ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   قسم الأبحاث العلمية والحوارات (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=95)
-   -   كافة موضوعات الباحث ( بهاء الدين شلبي ) الإطلاع للمتخصصين فقط (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=7269)

جند الله 20-04-2006 09:40 AM

أسماء التبغ:
ولقد عرفنا عدة أسماء لهذا النبات في اللغة العربية مثل: التبغ والتتن والتمباك وهي كلمات أجنبية معربة.



سر اشتعال السجائر:
من الطبيعي أن أوراق التبغ المجففة تتهشم بمجرد الضغط عليها، وأنها تحترق بمجرد اشتعالها ثم تنطفئ سريعا بسبب جفاف ما بها من زيوت طيارة، حكمها كحكم أي أعشاب جافة تتعرض للنيران، وسر اشتعال السيجارة واستمرارها مشتعلة، أن أرباب الصنعة يقومون بعصر الفواكه المعطوبة والمتعفنة، ثم يتم تخزين هذا العصير حتى يتخمر، ثم يرشون أوراق التبغ بهذا الخمر أو الكحول، وهذا هو السر في ليونة أوراق التبغ بعد تجفيفها، والكحول هو سبب استمرار السيجارة مشتعلة.

http://www.ashefaa.com/picsupload/fi...1145510513.jpg
ترطيب أوراق التبغ بمواد كحولية

http://www.ashefaa.com/picsupload/fi...1145510234.jpg
أوراق مخزنة ومرطبة بإضافات كحولية تساعد على اشتعال السيجارة

وفي صعيد مصر يقومون بنقع أوراق التبغ في (عسل قصب السكر) المتخمر، ولذلك يطلقون عليه (المعسل)، ويستخدم (المعسل) في تدخين النرجيلة أو الشيشة.

وكما سبق وكرت ان البخور المنبوذ أو المخلط مسكر حكمه كحكم نبذ أي طعام من الأطعمة، وفي البغ على وجه الخصوص نكتشف أن الكحول عنصر اساسي في مكونات لفائف التبغ، وعلى هذا فالبخور المخلط والتبغ المخلط والمنبو في الكحول كله يعد مسكرا، غن لم يكن مسكرا للإنس فهو مسكر للجن، بعاعتباره غذاء حيوي لهم كجن، وهذا يضر ضررا بالغا بعمار البيت من الجن المسلمين وبنسائهم وأطفالهم، لذلك تفر الجن المسلمين خوفا على انفسهم من بيوت المدخنين والتي يحرق فيها البخور المنبوذ والمخلط.

http://www.ashefaa.com/picsupload/fi...1145510380.jpg
أوراق تبغ مجففه لاحظ انها اوراق تتهشم بمجرد الضغط عليها ولا بد من ترطيبها قبل استعمالها

http://www.ashefaa.com/picsupload/fi...1145510334.jpg
البراميل حيث يتم نقع وتخزين ورق التبغ في مواد كحولية تساعد على احتفاظه رطبا ويصير قابلا للاشتعال

موطنه الأصلي القارة الأمريكية:
إن الوطن الأصلي للتبغ هو القارة الأمريكية . في نوفمبر 1492 رأى كريستوفر كولومبوس Christopher Columbus وبحارته التبغ وهو يُدخن لأول مرة في جزيرة كوبا Cuba ولكنه سُمي Tobacco توباكو نسبةً إلى الأنابيب التي كان يُدخن بها في جزيرة سانتو دومينغو Santo Domingo وكان الهنود يسمون الأنبوب Tobaco ولكن الأوربيون أطلقوا الاسم على النبات نفسه.


انتقال التبغ إلى أوربا:
كان الهنود يعتقدون أن التبغ به فوائد طبية ولهذا الغرض نقله الأوربيون إلى أوربا، كما كان الهنود يدخنون في احتفالاتهم الدينية والاجتماعية.

في سنة 1559 أخذ السفير الفرنسي جين نايكوت Jean Nicot بذور التبغ من ليزبون Lisbon من التجار الهولنديين العائدين من العالم الجديد وأرسله كدواء للملكة كاترين دي ميديسي Catherine de Medici ومنذ ذلك الوقت بدأت زراعته في فرنسا واشتهر نيكوت Nicot بسببها.



و لتشريفه سميت هذه الفصيلة من النبات نيكوتينياNicotiana ، وعندما استخرجت مادة الإدمان من أوراق التبغ1828 سميت النيكوتين بعد سنة 1500 نَشر البرتغاليون التبغ في آسيا ، و نشره الأسبان في الفلبين.
وفي سنة 1586 أُدخل التبغ وتدخين البايب في بلاط الملكة اليزابيث Elizabeth .وفي سنة 1600 انتشر التبغ في كل أوروبا.

ولم تأت نهاية القرن السابع عشر حتى أصبح التبغ من المواد التجارية في كل أنحاء العالم. وبدأت بعض الأصوات المناهضة للتبغ تبرز في المجتمعات الأوربية.

وعندما ماتت الملكة اليزابيث تولى العرش سنة 1603 جيمس الأول James First وكان الملك معروفا بكرهه للتدخين . وفي سنة 1604 قال الملك جيمس الأول " والآن أيها الناس الطيبون دعونا نعتبر : ما هو داعي الشرف الذي يدعونا إلى تقليد أولئك الهنود الحقراء المتوحشين الذين لا يعبدون إلهاً ، في عاداتهم القذرة، تلك العادة المؤذية للعين، المزعجة للأنف، المضرة للمخ، الخطرة على الرئة، وكأن ذلك الدخان المرعب برائحته السيئة ينبع من حفرة لا قعر لها".
ثم في السنة التالية رفع الملك الضرائب على التبغ 40 مرة لتقليل انتشاره ولكن ذلك أدى إلى زيادة تهريبه.

اكتشاف أضرار التبغ :
سنة 1761: وصف طبيب بريطاني جون هيل John Hill أول سرطان سببه التبغ ، سرطان الأنف.

سنة 1859: نشر طبيب فرنسي 68 حالة سرطان في الفم بسبب التدخين، وذكر أن سرطان الشفاه يتكوّن في النقطة التي يلامس البايب أو السيجار الشفاه باستمرار أثناء التدخين.

ولكن في القرن التاسع عشر لوحظت العلاقات التالية بين التبغ والسرطان :

موقع السرطان __طريقة الاستعمال

الفم __________ المضغ

الفم __________ السيجار

الأنف__________ الاستنشاق

الشفاه ________ البايب

سنة 1938: لاحظ بيرل Pearl في مقارنة بين المدخنين وغير المدخنين في المحاربين القدامى، أن المدخنين يموتون في سن مبكرة، والفرق في العمر حوالي 7 سنوات، أي تساوي جميع مجموع الوقت الذي قضاه الشخص في التدخين.
وبعد ذلك توالت الاكتشافات الكثيرة المبرهنة على أضرار التدخين على الصحة.

في سنة 1946 وبعد مراجعة 7000 مقال عن التدخين والصحة من قبل لجنة علمية متخصصة أعلنت الحكومة الأمريكية القرار التاريخي للجراح العام أن "التدخين يشكل خطورة مهمة على الصحة تحتم اتخاذ إجراءات مناسبة لتصدي له".
والغريب أنه في سنة 1966 قرر الكونجرس الأمريكي إرسال 600 مليون سيجارة لمساعدة ضحايا الفيضانات في الهند!

الخلاصة:
التدخين طاعون هذا العصر ولكنه يختلف عن الطاعون الذي تسببه الجراثيم حيث تظهر أعراض مرض الجراثيم على الضحية خلال أيام قليلة، بينما هذا الطاعون لا تظهر أعراضه على الضحية إلاّ بعد سنوات وتسبب الإصابة بالأمراض التي كانت تظهر نتيجة لتقدم السن مثل السرطان وأمراض القلب. لذلك لم تعرف حقيقة أضراره في القرون الأربعة الأولى من استعماله. فالدخان هو السم القاتل، يحتوي على آلاف الكيماويات وأعداد من المواد المشعة والمسرطنة بما فيها بولونيوم 210 المشّع مما يجعل التبغ أخطر سم قاتل للإنسان المدخن أو الذي لا يدخن ولكن يستنشق دخان المدخنين من حوله.

ظهر الدخان على الوجه المعروف به اليوم عام 1492م تقريباً حيث رأى بعض البحارة الأسبانيين شجرة الدخان عند اكتشافهم القارة الأمريكية. وأول ما ظهر الدخان في البلاد الإسلامية كان في أواخر المائة العاشرة من الهجرة النبوية، وأول من جلبه للبلاد الإسلامية هم النصارى.


نبذة عن تاريخ التدخين:
في أوائل القرن السادس عشر ادخل مكتشفوا أمريكا عادة التدخين إلى الحضارة الأوروبية، ومصطلح نيكوتين الذي يتداوله الناس عند التحدث عن التدخين أخذ من اسم جون نيكوت سفير فرنسا في لشبونة والذي دافع عن التبغ وكان يؤكد أن للتدخين فوائد مثل إعادة الوعي وعلاج الكثير من الأمراض.

وحتى منذ هذه البداية لم يترك الموضوع دون مقاومة فقد قام كثيرون بمعارضته وخصوصا (جيمس الأول) في كتابه "مقاومة التبغ" حيث اعتبر التدخين وسيلة هدامة للصحة. أما السيجارة التي يعرفها الناس بشكلها الحالي فقد ظهرت في البرازيل عام 1870م.

http://www.ashefaa.com/picsupload/fi...1145511787.jpg
Smoking a pipe of wild tobacco. They pass the pipe around and each man takes a long drag followed by a deep, thunderous cough. Both Bartek and David tried the pipe when it came around. This man's necklace is made of porcupine quills.


http://www.ashefaa.com/picsupload/fi...1145510083.jpg

http://www.ashefaa.com/picsupload/fi...1145510250.jpg
تصنيع السيجار يدويا

من الغريب أن أول إحصائية عن التدخين في الولايات المتحدة الأمريكية ظهرت في عام 1880 وكان تعداد السكان خمسين مليون فقط ثبت أنهم يدخنون 1,3 بليون سيجارة سنويا وحينما ارتفع عدد سكان الولايات المتحدة الأمريكية إلى 204 مليون ارتفع عدد السجائر المدخنة إلى 536 بليون سيجارة سنويا.

من هذا يتضح أن السكان زادوا بنسبة 300% أي أن زيادة السجائر أكثر من زيادة السكان 133 مرة.

مستعمرة فيرجينيا:
في القرن السادس عشر لم يستعمر أي من الدول الأوربية شمال أمريكا بشكل كبير، بل سافر إلى هناك صيادو السمك من أجل الصيد فقط وليس للسكنى، إلا في فلوريدا، فقدأسس الإسبان بعض بروج فيها بعد عام 1513. وحاول البعض أن يأسسوا مدن جديدة في شمال أمريكا، لكن أول من نجح كان الإنجليز في تأسيس مسكن على شاطئ ولاية فرجينيا الحالية عام 1607، وسميت "جيمزتاون".


في أمريكا الجنوبية والوسطى، اكتشف الإسبان كميات ضخمة من الذهب، ولقد أنتشر الخبر في كل أوروبا. فمعظم مستعمري جيمزتاون توقعوا الشيء نفسه وأخذوا يبحثون عن الذهب طوال اليوم وتوقفوا عن أي عمل آخر. شهد العام 1607 مجاعة عظيمة حتى عند الهنود الأمريكيين، فهلك ثلثهم، وعاش الآخرون بسبب قيادة شخص يسى جون سميث، أمرهم بالعمل الدائم وعاقب من لم يطعه، وحالف قبيلة الأمير الهندي الأمريكي "باوهاتان" فساعدوه في البحث عن المأكولات. وكان قوله المشهور: "من لا يعمل، لا يأكل!"

لم يجدوا الذهب، لكن عام 1612 وجدوا ما يشبهه! - زراعة التبغ. التبغ نبتة أمريكية أصلا ,وكان الهنود الأمريكيون يدخنون منذ قرون. لكن التدخين إنتشر في أوروبا بسرعة، و حقق المتاجرون به أرباحا كبيرة. لكن زراعة التبغ تحتاج إلى أيد عاملة كثيرة، وكان عدد المستعمرين قليل، فبدأوا بإستيراد العمال ومن ثم العبيد السود، مثل ما فعل ملتزمو بحر الكاريب.

http://www.ashefaa.com/picsupload/fi...1145510420.jpg
Tobacco auction in North Carolina, July 29, 2003 - the smallest crop ever due to lawsuits against tobacco companies, dwindling demand, and increased availability of cheap foreign tobacco.


http://www.ashefaa.com/picsupload/fi...1145510304.jpg

كانت الأرض واسعة في فرجينيا، وزراعة التبغ تحتاج إلى مساحة كبيرة، فابتعد المستعمرون عن بعضهم البعض ، والواحد قد يسكن مع عبيده أو خدمه على بعد أميال من جاره. ولم يكن معظمهم يهتمون بالدين، فلهذه الأسباب لم يكن المجتمع مرتبط إلا قليلا. وفي المسكن الثاني في شمال امريكا، وهي نيو انغلاند، كان العكس تماما.



..
.

جند الله 20-04-2006 10:31 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ام نور
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخى جند الله موضوع غريب
نسأل الله العفو والمعافاة

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

هكذا هو عالم الجن غريب عنا بني البشر

.

أبو سليم 20-04-2006 02:07 PM

بسم الله الرحمن الرحيم

حيث يقوم الجن بتعطيل الجهاز الليمفاوي عن تصريف الأخلاط الرديئة من الدم، وهذا في مواضع محددة من جسم الإنسان، خاصة عند المفاصل والغضاريف، والتي تشكل بوابات داخل الجسم تفصل بين كل عضو والآخر، مع ملاحظة أن مرض السرطان من أهم أسبابه الرئيسية تعطل الجهاز الليمفاوي والذي هو هدف رئيسي من أهداف الشيطان داخل الجسم، وهذا سر من أخطر أسرار المس والسحر، والذي يتسبب في حدوث وفيات مسرطنة بكم رهيب على مستوى العالم.

_______________________

بارك الله فيك وزادك من علمه وفهمه.

جند الله 20-04-2006 02:29 PM

اختراق الجان حجاب الرؤية
 
اختراق الجان حجاب الرؤية

وأرى أن الاعتقاد الباطل في أرواح الموتى هو السبب في كثرة نشاط السحرة في المقابر، حيث يتم فيها دفن أوامر التكليف، لأنها من الأماكن المهجورة التي تعج بالشياطين، وخصوصا قرائن المتوفين، حيث تجتمع القرائن قربا من مقرونيها المقبورين بعد موتهم، إلى أن يأذن الله بموت هذه القرائن، ومن خلال المقابر يستحضر أصحاب تحضير الأرواح قرين فلان ومخاطبته، ويتم بطرق خاصة سوف نشرحها في حينها بإذن الله تعالى، وبالصور سوف نرى بأعيننا صورة لما يحضر في أثناء الجلسات.

فمن الممكن للجني بقدراته الفائقة على قدرات الإنس أن يخترق الحجاب بين عالم الإنس والجن ليظهر في عالم الإنس، فيراه جميع البشر، غالبا ما يكون في صورة مألوفة للبشر، بحيث لا يستطيعون تمييزه إذا كان جنا أم إنسا، ومن الممكن أن يظهر لشخص ما فيراه وحده، بينما لا يراه من حوله، وحدوث مثل هذا الاختراق يتم بواسطة السحر، حيث يقوم به أحد سحرة الجن، وعن أبي شيبة (أن الغيلان ذكروا عند عمر بن الخطاب فقال: (إن أحدًا لا يستطيع أن يتحول عن صورته التي خلقه الله عليها، لكن لهم سحرة كسحرتكم، فإذا رأيتم ذلك فأذنوا). قال الحافظ: إسناده صحيح.( )

والأصل أن الله حجب الجن عن أعين الإنس فلا يرى الإنسي الجني، فامتناع الإنس من رؤية الجن لقوله تعالى: (إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ) [الأعراف: 27]، أي أن الإنسي لا يملك القدرة على رؤية الجني، ويستثنى من هذا الحكم الأنبياء والمرسلين، فقد وروى البيهقي في " مناقب الشافعي " بإسناده عن الربيع سمعت الشافعي يقول: (من زعم أنه يرى الجن أبطلنا شهادته، إلا أن يكون نبيا). انتهى

وقد اختلف أهل العلم في تفسير هذا القول اختلافا كثيرا، خاصة أن هناك شواهد من الكتاب والسنة تثبت أن هناك من رأوا الجن، والواقع يشهد بأن من المصابون بالمس والسحر من يرون الجن، والسحرة يرون الجن أيضا، ومنه ما يطلق عليه الأطباء تجاوزا مصطلح (هلاوس سمعية وبصرية)، وهذا قد يبدو لأول وهلة تعارضا بين النص السابق، وبين شواهد تجزم برؤيتهم حسب ما لدينا من نصوص وفيرة، والحقيقة أننا لدينا سوء فهم للنصوص، واللبس الذي حصل في المسألة أن هناك فارق بين إمكان رؤية الإنسي للجني، وبين إمكان الجني الانتقال من عالم الجن إلى عالم الإنس، أي قدرة الجني على الظهور في عالم الإنس، وهذا يعني أن للجن قدرة أو حيلة ما تمكن الإنسي أن يراه، وهذا ما سأوضحه في مستعرض شرحي بإذن الله تعالى، والرد على هذا له صلة وثيقة بعلم وظائف الأعضاء، والذي يدرسه الأطباء.

فقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن رؤية الأنبياء للجن تكون رؤية للجن على صورتهم التي خلقوا عليها، بينما رؤية غيرهم تكون بعد تصور الجن في صور بعض البشر أو الحيوانات، ولكن حسب علمي الخاص وما ورد أمامي من أدلة كثيرة لا مجال لحصرها خشية الإطالة، أن للجن صورا وأشكالا كثيرة، ولكن ما ثبت لي أن الأصل فيهم حسن الخلقة كالبشر تماما، هذا إلى جانب أن منهم أصناف حيات وكلاب وطيور فعن أبي ثعلبة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الجن على ثلاثة أصناف، فصنف لهم أجنحة يطيرون بها في الهواء، وصنف حيات وكلاب، وصنف يحلون ويظعنون)،( ) وأرى والله أعلم أن هذا النص على سبيل المجاز لا الحصر، فقد علمنا بالتواتر أن هناك أصناف خلاف ما ورد في النص كالقطط مثلا، وإنما تغلب الصور القبيحة على الشياطين من الجن، إبرارا بقسم إبليس عليه لعائن الله، قال تعالى: (وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّه) (النساء: 119).

وإن كان الأصل امتناع رؤية الجن إلا أن هذه القاعدة لها استثنائات يطول بنا إيراد نصوصها، حيث ثابت إمكان تصور الجن وتشكله في صور مختلفة بحيث يتبدوا لنا، فلا نعلم كونهم من الجن، كما ظهر الشيطان للنبي صلى الله عليه وسلم، ولأبي هريرة ولعمر رضي الله عنهما، لكفار قريش وخاطبهم وهم لا يعلمون حقيقة كونه الشيطان، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (فإذا رأيتم منهم شيئًا)، وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى صلاة قال: (إن الشيطان عرض لي، فشد علي ليقطع الصلاة علي، فأمكنني الله منه فذعته، ولقد هممت أن أوثقه إلى سارية حتى تصبحوا فتنظروا إليه فذكرت قول سليمان عليه السلام رب (هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي) فرده الله خاسيا).( )

فهذا الحديث شاهد على إمكان ظهور الجن عيانًا بحيث يراه جميع الحضور، وغير ممتنع على إطلاقه، لقوله صلى الله عليه وسلم (حتى تصبحوا فتنظروا إليه) يفيد إمكان رؤيته من جميع البشر، فقد يرى المريض الجن في صورة أشباح وأشخاص أشكالهم مختلفة، مابين أشخاص معروفونلديه أحياءا وأمواتا، وصور الحيوانات المختلفة، أو وجوه قبيحة مفزعة، وهذا مما قد يثير الرعب والفزع لدى المريض، حتى أن كثير منهم شاب شعرهم رغم صغر سنهم وفي فترة وجيزة من شدة هول ما يرون.

كيف يرى الإنس الجن:
وتتم رؤية الإنسي للجني بحضور قرين الرائي من الإنس على عين ومخ مقرونه، ويتم الإبصار نتيجة لاشتراك عين القرين وهو من الجن مع عين مقرونه من الإنسن، وكذلك اشتراك مركز إبصار القرين مع مركز إبصار مقرونه، وبحضور القرين على نفس جهاز الرؤية لدى مقرونه تتم رؤية الجن وهو لا يزال في عالم الجن، ولم يخترق بعد الحجاب بين العالمين، وهذا يتم وفق شروط وضوابط خاصة، حيث لابد من وجود وسيط بين القرين او الجني وبين جسد الإنسان وأجهزته حتى يمكن حدوث هذا الاشتراك بين عالمين، وهذا الجسد هو (قرين مادة الجسم الجني) له صفات الإنسي وخصائص الجني، وسوف أشرحه مستقلا بذاته، فهو من الأبواب الجديدة في العلم التي لم يتطرق إليها العلماء بعد.

http://catalog.nucleusinc.com/imagesenlarged/1876W.jpg
العين مجرد آلة مهمتها نقل الصور إلى مركز الإبصار في المخ من خلال العصب البصري

http://catalog.nucleusinc.com/imagesenlarged/4507W.jpg
لاحظ تشريح العين وموضع العصب البصري وامتداده إلى الفص الخلفي من المخ


وعلى هذا فطالما أن الإبصار يتم عن طريق مركز الإبصار في المخ، فيمكن رؤية الجني والإنسان مغمض العينين، لأن الإبصار هنا يتم من خلال مركز الإبصار في المخ مباشرة لا من خلال العين، وفي بعض الأحيان يكون الجني ماثلا أمام الرائي فيراه من خلال عينيه، بعد ان تقع صورة الدجني على مركز الإبصار في المخ.

http://catalog.nucleusinc.com/imagesenlarged/1868W.jpg
لاحظ الفص الخلفي من المخ والمسؤول عن عملية الإبصار
وترجمة الإشارات الواصلة إليه من العين إلى صور يدركها الإنسان

وعلى هذا يمكن رؤية الجن منامًا كما يمكن رؤيتهم يقظة، بشرط وجود وسيط من الجن يحضر على مركز الإبصار في مخ الرائي، وقد يكون الإنسان مصاب بالمس أو السحر والجن متسلطون على جسده ومسيطرون عليه، فيمكن لأحد الشياطين المعتدين عليه الحضور بدلا من القرين، وهذا بهدف ترويع هذا المريض، إلا أنه غالبًا ما يتم الإبصار من خلال قرين الرائي من الجن، وهو ما يقوم بتحضيره مدعي تحضير الأرواح، حيث يخضعون قرائن الحضور بالتعازيم الكفرية، فيرون قرين المتوفى بصوته وصورته أمامهم بواسطة عين قرائنهم، ويتأكد هذا لديهم إذا أخبرهم بأحداث ماضية وقعت بينهم وبين المتوفى، فيظنوا بذلك أنه روح المتوفى، لذلك قد يراه أحد الحضور بينما لا يراه الباقين، بسبب سيطرة المحضر على قرين الرائى فقط دون باقى الحضور، وهذا هو سر الكشف البصري والسمعين وهو الذي يعتبره الأطباء (هلاوس سمعية وبصرية) خروجا من مأزق اتهامهم بالجهل، وبحثهم عن أي سبب منطقي لما يجهلون به، كونهم يعدون هذه الأعراض تقع في دائرة تخصصهم.

http://catalog.nucleusinc.com/imagesenlarged/811W.jpg
لاحظ امتداد العصب البصري إلى فص المخ الخلفي
حيث مركز الإبصار الذي من خلاله يتحقق إبصار الأشياء

وتعليل ذلك أن العين هي مجرد آلة للرؤية فقط، ولكن عملية الإبصار وترجمة ما تراه العين يقع على مركز الإبصار في الفص الخلفي من المخ، لذلك فهناك فارقة بين الرؤية وبين الإبصار، لذلك قد يبصر النائم في منامه صورا كثيرة ومتعددة، أبصرها عن طريق مركز الإبصار في المخ، ولم يرها من خلال عينيه، لأن عينينه في أثناء النوم مغمضتين، فإذا اشترك مخ الجني مع مخ الإنسي أمكن للجني أن ينقل أفكاره إلى مخ الإنسي، وأمكن أن يرى الإنسي نفس ما يراه الجني، ويسمع نفس ما يسمعه الجني، لذلك أطلقت عليه مصطلح (الكشف السمعي والبصري)، وهذا هو السبب في أن المريض يرى ويسمع أشياء لا يدكها المحيطين به، فيظن أنه مختل عقليا، ويشخص الأطباء ذلك على أنه هلاوس سمعية وبصرية، وأنا أقول (لا) أيها الأطباء الأفاضل، أنتم أخطأتم في حكمكم، لأن هناك نصوص وشواهد شرعية تثبت صحة تشخيصي، وإن كانت لا تنفي صحة تشخيصكم في بعض الأحيان، لأن ما تسمونه هلاوس يكون ذلك والمريض في كامل قواه العقلية وصحته البدنية، وفي كامل وعيه وإدراكه، فمن المستحيل أن يجتمع الضدان معا، وعي وهلوسة.



.

جند الله 20-04-2006 02:41 PM

نظرية قرين المادة الجني
 
نظرية قرين المادة الجني



بقيت هناك نقطة هامة جدا أود الإشارة إليها من باب الأمانة العلمية، أن مجرد حضور القرين او أي جني على مخ الإنسان ليس كافيا ليبصر الإنسي ما في عالم الجن، لأن العالمين منفصلين عن بعضهما البعض، هذا بسبب تفاوت خصائص قدرات المخ البشري، وخصائص قدرات المخ الجني، لذلك لا بد من وجود وسيط، يحمل صفات الإنسي، وخصائص الجني كقدرات فائقة، بحيث يكون حلقة اتصال بين مخ الجني ومخ الإنسي معا، فيتم بهذا الشكل الاتصال بين عالمين مختلفين، أي أن لمادة جسم الإنسان قرين متصل بالجسد لا يفارقه.

فلولا وجود قرين مادة الجسم لما تمكن الشيطان من الوسوسة، ولا تصوير الأحلام الشيطانية، ولا إصابة الناس بالصرع، ولاختفى الكثير من الأمراض المعضلة، ولولا قرين المادة لما أمكن توصيل الرسالات السماوية من عالم الإنس إلى عالم الجن، ولا أمكن للجن نقل عرش بلقيس من سبأ إلى القدس، هذا بسبب فقدان حلقة الاتصال بين عالمين مختلفين، فإذا اتحد قرين العرش بمقرونه أمكن للجن حمل القرين لأنه يوافق خصائص قدراته، ولارتباط القرين بمقرونه سينتقل العرش تبعا لحركة قرينه الجني، وبسرعة حسب قدرات الجن الفائقة.

فقرين مادة المخ له نفس صفات مخ الإنسي وتكوينه، ولكن في نفس الوقت يمتلك خصائص قدرات المخلوفات الجنية، كسرعة الحركة وإعادة التشكل وتغيير الحجم، إلى آخر ما هناك من خصائص قدرات غير متوفرة في المقرون الإنسي، وبالتالي فالقرين وسيط يجمع بين خصائص عالمين مختلفين والقدرات، وهنا أن الجني من خلال قرين مادة الجسم باعتباره يحمل خصائص قدرات مشتركة، خاصة لو كان قرين الإنسان فهو يحمل نفس صفات مقرونه أيضا، يستطيع الحضور من خلال قرين مادة مقرونه على مركز الإبصار في المخ فيبصر الإنس كل ما يدركه الجني المستحوذ على مخه، أي أنه يتم هناك اتحاد بين الجني وبين قرين مادة جسم الإنسان المتحد مع مادة جسم الإنسان الإنسية، وهنا تكون السيطرة لمخ الجني على قرين مادة مخ الإنسان، وبهذه الطريقة يدرك مركز الإبصار في مخ الإنسان حسب مشيئة الجني ورغبته، أو ما قد يكره عليه هذا الجني من قبل جني آخر، سواء من قبل جني أقوى منه، أو حسب مشيئة الله رب العالمين، تماما كما يحدث في الكشف البصري والسمعي المنامي واليقظي.

لذلك قد يشعر المريض أن أحد يضربه ضربا مبرحا، ويلتفت حوله فلا يجد من البشر أحدا، وهنا يتم الضرب من أحد الجن على قرين مادة جسم المريض، فيشعر المريض بوقوع الضرب عليه مباشرة، وأحيانا عند سؤال أحد الجن عن سبب تلبسه بجسد المريض يصرح بأن المريص صاطدم به أو سقط عليه أو رمى عليه حجرا فأصابه أو أصاب أحد أبناءه، بل إن كل الأمراض الروحية يتم التسلط فيها على (قرين مادة الجسم)، وربما كثير من الأمراض العضوية أيضا، فإذا شفي قرين المادة شفي المقرون من فوره، وكأن شيئا لم يكن، على أي حال هذا الموضوع له تفصيل علمي يطول شرحه، فقد تبتر ساق إننسان ما، لكنه يظل يشعر بوجود ساقه المبتورة، لكن شعوره بوجود ساقه لا يمنع سقوطه على الأرض إذا ما حاول الاستناد عليها، وهذا كلام للروحانيين فيه دراسات وأبحاث مستفيضة، ولكن كما بينت فهذا بحاجة إلى أغطس في أعماق الكتب والمراجع لدي لكي ألخصه، وهذا أمر ليس بالهين، لكن أحببت ان اذكر بأنه ثابت لدى علماء الروحانيات.

لكن هل هناك أدلة صريحة مباشرة عن وجود قرين مادة الجسم؟
للإجابة عن هذا السؤال أقول: للأسف أنني حتى الآن لم أقف على دليل صريح مباشر، ولكن من الممكن استنباط أدلة وجوده من خلال أدلة شرعية صحيحة كثيرة

حدثنا علي بن حجر أخبرنا إسمعيل بن إبراهيم عن داود عن الشعبي عن علقمة قال: قلت: لابن مسعود رضي الله عنه هل صحب النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجن منكم أحد؟ قال: ما صحبه منا أحد، ولكن قد افتقدناه ذات ليلة وهو بمكة فقلنا اغتيل أو استطير ما فعل به فبتنا بشر ليلة بات بها قوم حتى إذا أصبحنا أو كان في وجه الصبح إذا نحن به يجيء من قبل حراء قال: فذكروا له الذي كانوا فيه فقال: (أتاني داعي الجن فأتيتهم فقرأت عليهم) فانطلق فأرانا آثارهم وآثار نيرانهم قال الشعبي وسألوه الزاد وكانوا من جن الجزيرة فقال: (كل عظم يذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم أوفر ما كان لحما وكل بعرة أو روثة علف لدوابكم) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فلا تستنجوا بهما فإنهما زاد إخوانكم الجن) قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح * أخرجه: الترمذي (3181).

نخلص من هذا الحديث أن العظم في ذاته ليس هو طعام الجن، ولكن طعامهم هو ما نبت على العظم من لحم، وهذا اللحم ليس لحما إنسيا مما نطعمه كبشر، لأن اللحم الإنسي الذي كان يغطي العظم قد تناوله الإنس، ولم يبقى إلا العظم الإنسي فقط، وعليه فهذا اللحم الذي سوف يأكله الجن هو لحم جني خفي غير منظور لنا، أي أن لمادة اللحم الإنسي قرين جني، وهذا القرين هو الذي سوف يقتات منه الجن، وعلى هذا فاللحم الجني لا بد له أن ينبت على عظم يوافق طبيعته الجنية، أي أن العظم الإنسي له قرين لمادته، وقرين العظم هذا هو الذي سوف ينبت عليه اللحم الجني.

عن أبي حذيفة عن حذيفة قال: كنا إذا حضرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم طعاما لم نضع أيدينا حتى يبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فيضع يده، وإنا حضرنا معه مرة طعاما فجاءت جارية كأنها تدفع فذهبت لتضع يدها في الطعام فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدها، ثم جاء أعرابي كأنما يدفع فأخذ بيده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الشيطان يستحل الطعام أن لا يذكر اسم الله عليه، وإنه جاء بهذه الجارية ليستحل بها، فأخذت بيدها، فجاء بهذا الأعرابي ليستحل به فأخذت بيده، والذي نفسي بيده إن يده في يدي مع يدها) أخرجه: مسلم (3761).

والشاهد من هذا الحديث قول النبي صلى الله عليه وسلم ((إن الشيطان يستحل الطعام) فقوله يستحل هنا يفيد أن هذا الطعام محرم على الشيطان، أي أن الشيطان وهو من الجن يريد تناول هذا الطعام المحرم عليه، والواقع يشهد بأن الطعام رغم سرقة الشيطان منه يبقى كما هو لا ينقص، إذا فالجني لا يتناول مادة الطعام الإنسية، ولكنه يتناول مقرونا جنيا لمادة الطعام الإنسية، لأن مادة الطعام موجودة ويتناولها الإنسي، ثم تمتصها المعدة، لتخرج من جسده في النهاية على هيئة كتلة من الفضلات، إذا فالمادة الإنسية لم تفقد، ولم يحدث لها استجنان (أي انتقال من عالم الإنس إلى عالم الجن)، وهذا يدل على أن ما يتناوله الجني من الطعام ليس إلا قرينا جنيا لمادة الطعام الإنسية.

وعلى هذا فكل مادة في عالم الإنس لها قرين في عالم الجن، سواء كانت سائلة أم صلبة أم غازية، ومن خلال قرين المادة نستطيع كإنس ويستطيع الجن أن يؤثر كل منهما في عالم الآخر، كأن يحمل الجن عرش بلقيس من سبأ إلى القدس، أو أن يخنق الإنسي الجني ويوجعه، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى صلاة قال: (إن الشيطان عرض لي، فشد علي ليقطع الصلاة علي، فأمكنني الله منه فذعته، ولقد هممت أن أوثقه إلى سارية حتى تصبحوا فتنظروا إليه، فذكرت قول سليمان عليه السلام (رَبِّ هَبْ لِي مُلْكًا لاَّ يَنبَغِي لأَحَدٍ مِّنْ) فرده الله خاسيا)،( ) وفي رواية عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مر علي الشيطان، فأخذته فخنقته حتى إني لأجد برد لسانه في يدي، فقال: أوجعتني أوجعتني).( )

وهذا السر الذي أصرح به هنا هو من أشد أسرار عالم الجن خطورة على الشياطين، وبدون هذا السر الخطير لن يتمكن المعالج ليس من النجاح في العلاج والتطبيب فقط، ولكن بدون هذا السر يستحيل أن يتفوق المعالج في التطبيب، هذا فضلا عن عجزه عن مواجهة السحرة وجها لوجه، وما أدراك ما معنى أن يواجه معالج شرعي ساحرا مباشرة، وأن تتحداه، قد يصل التحدي إلى حد أن يقتل أحدهما الآخر، ولو كان بينهما بلاد شاسعة.

فهذا شأن عظيم تصدى له موسى عليه السلام، وهذا نبي من أولي العزم من الرسل قد تصدى للسحرة، وهذا يشهد إلى ان مواجهة السحرة أمر عظيم لا يقدر عليه أي أحد من البشر، فلك أن تتخيل أنك تواجه ساحرا مثل شنودة أو بابا الفاتيكان، ليس أمرا هينا أن تتحدى أحدهما في ميدان عام والكاميرات مسلطة عليكما أيهما سينصره الله، الأمر ليس بهين، بل جد عسير، لأنك إلى جوار الإيمان والتوحيد والعقيدة الصحية بحاجة إلى العلم المتخصص حتى تنصر عليه.

لذلك عكفت على تأسيس علم جديد باسم (علم القرائن)، ولم أبدأ حتى الآن في وضع مؤلف بسبب جمع المادة العلمية والبحث والدراسة التي لم تنتهي بعد حتى الآن، فتأسيس علم جديد ليس بالأمر الهين، خاصة وأنه باب علم لم يتكلم في أحد من قبل من العلماء، وإن كان (الروحانيون) قد خاضوا فيه خوضا عظيما، ولكن يهدم بنيانهم أن علمهم كله بني على باطل، لأنه أسس على حسب معتقداتهم الكتابية المحرفة، على كل الأحوال أنبه أنني لم أبني أقوالي هذه بناءا على ما وصل إليه أهل الكتاب من علم، ولكنني وصلت إليها قبل أن أقرأ أو أعرف ما وصلوا إليه من ابحاث ودراسات علمية استخدم فيها أجهزة حديثة، حيث ثبتت لدي هذه الأمور بالتجربة، وببعض الاستنباطات الشرعية، لذلك بحثت هنا وهناك حتى وقع في يدي أبحاثهم العلمية.



يقول النصراني الدكتوررؤوف عبيد في مؤلفه الضخم (الإنسان روح لا جسد):
(أجمع بحاث العلم الروحاني في كل البيئات على انه يوجد لكل كائن حي إنسانا كان ام حيوانا جسد اثيري أو نجميEtheral, Astral Body وهذا الجسد الأثيري له كيان مادي إلا أنه بالنظر إلى ارتفاع اهتزازه إلى ما فوق اهتزاز الضوء بكثير لا يكون له على المستوى الأرضي وبالنسبة لحواسنا المادية هذا الكيان المادي الذي يكون له هناك.


وهذا الجسد يلازم الجنين في بطن أمه، ثم ينمو بنمو الجسد المادي، فهو يشكله ويتشكل به عند كل كائن حي لا عند الإنسان فقط، لأنه يتخلله كما يتخلل الماء العود الرطب، ويشغل معه نفس الحيز من الفراغ، وهذا جائز علميا الآن، بالنظر إلى تفاوت مرتبتي الاهتزاز بينهما، وبالتالي إلى تفاوت (طول الموجة) حسب التعبير الذي يستعمله علم اللاسلكي.

وهذا الجسد الأثيري هو صلة الوصل بين الروح (بمعنى الشرارة القدسية التي تهبنا الحياة) وبين الجسد المادي، ويصل بين الجسدين المادي والأثيري حبل من ضوء يسمى الحبل الأثيري، وقد وصفه الكتاب المقدس (بالحبل الفضي)، وهو يعد مقابلا للحبل السري الذي يصل الجنين بالمشيمة ويلزم قطعه وربطه عند الولادة، أما هذا الحبل الفضي فينقطع من تلقاء نفسه عند الوفاة فتتوقف بانقطاعه الحياة في الجسد المادي.


ومن خصائص الجسد الأثيري أنه لا يتلف ولا يهرم مهما تلف الجسد المادي أو لحقه الهرم، فإذا بتر ذراع إنسان حي في حادث أو إثر جراحة فإن الذي يبتر هو ذراعه المادي فقط، أما الذراع الأثيري فيظل في مكانه يؤدي وظائفه كاملة في حالتي الطرح الروحي المؤقت أو الغيبوبة الوساطية أو النومية أحيانا والطرح الروحي النهائي أو الوفاة.

وقد بحث بعض الأطباء والعلماء أمر وجود أعضاء أثيرية في موضع الأعضاء المادية المبتورة قد يشعر بها أصحابها ويتألمون أحيانا من موضعها، وقد يتأثرون بما يلامسها من برودة أو حرارة، وما تحركه من لذة أو ألم ومن راحة أو تعب في أحوال كثيرة). ا. هـ



بكل تأكيد هناك تعليقات كثيرة لدي على كلامه السابق، ولكن أهم نقاط أنه يستمد علمه من معتقدات كتابه المقدس، فذكر القرين هنا باسم الروح، وفرق بين روح الإنسان التي بخروجها يفارق الإنسان الحياة وسماها (الشرارة القدسية التي تهبنا الحياة)، وبين الروح هنا وهي القرين الجني لمادة الجسم، والقرين هو لفظ قرآني، وهو أدق في التعبير من مسمى روح، على الأقل حتى نفرق بين المسميين، لكن علماء الروحانيات نتيجة لأن معتقدهم نابع من كتبهم المحرفة فهم يبتعدون تماما عن ذكر اسم الجن، لأن وجود الجن يتعارض مع معتقدهم أنه ليس هناك جنا من بين المخلوقات.

مع ملاحظة أخرى هامة جدا، وهي أنه ذكر (يوجد لكل كائن حي إنسانا كان ام حيوانا جسد اثيري أو نجمي) ولم يذكر المواد الإنسية في حالتها الثلاث السائلة الصلبة والغازية، على أي حال المادة العلمية لديهم غزيرة جدا ووفيرة، ولا يزال بحثي ودراستي مستمرين، لذلك فهذا العلم الذي وقف عليه الغرب واستخف به المسلمون بحاجة إلى مرحلة كبيرة من التأصيل الشرعي، حتى لا نضل ولا نشقى.


http://www.ashefaa.com/picsupload/fi...1145529294.gif

المادة وقرين المادة:
وهناك دراسة أئتنس إليها في إثبات ما وصلت إليه أبحاثي وتجاربي تشير إلى وجود قرين للمادة، وهذا من كتاب " آيات قرآنية في مشكاة العلم " د : يحيى المحجري يقول: (قال تعالى: ( وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (الذاريات) فكلمة "شيء" تشمل الإنسان والحيوان والنبات والجماد، فوجود الجماد أو المادة في صورة زوجين المادة وقرينها، ليس قاصرًا على عالم الإنس فقط بما يشمله من البشر والحيوان والنبات والجماد، بل خلق كذلك عالم الجن بما يشمله من الجن والحيوان والنبات والجماد، وهذا ثابت عن عالم الجن بما ورد في الكتاب والسنة، بل جعل من كل شيء زوجين حتى من الجماد والمادة وهذا هو تفسير الشمول التام الذي نراه في الآية: (وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ).

(في النصف الأول من القرن العشرين كان أحد الفيزيائين الإنجليز – واسمه ديراك Dirak – يقوم بأبحاث على معادلات الإلكترونات، والإلكترونات كما نعلم هي الجسيمات السالبة الشحنة التي تدور حول نواه الذرة، وفي أثناء قيامه بهذه الأبحاث اكتشف أن المعادلات لها حلين وليس حل واحد، وأي واحد منا تعامل مع معادلات الدرجة الثانية يستطيع أن يدرك بسهوله هذا الموقف، فمعادلات الدرجة الثانية تحتوي على مربع كمية مجهولة، والكمية المربعة دائما موجبة، فحاصل ضرب 2 ×2 يعطى 4، كذلك حاصل ضرب _2 × _2 يعطي أيضا نفس النتيجة، ومعنى ذلك أن الجذر التربيعي لــ 4 هو إما 2 أو - 2، وقد كانت معادلات (ديراك) أكثر تعقيدا من هذا المثال، ولكن المبدأ هو نفسه، فقد حصل على مجموعتين من المعادلات إحداهما للإلكترونات السالبة الشحنة والأخرى لجسم مجهول ذو شحنة موجبة، وقد قام (ديراك) ببعض المحاولات الغير ناجحة لتفسير سر هذا الجسيم المجهول، فقد كان يؤمن بوجوده، ولكن الفيزيائيون تجاهلوا بعد ذلك فكرة وجود جسيم موجب الشحنة، ممكن أن يكون قرينا للإلكترونات، تماما كما يتجاهل المهندس الذي يتعامل مع معادلات الدرجة الثانية الحلول التي تعطي أطوالاً أو كتلاً سالبة. وبعد عدة سنوات من أعمال (ديراك) النظرية، وفي أوائل الثلاثينات اكتشف أثار هذا الجسيم المجهول في جهاز يسمى بغرفة الضباب (cloud chambre)، وعند دراسة تأثير المجال المغناطيسي على هذه الآثار، اكتشف أن كتلة ذلك الجسيم تساوي كتلة الإلكترون، وأنه يحمل شحنة موجبة ومساوية لشحنة الإلكترون، وعندئذ سمى هذا الجسيم بقرين الإلكترون (Antielectron)، أو بالبوزترون (Positron)، ومن ثم بدأ البحث عن قرائن الجسيمات الأخرى، فمعنى وجود قرين للإلكترون وجود قرائن للجسيمات الأخرى، وفعلاً بدأ اكتشاف هذه القرائن الواحد يلي الآخر، وبدأ تقسيمها إلى أنواع لن ندخل في تفاصيلها، وسوف نكتفي بذكر نتيجتها النهائية، وهي وجود قرين لكل جسيم بل ولكل جسم).

ويعلق الدكتور يحيى المحجري على هذا قائلاً: (واكتشاف قرين المادة يخبرنا باحتمال وجود عالم آخر يناظر عالمنا المادي، ويتكون من قرائن الجسيمات أي من قرين المادة، أي هو هذا العالم الذي يتكون من قرين المادة؟ هذا هو السؤال الذي لم يستطع أحد الإجابة عليه، فالأرض تتكون أساسا من مادة، وليس من قرائن المادة، أما قرائن المادة التي يتم إنتاجها في الأشعة الكونية (Cosmic rays)، أو في معجلات الجسيمات (Particle accelerator) لا تعيش مدة طويلة في الأجواء الأرضية، فبمجرد أن تنخفض سرعتها بعض الشيء تحتم عليها أن تواجه مصيرها المؤلم الذي لا تستطيع الفرار منه وهو المحق أو الإبادة بواسطة المادة المقابلة لها التي تملأ أجواء الأرض، فعندما يتقابل الجسيم مع قرينه أو المادة مع قرينها يبدد كل منهما الآخر ويختفي الاثنان في شيء يشبه الانفجار متحولين كليهما إلى طاقة معظمها في صورة أشعة جاما).

(وأحد الألغاز التي حيرت الفيزيائيين هو مقدار القرائن الداخلة في بناء هذا الكون فهل تعتبر الأرض نموذجا مصغرا لبقية الكون؟ أي هل تزيد نسبة المادة في الكون كله عن نسبة قرائنها كما هو الحال في الأرض؟ قد نستطيع الجزم بأن نسبة قرائن المادة في مجرتها نسبة ضئيلة، وإلا تبددت أكثر المواد الموجودة بين النجوم، ولسجلت مراصدنا كميات أكبر بكثير من أشعة جاما، ولكن من يدرينا أن الأمر لا يختلف عن ذلك في المجرات الأخرى النائية التي تقع في أطراف الكون النائية، فربما وجدت مجرات بأكملها تسمى بقرائن المجرات، وتتكون من قرائن النجوم، وإذا سلمنا بوجود قرينًا للمجرة، وجدنا أنفسنا أمام سؤال آخر محير وهو؛ ما الذي يمنع المجرة وقرينها من الاقتراب من بعضها، ومن ثم التبدد والزوال؟ هل هو الفراغ الكوني الهائل، والمسافات الشاسعة، التي أوجدها العلي القدير لتفصل بين المجرات وقرائنها؟ وهل تقدم لنا هذه النظرية تفسيرًا جديدًا لقوله العزيز الحكيم: (إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ أَن تَزُولاَ وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا) فتبدد المجرات وقرائنها وزوالها بهذه الطريقة قد يتم في لحظات، ويكون نتيجته كمية هائلة من الطاقة، فتبدو السماء وكأنها وردة كالدهان قال تعالى: (فَإِذَا انشَقَّتِ السَّمَاء فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ)، ونحن لا نستطيع تصور انشقاق السماء كيف ستنشق؟ وأي جزء منها سيبدو منشقا؟ ولكن إذا حدث وتبددت مجرتنا مع قرينتها، فذلك يعني تبدد كل مستوى المجرة الذي نراه نحن من داخلها، وكأنه يقسم الكون إلى قسمين فتبدوا السماء منشقة وعندئذ تنكر النجوم وتنطمس، فكل نجم يتبدد عندنا يقترب من قرين النجم، قال تعالى : (فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ * وَإِذَا السَّمَاء فُرِجَتْ)، وإذا تبددت النجوم بهده الطريقة وتحولت كتلتها إلى طاقة، فعندئذ تتلاشى تلك القوى التي تجذب الكواكب إلى النجوم في مساراتها، فتتعثر الكواكب وتنتثر، قال تعالى : ( إِذَا السَّمَاء انفَطَرَتْ * وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ)، ونتج عن ذلك اضطرابات هائلة على كوكبنا الأرض، قال تعالى : (وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ)، وقال تعالى : (وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ) وقال تعالى : (وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ) .. [الانفطار: ]

إنها علامات الساعة التي أخبرنا الخالق البارئ بها، وقد يقدم لنا موضوع فيزياء الجسيمات وقرائنها تفسيرا لها، فزوال المادة وقرينها أصبح حقيقة علمية تحدث يوميا في معجلات الجسيمات التي تحول الطاقة إلى مادة، وإذا عدنا إلى الآية الكريمة: (وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ) لوجدنا أن إجابتنا ستكون بالإيجاب على سؤال وجود الجماد أو المادة في صورة زوجين المادة وقرينها، فالخلاق الكريم لم يخلق الإنسان والحيوان والنبات فقط في صورة زوجين بل جعل من كل شيء زوجين حتى من الجماد والمادة وهذا هو تفسير الشمول التام الذي نراه في الآية: (وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) سورة الذاريات

ومما يذكر أن الفيزيائي المسلم - محمد عبد السلام الباكستاني الجنسية الحائز على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1979 والذي قام بأبحاث هامة في موضوع الجسيمات وقرائنها، وكان له الفضل في وضع النظرية التي جمعت بين قوتين رئيسيتين من القوى الأربع المؤثرة في هذا الكون، وهما القوة الكهرومغناطيسية، والقوة النووية الضعيفة، صرح بعد حصوله على الجائزة أن الآية القرآنية: (وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ)، كانت بمثابة إحساس خفي وإلهام قوي له، وذلك أثناء أبحاثه على قرائن الجسيمات المادية، فقد فهم هذه الآية فهما شاملا يطوي بنى كلماتها حقيقة وجود قرائن للمادة، كحقيقة وجود أزواج أو قرائن في مملكة النبات والحيوان الإنسان.



.

جند الله 20-04-2006 03:53 PM

شرح الفارق الرابع



الرؤيا الرحمانيـة: محددة المواضيع، ومختصرة الأحداث
فتتميز الرؤية الصادقة بأنها رسالة محددة الملامح والأهداف، واضحة الرموز والدلالات، مختصرة في تصوير أحداثها، بلا إسراف فيها ولا تطويل ولا تشتيت لذهن الرائي، لذلك يستيقظ وهو متذكر لأحداثها كاملة، ويرويها بدقة متناهية.

مثال: كما في رؤيا يوسف عليه السلام، قال تعالى: (إِذْ قَالَ يُوسُفُ لأَبِيهِ يَا أَبتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ) (يوسف: 4). رؤية مختصرة في تصوير أحداثها، محددة الهدف وهو تبشير يوسف عليه السلام، والرموز هنا وهما الشمس والقمر والأحد عشر كوكبا، واضحة لا لبس فيها، والسجود دلالته صريحة على أنه سيصير من الملوك الذي يسجد لهم، وقد كان مشروع السجود للملوك فيما سبقنا من الأمم، ونسخ السجود هذا من حديث أنس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر ولو صلح أن يسجد بشر لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها، والذي نفسي بيده لو أن من قدمه إلى مفرق رأسه قرحة تنبجس بالقيح والصديد ثم أقبلت تلحسه ما أدت حقه).

تنبيه: ليس شرطا على الدوام أن تكون الرؤية مختصرة، فمن الممكن أن تكون هناك رؤية مطولة بعض الشيء، بشرط أن تكون عناصرها متحدة في اتجاه هدف محدد بعينه، فلا يوجد رؤية متعددة الأهداف، فلا يمكن أن تبشر وتنذر في وقت واحد، فهذا تعارض يخالف وحدة التصوير، وأن تخلوا من التعارض بين وحدة عناصرها، وهذا خلط يدخلها في أنواع المنامات الأخرى، خاصة أضغاث الأحلام، فتنبه لهذا الفرق وذاك الشرط.

فمن الممكن أن تبشر الرؤية الواحدة ببشريات متعددة ومختلفة، ولكن بشرط أن يستدل هذا من وحدة عناصرها لا من تداخل عناصر متضاربة في الرؤية، وإلا خرجت هذا المنام عن شروط الرؤية الصحيحة.

عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا صَلَّى صَلَاةً أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَالَ: (مَنْ رَأَى مِنْكُمُ اللَّيْلَةَ رُؤْيَا؟) قَالَ: فَإِنْ رَأَى أَحَدٌ قَصَّهَا فَيَقُولُ: (مَا شَاءَ اللَّهُ) فَسَأَلَنَا يَوْمًا فَقَالَ: (هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمْ رُؤْيَا؟) قُلْنَا: لَا قَالَ: (لَكِنِّي رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِي فَأَخَذَا بِيَدِي فَأَخْرَجَانِي إِلَى الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ فَإِذَا رَجُلٌ جَالِسٌ وَرَجُلٌ قَائِمٌ بِيَدِهِ كَلُّوبٌ مِنْ حَدِيدٍ) قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ مُوسَى: (إِنَّهُ يُدْخِلُ ذَلِكَ الْكَلُّوبَ فِي شِدْقِهِ حَتَّى يَبْلُغَ قَفَاهُ ثُمَّ يَفْعَلُ بِشِدْقِهِ الْآخَرِ مِثْلَ ذَلِكَ وَيَلْتَئِمُ شِدْقُهُ هَذَا فَيَعُودُ فَيَصْنَعُ مِثْلَهُ قُلْتُ: مَا هَذَا؟ قَالَا: انْطَلِقْ، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ عَلَى قَفَاهُ، وَرَجُلٌ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِهِ بِفِهْرٍ أَوْ صَخْرَةٍ فَيَشْدَخُ بِهِ رَأْسَهُ، فَإِذَا ضَرَبَهُ تَدَهْدَهَ الْحَجَرُ فَانْطَلَقَ إِلَيْهِ لِيَأْخُذَهُ، فَلَا يَرْجِعُ إِلَى هَذَا حَتَّى يَلْتَئِمَ رَأْسُهُ وَعَادَ رَأْسُهُ كَمَا هُوَ فَعَادَ إِلَيْهِ فَضَرَبَهُ، قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَا: انْطَلِقْ، فَانْطَلَقْنَا إِلَى ثَقْبٍ مِثْلِ التَّنُّورِ أَعْلَاهُ ضَيِّقٌ وَأَسْفَلُهُ وَاسِعٌ يَتَوَقَّدُ تَحْتَهُ نَارًا، فَإِذَا اقْتَرَبَ ارْتَفَعُوا حَتَّى كَادَ أَنْ يَخْرُجُوا، فَإِذَا خَمَدَتْ رَجَعُوا فِيهَا، وَفِيهَا رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَا: انْطَلِقْ فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ مِنْ دَمٍ فِيهِ رَجُلٌ قَائِمٌ عَلَى وَسَطِ النَّهَرِ) قَالَ يَزِيدُ وَوَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ: (وَعَلَى شَطِّ النَّهَرِ رَجُلٌ بَيْنَ يَدَيْهِ حِجَارَةٌ، فَأَقْبَلَ الرَّجُلُ الَّذِي فِي النَّهَرِ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ رَمَى الرَّجُلُ بِحَجَرٍ فِي فِيهِ فَرَدَّهُ حَيْثُ كَانَ، فَجَعَلَ كُلَّمَا جَاءَ لِيَخْرُجَ رَمَى فِي فِيهِ بِحَجَرٍ فَيَرْجِعُ كَمَا كَانَ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ قَالَا: انْطَلِقْ، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى رَوْضَةٍ خَضْرَاءَ فِيهَا شَجَرَةٌ عَظِيمَةٌ، وَفِي أَصْلِهَا شَيْخٌ وَصِبْيَانٌ وَإِذَا رَجُلٌ قَرِيبٌ مِنَ الشَّجَرَةِ بَيْنَ يَدَيْهِ نَارٌ يُوقِدُهَا، فَصَعِدَا بِي فِي الشَّجَرَةِ وَأَدْخَلَانِي دَارًا لَمْ أَرَ قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهَا فِيهَا رِجَالٌ شُيُوخٌ وَشَبَابٌ وَنِسَاءٌ وَصِبْيَانٌ، ثُمَّ أَخْرَجَانِي مِنْهَا فَصَعِدَا بِي الشَّجَرَةَ، فَأَدْخَلَانِي دَارًا هِيَ أَحْسَنُ وَأَفْضَلُ، فِيهَا شُيُوخٌ وَشَبَابٌ، قُلْتُ: طَوَّفْتُمَانِي اللَّيْلَةَ فَأَخْبِرَانِي عَمَّا رَأَيْتُ، قَالَا: نَعَمْ، أَمَّا الَّذِي رَأَيْتَهُ يُشَقُّ شِدْقُهُ فَكَذَّابٌ يُحَدِّثُ بِالْكَذْبَةِ فَتُحْمَلُ عَنْهُ حَتَّى تَبْلُغَ الْآفَاقَ، فَيُصْنَعُ بِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَالَّذِي رَأَيْتَهُ يُشْدَخُ رَأْسُهُ فَرَجُلٌ عَلَّمَهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَنَامَ عَنْهُ بِاللَّيْلِ، وَلَمْ يَعْمَلْ فِيهِ بِالنَّهَارِ، يُفْعَلُ بِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَالَّذِي رَأَيْتَهُ فِي الثَّقْبِ فَهُمُ الزُّنَاةُ، وَالَّذِي رَأَيْتَهُ فِي النَّهَرِ آكِلُوا الرِّبَا، وَالشَّيْخُ فِي أَصْلِ الشَّجَرَةِ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَام وَالصِّبْيَانُ حَوْلَهُ فَأَوْلَادُ النَّاسِ، وَالَّذِي يُوقِدُ النَّارَ مَالِكٌ خَازِنُ النَّارِ، وَالدَّارُ الْأُولَى الَّتِي دَخَلْتَ دَارُ عَامَّةِ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَمَّا هَذِهِ الدَّارُ فَدَارُ الشُّهَدَاءِ وَأَنَا جِبْرِيلُ، وَهَذَا مِيكَائِيلُ، فَارْفَعْ رَأْسَكَ فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا فَوْقِي مِثْلُ السَّحَابِ قَالَا: ذَاكَ مَنْزِلُكَ، قُلْتُ: دَعَانِي أَدْخُلْ مَنْزِلِي قَالَا: إِنَّهُ بَقِيَ لَكَ عُمُرٌ لَمْ تَسْتَكْمِلْهُ، فَلَوِ اسْتَكْمَلْتَ أَتَيْتَ مَنْزِلَكَ). أخرجه: البخاري (1297).

هذا نموذج لرؤيا طويلة الأحداث، وهي رؤيا صادقة لأنها رؤيا للنبي صلى الله عليه وسلم، وهي وحي من الله، وقد ذكرتها ضربا للمثل، لا للقياس عليها، فتنبه أيها اللبيب إلى أن رؤى الأنبياء لا يقاس عليها رؤى غيرهم من البشر، لأنها وحي من الله، فرغم تعدد أحداثها المتسلسلة، وطولها، لكنها رؤية متحدة في هدفها وهو كشف جزء من عالم غيبي، فهي تبشير ونذير من الله إلى عباده بوحي منه إلى نبي مرسل.

تنبيه: في هذه الرؤية الصادقة سيلفت انتباهك شيء مهم جدا، أن بعض الرؤى الصالحة يتم تأويلها وتعبريها وتفسيرها داخل الرؤيا نفسها، وعلى هذا نخلص إلى أن الرؤى الصالحة قد تأتي أحيانا مفسرة، وليست بحاجة إلى تأويل معبر لها.

الأحلام الشيطانية: محددة المواضيع، طويلة الأحداث
فهدف الشيطان من الإنسان محدد ولا يتغير، وهو التلعب به وتحطيم معنوياته بشتى السبل، مهما اختلفت مواضيع الأحلام الشيطانية، فهي لن تخرج من دائرة التلعب والتأثير النفسي، وهذا هدف مشترك في جميع الأحلام الشيطانية، وبالتالي فإن الحلم الشيطاني تكون أحداثه طويلة ممتدة، وتتسم بسمة أساسية وهي التدرج في تسلسل الأحداث المطولة، قال تعالى: (وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ) (البقرة: 168).

وكذلك تسويل المعاصي للنائم كما في الأحلام الجنسية، وإعطاء النائم الأمل المكذوب في أثناء المنام فتجد النائم يتنقل من هنا إلى هناك ويسعى سعيا حثيثا، وفي نهاية المنام لا يصل إلى شيء، قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ) (محمد: 25).

مثال: فعن جابر قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله رأيت في المنام كأن رأسي ضرب فتدحرج فاشتددت على أثره فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للأعرابي: (لا تحدث الناس بتلعب الشيطان بك في منامك). وقال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم بعد يخطب فقال: (لا يحدثن أحدكم بتلعب الشيطان به في منامه). أخرجه: مسلم (4212).

ففي مثل هذا الحلم الشيطاني يرى النائم أنه يتبع رأسه من هنا إلى هناك، ويصعد جبالا، وينزل وديانا، ويطير وراء رأسه في الهواء، ويغطس خلفه في الماء، وفي النهاية لا يصل إلى شيء، ولا يحقق هدفا.

تنبيه: يجب أن ضع في اعتبارنا عند استعراض المنام مدى صلة أحداثه بملامح الشخصية الشيطانية، فالإناء ينضح بما فيه، عسى أن تجد تطابقا بين الأحداث المذكورة وبين صفات إبليس وجنوده، فإذا وجدت تطابقا ملحوظا بينهما فاجزم بأنه حلم شيطاني، وربما كان (كشف بصري منامي)، فتنبه إلى أن (الكشف البصري المنامي) يتم من خلال الشيطان المستحوذ على جسد النائم، فهو يرى بعيني الجن ما لا يراه بعينيه كإنسي، لذلك فهناك تقارب كبير بين الأحلام الشيطانية وبين (الكشف البصري المنامي) وما يحويه كل منهما من خصائص وصفات إبليس وجنوده، لذلك يجب على المعبر أن يكون ملما بعلاج الأمراض الجنية وأعراضها، وكذلك على المعالج أن يكون ملما إلماما كبيرا جدا بعمل المعبر، فكل معالج معبر، وليس كل معبر معالج.

أضغاث الأحـلام: مختلطة المواضيع، وكثيرة الأحداث
فهي مختلطة المواضيع وكثيرة الأحداث، فما تكاد تنتهي من حدث حتى تدخل في حدث آخر، ومن موضوع إلى موضوع مختلف، مما ينتج عنه رؤية أحداث كثيرة لا حصر لها. حيث تخلط فيها الدوافع النفسية، وتتحرك فيها الأحداث تبعا لطبيعة النائم وملامح شخصيته، فهو الذي يصوغ الأحداث بنفسه، وهو أيضا الذي يحركها، ويتأثر هنا بالحالة العضوية والنفسية، فإذا كان جائعا حلم بآلام الجوع وما يتبعه من أوهام، وإن كان ثائرا جنسيا حلم بما يوافق إرضاء شهوته، هذا من الناحية العضوية، وإن كان حزينا مهموما أرقه حزنه، وإن كان فرحا سعيدا انخرط في خيالات وردية تبعا لدرجة سعادته، وطبيعة شخصيته الحالمة.

مثال: أن يرى النائم أنه في عمله، ثم فجأة ينتقل إلى مسرح كبير لعرض السيرك وتقديم عروض للحيوانات المفترسة مثلا، ويتخيل أنه مروض للأسود، وفجأة يهاجمه أسد، فيفر منه بحيلة ذكية، ليدخل في مطعم ويتناول الطعام الشهي واللذيذ كقطة لحم مثلا.

كل هذه مواضيع مختلفة تماما عن بعضها البعض، فالنائم يرى أنها في عمله، ولأن حياته في العمل مليئة بالصراعات والمشاحنات فتخيل أنه يهرب من هذا الوقع البئيس، وانه استبدله بالمسرح وترويض الأسود الذين هم أعداؤه، ولكن لعدم شعوره بالأمان يقوم أحدهم بمطاردته، ولكن لأن المنام حديث نفس فإن النائم يغير من مسار المنام فيفر من الأسد الذي يطارده، وذلك بحيلة يخطط لها في منامه، ثم يحل مشكلته الأساسية في العمل وهي السعي على لقمة العيش، فيتخيل أنه استطاع الفرار والتخلص من أعداءه، وصار الآن الحال مرضيا فدخل مطعما ليتناول وجبة شهية ترمز إلى انتصاره في الحصول على لقمة العيش، ويتخيل نه بتناول قطعة من اللحم كناية عن شدة الجذب والشد الذي يلاقيه في حياته من أجل الحصول على لقمة العيش.

هذا المنام مثلا هو حديث نفس، ولكن تحليله كما سبق يتفق والشعوب النامية، وبكل تأكيد سيختلف تفسيره إذا كان الرائي من الشعوب المتقدمة والثرية، ولكن بأي حال لا نستطيع تصنيفه ضمن الرؤى الرحمانية، لأنه منام مشتت الأحداث مطول مختلف المواضيع مفتقد لوحدة المضمون المعتاد في الرؤى الرحمانية.


.

جند الله 20-04-2006 06:21 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو سليم
بسم الله الرحمن الرحيم


بارك الله فيك وزادك من علمه وفهمه.

وفيك بارك الله وزادنا وزادكم علما ونفع بنا المسلمين


.

جند الله 20-04-2006 06:58 PM

أهمية دور المعالج الشرعي
 
وهذا طرف من مصنفي بعد التعديل والإضافة (للطبعة الثانية) منه
وهو بعنوان


(نصائح لعلاج الحائرين من فضائح السحر ومس الشياطين)

أهمية دور المعالج


من الناس من يخاف من الجن، ولا يحسن التعامل معه إذا حضر بصورة همجية، فضلاً عن أن بعض الناس من لو قرأ على المريض فلا يحسن التشخيص، ولا يعرف تمييز المتحدث معه الجني أم القرين أم المريض نفسه، ولا يدري إذا كان المريض مصاب بالمس أو السحر أو العين، أو بمرض عضوي أو نفسي، وربما متمارض، فأكثر الناس لا خبرة لديهم، ولا علم لهم بالمناهج الصائبة للعلاج، وكيف للراقي إن لم يكن عالمًا متمرسًا أن يميز بين حضور الجن وانصرافه، وأن يميز صدقه من كذبه؟! ولعل سبب انفعال المعارضين لنا عفى الله عنهم، أن أحدهم لم يبتلى في نفسه أو أهله حتى يشعر بقسوة ما يعانيه هؤلاء، ليتأكد عجز بعضهم عن رقية نفسه بنفسه، أو عجز ذويه عن رقيته كما ينادي البعض بذلك، فالصحابية أم زفر لم تستطع ستر نفسها، ولا رقية نفسها، فذهبت للنبي صلى الله عليه وسلم تسأله أن يدعو لها، والنبي صلى الله عليه وسلم في مرضه لم يستطع رقية نفسه الشريفة فرقته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، كما سبق وبينا، فليس الخبر كالمعاينة.

وعندها وجب علينا رد عدوانه ولو بالقوة حتى يتوجع ويتألم فيرده الله عنا طالما أصر على العدوان، قال تعالى: (وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) [التوبة: 36]، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى صلاة قال: (إن الشيطان عرض لي، فشد علي ليقطع الصلاة علي، فأمكنني الله منه فَذَعَتُّه،( ) ولقد هممت أن أوثقه إلى سارية حتى تصبحوا فتنظروا إليه، فذكرت قول سليمان عليه السلام رب (هَبْ لِي مُلْكًا لاَّ يَنبَغِي لأَحَدٍ مِّنْ) فرده الله خاسيا)،( ) وفي رواية عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مر علي الشيطان، فأخذته فخنقته حتى إني لأجد برد لسانه في يدي، فقال: أوجعتني أوجعتني).( )

نصيحة: لا داعي مطلقًا للخوف من قتل الشيطان وقتاله ورد عدوانه بما شرعه الله، لأن كيده ضعيفًا، ولو وجد هذا الخوف من الشيطان لما نصر الله معالجًا على الشياطين ولتلبسوا به وصرعوه، قال تعالى: (الَّذِينَ آمَنُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُواْ أَوْلِيَاء الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا) [النساء: 76]، ولأن الله هو الذي يدافع عن المؤمنين، وليس الجن المسلم أو غيرهم، قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ) [الحج: 38]، ولأن الله هو الناصر عليه، وقال تعالى: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ) [الحج: 39].

يقول ابن تيميه: (فهذا من أفضل الأعمال وهو من أعمال الأنبياء والصالحين، فإنه مازال الأنبياء والصالحون يدفعون الشياطين عن بني آدم بما أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم ، كما كان المسيح عليه السلام يفعل ذلك، وكما كان نبينا صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك، ولو قدر أنه لم ينقل ذلك لكون مثله لم يقع عند الأنبياء لكون الشياطين لم تكن تقدر أن تفعل ذلك عند الأنبياء، وفعلت ذلك عندنا فقد أمرنا الله تعالى ورسوله بنصر المظلوم وإغاثة الملهوف ونفع المسلم بما يتناول ذلك). ا.هـ( )
وهناك دور هام منوط بالمعالج لا نستطيع إغفال أهميته بحال، وهو اكتشاف ما سقط لدى المريض من التوحيد، فينبهه إليه ويدعوه إلى إصلاحه، لذلك يشترط في المعالج أن يكون ملمًا بفقه الدعوة، وذو بصيرة نافذة يستطلع بها أحوال مرضاه، فيلتمس بها نقاط ضعفهم الإيمانية وثغراتهم العقائدية، والتي كانت سببًا في تسلط الشيطان عليهم، فيعمل على كشفها ومداواتها، ومن هنا كانت أهمية الورد القرآني في علاج النفس وتهيئتها وإعدادها لقبول فاعلية جلسات العلاج، هذا إلى جانب أهمية المواعظ التي يقدمها المعالج للمريض.

قال شيخنا الألباني رحمه الله: (التوسل إلى الله تعالى بدعاء الرجل الصالح كأن يقع المسلم في ضيق شديد، أو تحل به مصيبة كبيرة، ويعلم من نفسه التفريط في جنب الله تبارك وتعالى، فيجب أن يأخذ بسبب قوى إلى الله، فيذهب إلى رجل يعتقد فيه الصلاح والتقوى، أو الفضل والعلم بالكتاب والسنة. فيطلب منه أن يدعوا له ربه، ليفرج عنه كربه، ويزيل عنه همه).( )

ودور المعالج في علاج المسحور يتم على مرحلتين، مرحلة إبطال أمر التكليف قال تعالى: (مَا جِئْتُم بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللهَ سَيُبْطِلُهُ) [يونس: 81]، ومرحلة التعامل مع (خادم السحر) الموكل بتنفيذ (أمر التكليف)، وبعد إبطاله يتدخل بالدعاء بما يلائم الحالة باعتبارها صارت حالة مس، وقد تتقدم إحدى المرحلتين على الأخرى في بعض الحالات.

لذلك يشترط في المريض بالمس والسحر التوبة وصدق الإيمان، هذا بالتزام العمل بما آمن به، والتوكل على الله سبحانه وتعالى ليكون جاهزًا وقابلاً للعلاج من المس والسحر قال تعالى: (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) [النحل: 99]، ففضل الله ورضوانه لا ينال بمعصيته، فالنصر والاستعلاء قرينا الإيمان قال تعالى: (وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) [آل عمران: 139].

الشيخ عبد الرحمن بن حسن يقول: (من تعلق قلبه شيئًا، بحيث يعتمد عليه ويرجوه وكله الله إلى ذلك الشيء، فمن تعلق على ربه وإلهه وسيده ومولاه رب كل شيء ومليكه كفاه ووقاه وحفظه وتولاه، فنعم المولى ونعم النصير، قال تعالى: (أَلَيْسَ اللهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ) [الزمر: 36]، ومن تعلق على السحرة والشياطين وغيرهم من المخلوقين وكله الله من تعلقه فهلك، ومن تأمل ذلك في أحوال الخلق ونظر بعين البصيرة رأى ذلك عيانا، وهذا من جوامع الكلم، والله أعلم).( )

نصيحة: وما يجب إدراكه أنه كلما اشتد كفر الساحر وطالت مدة ممارسته للسحر كلما ازداد قربًا من إبليس وأكتسب سحره قوة أكثر، ولزم لإبطاله زيادة الإيمان والقرب من الله تعالى، وبدرجة لا تقل بحال عن درجة كفر الساحر وقربه من الشيطان، هذا إن لم تزد عليه، فإذا كان كفر الساحر وقربه من الشيطان يزداد بعبادته وإخلاصه له، ففي المقابل لابد للمسحور له والمعالج أن يزدادا إيمانًا بكثرة عبادتهما وإخلاصهما لله تعالى، فاعلم أنك لن تشفى حتى يفوق إيمانكما بالله تعالى إيمان الساحر بالشيطان.

نصيحة: وذلك التوفيق في علاج المس والسحر بالقرآن الكريم، ليس دليل على منزلة المعالج عند الله، ولكن دليل على فضل الله عز وجل وعفوه ومغفرته، فهذا المعالج المستغرق في الذنوب لم ولن يبلغ مبلغ الصحابة رضوان الله عليهم، ولكن ذلك من جميل ستر الله ونصرته لدينه، وعون وفضل من الحنان المنان لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (واللَّه في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه).( ) لذلك يجب أن لا نغلو في المعالج وننزله المنازل، وكأنه من أصحاب الكرامات، وأن ننسب الفضل دائمًا وأبدًا لله، فالمعالج شخص عادي جدًا، الأصل فيه العلم بالتوحيد، والفهم الصحيح للعقيدة، والخبرة الناضجة، وغزارة الاحتكاك بعالم الجن والشياطين، وإلا لاستطاع أي إنسان أن يعالج نفسه بنفسه، فإذا أصيب أحد المعالجين بالمس أو السحر ذهب إلى معالج آخر ليعالجه وهذا شيء متعارف عليه بين المعالجين.

مشروعية إعطاء المعالج أجرًا:
ويعتقد أن من صفات المعالج الرباني عدم اتخاذه أجرًا، وأن عليه بذل جهده ووقته لوجه الله تعالى، وبدون كسب يسد به نفقاته، ولو على حساب مسؤولياته التي تستغرق منه اليوم بأكمله، وإلا حكموا عليه بأنه دجال، وهذا وهم أضر بالمعالجين فاضطرهم مرغمين للإحجام عن مزاولة العلاج، وذلك وفقًا لفقه الأولويات، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (كفى بالمرء إثمًا أن يضيع من يعول)،( ) فلا فائض وقت يكفي لعلاج المصابين على كثرتهم، مما انعكس سلبًا على المرضى، وفتح الباب للكهان والدجالين، فإخلاص النية لله تعالى فهو واجب، ويجب أن يصاحب كل عمل، سواء أخذ حكم العبادات أو أخذ حكم العادات، لقوله تعالى: (قُلْ إِنَّ صَلاَتِى وَنُسُكِى وَمَحْيَاىَ وَمَمَاتِى لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) [الأنعام: 162: 163].

أما اتخاذ الأجر على العمل فهذا من المباحات، فللعامل أخذه أو احتسابه عند الله، أما أخذ الأجر على النية والعبادات فلا يؤخذ إلا من الله تعالى وحده، وإلا صار شركًا، أما اتخاذه أجرًا على الرقية فهو من المباحات، فله أن يأخذه، وله أن يتركه، حتى ولو قدم له هدية، فله أن يقبل جزءًا منها ويرد البقية، وذلك من قصة المرأة التي اهدت النبي صلى الله عليه وسلم شياه ثلاث، بعد أن شفى الله صبيها بعد أن رقاه النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: والذي بعثك بالحق ما حسسنا منه شيئا حتى الساعة، فاجترر هذه الغنم، قال: (انزل فخذ منها واحدة ورد البقية).( )

ولما صح عن ابن عباس أن نفرًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مروا بماء فيهم لديغ، أو سليم، فعرض لهم رجل عن أهل الماء فقال: هل فيكم من راق؟ إن في الماء رجلاً لديغًا، أو سليمًا. فانطلق رجل منهم فقرأ بفاتحة الكتاب على شاء، فبرأ: فجاء بالشاء إلى أصحابه، فكرهوا ذلك وقالوا: أخذت على كتاب الله أجرًا، حتى قدموا المدينة فقالوا: يا رسول الله، آخذ على كتاب الله أجرًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن أحق ما أخذتم عليه أجرًا كتاب الله).( )

وفي رواية عن أبي سعيد الخدري أن أناسًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا في سفر فمروا بحي من أحياء العرب، فاستضافوهم فلم يضيفوهم، فقالوا لهم: هل فيكم راق فإن سيد الحي لديغ أو مصاب، فقال رجل منهم: نعم فأتاه فرقاه بفاتحة الكتاب، فبرأ الرجل، فأعطى قطيعا من غنم، فأبى أن يقبلها، وقال: حتى أذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر ذلك له، فقال: يا رسول الله، والله ما رقيت إلا بفاتحة الكتاب، فتبسم، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وما أدراك أنها رقية) ثم قال: (خذوا منهم واضربوا لي بسهم معكم).( )

قال النووي: (قوله صلى الله عليه وسلم: (خذوا منهم واضربوا لي بسهم معكم) هذا تصريح بجواز أخذ الأجرة على الرقية بالفاتحة والذكر، وأنها حلال لا كراهية فيها، وكذا الأجرة على تعليم القرآن، وهذا مذهب الشافعي ومالك وأحمد وإسحاق وأبي ثور وآخرين من السلف ومن بعدهم، ومنعها أبو حنيفة في تعليم القرآن، وأجازها في الرقية. وأما قوله صلى الله عليه وسلم: (واضربوا لي بسهم معكم) وفي الرواية الأخرى (أقسموا واضربوا لي بسهم معكم) فهذه القسمة من باب المروءات والتبرعات ومواساة الأصحاب والرفاق، وإلا فجميع الشياه ملك للراقي مختصة به، لا حق للباقين فيها عند التنازع، فقاسمهم تبرعا وجودًا ومروءة، وأما قوله صلى الله عليه وسلم: (واضربوا لي بسهم) فإنما قاله تطييبا لقلوبهم، ومبالغة في تعريفهم أنه حلال لا شبهة فيه).( )

أهمية عقد جلسات العلاج:
إن كتب العلاج على كثرتها ليس من بينها ما يصلح كمرجعية علمية في تقنيات العلاج وفنونه، وهذه حقيقة يجب الوقوف عليها، والاعتراف بها، ولا مجاملات لأحد على حساب الدين والشرع، خاصة عندما نقرأ في بعض الكتب عرض لطريقة أو عدة طرق لعلاج نوع من أنواع السحر، أو إدراج ما اصطلح عليه بالرقية الشرعية تحت عنوان مغري جذاب (عالج نفسك بنفسك)، وأن هذه الطريقة شافية ومجربة، وكأنه سرًا خفي على الأمة وعلمه هذا المؤلف فأخرجه للناس، فإبطال السحر ليس في يد المعالج بل بيد الله وحده، ولكن المعالج يتعامل مع الشيطان الموكل بالسحر بإبطال السحر أولاً، ثم مواجهة الشيطان بما يلائمه من معاملة، من خلال الدعاء عليه بدعاء منظم مدروس، يوافق ما عليه الشيطان من حال، وهذه المعركة على هذا النحو تستغرق زمنًا قد يطول أو يقصر، حسب قوة الشيطان وشدة سحره، فإبطال السحر ليس بالأمر العضال كما نظن، بل أيسر شيء في العلاج هو إبطال السحر، لأنه كما قلنا إبطال السحر من خصوصيات الله وحده، وهذا يتم بقراءة المعوذات والدعاء، ولا يحتاج أكثر من هذا، ولكن الشيطان لن يترك لك السحر بمحتوياته ومكوناته بلا حماية منه ومن جنوده، إذًا فالذي يحول بينك وبين إبطال السحر هو الشيطان، لأنه هو وجنوده الطاقة الفاعلة والمنفذة لأمر التكليف.
فعلاج المس والسحر يختلف من حالة للأخرى، ومن مريض للآخر، فنوع السحر هو مجرد تنفيذ الجن الأمر التكليف كسحر التفريق والربط والجنون، ودور المعالج هو التدخل لمنع الجن من أداء دوره المكلف به، فالمعالج لا يتعامل فقط مع نوع من أنواع السحر أو المس، ولكنه بالإضافة إلى ذلك هو يتعامل مع أنواع الجن بمختلف قدراتهم، فالحالة الواحدة تختلف في كيفية التعامل معها بين لحظة وأخرى، فقد يكون هناك عشر حالات مس أو سحر من نوع واحد كسحر الربط مثلاً، فتعالج كل حالة ربط بطريقة مختلفة عن الأخرى، تبعًا لنوع الجن ودينه وخبرته وقوته وليس لكونه سحر ربط فقط.

فلكل حالة ظروفها الخاصة، والمريض ليس مؤهلاً دائمًا لمواجهة كل أنواع الجن والشياطين، وإلا فلا حاجة بالمريض إلى المعالج طالما توفرت طرق ثابتة للعلاج، أو آيات أو سور بعينها إذا رتلها المريض شفي، فلا سند شرعي يدعم مثل هذه الاجتهادات، وإلا فهذا استدراك على الشرع، وحصر لطرق مواجهة الشيطان المختلفة كما هو مسرود في السنة ومستنبط منها، لذلك يجب أن نقف على أمر هام أن التعامل مع الأبالسة والشياطين بحاجة إلى علم خاص، ولا يقف عند مجرد حدود تلاوة القرآن وترديد الأدعية بدون استيعاب لمعانيها ودلالتها، وزيادة في الإيضاح؛ سأذكر عدة نماذج على سبيل المثال لا الحصر، لنستوعب جميعًا أن العلاج علم مستنبط من الكتاب والسنة، وأنه يعتمد على توظيف الرقية وفقًا لخبرة المعالج بخصائص الجن.


.

جند الله 20-04-2006 07:12 PM

النموذج الأول:
فقد يكون الجن من النوع الطيار، وهذا استنادًا إلى ماورد في السنة أن من الجن صنف لهم أجنحة، فعن أبي ثعلبة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الجن على ثلاثة أصناف، فصنف لهم أجنحة يطيرون بها في الهواء، وصنف حيات وكلاب، وصنف يحلون ويظعنون)،( ) وهذا على سبيل المثال وليس على سبيل الحصر، فيهرب من الرقية قبل بداية الجلسة، لذلك يجب أن تكون الجلسة فجائية، ومن علامات حضور الجن الطيار أن ترى المريض يحرك عظمتي اللوح في حركة شبه دائرية، وعلى سبيل المثال لا الحصر يمكن الدعاء عليه بقوله تعالى: (وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِى بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ) [الحج: 31]، ولكن لا نركن إلى تركيز الدعاء على الجناحين، لأنهما من أسباب قوته، أما نقطة ضعفه فهي إحدى ركبتيه! وتتفاوت قوة الجن الطيار، فمنهم السحرة وهم أصعب في التعامل، بسبب قوة سحره المضافة إلى قدرته على الطيران، وهذا مما علمناه بالخبرة والممارسة، ولا سند له في الكتاب أو السنة.

النموذج الثاني:
وقد يكون جنًا من النوع الغواص والشاهد من قوله تعالى: (وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَن يَغُوصُونَ لَهُ) [الأنبياء: 82]، وقال تعالى: (وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاء وَغَوَّاصٍ) [ص: 37]، وعليه فحياة الجن الغواص وقوته مرتبطة بالماء مثله كمثل الأسماك، لذلك يجب أن يدعو المعالج بجفاف الماء حتى يضعف الجن فيمكن السيطرة عليه، وعلى سبيل المثال لا الحصر يمكن الدعاء بقوله تعالى: (وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِى مَاءكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِى وَغِيضَ الْمَاء وَقُضِىَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِىِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) [هود: 44]، ومن علامات حضوره أن ترى المريض يضم زراعه بحذاء جانبيه، مع التفريج بين أصابع يده، ومد الساق والقدمين إلى الأمام مع ضمهما، ونقطة ضعفه في قدميه، وقد يرى المريض في مناماته أنه يغوص في البحر.

النموذج الثالث:
وفي بعض الحالات يصاب المريض بصداع شديد أثناء الرقية، ويزداد الإحساس بالألم كلما استمر المعالج في الرقية، وهنا يجب التوقف فورًا عن الرقية، مع ترديد الآذان لطرد الشيطان حتى يتوقف الصداع، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا نودي بالصلاة أدبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع الأذان، فإذا قضي الأذان أقبل، فإذا ثوب بها أدبر..)،( ) وما يحدث أن الجن في هذه الحالة يشد بعض الأعصاب في المخ، فكلما استمر المعالج في التلاوة ازداد الجن شدًا، فيزداد إحساس المريض بالصداع، وإن لم يطرده المعالج بترديد الآذان فقد يصاب المريض بسوء، فربما أصابه بشلل أو أودى بحياته، وهذا يوضح أهمية المرجعية الشرعية في بيان ما نواجه به الشيطان، ثم يأتي دور التطبيق والتجريب.

النموذج الرابع:
وقد يشعر المريض بتنميل في يده اليمنى، فالمنطقي أن يقرأ على اليد أو الجانب الذي يؤلم المريض، ولكن الخبرة تقول خلاف هذا، وهنا يقرأ على اليد اليسرى وليس على اليد اليمنى، وبالتدريج سوف يشعر بالتنميل في اليد اليسرى مع اليد اليمنى، فليستمر أيضًا في القراءة على اليد اليسرى، وعندها سوف يضيع التنميل تمامًا من اليد اليمنى، ثم يستمر في القراءة على اليد اليسرى حتى يختفي التنميل منها تمامًا، فإن عاد ظهور التنميل في اليد اليمنى فهذا يعني أن هناك مددًا جديد، وهذا جربناه مرات لا تحصى، وليس له دليل من الكتاب والسنة، ولكن عرفناه بالخبرة والتجربة فقط.

ولتفهم السر في تركيز الدعاء على الجهة اليسرى من جسد المريض رغم أن الألم في الجهة اليمنى، نستطيع القول بأن الشيطان يستخدم الجانب الشمال من جسده، فعن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه، وإذا شرب فليشرب بيمينه، فإن الشيطان يأكل بشماله، ويشرب بشماله).( ) وهذا خلاف طبيعة البشر الذين يعتمدون على الجانب الأيمن من جسدهم، وهو أقوى من الجانب الأيسر قوة وتحمل.

فلك أن تتخيل أنك تحمل حجرين حجرًا في يدك اليمنى، والآخر في اليد اليسرى، على أن يكون وزنهما واحد، ومد يديك بهما، ثم انتظر ساعة من الزمن، فستبدأ يدك اليسرى في التعب قبل اليمنى، فإذا قاومت واسمررت مادًا يديك فسوف تبدأ يدك اليمنى في التعب، وهنا ستشعر بتعب يديك معًا، فإذا تحاملت على نفسك فستعجز يدك اليسرى أولاً عن حمل الحجر، وسيسقط منك الحجر، فإذا استمررت في حمل الحجر الآخر بيدك اليمنى فسوف يسقط منك بعد ذلك.

وهذا تمامًا ما يحدث مع الشيطان، مع عكس المسألة فاليد اليمنى ستضعف أولاً، ثم اليدين معًا، وأخيرًا ستتعب اليد اليسرى، لأنها أقوى عنده من اليمنى وأقدر على التحمل، وهذا يشمل الجانب الأيسر من الشيطان، فمن الممكن أن تقرأ على اليد اليمنى مباشرة، ولكن هذه الطريقة لها سلبياتها، فإما يطول بك الوقت حتى يسكن الألم، وإما سيختفي الألم مؤقتًا، لكنه سوف يعود مرة أخرى، وهذا علاج غير عملي، لذلك فالعلاج بهذه الطريقة سوف ينهي الألم بصورة جذرية، وسيحصر قدرات الشيطان في أضيق نطاق ممكن، وهذه الطريقة مستنبطة من السنة المطهرة كما سبق وبينا، ونتائجها مجربة وناجحة دائمًا.
ومثل هذا الموقف يوظف معه الدعاء والرقية المناسبة، وعلى سبيل المثال يرقى بقوله تعالى: (وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ * فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ * وَظِلٍّ مِّن يَحْمُومٍ * لاَّ بَارِدٍ وَلاَ كَرِيمٍ * إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ * وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنثِ الْعَظِيمِ * وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ * أَوَ آبَاؤُنَا الاَّوَّلُونَ * قُلْ إِنَّ الاَّوَّلِينَ وَالآخِرِينَ * لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ * ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ * لاَكِلُونَ مِن شَجَرٍ مِّن زَقُّومٍ * فَمَالِؤُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ * فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ * فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ * هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ) [الواقعة: 41: 56]، إذًا فالعلاج بالرقية ليس أمرًا عشوائيًا، بقدر ما هو أمر دقيق ومنظم جدًا، بحيث يعتمد على حسن اختيار المعالج للآيات القرآنية، ومناسبتها لكل موقف يواجهه.

النموذج الخامس:
وفي بعض الحالات يكون على الجسد أحد ملوك الجن، فقد يكون الملك قويًا أو ضعيفًا، فإن كان قويًا تدرع بجنوده الضعفاء من تأثير القرآن النازل عليه، فيرسلهم على المريض باستمرار في منامه وأثناء الجلسات، فيدعمهم بطاقته السحرية المستمدة من إبليس، فمدد إبليس سر قوة الملك، وسحر الملك سر صمود جنوده، فيجب الدعاء على مدد إبليس أولاً، ثم على الجنود، وبالتالي سيضعف الملك مع مرور الوقت، وسيكون مضطرًا للخروج من مخبأه، وعلى سبيل المثال لا الحصر يمكن الدعاء بقوله تعالى: (وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ * وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ * مِن دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنصُرُونَكُمْ أَوْ يَنتَصِرُونَ * فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ * وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ) [الشعراء: 91: 95].

وإن كان الملك ضعيفًا ظهر للمريض في منامه وفي الجلسات بنفسه، وستر جنوده حفاظًا عليهم من الموت، فالجنود سبب قوة الملك، ليتحركوا في الخفاء متسترين بالملك فيطول العلاج، وهنا يجب الدعاء على الملك الضعيف فتهب جنوده لنجدته فيهلكوا أو يفروا ويتركوه، وعلى سبيل المثال لا الحصر يمكن الدعاء بقوله تعالى: (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِى الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ) [آل عمران: 26]، فالقاعدة: (ادعوا على الضعيف يضعف القوي)، وهذه واحدة من استراتيجيات التعامل الجن وليست كلها بالطبع، فقوة الملك تكون على قدر طاقته السحرية، فإذا نفذت تخلى عنه إبليس، لذلك فسورة (البقرة) عامود العلاج لأنها المضادة للسحرة، فالعلاج بحاجة إلى حسن توظيف الدعاء المدروس المعنى والدلالة وموافقته لواقع الحالة.

النموذج السادس:
وقد يضغط الجن على مركز الإبصار فيصيب عين المريض بألآم مبرحة، وعندها يجب القراءة على قافية رأس المريض عند مركز الإبصار، حيث يسيطر الجن على مركز الإبصار، فمن غير المفيد القراءة على عين المريض، فلن تحصل على النتائج المرجوة، لأنك تقرأ في المكان الخطأ بعيدًا عن موقع الجن فلا يتأثر بقراءتك، ولكن إذا قرأت على مكانه بالنية أو بالإشارة لذهب الألم عن المريض بفضل الله.

الدكتور حسين اللبيدي يتحدث عن مركز الإبصار في المخ فيقول: (هي منطقة تقع في الفص الخلفي من القشرة المخية، وفيها تتم عملية الإحساس والإدراك البصري العاقل، ولها أيضًا اتصالات وامتدات لمناطق لمناطق أخرى أهمها في هذا البحث الامتدات الذي يتجه ناحية منطقة البيان وتشكل العين أداة نقل المؤثرات البصرية إلى هذه المنطقة المخية حيث يتم فيها الإدراكات البصرية العاقلة).( ) ويضيف متشهدًا بقوله تعالى: (وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [النحل: 78]، فيقول: (آيات القرآن الكريم فصلت بين الأعضاء (العين، والأذن) وبين المصدر (السمع، والبصر) وفي صنعة الله ما يطابق ذلك فهناك أعضاء للحس لاستقبال المؤثرات الحسية، وهناك مراكز داخل المخ البشري تتم فيها عملية الإدراك والفهم لهذه المؤثرات. ومن ناحية أخرى نجد أن الحق سبحانه رتب في الآيات، العين قبل الأذن والسمع قبل البصر في كل القرآن، وها هو العلم اليقيني قد أثبت أنه بينما تتقدم العين الأذن في رأس الإنسان، فإننا نجد عكس الترتيب مع المراكز، فمركز السمع يتقدم مركز الإبصار في قشرة المخ البشرية). ( )

وهذا جزء يسير من الفوائد التي عرفناها بفضل الأبحاث العلمية والدراسات الحديثة التي بينت وظائف المخ، ورسمت خريطة المخ، وبينت مركز كل حاسة، ومسارات الأعصاب في الجسد، وهذا مما ساعد كثيرًا في فهم مسارات الجن وتتبع حركته في الجسد، مما أسهم في تطور أساليب علاج المس والسحر، وساعد كثيرًا في سرعة الشفاء، وبالتالي علاج الحالات الصعبة والمعقدة، نتيجة لبيان الإعجاز العلمي للقرآن والسنة، وهذا يؤكد أهمية دور العلم في نجاح العلاج، لذلك فالمعالج الأمي وخاصة من يستعين بالجن لم يعد له مكان بين المعالجين المطلعين والدارسين، لأن البحث العلمي والدراسة يغنون عنهم تمامًا.
وهذا يؤكد أن علاج المس والسحر، وعموم التعامل مع الجن لا يكفي فيه الدعاء والرقية فقط، بل لا بد أن يجتمع إلى جانب الدعاء العلم والخبرة وفهم تحركات الجن والدراية بنقاط ضعفهم ومراكز قوتهم، من أجل حسن توظيف الدعاء، بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم عالج العين في أماكن محددة من الجسد دون غيرها، وفي حديث آخر أمر بوضع اليد على موضع الألم من الجسد، فعن عثمان بن أبي العاص الثقفي‌ أن النبي قال: (ضع يدك على الذي تألم من جسدك وقل:‌ بسم الله ثلاثا وقل سبع مرات:‌ أعوذ بالله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر).‌( )

النموذج السابع:
هناك أمورًا قد تحدث للمريض خارج ما ورد ذكره في الكتاب والسنة، وهذا ندركه بالخبرة والممارسة، بشرط أن لا تتعارض مع نص تشريعي صريح، فقد يضغط الجن على الكلية أو المثانة فيصيب المريض بالصداع، وهنا لا يقرأ على رأس المريض، ولكن يقرأ على بطنه حيث يقع الجن، وهذا لا دليل عليه من الكتاب أو السنة، ولكن هناك ما يعرفه الأطباء بالعصب الحائر، (وهو عصب وهو عصب لا إرادي يمتد من قاع الجمجمة في مسار طويل، مارًا بالرقبة والقلب والمعدة والحوصلة لمرارية حتى القولون، ثم يتصل بطريق غير مباشر بالأعضاء التناسلية، وفي المرأة يمتد هذا الاتصال إلى الرحم والثلث الأعلى من قناة المهبل). ( ) وعلى هذا فهو عصب يمر بجميع الأماكن التي يتألم منها المريض، والجن لهم عمل مخصوص مع هذا العصب، فبالضغط عليه يتسبب في آلام في الرأس، فيظن المعالج الضحل الخبرة أن عليه رقية رأس المريض، وهذا تلاعب من الشيطان به، وكما سبق وبينا لأنه لا دليل عليه.

نصيحة: وقد يفر الجن من تأثير القرآن النازل عليه فيختبأ في الأماكن النجسة من الجسد كالمثانة البولية، أو في داخل الإحليل،( ) على طول مجرى البول سواء عند الرجل أو المرأة، أو في داخل المستقيم عند فتحة الشرج، وسيشعر المريض بوجود آلام مختلفة في هذه الأماكن، وربما اختبأ في الرحم، وسواء شعرت المريضة بوجوده في الرحم أم لم تشعر فيمكن للمعالج رقيتها بقوله تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) [البقرة: 222]، فقد يؤرقه ترديد الآية ويرتعد في مكانه ويفتضح أمره، فستشعر المريضة بحركته في جوفها، وكأنها صارت حاملاً بجنين يتحرك في رحمها، وربما خرج من مخبأه ليحضر على الجسد، وهنا يقرأ بالنية أو بالإشارة إلى هذه الأماكن، وبالتأكيد ليس بوضع يد المعالج على مكمن الجن، كما يفعل الدجالون فيستحلون ما لا يحل لهم لمسه، فلمس المعالج للمريض ليس شرطًا لنفاذ الرقية وتأثيرها.

نصيحة: إذا ظهرت أعراض المس على من لم يبلغ الحلم بعد، قرأ على الأم وليس على الابن، فيشفى الطفل بإذن الله، وهذا لأن الأم مخزن ينتقل منه الجن إلى الأولاد، ولا يحدث العكس، فإذا قرأ على الابن هرب الجن من جسده إلى مخزنه الأصلي أي جسد الأم، وقد يستمر وجود الجن في الأولاد إلى ما بعد البلوغ، فإذا شك المعالج في وجود صلة بين ما يشكو منه الابن وبين أمه قرأ عليهما معًا، فيستهل الجن صارخًا على جسد الأم، رغم أن الابن هو الذي يشتكي، وهذا عرفناه بالتجربة المحضة ولا دليل شرعي عليه، بل على العكس من ذلك فالنبي صلى الله عليه وسلم عالج عدة أطفال بدون علاج أمهاتهم، فربما كان هذا من خصائص النبوة، والله تعالى أعلى وأعلم.

نصيحة: ونفس ما ذكرناه ينطبق على الزوجين فيتنقل الجن بين الزوج ووجته، ويتعسر حصاره، ففي بعض الحالات قد تكون المرأة مصابة بمس عشق فيعقد الخبيث زوجها عنها، فيظن الزوج أنه صنع له (سحر ربط)، فيحل ربط الزوج إذا عولجت الزوجة، وفي مثل هذه الحالات يجب الكشف على الزوجين معًا ليتبين المعالج حقيقة الأمر، وليس بالاستعانة بالكهنة والشياطين.

نصيحة: وقد يعلم الساحر بأن المريض يعالج، ولو من خلال أعوانه من الجن، فيصنع له ما يسمى (سحر إرسال)، فيقوم الساحر بتحضير شياطين جدد بالكفريات والنجاسات عن طريق الحمام خصوصًا، فهذا السحر من نوع (السحر الشعبي) والذي يزاوله العوام بأنفسهم، فيقوم الساحر بإرسال هذا المدد إلى جسد المريض أولاً بأول، فكلما مات أحدهم أو خرج أرسل بدلاً منه آخرين، وأحيانًا يصنع له (سحر تلجيم) فيتعذر على المريض فتح فمه، فيمتنع عن تناول الطعام وعن الكلام، وذلك خشية أن ينطق الجن باسم الساحر أو المسحور لأجله، أو يصنع له (سحر بكم) فإذا حضر الجن على المريض التصق لسان المريض بسقف حلقه، فإذا نطق تلعثم كالأبكم، وهذا معروف بين المعالجين، ولا دليل عليه سوى الخبرة والتجربة.

وهذا غيض من فيض من أسرار التعامل مع الجن والشياطين، والذي تحكمه الخبرة والممارسة الطويلة، وهو من الخبرات المتداولة بين المعالجين، ولا أظن أنها تخفى على أحد منهم، اللهم إلا المبتدؤن، ومع هذا لم يصدر إلى الآن كتاب واحد بين مثل هذه الحقائق مجتمعة وفصلها تفصيلاً علميًا، حتى صار مفهوم العلاج طلسمًا عجز أعقل العقلاء عن فهمه، فظنوا أن العلاج مجرد رجل صالح وتلاوة القرآن الكريم والدعاء، وشيء من جهد المريض لا غير، وهذا فهم قاصر لمضمون العلاج.

نصيحة: ولتبديد هذه المفاهيم من الأذهان كنت في بعض الحالات أرشد المريض إلى كيفية التعامل مع حالته بنفسه حسب تطوراتها، وأترك له مواجهة الشيطان إلى أن يأتي دوري في مواجهة الأمور الصعبة التي تحتاج إلى مراوغة الشيطان وفقه المعالج، وأحيانًا أطلب من أهل المريض مساعدتي في العلاج، فأقول: افعل كذا، وافعل كذا، وردد ورائي كذا، ثم اتركه يباشر هذا بنفسه وأصحح أخطائه عن بعد، ليروا بأنفسهم النتائج المذهلة، وهذا مما يبعث على البهجة، ويدخل السرور على قلب المريض وأهله، لأنهم يستشعرون أن فضل الله أعم وأشمل، وغير قاصر على المعالج وحده، وليعلم أن العلاج علم وخبرة، وليس ناشئًا عن خصوصية أو ميزة للمعالج، وبذلك أنسف صلة العلاج بالمفاهيم الخرافية التي أحاطت بالأفعال الدجلية.

وعلى سبيل المثال فكنت أعالج سيدة عجوز تجاوزت السبعين من عمرها، فطلب مني حفيدها البالغ من العمر اثنتي عشر عامًا أن أعلمه العلاج، فتبسمت في وجهه ضاحكًا، وقلت له: لا مانع يا شيخ .. ضع يديك على رأسها.. أغمض عينيك ولا تفكر إلا في الله سبحانه وتعالى .. فهل أنت مستعد الآن؟ أجاب: نعم، قلت له: ابدأ الآن في ترتيل آية الكرسي، وبالفعل بدأ في الترتيل، وما هي إلا ثوان معدودة حتى زلزل الله كل من في جسدها من الجن زلزالاً شديدًا، ففرح هذا الفتى الصغير وزاد حماسه للدين أكثر.

فلا يشغلني كثيرًا أن يشفى المريض لأنه أمر مقدر، ولكن ما يهمني ويؤرقني هو إدراك الأسباب والكيفيات التي تم بسببها شفاء المريض، لأتبعها في المرات القادمة فيشفى المريض بخطوات سريعة صائبة، وبجهد أكثر تركيزًا، لأن التعامل مع الجن مبني على العلم وليس على الجهل، فهو علم يعتمد على غيبيات إلى جانب مشاهدات مدركة بالحواس.

نصيحة: وهذا يرد القول الشائع (عالج نفسك بنفسك)، فالجن ليس أعجم كالجراثيم والميكروبات، أو جمادًا كأجهزة الجسم المعطوبة، حيث نتعامل معهم بالدواء والرقية فقط، ولكن الشيطان كائن حي عاقل شديد المكر والدهاء، فلن يقف مكتوف اليدين وهو يرى تأثير القرآن والدعاء نازل عليه، ولكنه سيحاور ويداور أملاً في الخلاص من هذا العذاب، فالشيطان يتقن الهجوم والفرار، فيفر إذا سمع الأذان، ويتخذ من ضراطه وسيلة حتى لا يسمع التأذين، ثم يكر إذا انتهى الأذان، فإذا ثوب بالصلاة فر، فإذا انتهى التثويب كر، والشاهد ما ذكره أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا نودي للصلاة أدبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع التأذين، فإذا قضي النداء أقبل، حتى إذا ثوب بالصلاة أدبر، حتى إذا قضى التثويب أقبل، حتى يخطر بين المرء ونفسه، يقول: اذكر كذا، اذكر كذا، لما لم يكن يذكر، حتى يظل الرجل لا يدري كم صلى)،( ) وهنا يظهر دور الخبرة المعتمدة على التطبيق العملي للكتاب والسنة في كشف مثل هذه المراوغات وكيفية التعامل معها، وعليه فالدعاء واختيار الآيات ومواءمتها للحالة المتعامل معها سيختلفان من حالة إلى أخرى ومن ظرف إلى آخر، حسب نوع الجن المتعامل معه، وليس فقط حسب نوع الحالة المرضية.

نصيحة: فرغم أن المصابين بسحر الربط يرددون الدعاء المسنون عند كل لقاء، إلا أنه لم يمنع الشيطان من تنفيذ ما قدره الله لقوله تعالى: (وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ) [البقرة: 102]، وهذا الفشل ملاحظ في حالات السحر خاصة، لذلك يتدخل الشيطان في بعض حالات المس فيصنع سحرًا بنفسه للزوجين، ليتحول المس إلى سحر، لذلك فدائمًا ما أتعامل مع جميع حالات المس باعتبارها سحرًا، لأن السحر دين الشيطان، وهو الذي يعلمه للإنس، إذًا فالمعالج يتعامل مع الجن وليس مع الدور الذي يقوم به الجن فقط، لذلك لا نستطيع أن نطلق مسمى طريقة علاج سحر التفريق، أو طريقة علاج سحر الربط، فربما نجحت الطريقة في وقف الخادم عن تنفيذ ما هو موكل به، لكنه لا يزال قابعًا في الجسد، لتتعامل مع الحالة باعتبارها صارت مسًا وليس سحرًا، وهذا أمر آخر بحاجة لخبرة المعالج وعمق دراسته لحياة الجن والشياطين، بعيدًا عن سطحية فهم النصوص، وأخذ الأدلة الشرعية ليس بمجرد الظاهر، ولكن بربطها بعضها ببعض، للحصول على الاستنباطات التي تساعد في فهم عالم الجن، واكتشاف سبل العلاج المختلفة.

نصيحة: اتصلت بي هاتفيًا أخت تجاوزت الأربعين من عمرها ولم تتزوج بعد، وبعد أسئلة مطولة تجاوزت الساعة تتبعت التسلسل المنطقي لحالتها، فتبين لي إصابتها بمس عشق، وقد يبدو هذا أمرًا عاديًا ومألوفًا ولا يثير الاهتمام، إلا أن هذا الشيطان لم بكن عاشقًا لها، بل كان عاشقًا للأم، والتي كانت بدورها مصابة بالمس، وبعد وفاتها انتقل من الأم إلى الأخت الكبرى المصابة أيضًا بالمس، ومنها كان ينطلق إلى جسد الأخت الصغرى صاحبة الشكوى، فصنع هذا الخبيث لنفسه سحرًا ربطه بجسد الصغرى، وبعد ذلك أقر بأن موقع هذا السحر في رحمها تحديدًا، فلما كانت الأخت الكبرى تشعر بالتعب كان المعالجين يقرؤون عليها، وعندها كان بجذبه السحر إلى جسد الأخت الصغرى، فينصرف المعالجين عن الأخت الكبرى مرغمين، لأن النتائج سلبية، فلم يكن هناك شيء يحضر عليها، فينصب اهتمامهم على الأخت الصغرى، فإذا تعبت الصغرى وقرأ عليها لم يتأثر بالرقية، لأنه في حالة الخطر يفر منها إلى مخزنه الأصلي في جسد الأخت الكبرى، يقوي نفسه ثم يعود يراوغ المعالج، وهكذا كان يتلاعب بالمعالجين فيصرفهم عن الأخت الكبرى الأولى بالعلاج، وهكذا فشل علاج الأختين حتى قاربت الأخت الصغرى من سن اليأس ولم تتزوج.

وقد أقر الشيطان بهذه الحقيقة تحت ضغط شديد من الدعاء عليه، بعد أن عجز المعالجين على فهم حالتها على مدار سنوات من رصيد عنوستها، ولا أقول أنهم فشلوا في علاجها، فالعلاج لم يكن قد بدأ بعد، لذلك فأن يخفق المعالج في العلاج خير من يخطأ في التشخيص، وعندما شرحت لها حقيقة حالتها، صرخ الشيطان صرخة مدوية عالية نحيت بسببها سماعة الهاتف بعيدًا عن أذني، بينما ألقى الخبيث السماعة بعد قطعه سلك الهاتف، ثم جلس بعيدًا في ركن البيت يبكي ويصرخ، لأن الله هداني فكشف لعبته، والتي ربما كلفته ثمنًا باهظًا، وضاع منه الأمل في أن يلبسه إبليس التاج، وهرب بصاحبة الشكوى وسيطر عليها نتيجة لتفريطها في دينها، رغم التزامها الظاهر الذي تخفق له القلوب، فما حيلتي معها؟‍!( ) ومثل هذه الحالة بحاجة إلى علاج الأختين معًا في جلسة واحدة للسيطرة على حركة هروب هذا الشيطان، وحصره على الجسد الذي يعد المخزن الأصلي، وهنا تأتي أهمية العلم والخبرة المدروسة في علاج المس والسحر، وهذا بحاجة إلى مؤلفات ومجلدات ضخمة، وليس الأمر باليسير.


.

جند الله 20-04-2006 07:51 PM

http://www.ashefaa.com/picsupload/fi...1145547210.jpg

الانزلاق الغطروفي

رسم يوضح تأثير الغضروف وضغطه على جذور الأعصاب مما يحدث الآلام المبرحة

وفي نفس الوقت يوضح شكل الغضروف بجلاء أكثر



.


الساعة الآن : 12:56 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 125.34 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 124.78 كيلو بايت... تم توفير 0.55 كيلو بايت...بمعدل (0.44%)]