ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   الحدث واخبار المسلمين في العالم (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=17)
-   -   كتاب ــ من أجل بابل والتلمود... تمّ ذبح العراق..! ــ للكاتب جون كيلي (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=39511)

مهدي؟ 21-11-2007 03:11 PM

بالعودة الى خروج أو إخراج اليهود العراقيين من العراق حسب الخطة الصهيونية، فإن كافة المستندات التي كتبت ونشرت من قبل كتاب سياسيين يهود تؤكد على حقيقة دفع اليهود الى الهجرة الى إسرائيل، من هؤلاء نعيم غيلادي نفسه، الحاخام المير بيرغر، مردخاي بن بورات، حاييم شماش، موشي باغنو.. وغيرهم. كل هؤلاء يؤكدون أن الموساد وعملائها من النواة التي أسست في العراق في الأربعينات، كانوا وراء أعمال العنف والتفجيرات التي إستهدفت المحلات والممتلكات والأحياء والكنائس اليهودية في العراق، إضافة الى دور السينما ومركز ثقافي ومكتبة، لغرض إرهابهم وإجبارهم على الهجرة، وقامت ماكنة الدعاية الصهيونية النشطة بإلقاء تبعة ذلك على المتطرفين المسلمين والقوميين العرب والوطنيين العراقيين الذين هم ضد اليهود وإسرائيل...!.

يؤكد (ليا كوهين) أحد الكتّاب اليهود، أن ما حدث من تفجير للكنيس اليهودي في السليمانية بما فيها من يهود أكراد كان من تدبير وتنفيذ الموساد. ومثل ذلك ما حدث في تفجير مصرف الرافدين ومصارف عراقية أخرى وكذلك إدارات صحف في بغداد والبصرة.. لقد بلغ عدد اليهود الذين تركوا نتيجة أعمال العنف هذه 12،000 يهودي وهم ما كانوا يمثلون 10% من الجالية اليهودية العراقية!

وإذا ما ربطنا كل ذلك بالقانون العراقي الذي كان قد صدر في عهد نوري السعيد والخاص بالسماح لليهود العراقيين بالهجرة.. وتجميد أموال من يهاجر منهم.. علمنا عمق تأثير تلك الخطوة من خلال ما تركته لدى اليهود من شعور بالغبن والظلم.. وهو ما تم إستثماره بدرجة عالية من قبل الإعلام الصهيوني، ومحاولة ربطه (بمآسي) اليهود عبر التاريخ في العراق في زمن الآشوريين والبابليين.. وتوثيق ذلك بالمصادر التوراتية التي يؤمن بها المجتمع اليهودي والغربي..

لقد كان ديفيد بن غوريون وهو أحد أعمدة الصهيونية العالمية، وراء المخطط لإبقاء الباب مفتوحا للتطلع على الإرث اليهودي في العراق غبر آلاف السنين، ونقل ذلك من جيل الى آخر.. وهو ما بدأ تحقيقه بعد سقوط بغداد عام 2003، وإنتهاء صدام حسين، الذي لم يكن هو نفسه بمنأى عن تفعيل ذلك خلال سنوات حكمه كما سنرى في المستقبل...!!

أميركا..إسرائيل.. إيران.. وأكراد العراق..!!

بعد سقوط بغداد بيد القوات الأمريكية في ربيع 2003، وبعد وقت قصير من ذلك، صرح مسؤول كبير في الحزب الديمقراطي الكردستاني، بما أدخل الفرح على قلب بوش وإدارته من المحافظين الجدد في البيت الأبيض والبنتاغون.. وهذه ليست المرة الأولى التي يعرب فيها الحزب عن تقربه وتمسحه بالسياسة الأمريكية والسياسيين الأمريكان.. ففي عام 1972، قال الملا مصطفى البرزاني نفسه (أنه يرحب بالوجود والتأثير الأمريكي، وهذا يمكن أن يحدث إذا ما إمتدت القوة الأمريكية لتشمل كردستان..)

أما التصريح الذي اشرنا اليه، والذي أطلقه براسيك نوري شاويس، مساعد مسعود البرزاني، وهو مهندس خريج ألمانيا.. والذي أطرب تصريحه آذان بوش فهو (يجب على الأمريكان البقاء في العراق لإعادة الأمن وجعل الإدارة والمصالح الحكومية تعمل بشكل صحيح من جديد وتعيد البناء.. ويمكن بعد ذلك للقوات الأمريكية ترك العراق ولكن عليها الإبقاء على قواعد عسكرية لها في العراق.. نحن نحتاج الى تحالف مع الأمريكان...!)

