روائع الكتابات المتميزة للأديبة صاحبة القلم الماسي " فاديا "
إن القياس المنطقي كثيرا ما يؤدي بصاحبه الى القيام بمشاريع وسلوكيات لا تصلح له ... فهو قد يلاحظ نجاح احدهم في أمر ما ، فيلجأ الى قياسه المعتاد ويفترض ان سينجح في نفس الموضوع ان النجاح في امر ما يحدث بأسباب متعددة ومعقدة ، ولا ينجح القياس على شخص آخر ، لأن البشر يختلفون وإن فرضنا ان فلانا اصلح من الآخر ، فهذا لا يعني بالضرورة نجاحه كالآخر في نفس المشروع ! إن لهذا القياس في الواقع ، اهمية في أمور كثيرة لا ننكرها ، ولكنه كأي سلاح ذو حدّين ، له ضرر بالغ في أمور أخرى .... إن تقليد البائع الناجح مع زبائنه مثلا في تصرفاته وسلوكياته وحديثه ، قد لا ينعكس على المقلد بالنجاح ، بل قد يؤدي هذا الى الفشل الذريع ، لأن التعامل بسلاسة وبديهية له تأثيره في المقابلين ، اما اعتماد النظام الدقيق ، فقد يفوّت صفة هامة وهي العفوية في التعامل والمبادرة في الأعمال والحوافز الطيبة للسلوك ...ويجرّ الفشل بأذياله ... قال نابوليون : انه لا يفكر في الخروج من مأزق قبل الدخول اليه وقد يكون هذا صحيحا من ناحية ، ان مواجهة المأزق بشكل واقعي فعلي ، يفتّق أفكارا مذهلة حول سبل الخلاص في الذهن ، وكذلك قد يكون صحيحا من ناحية ان المبتلى بالتفكير النظامي قد يضيع كنز عظيم وهو لا زال يسترجع معلوماته وقياساته ليقرر ان كان سيأخذ بأمر او مشروع ما ... ولكن ،، ولو قاس كل فرد على نفسه قول نابوليون ، فرمى نفسه في البحر وهو لا يعرف السباحة ، منتظرا ان يتفتق ذهنه عن حل ذرّي ، لكان نصيبه بلا شك ان يكون عشاءا للحيتان ! اننا يجب ان نبتعد عن القياس في اغلب امور واقعنا لأننا قد لا نصلح لما صلح له الآخرون ، ولا نناسب ما ناسب الآخرين. وقد نجر الى أنفسنا الهزيمة والفشل بدل النجاح الذي نتوهمه اننا بطريقة التفكير هذه نضع الأحجار في مجرى الماء ، ونعرقل سير أمورنا ، وقد نفقد الكثير من الميزات التي كان من الممكن ان تؤهلنا الى شيء أكثر نجاحا... ان نجاح الآخرين لا يعني بالضرورة نجاحنا نحن وان حاولنا وضع أنفسنا في نفس الإطار واخضعناها لنفس التجارب.. فأسباب النجاح تعود في كثير من الامور الى اسباب بعيدة عن التفكير النظامي الدقيق المقياسي.. وهناك حقيقة ، أعتقد اننا يجب ان نعتقد بصحة جزء كبير منها ... النجاح الذي يأتي عفو الخاطر ..هو الإبداع بعينه . قيل ... ما اباح الورد سرا للفراشات كي تقبله صباحا ومساءا .... إنما في الورد شيء ..يجذب الأشياء دون جهد أوعناء ... |
روائع الكتابات المتميزة للأديبة صاحبة القلم الماسي " فاديا "
