روائع الكتابات المتميزة للأديبة صاحبة القلم الماسي " فاديا "
ما أسوأ عمليات التجميل.. تجريها حواء لتحصل على خدود مرتفعة وشفاه منتفخة، وافتعال خطوط غير موجودة ، وإيجاد ( أو إخفاء ) معالم أخرى ، لهدف أول.... هو الحرب مع الزمن ، فواحدة لم تر تجاعيد السنين على وجهها ، تعتقد أنها لا تزال في ريعان الشباب ،، وكأن الزمن توقف آنذاك ،، بينما مر عمرها في السجون ، لترسم الأيام تجاعيد لا تريد أن تراها صاحبة اللوحة . أترك مقتنياتي النحاسية القديمة بلا تلميع ولا تبييض ، لماذا أحاول أن أزيل آثار زمن مضى ما دامت هذه هي قيمة الأشياء ؟ أحب اللوحات الجدارية التي تتركها الأيام على الوجوه ، ما أروع خربشات الذاكرة العميقة على وجه عجوز مسنّة تبتسم في طيبة ، بينما أحاول أن أبحث عن نظرتها الودودة بين آلاف الحفر في الوجه الذي نقشت عليه الأيام ساعاتها بكل دقة ........ . خطرت في بالي الكثير من الخواطر وأنا أتأمل منظر بيت أثري قديم كنت أزوره من وقت لآخر ، كان سطحه متهاوي وعمدانه متآكلة ، كأسنان عجوز نخرها السوس وأتى على معظمها، دُهشتُ عندما زرته مؤخرا ووجدت أن عمليات الإصلاح قضت عليه، تم إصلاح سطحه المتهاوي بقرميد حديث، فظهر كرجل يضع قبعة جديدة حديثة بينما يرتدي ملابس عتيقة أثرية ! قُضي على قيمته ومعناه ، وما يمكن أن يثير في القلوب والنفوس،، المتعطشة إلى معاني الأصالة والتراث ، وقيمة الماضي الرفيعة ..وإلى الصدق ... ولم يعد يستحق أن يكون على لائحة الآثار... ألا يكفي ما في حاضرنا من تلفيق وكذب حتى نعمد إلى تزوير الماضي ؟ قد تتعدى هذه الخواطر كونها خواطر، وقد تكون شكوى رسمية موجهة لوزارات الآثار ، عن الظلم الذي تلحقه منشئاتها بالماضي وبالأيام ،، إن عمليات الترميم للأسوار والمباني القديمة ، ستفضي إلى تغيير المعالم وطمس القيمة الحضارية،، تماما ،،، كما تؤدي عمليات التجميل التي تنفذها حواء إلى طمس المعالم وضياع الشكل الأصلي ، فأصبحت النساء تقريبا متشابهات، لا فرق بين العشرين والأربعين ، ولا الخمسين والسبعين. تُرى ... هذا الإنسان الذي يقف متحديا الزمن، بتزويره للماضي ، ومحاولة إخفاء ما أعملته حفارة الأيام في الأشياء والأجساد، هل نجح حقا في ترميم آثار الدمار .....؟ ماذا عن دمار الروح والنفس .... هل يمكن ترقيعه أيضا ؟؟ هل من الممكن حقا ...إصلاح أي شيء ........ ليعود كما كان.......؟ كما كان ؟؟؟ |
روائع الكتابات المتميزة للأديبة صاحبة القلم الماسي " فاديا "
إذا اكتشفت أنك تنظر إلى نفسك في مرآة مشروخة .. فترى وجهك ..وجهين وتحمل بين كتفيك ..رأسين ابحث عن مرآة مصقولة ..لتتعرف الى نفسك جيدا .. ثم إقلب الصفحة ...... إذا كانت الأشياء التي تراها ..تسمعها تثير بداخلك شعور الاحتقار .. الحزن .. القهر .. الظلم إنأى بنفسك عن هذه المشاعر... واقلب الصفحة .... إذا اكتشفت أن ما ظننته ،عالم جميل ملون قد تلوّن بدماء قلبك ومشاعرك ابحث عن الصدق بداخلك.. وارحل معه، ولا تنسى أن تقلب الصفحة .... إذا ارتطم الواقع فجأة ..بجدران روحك لا تخشَ من الانكسار .... فمع انكسار روحك ..ستتهشم جميع الأوهام وتتبدد خيالات قوس قزح ... وتتمزق الأقنعة .. وتنصهر الصور وسيصبح من السهل حينها ... أن تقلب الصفحة ... إذا شعرت أنك تتزلزل كالأرض تنهار كالجبال ... وترى كل شيء بأبشع صورة... لا تهتزْ .... فخلف كل حدث.. هناك حياة أخرى .. وصفحة جديدة... حين تتحطم امانيك وأحلامك.... ولمحتها ترحل في الحقائب تمهل.... وأكسرْ مزيدا من الجرار خلفها... لتسحق بقاياها وإلا فكيف ..ستقلب الصفحة ؟ إذا شعرت أنك ظلمت نفسك... وتخبطت بأدوار لا تليق بك... فعد ..