ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى الأخت المسلمة (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=45)
-   -   كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله) (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=194113)

ابوالوليد المسلم 24-12-2019 02:46 AM

رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
 
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg

(بناء البيت السعيد)
الحلقة (41) :

د. إلهام بدر الجابري


بسم الله الرحمن الرحيم

http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg


منهج الإسلام في تفادي المشكلات الزوجية وحلها (2- 7)



ثانياً/ التذكير بالمأموول من الخير وحسن العاقبة والخيرة:
قال سبحانه (... وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنّ َ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً )(1).
أي لدمامة أو سوء خلق من غير ارتكاب فاحشة أو نشوز ؛ فهذا يندب فيه إلى الاحتمال ، فعسى أن يؤول الأمر إلى أن يرزقه الله منها أولاداً صالحين.
قال ابن عباس: ربما رزق الله منهما ولدا فجعل الله في ولدها خيرا كثيراً .
وقال مكحول : سمعت ابن عمر يقول : إن الرجل ليستخير الله تعالى فيُخار له ، فيسخط على ربه عز وجل فلا يلبث أن ينظر في العاقبة فإذا هو قد خير له(2).
وهذا كثير معاين في الواقع ، فكم من رجل كره امرأته فأمسكها وصبر فكانت عوناً له على أمر دينه ودنياه ، أو رُزق منها أولاداً بررة صالحين ، وغير ذلك من الفتوح .
قال العلامة ابن الجوزي رحمه الله :[ وقد ندبت الآية إلى إمساك المرأة مع الكراهة لها ونبهت على معنيين أحدهما أن الإنسان لا يعلم وجوه الصلاح فرب مكروه عاد محموداً ومحمود عاد مذموماً، والثاني أن الإنسان لا يكاد يجد محبوباً ليس فيه ما يكره فليصبر على ما يكره لما يحب وأنشدوا في هذا المعنى ...
ومن لم يغمض عينه عن صديقه ... وعن بعض ما فيه يمت وهو عاتب
... ومن يتتبع جاهداً كل عثرة ... يجدها ولا يسلم له الدهر صاحب ](3) .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg






(1) سورة النساء آية 19 .
(2) انظر الجامع في أحكام القرن للقرطبي 5/98 . وزاد المسير 2/42 .
(3) زاد المسير 2/42 .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg


ابوالوليد المسلم 24-12-2019 02:46 AM

رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
 
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg

(بناء البيت السعيد)
الحلقة (42) :

د. إلهام بدر الجابري


بسم الله الرحمن الرحيم

http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg


منهج الإسلام في تفادي المشكلات الزوجية وحلها (3- 7)




ثالثاً/ النظر إلى الحسنات والغض عن السيئات:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « لاَ يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ ». أَوْ قَالَ « غَيْرَهُ »(1) .
الفرك : هو بغض أحد الزوجين الآخر(2).
فلا ينبغي للرجل أن يبغضها إذا رأى منها ما يكره لأنه إن كره منها خلقاً رضي منها آخر فيقابل هذا بذاك .
ولا شكّ أن تركيز الفكر فيما يُرضي كل طرف عن صاحبه من الخلال الطيبة طريق للهناء والسرور ، فالكمال عزيز ، ولا تخلو امرأة من نقص ، كما هو الحال أيضاً بالنسبة للرجل .
وسلامة الدين أكبر غنيمة وأعظم نعمة ، وما دونه يهون ، وكما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم « فاظفر بذات الدين ».
وأخيراً ... أراد شعيب بن حرب أن يتزوج امرأة ، فقال لها : إني سيء الخلق، فقالت : أسوأ منك خلقاً مَن أحوجك أن تكون سيء الخلق، فقال : إذاً أنت امرأتي(3) .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg





(1) أخرجه مسلم باب الوصية بالنساء ح3721-4/178 .
(2) النهاية في غريب الأثر 3/840 .
(3) أحكام النساء ص82 .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg

ابوالوليد المسلم 24-12-2019 02:47 AM

رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
 
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg

(بناء البيت السعيد)
الحلقة (43) :

د. إلهام بدر الجابري


بسم الله الرحمن الرحيم

http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg


منهج الإسلام في تفادي المشكلات الزوجية وحلها (4- 7)



رابعاً/ الحث على مداراة المرأة :

عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن المرأة خلقت من ضلع فإن أقمتها كسرتها فدارها تعش بها )(1) .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ لَنْ تَسْتَقِيمَ لَكَ عَلَى طَرِيقَةٍ فَإِنِ اسْتَمْتَعْتَ بِهَا اسْتَمْتَعْتَ بِهَا وَبِهَا عِوَجٌ وَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهَا كَسَرْتَهَا وَكَسْرُهَا طَلاَقُهَا »(2).

وفي رواية ( استوصوا بالنساء فإن المرأة خلقت من ضلع وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء )(3) .

قال ابن حجر [قوله (وأن أعوج شيء في الضلع أعلاه ) قيل فيه إشارة إلى أن أعوج ما في المرأة لسانها ... وفائدة هذه المقدمة أن المرأة خلقت من ضلع أعوج فلا ينكر اعوجاجها ، أو الإشارة إلى أنها لا تقبل التقويم كما أن الضلع لا يقبله .

قوله (فإن ذهبت تقيمه كسرته) قيل هو ضرب مثل للطلاق أي إن أردت منها أن تترك اعوجاجها أفضى الأمر إلى فراقها ويؤيده قوله في رواية الأعرج عن أبي هريرة عند مسلم (وإن ذهبت تقيمها كسرتها وكسرها طلاقها )](4).

[ وفي هذا الحديث ملاطفة النساء والإحسان إليهن والصبر على عوج أخلاقهن واحتمال ضعف عقولهن وكراهة طلاقهن بلا سبب وأنه لا يطمع باستقامتها والله أعلم ](5).

http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg










(1) أخرجه ابن حبان باب معاشر الزوجين ح 4178-9/485 قال الأرناؤوط:إسنادï؟½ ï؟½ على شرك مسلم ، والحاكم ك البر والصلة ح7333-4/192 وقال: حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي ، وأحمد ح20105-5/8 .


(2) أخرجه مسلم باب الوصية بالنساء ح 3719-4/178 .

(3) أخرجه البخاري باب قول الله تعالى ( وإذ قال ربك إني جاعل في الأرض خليفة ) ح3153-3/1212 .

(4) فتح الباري 6/368 .

(5) شرح مسلم للنووي 10/57 .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg

ابوالوليد المسلم 24-12-2019 02:48 AM

رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
 
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg

(بناء البيت السعيد)
الحلقة (44) :

د. إلهام بدر الجابري


بسم الله الرحمن الرحيم

http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg


منهج الإسلام في تفادي المشكلات الزوجية وحلها (5- 7)


خامساً/ الحث على الصبر على الزوجة واحتمال الأذى منها :
قال الغزالي رحمه الله : [ واعلم أنه ليس حسن الخلق معها كف الأذى عنها بل احتمال الأذى منها ، والحلم عند طيشها وغضبها اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كانت أزواجه تراجعنه الكلام وتهجره الواحدة منهن يوماً إلى الليل وراجعت امرأة عمر رضي الله عنه في الكلام فقال : أتراجعيني يا لكعاء! فقالت : إن أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم يراجعنه وهو خير منك](1)(2).
وكان صلى الله عليه وسلم يقول لعائشة « إِنِّي لأَعْلَمُ إِذَا كُنْتِ عَنِّى رَاضِيَةً وَإِذَا كُنْتِ عَلَىَّ غَضْبَى ». قَالَتْ فَقُلْتُ وَمِنْ أَيْنَ تَعْرِفُ ذَلِكَ؟ قَالَ « أَمَّا إِذَا كُنْتِ عَنِّى رَاضِيَةً فَإِنَّكِ تَقُولِينَ لاَ وَرَبِّ مُحَمَّدٍ وَإِذَا كُنْتِ غَضْبَى قُلْتِ لاَ وَرَبِّ إِبْرَاهِيمَ ». قَالَتْ قُلْتُ أَجَلْ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَهْجُرُ إِلاَّ اسْمَكَ(3).
وينبغي كذلك للزوج أن يتغاضى عما يراه من خطإ يبدر من زوجه ولا يتعقب الأمور صغيرها وكبيرها ما لم يكن في حق من حقوق الله تعالى ؛ فالخطأ من سمات البشر لا يسلم منه أحد .
وذلك ما يرشدنا إليه قوله تعالى (وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِير )(4).
قال العلامة السعدي رحمه الله :[ قوله: { وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا } قال كثير من المفسرين: هي حفصة أم المؤمنين رضي الله عنها، أسرَّ لها النبي صلى الله عليه وسلم حديثًا، وأمر أن لا تخبر به أحدًا، فحدَّثت به عائشة رضي الله عنهما، وأخبره الله بذلك الخبر الذي أذاعته، فعرَّفها صلى الله عليه وسلم ببعض ما قالت، وأعرض عن بعضه، كرمًا منه صلى الله عليه وسلم ، وحلمًا](5).
وأخيراً ...
ذكر ابن العربي بسنده عن أبي بكر بن عبد الرحمن حيث قال : كان الشيخ أبو محمد بن أبي زيد من العلم والدين في المنزلة والمعرفة، وكانت له زوجة سيئة العشرة وكانت تقصر في حقوقه وتؤذيه بلسانها ؛ فيقال له في أمرها ويُعذَل بالصبر عليها ، فكان يقول : أنا رجل قد أكمل الله علي النعمة في صحة بدني ومعرفتي وما ملكت يميني ، فلعلها بعثت عقوبة على ذنبي فأخاف إن فارقتها أن تنزل بي عقوبة هي أشد منها(6).

http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg




(1) أخرجه مسلم في حديث طويل باب في الإيلاء واعتزال النساء ح3768-4/192 [قَالَ كُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ قَوْمًا نَغْلِبُ النِّسَاءَ فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ وَجَدْنَا قَوْمًا تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ فَطَفِقَ نِسَاؤُنَا يَتَعَلَّمْنَ مِنْ نِسَائِهِمْ - قَالَ - وَكَانَ مَنْزِلِى فِى بَنِى أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ بِالْعَوَالِى فَتَغَضَّبْتُ يَوْمًا عَلَى امْرَأَتِى فَإِذَا هِىَ تُرَاجِعُنِى فَأَنْكَرْتُ أَنْ تُرَاجِعَنِى. فَقَالَتْ مَا تُنْكِرُ أَنْ أُرَاجِعَكَ فَوَاللَّهِ إِنَّ أَزْوَاجَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم لَيُرَاجِعْنَهُ وَتَهْجُرُهُ إِحْدَاهُنَّ الْيَوْمَ إِلَى اللَّيْلِ. فَانْطَلَقْتُ فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ فَقُلْتُ أَتُرَاجِعِينَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ نَعَمْ. فَقُلْتُ أَتَهْجُرُهُ إِحْدَاكُنَّ الْيَوْمَ إِلَى اللَّيْلِ قَالَتْ نَعَمْ. قُلْتُ قَدْ خَابَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْكُنَّ وَخَسِرَ أَفَتَأْمَنُ إِحْدَاكُنَّ أَنْ يَغْضَبَ اللَّهُ عَلَيْهَا لِغَضَبِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم فَإِذَا هِىَ قَدْ هَلَكَتْ لاَ تُرَاجِعِى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلاَ تَسْأَلِيهِ شَيْئًا وَسَلِينِى مَا بَدَا لَكِ وَلاَ يَغُرَّنَّكِ أَنْ كَانَتْ جَارَتُكِ هِىَ أَوْسَمَ وَأَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْكِ - يُرِيدُ عَائِشَةَ -]
(2) إحياء علوم الدين 4/72 .

(3) أخرجه البخاري باب غيرة النساء ووجدهن ح4930-5/2004 ، ومسلم باب في فضل عائشة ح6438-7/134 .
(4) سورة التحريم آية 3 .
(5) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ص872 .
(6) الجامع في أحكام القرآن 5/98 .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg


ابوالوليد المسلم 24-12-2019 02:48 AM

رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
 
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg

(بناء البيت السعيد)
الحلقة (45) :

د. إلهام بدر الجابري


بسم الله الرحمن الرحيم

http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg


منهج الإسلام في تفادي المشكلات الزوجية وحلها (6- 7)


سادساً/ اتخاذ عدة خطوات لتأديب المرأة:
قال الله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً {34} وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحاً يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً{35}}النساء(1) .
والنشوز هو العصيان ، ولعلاجه يتخذ الخطوات التالية :
الخطوة الأولى : الوعظ بالرفق واللين فإن لم ينفع فلينتقل إلى :
الخطوة الثانية : الهجر في المضجع وذلك بأن يولّيها ظهره في المضجع ، لكن ينبغي ألا يبلغ بالهجر في المضجع أربعة أشهر ، وينبغي أن يقصد من الهجر التأديب والاستصلاح لا التشفي والانتقام ، ولا يهجرها في الكلام أكثر من ثلاثة أيام لقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث )(2) .
الخطوة الثالثة : الضرب غير المخوف، عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت : ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا قط بيده ، ولا امرأة ، ولا خادمًا ، إلا أن يجاهد في سبيل الله ، وما نِيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه ، إلا أن يُنتهك شيء من محارم الله فينتقم )(3) .
متى يجوز الضرب ؟ الآية على الترتيب فالوعظ عند خوف النشوز ، والهجر عند ظهور النشوز ، والضرب عند تكرره ، واللجاج فيه ، ولا يجوز الضرب عند ابتداء النشوز .
شروط الضرب : منها أن تصر على النشوز والعصيان حتى بعد تدرجه معها في التأديب على النحو الذي سبق ذكره .
ومنها أن يتناسب العقاب مع نوع التقصير، فلا يبادر إلى الهجر في المضجع في أمر لا يستحق إلا الوعظ والإرشاد ـ ولا يبادر إلى الضرب وهو لم يجرب الهجر في المضجع ، وذلك لأن العقاب بأكثر من حجم الذنب والتقصير ظلم .
ومنها أن يراعي أن المقصود من الضرب العلاج والتأديب والزجر لا غير، فيراعي التخفيف فيه على أبلغ الوجوه ، وهو يتحقق باللكزة ونحوها ، أو بالسواك ونحوه . وفي خطبة حجة الوداع قال صلى الله عليه وسلم (فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنّ َ بِأَمَانِ اللَّهِ وَاسْتَحْلَلْتُ مْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لاَ يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ. فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ كِتَابَ اللَّهِ )(4).
قال عطاء : قلت لابن عباس: ما الضرب غير المبرح ؟ قال : السواك وشبهه يضربها به(5). قال الفقهاء: هو ألا يكسر فيها عضواً ولا يؤثر فيها شيئاً(6) .
ومنها أنها إذا ارتدعت وتركت النشوز فلا يجوز له بحال أن يتمادى في عقوبتها ، أو يتجنى عليها بقول أو فعل لقوله تعالى: { فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً }النساء34.
ومنها أن يكون الضرب نافعاً في الإصلاح فإن كان يترتب عليه مفسدة أكبر وفتنة أشد فلا ، وقد اتفق العلماء على أن ترك الضرب والاكتفاء بالتهديد أفضل لما رواه إياس بن عبد الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « لاَ تَضْرِبُوا إِمَاءَ اللَّهِ ». فَجَاءَ عُمَرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ ذَئِرْنَ النِّسَاءُ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ. فَرَخَّصَ فِى ضَرْبِهِنَّ فَأَطَافَ بِآلِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْكُونَ أَزْوَاجَهُنَّ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم « لَقَدْ طَافَ بِآلِ مُحَمَّدٍ نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْكُونَ أَزْوَاجَهُنَّ لَيْسَ أُولَئِكَ بِخِيَارِكُمْ »(7) .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg



قال ابن الجوزي:[ وليعلم الإنسان أن من لا ينفع فيه الوعيد والتهديد لا يردعه السوط ، وربما كان اللطف أنجح من الضرب فإن الضرب يزيد قلب المعرض إعراضاً ](8) .
الخطوة الرابعة : إذا استمر الشقاق بين الزوجين يلجآن إلى حكمين أحدهما من أهله والآخر من أهلها على أن يكونا مسلمين عاقلين يعرفان ما بين الزوجين ، ويعرفان الجمع والتفريق ، فينظران ما ينقم كل منهما على صاحبه ، ثم يلزمان كلا منهما ما يجب ، فإن لم يستطع أحدهما ذلك أقنعا الزوج الآخر بالرضا بما تيسر من الرزق والخلق . ومهما أمكنهما الجمع والإصلاح فلا يعدلان عنه .
فإن وصلت الحال إلى أنه لا يمكن اجتماعهما وإصلاحهما إلا على وجه المعاداة والمقاطعة ومعصية الله ، ورأيا أن التفريق بينهما أصلح فرقا بينهما .




(1) سورة النساء آية 34و35 .
(2) أخرجه البخاري ك الأدب باب ما ينهى عنه من التحاسد ح6065 – 10 / 481 مع الفتح .
(3) أخرجه مسلم ك الفضائل باب مباعدته صلى الله عليه وسلم للآثام ح2327 .
(4) أخرجه مسلم باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم ح3009-4/39 مطولاً .
(5) تفسير الطبري 8/314 .

(6) تفسير ابن كثير 2/295 .
(7) أخرجه أبو داود باب في ضرب النساء ح2148-2/211 وصححه الألباني ، والنسائي في السنن الكبرى باب ضرب الرجل زوجته ح9167-5/371 ، والدارمي باب في النهي عن ضرب النساء ح2219-2/198 وصححه حسين سليم أسد ، وابن حبان باب معاشر الزوجين ح4189-9/499 وصححه الأرناؤوط ، والحاكم ك النكاح ح2765-2/205 وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، ووافقه الذهبي ، والحميدي ح876-2/386 ، والطبراني في المعجم الكبير ح784-1/270 .
(8) أحكام النساء ص82 .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg

ابوالوليد المسلم 23-03-2020 10:04 PM

رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
 
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg

(بناء البيت السعيد)
الحلقة (46) :

د. إلهام بدر الجابري


بسم الله الرحمن الرحيم

http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg


منهج الإسلام في تفادي المشكلات الزوجية وحلها (7- 7)


سابعاً : بقليل من التنازلات وبمزيد من الإحسان تستقيم الحياة ؛ ويتغير الحال ، وتُحفظ الأسرة

فالإسلام يُرشد الزوجة إذا لمست من زوجها جفوة ، وأحست منه غلظة ، أن تُبادر إلى شيء من التنازل عن حقوقها حفظاً لأسرتها واستقرارها ، فعسى أن يؤول الحال إلى ما يسرّ ، ويحصل الصلح ، والصلح خير ، قال الله تعالى ( وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا )( 1 )


http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg


ثم ذكر سبحانه ما قد يمنع من الصلح بقوله: ( وَأُحْضِرَتِ الأنْفُسُ الشُّحّ ) أي: جبلت النفوس على الشح، وهو: عدم الرغبة في بذل ما على الإنسان للآخرين ، والحرص على الحق الذي له، فالنفوس مجبولة على ذلك طبعاً، لا سيما مع شنآن النفوس وإعراضها ، وعندئذ لا يقتصر الشح على الأموال والأفعال ، بل يتجاوزه إلى الشح بالعواطف والكلمات ، وتكون المحاسبة الشديدة فيما له وفيما ناله من الحقوق ، ومع الشح لا يمكن الصلح (وإن تحسنوا وتتقوا) ببذل الحق الذي عليكم ، والاقتناع ببعض الحق الذي لكم ، يذهب شنآن نفوسكم ويتحقق الصلح .

ولعل في ذكر التقوى تذكير لأهميتها ؛ فغالباً ما تغيب عند حصول الخلاف ، ويحل الظلم ، ويُنسى الإحسان الذي ربما يكون قد دام سلفاً أطول من الإساءة .

ألا فليتقِ الله كل زوج وليتقه في الآخر ، وليَصر إلى العدل والإحسان ، ولينزِل كل واحد للآخر عن القليل من حقه تكرماً وفضلاً وحفاظاً على كيان الأسرة.







