرجل، وتكون صفاً وحدها، ولا تصف بجوار الإمام؛ لأن الإمام إذا كان يصلي معه رجل عن يمينه، فإذا صلت معه امرأة فتكون صفاً وراءه.فالحديث هنا يعني يقول أنس: إن النبي صلى الله عليه وسلم زارهم في بيتهم، وأن أنساً ويتيماً صلوا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعني: صفاً، وأم سليم وراءهم في صف، فهي منفردة خلف الصف، فانفراد المرأة خلف الصف، وكونها تصف وحدها، ذلك سائغ، إذا لم يكن معها نساء أخريات يصلين معها، فتصف وحدها، ولا تصف مع الرجال، بل ولا تصف بجوار الإمام، فلو صلى رجل هو وزوجته فلا تصلي بجواره، وإنما تكون صفاً وراءه؛ لأن أم سليم لما صلت وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم وابنها واليتيم صلت وراءهم وحدها، فدل ذلك على: أن كون المرأة تصلي وحدها خلف الصف، أن ذلك سائغ، بل هو متعين إذا لم يكن معها نساء؛ لأنها لا تصاف الرجال، فإن كان معها نساء صف بعضهن مع بعض، وكن صفاً مستقلاً، وإن كانت واحدة فإنها تكون صفاً وحدها، ولا تصاف الرجال في صفوفهم، ولا تصاف الإمام بأن تكون بجواره عن يمينه كما هو الحال بالنسبة للرجال.الحديث مطابق للترجمة، من جهة أن فيه منفرداً خلف الصف، وهي المرأة التي صلت، وأما بالنسبة للرجال فإن الإنسان ليس له أن ينفرد خلف الصف مع القدرة على أن يصلي مع الصف إلا إذا كان مضطراً ولم يكن هناك مجال، بل إما أن يصلي جماعةً وحده وراء الصف أو تفوته الصلاة، فإنه في هذه الحالة يصلي، أما إذا كان مقصراً والصف موجود في طرفه مكان ثم صلى وحده فإن عمله غير صحيح، ويجب عليه أن يعيد صلاته؛ لأنه جاء في الحديث: (أنه رأى رجلاً صلى وحده فأمره بالإعادة)، هذا بالنسبة للرجال، أما بالنسبة للنساء، فقد عرفنا الحديث الدال على أن المرأة تصف وحدها إذا لم يكن معها نساء.

يتبع

ابوالوليد المسلم 03-06-2021 04:43 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
تراجم رجال إسناد حديث أنس: (صليت ويتيم لنا خلف رسول الله، وصلت أم سليم خلفنا)
قوله: [أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن ].عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن، هو ابن المسور بن مخرمة الزهري، وهو صدوق، خرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.[ حدثنا سفيان ].سفيان، وهو ابن عيينة المكي، وهو ثقة، ثبت، حجة، حديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.[ حدثني إسحاق بن عبد الله ].هو إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة المدني، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.وأنس هو عمه أخو أبيه لأمه؛ لأن عبد الله بن أبي طلحة، أخو أنس بن مالك لأمه، وأم سليم هي جدة إسحاق، وهي أم عبد الله بن أبي طلحة، وأنس بن مالك، فهما ابنا أم سليم.وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة الذي هو إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة.[ عن أنس بن مالك ].وهو صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخادمه وأحد السبعة المكثرين من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا الإسناد رباعي من أعلى الأسانيد عند النسائي ؛ لأن فيه عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة الزهري، يروي عن سفيان بن عيينة، وسفيان يروي عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، وإسحاق يروي عن أنس، فهم أربعة بين النسائي وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو كما ذكرت في الإسناد المتقدم من أعلى الأسانيد عند النسائي التي هي الرباعيات.

شرح حديث ابن عباس في سبب نزول قوله تعالى: (ولقد علمنا المستقدمين منكم...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا قتيبة حدثنا نوح يعني: ابن قيس عن ابن مالك وهو عمرو عن أبي الجوزاء عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (كانت امرأةٌ تصلي خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم حسناء من أحسن الناس، قال: فكان بعض القوم يتقدم في الصف الأول لئلا يراها، ويستأخر بعضهم حتى يكون في الصف المؤخر، فإذا ركع نظر من تحت إبطه، فأنزل الله عز وجل: وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ [الحجر:24])].أورد النسائي حديث عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما، وهو ليس واضح الدلالة على الترجمة؛ لأنه ليس فيه دلالة على انفراد خلف الصف، وإنما فيه أن بعضهم كان في الصف الأول، وبعضهم في الصف المؤخر، لكن ليس واضحاً بأنه يكون وحده، وإنما يعني أنه يكون في الصف المؤخر الذي هو شر الصفوف، كما جاء في الحديث المتقدم الذي رواه مسلم في صحيحه والنسائي وغيره: (خير صفوف الرجال أولها، وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها، وشرها أولها)، فيكون شر صفوف الرجال قريباً من شر صفوف النساء، وهذا الذي جاء في هذا الحديث يعتبر مثالاً من الأمثلة التي تبين شر الصفوف بالنسبة للرجال والنساء؛ لأن آخر صفوف الرجال الذي هو قريب من النساء هو شر صفوفهم، وأول صفوف النساء الذي هو قريب من الرجال هو شر صفوفهن، وكلما كان الرجال بعيدين عن النساء والنساء بعيدات عن الرجال كان ذلك أفضل، فالرجال يتقدمون للصفوف الأول، الأول فالذي يليه، والنساء إذا صرن في الصف المؤخر فإنهن يصرن في خير الصفوف، وإذا صرن في المقدم صرن في شر صفوفهن، وهذا كما هو معلوم إذا كان معهن رجال، وأما إذا كان النساء يصلين وحدهن، فصفهن الأول هو خير صفوفهن، لكن الوصف بالشر فيما إذا كن مع الرجال، فأول صفوفهن هو شرها، وآخر صفوف الرجال هو شرها.وقد أورد النسائي حديث عبد الله بن عباس: أن امرأةً كانت تصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، في المسجد وكانت حسناء، وكان بعض القوم يأتي ويصلي في أول الصفوف، فيكون بعيداً عن النساء، وبعضهم يصلي في الصف المؤخر، فإذا ركع نظر من تحت إبطه، وهذا الحديث استنكره بعض العلماء كـابن كثير في تفسيره في سورة الحجر، وبعضهم صححه وقال: إنه يحمل على أن هذا من بعض المنافقين، أو من بعض الجهلة من الأعراب الذين يحصل منهم مثل ذلك الشيء، فأنزل الله عز وجل: وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ [الحجر:24]، والمعروف والمشهور في هذه الآية أن المقصود بذلك الخليقة أولهم وآخرهم، فالله تعالى يعلم من تقدم ومن تأخر، وكذلك من يكون متقدماً في الصف ومن يكون متأخراً، فالحديث فيه تقدم وفيه تأخر، لكن الآية تعني السابق واللاحق، فتدل على شمول علم الله عز وجل لأول الخليقة وآخرها، وأن الله تعالى عالم بكل شيء، وأنه لا يخفى عليه خافية، وأن الله تعالى يحصر الجميع الذين هم الأولون والآخرون ويحاسبهم، وكما قال الله عز جل: إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ [الغاشية:25-26].
تراجم رجال إسناد حديث ابن عباس في سبب نزول قوله تعالى: (ولقد علمنا المستقدمين منكم...)
قوله: [أخبرنا قتيبة ].قتيبة، وقد مر ذكره.[حدثنا نوح ].نوح، وهو ابن قيس .[ ابن مالك ].وهو عمرو، وهو النكري، وهو صدوق له أوهام، خرج حديثه البخاري في خلق أفعال العباد، وأصحاب السنن الأربعة.[عن أبي الجوزاء ].أبو الجوزاء، وهو أوس بن عبد الله الربعي، وهو ثقة، يرسل كثيراً، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور بكنيته أبو الجوزاء . [عن ابن عباس ].ابن عباس وهو عبد الله بن عباس، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة في الصحابة، وأحد السبعة المكثرين من رواية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الأسئلة

صلاة النافلة على الراحلة خاص بالسفر
السؤال: أحياناً تقام الصلاة في المسجد الذي بجوارنا وأنا أريد الصلاة في الحرم، فهل لي أن أؤدي السنة وأنا أسير بالسيارة إلى الحرم؟الجواب: لا، لا يصلي الإنسان النافلة وهو يمشي في السيارة أبداً، وإنما تجوز صلاة النافلة على الدابة في حال الركوب في السفر، وليس في الحضر؛ لأن السفر لو توقف الإنسان ليتنفل سيمضي عليه الوقت وهو ما مشى، فيجمع بين السير، وقطع الطريق والمسافة والصلاة، والنوافل المطلقة هي التي يصليها، وكذلك النوافل الأخرى، وإنما الفريضة هي التي يجب عليه أن ينزل ويصليها، وأما النوافل فإنه يصليها وهو على دابته، وهذا في السفر، أما في حال الحضر فلا يتنفل الإنسان وهو راكب؛ لأنه يمكنه أن يتنفل وهو يركع ويسجد ويستقبل القبلة.
من كان يصلي فريضة فائتة وأقيمت فريضة حاضرة فلا يقطعها
السؤال: إذا كان الرجل يقضي فريضة الظهر، وأثناء صلاته أقيمت صلاة العصر، فهل يقطعها؟ الجواب: لا، لا يقطعها، فالإنسان الذي عليه فريضة الظهر مثلاً جاء وهو مسافر، وجاء وقت العصر، ودخل في صلاة الظهر؛ لأن الظهر تقدم على العصر، فدخل في الظهر، ثم أقيمت صلاة العصر وهو في الصلاة، فيكملها؛ لأنه مشتغل بفريضة، فتتقدم تلك الفريضة التي أقيمت، فإذا فرغ من صلاته التي دخل فيها وهي فرض الظهر دخل مع الإمام وصلى ما أمكنه، فإن أدرك الصلاة كلها أدركها، وإن فاته شيء منها قضاه، لكن لا يقطع الفريضة من أجل أن يصلي فريضة، ثم أيضاً لو قطعها فسيدخل مع الإمام على نية أنها الظهر، وليس له أن يصلي العصر قبل الظهر، ولو جاء والصلاة تقام وهو لم يصل فلا يدخل في الصلاة، بل يدخل مع الإمام الذي يصلي العصر بنية الظهر، وإذا فرغ من صلاة الظهر مع الإمام الذي يصلي العصر، صلى العصر وحده.
التهجير عام لجميع الصلوات
السؤال: مر بنا حديث أبي هريرة في فضل التهجير إلى الصلاة، فهل هذا خاص بصلاة الجمعة أم عام؟الجواب: بل هو عام في جميع الصلوات، وليس خاصاً بصلاة الجمعة.

