
23-07-2009, 03:03 PM
|
 |
مشرفة ملتقى القصة والعبرة
|
|
تاريخ التسجيل: Apr 2008
مكان الإقامة: **الشــــ رحمة ربي ـــــــــــفاء **
الجنس :
المشاركات: 3,468
الدولة :
|
|
**تيه وعري أفريقيا.. ورشد أمريكا..**
تيه وعري أفريقيا.. ورشد أمريكا
2009.07.22 خالد عمر بن ققه
في أزمنة الصدق مع الذات، جلدا لها أو حديثا معها أو حتى رفضا لما فعلت وقدمت ومنعت، أتساءل: هل نملك، قادة ونخبا وشعوبا، نية التغيير؟ ولماذا يقع اختيارنا على الأسوأ دائما؟ ثم ما جدوى التغيير ـ في حال سعينا إليه ـ إذا كنا نسير عكس اتجاه الأمم؟- تلك الأسئلة وغيرها فرضتها الأحداث الأخيرة في الوطن العربي، الذي تخلت دوله عن فضاء الأمة بوسعه، وحشرت نفسها، طوعا أو كرها، في ضيق الدولة القطرية، وحين فشلت في تجاربها السياسية والمجتمعية والتنموية وحتى الثقافية، لجأت إلى الاستنجاد بمواقعها الجغرافية لعلها تحميها من هجمات الآخرين، غير أنها، وهي تقوم بذلك، لم تتأثر بتجارب الآخرين، ولا استفادت من دروسهم، بما فيها تلك التي ولدت من رحم المعاناة أثناء الحقب الاستعمارية.
- أذكر هذا وأمامي عودة عربية إلى أفريقيا من دول وجت فيها بالمنبت والانتساب، لكنها مهما حاولت فهي لا تنتمي إلى ثقافة القارة المحلية بتنوعها وثرائها، ليس لأنها أسمى وأعلى شأنا منها، بل لكونها شقت طرقها بعيدا في علاقتها بالأمم الأخرى عبر رسالة خالدة، ومع هذا فبعض الدول الأفريقية بمماليكها وحكامها وقبائلها ذات حكم رشيد، وأن بعضا من دولها التي لا تزال غارقة في الثقافة البدائية أرقى وأكثر تطبيقا للشورى من الدول العربية التي تنتمي للإسلام، وتذكر تاريخها أو تذكر به كلما وجدت نفسها شاردة في عالم اليوم، أو عاجزة على الممارسة الديموقراطية.
- تلك العودة ليس لها تفسيرا على مستوى الخطاب السياسي ولا على مستوى العلاقات بين الدول الأفريقية ولا حتى لعلاقة القارة بالتكلات الدولية الأخرى، حيث نجد أفريقيا مقسمة بين العرب والزنج من جهة، وما يتبع الأمتين من فرق وملل ونحل هذا على مستوى الجنس البشري، ومقسمة بين العديد الشعوب والقبائل من منطلق الثقافة المحلية، ومقسمة على مستوى الميراث الاستعماري لغة بين جبهتين، جبهة أفريقيا الأنجلوفونية، وجبهة أفريقيا الفرنكوفونية، يضاف إلى ذلك بقايا لغات أوروبية، منها: الإيطالية والأسبانية.. الخ
- الحال السابقة تفرض علينا جملة من التساؤلات، التي تمثل إشكاليات بحثية على الصعيد المعرفي، منها: كيف لهذه القارة التي لم تحرر بعد ولا تزال في صراعات دينية وعرقية بما فيها دول العربية، أن تصدر دول منها نماذج وتجارب للحكم والثقافة لمثيلاتها؟ بل كيف لها أن تجتمع لتشكيل الاتحاد الأفريقي على مقاس ورغبة الزعيم الليبي معمر القذافي الذي يعول عليها لتكون بديلا عن قومه وأمته؟ وكيف لها أن تتجمع وهي مختلفة داخليا، في كل دولة ومدينة وحي وقرية وعائلة؟
- أعرف أن الاختلاف سمة الطبيعة البشرية، ولا ينتظر من أفريقا أن تكون على قلب رجل واحد، كما أنني أتابع باستمرار من مطالعة التاريخ أو متابعة أحداث العصر وإلى سنوات قريبة الحروب الأهلية في قارتي أوروبا وأمريكا، والتاريخ البشري، باستثناء المراحل الخاصة برسالات الأنبياء، مخالب وأنياب كما يذكر الكاتب أنيس منصور، لكن مع ذلك أرى ومعي يبصر كثيرون مسار حركة الحياة بالنسبة للأمم المتقدمة، فمنذ أيام فقط احتفلت الولايات المتحدة بالذكرى الأربعين لصعودها إلى القمر، ووصف الرئيس الأمريكي باراك أوباما رواد مركبة الفضاء الثلاثة أبولو 11" بأنهم "أبطال أمريكيون حقيقيون"، مضيفا: "أعتقد أننا جميعا نتذكر اللحظة التي تحللت فيها البشرية في النهاية من قيود هذا الكوكب وتمكنت من استكشاف النجوم؛ اللحظة التي خطا أحدنا خطوة على القمر وترك تلك البصمة الموجودة هناك حتى يومنا هذا".
- من باب التذكير لعله يؤثر في قادة أفريقيا ونخبها وشعوبها فإن باراك أوبا حين صعدت بلادها إلى الفضاء كان عمره ثماني سنوات، ووصل بعد أربعين سنة إلى الحكم، بعد عدد من الرؤساء، بطريقة ديمقراطية لم ترق فيها دماء مع أنها تمثل للمجتمع الأمريكي تغييرا راديكاليا، وهكذا حكمت الأصول الأفريقية أمريكا، وفي أغلب دول الأفريقية لا يزال قادتها متمسكين بالسلطة لأكثر من ثلاثة عقود، آخذين عنوة حقوق أجيال وصلت الآن إلى سن الكهولة.. أفريقيا بخير حقا، لأنها ترقص بالرغم من الدماء والفقر والبطالة والفساد؟!
- بمثل ذلك يحتفل العالم التقدم بعض النظر عن نظرتنا لما حققه من إنجازات ونحن نحتفل بما تبقى من الثقافات البدائية لشعوب لا تزال عارية مع أن البشرية سترت منذ قرون وعادت لتختار العري من جديد، ونحن لم نكل من خلال العمق الأفريقي دورة الحياة، لذلك لا غرو حين يرمى بعضا ممن شاركوا في الاحتفال بأيام الثقافة الأفريقية في الجزائر، وطبيعي أيضا أن تكون هناك مساءلة لوزيرة الثقافة، وإن كانت المسؤولية يتحملها أصحب القرار جميعهم، ذلك لأن ما قامت به الجزائر وما تقوم به باقي الدول الأفريقية من السعي لحل المشكلات عبر الفلكلور يعتبر تمكينا للفساد في جميع مجالات الحياة، وتثبيتا للأمراض العضوية والسياسية.
- أما علاقة الأفارقة بالآخرين، فتلك، وإن أوتينا مالا وولدا وألماسا وذهبا ونفطا، ستظل متوترة، لأن أوامر السادة وعصيهم متربصة بنا، حتى لو تعرت النساء الأفريقيات وفقد سبقتها أخريات تنتمي لثقافة متحضرة أو هكذا شبه لنا، ولن تقبل أفريقا في العالم لو بدت جميع سوءاتها. إلا إذا عادت لرشدها، وهذا يعد منالا بعيدا لكنه ليس مستحيلا.. إننا نراه في آثر شهدائها وصانعي تاريخها.
|