بيان للشيخ علي بن حاج : تفقيه الشرفاء في كيفية الرّد لزجر السفهاء - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 869 - عددالزوار : 119310 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4936 - عددالزوار : 2024324 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4511 - عددالزوار : 1301575 )           »          شرح كتاب الحج من صحيح مسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 56 - عددالزوار : 40262 )           »          التكبير لسجود التلاوة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 51 )           »          زكاة التمر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          صيام التطوع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          كيف تترك التدخين؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          حين تربت الآيات على القلوب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          تفسير القرآن الكريم ***متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3096 - عددالزوار : 367138 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > ملتقى اخبار الشفاء والحدث والموضوعات المميزة > الحدث واخبار المسلمين في العالم
التسجيل التعليمـــات التقويم

الحدث واخبار المسلمين في العالم قسم يعرض آخر الاخبار المحلية والعالمية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 07-12-2009, 12:25 AM
saidabouyounes saidabouyounes غير متصل
عضو مشارك
 
تاريخ التسجيل: Sep 2009
مكان الإقامة: norway
الجنس :
المشاركات: 32
الدولة : Norway
افتراضي بيان للشيخ علي بن حاج : تفقيه الشرفاء في كيفية الرّد لزجر السفهاء

بسم الله الرحمن الرحيم












الأحد 19/12/1430 هـ - الموافق6/12/2009 م



































لقد وفى الشيخ علي بن حاج نائب رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ بوعده الذي قطعه على نفسه




يوم الجمعة 17/12/1430 هـ - الموافق4/12/2009 م



بالرد على الأسئلة التي وردت عليه بشأن الطريقة الشرعية في الرد على السفهاء من الناس ولقد تطرق في البيان الى ذكر الأدلة الشرعية والآثار الواردة عن السلف والأوائل في معاملة السفهاء الذين يتطاولون على الناس وعلى الشعوب بغية تحقيرهم والحط من شأنهم وبما أن البيان تطرق إلى العديد من النقاط بشأن تداعيات المقابلة الكروية بين الجزائر ومصر نضع بين أيديكم نص البيان كاملا ومايتضمنه من فوائد في التعامل الشرعي مع الجهلاء والسفهاء مع العلم أنه لم يخلو من نقد النظامين السياسيين في الجزائر و مصر وبعض الأبواق الإعلامية التي ساهمت في التحريش بين الشعبين المسلمين






تقدم الهيئة الإعلامية




للشيخ علي بن حاج



بيانا جديدا للشيخ بعنوان









بيان:تفقيه الشرفاء في كيفية الرّد لزجر السفهاء.





* الحمد لله الذي نهى عن سخرية أمّة من أمّة فقال جل جلاله "ياأيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون" الحجرات 19. وحذّّر أن تكون أمة أربى من أمة بغير مسوغ شرعي، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين القائل في الحديث الصحيح سندا ومتنا "إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم" والقائل أيضا "ليس المؤمن بالطعان ولا باللعان ولا بالفاحش ولا بالبذيء" وعلى آله وصحبه الذين كانوا أشداء على الكفار رحماء بينهم حتى قال أحدهم وهو سلمة بن الأكوع رضي الله عنه "كنا إذا رأينا الرجل يلعن أخاه رأينا أنه قد أتى بابا من الكبائر".

* لقد كان لمقابلة كرة القدم –أو الهدم- بين الجزائر ومصر تداعيات خطيرة على أكثر من صعيد وهو ما حذّرنا منه قبل إجراء المقابلة بأسبوعين وكررنا التحذير في بيان "النازلة الغمة تنتظر بيان من علماء الأمة" بتاريخ 17/11/2009 وقد وقع ما حذرنا منه عندما قلنا "مقابلة سوف تؤدي إلى قطع الأواصر الأخوية والأسرية وتهدد المصالح الشرعية والسياسية والاقتصادية والثقافية وتفصم عرى الأخوة بين أبناء الأمة الواحدة وقد تؤدي إلى اقتتال بين المناصرين في السودان...". وطلبنا من العلماء والدعاة من باب التعاون على البر والتقوى وبيان الحكم الشرعي في أمر مقابلة مآلها إلى ما سبق ذكره إذ تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز ولا يعقل شرعا وعقلا وسياسة بيان الحكم الشرعي بعد خراب البصرة كما يقولون.

*لقد شنت بعض القنوات الفضائية الإعلامية الخاصة والعامة المصرية المحسوبة على النظام المصري والمساندة لآل مبارك حملة شعواء قاسية استحلت فيها كل المحرمات ففجرت في الخصومة وقالت منكرا من القول وزورا ونعتت –بلا حياء ولا خجل- شعبا أبيا بأكمله بشتى النعوت الجارحة دون وازع ديني ولا زاجر أخلاقي ولا دافع قومي ويا ليتها تحرشت ببعض الأفراد من السفهاء عندنا والمشجعين المتعصبين الذين صدرت منهم تصرفات غير لائقة شرعا وذوقا إذ كل شعب في العالم لا يخلو من السفهاء ولكن هذه القنوات تحرشت بالشعب الجزائري وطعنت في ماضيه وتاريخه وحضارته ونالته بقوارص من القول يحجم عنها هجّاء العرب الحطيئة ولكن جارحة الجوارح وقارصة القوارص التي أدمت قلوب الجزائريين عن بكرة أبيهم صالحهم وطالحهم عندما نُعت الشعب الجزائري على المباشر بأنه بربري متوحش ودموي وإرهابي وأنه سرطان في جسم الأمة العربية!!! وأنه لو لا مصر لم تكن شيئا مذكورا، أما داهية الدواهي فهي نعت شهداء الجزائر المسلمة باللقطاء والبلطجية دون أن ينكر عليهم رئيس الجمهورية المصرية حسني مبارك أو أي مسؤول في النظام المصري، بل صرح ابن الرئيس علاء مبارك بكلام قبيح أرعن لا بحكم أنه مواطن مصري كما يحلو للبعض تصوير الأمر وإنما بحكم أنه من العائلة الحاكمة أو المالكة وقال بحق سفير الجزائر كلاما بالغ السوء، ومما يدل على أن الحملة لها صبغة رسمية، فقد عقد حسني مبارك مجلسا خاصا للأمن القومي وكأنه في حالة حرب، وهو ما لم يفعله في غزو جنوب لبنان 2006 أو في حصار غزة وضربها بالأسلحة المحرمة دوليا!!! وحتى شيخ الأزهر التزم الصمت التام وهو يسمع أقزام سفهاء الأحلام على شاشات الفضائيات يشتمون شعبا بأكمله وينعتون الشهداء باللقطاء والساكت عن الحق شيطان أخرس، أم أن شيخ الأزهر لا يتكلم إلا بإذن من السلطة الحاكمة ونحن نوجه سؤالا لشيخ الأزهر، هل يجوز شرعا الطعن في الأنساب والأحساب والرسول صلى الله عليه وسلم يقول "اثنان في الناس هما بهما كفر، الطعن في النسب والنياحة على الميت؟!!!" وإن وسم الشعب الجزائري بالبربري كما كان يطلق علينا اليونان والرومان قديما لا يشمل الجزائر فحسب، بل يشمل المغرب الإسلامي بأكمله بحكم أن البربر الأمازيغ متواجدون في تونس والمغرب وليبيا وموريتانيا والتطاول على الشعب الجزائري هو تطاول سفيه على دول المغرب الإسلامي بأسره، وليعلم الجميع أن البربر الأمازيغ هم الذين دوّخوا الرومان والبيزنطيين والوندال عبر التاريخ، وهذا أمر خطير لا يمكن السكوت عليه إلا بتقديم اعتذار رسمي لاسيما والإعلام المصري بجميع قنواته تحرك بإيعاز من السلطة القائمة، وأما ما أعلنه رئيس الحكومة أحمد أويحي من عدم الرد على الحملة الإعلامية المصرية على الجزائر بحكم أن عدم الرد أقوى من الرّد، فهذه مغالطة كبرى وتنصل من المسؤولية السياسية والتاريخية والمعنوية نحو الشعب الجزائري الذي مُسّ في كرامته وضُرب في صميم هويته، بطريقة لم يسبق لها مثيل في تاريخ العلاقات العربية وعلى المباشر، لا من سفهاء الشوارع أو الملاعب وإنما من بعض السفهاء الرسميين في النظام وبعض رجال الإعلام والصحافة وبعض النخب الفكرية والفنية والقانونية، ونحن نفرق بين سفهاء العامة وسفهاء الخاصة وسفهاء خاصة الخاصة، فالأوائل نتعفف من الرد عليهم أما الصنف الثاني والثالث فلا يجوز شرعا وسياسة وأخلاقا السكوت عليهم ولذلك تعتبر أطروحة رئيس الحكومة مرفوضة، وهو الذي اكتفى بشكر الصحافة الوطنية والشباب الذي قام بحملة مضادة عبر الإنترنت غيرة على وطنه ورموزه وكأنه يقول نحن لا نريد أن نخسر العيب مع النظام المصري، ذلك أن العصابة الحاكمة في الجزائر لا يهمّها كرامة الشعب الجزائري وإنما المهم عندهم البزنسة السياسية والاقتصادية والمصالح الضيقة ولذلك نقول أن تصريحات بعض الوزراء تشعر بالغثيان وقريبا سوف تسوى الأمور بين النظام الفاسد في الجزائر والنظام الفاسد في مصر في الدهاليز المظلمة بعيدا عن أعين الشعبين أو تحت الطاولة كما تقول العامة عندنا وتعود حليمة إلى عادتها القديمة، وهكذا يغسل كل من النظام الجزائري والنظام المصري أيديهم من السفهاء الرسميين الذين أوعزوا إليهم مهمة التحريش بين الشعبين ودق طبول الحرب وعندها يندمون أشد الندم لأنهم كانوا يمارسون مهمة قذرة نيابة عن الأنظمة السياسية الفاسدة، فهل يعقل أن يقول رئيس الحكومة في ندوة صحفية "إننا تسترنا على أوراسكوم حفاظا على سمعتها، لكنها اليوم مطالبة بدفع ضرائبها" والتي تقدر بـ590 مليون دولار، ونحن نقول أن هذه جريمة يعاقب عليها القانون، وهل يعقل أن تنزع الضرائب عنوة من المواطن الجزائري ويُتساهل مع هذا المصري الجشع، الذي لم يخدم شعبه بل خدم مصالح العائلة الحاكمة بحكم العلاقة بينه وبين جمال مبارك الوريث المرتقب لعرش أبيه المتهالك، ولولا المقابلة وتداعياتها، لربّما أعفي من الضرائب أصلا ولا شك أن الجزائر سوف تدفع تعويضات مالية تفوق 130 مليون دولار تحت الطاولة للخسائر التي لحقت الشركات المصرية بالجزائر لاسيما وهي لن تدفع هذه التعويضات والأموال من جيب بوتفليقة أو جيب أويحي وإنما من خزينة الشعب الجزائري المغلوب على أمره، فعدم الرد لا يدل على تعفف النظام أو عملا بقوله تعالى "وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما" وإنما عن عجز وتبادل مصالح شخصية خاصة من الطرفين، فها هو وزير الطاقة والمناجم يعقد صفقة مع الشركات المصرية بمبلغ 17 مليار وكأن شيئا لم يكن!!! وهل يعقل مدح الصحافة على الرد وتعفف السلطات العليا عن الرد؟!!! ونحن نفرق بين الرد على النظام المصري والسفهاء الرسميين والرد عن الشعب المصري المغلوب هو الآخر عن أمره، لا يمكن القبول بطرح أويحي ومن وراءه، فالذين شتموا الشعب الجزائري لو أنهم كانوا ثلة من سفهاء الشارع ممن لا يجب الرد عليهم إذ في كل شعب صلحاء وسفهاء، ولكن الذين شنوا على الشعب الجزائري حربا عشواء هم من المسؤولين في النظام السياسي ورجال إعلام ونخبة فكرية وفنية وأقلام لها وزنها وكان الواجب أن يقوم بالرد الرسمي رئيس الجمهورية لاسيما وقد عدل الدستور من أجل عهدة ثالثة وحماية الرموز الوطنية الخ...، كما أن اليمين الدستوري تلزمه بالرد، بحكم المادة 76 من الدستور والمادة 77 منه بحكم أنه يقرر السياسة الخارجية للأمة ويوجهها بل كان عليه أن يوجه كلمة عبر شاشة التلفزة يدعو فيها بعض الشباب الغاضب للكرامة التي أهينت والذي أثرت فيه بعض الشائعات الكاذبة التي ألهبت عواطفه المهتاجة منذ ضرب حافلة فريق كرة القدم بمصر ويطالبهم بعدم الاعتداء على إخوانهم من الشعب المصري العاملين في الجزائر ولكن سكوت مبارك وبوتفليقة عن كل التجاوزات هنا أو هناك ودون توجيه كلمة واحدة يدل دلالة قاطعة على رضا الطرفين بما حدث لأهداف سياسية تخدم كلاَ من النظامين الفاسدين وهناك قرائن قوية تدل على أن كلاَ من النظامين كان يعمل بطريقة ما لشحن النفوس هنا وهناك والتحريش بين الشعبين وهذا يذكرنا بالفتنة التاريخية التي كانت بين الأمين والمأمون والتي استغل كل طرف منه الشُطار والعيارين والدُّعار وأهل السجون في تصفية حسابات سياسية هابطة على حساب الأمة الإسلامية، وكم في التاريخ القديم والحديث من درس وعبرة لمن كان له قلب أو فكر رشيد حصيف، والرد لا يعني بالضرورة قطع العلاقات السياسية فالأب يرد على أولاده أو جيرانه أو أصدقائه أو زوجته ولكن لا يقطع الصلة بهم!!! أما أن تكون البزنسة الاقتصادية أهم من كرامة الشعب الجزائري؟!!! فهذا أمر مرفوض شرعا وسياسة وأخلاقا، ولذلك فحجة رئيس الحكومة ضعيفة، وصمت رئيس الجمهورية أمر غير مقبول بالمرة وحتى لا يُفهم كلامي خطأ أقول، لا بد من التفريق بين حق الرد وقطع العلاقات المتنوعة، أما السكوت التام يجعل صاحبه شيطانا أخرسا.
* وليعلم الجميع أننا في هذا البيان لن نرد على تلك الهجمة من الناحية السياسية أو الرياضية أوالقانونية أوالتاريخية أوالحضارية أوالفنية أوالقومية، فهذه النواحي لها رجالها وإنما حسبنا في هذا البيان بيان الكيفية الشرعية في التعامل مع هذه الحملة والهجمة الشرسة الصادرة لا عن سفهاء الشوارع وإنما من بعض رجال الإعلام والفكر والثقافة والفن وبعض أدعياء العلم الشرعي من علماء السلطة مما يدل على أنها أخذت صبغة رسمية مع العلم أننا ضد كل التجاوزات سواء من عندنا أو من عندهم امتثالا لقوله تعالى "وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى"، فنحن نستنكر كل من شتم الشعب المصري المسلم أو بخسه حقه أو مسه بكلمة نابية جارحة، فهو شعب زاخر بالعلماء والفضلاء والصلحاء وأهل النجدة والكرم، وفي نفس الوقت نستنكر لغة التعالي والمنّ والكبرياء الزائفة على الشعب الجزائري العريق فكلنا لآدم وآدم من تراب "إن أكرمكم عند الله أتقاكم" من أي جنس ومن أي لون كان وبأي لسان تكلم، ومن أي بقعة في الكرة الأرضية كان ونصوص الكتاب والسنة تنهى عن الكبرياء والعلو في الأرض والمس واحتقار الآخرين لأجناسهم وألوانهم أو اختلاف ألسنتهم فالمعيار الوحيد عند الله تبارك وتعالى هي التقوى لا غير ومن اعتز بغير الإسلام وتقوى الله تعالى فهو فحم جهنم والعياذ بالله، وجوابا على سؤال ورد علينا مفاده ما هي الطريقة الشرعية للرد على هذه الحملة المسعورة التي ضربت الشعب الجزائري في صميم هويته وتركت ندوبا غائرة لاسيما والمعركة الإعلامية غير متكافئة بين الجزائر ومصر، فالمصريين يملكون مئات القنوات الفضائية المتنوعة والجزائر ليس فيها قناة واحدة مستقلة ليكون الرد شبه مماثل لما يصدر من أرض مصر، وسوف نتطرق في هذا البيان إلى جملة من النقاط، حتى يكون الجواب على ذلك السؤال في غاية الوضوح والله الموفق لكل خير.

* أولا: لعبة كرة القدم بين الإباحة والحظر!!!
لعبة كرة القدم من الأمور المباحة لأن الأصل في الأشياء الإباحة ولكن إذا صاحبها محظور شرعي كالغش والكذب والتنابز بالألقاب وتضييع أوقات الصلاة أو تفويت واجب آخر أو إثارة الأحقاد والضغائن أو اتخاذها ذريعة للتحريش بين أفراد الأسرة الواحدة وبين المرء وزوجه أو بين أبناء الأحياء والقرى والمداشر أو بين الشعوب مع بعضها البعض أو بين الدول والأنظمة السياسية كما حدث بين السلفادور والهندوراس حيث تقاتل الجيشان مما أسفر على 04 آلاف قتيل من أجل لعبة كرة القدم، فضلا عن السّباب والتهارش وتبادل سقط القول، واختلاط الرجال بالنساء في المدرجات، فإذا صاحبها شيء من هذه المحاذير الشرعية فإنه يجب أن تمنع من ولاة الأمور الشرعيين الناهجين نهج الكتاب والسنة في سياسة الأمة، قولا واحدا لا خلاف فيه بين أهل العلم الربانيين، قال الإمام ابن تيمية رحمه الله "ولعب الكرة إذا كان قصد صاحبه المنفعة للخيل والرجال بحيث يستعان بها على الكر والفر والدخول والخروج ونحوه، وغرضه الاستعانة على الجهاد الذي أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم، فهو حسن، وإن كان في ذلك مضرة بالخيل والرجال فإنه ينهى عنه" فمن أهداف الرياضة في الإسلام تقوية الأبدان لطاعة الله تعالى وتهذيب الأخلاق والترفيه المشروع عن النفس بخلاف أهداف أعداء الإسلام من تشجيع الرياضة وصرف الأموال الطائلة عليها، وتلميع نجومها لدى الشعوب البائسة واتخاذها من جملة المخدرات وصرف الشعوب الإسلامية عن الاهتمام بمعالي الأمور داخليا وخارجيا وهذا عين ما جاء في بروتوكولات خبثاء صهيون، جاء في البروتوكول13 "ولكي تبقى الجماهير في ضلال لا تدري ما وراءها وما أمامها ولا ما يراد بها فإننا سنعمل على زيادة صرف أذهانها بإنشاء وسائل المباهج والمسليات والألعاب الفكهة وضروب أشكال الرياضة واللهو...ثم نجعل الصحف تدعو إلى مباريات فنية ورياضية" تلك خطة الصهاينة لصرف الأمة عن قضاياها المصيرية وهكذا أصبحت القنوات الرياضية والجرائد الرياضية أكثر رواجا من القنوات السياسية والثقافية والفكرية وها هي مؤسسة اليونسكو تريد حصة مالية من مليارات كرة القدم العالمية –الفيفا-بعبارة أوضح أن مؤسسة الثقافة والعلوم أصبحت تشحذ عند الفيفا وهذه إحدى العجائب والغرائب وأصبحت قدم لاعب كرة القدم تفوق عقل ودماغ أكبر قادة العلم والفكر والإبداع والثقافة؟!!! وأصبح سفهاء السياسة يصرفون بسخاء منقطع النظير مئات المليارات على كرة القدم، فقد صرف مؤخرا من أجل التأهل لإفريقيا والعالم أزيد من 500 مليار من جيوب خزينة الأمة، وفي الوقت الذي تبذر أموال الأمة في الشأن الرياضي بشكل جنوني أرعن، يخرج علينا رئيس الحكومة ليعلن عن الزيادة في أجور العمال، رغم أن تلك الزيادة لم يفرح لها الشعب الجزائري فور إعلانه عنها لأنها لا تساوي شيئا بالنسبة لالتهاب الأسعار في المواد الاستهلاكية اليومية، بل إن حجم الزيادة المعلن عنها تعادل مصروف شاب عاطل عن العمل ليوم أو يومين، فهي لعبة قذرة أخرى مكشوفة لدى العام والخاص، وهل يعقل بناء ملاعب رياضية في كل ولاية ودائرة وبلدية والأمة تعاني من قلة المستشفيات عبر القطر وحجم الاكتظاظ في الجامعات والمدارس والثانويات، فضلا عن البطالة والعطالة وأزمة السكن الخ... والله يقول "ولا تؤتوا السفهاء أموالكم" لأنهم لا يحسنون التصرف فيها أو وضعها في محلها وهذا قمة السفه، وهل يعقل أن يصرف على لاعب كرة قدم أكثر من 05 مليار فضلا عن السكن والسيارة الفارهة ونهضم حقوق الأساتذة والمعلمين والأطباء والممرضين والقضاة وكتاب الضبط والأسلاك الأمنية الدنيا المختلفة ورجال الإعلام والصحافة وسائر عمال الجزائر يعانون من الضائقة المالية ويعيشون على الاقتراض والديون وبعضهم وقع في الانحراف المهني والأخلاقي والإجرامي "مالكم كيف تحكمون" ولا شك أن أي نظام سياسي يتخذ من تفوقه الرياضي دون سائر المجالات الأخرى السياسية والاقتصادية والثقافية والإعلامية والحضارية والإبداعية معيارا للمكانة بين دول العالم هو نظام سفيه شبيه بأنظمة الطغاة الذين اتخذوا من الرياضة وسيلة لتلهية شعوبهم وصرفها عن الانشغالات الهامة الأساسية في حياة الشعوب، ألم يستخدم جنرالات البرازيل والأرجنتين كرة القدم وسيلة لتخدير الشعوب، وهو ما قام به فرانكو وهتلر وستالين، وها هي الجزائر ستتقابل مع الفريق الأمريكي والبريطاني، فهل تغلب الفريق الوطني على الفريق الأمريكي أو البريطاني أو حتى فوزها بكأس العالم سيجعل منها الدولة الأولى في العالم أو أفضل من أمريكا وبريطانيا، ولو كان الأمر كذلك وبهذا المنطق لكانت البرازيل والأرجنتين في طليعة الدول المتقدمة غير أن الأمر ليس كذلك، فما زالت البرازيل وهي الحائزة على كأس العالم 05 مرات والأرجنتين تعاني من البيوت القصديرية والبطالة وتفشي الأمراض والفساد المالي والسياسي والأخلاقي والجريمة المنظمة واستحواذ قلة من الأثرياء على خيرات البلاد والذين لهم أحياء خاصة بهم في غاية الرفاهية، إن قوة الدولة أو ضعفها لا تصنعه مقابلة رياضية فوزا أو خسارة ومن ظن ذلك فهو أحط من حمار قومه.
وبقي سؤال هام، هل ستقاطع الجزائر كأس العالم بحكم أن أمريكا وبريطانيا دولتين عدوتين للعرب والمسلمين وساهمتا في احتلال العراق وأفغانستان، وتقدمان الدعم المالي والسياسي والاقتصادي والإعلامي والعسكري للكيان الصهيوني الذي يحاصر إخواننا في غزة، وهاهي أكثر من 25 دولة غربية توافق على خطة أمريكا في احتلال أفغانستان وسوف ترسل 7000 جندي لقتل إخواننا هناك، هذا السؤال يطرح على الساسة في الجزائر بحكم أن الجزائر ترفع شعار الدفاع عن القضايا العادلة في العالم؟!!! وهي تقيم الدنيا ولا تقعدها من أجل امرأة مضربة عن الطعام من الصحراء الغربية؟!!! أما السؤال الآخر فهو موجه لعلماء الشريعة حراس العقيدة، هل يجوز إجراء مقابلة رياضية مع فريق دولة تقتل إخواننا في العراق وأفغانستان وتدعم الكيان الصهيوني؟!!! الذي يضرب حصارا على غزة ويقمع الشعب الفلسطيني ويدهس بعض الشباب بالسيارة ذهابا وإيابا؟!!! مع العلم أن وزير الخارجية مدلسي استدعي من قبل وزيرة الخارجية الأمريكية وهو الذي شهد على نفسه بالغباء في قضية الخليفة، فما هو موضوع الاستدعاء وهل سيلبي الدعوة أو يقاطعها حتى تخرج أمريكا من العراق وأفغانستان وتكف عن دعم الكيان الصهيوني؟!!! ويجب على الشعب الجزائري أن يعرف تفاصيل الزيارة من الألف إلى الياء حتى لا يباع الشعب الجزائري في سوق النخاسة الأمريكية.

*وحيث أن لعبة كرة القدم أصبح ينجر عنها قلاقل وزلازل ومآسي واقتتال داخل البلد الواحد وبين الدول فمن باب سد الذريعة يجب شرعا منع هذه اللعبة حتى تتهذب الطباع وتنضبط الأمور، والذريعة كما عرفها علماء الأصول هي "سد الذرائع معناه حسم مادة وسائل الفساد دفعا لها" كما يقول القرافي رحمه الله، وقال الشاطبي رحمه الله "جاء في الشرع أصل سد الذرائع وهم منع الجائز لأنه يجر إلى غير جائز..." وقال ابن العربي رحمه الله "هي كل عمل ظاهر الجواز يتوصل به إلى محظور" وقال الوليد الباجي رحمه الله "هي المسألة التي ظاهرها الإباحة ويتوصل بها إلى فعل المحظور"، وقال ابن تيمية رحمه الله "الذريعة الفعل الذي ظاهره أنه مباح وهو وسيلة إلى فعل محرم" وقال ابن القيم رحمه الله "منع كل وسيلة مباحة قصد بها التوسل إلى مفسدة أو لم يقصد إذا أفضت إليها غالبا وكانت مفسدتها أرجح من مصلحتها" والحاصل أن الوسيلة المشروعة المباحة تمنع شرعا إذا أفضت إلى مفسدة وهذا ما ينطبق على لعبة كرة القدم داخليا وإقليميا وقاريّا ودوليا، والواقع أكبر شاهد فإذا عادت الأمور إلى نصابها ورشدها فتحت الذريعة من جديد، وهذا ما قلناه منذ سنوات عندما سقط ضحايا وقتلى بين شباب الولايات الجزائرية وبين أبناء الأحياء المتجاورة ولكن أصمّت السلطات العليا سمعها لأنها ترى أن هذه اللعبة خير مخدر للشعوب البائسة الفقيرة العاطلة عن العمل رغم ارتفاع عدد ضحايا هذه اللعبة التي أوشكت أن تكون ديانة جديدة بحكم أنها أكثر اتباعا في العالم وقد أعذر من أنذر وها هي كرة القدم تصبح عند البعض أشبه بالعقيدة فيها الولاء والبراء وأداة فعالة في يد أعداء الإسلام الظاهرين والأخفياء لتفريق وتمزيق الأمة الإسلامية والعربية وأصبح الاحتفال بيوم الفوز أشبه بالاحتفال بأيام الاستقلال والعياذ بالله فهل يعقل أن يفوق يوم الاحتفال بفوز الفريق الوطني يوم العيد الأكبر، ثم هل يحق لهذه الأمة أن تحتفل وفلسطين والعراق وأفغانستان تحت الاحتلال وبقية الدول العربية والإسلامية تحت الوصاية المقنعة من طرف أمريكا والدول الأوروبية وإسرائيل؟!!! وها هي سويسرا الحيادية تمنع بناء المآذن في ظل صمت تام من الحكومات الخانعة الذليلة!!! بحكم أن أموال الأمة مهربة إلى بنوكها تحت أرقام سرية.
* كتب الشيخ العلامة البشير الإبراهيمي رحمه الله سنة 1948 عن عيد الأضحى وفلسطين، فقال "النفوس حزينة واليوم يوم الزينة، فماذا نصنع؟ إخواننا مشردون فهل نحن من الرحمة والعطف مجردون؟ تتقاضانا العادة أن نفرح في العيد ونبتهج وأن نتبادل التهاني وأن نطرح الهموم وأن نتهادى البشائر وتتقاضانا فلسطين أن نحزن لمحنتها ونغتمّ ونعنى بقضيتها ونهتم، ويتقاضانا إخواننا المشردون في الفيافي، أبدانهم للسواقي وأشلاؤهم للعوافي، أن لا ننعم حتى ينعموا وأن لا نطعم حتى يطعموا، ليت شعري!...هل أتى عبّاد الفلس والطين ما حل ببني أبيهم فلسطين؟ أيها العرب! لا عيد حتى تنفذوا في صهيون الوعيد، وتنجزوا لفلسطين المواعيد ولا نحر حتى تقذفوا بصهيون في البحر، أيها العرب! حرام أن تنعموا وإخوانكم بؤساء، وحرام أن تطعموا وإخوانكم جياع وحرام أن تطمئن بكم المضاجع وإخوانكم يفترشون الغبراء، أيها المسلمون! افهموا ما في هذا العيد من رموز الفداء والتضحية والمعاناة، لا ما فيه من معاني الزينة والدعة والمطاعم، ذلك حق الله على الروح وهذا حق الجسد عليكم" ثم قال "إن بين جنبيّ ألما يتنزى وإن في جوانحي نارا تتلظى، وإن بين أناملي قلما سُمته أن يجري فجمح وأن يسمح فما سمح، وإن في ذهني معاني أنحى عليها الهم، فتهافتت وإن على لساني كلمات حبسها الغم فتخافتت..." والآن إلى صلب الموضوع ألا وهو الجواب على السؤال المطروح، هل من الأفضل الرد على هذه الحملة أم الصمت وإذا جاز الرد، فما هي ضوابطه الشرعية؟!!!


* ثانيا: مشروعية الانتصار من الظلمة البغاة:
الإسلام دين يتسامى بالإنسان إلى درجة سامية في الأخلاق ولكنه لا يصادم الفطرة البشرية التي فطر الناس عليها ولذلك فهو يجمع بين الواقعية والمثالية في توازن واعتدال لا وكس فيه ولا شطط ومن منطلق هذه الحقيقة الشرعية أباح الشارع الحكيم الجهر بالسوء من القول لمن كان مظلوما وشرع مقابلة السيئة بمثلها ورد العدوان بمثله والنصوص الشرعية متضافرة لتأصيل هذه الحقيقة الشرعية،نذكر منها على عجل:
1-قال تعالى "لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم"النساء148.، قيل نزلت هذه الآية في الضيافة وأن ضيفا تضيف قوما فأساؤا قراه فاشتكاهم فنزلت هذه الآية رخصة أن يشكو، قاله مجاهد رحمه الله، وجاء في تفسير قوله "إلا من ظلم" أقوال أربعة:
أ-إلا أن يكون مظلوما فيدعو على من ظلمه، وهذا قول ابن عباس رحمه الله.
ب-إلا أن يكون مظلوما فيجهر بظلم من ظلمه، قاله مجاهد رحمه الله.
ج-إلا من ظلم فانتصر من ظالمه وهذا قول الحسن والسدي رحمهما الله.
د- إلا أن يكون ضيفا فينزل على رجل فلا يحسن ضيافته، فلا بأس أن يجهر بذمه، قال ابن عباس رضي الله عنه "لا يحب الله أن يدعو أحد على أحد إلا أن يكون مظلوما فإنه قد أرخص له أن يدعو على من ظلمه وذلك قوله "إلا من ظلم" وإن صبر فهو خير له.
وقال الحسن البصري رحمه الله "لا يدع عليه وليقل اللهم أعني عليه واستخرج حقي منه" وفي الأثر عن عائشة رضي الله عنها قالت، سرق لها شيء فجعلت تدعو عليه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم "لا تسبخي عنه" أي لا تخففي عنه بدعائك.
وقال الإمام الرازي رحمه الله "لا يحب إظهار الفضائح والقبائح إلا في حق من عظم ضرره وكثر مكره وكيده فعند ذلك يجوز إظهار فضائحه".
2-قال تعالى: "والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون" الشورى39، وقوله جل جلاله "ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل، إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم" الشورى41/42.
ففي الآيتين، مدح الله تعالى الانتصار من الظالمين البغاة ورفع المؤاخذة والعقوبة لمن وقع عليه ظلم ظالم باغ لاسيما إذا كان الباغي معلنا الفجور وقحا يؤذي الصغير والكبير فيكون الانتقام منه أفضل، قد يقول قائل، كيف يمدح الله الانتصار من الظالمين البغاة وتارة يمدح العفو والدفع باالتي هي أحسن؟!!! والجواب يحتاج إلى شرح طويل ولكن نلخص عصارة ما قاله علماء السلف الصالح الأوائل وجمهرة علماء التفسير، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه "يعجبني من الرجل إذا سيم خطة خسف أن يقول لا بملء فيه..." قال إبراهيم النخعي رحمه الله "كانوا يكرهون للمؤمنين أن يذلوا أنفسهم فيجترئ عليهم الفساق، فإذا قدروا عفوا" أي في حال وقوع الأذى أو الضرر العام يكون الانتقام هو الأولى حتى لا يتجبر البغاة الظلمة في الأرض، وكذا في حالة التمرد على أحكام الشريعة وإهدار الحقوق المشروعة للرعية أو اغتصابها قهرا، قال رسول الله صلى عليه وسلم "فمن بايع رجلا من غير مشورة المسلمين فلا بيعة له ولا الذي بايعه" وفي رواية "تغرة أن يقتلا" وذلك لأن ضرر هذا الباغي الظالم متعدي للعامة، فلابد من التفريق بين الحالة التي يمدح فيها الانتصار والانتقام والحالة التي يمدح فيها العفو والدفع بالتي هي أحسن، فالاعتداء على شرف الأمة وتاريخها وأمجادها وعظماء رجالها وأبطالها وشهدائها وأهل العلم والفضل فيها ليس كالاعتداء على فرد من الأفراد أو سفيه من سفهاء الشوارع اليائسين من أنظمة حكمهم، قال ابن زيد رحمه الله تعالى "جعل الله المؤمنين صنفين صنف يعفون عن ظالميهم فبدأ بذكرهم، وهو قوله "وإذا ما غضبوا هم يغفرون" وصنف ينتصرون من ظالميهم وهم الذين ذكروا في الآية" قال القاضي أبو يعلى رحمه الله "هذه الآية محمولة على من تعدى وأصر على ذلك وآيات العفو محمولة على أن يكون الجاني نادما" وقال الجصاص رحمه الله "العفو هو محمول على الغفران عن غير المصر، فأما المصر على البغي والظلم فالأفضل الانتصار منه" وقال ابن العربي رحمه الله "ذكر الله الانتصار في البغي في معرض المدح، وذكر العفو عن الجرم في موضع آخر في معرض المدح، فاحتمل أن يكون أحدهما رافعا للآخر واحتمل أن يكون ذلك راجعا إلى حالتين:
إحداهما: أن يكون الباغي معلنا بالفجور وقحا في الجمهور مؤذيا للصغير والكبير فيكون الانتقام منه أفضل...وساق كلمة- إبراهيم النخعي-... الثاني أن تكون الفلتة أو يقع ممن يعترف بالزلة ويسأل المغفرة، فالعفو هاهنا أفضل وفي مثله نزلت "وأن تعفوا أقرب للتقوى" وقوله تعالى "فمن تصدق به فهو كفارة له" وقوله "وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم" وقال ابن الجوزي رحمه الله "أنه إذا بغى على المؤمن فاسق فلأن له اجتراء الفساق عليه وليس للمؤمن أن يذل نفسه، فينبغي له أن يكسر شوكة العصاة لتكون العزة لأهل الدين" وقال السيوطي رحمه الله "وظاهر هذه الآية، "والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون" أن الانتصار أفضل، قال وهو محمول على من تعدى وأصر لئلا يتجرأ الفساق على أهل الدين، وآيات العفو فيمن ندم وأقلع..." ومعلوم أن الانتصار من فروع علم العقوبات والعفو من فروع علم الأخلاق، وقد يقول قائل، المقصود بالباغي في الآية الكافر دون المسلم الباغي، والجواب أن تخصيص الباغي بالكافر دون الباغي المسلم إنما هو تخصيص بلا مخصص ولذلك قال شيخ المفسرين ابن جرير الطبري رحمه الله "وهذا القول أولى بالصواب لأن الله لم يخصص من ذلك معنى دون معنى بل حمد كل منتصر بحق ممن بغى عليه" فهي عامة في جميع البغاة سواء أكانوا مسلمين أو كافرين وتارة يكون الباغي حاكما مسلما كما ذهب إليه ابن حزم الأندلسي رحمه الله، غير أنه يجب التفريق فقط في أحكام المعاملة بين الكافرين البغاة على المسلمين والمسلمين البغاة على المسلمين، والحاصل أن الله تعالى مدح من تعرض للظلم والاعتداء فانتصر لدينه ونفسه وقومه أولئك ما عليهم من سبيل بالمؤاخذة أو عتاب أو معاقبة وحلم الفتى في غير موضعه جهل كما يقول الشاعر، وحتى لا يظن السفهاء أن السكون ضعفا وخورا فالأوغاد يرون العفو عارا كما يقول الأحنف بن قيس رحمه الله فلا بد من وضع الأمور في نصابها، وصدق الشاعر إذ يقول:
ووضع الندى في موضع السيف بالعلا * مضر كوضع السيف في موضع الندى
وقال آخر :
فقسا ليزدجروا ومن يك حازما * فليقس أحيانا على من يرحم

وقال آخر:
لئن كنت محتاجا إلى الحلم إنني * إلى الجهل في بعض الأحايين أحوج
ولي فرس للحلم بالحلم ملجّــم * ولي فرسين للجهل بالجهل مسـرج
فمن رام تقويمي فإن مقـوّم * ومن رام تعويجي فإني معـــوجّ

قال القرطبي رحمه الله "هو عام في بغي كل باغ من كافر وغيره أي إذا نالهم ظلم من ظالم لم يستلموا لظلمه" ثم قال "وبالجملة العفو مندوب إليه ثم قد ينعكس الأمر في بعض الأموال فيرجع ترك العفو مندوبا إليه... وذلك إذا احتيج إلى كف زيادة البغي وقطع مادة الأذى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وما يدل عليه" وقال أيضا "هو محمول على الغفران على غير المصر فأما المصر على البغي والظلم فالأفضل الانتصار منه" وتارة يكون واجبا إذا انتهكت حرمات الله تعالى، قال الإمام الصاوي رحمه الله "من مكارم الأخلاق التجاوز والحلم عند حصول الغرض ولكن يشترط أن يكون الحلم غير مخل بالمروءة..وأما إذا انتهكت حرمات الله فالواجب الغضب لا الحلم" والدارس لسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغضب لنفسه ولا ينتقم لها ولكن إذا انتهكت محارم الله لا يقوم لغضبه أحد.
قال سيد قطب رحمه الله "والذي ينتصر بعد ظلمه ويقابل السيئة بالسيئة ولا يعتدي ليس عليه جناح وهو يزاول حقه المشروع فما لأحد عليه من سلطان ولا يجوز أن يقف في طريقه أحد، إنما الذين يجب الوقوف في طريقهم هم الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق، فإن الأرض لا تصلح وفيها ظالم لا يقف له الناس ليكفوه ويمنعوه من ظلمه وفيها باغ يجور، ولا يجد من يقاومه ويقتص منه والله يتوعد الظالم الباغي بالعذاب الأليم ولكن على الناس أن يقفوا له ويأخذوا عليه الطريق..." وأكبر العجب في عصرنا هذا أنه أصبح بعض العلماء وطلبة العلم الشرعي يقفون بالمرصاد للمظلوم إذا أراد أن ينتصر من الظالم الباغي ويملؤون الدنيا صراخا وعويلا ويلتزمون الصمت المريب المطبق عن البغاة الطغاة الظالمين الذين يسعون في الأرض فسادا وإفسادا ولا حول ولا قوة إلا بالله.
3- قوله تعالى "وجزاء سيئة سيئة مثلها"الشورى40، قال الشعبي رحمه الله "يعجبني الرجل إذا سيم هونا دعته الأنفة إلى المكافأة وجزاء سيئة سيئة مثلها" قال مقاتل رحمه الله، يعني القصاص في الجراحات والدماء" وتأول الشافعي رحمه الله "أن للإنسان أن يأخذ من مال من خانه مثل ما خانه من غير علمه..." ومسألة الظفر معروفة في كتب الفقه.
وقال سيد قطب رحمه الله "فهذا هو الأصل في الجزاء مقابلة السيئة بالسيئة كي لا يتبجح الشر ويطغى، حين لا يجد رادعا يكفه عن الإفساد في الأرض فيمضي وهو آمن من مطمئن..."
4- قال تعالى "كتب عليكم القصاص في القتلى، الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى"البقرة178، وهذا على وجه الندب بحق ولي الدم، فلولي الدم حق الاختيار بين القصاص أو العفو، مما يدل على أن الإسلام لا يصادم الفطرة ويجمع بين الواقعية والمثالية.
5- قال تعالى "ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم" العنكبوت46. قال مجاهد رحمه الله في معنى "إلا الذين ظلموا" من قاتلك ولم يعطك الجزية، وقال "إن قالوا شرا فقولوا خيرا، إلا الذين ظلموا منهم، فانتصروا منهم"، وقال بعضهم "إلا الذين أبوا أن يقروا لكم بإعطاء الجزية ونصبوا دون ذلك لكم حربا فإنهم ظلمة، فأولئك جادلوهم بالسيف حتى يسلموا أو يعطوا الجزية" وقال سعيد بن جبير رحمه الله " إلا الذين ظلموا منهم، أهل الحرب من لا عهد له، جادله بالسيف" قال الطبري رحمه الله "وأولى الأقوال بالصواب، قول من قال ...إلا الذين امتنعوا من أداء الجزية ونصبوا دونها حربا..."، قال الزمخشري رحمه الله "بالتي هي أحسن" بالخصلة التي هي أحسن ومقابلة الخشونة باللين والغضب بالكظم والسورة بالأناة، كما قال ادفع بالتي هي أحسن "إلا الذين ظلموا منهم" فأفرطوا في الاعتداء والعناد ولم يقبلوا النصح ولم ينفع فيهم الرفق، فاستعملوا معهم الغلظة، وقيل إلا الذين آذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل، إلا الذين أثبتوا الولد والشريك وقالوا يد الله مغلولة، وقيل معناه ولا تجادلوا الداخلين في الذمة المؤدين للجزية إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا فنبذوا الذمة ومنعوا الجزية فإن أولئك مجادلتهم بالسيف..." قال سيد قطب رحمه الله في معنى "إلا الذين ظلموا منهم" فمجادلة أهل الكتاب بالحسنى مقصورة على من لم يظلم منهم ولم ينحرف عن دين الله، وعن التوحيد الخالص الذي جاءت به جميع الرسالات... وقال "فهؤلاء لا جدال معهم ولا محاسنة" وها هو حلف الناتو، يجمع على إرسال جنود لقتال إخواننا في أفغانستان ويساند أمريكا في احتلال العراق، فهل ستعلن الدول العربية والإسلامية مقاطعة هذا الحلف اللعين؟!!! وهل ستلعب الجزائر مقابلة مع أمريكا وبريطانيا وهما يقتّلان إخواننا في الإسلام والعقيدة؟!!!.

 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 153.75 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 152.06 كيلو بايت... تم توفير 1.69 كيلو بايت...بمعدل (1.10%)]