( 1 ) سورة النساء آية 128 . وانظر تفسيرها في تفسير القرآن العظيم لابن كثير 2/426 ، وتفسيسر الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان 1/206 .

http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg




ابوالوليد المسلم 23-03-2020 10:05 PM

رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
 
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg

(بناء البيت السعيد)
الحلقة (47) :

د. إلهام بدر الجابري


بسم الله الرحمن الرحيم

http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg


الطــلاق حل لا مشكلة (1-12)



يعدُّ بعض الناس الطلاق مشكلة من المشاكل الأسرية ، ويبذل قصارى جهده لمنع وقوعه ، مع أنه في بعض الأحيان حينما تُستعصى الأمور يكون الحل هو الطلاق ، فالناظر إلى التشريعات الإسلامية في الطلاق يجد أن الإسلام جعله حلاً مناسباً للإصلاح بين الزوجين ؛ فكثيراً ما يكون الزوجان تحت ضغط المشاكل غير قادرين على التفكير السديد ، والنظر في إيجابيات الطرف الآخر ، والنظر في المصالح والمفاسد ، فإذا وقعت الطلقة الأولى سنحت الفرصة لكل منهما في فترة العدة لمعاودة التفكير الجاد والبعيد عن المؤثرات السلبية ، فإذا راجعا نفسيهما وقررا العودة أمكنهما ذلك في العدة ، فإن انقضت العدة ورغبا في الرجوع تكلّف الزوج مهراً جديداً وعقداً جديداً مما يبرهن على صدق رغبتهما في الصلح ، فإن استأنفا المشاكل من جديد ، كانت أمامهما فرصة ثانية ، فإن أضاعاها اشتدّ الحكم في قضيتهما ، وعُلم أن صلاح الحال بينهما عسير ، والفرقة خير من الاجتماع ، فلا تحل له حتى تنكح زوجاً آخر نكاح رغبة فيطلقها أو يموت عنها ، فقد يدرك كل منهما فضل صاحبه إذا جرّب غيره ، وربما كان امتداد العمر بهما سبب لصقل خبرتهما في الحياة الزوجية .


وسوف نستعرض في الصفحات القادمة التشريعات الإسلامية في الطلاق

http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg

ابوالوليد المسلم 23-03-2020 10:05 PM

رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
 
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg

(بناء البيت السعيد)
الحلقة (48) :

د. إلهام بدر الجابري


بسم الله الرحمن الرحيم

http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg


الطــــلاق (2-12)

تعريـف الطـلاق:

الطلاق في اللغة عبارة عن رفع القيد(1) .
وفي عرف الفقهاء عبارة عن حكم شرعي برفع القيد النكاحي بألفاظ مخصوصة(2).
الحكمة من مشروعية الطلاق:
[إن الله تعالى شرع النكاح لمصلحة العباد لأنه ينتظم به مصالحهم الدينية والدنيوية ، ثم شرع الطلاق إكمالاً للمصلحة ؛ لأنه قد لا يوافقه النكاح فيطلب الخلاص فمكّنه من ذلك ، وجعله عدداً ، وحكمه متأخراً ليجرّب نفسه في الفراق كما جرّبها في النكاح ، ثم حرّمها عليه بعد فراغ العدد قبل أن تتزوج بزوج آخر ليتأدب بما فيه غيظه وهو الزوج الثاني على ما عليه جبلة الفحولة بحكمته ولطفه بعباده ، فيصير بقاء النكاح مفسدة محضة وضرراً مجرداً بإلزام الزوج النفقة والسكنى وحبس المرأة مع سوء العشرة والخصومة الدائمة من غير فائدة فاقتضى ذلك شرع ما يزيل النكاح لتزول المفسدة الحاصلة منه (3)]
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg


الحكمة من جعل الطلاق بيد الرجل دون المرأة :

قال ابن القيم رحمه الله: [ والله سبحانه جعل الطلاق بيدِ الزوج لا بيد المرأة رحمةً منه وإحساناً، ومراعاةً لمصلحة الزوجين.نعم له أن يُملكها أمرها باختياره، فيخيرها بين القيام معه وفراقها. وأما أن يخرجَ الأمرُ عن يد الزوج بالكلية إليها، فهذا لا يمكن. فليس له أن يُسقط حقَّه مِن الرجعة، ولا يملك ذلك، فإن الشارع إنما يملك العبد ما ينفعُه ملكه، ولا يتضرر به، ولهذا لم يملكه أكثر من ثلاث، ولا ملكه جمع الثلاث، ولا ملَّكه الطلاق في زمن الحيض والطهر المواقع فيه، ولا ملكه نكاح أكثر من أربع، ولا ملك المرأةَ الطلاق، وقد نهى سبحانه الرجال: أن يُؤتُوا السفهاء أموالهم الَّتي جعل الله لهم قياماً، فكيف يجعلون أمر الأبضاع إليهن في الطلاق والرجعة، فكما لا يكون الطلاقُ بيدها لا تكون الرجعة بيدها ](4)


(1) انظر الصحاح في اللغة 1/428 ، لسان العرب 10/225 .
(2) انظر : العناية 5/160، ونحوه تبيين الحقائق 2/188 والبحر الرائق 3/253 و مغني المحتاج 3/279 والمغني 8/234 والمبدع 7/230 لكن لم يقولا بألفاظ مخصوصة .
(3) انظر : العناية 5/160، والمغني 8/235 .
(4) زاد المعاد 5/676 .


http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg

ابوالوليد المسلم 23-03-2020 10:06 PM

رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
 
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg

(بناء البيت السعيد)
الحلقة (49) :

د. إلهام بدر الجابري


بسم الله الرحمن الرحيم

http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg



الطـــلاق (3-12)



أحكام الطلاق(1):

هو مشروع والأصل في مشروعيته الكتاب والسنة والإجماع أما الكتاب فقول الله تعالى : { الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ }(2) وقال تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ }(3) .


وأما السنة فما روي عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهْىَ حَائِضٌ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ لْيَتْرُكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ بَعْدُ وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ (4) .

والطلاق على خمسة أضرب هي ما يأتي :

واجب : وهو طلاق المولي بعد التربص إذا أبى الفيئة ، وطلاق الحكمين في الشقاق إذا رأيا ذلك ، وعند تفريط المرأة في حقوق الله الواجبة عليها مثل الصلاة ونحوها ولا يمكنه إجبارها عليها أو تكون له امرأة غير عفيفة ، لأن فيه نقصاً لدينه ولا يأمن إفسادها لفراشه وإلحاقها به ولداً ليس هو منه ، ولا بأس بعضلها في هذه الحال والتضييق عليها لتفتدي منه قال الله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آَتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا }(5)

ومكروه : وهو الطلاق من غير حاجة إليه لأنه مزيل للنكاح المشتمل على المصالح المندوب إليها فيكون مكروهاً .

ومباح : وهو عند الحاجة إليه لسوء خلق المرأة وسوء عشرتها والتضرر بها من غير حصول الغرض بها .

ومندوب إليه : وهو الطلاق في حال الشقاق وفي الحال التي تخرج المرأة إلى المخالعة لتزيل عنها الضرر كبغضها لزوجها .

وأما المحظور : فهو الطلاق البدعي كالطلاق في الحيض، والنفاس، وطهر وطئ فيه .





(1) انظر : المبسوط 6/2 ، الفواكه الدواني 3/1004 ، روضة الطالبين 8/3 ، شرح زاد المستقنع 6/482 ، المغني 8/234 ،

(2) سورة البقرة آية 229 .

(3) سورة الطلاق آية 1 .

(4) أخرجه البخاري باب سورة الطلاق ح4625-4/1864 ، ومسلم تحريم طلاق الحائض بغير رضاها ح3725-4/179 واللفظ له

(5) سورة النساء آية 19 .



ابوالوليد المسلم 23-03-2020 10:06 PM

رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
 
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg

(بناء البيت السعيد)
الحلقة (50) :

د. إلهام بدر الجابري


بسم الله الرحمن الرحيم

http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg


الطـــلاق (4-12)



أقسام الطـلاق :

للطلاق عدة أقسام بثلاثة اعتبارات :

الأول : باعتبار صيغة الطلاق ينقسم إلى ألفاظ صريحة ، وألفاظ كناية (1) .

الألفاظ الصريحة :

ثلاثة ألفاظ الطلاق والفراق والسراح، وما تصرّف منهن ؛ لأن الطلاق ثبت له عرف الشرع واللغة، والسراح والفراق ثبت لهما عرف الشرع ، فإنه ورد بهما القرآن بمعنى الفرقة بين الزوجين فكانا صريحين فيه كلفظ الطلاق قال الله تعالى : { الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ } وقال { وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ }(2) وقال سبحانه : { فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوف }(3) وقال سبحانه { وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِه}(4) وقال سبحانه : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا}(5).

ويقع بها الطلاق من غير حاجة إلى نية .



مسألة : إذا قال لامرأته: أنت طالق، أو طلقتك، أو أنت مطلقة أو سرحتك، أو أنت مسرحة، أو فارقتك، أو أنت مفارقة، ثم قال: أردت غيرها فسبق لساني إليها لم يُقبل، لأنه يدّعي خلاف الظاهر، ويدين فيما بينه وبين الله تعالى، لأنه يحتمل ما يدعيه .

مسألة : إن قال: أنت طالق ، وقال أردت طلاقاً من وثاق، أو قال سرحتك وقال أردت تسريحاً من اليد، أو قال فارقتك، وقال أردت فراقاً بالجسم، لم يُقبل في الحكم، لأنه يدّعي خلاف ما يقتضيه اللفظ في العرف، ويدين فيما بينه وبين الله تعالى، لأنه يحتمل ما يدعيه، فإن علمت المرأة صدقه فيما دِين فيه الزوج جاز لها أن تقيم معه.



مسألة : إن قال أنت طالق من وثاق، أو سرحتك من اليد، أو فارقتك بجسمي لم تطلق، لأنه اتصل بالكلام ما يصرف اللفظ عن حقيقته.



مسألة : لو قال له رجل: طلقت امرأتك ؟ أو امرأتك طالق ؟ أو فارقتها أو سرحتها ؟ فقال: نعم ، فإن كان صادقاً فيما أخبر به من الطلاق وقع عليها الطلاق في الظاهر والباطن، وإن لم يكن طلاق قبل ذلك وإنما كذب بقوله نعم، وقع الطلاق في الظاهر دون الباطن .



ألفاظ الكناية :

هي الألفاظ التي تشبه الطلاق وتدل على الفراق، وذلك مثل قوله: أنت بائن، وخلية وبرية وبتة وبتلة وحرة وواحدة وبِيني وابعدي واغربي واذهبي واستفلحي والحقي بأهلك وحبلك على غاربك، واستتري وتقنعي واعتدي وتزوجي وذوقي وتجرعي وما أشبه ذلك(6)، فإن خاطبها بشيء من ذلك ونوى به الطلاق وقع، وإن لم ينو لم يقع، لأنه يحتمل الطلاق وغيره، فإذا نوى به الطلاق صار طلاقاً، وإذا لم ينو به الطلاق لم يصر طلاقاً، كالإمساك عن الطعام والشراب لما احتمل الصوم وغيره، إذا نوى به الصوم صار صوماً، وإذا لم ينو به الصوم لم يصر صوماً .





(1) انظر : البحر الرائق 3/263 ، الاستذكار 6/24 ، المجموع شرح المهذب 17/96 ، المغني 8/264 .

(2) سورة البقرة آية 231 .

(3) سورة الطلاق آية 2 .

(4) سورة النساء آية 130 .

(5) سالأحزاب آية 28 .

(6) قوله " بائن الخ " أي مفارقة من البين وهو الفراق، وخلية، أي خالية عن الزوج فارغة منه، وبرية أي بريئة عما يجب من حقوقي وطاعتي، وبتة القطع وبتلة مثلها، ومنه التبتل أي الانقطاع عن النكاح، وحرّة أي لا سلطان لي على بضعك كما لا ملك في رقبة الحرة، وواحدة أي أنت فردة عن الزوج، ويحتمل طلقة واحدة ، وبِيني وهو من البعد والفراق واغربى مثله ،واستفلحي من الفلاح والفوز، أي فوزي بأمرك واسْتَبِدِّي برأيك ويحتمل أن يكون من الفلح وهو القطع، أي اقطعي حبل الزواج من غير نزاع ، وحبلك على غاربك، أي امضي حيث شئت، وتقنعى، أي غطي رأسك ،وقيل معناه استتري مني ولا يحل لي نظرك.، وتجرعي ، يقال: جرعه غصص الغيظ إذا أذاقه الشدة مما يكره . انظر : المجموع شرح المهذب 17/103 .


ابوالوليد المسلم 23-03-2020 10:07 PM

رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
 
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg

(بناء البيت السعيد)
الحلقة (51) :

د. إلهام بدر الجابري


بسم الله الرحمن الرحيم



الطــــلاق (5-12)

http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg




أقسام الطلاق باعتبار زمن إيقاع الطلاق ينقسم إلى طلاق سني ، وطلاق بدعي(1) .

الطلاق السني له صورتان :

الصورة الأولى : أن يطلقها في طهر لم يجامعها فيه .

والصورة الثانية : أن يطلقها حاملاً ؛ بأن يطلقها واحدة متى شاء ويمهلها حتى تضع حملها

وكلا الصورتين وردتا في حديث ابن عمر رضي الله عنهما ، عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهْىَ حَائِضٌ فِى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَ ا ثُمَّ لْيَتْرُكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ بَعْدُ وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ »(2).

وعَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهْىَ حَائِضٌ فَذَكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ لِلنَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ « مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَ ا ثُمَّ لْيُطَلِّقْهَا طَاهِرًا أَوْ حَامِلاً »(3).

http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg


الطلاق البدعي : هو الذي يوقعه صاحبه على الوجه المحرم ، ويسمى طلاق البدعة لأن المطلق خالف السنة وترك أمر الله تعالى ورسوله .

وله قسمان :

القسم الأول : طلاق بدعي من حيث الوقت ، وله كذلك صورتان :

الصورة الأولى : أن يطلقها وهي حائض أو نفساء .

والصورة الثانية : أن يطلقها في طهر جامعها فيه .

وكلا الصورتين مذكورتين في حديث ابن عمر رضي الله عنهما السابق ، وقد أجمع العلماء في جميع الأمصار وكل الأعصار على تحريم الصورتين .

وهناك صورة ثالثة(4) عند جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة وهي أن يطلقها في كل طهر طلقة إلى ثلاث طلقات ، أما الحنفية فيعدون هذه الصورة من الطلاق الجائز .





(1) انظر : المبسوط 6/11، البحر الرائق 22/257 و3/260 ، المدونة 2/3 ، الفواكه الدواني 3/1004 ، مغني المحتاج 3/307 ، المغني 8/234 . المبدع شرح المقنع 7/239 ، مجموع الفتاوى 33/6 .

(2) أخرجه مسلم ك الطلاق باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها ح3725-4/179 .

(3) أخرجه مسلم في الموضع السابق ح3732-4/181 ،

(4) انظر : مواهب الجليل 5/300 ، المدونة 2/3 ، الاستذكار 6/203 ، المغني 8/236 . العناية شرح الهداية 5/162 ،

http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg

ابوالوليد المسلم 23-03-2020 10:07 PM

رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
 
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg

(بناء البيت السعيد)
الحلقة (52) :

د. إلهام بدر الجابري


بسم الله الرحمن الرحيم



الطــــلاق (6-12)

http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg

مسألــة : هل يقع الطلاق البدعي من حيث الوقت ؟
اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين هما :
القول الأول : جمهور العلماء)1) أن الطلاق البدعي يقع ويأثم صاحبه واستدلوا بعدة أمور :
- حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال عليه الصلاة والسلام (مره فليراجعها) والرجعة لا تكون إلا بعد الطلاق . كما أنه ورد في رواية عند مسلم من طريق سالم بن عبد الله عن ابن عمر قال (وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ طَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً وَاحِدَةً فَحُسِبَتْ مِنْ طَلاَقِهَا وَرَاجَعَهَا عَبْدُ اللَّهِ كَمَا أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-))2)
- ولأنه طلاق من مكلف في محل الطلاق فوقع كطلاق الحامل .
- ولأنه ليس يقر به فيعتبر لوقوعه موافقة السنة بل هو إزالة عصمة وقطع ملك فإيقاعه في زمن البدعة أولى تغليظاً عليه وعقوبة له .
- إن تحريمه لا يمنع ترتب أثره عليه قياساً على الظهار فمع كونه محرماً ومنكراً من القول يقع ، فكذلك الطلاق البدعي .
- قياساً على طلاق الهازل فإنه يقع مع أنه لم يقصد وقوع الطلاق .
القول الثاني : الطلاق البدعي لا يقع)3)وهذا رأي شيخ الإسلام ابن تيمية)4) وتلميذه ابن القيم)5) رحمهما الله ، واستدلوا بما يلي :
- قالوا : لو كان الطلاق قد لزم لم يكن في الأمر بالرجعة ليطلقها طلقة ثانية فائدة ؛ بل فيه مضرة عليهما ؛ فإن له أن يطلقها بعد الرجعة بالنص والإجماع وحينئذ يكون في الطلاق مع الأول تكثير الطلاق ؛ وتطويل العدة وتعذيب الزوجين جميعاً ؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يوجب عليه أن يطأها قبل الطلاق ؛ بل إذا وطئها لم يحل له أن يطلقها حتى يتبين حملها ؛ أو تطهر الطهر الثاني . وقد يكون زاهداً فيها يكره أن يطأها فتعلق منه ؛ فكيف يجب عليه وطؤها ولهذا لم يوجب الوطء أحد من الأئمة الأربعة وأمثالهم من أئمة المسلمين ؛ ولكن أخّر الطلاق إلى الطهر الثاني .
- ولأنه إذا امتنع من وطئها في ذلك الطهر ثم طلقها في الطهر الثاني دلَّ على أنه محتاج إلى طلاقها ؛ لأنه لا رغبة له فيها إذ لو كانت له فيها رغبة لجامعها في الطهر الأول .
- وقالوا : لأنه لم يأمر ابن عمر بالإشهاد على الرجعة كما أمر الله ورسوله ولو كان الطلاق قد وقع وهو يرتجعها لأمر بالإشهاد .
- ولأن الله تعالى لما ذكر الطلاق في غير آية لم يأمر أحداً بالرجعة عقيب الطلاق ؛ بل قال : { فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنّ َ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ } فخيَّر الزوج إذا قارب انقضاء العدة بين أن يمسكها بمعروف - وهو الرجعة - وبين أن يسيَّبها فيخلي سبيلها إذا انقضت العدة ؛ ولا يحبسها بعد انقضاء العدة كما كانت محبوسة عليه في العدة قال الله تعالى : (لا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ) .
- وأيضاً فلو كان الطلاق المحرم قد لزم لكان حصل الفساد الذي كرهه الله ورسوله وذلك الفساد لا يرتفع برجعة يباح له الطلاق بعدها والأمر برجعة لا فائدة فيها مما تنزه عنه الله ورسوله ؛ فإنه إن كان راغباً في المرأة فله أن يرتجعها وإن كان راغباً عنها فليس له أن يرتجعها ، فليس في أمره برجعتها مع لزوم الطلاق له مصلحة شرعية ؛ بل زيادة مفسدة ويجب تنزيه الرسول صلى الله عيلة وسلم عن الأمر بما يستلزم زيادة الفساد .
وأجابوا عن أدلة القائلين بوقوع الطلاق البدعي بما يلي :
- أما حديث ابن عمر رضي الله عنهما فأجابوا عنه بعدة أجوبة منها :
أحدُها: صريح قوله ( فردّها عليَ ولم يرها شيئاً ) )6).
الثاني: أنه قد صحَّ عن ابن عمر رضي الله عنه بإسناده من رواية عبيد الله، عن نافع عنه، في الرجل يُطلِّق امرأته وهى حائض، قال: لا يُعْتَدُّ بذلك)7).
الثالث : قوله (حسبت) مراده بها أن ابن عمر إنما طلَّقها واحدة، ولم يكن ذلك منه ثلاثاً ؛ أي طلق ابن عمر امرأته واحدة على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فذكره.
الرابع : قوله (فليراجعها) فلأنه فارقها ببدنه كما جرت العادة من الرجل إذا طلق امرأته اعتزلها ببدنه واعتزلته ببدنها ؛ { فقال لعمر : مره فليراجعها } ولم يقل : فليرتجعها . " والمراجعة " مفاعلة من الجانبين : أي ترجع إليه ببدنها فيجتمعان كما كانا ؛ لأن الطلاق لم يلزمه فإذا جاء الوقت الذي أباح الله فيه الطلاق طلقها حينئذ إن شاء .

http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg
- وأجابوا عن قياسهم الطلاق على الظهار .
أولاً: هذا قياسُ يدفعه النص (لم يرها شيئاً) ، وسائر تلك الأدلة التي هي أرجح منه. ثانياً: هذا معارَض بمثله سواء معارضة القلب بأن يقال: تحريمُه يمنع ترتب أثره عليه كالنكاح ؛ فالنكاح الفاسد لا تترتب آثاره عليه .
ثالثاً: ليس للظهار جهتانِ: جهة حل وجهة حرمة، بل كُلُّه حرام فإنه منكر من القول وزور، فلا يُمْكِنُ أن ينقسِمَ إلى حلال جائز، وحرام باطل، بل هو بمنزلة القذف والرِّدة، فإذا وجد لم يُوجد إلا مع مفسدته، فلا يتُصوَّر أن يقال: منه حلال صحيح، وحرام باطل، بخلاف النكاح والطلاق والبيع ، وإلحاقُ الطلاق بالنكاح، والبيع والإجارة والعقود المنقسمة إلى حلالٍ وحرامٍ، وصحيحٍ وباطلٍ، أولى.
- وأما قياسهم على طلاق الهازل ؛ فطلاقُ الهازِلِ إنما وقع، لأنه صادف محلاً، وهو طهر لم يُجامع فيه فنفذ ، وكونُه هزل به إرادة منه أو لا يترتب أثرُه عليه، وذلك ليس إليه، بل إلى الشارع، فهو قد أتى بالسبب التام، وأراد ألا يكونَ سببه، فلم ينفعْه ذلك، بخلاف من طلَّق في غير زمن الطلاق، فإنه لم يأت بالسَّببِ الَّذي نصَبه اللهُ سبحانه مفضياً إلى وقوع الطلاق، وإنما أتي بسبب مِن عنده، وجعله هو مفضياً إلى حكمه، وذلك ليس إليه.
والراجح والله أعلم عدم وقوع الطلاق لما سبق من الأدلة .
(1) انظر : البحر الرائق 3/311 ، العناية شرح الهداية 5/166 ، الاستذكار 6/142 ، المدونة 2/3 المجموع شرح المهذب 17/78 ، المغني 8/238 .
(2) باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها ح3730-4/180 .
(3) وبه أفتى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله انظر فتاوى إسلامية 3/204 ، وفتاوى الإسلام سؤال وجواب 1/5893 ، مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين 11/235
(4) انظر مجموع الفتاوى 33/22 .
(5)انظر زاد المعاد 5/227 وما بعدها .
(6) أخرجه أبو داود باب في طلاق السنة ح2187-2/222 ، وأحمد ح5524-2/80 .
(7) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه باب ما قالوا في الرجل يطلق امرأته وهي حائض ح18051-5/5 .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg


ابوالوليد المسلم 23-03-2020 10:08 PM

رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
 
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg

(بناء البيت السعيد)
الحلقة (53) :

د. إلهام بدر الجابري


بسم الله الرحمن الرحيم



الطــــلاق (7-12)

http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg





القسم الثاني طلاق بدعي من حيث العدد

بأن يقيد الطلاق الصريح بعدد صريح كأن يقول لها : أنت طالق اثنتين أو يقول ثلاثاً ، أو يقول : أنت طالق طالق طالق ، أو يفصل بينها بـ (الواو) أو (أو) فهل يلزم بعدد الطلقات أو تحسب واحدة ؟ (1) .

إن ادّعى الزوج أن تكراره للفظ الطلاق إنما هو لإفهامها أو إسماعها ونحو ذلك وقعت واحدة ديانة لا قضاء اتفاقاً .

وإن قصد الطلاق و لم ينو شيئاً فقد اختلف العلماء على قولين :

القول الأول : جمهور العلماء منهم أئمة المذاهب الأربعة ؛ أن الطلاق ثلاثاً بلفظ واحد يقع ثلاثاً وتبين منه امرأته . واستدلوا بما يلي :

1) قوله تعالى: (الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ(2)) يدل على وقوع الثلاث معاً مع كونه منهياً عنه؛ لأن قوله تعالى: {الطلاق مرتان} تنبيه إلى الحكمة من التفريق، ليتمكن من المراجعة، فإذا خالف الرجل الحكمة، وطلق اثنتين معاً، صح وقوعهما إذ لا تفريق بينهما، ثم إن قوله تعالى: (فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُون) (3)يدل على تحريمها عليه بالثالثة بعد الاثنتين ، ولم يفرق بين إيقاعهما في طهر واحد أو في أطهار.

2) قوله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا) (4) والطلاق المشروع ما يعقبه عدة، وهو منتف في إيقاع الثلاث في العدة، وفيها دلالة على وقوع الطلاق لغير العدة، إذ لو لم يقع لم يكن ظالماً لنفسه بإيقاعه لغير العدة، ومن لم يطلق للعدة بأن طلق ثلاثاً مثلاً، فقد ظلم نفسه.

3) ومنه آية (وَلِلْمُطَلَّقَ اتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِين) (5) وغيرها من آيات الطلاق. تدل ظواهر هذه الآيات على ألا فرق بين إيقاع الطلقة الواحدة والاثنتين والثلاث.

وأجيب: بأن هذه عمومات مخصصة، وإطلاقات مقيدة بما ثبت من الأدلة الدالة على المنع من وقوع ما فوق الطلقة الواحدة.

4) السنة: منها حديث سهل بن سعد في المتلاعنين قَالَ سَهْلٌ: فَلَمَّا فَرَغَا قَالَ عُوَيْمِرٌ كَذَبْتُ عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَمْسَكْتُهَا. فَطَلَّقَهَا ثَلاَثًا قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (6). ولم ينقل إنكار النبي صلى الله عليه وسلم .

وأجيب: إنما لم ينكره عليه؛ لأنه لم يصادف محلاً مملوكاً له ولا نفوذاً.

5) حديث مَحْمُودَ بْنَ لَبِيدٍ قَالَ: أُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ جَمِيعًا فَقَامَ غَضْبَانًا ثُمَّ قَالَ ( أَيُلْعَبُ بِكِتَابِ اللَّهِ وَأَنَا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ ) حَتَّى قَامَ رَجُلٌ وَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا أَقْتُلُهُ (7) .

هذا يدل على أن الطلاق الثلاث بلفظ واحد يكون ثلاثاً، ويلزم بها المطلّق ، وإن كان عاصياً في إيقاع الطلاق بدليل غضب النبي عليه الصلاة والسلام.

وأجيب بأنه حديث مرسل؛ لأن محمود بن لبيد لم يثبت له سماع من رسول الله e ، وإن كانت ولادته في عهده عليه السلام . وهذا مردود ؛ لأن مرسل الصحابي مقبول.

http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg




القول الثاني : قال شيخ الإسلام ابن تيمية(8)وتلميذه ابن القيم أن الطلاق الثلاث في مجلس واحد يقع واحدة(9)واستدل أصحاب هذا القول بما يلي:

1) آية(الطلاق مرتان) إلى قوله تعالى في الطلقة الثالثة: (فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ) أي أن المشروع تفريق الطلاق مرة بعد مرة، لأنه تعالى قال: {مرتان} ولم يقل «طلقتان» .

ويرد عليه بأن الآية ترشد إلى الطلاق المشروع أو المباح، وليس فيها دلالة على وقوع الطلاق وعدم وقوعه إذا لم يكن مفرقاً، فيكون المرجع إلى السنة، والسنة بينت أن الطلاق الثلاث يقع ثلاثاً.

2) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ الطَّلاَقُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبِى بَكْرٍ وَسَنَتَيْنِ مِنْ خِلاَفَةِ عُمَرَ طَلاَقُ الثَّلاَثِ وَاحِدَةً فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِنَّ النَّاسَ قَدِ اسْتَعْجَلُوا فِي أَمْرٍ قَدْ كَانَتْ لَهُمْ فِيهِ أَنَاةٌ فَلَوْ أَمْضَيْنَاهُ عَلَيْهِمْ. فَأَمْضَاهُ عَلَيْهِمْ.وفي رواية أخرى أَنَّ أَبَا الصَّهْبَاءِ قَالَ لاِبْنِ عَبَّاسٍ أَتَعْلَمُ أَنَّمَا كَانَتِ الثَّلاَثُ تُجْعَلُ وَاحِدَةً عَلَى عَهْدِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم وَأَبِى بَكْرٍ وَثَلاَثًا مِنْ إِمَارَةِ عُمَرَ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ نَعَمْ. (10)

وهذا واضح الدلالة على جعل الطلاق الثلاث بلفظ واحد طلقة واحدة.

وأجيب عنه بأنه محمول على صورة تكرير لفظ الطلاق ثلاث مرات، بأن يقول: (أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق) فإنه يلزمه واحدة إذا قصد التوكيد، وثلاث إذا قصد تكرير الإيقاع، فكان الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر الغالب عليهم الصدق وسلامة المقصد ، ولم يظهر فيهم خب ولا خداع، وكانوا يصدقون في إرادة التوكيد، فلما رأى عمر في زمانه أموراً ظهرت، وأحوالاً تغيرت، وفشا إيقاع الثلاث جملة بلفظ لا يحتمل التأويل، ألزمهم الثلاث في صورة التكرير، إذ صار الغالب عليهم قصدها، وقد أشار إليه بقوله: «إن الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة» .

3) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ طَلَّقَ رُكَانَةُ بْنُ عَبْدِ يَزِيدَ أَخُو الْمُطَّلِبِ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ فَحَزِنَ عَلَيْهَا حُزْنًا شَدِيدًا قَالَ فَسَأَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ( كَيْفَ طَلَّقْتَهَا قَالَ طَلَّقْتُهَا ثَلَاثًا قَالَ فَقَالَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَإِنَّمَا تِلْكَ وَاحِدَةٌ فَارْجِعْهَا إِنْ شِئْتَ ) قَالَ فَرَجَعَهَا فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَرَى أَنَّمَا الطَّلَاقُ عِنْدَ كُلِّ طُهْرٍِ (11) .

وقول النبي صلى الله عليه وسلم { في مجلس واحد } مفهومه أنه لو لم يكن في مجلس واحد لم يكن الأمر كذلك ؛ وذلك لأنها لو كانت في مجالس لأمكن في العادة أن يكون قد ارتجعها ؛ فإنها عنده والطلاق بعد الرجعة يقع . وقد روى أبو داود وغيره { أن ركانة طلق امرأته ألبتة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم اللهما أردت إلا واحدة ؟ فقال : ما أردت بها إلا واحدة . فلو كان أراد ثلاثاً لوقعت ثلاثاً .

وأجيب على هذا الاستدلال بأنه يدل على أن الطلاق الثلاث يقع ثلاثاً ما لم ينو خلافه المطلِّق ؛ وإلا لما كان لسؤال النبي صلى الله عليه وسلم ركانة عن مقصده وجه ، كما أن حزن ركانة دليل على أنه من المستقر عندهم يومئذ أن الطلاق ثلاثاً بلفظ واحد يقع ثلاثاً .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg



الراجح والله تعالى أعلم : قول الجمهور أن الطلاق المجموع يقع بعدده لقوة أدلتهم وسلامتها من الاعتراض المؤثر. وقد ثبت عن عدد من الصحابة قولهم بوقوع الطلاق (12)منهم عمر بن الخطاب وابنه عبد الله ، وابن عباس ، وابن مسعود وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين .





(1) انظر البحر الرائق 3/311 ، المبسوط 6/7 ، المدونة 2/3 ، الاستذكار 6/4 ، الأم 5/139 و181، المجموع شرح المهذب 17/132 ، المغني 8/400 ، إعلام المقعين 3/30 ، إغاثة اللهفان 1/325 ،

(2) سورة البقرة آية 229 .

(3) سورة البقرة من آية 229-231 .

(4) سورة الطلاق آية 1 .

(5)سورة البقرة آية 241 .

(6) أخرجه البخاري باب التلاعن في المسجد ح5003-5/2033 ، ومسلم باب وحدثنا يحيى بن يحيى ح3816-4/205 واللفظ له .

(7) أخرجه النسائي باب الثلاث المجموعة وما فيها من التغليظ ح3401-6/142 قال الألباني:ضعيف .

(8) نظر مجموع الفتاوى 33/13 .

(9) قال أد. وهبة الزحيلي في كتابه الفقه الإسلامي وأدلته 9/384 :[ وأخذ القانون في مصر وسورية بهذ الرأي،نص القانون السوري على ما يلي:

(م 91) - يملك الزوج على زوجته ثلاث طلقات. (م 92) - الطلاق المقترن بعدد لفظاً أو إشارة لا يقع إلا واحداً. ]

(10) أخرجه مسلم باب طلاق الثلاث ح3746و3747 -4/183 .

(11) أخرجه أحمد في مسنده ح2387-4/215 قال شعيب الأرنؤوط : إسناده ضعيف... وقال الخطابي : وكان أحمد بن حنبل يضعف هذه الأحاديث كلها . ( قلنا ) ونص ابن قدامة في المغني على أن أحمد ضعف إسناد حديث ركانة هذا وتركه . وقال الحافظ في الفتح : إن أبا داود رجح أن ركانة إنما طلق امرأته ألبتة كما أخرجه هو من طريق آل بيت ركانة وهو تعليل قوي لجواز أن يكون بعض رواته حمل ألبتة على الثلاث فقال طلقها ثلاثا فبهذه النكتة يقف الاستدلال بحديث ابن عباس . قلنا : ومع هذا فقد جود ابن تيمية سند هذا الحديث في الفتاوى وصححه ابن القيم في الزاد وأحمد شاكر في تعليقه على المسند . وأخرجه أبو يعلى ح2500-4/379 قال حسين سليم أسد: رجاله ثقات
(12) انظر الاستذكار 6/4 .


http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg

ابوالوليد المسلم 30-05-2020 05:06 PM

رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
 
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg

(بناء البيت السعيد)
الحلقة (54) :

د. إلهام بدر الجابري


بسم الله الرحمن الرحيم



أقسام الطلاق باعتبار الرجعة (8-12)

http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg



ينقسم الطلاق باعتبار الرجعة(1) إلى قسمين : طلاق رجعي ، وطلاق بائن .
الطلاق الرجعي:
وهو الذي يمكنه أن يرتجعها فيه بغير اختيارها وذلك إذا طلق زوجته بعد الدخول الطلقة الأولى أو الثانية ، لقوله تعالى (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا) (2)

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (نص في أن الرجعة إنما ثبتت لمن قصد الصلاح دون الضرار) (3)
ويسن أن يُشهد على الرجعة(4)لقوله تعالى (فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ) (5)

الطلاق البائن :
هو الذي لا يمكنه أن يرتجعها ، وله قسمان :
القسم الأول: ويسمى بينونة صغرى وله صورتان :
الأولى: أن يطلق امرأته ويدعها حتى تنقضي عدتها على أن تكون هذه الطلقة الأولى أو الثانية وعندئذ تحرم عليه ويكون خاطباً من الخطاب لا تباح له إلا بعقد جديد .
الصورة الثانية : إذا طلق زوجته قبل الدخول فلا عدة عليها ، ولا ترجع إلا بعقد ومهر جديدين . بدليل قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا) (6) وإذا لم تجب العدة فلا تمكن المراجعة؛ لأن الرجعة لا تكون إلا في العدة، فيكون الطلاق بائناً غير رجعي.
وأما بعد الخلوة الصحيحة ، فيقع الطلاق بائناً، وإن وجبت العدة؛ لأن وجوب العدة إنما هو للاحتياط لثبوت النسب
القسم الثاني: يسمى بينونة كبرى وهو فيما إذا طلقها ثلاث تطليقات ؛ بأن يطلقها ثم يرتجعها في العدة ، أو يتزوجها ثم يطلقها ثم يرتجعها أو يتزوجها ، ثم يطلقها الطلقة الثالثة . فهذا الطلاق المحرم لها حتى تنكح زوجاً غيره باتفاق العلماء . ولا يستحق زوجها عليها رجعة .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg





(1) انظر مجموع الفتاوى 33/9 . المدونة 2/3 ، المجموع شرح المهذب 17/262 ، المغني 7/589 ،
(2) سورة البقرة آية 228 .
(3) الفتاوى الكبرى 6/54 .
(4) وهذا رأي الجمهور من الحنفية والمالكية والشافعي في الجديد وأصح الروايتين عن أحمد انظر : البحر الرائق 4/55 ،العناية شرح الهداية 5/399 ، المجموع شرح المهذب 17/269 ، المغني 8/482 .
(5) سورة الطلاق آية 2 .
(6) سورة الأحزاب آية 49 .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg




ابوالوليد المسلم 30-05-2020 05:06 PM

رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
 
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg

(بناء البيت السعيد)
الحلقة (55) :

د. إلهام بدر الجابري


بسم الله الرحمن الرحيم



طــلاق فاقد العقل (9-12)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg


مسألــة طلاق المجنون(1) :

أجمع أهل العلم على أن الزائل العقل بغير سكر أو معناه لا يقع طلاقه.
وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال( رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يحتلم وعن المجنون حتى يفيق ) ، ولأنه قول يزيل الملك فاعتبر له العقل كالبيع .
مسألــة طلاق السكران (2):
من شرب الخمر لغير عذر فسكر أو شرب دواء لغير حاجة فزال عقله، ففي طلاقه قولان.
(أحدهما) قول عند الشافعية ورواية عن أحمد ، وهو رأي شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم أن السكران لا يقع طلاقه كما لا يصح بيعه وعتقه ولا ينعقد نكاحه ، لكن يؤاخذ بقتله وسرقته ، واستدلوا بما يأتي:
- عن عثمان رضي الله عنه قال : ليس لمجنون ولا سكران طلاق.
- لأنه زائل العقل أشبه المجنون والنائم .
- ولأنه مفقود الإرادة أشبه المكره .
- ولأن العقل شرط للتكليف إذ هو عبارة عن الخطاب بأمر أو نهي ولا يتوجه ذلك إلى من لا يفهمه ولا فرق بين زوال الشرط بمعصية أو غيرها بدليل أن من كسر ساقيه جاز له أن يصلي قاعداً ولو ضربت المرأة بطنها فنفست سقطت عنها الصلاة ولو ضرب رأسه فجن سقط التكليف .
(والثاني) مذهب الحنفية وقول عند المالكية والشافعية ورواية عن أحمد يقع طلاقه ويشترط في وقوع طلاق السكران أن يتناول شيئاً عالماً بأنه يغيب العقل أو شاكاً فيه وفي هذه الحالة يكون تناوله حراماً بلا فرق بين أن يكون خمراً . أو لبناً رائباً . أو غير ذلك أما إذا تحقق أنه غير مسكر أو غلب على ظنه أنه كذلك وشربه فسكر وطلق فإن طلاقه لا يقع .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg



- لقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى)فخاطبهم في حال السكر فدل على أن السكران مكلف.
- وإن سلمنا بأن السكران غير مخاطب حال السكر لكنه مكلف بقضاء العبادات بأمر جديد .
- لقول النبي صلى الله عليه وسلم [ كل الطلاق جائز إلا طلاق المعتوه ] (3)
- ولأن الصحابة جعلوه كالصاحي في الحد بالقذف بدليل ما روى أبو وبرة الكلبي قال أرسلني خالد إلى عمر فأتيته في المسجد ومعه عثمان وعبد الرحمن وطلحة والزبير فقلت : إن خالداً يقول إن الناس انهمكوا في الخمر وتحاقروا العقوبة فقال عمر : هؤلاء عندك فسلهم فقال علي : نراه إذا سكر هذى وإذا هذى افترى وعلى المفتري ثمانون فقال عمر : أبلغ صاحبك ما قال فجعلوه كالصاحي .
- ولأنه إيقاع للطلاق من مكلف غير مكره فوجب أن يقع كطلاق الصاحي ويدل على تكليفه أنه يقتل ويقطع بالسرقة وبهذا فارق المجنون .
- تغليظاً عليه لعصيانه .
- السكران يلزمه الحد فكذلك يلزمه الطلاق إذا طلق ؛ لأن الحد يحتال لدرئه والطلاق يحتاط فيه ، فلما وجب ما يحتال لدرئه لأن يقع ما يحتاط أولى.



(1) انظر : البحر الرائق 3/268 ، مواهب الجليل 5/307 ، المغني 8/255 ، الشرح الكبير 8/237 .
(2) انظر : البحر الرائق 3/266 ، مواهب الجليل 5/307 ، الفواكه الدواني 3/1003 ، المجموع 17/62 ، مغني المحتاج 3/279، المغني 8/156 . المبدع شرح المقنع 7/232 . الشرح الكبير 8/238 . اغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان ص45 .
(3) أخرجه الترمذي باب طلاق المعتوه ح1191-3/496 قال الترمذي: هذا حديث لا نعرفه مرفوعاً إلا من حديث عطاء بن عجلان و عطاء بن عجلان ضعيف ذاهب الحديث والعلم على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم أن طلاق المعتوه المغلوب على عقله لا يجوز إلا أن يكون معتوها يفيق الأحيان فيطلق في حال إفاقته . قال الشيخ الألباني : ضعيف جداً والصحيح موقوف .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg



ابوالوليد المسلم 30-05-2020 05:07 PM

رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
 
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg

(بناء البيت السعيد)
الحلقة (56) :

د. إلهام بدر الجابري


بسم الله الرحمن الرحيم



طــلاق فاقد العقل (10-12)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg



مسألــة طلاق الغاضب(1) :

قسّم بعض العلماء الغضب إلى ثلاثة أقسام :

الأول : أن يكون الغضب في أول أمره فلا يُغير عقل الغضبان بحيث يقصد ما يقوله ويعلمه ، فالغضبان بهذا المعنى يقع طلاقه وتنفذ عباراته باتفاق .
الثاني : أن يكون الغضب في نهايته بحيث يغيّر عقل صاحبه ويجعله كالمجنون الذي لا يقصد ما يقول ولا يعلمه ولا ريب في أن الغضبان بهذا المعنى لا يقع طلاقه لأنه هو والمجنون سواء .

الثالث : أن يكون الغضب وسطاً بين الحالتين بأن يشتدّ بصاحبه ولا يبلغ به زوال عقله بل يمنعه من التثبت والتروي ويخرجه عن حال اعتداله ، ولكنه لا يكون كالمجنون الذي لا يقصد ما يقول ولا يعلمه ، وهذا القسم وقع فيه الخلاف بين العلماء على قولين هما :
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg

القول الأول: قول الجمهور(1)وهو أن طلاق الغضبان يقع ، ولو لم نقُل به لم يقع على أحد طلاق لأنه لا يطلق أحدٌ حتى يغضب .
القول الثاني: أحد القولين من مذهب أحمد ، ورأي شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم أن طلاق الغضبان لا يقع لأن الغضبان لا قصد له ، وقياساً على طلاق المكره فإنه لا يقع ، وعلى لغو اليمين فإنه لا ينعقد ، قال الله تعالى (لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيم)(2)
وحديث عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (لاَ طَلاَقَ وَلاَ عَتَاقَ فِي غَلاَقٍ)((3)) قَالَ أَبُو دَاوُدَ: الْغِلاَقُ أَظُنُّهُ في الْغَضَبِ. وكذا فسّره الشافعي والقاضي إسماعيل وأحمد ومن قبلهم مسروق (44
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : وحقيقةُ الإغلاق: أن يُغلق على الرجل قلبُه، فلا يقصِدُ الكلام، أو لا يعلم به، كأنه انغلق عليه قصدُه وإرادتُه(5)
وهو من أحسن التفسير ؛ لأن الغضبان غلق عليه باب القصد بشدة غضبه وهو كالمكره بل الغضبان أولى بالإغلاق من المكره لأن المكره قد قصد رفع الشر الكثير بالشر القليل الذي هو دونه فهو قاصد حقيقة ومن هنا أوقع عليه الطلاق من أوقعه .
وقال الطحاوي :أن الإغلاق هو الإطباق على الشيء ، فاحتمل بذلك عندنا أن يكون في هذا الحديث أريد به الإجبار الذي يغلق على المعتق وعلى المطلق حتى يكون منه العتاق والطلاق على غير اختيار منه لهما (6)
لكن قال أبو بكر: سألت أبا محمد وابن دريد وأبا عبد الله وأبا طاهر النحويين عن قوله لا طلاق ولا عتاق في إغلاق قالوا : يريد الإكراه لأنه إذا أُكره انغلق عليه رأيه .
وكذا فسّره علماء الغريب بالإكراه كابن الجوزي(7) وابن الأثير(8)وغيرهم .
وعلى كل حال إما تكون دلالة الحديث عند أصحاب هذا القول على عدم وقوع طلاق الغاضب مباشرة أو بالقياس على المكره .
الراجح والله أعلم :
وقوع طلاق الغاضب الذي لا يبلغ به الغضب زوال عقله بل يمنعه من التثبت والتروي ؛ لأن الطلاق لا يقع غالباً إلا في هذا الحال ، وقياساً على الهازل الذي يقصد اللفظ ولا يرض به ويقع طلاقه ، والغاضب أولى .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg




(1) انظر : إعانة الطالبين 4/5 ، حاشية الروض المربع 6/490 ، الإقناع في فقه الإمام أحمد 4/3 .
(2) سورة البقرة آية 225 .
(3) أخرجه أبو داود باب الطلاق على غيظ ح2195-2/224 وقال الألباني : حسن ، وابن ماجه باب طلاق المكره والناسي ح2046-1/660 ، قال الألباني:حسن ، والدارقطني في سننه ك الطلاق ح98-4/36 ، وأخرجه أحمد ح26405-6/276 ، وأبو يعلى في مسنده ح4444-7/421 ، والحاكم ك الطلاق ح2802-2/216 وقال: حديث صحيح على شرط مسلم ،قال الذهبي: ومحمد بن عبيد لم يحتج به مسلم وقال أبو حاتم ضعيف .
(4) انظر عون المعبود 6/187 . زاد المعاد 5/214 ، إعلام الموقعين 3/52،53 .
(5)نقله عنه تلميذه ابن القيم في زاد المعاد 5/215 .
(6)مشكل الآثار 2/151 .
(7)غريب الحديث 2/161 .
(8)النهاية في غريب الحديث 3/716 .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg



ابوالوليد المسلم 30-05-2020 05:08 PM

رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
 
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg

(بناء البيت السعيد)
الحلقة (57) :

د. إلهام بدر الجابري


بسم الله الرحمن الرحيم



طــلاق فاقد العقل (11-12)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg




مسألـة طلاق الهازل(1):


وصورة الهزل أن يلاعبها بالطلاق بأن تقول في معرض الدلال والاستهزاء: طلقني . فقال: طلقتك . فتطلق ؛ لأنه خاطبها قاصدا ًمختاراً .
لحديث ( ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ وَالرَّجْعَة )(2)

مسألـة طلاق المكره(3) :
جمهور العلماء أن المكره على الطلاق بغير حق لا يقع طلاقه ، واستدلوا بما يلي:
لحديث ( إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ) (4) .
ولحديث (لاَ طَلاَقَ وَلاَ عَتَاقَ فِي غَلاَقٍ) وقد فسر الإغلاق بالإكراه .
ولأنه قول حمل عليه بغير حق فلم يصح كالمسلم إذا أُكره على كلمة الكفر.

ولا يصير مكرهاً إلا بثلاثة شروط :
(أحدها) أن يكون المكره قاهراً له لا يقدر على دفعه
(والثاني) أن يغلب على ظنه أن الذي يخافه من جهته يقع به
(والثالث) أن يكون ما يهدّده به مما يلحقه ضرر به كالقتل والقطع والضرب المبرح والحبس الطويل ونحوه.
وأما الضرب القليل في حق من لا يبالي به أو أخذ القليل من المال أو الحبس القليل فليس بإكراه.
وأما المكره بحق كالمولي إذا أكرهه الحاكم على الطلاق وقع طلاقه.
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg



خلافاً للحنفية الذين يقولون بوقوع طلاق المكره قياساً على الهازل كما في حديث ( ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ )
فالمكره مختار في التكلم اختياراً كاملاً إلا أنه غير راض بالحكم ، وقد عرف الشرَّين فأختار أهونهما عليه . والهازل كذلك مختار في الكلام غير راضٍ به .
وأجابوا عن حديث (رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) أنه من باب المقتضى ولا عموم له فلا يجوز تقدير الحكم الشامل لحكم الدنيا والآخرة ؛ بل إما حكم الدنيا وإما حكم الآخرة وقد انعقد الإجماع على أن المراد بالحديث المؤاخذة في الآخرة ، فلا يراد الآخر معه وهو المؤاخذة في الدنيا وإلا يلزم عمومه ، ولا يقول به أحد .
وأجابوا عن قياس المكره في الطلاق على المكره على الكفر ؛ بأن الردة تنبني على الاعتقاد وهو التكلم بخبر عن اعتقاده وقيام السيف على رأسه دليل ظاهر على أنه غير معتقد وأنه في إخباره كاذب . بخلاف المكره على الطلاق فهو مختار له قاصداً .

الراجح والله أعلم :
عدم وقوع طلاق المكره ، قال ابن القيم رحمه الله :[ والفرق بينه وبين الهازل ؛ أن الهازل قاصد للفظ غير مريد لحكمه، وذلك ليس إليه، فإنما إلى المكلف الأسباب، وأما ترتب مسبباتها وأحكامها، فهو إلى الشارع قصده المكلف أو لم يقصده، والعبرة بقصده السبب اختياراً في حال عقله وتكليفه، فإذا قصده، رتّب الشارع عليه حكمه جدَّ به أو هزل، وهذا بخلاف النائم والمبرسم، والمجنون والسكران وزائل العقل، فإنهم ليس لهم قصد صحيح، وليسوا مكلفين، فألفاظهم لغو بمنزلة ألفاظ الطفل الذي لا يعقل معناها، ولا يقصده.
وسر المسألة الفرق بين من قصد اللفظ، وهو عالم به ولم يرد حكمه، وبين من لم يقصد اللفظ ولم يعلم معناه، فالمراتب التي اعتبرها الشارع أربعة.
إحداها: أن يقصد الحكم ولا يتلفظ به.
الثانية: أن لا يقصد اللفظ ولا حكمه.
الثالثة : أن يقصد اللفظ دون حكمه.
الرابعة : أن يقصد اللفظ والحكم. فالأوليان لغو، والآخرتان معتبرتان. هذا الذي أستفيد من مجموع نصوصه وأحكامه، وعلى هذا فكلام المكره كله لغو لا عبرة به.
وقد دل القرآن على أن من أكره على التكلم بكلمة الكفر لا يكفر، ومن أكره على الإسلام لا يصير به مسلماً، ودلَّت السنة على أن الله سبحانه تجاوز عن المكره، فلم يؤاخذه بما أكره عليه، وهذا يراد به كلامه قطعاً، وأما أفعاله، ففيها تفصيل، فما أبيح منها بالإكراه فهو متجاوز عنه، كالأكل في نهار رمضان، والعمل في الصلاة، ولبس المخيط في الإحرام ونحو ذلك، وما لا يباح بالإكراه، فهو مؤاخذ به، كقتل المعصوم، وإتلاف ماله .
والفرق بين الأقوال والأفعال في الإكراه ؛ أن الأفعال إذا وقعت، لم ترتفع مفسدتها، بل مفسدتها معها بخلاف الأقوال، فإنها يمكن إلغاؤها. وجعلها بمنزلة أقوال النائم والمجنون، فمفسدة الفعل الذي لا يباح بالإكراه ثابتة بخلاف مفسدة القول، فإنها إنما تثبت إذا كان قائله عالماً به مختاراً له ] (5).


(1) انظر : البحر الرائق 3/263 ، المبسوط 24/106 ، المجموع شرح المهذب 17/100 ، إعانة الطالبين 4/5 ، روضة الطالبين 8/54 ، حاشية الروض المربع 6/490 .
(2) أخرجه أبو داود باب الطلاق على الهزل ح2196-2/225 وحسنه الألباني ، والترمذي باب الجد والهزل في الطلاق ح1184-3/490 وقال: هذا حديث حسن غريب والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي e وغيرهم ، وابن ماجة باب من طلق أو نكح أو راجع لاعباً ح2039-1/658 ، والدارقطني باب المهر ح45-3/256 ، وحسنه الألباني في إرواء الغليل ح1826-6/224.
(3) انظر : البحر الرائق 3/264 ، تبيين الحقائق 2/195 ، شرح فتح القدير 3/488 ، حاشية إعانة الطالبين 4/9 ، المجموع شرح المهذب 17/65

، حاشية الروض المربع 6/489 ، الإقناع في فقه الإمام أحمد 4/4 .
(4) أخرجه ابن حبان في صحيحه باب فضل الأمة ح7219-16/202 قال شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح على شرط البخاري ، وابن ماجة باب طلاق المكره والناسي ح2045-1/659 ، والدارقطني ك النذور ح33-4/170 ، وصححه الألباني في مختصر إرواء الغليل ح82-1/17 .
(5) انظر زاد المعاد 5/206 باختصار يسير .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg




ابوالوليد المسلم 30-05-2020 05:09 PM

رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
 
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg

(بناء البيت السعيد)
الحلقة (58) :

د. إلهام بدر الجابري


بسم الله الرحمن الرحيم



طــلاق فاقد العقل (12-12)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg







مسألــــة


إذا طلقها طلقة بائنة ثم تزوجها هل يستأنف الطلقات الثلاث أم يبني على ما سبق من الطلاق(1)

للمسألة حالتان :

الحالة الأولى إن كان طلقها طلاقاً بائناً بينونة صغرى ثم تزوجها فإنها ترجع إليه على ما بقي من طلاقها بغير خلاف .

أما إن تزوجت آخر ودخل بها ثم طلقها أو مات عنها فتزوجت الأول ، فهل تعود إليه على ما بقي من الطلقات أم يستأنف الطلاق من جديد ؟ خلاف بين العلماء على قولين هما :

القول الأول : قول الأكابر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كعمر وعلي وأبي بن كعب وعمران بن

الحصين وأبي هريرة وغيرهم رضي الله عنهم ، وأهل الحديث وفيهم مالك والشافعي وأحمد أنها تعود إليه على ما بقي من الطلقات ، واستدلوا بما ذكر ابنُ المبارك، عن عثمانَ بنِ مِقْسَمٍ، أنه أخبره، أنه سمع نُبَيْهَ بنَ وهب، يُحدِّث عن رجل من قومه، عن رجل من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أن رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضى في المرأة يُطلِّقُها زوجُها دونَ الثلاث، ثم يرتجِعُها بعد زوج أنها على ما بقي من الطلاق(2).

وقالوا : لما كانت إصابة الثاني شرطاً في حِلِّ المطلقة ثلاثاً للأول لم يكن بُدٌّ مِن هدمها وإعادتها على طلاق جديدٍ، وأما مَنْ طُلِّقَت دونَ الثلاث،فلم تُصادِف إصابة الثاني فيها تحريماً يُزيلُه، ولا هي شرطٌ في الحِلِّ للأول، فلم تَهْدِمْ شيئاً، فوجودُها كعدمها بالنسبة إلى الأول، وإحلالها له، فعادت على ما بقي كما لو لم يُصبها، فإن إصابتَه لا أثر لها البتة، ولا نكاحه.



القول الثاني : أنها تعود على الثلاث نكاح جديد وطلاق جديد وهو قول ابنُ عمر،

وابنُ عباس، رضي الله عنهم وأبو حنيفة، فإن الزَّوج الثاني إذا هَدَمَتْ إصابتُه الثلاثَ، وأعادتها إلى الأول بطلاقٍ جديدٍ، فما دُونها أولى .

http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg






الحالة الثانية : إذا طلّق الرجل زوجته طلاقاً بائناً بينونة كبرى ، فتزوجت آخر ودخل بها ثم طلقها أو مات عنها ، فتزوجت الأول ، فإنها تعود إليه على الثلاث الطلقات من جديد بغير خلاف









)1) انظر : شرح فتح القدير 4/184 ، المدونة 2/75 ، الاستذكار 6/200 ، زاد المعاد 5/279 .

(2) قال ابن القيم وهذا الأثر وإن كان فيه ضعيف ومجهول فعليه أكابر الصحابة .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg



ابوالوليد المسلم 30-05-2020 05:11 PM

رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
 
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg

(بناء البيت السعيد)
الحلقة (59) :

د. إلهام بدر الجابري


بسم الله الرحمن الرحيم

الإيــلاء(1)(1-5)

http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg




العلاقة بين الطلاق والإيلاء:

التحريمات التي تنفذ من الزوج بحكم ملك النكاح أربعة أنواع : الطلاق ، والإيلاء ، واللعان ، والظهار .

فيبدأ بالطلاق لأنه الأصل والمباح للزوج في وقته .

ثم أدنى درجة منه في الإباحة الإيلاء ، لأنه من حيث إنه يمين مشروع، ولكن فيه معنى الظلم فيحرم، وسببه سبب الطلاق الرجعي وهو عدم الموافقة ، وهما متشابهان في أن الإبانة فيهما مؤقتة إلى وقت، لكن من الناس من يختار الطلاق الرجعي؛ لأن التدارك فيه لا يستعقب مكروهاً .

ومنهم من يختار الإيلاء لما أن التدارك فيه غير متضمن نقصان عدد الطلاق ، بخلاف الطلاق الرجعي .

قال قتادة: كان الإيلاء طلاقاً لأهل الجاهلية، وقال سعيد بن المسيب: كان ذلك من ضرار أهل الجاهلية، كان الرجل لا يحب امرأته ولا يريد أن يتزوجها غيره، فيحلف أن لا يقربها أبداً، فيتركها لا أيّماً ولا ذات بعل، وكانوا عليه في ابتداء الإسلام، فضرب الله له أجلاً في الإسلام

تعريف الإيلاء لغة :



هو عبارة عن اليمين .

يقال آلى يولي إيلاء : إذا حلف .

تعريفه شرعاً :

يَمِينُ الزوج على تَرْكِ قُرْبَانِ زوجته أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا بِالْقَسَمِ أو بِتَعْلِيقِ ما يَسْتَشِقُّهُ على الْقُرْبَان .

http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg







(1) انظر : البحر الرائق 4/65 ، العناية شرح الهداية 5/441 ، الدر المختار 3/422 ، الاستذكار 6/35 ، المدونة 2/366 ، الكافي في فقه أهل المدينة 2/598 ، إعانة الطالبين 4/33 ، الأم 5/265 ، روضة الطالبين 8/229 ، المغني 8/505-508 ، حاشية الروض المربع 6/619 ، الفتاوى الكبرى 3/275،276 و 5/504 ،كتب رسائل وفتاوى ابن تيمية 20/381 ، زاد المعاد 5/344 ، تفسير الطبري 4/456 ، تفسير البغوي 2/36 ، تفسير الثعلبي 1/266 ، تفسير ابن كثير 1/604 ، تفسير الألوسي 2/232 .

http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg




ابوالوليد المسلم 30-05-2020 05:13 PM

رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
 
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg

(بناء البيت السعيد)
الحلقة (60) :

د. إلهام بدر الجابري


بسم الله الرحمن الرحيم


أقسام الإيلاء (2-5)


http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg



ويظهر من تعريف الإيلاء أن له قسمان هما :

القسم الأول : حلف زوج يمكنه الوطء بالله تعالى أو صفته على ترك وطء زوجته أبداً، أو أكثر من أربعة أشهر .

وهذا القسم من الإيلاء متفق عليه وأصله قول الله تعالى { لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ }(1) فالإيلاء المطلق إنما هو القسم . ولهذا قرأ أُبي وابن عباس رضي الله عنهما يقسمون مكان يؤلون ، وروي عن ابن عباس في تفسير يؤولون قال : يحلفون بالله .

القسم الثاني : أن يحلف على ترك الوطء بطلاق أو عتاق أو صدقة المال أو الحج

وهذا اختلف فيه العلماء على قولين :

القول الأول : أنه لا يكون مولياً وهو قول الشافعي في القديم ، ورواية مشهورة عن أحمد ، واستلوا بما يلي :

- أن التعليق بشرط ليس بقسم ولهذا لا يؤتى فيه بحرف القسم ولا يجاب بجوابه ولا يذكره أهل العربية في باب القسم فلا يكون إيلاء وإنما يسمى حلفاً تجوزاً لمشاركته القسم في المعنى المشهور في القسم وهو الحث على الفعل أو المنع منه أو توكيد الخبر والكلام عند إطلاقه لحقيقته يدل على هذا قول الله تعالى { فَإِنْ فَآؤُوا فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } وإنما يدخل الغفران في اليمين بالله .

- وأيضا قول النبي صلي الله عليه وسلم [ إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فمن كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت](2) ، وإن سلمنا أن غير القسم حلف لكن الحلف بإطلاقه إنما ينصرف إلى القسم وإنما يصرف إلى غير القسم بدليل ولا خلاف في أن القسم بغير الله تعالى وصفاته لا يكون إيلاء لأنه لا يوجب كفارة ولا شيئاً يمنع من الوطء فلا يكون إيلاء كالخبر بغير القسم .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg




القول الثاني : هو مول وروي عن ابن عباس أنه قال: كل يمين منعت جماعها فهي إيلاء ولا يكون مولياً إلا أن يحلف بما يلزمه بالحنث فيه حق كقوله إن وطئتك فعبدي حر أو فأنت طالق أو فأنت علي كظهر أمي أو أنت علي حرام أو فلله علي صوم سنة أو الحج أو صدقة فهذا يكون إيلاء لأنه يلزمه بوطئها حق يمنعه من وطئها خوفه من وجوبه .

وبذلك قال الشعبي و النخعي و مالك وأهل الحجاز و الثوري و أبو حنيفة وأهل العراق و الشافعي و أبو ثور و أبو عبيد وغيرهم واستدلوا بقولهم :

- لأنها يمين منعت جماعها فكانت إيلاء كالحلف بالله .

- ولأن تعليق الطلاق والعتاق على وطئها حلف بدليل أنه لو قال متى حلفت بطلاقك فأنت طالق ثم قال إن وطئتك فأنت طالق طلقت في الحال.

- ولأن هذه الصيغة تشترك مع صيغة اليمين في كونهما منع لحق المرأة وإلحاق الظلم بها ، وترتب ما يستشق على قربانه زوجته سواء كفارة يمين ، أو غيره من صيام وعتق..






(1) سورة البقرة آية 622 .
(2) أخرجه البخاري: في الأيمان باب: لا تحلفوا بآبائكم 11 / 530. ومسلم: في الأيمان والنذور باب: النهي عن الحلف بغير الله برقم (1646) 3 / 1266 .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg

ابوالوليد المسلم 03-06-2020 05:50 AM

رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
 
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg

(بناء البيت السعيد)
الحلقة (61) :

د. إلهام بدر الجابري


بسم الله الرحمن الرحيم



تعليق الإيلاء (3-5)

وتعليق الإيلاء على شرط قسمان هما :
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg



القسم الأول : تعليق الإيلاء على شرط مستحيل
إذا علق الإيلاء بشرط مستحيل كقوله : والله لا وطئتك حتى تصعدي السماء أو تقلبي الحجر ذهباً ... فهو مول لأن معنى ذلك ترك وطئها ؛ فإن ما يُراد إحالةُ وجودِه يُعلّق على المستحيلات قال الله تعالى في الكفار { وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ }الأعراف40 ومعناه لا يدخلون الجنة أبداً.
القسم الثاني: الايلاء بتعليق الوطء على أمر ممكن . وذلك على خمسة ضرب :
أحدها : ما يعلم أنه لا يوجد قبل أربعة أشهر كقيام الساعة فإن لها علامات تسبقها فلا يوجد ذلك في أربعة أشهر ، فهذا مول لأن يمينه على أكثر من أربعة أشهر
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg



الثاني : ما الغالب أنه لا يوجد في أربعة أشهر كخروج الدجال والدابة وغيرهما من أشراط الساعة أو يقول حتى أموت أو تموتي أو يموت ولدك أو زيد أو حتى يقدم زيد من مكة والعادة أنه لا يقدم في أربعة أشهر فيكون مولياً ؛ لأن الغالب أن ذلك لا يوجد في أربعة أشهر .
الثالث : أن يعلقه على أمر يحتمل الوجود في أربعة أشهر ويحتمل أن لا يوجد احتمالاً متساوياً كقدوم زيد من سفر قريب أو من سفر لا يعلم قدره فهذا ليس بإيلاء لأنه لا يعلم حلفه على أكثر من أربعة أشهر ولا يظن ذلك.
الرابع : أن يعلقه على ما يعلم أنه يوجد في أقل من أربعة أشهر أو يظن ذلك كذبول بقل وجفاف ثوب ومجيء المطر في أوانه وقدوم الحاج في زمانه فهذا لا يكون مولياً لما ذكرناه ؛ ولأنه لم يقصد الإضرار بترك وطئها أكثر من أربعة أشهر فأشبه ما لو قال والله لا وطئتك شهراً .
الخامس : أن يعلقه على فعل منها هي قادرة عليه أو فعل من غيرها وذلك ينقسم أقساما ثلاثة أحدها: أن يعلقه على فعل مباح لا مشقة فيه كقوله والله لا أطؤك حتى تدخلي الدار أو تلبسي هذا الثوب أو حتى أتنفل بصوم يوم ، فهذا ليس بإيلاء لأنه ممكن الوجود بغير ضرر عليها فيه فأشبه الذي قبله .
والثاني: أن يعلقه على محرم كقوله والله لا أطؤك حتى تشربي الخمر أو تزني أو تسقطي ولدت أو تتركي صلاة الفرض أو حتى أقتل زيدا أو نحوه فهذا إيلاء لأنه علقه بممتنع شرعاً فأشبه الممتنع حساً .

الثالث: أن يعلقه على ما على فاعله فيه مضرة مثل أن يقول والله لا أطؤك حتى تسقطي صداقك عني أو دينك أو حتى تكفلي ولدي أو تهبيني دارك أو نحو ذلك فهذا إيلاء ؛ أخذه لمالها أو مال غيرها من غير رضا صاحبه محرم فجرى مجرى شرب الخمر .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg

ابوالوليد المسلم 03-06-2020 05:51 AM

رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
 
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg

(بناء البيت السعيد)
الحلقة (62) :

د. إلهام بدر الجابري


بسم الله الرحمن الرحيم


حكم الإيلاء وأركانه (4-5)
وحكمـه :
حرام لما فيه من ظلم للمرأة ، وإضرار بها .
أركـانـه :
أركانه ستة حالف ومحلوف به ومحلوف عليه ومدة وصيغة وزوجة .
1) شرط في الحالف : أن يكون زوجاً مكلفاً مختاراً يتصور منه الجماع فلا يصح من غير الزوج كسيد ولا من غير مكلف إلا السكران ولا من مكره ولا ممن لا يتصور منه الجماع كمجبوب وأشل .

http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg

2) وشرط في المحلوف به : أن يكون واحداً من ثلاثة إما اسم من أسمائه تعالى أو صفة من صفاته تعالى وإما تعليق طلاق أو عتق وإما التزام ما يلزم بالنذر كصلاة وصوم وغيرهما من القرب . ومن حلف بشيء غير الله تعالى فليس بحانث ولا كفارة عليه إذا حنث كما لو قال والكعبة أو والفجر أو والليل أو وشيء مما يشبه هذا لا أقربك لم يكن مولياً لأن كل هذا خارج من اليمين
3) وشرط في المحلوف عليه : ترك وطء شرعي فلا إيلاء بحلفه على امتناعه من تمتعه بها بغير وطء ولا من وطئها في نحو حيض أو إحرام
4) وشرط في المدة : أن تكون زائدة على أربعة أشهر فلو كانت أربعة أشهر أو أقل فلا يكون إيلاء بل مجرد حلف ، لأن المرأة تصبر على الزوج أربعة أشهر فعن عمرو بن دينار قال: خرج عمر بن الخطاب من الليل فسمع امرأة تقول:
تطاوَلَ هذا الليلُ واسودّ جانِبُهْ ... وأرقني ألا خليلَ ألاعِبُهْ ...
فوالله لولا الله أني أراقبهْ ... لحرِّكَ من هذا السرير جوانبه ...
فسأل عمر ابنته حفصة، رضي الله عنها: كم أكثر ما تصبر المرأة عن زوجها؟ فقالت: ستة أشهر أو أربعة أشهر. فقال عمر: لا أحبس أحدًا من الجيوش أكثر من ذلك .
5) الصيغة : لفظ يشعر بإيلاء وهو إما صريح مثل: لا أجامعك لا أطؤك لا أباضعك لا أغتسل منك من جنابة . وهذا لا يشترط فيه النية ، فلو ادعى أنه لم يعن الجماع لا يصدق قضاء ويصدق ديانة .
والكناية كل لفظ لا يسبق إلى الفهم معنى الوقاع ويحتمل غيره ما لم ينو نحو لا أمسك ولا آتيك ولا أغشاك لا ألمسك لأغيظنك لأسوءنك لا أدخل عليك لا أجمع رأسي ورأسك لا أضاجعك لا أدنو منك لا أبيت معك في فراش لا يمس جلدي جلدك لا أقرب فراشك فلا يكون إيلاء بلا نية ويدين في القضاء .
6) ويصح الإيلاء عن الزوجة وعن المطلقة الرجعية .

http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg


ابوالوليد المسلم 03-06-2020 05:51 AM

رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
 
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg

(بناء البيت السعيد)
الحلقة (63) :

د. إلهام بدر الجابري


بسم الله الرحمن الرحيم


الأمور التي تترتب على الإيلاء (5-5)





يترتب عليه : أمران هما :

الأمر الأول : لزوم الكفارة أو الجزاء المعلق إذا حنث . فوعد المغفرة بسبب

الفيء الذي هو مثل التوبة لا ينافي إلزام الكفارة لأنه حكم دنيوي وذاك أخروي .



الأمر الثاني : إذا انقضت المدة ولم يرجع ويفيء فالعلماء على قولين :



القول الأول : وقوع طلقة بائنة بمجرد انقضاء المدة وهذا مذهب أبي حنيفة رحمه الله . واستدلوا بما يلي :

-بقراءة ابن مسعود صلى الله عليه وسلم للآية (فإن فاءوا فيهن) ، وقالوا : فإضافة الفيئة إلى المدة تدل على استحقاق الفيئة فيها، وهذه القراءة إما أن تُجرى مجرى خبر الواحد، فتوجب العمل، وإن لم تُوجب كونها مِن القرآن، وإما أن تكون قرآناً نسخ لفظه، وبقى حكمه لا يجوز فيها غير هذا البتة.

-لأنه ظلمها بمنع حقها فجازاه الشرع بزوال نعمة النكاح عند مضي هذه المدة .

-ولأنه حدد هذه المدة للتخلص من الظلم ولا يكون بالرجعي لأنه له أن يردها إلى عصمته ويعيد الإيلاء فتعيّن البائن لتملك نفسها وتزول سلطته عنها جزاء لظلمه .

-أن الله عز وجل جعل التربص في الإيلاء أربعة أشهر كما جعل في عدة الوفاة أربعة أشهر وعشراً وفي عدة الطلاق ثلاثة قروء فلا تربص بعدها .

-ولأنه كان طلاقاً في الجاهلية فحكم الشرع بتأجيله إلى انقضاء المدة .

-أن الله سبحانه جعل مدة الإيلاء أربعة أشهر، فلو كانت الفيئةُ بعدها، لزادت على مدة النص، وذلك غيرُ جائز.

http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg




القول الثاني : يوقف فإما أن يطلق وإما أن يفيء فإن أبى الفيء وأبى الطلاق فإن القاضي يطلقها طلقة رجعية لأنه منع حقها في الجماع فينوب القاضي منابه في التسريح كما في الجب والعنة . وإن قال أنا أفيء لم يعجل عليه بالطلاق واختبره القاضي مرة وثانية فإن تبيّن كذبه طلق عليه . وهذا مذهب الثلاثة ، واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم ، وعن سليمان بن يسار قال أدركت بضعة عشر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يقول بوقف المولي .





قال الجمهور: لنا مِن آية الإيلاء عشرة أدلة ، نذكر أهمها :



أحدها: أنه أضاف مدة الإيلاء إلى الأزواج، وجعلَ لهم شيئاً، وعليهم شيئين، فالذي لهم تربُّصُ المدة المذكورة، والذي عليهم إما الفيئةُ وإما الطلاقُ، والقول بأن الطلاق يقع بائناً بمجرد انقضاء المدة خلاف ظاهر النص ؛ فليس عليهم عندئذ إلا الفيئة في المدة وأما الطلاق فليس عليهم، بل ولا إليهم، وإنما هو إليه سبحانه عند انقضاء المدة، فيُحكم بطلاقها عقيب انقضاء المدة شاء أو أبى .


الدليل الثاني: قوله: {فَإنْ فَاءُوا فَإنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} ، فذكر الفيئةَ بعد المدة بفاء التعقيب، وهذا يقتضى أن يكونَ بعدَ المدة، ونظيرُه قولُه سبحانه: {الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}(1)وهذا بعدَ الطلاق قطعاً .

الدليل الثالث: قوله: {وإِنْ عَزَمُوا الطَّلاَقَ}(2)، وإنما العزم ما عزم العازمُ على فعله، والعزمُ هو إرادة جازمة لفعل المعزوم عليه أو تركه، وإيقاع الطلاقَ بمجرد مضيِّ المدة دون اعتبار عزمه مخالف للآية .

الدليل الرابع: أن الله سبحانه خيَّره في الآية بين أمرين: الفيئةِ أو الطلاقِ، والتخييرُ بين أمرين لا يكون إلا في حالة واحدة كالكفارات، ولو كان في حالتين، لكانتا ترتيباً لا تخييراً، وإذا تقرر هذا، فالقول بأن الفيئة في نفس المدة، وعزمُ الطلاق بانقضاء المدة، غير صحيح ؛ إذ لم يقع التخييرُ في حالة واحدة .

الدليل الخامس: أنه سبحانه قال :{وإِنْ عَزَمُوا الطَّلاَقَ فَإِنَّ الله سَمِيعٌ عَلِيمٌ}. فاقتضى أن يكون الطلاقُ قولاً يُسمع، ليحسن ختم الآية بصفة السمع.

الدليل السادس: أنه لو قال لغريمه: لك أجلُ أربعة أشهر، فإن وفّيتني قبلتُ منك، وإن لم تُوفني حبستُك، كان مقتضاه أن الوفاء والحبس بعد المدة لا فيها، ولا يَعْقِلُ المخاطبُ غيرَ هذا.

-قالوا: ولأنها يمين بالله تعالى توجب الكفارةَ. فلم يقع بها الطلاق كسائر الأيمان .

-ولأنها مدة قدّرها الشرعُ، لم تتقدمها الفرقة، فلا يقع بها بينونة، كأجل العنِّين

-ولأنه لفظ لا يَصِحُّ أن يقع به الطلاق المعجَّل، فلم يقع به المؤجَّلُ كالظهار.

-قالوا: ولأن الطلاقَ إنما يقع بالصريح والكناية، وليس الإيلاء واحداً منهما، إذ لو كان صريحاً، لوقع معجَّلاً إن أطلقه، أو إلى أجل مسمَّى إن قيَّده، ولو كان كنايةٍ، لرجع فيه إلى نيته .

قالوا: وأما قراءةُ ابن مسعود، فغايتُها أن تدُلَّ على جواز الفيئة في مدة التربُّص، لا على استحقاقِ المطالبة بها في المدة، وهذا حقٌّ لا ننكِرُه.

وأما قولُكم: إنه لو كانت الفيئة بعد المدة، لزادت على أربعة أشهر، فليس بصحيح، لأن الأربعة أشهر مدة لزمن الصبرِ الذي لا يستحِقُّ فيه المطالبة، فبمجرد انقضائها يستحِقُّ عليه الحقُّ، فلها أن تعجِّل المطالبة به. وإمَّا أن تُنْظِرَه، وهذا كسائِرِ الحقوقالمعلَّقة بآجال معدودة، إنما تُستحق عند انقضاء آجالها، ولا يُقال: إن ذلك يستلزِمُ الزيادةَ على الأجل، فكذا أجلُ الإيلاء سواء.








1 -سورة البقرة آية 229 .

2-سورة البقرة آية 227 .

http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg





ابوالوليد المسلم 03-06-2020 05:52 AM

رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
 
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg

(بناء البيت السعيد)
الحلقة (64) :

د. إلهام بدر الجابري


بسم الله الرحمن الرحيم

الحلقة (64) الظــــهار(1)

(1-4)


وكان طلاقاً في الجاهلية ، وقيل في أول الإسلام ، ويقال كانوا في الجاهلية إذا كره أحدهم امرأته ولم يرد أن تتزوج بغيره آلى منها أو ظاهر فتبقى لا ذات زوج ولا خلية تنكح غيره فغيّر الشارع حكمه إلى تحريمها بعد العود ولزوم الكفارة .
وحقيقته الشرعية
تشبيه الزوجة غير البائن بأنثى لم تكن حلا
أي تشبيه الحلال بالحرام ولهذا وصفه الله تعالى بكونه منكرا من القول وزورا فقال سبحانه وتعالى في آية الظهار ( الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (2) وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (3) فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِين َ عَذَابٌ أَلِيمٌ (4) )(2)
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg



(1) انظر : بدائع الصنائع 3/299 ، البحر الرائق 6/308 ، المدونة 2/309 ، المجموع شرح المهذب 17/343 ، مغني المحتاج 3/352 ، المغني 8/560 ، حاشية الروض المربع 6/628 ، الإنصاف 9/140 .

(2) سورة المجادلة آية 2 .

http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg

ابوالوليد المسلم 03-06-2020 05:53 AM

رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
 
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg

(بناء البيت السعيد)
الحلقة (65) :

د. إلهام بدر الجابري


بسم الله الرحمن الرحيم

الظــــهار(1)

(2-4)



وللظهار ثلاثة أركان :
الأول : المظاهر وهو كل من يصح طلاقه ؛ بأن يكون بالغاً عاقلاً مسلماً .
مسألة : هل يشترط في المظاهر أن يكون رجلاً ، بمعنى هل يصح ظهار المرأة من زوجها؟
القول الأول : وهو الصحيح أنه لا يصح ظهار المرأة من زوجها لأن الله تعالى قال " والذين يظاهرون منكم من نسائهم " ولم يقل اللائي يظاهرن منكن من أزواجهن .
ولأن الحل والعقد والتحليل والتحريم في النكاح بيد الرجال ليس بيد المرأة منه شيء .
وهذا هو رأي جمهور العلماء . لكن إن ظاهرت المرأة من زوجها ، فالجمهور كأبي حنيفة ومالك والشافعي وغيرهم أن ظهارها ليس بشيء .
وقال الأوزاعي وإسحاق والزهري وعطاء والحسن بن زياد : إذا قالت المرأة لزوجها أنت على كظهر فهي يمين وعليها كفارة يمين .
وقال الزهري : أرى أن تكفر كفارة الظهار، ولا يحول قولها هذا بينها وبين زوجها أن يصيبها .
القول الثاني : قال صاحب أبي حنيفة أبو يوسف لا يشترط أن يكون المظاهر رجلاً ، فيصح ظهار المرأة وعليها كفارة الظهار ، وقالوا : أن الظهار تحريم يرتفع بالكفارة وهي من أهل الكفارة فكانت من أهل الظهار .
الركن الثاني : المظاهر منها والظهار يلزم في كل زوجة مدخول بها أو غير مدخول بها من زوج يجوز طلاقه .
الركن الثالث : الصيغة وهي نوعان : صريحة وكناية ؛ أما الصريحة فبأن يشبه امرأته أو عضواً منها بظهر من تحرم عليه على التأبيد أو بها أو بعضو منها ، كقول الرجل لامرأته أنت علي كظهر أمي .
وأما الكناية أن يقول: أنت علي كأمي أو مثل أمي لم يكن ظهاراً إلا بالنية ، لأنه يحتمل أنها كالأم في التحريم أو في الكرامة فلم يجعل ظهاراً من غير نية كالكنايات في الطلاق.

http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg

إلا إن وجدت قرينة تدل على الظهار مثل أن يخرجه مخرج الحلف، كقوله إن فعلت كذا فأنت علي كروح أمي، أو قال ذلك حال الخصومة والغضب فهو ظهار، لأنه إذا خرج مخرج الحلف فالحلف يراد للامتناع من شيء أو الحث عليه، وإنما يحصل ذلك بتحريمها عليه، ولأن كونها مثل أمه في صلتها أو كرامتها لا يتعلق على شرط فيدل على انه إنما أراد الظهار، ووقوع ذلك في حال الخصومة والغضب دليل على أنه أراد به ما يتعلق بأذاها ويوجب اجتنابها وهو الظهار.
وإن عدم هذا فليس بظهار لأنه محتمل لغير الظهار احتمالا كثيراً.
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg



ابوالوليد المسلم 03-06-2020 05:53 AM

رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
 
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg

(بناء البيت السعيد)
الحلقة (66) :

د. إلهام بدر الجابري


بسم الله الرحمن الرحيم

الظــــهار(1)



توقيت الظهار وتعليقه (3-4)

مسألة توقيت الظهار :
القول الأول : يصح الظهار مؤقتاً ، وهو أن يقول أنت علي كظهر أمي يوماً أو شهراً لحديث سَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ قَالَ : كُنْتُ امْرَأً أُصِيبُ مِنَ النِّسَاءِ مَا لاَ يُصِيبُ غَيْرِي ، فَلَمَّا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ خِفْتُ أَنْ أُصِيبَ مِنَ امْرَأَتِي شَيْئًا يُتَابَعُ بِي حَتَّى أُصْبِحَ فَظَاهَرْتُ مِنْهَا حَتَّى يَنْسَلِخَ شَهْرُ رَمَضَانَ ، فَبَيْنَمَا هِيَ تَخْدُمُنِي ذَاتَ لَيْلَةٍ إِذْ تَكَشَّفَ لِي مِنْهَا شَيءٌ فَلَمْ أَلْبَثْ أَنْ نَزَوْتُ عَلَيْهَا فَلَمَّا أَصْبَحْتُ خَرَجْتُ إِلَى قَوْمِي فَأَخْبَرْتُهُم ُ الْخَبَرَ وَقُلْتُ امْشُوا مَعِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم . قَالُوا : لاَ وَاللَّهِ. فَانْطَلَقْتُ إِلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْتُهُ ، فَقَالَ « أَنْتَ بِذَاكَ يَا سَلَمَةُ ». قُلْتُ أَنَا بِذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَرَّتَيْنِ وَأَنَا صَابِرٌ لأَمْرِ اللَّهِ فَاحْكُمْ فيَّ مَا أَرَاكَ اللَّهُ قَالَ « حَرِّرْ رَقَبَةً ». قُلْتُ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أَمْلِكُ رَقَبَةً غَيْرَهَا وَضَرَبْتُ صَفْحَةَ رَقَبَتِي قَالَ « فَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ ». قَالَ وَهَلْ أُصِبْتُ الَّذِي أُصِبْتُ إِلاَّ مِنَ الصِّيَامِ قَالَ « فَأَطْعِمْ وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ بَيْنَ سِتِّينَ مِسْكِينًا ». قُلْتُ : وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَقَدْ بِتْنَا وَحْشَيْنِ مَا لَنَا طَعَامٌ قَالَ « فَانْطَلِقْ إِلَى صَاحِبِ صَدَقَةِ بَنِي زُرَيْقٍ فَلْيَدْفَعْهَا إِلَيْكَ فَأَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ وَكُلْ أَنْتَ وَعِيَالُكَ بَقِيَّتَهَا ». فَرَجَعْتُ إِلَى قَوْمِي فَقُلْتُ وَجَدْتُ عِنْدَكُمُ الضِّيقَ وَسُوءَ الرَّأْي وَوَجَدْتُ عِنْدَ النبي -صلى الله عليه وسلم- السَّعَةَ وَحُسْنَ الرأي وَقَدْ أَمَرَنِي- أَوْ أَمَرَ لِي - بِصَدَقَتِكُم )(1)
فإذا مضى الوقت زال الظهار وحلّت المرأة بلا كفارة. ولا يكون عائداً بالوطء في المدة . وهو قول ابن عباس وعطاء وقتادة والثوري وإسحاق وأبى ثور والشافعي وأحمد بن حنبل.
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg


وحديث سلمة بن صخر صريح في ذلك ففيه " تظاهرت من امرأتي حتى ينسلخ شهر رمضان. وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه أصابها في الشهر فأمره بالكفارة ولم يعتبر عليه تقييده .
ولأنه منع نفسه بيمين لها كفارة فصح مؤقتاً كالإيلاء ، ولأنها يمين لم يحنث فيها فلا يلزمه كفارتها كاليمين بالله تعالى .
القول الثاني : وقال أبو حنيفة وابن أبى ليلى والليث لا يكون ظهاراً ؛ لأن الشرع ورد بلفظ الظهار مطلقاً . وهذا لم يطلق فأشبه ما لو شبهها بمن تحرم عليه في وقت دون آخر .
القول الثالث : وقال مالك: يسقط التأقيت ويكون ظهاراً مطلقاً . لأن هذا لفظ يوجب تحريم الزوجة فإذا وقّته لم يتوقف كالطلاق .
الراجح :
القول الأول لما سبق من أدلتهم ، ويُجاب عن أدلة القولين الآخرين بما يلي :
- تشبيه الظهار المؤقت بما لو شبه زوجته بمن تحرم عليه في وقت دون وقت ؛ أنه تشبيه مع الفارق لأن تحريمها غير كامل. وهذه حرمها في هذه المدة تحريماً كاملاً .
- وأما تشبيه الظهار الموقت بالطلاق الموقت فهو تشبيه مع الفارق ؛ فالطلاق يزيل الملك فلا يمكن توقيته ، وأما الظهار فهو يوقع تحريماً يرفعه التكفير فجاز توقيته .
مسألة تعليق الظهار بشرط :
فإذا قال لامرأته: إن دخلت الدار فأنت علي كظهر أمي ، أو قال إن قدّم فلان ، أو قال شاء زيد ، فمتى شاء زيد أو دخلت الدار أو قدم فلان صار مظاهراً وإلا فلا.
وبهذا قال جمهور العلماء لأنه يمين فجاز تعليقه على شرط كالإيلاء.
ولأن الظهار أصله كان طلاقاً والطلاق يصح تعليقه بالشرط فكذلك الظهار .



(1) أخرجه ابو داود باب في الظهار ح2215 – 2/233، والترمذي في سورة المجادلة ح3299-5/405 وقال: هذا حديث حسن ، وابن ماجة في الظهار ح2062-1/665 ، والدارمي في الظهار ح2273-1/217 ، وصححه الألباني في تحقيقه لسنن ابن ماجه .

http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg


ابوالوليد المسلم 03-06-2020 05:54 AM

رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
 
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg

(بناء البيت السعيد)
الحلقة (67) :

د. إلهام بدر الجابري


بسم الله الرحمن الرحيم

الظــــهار(1)



مسائل في الظهار(4-4)



مسألة : بيان ما يحرم وما يباح من المرأة المظاهر منها قبل التكفير

- يحرم على المظاهر وطء امرأته قبل أن يكفر وليس في ذلك اختلاف إذا كانت الكفارة عتقاً أو صوماً لقول الله تعالى : { فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا } وقوله سبحانه : { {فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا } وأكثر أهل العلم على أن التكفير بالإطعام مثل ذلك وأنه يحرم وطؤها قبل التكفير منهم عطاء و الزهري و الشافعي وأصحاب الرأي .

وذهب أبو ثور إلى إباحة الجماع قبل التكفير بالإطعام وعن أحمد ما يقتضي ذلك لأن الله تعالى لم يمنع المسيس قبله كما في العتق والصيام . والراجح الأول : لما روى عكرمة [ عن ابن عباس: أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم قد ظاهر من امرأته فوقع عليها فقال يا رسول الله ! إني قد ظاهرت من زوجتي فوقعت عليها قبل أن أكفر فقال وما حملك على ذلك يرحمك الله ؟ قال رأيت خلخالها في ضوء القمر قال فلا تقربها حتى تفعل ما أمرك الله به ](1) .

ولأنه مظاهر لم يكفر فحرم عليه جماعها كما لو كانت كفارته العتق أو الصيام وترك النص عليها لا يمنع قياسها على المنصوص الذي في معناها
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg



- فأما التلذذ بما دون الجماع من القبلة واللمس والمباشرة ، ففيه روايتان إحداهما : يحرم وهو اختيار أبي بكر وهو قول الزهري و مالك و الأوزاعي و أبي عبيد وأصحاب الرأي وروي ذلك عن النخعي وهو أحد قولي الشافعي لأن ما حرم الوطء من القول حرم دواعيه كالطلاق والإحرام . والثانية : لا تحرم قال أحمد أرجو أن لا يكون به بأس وهو قول الثوري و إسحاق و أبي حنيفة وحكي عن مالك وهو القول الثاني للشافعي لأنه وطء يتعلق بتحريمه مال فلم يتجاوزه التحريم كوطء الحائض .



مسألة : من أراد الوطء قبل الكفارة



ينبغي على المرأة منع زوجها المظاهر من مقاربتها ولها أن تشكوه إلى القاضي ليحول بينه وبينها حتى يكفِّر ، وللسلطان أن يؤدبه .



مسألة : إذا امتنع من التكفير مع قدرته :

إذا ظاهر من امرأته فقال لها: أنت علي كظهر أمي وامتنع عن التكفير ، عُلم أنه مضار ، وصار مولياً إما أن يفيء ويكفر وإما أن يطلق ، وهو وإن لم يكن يميناً إلا أنه لما كف عن الوطء

وهو يقدر على الكفارة علم أنه مضار، فلا بد أن يحمل محمل المولي . وبه قال مالك وغيره .






(1)أخرجه الترمذي باب المظاهر يواقع قبل أن يكفر ح 1199-3/503 وقال : هذا حديث حسن غريب صحيح ، وحسّنه الألباني في تحقيقه للسنن ، والنسائي باب الظهار ح 3475-6/479 ، والبيهقي في السنن الكبرى ح 15036-7/386 ، و الطبراني في المعجم الكبير ح 11600-11/236 .


http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg




ابوالوليد المسلم 07-06-2020 12:41 AM

رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
 
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg

(بناء البيت السعيد)
الحلقة (68) :

د. إلهام بدر الجابري


بسم الله الرحمن الرحيم


اللعـــــان(1)

(1-3)



وهو مشتق من اللعن لأن كل واحد من الزوجين يلعن نفسه في الخامسة إن كان كاذباً وقيل : سمي بذلك لأن الزوجين لا ينفكان من أن يكون أحدهما كاذباً فتحصل اللعنة عليه وهي الطرد والإبعاد
تعريفه شرعاً:
هو شهادات مؤكدات بأيمان من الجانبين مقرونة باللعن والغضب قائمة مقام حد قذف في جانبه وحد زنى في جانبها .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg


عن سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِىَّ أَخْبَرَهُ أَنَّ عُوَيْمِرًا الْعَجْلاَنِىَّ جَاءَ إِلَى عَاصِمِ بْنِ عَدِىٍّ الأَنْصَارِىِّ فَقَالَ لَهُ أَرَأَيْتَ يَا عَاصِمُ لَوْ أَنَّ رَجُلاً وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ فَسَلْ لِى عَنْ ذَلِكَ يَا عَاصِمُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-فَسَأَلَ عَاصِمٌ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الْمَسَائِلَ وَعَابَهَا حَتَّى كَبُرَ عَلَى عَاصِمٍ مَا سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَلَمَّا رَجَعَ عَاصِمٌ إِلَى أَهْلِهِ جَاءَهُ عُوَيْمِرٌ فَقَالَ يَا عَاصِمُ مَاذَا قَالَ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ عَاصِمٌ لِعُوَيْمِرٍ لَمْ تَأْتِنِى بِخَيْرٍ قَدْ كَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الْمَسْأَلَةَ الَّتِى سَأَلْتُهُ عَنْهَا. قَالَ عُوَيْمِرٌ وَاللَّهِ لاَ أَنْتَهِى حَتَّى أَسْأَلَهُ عَنْهَا. فَأَقْبَلَ عُوَيْمِرٌ حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَسَطَ النَّاسِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ رَجُلاً وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « قَدْ نَزَلَ فِيكَ وَفِى صَاحِبَتِكَ فَاذْهَبْ فَأْتِ بِهَا ». قَالَ سَهْلٌ فَتَلاَعَنَا وَأَنَا مَعَ النَّاسِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَلَمَّا فَرَغَا قَالَ عُوَيْمِرٌ كَذَبْتُ عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَمْسَكْتُهَا. فَطَلَّقَهَا ثَلاَثًا قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَكَانَتْ سُنَّةَ الْمُتَلاَعِنَي ْنِ. قَالَ سَهْلٌ فَكَانَتْ حَامِلاً فَكَانَ ابْنُهَا يُدْعَى إِلَى أُمِّهِ. ثُمَّ جَرَتِ السُّنَّةُ أَنَّهُ يَرِثُهَا وَتَرِثُ مِنْهُ مَا فَرَضَ اللَّهُ لَهَا(2)




(1) انظر : بدائع الصنائع 3/242، مغني المحتاج 3/367 ، المبدع شرح المقنع 8/65، عمدة الفقه 1/111 ، حاشية الروض المربع 7/29 ، المغني 9/3 .
(2) أخرجه البخاري باب التلاعن في المسجد ح5003-5/2033 ، ومسلم باب وحدثنا يحيى بن يحيى ح3816-4/205 واللفظ له .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg


ابوالوليد المسلم 07-06-2020 12:41 AM

رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
 
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg

(بناء البيت السعيد)
الحلقة (69) :

د. إلهام بدر الجابري


بسم الله الرحمن الرحيم


اللعـــــان(1)



صفة اللعان وشروطه (2-3)




صفـة اللعـــان :


أن يبدأ الزوج فيقول : أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميت به امرأتي هذه من الزنى . ويشير إليها ، وإن لم تكن حاضرة سماها ونسبها ، حتى يكمل ذلك أربع مرات ، ثم يقول في الخامسة : وإن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين فيما رميتها به من الزنى .

ثم تقول هي : أشهد بالله إنه لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنى أربع مرات ، ثم تقول في الخامسة: وإن غضب الله عليها إن كان من الصادقين فيما رماني به من الزنى .

فإن نقص أحدهما من الألفاظ الخمسة شيئاً ، أو بدأت باللعان قبله ، أو تلاعنا بغير حضرة الحاكم ، أو نائبه لم يعتد به . وإن أبدل لفظة أشهد بـ أقسم أو أحلف أو لفظة اللعنة بـ الإبعاد أو الغضب بـ السخط فعلى وجهين .

ويسن تلاعنهما قياماً بحضرة جماعة أربعة فأكثر ، بوقت ومكان معظمين ، وأن يأمر حاكم من يضع يده على فم زوج وزوجة عند الخامسة ويقول: اتق الله فإنها الموجبة وعذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة .

http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg




ولا يصح إلا بشروط ثلاثة



"1- كونه بين زوجين مكلفين" لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} فلا لعان بقذف أمة، ولا حد. وأما اعتبار التكليف، فلأن قذف غير المكلف لا يوجب حداً ، واللعان إنما وجب لإسقاط الحد .

"2- أن يتقدمه قذفها بالزنى ولو في دبر، لأنه قذف يجب به الحد. ولا فرق بين الأعمى والبصير لعموم الآية.

"3- أن تكذبه" الزوجة في قذفها

"ويستمر تكذيبها إلى انقضاء اللعان" لأن اللعان إنما ينتظم بتكذيبها فإن صدقته، أو عفت عن الطلب بحد القذف، أو سكتت فلم تقر ولم تنكر لحقه النسب، ولا لعان، لأن الحق لها، فلا يستوفى من غير طلبها وإن كان بينهما نسب يريد نفيه، فله أن يلاعن، لأنه محتاج إليه، وهو حق له، فلا يسقط برضاها .


http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg




ابوالوليد المسلم 07-06-2020 12:42 AM

رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
 
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg

(بناء البيت السعيد)
الحلقة (70) :

د. إلهام بدر الجابري


بسم الله الرحمن الرحيم


اللعـــــان



صفة اللعان وشروطه (3-3)






و إذا تم اللعان بينهما ثبت أربعة أحكام:

"1- سقوط الحد أو التعزير" الذي أوجبه القذف عنها وعنه. ولو قذفها برجل سماه سقط حكم قذفه بلعانه، لأن هلال بن أمية قذف زوجته بشريك بن سحماء، ولم يذكره في لعانه، ولم يحده النبي صلى الله عليه وسلم، لشريك ولا عزره له، ولأن اللعان بينة في أحد الطرفين فكان بينة في الآخر كالشهادة .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg



"2- الفرقة ولو بلا فعل حاكم" لأنه معنى يقتضي التحريم المؤبد فلم يقف على تفريق الحاكم، كالرضاع وتفريق النبي صلى الله عليه وسلم ، بينهما بمعنى: أنه أعلمهما بحصول الفرقة باللعان. وعنه لا تحصل الفرقة حتى يفرق الحاكم بينهما، لقول ابن عباس في حديثه: ففرق رسول الله صلى الله عليه وسلم، بينهما. وفي حديث عويمر: أنه قذف امرأته، فتلاعنا عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقال عويمر: كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها. فطلقها ثلاثا قبل أن يأمره النبي صلى الله عليه وسلم متفق عليه. فدل على أن الفرقة لم تحصل بمجرد اللعان. قدمه في الكافي.

"3- التحريم المؤبد" لقول سهل بن سعد: مضت السنة في المتلاعنين أن يفرق بينهما، ثم لا يجتمعا أبدا رواه الجوزجاني. وقال عمر، رضي الله عنه: المتلاعنان يفرق بينهما ولا يجتمعان أبدا رواه سعيد، وعن علي وابن مسعود نحوه.

4-"انتفاء الولد، ويعتبر لنفيه ذكره صريحا، كـ: أشهد بالله لقد زنت، وما هذا ولدي" وظاهر كلام أبي بكر صحة نفي الحمل في لعانه لظاهر حديث هلال بن أمية، فإنه لاعنها قبل الوضع، بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "انظروها فإن جاءت به كذا وكذا" . الحديث. ونفي عنه الولد قال ابن عبد البر: الآثار على هذا كثيرة، وأوردها، ولم ينقل ملاعنة بعد وضعه وشرط لنفيه أن لا يتقدمه إقرار به أو بتوأمه، أو تهنئة به، فيسكت، أو يؤمن على الدعاء أو يؤخر النفي بلا عذر لأنه خيار لدفع ضرر، فكان على الفور كخيار الشفعة.

http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg




ابوالوليد المسلم 07-06-2020 12:43 AM

رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
 

http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg

(بناء البيت السعيد)
الحلقة (71) :

د. إلهام بدر الجابري


بسم الله الرحمن الرحيم


طرق التخلية من جهة الزوجة
الخــــلع(1) (1-5)



تعريفه شرعاً :
هو فراق الزوجة بعوض بألفاظ مخصوصة سمي بذلك لأن المرأة تخلع نفسها من الزوج كما تخلع اللباس(2)
ألفاظ الخلع
تنقسم إلى صريح وكناية :
فالصريح ثلاثة ألفاظ ؛ خالعتك لأنه ثبت له العرف ، والمفاداة لأنه ورد به القرآن سبحانه : (وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آَتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُون)(3)، وفسخت نكاحك لأنه حقيقة فيه فإذا أتى بأحد هذه الألفاظ وقع من غير نية .
وما عدا هذه مثل بارأتك وأبرأتك وابَنتك فهو كناية لأن الخلع أحد نوعي الفرقة فكان له صريح وكناية كالطلاق .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg







(1) انظر : الاختيار لتعليل المختار 1/37 ، البحر الرائق 4/77 ، العناية شرح الهداية 5/464 ، المبسوط 6/308 ، الاستذكار 6/76 ، المجموع 17/3 ، مغني المحتاج 3/262 ، روضة الطالبين 7/390 ، المغني 8/174 ، الإنصاف 8/282 ، حاشية الروض المربع 6/459 ، اختلاف الأئمة العلماء 2/162، الفقه على المذاهب الأربعة 4/184 ، مجموع الفتاوى 32/282 و33/152 ، زاد المعاد 5/192 وما بعدها .
(2) انظر : حاشية الروض المربع 6/459 ، الروض المربع 1/357 ، وفي البحر الرائق 4/77 إزالة ملك النكاح المتوقفة على قبولها بلفظ الخلع أو ما في معناه
(3) سورة البقرة آية 229 .


http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg


ابوالوليد المسلم 07-06-2020 12:44 AM

رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
 
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg

(بناء البيت السعيد)
الحلقة (72) :

د. إلهام بدر الجابري


بسم الله الرحمن الرحيم

أحكام الخلع (2-5)




حكم الخلع :

- إذا كرهت المرأة زوجها لقبح منظر، أو سوء عشرة وخافت أن لا تؤدي حقه، جاز أن تخالعه على عوض، لقوله عز وجل" {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ }

وعَنْ حَبِيبَةَ بِنْتِ سَهْلٍ الأَنْصَارِيَّةِ أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ إِلَى الصُّبْحِ فَوَجَدَ حَبِيبَةَ بِنْتَ سَهْلٍ عِنْدَ بَابِهِ فِى الْغَلَسِفَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « مَنْ هَذِهِ ». فَقَالَتْ أَنَا حَبِيبَةُ بِنْتُ سَهْلٍ. قَالَ « مَا شَأْنُكِ ». قَالَتْ لاَ أَنَا وَلاَ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ. لِزَوْجِهَا فَلَمَّا جَاءَ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « هَذِهِ حَبِيبَةُ بِنْتُ سَهْلٍ ». وَذَكَرَتْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَذْكُرَ وَقَالَتْ حَبِيبَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كُلُّ مَا أَعْطَانِي عِنْدِي. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ « خُذْ مِنْهَا ». فَأَخَذَ مِنْهَا وَجَلَسَتْ هِىَ فِى أَهْلِهَا وفي رواية ابن عباس أنها قالت : يا رسول الله ما أنقم على ثابت في دين ولا خلق إلا أني أخاف الكفر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( فتردين عليه حديقته ) . قالت نعم فردت عليه وأمره ففارقها(2) .http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg





- وإن لم تكره منه شيئاً وتراضيا على الخلع من غير سبب جاز، لقوله عز وجل { فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً } ولأنه رفع عقد بالتراضي جعل لدفع الضرر فجاز من غير ضرر كالإقالة في البيع .

- إذا عضل الرجل زوجته وضارَّها بالضرب والتضييق عليها ، أو منعها حقوقها من النفقة والقسم ونحو ذلك ، لتفتدي نفسها منه ، ففعلت ؛ فللعلماء في هذه المسألة قولان :

الأول : أن الخلع باطل والعوض مردود وبه قال مالك و الشافعي والحنابلة ، وروي ذلك عن ابن عباس و عطاء و مجاهد و الشعبي و النخعي و القاسم بن محمد و الزهري .

واستدلوا بالآتي :

قول الله تعالى : { ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً إلا أن يخافا أن لا يقيما حدود الله } .

وقول الله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آَتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَة}(3)

ولأنه عوض أُكرهن على بذله بغير حق فلم يستحق كالثمن في البيع والأجر في الإجارة . فإن طلقها في هذه الحال على عوض لم يستحق العوض لأنه عقد معاوضة أكرهت عليه بغير حق فلم يستحق فيه العوض كالبيع، فإن كان ذلك بعد الدخول فله أن يراجعها، لأن الرجعة إنما تسقط بالعوض وقد سقط العوض فتثبت الرجعة فيه.

الثاني : العقد صحيح والعوض لازم وهو آثم عاص وبه قال أبو حنيفة . والصحيح القول الأول .

- فأما إن ضربها على نشوزها ومنعها حقها لم يحرم خلعها لذلك لأن ذلك لا يمنعها أن لا يخافا أن لا يقيما حدود الله وفي بعض حديث حبيبة ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ سَهْلٍ كَانَتْ عِنْدَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ فَضَرَبَهَا فَكَسَرَ بَعْضَهَا فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ الصُّبْحِ فَاشْتَكَتْهُ إِلَيْهِ فَدَعَا النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم ثَابِتًا فَقَالَ « خُذْ بَعْضَ مَالِهَا وَفَارِقْهَا » فَقَالَ وَيَصْلُحُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « نَعَمْ ». قَالَ فَإِنِّى أَصْدَقْتُهَا حَدِيقَتَيْنِ وَهُمَا بِيَدِهَا فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم « خُذْهُمَا فَفَارِقْهَا ». فَفَعَلَ(4)

- لو ضربها ظلماً لسوء خلقه أو غيره لا يريد بذلك أن تفتدي نفسها لم يحرم عليه مخالعتها لأنه لم يعضلها ليذهب ببعض ما آتاها ولكن عليه إثم الظلم .

_ فإن أتت بفاحشة فمنعها حقها لتخالعه على شيء من مالها يجوز ويستحق فيه العوض لقوله عز وجل " ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة " والاستثناء من النهي إباحة .

ولأنها متى زنت لم يأمن أن تلحق به ولداً من غيره وتفسد فراشه فلا تقيم حدود الله في حقه فتدخل فيقول الله تعالى :{ فإن خفتم أن لا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به } .





(1) أخرجه أبو داود باب في الخلع ح2229-2/236 صححه الألباني ، وابن حبان باب الخلع ح4280-10/110 .

(2) أخرجه البخاري باب الخلع ح4973-5/2022 .

(3) سورة النسااء آية 19 .

(4) أخرجه أبو داود باب في الخلع ح2230-2/236 . وصححه الألباني .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg


ابوالوليد المسلم 07-06-2020 12:46 AM

رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
 
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg

(بناء البيت السعيد)
الحلقة (73) :

د. إلهام بدر الجابري


بسم الله الرحمن الرحيم

الخلع هل هو فسخ أو طلاق (3-5)




التكييف الفقهي للخلع

اختلف العلماء في الخلع هل هو فسخ أو طلاق بائن ؟ على قولين هما :

القول الأول :
أنه فسخ وهو أحد قولي الشافعي ورواية عن أحمد ورأي شيخ الإسلام ابن تيمية((1)، وقول ابن عباس ، واحتج ابن عباس صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى : (الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ ) - ثم قال( فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) - ثم قال – (فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ ) فذكر تطليقتين والخلع وتطليقة بعدها فلو كان الخلع طلاقاً لكان أربعاً ، ولأنها فرقة خلت عن صريح الطلاق ونيته فكانت فسخاً كسائر الفسوخ.
القول الثاني :
أنه طلقة بائنة وهو قول مالك و الأوزاعي وأصحاب الرأي . ووجه هذا القول أنها بذلت العوض للفرقة والفرقة التي يملك الزوج إيقاعها هي الطلاق دون الفسخ فوجب أن يكون طلاقاً ولأنه أتى بكناية الطلاق قاصداً فراقها فكان طلاقاً .
والراجح الأول والله أعلم .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg



ثمرة الخلاف :
أنا إذا قلنا هو طلقة فخلعها مرة حسبت طلقة فينقص بها عدد طلاقه ، وإن خالعها ثلاثاً طلقت ثلاثاً فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره ، وإن قلنا هو فسخ لم تحرم عليه وإن خالعها مائة مرة وهذا الخلاف فيما إذا خالعها بغير لفظ الطلاق ولم ينوه ، فأما إن بذلت له العوض على فراقها وكان بلفظ الطلاق فهو طلاق لا اختلاف فيه ، وإن وقع بغير لفظ الطلاق مثل كنايات الطلاق أو لفظ الخلع والمفاداة ونحوهما ونوى به الطلاق فهو طلاق أيضاً لأنه كناية نوى الطلاق فكانت طلاقاً كما لو كان بغير عوض والله أعلم .
ولا يثبت في الخلع رجعة سواء قلنا هو فسخ أو طلاق في قول أكثر أهل العلم .



(1)مجموع الفتاوى 19/284 .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg


ابوالوليد المسلم 07-06-2020 12:48 AM

رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
 
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg

(بناء البيت السعيد)
الحلقة (74) :

د. إلهام بدر الجابري


بسم الله الرحمن الرحيم


مسائل في الخلع (4-5)

مسألة : ولا بأس بالخلع في الحيض والطهر الذي أصابها فيه ؛ لأن المنع من الطلاق في الحيض من أجل الضرر الذي يلحقها بطول العدة ، والخلع لإزالة الضرر الذي يلحقها بسوء العشرة والمقام مع من تكرهه وتبغضه وذلك أعظم من ضرر طول العدة ؛ فجاز دفع أعلاهما بأدناهما ولذلك لم يسأل النبي صلى الله عليه وسلم المختلعة عن حالها .

ولأنها تملك نفسها بالاختلاع فلهما فائدة في تعجيل الإبانة لرفع الشر الذي بينهما ؛ بخلاف الطلاق الرجعي فإنه لا فائدة في تعجيله قبل وقته ؛ بل ذلك شر بلا خير .
وقد قيل : إنه طلاق في وقت لا يرغب فيها وقد لا يكون محتاجاً إليه ؛ بخلاف الطلاق وقت الرغبة فإنه لا يكون إلا عن حاجة (1)
مسألة : يصح الخلع بأقل وبأكثر مما أعطاها إذا تراضيا على ذلك ، لقول الله تعالى : ( فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ) وقالت الربيع بنت معوذ : اختلعت من زوجي بما دون عقاص رأسي فأجاز ذلك عثمان بن عفان رضي الله عنه ومثل هذا يشتهر فلم ينكر فيكون إجماعاً ، فهو قول عثمان وابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم وبه قال أكثر أهل العلم .
مسألة : هل يصح الخلع بدون عوض ؟
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg



اختلف العلماء على قولين ؛ الأول قول مالك ورواية عن أحمد يصح الخلع بغير عوض ؛ لأنه قطع للنكاح فصح من غير عوض كالطلاق ، ولأن الأصل في مشروعية الخلع أن يوجد من المرأة رغبة عن زوجها وحاجة إلى فراقه فتسأله فراقها فإذا أجابها حصل المقصود من الخلع فصح كما لو كان بعوض .
والقول الثاني : لا يكون خلع إلا بعوض وهذا قول أبي حنيفة والشافعي ورواية عن أحمد ؛ لأن الخلع إن كان فسخاً فلا يملك الزوج فسخ النكاح إلا بعيبها ، وكذلك لو قال : فسخت النكاح ولم ينو به الطلاق لم يقع شيء بخلاف ما إذا دخله العوض فإنه يصير معاوضة فلا يجتمع له العوض والمعوض ، وإن قلنا الخلع طلاق فليس بصريح فيه اتفاقاً ، وإنما هو كناية والكناية لا يقع بها الطلاق إلا بنية أو بذل للعوض فيقوم مقام النية وما وجد واحد منهما .


(1) انظر إضافة إلى المراجع الرئيسة مجموع الفتاوى 33/21 .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg





ابوالوليد المسلم 07-06-2020 12:49 AM

رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
 
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg

(بناء البيت السعيد)
الحلقة (75) :

د. إلهام بدر الجابري


بسم الله الرحمن الرحيم


عـدة المختلعة(5-5)



مسألة عدة المختلعة(1):

اختلف العلماء في هذه المسألة هل تعتد عدة المطلقة أو تعتد بحيضة ، والراجح أنها تعتد بحيضة واستدلوا بـ الآتي :

- ورد في حديث امرأة ثابت بن قيس أمر النبي صلى الله عليه وسلم لها بأن تعتد بحيضة وأن تلحق بأهلها .

- وقد عضدها عمل عثمان بن عفان صلى الله عليه وسلم في قضية الربيع بنت معوذ ، روى يحيى بن بكير حدثنا الليث بن سعد عن نافع مولى ابن عمر : أنه سمع الربيع بنت معوذ ابن عفراء وهي تخبر عبد الله بن عمر : أنها اختلعت من زوجها على عهد عثمان فجاء عمها إلى عثمان فقال : إن ابنة معيذ اختلعت من زوجها اليوم أفتنتقل ؟ فقال عثمان : لتنتقل ولا ميراث بينهما ولا عدة عليها ؛ إلا أنها لا تنكح حتى تحيض حيضة ؛ خشية أن يكون بها حبل فقال عبد الله بن عمر : وَلَعُثْمَانُ خَيَّرَنَا وَأَعْلَمَنَا .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg




- وهو مقتضى قواعد الشريعة، فإن العدة إنما جعلت ثلاث حيض ليطول زمن الرجعة، فيتروى الزوج، ويتمكن من الرجعة في مدة العدة فإذا لم تكن عليها رجعة، فالمقصود مجرد براءة رحمها من الحمل، وذلك يكفى فيه حيضة، كالاستبراء(2)

قال ابن حزم : فهذا عثمان والربيع ولها صحبة وعمها وهو من كبار الصحابة وابن عمر : كلهم لا يرى في الفسخ عدة .

وروي أيضاً عن ابن عباس وأبان بن عثمان وإسحاق وابن المنذر ، وذهب إلى هذا المذهب إسحاق بن راهوية، والإمام أحمد في رواية عنه، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم .







(1) انظر إضافة إلى المراجع الرئيسية مجموع الفتاوى 32/322 وما بعدها فقد فصّل في المسألة ، وزاد المعاد 5/196 .

(2) قال ابن القيم : قالوا: ولا ينتقض هذا علينا بالمطلقة ثلاثا، فإن باب الطلاق جعل حكم العدة فيه واحدا بائنة ورجعية.
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg




ابوالوليد المسلم 14-06-2020 01:20 AM

رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
 
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg

(بناء البيت السعيد)
الحلقة (76) :

د. إلهام بدر الجابري


بسم الله الرحمن الرحيم



فسخ النكاح لإعسار الزوج
(1)أو غيبته(1-3)






إذا عجز الزوج عن دفع مقدم الصداق وعن النفقة فهل للزوجة الحق في طلب فسخ العقد أو لا ؟ له حالتان :

الحالة الأولى : أن يكون للزوج بينة على إعساره أو تصدقه الزوجة وفي هذه الحالة اختلف العلماء على قولين هما :

القول الأول الحنفية وهو الصحيحُ من مذهب أحمد ، اختاره عامة أصحابه، وهو قولُ كثير من أصحاب الشافعي. - قالوا : إذا عجز الزوج عن دفع المهر أو النفقة بجميع أنواعها فلا حق للزوجة في فسخ الزواج بذلك على أي حال وإنما لها الحق في منع نفسها منه وعدم التقيد بإذنه في السفر والخروج . ونحو ذلك . وتستدين عليه وعليه السداد إذا أيسر ، وعليه تخلية سبيلها لتكتسب لها وتحصل ما تنفقه على نفسها لأن في حبسها بغير نفقة إضراراً بها .

واحتج من لَم ير الفسخ بالإِعسار بما يلي :

- بقوله تعالى: (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللهُ لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إلا مَا أتاهَا)(2)قالوا: وإذا لم يُكلفه الله النفقة في هذه الحال، فقد ترك ما لا يجب عليه، ولم يأثم بتركه، فلا يكون سبباً للتفريق بينه وبين حبِّه وسكَنه وتعذيبه بذلك.

وقالوا أيضاً: وإذا أعسر ولم يجد سبباً يمكنه به تحصيل النفقة فلا تكليف عليه بدلالة الآية.

يجاب عنه بأنا لم نكلفه النفقة حال إعساره، بل دفعنا الضرر عن امرأته وخلّصناها من حباله لتكتسب لنفسها أو يتزوجها رجل آخر.

- روى مسلم في "صحيحه": من حديث أبي الزبير، عن جابر، دخل أبو بكر وعمر رضي الله عنهما على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فوجداه جالساً حوله نساؤه واجماً ساكتاً، فقالَ أبو بكر: يا رسول الله! لو رأيتَ بنت خارجة سألتني النفقة فقمتُ إليها، فوجأتُ عنقها، فضَحِكَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقال: هُنَّ حَوْلِي كما ترى يَسألنني النفقة، فقام أبو بكر إلى عائشة يجأُ عُنقها، وقام عمر إلى حفصة يجأ عنقها، كلاهما يقولُ: تسألنَ رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما ليس عنده، فقلن: والله لا نسأَلُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شيئاً أبداً ما ليس عنده، ثم اعتزلهُنّ رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شهراً وذكر الحديث.

قالوا: فهذا أبو بكر وعمر رضي الله عنهما يضربان ابنتيْهما بحضرة رسولِ الله صلى الله عليه وسلم إذ سألاه نفقةً لا يجِدُها. ومن المحال أن يضرِبا طالبتين للحق، ويُقرَّهما رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على ذلك، فدلَّ على أنه لا حقَّ لهما فيما طلبتاه من النفقة في حال الإِعسار، وإذا كان طلبُهما لها باطلاً، فكيف تمكن المرأةُ من فسخ النكاح بعدم ما ليس لها طلبُه، ولا يحلُّ لها.

ويجاب عن هذا بعدة أجوبة؛ أن زجرهما كان لأجل أنهما خالفتا الأولى في جناب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصبر معه على اللأواء والشدّة حتى يكنّ زوجاته في الجنة.

وأن زجرهما عن المطالبة بما ليس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدل على عدم جواز الفسخ لأجل الإعسار، ولم يرو أنهن طلبنه ولم يجبن إليه، كيف ؟ وقد خيَّرهن صلى الله عليه وسلم بعد ذلك فاخترنه.

وأجيب أيضاً عن هذا الحديث بأن أزواجه صلى الله عليه وسلم لم يُعْدَمن النفقة بالكلية، لأنه صلى الله عليه وسلم قد استعاذ من الفقر المدقع، ولعل ذلك إنما كان فيما زاد على قوام البدن.

- أمر الله سبحانه صاحب الدَّين أن يُنْظِرَ المُعْسِرَ إلى الميسرة، وغايةُ النفقة أن تكون ديناً، والمرأةُ مأمورة بإنظار الزوج إلى الميْسَرَةِ بنص القرآن هذا إن قيل: تثبت في ذمة الزوج، وإن قيل: تسقط بمضي الزمان، فالفسخ أبعد وأبعد.

وقالوا: فالله تعالى أوجب على صاحب الحقِّ الصبرُ على المعسر، وندبه إلى الصَّدَقَةِ بترك حقه، وما عدا هذين الأمرين، فجورٌ لم يُبحه له، ونحن نقولُ لهذِهِ المرأة كما قال الله تعالى لها سواءً بسواءٍ؟ إما أن تُنظريه إلى الميسرة، وإما أن تَصَدَّقي، ولا حقَ لَكِ فيما عدا هذين الأمرين.

- قالوا ولم يزل في الصحابة المُعْسِرُ والموسِرُ، وكان مُعسِرُوهم أضعافَ أضعافِ موسريهم، فما مكَّن النبيُّ صلى الله عليه وسلم قطُ امرأةً واحدة من الفسخ بإعسار زوجها، ولا أعلمها أن الفسخَ حق لها فإن شاءت، صبرت، وإن شاءت، فَسَخَتْ، وهو يشرعُ الأحكام عن الله تعالى بأمره، فهبْ أن الأزواج تركن حقهن، أفما كان فيهن امرأةٌ واحدةٌ تُطالِبُ بحقها، وهؤلاء نساؤه صلى الله عليه وسلم خيرُ نساء العالمين يُطالبنه بالنفقة حتى أغضبنه، وحلفَ ألا يدخُلَ عليهن شهراً مِن شدة مَوْجِدَتِهِ عليهن، فلو كان مِن المستقر في شرْعِهِ أن المرأة تملِكُ الفسخَ بإعسار زوجها لرفع إليه ذلك، ولو مِن امرأة واحدة،
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg




وأجيب أن نساء الصحابة رضي الله عنهن كُنَّ يُرِدْنَ الدارَ الآَخرة، وما عند الله، ولم يكن مرادُهُنَّ الدنيا، فلم يكنَّ يُبالين بعُسر أزواجهن، لأن أزواجهن كانوا كذلك. وأما النساء اليوم، فإنما يتزوجن رجاء دنيا الأزواج ونفقتهم وكسوتهم، فالمرأة إنما تدخل اليوم على رجاء الدنيا، فصار هذا المعروفُ كالمشروط في العقد، وكان عرفُ الصحابة ونسائهم كالمشروط في العقد .

كما أن القول بحقها في الفسخ في حال جهلها بإعساره، أو تغريرها، وهذا منتفٍ عند الصحابة في الغالب.

- قالوا: وقد جعل الله الفقر والغنى مطيَّتينِ للعباد، فيفتقِرُ الرجل الوقت ويستغني الوقتَ، فلو كان كُلُّ من افتقر، فسخت عليه امرأته، لعم البلاءُ، وتفاقم الشرُّ، وفسخت أنكحة أكثرِ العالم، وكان الفراق بيدِ أكثر النِساء، فمن الذي لم تُصِبْهُ عُسْرةٌ، ويعوز النفقة أحياناً.

وأُجيب عن هذا أن هذا خارج عن محل الخلاف.

القول الثاني : المالكية والشافعية والحنابلة - قالوا : إذا عجز الزوج عن دفع المهر بإعساره فإن صبرت الزوجة عليه فذاك وإلا فلها فسخ الزواج بشروط :

الأول : أن تكون حرة فلا حق للأمة في الفسخ بإعسار الزوج بل الحق في ذلك لسيدها إن شاء فسخ . وإن شاء لم يفسخ وليس له الحق في الفسخ من أجل الإعسار بالنفقة.

الثاني : أن تكون مكلفة فإذا كانت صغيرة فليس لها ذلك وكذا ليس لوليها خلافاً للشافعية ومثل الصغيرة المجنونة .

الثالث : لها الحق في الفسخ ولو بعد الدخول خلافاً للمالكية والشافعية رفعاً للضرر عنها.

الرابع : أن لا تكون عالمة بعسره فإن تزوجته وهي عالمة بأنه معسر فلا حق لها في الفسخ خلافاً للشافعية .

الخامس : أن يثبت إعساره بإقرار أو بينة عند قاض وإلا فلا فسخ .

السادس : أن يصدر الفسخ من الحاكم فليس للمرأة الفسخ من تلقاء نفسها . وإذا رفع الأمر للقاضي وثبت أنه معسر بالبينة ، أو بتصديقها فإنه لا يجبر على الدفع بل ينظر إلى ميسرة وتحديد الزمن الذي يؤجل فيه موكول لاجتهاد القاضي فله أن يؤجله سنة ، أو أقل ، أو أكثر لا فرق في ذلك بين أن يكون الزوج ممن يرجى يساره أو لا على الصحيح ؛ لأن اليسار موكول للظروف فلا يمكن الجزم بأن هذا لا يرجى له يسار فإذا عجز بعد ذلك طلق القاضي عليه .

هذه السلسلة بقلم

د. إلهام بدر الجابري






(1) انظر : العناية شرح الهداية 6/211 ، الفواكه الدواني 3/1077، الأم 5/88 و91، المجموع شرح المهذب 18/267 وما بعدها ، إعانة الطالبين 4/93 ، حاشية الروض المربع 7/125 ، مجموع الفتاوى 30/57 ، زاد المعاد 5/511 وما بعدها ، الفقه على المذاهب الأربعة 4/86 .

(2) سورة الطلاق آية 7 .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg



ابوالوليد المسلم 14-06-2020 01:21 AM

رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
 
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg

(بناء البيت السعيد)
الحلقة (77) :

د. إلهام بدر الجابري


بسم الله الرحمن الرحيم



فسخ النكاح لإعسار الزوج
(1)أو غيبته(2-3)





-مسألة : وإن تزوجت بفقير مع العلم بحاله ثم أعسر بالنفقة فلها أن تفسخ، لأن حق الفسخ يتجدد بالإعسار بتجدد النفقة.

واستدلوا بما يلي :

-قوله تعالى (الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ) فخيَّر الله الزوج بين الإمساك بالمعروف، وهو أن يمسكها وينفق عليها، وبين التسريح بإحسان. فإذا تعذر عليه الإمساك بمعروف تعيَّن عليه التسريح .
-عن أبي هريرة رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم (أفضل الصدقة ما ترك غنى واليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول). تقول المرأة: إما أن تطعمني وإما أن تطلقني، ويقول العبد: أطعمني واستعملني، ويقول الابن: اطعمني إلى أن تدعني. فقالوا: يا أبا هريرة سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال: لا هذا من كيس أبي هريرة(2)
وأجيب بأنه اجتهاد من أبي هريرة رضي الله عنه وفهمه ، وليس من قول النبي صلى الله عليه وسلم ، ولذا تورع أبي هريرة عن نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم .
-وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الرجل لا يجد ما ينفق على امرأته (يفرق بينهما)(3)
وأجيب بأن الصواب وقفه على أبي هريرة ؛ إذ لو كان مرفوعأَ لما نسب القول بالتفريق بين الزوجين إذا عجز الزوج عن النفقة إلى كيسه كما سبق عند البخاري .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg



-وعن ابن عمر أن عمر بن الخطاب كتب إلى أمراء الأجناد في رجال غابوا عن نسائهم: ( فأمرهم أن يأخذوهم بأن ينفقوا أو يطلقوا، فإن طلقوا بعثوا بنفقة ما حبسوا )(4).
ويُجاب عنه بأن عمر رضي الله عنه خيّر الرجال بين الإنفاق والطلاق، ولم يخيّر الزوجات، وليس فيه أنهم كانوا معسرين.
-وعن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب في الرجل لا يجد ما ينفق على امرأته قال: ' يفرق بينهما '(5)، وعن أبي الزناد، قال: سألت سعيد بن المسيب ، عن الرجل لا يجد ما ينفقه على امرأته قال: ' يفرق بينهما ' قال أبو الزناد: قلت : سُنّة ؟ فقال سعيد: ' سنة '(6)
قال الشافعي: ' والذي يشبه قول سعيد : سنة ، أن يكون سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم(7)
الراجح والله أعلم : إذا تأملت أصولَ الشريعة وقواعدَها، وما اشتملت عليه من المصالح ودرء المفاسد، ودفعِ أعلى المفسدتين باحتمالِ أدناهما، وتفويتِ أدنى المصلحتين لتحصل أعلاهما، تبَين لكَ بأن القولُ الراجحُ بأن الرجل إذا عجز عن النفقة على الزوجة ولحقها الضرر ولم يكن لها مال تنفق منه على نفسها ، ولم يمكنها العمل لتنفق منه على نفسها ، فعندئذ رفعاً للضرر عن المرأة نقول لها حق الفسخ . والله أعلم .
الخلاصـــــة:
الذي تقتضيه أصولُ الشريعة وقواعدها في هذه المسألة أن الرجل إذا غرَّ المرأة بأنه ذو مال، فتزوجته على ذلك، فظهر مُعْدماً لا شيء له، أو كان ذا مالٍ، وترك الإِنفاق على امرأته، ولم تَقدرْ على أخذ كفايتها من ماله بنفسها، ولا بالحاكم أن لها الفَسخ، وإن تزوجته عالمةً بعُسرته، أو كان موسِراً، ثم أصابته جائحةٌ اجتاحت مالَه، فلا فسخَ لها في ذلك، ولم تزل الناس تصيبهم الفاقة بعد اليسار، ولم ترفعهم أزواجُهم إلى الحكام ليفرقوا بينهم وبينهن، وبالله التوفيق


(1) انظر : العناية شرح الهداية 6/211 ، الفواكه الدواني 3/1077، الأم 5/88 و91، المجموع شرح المهذب 18/267 وما بعدها ، إعانة الطالبين 4/93 ، حاشية الروض المربع 7/125 ، مجموع الفتاوى 30/57 ، زاد المعاد 5/511 وما بعدها ، الفقه على المذاهب الأربعة 4/86 .
(2) أخرجه البخاري باب وجوب النفقة على الأهل والعيال ح5040-5/2048 .
(3) أخرجه البيهقي في السنن الصغرى ح2909 .
(4) أخرجه البيهقي في السنن الصغرى ح2914 6/533-538 .
(5) أخرجه البيهقي في السنن الصغرى ح2908
(6) أخرجه البيهقي في السنن الصغرى ح2906
(7)نقله عنه البيهقي في السنن الصغرى ح2907

http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg

ابوالوليد المسلم 14-06-2020 01:22 AM

رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
 
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg

(بناء البيت السعيد)
الحلقة (78) :

د. إلهام بدر الجابري


بسم الله الرحمن الرحيم



فسخ النكاح لإعسار الزوج
(1)أو غيبته(3-3)




مسألة : إذا ثبت إعسار الزوج خُيّرت بين ثلاثة أشياء: بين أن تفسخ النكاح و بين أن تقيم معه وتمكنه من الاستمتاع بها ويثبت لها في ذمته ما يجب على المعسر من النفقة إلى أن يُوسر، وبين أن يقيم على النكاح ولكن لا يلزمها أن تمكنه من نفسها، بل تخرج من منزله، لأن التمكين إنما يجب عليها ببذل النفقة، ولا نفقة هناك، ولا تستحق في ذمته نفقة في وقت انفرادها عنه، لأن النفقة إنما تجب في مقابلة التمكين من الاستمتاع ولا تمكين منها له.

فإن اختارت المقام معه ثم عَنَّ لها أن تفسخ النكاح كان لها ذلك، لأن وجوب النفقة لها يتجدد ساعة بساعة ويوماً بيوم، فإذا عفت عن الفسخ ووجوب نفقة وقتها ورضيت به تجدد لها الوجوب فيما بعد فثبت لها الفسخ بخلاف الصداق إذا أعسر به فرضيت بالمقام معه، فإن خيارها يسقط لأنه يجب دفعة واحدة ولا يتجدد وجوبه .

الحالة الثانية : وهو أن لا تصدقه الزوجة على دعواه الإعسار ، ولا بينة له ولم يغلب على الظن إعساره:

في هذه الحالة يؤجل القاضي الفصل في الدعوى لإثبات عسره، ومدة الأجل موكولة لاجتهاده وقُدِّرت بثلاثة أسابيع فإن ثبت عسره انتظر بعد ذلك مدة أخرى يرجى فيها يساره وتحديدها موكول للقاضي فإن عجز طلق عليه القاضي .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/271.jpg




ولكن يشترط للتأجيل لإثبات العسر شروط :

الشرط الأول : أن يأتي بضامن - ضمان وجه لا ضمان مال وهو ما يضمن الشخص خوف هروبه - فإن لم يأت حبس لإثبات عسره

الشرط الثاني : أن لا يكون له مال ظاهر فإن كان له أخذ منه حالا .

الشرط الثالث : أن يكون قد أجرى عليها النفقة من وقت مطالبته بالدخول ، فإن لم ينفق عليها من ذلك الحين فلها فسخ العقد لعدم النفقة مع عدم الصداق على الراجح.





(1) انظر : العناية شرح الهداية 6/211 ، الفواكه الدواني 3/1077، الأم 5/88 و91، المجموع شرح المهذب 18/267 وما بعدها ، إعانة الطالبين 4/93 ، حاشية الروض المربع 7/125 ، مجموع الفتاوى 30/57 ، زاد المعاد 5/511 وما بعدها ، الفقه على المذاهب الأربعة 4/86 .
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg


ابوالوليد المسلم 14-06-2020 01:22 AM

رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
 
http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg

(بناء البيت السعيد)
الحلقة (79) :

د. إلهام بدر الجابري


بسم الله الرحمن الرحيم




المفقــــــــود(1) (1-2)




المفقود لغة: اسم مفعول من فقد الشيء: إذا عدمه، والفقد أن تطلب الشيء فلا تجده، والمراد بالمفقود هنا من انقطع خبره وجهل حاله؛ فلا يدرى أحي هو أم ميت، سواء كان سبب سفره أو حضوره قتالاً أو انكسار سفينة أو أسره في أيدي أهل الحرب أو غير ذلك.

إذا غاب الرجل عن امرأته لم يخل من حالين:

الحال الأول : أن تكون غيبة غير منقطعة يعرف خبره ويأتي كتابه فهذا ليس لامرأته أن تتزوج في قول أهل العلم أجمعين إلا أن يتعذر الإنفاق عليها من ماله أو خيف عليها الفساد ، فلها أن تطلب فسخ النكاح فيفسخ نكاحه ، وكذا زوجة الأسير والمحبوس لا تنكح حتى تعلم يقين وفاته .

الحال الثاني : أن يفقد وينقطع خبره ولا يعلم له موضع فهذا ينقسم قسمين :

القسم الأول : أن تكون غيبته ظاهرها الهلاك كالذي يفقد من بين أهله ليلاً أو نهاراً ، أو يفقد بين الصفين أو ينكسر بهم مركب فيغرق بعض رفقته ، أو يفقد بمهلكه كبرية الحجاز ونحوها. فالصحيح أن زوجته تتربص أربع سنين أكثر مدة الحمل ثم تعتد للوفاة أربعة أشهر وعشراً وتحل للأزواج .

وهذا قول عمر وعثمان وعلي وابن عباس وابن الزبير قال أحمد : خمسة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وبه يقول مالك و الشافعي في القديم وأحمد .

فعن عبيد بن عمير قال: فقد رجل في عهد عمر فجاءت امرأته إلى عمر فذكرت ذلك له فقال: انطلقي فتربصي أربع سنين. ففعلت ثم أتته فقال: انطلقي فاعتدي أربعة اشهر وعشراً. ففعلت ثم أتته فقال: أين ولي هذا الرجل ؟ فقال: طلقها ففعل فقال لها عمر: انطلقي فتزوجي من شئتِ. فتزوّجت ثمّ جاء زوجُها الأول فقال عمر: أين كنت ؟ قال: يا أمير المؤمنين استهوتني الشياطين فوالله ما أدري في أي أرض الله كنت عند قوم يستعبدونني حتى اغتزاهم منهم قوم مسلمون فكنت فيما غنموه فقالوا لي: أنت رجل من الإنس وهؤلاء من الجن فما لك وما لهم ؟ فأخبرتهم خبري فقالوا: بأي أرض الله تحب أن تصبح ؟ قلت: المدينة هي أرضي. فأصبحت وأنا أنظر إلى الحرَّة فخيَّره عمر إن شاء امرأته وإن شاء الصداق فاختار الصداق، وقال: قد حبلت لا حاجة لي فيها(2)

قال أحمد : يروى عن عمر من ثلاثة وجوه ولم يعرف في الصحابة له مخالف .

وروى الجوزجاني وغيره بإسنادهم عن علي في امرأة المفقود تعتد أربع سنين ثم يطلقها ولي زوجها وتعتد بعد ذلك أربعة أشهر وعشراً، فإن جاء زوجها المفقود بعد ذلك خُيِّر بين الصداق وبين امرأته. وقضى به عثمان أيضاً وقضى به ابن الزبير في مولاة لهم وهذه قضايا انتشرت في الصحابة فلم تنكر فكانت إجماعاً .









(1) البحر الرائق 5/176 ، العناية شرح الهداية 8/230 ، الاستذكار 6/130 ، المدونة 2/30 ، إعانة الطالبين 4/83 ، الأم 5/240 ، المجموع شرح المهذب 18/268 ، روضة الطالبين 8/400 ، الإقناع في فقه الإمام أحمد 4/113 ، المغني 9/131 ، حاشية الروض المربع 7/66 . إعلام الموقعين 2/55 .

(2) قال ابن حجر في فتح الباري 9/431 : أخرجه عبد الرزاق وسعيد بن منصور وبن أبي شيبة بأسانيد صحيحة عن عمر .

http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg

ابوالوليد المسلم 14-06-2020 01:23 AM

رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)
 

http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/270.jpg

(بناء البيت السعيد)
الحلقة (80) :

د. إلهام بدر الجابري


بسم الله الرحمن الرحيم



المفقــــــــود(1) (2-2)





القسم الثاني من الحالة الثانية : أن يكون ظاهر غيبته السلامة كسفر التجارة في غير مهلكة وطلب العلم والسياحة ، أو خرج إلى الصلاة فلم يعد ، وللعلماء في هذه الحالة ثلاثة أقوال هي :

القول الأول: لا تزول الزوجية ما لم يثبت موته ، روي عن علي أنه قال: إذا فقدت المرأة زوجها لم تزوج حتى يقدم أو يموت(2)، وإليه ذهب ابن شبرمة و ابن أبي ليلى و الثوري و أبو حنيفة و الشافعي في الجديد ورواية عن أحمد .

قالوا: لأن هذه غيبة ظاهرها السلامة فلم يحكم بموته كما قبل الأربع سنين أو كما قبل التسعين .

القول الثاني: مالك والشافعي في القديم ، وقول عمر وابنه وعثمان وابن عباس ومسعود رضي الله عنهما(3) وجمع من التابعين كالنخعي وعطاء والزهري ومكحول والشعبي : تتربص أربع سنين منذ أن ترفع أمرها للحاكم ، وتعتد للوفاة أربعة أشهر وعشراً وتحل للأزواج فإذا تزوجت فجاء الزوج الأول خُيّر بين زوجته وبين الصداق .

وقالوا: إذا جاز الفسخ لتعذر الوطء بالعنة وتعذر النفقة بالإعسار ؛ فلأن يجوز ههنا لتعذر الجميع أولى . واحتجوا بحديث عمر في المفقود(4) مع موافقة الصحابة له وتركهم إنكاره .

القول الثالث: الحنفية ورواية عن أحمد ، قالوا بضرب مدة يغلب على الظن وفاته فيها ثم تعتد أربعة أشهر وعشراً ثم تحل للأزواج ، واختلفوا في تقدير هذه المدة ، فمنهم مَن قال ، إذا مضت عليه تسعون سنة منذ ولادته ، ومنهم من قال سبعون ، ومنهم من قال إذا مات أقرانه من أهل بلده ، ومنهم من قال بحسب اجتهاد القاضي .

قالوا: لأن النكاح عرف ثبوته ، والغيبة لا توجب الفرقة ، والموت في حيز الاحتمال فلا يزال النكاح بالشك ، وحكم بموته بعد هذه المدة ؛ لأنه الغاية في زماننا والحياة بعدها نادر فلا عبرة للنادر ، فإذا اقترن به انقطاع خبره وجب الحكم بموته كما لو كان فقده بغيبة ظاهرها الهلاك .

الراجح والله أعلم :

القول الثاني رفعاً للضرر عن المرأة ، كما أن القصة التي وقعت في عهد عمر هي صورة مسألتنا إذ الرجل انقطع انقطاعاً لا يُعلم به سلامة ولا هلاك .

والتقدير بمدة لا ينبغي أن يصار إليه إلا بالتوقيف لأن تقديرها يفضي إلى اختلاف العدة في حق المرأة باختلاف عمر الزوج ولا نظير لهذا .

الخلاصــــة:

إذا فُقد الرجل وانقطع خبره ولا يعلم له موضع سواء كانت غيبته ظاهرها الهلاك أو السلامة فالصحيح والله تعالى أعلم أن زوجته تتربص أربع سنين منذ أن ترفع أمرها للحاكم ، وتعتد للوفاة أربعة أشهر وعشراً وتحل للأزواج فإذا تزوجت فجاء الزوج الأول خُيّر بين زوجته وبين الصداق . لقصة الرجل الذي استهوته الشياطين في عهد عمر رضي الله عنه فغاب فقضى عمر رضي الله عنه لزوجته بهذا ووافقه الصحابة رضوان الله عليهم على ذلك فكان إجماعاً.





(1) البحر الرائق 5/176 ، العناية شرح الهداية 8/230 ، الاستذكار 6/130 ، المدونة 2/30 ، إعانة الطالبين 4/83 ، الأم 5/240 ، المجموع شرح المهذب 18/268 ، روضة الطالبين 8/400 ، الإقناع في فقه الإمام أحمد 4/113 ، المغني 9/131 ، حاشية الروض المربع 7/66.إعلام الموقعين 2/55.

(2) قال ابن حجر في فتح الباري 9/431 بعد أن ذكر قول علي t : أخرجه أبو عبيد في كتاب النكاح وقال عبد الرزاق بلغني عن بن مسعود انه وافق عليا في امرأة المفقود أنها تنتظره أبدا وأخرج أبو عبيد أيضا بسند حسن عن علي لو تزوجت فهي امرأة الأول دخل بها الثاني أو لم يدخل .

(3) قال ابن حجر في فتح الباري 9/431 : وأخرج سعيد بن منصور بسند صحيح عن ابن عمر وبن عباس قالا تنتظر امرأة المفقود أربع سنين وثبت أيضا عن عثمان وبن مسعود وقال : ولم يفرق أكثرهم بين أحوال الفقد .

(4) قال ابن حجر في فتح الباري 9/431 : أخرجه عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة بأسانيد صحيحة عن عمر .

http://majles.alukah.net/imgcache/2018/01/272.jpg


الساعة الآن : 08:43 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 371.43 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 369.66 كيلو بايت... تم توفير 1.77 كيلو بايت...بمعدل (0.48%)]