إلى نفسك وتصالح معها ... حاول ان تتشكل من جديد.. كما يبدأ كل يوم جديد.... فأنت الربيع.... الذي تكوّن من جفاف الخريف..... ودموع الغيوم وحرّ الصيف.... إذا صحوت من حلم اخضر وسمعت صرخات ذهولك .. لا تفزعْ... فهي صرخات مولدك الجديد الى الحياة لقد نجحت .... وقلبت صفحة ..... اذا شعرت ان الحياة بألوانها تفارقك فاعلم ..أنك لن تموت قبل يومك لا تضيّع أيامك في ترميم بقايا نفسك .. ولا تحاول أن تصلح الجدران المتآكلة من عمرك .. دع الورقة الجافة تسقط بنفسها .. والجدران الضعيفة تتهشم لوحدها .. لا تصرّ على تأمل أية صفحة ... فإذا لم تفهمها ... لا تعد قراءتها لا تتردد ، اقلب الصفحة وإن لم تستطع تجاوزها ...مزّقها .... فداخل عمرك دوما .. عمر جديد وداخل حياتك دوما ... حياة جديدة وخلف أوراق الورد الساقطة ..أوراق وليدة وداخل كتاب حياتك ... صفحات كثيرة جديدة ناصعة البياض ........ |
روائع الكتابات المتميزة للأديبة صاحبة القلم الماسي " فاديا "
لكلّ داء دواء يُستطبّ به ــــــــــ إلاّ الحماقة أعيت مَن يُداويها ! ... قلة عقل .... تدخل احد متنزهات الاطفال ، لا بأس ان ترى ماردا يحشر أنفه بين الاطفال ويزاحمهم ، في محاولة صبيانية للظهور بلوحة بريئة شاذة ، بينما تصدر الارجوحة اهتزازات مخيفة تحت ثقل جسده الضخم ، يبتسم للجميع بسذاجة ، وكأنه يريد الكون ان يشاركه فرحته بطفولة ذهبت عنه " غير آسفة " وفي نفس الوقت تتساءل بينك وبين نفسك ، هل كان مثل هذا لشخص طفلا ذات يوم ! قلة عقل .... يختلف الأطفال ويتدخل الكبار فيتنازعون ، ويحملون الحقد واللوم ، ويورثونها لأبنائهم فيخرج الأبناء بهذه العقلية ، أو في أقل المراحل ، يصبحوا من " حاملي مرض العقول الصغيرة " قلة عقل ...وطيش.... يسجلون هنا وهناك بأسماء وهمية ،في لعبة " القناع الزائف " ، فيشتمون ، وينتقدون ، ويتفوهون بأقوال خسيسة ، ويسيئون الى براءة ألعاب الطفولة . قلة عقل .... تتعرف الى أشخاص جدد في جلسة اجتماعية ، فيبادرونك الى السؤال ، ما برجك ؟ وكل يجيب ولسان حاله يقول : هل عرفت من انا ؟ أو في مراحل الذكاء المتقدم .. يتبرع شخص ما : دعوني أكتشف أبراجكم بنفسي وكمشاركة مني في هذه الجلسة ... أتأمل كل شخص .. وأتوقع أن يكون برجه ، ( برج بيزا المائل ) ليتناسب الحال مع الحال. قلة عقل ... وتفاهة... ان تكرم ضيفك بفنجان قهوة ، فيسألك فورا .. هل تقرأ الفنجان ؟ قلة عقل .... يختلف الزوجان بسبب أبطال المسلسلات التركية، ونحن قوم نبحث عن أي وسيلة للاختلاف وتطبيق مبدأ عدم الاتفاق ، بينما المنطق يقول ، ان نبحث عن أي خيط للوصول الى التفاهم... قلة عقل .... أن يتحول شخص ما الى كائن غريب ، تنفتح عيونه بضراوة ، بينما يصرخ بصوت نشاز ، ويعيث في المكان حوله طربا وتصفيقا ..أو غضبا وخيبة أمل ، وتكتشف في النهاية أنه يتابع مباراة كرة القدم ... قلة عقل ... أن يقوم زميلك من مكانه ، فتمد قدمك في حركة طفولية " بهلوانية " لكي تمازحه ،فيقع على وجهه وربما تُكسر ذراعه أو ساقه .... قلة عقل ..... أن نشعر أننا يجب أن نرد على كل سؤال تافه ، تعليق تافه ، انتقاد تافه موجه لنا واننا يجب ان نشارك في اي حديث أي حوار ونستعرض آراءنا فنثبت المقولة الشهيرة ... عقلي بحجم حبة البازيلاء ! قلة عقل .... أن تمارس التعميم في كل شيء ، فلا تقع أقوالك إلا في المكان ....غير المناسب. ولكن قلة العقل حمق ... والحمقى لا يدركون حماقة ما يقترفون ....... |
روائع الكتابات المتميزة للأديبة صاحبة القلم الماسي " فاديا "