تقول القصص القديمة ان فارسين من فرسان القرون الوسطى التقيا عند نصب قديم واختلفا في اللون والواقع ان النصب التذكاري كان مصبوغا في احد وجهيه بلون ، والوجه الآخر بلون مختلف ولذلك كان كل منهما يرى اللون من وجهة نظره ولم يكلفا انفسهما تفحص النصب من كل وجوهه كان كل همهما منصبا في ان يظهر كل واحد منهما انه على حق والآخر على خطأ . تلك هي الحقيقة التي لا يمكن الا ان يكون لها وجهين ، وقلما تكون هناك حقيقة مطلقة الا طبعا الحقائق الثابتة ، إن معظم نزاعاتنا البشرية لا تعود الى خلاف بين ( حق وباطل ) بل خلاف بين ( حق وحق آخر ) فكل يرى الحق من وجهة نظره والحقيقة من اطاره الفكري والعقلي وكل يرى انه على حق ، ولربما لو نظرنا الى وجهة نظر ذلك الانسان من زاويته الخاصة نفسها لوجدنا شيء من الحق حتى وإن كان قليلا او كثير ، وقد اخذ القضاء الغربي هذه النظرية النفسية في الكثير من الأحكام ، واحيانا تعفي المحكمة الغربية الجاني من جريمته لأنها تنظر من منظاره الخاص الى الجريمة فتجد ان له عقلية خاصة ومبررات حقيقية دفعته الى ارتكاب الجريمة .... فتميل الى الحقيقة حيثما كانت اكبر وتصدر حكمها . ليست المشكلة في ان نختلف بالرأي ، فكل فرد منا يلون الحقيقة بألوانه الخاصة إن الفقير يرى الحقيقة على شكل رغيف خبز ، والغني المتخم يرى الحقيقة على انها مجموعة من القواعد والنظم الخاصة بالرفاهية ، وان تغيرت طبيعة حياة الفرد حتما ستتغير مفاهيمه للحقيقة، من هنا نستطيع ان نكتشف ان للحقيقة عدة اوجه ، تختلف بين فرد وآخر وقد تختلف لدى الشخص نفسه اذا تغيرت القيود العقلية التي حاصرته بإطار معين ... ونتكلم هنا عن بعض الحقائق التي تخص افكارنا وتعاملاتنا ولا يمس هذا الحديث الحقائق الثابتة التي تتعلق بالدين والكون . قد تسأل شخصا مثلا لم هو يحب قائدا من قواد التاريخ بشكل خاص؟ ، فيجيبك ببعض الخصال والصفات المتوفرة في شخصه والتي هو في الحقيقة يتمناها لنفسه .... قد تسأل عدة أشخاص عن آرائهم في كتاب او قصة او بحث ، بعضهم يركز على طبيعة المعلومات فيه وهو بهذا يربي نقصا في المعرفة لديه.. وقسم آخر يرى انه ليس جيدا كفاية بسبب الاخطاء النحوية والإملائية فيه وهو بهذا لم ير من القصة او البحث الا مبارزة لغوية لنحويات سيبويه . ولا تستطيع ان تقول ان أحدهما مخطئ ، فكل رأى الأمر حسب منظاره ومقاييسه . اختلف شخصان حول امر ما فذهبا الى احد الحكماء ليفصل بينهم طلب الحكيم ان يستمع اليهما واحدا واحد ، وكان تلميذه يجلس الى جانبه استمع الحكيم الى الشخص الأول وبعد ان بانت حكايته قال له الحكيم : أنت على حق ثم استمع الى الآخر والى وجهة نظره فقال له بعد ان انتهى من الحديث : انك على حق ! ضُجّ تلميذه وقال له بعد ان انفردا : يا سيدي ، لقد اخبرت الأول أنه على حق ، كما أخبرت الثاني أنه على حق وجعلتني في حيرة فمن منهما على حق ؟؟ فقال له الحكيم : أتدري ؟ أنت أيضا على حق !!!! ان من اسباب نشوب الفتن والنزاعات أيضا ، حقيقة ان العقل البشري يميل الى الانانية ، والانسان بطبعه ما يرى بعينيه انه حق ومصلحة له يحاول أن يحولها الى مصلحة عامة ، على الجميع ان يقتنع بها ويتبعه في الرأي ، وهكذا علينا ان نقيس دوما الحقائق التاريخية ... إن كل عصر من العصور هو عصر ذهبي لمن تنعم به بوجه من الوجوه ، وعصر فحمي لمن ناله فيه الظلم والشقاء في وجه آخر. ومن الصعب ، ان لم تر الحقيقة بكافة وجوهها ان تعلم الى أي حقيقة تميل كفة الميزان ؟ ... ان كل شخص يريد ان يقنع الآخر بأن الحقيقة لديه من الوجه الذي يراه ، ولم يسعفه قصور عقله الى النظر وتفحص الوجه الآخر .... ، كل يدعي وصلا بليلى ، علما بأن ليلى ذهبت الى رحمة ربها منذ عهد بعيد ، |
روائع الكتابات المتميزة للأديبة صاحبة القلم الماسي " فاديا "
قيل ، أن معنى الكلمة منسوبا الى وادي عبقر ، والذي كان يعتقد العرب ايام الجاهلية أنه واد مملوء بالجن، ويقابلها في اللغة الانجليزية ( جينس ) مأخوذة من اللفظ العربي ( جني ) . لماذا تم ربط العبقرية ، بالجنون ، أو الجن ؟ ان الباحثين يرون أن هذا وصف مجازي ، للحالة التي يمر بها العبقري خلال انتاجه للإبداع ، لأنه ينفصل عن ذاته وينهمك في عمل او انجاز ما وبعد أن يتمه ، يعود الى حالته الطبيعية وقد يصيبه العجب من كيف انه استطاع الوصول الى هذا الابداع ؟ ان العبقرية نوع من الجنون لأن العبقري يخرج عن حالته الاعتياديه ويهيم في افاق ابداعية بنظر ثاقب البصر ، لا يعهده أغلبية الناس . وربما يعود السبب في ربطه بالجن ، الى الأساطير والخزعبلات القديمة الموجودة في التفسير الميتافيزيقي القديم و الذي يدعي أن العبقرية نتيجة للاتصال بالجن والأرواح وممارسة السحر. ان نفس العبقري ، تحطم القوالب الفكرية والمألوفات الاجتماعية والحضارية فتنتج كل ما هو رائع وساحر ، فهو لا ينتمي الى جماعة واحدة يوافقها الرأي في أحوالها ، بل هو ينتمي للإنسانية جمعاء ويخاطب الإنسانية بلغة واحدة وعادة ما يثور على الأعراف والتقاليد الموروثة . ويختلف العبقري عن غيره بقلة نزاعه الى البقاء ، وهو الفكر المخيم على عامة البشر في مصالحهم وتعاملاتهم وسلوكهم وتصرفاتهم وافكارهم ، وبالتالي فهو يسمو عن ذلك ويحاول ان يرى الكون ويفهم الحياة بأسس من مدى منطلق في الآفاق ، ففي الوقت الذي يجد فيه عامة الناس أن المعرفة اداة لتسيير منافعهم في الحياة ، يجد فيه العبقري أن المعرفة هي التي يجب ان تسير على اساسها المنافع حتى وان تضاربت ، أي أن العبقري ، أداة خالصة للفكر والمعرفة النقية ، مهملا مصالحه ورغباته واهدافه ، نابذا شخصيته والأنا فيه لفترة قد تطول وقد تقصر ، كل هذا يدلنا على الجانب الاخلاقي البحت في العباقرة . ان العبقري يشعر انه كُلِّف برسالة علمية او فكرية او اجتماعية او أدبية هو مستعد للفناء من أجلها ، فهو طبعا يختلف عن الناس ولا يشعر بألفة بينهم ، فهو ينظر الى الآفاق بينما يمشي على الأرض ، والآخرون يحاولون رصد موقع قدمهم على الأرض قبل أن يقوموا بأيه خطوة ، كلما تجرد العقل البشري من بعض القيود ( مثل العقد النفسية والعادات الاجتماعية والقيم الحضارية ) وأصبح محلقا في الكون ، كلما كانت قدرته على الابداع الحر أفضل ليتنا نبتعد عن القوقعة الفكرية ، و نوفر لعقولنا مساحات أكبر لنرى الحياة من آفاق أجمل ! |
روائع الكتابات المتميزة للأديبة صاحبة القلم الماسي " فاديا "
لفت انتباهي أمر مهم في الكتابة أو الإنشاء وجدته منتشر بين معلمي اللغة العربية للأسف وأجده مغلوطا وبالتالي كان لا بد من اضافة هذه النقطة الى النصائح التي نقدمها الى هواة الكتابة ومشاركينا الرواد في الكتابة الذاتية ، من المخجل حقا ان نجد معظم معلمي اللغة العربية في مدارسنا يدرسون ابناءهم على الكتابة والانشاء بطريقة خاطئة فهم يعلمون ابناءهم وطلبتهم التسلسل المنطقي في الافكار مع اهمال الحوافز اللاشعورية فتراهم يضعون نموذجا متكلفا يبدأ في الديباجة وينتهي بالخاتمة ، من غير ان يلفتوا انظار التلاميذ الى أهمية وحي الخاطر ، الذي لا يتقيد بديباجة او خاتمة ولا ينصاع لقياس ولا تسلسل اكتب اول خاطر يطرأ على ذهنك ستجد بعد لحظة ان قلمك انساب انسيابا عجيبا الحقيقة الكبرى في فن الكتابة ، الابداع يأتي وحي الخاطر الابداع في الكتابة يحتاج الى مراحل : اولا : البحث وجمع المعلومات وتصنيفها وهي مرحلة ضرورية ، وهي مرحلة الخزن ، فالعقل لا يعمل ان كان فارغا من المحتويات وهي المواد الخام التي تصنع منها الادوات المتنوعة .. ثانيا : ترك المعلومات المخزنة في الذهن لكي تختمر ، وبعدها سيجد دافعا لا شعوريا للكتابة ولا سبيل الى ايقاف هذا الدافع - وهي مرحلة الالهام - مرحلة اللاشعور ثالثا : التنسيق والتزويق ، وهي مراجعة ما كتب في ساعة الالهام فيحذف جزءا ويحرر جزءا ، لأنه سيفكر فيما سيقرأه الناس له ، وهكذا فقد انتقل من مرحلة الالهام اللاشعوري ، الى مرحلة الشعور الاجتماعي والاتصال بذهن القارئ . ان الكاتب كسيارة الرش ، لا بد ان يقرأ لكي يكتب فالكاتب الذي لا يقرأ ولا يخزن المعلومات المتنوعة في ذهنه يكون بمثابة القربة المنفوخة ينتظر الظمآن منها الماء ، فلا تندفع الا بالهواء .... |
روائع الكتابات المتميزة للأديبة صاحبة القلم الماسي " فاديا "
أو قانون " كويه " والذي نلخصه بعبارة : تنازع الارادة مع المخيلة اذا سيطرت فكرة متغلغلة في اغوار عقلنا ، فإن كل الجهود التي يبذلها الشخص في مخالفة تلك الفكرة تؤدي الى عكس النتيجة ، ومن هنا اطلق ايضا على هذا القانون " قانون الجهد المعكوس " . لو حاول احدنا السير على حافة جدار مرتفع او لوح موضوع بين بنايتين عاليتين ، فقد يملأ الخوف قلبه ، انه لا يكاد يخطو خطوة حتى يتخيل انه موشك على السقوط ، وهو يحاول ان يحذر السقوط ، وهذا الخيال ذو تأثير نفسي عالي ، واحتمال سقوطه بسبب هذا الخيال قد يكون اكيدا ... أما الذين تدربوا مرات ومرات فقد اتحدت لديهم الارادة والخيال واحتمال سقوطهم نادر . قد يحاول الانسان النوم احيانا فيمتنع عليه ، ويأخذ في التقلب وكأنه يطلب المستحيل ، رغم انه قد ينام في السيارة او في اي وقت او اي مكان لا يريد ان ينام فيه ... كثيرا ما حاول أحدنا الا يضحك فيشتد عليه الضحك وكأنه عدو ائيم ، وكلما حاول منع نفسه من الضحك اشتد عليه الضحك قوة ، ووقع في مواقف محرجة . قد يذاكر طالب مواظب بدقة واستمرار ، ورغم ارادته الواعية بالنجاح الا ان خياله يصوّر له الفشل واضحا امامه وخاصة ان زملائه قد ملئوا مخيلته بأوهام حول صعوبة النجاح وما يحتاج فيه الى بطولة نادرة ما انزل الله بها من سلطان، فتأتي نتيجته مغايرة لإرادته الكاملة وسعيه الدؤوب بسبب احتمالات الفشل من جراء هذا الخيال . لكي تكون شخصيتك ناجحة .. تخيل النجاح الذي تريده وهذا ما يجب ان نطبعه في اذهان الاطفال بدلا ان نحرضهم على ارادة النجاح فنقول لهم ، كونوا ناجحين ، ينبغي ان نقول لهم : انتم ناجحون ، وغني عن الذكر اننا جميعا نربي اطفالنا بطريقة عكسية في كل شيء ، فنحن ندفعهم الى ان يريدوا ويتمنوا النجاح ويسعوا اليه ، في الوقت الذي ندربهم فيه على تخيل الخيبة ...علينا ان نوازن كفتي الميزان جيدا : الإرادة = الخيال . إن " عقدة سوء الحظ " التي يمارسها أغلب الناس قد تندرج تحت قانون الجهد المعكوس ايضا في أكثر الأحيان فسيء الحظ هو شخص يتخيل الفشل بينما يتمنى النجاح ويسعى اليه ، والأم التي تشكو دوما حال حظها مع ابنها الخائب الذي لا يشبه بقية الاولاد ، تعزز في نفسه صورته المتشائمة عن نفسه ، وتحرضه على ارادة النجاح كبقية الأبناء مع تخيل الفشل الذي زرعته هي في ذهنه ، ونفس الحال كذلك مع الام التي اعتادت ان تندب مشاكلها وسوء حظها في الحياة فتوحي لولدها بعقدة سوء الحظ دون ان يشعر ،وهي لا تدرك ان ما تقوله على اسماعه من اشد انواع الايحاء قوة في تكوين شخصيته ، فالشكوى الدائمة من تصاريف الايام وظلم الانام تطبع في ذهنه صورة متشائمة عن الحياة لا تنمحي ، فلا يأمل خيرا ولا ينتظر نجاحا . لنبتعد اذن عن هذه التعبيرات امام ابنائنا ، كن مؤدبا ، كن ناجحا ، لا تكن شقيا ولنستيدلها ب : انت مؤدب ، انت ناجح ، لست شقيا ! ولنبتعد عن كثرة النصائح في كل وقت لهم ، بالشرح والاسهاب ، فنحن نوحي اليهم بالفساد ، ثم نأمرهم بالتزام الرشاد ، ومن الطبيعي ان تأثير الايحاء أقوى من العمل والسعي والارادة ، فلا نستغرب ابدا ان فسدوا ! . باختصار ... ان الكثير من طرقنا في تربية ابنائنا بدون وعي منا أدت الى صنع جيل فيه الكثير من العقد النفسية وهو ما نشكو منه في مجتمعاتنا الحديثة . |
روائع الكتابات المتميزة للأديبة صاحبة القلم الماسي " فاديا "
حكى بعضهم : كان هناك نجارا يصلح كرسيا من الكراسي التي يجلس عليها القضاة وكان يعتني بإصلاحه اكثر من المعتاد ، فسئل عن سبب هذا الحرص فقال ، لأني اريد ان اجلس عليه يوما ، وهكذا كان لأن ذاك النجار درس علم الحقوق وجلس على ذلك الكرسي ...... جميل ان نشعر ان الارادة هي التي تمكن الانسان من عمل ما يريد عمله وتنفع هذه الاقاويل في تعليم الاطفال وتربيتهم لما فيها من تحريض على العمل وترويض على تقوية الارادة ، ولكنها رغم ذلك لا تنطبق على الواقع انطباقا تاما ، وهذه الاقوال لا يتفوه بها كثيرا الا الناجحون الذين اصابهم الغرور بما اصابوا من فوز وخاصة حين يرانا معجبين به منصتين له فيأخذ بالمباهاة والتحذلق ويعزو كل نجاحه الى دأبه وسعيه وارادته . ان من النادر ان نجد شخصا وضع في بدء حياته خطة دقيقة للعمل فسار عليها خطوة خطوة ثم نال النجاح اخيرا على اساسها ، ان معظم الناس يتجهون في اول امرهم الى غاية ثم ينحرفون عنها أخيرا ، وواقع الحياة اقوى من اي خطة يضعها عقل محدود ، والانسان ينجرف في احيان كثيرة بتيار الحياة ويسير كما تمليه عليه ضرورات الساعة ، وعلى الجانب الآخر فنحن نميل عادة الى ذم اعمال الفاشل وهو كلما اكد لنا عن سعيه وارادته وان الواقع تعارض مع ما كان يسعى اليه ، اهملنا اقواله ، وهكذا تضيع علينا وجهة نظر هامة كان الاجدر أن نأخذ بها وننتفع بما فيها من عبرة . وهكذا نرى دوما ان" الحظ " لا يؤمن به الا الفاشلون فهم يحاولون ان يجدوا تعليلا وتفسيرا لفشلهم ولا يحبون ان ينسبوا فشلهم الى اي ضعف فيهم أما الناجح فقد امتلكه الغرور ونسب كل فضل في نجاحه لنفسه . وبين هذا وذاك علينا ان نقف دوما موقفا متوازنا لنستطيع الاستفادة والتعلم من كل جانب ما هو جدير بالتعلم منه . |
روائع الكتابات المتميزة للأديبة صاحبة القلم الماسي " فاديا "
• ينتقد بعض الكتاب القرآن لأنه يكرر القصص وآيات الوعظ مرة بعد مرة وما درى هؤلاء المغفلون بأن هذا التكرار الذي ينتقدونه هو ما طبع الايمان العميق في نفوس العرب وجعلهم يحطمون ايوان كسرى وعرش القيصر ان كل كلمة تكرر قولها لنفسك مرة بعد مرة قادرة على طبع الايمان في نفسك قليلا او كثيرا والايمان يزلزل الجبال . • كان النبي يدرك تأثير الكلمة العابرة في حياة الانسان: عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "َ لا عَدْوَى وَلا طِيَرَةَ وَيُعْجِبُنِي الْفَأْلُ قَالُوا وَمَا الْفَأْلُ قَالَ كَلِمَةٌ طَيِّبَةٌ، لأن من الأنسب للانسان تخيل النجاح والخير وعدم تخيل الشقاء والفشل . • لا مراء بأن التحدث بالنعمة يزيدها ، كل كلمة حسنة يقولها الانسان تطبع في مخيلته الفأل الحسن وتعينه على النجاح ، قال تعالى : واما بنعمة ربك فحدّث . لقد عودت الحضارة الشرقية ابنائها على العكس ، وامسى كل واحد يخاف من التحدث بالنعمة ، ولا نكاد نتحدث لواحدة عن ابنها من انه سليم معافى او ذكي ونشيط حتى تستعيذ بالله من قولك ! بل وتخاف من قولها ايضا على صحة ابنها ، فهي لا تحب ان يخطر في بالها ان ابنها معافى ( خوفا من اصابته بالحسد والعين ) ، ولكنها لا تكاد ترى في ابنها علامة مرض او غباوة او فشل ، حتى تبدأ بالعويل والشكوى وتملأ الدنيا عتابا على الدنيا وحظها فيها ، حظها السيء الذي احتكرته هي واولادها دون بقية الناس !! • كثيرا ما تكون انفع الاشياء هي اهونها وايسرها ، ولكن يسرة وسهولة حصول الانسان على مراده تجعله لا يصدق انه ثمين ونافع ، لأن ثقافتنا الشرقية عودتنا ان الحصول على الاشياء النافعة والقيمة لا تكون الا بعد مشقة ، وهم بالتالي لا يقدرون قيمة الاشياء النافعة الا بعد فواتها فيضربون كفا بكف متأسفين .... رغم ان الرسالة السماوية - وهي اصعب ما حمل في هذا الكون - قد وصفت ( بالشريعة السمحاء ) ولكننا جعلنا كل امورنا عرضة للمشقة والعناء والمكابدة بحجة اننا نبحث عن الأفضل ! ومن هنا جاء الاهتمام بالفروع على حساب الأصول .. • اترك طفلك المستغرق بكل جوارحه واهتمامه بعمل معين او لعبة معينة ، كثيرا ما نؤنب الطفل لانشغاله وانه لا يلقي بالا لما نقول ونحن في الواقع نسحبه من استرساله وتركيزه ونشوش عليه اننا نعيق ابداعه. • تحري الكمال في الاعمال هو عقبة كبيرة في سبيل الانجاز ومنشؤه " عقدة الاستكمال " او " الوسواس " وهي ارادة متحجرة تأخذ المصاب بها الى التدقيق الشديد في كل عمل يقوم به الى حد الافراط وبالتالي ينسى الغاية والهدف الذي يدقق من اجله ! فتصبح عقدة مصاحبة لكل اعماله ، وهي من اكبر عوامل الفشل في الحقيقة ان الكمال في كل شيء مستحيل وهو مقياس اعتباري ، فما نعتقده كامل اليوم قد يكون ناقص غدا ، وما هو كامل بنظرنا ناقص بنظر غيرنا ، فلماذا نرهق انفسنا الى حد المرض ؟ من طبيعة الحياة ان تكون ناقصة لكي نسعى فيها الى سد النقص فلا تقف ، ولذا فإن الحركة أصيلة في الكون.... خير ما نفعله في امورنا واعمالنا وواجباتنا هو الانسياب مع السليقة ولا نبالي حينها عندما نخطئ ، وربما النقص الذي يجري مع السليقة ، خير من النجاح الذي يتكلف فيه |
روائع الكتابات المتميزة للأديبة صاحبة القلم الماسي " فاديا "
***** عندما تكون أنانيا ، ترى الكون ضيقا فتكون كمن يحول المحيط الى قطرة ندى تعلم كيف تتبخر وتختفي وتذوب مع الوجود من حولك ولا تكن جزيرة منفصلة عن محيطك ***** الذي يصلّي من غير تأمل كمن يشتم ورودا صناعية فلا عطر و عبير في حياته ***** اللحظات المظلمة لها وقتها .. واللحظات المضيئة لها وقت هو قانون الكون ،فلا تؤنب نفسك على شيء مثلما الليل والنهار الولادة والموت ، الصيف والشتاء تذكر دوما أنك لست طرفا في هذه التحولات .. ***** عش حياتك بخصوصيتها ولا تكن أولوياتك تقليد الآخرين واعتبار رأيهم فيك فالانسان الذي يعيش