ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى القرآن الكريم والتفسير (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=57)
-   -   تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري ) (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=235072)

ابوالوليد المسلم 08-08-2022 02:17 PM

رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 


http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg

تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة غافر - (4)
الحلقة (745)
سورة غافر
مكية
وآياتها خمس وثمانون آية

المجلد الرابع (صـــــــ 531الى صــــ 535)

وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَاقَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ (30) مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ (31) وَيَاقَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ (32) يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (33) وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ (34) الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ (35)

شرح الكلمات:
وقال الذي آمن: أي مؤمن آل فرعون.
مثل يوم الأحزاب: أي عذاباً مثل عذاب الأحزاب وهم قوم نوح وعاد وثمود.
مثل دأب قوم نوح: أي مثل جزاء عادة من كفر قبلكم وهي استمرارهم على الكفر حتى الهلاك فهذا الذي أخافه عليكم.
يوم التناد: أي يوم القيامة وقيل فيه يوم التنادي لكثرة النداءات فيه إذ ينادي أصحاب الجنة أصحاب النار، وأصحاب النار أصحاب الجنة.
يوم تولّون مدبرين: أي هاربين من النار إلى الموقف.
ولقد جاءكم يوسف من قبل: أي يوسف بن يعقوب الصديق عليهما السلام من قبل مجيء موسى إليكم اليوم.
قلتم لن يبعث الله من بعده رسولا: أي قلتم هذا من دون دليل فبقيتم كافرين إلى اليوم.
كذلك يضل الله من هو مسرف: أي مثل إضلالكم هذا يضل الله من هو مسرف في الشرك والظلم.
مرتاب: أي شاك فيما قامت الحجج والبينات على صحته.
يجادلون في آيات الله بغير سلطان: أي يخاصمون في آيات الله لإبطالها بدون سلطان أي حجة وبرهان.
كبر مقتاً عند الله وعند الذين آمنوا: أي كبر جدالهم بالباطل مقتاً عند الله وعند الذين آمنوا.
كذلك: أي مثل إضلالهم يطبع الله أي يختم بالضلال على كل قلب متكبر.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم فيما دار من كلام في مجلس الحكومة، وها هو ذا مؤمن آل فرعون يتناول الكلمة بعد فرعون الذي أعاد تقريراً ما عزم عليه من قتل موسى عليه السلام فقال ما أخبر تعالى به عنه في قوله: {وَقَالَ الَّذِي آمَنَ} وهنا أعلن عن إيمانه الذي كان يكتمه يا قوم إني أخاف عليكم أي إن أنتم أصررتم على قتل موسى وقتلتموه {أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ} وهو اليوم الذي أخذ الله فيه قوم نوح، وعاد وثمود أي أخاف عليكم جزاء عادتهم وهي استمرارهم على الكفر والشك والتكذيب حتى حلت بهم نقمة الله ونزل بهم عذابه وواصل وعظه قائلاً، {وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ (1) يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ} أي فارين من النار هاربين إلى الموقف وهو يوم القيامة الذي تكثر فيه النداءات والصرخات {مَا لَكُمْ (2) مِنَ اللهِ مِنْ عَاصِمٍ} يعصمكم من العذاب وينجيكم منه. وبعد هذا الوعظ البليغ قال {وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} إشارة إلى أن القوم لم يتأثروا بكلامه فقال متعزياً بعلمه بتدبير الله في خلقه فقال: {وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} فإن من كتب الله عليه الضلال ليصل إلى الشقاوة بكسبه فلا هادي له أبداً، إذ الله لا يهدي من يُضل ثم قال لهم مواصلاً كلامه {وَلَقَدْ جَاءَكُمْ (3) يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ} أي من قبل موسى وهو يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام بالبينات والحجج الدالة على توحيد الله ووجوب طاعته، غير أنكم مع الأسف {مَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ} فلم تؤمنوا ولم توقنوا {حَتَّى إِذَا هَلَكَ (4) } أي مات عليه السلام فرحتم بموته {قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولاً} متخرصين متقولين على الله بدون علم فأضلكم الله بكذبكم عليه {كَذَلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ (5) } في الكذب مثلكم {مُرْتَابٌ} في كل شيء لا يعرف اليقين في شيء، والعياذ بالله، ثم أعلمهم أن الذين يجادلون في آيات الله يريدون إبطال الحق وإطفاء نوره بكلامهم بغير حجة لديهم ولا برهان أتاهم جدالهم ذلك أكبر مقتاً أي أشد شيء يمقته الله ويبغضه من صاحبه، وكذلك عند الذين آمنوا. وختم كلامه بقوله {كَذَلِكَ (6) يَطْبَعُ اللهُ} أي كإضلال من هو مسرف مرتاب يطبع الله {عَلَى كُلِّ قَلْبِ (7) مُتَكَبِّرٍ} أي قلب كل إنسان متكبر على الإيمان والطاعة متجبر متعاظم يريد إجبار الناس على مراده وما يهواه. وإلى هنا انتهى كلام الرجل المؤمن والكلمة الآن إلى فرعون الطاغية وسنقرأها في الآيات التالية بعد رؤية ما في الآيات من هداية.
هداية الآيات
من هداية الآيات:

1- قوة الإيمان تفجر قلب المؤمن بأنواع من المعرفة والحكمة في قوله إذا قال.
2- التذكير بالأمم الهالكة إذ العاقل من اعتبر بغيره.
3- التخويف من عذاب الآخرة وأهوال القيامة.
4- التنديد بالإسراف والارتياب وعدم اليقين.
5- حرمة الجدال بغير علم، وأن صاحبه عرضة لمقت المؤمنين بعد مقت الله تعالى.
6- عرضة المتكبر الجبار للطبع على قلبه ويومها يحرم الهداية فلا يُهدى أبداً.
__________

1- قراءة العامة التناد بتخفيف الدال من النداء وهو الدعاء والطلب للحضور أو الإغاثة وقرئ التناد بتشديد الدال من ندّ البعير إذا هرب إذ هم فعلاً يهربون وشاهده في الآية يوم تولون مدبرين. والجمهور على حذف الياء وقفاً ووصلاً. وبعضهم أثبتها وصلا ووقفاً وكلا القراءتين صحيحة.
2- هذه الجملة في موقع الحال والعاصم المانع والحافظ.
3- لما تفرّس فيهم عدم نفع النصح لهم آثر عتابهم ولومهم بقوله ولقد جاءكم يوسف الخ واللام في ولقد جاءكم لام القسم لأنهم كالمنكرين فلذا أكد الخبر بالقسم.
4- إذا اسم للزمان الماضي مجرور بحتى قبلها وليست بظرف أي حتى زمن هلاك يوسف قلتم.. والقائل أسلافهم الغابرون يوم مات يوسف عليه السلام.
5- المسرف: المفرط في فعل أو قول مالا خير فيه، والمرتاب الشديد الريب أي الشك.
6- جائز أن يكون هذا من كلام مؤمن آل فرعون ختم به كلامه معهم. وجائز أن يكون من كلام الله تعالى معترض بين كلام المؤمن وكلام فرعون.
7- المتكبر هو ذو الكبر والجبار الذي يكره الناس على ما لا يحبون عمله لظلمه وعتوه وقرأ الجمهور على كل قلب متكبر بإضافة قلب إلى متكبر وقرأ بعضهم بتنوين قلب بدون إضافة فيكون متكبر نعتاً لقلب.