الحديث عن القواعد العسكرية الدائمية في العراق لقي الرضا والقبول في إسرائيل.. الحليف القوي لأميركا في المنطقة، والمساعد الكبير لأكراد العراق...!

في عام 1973، أعرب الجنرال (عزرا وايزمان) قائد القوة الجوية الإسرائيلية، والذي أصبح لاحقا رئيساً لإسرائيل، في كلمة له مع بعض كبار ضباطه عن أمله في (أن يرى قواعد لإسرائيل على الفرات...!)

وفي عام 2003، عندما رفض البرلمان التركي منح أميركا حق إستخدام الأراضي التركية لمهاجمة العراق، وهو الطلب الذي كان قد تقدم به بول ولفيتز مساعد رونالد رامسفيلد وزير الدفاع الأمريكي وربطه بعرض مغر بمنح قروض بمليارات الدولارات لتركيا، سارع كل من الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البرزاني، والإتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال الطالباني، بالترحيب بالطلب الأمريكي.. ولهذه المبادرة خلفية تاريخية تجمع كل من أميركا وإسرائيل والأكراد العراقيون.!

وقد إنضم الى هذا التحالف عام 1958 شاه إيران محمد رضا بهلوي...!

في بدايات القرن العشرين وبعد الحرب العالمية الأولى، كان بعض السياسيين البريطانيين ومنهم ونستون تشرتشل ينظرون الى موضوع كردستان بإمكانية جعلها محمية بريطانية أخرى في المنطقة مثل مصر وفلسطين والعراق نفسه.. ولكن جزء من كردستان، كان قد وُعدَ به الفرنسيون في معاهدة سايكس ـ بيكو. ثم بعد 1920، وبعد توقيع معاهدة الهدنه مع الأتراك من قبل الحلفاء، طرح الرئيس الأمريكي ولسن فكرة مشروع إقامة دولة مستقلة للأرمن وأخرى للأكراد. ولكن هذا المشروع جوبه بمقاومة من قبل الأتراك وكذلك الفرنسيين والإيرانيين أيضاً، مما أدى الى تجميده وفشله..

لقد بدأت حركات المقاومة والتمرد على الحكومات المركزية العراقية من قبل الأكراد، أولا من قبل الشيخ أحمد البرزاني، ثم أخيه الملا مصطفى البرزاني، حيث تم ضربه للمرة الأولى في الثلاثينات من قبل تركيا بقيادة نظامها الجديد من قبل كمال أتاتورك، ونوري السعيد بمساعدة البريطانيين، وشاه إيران رضا شاه.. وترك مصطفى البرزاني الى منفاه في الإتحاد السوفياتي..

بعد 1958، عاد مصطفى البرزاني من منفاه ليقيم في شمال العراق، وبقيت العرقة بين الكرد والحكومات العراقية المركزية تتأرجح بين الحروب، والمصالحات وتقبيل كل منهما للآخر...!

كانت سياسة رضا شاه الوقوف ضد الأكراد ومع حكومة بغداد، أما إبنه محمد رضا بهلوي، فقد إتخذ موقفا معاكساً تماماً، وأستفاد من علاقاته بإسرائيل والمخابرات المركزية الأمريكية لتغذية ذلك ولتمهيد الطريق للإتصالات الإسرائيلية ـ الكردية..!

كان بن غوريون يؤمن بضرورة العمل على استمرار نشاط الموساد في مصر والعراق، ووضع خطة تقضي بتأسيس موضع قدم لهم في منطقة كردستان، والتي ستعتبر مهمة بالنسبة لإسرائيل في المستقبل.. وهذا ينطلق من فلسفة بن غوريون بالإعتماد على الأقليات غير العربية في الدول العربية وأفريقيا..!

لم يأت التأييد الجدي والفعلي من قبل إسرائيل للأكراد حتى عام 1964 حين تسلم (مائير أميت) رئاسة الموساد، ولو أن العلاقة كانت ترجع الى ماقبل ذلك العام. في عهد أميت، إجتمع (شيمون بيريز) وزير الدفاع آنذاك مع وكيل كردي كان يعمل جاسوساً لصالح إسرائيل خلال الأشهر الأولى من قيامها، وهو (خمران علي بدرخان)

مهدي؟ 21-11-2007 03:12 PM

في 1965، وفي أب من تلك السنة، نظمت الموساد دورة تدريبية لمدة ثلاثة أشهر لمقاتلي (البيشمركه) الكرد، وأعقبتها دورات مشابهة.. وقد أطلق على الدورة الأولى الإسم الرمزي (مارفاد) أي السجادة...!

