رد: خواطرفي سبيل الله
خواطرفي سبيل الله (44) محمد خير رمضان يوسف • يا بني، إذا اشتريتَ كتابًا فاقرأه، أو تصفَّحه، أو اقرأ فصوله، ومقدمتهُ ونتائجه، واطَّلعْ على أهمِّ موضوعاته، ولا تكنْ كمن يشتريهِ ثم يرميهِ بين كتبه، ولا يراهُ إلا بعدَ غَيبةِ سنوات، وتكونُ قد ذهبتْ حلاوةُ قراءته، أو وقتُ الاستفادةِ منه، فبعضُ الكتبِ مؤقَّتة. • قرأتُ لكثيرٍ من النقّاد انتقاداتهم للكتب، بينهم أقلامهم معوجَّة، أو حادَّة، أو مسمومة، فيذكرون ما أخطأ فيه المؤلف، ولا يذكرون ما أبدعَ فيه وحقق، وغيرُ المطَّلعين على تلك الكتب يظنون ذلك حقًّا! لأنهم لم يروا الكتابَ الأصل، أو لم يقرؤوه. فلا تصدِّقوا كلَّ ناقد، ولكنْ تحقَّقوا من كلامهِ إذا أردتم. • إذا أحببتَ أخًا لك، ورأيتَ له يدًا عليك، ولا قدرةَ لكَ على مكافأته، فادعُ له في ظهرِ الغيب، فإن هذا الدعاءَ له قدرٌ عند الله، لأنه نابعٌ من القلب، وخالٍ من الرياءِ والتصنُّع. • من اطمأنَّ على مالهِ لأنه في البنك، وظنَّ أنه أمَّنَ مستقبلَهُ الماليّ، فليعتبرْ بما حلَّ بآخرين كان حسابُهم أكثرَ من حسابه. فليكنِ القلبُ معلَّقًا برازقِ العباد، فهو المعطي، وهو المانع. • أرضُ الشامِ أرضٌ مباركة، تُنبتُ المجاهدين نباتًا، مرَّ أكثرُ من أربعين عامًا استعملَ فيها الطاغيتانِ أقسَى أنواعِ التنكيلِ والقتلِ بالمسلمين، ولم يتمكنا من القضاءِ على الدعوةِ والجهادِ فيها، ولن تتمكنَ أيةُ دولةٍ خارجيةٍ من ذلك، فالأرضُ أرضُ الإسلام، والرجالُ رجالُ الإسلام، والشبابُ متحمِّسون، والكبيرُ والصغيرُ يتمنَّى الشهادةَ في سبيلِ الله، وكتابُ الله تعالَى قائمٌ بيننا، نستمدُّ منه السدادَ في أمرنا، ولا أحدَ يقدرُ على أن يُطفئ نورَ الله. |
رد: خواطرفي سبيل الله
خواطرفي سبيل الله (45) محمد خير رمضان يوسف • يا بني، إن والدكَ يتابعُ مسيرتكَ حتى تكبر، ويسألُ عنكَ والدتكَ وأصدقاءك؛ ليقوِّمكَ إذا أخطأتَ وملتَ إلى الباطل، فكنْ قرَّةَ عينٍ له، ولا تنغِّصْ حياتَهُ بخُلقٍ سيِّءٍ أو سلوكٍ منحرف. • ليس كلُّ بئرٍ يَصلحُ ماؤهُ للشرب، ويَظهرُ لكَ ذلك عندما تَغرفُ منه غُرفة. وليس كلُّ كتابٍ يَصلحُ للقراءةِ والاستفادة، ويَظهرُ لك ذلك من اسمِ مؤلِّفه، أو من عباراتٍ سيِّئةٍ يقولُها. • ترَى الأرضَ جرداءَ خالية، فإذا أنزلَ الله المطرَ بقدرتهِ أنبتتْ وأزهرتْ وأثمرت، كذلك يُحيي الله الناسَ بعد موتهم، فالله هو الذي أحيا النبات، والمطرُ إنما هو سببٌ خلقَهُ ربُّنا كذلك. • قلْ للملحد: إذا دخلتَ غرفتكَ فرأيتَ فيها أشياءَ جديدة، وإبداعًا في الترتيبِ والتصميم، فحتمًا ستقول: من أتَى بهذا؟ ومَن رتَّبَ ونظَّمَ وصمَّم؟ فلماذا لا تقولُ في هذا الكونِ مثلَ ذلك، وهو أعظمُ وأجلُّ وأوسعُ من غرفتك؟! • آيةٌ للذكرى: {فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يَجْحَدُونَ} [سورة فصِّلت: 15] |
رد: خواطرفي سبيل الله
خواطرفي سبيل الله (46) محمد خير رمضان يوسف • يا بني، لتكنْ مكتبتُكَ عامرةً بأنواعِ العلوم، حتى إذا بحثتَ عن معلومةٍ وجدتَ لها مرجعًا عندك، وحتى إذا مللتَ نوَّعت، كبستانٍ يحوي أنواعَ الثمر، ولو كان ثمرًا واحدًا لمللته. • التمسْ أخًا يُعينُكَ على طاعةِ الله، يذكِّرُكَ إذا نسيت، ويُعينُكَ إذا ضعفت، ويشجِّعُكَ إذا كسلت، ويزورُكَ إذا مرضت، ويساعدُكَ إذا احتجت، ويدافعُ عنكَ إذا ظُلِمت. • من فقدَ صديقًا حبيبًا عليه، فكأنما صارَ يمشي برجلٍ واحدة، أو يرَى بعينٍ واحدة، فقد كانت رجلهُ أولَ ما تمشي إليه، وعينهُ تنظرُ إليه أكثرَ من غيره. • لو شُفيَتِ الأبدانُ بالأدعيةِ والأذكارِ والرُّقَى وحدَها لبطلَ الطبّ، ولَما بحثَ الناسُ عن العلاجِ والدواء، ولَما عُرِفَ إبداعُ الخالقِ في جسمِ الإنسان، ولطغَى الناسُ وبغَوا لملازمةِ الصحةِ لهم. • العامةُ لا يفهمون أبعادَ ما يرمي إليه المصلحون، ولا يتفاعلون مع كل ما يقولون، ولكن تلامذتهم والكتّابَ المتأثرين بهم هم الذين يشرحون كلامهم، ويقرِّبون أفكارهم إليهم، بأساليبهم المختلفة، ويشيدون بهم، فيشتهرون بذلك بين العامة والخاصة، فيلقون القبول. |
رد: خواطرفي سبيل الله
خواطرفي سبيل الله (47) محمد خير رمضان يوسف • الشيطانُ يقولُ للإنسان: اكفر، فلن يضرَّكَ هذا شيئًا! وعندما يكفرُ يتبرَّأُ منه، أي: يقولُ له: لا علاقةَ لي بك، فأنا طلبتُ منكَ أن تكفرَ فكفرت، ولم أضغطْ عليك، ولم أجبركَ على ذلك، إنما زيَّنتُ ذلك في قلبِكَ ففعلتَ. ثم يكذبُ عليه ويقول: إني أخافُ من غضبِ الله وعقابه! {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ} وتكونُ عاقبتهما أن يكونا معًا في النار: {فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ}. [سورةُ الحشر: 17]. • الخوفُ من الرياءِ أمامَ الناسِ لا يعني تركَ سنَّةٍ أو التقصيرَ في فرض، إنما هو الشيطانُ يوسوسُ في نفسِكَ لتقلِّلَ من عملِكَ الحسن، فاعملْ وأنتَ خائف، والله مطَّلعٌ عليك، عالمٌ بما يُخفيهِ صدرُك. • لا يأخذْكَ خلافُ العلماءِ إلى الضجر، ولا يؤدِّ بكَ إلى الانحراف، فإنهم اجتهدوا وقالوا، وأنتَ اتَّبِعْ مذهبك، أو اعملْ بما يطمئنُّ إليه قلبُكَ من الصوابِ من أقوالهم، إذا كنتَ مطَّلعًا أو أهلًا للترجيح. • مَن حفظَ غيرُ من تفكَّرَ واعتبر، فالأولُ ينظرُ إلى النجاح، والآخرُ يجتهدُ ليشقَّ له طريقًا في الحياة، مرتكزًا على مبدأ، ومقتنعًا بما هو عليه. • احذرْ يا ابنَ أخي، فإن عالمَ الفنِّ في عصرنا يعني الهبوط، ويعني التدني في مستوى الأخلاق، ويعني الفساد، وتقليدَ المفسدينَ في الأرض، وأربأُ بكَ أن تكونَ مثلَهم، أو في خطِّهم. |
رد: خواطرفي سبيل الله
خواطرفي سبيل الله (48) محمد خير رمضان يوسف • إن وسائلَ الاتصالِ الحرةَ فتحتْ أمامَ المسلمين أبوابَ الدعوة، والأمرِ بالمعروفِ والنهي عن المنكر، وتبليغِ ما يشاؤون من أمورِ دينهم، بتفصيلٍ أو بإيجاز، وبأساليبَ وأفانين، حتى لا يبقَى عذرٌ لكثيرٍ منهم. • ما أقبحَ الكذب، وما أبغضَ الكذّابين، وما أفضحَ البهتانَ وأهله، وما أقربَ ما يُكتشَفون. أذكرُ أن الرئيسَ محمد مرسي – فرَّج الله عنه وعن إخوانهِ وجميعِ المقهورين، لما عيَّنَ عبدالفتاح السيسي وزيرًا للدفاع، كتبت (العربية) في موقعها أنه من الإخوان المسلمين، أو أنه كان من الإخوان المسلمين، وبعدَ الانقلابِ عليه غيَّرتِ (العربية) موجةَ الكذبِ إلى كذبةٍ أخرى، فهي في علمانيتها وعداوتها للإسلامِ تقولُ أيَّ شيء، لا يهمُّها الحقُّ والعدل، وهكذا عرفنا الإعلامَ العربيَّ في دولةِ المخابراتِ والحكمِ الدكتاتوري، وما زالوا يتماوتون عليه!! • الغارقون في بحرِ الأموالِ لا يوقظهم إلا رنينُ النقود، وقسَتْ قلوبهم حتى لا تنفذَ إليها الكلماتُ الرقيقة، فلا يقفون عند فقير، ولا توقظهم أنّاتُ مريض، ولا تجلبُ نظرَهم دمعةُ يتيم! • الصندوقُ الأسودُ للإنسانِ هو أسرارهُ التي لا يريدُ أن يطَّلعَ عليها أحد، والله يعرفُ أبيضَهُ وأسودَه، ولو شاءَ لفضحه، كما فضحَ بوثائق ويكيليكس. • التفاؤلُ غيرُ طولِ الأمل، التفاؤلُ يفتحُ شهيتكَ على الجدِّ والعملِ ولو كان المستقبلُ غامضًا، وطولُ الأملِ غرورٌ وتسويف، وتخديرٌ وتنويم، يبثُّهُ الشيطانُ في النفس، ليُقنعَها بأن الحياةَ مازالتْ طويلة، وأن أمامَها وقتٌ طويلٌ لتفعلَ وتفعل..! |
رد: خواطرفي سبيل الله
خواطرفي سبيل الله (49) محمد خير رمضان يوسف • أخذَ الكتابَ من يدي، ففتحَهُ وهو يبتسم، وأقبلَ عليه يقرأُ بنهم، والابتسامةُ مازالتْ مرتسمةً على وجهه، لا تزيدُ ولا تنقص، لقد غرقَ في بحرِ الكتابِ العميق، ونسيَ أن يردَّ ابتسامته، أو لم يجدْ وقتًا لردِّها!! • إذا اجتمعَ الأصدقاءُ ضحكوا ونسوا همومَهم، وإذا تفرَّقوا عادتْ إليهم همومَهم، فإذا تزوَّجوا واستقرُّوا في عملٍ اضمحلَّ كثيرٌ منها، ونشأتْ همومٌ جديدة، حتى يأتيَهم اليقين. فلا حياةَ بدونِ همٍّ وغمّ، لا حياةَ بدونِ مشكلات، لأن المشكلاتِ من (الابتلاءِ) الذي لا بدَّ للإنسانِ منه، حتى يُعرَفَ صبرهُ وثباتهُ على إيمانه، والتزامهُ بأحكامِ دينه. • إذا حضرتَ مباراة: فهل خدمتَ وطنًا؟ أو بررتَ أبًا أو أمًّا؟ أو وصلتَ رَحِمًا؟ أو ساعدتَ محتاجًا؟ أو حصَّلتَ علمًا؟ أو استفدتَ أدبًا؟ أو ربحتَ مالًا؟ إذًا عدِّدْ لي ما جنيتَ من ثمراتِ حضورِكَ المباراةَ وفوائده! • إذا دخلتَ بنايةً ومعكَ ملحد، فقلْ له: هذا القصرُ ذو شأن، وإن ما فيه من لبناتٍ وأبوابٍ ونوافذَ ودروج، ومن نباتٍ وأصباغٍ وهندسةٍ وتمديداتٍ وأنوار، يقولون إنها اجتمعتْ بنفسها هنا على مدى ملايين السنين، هكذا صدفةً من غيرِ تدخلِ أحد! فإذا ضحكَ منكَ وقال: إنكَ مجنون! فقلْ له: بل أنتَ المجنون! فأنتَ الذي تقولُ إن هذا الكونَ العظيمَ جاءَ صدفة! بما فيه من كواكبَ عظيمة، ونجومٍ بعيدة، وحيواناتٍ ونباتاتٍ وبحار، وجبالٍ وماءٍ ونفط، وأسماكٍ وطيورٍ وحشرات.. فمن المجنون؟ • يا ابنَ أخي، إذا سبقتْكَ يدُكَ إلى سرقةٍ فقلْ لها: حقُّكِ أن تُقطَعي من جسدي، فقد خنتني، واللهُ قد رآكِ ولو لم يرَكِ أحدٌ من الناس، وكفَى به شاهدًا، حسيبًا عليمًا. |
رد: خواطرفي سبيل الله
خواطرفي سبيل الله (50) محمد خير رمضان يوسف • إذا لم تُتبعِ الاستغفارَ بالاستقامةِ بقيتَ معوجًّا، وإنما تكون الاستقامةُ بعد التوبةِ الصحيحة، وكان رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّمَ يجمَعُ بين الاستغفارِ والتوبة، ويقول: "أستغفرُ الله وأتوبُ إليه". فالاستغفارُ يعني طلبَ المغفرة، وعدمَ العقوبةِ على الخطيئة، والتوبةُ تعني التبرُّؤَ من الذنبِ والإقلاعَ عنه، والندمَ عليه، والعزمَ على عدمِ العودةِ إليه. • يا بني، إذا جاءكَ الضيفُ فاحتفِ به وأكرمه، وإكرامهُ ليس في الطعامِ والشرابِ وحده، بل بالكلمةِ الطيبة، والبشاشة، والخُلقِ الحسن. ولا يَخرجنَّ من بيتِكَ إلا بفائدةٍ أو نصيحة، فالدينُ النصيحة، والنصيحةُ من شأنِ المسلم، فهو مُلازمها، وإذا لم تَحضرْكَ فاهدهِ كتابًا، أو رسائلَ ومطوياتٍ تحتفظُ بها للضيوف، كما يحتفظُ أهلُ الدنيا بالتحفِ الغاليةِ ويهدونها لبعضهم بعضًا لمصالحَ بينهم. • التاجرُ يفكرُ في البيعِ والشراءِ في المتجر، والطالبُ يفكرُ في السؤالِ والجوابِ في مجلسِ العلم، والسياسيُّ يفكرُ في المقلَبِ والمخرَج، والمحامي يفكرُ في الحِجاجِ والغلَبة، والعسكريُّ يتدرَّبُ على القتلِ والفتك.. والحياةُ تجري.. وكلٌّ مسؤولٌ عمَّا يؤدِّي ويُنجز. • الإلهامُ قد يكونُ من الرحمن، وقد يكونُ من الشيطان، فانظرْ ما يوافقُ منه دينكَ أيها المسلم، ولا تَخلطْ بين الحقِّ والهوى، وبين يقظةِ العقلِ والهواجس. • عندما ترَى أسدًا في طريقٍ فإنك لا تسلكُها، لأنكَ تعلمُ عدوانيته، يعني حتى لو لم تؤذهِ آذاك. وهكذا هم وحوشُ البشر، يؤذون الناسَ ولو لم يؤذهم أحد! لأنهم مجرمون، نفوسُهم عدوانية، يتلذَّذون بأذَى الناس! |
رد: خواطرفي سبيل الله
خواطرفي سبيل الله (51) محمد خير رمضان يوسف • الإيمانُ يَنقصُ بقساوةِ القلب، ويقسو القلبُ بمرورِ الزمن، إذا لم يتعاهدْهُ صاحبهُ بالتذكير، فتصبحُ الأدعيةُ والعباداتُ والمناسِكُ عادةً وروتينًا، وتؤدَّى حركاتٌ ويُتلَفَّظُ بألفاظٍ خارجَ القلب، فلْيَسألِ اللهَ قلبًا خاشعًا، ولْيتعوَّذْ به من القلبِ القاسي، فإذا لم يَشعرْ بحلاوةِ الإيمانِ فليعلمْ أنه مازالَ على حاله. • أنتَ تُسألُ وربُّكَ لا يُسأل؛ لأنكَ تُخطئ وهو لا يخطئ، ولأنه سبحانهُ حقٌّ عدل، وأنتَ يعتري عملَكَ الباطلُ والظلم، ولأنه ربٌّ وأنتَ عبد، فهو المحاسِبُ وأنتَ المحاسَب. • المهندسُ لا يستغني عن مسطرتهِ في الرسم؛ لأنه إذا اعوجَّ عندهُ أمرٌ أثَّرَ على ما بعده، والمسلمُ يكونُ مهتديًا إذا كان على صراطٍ مستقيم، فإذا انحرفَ أثَّرَ ذلك على سلوكه، وارتبطت به أمورٌ أخرى في حياته. • يحرصُ العلماءُ على أن تكونَ التعريفاتُ قصيرةَ الكلمات، لتُحفظَ وتُتَذكَّر، ولذلك فهي تُشرَح؛ لأنها غامضة، مضغوطةَ المعاني، لا يُحاطُ بجوانبِها كلِّها. وقد يُقالِ للتعريفِ "الحَدُّ"، الذي يعني الدلالةَ على ماهيةِ الشيء. ليُعرفَ به حدودُ المصطلحِ أو العلم، وليُعلَمَ منتهاه، وليميَّزَ عن غيرهِ به. |
رد: خواطرفي سبيل الله
خواطرفي سبيل الله (52) محمد خير رمضان يوسف • فرقٌ بين أن تكونَ في صحراءٍ أو تكونَ في روضة، وبين أن تكون في بحرٍ أو على جبل، وفي مصنعٍ أو مزرعة، وملهًى أو مقبرة، وفي منطقةِ سلمٍ أو حرب. يتغيَّرُ تفكيرك، وتتنوَّعُ اهتماماتك، فالبيئةُ تؤثِّرُ في التفكير، فأنتَ تفكِّرُ فيما تحتاجُ إليه أكثر، وما يشغلُ بالكَ ومستقبلكَ أكثر. • قالوا: التجربةُ أكبرُ برهان. والرؤيةُ بالعينِ أيضًا صدقٌ وبرهان، إلا أن يكونَ ما تراهُ سحرًا، أو خفَّةَ يد، على أن تكونَ الرؤيةُ واضحة. أما الصورُ فتَخدع، والأفلامُ تركَّب. • السلوكُ إذا كذبَ مرةً فلن يكذبَ مرات، لأن المرءَ متعوِّدٌ عليه، مقتنعٌ به، ولا يصبرُ على غيره، ولذلك فإنكَ تعرفهُ من فعلهِ لا من لسانه. • من امتدحَ شخصًا للوهلةِ الأولى، ثم رآهُ تغيَّرَ بعدَ مدَّةٍ قصيرة، فلا يلومنَّ إلا نفسه، وإذا أُجبرَ على أبداءِ رأيه، أثنَى على الفعلِ الحسنِ لا الشخصِ نفسه. • من أدبرَ وتولَّى، إذا سمعَ قولًا حقّا، فقد آثرَ الكدرَ على الأنقَى، ورفعَ الأدنَى على الأرقَى، وفضَّلَ الفانيَ على الأبقَى. |
رد: خواطرفي سبيل الله
خواطرفي سبيل الله (53) • قالَ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّمَ ينصَحُ أبا هريرة،محمد خير رمضان يوسف وهو نصيحةٌ لكلِّ مسلم: "يا أبا هريرة، كنْ وَرِعًا تَكنْ أعبدَ الناس، وكنْ قَنِعًا تَكنْ أشكرَ الناس، وأحِبَّ للناسِ ما تحبُّ لنفسِكَ تَكنْ مؤمنًا، وأحسِنْ جوارَ مَن جاوركَ تكنْ مسلمًا، وأقِلَّ الضحك، فإنَّ كثرةَ الضحكِ تُميتُ القلب". رواهُ ابنُ ماجه في السنن (4217)، وصححه في صحيح الجامع الصغير (4580). • الذين ألهاهُم تكاثرُ الأموالِ والأولاد، عرفوا حقيقةَ الدنيا وما كانوا عليه بعد أن زاروا المقابرَ وصاروا من أهلِها، والمؤمنون يعرفون هذه الحقيقةَ من كتابِ ربِّهم ومن سنَّةِ نبيِّهم صلَّى الله عليه وسلَّم، فيعملون لذلك اليوم، ولا يغترُّون بزخارفِ الدنيا وإغراءاتها، مهما كثرتْ وتنوَّعت. • يا بني، إذا صحبتَ الكتابَ فلتكنْ صحبتُكَ معه صادقة، فلا تُؤْثِرْ عليه صديقًا إلا لسبب، ولا تدَعْهُ مغلقًا، فهو يظنُّ أنكَ بذلك سجنته! إلّا إذا ختمتَهُ بمسك، وهو أن تُنهيَ قراءته، وتحتفظَ به إلى وقتِ الحاجة. • الذين يتعمَّدون الحديثَ والكتابةَ بلغاتٍ أجنبية، ويفضِّلونَها على لغةِ القرآن، يحبون ثقافةَ أهلها وحضارتَهم أيضًا ويفضِّلونها، ولذلك فهم ظلالٌ لأقوامٍ آخرين بين أقوامهم. • لينتبهِ المسلمُ إلى لسانهِ حتى لا ينزلقَ إلى الكفر، فإن الكفرَ يُحبِطُ الأعمالَ الصالحةَ السابقةَ إذا كان عن عمدٍ وبدونِ إكراه؛ لأنه ارتدادٌ عن الدين، فجميعُ الصلواتِ التي صلّاها، والأعمالِ الحسنةِ التي قدَّمها، تصيرُ هباءً إذا كفر، يقولُ ربُّنا سبحانهُ وتعالَى: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}. [سورة المائدة: 5]. وشرطَ بعضهم موتَهُ على الكفرِ ليحبطَ عمله، وبعضُهم لم يَشترط، يقولُ الله تعالَى: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} سورةُ البقرة: 217. |
رد: خواطرفي سبيل الله
خواطرفي سبيل الله (55) محمد خير رمضان يوسف • يرغبُ الكثيرُ من أهلِ العلم ومحبِّي الكتابةِ أن يتكلَّموا بلغةٍ فصيحةٍ وأسلوبٍ محكم، والحقُّ أن التعلُّقَ باللهجةِ العاميةِ عائقٌ كبيرٌ أمامَ ذلك، فليتدرَّبِ المرءُ على التكلُّمِ بالفصحى مع زملائهِ وأساتذتهِ وحتى مع نفسه، ولو أحيانًا، ولْيَقرأْ في كتبِ أعلامِ الأدبِ الإسلاميِّ وشيوخِ العربية، فإن كتاباتهم زادٌ للفكرِ والقلب، وفيها تعليمٌ وتمرينٌ على تعلُّمِ الفصحى الجميلة، والكتابةِ السليمةِ الراقية، ويكتبُ المتدرِّبُ فقراتٍ قصيرةً في موضوعاتٍ محبَّبةٍ إليه، ويراجعها وينقِّحها بنفسهِ أكثرَ من مرة، حتى تخرجَ في صيغةٍ مقبولة، وسيرى بعد مدَّةٍ أن كتابتَهُ تحسَّنتْ أكثر. • الكتابُ رحلتُكَ إلى مدينةِ العلم، ولكنهُ يطلبُ منكَ فهمًا لتعرفَ وتتعلَّم، وإدراكًا لتقارنَ وتتأكد، ووعيًا لتتنبَّهَ وتحذَر، وذاكرةً لتتذكَّرَ ولا تتعثَّر. • اتِّباعُ الأشخاصِ الأحياءِ لأسلوبهم ومنهجهم الخاصِّ فيه خطورة، فإنهم إذا انحرفوا انحُرِفَ معهم. فلتكنِ العقيدةُ السليمة، واتِّباعُ الكتابِ والسنَّة، واتفاقُ المسلمين، هو الرائدُ في الاتِّباع، والميزانُ في التحكيم، للعلماءِ والدعاةِ والمفكرين، من الأحياءِ والأموات. • إذا أردتَ نفسًا سويَّةً فلا تتكلَّف، لا تتكلَّمْ فيما لا تعرف، ولا تتدخَّلْ فيما لا يعنيك، وقفْ عند حدِّك، مقبلًا على شأنك، ملتزمًا بكتابِ ربِّك، وممتثلًا سنَّةَ نبيِّكَ صلَّى الله عليه وسلَّم، ومتروِّحًا بأهلك، وبمن تثقُ به من صحبك. • إن المرضَ يزورك، شئتَ أم أبيت، ولا تعرفُ حجمَهُ أو طولَهُ إذا زارك، كبيرٌ أم صغير، طويلٌ أم قصير؟ فاحسبْ حسابَ ذلك ، وبادرْ إلى الطاعةِ والأعمالِ الصالحة، قبلَ أن تضعفَ عنها، أو لا تقدرَ عليها. |
رد: خواطرفي سبيل الله
خواطرفي سبيل الله (56) محمد خير رمضان يوسف الكتابُ منظرٌ لا يُمَلّ، من وجه، أو ظهر، أو كعب، وليس هو خشنًا فيَجرح، ولا زجاجًا فيُكسر، ولا طينًا فيُعجن، ولا حديدًا فيَصدأ، ولا حيًّا فيَمرضُ أو يَهربُ أو يَهرم!
فلم يتعرَّضْ لسخطه، وكان نقيًّا في ضميره، صحيحًا في فكرهِ وعقيدته، مستقيمًا في تعامله، قانعًا برزقه، ناصحًا لغيره، معافًى في أهله.
ويظنون الحياةَ سهلة، وكلما كبروا نقصتْ درجةٌ من قناعاتهم السابقة، حتى يدخلوا معمعةَ الحياة، ويعتمدوا على أنفسهم.
فإذا عاندتَ وشربت، احتجتَ إلى ماءٍ حقيقيٍّ (عذبٍ) لتقتلَ به عطشك، وهكذا ينبغي أن تبحثَ عن دواءٍ مناسبٍ لجرحك، وزادٍ نافعٍ لروحك، وعقيدةٍ صحيحةٍ لعقلك، وإلا ازددتَ قلقًا وخواء.
فقال: "مَن سَلِمَ النَّاسُ مِن لسانِه ويدِه". وسأله: أيُّ ما أَنزَلَ اللهُ عليك أعظمُ؟ قال: "آيةُ الكُرسيِّ". وسأله: فما كانت صحفُ موسى؟ قال: "كانت عِبَرًا كلُّها: عَجِبتُ لِمَن أيقَن بالموتِ ثمَّ هو يفرَحُ، وعجِبْتُ لِمَن أيقَن بالنَّارِ ثمَّ هو يضحَكُ، وعجِبْتُ لِمَن أيقَنَ بالقدرِ ثمَّ هو ينصَبُ، عجِبْتُ لِمن رأى الدُّنيا وتقلُّبَها بأهلِها ثمَّ اطمَأنَّ إليها، وعجِبْتُ لِمَن أيقَن بالحسابِ غدًا ثمَّ لا يعمَل". من حديثٍ طويلٍ رواه ابن حبَّان، وذكر الشيخ شعيب أن إسناده صحيح على شرط الشيخين. |
رد: خواطرفي سبيل الله
خواطرفي سبيل الله (57) محمد خير رمضان يوسف قالَ أبو ذرٍّ رضيَ الله عنه لرسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: يا رسولَ اللهِ أوصِني. قال: "أوصيكَ بتقوَى الله، فإنَّه رأسُ الأمرِ كلِّه". قلتُ: يا رسولَ اللهِ زِدْني. قال: "عليكَ بتلاوةِ القرآنِ وذِكْرِ الله، فإنَّه نورٌ لكَ في الأرض، وذُخرٌ لكَ في السَّماء". قلتُ: يا رسولَ اللهِ زِدْني. قال: "إيَّاك وكثرةَ الضَّحك، فإنَّه يُميتُ القلب، ويذهَبُ بنورِ الوجه". قلتُ: يا رسولَ اللهِ زِدْني. قال: "عليكَ بالصَّمتِ إلَّا مِن خير، فإنَّه مَطردةٌ للشَّيطانِ عنك، وعونٌ لك على أمرِ دِينِك" قلتُ: يا رسولَ اللهِ زِدْني. قال: "عليكَ بالجهاد، فإنَّه رهبانيَّةُ أمَّتي". قلتُ: يا رسولَ اللهِ زِدْني. قال: "أحِبَّ المساكينَ وجالِسْهم". قُلْتُ: يا رسولَ اللهِ زِدْني. قال: "انظُرْ إلى مَن تحتكَ ولا تنظُرْ إلى مَن فوقك، فإنَّه أجدرُ ألَّا تَزدري نعمةَ اللهِ عندَك". قُلْتُ: يا رسولَ اللهِ زِدْني. قال: "قُلِ الحقَّ وإنْ كان مُرًّا". قُلْتُ: يا رسولَ اللهِ زِدْني. قال: "لِيرُدَّك عن النَّاسِ ما تعرِفُ مِن نفسِك، ولا تَجِدْ عليهم فيما تأتي، وكفَى بك عيبًا أنْ تعرِفَ مِن النَّاسِ ما تجهَلُ مِن نفسِك، أو تجِدَ عليهم فيما تأتي". ثمَّ ضربَ بيدهِ على صدري فقال: "يا أبا ذرٍّ، لا عقلَ كالتَّدبير، ولا ورَعَ كالكفِّ، ولا حسَبَ كحُسنِ الخُلُق". رواه ابن حبان في صحيحه، وذكر الشيخ شعيب أن إسناده صحيح على شرط الشيخين. |
رد: خواطرفي سبيل الله
خواطرفي سبيل الله (58) محمد خير رمضان يوسف • لا عذرَ لكَ في هجرِ الكتابِ ولو كنتَ مسافرًا، حتى لو وضعتَهُ في كُمِّ ثوبك، وهو اليومَ أسهل، فبإمكانِكَ حملُ مكتبةٍ كبيرةٍ في جيبِكَ وليس على ظهرك، أو تجعلها مع مفاتيحك! ولا بأسَ عليكَ إذا نسيتَ حتى هذا، فبإمكانِكَ أن تتنقَّلَ بين الكتبِ في الشبكةِ العالميةِ كيفما تشاء! • المرضَى امتحانٌ للأصحاء، والفقراءُ امتحانٌ للأغنياء، والجاهلون امتحانٌ للعلماء، والضعفاءُ امتحانٌ للأقوياء، واللاجئون امتحانٌ للمقيمين. • أيهما أفضلُ عند الأصدقاء: الذي يتكلَّمُ كثيرًا، أم الذي يقلُّ كلامه؟ إنهم لا يستغنون عن الأول؛ لأنه يؤنسهم ويأتيهم بالأخبار، ولكنهم يحترمون الآخرَ أكثر، ويلجؤون إليه إذا جدَّ الجدّ. • هناك مَن تؤثِّرُ فيه جملةٌ واحدة، فتغيِّرُ تفكيرَهُ في الحياةِ كلِّها، ويبقَى على هديها طوالَ عمره؛ لأن نفسَهُ كانت مهيَّأةً لقبولها. وآخرون لا تغيِّرهم أحمالُ الكتب، ولا إعلامُ العلماءِ أو أنشطةُ الدعاة؛ لأن قلوبَهم مغلقة، ونفوسهم مكتومة. فالناسُ أصنافٌ ومعادن. • من استمرَّ في سلوكٍ خاطئ حتى صارَ له عادة، صعبَ عليه تركه، لكنَّ علاجَهُ عند المؤمنِ سهل، وهو التوبةُ منه، فيتركهُ ولا يعودُ إليه؛ خوفًا من عقوبةِ الله، وطمعًا في مغفرته. |
رد: خواطرفي سبيل الله
خواطرفي سبيل الله (60) محمد خير رمضان يوسف • يا بني، استهدِ بهدي نبيِّكَ محمدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم، فهو قائدُكَ والآخذُ بيدِكَ إلى جنَّاتِ الله، وهو الرائدُ الذي لا يكذبُ عليك، والناصحُ الذي لا يخذلك. • كلُّ متخصِّصٍ في علمٍ يجدُ له حظًّا في الإسلامِ والدعوةِ إليه من خلالِ تخصصه، قالَ لي مدرِّسٌ للغةِ الإنجليزية: وما حظِّي من هذا؟ قلت: الأدبُ والأخلاقُ وغيرها، بالأمثلةِ والتواصل، والمجالُ عندكَ واسع، واللغةُ آيةٌ من آياتِ الله، فلا تكونُ عائقًا أمامَ الدعوةِ أبدًا. • أصحابُ المواهبِ والعبقرياتِ تقفزُ خواطرهم وشؤونُ مواهبِهم وعبقرياتهم إلى صدورهم وأدمغتهم بشكلٍ مفاجئٍ وخفيٍّ لا يُعرَفُ كيف هو! فهو سرٌّ من أسرارِ الخَلقِ عند ربِّ العالَمين! • مرتبةُ العلمِ فوق مرتبةِ المال، ولكنْ لولا دعمُ المالِ له لما انتشرَ كما ينبغي، ولولاهُ لقلَّ طلبةُ العلم، وقلَّ العلماءُ والمعلِّمون، فالقليلُ يعملُ للعلمِ دون مقابل. • الكتابُ قد يكونُ داءً وقد يكونُ دواءً، الدواءُ يؤجَرُ المرءُ في التعاملِ به وبيعه، والداءُ مرضٌ وسُمّ، وانحرافٌ وضلال، مثلُ كتبِ الإلحادِ والأدبِ المكشوفِ ودعواتِ القوميين والعلمانيين وذيولِ الغرب، فلا يليقُ بالمسلمِ أن يتعاملَ بها ويبيعها، وهو صاحبُ رسالةٍ وأمانةٍ وإصلاح، لأنه بذلك يضرُّ المسلم، ويَنشرُ الفسادَ والضلالَ في الأرض، ولسوف يُحاسَبُ على هذا. فليكنْ أصحابُ المكتباتِ على علمٍ به وحذرٍ منه، فالمالُ ليس كلَّ شيءٍ في حياةِ المسلم، الدينُ هو الأساس، وهو المبدأ، وهو الذي يُعمَلُ به أولًا وآخرًا. • التواصي بالحقِّ والصير، يعني أن يوصي بعضُنا بعضًا بالتوحيدِ والإخلاصِ في الطاعة، وباتِّباعِ أمرِ اللهِ كلِّه، وبالصبرِ على الشدائدِ والمصائب، وعلى الجهادِ والدعوة، وعلى طاعةِ اللهِ سبحانه، وعلى تركِ المنكَراتِ والمعاصي. |
رد: خواطرفي سبيل الله
خواطرفي سبيل الله (61) محمد خير رمضان يوسف • كلٌّ يريدُ أن يصلَ إلى هدفهِ بسرعة، في شؤونهِ كلِّها، ولذلك فإن الإنسانَ (عجول)، فهو يريدُ أن يقفزَ على الحواجز، ويتعدَّى الأسباب، ولكنْ هيهات! فإن هناك سننًا كونيةً لا يمكنُ اللعبُ بها، أو تجاوزها. • يا بني، رجلُكَ على الأرض، تُجذَبُ إليها جذبًا، ففيها خُلقتَ وإليها تعود، لا خلاصَ لكَ منها، فاعملْ فيها بصدق، وارفعْ يديكَ إلى السماءِ لتُسدَّدَ وتوفَّق، فلا توفيقَ لكَ إلا بالله. • إذا زرتَ الكتابَ قالَ لك: أنا رايةٌ مكتوبٌ عليها "العلم"، مَن رفعني ذللتُ له، وأنا صندوقٌ مغلق، مَن فتحني وهبتُ له ما بداخلي! • إذا كانت الحاجةُ تشجِّعُ على الاختراع، فإن مراكزَ البحوثِ والتجاربِ لا تقفُ عندها وحدها، فهي تعملُ للحاجاتِ والكماليات، وللأجيالِ القادمة، وللتسابقِ في القوةِ والسيطرة، ولحيازةِ أموالٍ أكثرَ وأكثر.. • إذا كان هناك أمرٌ لا يفيدُكَ في الحياةِ ولا بعد الممات، ولا يعطيكَ مالًا ولا عقلًا، ولا أدبًا ولا صلة، فلماذا تنشغلُ به وتجعلهُ قضيةَ حياةٍ أو موت؟! مثلُ الخوضِ في فلسفاتٍ عقيمة، وتشجيعِ فرقٍ رياضية.. وترفيهاتٍ كثيرة! |
رد: خواطرفي سبيل الله
خواطرفي سبيل الله (62) محمد خير رمضان يوسف • يا بني، إياكَ والعينَ الخائنة، كمن يقولُ شيئًا ثم يَنظرُ بعينهِ إلى آخرَ ليُفهِمَهُ غيرَ ما قال، وإياكَ والعينَ الجارحة، كمن يَنظرُ إلى صاحبهِ نظرةَ تحقيرٍ واستصغار، وإياكَ وخِلسةَ النظر، كمن يَنظرُ من النافذةِ لتقعَ عينهُ على عورةِ جاره، وإياكَ والعينَ الزانية، التي تَنظرُ نظرةَ شهوةٍ وحرام. • يا بنتي، لا تعاندي زوجَكِ إذا كان على حق، واتركي العنادَ إذا كان في أمورٍ تافهةٍ وخلافاتٍ صغيرة، فإنه خُلقٌ مذمومٌ في العلاقاتِ الزوجيةِ خاصة، وعادةٌ سيئةٌ عند بعضِ الأزواجِ والزوجات، والإصرارُ عليه يؤدي إلى مشكلاتٍ محقَّقة، ويعقِّدُ التفاهم. • لماذا تُغري الزينة؟ هل لأنها على غير حقيقتها فتَخدَع؟ أم لأنها مبهرةٌ تخطفُ النظر؟ بل إنه الجمال، وقد فُطِرَ الإنسانُ على حبِّ الجمالِ والتعلقِ به، ولو لم تكنِ الزينةُ جميلةً لما أُحبَّت. والفارقُ هو الإغراء، فقد يغترُّ البعضُ بجمالٍ كاذبٍ أو ملغوم، وغيرهُ يَنظرُ إليه نظرَ الحقيقةِ والواقع، فيضعهُ في مكانهِ ولا يغترّ. • إذا تغيَّرَ الجوُّ على الصغارِ تغيَّرَ مزاجُهم، فتتغيَّرُ تصرفاتهم، وبعضُ الآباءِ تغلبهم عواطفهم، فيَصحبون معهم أولادَهم الصغارَ دون صحبةِ أمَّهاتهم، فإذا بكَوا لم يعرفوا كيف يُسكتونَهم، فإذا ضربوهم ازدادوا بكاء، وإذا طلبوا الذهابَ إلى الحمّامِ تضايقوا ولم يعرفوا كيف يُسعفونهم، فيخفِّفون سهرتهم أو يقطعونها، ويعودون غاضبين مقهورين! ليَعرفوا بذلك قدرَ أمَّهاتهم، وتعبهنَّ وصبرهنّ! |
رد: خواطرفي سبيل الله
خواطرفي سبيل الله (63) محمد خير رمضان يوسف • السعادةُ ليست في حياةِ السلمِ وحدَها، إنه يمكنُ أن تكونَ سعيدًا وأنتَ تخوضُ حربًا، عندما تقاتلُ حبًّا في الشهادة، وشوقًا إلى الجنة، وأملًا في أن تنالَ رضا ربِّك. • يقولون إن الدنيا حلوةٌ لمن كانت عندهُ فلوس، والحقُّ أن المنغِّصاتِ الماليةَ كثيرة، وليست هي التي تجلبُ السعادة، بل ما يصاحبها من عافيةٍ وتوفيق. • يا بني، تجاربُ المزارعين أفضلُ من شهاداتِ الأكاديميين والفنيين الزراعيين، وآراءُ هؤلاء ونظرياتُهم إذا تلاقحت مع تجاربِ أولئك أفادتِ الاثنين، فاجمعْ يا بنيَّ بين العلمِ والتجربة، لتكونَ عالمًا وخبيرًا عن جدارة. • العقوباتُ الإلهيةُ في الحياةِ الدنيا لا تكونُ في كلِّ مرة، ولو عوقبَ الإنسانُ بعد كلِّ ذنبٍ لما بقي أحدٌ على وجهِ الأرض، ولكنها تكونُ أحيانًا، ليعتبرَ الآخرون، إذا كانوا ذوي اعتبار. • صيحاتٌ لا مثيلَ لها: الصيحةُ في الجهاد، وصيحةُ المؤمنِ وهو يعذَّب، وصيحةُ الأمِّ عند الولادة، وصيحةُ المستغيثِ وهو يُشرِفُ على الهلاك، وأنينُ المريضِ وصياحهُ إذا غلبَهُ المرض. |
رد: خواطرفي سبيل الله
خواطرفي سبيل الله (64) محمد خير رمضان يوسف • كلما قرأتُ سيرةَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم شدَّ انتباهي تصرفاتهُ الحكيمةُ عليه الصلاةُ والسلام، العاليةُ الرفيعة، التي لا تجدُ فيها عوجًا ولا شذوذًا، يعالجُ الأمورَ بعدلٍ وحكمة، فهو قائدٌ بحقّ، رسولٌ قدوة، صلى الله عليه وسلم. • المطالعةُ في الكتابِ كجلسةٍ بين نهرين، تَنظرُ يَمنةً فترى صفحةَ علمٍ أو ماءً زلالًا، وتَنظرُ يَسرةً فترى كذلك، وكأنكَ في روضة، تتمتَّعُ وتشرب! • الصراعُ الداخلي في فكرِ الإنسان، هو السلمُ والحربُ اللذان يَحدثان في الخارج، فهما نابعان من فكره، فهو الذي يبني ويهدم، وهو الذي يَقتلُ ويُنتج، ويربي ويجرم، وينصرُ الخيرَ والشرّ..! • كنْ وردًا ولا تكنْ شوكًا، كنْ متقدِّمًا ولا تكنْ متأخرًا، كنْ شجاعًا ولا تكنْ منهزمًا، كنْ كريمًا ولا تكنْ بخيلًا، كنْ صادقًا ولا تكنْ كاذبًا، كنْ رحيمًا عطوفًا ولا تكنْ فظًّا غليظًا. • إهداءُ الكتبِ عادةٌ جميلةٌ مفيدة، ولكنْ كيف يُهدَى الكتابُ الإلكترونيُّ الذي لم يُطبَعْ ورقيًّا؟ لو أرسلَهُ مؤلِّفهُ بالبريد (الإيميل) فلا ميزةَ بينهُ وبين تحميلهِ من الشبكةِ العالمية، وقد يحصِّلهُ صاحبهُ قبلَ أن يبعثَهُ إليه، دون عناءٍ يُذكر. وأين يُكتبُ الإهداء؟ ربما في ملفٍّ خاصٍّ مرفقٍ بدلَ رسالة! وإذا جاءَهُ محبٌّ زائرًا كيف يُريهِ أو يُهديهِ كتبَهُ الجديدة؟ والعادةُ أنه يحتفظُ بمجموعةِ نسخٍ عنده، لشهورٍ أو سنوات، فكم نسخةً إلكترونيةً يحتفظُ بها؟! لقد صدرتْ لي مجموعةُ كتبٍ إلكترونيةٍ ولم تُطبعْ ورقيًّا، فما أهديتُها لأحد، وهي موجودةٌ في الشبكةِ العالمية، يستطيعُ تحميلَها من شاء، فهي هديةٌ للجميع. |
رد: خواطرفي سبيل الله
خواطرفي سبيل الله (65) محمد خير رمضان يوسف • الدعوةُ إلى الله بالحسنى هي أن تتخيَّرَ الوقت، والظرف، والكلمة، يعني بالتخطيطِ والسياسة، وليس كيفما كان، حتى يكونَ لكلمتِكَ قيمةٌ وتأثير. • إذا كانت الموجاتُ الصوتيةُ تزدادُ وتكثرُ كلما كان الصوتُ قويًّا، وإذا كانت دوائرُ الماءِ تتشكلُ من أثرِ ما يُرمَى فيه، وتكثرُ وتتوسَّعُ كلما كان المرمَى فيه كثيرًا أو قويًّا، كذلك هي الكلمة، التي تزدادُ تأثيرًا بين الناسِ كلما كانت قويةً ومحكمة. • يا بنتي، كوني بهجةَ البيت، كأكبرِ وردةٍ في البستان، تعطِّرين الجوَّ بذكرِكِ ودعائك، تفيضين بحنانِكِ على أولادك، تسعدين زوجَكِ بمودَّتك، وسترين كيف ترفرفُ السعادةُ على أسرتك. • المغولُ هي القبيلةُ التي ينتمي إليها جنكيز خان مؤسسُ الإمبراطوريةِ المغولية، والتتارُ متفرعون من المغول، وهؤلاء جميعًا ينتمون إلى الجنسِ التركي، إضافةً إلى شعوبٍ أخرى، مثلِ الخزرِ والإيغورِ والسلاجقةِ والخوارزميةِ والقفجاقِ والبلغارِ والقرغيز.. • الكتابُ ذو الموضوعِ الواحدِ يكونُ فكرةً واحدة، لكن انظرْ كم يحشدُ له المؤلفُ من أفكارٍ أخرى، ليسندَ الموضوعَ الأصلَ ويوضِّحه، إضافةً إلى شواهدَ وتطبيقات. |
رد: خواطرفي سبيل الله
خواطرفي سبيل الله (66) محمد خير رمضان يوسف
وأن تحافظَ على الصلاةِ كما تحافظُ على روحك، وأن لا ترائي بعملٍ لك، وأن تطيعَ والدَيكَ بالمعروف، وأن تخدمَ مجتمعكَ الإسلاميَّ بما تقدرُ عليه.
وتباغضوا وتشاجروا كذلك، وأُصيبوا بأمراضٍ نفسية، وافتعلوا مشكلات، داخلَ البيتِ أو خارجه.
وهذا لأنهم لم يتربَّوا تربيةً صالحة، ولم يتمكنوا من المواءمةِ بين شعائرِ دينهم وحياتهم العملية.
وخرابِ ذِمَم، ومصالحَ خاصةٍ تُقضَى بلا ميزان، ونهبِ أموالٍ فيها حقوقُ الناس، وخياناتٍ لا تعدُّ ولا تُحصَى. |
رد: خواطرفي سبيل الله
خواطرفي سبيل الله (67) محمد خير رمضان يوسف
فإنه شهرٌ أُنزِلَ فيه القرآن، وتُضاعَفُ فيه الحسنات، ومن أكثرِ الأعمالِ فيه أجرًا قراءةُ القرآن.
ذكرَ ابنُ عطيةَ في تفسيرهِ "المحرر الوجيز" ما ملخصه: أنه تبرئةٌ من الله تعالى لسليمان، ولم يتقدَّمْ في الآياتِ أن أحداً نسبَهُ إلى الكفر، ولكنَّ اليهودَ نسبتهُ إلى السحر، والسحرُ والعملُ به كفر.
طلبًا للأجرِ والمثوبة. وهذا هو الفرقُ بينهم وبين بعضِ المدرِّسين العاديين. وقد رأيتُ مدرِّسًا ساخطًا غاضبًا متأفِّفًا؛ لأنه صادفَ شهرَ شباط (فبراير) 29 يومًا في تلك السنة!! فكان يحفرُ الأرضَ برأسِ قدمهِ عصبية، وهو لا يملُّ من تكرارِ كلامهِ في ذلك، كيف زادَ هذا اليومُ دون أن يأخذَ أجرتَهُ فيه، وأنا أيضًا أنظرُ إليه وأتعجَّبُ منه، وقد شخصَ إليه بصري، لا يرتدُّ عنه!!
وقد أثخنتِ الجراحُ جسمَهُ الصغير، فتشوَّهَ واحمرّ، ووقعَ بين أيدي الأطباء، فكانوا يقطِّعون ثيابَهُ ليصلوا بسرعةٍ إلى جروحهِ الغائرة، وهو يبكي بكاءً متواصلًا بحرقةٍ وألم، ويناشدهم ألّا يمزِّقوا ثيابَهُ الجديدة! كم نالنا الإذلالُ أيها المسلمون؟ كم قُتلِ من أطفالنا وشبابنا؟ وكم شُرِّدَ من أهلنا؟ وويلاتُ الأمهاتِ ملأتِ الصِّماخ، وآهاتُ المعذَّبين لا تنقطع، وإذلالُ الأسرى يزيد، والحالُ تسيرُ إلى الأسوأ، وأملُنا في المجاهدين الأبطالِ بعد الله. اللهم نصركَ لعبادك، اللهم إن كان بعيدًا فقرِّبه، وإن كان قريبًا فيسِّره..