***************************

يتبع

ابوالوليد المسلم 08-08-2022 02:17 PM

رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَاهَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (36) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ (37) وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَاقَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ (38) يَاقَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ (39) مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ (40)
شرح الكلمات:
يا هامان ابن لي صرحاً: هامان وزير فرعون والصرح البناء العالي.
أسباب السموات: أي طرقها الموصلة إليها.
وإني لأظنه كاذباً: أي وإني لأظن موسى كاذباً في زعمه أن له إلهاً غيري.
سوء عمله: أي قبيح عمله.
وصد عن السبيل: أي عن طريق الهدى.
إلا في تباب: أي خسار وضياع بلا فائدة تذكر.
إنما هذه الحياة الدنيا متاع: أي ما هذه الدنيا إلا متاع يتمتع به وقتاً ثم يزول.
دار القرار: أي الاستقرار والبقاء الأبدي.
يرزقون فيها بغير حساب: أي رزقاً واسعاً بلا تبعة ولا تعقيب.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم فيما يدور من كلام بين مؤمن آل فرعون وفرعون نفسه إذ تقدم قول المؤمن وما حواه من نصح وإرشاد وها هو ذا فرعون يرد بطريق غير مباشر على (1) ما قاله المؤمن فقال: لوزيره هامان {يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحاً} أي بناء عالياً {لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي (2) لَأَظُنُّهُ كَاذِباً} أي في دعواه أن له إلها غيري وهذا من فرعون مجرد مناورة كاذبة يريد أن يموه بها على غيره إبقاء على مركزه وقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ} أي ومثل هذا التزيين في قول فرعون زين له سوء عمله وهو أقبح ما يكون، {وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ (3) } أي صرف عن طريق الحق والهدى، وقوله تعالى: {وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ} أي مكره وتدبيره لقتل موسى عليه السلام وقتل أبناء المؤمنين {إِلَّا فِي تَبَابٍ} أي خسار وضياع لم يتحقق منه شيء، لأن الله تعالى ولي موسى والمؤمنين فلم يمكن فرعون منهم بحال. وبعد أن أخبر تعالى عن فرعون في محاولته الفاشلة أخبر تعالى عن الرجل المؤمن (1) وما قاله للقوم من نصح وإرشاد فقال: {وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ} أي طريق الرشد والصواب في حياتكم لتنجوا من العذاب وتفوزوا بالنعيم المقيم في الجنة. فقال: {يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ} أي لا تعدو كونها متاعاً قليلاً يُتمتع به ثم يذهب سريعا، {وَإِنَّ الْآخِرَةَ} أي الحياة الآخرة بعد انتهاء هذه الحياة {هِيَ دَارُ (2) الْقَرَارِ} أي الاستقرار والإقامة الأبدية، فاعملوا لدار البقاء وتجافوا عن دار الفناء واعلموا أن الحساب سريع وأن {مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا} وذل لعدالة الرب تبارك وتعالى، ومن عمل صالحاً من الأعمال الصالحة التي شرعها الله لعباده وتعبدهم بها والحال (3) أنه مؤمن أي مصدق بالله وبوعده ووعيده يوم لقائه فأولئك أي المؤمنون العاملون للصالحات (4) من الذكور والإناث يدخلون الجنة دار السلام يرزقون فيها بغير حساب أي رزقاً واسعاً لا يلحق صاحبه تبعة ولا تعب ولا نصب.
هداية الآيات
من هداية الآيات:

1- التحذير من تزيين الأعمال القبيحة نتيجة الإدمان عليها والاستمرار على فعلها فإن من زُينت له أعماله السيئة فأصبح يراها حسنة هلك والعياذ بالله.
2- التحذير من الاغترار بالدنيا والغفلة من الآخرة إذ الأولى زائلة والآخرة باقية واختيار الباقي على الفاني من شأن العقلاء.
3- مشروعية التذكير بالحساب والجزاء وما يتم في دار الآخرة من سعادة وشقاء.
__________

1- خاف فرعون أن يؤثر كلام مؤمن آل فرعون في الذين سمعوه فأوهم أنه يمتحن ما جاء به موسى من التوحيد فإن بان له صوابه لم يخفه عنهم، وإن لم يظهر صوابه ثبتهم على دينه فقال لوزيره ابن لي صرحاً الخ.
2- أسباب السموات بدل من أسباب الأول. والأسباب جمع سبب وهو ما يوصل إلى مكان بعيد فيطلق على الحبل ويطلق على الطريق والمراد هنا طرق السموات كما في قول زهير:
\ومن هاب أسباب المنايا ينلنه
وإن يرق أسباب السماء بسلم
3- قرأ نافع وصد بفتح الصاد من صد اللازم يصُدّ أو المتعدي صد نفسه وصد غيره وقرأ حفص وصد بالبناء للمجهول أي بصد الصاد أي صده الله وصرفه عقوبة له لشدة كفره وظلمه.
4- هو مؤمن آل فرعون الذي أظهر إيمانه بعد كتمانه.
5- يريد بالدار دار السلام الجنة ودار البوار النار.
6- لأن جملة قوله تعالى "وهو مؤمن" حالية وإن كانت شرطاً في صحة الأعمال الصالحة وفي قبولها ولذا لما لم يذكر الإيمان قبل العمل الصالح ذكره في الجملة الحالية ليدلل على تقدمه وشرطيته.
7- قرأ الجمهور يدخلون بالبناء للفاعل وقرأ بعض يدخلون بضم الياء وفتح الخاء بالبناء للمجهول والمعنى واحد إذ من دخل دخل بإذن الله ومن أدخل أدخل بإذن الله وفضله.



ابوالوليد المسلم 08-08-2022 02:18 PM

رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 


http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg

تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة غافر - (5)
الحلقة (746)
سورة غافر
مكية
وآياتها خمس وثمانون آية

المجلد الرابع (صـــــــ 536الى صــــ 542)

وَيَاقَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ (41) تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ (42) لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (43) فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (44) فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (45) النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (46)
شرح الكلمات:
أدعوكم إلى النجاة: أي من الخسران في الدنيا والآخرة، وذلك بالإيمان والعمل الصالح.
وتدعونني إلى النار: أي إلى عذاب النار وذلك بالكفر والشرك بالله تعالى.
ما ليس لي به علم: أي لا علم لي بصحة إشراكه في عبادة الله تعالى.
وأنا أدعوكم إلى العزيز الغفار: أي وأنا أدعوكم إلى الإيمان وعبادة الله العزيز أي الغالب على أمره الغفار لذنوب التائبين من عباده المؤمنين به.
لا جرم أن ما تدعونني إليه: أي حقاً أن ما تدعونني إلى الإيمان به وبعبادته.
ليس له دعوة في الدنيا والآخرة: أي ليس له دعوة حق إلى عبادته، ولا دعوة استجابة بأن يستجيب لمن دعاه لا في الدنيا ولا في الآخرة.
وأن المسرفين هم أصحاب النار: أي وأن المسرفين في الكفر والشرك والمعاصي هم أهل النار الواجبة لهم.
فوقاه الله سيئات ما مكروا: أي فحفظه الله من مكرهم به ليقتلوه.
وحاق بآل فرعون سوء العذاب: أي عذاب الغرق إذ غرق فرعون وجنده أجمعون.
النار يعرضون عليها غدواً وعشياً: أي أن سوء العذاب هو النار يعرضون عليها صباحاً مساءً وذلك أن أرواحهم في أجواف طير سود تعرض على النار كل يوم مرتين.
ويوم القيامة أدخلوا آل فرعون: أي ويوم القيامة يقال أدخلوا آل فرعون أشد العذاب.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في ذكر نصائح وإرشاد مؤمن آل فرعون فقد قال ما أخبر به تعالى عنه في قوله: {وَيَا قَوْمِ (1) مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ} أي من النار وذلك بالإيمان والعمل الصالح مع ترك الشرك والمعاصي {وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ} وذلك بدعوتكم لي إلى الشرك والكفر {تَدْعُونَنِي (2) لِأَكْفُرَ بِاللهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ} أي ما علم لي بصحة إشراكه في عبادة الله تعالى. {وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ (3) الْغَفَّارِ} أي لتؤمنوا به وتعبدوه وحده ولا تشركوا معه غيره أدعوكم إلى العزيز أي الغالب الذي لا يُغلب الغفار لذنوب التائبين من عباده مهما كانت، وأنتم تدعونني إلى أذل شيء وأحقره لا ينفع ولا يضر لأنه لا يسمع ولا يبصر. لا جرم أي حقاً أن ما تدعونني إليه لأومن به وأعبده ليس له دعوة (4) حق يدعى بها إليه، ولا دعوة استجابة فإنه لا يستجيب لي دعاء أبداً لا في الدنيا ولا في (5) الآخرة. وشيء آخر يا قوم وهو أن مردنا إلى الله أي لا محالة نرجع إليه فالواجب أن نؤمن به ونعبده ونوحده ما دام رجوعنا إليه، وآخر وهو {وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ (6) هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ} المسرفين الذين أسرفوا في الكفر والشرك والمعاصي فتجاوزوا الحد في ذلك هم أصحاب النار أي أهلها الذين لا يفارقونها ولا تفارقهم.
وقوله: {فَسَتَذْكُرُونَ (7) مَا أَقُولُ لَكُمْ} يبدوا أنه قال هذا القول لما رفضوا دعوته وهموا بقتله ويدل عليه قوله: {وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللهِ إِنَّ اللهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} .
قوله تعالى: {فَوَقَاهُ اللهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا (8) } أي حفظه الله تعالى من مكرهم به ليقتلوه فنجاه الله تعالى إذ هرب منهم فبعث فرعون رجالاً في طلبه فلم يقدروا عليه ونجا مع موسى وبني إسرائيل وقوله {وَحَاقَ (9) بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ} وذلك بأن أغرقهم الله في البحر أجمعين.
وقوله {النَّارُ (10) يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا} إخبار بأن أرواح آل فرعون تعرض في البرزخ على النار غدوّاً وعشياً وذلك بأن تكون في أجواف طير سود على خلاف أرواح المؤمنين فإنها تكون في أجواف طير خضر ترعى في الجنة. إلى يوم القيامة.
ويوم تقوم الساعة يقال أدخلوا آل فرعون أشد العذاب وهو عذاب جهنم والعياذ بالله.
هداية الآيات
من هداية الآيات:

1- بيان الفرق الكبير بين من يدعو إلى النجاة وبين من يدعو إلى النار، بين من يدعو إلى العزيز الغفار ليؤمن به ويُعبد وبين من يدعو إلى أوثان لا تسمع ولا تبصر وهي أحقر شيء وأذله في الحياة، وبين من يدعو من لا يستجيب له في الدنيا والآخرة وبين من يدعو من يستجيب له في الدنيا والآخرة.
2- التنديد بالإسراف وفي كل شيء.
3- نعم ما ختم به مؤمن آل فرعون وعظه ونصحه لقومه وهي فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد.
4- إثبات عذاب القبر ونعيمه إذ آل فرعون تعرض أرواحهم على النار صباح ومساء.
__________

1- الاستفهام هنا تعجبي باعتبار تقييده بجملة الحال وهي وتدعونني إلى النار إذ هي في موضع الحال تقدير مبتدأ أي وأنتم تدعونني إلى النار.
2- هذه جملة بيان لجملة وتدعونني إلى النار.
3- العدول عن اسم الجلالة إذ لم يقل أدعوكم إلى الله إلى الصفتين العزيز والغفار لإيضاح الاستدلال على استحقاقه الإقرار بالألوهية والعبادة.
4- ليس له دعوة توجب له الألوهية وليس له استجابة دعوة تنفع لا هذه ولا تلك فبأي حق إذاً يدعى ويعبد؟
5- أي ليس له شفاعة في الدنيا ولا في الآخرة.
6- الإسراف هنا الإفراط في الكفر والظلم بسفك دماء بني إسرائيل بذبح أبنائهم وليصرف فرعون عن عزمه عن قتل موسى عليه السلام وفي الكلام تعريض بالذين يخاطبهم إذ هم مسرفون إلى أبعد حد في الظلم والكفر.
7- هذا الكلام مشاركة لهم وإنهاء لخطابهم كأنه استشعر منهم ما جعله ينهى الكلام معهم إما لاحظ في ذلك من ملامحهم أو من كلام سمعه منهم.
8- ما مكروا: ما مصدرية أي سيئات مكرهم.
9- حاق: أحاط والعذاب الغرق.
10- في الصحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال "إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة وإن كان من أهل النار فمن أهل النار فيقال هذا مقعدك حتى يبعثك الله يوم القيامة".

********************************

يتبع

ابوالوليد المسلم 08-08-2022 02:19 PM

رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ (47) قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ (48) وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ (49) قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ (50) إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (51) يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (52)
شرح الكلمات:
وإذ يتحاجون في النار: أي وأنذرهم يوم الآزفة وإذ يتحاجون في النار أي يتخاصمون.
فيقول الضعفاء: أي الأتباع الضعفاء الذين اتبعوا الأغنياء والأقوياء في الشرك.
إنا كنا لكم تبعا: أي تابعين لكم فيما كنتم تعتقدونه وتفعلونه.
فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار؟ : أي فهل تدفعون عنا شيئا من النار.
إن الله قد حكم بين العباد: فلا مراجعة أبداً فقد حكم لأهل الإيمان والتقوى بالجنة فهم في الجنة ولأهل الشرك والمعاصي بالنار فهم في النار.
لخزنة جهنم: أي جمع خازن وهو الموكل بالنار وأهلها.
يخفف عنا يوما من العذاب: أي قدر يوم من أيام الدنيا إذ الآخرة يوم واحد لا ليل له.
إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا: أي بأن نظهر دينهم، أو نهلك قومهم وننجيهم من الهلاك.
في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد: أي وننصرهم يوم يقوم الأشهاد وهم الملائكة يشهدون للرسل بالبلاغ.
ولهم اللعنة ولهم سوء الدار: أي ولهم اللعنة أي البعد من الرحمة ولهم سوء الدار أي الآخرة أي شدة عذابها.
معنى الآيات:
هذا عرض آخر للنار وما يجري فيها بعد العرض الذي كان لآل فرعون في النار يعرض على كفار قريش ليشاهدوا مصيرهم من خلاله إذا لم يتوبوا إلى الله من الكفر والتكذيب والشرك تضمنته ست آيات قال تعالى: {وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ (1) فِي النَّارِ} أي وأنذرهم واذكر لهم إذ يتحاجون في النار أي يتخاصمون فيها فيقول الضعفاء الأتباع الذين كانوا يتبعون أغنياء وأقوياء البلاد طمعاً فيهم وخوفاً منهم. قالوا للذين استكبروا بقوتهم عن الإيمان ومتابعة الرسل، إنا كنا لكم تبعا (2) أي تابعين، فهل أنتم (3) مغنون عنا نصيبا من النار؟ أي فهل في إمكانكم أن تخففوا عنا حظاً من عذاب النار؟ فأجابوهم قائلين بما أخبر تعالى به عنهم في قوله: {قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا} أي نحن وأنتم إن الله قد حكم بين العباد فقضى بالجنة لأهل الإيمان والتقوى، وبالنار لأهل الشرك والمعاصي هذه كانت خصومة بين الأتباع مع المتبوعين ولم تنته إلى طائل إلا زيادة الحسرة والغم والهم. وقوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ فِي (4) النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ} وهم الملائكة المكلفون بالنار وعذابها قالوا لهم {ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِنَ الْعَذَابِ} أي مقدار يوم من أيام الدنيا إذ الآخرة لا ليل فيها وإنما هي يوم واحد. فردت عليهم الملائكة قائلة بما أخبر تعالى به عنهم في قوله: {قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ} أي أتقولون ادعوا لنا ربكم ليخفف عنكم العذاب أولم تك تأتيكم رسلكم بالبينات أي بالحجج الظاهرة الدالة على وجوب الإيمان والتقوى بترك الشرك والمعاصي. قالوا بلى أي اعترفوا فقالت لهم الملائكة إذاً فادعوا (5) أنتم ربكم ولكن لا يستجاب لكم إذ ما دعاء الكافرين إلا في ضلال فلا يستجاب له أبداً وقوله تعالى: {إِنَّا لَنَنْصُرُ (6) رُسُلَنَا} تقرير لحقيقة عظمى، وهي أن من سنة الله في رسله أنه ينصرهم بانتصار دينهم وما يهدون ويدعون إليه، وإن طال الزمن واشتدت الفتن والمحن، أو بإهلاك أممهم المكذبة لهم وإنجائهم والمؤمنين معهم قال تعالى: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} وقوله: {وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} أي (7) وينصرهم في الآخرة يوم يقوم الأشهاد وهم الملائكة يشهدون للرسل بالبلاغ وعلى الكافرين بالتكذيب.
وقوله: {يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ (8) } إذا أذن لهم في الاعتذار لا تقبل معذرتهم {وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ (9) } أي البعد من الرحمة والجنة {وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ} الآخرة وهو أشد عذابها.
هداية الآيات
من هداية الآيات:

1- بيان تخاصم أهل النار وهو ما يتم من خصومة بين الأتباع والمتبوعين.
2- التنديد بالكبر والاستكبار إذ الكبر عائق عن الطاعة والاستقامة.
3- عدم استجابة دعاء الكافر في الدنيا والآخرة إلا ما شاء الله.
4- عدم قبول المعذرة يوم القيامة.
5- عدم استجابة الدعاء في النار.
6- بيان وعد الله لرسله والمؤمنين وهو أنه ينصرهم بأحد أمرين الأول أن ينصر دينهم ويظهره ويقرره وإن طال الزمن، والثاني أن يهلك عدوهم وينجيهم.
__________

1- التحاج: الاحتجاج من جانبين فأكثر أي إقامة كل فريق حجته للفريق المضاد المخاصم.
2- تبعا: اسم لمن يتبع غيره يستوي فيه الواحد وأكثر نحو خدم وحشم.
3- فهل أنتم مغنون الاستفهام هنا معناه الحث على طلب خلاصهم من النار واللوم على تركهم وعدم الاهتمام بما هم فيه من العذاب.
4- الذين في النار هذا شامل للضعفاء والمستكبرين والخزنة جمع خازن وهم الملائكة الموكلون بالنار وعذاب أهلها.
5- أي تولوا أنتم أمر أنفسكم وادعوا والأمر هنا للتسوية أي سواء دعوتم أو تركتم لا يستجاب لكم.
6- هذه الآية والتي بعدها جاءتا كالنتيجة لكل ما سبق في السورة من قوله تعالى {ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا} فكل ذلك لتلك المواقف والمشاهد في الدنيا والآخرة عبرتها المستخلصة منها هي هذه {إنا لننصر رسلنا} الآية وهي تسلية للرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبشرى له ولأتباعه المؤمنين.
7- الأشهاد: الملائكة والرسل ومؤمنو هذه الأمة.
8- هذه الجملة بدل من جملة ويوم يقوم الأشهاد والظالمون هم المشركون.
9- تقديم الجار والمجرور "لهم" في الجملتين: لهم اللعنة ولهم سوء الدار للاهتمام بالانتقام منهم.



ابوالوليد المسلم 08-08-2022 02:20 PM

رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 




http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg

تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة غافر - (6)
الحلقة (747)
سورة غافر
مكية
وآياتها خمس وثمانون آية

المجلد الرابع (صـــــــ 543الى صــــ 547)

وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْهُدَى وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ (53) هُدًى وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ (54) فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ (55) إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (56) لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (57)
شرح الكلمات:
ولقد آتينا موسى الهدى: أي أعطينا موسى بني إسرائيل المعجزات والتوراة.
وأورثنا بني إسرائيل: أي أبقينا فيهم التوراة كتاب الهداية الإلهية يهتدون به في ظلمات الحياة ويذكرن به الله في تراكم النسيان.
واصبر إن وعد الله حق: أي واصبر يا محمد على ما تلاقي من قومك إن وعد الله بنصرك حق.
واستغفر لذنبك: ليقتدى بك في ذلك ولزيادة طهارة لروحك وتزكية لنفسك.
وسبح بحمد ربك: أي نزه ربك وقدسه بالصلاة والذكر والتسبيح فيها وخارجها.
بالعشي والإبكار: بالمساء وأول النهار أي في أوقات الصلوات الخمس كلها.
إن في صدروهم إلا كبر: أي ما في صدورهم إلا كبر حملهم على الجدال في الحق، لا أن لهم علماً يجادلون به، وإنما حبهم العلو والغلبة حملهم على ذلك.
فاستعذ بالله: أي استعذ من شرهم بالله السميع لأقوالهم العليم بأعمالهم ونياتهم وأحوالهم.
لخلق السموات والأرض: أي لخلق السموات والأرض ابتداء ولأول مرة.
أكبر من خلق الناس: أي أعظم من خلق الناس مرة أخرى بعد الأولى.
معنى الآيات:
قوله تعالى {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى (1) الْهُدَى} الآية شروع ي تسلية الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عما يلاقي من قومه فأعلمه تعالى أنه قد سبق أن أرسل موسى وآتاه الكتاب الذي هو التوراة وأورثه في بني إسرائيل هدى أي هاديا لهم في ظلمات الحياة إلى الحق والدين الصحيح الذي هو الإسلام وذكرى لأولي الألباب أي يذكر به أولوا العقول، ولاقى موسى من قومه أشد مما لاقيت إذاً فاصبر على تعانيه من قريش وأن العاقبة لك فإن وعد الله حق وقد قال إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد أي يوم القيامة.
وقوله: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ (2) وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ (3) وَالْأِبْكَارِ} أرشده إلى مقومات الصبر والموفرات له وهي ذكر الله تعالى بالاستغفار والدعاء والصلاة والتسبيح فيها وخارجها. فأعظم عون على الصبر الصلاة فلذا كان صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا حزبه أمر فَزِعَ إلى الصلاة وقوله {إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ} أي حجة من علم إلهي أتاهم بطريق الوحي إن في صدروهم أي ما في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه أي لا يصلون إليه بحال وهو الرئاسة عليك والتحكم فيك وفي أصحابك. وعليه فاستعذ بالله (4) من شرهم ومن مكرهم إنه تعالى هو السميع لأقوالهم البصير بأحوالهم وأعمالهم، وسوف لا يمكن لهم منك أبداً لقدرته وعلمه وعجزهم وجهلهم.
وقوله تعالى: {لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ (5) وَالْأَرْضِ} هذا رد على منكري البعث والجزاء الآخر فلما قالوا أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعوثون. . قال تعالى: وعزتنا وجلالنا لخلق السموات والأرض ابتداء من غير مثال سابق ولا مادة قائمة موجودة أكبر من خلق الناس مرة أخرى بعد خلقهم المرة الأولى، ولكن أكثر الناس لا يعلمون (6) هذه الحقائق العلمية لجهلهم وبعدهم عن العقليات لما عليهم من طابع البداوة وإلا فإعادة الشيء أهون من بدئه عقلاً فليس الاختراع كالإصلاح للمخترع إذا فسد.
هداية الآيات
من هداية الآيات:

1- بيان منة الله تعالى على موسى وبني إسرائيل تتكرر لمحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأمته بإنزال الكتاب وتوريثه فيهم هدى وذكرى لأولي الألباب.
2- وجوب الصبر والتحمل في ذات الله، والاستعانة على ذلك بالاستغفار والذكر والصلاة.
3- أكثر من يجادل بالباطل ليزيل به الحق إنما يجادل من كبر يريد الوصول إليه وهو التعالي والغلبة والقهر للآخرين.
4- تقرير عقيدة البعث بالبرهان العقلي، وهو أن البدء أصعب من الإعادة ومن أبدأ أعاد، ولا نصب ولا تعب!!
__________

1- الهدى الذي أوتيه موسى هو ما أوحي إليه من الأمر بالدعوة إلى الدين الحق، وما أنزل عليه من الشريعة والكتاب الذي هو التوراة.
2- ذكر القرطبي عدة أقوال للسلف في الذنب المطلوب من الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الاستغفار منه قيل ذنبه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي كان قبل البعثة والعصمة، وقيل ذنب أمته، وقيل الصغائر ومخالفة الأول قيل المراد هو تعبد الله رسوله بالدعاء إذ الاستغفار دعاء بطلب المغفرة وهو وجه وأوجه منه إرشاد الآية إلى الاستغفار.
3- هما صلاة الصبح وصلاة العصر ومعنى بحمد ربك أي بالشكر له والثناء عليه.
4- جملة إنه هو السميع العليم تعليلية، ومفعول المستعاذ منه في قوله فاستعذ بالله محذوف لغرض التعميم في كل ما يخاف منه.
5- اللام في جواب قسم محذوف كما في التفسير، وخلق السموات والأرض شامل لكل ما فيهما من مخلوقات وعقيدة البعث والجزاء الآخر من جملة ما يجادل فيه الذين كفروا.
6- لا يعلمون لانشغالهم بالباطل عن الحق فتركوا التفكر والتأمل لذا هم لا يعلمون أن الذي خلق السموات والأرض قادر عقلا على خلق الناس بعد إماتته إياهم وبعثهم أحياء كما خلقهم أول مرة.

***********************************

يتبع

ابوالوليد المسلم 08-08-2022 02:20 PM

رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلَا الْمُسِيءُ قَلِيلًا مَا تَتَذَكَّرُونَ (58) إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ (59) وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60) اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ (61) ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (62) كَذَلِكَ يُؤْفَكُ الَّذِينَ كَانُوا بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (63)
شرح الكلمات:
وما يستوي الأعمى والبصير: لا يستويان فكذلك الكافر والمؤمن لا يستويان.
والذين آمنوا وعملوا الصالحات ولا المسيء: لا يستويان أيضاً فكذلك لا يستوي الموقن والشاك.
قليلا ما تتذكرون: أي ما يتذكرون إلا تذكراً قليلاً والتذكر الاتعاظ.
إن الساعة لآتية: أي إن ساعة نهاية هذه الحياة وإقبال الأخرى جائية لا شك فيها.
إن الذين يستكبرون عن عبادتي: أي عن دعائي.
سيدخلون جهنم داخرين: أي صاغرين ذليلين.
لتسكنوا فيه: أي لتنقطعوا عن الحركة فتستريحوا.
والنهار مبصراً: أي مضيئاً لتتمكنوا فيه من الحركة والعمل.
ولكن أكثر الناس لا يشكرون: أي الله تعالى بحمده والثناء عليه وطاعته.
ذلكم الله ربكم: أي ذلكم الذي أمركم بدعائه ووعدكم بالاستجابة الذي جعل لكم الليل والنهار وأنعم عليكم بجلائل النعم الله ربكم الذي لا إله لكم غيره ولا رب لكم سواه.
فأنى تؤفكون: أي كيف تصرفون عنه وهو ربكم وإلهكم الحق إلى أوثان وأصنام لا تسمع ولا تصبر.
كذلك يؤفك الذين كانوا بآيات الله يجحدون: أي كما صرف أولئك عن الإيمان والتوحيد يصرف الذين يجحدون بآيات الله يصرفون عن الحق.
معنى الآيات:
ما زال السياق في دعوة قريش إلى الإيمان والتوحيد، فقوله تعالى {وَمَا يَسْتَوِي (1) } أي في حكم العقلاء {الْأَعْمَى} الذي لا يبصر شيئا والبصير الذي يبصر كل شيء يقع عليه بصره فكذلك لا يستوي المؤمن السميع البصير، والكافر الأعمى عن الدلائل والبراهين فلا يرى منها شيئاً الأصم الذي لا يسمع نداء الحق والخير، ولا كلمات الهدى والرشاد. كما لا يستوي في حكم العقلاء المحسن المؤمن العامل للصالحات، والمسيء الكافر والعامل للسيئات، وإذا كان الأمر كما قررنا فلم لا يتعظ القوم به ولا يتوبون إنهم لظلمة نفوسهم {قَلِيلاً مَا تَتَذَكَّرُونَ (2) } أي لا يتعظون إلا نادراً.
وقوله تعالى: {إِنَّ السَّاعَة (3) َ لَآتِيَةٌ} يخبر تعالى أن الساعة التي كذب بها المكذبون ليستمروا على الباطل والشر فعلا واعتقاداً لآتية حتماً، {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ} بها لوجود صارف قوي وهو عدم تذكرهم، وانكبابهم على قضاء شهواتهم.
وقوله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي (4) أَسْتَجِبْ لَكُمْ} إنه لما قرر ربوبيته تعالى وأصبح لا محالة من الاعتراف بها قال لهم: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} أي سلوني أعطكم وأطيعوني أثبكم فأنتم عبادي وأنا ربكم. ثم قال لهم: {إن الذين يستكبرون عن عبادتي} ودعائي فلا يعبدونني ولا يدعونني سوف أذلهم وأهينهم وأعذبهم جزاء استكبارهم وكفرهم وهو معنى قوله: {سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} أو صاغرين ذليلين يعذبون بها أبدا.
وفي الآية (61) عرفهم تعالى بنفسه ليعرفوه فيؤمنوا به ويعبدوه ويوحدوه، ويكفروا بما سواه من مخلوقات فقال: {اللهُ الَّذِي جَعَلَ (5) لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ} أي جعله مظلما لتنقطعوا فيه عن الحركة والعمل فتستريحوا {وَالنَّهَارَ مُبْصِراً} أي وجعل لكم النهار مبصراً أي مضيئاً يمكنكم التحرك فيه والعمل والتصرف في قضاء حاجاتكم، وليس هذا من إفضال الله عليكم بل إفضاله وإنعامه أكثر من أن يذكر وقرر ذلك بقوله: {إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ} الله على إفضاله وإنعامه عليهم فلا يعترفون بإنعامه ولا يحمدونه بألسنتهم ولا يطيعونه بجوارحهم، وذلك لاستيلاء الشيطان والغفلة عليهم ثم واصل تعريف نفسه لهم ليؤمنوا به بعد معرفته ويكفروا بالآلهة العمياء الصماء التي هم عاكفون عليها صباح مساء فقال جل من قائل: {ذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ} (6) الذي عرفكم نفسه {خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} أي لا معبود بحق إلا هو. وقوله: {فَأَنَّى (7) تُؤْفَكُونَ} أي كيف تصرفون عنه وهو ربكم والمنعم عليكم، إلا أوثان وأوثان وأصنام لا تنفعكم ولا تضركم. فسبحان الله كيف تؤفكون كذلك يؤفك أي كانصرافكم أنتم عن الإيمان والتوحيد مع وفرة الأدلة وقوة الحجج يصرف أيضاً الذين كانوا بآيات الله يجحدون في كل زمان ومكان لأن الآيات الإلهية حجج وبراهين فالمكذب بها سيكذب بكل شيء حتى بنفسه والعياذ بالله تعالى.
هداية الآيات
من هداية الآيات:

1- بيان حقيقة هي أن الضدين لا يجتمعان فالكفر والإيمان، والإحسان والإساءة والعمى والبصر والصمم والسمع هذه كلها لا تستوي بعضها ببعض فمحاولة الجمع بينها محاولة باطلة ولا تنبغي.
2- قرب الساعة مع تحتم مجيئها والأدلة على ذلك العقلية والنقلية كثيرة جداً.
3- فضل الدعاء وقد ورد أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها حتى شسع (8) نعله. وللدعاء المستجاب شروط منها: أن يكون القلب متعلقا بالله معرضاً عما سواه وأن لا يسأل ما فيه إثم، ولا يتعدى في الدعاء فيسأل ما لم تجر سنة الله به كأن يسأل أن يرى الجنة يقظة أو أن يعود شاباً وهو شيخ كبير أو أن يرزق الولد وهو لا يتزوج.
4- الدعاء (9) هو العبادة ولذا من دعا غير الله فقد أشرك بالله.
5- بيان إنعام الله وإفضاله والمطالبة بشكر الله تعالى بحمده والثناء عليه وبطاعته بفعل محابه وترك مكارهه.
__________

1- وما يستوي الأعمى والبصير أي الكافر والمؤمن والضال والمهتدي.
2- قرأ نافع قليلا ما يتذكرون بالياء وقرأ حفص تتذكرون بالتاء ولكل وجه بلاغي وكأن تذكرهم قليلاً لعدم علمهم فهم كالأموات لجهلهم فهم لا يتذكرون وإن تذكروا قليلاً ينقطعون فلا يحصل المراد من التذكر.
3- المراد بالساعة ساعة البعث والقيام من القبور. إنه بعد ذكر الأدلة المقررة للبعث كان هذا إعلانا عن تحقق مجيئها وتأكيد الخبر بإن ولام الابتداء لزيادة التحقيق والمراد تحقق وقوعها لا الإخبار عن وقوعها.
4- روى الترمذي عن النعمان بن بشير وصححه أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال الدعاء هو العبادة. ثم قرأ {وقال ربكم ادعوني أستجيب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين} وروي أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: يسأل أحدكم ربه حاجته كلها حتى يسأله شسع نعله.
5- (جعل) إن كانت بمعنى خلق تعدت إلى مفعول واحد كما هي هنا وإن كانت بمعنى صير تنصب مفعولين نحو جعلت الثوب سروالاً.
6- الإشارة إلى اسم الجلالة في قوله {الله الذي جعل لكم} الخ.
7- أنى اسم استفهام عن الكيفية وأصله استفهام عن المكان ثم نقل إلى الحالة.
8- تقدم تخريجه وأنه من سنن الترمذي وأنه صحيح الإسناد وشسع النعل: زمام النعل بين الإصبع الوسطى والتي تليها يضرب به المثل في الفاقة يقال لا يملك شسع نعل.
9- روي بإسناد لا بأس به "من لم يسأل الله يغضب عليه ومن لم يدع الله غضب عليه" أيضا حسنهما ابن كثير في تفسيره.


ابوالوليد المسلم 08-08-2022 02:21 PM

رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 


http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg

تفسير القرآن الكريم

- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة غافر - (7)
الحلقة (748)
سورة غافر
مكية
وآياتها خمس وثمانون آية

المجلد الرابع (صـــــــ 548الى صــــ 554)

اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَاراً وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (64) هُوَ الْحَيُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (65) قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَمَّا جَاءَنِيَ الْبَيِّنَاتُ مِنْ رَبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (66) هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلاً مُسَمّىً وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (67) هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (68)
شرح الكلمات:
قراراً: أي قارة بكم لا تتحرك فيفسد ما عليها من إنشاء وتعمير.
بناء: أي محكمة إحكام البناء فلا تسقط عليكم ولا يسقط منها شيء يؤذيكم.
وصوركم: أي في أرحام أمهاتكم فأحسن صوركم.
من الطيبات: أي الحلال المستلذ غير المستقذر وهي كثيرة.
فتبارك الله: أي تعاظم وكثرت بركاته.
فادعوا الله مخلصين له الدين: أي اعبدوه وحده ولا تشركوا به شيئاً في عباداته دعاء كان أو غيره.
قل إني نهيت: أي نهاني ربي أن أعبد الأوثان التي تعبدون.
وأمرت أن أسلم لرب العالمين: أي وأمرني ربي أن أسلم له وجهي وأخلص له عملي.
هو الذي خلقكم من تراب: أي خلق أبانا آدم من تراب وخلقنا نحن ذريته مما ذكر من نطفة ثم علقة.
ثم لتبلغوا أشدكم: أي كمال أجسامكم وعقولكم في سن ما فوق الثلاثين.
ومنك من يتوفى من قبل: أي ومنكم من يتوفاه ربه قبل سن الشيخوخة والهرم.
ولتبلغوا أجلا مسمى: أي فعل ذلك بكم لتعيشوا ولتبلغوا أجلا مسمى وهو نهاية العمر المحددة لكل إنسان.
ولعلكم تعقلون: أي طوركم هذه الأطوار من نطفة إلى علقة إلى طفل إلى شاب إلى كهل إلى شيخ رجاء أن تعقلوا دلائل قدرة الله وعلمه وحكمته فتؤمنوا به وتعبدوه موحدين له فتكملوا وتسعدوا.
يحيي ويميت (1) : أي يخلق الإنسان وقد كان عدما، ويميته عند نهاية أجله.
فإذا قضى أمراً: أي حكم بوجوده.
فإنما يقول له كن فيكون: أي فهو لا يحتاج إلى وسائط وإنما هي الإرادة فقط فإذا أراد شيئا قال له كن فهو يكون.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في تعريف العباد بربهم سبحانه وتعالى حتى يؤمنوا به ويعبدوه ويوحدوه إذ كمالهم وسعادتهم في الدارين متوقفان على ذلك قال تعالى: {اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ} أي (2) قارة في مكانها ثابتة في مركز دائرتها لا تتحرك بكم ولا تتحول عليكم فتضطرب حياتكم فتهلكوا، وجعل السماء بناء محكماً وسقفاً محفوظاً من التصدع والانفطار والسقوط كُلاًّ وبعضاً، وصوركم في أرحام أمهاتكم فأحسن صوركم (3) ورزقكم من الطيبات التي خلقها لكم وهي كل ما لذ وطاب من حلال الطعام والشراب واللباس والمراكب ذلكم الفاعل لكل ذلك الله ربكم الذي لا رب لكم سواه ولا معبود بحق لكم غيره. فتبارك الله رب العالمين أي خالق الإنس والجن ومالكهما والمدبر لأمرهما، هو الحي الذي لا يموت والإنس والجن يموتون لا إله أي لا معبود للعالمين إلا هو فادعوه مخلصين له الدين أي اعبدوه وحده ولا تشركوا بعبادته أحداً قائلين الحمد لله رب العالمين (4) أي حامدين له بذلك، هذا ما تضمنته الآيتان (64، 65) وقوله تعالى: {قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ} أي قل يا نبينا لقومك إن نهاني ربي أن أعبد الذين تدعون من دون الله من أصنام وأوثان لا تنفع ولا تضر وذلك لما (5) جاءني البينات من ربي وهي الحجج والبراهين على بطلان عبادة غير الله ووجوب عبادته سبحانه وتعالى، وأمرت أن أسلم لرب العالمين أي وأمرني ربي أن أسلم له فأنقاد وأخضع لأمره ونهيه وأطرح بين يديه وأفوض أمري إليه وقوله: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ} نظراً إلى أصلهم وهو آدم، ثم من نطفة مني ثم من علقة دم متجمد، ثم يخرجكم من بطون أمهاتكم أطفالا، ثم لتبلغوا أشدكم أي اكتمال أبدانكم وعقولكم بتخطيكم الثلاثين من أعماركم، ثم لتكونوا شيوخاً بتجاوزكم (6) الستين. ومنكم من يتوفى أي يتوفاه الله قبل بلوغه سن الشيخوخة والهرم وما أكثرهم، وفعل بكم ذلك لتعيشوا ولتبلغوا أجلاً مسمى ولعلكم تعقلون إذا تفكرتم في خلق الله لكم على هذه الأطوار فتعرفون أن ربكم واحد وأنه إلهكم الحق الذي لا إله لكم سواه.
وقوله هو الذي يحيي ويميت يحيي النطف الميتة فإذا هي بعد أطوارها بشراً أحياء ويميت الأحياء عند نهاية آجالهم وهو حي لا يموت والإنس والجن يموتون ومن أعظم مظاهر قدرته أنه يقول للشيء إذا أراده كن فيكون ولا يتخلف أبداً هذا هو الله رب العالمين وإله الأولين والآخرين وجبتْ محبته وطاعته ولزمت معرفته إذ بها يُحَبُّ ويعبد ويطاع.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- بيان مظاهر قدرة الله تعالى في الخلق والإيجاد والإرزاق والإحياء والإماتة وكلها معرفة به تعالى موجبة له العبادة والمحبة والإنابة والرغبة والرهبة ونافية لها عما سواه من سائر خلقه.
2- تقرير التوحيد ووجوب عبادة الله تعالى وحده لا شريك له.
3- بيان خلق الإنسان وأطوار حياته وهي من الآيات الكونية الموجبة للإيمان بالله وتوحيده في عبادته إذ هو الخالق الرازق المحيي المميت لا إله غيره ولا رب سواه.
__________

1- في قوله يحيي ويميت المحسن البديعي المسمى بالطباق.
2- القرار مصدر قر إذا سكن وهو هنا من صفات الأرض خبر لأنه خبر عن الأرض والمعنى أنه جعلها قارة "ساكنة" غير مائدة ولا مضطربة إذ لو لم تكن قارة لكان الناس في عناء شديد من اضطرابها وتزلزلها، وقد يفضي ذلك بأكثر الناس إلى الهلاك وهذا في معنى قوله: {وجعلنا في الأرض رواسي أن تميد بكم} ومن مظاهر قدرة الله تعالى وعلمه وحكمته أن تدور الأرض في فلكها دورة منتظمة بدقة فائقة فلا تخرج عن مدارها مقدار شبر بل إصبع فسكنت وقرت وهي متحركة فسبحان الله العلي العظيم.
3- فأحسن صوركم الفاء للعطف والتعقيب ورزقكم فهاتان نعمتان عظيمتان نعمة الإيجاد ونعمة الإمداد.
4- إنشاء الثناء على الله تعالى بعد ذكر موجبات ذلك من نعمة الإيجاد والإمداد والهداية إلى الدين الحق بعبادة الله وحده كما هي السنة في تعقيب الحمد والثناء على الله تعالى بعد كل نعمة ينعم بها على عباده.
5- لما هذه يقال فيها التوقيتية أي حصل نهي عن عبادة غير ربي في الوقت الذي جاءتني البينات وفي الآية تعريض بالمشركين إذ لم ينتهوا عن عبادة غير الله وقد جاءتهم البينات من ربهم.
6- سن الشيخوخة هو ما بين الخمسين إلى الثمانين.