في أواخر صيف 1966، طلب إثنان من مساعدي (ليفي أشكول) رئيس الوزراء، ومن المتخصصين بالشؤون العربية، بالقيام بعملية مسح في كردستان ومقابلة البرزاني لغرض تقديم دراسة ميدانية.. وقد تم عتماد الدراسة، ووضع البرنامج تحت رئاسة (حاييم ليفاكوف)، حيث تم إرسال فريق طبي من أطباء وممرضين اسرائيليين مع مستشفى عسكري ميداني الى المنطقة الكردية، وتم نقلهم بالطريق البري من إيران..!

يقول (إلييف) سكرتير حزب العمل الإسرائيلي في بداية السبعينات، أنه وصل الى (حاج عمران) في كردستان على رأس وفد، وقد نظّمت الزيارة بواسطة (أحمد الجلبي) وكان ذلك عام 1972، وكان بانتظارنا بعض مساعدي البرزاني، وبعد قضاء ليلة هناك، أخذونا على البغال الى المقر السري للبرزاني في الجبال..! وكان لقاؤنا وديا وحميماً. وقد ناقشنا خلال اللقاء المساعدات الإسرائيلية للأكراد، وقد قال لي مصطفى البرزاني بالنص (أرجو إبلاغ رئيس الوزراء والوزراء أننا "إخوة" وسوف لن ننسى "أفضالكم" هذه أو ننسى أنكم اليهود أول وأفضل من ساعدنا في ساعة الشدّة..!!) ثم قدم البرزاني خنجره الخاص هدية لي، وأعطاني خنجرا آخر لأقدمه بإسمه الى صديقه رئيس الكنيست..!

عندما كشف (إلييف) هذه المعلومات في 1978، كان البرزاني مريضا ومسلوب القوى، يعيش اشهره الأخيرة (سجينا) لدى وكالة المخابرات المركزية الأمريكية متنقلا مابين الفندق والمستشفى في واشنطن...!.. ويضيف ألييف أن عضو الكونغرس الأمريكي (ستيفن سولارز) اليهودي، قد أبلغه بأنه يتمنى أن لا تكون نهاية البرزاني أنتهاء للعلاقة بين الأكراد وإسرائيل...!

خلال شهر العسل الأسرائيلي ـ الكردي، قام البرزاني بعدة زيارات الى إسرائيل، زار خلالها المستوطنات الإسرائيلية وقادة سياسيين بارزين من أمثال مناحييم بيغن وموشي دايان وأبا إيبان وشيمون بيريز.. وغيرهم..! كما أن الموساد كانت قد اسست نواة المخابرات الكردية ودعمتها والتي أطلق عليها (الباراستان) وكان المنسق في ذلك (مردخاي هود) في إسرائيل و(إلياهو كوهين) في مقر البرزاني في كردستان..! وكانت تصل الى البرزاني شهريا دفعة مالية بمقدار 50,000 دولار لإستخدامها في التهيأة لإعداد المقاتلين والقيام بعمليات لإشغال الجيش العراقي...!!!

علميا، قام فريق طبي من الباحثين الهنود والإسرائيليين والألمان، بتحليل 526 كروموسوم "واي"، وذلك في عام 2001.. أخذت الكرموسومات من ست مجموعات هم: أكراد يهود، أكراد مسلمين، فلسطينيين عرب، يهود شرقيين، يهود غربيين، وبدو من صحراء النقب... وقد أظهر التحليل، أن كروموسومات اليهود الشرقيين والأكراد تتطابق الى حد بعيد، ويقول التقرير: أن سلالات اليهود من أولئك الذين كانوا قريبين من المناطق الكردية، ربما يشتركون في الآباء قبل مئات السنين...!!

يقول الكاتب الإسرائيلي (أليزير زافير) في كتابه (أنا كردي) أن البحث المذكور هو فرصة لإستثماره لجعل العلاقة بين اليهود والكرد متينة ومتواصلة وذلك لإبقاء الجيش العراقي بعيدا عن إسرائيل.. وهو الجيش الذي تتطلع إسرائيل أن تراه قد إنتهى....!!! كما أن العلاقة مهمة لتقوية علاقة رضا بهلوي بإسرائيل والأكراد...!

ننتقل في الموضوع القادم الى حلقة جديدة في سلسلة التآمر على العراق.. تلك هي حلقة صدام حسين....!!

إنتهينا في القسم الرابع الى تطور العلاقة الإسرائيلية ـ الأمريكية ـ الكردية.. ودور الولايات المتحدة الذي بدأ لاحقا بسيناريو مختلف عن التعاطف الإسرائيلي مع الكرد.. والحب الكردي لإسرائيل.. ونحن هنا نتكلم عن السياسيين والقادة من الطرفين وليس عن الشعوب..

