رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (46) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلاً إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ (47) شرح الكلمات: ومن آياته أن يرسل الرياح: أي ومن حججه الدالة على قدرته على البعث والجزاء والموجبة لعبادته وحده. مبشرات: أي تبشر العباد بالمطر وقربه. وليذيقكم من رحمته: أي بالغيث والخصب والرخاء وسعة الرزق. ولتبتغوا من فضله: أي لتطلبوا الرزق من فضله الواسع بواسطة التجارة في البحر. ولعلكم تشكرون: أي كي تشكروا هذه النعم فتؤمنوا وتوحِّدوا ربكم. رسلاً إلى قومهم: أي كنوح وهود وصالح وإبراهيم ولوط وشعيب عليهم السلام. فجاءوهم بالبينات: أي بالحجج والمعجزات. الذين أجرموا: أي أفسدوا نفوسهم فخبثوها بآثار الشرك والمعاصي. حقا علينا نصر المؤمنين: أي ونصر المؤمنين أحققناه حقاً وأوجبناه علينا فهو كائن لا محالة. معنى الآيات: ما زال السياق الكريم في تقرير ألوهية الله تعالى وعدله ورحمته، فقال تعالى {وَمِنْ آيَاتِهِ} أي ومن آياتنا الدالة على ألوهيتنا وعدلنا في خلقنا ورحمتنا بعبادنا إرسالنا الرياح مبشرات (1) عبادنا بقرب المطر الذي به حياة البلاد والعباد فإرسال الرياح أمر لا يقدر عليه إلا الله، وتدبير يقصر دونه كل تدبير ورحمة تعلوا كل رحمة. وقوله: {وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ} أي بإنزال المطر المترتب عليه الخصب والرخاء، وقوله: {وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ} أي السفن في البحر إذ الرياح كانت قبل اكتشاف البخار هي المسيرة للسفن في البحر صغيرها وكبيرها. وقوله {بِأَمْرِهِ} (2) أي بإذنه وإرادته وتدبيره الحكيم، وقوله: {وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ} أي لتطلبوا الرزق بالتجارة في البحر من إقليم إلى آخر تحملون البضائع لبيعها وشرائها وقوله: {وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} أي فعل الله تعالى بكم ذلك فسخره لكم وأقدركم عليه رجاء أن تشكروا ربكم بالإيمان به وبطاعته وتوحيده في عبادته. فهل أنتم يا عباد الله شاكرون؟، وقوله: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ} يا رسولنا {رُسُلاً إِلَى قَوْمِهِمْ} كنوح وهود وصالح وإبراهيم ولوط وشعيب عليهم السلام فجاءوا أقوامهم بالبينات والحجج النيرات كما جئت أنت قومك فكذبت تلك الأقوام رسلهم {فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا} فأهلكناهم، ونجينا الذين آمنوا {وَكَانَ حَقّاً (3) عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} ألا فليعتبر قريش بهذا وإلا فستحل بها نقمة الله فيهلك الله المجرمين وينجي رسوله والمؤمنين كما هي سنته في الأولين والحمد لله رب العالمين. هداية الآيات من هداية الآيات: 1- تقرير الربوبية لله المستلزمة لألوهيته بذكر مظاهر القدرة والعلم والرحمة والعدل. 2- بيان أن الله تعالى ينعم عباده من أجل أن يشكروه بعبادته وتوحيده فيها فإذا كفروا تلك النعم ولم يشكروا الله تعالى عليها عذبهم بما يشاء وكيف يشاء ومتى يشاء. 3- بيان أن الله منتقم من المجرمين وإن طال الزمن، وناصر المؤمنين كذلك. __________ 1 - قيل في الرياح مبشرات لأنها تتقدم المطر فهي كالمبشرة بمجيئه. 2 - قال بأمره لأن الرياح قد تهب ولا تكون مواتية فيتعين إرساء السفن والاحتيال على حبسها إذ ربما عصفت بها الرياح فأغرقتها فمن هنا قال بأمره وإلا فالرياح وحدها لن تغرق السفن وتعوقها عند السير. 3 - حقاً هذه الكلمة من صيغ الالتزام يقال فلان محفوف بكذا أي لازم له شاهده في قول الأعشى: لمحفوفة أن تستجيبي لصوته حقا خبر كان مقدم على اسمها وهو نصر المؤمنين ولا التفات إلى من رأى الوقف على (حقاً) . |
رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
|