على خطأ بسبب قراره الذاتي سوف يتعلم من اخطائه عاجلا ام آجلا والانسان الذي يعيش على صواب حسب رأي الآخرين فيه هو انسان مزيف ***** كلنا غارقون في تحليل الأمور وفلسفتها وهذا ما يغرقنا في الجحيم أحيانا عن قصد او غير قصد يفعل الانسان ما يبقيه تعيسا وحين يعي حقيقة أفعاله يغرق في الضحك ويتساءل ، كيف كنت أفعل هذا .. ***** الشكوك ليست شريرة إذا استعملناها بغرض الوصول الى الحقائق كل ما علينا فقط أن لا تحيا في الشكوك الى الأبد ***** كن مثل النهر متدفقا ، منسابا والا فسوف تصبح مثل حوض الماء المغلق الذي لا يمكنه أبدا أن يصل الى المحيط ***** كلما زادت تجارب الحياة كلما تراكمت الذكريات وأصبحت جبلا ثقيلا يسحق كل من هو تحته تستطيع ازاحة هذا الجبل...فقط اذا اقتنعت بعدم جدواه .. ***** كن مصباحا ينير ذاتك قبل أن ينير الآخرين لا أحد بمقدوره إعطاءك المعرفة ان اعتقدت هذا ، فلن تصل اليها أبدا .. ***** لا تنظر أبدا الى الوراء، لا شيء جدير بالاهتمام ولا تتمسك بما هو قديم لأنه سيتساقط ويهوى فحين تصبح الامور قديمة عليك أن تنهيها لن يستطيع المرء أن يسير ملتفتا الى الوراء ***** |
روائع الكتابات المتميزة للأديبة صاحبة القلم الماسي " فاديا "
هناك كلمات نسيناها .. حذفناها تماما ربما اجبرنا على نسيانها وتناسيها لأنها لا تناسب الاوضاع القائمة الابتهاج .. الفرح كلمات لم تعد لها ذاك المعنى الاصيل ربما نذكرها مجاملة لدى سماعنا نبأ سار لأحدهم او لدى الترحيب برؤية آخر هكذا اراد المجتمع نحن والمجتمع نستثمر جهودنا لانتاج البؤس البؤس اصبح غذاء المجتمعات ، والمجتمع لا يسعى الى انقاذ ما تبقى من فرح بل لإنقاذ البؤس المؤسف ان ..المجتمع ، الحضارات .. الثقافات ، مفاهيم اوجدت لكي تخدم البشرية ولكن الصورة انقلبت وأصبحنا نحن من نخدم المجتمعات ونواكبها ونسعى الى ارضائها لو لم تكن البهجة وليدة الطبيعة لما كان الاطفال فرحين مبتهجين ولكننا دثرناها مع ما دثرنا من قيم واصول . |
روائع الكتابات المتميزة للأديبة صاحبة القلم الماسي " فاديا "
يستحيل عليك التخطيط للوصول الى الحقيقة الحقيقة لا يخطط لها ولا تتوقع انها تأتيك مفاجأة ولا يمكنك التساؤل : متى ستأتي ... ولا طريق يوصلك الى الحقيقة اذا رحت تبحث عن الحقيقة وتسلك مسالك تعتقد انها ستوصلك اليها فهذا يعني انك قررت ما هي الحقيقة وقررت اي طريق ستسلك وهكذا ستتخذ اتجاها رسمه لك عقلك وتكون تلعب لعبة ارادك العقل ان تتلهى بها وكيف يكون العقل هو العاجز عن وصولك للحقيقة ثم يرسم لك الطريق ؟ الحقيقة ليست ضمن قفص ولو كان من ذهب او ماس الحقيقة ليست سجنا ولا سجانا بل هي الحرية وحدهم اولئك الذين يقدرون معنى العيش احرارا يتمكنون من الوصول الى الحقيقة |
الساعة الآن : 11:17 PM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour