رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ وَمَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ (44) وَلَكِنَّا أَنْشَأْنَا قُرُوناً فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ وَمَا كُنْتَ ثَاوِياً فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (45) وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (46) وَلَوْلا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (47) شرح الكلمات: وما كنت بجانب الغربي: أي لم تكن يا رسولنا حاضراً بالجانب الغربي من موسى. إذا قضينا إلى موسى الأمر: أي بالرسالة إلى فرعون وقومه. وما كنت من الشاهدين: حتى تعلمه وتخبر به. ولكنا أنشأنا قرونا فتطاول عليهم العمر: أي غير أننا أنشأنا بعد موسى أمما طالت أعمارهم فنسوا العهود وأندرست العلوم وانقطع الوحي فجئنا بك رسولاً وأوحينا إليك خبر موسى وغيره. وما كنت ثاويا في أهل مدين: أي ولم تكن يا رسولنا مقيماً في أهل مدين فتعرف قصتهم. وما كنت بجانب الطور إذ نادينا: أي لم تكن بجانب الطور أي جبل الطور إذ نادينا موسى وأوحينا إليه ما أوحينا حتى تخبر بذلك. ما أتاهم من نذير من قبلك: أي أهل مكة والعرب كافة. ولولا أن تصيبهم مصيبة الخ: لعاجلناهم بالعقوبة ولما أرسلناك إليهم رسولا. معنى الآيات: بعد انتهاء قصص موسى مع فرعون وإنزال التوراة {بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} وكان القصص كله شاهداً على نبوة الرسول محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خاطب الله تعالى رسوله فقال: {وَمَا كُنْتَ} أي حاضراً {بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ} أي بالجبل الغربي من موسى {إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ (1) } بإرساله رسولاً إلى فرعون وملئه {وَمَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ} الحاضرين إذاً فكيف علمت هذا وتتحدث به لولا أنك رسول حق؟! وقوله: {وَلَكِنَّا أَنْشَأْنَا (2) قُرُوناً} أي أمما بعد موسى {فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ} أي طالت بهم الحياة وامتدت فنسوا العهود واندرست العلوم الشرعية وانقطع الوحي فجئنا بك رسولاً وأوحينا إليك خبر موسى وغيره وقوله: {وَمَا كُنْتَ ثَاوِياً} أي مقيماً {فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا} فكيف عرفت حديثهم وعرفت إقامة موسى بينهم عشر سنين لولا أنك رسول حق يوحى إليك نبأ الأولين وهو معنى قوله تعالى {وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ} فأرسلناك رسولاً وأوحينا إليك أخبار الغابرين. وقوله: {وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ} أي جبل الطور {إِذْ نَادَيْنَا} موسى وأمرناه بما أمرناه وأخبرناه بما أخبرنا به، فيكف عرفت ذلك وأخبرت به لولا أنك رسول حق يوحى إليك. وقوله تعالى: {وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ (3) رَبِّكَ} أي أرسلنا رحمة من ربك للعالمين {لِتُنْذِرَ قَوْماً مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ} وهم أهل مكة والعرب أجمعون {لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} أي كي يتعظوا فيؤمنوا ويهتدوا فينجوا ويسعدوا. وقوله تعالى: {وَلَوْلا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ (4) } أي عقوبة {بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ} أي من الشرك والمعاصي {فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً} أي هلا أرسلت إلينا رسولاً {فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} أي لولا قولهم هذا لعاجلناهم (5) بالعذاب ولما أرسلناك إليهم رسولاً إذاً فمالهم لا يؤمنون ويشكرون؟؟! هداية الآيات من هداية الآيات: 1- تقرير النبوة المحمدية بأقوى الأدلة العقلية. 2- بعثة الرسول محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جاءت في أوانها واشتداد الحاجة إليها. 3- البعثة المحمدية كانت عبارة عن رحمة إلهية رحم الله بها العالمين. 4- جواب {لولا} في قوله {وَلَوْلا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ} . محذوف وقد ذكرناه وهو لعاجلناهم بالعقوبة ولما أرسلناك إليهم ورسولا. __________ 1- إذ كلفّناه أمرنا ونهيناه وألزمناه عهدنا. 2- (ولكنا أنشأنا) الخ وجه هذا الاستدراك أن المشركين لما تعجبوا من رسالة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين لم يسبقها رسالة إلى آبائهم فأعلمهم أن الله تعالى أرسل موسى بعد فترة من الرسل كذلك ولكن لطول الزمن ومضي القرون نسوا رسالة موسى عليه السلام حتى قالوا: ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة. 3- أي: ما كان علمك بذلك لحضورك ولكن كان علمك رحمة من ربك فرحمة: منصوب في الآية على تقدير كون محذوف أي: كان علمك رحمة. ويصح النصب على المفعول المطلق أي: ولكن رحمناك رحمة فعلمناك ذلك بواسطة إيحائنا إليك. 4- (لولا) هنا حرف امتناع لوجود، امتنع إنزال العذاب بهم لوجود قولهم (لولا أرسلت إلينا رسولاً فنتبع آياتك) أما لولا الثانية فهي أداة تحضيض. 5- في الآية معنى (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) . |
رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
|