هنري كيسنجر، الذي خدم كوزير للخارجية الأمريكية مابين سبتمبر 1973 ويناير 1977، كما عمل كذلك مستشاراً للأمن القومي من يناير 1969 وحتى نوفمبر 1975.. وكان المقرر والمخطط للسياسة الأمريكية طوال تلك السنوات، واللاعب الرئيسي الذي له بصماته في كثير من الأحداث العالمية.. إستعرض في الفصل الثالث من مذكراته التي نشرت تحت عنوان (سنوات التجديد) في عام 1999، التحدث عن العلاقة (الأمريكية ـ الإسرائيلية ـ الإيرانية ـ الكردية)، والتي لعبت دوراً في السبعينات، وعن أهمية ودور تلك العلاقة. والحقيقة أن ما ورد في تلك المذكرات، يضع النقاط على الحروف في سياسة بوش وخططه منذ غزوه للعراق عام 2003 ولحد الآن.

يقول كيسنجر: إن حماية الأكراد من القوة العسكرية العراقية، كان يتطلب تدخلات وإرتباطات أمريكية كبيرة ومعقدة، في وقت كانت علاقة الشرق بالغرب تسوء وتضعف.. كما أن محادثات السلام العربية ـ الإسرائيلية لم تكن تسير بشكل جيد. كانت إدارة نيكسون تحت النار من معارضيها بسبب نتائج حرب فيتنام، والمشاكل الداخلية.. وأن تحقيق رغبة الأكراد في التجهيز والدعم، يجب أن توزن بالقياس الى موقعهم الجغرافي في المنطقة العربية وفي تركيا وإيران.. مع الأخذ بنظر الإعتبار المصالح الأمريكية لدى أصدقائها من الدول العربية الغنية بالنفط...!

ويلاحظ من سرد كيسنجر هنا قبل ثمان سنوات، في التحدث عن الوضع الإقليمي العربي والعالمي قبل 30 عاما، أنه يكاد يتطابق بشكل كامل مع الوضع الحالي.. حرب فيتنام ومشاكل إدارة نيكسون الداخلية والخارجية.. يقابلها حرب العراق ومشاكل إدارة بوش الداخلية والخارجية..!

مطالب الأكراد آنذاك بالدعم العسكري واللوجستي والسياسي من الأمريكان.. ومطالب الأكراد الحالية في الإستقلال ونفط كركوك والتأثير في الموقف العراقي...! وتعقد الوضع العربي الإسرائيلي في لبنان ومع الحكومة الفلسطينية في الوقت الحاضر.. ولهذا يمكن القول أن أفق كيسنجر السياسي لا يزال يطغى على خطط بوش الحالية..!

كانت نصيحة كيسنجر لإدارتي الرئيس نيكسون.. ثم الرئيس فورد، اللتان كانتا قريبتين من إسرائيل وإيران، أن تأخذا بنظر الإعتبار أن المساعدات الأمريكية والدعم الأمريكي يجب أن يوجهان حسب الأفضلية، وأن تكون تلك الأفضليات حسب المصالح الأمريكية فقط..!

خلال مؤتمر القمة الأمريكي ـ الروسي بين الرئيس نيكسون والرئيس بريجينيف عام 1972، وبعد عودة الوفد الأمريكي الى طهران من موسكو.. لاحظ كل من نيكسون وكيسنجر من خلال مباحثاتهما في موسكو وطهران، أن نائب الرئيس العراقي آنذاك صدام حسين الذي بدأ يبرز كشخص قوي ممسك بزمام الأمور، قد بدأ يتقرب من السوفيات، هذا في الوقت الذي كان فيه الرئيس المصري أنور السادات يواجه مشكلة إخراج آلاف الخبراء السوفيات من مصر، والذين لعبوا دوراً مهما في الحضور السوفياتي في منطقة الشرق الأوسط...

كانت تلك الملاحظة بخصوص صدام مهمة بالنسبة للسياسة الأمريكية خصوصا بالنسبة لما كان يعرفه كيسنجر من معلومات عن خلفية صدام مع المخابرات المركزية الأمريكية....!!

كيف بدأ دعم وكالة المخابرات المركزية الأمريكية لصدام...؟!

يقول الملك حسين، ملك الأردن الراحل، في حديث له في سبتمبر 1963 مع الصحفي المصري والعربي البارز محمد حسنين هيكل ما يلي:

(إسمح لي أن أخبرك أنني أعرف وعلى وجه التأكيد، أن ما حدث في العراق في شباط "المقصود الإنقلاب البعثي على عبد الكريم قاسم في 8 شباط 1963" كان بتأييد كامل من المخابرات المركزية الأمريكية...!)

وعندما يؤكد شخص كالملك حسين ذلك.. فإنه يعلم ما يقول..!

مهدي؟ 21-11-2007 03:15 PM

لقد بدأ أول دفع من قبل وكالة المخابرات المركزية الأمريكية لصدام عام 1959، وذلك بعد أشهر من قيام الإنقلاب على الملكية في 14 تموز 1958، وحين بدأ عبد الكريم قاسم، يرمي بثقله على الشيوعيين لإستخدامهم ضد مؤيدي جمال عبد الناصر في العراق من قوميين وبعثيين.. وقتها كانت هناك هبّة قومية في العراق والوطن العربي، وكان هناك نفوذ بعثي ظاهر في سوريا، والأهم وجود الجمهورية العربية المتحدة المكونة من مصر وسوريا تحت رئاسة عبد الناصر...!

كان قاسم يرى في الجمهورية العربية المتحدة خطر يهدد الداخل العراقي لاسيما مع دعوات القوميين في العراق للإنضمام الى ذلك الإتحاد، ووقوف الشيوعيين بقوة ضد ذلك، وضد عبد الناصر.. مع كون عبد الناصر آنذاك حليف للسوفيات في المنطقة...!!

من ناحية ثانية، كانت إسرائيل وإيران تشاطران قاسم نفس الرؤيا السياسية من منظور آخر، وهو خطر الجمهورية العربية المتحدة الإقليمي بالنسبة لإسرائيل وحليفتها إيران.. وكانت كل من إسرائيل وإيران مستمرتان في مد الجسور مع حليفهم، الإنفصاليون الأكراد بقيادة البرزاني...!

ومما يجب أن يذكر هنا، أن وقوع الإنفصال وتفتيت الجمهورية العربية المتحدة في عام 1961، كان اللاعب الأساسي فيه هو حزب البعث في سوريا...!

بالعودة الى قاسم، فقد كان هاجسه، زميله ورفيقه في إنقلاب 14 تموز، وهو عبد السلام عارف.. الشخص القومي التطلع والمقرّب من عبد الناصر.. لذلك قام قاسم في 11 سبتمبر 1958 بعزل عبد السلام عارف من منصبه كنائب القائد العام للقوات المسلحة.. ثم بعد ذلك بإسبوعين تم تجريده من منصبه كنائب لرئيس الوزراء عبد الكريم قاسم.. وأخيراً في 21 نوفمبر.. تم إعتقال عارف بتهمة التآمر (على الجمهورية).. وحكم عليه بالإعدام....!!

عند هذه المرحلة.. كان الشاب الذي يحمل السلاح دائما، والمتسم بالعنف والبالغ من العمر 22 عاما والمدعو صدام حسين التكريتي، قد بدأ يطمح ويتطلع الى الأعلى.. لقد كان أحد أفراد المجموعة المسلحة التي حاولت إغتيال عبد الكريم قاسم في أكتوبر 1959 وهو في سيارته يمر في شارع الرشيد وسط بغداد.. لكن عبد الكريم قاسم نجا من الحادث بعد إصابته بجروح بالغة.. أما صدام الذي أصيب بإطلاقة في رجله، فقد هرب عابرا نهر دجلة سباحة، ليختفي في مسقط رأسه تكريت ثم هرب بعد ذلك الى سوريا ثم مصر حيث إستقر هناك لاجيء وطالب..

تذكر مصادر المخابرات المصرية، أن صدام قام بعدة زيارات الى السفارة الأمريكية في القاهرة وذلك مابين عامي 1959 و1961.. إلا أن عبد الناصر فضّل التغاضي عن تلك التقارير لما كان يحمله من كراهية لعبد الكريم قاسم لهجمته ضد القوميين و(الناصريين) في العراق.. وضربه لحليفه عبد السلام عارف، وإعدامه لمجموعة من الضباط القوميين في العراق...! كما أن المعلومات التي لديه تقول أن الأمريكان مصرّين على تغيير الأوضاع في العراق..!

كانت هناك أيضا مجموعات من القوميين العراقيين المتواجدين في لبنان، وكانوا على إتصال أيضا بالسفارة الأمريكية هناك.. لقد كانت هناك ما تشبه المصلحة المشتركة بين البعثيين والأمريكان..!

أما بالنسبة الى البعثيين الذين كانوا متخفين داخل العراق، فقد تولى مهمة الإتصال بهم (وليم ليكلاند) الملحق العسكري في السفارة الأمريكية في بغداد...!