********************************

يتبع

ابوالوليد المسلم 08-08-2022 02:21 PM

رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ (69) الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (70) إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ (71) فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ (72) ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ (73) مِنْ دُونِ اللهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُوا مِنْ قَبْلُ شَيْئاً كَذَلِكَ يُضِلُّ اللهُ الْكَافِرِينَ (74) ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ (75) ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (76)
شرح الكلمات:
يجادلون في آيات الله: أي في القرآن وما حواه من حجج وبراهين دالة على الحق هادية إليه.
أنى يصرفون: أي كيف يصرفون عن الحق مع وضوح الأدلة وقوة البراهين.
الذين كذبوا بالكتاب: أي بالقرآن.
وبما أرسلنا به رسلنا: من وجوب الإسلام لله بعبادته وحده وطاعته في أمره ونهيه والإيمان بلقائه.
فسوف يعلمون: أي عقوبة تكذيبهم.
إذ الأغلال في أعناقهم: أي وقت وجود الأغلال في أعناقهم يعلمون عاقبة كفرهم وتكذيبهم.
ثم في النار يسجرون: أي يوقدون.
ثم يقال لهم أين ما كنتم: أي يسألون هذا السؤال تبكيتاً لهم وخزياً.
تشركون من دون الله: أي تعبدونهم مع الله.
قالوا ضلوا عنا: أي غابوا عنا فلم نرهم.
بل لم نكن ندعو من قبل شيئا: أي أنكروا عبادة الأصنام، أو لم يعتبروا عبادتها شيئاً وهو كذلك.
كذلك يضل الله الكافرين: أي مثل إضلال هؤلاء المكذبين يضل الله الكافرين.
بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحق: أي بالشرك والمعاصي.
وبما كنتم تمرحون: أي بالتوسع في الفرح، لأن المرح شدة الفرح.
فبئس مثوى المتكبرين: أي دخول جهنم والخلود فيها بئس ذلك مأوى للمتكبرين.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في الدعوة إلى التوحيد وإلى الإيمان بالبعث والجزاء، وتقرير نبوة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقوله تعالى {أَلَمْ تَرَ} أي يا محمد {إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ (1) فِي آيَاتِ اللهِ} القرآنية لإبطالها وصرف الناس عن قبولها أو حملهم على إنكارها وتكذيبها والتكذيب بها وهذا تعجيب من حالهم. وقوله تعالى: {أَنَّى يُصْرَفُونَ} أي كيف يصرفون عن الحق بعد ظهور أدلته. وقوله {الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ} الذي هو القرآن {وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا} من التوحيد والإيمان {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} عاقبة تكذيبهم وقت ما تكون الأغلال (2) في أعناقهم والسلاسل في أرجلهم يسحبون أي تسحبهم الزبانية في الحميم هو ماء حار تناهي في الحرارة ثم في النار يسجرون (3) أي توقد بهم النار كما توقد بالحطب، هذا عذاب جسماني ووراءه عذاب روحاني إذ تقول لهم الملائكة توبيخاً وتبكيتاً وتأنيباً وتقريعاً: {أَيْنَ (4) مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ} أي أين أوثانكم التي كنتم تعبدونها مع الله؟ فيقولون: ضلوا عنا أي غابوا فلم نرهم، بل ما كنا ندعو من قبل شيئاً هذا إنكار منهم حملهم عليه الخوف أو هو بحسب الواقع أنهم ما كانوا يعبدون شيئاً إذ عبادة الأصنام ليست شيئاً لبطلانها.
وقوله {ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ (5) فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ} أي حل بكم هذا العذاب بسبب فرحكم بالباطل من شرك وتكذيب وفسق وفجور، في الدنيا، وبسبب مرحكم أيضا وهو أشد الفرح وأخيراً يقال لهم {ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ} باباً بعد باب وهي أبواب الدركات {خَالِدِينَ (6) فِيهَا} لا تموتون ولا تخرجون {فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ} أي ساء وقبح مثواكم في جهنم من مثوى أي مأوى.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- التعجيب من حال المكذبين بآيات الله المجادلين فيها كيف يصرفون عن الحق بعد وضوح أدلته وقوة براهينه.
2- إبراز صورة واضحة للمكذبين بالآيات المجادلين لإبطال الحق وهم في جهنم يقاسون العذاب بعد أن وضعت الأغلال في أعناقهم والسلاسل في أرجلهم يسحبون في الحميم ثم في النار يسجرون.
3- ذم الفرح بغير فضل الله ورحمته، وذم المرح وهو أشد الفرح.
4- ذم التكبر وسوء عاقبة المتكبرين الذين يمنعهم الكبر من الاعتراف بالحق ويحملهم على احتقار الناس وازدراء الضعفاء منهم.
__________

1- وقيل هذه الآية نزلت في القدرية نفاة القدر وقيل في المشركين والعبرة بعموم اللفظ فهي عامة في المشركين والمكذبين المجادلين في آيات الله وأحاديث رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لصرفها عن مراد الله إحقاقاً لباطلهم وإثباتاً لمذهبهم الفاسد.
2- الأغلال جمع غل بضم الغين: حلقة من قد "جلد" أو حديد محيط بالعنق. سئل ابن عرفة هل يجوز أن يقاد اليوم الأسير والجاني بالغل في عنقه؟ قال لا يجوز وإنما يقاد الجاني من يده لنهي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الإحراق بالنار وقال إنما يعذب بالنار رب النار.
3- قال مجاهد يطرحون في النار فيكونون وقوداً لها: يقال سجرت التنور أي أوقدته وسجرته ملأته أيضاً ومنه والبحر المسجور أي المملوء. شاهد آخر قوله تعالى {وقودها الناس والحجارة} .
4- الاستفهام بأين يكون عن المكان وأريد به هنا التنبيه على الغلط والفضيحة في الموقف.
5- ما مصدرية في الموضعين والتقدير أي ذلكم العذاب الذي وقعتم فيه مسبب على فرحكم ومرحكم الذين كانا لكم في الدنيا إذ الأرض المراد بها الدنيا.
6- خالدين حال مقدرة أي مقدر خلودكم فيها و {فبئس مثوى المتكبرين} متفرع على الخلود والمخصوص بالذم محذوف تقديره جهنم.

ابوالوليد المسلم 08-08-2022 02:22 PM

رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 


http://majles.alukah.net/imgcache/2018/02/44.jpg

تفسير القرآن الكريم

- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة غافر - (8)
الحلقة (749)
سورة غافر
مكية
وآياتها خمس وثمانون آية

المجلد الرابع (صـــــــ 555الى صــــ 558)

فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ (77) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ (78) اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعَامَ لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (79) وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْهَا حَاجَةً فِي صُدُورِكُمْ وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (80) وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَأَيَّ آيَاتِ اللهِ تُنْكِرُونَ (81)
شرح الكلمات:
فاصبر إن وعد الله حق: أي فاصبر يا رسولنا على دعوتهم متحملاً أذاهم فإن وعد ربك بنصرك حق.
فإما نرينك بعض الذي نعدهم: أي من العذاب في حياتك.
منهم من قصصنا عليك: أي ذكرنا قصصهم وأخبارهم وهم خمسة وعشرون.
أن يأتي بآية إلا بإذن الله: أي لأنهم عبيد مربوبون لا يفعلون إلا ما يأذن لهم به سيدهم.
وخسر هنالك المبطلون: أي هلك أهل الباطل بعذاب الله فخسروا كل شيء.
جعل لكم الأنعام: أي الإبل وإن كان لفظ الأنعام يشمل البقر والغنم أيضا.
ولكم فيها منافع: أي من اللبن والنسل والوبر.
فأي آيات الله تنكرون: أي فأي آية من تلك الآيات تنكرون فإنها لظهورها لا تقبل الإنكار.
معنى الآيات:
بعد تلك الدعوة الإلهية للمشركين إلى الإيمان والتوحيد والبعث والجزاء والتي تلوّن فيها الأسلوب وتنوّعت فيها العبارات والمعاني، والمشركون يزدادون عتواً قال تعالى لرسوله آمراً إياه بالصبر (1) على الاستمرار على دعوته متحملاً الأذى في سبيلها {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ} فيخبره بأن ما وعده ربه حق وهو نصره عليهم وإظهار دعوة الحق ولو كره المشركون. وقوله: {فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ (2) بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ} أي من العذاب الدنيوي {أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ} قبل ذلك {فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ} فنعذبهم بأشد أنواع العذاب في جهنم، وننعم عليك بجوارنا في دار الإنعام والتكريم أنت والمؤمنون معك. هذا ما دلت عليه الآية الأولى (77) وقوله تعالى في الآية الثانية (78) {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ} يخبر تعالى رسوله مؤكدا له الخبر مسلياً له حاملاً له على الصبر بأنه أرسل من قبله رسلا كثيرين منهم من قص خبرهم عليه ومنهم من لم يقصص (3) وهم كثير وذلك بحسب الفائدة من القصص وعدمها وأنه لم يكن لأحدهم أن يأتي بآية كما طالب بذلك قومه، والمراد من الآية المعجزة الخارقة للعادة، إلا بإذن الله، إذ هو الوهاب لما يشاء لمن يشاء، فإذا جاء أمر الله بإهلاك المطالبين بالآيات تحدياً وعناداً ومكابرةً قضي بالحق أي حكم الله تعالى بين الرسول وقومه المكذبين له المطالبين بالعذاب تحدياً، فنجَّى رسوله والمؤمنين وخسر هنالك المبطلون من أهل الشرك والتكذيب.
وقوله تعالى في الآية الثالثة (79) {اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعَامَ} يعرفهم تعالى بنفسه مقرراً ربوبيته الموجبة لألوهيته فيقول الله أي المعبود بحق هو الذي جعل لكم الأنعام على وضعها الحالي الذي ترون لتركبوا منها (4) وهي الإبل، ومنها تأكلون ومن بعضها تأكلون كالبقر والغنم ولا تركبون، ولكن فيها منافع وهي الدَّرُّ والوبر والصوف والشعر والجلود ولتبلغوا عليها حاجة في صدوركم وهي حمل أثقالكم والوصول بها إلى أماكن بعيدة لا يتأتى لكم الوصول إليها بدون الإبل سفائن البر، وقوله وعليها أي على الإبل وعلى الفلك "السفن" تحملون أي يحملكم الله تعالى حسب تسخيرها لكم.
وأخيراً يقول تعالى بعد عرض هذه الآيات القرآنية والكونية يقول لكم {وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ} في أنفسكم وفي الآفاق حولكم {فَأَيَّ آيَاتِ (5) اللهِ تُنْكِرُونَ} وكلها واضحة في غاية الظهور والبيان والاستفهام للإنكار عليهم علّهم يرعوون.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- وجوب الصبر على دعوة الحق والعمل في ذلك إلى أن يحكم الله تعالى.
2- الآيات لا تعطى لأحد إلا بإذن الله تعالى إذ هو المعطي لها فهي تابعة لمشيئته.
3- من الرسل من لم يقصص الله تعالى أخبارهم، ومنهم من قص وهم خمسة (6) وعشرون نبياً ورسولا. وعدم القص لأخبارهم لا ينافي بيان عددهم إجمالاً لحديث أبي ذر في مسند أحمد أن أبا ذر رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله كم عدّة الأنبياء؟ قال مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا، الرسل من ذلك ثلثمائة وخمسة عشرة جما غفيراً.
4- ذكر منّة الله على الناس في جعل الأنعام صالحة للانتفاع بها أكلاً وركوباً لبعضها لعلهم يشكرون بالإيمان والطاعة والتوحيد.
__________

1- أمره تعالى رسوله بالصبر في الآية هو تسلية له صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذ أخبر أنه ينتقم له من أعدائه في حياته أو في الآخرة وهذا كان لاستبطاء النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والمؤمنين النصر.
2- فإما أصلها فإن حرف شرط قرنت بما الزائدة للتأكيد ولذا ألحقت نون التوكيد بفعل الشرط عطف عليه أو نتوفينك وهو فعل شرط ثان.
3- قال ابن كثير وهم أكثر ممن ذكر بأضعاف أضعاف وهو كذلك إذ لم يذكر في القرآن إلا خمسة وعشرون نبياً ورسولا.
4- اللام متعلقة بجعل لكم الأنعام ومن في الموضعين للتبعيض أي تركبون من بعضها وتأكلون من بعضها.
5- اسم استفهام يطلب به تمييز شيء عن مشاركة في ما يضاف إليه أي وهو مستعمل هنا في إنكار أن يكون شيء من آيات الله يمكن أن ينكر دون غيره من الآيات فأفاد أن جميع الآيات صالحة للدلالة على وجود الله ووحدانيته في ألوهيته.
6- جمع بعضهم من ذكروا في القرآن من الآيات الآتية فقال:
حتم على كل ذي التكليف معرفة
بأنبياء على التفصيل قد علموا
في تلك حجتنا منهم ثمانية
من بعد عشر ويبقى سبعة هم
إدريس هود شعيب صالح وكذا
ذو الكفل آدم بالمختار قد ختموا
الرسل المجمع على أنهم رسل خمسة عشر وهم: نوح، إبراهيم، لوط، إسماعيل، إسحاق، يعقوب، يوسف، هود، صالح، شعيب، موسى، هارون، عيسى، يونس، محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والمختلف في رسالتهم بعد الإجماع على نبوتهم باقي الخمسة والعشرين واختلف في نبوة لقمان وذي القرنين والخضر ومريم عليهم السلام.

********************************

يتبع

ابوالوليد المسلم 08-08-2022 02:22 PM

رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
 
أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (82) فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (83) فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (84) فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ (85)
شرح الكلمات:
أفلم يسيروا في الأرض: أي أعجزوا فلم يسيروا في الأرض شمالاً وجنوباً وغرباً.
كيف كان عاقبة الذين من قبلهم: أي عاقبة المكذبين من قبلهم قوم عاد وثمود وأصحاب مدين.
وآثاراً في الأرض: أي وأكثر تأثيراً في الأرض من حيث الإنشاء والتعمير.
فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون: أي لم يمنع العذاب عنهم كسبهم الطائل وقوتهم المادية
فرحوا بما عندهم من العلم: أي فرح الكافرون بما عندهم من العلم الذي هو الجهل بعينه.
فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا: أي عذابنا الشديد النازل بهم.
معنى الآيات:
ما زال السياق في طلب هداية قريش بما يذكرهم به وما يعرض عليهم من صور حية لمن كذب ولمن آمن لعلهم يهتدون قال تعالى {أَفَلَمْ (1) يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ} أي أعجزوا فلم يسيروا في الأرض أرض الجزيرة شمالاً ليروا آثار ثمود في مدائنها وجنوبا ليروا آثار عاد، وغرباً ليرو آثار أصحاب الأيكة قوم شعيب والمؤتفكات قرى قوم لوط: فينظروا نظر تفكر واعتبار كيف كان عاقبة الذين من قبلهم. كانوا أشد منهم قوة وآثاراً في الأرض من مصانع وقصور وحدائق وجنات فما أغنى عنهم لما جاءهم العذاب ما كانوا يكسبونه من مال ورجال وقوة مادية.
هذا ما دلت عليه الآية الأولى (82) أما الآية الثانية (83) فهي قوله تعالى {فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ} يخبر تعالى عن المكذبين الهالكين أنهم لما جاءتهم رسلهم بالحجج والأدلة الظاهرة على توحيد الله والبعث والجزاء وصدقهم في النبوة ولرسالة {فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ (2) مِنَ الْعِلْمِ} المادي وسخروا من العلم الروحي واستهزأوا بأهله فرحا ومرحاً، {وَحَاقَ بِهِمْ} أي أحاط بهم العذاب الذي كان نتيجة كفرهم وتكذيبهم واستهزائهم، فلما رأوا عذاب الله الشديد وقد حاق بهم أعلنوا عن توبتهم فـ {قَالُوا آمَنَّا بِاللهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ} أي قالوا لا إله إلا الله. قال تعالى {فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا} أي شديد عذابنا {سُنَّتَ (3) اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ} وأخبر تعالى أن هذه سنة من سننه في خلقه وهي أن الإيمان لا ينفع عند معاينة العذاب إذ لو كان يقبل الإيمان عند رؤية العذاب وحلوله لما كفروا كافر ولما دخل النار أحد. وقوله {وَخَسِرَ (4) هُنَالِكَ} أي عند رؤية العذاب وحلوله {الْكَافِرُونَ} أي المكذبون المستهزئون.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- مشروعية السير في البلاد للعظة والاعتبار تقوية للإيمان.
2- القوى المادية لا تغني عن أصحابها شيئا إذا أرادهم الله بسوء.
3- بيان سنة بشرية وهي أن الماديين يغترون بمعارفهم المادية ليستغنوا بها عن العلوم الروحية في نظرهم إلا أنها لا تغني عنهم شيئاً عند حلول العذاب بهم في الدنيا وفي الآخرة.
__________

1- الفاء للتفريع وهمزة الاستفهام داخلة على محذوف أي أعجزوا فلم يسيروا والاستفهام إنكاري ينكر عليهم عدم النظر في آثار الهالكين ليحصلوا على العبرة المطلوبة لهم يؤمنوا ويوحدوا فينجوا من العذاب.

2- قال القرطبي فرحوا بما عندهم من العلم في معناه ثلاثة أقوال قال مجاهد إن الكفار الذين فرحوا بما عندهم من العلم قالوا نحن أعلم منهم ولن نعذب ولن نبعث، وقيل فرحوا بما عندهم من علم الدنيا نحو يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا وقيل الذين فرحوا الرسل بما عندهم من العلم بنجاة المؤمنين وهلاك الكافرين.
3- سنة مصدر سنّ يسن سنا وسنة أي سن الله عز وجل في الكفار أنه لا ينفعهم الإيمان إذا رأوا العذاب وجائز أن يكون سنة منصوب والإغراء والتحذير أي احذروا أيها المشركون سنة الله.
4- خسر هنالك هذه الجملة كالفذلكة لقوله فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا وهنالك أسم إشارة إلى مكان استعير للإشارة إلى الزمان أي خسروا وقت رؤيتهم بأسنا.



الساعة الآن : 01:34 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 130.47 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 129.97 كيلو بايت... تم توفير 0.50 كيلو بايت...بمعدل (0.38%)]