لا أدري كم كانت الساعة ، عندما خرجت من بيتها ، لتبحث عن قوتها ولكن ما أستطيع تحديده بدقه ..أنني لمحتها في رحلة الذهاب منذ الساعة الرابعة عصرا وها هي محملة كما كل يوم ... ولكنها لا زالت تسعى بحملها الثقيل في نفس المنطقة ... الساعة الآن الثانية عشر ليلا ، ،،، نظرت اليها بشك وريبة .... هل تستكشف المنطقة ؟ ربما تعد العدّة لاستجلاب جيشها لهجوم كامل بهدف الاحتلال ؟ حسنا ، لماذا يفترض بي أن أحسن الظن فيمن لا أعرفه ؟ قد كانت عابرة سبيل ... وكل احتمال ممكن .... ربما كنت طيبة جدا معها ولم أشأ أن أفسد يومها ، وتركتها تنقل ما تنقل ، ولكن كان كل هذا بشرط ان تغيب عني بعد ان تجمع قوتها ، أما أن أراها في هذه الساعة ، فلا يمكن ان أسمح أن يستغلني أحد. ولكن ... تبدو متعبة .. تدور حول نفسها بحملها الثقيل ... أتراها تاهت بين الطرق المتشعبة ......؟ كنت في الصف الأول الأساسي عندما ادّعيت القدرة على العودة من مدرستي الى البيت لوحدي ، ورفضت أن أبقى أسيرة لسلطة أختي التي تكبرني بعامين ... حملت حقيبتي ، والجميع يسألني لماذا لا تنتظرين انتهاء دوام شقيقتك ؟ فقلت لهم بإصرار ... أنا أعرف الطريق .. وما هي الاّ دقائق قليلة من المشي ، حتى شعرت أنني أسير في كوكب آخر وشوارع مختلفة تماما ، ومعالم بنايات لم أرها في حياتي ... شعرت بالخوف الشديد ، وتخيلت ماردا بعين واحدة سيأتي ويلقيني في مستنقع مياه آسنة .. تفحصت سطح الأرض حيث أسير بخطوات متعثرة ، فلم أجد مستنقعات مياه آسنة .. إذن المارد لن يجد بحيرة يلقيني فيها ... ( ارتحت لهذا الخلاص الفريد ) .... وفي غمرة ذهولي وخيالاتي ، أحسست بيد قوية تشدني ، التفتّ برعب وكان وجه شقيقتي ينطق فزعا ... يا مجنونة ... لقد سقط قلبي من الخوف .. لماذا لم تنتظريني ....؟ صافحت وجهها بألفة ، وكأنني عدت فجأة الى كوكب الأرض من رحلتي العجيبة .... تلك النملة مثلي تماما .. تتنقل بين رفوف المطبخ بينما تعتقد انها سارت طويلا لم تترك حملها ..كما صممت على ألا أترك حقيبتي في غمرة ضياعي .. وأركض باحثة عن معالم الطريق ....لقد كانت حروف اسمي في لافتة فوق كل كتاب ، فكيف لا أعتز به ؟ كم نحن جاهلتان ... ما فائدة اللافتات إن كنا لا نعرف الطريق ؟ إن كنا في كوكب آخر ، لا يعرفنا فيه أحد .. ولا يحفل فيه بنا أحد . كانت تثير ضحكي النعوات التي تُنشر بحماس وتهليل وزغاريد ، على الأسوار وفي كل مكان حيث يشير الطريق ، لتنعى موت شخص أو آخر ... في الأراضي المحتلة ... ما أهمية أن يموت فرد هنا أو هناك ..... بينما كرامة الوطن تخرّ صريعة تحت النعال ؟ تابعت النملة المسكينة سعيها الحثيث ... لو كنت فقط أعرف أين بيتها ؟؟؟ لساعدتها فورا واختصرت عليها الطريق .... ولكن .. كيف ستخبرني ؟ كيف ستعلم كم هي تافهة أزمتها وصغيرة ..... ! سافرت الى بلد غريب أجهل لغته لأني لا اريد الكلام .. ولا اريد أن افهم شيئا كنت أنشد الهدوء والاستقرار.....كانت أول صدمة لي ، أنني لا أعرف كيف يمكن أن أطلب ماءا تصوّرت أنني أموت عطشا ... بينما لن يعرف أحد أن هناك شوكة في حلقي تخنقني ....كلمة ماء. إحدى العاملات نظرت إلي وفهمت ..... وأحضرت لي كوب الماء فرحت وقتها باكتشافي النادر ... اللغة ليست حروفا لغة العالم لغة موحّدة ...إذن نستطيع العيش معا دون كلام ..... ولكن هل سينجح ابتكاري هذا ، مع النملة ؟ لا يمكن أن أنفذه الآن لأني لن أعرف أين مكان إقامتها مهما نظرت اليها ! صحيح.. لماذا خرجت النملة وحيدة ، أكيد أن هناك خلاف مع شركائها ، ومن الممكن أنه تم طردها من مملكة النمل .... لربما الآن تبحث عن مقر جديد للإقامة ، ولا يساعدها في ذلك رفوفي المصقولة ..الغبية ... أين تظن نفسها تسير .... حملتها ووضعتها على الأرض .... كان هذا أبلغ ما يمكن أن أفعله لأرضي تأنيب الضمير والمسؤولية المفاجئة اللذين شعرت بهما فجأة .... على أي حال .. كان لا بد أن أفعل شيئا ما ، لأنهي سيل الأفكار الذي تدفق فجأة وحرمني النوم ..... |
روائع الكتابات المتميزة للأديبة صاحبة القلم الماسي " فاديا "