هل تقطع النافلة لإدراك الفريضة بسلام أو بدون سلام؟

السؤال: إذا أقيمت الصلاة وكان الرجل يتنفل في أول نافلته، فهل يقطعها بالتسليم أو بدون تسليم؟الجواب: الذي أفهمه أنه يقطعها بدون تسليم، لكن جاء في صحيح مسلم في قصة الرجل الذي صلى خلف معاذ، وأطال الصلاة، وكان يشتغل في النضح طول النهار، وأنه جاء وقد أتعب، ودخل معه وقد قرأ بالبقرة، فطول في صلاته فانقطع، جاء في بعض الروايات: أنه سلم، ولكن أكثر الرواة الذين رووا الحديث ما ذكروا السلام، وإنما ذكروا أنه انفصل عن إمامه وأنه أكمل صلاته.
من صلى الفريضة ثم وجد الجماعة مقامة ودخل معهم بنية النافلة فليقضِ ما فاته
السؤال: من صلى الفريضة ثم جاء إلى المسجد ووجد الصلاة مقامة فدخل معهم لتكون له نافلة وفاتته ركعة، فهل يقضيها بعد سلام الإمام؟الجواب: نعم، إذا دخل مع الإمام، وهو متنفل أو مسافر فرضه ركعتان فإنه يتم، وإذا فاته شيء من الصلاة يقضيه، بل لو دخل مع الإمام قبل أن يسلم، فعليه أن يقوم ويصلي أربعاً، حتى المسافر إذا دخل مع الإمام قبل أن يسلم قام وقضى أربعاً؛ لأنه إذا صلى صلاة المقيم وصلى وراء إمام مقيم فإنه يصلي أربعاً، ولا يقصر الصلاة، وليس له أن يصلي ركعتين ويجلس، أو ركعتين ويسلم، بل يصلي صلاة الإمام، ولو جاء في آخرها فعليه بعدما يقوم أن يؤدي الصلاة كاملة، فيصليها أربعاً.
هل تصلى نافلة الفجر في البيت وقد أقيمت الصلاة؟
السؤال: إذا كان الرجل في بيته وسمع إقامة صلاة الصبح، فهل له أن يصلي سنة الفجر ثم يذهب إلى المسجد؟ الجواب: لا، ليس له ذلك، بل إذا سمع الإقامة فعليه أن يبادر إلى الصلاة ليصلي الفرض، ولا يتشاغل بالنفل، ولو كان في بيته، فما دام أنه سمع الإقامة قبل أن يدخل في الصلاة فعليه أن يبادر.مداخلة: جاء في رواية لحديث أبي هريرة : (فلا صلاة إلا التي أقيمت)، فهل هذه الرواية صحيحة؟الشيخ: لا أدري.
هل ينكر على من يصلي النافلة بعد إقامة الصلاة؟
السؤال: نرى بعض الناس يصلون سنة الفجر والإمام يصلي، وبعضهم يبدأ في السنة بعد دخول الإمام بالصلاة، وهل يجب علينا إنكار ذلك؟الجواب: نعم، الإنسان ينكر هذا الشيء؛ لأن هذا خلاف السنة، والرسول أنكر على من فعل هذا، ولكنه يرشد إلى السنة، وأن قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة)، يدل على منع هذا، وقد جاءت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن الإنسان يصلي النافلة قضاءً بعد أداء الفريضة.
حديث ابن عباس في سبب نزول قوله تعالى: (ولقد علمنا المستقدمين منكم...) يدل على أن المرأة كانت كاشفة وجهها
السؤال: حديث ابن عباس الأخير، أليس فيه أن تلك المرأة كانت كاشفة لوجهها؟الجواب: بلى، يدل عليه؛ لكن يمكن أن يكون هذا قبل فرض الحجاب.
حكم الأدوية التي قد يكون فيها شيء ضئيل من الكحول
السؤال: ما حكم الأدوية والعقاقير التي تعطى للمرضى في هذا الزمان، مع احتمال وجود بعض المحرم في تركيبها؟الجواب: العقاقير والأدوية التي تعطى للناس جائزة، ولو كان فيها شيء ضئيل جداً من الكحول، فذلك لا يؤثر.
حكم تمريض المرأة الرجال
السؤال: ما حكم تمريض المرأة للرجال كما هو الحال الآن في المستشفيات مع سفورهن وملامستهن للمرضى؟الجواب: هذا غير جائز، وإنما النساء يمرضن النساء، والرجال يمرضون الرجال، هذا هو الواجب.
من لم يقل في سجوده سبحان ربي الأعلى يسجد للسهو
السؤال: هل على من قال: سبحان ربي العظيم في السجود ناسياً أن يسجد للسهو؟الجواب: ما يسجد للسهو؛ لأن هذا تعظيم لله عز وجل، ولكنه يأتي بسبحان ربي الأعلى التي هي مطلوبة في السجود، لكن إذا كان ما أتى بسبحان ربي الأعلى فإنه يسجد للسهو.
جمع أدعية الاستفتاح في صلاة واحدة
السؤال: وردت عدة أدعية استفتاح غير هذه الأدعية المعروفة ذكرها صاحب زاد المعاد، فهل يجوز الاستفتاح بجميعها؟الجواب: كل ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أدعية الاستفتاح، فللإنسان أن يأتي به، لكن النبي لم يجمعها، فلا يؤتى بها في صلاة واحدة مجموعة، فيقرأ أدعية الاستفتاح المتنوعة المتعددة جميعها، وإنما إذا صلى فليصل صلاة بهذا الاستفتاح، وصلاة أخرى بهذا، وأتى بما ثبت، يعني كل دعاء على حدة في صلاة، هذا سائغ لا بأس به، وإنما الذي لا يسوغ أن الإنسان يأتي بأدعية الاستفتاح ويجمعها، ويأتي بها في صلاة واحدة، كل ما ثبت به الاستفتاح يأتي به جميعاً، الرسول ما أتى بها جميعاً، أتى بهذا في صلاة، وأتى بهذا في صلاة، وأتى بهذا في صلاة، فيمكن أن تؤدى أو يكون أداؤها بهذه الطريقة، التي هي كل استفتاح يؤتى به في صلاة.
صفة زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم
السؤال: ما هي صفة زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم؟الجواب: الزائر عندما يزور قبر الرسول صلى الله عليه وسلم يقف تجاه القبر مستقبلاً القبر مستدبراً القبلة، ويسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقول: السلام عليكم يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، وإذا قال: صلى الله وسلم وبارك عليك، وجزاك أفضل ما جزى نبي عن أمته فلا بأس بذلك؛ لأن هذا دعاء للرسول صلى الله عليه وسلم.
الكلام مع الرجل وهو يصلي
السؤال: هل يؤخذ من حديث ابن بحينة جواز التحدث مع المصلي وهو في صلاته؟الجواب: ما فيه تحدث مع مصل وهو في صلاته، من أين يدل حديث ابن بحينة على ذلك؟ الملقي: أنا لا أدري.الشيخ: الرسول ما قال: تصلي الصبح أربعاً وهو في الصلاة.
أين موقف الصبي الذي لم يبلغ الحلم من الإمام؟
السؤال: إذا كان الإمام يصلي ومعه مأموم وصبي لم يبلغ الحلم، فهل يصفان خلف الإمام؟الجواب: نعم، يصليان خلف الإمام، مثل أنس واليتيم الذي معه، واليتيم هو الذي لم يبلغ الحلم؛ لأنه لا يتم بعد احتلام، فالصبي يكون صفاً مع البالغ ولا يكونون بجوار الإمام، وإنما يكونون وراءه.
من صلى سنة الفجر بعد الإقامة فلا قضاء عليه
السؤال: إذا صلى الرجل سنة الفجر في المسجد والإمام يصلي الصبح، فهل يعيد صلاة سنة الفجر؟الجواب: لا، ما يعيدها، لكنه فعل أمراً لا يسوغ.
لماذا لا يوجد لمسلم ثلاثيات مع تقدمه على ابن ماجه؟
السؤال: ابن ماجه متأخر كثيراً عن مسلم، فكيف وقعت له ثلاثيات ولم تقع لـمسلم رحمهما الله؟الجواب: ما يعني قضية التقدم والتأخر؛ لأن الإمام مسلماً رحمه الله أورد هذه الأحاديث التي في صحيحه، والتي اختارها لإيرادها في الصحيح، وأعلى ما فيها الرباعيات، فهو ما قصد أن يجمع كل حديث صحيح أو غير صحيح، أما ابن ماجه فالأحاديث هذه الخمسة التي عنده الإسناد فيها ضعيف؛ لأن الرجال الذين فيها فيهم ضعف، فليست القضية أن هذا تأخر وهذا تقدم، ولكن ابن ماجه روى بإسناد ضعيف، فله ثلاثيات ولكنها بإسناد ضعيف.
دلالة الأحاديث على التراجم
السؤال: مر بنا في هذا الكتاب كثير من الأحاديث التي لا تكون دالة على ما ترجم لها، فما الداعي لذلك؟ وما تعليله؟الجواب: ما أدري ما وجه ذلك. هل هو وهم أو أنه خفي؟ فيمكن أن يكون وهماً، يعني كونه يطابق الترجمة، ويمكن أن يكون خفياً، يعني يمكن مثلاً في باب المنفرد خلف الصف أنه يعني وحده فيكون في الصف المؤخر وحده، ويمكن أن يكون مع غيره، لكنه ليس واضحاً بأنه يكون وحده.
بعض شروح النسائي
السؤال: أرجو أن تدلنا على بعض الشروح على سنن النسائي؟الجواب: كما هو معلوم في كتاب النسائي لم يحصل له العناية بشرحه، كما حصل لـأبي داود، وكما حصل للترمذي، فما نعلم أن كتب المتقدمين اعتنت بشرح النسائي، والمشهور هو هذه الحاشية للسيوطي وللسندي، فهاتان الحاشيتان هما المشهورتان، وما نعلم شروحاً وافية، لكن في المتأخرين أو المعاصرين من بدأ بشرحه، مثل الشيخ محمد المختار رحمه الله، فإنه شرح جزءاً قليلاً من سنن النسائي، وكذلك أيضاً أبو إسحاق الحويني من مصر بدأ بشرحه، فليس هناك شروح نقول: إنها موجودة ووافية والكتاب كامل، ما نعلم بهذا.
ما صحة أن من صلى أربعين صلاة في المسجد النبوي أنه يحجب جسمه عن النار
السؤال: الذي يصلي أربعين صلاة في هذا المسجد، هل يحجب جسمه عن النار؟الجواب: ما نعلم شيئاً يدل على أن من صلى في هذا المسجد أربعين صلاة أنه ينجو من النار، الذي ثبت أن الصلاة بألف صلاة، والحديث الذي ورد أنه يكون له براءة من النفاق وكذا هو حديث ضعيف.
أفضل صفوف النساء آخرها ولو كان هناك حاجز
السؤال: إذا كان بين الرجال والنساء حاجز، فهل الأفضلية بالنسبة للنساء الصف الأول أو الآخر؟الجواب: حرص النساء على الصف المؤخر هو الذي ينبغي، حتى ولو كان هناك حاجز؛ لأن حصول الأصوات وحصول الكلام إذا تكلمن يوجب سماع الرجال لأصواتهن، فكلما ابتعدن كان أفضل، سواءً كن بحاجز أو بغير حاجز، اللهم إلا إذا كان الحاجز لا يحصل معه سماع الصوت، وتتقدم والحاجز موجود، ولا يحصل منها كلام بحيث يسمعها الناس، فإن ذلك كما هو معلوم مخرج صحيح، لكن إذا لم يكن هناك حاجز، فالصف المؤخر لا شك هو الأفضل، وما دام أن الصوت موجود عن طريق المكبرات، فإن حرصهن على آخر الصفوف هو الأولى؛ لأن قوله: (خير صفوف النساء آخرهن)، عام فيما إذا صلين مع الرجال.
تكرار الكفارة على نفس الأشخاص
السؤال: إطعام عشرة مساكين في كفارة اليمين، هل يجوز تكرار الكفارة على نفس هؤلاء العشرة؟الجواب: الكفارة إن كان عليه يمين لم يحصل بر بها، فيكفر عنها بإطعام عشرة مساكين. أيش معنى تكرار الكفارة؟مداخلة: هل يجوز تكرار الكفارة على نفس هؤلاء العشرة؟ الشيخ: إذا كان هناك كفارتان فيجوز أن يطعم عشرة ثم يطعمهم مرةً ثانية عن يمين أخرى، إذا كان هذا هو السؤال. ويمكن أنه يعطي طعام يومين أو يطعم أهل بيت مثلاً خمسة يعطيهم طعام يومين؛ لأنه إطعام عشرة مساكين في يومين، وليس معناه أنه لازم أن يبحث عن عشرة مساكين بالضبط، بل يطعم عشرة مساكين، إما في يوم واحد يعطيهم جميعاً، أو يعطي مثلاً بيتاً مكوناً من خمسة طعام يومين؛ لأنه إطعام عشرة مساكين، يوم ويوم.


ابوالوليد المسلم 03-06-2021 04:44 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الإمامة
(163)


- (باب الركوع دون الصف) إلى (باب الصلاة قبل العصر)

إن من سماحة هذا الدين أن جاء ليدل المسلم على ما ينفعه، ومن ذلك الأمر بإحسان الصلاة، وعدم إتيانها سعياً، وإنما يأتي وعليه السكينة والوقار، كما دلت السنة على ما يتعلق بالسنن الرواتب لصلاتي الظهر والعصر.
الركوع دون الصف

شرح حديث أبي بكرة: (أنه دخل المسجد والنبي راكع فركع دون الصف...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [الركوع دون الصف.أخبرنا حميد بن مسعدة عن يزيد بن زريع حدثنا سعيد عن زياد الأعلم حدثنا الحسن : أن أبا بكرة رضي الله عنه حدثه: (أنه دخل المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم راكع، فركع دون الصف، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: زادك الله حرصاً ولا تعد)]. يقول النسائي رحمه الله: الركوع دون الصف، أي: ليدرك الركعة قبل أن يصل إلى الصف فيركع وحده، ثم بعد ذلك يدب ويقف في الصف وهو راكع، وقد أورد النسائي فيه حديث أبي بكرة رضي الله عنه: أنه ركع دون الصف، ثم دخل فيه، ولما سلم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال لـأبي بكرة : (زادك الله حرصاً ولا تعد)، يعني: لا تعد إلى مثل هذا العمل، الذي هو الركوع دون الصف، وإنما الذي يأتي إلى الصلاة يمشي وعليه السكينة والوقار، فإذا وصل في الصف ودخل في الصلاة وكبر تكبيرة الإحرام ثم ركع واستقر راكعاً قبل أن يرفع الإمام رأسه من الركوع فإنه يكون مدركاً للركعة بذلك، وإذا لم يتمكن من الوصول إلى الصف إلا بعدما يرفع الإمام فإنه يدخل في الصلاة ويوافق الإمام في بقية الركعة، وإذا قام يقضي ما فاته فلا يعتد بالركعة التي لم يدرك ركوعها، فالرسول صلى الله عليه وسلم لما فعل أبو بكرة رضي الله عنه هذا العمل، الذي هو ركوعه دون الصف ثم دخوله في الصف قال له صلى الله عليه وسلم: (زادك الله حرصاً)؛ لأن الذي حمله على هذا هو الحرص على إدراك الجماعة، وإدراك فضل الجماعة، والرسول صلى الله عليه وسلم دعا له بأن يزيده الله حرصاً، ولكنه أرشده إلى عدم العود، وأن الحرص ينبغي أن يكون على وفق ما هو مشروع، وعلى الوجه المشروع، فلا يحصل من الإنسان الحرص ولكن يحصل منه مخالفة أو فعل شيء غير مشروع، وإنما يكون الحرص في حدود المشروع، وعلى ما هو مشروع، ويكون الإنسان يقدم إلى صلاة الجماعة يمشي، وعليه السكينة والوقار، فما أدرك صلى وما فاته أتم، كما جاء ذلك مبيناً في الحديث الآخر، عن رسول الله عليه الصلاة والسلام: (فامشوا وعليكم السكينة والوقار، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا)، والحديث الذي مر بنا: (إذا أتيتم الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون، وأتوها وأنتم تمشون، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فاقضوا)، أي: أن عمل أبي بكرة رضي الله عنه نهاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العود إليه، فدل ذلك على أنه غير سائغ، وأن الإنسان لا يركع إلا إذا وصل في الصف وكان في الصف، فعند ذلك يركع، فإذا استقر راكعاً والإمام لم يرفع رأسه من الركوع يكون قد أدرك الركعة بإدراكه الركوع مع الإمام، وإذا فاته إدراك الركوع تكون قد فاتته الركعة، لكنه يدخل مع الإمام ويقضي ما فاته بعد ذلك.
تراجم رجال إسناد حديث أبي بكرة: (أنه دخل المسجد والنبي راكع فركع دون الصف...)
قوله: [أخبرنا حميد بن مسعدة].وهو حميد بن مسعدة البصري، صدوق، خرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة. [عن يزيد بن زريع].وهو يزيد بن زريع البصري، ثقة، ثبت، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [حدثنا سعيد].وهو ابن أبي عروبة، ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [عن زياد الأعلم].وهو زياد بن حسان بن قرة الأعلم، المعروف بـالأعلم، وهو ثقة، خرج حديثه البخاري، وأبو داود، والنسائي. [حدثنا الحسن].وهو ابن أبي الحسن البصري، المحدث، الفقيه، المشهور، وهو: ثقة، يرسل، ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.[عن أبي بكرة].وهو أبو بكرة رضي الله تعالى عنه، نفيع بن الحارث، صحابي مشهور بكنيته أبي بكرة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث: (...ألا ينظر المصلي كيف يصلي لنفسه...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك حدثني أبو أسامة حدثني الوليد بن كثير عن سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: (صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً ثم انصرف، فقال: يا فلان! ألا تحسن صلاتك؟ ألا ينظر المصلي كيف يصلي لنفسه؟ إني أبصر من ورائي كما أبصر بين يدي)].أورد النسائي حديث أبي هريرة، وهو: أن النبي عليه الصلاة والسلام صلى بأصحابه فلما انصرف قال: [(يا فلان، ألا تحسن صلاتك؟ ألا ينظر أحدكم كيف يصلي لنفسه؟)]، والحديث جاء في صحيح مسلم، وفيه: (ألا ينظر كيف يصلي، فإنما يصلي لنفسه)، يعني: أن العاقل صلاته نفعها يعود عليه، فعليه أن يعنى بها وأن يأتي بها على الوجه المشروع، وألا يحصل منه إخلال بها؛ لأن فائدة ذلك ومنفعته تعود عليه، والعاقل هو الذي يفعل ما يعود عليه بالخير، ويحذر مما يعود عليه بالشر، أو يعود عليه بنقصٍ في صلاته التي يصليها ويرجو ثوابها برها ويرجو الجزاء عليها عند الله عز وجل.قال: [(فإني أراكم من ورائي كما أراكم بين يدي)]، الحديث ليس واضح الدلالة على الترجمة؛ لأن الترجمة هي الركوع خلف الصف، وهذا ليس فيه شيء يدل على الركوع خلف الصف، ولكنه يتعلق بتحسين الصلاة والعناية بها والإتيان بها على وجه الإحسان والإتقان وعدم الإخلال، هذا هو الذي يدل عليه الحديث، وفيه: أن الرسول عليه الصلاة والسلام يطلعه الله عز وجل فيرى من ورائه كما يرى من أمامه، ولهذا فقد رأى هذا الشخص الذي كان يصلي وراءه، والذي نبهه هذا التنبيه، وأرشده هذا الإرشاد؛ لأنه يرى من ورائه كما يرى من أمامه، وهذا من معجزاته وخصائصه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، وسبق أن مر بنا ما يدل على ذلك، وهنا جاء يتعلق بتحسين الصلاة.
تراجم رجال إسناد حديث: (... ألا ينظر المصلي كيف يصلي لنفسه...)
قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك].وهو محمد بن عبد الله بن المبارك، المخرمي، وهو ثقة، حافظ، خرج حديثه البخاري، وأبو داود، والنسائي.[حدثني أبو أسامة].وهو حماد بن أسامة، مشهور بكنيته أبو أسامة، وكنيته توافق اسم أبيه؛ لأن أباه أسامة، وكنيته أبو أسامة، وهذا النوع من أنواع علوم الحديث التي نبهت مراراً عليه، وهو: معرفة من وافقت كنيته اسم أبيه، وفائدة ذلك: دفع توهم التصحيف فيما لو قيل: حماد أبو أسامة بدل حماد بن أسامة، فمن لا يعرف يظن أن (أبو) مصحفة عن (ابن)، والذي يعرف يقول كل ذلك صواب، أي: إن قيل: حماد بن أسامة فهو حماد بن أسامة، وإن قيل: حماد أبو أسامة، فهو حماد أبو أسامة؛ لأن الكنية مطابقة لاسم الأب، وحماد أبو أسامة، ثقة، ثبت، ربما دلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [حدثني الوليد بن كثير].وهو الوليد بن كثير المخزومي، صدوق، خرج له أصحاب الكتب الستة. [عن سعيد بن أبي سعيد].وهو سعيد بن أبي سعيد المقبري، وأبوه اسمه كيسان، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [عن أبيه].وهو كيسان أبو سعيد المقبري، ثقة، ثبت، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن أبي هريرة]وهو أبو هريرة، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق، والذين عرفوا بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعة، أكثر هؤلاء السبعة أبو هريرة رضي الله عنه، والسبعة هم الذين ذكرهم السيوطي في الألفية في قوله: والمكثرون في رواية الأثرأبو هريرة يليه ابن عمروأنس والبحر كالخدريوجابر وزوجة النبيوالبحر هو ابن عباس .فـأبو هريرة رضي الله عنه هو أول هؤلاء السبعة، وهو أكثر هؤلاء السبعة حديثاً على الإطلاق رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وسبق أن ذكرت في دروس مضت سبب هذا الإكثار مع أنه متأخر في الإسلام؛ لأن إسلامه عام خيبر في السنة السابعة، ومع ذلك فهو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق، ولهذا بعض المضلين الحاقدين على الصحابة وعلى أهل السنة والجماعة يتكلمون في رواية أبي هريرة، ويقولون: إن أبا هريرة حديثه بالآلاف مع أنه متأخر الإسلام، والذين هم ملازمون لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مثل: الخلفاء الراشدين أحاديثهم دون ذلك بكثير، فهذا يدل على ماذا؟! يعني: يريدون أن يلمزوا، وأن يقدحوا، وأن يشككوا، ومن المعلوم: أن هناك أموراً هي السبب في هذه الكثرة، منها: دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم له بالحفظ، ومنها: أنه لازم الرسول صلى الله عليه وسلم منذ أسلم، فقد بين ذلك أن المهاجرين والأنصار يشتغلون بالأسواق والبيع والشراء والزروع والحرث، وأما هو يلازم رسول الله صلى الله عليه وسلم ويأكل مما يأكل، ثم أيضاً مما كان سبباً في كثرة حديثه: كونه بقي في المدينة وعاش بها وطالت مدته، ومعلوم أن المدينة يفد إليها الناس صادرين وواردين ويلتقون بأصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم فيأخذون منهم، ويتلقون عنهم، ثم الصحابة يأخذ بعضهم من بعض، ويروي بعضهم عن بعض، وإن كان ذلك الصحابي المتأخر إسلاماً لم يدرك هذا الذي يرويه عن رسول الله عليه الصلاة والسلام فإنه يكون أخذها عن الصحابة، ومراسيل الصحابة حجة، فهذه من أسباب كثرة حديثه مع تأخر إسلامه، ولا يقدح في روايته ولا يعاب على كثرة روايته، وإنما الذين يعيبون ذلك ويتكلمون في ذلك بعض أهل الزيغ، وبعض الفرق الضالة الذين في قلوبهم غل وحقد على الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم.
الصلاة بعد الظهر

شرح حديث: (أن النبي كان يصلي قبل الظهر ركعتين، وبعدها ركعتين...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [الصلاة بعد الظهر.أخبرنا قتيبة بن سعيد عن مالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبل الظهر ركعتين، وبعدها ركعتين، وكان يصلي بعد المغرب ركعتين في بيته، وبعد العشاء ركعتين، وكان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف فيصلي ركعتين)].أورد النسائي هذه الترجمة وهي: [الصلاة بعد الظهر]، يعني: النافلة الراتبة التي تكون بعد الظهر، والرواتب: الصلوات الراتبة التي هي متعلقة بالفرائض قبلها أو بعدها ثبت فيها اثنتا عشرة ركعة، جاء في حديث: عائشة اثنتا عشرة ركعة، وكذلك في حديث علي رضي الله تعالى عنه: (وأن قبل الظهر أربعاً)، وفي حديث ابن عمر أنها عشر، يعني: ثنتين قبل الظهر وثنتين بعدها، وحديث عائشة، هي أربعاً قبل الظهر وثنتين بعدها، ولا تنافي بين ما جاء في حديث الأربع والثنتين وأن ذلك يحصل منه أحياناً هذا، وأحياناً هذا، وجاء الحث على الإتيان بتلك الرواتب والترغيب فيها، وبيان فضلها عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.وحديث ابن عمر الذي ثبت عنه أنها عشر: ركعتان قبل الظهر، وركعتان بعدها، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، وركعتان قبل الفجر، والحديث الذي معنا هنا في هذه الرواية ذكر ثمان ركعات ولم يذكر الركعتين قبل الفجر، لكنها ثابتة عنه، أي: عن ابن عمر في بعض الأحاديث الصحيحة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنها عشر ركعات، وهنا فيه ذكر ثمان ركعات: ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، هذه ثمان، وليس فيه تعارض لذكر ركعتي الفجر، لكن جاء الحديث عنه من رواية أخرى صحيحة ثابتة، وفيها ذكر العشر وتفصيلها، وأن منها ركعتي الفجر، بل ركعتي الفجر هي آكد الرواتب، وآكد السنن، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يحافظ على شيء في الحضر والسفر مثل ما كان يحافظ على ركعتي الفجر والوتر، لكن هذه الرواية التي أوردها المصنف هنا هي من أجل ما بعد صلاة الظهر، وهي مشتملة على ما ترجم له المصنف.قوله: [(لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف ..)].يعني: يصلي في بيته، وجاء ما يدل على أنه يصلى أربع بعد الجمعة، فجاء أربع، وجاء ركعتان بعد الجمعة، لكن الذي جاء هنا من الرواتب هو ثمان، ومحل الشاهد منه: أن الصلاة بعد الظهر، أي: الراتبة، ركعتان.

يتبع

ابوالوليد المسلم 03-06-2021 04:45 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
تراجم رجال إسناد حديث: (أن النبي كان يصلي قبل الظهر ركعتين، وبعدها ركعتين...)
قوله: [أخبرنا قتيبة].وهو ابن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، ثقة، ثبتٌ، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [عن مالك].وهو مالك بن أنس إمام دار الهجرة، المحدث، الفقيه، الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة من مذاهب أهل السنة المشهورة، التي حصل لأصحابها أتباع عنوا بجمع أقوالهم، والتأليف فيها، والعناية بها، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.[عن نافع].وهو مولى ابن عمر، وهو ثقة، ثبت، حديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [عن عبد الله بن عمر] وهو صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، الذين هم: عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمرو، وعبد الله بن الزبير، وهم من صغار الصحابة، وأحد السبعة المكثرين من رواية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذين ذكرهم السيوطي في ألفيته، والذين أشرت إليهم آنفاً عند ذكر أبي هريرة رضي الله تعالى عنه. وهذا الإسناد من رباعيات النسائي، وهي أعلى الأسانيد عند النسائي؛ لأن النسائي بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة أشخاص: قتيبة، ومالك، ونافع، وابن عمر، ثم هذا الإسناد الذي هو مالك عن نافع عن ابن عمر، يعتبر أصح الأسانيد عند البخاري، إذاً: أصح الأسانيد عند البخاري هو: مالك عن نافع عن ابن عمر، ويسمى السلسلة الذهبية، أي: رجال هذه السلسلة هم في غاية الإتقان، وغاية الحفظ، ويروي بعضهم عن بعض، مالك عن نافع عن ابن عمر، فالإسناد رباعي، ورجاله جميعاً أخرج لهم أصحاب الكتب الستة.
الصلاة قبل العصر

شرح حديث علي في الصلاة قبل العصر
قال المصنف رحمه الله تعالى: [الصلاة قبل العصر وذكر اختلاف الناقلين عن أبي إسحاق في ذلك.أخبرنا إسماعيل بن مسعود حدثنا يزيد بن زريع حدثنا شعبة عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة : (قال: سألنا علياً عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ قال: أيكم يطيق ذلك؟ قلنا: إن لم نطقه سمعنا، قال: كان إذا كانت الشمس من ها هنا كهيئتها من ها هنا عند العصر صلى ركعتين، فإذا كانت من ها هنا كهيئتها من ها هنا عند الظهر صلى أربعاً، ويصلي قبل الظهر أربعاً وبعدها ثنتين، ويصلي قبل العصر أربعاً يفصل بين كل ركعتين بتسليم على الملائكة المقربين، والنبيين، ومن تبعهم من المؤمنين والمسلمين)].أورد النسائي: الصلاة قبل العصر، واختلاف الناقلين عن أبي إسحاق، والمراد من ذلك: السنة أو ما يستحب للإنسان أن يفعله قبل صلاة العصر، وهي ليست من الرواتب ولكنها من الأمور المستحبة، والرواتب هي: إما اثنتي عشرة ركعة كما في حديث عائشة، وإما عشر كما في حديث ابن عمر، وأما الركعات التي تكون قبل الصلوات، مثل: ما قبل العصر، وما قبل المغرب، وما قبل العشاء فإن ذلك مستحب، ولكنه ليس من الأشياء الراتبة التي يحرص الإنسان عليها ويداوم عليها ويكون فعلها دائماً وأبداً يحرص عليه، فلم يأت ذكر ركعات قبل العصر، أو قبل المغرب، أو قبل العشاء في الرواتب التي يداوم عليها، لكن جاء ما يدل على الصلاة بين كل أذان وإقامة الذي فيه راتبة، والذي ليس فيه راتبة، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: [(بين كل أذانين صلاة)]، يعني: بين الأذان والإقامة، يصلي الإنسان ما شاء من الصلوات، ركعتين، أو أكثر، وهذا شيء مستحب ولكنه ليس براتب، إلا أن السنن بعضها آكد من بعض، والسنن الرواتب العشر، أو الاثنتا عشر هي آكد من غيرها، فالعشر جاء فيها أحاديث تدل على ذلك، منها: هذا الحديث الذي أورده النسائي هنا، ويتعلق بصلاة العصر وأنه يصلي أربعاً، كما يشتمل على عدة صلوات، اشتمل على صلاة الضحى، وكذلك الصلاة عند ارتفاع الضحى عند ارتفاع الشمس، وكذلك قبل الظهر وبعدها، وقبل العصر، هذا الحديث اشتمل على هذه الأمور. فـعاصم بن ضمرة يقول: سألنا علياً عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في النهار؟ فقال: إنكم لا تطيقون ذلك، يعني: المداومة على هذا، والملازمة لذلك، قالوا: إن لم نطق سمعنا، وفي بعض الروايات: [(نفعل ما استطعنا)]، فعند ذلك بين لهم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في النهار، فقال: إذا كانت الشمس من هاهنا وأشار إلى جهة المشرق، مثلها من هاهنا، أي: عند العصر، بمعنى: أنها عندما تطلع وترتفع فإنه يصلي في ذلك الوقت، فإذا كانت الشمس من جهة المغرب، يعني: مرتفعة لم تصل إلى الغروب، مثلها من جهة المشرق إذا طلعت وارتفعت وصار ارتفاعها من جهة المشرق كارتفاعها من جهة المغرب الذي هو في وقت العصر فإنه يصلي ركعتين، وإذا كانت الشمس من هاهنا، أي: من المشرق كهيئتها من هاهنا، معناه: أنها ارتفعت حتى صارت قريبة من الزوال، مثل ما إذا كانت الشمس من جهة المغرب قد زالت الشمس، ومضى شيء من وقت الظهر، يعني: أن هيئتها من المشرق قريبة من الزوال، كهيئتها من المغرب، يعني: بعد الظهر، حيث تكون قريبة من الزوال، وذلك في شدة الحر، وفي شدة الظهيرة قبل الزوال صلى أربعاً.وقد جاء في صحيح مسلم تسمية هذه الصلاة: صلاة الأوابين، قال عليه الصلاة والسلام: (صلاة الأوابين حين ترمض الفصال)، والفصال هي: أولاد البهائم، أولاد الإبل، عندما تشتد الحرارة تصيبها الرمضاء وتتألم من شدة الحرارة، فصلاة الأوابين حين ترمض الفصال، يعني: في وقت شدة حرارة الشمس، أي: قبل الزوال، فذكر أنه يصلي بعد طلوع الشمس إذا ارتفعت ركعتين، وعند اشتداد الحر قبل الظهر يصلي أربعاً، ويصلي ركعتين بعدها، ويصلي أربعاً قبل العصر، وهذا هو محل الشاهد، الصلاة قبل العصر أربعاً، هذا هو المقصود من إيراد الحديث هنا.قال: [(ويصلي قبل العصر أربعاً، يفصل بين كل ركعتين بتسليم على الملائكة)].قوله: يفصل بين كل ركعتين من تلك الركعات التي هي أربع، يعني: التي هي قبل الظهر، والتي قبل الزوال، والتي قبل العصر، (يفصل بين كل ركعتين بتسليم على الملائكة، والنبيين، ومن تبعهم من المؤمنين والمسلمين).والمقصود بذلك التشهد، معناه: أنه يتشهد بين كل ركعتين، يفصل بين كل ركعتين بتشهد، يسلم فيه على الملائكة، والنبيين، ومن تبعهم من المؤمنين والمسلمين، والمقصود من ذلك: ما جاء في التشهد: (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين)؛ لأن معنى السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين: أن الإنسان يسلم على كل عبد صالح في السماء والأرض، ولهذا الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، في شروط الصلاة وبيان أركانها وما إلى ذلك، ذكر تفسير التحيات، وقال: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، تسلم على كل عبد صالح في السماء والأرض، وهنا الحديث يقول: على الملائكة والنبيين الذين هم في السماء وفي الأرض، الملائكة في السماء، والنبيين في الأرض، الملائكة والنبيين، ومن تبعهم من المؤمنين والمسلمين، فكون الإنسان يقول: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، سلم على هؤلاء جميعاً.المقصود من ذلك: بالتشهد هذا، هو التسليم الذي يفصل فيه، يعني بالتسليم، ليس التسليم بالخروج من الصلاة، وإنما المقصود من ذلك التشهد، أي: أنه يفصل بين كل ركعتين بتشهد وتسليم، ويسلم كل ركعتين ويتشهد، والتشهد مشتمل على السلام على عباد الله الصالحين الذين هم الملائكة، والنبيون، ومن تبعهم من المسلمين والمؤمنين.
تراجم رجال إسناد حديث علي في الصلاة قبل العصر
قوله: [أخبرنا إسماعيل بن مسعود].وهو إسماعيل بن مسعود، وكنيته أبو مسعود البصري، ثقة، خرج حديثه النسائي، وهو ممن وافقت كنيته اسم أبيه، مثل: حماد بن أسامة أبو أسامة، الذي مر قريباً، ومثل: هناد بن السري أبو السري، ومثل: أبو عمرو الأوزاعي عبد الرحمن بن عمرو، كثير من المحدثين توافق كناهم أسماء آبائهم.[حدثنا يزيد بن زريع].وهو يزيد بن زريع، وقد مر ذكره قريباً، وهو ثقة، ثبت، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [حدثنا شعبة].وهو ابن الحجاج، أمير المؤمنين في الحديث، وهو بصري واسطي، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، بل هو قد وصف بوصف رفيع، من أعلى صيغ التعديل، وهو الوصف بأمير المؤمنين في الحديث، وقد حصل هذا الوصف لعددٍ قليل من المحدثين، منهم: شعبة، وسفيان الثوري، وإسحاق بن راهويه، والبخاري، والدارقطني. وشعبة بن الحجاج الواسطي، ثم البصري، وكونه بصرياً بعد كونه واسطياً، أي: أنه كان في واسط أولاً ثم كان في البصرة آخراً.[عن أبي إسحاق].وهو عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي، وسبيع هم جزء من همدان، وهمدان نسبة عامة وسبيع نسبة خاصة، وهو مشهور بالنسبة الخاصة، يقال: أبو إسحاق السبيعي، ومشهور بكنيته، ولهذا يأتي ذكره مع النسبة فيقال: أبو إسحاق السبيعي، وأحياناً يأتي أبو إسحاق بدون النسبة؛ لأنه مشهور بالكنية، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [عن عاصم بن ضمرة].وهو عاصم بن ضمرة السلولي، صدوق، خرج له أصحاب السنن الأربعة.[عن علي].وهو علي بن أبي طالب أمير المؤمنين، رابع الخلفاء الراشدين الهاديين المهديين، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، بل هو أفضل الصحابة بعد أبي بكر، وعمر، وعثمان رضي الله تعالى عن الجميع، وهو ابن عم رسول الله عليه الصلاة والسلام، وصهره زوج ابنته فاطمة رضي الله تعالى عن الجميع، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث: (... كان رسول الله يصلي حين تزيغ الشمس ركعتين...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن المثنى أخبرنا محمد بن عبد الرحمن حدثنا حصين بن عبد الرحمن عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة، قال: (سألت علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في النهار قبل المكتوبة؟ قال من يطيق ذلك؟ ثم أخبرنا قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي حين تزيغ الشمس ركعتين، وقبل نصف النهار أربع ركعات، يجعل التسليم في آخره)].أورد حديث: علي رضي الله عنه من طريق أخرى وهو مختصر مشتمل على شيئين: أحدهما: أنه يصلي بعد أن تزيغ الشمس ركعتين، يعني: أن السنة أو الراتبة قبل الظهر اثنتان والروايات السابقة أربع قبل الظهر، أي: بعد الزوال قبل الظهر أربع ركعات، وفي هذه الرواية: ركعتين بعد الزوال التي هي راتبة الظهر قبلها وقبل نصف النهار أربع ركعات، وهذا مطابق لما تقدم في الروايات السابقة؛ لأن قبل نصف النهار، أي: إذا كانت الشمس من ها هنا، يعني: من جهة المشرق، مثلها من هاهنا في وقت الظهر، معناه: في وقت شدة الحرارة، فإنه يصلي أربعاً، وهذا مطابق لما تقدم من ذكر الأربع قبل الظهر، ولكنه غير موافق أو غير مطابق لما تقدم في الرواية السابقة من كونه قبل الظهر يصلي أربعاً وإنما هنا يصلي ركعتين، لكن ليس فيه ذكر ما يتعلق بالعصر التي هي موضوع الترجمة، وهي الصلاة قبل العصر؛ لأن الصلاة قبل العصر ليس فيها إلا ذكر الرواية الأولى، وهو أنه يصلي قبل العصر أربعاً، وقد ذكر في الرواية السابقة أنه يفصل بين كل ركعتين بالسلام على الملائكة، والنبيين، وعلى من تبعهم من المؤمنين والمسلمين.وهنا قال: يجعل التسليم في آخره، وهذه الرواية مخالفة للروايات السابقة، ففيها: ذكر التسليم في الآخر، والروايات السابقة: أنه يفصل بين كل ركعتين بالسلام على الملائكة، والنبيين، وعلى من تبعهم من المؤمنين والمسلمين، وهنا يقول: التسليم في آخره، فيحتمل أن المراد به: الخروج من الصلاة، أي: أن التسليم يكون المراد به الخروج من الصلاة، وهذا هو الذي يظهر من هذه الرواية، لكنها تختلف مع الراويات السابقة المتقدمة التي فيها الفصل بين كل ركعتين بالتشهد، ومن المعلوم: أن صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم في الليل وكذلك في النهار مثنى مثنى، يعني: صلاته التي كان يداوم عليها والتي هي ثابتةٌ عنه أنه كان يصلي ركعتين ركعتين، يعني: في الليل وفي النهار، وهنا يقول: إن التسليم في آخره، فإن كان ثابتاً ومحفوظاً، فهو يدل على أن الأربع تصلى ويكون التسليم في آخرها.
تراجم رجال إسناد حديث: (... كان رسول الله يصلي حين تزيغ الشمس ركعتين...)
قوله: [أخبرنا محمد بن المثنى].وهو محمد بن المثنى العنزي، الملقب بـالزمن، وكنيته أبو موسى، وهو من صغار شيوخ البخاري، وهو شيخ لأصحاب الكتب الستة، كلهم رووا عنه مباشرة وبدون واسطة.[أخبرنا محمد بن عبد الرحمن]وهو محمد بن عبد الرحمن، صدوق يهم خرج له البخاري، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.[حدثنا حصين بن عبد الرحمن].وهو حصين بن عبد الرحمن السلمي الكوفي، وهو ثقة، خرج له أصحاب الكتب الستة. [عن أبي إسحاق وهو السبيعي، وقد مر ذكرهم في الإسناد الذي قبل هذا. عن عاصم بن ضمرة عن علي].
الأسئلة

لا يجوز تأخير الزكاة إلا للحاجة
السؤال: هل يجوز تأخير زكاة المال بعد حولان الحول عليه إلى شهر رمضان؟الجواب: ليس للإنسان أن يؤخر دفع الزكاة عن وقت وجوبها إذا كان الفقراء موجودين، بل عليه أن يبادر إلى إيصالها إليهم؛ لأن هذا حق ثبت لهم، فيجب عليه أن يوصله إليهم ولا يؤخره، أما إذا كان المكان الذي هو فيه ليس فيه فقراء وأخر من أجل أن يأتوا أو أن يذهب إليهم ويوصل ذلك إليهم، إذا كان هذا من أجل أمر يدعو إليه وهو عدم وجود الفقراء يمكن أن تؤخر؛ لأنه دفعها لهم، أما إذا كانوا موجودين فلا يؤخر دفع الزكاة عن وقت وجوبها.
التعريف اللغوي للإيمان
السؤال: هل الإيمان باللغة: التصديق، أو الإقرار، بين لنا بدليل؟الجواب: الإيمان في اللغة: هو التصديق، وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا [يوسف:17]، يعني: بمصدق لنا، هذا هو المراد بالإيمان في اللغة الذي هو التصديق.
لا فرق بين مصطلح أهل السنة ومصطلح السلف
السؤال: هل هناك فرق بين أهل السنة والجماعة وبين كلمة السلف؛ لأن كثيراً من الطوائف يقولون: نحن أهل السنة، وينفرون من السلفية، أفيدونا جزاكم الله خيراً؟الجواب: لا فرق بينهما، أهل السنة والجماعة هم سلف هذه الأمة، ومن سار على منهاجهم وعلى دربهم، لكن كلمة السنة والجماعة كل يدعيها المحق والمبطل، لكن السلفية، أو الانتساب للسلف، أو أنه سلفي، هذا لا يقدم عليه الكثيرون الذين يقدمون على أن يكون من أهل السنة والجماعة.

ابوالوليد المسلم 03-06-2021 04:46 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الصلاة
(كتاب الافتتاح)
(164)


- (باب العمل في افتتاح الصلاة) إلى (باب رفع اليدين حيال الأذنين)

إن على المسلم تطبيق السنة فيما يتعلق برفع اليدين في الصلاة، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يرفع يديه في الصلاة حيال أذنيه أو منكبيه، فكان يرفعهما عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، والرفع منه، وبعد القيام من التشهد الأول.
العمل في افتتاح الصلاة

شرح حديث ابن عمر: (رأيت رسول الله إذا افتتح التكبير في الصلاة رفع يديه...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [كتاب الافتتاح، باب العمل في افتتاح الصلاة.أخبرنا عمرو بن منصور حدثنا علي بن عياش حدثنا شعيب عن الزهري أخبرني سالم (ح) وأخبرني أحمد بن محمد بن المغيرة حدثنا عثمان هو ابن سعيد عن شعيب عن محمد وهو الزهري أخبرني سالم بن عبد الله بن عمر عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا افتتح التكبير في الصلاة رفع يديه حين يكبر حتى يجعلهما حذو منكبيه، وإذا كبر للركوع فعل مثل ذلك، ثم إذا قال: سمع الله لمن حمده، فعل مثل ذلك وقال: ربنا ولك الحمد، ولا يفعل ذلك حين يسجد، ولا حين يرفع رأسه من السجود)]. يقول النسائي رحمه الله: كتاب الافتتاح، المراد بالافتتاح هو: الأفعال والأقوال التي تحصل عند بداية الصلاة، سواء كان ذلك عند الدخول فيها أو ما يكون في أوائلها، هذا هو المراد بالافتتاح، ثم عقبه بالترجمة وهي:باب العمل في افتتاح الصلاة، أي: ما الذي يعمله حين يفتتح الصلاة؟ افتتاح الصلاة يكون بالتكبير، ويقال لها: تكبيرة الإحرام؛ لأن الإنسان إذا كبر تكبيرة الإحرام يكون دخل في الصلاة، فيمتنع عما كان حلالاً له قبل أن يدخل فيها، من الأكل، والشرب، والكلام، والالتفات، وغير ذلك من الأعمال التي يعملها الإنسان قبل أن يدخل في الصلاة؛ لأن الصلاة بدايتها التكبير، أي: تكبيرة الإحرام، هذا هو الابتداء يكون بها، وعند حصولها يحرم عليه بعدها ما كان حلالاً عليه قبلها، مثل الإحرام، أو نية الإحرام في الحج، إذا دخل الإنسان في الإحرام في الحج حرم عليه بذلك الإحرام ما كان حلالاً عليه قبل ذلك، وهنا إذا أتى بتكبيرة الإحرام، وبدأ بالصلاة مفتتحاً الصلاة بهذا التكبير الذي هو تكبيرة الإحرام حرم عليه ما كان حلالاً له قبل ذلك.ويعرفون الصلاة بأن يقولوا: هي أقوال وأفعال مبتدئة بالتكبير مختتمة بالتسليم، هذه هي الصلاة، أقوال وأفعال مخصوصة، مبتدئة بالتكبيرة التي هي تكبيرة الإحرام، مختتمة بالتسليم، وجاء في الحديث: (تحريمها التكبير، وتحليلها التسليم)، أي: إذا سلم الإنسان حل له بعد التسليم ما كان حراماً عليه قبل أن يدخل في الصلاة، فالتكبير تحريم، والتسليم تحليل، التكبير تحريم لما كان حلالاً قبل ذلك، والتسليم تحليل لما كان ممنوعاً منه في الصلاة.فأورد النسائي رحمه الله حديث ابن عمر: أن النبي عليه الصلاة والسلام كان إذا افتتح التكبير في الصلاة، يعني: أنه أتى بالتكبير الذي هو مفتاح الصلاة، أو ابتداء الصلاة، يرفع يديه حين يكبر لهذا الافتتاح فيرفع يديه عند تكبيرة الإحرام، وعند التكبير للركوع، وعند التكبير للرفع منه، هكذا جاء في حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، من أن رفع اليدين عند التكبير يكون في ثلاثة مواضع: عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع منه.وجاء في حديث: أبي سعيد الخدري موضع رابع، وهو عند القيام من التشهد الأول في الصلاة التي لها تشهدان، كالمغرب، والظهر، والعصر، والعشاء.قوله: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا افتتح التكبير في الصلاة رفع يديه حين يكبر حتى يجعلهما حذو منكبيه)]. يعني: يكبر حتى يجعلهما حذو منكبيه، أي يرفع يديه حتى تحاذيا المنكبين.قوله: (وإذا كبر للركوع فعل مثل ذلك، ثم إذا قال: سمع الله لمن حمده فعل مثل ذلك).فعل مثل ذلك، أي: رفع يديه حذو منكبيه، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، قام من الركوع فعل مثل ذلك، يعني: رفع يديه حذو منكبيه.قوله: (وقال: ربنا ولك الحمد، ولا يفعل ذلك حين يسجد، ولا حين يرفع رأسه من السجود).يقول: إنه إذا قال: سمع الله لمن حمده عند الرفع من الركوع فإنه يرفع يديه ويقول بعد ذلك: ربنا ولك الحمد، يجمع بين التسميع والتحميد، أي: بين التسميع الذي هو: سمع الله لمن حمده، والتحميد الذي هو: ربنا ولك الحمد، ولا يفعل ذلك عند السجود ولا عند الرفع منه، فالذي هو رفع اليدين حذو المنكبين يفعله في هذه الثلاثة المواضع.
تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر: (رأيت رسول الله إذا افتتح التكبير في الصلاة رفع يديه...)
قوله: [أخبرنا عمرو بن منصور].وهو النسائي، ثقة، ثبت، خرج له النسائي وحده، وهو من بلد النسائي، وهو ممن انفرد به عن بقية أصحاب الكتب الستة؛ لأنه لم يرو له إلا النسائي.[حدثنا علي بن عياش].وهو ثقة، أخرج له البخاري، وأصحاب السنن الأربعة.[حدثنا شعيب].وهو ابن أبي حمزة الحمصي، ثقة، عابد، قيل: إنه من أثبت الناس في الزهري، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [عن الزهري]. وهو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، ينتهي نسبه إلى زهرة بن كلاب، وهو إمام جليل، ومحدث فقيه، ومكثر من رواية حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو من صغار التابعين، الذين أدركوا صغار الصحابة، ورووا عنهم مثل: أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وهو الذي كلفه الخليفة عمر بن عبد العزيز رحمة الله عليه بجمع السنة، وقال فيه السيوطي في الألفية: أول جامع الحديث والأثرابن شهاب آمر له عمرأي: أول من قام بجمعه بتكليف من السلطان، أما الكتابة وكون بعض المحدثين والعلماء يكتب فإن الصحابة فيهم من كان يكتب الحديث، والتابعون كذلك فيهم من كان يكتب الحديث لنفسه، لكن كون ذلك يتم بتكليف من السلطان، فهذا لم يحصل إلا في زمن عمر بن عبد العزيز، على رأس المائة الأولى، والذي كلف بهذه المهمة هو: ابن شهاب الزهري رحمة الله عليه.[أخبرني سالم].وهو سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو أحد الفقهاء السبعة على أحد الأقوال في السابع منهم؛ لأن فقهاء المدينة السبعة، ستة منهم متفق على عدهم من فقهاء السبعة والسابع فيه ثلاثة أقوال: أحد هذه الأقوال: أنه سالم بن عبد الله بن عمر الذي هو الراوي في هذا الإسناد.
مسألة تحويل السند (ح) واستعمالها لدى المحدثين
[وحول الإسناد قال: أخبرني أحمد بن محمد بن المغيرة].ثم حول الإسناد فقال: ح، وأخبرني أحمد بن محمد بن المغيرة، و(ح) هذه تدل على التحويل، أي: والتحول من إسناد إلى إسناد، فيؤتى بـ(ح) مفردة ثم يؤتى بإسناد جديد بعدها، ثم يتلاقى هذا الإسناد الجديد بعدها مع ذلك الإسناد الذي تقدم قبلها، فيحصل تلاقيهما عند مكان معين، فتستعمل هذه الحاء الدالة على التحويل، والبخاري يستعملها قليلاً، ومسلم يستعملها كثيراً، والنسائي يستعملها قليلاً، والسبب في كون البخاري، والنسائي يستعملانها قليلاً: أنهما يأتيان بالأحاديث على الأبواب، والتراجم المختلفة، ويحصل تكرار الحديث والاستدلال به على موضوعات متعددة، فهم لهذا لا يحتاجون كثيراً إلى التحويل؛ لأن الحديث يروى في عدة مواضع، مستدلين به في موضع على مسألة معينة ويكون ذلك بإسناد، ثم يأتون به في موضع آخر للاستدلال به على مسألة معينة ويكون ذلك بإسناد، وأحياناً يتفق الإسنادان في الموضع الأول والثاني، ولهذا لا يحتاجان إلى التحويل، والذي أكثر من التحويل هو الإمام مسلم، وسبب ذلك: أنه يجمع الأحاديث في موضوع واحد، في مكان واحد، فيحتاج إلى أن يتحول من إسناد إلى إسناد؛ لأنه يجمعها في مكان واحد، لا يفرقها على الأبواب كما يفعل البخاري والنسائي، وإنما يأتي بالأحاديث المتعلقة بالموضوع في مكانٍ واحد، ثم لا يأتي بها، إلا أنه حصل منه التكرار في مواضع معينة تبلغ مائة وسبعة وثلاثين موضعاً، وقد حصرها الشيخ فؤاد عبد الباقي في الفهرس الذي عمله في صحيح مسلم، في الطبعة التي خدمها في أربعة مجلدات، والمجلد الخامس فهارس كان من جملة هذه الفهارس ذكر الأحاديث التي تكررت في أكثر من موضع على خلاف عادة مسلم، وبلغت جملتها مائة وسبعة وثلاثين حديثاً، جاءت في أكثر من موضع، وإلا فإن الغالب عليه أنه يأتي بالأحاديث في موضع واحد ولا يكرر الأحاديث، فمن أجل ذلك يحتاج إلى التحويل كثيراً؛ لأنه لم يعمل مثل ما عمل البخاري في التراجم والأبواب المختلفة التي يحتاج إلى أن يورد الحديث في أبواب متعددة، ليستدل برواية من روايات الحديث بإسناد من أسانيده على موضع من المواضع، فهذا هو المراد بالتحويل، والنسائي مقل منه، والبخاري مقل منه، والسبب هو ما ذكرت، ومسلم مكثر منه، والسبب هو ما ذكرت.[و أحمد بن محمد بن المغيرة].هو الحمصي، صدوق، خرج له النسائي وحده.[حدثنا عثمان هو ابن سعيد].الحمصي أيضاً.[عن شعيب].وهو حمصي أيضاً، خرج حديثه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه. وكلمة (هو ابن سعيد) هذه الذي قالها، من دون أحمد بن المغيرة الذي هو التلميذ؛ لأن أحمد بن المغيرة لا يحتاج إلى أن يقول: هو ابن سعيد، بل ينسب شيخه كما يريد، لكن لما كان أحمد بن محمد بن المغيرة، اقتصر على اسمه ولم ينسبه، الذي جاء بعده، إما النسائي، وإما من دون النسائي، أضاف كلمة (هو ابن فلان) ليعينه، وليبين من هو هذا المهمل، فقال: هو ابن سعيد، فقائلها من دون تلميذ عثمان هذا، إما النسائي، أو من دون النسائي.[عن شعيب].وهو شعيب بن أبي حمزة، الراوي في الإسناد المتقدم، وهو: حمصي، ثقة، عابد، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [عن محمد وهو الزهري].يعني: الإسناد الثاني فيه: أن شعيباً قال: عن محمد لم ينسبه، لكن من دون شعيب نسبه، فقال: هو الزهري، وأما الإسناد الأول فـشعيب يقول: الزهري، وهنا يقول: عن محمد، ثم من دون شعيب نسبه فقال: هو الزهري.[أخبرني سالم بن عبد الله بن عمر].يعني: الإسنادان حصل تلاقيهما في شعيب.الإسناد الأول [أخبرنا عمرو بن منصور حدثنا علي بن عياش حدثنا شعيب عن الزهري أخبرني سالم ح].والإسناد الثاني [وأخبرني أحمد بن محمد بن المغيرة حدثنا عثمان هو ابن سعيد عن شعيب عن محمد وهو الزهري أخبرني سالم بن عبد الله بن عمر عن ابن عمر].يعني: هنا التحويل جعله بعد سالم، مع أن التلاقي كان قبل سالم، أي: عند شعيب التلاقي، فلا أدري ما وجه مد الإسناد الأول إلى سالم، ثم بعد ذلك يأتي الإسناد الثاني، مع أن التلاقي يكون قبل سالم، وقبل الزهري، وإنما هو عند شعيب الذي هو الراوي عن الزهري.يعني: هو الفرق بين الإسنادين: أن الإسناد الأول فيه: ذكر الزهري، أي شعيب عبر عن الزهري بقوله: الزهري، وأما الإسناد الثاني، الذي فيه: أحمد بن المغيرة، فـشعيب عبر عنه بـمحمد، أي: عبر عن الزهري بـمحمد، ثم أيضاً في الإسناد الأول لم ينسب سالم، الذي هو: ابن عبد الله بن عمر، وفي الإسناد الثاني نسب سالم فقال: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، فلعل هذا هو السبب الذي جعله يجعل الإسناد الأول يمتد إلى سالم، مع أن التلاقي بين الإسنادين الأول والثاني إنما هو عند شعيب بن أبي حمزة الحمصي.[قال: أخبرني سالم بن عبد الله بن عمر عن ابن عمر].وابن عمر رضي الله تعالى عنه، أحد العبادلة الأربعة في الصحابة، وأحد السبعة المكثرين من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
رفع اليدين قبل التكبير

شرح حديث ابن عمر: (رأيت رسول الله إذا قام إلى الصلاة رفع يديه حتى تكونا حذو منكبيه، ثم يكبر...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب رفع اليدين قبل التكبير.أخبرنا سويد بن نصر أخبرنا عبد الله بن المبارك عن يونس عن الزهري أخبرني سالم عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة رفع يديه حتى تكونا حذو منكبيه، ثم يكبر، قال: وكان يفعل ذلك حين يكبر للركوع، ويفعل ذلك حين يرفع رأسه من الركوع، ويقول: سمع الله لمن حمده، ولا يفعل ذلك في السجود)].ثم أورد النسائي هذه الترجمة وهي: رفع اليدين قبل التكبير، أي: عندما يدخل في الصلاة، وعندما يريد أن يكبر فإنه يرفع يديه ثم يكبر، وهذا استنبطه من قوله: ثم يكبر في نفس المتن.قال: [(رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة رفع يديه حتى تكونا حذو منكبيه ثم يكبر)]، فكلمة [(ثم يكبر)]، هذا يدل على أن الرفع يحصل قبل التكبير، ليس معناه أنه يكبر ثم يرفع، وإنما يرفع ثم يكبر، يرفع يديه أولاً ثم يحصل منه التكبير، وليس معنى ذلك أنه يرفع يديه ثم ينزلهما ويكبر بعد ذلك، ولكن يرفع يديه ويوجد التكبير، لا يكبر ثم يرفع يديه، وهذا الحديث مثل الذي قبله، إلا أنه أورده من أجل ما ترجم له، وهو أن الرفع يكون قبل التكبير، وذلك وجهه التعبير بثم، أي: كونه يقول: ثم يكبر، يعني: بعدما يرفع
يديه حذو منكبيه ثم يكبر.
تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر: (رأيت رسول الله إذا قام إلى الصلاة رفع يديه حتى تكونا حذو منكبيه، ثم يكبر...)
قوله: [أخبرنا سويد بن نصر].وهو المروزي، ثقة، خرج حديثه الترمذي، والنسائي.[عن عبد الله بن المبارك].وهو ثقة، ثبت، جواد، مجاهد، عابد، قال عنه الحافظ ابن حجر بعد أن عدد جملة من صفاته في التقريب: جمعت فيه خصال الخير، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.وسويد بن نصر، هو راوية عبد الله بن المبارك، ولهذا كل ما مر بنا في الأسانيد عن سويد، من روايته عن عبد الله بن المبارك، ولم يمر بنا حتى الآن إسناد فيه سويد، وهو يروي عن غير عبد الله بن المبارك، فهو راويته الذي يروي عنه، وهو مروزي، وشيخه عبد الله مروزي، فهما مروزيان ينسبان إلى مرو.[عن يونس].وهو ابن يزيد الأيلي، ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن الزهري].وقد مر ذكره قريباً.[عن سالم عن ابن عمر].وقد مر ذكرهما.

يتبع

ابوالوليد المسلم 03-06-2021 04:46 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
رفع اليدين حذو المنكبين

شرح حديث: (أن رسول الله كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه حذو منكبيه...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [رفع اليدين حذو المنكبين.أخبرنا قتيبة عن مالك عن ابن شهاب عن سالم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه حذو منكبيه، وإذا ركع، وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك، وقال: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، وكان لا يفعل ذلك في السجود)]. أورد النسائي هذه الترجمة، وهي: رفع اليدين حذو المنكبين، وأورد حديث: ابن عمر من طريق أخرى، وهو نفس الحديث المتقدم، إلا أنه أورده هنا من أجل الاستدلال على الترجمة، وقبل ذلك أورده من أجل الاستدلال على العمل عند افتتاح الصلاة وأن رفع اليدين يكون قبل التكبير، ثم هنا أورده من أجل الاستدلال على أن رفع اليدين حذو المنكبين، وهو متقدم في الروايات السابقة، إلا أنه أورده هنا من أجل الاستدلال على هذه المسألة بالذات، وهي: أن الرفع عند التكبير للإحرام، وعند التكبير للركوع، وعند قوله: سمع الله لمن حمده عند الرفع من الركوع يكون حذو المنكبين.
تراجم رجال إسناد حديث: (أن رسول الله كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه حذو منكبيه...)
قوله: [أخبرنا قتيبة].وهو ابن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، ثقة: ثبت، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [عن مالك].وهو ابن أنس، إمام دار الهجرة، المحدث، الفقيه، الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة، مذاهب أهل السنة التي حصل لهذه المذاهب أتباع عنوا بجمعها، وتنظيمها، وترتيبها، والتأليف فيها، والإمام مالك رحمة الله عليه حديثه عند أصحاب الكتب الستة. [عن ابن شهاب عن سالم عن ابن عمر]. وقد مر ذكر الثلاثة في الأسانيد السابقة.
رفع اليدين حيال الأذنين

شرح حديث وائل حجر: (صليت خلف رسول الله فلما افتتح الصلاة كبر ورفع يديه حتى حاذتا أذنيه...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [رفع اليدين حيال الأذنين.أخبرنا قتيبة حدثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن عبد الجبار بن وائل عن أبيه رضي الله عنه قال: (صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلما افتتح الصلاة كبر، ورفع يديه حتى حاذتا أذنيه، ثم يقرأ بفاتحة الكتاب، فلما فرغ منها قال: آمين يرفع بها صوته)].أورد النسائي هذه الترجمة وهي: رفع اليدين حيال الأذنين، والترجمة السابقة: حيال المنكبين، وهنا حيال الأذنين، وأورد فيه حديث: وائل بن حجر الحضرمي رضي الله تعالى عنه: [أنه صلى خلف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فكان يرفع يديه حين يكبر حتى تكونا حيال أذنيه]، وهذا هو المقصود من إيراد الترجمة.[وإذا أراد أن يركع، يعني: كبر وجعل يديه حيال أذنيه]، وكذلك عندما يرفع رأسه من الركوع، وليس في هذه الرواية ذكر رفع اليدين في غير الموضع الأول الذي هو عند التكبير للإحرام، والمقصود منه: أنه يرفعهما حيال الأذنين وقد جاء الرفع حيال الأذنين والرفع حيال المنكبين، وكل منهما جاءت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فيفعل هذا، ويفعل هذا، كل هذا ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، رفعهما إلى الأذنين، ورفعهما إلى المنكبين، ثم يقرأ الفاتحة، فإذا قال: ولا الضالين، قال: آمين، وهذا فيه أن الإمام يؤمن عندما يقرأ الفاتحة، قال: [وإذا قال: آمين يرفع بها صوته].يرفع بها صوته، يقول: آمين ويرفع بها صوته، فيدل على أنه يقول: آمين، ويدل على أنه أيضاً يرفع بها الصوت.
تراجم رجال إسناد حديث وائل بن ججر: (صليت خلف رسول الله فلما افتتح الصلاة كبر ورفع يديه حتى حاذتا أذنيه...)
قوله: [أخبرنا قتيبة].وهو ابن سعيد، وقد مر ذكره في الإسناد الذي قبل هذا. [حدثنا أبو الأحوص].وهو سلام بن سليم الحنفي، ثقة، متقن، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وأبو الأحوص، توفي سنة مائة وتسع وسبعين، وقتيبة، توفي سنة مائتين وأربعين، يعني: بين وفاتيهما إحدى وستون سنة، وقتيبة عمره تسعون سنة، كانت ولادته سنة خمسين، فهنا يأتي طول الإسناد، أو علو الإسناد، أي: كون الإنسان يكون معمراً ثم يروي عن شخص توفي ويعيش بعده مدة طويلة، ثم يروي عنه، مثل ما حصل لـقتيبة، فـأبو الأحوص سلام من السابعة، وقتيبة من العاشرة، فتجد من في العاشرة يروي عمن في السابعة، وذلك بسبب أنه عُمر وأنه عاش بعده، فليس الذي في العاشرة يروي عن التاسعة فقط، أو يروي عن الثامنة فقط، بل قد يروي عمن هو في السابعة، ومن هنا تتداخل الطبقات بسبب كون الإنسان يعمر ويعيش بعد موت شيخه الذي روى عنه، مثل هذا إحدى وستون سنة عاشها قتيبة بعد وفاة أبي الأحوص، ومثل: سفيان بن عيينة، يروي عن الزهري، والزهري توفي مائة وأربع وعشرون، أو مائة وخمس وعشرون، سفيان بن عيينة، توفي فوق المائة والتسعين، يعني: مسافة طويلة بين التلميذ والشيخ؛ لأنه عمر بعد وفاة شيخه، ومن هنا أيضاً تأتي الأسانيد العالية، مثل الثلاثيات عند البخاري، يعني: كونه بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة، صحابي، وتابعي، وتابع تابعي، أي: بهذه الطريقة، يعني: كون الراوي عمر، ثم روى عنه تلميذ، ثم عمر ذلك التلميذ الذي روى عنه في آخر حياته بعده مدة طويلة، وهكذا فيكون الإسناد عالياً، مع أن الأسانيد عند البخاري أحياناً تصل إلى ثمانية أشخاص، أي: بينه وبين الرسول صلى الله عليه وسلم، وأحياناً تكون ثلاثة، والسبب هو هذا التفاوت، أو كون الإنسان يدرك شيخاً في آخر حياته، وهذا التلميذ في أول حياته، ثم يعيش ذلك التلميذ وتطول حياته، فيروي عنه تلميذ له في أول عمره، وهذا في آخر عمره، فيأتي عند ذلك العلو في الأسانيد، وقلة الرواة بين المحدث وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم.[عن أبي إسحاق].وهو عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي، ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن عبد الجبار بن وائل].وهو عبد الجبار بن وائل بن حجر، ثقة، خرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة، وقال عنه الحافظ ابن حجر: لكنه أرسل عن أبيه، أي: أنه لم يسمع من أبيه، فروايته عنه مرسلة؛ لأنه لم يسمع منه، والحديث من روايته عن أبيه، ولكن له شواهد تدل على ما دل عليه هذا الحديث الذي فيه كونه الإمام يقول: آمين، وأنه يرفع يديه حيال أذنيه، [وأبوه وائل بن حجر الحضرمي] صحابي، أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة، والبخاري في جزء القراءة.وأما ابنه فأخرج له مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
شرح حديث: (أن رسول الله كان إذا صلى رفع يديه حين يكبر حيال أذنيه)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن عبد الأعلى حدثنا خالد حدثنا شعبة عن قتادة سمعت نصر بن عاصم عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه، وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى رفع يديه حين يكبر حيال أذنيه، وإذا أراد أن يركع، وإذا رفع رأسه من الركوع)].أورد النسائي حديث: مالك بن الحويرث، وهو يشتمل على رفع اليدين حيال الأذنين، في الثلاثة المواضع: عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع من الركوع، يرفع يديه حيال أذنيه، وهو دال على ما دل عليه حديث وائل بن حجر، من حيث رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام حيال الأذنين، أورد النسائي حديث: مالك بن الحويرث رضي الله تعالى عنه: [(أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى رفع يديه حين يكبر حيال أذنيه، وإذا أراد أن يركع، وإذا رفع رأسه من الركوع)].قوله: (وإذا أراد أن يركع)، أي: فعل مثل ذلك، يعني: يرفع يديه حيال أذنيه، وقد عرفنا أن السنة ثبتت في هذا وفي هذا، فالإنسان له أن يرفع حيال منكبيه، وله أن يرفع حيال أذنيه، وله أن يفعل أحياناً هكذا، وأحياناً هكذا، كل هذا صحيح ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
تراجم رجال إسناد حديث: (أن رسول الله كان إذا صلى رفع يديه حين يكبر حيال أذنيه)
قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الأعلى]. وهو البصري، ثقة، خرج حديثه مسلم، وأبو داود في كتاب القدر، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.[خالد].وهو ابن الحارث البصري، ثقةٌ، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[شعبة]. وهو ابن الحجاج الواسطي، ثم البصري، وهو ثقة، ثبت، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهو من أعلى صيغ التعديل، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن قتادة].وهو قتادة بن دعامة البصري، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [سمعت نصر بن عاصم].وهو نصر بن عاصم، وهو بصري أيضاً، ثقة، خرج حديثه، البخاري في جزء رفع اليدين، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه .[عن مالك بن الحويرث].وهو مالك بن الحويرث صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أيضاً سكن البصرة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.وهذا الإسناد مسلسل بالبصريين، فإنهم من أهل البصرة، أولهم:محمد بن عبد الأعلى بصري، وخالد بن الحارث بصري، وشعبة بن الحجاج بصري؛ لأنه واسطي ثم بصري. وقتادة بصري.ونصر بن عاصم بصري، ثم مالك بن الحويرث بصري، فهو مسلسل بالرواة البصريين.
شرح حديث مالك بن الحويرث: (رأيت رسول الله حين دخل في الصلاة رفع يديه... حتى حاذتا فروع أذنيه)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا ابن علية عن ابن أبي عروبة عن قتادة عن نصر بن عاصم عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه أنه قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخل في الصلاة رفع يديه، وحين ركع، وحين رفع رأسه من الركوع، حتى حاذتا فروع أذنيه)].أورد النسائي حديث مالك بن الحويرث من طريق أخرى، وهو مشتمل على ما اشتملت عليه الطريق الأولى، وهو أن الرسول صلى الله عليه وسلم رفع يديه حيال أذنيه عند التكبير للدخول في الصلاة، أي: عند افتتاح الصلاة، وعند الركوع، وعند الرفع من الركوع، فهو دال على ما دلت عليه الرواية السابقة مما ترجم له المصنف، وهو أن رفع اليدين يكون حيال الأذنين عندما يدخل في الصلاة، وعندما يركع، وعندما يرفع رأسه من الركوع.
تراجم رجال إسناد حديث مالك بن الحويرث: (رأيت رسول الله حين دخل في الصلاة رفع يديه... حتى حاذتا فروع أذنيه)
قوله: [أخبرنا يعقوب بن إبراهيم].وهو يعقوب بن إبراهيم الدورقي، ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، وهو من صغار شيوخ البخاري، وقد توفي قبله بأربع سنوات؛ لأن البخاري توفي سنة ست وخمسين ومائتين، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي، توفي سنة اثنتين وخمسين ومائتين، ومثل: يعقوب بن إبراهيم الدورقي في هذا، يعني: في كونه من شيوخ أصحاب الكتب الستة، وتوفي سنة اثنتين وخمسين ومائتين: محمد بن بشار، ومحمد بن المثنى، هؤلاء الثلاثة من صغار شيوخ البخاري، وقد ماتوا في سنة واحدة قبل وفاة البخاري بأربع سنوات، أي: سنة اثنتين وخمسين ومائتين.[عن ابن علية].وهو إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدي، المشهور بـابن علية، وهو ثقة، ثبت، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، [عن ابن أبي عروبة].وهو سعيد بن أبي عروبة، ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [عن قتادة عن نصر بن عاصم عن مالك بن الحويرث].وقد مر ذكرهم في الإسناد الذي قبل هذا.
الأسئلة

الصلاة في الروضة ليست من ذوات الأسباب
السؤال: هل الصلاة في الروضة تعتبر من ذوات السبب فتصلى في أوقات النهي؟الجواب: لا، كون الإنسان يذهب للروضة إذا جاءها يصلي وتكون من ذوات الأسباب، لا، هي من جملة المسجد وحكمها حكم المسجد، إلا أنها لها فضيلة على غيرها من حيث أنه ورد فيها حديث خصها، هو قوله صلى الله عليه وسلم: (ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة)، وهذا إنما هو في النافلة، وأما في الفريضة فالصفوف التي أمامها أفضل منها، والصفوف التي هي عنها من جهة الغرب، يعني: في ميامن الصفوف المحاذية لها أفضل منها.
من السنة رفع اليدين بعد القيام من التشهد الأول
السؤال: المذكور في الأحاديث عند النسائي ثلاث مواضع لرفع اليدين عند التكبير فيها، ولكن هل رفع اليدين بعد القيام من التشهد الأول في الثلاثية والرباعية من السنة أيضاً؟الجواب: نعم من السنة، والحديث عنها جاء من حديث أبي سعيد، وهو في صحيح البخاري، في رفع اليدين عند القيام من التشهد الأول.
رفع اليدين في كل خفض ورفع
السؤال: هل ورد حديثٌ يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه في كل خفض ورفع؟الجواب: لا أدري، لا أعلم فيه شيء يدل عليه، لكن التكبير يكبر، فقد جاءت في ذلك الأحاديث أنه يكبر عند كل خفض ورفع، ولهذا في سجود التلاوة في الصلاة، يعني: كون الإنسان يكبر عندما يسجد، وعندما يقوم يشمله هذا الحديث: (كان يكبر في كل خفض ورفع)، يعني: أن هذا خفض ورفع، والتكبير يكون في الخفض والرفع، والإنسان إذا سجد في الصلاة للتلاوة فإنه يكبر، وإذا قام فإنه يكبر؛ لأنه يدخل تحت عموم ما جاء في أنه يكبر عند كل خفض ورفع، فالشيء الثابت هو: أنه يكبر عند كل خفضٍ ورفع، أما كونه يرفع يديه هذا جاء في هذه المواضع التي ذكرت الأربعة، ثلاثة في حديث ابن عمر، والموضع الرابع في صحيح البخاري عن أبي سعيد رضي الله عنه.
حكم قول المأموم سمع الله لمن حمده
السؤال: هل على المأموم أن يقول مثل الإمام: سمع الله لمن حمده؟الجواب: اختلف العلماء في هذا، منهم من يقول: إنه لا يقول، ويستدلون على ذلك بالأحاديث التي فيها أن النبي عليه الصلاة والسلام لما وصف الصلاة قال: (وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد)، ولم يقل: إذا قال: سمع الله لمن حمده قولوا: سمع الله لمن حمده، وإنما قال: (قولوا: ربنا ولك الحمد)، فهذا التفصيل في الأقوال في الصلاة، أنه إذا قال: سمع الله لمن حمده، يقول المأموم: ربنا ولك الحمد، يدل على أن المأموم لا يقول: سمع الله لمن حمده، وبعض العلماء يقولون: إنه يقول: سمع الله لمن حمده، ويستدلون على ذلك بعموم قوله صلى الله عليه وسلم: (صلوا كما رأيتموني أصلي)، وهو يقول: سمع الله لمن حمده، إذاً المأموم يقول: سمع الله لمن حمده، لكن هذا التفصيل في عمل المأموم حيث قال: (وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد)، يدل على أن الأولى ألا يقول: سمع الله لمن حمده، وإنما يقول: ربنا ولك الحمد، كما أرشد إلى ذلك رسول الله عليه الصلاة والسلام؛ لأنه رتب أو عقب قول الإمام: سمع الله لمن حمده بقول المأموم: ربنا ولك الحمد، ولم يقل: وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: سمع الله لمن حمده.


ابوالوليد المسلم 15-06-2021 09:56 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الصلاة
(كتاب الافتتاح)
(165)


- (باب موضع الإبهامين عند الرفع) إلى (باب القول الذي يفتتح به الصلاة)

جاءت سنة النبي صلى الله عليه وسلم مبينة لكل أفعال الصلاة ومن ضمنها رفع اليدين وموضع الإبهامين عند الرفع، كما بينت أن تكبيرة الإحرام ركن من أركان الصلاة لا تصح الصلاة إلا بها.
موضع الإبهامين عند الرفع

شرح حديث وائل بن حجر في موضع الإبهامين عند رفع اليدين للتكبير
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب موضع الإبهامين عند الرفع.أخبرنا محمد بن رافع حدثنا محمد بن بشر حدثنا فطر بن خليفة عن عبد الجبار بن وائل عن أبيه رضي الله عنه أنه: (رأى النبي صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة رفع يديه حتى تكاد إبهاماه تحاذي شحمة أذنيه) ].يقول النسائي رحمه الله: موضع الإبهامين عند رفع اليدين، فالمقصود من ذلك: أنهما تكادان تحاذيان شحمة الأذنين، وقد أورد النسائي حديث وائل بن حجر رضي الله تعالى عنه، أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة رفع يديه حتى تكاد إبهاماه تحاذي شحمة أذنيه. والمراد بذلك ما كان بأسفلهما، أي: القطعة الرقيقة اللينة التي في أسفل الأذنين، هذه هي المراد، وهذا يتفق مع الأحاديث المتقدمة عن مالك بن الحويرث: حتى يحاذي فروع أذنيه، والمراد بذلك الأعالي، الفروع هي أعالي الأذنين، وإذا كانت الإبهامان تكاد، أي: تقرب أن تحاذي شحمة الأذنين، فإن الأصابع تحاذي أعلى الأذنين أو أعالي الأذنين، فهو متفق مع ما تقدم من ذكر الرفع حتى محاذاة فروع الأذنين، فهذا الحديث موافق لما جاء في الأحاديث المتقدمة من جهة رفع اليدين، وهذه إحدى الحالات التي ترفع اليدين فيها، وقد جاء في بعض الأحاديث أنها حذو المنكبين.
تراجم رجال إسناد حديث وائل بن حجر في موضع الإبهامين عند رفع اليدين بالتكبير
قوله: [أخبرنا محمد بن رافع].محمد بن رافع هو القشيري النيسابوري، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه فإنه لم يخرج له شيئاً، مثل إسحاق بن راهويه أخرج له اصحاب الكتب الستة عدا ابن ماجة، وهو: من شيوخ مسلم الذين أكثر من الرواية عنهم، ومن طريقه روى حديث صحيفة همام بن منبه، أو أحاديث صحيفة همام بن منبه التي أوردها في مواضع كثيرة من صحيحه، فإنها كلها بإسناد واحد، وهي من طريق شيخه محمد بن رافع.[حدثنا محمد بن بشر].وهو الكوفي، وهو ثقة، عابد، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [حدثنا فطر بن خليفة].وهو صدوق، رمي بالتشيع، وأخرج حديثه البخاري، وأصحاب السنن الأربعة. [عن عبد الجبار بن وائل].عبد الجبار بن وائل الحضرمي، وهو ثقة، أرسل عن أبيه، روايته عن أبيه مرسلة، وأخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.[عن أبيه]وائل بن حجر الحضرمي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه البخاري في جزء القراءة، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة، وسبق أن مر بنا حديث أو حديثان من رواية عبد الجبار بن وائل عن أبيه، وعرفنا أنها مرسلة، لكن قد جاء ما يعضد هذه الروايات التي جاءت عنه فيما يتعلق برفع اليدين، مثل حديث مالك بن الحويرث، فإنه دال على ما دل عليه حديث وائل بن حجر فيما يتعلق بالنسبة لرفع اليدين.والشيخ الألباني وضع هذا الحديث ضمن الأحاديث الضعيفة في سنن النسائي، ولا يظهر لي وجه إدخاله؛ لأن الحديث الذي قبله الذي من طرق عبد الجبار بن وائل، والذي ذكره في جملة الصحيحة، هذا من جنسه، وأيضاً له شاهد كما أن لذاك شاهد، وهو الحديث الذي تقدم في الدرس الفائت.
رفع اليدين مداً

شرح حديث: (ثلاث كان رسول الله يعمل بهن... كان يرفع يديه في الصلاة مداً)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [رفع اليدين مداً.أخبرنا عمرو بن علي حدثنا يحيى حدثنا ابن أبي ذئب حدثنا سعيد بن سمعان قال: (جاء أبو هريرة إلى مسجد بني زريق، فقال: ثلاث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل بهن تركهن الناس: كان يرفع يديه في الصلاة مداً، ويسكت هنيهة، ويكبر إذا سجد، وإذا رفع) ].أورد النسائي هذه الترجمة وهي: رفع اليدين مداً، أي عندما يرفع الإنسان يديه للتكبير، فإنه يرفعهما مداً، والمد إما أنه يراد المبالغة في الرفع، أو يراد به أن اليدين تكونان ممدودتين، أي: ما تكونا عندما يرفعهما مقبوضتين، وإنما تكون ممدودة الأصابع، وأورد النسائي فيه حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أنه قال: (ثلاثٌ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعلهن وقد تركهن الناس: كان يرفع يديه مداً، ويسكت هنيهة، ويكبر إذا سجد وإذا رفع).فقوله: (يرفع يديه مداً)، هذا هو المقصود بالترجمة، والمراد منه أنه يرفع يديه عند التكبير، يعني عند افتتاح الصلاة، ومثل ذلك عند الركوع، والرفع منه، والقيام للتشهد الأول كما عرفنا في الدرس الماضي، (ويسكت هنيهة)، قيل: إن المراد من ذلك هو السكوت عند افتتاح الصلاة، يعني بعد التكبير، في الصلاة الجهرية، فإنه يسكت، ويأتي بدعاء الاستفتاح، وأبو هريرة رضي الله عنه هو الذي سأل رسول الله عليه الصلاة والسلام عما يقوله في سكوته، أي في هذه الحال، وأخبره بدعاء الاستفتاح، وأنه كان يأتي بدعاء الاستفتاح، (ويكبر عند السجود وعند الرفع)، يعني أنه عندما يسجد يكبر، وعندما يرفع يكبر، قد جاء في بعض الأحاديث أنه يكبر عند كل خفض، ورفع طبعاً، ويستثنى من ذلك الرفع من الركوع؛ لأنه لا تكبير فيه، وإنما فيه التسميع، وما عدا ذلك فجميع ما يذكر عند الانتقال هو التكبير، إلا في موضع واحد وهو القيام من الركوع، فإنه يؤتى بالتسميع: سمع الله لمن حمده.
تراجم رجال إسناد حديث: (ثلاث كان رسول رسول الله يعمل بهن... كان يرفع يديه في الصلاة مداً)
قوله: [أخبرنا عمرو بن علي].الفلاس، وهو ثقة، محدث، ناقد، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [حدثنا يحيى].وهو ابن سعيد القطان، وهو محدث، ناقد، حديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وهو الذي قال فيه الذهبي وعبد الرحمن بن مهدي: أنهما إذا اجتمعا على جرح شخص فهو لا يكاد يندمل جرحه. يعني: أنهما يصيبان الهدف إذا اتفقا على جرح شخص.[حدثنا ابن أبي ذئب].وهو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب، وهو ثقة، فقيه، فاضل، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [قال حدثنا سعيد بن سمعان].وهو ثقة، خرج حديثه البخاري في جزء القراءة، وأبو داود، والترمذي، والنسائي. [أبو هريرة] وهو صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر الصحابة على الإطلاق حديثاً رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
فرض التكبيرة الأولى

شرح حديث المسيء صلاته
قال المصنف رحمه الله تعالى: [فرض التكبيرة الأولى.أخبرنا محمد بن المثنى حدثنا يحيى حدثنا عبيد الله بن عمر حدثني سعيد بن أبي سعيد عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل المسجد، فدخل رجلٌ فصلى، ثم جاء فسلم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فرد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: ارجع فصل فإنك لم تصل، فرجع فصلى كما صلى، ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسلم عليه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: وعليك السلام، ارجع فصل فإنك لم تصل، فعل ذلك ثلاث مرات، فقال الرجل: والذي بعثك بالحق ما أحسن غير هذا فعلمني، قال: إذا قمت إلى الصلاة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعاً، ثم ارفع حتى تعتدل قائماً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم ارفع حتى تطمئن جالساً، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها) ].أورد النسائي هذه الترجمة وهي فرض التكبيرة الأولى، يعني: أنها فرض لازم، وذلك أن الصلاة لا تنعقد إلا بها، ولا يكون الإنسان داخلاً في الصلاة إلا بهذه التكبيرة التي هي تكبيرة الإحرام، وتسمى تكبيرة الإحرام؛ لأن الإنسان إذا أتى بها دخل في الصلاة لإتيانه بها، فيحرم عليه بعدها ما كان حلالاً له قبلها؛ لأنه قبل أن يكبر، ويدخل في الصلاة، له أن يأكل، ويشرب، وله أن يمشي، وله أن يتكلم مع غيره، وله أن يلتفت، وله أن يتصرف التصرفات التي يسوغ له أن يتصرفها، فإذا حصل منه التكبير فإنها تحرم عليه، وتكبيرة الإحرام هي مثل النية في الإحرام في الحج، يحرم عليه عند الإحرام، وعند نية الإحرام ما كان حلالاً له قبلها، وقد جاء في الحديث: (مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم)، تحريمها التكبير، يعني: أن الإنسان يكون دخل بها، وحرم عليه بالدخول بها، أي: الصلاة ما كان حلالاً قبل ذلك، وذلك بالتكبير، وتحليلها التسليم، هذا التحريم وهذا الامتناع الذي يكون والإنسان يصلي، ينتهى منه بالتسليم، فإذا وجد التسليم يعود الإنسان إلى ما كان عليه قبل تكبيرة الإحرام، فله أن يتكلم، وله أن يلتفت، وله أن يشرب، وله أن يأكل، وله أن يخاطب غيره؛ لأن (تحريمها التكبير، وتحليلها التسليم)، فكما قلت: يقولون في تعريف الصلاة شرعاً: هي أقوال وأفعال مخصوصة مبتدأة بالتكبير مختتمة بالتسليم، فبدايتها تكبير ونهايتها تسليم، (تحريمها التكبير، وتحليها التسليم)، كما قال ذلك رسول الله عليه الصلاة والسلام، فتكبيرة الإحرام فرض، ولا تنعقد الصلاة إلا بتكبيرة الإحرام، وإذا وجدت تكبيرة الإحرام، عند ذلك دخل الإنسان في الصلاة، وبدونها لا يكون الإنسان دخل في الصلاة.وقد أورد فيه حديث أبي هريرة، وهذا الحديث مشهور بحديث المسيء في صلاته؛ لأنه ما أحسن في صلاته، وما أصاب في صلاته، والنبي صلى الله عليه وسلم أرشده، وأمره بأن يعيد الصلاة، وأنه لم يصل، ولما قال له: (والذي بعثك بالحق نبياً لا أحسن غير هذا فعلمني)، علمه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم كيف يصلي، والحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان جالساً..(أن الرسول صلى الله عليه وسلم دخل المسجد فدخل رجلٌ).فصلى، ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، والنبي صلى الله عليه وسلم جالس، جاء إلى النبي وسلم عليه، فقال له: (ارجع فصل فإنك لم تصل)، يعني: أن صلاته التي صلاها غير معتبرة، ولهذا قال: (ارجع فصل فإنك لم تصل)؛ لأن قوله: (فإنك لم تصل)، يبين أن صلاته الماضية غير معتبرة، ولو لم يقل: (فإنك لم تصل)، لقال: إني قد صليت، لكنه أرشده إلى أن صلاته التي صلاها غير معتبرة، فرجع وصلى كما صلى، ثم جاء وقال: (ارجع فصل فإنك لم تصل)، ثم جاء إليه، وفي كل مرة يأتي، ويسلم على الرسول صلى الله عليه وسلم، والرسول صلى الله عليه وسلم يرد عليه السلام، وفيه دليل على أن الإنسان إذا تكرر دخوله، ومجيئه إلى مكان معين، يأتي إليه، ثم يذهب، ثم يرجع، فإنه يسلم في كل مرة؛ لأن هذا تكرر منه السلام، ثم يذهب، فيصلي، ثم يأتي، فيسلم، والنبي صلى الله عليه وسلم يرد علي السلام، ففي هذا تكرار السلام في المجلس الواحد، إذا ذهب الإنسان ورجع إليه فإنه يسلم مرةً أخرى، ولا يكفي سلامه الأول الذي حصل قبل ذهابه منه، وإنما في كل مرة يأتي يسلم، كما فعل هذا الصحابي، ورد الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام عليه. وعندما فعل هذا ثلاثاً، فلم يكن ما حصل منه أولاً خطأ في تلك المرة فقط، فحصل منه استعجال أخلّ بالصلاة، وإنما كان على وتيرة واحدة، وعلى طريقة واحدة، وصلاته على هيئة واحدة، فعند ذلك قال: (والذي بعثك بالحق لا أحسن غير هذا، فعلمني)، حلف وأقسم بأنه لا يعرف غير هذا، وأن هذا هو الذي يعرفه من كيفية الصلاة، وطريقة الصلاة، وطلب منه أن يعلمه، وهذا الذي حصل من الرسول صلى الله عليه وسلم كونه يعيده ثلاث مرات، ثم بعد ذلك يأتي، ثم يحلف بأنه ما يعرف إلا هذا، ويطلب التعليم، لا شك أنه عندما يعلم يقع ذلك التعليم في نفسه، وسينتبه جيداً لتلقيه؛ لأن كونه فعل ذلك ثلاث مرات، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول له: (ارجع فصل فإنك لم تصل)، ثم بعد ذلك يحلف بأنه لا يعرف غير هذا، ويطلب التعليم، فيعلمه الرسول عليه الصلاة والسلام، لا شك أن التعليم بعد هذه الأمور فيه رسوخ، وفيه تمكن من الأخذ والتلقي، ما دام أنه سبقه هذه الأحوال.فالنبي عليه الصلاة والسلام قال: (إذا قمت إلى الصلاة فكبر)، وهذا هو محل الشاهد من إيراد الحديث: فرض التكبيرة الأولى، (إذا قمت إلى الصلاة فكبر)، معناه: أن الإنسان يدخل في الصلاة بالتكبير، فالتكبير أمر لازم، وهي أول فروض الصلاة، أول أركان الصلاة؛ لأن الدخول يكون بها، فهي أول فرض يكون في الصلاة، عند إيقاعها، وتنفيذها، فإن أول فرض فيها هو التكبير للدخول في الصلاة الذي هو الإحرام، الذي قال عنه صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي ذكرت: (تحريمها التكبير).(إذا قمت إلى الصلاة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن)، وهذا استدل به بعض العلماء على أن قراءة الفاتحة ليست بلازمة؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن)، وقد يتيسر مع الإنسان من القرآن غير الفاتحة، لكن جاءت الأحاديث الخاصة الدالة على تعين قراءة الفاتحة، وعلى لزوم قراءة الفاتحة، فدل على أن ما جاءت به السنة من بيان لزومها، أن هذا هو المتعين، ويحمل قوله عليه الصلاة والسلام: (ما تيسر معك من القرآن)، على ما بعد الفاتحة، أو يكون في حق الإنسان الذي ما تعلم الفاتحة، يعني قبل أن يتعلمها إذا كان يحفظ شيئاً فإنه يؤدي الصلاة به، لكن يتعين عليه أن يأتي بسورة الفاتحة وأن يحفظها، وأن يتعلمها؛ لأنها مطلوبة في كل ركعة من ركعات الصلاة، وقد جاءت الأحاديث الدالة على فرضها، ووجوبها، ولزومها، وأنه (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)، فهي متعينة.(ثم اركع حتى تطمئن راكعاً)، معناه: أنه يطمئن في ركوعه، أي: ما يكون هناك استعجال، وإنما يكون فيه اطمئنان في هذه الأفعال التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثم اركع حتى تطمئن راكعاً، ثم ارفع يعني من الركوع؛ حتى تعدل قائماً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم اجلس حتى تطمئن جالساً، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها)، وكأن النبي عليه الصلاة والسلام نبهه على الشيء الذي رآه أخل به، وهو هذه الأفعال، وأنه لم يطمئن فيها، بل كان مستعجلاً، فنبهه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم إلى أن يطمئن في هذه الأفعال، ولم يعلمه الأمور الأخرى التي هي التشهد، والسلام وما إلى ذلك، ولعله لم يكن مخلاً في تلك، وإنما أخل في الركوع، وفي القيام، وفي السجود، وفي الجلوس بعد السجود الذي بين السجدتين، فأرشده الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الاطمئنان في هذه الأفعال. ثم قال: (ثم افعل ذلك في صلاتك كلها)، أي: كل ركعات الصلاة تعمل فيها مثل ما عملت في هذه الركعة، وهذا الحديث حديث عظيم، وهو أصل في بيان كيفية الصلاة، وكذلك فيما يتعلق بالاطمئنان بها، وفيه أن الإنسان إذا ما اطمأن في أفعاله: الركوع، والسجود، والجلوس، والقيام، أنه لا يعتبر مصلياً؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (فإنك لم تصل)، أي: ما وجدت منك الصلاة المشروعة المطلوبة التي تحصل براءة الذمة بها، فأرشده النبي الكريم عليه الصلاة والسلام بعد هذا الترداد وبعد حلفه بأنه لا يحسن غير ذلك.

يتبع


ابوالوليد المسلم 15-06-2021 09:57 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
تراجم رجال إسناد حديث المسيء صلاته
قوله: [أخبرنا محمد بن المثنى].وهو محمد بن مثنى العنزي، الملقب بـالزمن، وكنيته أبو موسى، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة. بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، وهو: رفيق محمد بن بشار الذي اتفق معه في سنة الولادة، وسنة الوفاة، واتفقا معه في الشيوخ، والتلاميذ، واتفقا في كونهما جميعاً من أهل البصرة، ولهذا قال عنهما الحافظ ابن حجر: وكانا كفرسي رهان. ولدا في سنة واحدة، ومات في سنة واحدة، وهم من أهل البصرة، واشتركا في الشيوخ والتلاميذ، فصارا كفرسي رهان.[حدثنا يحيى].وهو ابن سعيد القطان، تقدم ذكره قريباً.[حدثنا عبيد الله بن عمر]. هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العمري، وهو المصغر، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، بخلاف أخيه المكبر الذي هو عبد الله فإنه ضعيف، عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، هذا ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. وأما أخوه عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب فهو ضعيف، فالمصغر ثقة، والمكبر ضعيف.[حدثني سعيد بن أبي سعيد المقبري].وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن أبيه].كيسان أبو سعيد المقبري، وهو ثقة، ثبت، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن أبي هريرة].أبو هريرة رضي الله عنه، وقد تقدم ذكره.
القول الذي يفتتح به الصلاة

شرح حديث عبد الله بن عمر في القول الذي يفتتح به الصلاة
قال المصنف رحمه الله تعالى: [القول الذي يفتتح به الصلاة.أخبرنا محمد بن وهب حدثنا محمد بن سلمة وعن أبي عبد الرحيم حدثني زيد هو ابن أبي أنيسة، عن عمرو بن مرة، عن عون بن عبد الله، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: (قام رجلٌ خلف نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال: الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً، فقال نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم: من صاحب الكلمة؟ فقال رجل: أنا يا نبي الله، فقال: لقد ابتدرها اثنا عشر ملكاً) ].أورد النسائي القول الذي يفتتح به الصلاة، يعني: الدعاء الذي يفتتح به الإنسان صلاته، وقد أورد فيه حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما: (أنه صلى خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رجلٌ خلفه: الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرةً وأصيلاً، فقال: من قائل هذه الكلمة؟ فقال رجلٌ: أنا يا رسول الله، فقال: لقد ابتدرها اثنا عشر ملكاً)، أي: كل واحد يبادر ويسارع إلى كتابتها، فهذا يدل على مشروعية هذا الدعاء في افتتاح الصلاة، ويدل أيضاً على أن الكلمة تطلق على الكلام؛ لأن قوله: (الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرةً وأصيلاً)، أطلق عليه أنها كلمة؛ لأن الكلمة تأتي ويراد بها الكلام، وقد جاء ذلك في أحاديث كثيرة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، مثل هذا الحديث، ومثل حديث: (أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد : ألا كل شيءٍ ماخلا الله باطل) .وقوله صلى الله عليه وسلم: (كلمتان حبيبتان إلى الرحمن، خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم)، فالمراد بالكلمة هنا الكلام، وليس المراد بها كلمةً واحدة مفردة، ولهذا يقول ابن مالك في أول ألفية: واحده كلمة والقول عموكلمة بها كلام قد يؤموقد يقصد بالكلمة الكلام، ولهذا يقال: فلان ألقى كلمة، والمراد بالكلمة كلمة طويلة، وليست كلمةً واحدة ولفظاً واحداً، فالكلمة تأتي للفظة مفردة واحدة، وتأتي أيضاً ويراد بها الكلام، ومن مجيئها مراداً بها الكلام هذا الذي في هذا الحديث: (الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرةً وأصيلاً، قال: من قائل هذه الكلمة؟)، يعني الكلام الذي قيل، وهو ليس كلمة واحدة، لكن كلمة يراد بها الكلام. ثم أيضاً فيه بيان عظم شأنها، وأن الاثني عشر ملكاً يبتدرونها كل واحد منهم يبادر إلى كتابتها.(لقد ابتدرها اثنا عشر ملكاً).أي: كل واحد يبادر إلى كتابتها، وهذا يدل على فضل هذه الكلمة، ولهذا جاء عن ابن عمر أنه ما ترك ذلك منذ سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هذا.
تراجم رجال إسناد حديث عبد الله بن عمر في القول الذي يفتتح به الصلاة
قوله: [أخبرنا محمد بن وهب].محمد بن وهب الحراني، وهو صدوق، أخرج له النسائي وحده.[حدثنا محمد بن سلمة].محمد بن سلمة الحراني، وهو ثقة، خرج حديثه البخاري في جزء القراءة، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة. وهناك محمد بن سلمة آخر وهو: الجملي المرادي، وهو ثقة، وهو متأخر عن هذا، وهو الذي يروي عنه النسائي مباشرة، إذا جاء محمد بن سلمة يروي عنه النسائي فالمراد محمد بن سلمة المرادي، وإذا جاء محمد بن سلمة يروي عنه بواسطة، فالمراد به هذا الذي معنا الذي هو محمد بن سلمة الحراني.[وعن أبي عبد الرحيم].وهي كنية اشتهر بها خالد بن أبي يزيد الحراني، وهو مشهور بكنيته أبي عبد الرحيم، وهو ثقة، خرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأبو داود، والنسائي.[حدثني زيد هو ابن أبي أنيسة].ابن أبي أنيسة، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة. وقوله: هو ابن أبي أنيسة، هذه قالها من دون أبي عبد الرحيم؛ لأن أبا عبد الرحيم لا يحتاج إلى أن يقول: هو ابن فلان، بل ينسب شيخه كما يريد، لكن أبا عبد الرحيم أتى بـزيد فقط عند روايته عن شيخه، ولم ينسبه، فمن بعد أبي عبد الرحيم هو الذي أتى بهذه النسبة، وذُكرت بقوله: هو؛ حتى لا يظن أنها من التلميذ؛ لأنه لو لم يأتِ بـ(هو) لظن أنها من التلميذ، والتلميذ ما نسبه، وإنما أتى به بلفظ مفرد الذي هو زيد، ومن دونه أراد أن يوضح، لكنه أتى بكلمة هو الدالة على أنها ليست من التلميذ، وإنما هي ممن دون التلميذ.[عن عمرو بن مرة].عمرو بن مرة الكوفي، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن عون بن عبد الله].هو عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي الكوفي، ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.[عن عبد الله بن عمر].هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة في الصحابة، وأحد السبعة المكثرين من رواية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
شرح حديث ابن عمر في القول الذي يفتتح به الصلاة من طريق أخرى
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن شجاع المروذي حدثنا إسماعيل عن حجاج عن أبي الزبير عن عون بن عبد الله عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: (بينما نحن نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رجل من القوم: الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرةً وأصيلاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من القائل كلمة كذا وكذا؟، فقال رجل من القوم: أنا يا رسول الله، قال: عجبت لها، وذكر كلمة معناها: فتحت لها أبواب السماء، قال ابن عمر: ما تركته منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله)]. أورد حديث ابن عمر من طريق أخرى، وفيها ما في التي قبلها، إلا أن الرسول عليه الصلاة والسلام لما قال له: من قائل هذه الكلمة؟ وقال: أنا، قال: عجبت لها، ثم قال كلمةً معناها: فتحت لها أبواب السماء. يعني: قال كلمة معناها، معنى هذه الكلمة: فتحت لها أبواب السماء، معناه: أن الكلمة هذه لم يتقن لفظها، ولكنه أتى بمعناها، فتحت لها أبواب السماء، قال ابن عمر:[ما تركته منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله].
تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر في القول الذي يفتتح به الصلاة من طريق أخرى
قوله: [أخبرنا محمد بن شجاع المروذي].بتشديد الراء، والمراد بالمروذي نسبة إلى مر الروذ، ويقال: مرو الروذي، ويؤتى بها مختصرة فيقال: المروذي، وهي نسبة إلى بلد أو إلى مدينة اسمها مر الروذ، وقيل لها: مر الروذ؛ حتى تتميز من مرو الشاهجان التي ينسب إليها مروزي، ينسب إليها فيقال: المروزي، وأما مر الروذ فينسب إليها فيقال: المروذي، وأكثر النسب تأتي المروزي نسبة إلى مرو الشاهجان، وهما بلدان متقاربان، قيل: إن بينهما أربعون فرسخاً، فينسب إلى مرو الشاهجان المروزي، وينسب إلى مر الروذ المروذي، ومحمد بن شجاع شيخ النسائي ثقة، خرج حديثه الترمذي، والنسائي.[حدثنا إسماعيل].وهو ابن علية، إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدي، وهو ثقة، ثبت، إمام، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، هو مشهور بـابن علية.[عن حجاج].وهو ابن أبي عثمان الصواف، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن أبي الزبير].محمد بن مسلم بن تدرس المكي، وهو صدوق، يدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [عن عون بن عبد الله عن عبد الله بن عمر].وقد مر ذكرهما في الإسناد الذي قبل هذا.
الأسئلة

جمع أدعية الاستفتاح في الصلاة الواحدة
السؤال: كم عددٍ من أدعية الاستفتاح في الصلاة الواحدة؟الجواب: لا تجمع أدعية الاستفتاح في صلاة واحدة، وإنما يؤتى بدعاء واحد، وإذا أتى بهذا مرة، وبهذا مرة، وبهذا مرة، فلا بأس، والرسول صلى الله عليه وسلم ما جمعها، وإنما أتى بها في أحوال مختلفة، جاء عنه هذا في موضع، وهذا عنه في موضع، وعلم هذا، وعلم هذا، لكن لا يجمعها؛ لأن الرسول ما جمعها، وإنما أتى بكل واحد منها على حدة، أو علم هذا، وعلم هذا، وعلم هذا وهكذا، فهي أنواع من أنواع الاستفتاح، أي: أن أي واحد منها يأتي به وقد ثبت، فإنه موافق للسنة، أما كونه يجمعها، فهذا لا أعلم له دليل يدل عليه، والرسول صلى الله عليه وسلم ما فعله، وهذا الذي يسمونه اختلاف التنوع، كون واحد يأخذ مثلاً بنوع من أنواع الاستفتاح الثابت عن رسول الله لا بأس بذلك، هذا ما يقال فيه اختلاف تضاد؛ لأن هذا حق، وهذا حق، فأي واحد منها أخذ به فقد أخذ بحق.
الاكتفاء بـ(الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا) في دعاء الاستفتاح
السؤال: من قال: الله أكبر كبيراً إلى آخره، هل تكفي عن الاستفتاح؟الجواب: تكفي، لكن لو أتى بـ: الله أكبر وحدها، ثم قال: الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرةً وأصيلاً، فهذا هو الأولى، وإن أتى به قال: الله أكبر، وهي التي حصل بها الدخول، والباقي أضافه إليها استفتاحاً جاز.
حالة استخلاف الإمام أحد المأمومين وكيفيته
السؤال: متى يجوز للإمام أن يستخلف إماماً بدلاً منه من المصلين؟الجواب: إذا اضطر إلى الخروج من الصلاة لأمر اقتضى ذلك، كأن يكون غلبه الحدث، وهو بحاجة إلى أن يذهب لقضاء حاجته، فإنه يستخلف، بمعنى أنه يرجع وراءه القهقرى، ويمسك واحداً يجعله يتقدم، ولا يستدير بل يستخلف وهو مستدير، ثم يقطع صلاته.
الاختلاف بين الضمير ووجوه في قول ابن عمر
السؤال: لماذا ذكر ابن عمر: ما تركته منذ سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله، مع أن الصلاة عائد على الكلمة، ما تركتها؟الجواب: لأن الكلمة يراد بها الكلام، أي: ما تركت الكلام أو ما تركت الكلمة، فهو أتى به على أن المراد بها الكلام؛ لأن الكلمة يراد بها الكلام، فلا تنافي بين رجوع الضمير مذكراً أو مؤنثاً، فإن كان مؤنثاً فالمراد به الكلمة، وإذا جاء مذكراً فالمراد به الكلام.فيقال: ما تركت هذا الدعاء مثلاً.يمكن أن يكون المراد هذا الذكر أو هذا الكلام.
حكم صلاة المنفرد خلف الصف
السؤال: إذا قصر إنسان في الصف، ووقف منفرداً وصلى ركعةً واحدة منفرداً، ثم لحق به آخر واصطف معه، فما حكم صلاته؟الجواب: إذا حصل منه التقصير، فدخل في الصلاة منفرداً، مع وجود أماكن خالية في الصف لم يدخل فيها، فلا شك أنه فعل أمراًمنكراً، وأمراً غير سائغ، ولا تصح صلاته في تلك الحال، لكن كونه جاء معه أحد هل يقضي تلك الركعة التي ما اصطف معه أحد فيها؟ إذا كان دخل في الصلاة، ولم يركع، لم يحصل الركوع إلا بعد ما جاء أحد، فالأمر واضح ما فيه إشكال، وإنما الإشكال فيما لو مضى ركعة من الركعات، فهل يعيدها كما أمر بإعادة الصلاة كلها لما حصل منه من التقصير؟ لا أدري، ما أستطيع أقول فيها شيئاً.



الساعة الآن : 05:49 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 248.52 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 248.03 كيلو بايت... تم توفير 0.50 كيلو بايت...بمعدل (0.20%)]