وهناك ما هو أكثر من هذا، ذلك هو التنسيق بين المخابرات المصرية والأمريكية لإسقاط النظام العراقي..! وكان العقل المنسق في ذلك هو (جيمس كراتشفيلد) الموظف في السفارة الأمريكية في القاهرة، والذي يوصف من قبل معارفه (بالمحارب البارد وبدرجة الإمتياز). ولما لهذه الشخصية من دور في إنقلابي 1963 و1968، لابد من إلقاء نظرة قريبة للتعرف عليها عن كثب.

خدم كراتشفيلد في الحرب العالمية الثانية في أوربا، ثم عمل في المخابرات المركزية الأمريكية في أوربا أيضا، ثم إنتقل الى الشرق الأوسط.. وقبل تقاعده كان مستشاراً في البيت الأبيض.. توفي في 22/4/2003 وعمره 86 عاما، وذلك بعد إسبوعين من سقوط بغداد ودخول الأمريكان اليها وخروج صدام منها متخفيا، وهو الذي كان كراتشفيلد قد ساعده في السابق في الوصول الى السلطة

لقد وقعت عيني كراتشفيلد على إسم صدام لأول مرة في تقارير المخابرات في السفارة الأمريكية في القاهرة، حيث كان صدام يعيش ويدرس وعلى إتصال ببعض البعثين في العراق...!

وأخيراً وفي 8 شباط / فبراير 1963، سقط نظام عبد الكريم قاسم الموالي للشيوعيين.. في صباح ذلك اليوم قال كراتشفيلد: "إنه نصر كبير"..!

أما صدام، فقد سمع بما حدث عن طريق الراديو.. فاستقل أول طائرة عائداً الى بغداد...

يقول كراتشفيلد في تصريح له لوكالة (أسوشيتد بريس) الأمريكية، أن المخابرات المركزية كانت على علم بوقوع الإنقلاب قبل ستة أشهر من تأريخه.. وكذا كان يعلم الملك حسين..! ويعترف أن صدام حينها لم يكن بالشخص القيادي أو البارز في الحزب، ولكنه كان الأجرأ وصاحب طموح كبير وتطلع الى المستقبل، كما إتسم بالعنف والقسوة على أعدائه.. وكانت هذه كلها ملاحظات تلقى الدراسة والإهتمام من قبل المخابرات الأمريكية...!

أما فيما يتعلق بدور السوفيات في المنطقة العربية، ونمو حزب البعث وعدائه التقليدي للشيوعيين والذي كان يصل حدود التصادم المسلح في بداية الستينات، فيقول كراتشفيلد، بأن ذلك قد تمت مناقشته في مؤتمر إستخباراتي غربي عقد في بيروت مع (دك رايت) رئيس المخابرات البريطانية المعروفة (أم آي 6) في نوفمبر 1962.. حيث أن الإتفاق قد تم على ضرورة إيقاف النشاط السوفياتي في المنطقة وبالضغط على الرئيس الأمريكي آيزنهاور لتغيير موقفه من عبد الناصر الذي يعتبر حليف إستراتيجي للروس، وكذلك ضرورة العمل على تغيير نظام الحكم في العراق...!!

قامت الولايات المتحدة بعد ساعات من نجاح إنقلاب شباط 63، بالإتصال بالبعثيين ووعدتهم بالإعتراف بالنظام الجديد، وقد أتى ذلك عن طريق (جيمس إيكنز) السفير السابق لأميركا في المملكة العربية السعودية، والذي كان يشغل منصب ملحقا في السفارة الأمريكية في بغداد في تلك الفترة.. قائلا (في حساباتنا، فإننا نستطيع أن نقيم علاقات أفضل مع النظام الجديد في بغداد...!) بالمقابل فقد تسلم الأمريكان ـ وحسب ما ذكر هاني الفكيكي، أحد أبرز البعثيين في 1963 ـ طائرة (ميغ 21)، ودبابة (تي 54) وصاروخ (سام) وكلها أسلحة روسية الصنع، لغرض دراستها وتحليلها، ولمصلحة إسرائيل بالدرجة الأولى والتي كانت كما نعلم على علاقة حميمة بالبرزاني..!

ومن الغريب أن الأمريكان قاموا بإرسال صفقة أسلحة الى حكومة بغداد عبر تركيا وإيران لإستخدامها في قتال الأكراد في منطقة كركوك الغنية بالنفط...! كما قامت الولايات المتحدة بإسداء النصيحة الى جلال الطالباني رئيس الجمهورية العراقية الحالي، بإيقاف عمليات التمرد ضد حكومة بغداد والتي كان قد بدأها في عام 1961.. وتم تنفيذ ذلك...!

وفي نفس الوقت أيضا، وضمن ما اعتبر شهر عسل أمريكي ـ بعثي، عادت شركات أمريكية مثل (بارسونس) و(بكتيل) و(موبيل أويل) لتوقع عقود مع الحكومة العراقية الجديدة، لعب فيها صدام دورا بحكم علاقته بأحمد حسن البكر...

وقد ورد أن صدام سافر سرا الى دمشق آنذاك والتقى ميشيل عفلق، وحمل معه الى العراق بعض التوصيات.. كانت كلها تصب في طموحه الشخصي اللامحدود للصعود الى الأعلى....!!

صدام حسـين، صفقات مع أمريكا.. وعداء مع إسرائيل..!

قد يسأل المؤرخون أنفسهم: لماذا أخذ العداء لصدام حسين كل هذا الوقت الطويل بالنسبة لأميركا وإسرائيل لكي يظهر بالصورة التي ظهر عليها...؟

منذ وقت مبكر، كانت المصلحة الأمريكية والإسرائيلية في العراق كبيرة. ومنذ نشوء إسرائيل وبكلمة أدق، منذ قيام ثورة 1958 ضد الحكم الملكي، كان الهاجس الإسرائيلي حول العراق هو ما يتعلق بأمنها الوطني من جهة ودفاعها ضد عدو إستراتيجي من جهة ثانية. وقد تضاعف هذا الهاجس في الستينات والسبعينات وخلال تسلم حزب البعث للسلطة في العراق، خصوصا وأن صدام كان يؤكد في كل مناسبة على (سحق الصهيونية) وعلى (تحرير فلسطين)..! في حين كانت الولايات المتحدة ترى في النفط والمصالح الأمريكية في العراق فرصة كبيرة لدعم نموها الإقتصادي وتوسيع نفوذها السياسي..! ولكن عندما إتفق الطرفان (أميركا وإسرائيل) في بداية التسعينات على إزالة صدام وإحلال نظام عراقي محله أكثر موالاة لأميركا ومصالحها وبالتأكيد إسرائيل.. رأى الإثنان أن من تبعات ذلك سيكون القيام بإعادة البناء في العراق، وهذا بحد ذاته هدف استراتيجي لتحقيق هيمنة الشركات الأمريكية والإسرائيلية وجني الأرباح الطائلة من وراء ذلك إضافة الى البعد السياسي الإستراتيجي لمجمل العملية...!

كان التأييد الأمريكي لنظام البعث في إنقلاب عام 1968، وحسب المصادر والتقارير المتوفرة، أكبر بكثير من تأييدها لإنقلاب البعث الأول عام 1963. تاريخيا، وضمن الحسابات السياسية المعلنة، يظهر إسم (روبرت أندرسون).. أحد ملوك النفط في تكساس.. والذي أصبح لاحقا وزير المالية الأمريكي في عام 1956، قبل العدوان الثلاثي على مصر عبد الناصر، أو ما يعرف بحرب السويس. حاول الرئيس الأمريكي آنذاك (آيزنهاور) وكذلك وزير خارجيته (جون فوستر دلاس) إرسال أندرسون في مهمة الى الشرق الأوسط في محاولة لإقناع كل من ديفيد بن غوريون رئيس وزراء إسرائيل والرئيس المصري جمال عبد الناصر بالإتفاق ومحاولة الوصول الى صفقة ما بهذا الخصوص..! كان بن غوريون مستعدا للقاء ناصر بشرط عدم البحث في أي موضوع يتعلق بمسالة الحدود الإسرائيلية، ورأى عبد الناصر أنه سوف لن يخرج بنتيجة إيجابية من وراء ذلك.. وعليه فشلت المحاولة ولم يتحقق الإجتماع المقترح...!

فشل أندرسون، مرة ثانية، في مهمة محاولة إحلال السلام، وعن طريق تبادل تجاري هذه المرة وبالنيابة عن الرئيس الأمريكي القادم من تكساس أيضا (لندون جونسون)، وذلك قبيل إندلاع حرب 1967 بين العرب وإسرائيل.. ففي 24 أيار، تكلم الرئيس جونسون مع أندرسون لوقف التدهور الحاصل في العلاقة العربية الإسرائيلية والتي تشير الى قرب إشتعال الحرب بينهما. لهذا الغرض سافر أندرسون الى القاهرة في مهمة سرية ووصلها يوم 30 أيار، حيث كان السفير الأمريكي هناك (دك نولتي).. وصل أندرسون بعد ساعات فقط من قيام الملك حسين بتوقيع إتفاقية دفاع مشترك مع عبد الناصر، الأمر الذي جعل إحتمالات الحرب تبدو أكثر حدوثاً.. كان أندرسون يؤمن بأن الصفقات التجارية لها مفعولها في حل المشاكل السياسية وإصلاح الوضع المتدهور في الشرق الأوسط..! لهذا إقترح في لقائه مع عبد الناصر، أن يرسل نائبه عبد الحكيم عامر في زيارة الى الولايات المتحدة. كان وراء ذلك المقترح هو إغراء مصر بالمساعدات المالية خصوصا بعد أن كانت أميركا في عهد ايزنهاور قد رفضت تمويل مشروع السد العالي في أسوان، وهو أحد أسباب إشتعال حرب عام 1956، بعد أن قام عبد الناصر بتأميم قناة السويس.. وحاول هذه المرة أن يبدي إستعداد أميركا للدخول في صفقات مجزية لمصر، مما يمكن معه وقف ناصر لعدائه لإسرائيل وبالتالي نزع فتيل الحرب...! أما عبد الناصر، فقد أصر على أن قيام إسرائيل ببناء حشودها ضد سوريا لغرض مهاجمتها، سوف يدفع بمصر الى مهاجمة إسرائيل لا محالة..! وأقترح أن يقوم نائبه الآخر زكريا محي الدين بزيارة الى أميركا بدل عبد الحكيم عامر، وتمت الموافقة على ذلك... ولكن كانت إسرائيل قد أتمت خططها وإستعداداتها العسكرية والإستخباراتية للبدء بالهجوم.. وهذا ما كان في 5 حزيران 1967...!

المهمة الثالثة لأندرسون كلاعب أساسي، حدثت هذه المرة، في العراق...! بعد تموز 1968 ووصول البعث الى السلطة.. هذه المرة كانت كل الحسابات مبنية على الأساس التجاري كما هي عادة أندرسون في مهماته السرية والعلنية..!

كانت شركة النفط الوطنية العراقية، قد أعطت ترخيصا للتنقيب عن النفط لشركة النفط الفرنسية كما أنها قد دعت السوفيات الى تطوير حقول نفط الرميلة الجنوبية قرب الحدود الكويتية.. كان كل من الفرنسيين والروس قد نجح في مهمته وفي تسويق النفط العراقي..! مما دعى الى إهتمام جدي من قبل شركات النفط الأمريكية في تكساس وفي غيرها من الولايات..

في نفس الوقت، كان سعر الكبريت، قد بدأ بالصعود في الأسواق العالمية، وكانت فرنسا أيضا المستفيد الأول من ذلك من خلال عقد كان قد منح لها في عام 1966 من قبل الرئيس العراقي آنذاك عبد الرحمن عارف..

بدأت الشركات النفطية الأمريكية، وبمباركة البيت الأبيض، بمحاولة كسر الإحتكار الفرنسي ـ السوفياتي لثروات العراق من النفط والكبريت، فقام مجموعة من ممثلي هذه الشركات بقيادة (بول باركر) المقرب من وزارة المالية والبيت الأبيض، بزيارة الى بيروت للقاء السفير العراقي هناك ناصر الحاني، ولطفي العبيدي، المحامي العراقي المقيم هناك والذي على علاقة جيدة بكبار البعثيين العراقيين.. هذا في الوقت الذي بدأ أندرسون بجولات بين واشنطن وبغداد لتقديم (عروض مفتوحة) للحكومة العراقية لشراء النفط والكبريت وتسويقهما. وأخيرا نجح باركر وبمساعدة العبيدي بترتيب لقاء بين أندرسون وأحمد حسن البكر لمناقشة موضوع النفط والكبريت والعروض الأمريكية بخصوصهما..!

راضية82 21-11-2007 08:10 PM

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
بارك الله فيك
إلاهي تكالبت علينا الأمم
رباه قتلونا شردونا
إغتصبو أرضنا
اللهم مالك الملك انصرنا نصر عزيز مقتدر
اللهم فك أسر عراقنا الحبيب وأقصانا الحبيب
و كل شبر من أرض الإسلام
جزاك الله خيرا و جعلك من ورثة جنة النعيم

مهدي؟ 15-06-2012 09:04 PM

رد: كتاب ــ من أجل بابل والتلمود... تمّ ذبح العراق..! ــ للكاتب جون كيلي
 
بارك الله مرورك أختي


الساعة الآن : 01:36 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 30.38 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 30.11 كيلو بايت... تم توفير 0.28 كيلو بايت...بمعدل (0.91%)]