من أين تأتيك الأفكار المبدعة ؟ ينتج الابداع عندما يعمل جانبي المخ بتوازن هناك الخيال وهناك التحليل العلمي والمنطقي ، ولا بد ان يُشارك الطرفان في هذه العملية فالمبدع او العبقري لا يمكن ان يكون مشعّث الشعر ، بوهيمي التفكير ،لا يهتم بالزمان ولا المكان ، فوضويا غير منظم ، كما درج الاعتقاد بل أنه الشخص المتمسك بالعقل والمنطق ، وأول صفة له الإتزان ، والوسطية .... إن وجود بعض المبدعين المتصفين بهذا الإهمال والتمرد ، لا يعني أن الصواب في صنيعهم ، بل نقول أن هؤلاء شواذ عندهم شيء من النقص ينبغي أن يستدركوه حتى يكتمل إبداعهم ويستقيم منهجهم. لماذا عندما ننتظر أكثر ، نحصل على الأجود ؟ عندما تحتار في فكرة ما ، في رد ما ،في مسألة ما ، في مشكلة ما ، ليس الهدف من نصحك بالانشغال بالأمور الأخرى ، فقط لتبعد عن التفكير عنها بعض الوقت وانما هذا لضرورة عقلية بحتة .... اتركها قليلا ، وقم ببعض العمليات الحركية أو الرياضة ستجد الأفكار المناسبة قد استقرت على لسانك لأنك حركت جانبا من المخ يختص بالحركة ، فارتاح الجانب الآخر، جانب الخيال من الضغط ، وسلك مع العقل مسلكا واحدا للتفكير ، توحّدت الجهود ونتج عن هذا الاتحاد ، أفضل الطرق للتفكير. الأفكار كالثمار .... أعطها وقت كافي لتنضج .... لكيلا تكون كصاحب الضفدعة ..... أحد الناس أراد أن يكون مبدعا، فجاء إلى ضفدعة ووضعها أمامه وقال للضفدعة: نطي (أي اقفزي)، فكتب: قلنا للضفدعة نطي فنطت. ثم قطع يدها اليمنى وقال لها نطي، فنطت، فكتب: قطعنا اليد اليمنى للضفدعة وقلنا لها نطي، فنطت. ثم قطع يدها اليسرى وقال لها نطي، فنطت، فكتب: قطعنا اليدان اليمنى واليسرى للضفدعة وقلنا لها نطي فنطت. ثم قطع رجلها اليمنى وقال لها نطي، فنطت بصعوبة، فكتب: قطعنا يَدَي الضفدعة ورجلها اليمنى وقلنا لها نطي فنطت. ثم قطع رجلها اليسرى وقال لها نطي،.... نطي ....، فلم تنط، فكتب: قطعنا يدي الضفدعة ورجليها وقلنا لها نطي، فلم تنط، ومن هنا أثبتت الدراسات أن الضفدعة إذا قُطعت يداها ورجلاها فإنها تصاب بالصمم.... |
روائع الكتابات المتميزة للأديبة صاحبة القلم الماسي " فاديا "
هناك اسم يظهر عاديا ، كالقرش الممسوح ، ليس له رنين واسم آخر ، مشعّ كقطعة من نار هناك اشياء نراها وكأننا لا نراها نمر بها وكأنها غير موجودة ، أو كأن ليس لها شكل فلا تثير فينا الاشمئزاز ، أو الاشفاق ، ولا تثير الإعجاب كذلك هناك شخصيات ، ليست ثقيلة الظلّ ، فلا يتأذى منها أحد ولا هي سخيفة ... ولكنها لا تثير الاعجاب فإن غابت لا يفتقدها أحد هناك أشخاص ليسو أذكياء لتعجب بهم ، ولا أغبياء لتضيق بهم، انما هم في ترتيب هناك ، في مكان لا يثير انتباه احد.... هناك لاعبون رياضيون ..لم يحدث ان أصابوا الهدف ولكن كذلك لم يحدث أن أخطأوا في اللعب و لم يحدث ابدا ........ ان صفق لهم الجمهور هناك لوحات تتأملها ، تفاصيلها والوانها ليس فيها خطأ قد لا تكتشف فيها خطأ فني واحد ولكن العيون لا تنظر اليها بانبهار ، بل تتأملها بانطفاء.. هناك كتابات لا تستطيع ان تجد فيها خطأ ادبيا أو املائيا واحدا ولكنها لا تثير لديك شهقات إعجاب ولا تثير حتى نقدا واحدا هل تساءلتم يوما،،، ما السبب ، في أن هناك شيء له بريق؟ وهناك ما يفتقد دوما الى البريق ؟؟ قد ترى لوحة بعين الخبير ، فتكتشف ان بها أكثر من عشرة أخطاء فنية قد تجد نصّا أدبيا أو شعريا ، فيه أخطاء أدبية ورغم ذلك لا تستطيع الا ....اطلاق صيحة دهشة ، واعجاب ما أصل هذه اللمعة ؟ هذا البريق الذي يميز المحترفين ويسري في الدماء ، الممسكة للفرشاة او للقلم ... كيف ينطلق هذا البريق من بين الدقائق ليطغى على الأخطاء ؟ حتى تغدو وكأنها متعمدة ... هل التجرؤ على الأصول والنصوص ..هو ما يخلق هذا اللمعان ؟ وهل مراقبة الأصول تُفقد العملَ ...ذاك البريق؟ |
روائع الكتابات المتميزة للأديبة صاحبة القلم الماسي " فاديا "
لا أعرف متى يأتي اليوم الذي يعترف فيه خبراء النفس أن الأمراض النفسية قابلة للعدوى بطريقة ما طالما ان جزء كبير منها يتعلق بالوراثة، وأن العدوى الطبية والصحية لا تحدث فقط عن طريق الجراثيم والفيروسات بل ان العدوى النفسية أخطر بكثير ، لأنه وان كان الميكروب يحمل مرضا معينا معروف اين يستقر وما مدى تأثيره على الجسم الا ان المرض النفسي غير معروف المدى ولا التأثير على المحيطين . ان وجود شخص من المحيطين بك والذي يتصرف سلوكيات مرضية غريبة ، لا يمكن الا ان تؤثر بك وتستجيب لهذا التأثير وتتغير نفسيتك ونظرتك الى الحياة ، ويعود هذا حسب العلاقة التي تربطك بهذا الشخص. وقد ينتهي بك الأمر الى اضطرارك الى اللجوء الى ما يدعم نفسيتك ، ومنها الإدمان على سلوكيات سيئة كرد فعل لمحاولة تقبل وتجاوز ما يصدر من الغير وما هو مفروض عليك ولا تستطيع عمل أي شيء حياله ، ثم تصبح أنت - كما هو - بحاجة الى العلاج ! يقرر بعض خبراء النفس أن الكثير من دوافع الإجرام هي دوافع نفسية ، وان كان البعض قد ذهب في ذلك الى ان العوامل النفسية لا بد وان تكون مسيطرة على كل جريمة ، في الوقت الذي اقتنع به ان التعميم لا يمكن ان يكون صحيحا ، وان عوامل الاجرام كثيرة، وهناك من المجرمين من يعيشون حياة نفسية واجتماعية عادية – وان كانت العوامل النفسية تلعب دورا كبيرا وربما وحيدا في بعضها – والا لتبادل - بشكل مضحك - القضاة وأطباء النفس أدوار عملهم ! اننا ان تحدثنا عن العامل النفسي المسبب للجريمة بشكل استثنائي فإن السبب هو عقد نفسية مكبوتة ، ساهم في تكوينها التصرفات وطريقة التعامل التي اكتسبها الفرد خلال مراحل حياته ، ولا بد ان هذه التصرفات التي تسببت بحدوث هذه العقد هي من أشخاص أيضا ( غير سويين ولا متزنين نفسيا )، فاحتفظ الشخص بأعماقه بهذا المرض ، وهو شعوره بأنه لا يتصرف بطريقة صحيحة وأنّه دائم الأخطاء ومصدرا للشر ّ ، وظل حاملا له لفترة طويلة ، وكأنه قنبلة موقوتة الإنفجار على شكل قلق نفسي مستمر ينتج عن عقدة الذنب ، يسيطر عليه ويخل بتوازنه ويدفع به الى السلوك الإجرامي - لكي يُقبض عليه ويُعاقب ، ويتخلص بالتالي من هذا الشعور ويعود اليه توازنه بين الخير والشر . إن الإنفعالات النفسية والسلوك النفسي يوُرّث ويُكتسب وإن كنا لا نستطيع وضع كل انفعال نفسي تحت قائمة الأمراض النفسية وإلا فإنه من غير المعقول ان نعتبر كل البشر مرضى نفسيين لأننا معرضون الى الانفعال في مرحلة من المراحل . وكلّ ما علينا الحذر منه هو ، الى أي مدى سيصل التفاعل معه عند غيرنا ، وان عرفنا المدى الذي وصل به لدينا ؟ إننا نستطيع ببساطة أن نجعل من أبنائنا مجرمين ، جرّب ان تُعامل ابنك او ابنتك بشكل دائم بطريقة عصبية انفعالية ، انقل اليه سلوكك الانفعالي هذا ، وانظر بعدها الى سلوكه مع أقرانه ، الذي سيتسم بالعصبية والنزعات العدوانية ، ولن تستطيع أن تقرّر الى أي مدى سيصل تفاعله مع سلوكك غير السويّ في التعامل معه ، وأي من ردود الأفعال سيتخذ، خلال المراحل المتقدمة في حياته ؟ |
روائع الكتابات المتميزة للأديبة صاحبة القلم الماسي " فاديا "
الكثير من المبادئ القيّمة اذ نحن ركزنا في استخدامها دون تمحيص ولا تمييز سرعان ما نصبح من ضحاياها. إن نصيحة ( من جدّ وجد ) و ( كل من سار على الدرب وصل ) هي نصيحة لا بأس بها ان نحن القيناها على اطفالنا وتلاميذنا ليفهموا مبدأ الدأب والتواصل ومواصلة الدراسة ولنجنبهم اليأس والخمول. ولكن التطرف فيها ، قد يعطينا نتيجة عكسية ، لأنها تعني بشكل غير مباشر ان مستقبل الفرد بيده، اذ هو يستطيع ان يصنع نفسه حسب ما يشاء بحزمه وارادته وسعيه واجتهاده. ويقرر من خبروا الحياة وواجهوا الواقع ، اننا قد نحرص على شيء ما ونذوب من أجله عزما وسعيا ثم نراه يبتعد عنا بقدر ما حرصنا عليه ..... ويقررون على الجانب الآخر ، أن هناك أهداف ندأب في سبيلها وما ان نهملها ونتغافلها ، حتى نجدها قد استلانت بين ايدينا ورضخت ،ومن المؤكد ان هذا يثير الدهشة كما يثير المرارة . ان التأكيد على ان التطرف في السعي والكدح هو ما يجلب النجاح والتفوق ، قد لا يكون قويا عندما نرى كثيرا من الأشخاص ذوي الارادة والعزيمة الصلبة والمثابرين ليل نهار ، تخلفوا عن الركب بينما تقدم فيه من هم أقل منهم جهدا وأضعف ارادة ... ومن هنا جاءت النظرية المنتشرة بين الناس ( الحظ ) ، وسرعان ما يبدأ الشخص بوضع لومه على حظه الذي لم يقدمه على أقرانه ، وهنا مبدأ آخر الكثيرون هم من ضحاياه . ما السر في ذلك ، وما السر فيما يحدث احيانا ؟ كثيرون هم الاشخاص الذين يستطيعون التحدث بفصاحة فطرية قد يفقدونها اذا دخلوا المدرسة وتعلموا قواعد النحو وبدأوا في تطبيقها، قد يتقن شخص ما لعبة رياضية بشكل تلقائي وما ان يتعلم الاصول والقواعد حتى يفقد هذه الموهبة . قد يضع احدهم الخطط الناجعة لحياته والمدروسة بعمق ويحاول تنفيذها بدقة ثم يجد نفسه اضعف في معركة الحياة من اولئك الذين يسيرون على طبيعتهم. إن التقصد والتعمد والتكلف والتعجل امور تؤدي الى الخطأ الكثير والصواب القليل ، والحريص المتكالب على شيء يفقده الكثير من معالم النجاح. إن ديننا الذي أوصانا بعدم الإسراف في شيء كان يعطينا بين السطور خصائص النجاح الكامل ، وبالطبع ليس هذا استصغار لقيمة الجهد واهمية السعي وأثر ذلك في نجاح الفرد وانما يجب ان يكون هناك تحديد ومجال لهذا الحرص لا ينبغي ان نتعداه ..... إننا وان ركزنا على الجهد والسعي عطّلنا آلية الاسترسال والانسياب الفكري والتي تعطي النجاح المميز ، من غير تكلف ولا حرص شديد ولا جهد كبير .... هناك أمور تحتاج الى جهد وأمور أخرى تحتاج الى استرسال ، والسعيد هو من استطاع التفريق بين الأمرين ثم سلك الطريق المناسب في كل مقام. |
روائع الكتابات المتميزة للأديبة صاحبة القلم الماسي " فاديا "
كثيرا ما نتكلم عن الحاسة السادسة او ذلك الحدس الذي نصفه بهذا التعبير وبينما بعض العلماء يعتقد ان هذا التعبير ( مجازي ) وهو من علوم ما وراء الطبيعة ، الا ان البعض الآخر يؤكد ان لهذا تفسيرا علميا ، وان هناك مركزا مسؤولا عن هذه الحاسة في الدماغ. لا أهدف طبعا الى تقويض الدراسات الحثيثة للعلماء الذين توصلوا بعد بحث الى تحديد مركز الناقل العصبي لهذه الحاسة في القشرة الدماغية ، ولا أنفي وجود هذا الحدس القوي في كثير من الأحيان . الا ان دراساتهم بهذه الاثباتات العلمية تفترض بنا وتقضي علينا أن نصدق توقعاتنا أو تنبؤات غيرنا مباشرة ، وهذا يتعارض مع بعض المفاهيم الدينية ، حتى وان صَدَقَتْ بعض هذه التوقعات . إننا نصدق أننا نبصر أشياءا ... لأننا نبصر بأعيننا نصدّق أننا نسمع - بغض النظر عما نسمع - .... لأننا نسمع بآذاننا لنا أنوفا مجهزة لوصول حاسة الشم لها، وندرك مذاقات الأشياء بواسطة اللسان وندرك حاسة اللمس بالجلد ، إذن ، عندما نصف شعورا ما بأنه ( حاسة ) - من وجهة نظر علمية - فهذا يقتضي وجود مركز في الجسم ، مسؤوليته إدراك هذا الشعور ولا وجود لأي قناة لدى البشري لادراك ما يسمى الحاسة السادسة ، وهذا ما يجعلنا قلقين مضطربين. إن هذا الاضطراب والتخبط الذي يحل بنا عندما تقع بعض الأفكار المتعلقة بتوقع أو تنبؤ ما في أذهاننا سببه اختلال بيولوجي يصيب الجسم عامة ، لأن الجسم لا يملك المركز الوظيفي المسؤول عن استقبال هذه الفكرة وتصديقها ، لكي ينهي مرحلة القلق البيولوجي ، بغض النظر عن المرحلة اللاحقة وما يصاحبها احيانا من مشاعر فرحة او حزن او خيبة او الم تبعا للنتيجة التي وصلنا اليها ، وبذلك لا شعوريا ، ننتقل الى مرحلة توظيف حواسنا الواضحة والمعروفة لمعرفة كل ما يتعلق بهذه الفكرة التي طرأت على بالنا ، ان جسمنا يحثنا على البحث عن التصديق لكي ينهي حالة الاضطراب البيولوجي الذي اصابته ... فنبدأ رحلة البحث عن دليل نراه او نسمعه او نلمسه لتأكيد هذا الشعور . إن هذا يؤكد على أنه من الخطأ العلمي ايضا اعتبار ان هناك حاسة سادسة لدى البشر، ويمكننا - بدل ذلك - القول ان الناس جميعا يمتلكون ( حدسا ) وان كان بدرجات متفاوتة .... قد نلغي مشاريع قائمة - لشعور مبهم تجاهها أو قد نتخذ قرارات معينة لسبب لا نعرفه، قد نتوقع شيئا سيئا قبل أن يحدث، قد نحس باننا سنقابل شخصا ما . من المهم جدا أن نعرف أن هناك عدة عوامل فردية شخصية تؤثر في تشكيل هذا الحدس :- *الخبرة - ما اختبره الانسان ووصل اليه عن طريق التجربة خلال سني حياته العامرة بمختلف أنواع التجارب والمصادفات. *شدة الحساسية والشعور - تأثير ما يمر به الانسان يختلف من شخص لآخر فهناك من يتأثر عميقا فيبقى هذا التأثير علامة له على الطريق. *قوة الذاكرة - بحيث تبقى هذه التجارب عالقة في ذهن الانسان وشعوره بها حي ، سواء وعي هذا أم لم يعي . *التكوين النفسي للانسان - طريقة تحليله للخبرات والشعور ، القلق النفسي والشعور بعدم الأمان الذي يدفع الانسان الى استخدام التوقعات والهواجس لمعرفة المستقبل الغامض حتى لا يُصدم به ، سرعة القراءة واستنباط الحركات والأسرار . *التفكير المنعكس الذاتي - تركيز الإنسان تفكيره على نفسه ومراقبة تطورات نفسيته والتوترات التي تصيبها تجاه الأحداث المختلفة ، فيرتبط هذا الحدث بشعور معين لديه ، حتى ان عاوده هذا الشعور في اي مرحلة من المراحل ربط ذلك فورا بنوعية الحدث الذي حصل قبل ذلك ، وبدأت توقعاته وهواجسه حيال ما سيحدث . ولا ننكر أن هناك اسبابا خاصة ، مثل اقتراب الإنسان من الفطرة الصحيحة ، نقاء نفسه ، صفاء ذهنه ، قوة إيمانه وارتباطه بالطبيعة ،......... كل هذا من شأنه أن يزيد من قوة الحدس لدى الإنسان ،..مثلا ، قبائل أفريقيا ، تعتمد على هذا الحدس في توقع التقلبات الجوية أو معرفة أماكن المياه في الأرض وبعض مظاهر تقلبات الطبيعة الأخرى. أن كل ما فعله الإنسان ليفهم هذا الحدس فيستعمله شكل أوسع ، قد أدّى في الغالب الى تشويه هذا المفهوم وتلويثه بالشوائب، فوقع في السحر والبصارة والشعوذة بينما كان يأمل أن تصبح حياته ( سلسلة من الرؤى الصادقة ) ، أو ذهب في متابعة دراسة البارسيكولوجي على أمل أن يصبح ( روحانيا ) . وما أدّى هذا الا الى زيادة في تخبط العقل والروح وضياع البصيرة وغياب الشفافية الفكرية . |
روائع الكتابات المتميزة للأديبة صاحبة القلم الماسي " فاديا "
وطبعا ، لا نقصد مرض الازدواج النفسي المعروف في علم النفس انما باختصار ..... اتباع الشخص لنمط من التفكير ،تجعله يرتفع في السحاب ، و يختلف هذا عن واقع الحياة. وهذا ما يجعل الانسان منشقا على نفسه ، لأنه يفكر بطريقة ، بينما يتصرف بطريقة أخرى.. سنتعرض الآن باختصار الى الاسباب النفسية والاجتماعية والحضارية التي ادت الى استفحال هذه الظاهرة في مجتمعاتنا : * المنطق : يستخدم الناس كلمة ( المنطق ) في حديثهم ويدللون بها على اشياء كثيرة رغم ان البعض لا يعرفون ما معنى كلمة المنطق ، و معناه : طراز تفكير يحمي من الوقوع في الخطأ وفي الواقع أن ما اوقع الكثير من البشر في الازدواج الاجتماعي هو طريقة تفكيرهم او منطقهم.... اعتاد الناس في منطقهم على ان يعتمدوا على ( اطر ثابتة ) واستخدامها كمقياس ونظام لبعض الحقائق الاجتماعية ، بغض النظر عن ظروف الواقع ...وهو ما يقال عنه ( منطق ارسطو ) والذي يفترض الثبات في الحقائق ومن ثم القياس عليها .. وكمثال على ذلك ، قد تأخذ رأي شخص في الانتساب الى جامعة معينة ، فيعطيك فصلا كاملا من الاسباب التي تحذرك من الانضمام اليها ، لتفاجئ بعد فترة من الزمن أنه سجل أحد ابنائه فيها ! ودون ان نعتبر ان هذا الشخص مخادعا ، الا انه ان عاصر الواقع اكتشف ان فكرته الثابتة عن هذه الجامعة كانت وهما ، أي ان الحقيقة تغيرت .. ان الاعتماد على الثبات او السكون في اي تفاصيل على كوكب الأرض ، لا شك وهم كبير لأن قانون الحركة هو ما يحكم الحياة ، وليس قانون السكون وربما جاء منطق الاطر الثابتة في التفكير ، من علم الفيزياء القديم ، ايام كان العلماء يعتبرون مادة الكون ساكنة جامدة ثابتة ، ولا يلفت نظرهم السكون على اعتبار انه الطبيعي ، بل يثير اهتمامهم اذا وجدوا شيء متحرك ، الى ان جاء العلم واثبت ان المادة في حركة مستمرة وان ما نرى من سكون فيها هو وهم حواسنا لا نستغرب ابدا ارتباط العلوم بعضها البعض ارتباطا وثيقا ، وان حقائق علم الفيزياء انتقلت الى حياتنا الاجتماعية والنفسية ، فالمجتمع والشخصية البشرية هي عوامل متحركة لا يصح افتراض الثبات فيها. * عدم قبول ان التناقض في الشخصية البشرية هو طبع أصيل وجزء من واقعنا ، قد تحمل الافكار نقيضها وفي الوقت ذاته ، وتحمل الشخصيات البشرية نقيضها كذلك ان من الأسباب التي تجعلنا نصاب بالازدواج الاجتماعي ، هو اننا لا نؤمن ان شيء وعكسه من الممكن ان يتواجدا في نفس الفكرة، ونصاب بالذهول لأننا اعتمدنا الثبات في الشخصيات والافكار ولا نتصور التناقض الذي تحمله الاشياء والاشخاص من حولنا ومثال ذلك : قد يحمل شابا افكارا معينة عن السعادة ويسعى الى تحقيقها باعتبار انها الباب الى السعادة المطلقة وبعد انجازها يكتشف أنه اخطأ التفكير وانها تحمل في احشائها ابواب التعاسة ، وانه لو نظر الى الامر من البداية من وجوه أخرى لما انغمس في فكرته الى هذه الدرجة .. وما اكثر الفشل الذي يعانيه خاصة شبابنا من جراء التسرع في الاحكام وبناء الاعمال عليها ، ثم يظهر لهم بعد ذلك انهم نظروا الى الامر من وجهة واحدة اقل قيمة وتأثيرا من الوجوه الأخرى ...، وعين الرضا عن كل عيب كليلة ..... * التصنيف الثنائي للأفراد : إما خير وإما شر إما حق وإما باطل نحن نميل بطبعنا الى اعتبار الناس واحد من اثنين فإما ...وإما ان هذه الطريقة في التقسيم متعبة ومرهقة ، ولا شك انها تخلق ازدواجا متعبا في التفكير ، فأنت تعتبر هذا الشخص من الصالحين ، وعلى حين غرّة تضعه في فئة الطالحين إن الاصل هو أن البشر يتفاوتون في الصفات كلها ، وليس منا من هو كامل سواء في الخير أو الشر ولا يصلح لنا التصنيف الثنائي، ولا نستطيع وضع حد فاصل يفصل بين الأفراد من ناحية العقل أو الخلق او المنزلة ... بينما الأصل هو ان نعتمد على التدريج وعلى النسب السائدة من كل الصفات في نفس الشخص ....على اساسها ، تظهر عليه صفاته المميزة في نظرنا . إن قانون الوراثة خير دليل على ذلك تطغى الصفات الشكلية على الفرد حسب جيناتها السائدة قد يظهر الشخص بعيون ملونة ، بينما قد يحمل في الوقت ذاته جين العيون غير الملونة ... في حياتنا الاجتماعية ... نحن بحاجة الى منطق ينقذنا من هذا الازدواج العجيب في الشخصيات والعقول، علينا ان نؤمن ان الحياة متحركة بأصلها والحركة فيها تحدث كل يوم ، وضمن تحول الليل والنهار ، تتحول اشياء وشخصيات وأفكار ، كنا نظن فيها الثبات ، سواء على الخير أو الشر ... علينا ان نعلق بداخلنا لافتة بخط كبير : أتوقع كل شيء... من أي شيء.... في أي وقت ، إنه الواقع ! |
الساعة الآن : 06:38 AM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour