الصوم منهج حياة

[عبدالله المشهداني]

الصوم منهج حياة

د. محمد سعيد حوى - يحدث شاب فرنسي اسمه سارج ويسمى باسم عبدالله، عن قصة اسلامه وكان مما قال: انه دخل على احد الصالحين فقال له: اهلاً بالمغربي، فقلت انا فرنسي، فسأله عن اسلامه فقال الفرنسي: انا منذ اسلمت دخلت الحياة كنت ميتاً فأحياني الله بالاسلام، قال له اين أسلمت، قال الفرنسي: في المغرب.
من هنا، قال الرجل الصالح: الم اقل لك انك مغربي.
عندما كان الانسان يدخل في الاسلام يشعر على وجه الحقيقة لا المجاز انه ولد من جديد، فلو كان عمره خمسون عاماً في الكفر لرأس ان كل اعوامه السابقة هباء منثوراً انما كان فيها في ضياع لا معنى ولا هدف ولا رسالة، كما انه اذ لم يبن لآخرته شيئاً، فكأنما لا لم يفعل شيئاً لأن كل ما يعد للدنيا باق فيها بل الى فناء وما قيمة المتناهي الفاني الى الخالد الباقي انه الصفر، فمن ذا كان هذا الشعور الحقيقي بالولادة الجديدة، الآن بدأ، الآن عرف معنى حياته ووجوده ورسالته وهدفه.
الآن بدأ يبني لآخرته.
فاذا اعلن الشهادتين عالماً بها مؤمناً صادقاً فقد تحرر من اسر الشيطان والهوى والعبودية لغير الله واغتسل وتطهر من ادران الشرك واثاره واذا ما وقت في كل صلاة خاشعاً بين يدي الله، فكأنه انسان جديد بمعانيه وحقائقه وارتقائه وسموه، هذا المعنى تستطيع ان نقرره في شأن الصوم، نعم ان مدرسة الصوم ولادة جديدة لكنها تحتفظ لك بكل ما قد اكتسبته من خير وفضل وعطاء، وبكل ما تزودته، فانت بالصوم مولود جديد لكن لست طفلاً ابداً بل انت رجل مكتمل او شاب بكل ما للرجولة من مكتسبات او للشباب من خصائص ومع ذلك، فأنت بالصوم مولود جديد، فكيف ذلك؟.
طبيعة المولود الجديد: طهارة من الذنوب ونقاء وصفاء وبراءة وقلب ابيض ما لم تكدره المكدرات او تشوبه الشوائب يدرج هذا المولود الجديد في مدارج الحياة غير مثقل بالاثقال التي ترهق كاهله او تعيق حركته يتطلع الى مستقبله بأمل واشراق، لين العريكة يمكن ان يطوع ويصاغ وفق ما يهيئ له من خير او غيره، لا تأسره عادة ولا تتحكم فيه فكرة مسبقة نوازعه الى الخير اسبق وفطرته على صفائها التي فطرها الله عليها هذه صفة أي مولود.
فاذا قلنا ان رمضان هو ولادة جديدة لهذا الانسان فلماذا؟.
لأن مدرسة الصوم يراد منها ان تعيد تشكيل وصياغة الانسان من جديد لتكون اقرب ما تكون مطابقة للحالة التي فطرها الله عليها.
فاذا ما وقع الانسان اسير عادة سلبية فالصوم طريق التحرر منها فكان عودة به الى الاصول والجذور واذا كان ضعيفاً امام بعض الشهوة ومتطلبات الحياة، فالصوم بناء جديد يواجه به هذه الاغراءات.
واذا قلنا بالنهاية ان الصوم سيعيد طريقة تفكير الانسان وطريقة نومه وطريقة طعامه ومنهج علاقاته مع الآخرين وطريقة خطابه وحديثه، ويعيد ترتيب اولوياته ووقته ونظام حياته ويعيد النظر في قراءاته واهتماماته ومن ثم يؤشر في انفعالاته ومشاعره في اهدافه ومنطلقاته.
ومن ثم فسيكون الصوم مدرسة اعادة تشكيل هذا الانسان، واعادة صياغته فهو مولود جديد..
بل لو ذهبنا الى اكثر من هذا ليكون للصوم اثره في صحة الانسان فطالما كان سبباً في التنقية للاجسام من امراضها.
فلهذا كله مما ذكرناه او سنذكره اذا قيل ان الصوم اعادة صياغة وفق الفطرة والاصل، ومن ثم فهي ولادة جديدة.
ولأضرب لذلك مثالاً يقاس عليه اذا كان التدخين عادة سيئة وعملاً ضاراً بالانسان وله مساؤه الاخرى ان في الرائحة او الاثر الاقتصادي او السلوكي فضلاً عن الصحي فالاقلاع عنه امر واجب ومطلوب.
واذا تمكن الانسان ان يقلع عن التدخين فكأنما استعاد ارادته وحريته وصحته وماله ومعنى وجوده اليس يغدو وكأنه انسان جديد.. مولود جديد..