ولو كانت عندهم قوةٌ لقدَّموا الأفعال، وما احتاجوا إلى كلام! |
رد: خواطرفي سبيل الله
خواطرفي سبيل الله (68) محمد خير رمضان يوسف • يا بني، عهدتُكَ صغيرًا تلعب، وشابًّا تتجمَّل، وطالبًا تتعلَّم، وأبًا تربِّي، يا ولدي، ليَصحبْكَ الإسلامُ في مراحلِ عمرك، فلا خيرَ في دنيا لا تعمَّرُ بالدين، ولا خيرَ في عُمرٍ لا يصحبهُ عملٌ صالح. • قولهُ تعالَى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ...} [سورةُ آل عمران: 14]، ذكرَ ابنُ عطية في تفسيرهِ كمدخلٍ لتفسيرِ الآية، أنه إذا قيل: زَيَّنَ الله، فمعناهُ بالإيجادِ والتهيئةِ لانتفاعٍ وإنشاءِ الجِبلَّةِ عن الميلِ إلى هذه الأشياء، وإذا قيل: زَيَّنَ الشيطان، فمعناهُ بالوسوسةِ والخديعةِ وتحسينِ أخذها من غيرِ وجوهها. • إذا كنتَ تتكلَّمُ في الأساسيات، وتستنتجُ من الأعمِّ الأغلب، وصاحبُكَ يردُّ عليكَ من الأقلِّ والشاذّ، ويوردُ مسائلَ فردية، وحوادثَ عارضة، فاعلمْ أنه مجادل، ولا يعرفُ أصولَ البحثِ والاستنتاج، ومثلُ هذا منتشرٌ بين الناس، والحوارُ فيه ليس له نهاية. • هناك إخوةٌ شباب، نبَغةٌ نجَبة، يتواصلون اجتماعيًّا عن طريقِ الفيس والتويتر وما إلى ذلك، ويكتبون الروائع، ويعلِّقون الفوائد، هؤلاءِ يتشتَّتُ جهدهم بذلك، ولو أنهم أعطَوا أكثرَ أوقاتهم للبحثِ والتأليفِ لكان أفضل، فإن العمرَ قصير، وإن الهمَّة تضعفُ بعد وقت، ولا يستطيعُ صاحبُها الاستمرارَ في الأعمالِ الصعبة، التي تستدعي همَّةَ الشبابِ وشِرَّته. • ننتظرُ حاكمًا مسلمًا قويًّا مثلَ صلاحِ الدين، يجمَعُ شملَنا، ويأخذُ بيدنا إلى النصرِ بإذنِ الله، بينما حكّامنا لأمثالهِ بالمرصاد، فينشرون الخوفَ والفسادَ في كلِّ بيتٍ وشارعٍ ومؤسسةٍ لئلّا يَنبت، فإذا نبتَ أُسكِت، وإذا حدثَ أنِ استوى كُدرَ وقُصف وأُبعد، فإذا اعترضَ سُجن، وإذا أصرَّ قُتل. والله أعلمُ كم قَتلوا من أبطالٍ كان يُنتظَرُ أن يصبحوا صلاحَ الدين، وما زالوا يُقتَلون ويُسجَنون. |
رد: خواطرفي سبيل الله
خواطرفي سبيل الله (69) محمد خير رمضان يوسف • يقولون إن طريقَ العلمِ شاقّ! ولكنه لذيذٌ أيضًا، فالنفسُ تأنسُ به وكأنه ظلٌّ دائم، وصاحبٌ مُحَبّ، ولا تشعرُ بالوقتِ كيف يمضي وأنت معه، ومجالسهُ أطيبُ من مجالسِ الملوك، وثمارهُ من ثمارِ الجنة! • الكتابُ يُطبَخ! ولكنها طبخةٌ فريدةٌ ومميَّزة! وبدايتُها من عند المؤلف، الذي يجمعُ الحروفَ المبعثرةَ في كلمات، وينظِّمُ الكلماتِ الشاردةَ في سطور، ويهذِّبُ الجُملَ ويجعلُها في فقرات، ويرتِّبُ الموضوعاتِ فيوزِّعُها على مطالبَ ومباحثَ وفصولٍ وأبواب، ويعرِّفُها بمقدِّمةٍ ويجمعُ شواردَها في خاتمة، لتنامَ في أوراقٍ حتى يُكتبَ لها الحياة، وعندما يتسلَّمهُ الناشرُ يحرِّكهُ كلَّهُ ليبدأ الدخولَ في نهرِ الحياة! فينسِّقهُ ويُخرِجهُ ويصحِّحه، ويرميهِ في فرنِ الطباعةِ بعد توثيقه، ويَخرجُ شهيًّا مطليًّا للقارئ! • الذي لاحظتهُ ولاحظَهُ غيري، كثرةُ عددِ المصلين والصائمين والمتردِّدين إلى المساجدِ هذا العام، وهذا لأسباب، منها مصائبُ الأمة، التي توقظُ الغافلَ والنائم، ومنها شيءٌ من الحريةِ عمَّتْ كثيرًا من البلاد، بعد عقودٍ مظلمةٍ من القهرِ والكبتِ والعَسف، ومنها ملامحُ صحوةٍ جديدةٍ أكثرُ عمقًا، تعمُّ سائرَ المسلمين. • يا بني، هناك من يريدُ الإصلاحَ ولكنَّ عملَهُ ينتهي إلى فشل، لأنه دخلَ المجالَ من دونِ علمٍ وتجربة، فلم يخطِّط، ولم يستشر، ولم يتعاون، ولم يهتمَّ حتى بالكيفية، فأخطأ في الأسلوب، وتركَ ما بقيَ دون رعاية، فتقاذفتْهُ الأخطاء، فوقع. • هناك من لا يهمُّهُ إذا صنَّفتَهُ في صفِّ الأشرار؛ لأنه يعتبرُ مصلحتَهُ هي المهم، فإذا وقعتْ مصلحتهُ في الشرِّ فلا بأسَ عندهُ أن يتلبَّسَ به! وهذا من سوءِ الحال، ونعوذُ بالله من سوءِ المآل. الشر |
رد: خواطرفي سبيل الله
خواطرفي سبيل الله (70) محمد خير رمضان يوسف • لم يغترَّ السحرةُ بعدَ إيمانهم بتقريبِ فرعونَ لهم عندما قال: {وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ} [سورة الأعراف:114]، على الرغمِ من أن طلبَ الأجرَ كان من قِبَلِهم: {وَجَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالُوا إِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ}؟ وعلى الرغمِ من أن القربَ من فرعونَ يومذاكَ كان مطلبًا عزيزًا ومنصبًا كبيرًا، فقد ذاقوا حلاوةَ الإيمان، ولا أحلَى منه، وعرفوا قيمةَ الحقّ، ولا أغلَى منه، وتوجَّهوا بقلوبهم إلى الربّ، ولا أجلَّ من هذه الوجهة، وانصبغوا بصبغةِ الإسلام، {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً}؟ [سورة الأعراف: 138]. • الانغماسُ في العلمِ والعملِ يخفِّفُ من وطأةِ الجوعِ والعطشِ الذي يشعرُ به الصائم، والأفضلُ ألّا يفكرَ بما يكونُ عليه من جوع، كما لا يفكرُ المريضُ بمرضهِ لئلّا يزدادَ شعورهُ بالمرض. • يا بنتي، لا تأخذي مواقفَ سلبيةً من كلِّ ما يقولهُ زوجك، فقد لا يعودُ إلى بعضِها أصلًا ولا يتذكَّرها؛ لأنه كثيرًا ما يحدِّثُكِ لينفِّسَ عمّا بداخله، من ضغوطِ العملِ ومعاشرةِ الناسِ وما لا طاقةَ له به، فاستمعي إليه، وخفِّفي عنه ولو بعضَ ما يشكو، فإنه يجدُ عندَكِ ما لا يجدُ عندَ أخلصِ خلصائه. • اجعلِ الكتابَ كساعةٍ في يدك، ولكنْ ساعةَ علم، تنظرُ فيه كما تنظرُ إلى الساعةِ بين فينةٍ وأخرى، فإذا استغرقتَ فيه لم تسألْ عن الوقت! وصرتَ كتابًا في كتاب! • الكثيرُ من الأغنياءِ يقولون مثلما قالَ قارونُ في ماله: {إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي} [سورة القصص: 78]، ولا يُسندون ما أُوتوهُ من مالٍ إلى اللهِ الرازق، وهم يعرفون أشخاصًا يبذلون أكثرَ من جهودهم ولكنهم لا يحصِّلون سوى القليلِ من المال، فكيف تأتيهم الثروةُ الكثيرةُ بقليلٍ من العمل، ولا تأتي الآخرين بكثيرٍ من الجهد؟ |
رد: خواطرفي سبيل الله
خواطرفي سبيل الله (71) محمد خير رمضان يوسف • يا بني، إذا أحببتَ صديقًا، ونصحتَهُ ولكنهُ لم ينتصح، فلا تقطعْ أملكَ منه، ولا تقاطعْهُ لأجلِ ذلك، بل اعرفْ سببَ إعراضهِ عن النصيحة، ابحثْ عن موضعِ الخلَلِ في نفسهِ لتعالجه، وبدونِ ذلك يُعرِضُ عن نصائحَ كثيرة. • لا يخلو المرءُ من أوقاتٍ يتذكَّرُ فيها ماضيه، وهذا التذكُّرُ نعمةٌ لمن هداهُ الله، ليستغفرَهُ تعالَى إذا كان ما تذكَّرَهُ ذنبًا، ويشكرَهُ إذا كان نعمة. فلا تدَعْ تذكُّرَكَ تخيُّلًا وحده، وهوًى ولذَّة، فالمسلمُ يستلهمُ العبرَ إذا فكَّرَ أو نظر. • يا ابنَ أخي، مصيبتُكَ ليستْ مصيبةً عند الآخرين، فلا تؤاخذْهم إذا هم ضحكوا وأنتَ حزين، وهناك من يمشي ومصيبتهُ تمشي معه، لا تغادرُ قلبه، وأنتَ لا تعرفُ ذلك. • قد يكونُ الكتابُ كجلسةٍ عابرةٍ مع شخصٍ رأيتَهُ مرةً واحدةً ومضَى، وقد يكونُ كجلساتٍ تتكرَّرُ مع صديقٍ لظروفِ العملِ وغيره، وقد يكونُ صديقًا دائمًا لا تملُّ منه، وتحتفظُ به لتلتقي به كلَّما احتجتَ إليه. • أصحابُ الابتكاراتِ يملكونَ قُوًى عقليةً أكبر، ولو أنها رُوعيتْ وربِّيت لأنقذتِ البلادَ من التبعياتِ العلميةِ والاقتصاديةِ وغيرها، بل صدَّرتْ إبداعاتها واستفادتْ من براءاتِ الاختراع، واكتسبتْ سمعةً طيبةً بين الأمم. |
رد: خواطرفي سبيل الله
خواطرفي سبيل الله (72) محمد خير رمضان يوسف • لاحظتُ في بحوثٍ أكتبها، أو تحقيقاتٍ أقومُ بها، أن بدايتَها قد تصعبُ عليّ، أو أنجزُ قليلًا وأمضي فيها ببطء. أو تعرضُ لي أمورٌ لا أعرفُ كيف أسلِّطُ الضوءَ عليها، فإذا تعبتُ وصبرتُ سهلَ الأمرُ من بعد. إن الله يمتحنُ عزيمةَ المرء، وينظرُ في أهليتهِ للأعمالِ الجليلة، فإذا رآهُ صابرًا، متوكلًا عليه، عازمًا على المضيِّ فيه ولو كان شاقًّا، ساعدَهُ ووفَّقَهُ فيه، وإذا رآه متردِّدًا، قد وضعَ القلمَ من أولِ امتحانٍ له، تركَهُ وهمَّتَهُ الضعيفة. كما يُمتحَنُ المسلمُ في إيمانه، ليُعلَمَ هل هو صادقٌ فيه، مستمسِكٌ به، أم يضعفُ ويتكاسلُ ويؤثِرُ الراحة؟ • ساحةُ الدعوةِ مفتوحة، كلٌّ على قدرِ ما يعلَم، ولا يَدخلُ الداعي فيما لا يعرفه، بل يحيلهُ إلى العلماء. ويُسلِمُ كثيرٌ من الناسِ على أيدي مسلمين عاديين، لا يُعرَفون بعلمٍ أو دعوة! رأى ألمانيٌّ مسلماً يُطيلُ السجود، فلما انتهى من صلاتهِ قال له: إنني أعاني من مرضٍ شديد، لا يذهبُ ألمهُ إلا إذا وضعتُ جبهتي على الأرض! فتبسَّمَ المسلمُ وقال له: تقصدُ إلّا إذا سجدت! فاستفسرَ الألمانيُّ عن ذلك، فما زالَ يشرحُ له معنى الصلاةِ والسجود، حتى هداهُ الله وأسلم! • أحِبُّوا الصالحين وانشروا أخبارهم، ولا تتعصَّبوا لبعضهم دون البعضِ الآخر، فإن التقليدَ يحجِّرُ الفكر، وإن التعصبَ يُعمي، فلا يرَى المتعصِّبُ الحقَّ إلا في أشخاصٍ يحبُّهم ويتعصَّبُ لهم. وهكذا الأمرُ مع أهلِ العلمِ والدعوة. • شأنُ المرءِ مع الموتِ غريب! إنه يرى الأمواتَ ويشيِّعُهم ثم ينسَى شأنَهم بعد ساعات! ويرى حوادثَ مرورٍ فظيعةً ويتألَّمُ لها، ثم يتجاوزها مهدِّئًا من سرعته، ثم لا يلبَثُ أن يسرعَ كعادته! طبيعتانِ في البشر: النسيان، والعجلة! • رحمَ الله الشيخ محمد هاشم المجذوب، كان من العلماءِ العاملين، المتمسكين بسنةِ سيدِ المرسلين صلى الله عليه وسلم، علّامة، فقيهًا شافعيًّا متمكنًا، داعيةً مشهورًا، ناصحًا صادقًا، أمينًا على دينِ الله، شديدًا على الأعداءِ لا يلين، بقيَ في سجونِ الطغاةِ أكثرَ من عشرينَ سنة. جزاهُ الله خيرًا عن الإسلامِ والمسلمين. توفي رحمه الله ليلةَ الأربعاء 17 رمضان 1437هـ. |
رد: خواطرفي سبيل الله
خواطرفي سبيل الله (73) محمد خير رمضان يوسف • القرآنُ الكريمُ هو إمامُ جميعِ المسلمين، ومن تمسَّكَ به عن علمٍ وتدبُّرٍ فقد أفلح، ولم يُصبْ من قال: "من لم يكنْ له شيخٌ فشيخهُ الشيطان"، فالشيطانُ شيخُ الكافرينَ والمشركين والفاجرين، أما المسلمون، فإنه {لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [سورة النحل: 99]، وكيف يكونُ شيخُ المسلمِ شيطانًا وإمامهُ القرآن؟ إنما الشيخُ يزيدُكَ علمًا وتوجيهًا، ويدلُّكَ على الخطأ في وقته، وشيخهُ في ذلك: القرآنُ الكريم. ومن له شيخٌ أفضلُ ممن لا شيخَ له؛ لأنه مع التعليم يربِّي، هذا إذا كان صالحًا. • كثيرًا ما يردُ في القرآنِ الكريمِ لفظُ (الآيات)، ويعني: الأدلةَ والحججَ والبيِّنات، والعلاماتِ والمعجزات، في معرضِ الردِّ على المشركين والمنافقين وأهلِ الزيغِ والفساد. فالدليلُ شيءٌ مهمٌّ في الإسلام؛ لإثباتِ حقيتهِ وعلوِّهِ وانتصارهِ على الباطل، فعليكَ بالدليلِ أخي المسلم، لا تتركه، حتى تتثبَّتَ في أمرك، وتعلَمَ أنكَ على حقٍّ أولًا، وتُثبتهُ لغيرِكَ بالحجَّةِ واليقين. • الرغبةُ في العلمِ لا تكفي؛ لأن هناك رغباتٍ كثيرةً في الحياة، قد يغلبُ بعضُها بعضًا، وقد تنحِّي إحداها الأخرى، ولكنها تُعضَدُ بالإيمان، والعزيمة، والصبر، فمن أخذَ بها فقد دخلَ الخطّ، وأمسكَ بالخيط. • فكرةُ الكتابِ قد تطولُ عند بعضهم سنوات، وتلحُّ على صاحبهِ حتى يكتب، وهي عند آخرين أقلُّ من هذه المدَّة، حتى تجتمعَ عناصرُ الفكرةِ في الذهن، وأهمُّ الفصولِ والأبواب. وقد تأتي فكرةُ الكتابِ والبدءُ بتأليفهِ في يومٍ واحد! وهو نادر، وقد حدثَ معي مثلُ هذا، ولا أذكرُ من بين ما ألَّفتُ سوى كتابٍ واحد! • إذا دخلَ الشبابُ صفًّا جعلوا منه قوةً وعزمًا وحيوية. وفي مشاريعِ الدعوةِ شبابٌ كثر؛ ولذلك فهي مستمرة، ولا تهرم، والدخولُ في الإسلامِ لم يتوقَّف. جزَى الله الشبابَ خيرًا إذا كان لهذا وأمثاله. |
رد: خواطرفي سبيل الله
خواطرفي سبيل الله (74) محمد خير رمضان يوسف • تتفتحُ القلوبُ لأزهارِ العيدِ فتبتسم، وتلهجُ الألسنةُ بالكلماتِ الطيبةِ وعباراتِ التهنئةِ وألفاظِ الترحابِ وكيفَ الحال، وتكبرُ العيونُ لترَى أشياءَ جديدةً ارتسمتْ على صفحةِ الحياة، وتختفي الأحقادُ والضغائنُ ليحلَّ محلَّها مراسمُ المحبةِ والوئام. فأهلًا بالعيد. وكلُّ عامٍ وأنتم بخير. • من رأيتَهُ يَصدُقُ ولا يحيدُ عنه فاعلمْ أنه صاحبُ أعمالٍ صالحة، فإن الصدقَ يَهدي إلى البِرّ، ومن رأيتَهُ يكذبُ فاحذره، فإنه صاحبُ أعمالٍ سيئة؛ لأن الكذبَ يَهدي إلى الفجور. • الوفيُّ يتألَّمُ في نفسه! لأنه يشعرُ بالتقصيرِ مع من أحسنَ إليه، ولا يعرفُ كيف يوفيهِ حقَّهُ من الوفاء، وقد مدَّ إليه يدَ العونِ في وقتِ العسرِ والحاجة، وردُّ المعروفِ في وقتِ الرخاءِ لا يساويهِ في وقتِ الشدَّة، ولكنهُ (وفاء) على كلِّ حال! ونعمَ الخُلق. • يا بني، لا تُثرْ أمورًا لا خيرَ فيها ولا نفعَ منها، لا تكنْ في جانبِ اللغوِ والهراء، فإنه مضيعةٌ للوقت، وكلامٌ في الهواء، لا تجني منه ثمرًا، ولا تفيدُ به أحدًا. ومن المؤسفِ أن يكونَ هذا منتشرًا بين الأصدقاء، وكثيرًا في النوادي والمجالس. • ملَكٌ يسوقُكَ إلى الحساب، وآخرُ يشهدُ عليك بما عملت، والمحاسِبُ هو الله، {وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ} [سورة ق: 21]، فأين المفرُّ إنْ لم تُدرِكْكَ رحمةُ الله؟ ولا مكانَ للإقامةِ يومئذٍ سوى في جنانٍ أو نيران. |
رد: خواطرفي سبيل الله
خواطرفي سبيل الله (75) محمد خير رمضان يوسف كنتُ أعجبُ كيف يُقَلَّدُ الغربُ حتى في أمورٍ صغيرةٍ ليست في الحسبان، مثلِ تزيينِ الحدائقِ والمجسَّماتِ الجماليةِ والإعلاناتِ في الشوارعِ وفنونِ لوحاتها، وبعضِ الشؤونِ الإداريةِ والتعليمية، وما إلى ذلك، وهل حقًّا لا يوجدُ في بلادنا من يبدعُ حتى في مثلِ هذه الأمورِ الصغيرة؟ لقد أخذَ بي التفكيرُ إلى أن السببَ هو الجوُّ العامُّ الذي تفرضهُ الحكوماتُ على المواطنين، من التسلطِ والمراقبةِ وسوءِ التعاملِ وعدمِ تكافؤ الفرص، ومن الخللِ في استحقاقِ المناصب، وإهمالِ المواهب، وعدمِ تشجيع الإبداع، والتضييق على المفكرين والفنانين التشكيليين البارعين والإداريين المتفوقين، فيضطرون للانصياعِ للأوامر، ويعملون في حدودِ ما يُسمَحُ لهم وما يُكلَّفون به فقط، ولا يشجعونهم على ما وراءه، ولا يقبلونَهُ منهم أو لا يهتمون به، فيتحولون إلى (لوحات)، وإلى حالاتِ (عدمِ الرضا وعدمِ الثقةِ) بدلَ الإبداعِ والتفنن، فتكلُّ أذهانهم، وتبقَى إبداعاتهم محدودة، بحسبِ ما ضُيِّقَ عليهم. ××× ××× ××× الطفلُ كائنٌ لطيفٌ محبوب، ولكنهُ ضعيف، لا يقدرُ على الدفاعِ عن نفسه، ولا يعرفُ حججَ الكلامِ ليثبتَ رأيه، وقد أُوتيَ سلاحًا قويًّا يعوِّضهُ عن كلِّ ذلك، وهو البكاء، الذي ما إن يبكي حتى يهرعَ إليه أحدُ أفرادِ الأسرةِ ليسكت، فإذا لم يُسعَفْ ظلَّ يبكي حتى يُلبَّى طلبه! والبكاءُ مزعجٌ جدًّا، تتردَّدُ نبراتهُ الحادَّةُ في قناةِ الأذنِ حتى تصلَ إلى الدماغ! ولا تتحمَّلهُ سوى الأمّ، التي تتركهُ يبكي أحيانًا لقيامها بأعمالٍ أخرى، وتكونُ قد تخرَّجتْ على هذا الصوت، وصارَ عندها كالنشيدِ اليومي! وقلتُ إنه سلاحٌ (قويّ)، فإن الكبارَ لا يقدرون على مثله، وليجرِّبْ ذلك من يريد، ولْيَبكِ بأعلى صوتهِ مدَّةَ خمسِ دقائقَ أو أكثر، ولينظرْ في حالهِ كيف تصير، وقد بُحَّ صوته، وترهَّلَ لسانُ مزماره، وتعطَّلَ حَلقه، واحمرَّتْ عيناه، وبرزتْ أوداجه.. كما لن يجدَ حولَهُ أحدًا من الحضور! |
رد: خواطرفي سبيل الله
خواطرفي سبيل الله (76) محمد خير رمضان يوسف • هناك من لا يختمُ القرآنَ في السنةِ مرةً واحدة! وهناك من يختمهُ في أسبوعٍ أو أسبوعين أو أقل. فهل يستويان؟ وكلُّ حرفٍ يُقرَأُ من القرآنُ فلصاحبهِ عشرُ حسناتٍ به، فكم تكونُ له من الحسنات؟ وكم يكونُ الفرقُ بينه وبين الذي لا يقرأُ القرآنَ إلا نادرًا؟ اللهم اجعلنا ممن يتلون كتابكَ آناءَ الليلِ وأطرافَ النهار. • الطريقُ إلى السعادةِ يمرُّ بالإسلامِ وليسَ بالمالِ والمنصب، ومن ادَّعَى السعادةَ بغيرهِ فهي أيامٌ وساعاتٌ تأتي وتذهب، ويبقَى قلبُ المؤمنِ هو الناطقُ بالسعادة، لاطمئنانهِ بذكرِ ربِّه، وتوكلهِ عليه، وثقتهِ به، وبما أعدَّ له من الأجرِ العظيمِ في حياةٍ حقيقيةٍ تالية. • نبيٌّ دعا إلى الله (950) عامًا، يستغفرُ ربَّهُ ويدعوهُ أن يرحمَهُ قائلًا: {وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [سورة هود: 47]. فكيف بكَ أيها العبدُ الخطّاء، ألا تستغفرُ الله أكثر؟ • يا ابنَ أخي، تذرعُ الأسواقَ ذهابًا ومجيئًا بدونِ هدفٍ ولا عمل؟ ما أظنكَ إلا مأزورًا في هذا، فقد تبحثُ عن صيدٍ حرام، أو أصدقاءَ سوء، ولن تخلوَ من زِنا عَين. • الحيواناتُ نفسُها تحتاجُ إلى دربةٍ وخبرة، حتى وهي في الغابة! ولذلك ترى الصغارَ منها تقعُ في المصيدةِ أكثر، والكبارُ منها تكونُ حذرة، في سلوكها ومسيرها. |
رد: خواطرفي سبيل الله
خواطرفي سبيل الله (77) محمد خير رمضان يوسف • هناك من لا يعملُ إلا إذا طلبتَ منه العمل، فإذا عملَ أخلص. يعني أنه عاملٌ وليس قائدًا. فليتنبَّهِ الدعاةُ والإداريون إلى نوعيةِ هذه النفوسِ وليعرفوها، فإنها طيبةٌ متفانية، غيرُ مجادلةٍ ولا مخاصمة. • كان لا يتكلمُ إلا قليلًا، وإذا قالَ كلمتين أغنَى عن جملةٍ طويلة. وبهدوء، وصوتٍ منخفض، مع حركاتٍ هادئةٍ رزينة، ونظراتٍ ثابتة. وقد يأخذهُ التفكيرُ لحظاتٍ قبلَ الكلام، فيأتي متناسقًا كافيًا، دون تردُّدٍ أو تكلف. وإذا أُوذيَ سكت، ولم يعبسْ في وجهِ صاحبه. أحببتُ صفاتٍ فيه دلَّتْ على حلمه، فذكرته. • كلُّ الناسِ يسرحونَ في خيالات، وكثيرٌ منها لا صلةَ لها بالواقع، ولا باهتماماتِ أصحابها، ولكنها خيالات.. وكأنها محطاتٌ لراحةِ العقلِ والفكر، حيثُ يبتعدُ عن ثقلِ الواقعِ وجذوره، وتعلقاتهِ ومسؤولياته، فيجدُ فسحةً في ذلك. وقد تطولُ نزهتهُ بعضَ الشيء، ولكنه يضطرُّ لأنْ يُفيقَ من سرحانهِ بـ (ضغطٍ من الواقع)، وإلحاحٍ منه، فيعودُ إلى قاعدتهِ الواقعية. • من الناسِ من يتعلقُ بالحيواناتِ الأليفةِ كثيرًا، فتكونُ إلى جنبهِ حتى أثناءَ النوم! ولا يرى حياتَهُ بدونها! وأكثرُ ما يكونُ هذا عند من يشكونَ من فراغٍ روحي، كما هو في الغرب، فلا يعرفون ربًّا يلجؤون إليه ويناجونه، ويطلبون منه العونَ والتوفيق. وهكذا من يتعلقون بأشياءَ أخرى ماديةٍ إلى حدِّ الهوَس! ولو دُعيَ هذا الصنفُ من البشرِ إلى دينِ الإسلامِ فلربما تفاعلوا معه، وآمنَ منهم من كُتبَ له الإيمان، حيثُ يتعرَّفونَ عظمةَ الإسلامِ ومبادئهُ السمحة، وقد كانوا غافلين عنه. |
رد: خواطرفي سبيل الله
خواطرفي سبيل الله (79) محمد خير رمضان يوسف • انظرْ إلى الربِّ كيف يُثني على عبدهِ إذا أَحبَّه: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ} [سورة هود: 75]. أي: إنَّ نبيَّ اللهِ إبراهيمَ صبورٌ متأنٍّ، يتحمَّلُ أسبابَ الغضبِ وأذَى النَّاس، ويصفَحُ عنهم، كثيرُ التضرُّعِ والدُّعاء، يؤوبُ إلى ربِّهِ سريعًا. هكذا وصفَهُ الإلهُ الخالقُ المعبود، الحيُّ الذي لا يموت، كم يكونُ يحبُّه؟ إنه خليلُ الرحمنِ إبراهيمُ عليه السلام، الذي امتحنَهُ ربُّهُ في الطاعةِ فكان نعمَ المطيع.. فالطاعةَ الطاعة، والقربَ القربَ يا عبادَ الله، حتى يحبَّكم الله. • هناك من يتعاملُ مع أحكامِ دينهِ بحبٍّ وشغف، ويؤدِّيها بنفسٍ راضية، وتفانٍ في العبودية، وآخرون يتعاملون معها وكأنها دَينٌ ينبغي وفاؤهُ وكفَى، فيُسرعون في أدائها، ويعطونها القليلَ من أوقاتهم، ليتفرغوا منها لأعمالهم الدنيويةِ المحبَّبةِ إليهم. لا يستويان. • ما أكثرَ الضالين المنحرفين عن دينِ الإسلامِ في هذه الحياة، فاحمدِ الله تعالى أيها المسلمُ أنْ ولدتَ لأبوين مسلمَين فكنتَ مسلمًا، واسألهُ الثباتَ على دينِ التوحيد، وانظرْ كم هي الفرصُ التي تؤتَى لغيرِ المسلمِ فيُسلم، وهل كانت تنالُكَ هدايةُ الله لو كنتَ على غيرِ ملَّةِ الإسلام؟ فادعُ لوالدَيكَ المسلمَين كثيرًا، واحمدهُ على هذه الهدايةِ العظيمةِ التي أنت فيها بسببهما. • يا بني، لا تنسحبْ من ساحاتِ الشرفِ ولو بقيتَ وحدك، وكلُّ عملٍ تؤديهِ لإخوانِكَ المسلمين وفيه نفعٌ لهم فهو شرفٌ لك، قلْ بلسانك، واحملْ على كتفك، تفقَّد، وشارك، وانتظرْ أيةَ إشارةٍ لتقومَ وتعمل، لترفعَ بهم رأسك، ويزدادَ بهم أجرك. • العلماءُ الكبارُ يتصفون بالأفقِ الواسعِ والإحاطةِ بأحوالِ المجتمع، وعندما يُسألون لا يتفكرون في الجوابِ عن السؤالِ مجردًا، بل بما يحيطُ به من ظروفِ المجتمعِ والبيئةِ ونيةِ السائلِ أيضًا، فإن الجوابَ عن حادثةٍ قد يختلفُ ظرفًا وتاريخًا. |
رد: خواطرفي سبيل الله
خواطرفي سبيل الله (80) محمد خير رمضان يوسف • لا تطلبوا من أهلِ العلمِ مساعدةً مالية، فإما أن يكونَ لا مالَ لهم، أو لا زيادةَ عندهم، وإذا كان عندهم اشتروا به كتبًا، ولا نهايةَ لطمعِهم في ذلك، ولو كان عندهم وادٍ من ذهب! وطمعهم في هذا يتجدَّدُ كلما تجدَّدتْ معارضُ الكتب! • ليس بمقدورِ المرءِ أن يبقَى متصنِّعًا في خُلقهِ وتعامله، لا بسًا ثوبًا مزوَّرًا طوالَ الوقت، لا بدَّ أن يرجعَ إلى طبيعتهِ وعادته، فلا يرتاحُ إلا فيها؛ ولذلك قد لا تكونُ النظرةُ الأولَى للشخصِ صحيحة، فقد يكونُ أثناءها متصنِّعًا لظرفٍ ما، إنما يُلاحَظُ مرات، وفي ظروفٍ مختلفة، حتى تُعرَفَ حقيقةُ ما هو عليه. • يا بني، ليلُكَ طويلٌ فلا تخصِّصهُ كلَّهُ للنوم، اجعلْ فيه نصيبًا للعلمِ والعبادة، فإن قيامَ الليلِ من دأبِ الصالحين. أما من اتخذَهُ لعبًا، وسهرَ فيه إلى الصباح، فقد ضيَّعَ وقته، وكان من القومِ الذين لا يعتبرون. • المؤمنون المخلصون يحنُّون إلى ذكرِ الله وطاعته، ولا يتصوَّرون انقطاعهم عنها، فقد صارت جزءًا من شخصيتهم، لا ينفكون عنها، ولا يرون الحياةَ بدونها، كما لا يجدون صعوبةً في أدائها؛ لأنهم يطبقونها عن رغبةٍ وحبّ. • يا ابنَ أخي، لا تسلكْ طريقَ المفسدين، فإنهم يؤذون الناسَ ويظلمونهم، ويأكلون أموالهم التي جمعوها بعرقِ جبينهم، وينتهكون حرماتهم، ويخوِّفونهم بفعالهم، ويزرعون الشرَّ أينما ذهبوا. |
رد: خواطرفي سبيل الله
خواطرفي سبيل الله (81) محمد خير رمضان يوسف • النصرُ لا يعني الراحةَ والخلودَ إلى الدنيا، فقد وعدَ الله رسولَهُ وصحابتَهُ النصر، فانتصروا، ثم كانوا معلِّمين وفاتحين حتى وفاتهم أو استشهادهم. وحتى النصرُ في هذه الحياةِ امتحان. يقولُ ربُّنا سبحانهُ وتعالَى: {عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} [سورة الأعراف: 129]. • يومٌ مَهول، لا مفرَّ لكَ منه، ولا سلطانَ لكَ هناك، فقط تنتظرُ أن يؤمرَ بك، إلى حيثُ السعادةُ أو الشقاء. اللهم اجعلنا من أهلِ السعادة، وألهمنا أن نعملَ بعملِ أهلها، ولا تُخزنا يومَ الدين. • لكَ أن تحبَّ أو تكرهَ لباسًا أو طعامًا، أما المسلمون - عمومًا - فتحبُّهم لإسلامهم، والكافرون تكرهُهم لكفرهم، وهذا ما يسمَّى بالحبِّ في الله، والبغضِ في الله. وتوالي المسلمين، وتعادي أعداءهم، فمن عكسَ كان عدوًّا للمسلمين وليس أخًا لهم. • إلى الذين لم يعرفوا التربيةَ إلا من خلالِ الأوامر، والزجرِ والنهي، ليذكروا قولَ أنسٍ رضيَ الله عنه كما في صحيحِ مسلم: "خدمتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عشرَ سنين، واللهِ ما قالَ لي أُفًّا قطّ، ولا قالَ لي لشيءٍ: لمَ فعلتَ كذا؟ وهلّا فعلتَ كذا". فالعبرةُ بالاستقامة، والخُلقِ الطيب، والمعاملةِ الحسنة. وفي الصمتِ دروسٌ أكبر. |
| الساعة الآن : 07:59 AM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour