|
الحدث واخبار المسلمين في العالم قسم يعرض آخر الاخبار المحلية والعالمية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الرد الشرعي على محمد أمين شيخو وتابعه عبدالهادي الباني بسم الله الرحمٰن الرحيم مقدمة: الحمد لله رب العالمين الذي نَزّل كتابًا عربيًّا غير ذي عوج يهدي للتي هي أقوم، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين من أكرمه ربه بالحكمة وجعل قوله فصلاً لا يتبع فيه الهوى. أما بعد: فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حياة الدين ولولا ذلك لقال من شاء ما شاء ولم يكن لأهل الفساد رادع ولا لأهل الضلال قامع. وقد ذمّ ربنا تبارك وتعالى إهمال القيام بهذا الواجب فقال عزَّ وجلَّ: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [سورة المائدة/79،78] وذمّ الرسول صلى الله عليه وسلم من لم يقم بهذا الفرض فقال فيما رواه ابن حبان في صحيحه: "ما من قوم يعمل فيهم بالمعاصي يقدرون أن يغيروا عليهم ولا يغيّروا إلا أصابهم الله بعقاب قبل أن يموتوا". ولذلك أنكر سيدنا عليٌّ وابن عباس وابن عمر وشُعبة وسفيان وأبو حنيفة والشافعيّ ومالك وأحمد وابن المبارك وغيرهم على أهل الضلال ورَدُّوا على أهل البدع غير متوانين ولا متهاونين فإن هذا الأمر إذا تُرك تخلو الساحة لأهل الفساد فيحاولون نقض عرى الدين عروة عروة. ومحمد أمين شيخو رجل كردي الأصل كان من الشرطة ـ أي الجندرمة ـ أخذ يومًا الطريقة النقشبندية من أحد المشايخ فنقله وهمه من حال إلى حال وظن أنه بمجرد ذلك صار إمام العصر وعلامة الأوان الذي لا يحتاج إلى دراسة كتب العلم ولا يرضيه شافعيٌّ ولا حنفيٌّ ولا مالكيٌّ ولا حنبليٌّ فصدرت منه دعوات لإحياء دين الباطنية وهدم دين الإسلام. وكان لا يجرؤ على إعلان دعوته ومذهبه فكان يدرّس من يخدعهم في بيته ولا يجرؤ على إظهار عَوارِ مذهبه في المساجد والمنتديات، لكن تهاونُ علماء دمشق في التحذير منه في حياته ومن خلفائه وأتباعه بعد موته سمح لفتنته بالتوسع ولمريديه بالجهر بأفكاره بل طبعوا كتبه مؤخرًا وقاموا بنشرها فظهر فيها ما كان خافيًا من فضائحه وانكشف الغطاء تمامًا عن حقيقة دعوته ومقدار خطرها على الدين والأمة وعرفنا بوضوح سبب مثابرة شيخنا على التحذير من محمد أمين شيخو على مرّ السنين فكان لا بد من الانتهاض لدفع هذا الشر وقمع هذه الفتنة ولذلك جمع بعض تلاميذ الشيخ عبد الله الهرري بإشارته ردًّا على ما قاله محمد أمين شيخو وتلميذه عبد الهادي الباني يتضمن نقضًا إجماليًّا وتفصيليًّا لشذوذاتهما. ولا تظن أيها القارئ أننا سنورد كل مقالات محمد أمين شيخو المخالفة لعقيدة الإسلام فإن ذلك كثير جدًّا يخرج بالرد إلى حد التطويل البالغ إذ لا تكاد تخلو صحيفة من كتبه من ضلالة أو أكثر لكننا سنختار ذكر بعضٍ منها يدلّك على حاله كما يدل عنوان الكتاب على ما في طيّه مع رد إجماليّ عليه ورد تفصيلي في مسئلة المشيئة والقدر ليهتدي بهذا الرد من أراد أن يسلك طريق الأنبياء عليهم السلام في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتحذير من الضلال وأهله: سميناه "الرد الشرعي على محمد أمين شيخو وتابعه عبد الهادي الباني". وعلى الله اعتمادنا وإليه تفويضنا واستنادنا. مقدمة فيها بيان نشأة محمد أمين شيخو ومشربه مع ردّ إجماليّ عليه: محمد أمين شيخو رجل نشأ جاهلاً، ودونك سيرته التي سجلها له تلميذه عبد القادر الديراني نقلاً عن شيخه يتضح لك منها جليًّا أنه لم يقصد العلماء ليتعلم منهم ولا قعد في حلقهم ليدرس في كتبهم وإنما هو نشأ بعيدًا عن التعلم لا يعرف أصول العقيدة ولا أصول الفقه ولا فروعه ولا التفسير ولا الحديث ولا اللغة ولا النحو ولا الصرف، مولعًا بالزعامة منذ صغره فهو يلف حوله صبيان الحيّ ليتزعمهم (انظر سيرته ص/25 وص/40 وص/55) ويحلم بأن يصير ضابط شرطة ينقاد الناس لأوامره (السيرة ص/27) وقد سعى خلف الزعامة والظهور الدنيوي سعيًا حثيثًا فارتكب ما يعتقده حرامًا ليكتسب رضا رؤسائه كلعب "الشَّدَّة" مع النساء الأجنبيات ليكون التقرير المرفوع إلى رؤسائه مدحًا وثناء في حقه (السيرة ص/115) وادعى النسب الشريف من غير إثبات واحد على ذلك (السيرة ص/7) وقد حاول أن يبرر هذه الأعمال بأعذار لا تقوم لها قائمة عند النظر والتدقيق كزعمه أن المرأتين اللتين لعب معهما الشدة كانتا أختي جمال باشا حاكم بلاد الشام وقتذاك وبنتها وكان يحرسهما في إحدى رحلاتهما فعشقته البنت وتبعته إلى مخدعه وحاولت إغواءه وكان هو لا يكلمها ولا ينظر إليها فخاف من نتيجة ذلك فلعب معهما بالشَّدَّة ووعد الأم بأنه سيتزوج ابنتها (كذا!!) ثم بعد وصولهما إلى اسطنبول وتقديم تقرير الرحلة رجع عن كلامه اهـ. قلت: انظر رحمك الله إلى هذه الأكذوبة التي لا يصدقها حتى الأطفال الصغار وقل لي من يفعل هذا هل يدفع عن نفسه الضرر بذلك أم يجلب لنفسه زيادة عداوة من قبل الطبقة الحاكمة ويقوي داعي الانتقام في صدورهم وقد كانوا بزعمه قادرين على ذلك بسهولة. والأنكى من ذلك أن أتباعه يفرحون بهذه القصة بل ويقارنون بين قصته هذه وقصة سيدنا يوسف ويجعلون ما فعله من الاحتيال والإخلاف بالوعد والمعصية مشابهًا لما فعله سيدنا يوسف من الاستعصام بالتقوى والصراحة في رفض المعصية والقوة في التوكل على الخالق القهار، بل ويجعلون قول الله تعالى: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ} [سورة يوسف/3] 2 عنوانًا للفصل الذي يوردون فيه هذه القصة! فإنا لله وإنّا إليه راجعون. هذا إن كان يومًا حرس هاتين المرأتين أو خدمهما وإلا فما يسبق إلى الذهن عند الاستماع إلى قصته هذه أنه رأى بنت أخت جمال باشا يومًا فوقعت بقلبه وتعلق بها خياله وتمنى أن يرتبط بها بوسيلة من الوسائل لكن أنّى لمثله ذلك لا سيما وهي تركية من أهل الحكم وهو كرديّ من العامة . سرد بعض سخافاته: وما ذُكر إن هو إلا نموذج واحد لقصصه وادعاءاته التي لا يُشَمُّ منها إلا حب الظهور وفرط الغرام في الرئاسة وادعاء الأهمية والرفعة فاستمع إليه يدّعي بلا خجل أنه أسَر وحدَه بمعاونة شرطيّ واحد سبعين مجرمًا مسلحين من أعتى المجرمين كانوا في اجتماع لهم (السيرة ص/127) وأنه تقابل ليلاً مع ضَبُعٍ كالحمار في الكبر فصرخ في وجه الضبع قائلاً "ورصاص" فربض الضبع على الأرض ساكنًا وقعد هو يدخن سيجارته مقابله وكلما حاول الضبع النهوض صرخ به فقعد ثانية وهكذا ساعات إلى طلوع الفجر حين وضحت الرؤية فأطلق عليه الرصاص فقتله (كذا) (السيرة ص/89) وأنه في صغره اتخذ كلبًا له كالحصان يسرجه ويسابق به الخيل راكبًا عليه فيسبقها (السيرة ص 34-35)!!! وأن أخاه سليمًا هو الذي أوقف زحف الجيش اليوناني إلى اسطنبول عقب الحرب العامة الأولى (السيرة ص 258)!!! وأن محمدًا تفوق في الرماية على رامي الجيش الألماني كله وتعلم أسلوبه وأتقنه في لحظة (السيرة ص 102) !!! وهو الذي بسط الأمن في ربوع دمشق بل وكل سوريا (السيرة ص 14) وأنه هو الذي منع تنفيذ حكم الإعدام بأربعة ءالاف جندي عثماني وأبطل القانون الذي كان سيعدم به نحو أربعين أو خمسين ألف جندي ءاخر (السيرة 171 وما بعدها) أي نصف الجيش في ذلك الوقت! وأنه هو الذي سلم قلعة عنجر بما فيها من سلاح للثوار (السيرة 375 وما بعدها)! وأنه هو الذي بسط الأمن في جبل الشيخ ومحيطه وقمع فساد الدروز والنصارى حتى استتب الأمن ونشطت الزراعة وغرقت أسواق دمشق بالمنتجات الزراعية والرخاء بسبب ذلك (السيرة 405) وأنه هو الذي واجه جمال باشا والي الشام كلها في ذلك الوقت فلما أراد نفيه من سوريا تجمع الضباط الأتراك كلهم وقدموا استقالاتهم تضامنًا معه (كذا) (السيرة 110) وغير ذلك من أعمال مجيدة بزعمه لا تجدها أيها القارئ مسطورة في كتاب ولم يشر إليها مع أهميتها وخطرها مؤرخ لا سوري ولا فرنسي ولا غير ذلك ولا تسمع عنها من أحد ممن عاصروا تلك الفترة إلا من أتباع محمد أمين شيخو نقلاً عما سمعوه منه فقط من غير أن يذكر اسمًا لمكان أو اسمًا لشخص يُستطاع بواسطته السؤال للتأكد من صحة قصة واحدة من هذه القصص وكل ذلك بخطط وترتيبات ضعيفة لا تُقْبل. ولم يكن سلك الشرطة هو الباب الوحيد الذي حاوله محمد أمين شيخو للوصول إلى الشهرة والزعامة بل اتفق مع أهل الإجرام وتزعمهم فدعا عددًا كبيرًا من عُتاتهم وأقلُّهُمْ قتل خمسة أشخاص ظلمًا واعتداء وبعضهم ضعف ذلك وبعضهم أكثر من هذا فجمعهم حوله وأنفق عليهم المال (ولا أدري من أين أتى به في وقت كان هو عاطلاً عن العمل بعد انحلال الدرك العثماني) وجعل بيته مأواهم ومجتمعهم وجلب لهم ما يرغبون فيه من ورق "الشدّة" وغير ذلك وصار يتجول في الأحياء بصحبتهم يحكم بواسطتهم بحسب ما يسوقه إليه رأيه على من شاء بضرب أو حتى قتل وإهدار دم في وقت انتشرت فيه الفوضى في البلاد بحيث صار زعيمَهُم الأعلى الذي ليس لمن خالفه سبيل إلا الهرب من دمشق كلها والاختفاء عن الأعين (السيرة من ص 239 إلى ص 256). لكن الظاهر أنه لم يكن عند محمد أمين شيخو من المؤهلات ما يجعل قادة الشرطة يسعون له في الترقية بحيث انه ظل طيلة فترة خدمته في سلك الشرطة العثمانية برتبة ملازم ثانٍ (رغم كل بطولته المزعومة) وظل طول فترة خدمته في الشرطة الفرنسية برتبة ملازم أول (رغم كل تزلفاته وزعمه أن قادة الفرنسيين كانوا يعتقدون أنه الحارس لدولتهم ورجلهم الذي يقوم بخدمتهم بكل إخلاص) (السيرة من 381 و390 و396 و411 و412) فلم يصل عن طريق الشرطة إلى ما أمله من الرفعة والعلو في الأرض فشرع يفكر في طريق ثان يوصله إلى مراده فزين له قرينه أن يتخذ الدين ستارًا والمشيخة سلمًا ليصير بذلك بارزًا بين الناس مقصودًا من العامة له حشم وخدم وكلمة وأتباع. لكن أنّى له ذلك وهو مفلس من العلم ليس له فيه يدٌ ولا باعٌ وتصرفاته تصرفات الجهال ليست مضبوطة على وفق أحكام الشريعة وقوانينها فهو يضرب فتاة في الثانية عشرة من عمرها بحجر كبير فيكاد يشدخ رأسها لأنها شقت باب بيتها وكانت كاشفة عن وجهها (هذا مع العلم أنه لا يحرم على المرأة كشف وجهها) ورأسها وكان يكفي أن يعبس في وجهها أو يوبخها لترجع إلى داخل البيت وتغلق الباب (السيرة ص 56) وهو يضرب الشرطيّ المخلص الوفي الذي يعمل تحت إمرته حتى يدمي وجهه ويكسر سِنَّيْن من أسنانه ليخيف أفراد الشرطة المشاغبين! (السيرة ص 328) وهو يصادر قصرًا من أصحابه ويأخذه ظلمًا من مالكه ليجعله مقرًّا له في ناحية جبل الشيخ (السيرة ص 412)، وهو يلجأ إلى المندل ليعرف من سرق سجادة من بيته ويتهم بريئًا بناء على قول العرّاف بل ويهينه ويمدده أرضًا ليضربه مما يحمله على الإقرار بالسرقة وهو لم يرتكبها (السيرة ص 211). قلت: كيف يتفق دعوى الولاية والإرشاد واستعمال أعمال الكهان، لأن الضرب بالمندل من أعمال الكهّان والرسول قال: "لا تأتوا الكهّان" وهذا دليل على أنه جاهل بأصول الشريعة والعقيدة وأحكام الشرع. وهو يسب زوجته المنكسرة الوديعة ويغتابها ويكرر ويقول رائحتها مقرفة (السيرة ص 192) ليفرح أمه على زعمه! 1 3 4
__________________
التعديل الأخير تم بواسطة أم عبد الله ; 10-06-2009 الساعة 11:32 AM. |
#2
|
||||
|
||||
![]() والعجيب أن أتباعه يفرحون بمخازيه هذه ويسجلونها مفتخرين بها بل ويعتقدون أنها من مناقبه التي ترفعه بزعمهم إلى مرتبة لم يبلغها أحد من البشر لا نبيّ ولا غير ذلك، فها هو عبد القادر الديراني يقول في مقدمة تفسير شيخه صراحة بأن شيخه "علم في أصول الدين أمورًا جهلتها البشرية قاطبة وأنها حيرت أفهام علماء وفلاسفة اليونان والرومان والجبرية والمعتزلة وعلماء فلاسفة الإسلام ـ كما يسميهم ـ واليهود والمسيحيين" اهـ (التأويل ج2/ ص 5)، بل إنه يعمد إلى الشعر الذي قيل في سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: وأجمل منك لم تر قط عين * وأكمل منك لم تلد النساء فيغير الشطر الأول منه ويجعله في شيخه قائلاً "وأذكى منه لم تر قط عين" ويضعه عنوانًا لفصل من مناقب شيخه بزعمه وذلك في الصحيفة المائتين والتاسعة والثلاثين من سيرته ويغير الشطر الثاني ليصير "وأصلح منه لم تلد النساء" ويجعله عنوانًا للفصل التالي في الصحيفة المائتين والسابعة والأربعين من تلك السيرة ويرفع شيخه بذلك إلى مرتبة تعلو حتى على مرتبة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فأبشع بهذا كفرًا وأشنع به! ولم يصل هذا الديراني ومن لحقه إلى هذا الحضيض في الضلال إلا لأن شيخهم محمد أمين شيخو جعل همه تعظيم نفسه في عيون أتباعه حتى اعتقدوا أنه أكمل بني البشر وأعظمهم كيف لا وهم يعتقدون أنه اتصف بصفات الله عز وجل واكتسب من نعوت الخالق جل وعلا وسيأتي بيان ذلك بحَوْلِ الله تعالى. وقد سلك محمد أمين شيخو مسلك الباطنية والتزم مذهبهم وادعى أنه يعرف حقيقة معاني الآيات وأنه حصّل ذلك بمجرد الفيض لا بالتعلم فصار يفسر القرءان كما يشتهي ويحمّل الآيات المعاني التي يريد من غير اعتبار أي مرجع سوى رأيه فصار أتباعه عبيدًا له لا يجدون الصواب بزعمهم إلا في كلام شيخهم ولا يحيدون عنه قِيد أَنملة سواء ذكر دليلاً على ذلك أم لا فإذا قال لهم إن مياه الينابيع والأنهار ليست من ماء المطر النازل من السماء وإنما يخرج من مصارف تتصل بالمحيط المتجمد الشمالي وبالقارة القطبية الجنوبية (انظر كتاب مصادر مياه الينابيع في العالم لأمين شيخو) صدقوه، وإذا قال بأن نهر العاصي يجري من الجنوب إلى الشمال ليس لأن منبعه في الجنوب أعلى من مصبه في الشمال بل لأن ماءه يأتي من المحيط المتجمد الجنوبي (انظر كتاب مصادر مياه الينابيع في العالم لأمين شيخو) اعتقدوا بذلك بل وظنوا أن شيخهم بزّ علماء الطبيعة وفاقهم في علمه ومعرفته واكتشافاته! ولا تنسَ أن محمد أمين شيخو ما كان يدرّس في المساجد وإنما كان يلقي ترهاته للمعتقدين به في مجالس خاصة لذا تراه يلعب بهم كما يريد فتارة يقول إن أكل ءادم وزوجِهِ من ثمر الجنة معناه أن نفس ءادم كانت تحيط بجسده فصارت نفسه كلها تذوقًا من غير أن يدخل شىء من الثمر إلى داخل ءادم ومن غير استعمال فم أو يد في ذلك (الكتاب المسمى عصمة الأنبياء ص 63) وهذا تكذيب لقول الله تعالى: {وعصى ءادمُ ربَّه فغوى} [سورة طه/121] ولقوله تعالى لآدم وحوّاء: {أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ} [سورة الأعراف/22] ومعلوم أن معصية ءادم هي أكله من تلك الشجرة التي نُهِيَ عنها ثم تاب فتاب الله عليه، وكان ذلك معصية صغيرة لا خسّة فيها ولا دناءة. وتارة يقول لهم: شديد العقاب معناه دومًا معك بعد العمل يعاقبه (أي العمل لا الشخص) بما يلزمه ليشفيك ويطهرك! (التفسير ج2/ ص177) وتارة يزعم أن الشفاعة معناها أن الله يخاطب النبي قائلاً له يا لطيفًا (التفسير ج2/ ص 181) لا أن النبي يشفع في الآخرة (التفسير ج2/ ص 184) وهذا تكذيب لقول الله تعالى: {مَن ذا الذي يشفعُ عنده إلا بإذنهِ} [سورة البقرة/255] ولقوله عليه الصلاة والسلام: "أنا أوّل شافع وأوّل مشفّع" ولقوله :"شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي" وغير ذلك من النصوص الكثيرة في هذا الباب. وتارة يقول إن الشجرة معناها المادة (التفسير ج2/ ص 189) لا النبات المعروف الذي له ساق وهذا تكذيب لقول رسول الله: "ما في الجنة شجرة إلا وسَاقُها من ذهب"، ويزعم أن أبواب السماء معناها السمو النفسي (التفسير ج2/ ص 202)، وأن الألواح التي نزلت على موسى عليه السلام هي في صدره! (التفسير ج2/ ص 241) وأن معنى خُوار العجل أن النفس تميل إليه وتستحليه! (التفسير ج2/ ص243) وأن معنى قول الله تعالى: {أن طهّرا بيتي} [سورة البقرة/125] أي طهّرا يا إبراهيم ويا إسماعيل قلبيكما (التفسير ج1/ ص97) وأن الصفا معناه صفاء نفسك والمروة هي الرؤية النفسية (التفسير ج1/ ص 113) وأن الشّعرى (الشعرى نجم كان يعبده الجاهليون) معناه المشاعر (السيرة ص 93) إلى ءاخر ما هناك من تُرَّهات لا يقول بها إلا مارق ولا يصدقها إلا سخيف لا تستند إلى برهان ولا تقوم على دليل إلا قول محمد أمين شيخو المجرد. وهذا تمامًا ما صبا إليه محمد أمين شيخو وعمل له بل هي مخالفة للغة العرب وللشرع معًا كما لا يخفى ذلك على أي مسلم بل وعلى من له أدنى إلمام باللغة العربية فهو باطني وإن لم يصرح كبعض الباطنية وذلك أن الباطنية تحرف النصوص عن المعاني التي يعرفها علماء الشرع فيخالفون اللغة واصطلاح علماء الإسلام وهذا تمامًا ما فعله محمد أمين شيخو. وهو في هذا خالف قاعدتين اثنتين ينبغي لمن ابتُلِيَ بمواجهة أمثاله من المنحرفين أن يبقيهما من باله على ذُكرٍ القاعدة الأولى: أن ردَّ النصوص كفر فما جاء صريحًا في القرءان والسنة بحيث لا يخفى على عالم ولا جاهل من المسلمين، إن أنكره منكر أو ادعى أن له معنى غير المعنى المجمع عليه عند المسلمين فإنه يكفر كما نص على ذلك النسفيّ وغيره من العلماء، وذلك أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم إذا أفهم صحابته أمرًا وأجمعوا على أنه عليه الصلاة والسلام بلّغهم معناه مبيَّنًا وشرحه لهم بجلاء ثم تلقاه عنهم التابعون بإجماع ثم أتباع التابعين ثم مَن بعدهم على هذا الوجه بحيث لا يخفى ذلك على عالم ولا جاهل، لا يكون بعد ذلك ردُّ هذا المعنى والتمسكُ بأي معنى ءاخر إلا تكذيبًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو كفر. والقاعدة الثانية أن العرب كان في لغتهم حقيقة ومجاز لهما قواعد معروفة عندهم مشهورة فما خرج في تفسير القرءان عما كانوا عليه فهو مردود لا يسمى تفسيرًا بل هو تحريف. وهذا الرجل أعني محمد أمين شيخو خرج على القاعدتين المذكورتين وخالفهما فردَّ النصوص وفسّر كلمات القرءان بمعانٍ لا تقبلها لغة العرب ولا توافق عليها لا حقيقة ولا مجازًا فهو فضلاً عن جهله بعلوم الشريعة عاميٌّ من حيث اللغةُ لا يحسن قواعد العربية وتكفي نظرة سريعة في كتبه لإدراك ذلك بسهولة، فانظر إليه يجزم المنصوب وينصب المرفوع (كما سترى عند نقل بعض كلامه الآتي إن شاء الله) ويقول "ديوس" بالسين بدل الثاء (التفسير ص 34) ويقول "على طول" بمعنى دائمًا (التفسير ج2/ ص37 و 340) ويقول يا محمدًا بالنصب والتنوين بدل يا محمدُ بالضم من غير تنوين (التفسير ج2/ ص273) ويستعمل كلمة "الواطي" بمعنى الخسيس (التفسير ج2/ ص197) وهي لا وجود لها في لغة العرب، وقد يؤنثها أحيانًا فيقول "واطية" (التفسير ج2/ ص 243)، ويسمي الله "العاطي" (التفسير ج2/ ص334) وقصده المعطي فإن كلمة العاطي لا توجد في اللغة العربية إلا في العامية المعوجّة، ويفسر قوله تعالى: {من يهد اللهُ} [سورة الأعراف/178] بقوله: من يهدي نفسه إلى لا إله إلا الله (التفسير ج2/ ص 264)، مع أنه لا يخفى على أصغر الطلاب أن لفظ الجلالة فاعل هنا فيكون المعنى "الإنسان الذي يهديه الله" من غير خلاف بين اثنين من اللغويين أو المفسرين، ويقول شوال أي شال للحج (التفسير ج2/ ص 315) ويقول حضرة الله (كما في مقدمة الجزء الأول من تفسيره ومواضع أخرى كثيرة) مع أن حضرة الشخص هي المكان القريب منه والله موجود بلا مكان كما هو معلوم، إلى غير ذلك من كلمات لا تدل إلا على جهل محمد أمين شيخو العميق بلغة العرب فكيف يُقبل بعد ذلك من مثله أن يُقْدِمَ على تفسير كتاب الله تعالى؟! كيف وقد أجمع المفسرون سلفهم وخلفهم على أن معرفة اللغة الأصلية التي نزل بها القرءان شرط في تفسير القرءان. ولم يكن المتقدمون قبل أن يفشو اللحن وينتشر بحاجة إلى تعلم النحو، لأن لغة القرءان هي كانت لغتهم التي يتحاورون بها فيما بينهم، لكن بعد فشو اللحن يُشترط أن يكون الشخص عارفًا بتلك اللغة بواسطة دراسة النحو واللغة وإلا فلماذا وضع علماء الإسلام كتب النحو وكتب اللغة؟ ولو كان الأمر على مثل منهج محمد أمين شيخو وأتباعه بأن تفسير القرءان إنما يكون بطريق الفيض الذي يفيض 5 6 7
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
![]() من قلوب المشايخ على المريدين لما كان لعمل علماء الإسلام معنى، بل منهج محمد أمين شيخو وأتباعه هذا فيه إهدار لقيمة ما درج عليه علماء الدين من تعلم النحو واللغة حتى يصل أحدهم لتفسير القرءان. والمفسرون الذين سبقوا بقسميهم الصوفيين وغير الصوفيين عندهم معرفة اللغة العربية شرط من غير خلاف. إنما الصوفيون منهم من فسّر تفسيرًا إشاريًّا لا يناقض اللغة ولا أحكام الشرع أما هؤلاء فقد خالفوا الفريقين وما عملهم هذا إلا إلحادًا وتحريفًا للدين، فلو كان يجوز تفسير القرءان للشخص بما يخطر له من غير موافقة للغة العربية لما قال ربنا تبارك وتعالى: {قرءانًا عربيًّا} [سورة يوسف/2] بل ولما قال الله عزَّ وجلَّ: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} [سورة إبراهيم/4] فإنه لو كان تفسيره على غير وفق لغتهم وكلامهم لما كان بلسانهم ولا كان مبيَّنًا لهم. ومما يدل على أن معرفة معنى الكلمة من القرءان على مقتضى اللغة الأصلية شرط للتفسير، وأنه لا يكتفي بكون الشخص وليًّا مكاشَفًا صاحبَ فيض في ذلك، ما ثبت أن عمر رضي الله عنه قال في هذه الآية: {وفاكهةً وأبًّا} [سورة عبس/31] عرفنا الفاكهة فما الأبّ، مَهْ يا عمر اهـ أي لا تتكلف القول فيها. أورده الحافظ ابن حجر في شرح البخاري. وهذا عمر رضي الله عنه ثاني أفضل أولياء أمة محمد وشهد له الرسول بأنه من أهل الكشف وذلك بقوله عليه الصلاة والسلام: "قد كان فيمن قبلكم من الأمم أناس مُحَدَّثون فإن كان في أمتي أحد فهو عمر بن الخطاب" اهـ. ومعنى محدّثون أي ملهمون، فإذا كان عمر أحجم عن تفسير هذه الكلمة لأنها لم تكن معروفة في لغة قريش التي هي لغته ولم يعرفها فلم يهجم على تفسيرها بل كفّ عن تفسيرها، فما لمحمد أمين شيخو الذي هو ليس من أهل لغةٍ من لغات العرب لا لغة قريش ولا لغة قيس ولا لغة تميم ولا لغة ربيعة ولا سائر لغات العرب التي كانت زمن نزول القرءان يفسر كلمات القرءان بتفسير بعيد عن موافقة اللغة العربية وقوانين الشريعة؟! وقد فتح هذا الرجل بفعله هذا للناس باب فوضى في القول بالقرءان فغدًا يأتي ءاخر مثله يفسر القرءان على طريقته بما يراه ثم ءاخر ثم ءاخر فأين الدين بعد ذلك؟ والفوضى قبيحة لا تصلح في أمور الدنيا فكيف في أمور الدين. وقد صدق الأفوه الأودي حين قال: لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم * ولا سراة إذا جهالهم سادوا فقد بان كذب هذا الرجل في منهجه وأقواله على مشايخ النقشبندية أوائلهم وأواخرهم فإن سيرته بعيدة عن سيرتهم فلا يُعرف فيهم أحد سلك مسلك هذا الرجل فليس له فيهم قدوة، وإنما هو شاذ انتسب إليهم بلا حقيقة. ولم يدَّع أحد منهم أن علم الدين يتلقى من قلوب مشايخهم من الشيخ إلى المريد بالتسلسل، فإن كانوا صادقين فليذكروا لنا واحدًا من مشايخ النقشبندية متقدميهم أو متأخريهم هو على ذلك، بل محمد أمين شيخو أخذ الطريقة من الشيخ أمين كفتارو والد الشيخ أحمد الذي توفي منذ مدة ثم المعروف بأنه انحرف عنه، فإذا كان الشيخ أمين كفتارو رحمه الله لم يكن عنده ما أظهره هذا المنحرف ولا عند من فوقه إلى شيخ الطريقة النقشبندية محمد بهاء الدين شاه نقشبند ومن فوقه من رجال السلسلة عند النقشبندية كلّهم ليس عندهم ما أظهره هذا الرجل، فكيف يدّعي بعد ذلك أنه شيخ نقشبنديّ، بل هو مخالف لهم كلّهم. ودونك أيها القارئ سير أكابر النقشبندية وتراجمهم تجدهم جميعًا بلا استثناء قد طلبوا علوم الشريعة واللغة من عقيدة وفقه ولغة ونحو من المشايخ وقرؤوا كتب العلم عليهم ولم يقولوا العلم يأتي إلى قلوبنا بالفيض من قلوب مشايخنا. بل هذا الشيخ خالد النقشبندي رضي الله عنه وهو ممن نصَّ على ولايته هذا الزائغ في كتبه ومدحه مدحًا بليغًا (انظر الكتاب المسمى درر الأحكام في شرح الأركان ص 32)، أقول: هذا الشيخ خالد رضي الله عنه قد قرأ كتب النحو ومتن الزنجانيّ من الصرف وكتاب المحرر للرافعي في الفقه وغير ذلك من كتب العلم، حتى قرأ كتب الحساب والهندسة والهيئة وغيرها وأجيز برواية الحديث بل رحل شرقًا وغربًا في طلب العلوم الشرعية ودرس على السيد عبد الكريم البرزنجيّ والملا صالح والملا إبراهيم البياريّ والملا عبد الرحيم الزياريّ المعروف بملا زاده ولم يقل إن العلم يأتيني بالفيض من قلوب مشايخ النقشبندية (انظر ترجمة محمد خالد النقشبندي في إرغام المريد للزاهد الكوثري وفي مقدمة جالية الأكدار لمولانا خالد). فالحقيقة يا محمد أمين شيخو أنك إنما جئت بدين جديد ودعواك ودعوى أتباعك الإسلام دعوى كاذبة إذ لو كنتم على الإسلام ما خالفتم خلَف المسلمين وسلفهم، بل قد اعترف بعض أتباعك وهو بيروتيٌّ من ءال كبريت أن طائفتكم مخالفة لسائر فرق النقشبندية قائلاً: إن كل فرق هذه الطريقة على ضلال إلا طريقتكم فهل بعد هذا شك في خروجكم عن الدين وشذوذكم عن سبيل المؤمنين؟! وعبارة الديراني المذكورة ءانفًا والتي سطرها في مقدمة الجزء الثاني من كتاب شيخه المسمى "تأويل القرءان العظيم" تشهد أيضًا بهذا إذ فيها التصريح بأن ما جاء به محمد أمين شيخو في مسئلة القدر لم يسبقه إليه نبيٌّ ولا وليٌّ ولا عالم ولا فيلسوف ولا أي مسلم أو كافر! فهل أصرح من هذا في بيان انفرادهم وشذوذهم؟! هذا ومسئلة القدر هي أحد أركان الإيمان الستة فكيف جهلها من قبله من المسلمين وأوتي هو علمها من بين جميع الناس؟! بل إن قوله هذا فيه تضليل لكل المسلمين وقد اتفق العلماء على أن من قال قولاً يؤدي إلى تضليل المسلمين فهو كافر قطعًا اهـ، ذكره القاضي عياض المالكيّ والإمام النوويّ وصاحب الأنوار الأردبيليّ الشافعيان وملا عليّ القاري الحنفيّ وغيرهم. ولمولانا الشيخ خالد النقشبندي أكثر من مؤلف في بيان القدَر (فرائد الفوائد بالفارسية وجالية الأكدار والعقد الجوهري كلاهما بالعربية) فعلى زعم مدّعِي المشيخة هذا وأتباعِهِ لم يكن الشيخ خالد يعرف القدَر، بل لم يكن أبو بكر ولا عمر ولا عثمان ولا عليّ ولا سائر العشرة ولا ءال البيت ولا باقي الصحابة ولا الشافعي ومالك وأبو حنيفة وأحمد ولا البخاري ومسلم والترمذي وأبو داود والنسائي وابن ماجه ولا الأشعري ولا الماتريدي يعرفونه حتى جاء "الدركي" الذي لم يولد قبله ولا بعده مثله على زعمه فعرفه! فأعظم بهذا جهلاً وكفرًا. والحقيقة أن كل المذكورين من علماء الإسلام بَيَّنوا أنه لا يحصل في هذا العالم شىء ولا توجد حركة ولا سكون إلا بمشيئة الله تعالى كما بيّن ذلك مولانا خالد في مؤلفاته أيضًا، ومحمد أمين شيخو وطائفته على خلاف ذلك يكذّبون في هذا الله والرسول وإجماع الأمة كما سترى ذلك واضحًا إن شاء الله تعالى في أثناء الرد عليهم في هذه المسئلة فلذلك قالوا ما قالوا. ثم من المعلوم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أنزل عليه القرءان قرأه على مشركي مكة ودعاهم إلى الإيمان بما فيه ولم يفهموا من ذلك إلا أنه يدعوهم إلى الاعتقاد بما تدل عليه الآيات وبما يأتيهم به من السنة على حسب ما تدل عليه لغتهم، فكان جوابهم للنبيّ صلى الله عليه وسلم أنه إن كانت دعوته صدقًا وما فهموه منه على مقتضى لغة العرب حقًا فليظهر الله على يده معجزة فأظهر الله تعالى معجزات على يديه فكان ذلك من الله تصديقًا لصحة ما جاء به أي لصحة ما دعاهم النبيّ إليه على حسب ما يُفهم من لغتهم، فمن تجاهل ذلك وخرج في تفسيره للكتاب والسنة عن ما تقتضيه لغة العرب في ذلك الوقت فهو مهدر لقيمة المعجزة ولقيمة الدليل العقليّ، بل مقتضى كلام مثل هذا الرجل أنَّ المعجزة لا دلالة لها لأن كلَّ أحد يفسّر حينئذٍ الكلام الذي حصلت المعجزة لتصديقه على هواه فلا يبقى للمعجزة معنى ولا مدلول وفي هذا إبطال الدين والنبوة والشريعة وهو مراد أمين شيخو فَتَنَبَّهْ. زد على ذلك أن معنى كلام محمد أمين شيخو أن النبيّ لم يبين للمسلمين حقيقة ما أنزل الله عليه مع أن الله تعالى أمره بذلك في القرءان ونهاه عن ضد ذلك كما قال ربنا عزَّ وجلَّ: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [سورة النحل/44]. فأقبح برأيٍ غايته نسبة التقصير في التبليغ وإخفاءِ الأحكام إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام. وفوق ذلك فإن منهج محمد أمين شيخو مهدر لمعنى "الرسول" و"الرسالة" إذ لو كان يوحى إلى الرسول بما لا يفهمه الناس الذين أرسل إليهم ولو كان يكلمهم بما يخرج عن مقتضى لغتهم، 8 9 10
__________________
|
#4
|
||||
|
||||
![]() لما كان في إرساله إليهم معنى ولكان ما يبلغهم إياه عبثًا إذ ليس ما يفهمونه هو المراد حقيقةً، والله تعالى حكيم منزه عن العبث ولا تخرج أفعاله عن مقتضى الحكمة. وليس المسلمون من التماوت والغباء بحيث يسلمون لمثل هذا القول من محمد أمين شيخو أو يتبعونه فيه بل لا يقبله الطفل المميز فيهم. وقد قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} [سورة المائدة/67] ولا شك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بلغ كل ما أوحى الله إليه من النصوص والتفسيرات والآيات والأحكام فلذلك نصّ ابن حزم في كتابه "الفصل في الملل والنحل على كفر من زعم أن النبيّ بلّغ فقط ظاهر الشريعة وأن لها باطنًا يخالف ذلك الظاهر اهـ كيف لا وقد قال الله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [سورة المائدة/3] ومحمد أمين شيخو يزعم أن كمال دين الشخص متوقف على سماع تأويلاته فقارن كلامه بكلام الله تعالى ثم احكم عليه بما يستحق. بل لو قيل لأتباع محمد أمين شيخو مثلاً إن قول شيخكم بأن ألواح موسى كانت في صدره إنما كان يريد به أن يقول لكم "أنا جاهل فلا تأخذوا بأقوالي فهذا هو مقصده ومراده من كلامه" فماذا يقولون عندئذ؟ إن وافقوا فيلزمهم ترك كلامه وإن لم يوافقوا لم يكن أمامهم إلا أن يقولوا "إن كلام شيخنا لا يحتمل هذا المعنى على حسب ما يتكلم الناس وتجري عليه قواعد اللغة" قلنا عندئذ فإن كنتم لا تجيزون تفسير كلام شيخكم إلا بناء على ما تقتضيه اللغة وتوافق عليه صونًا له عن أن يصير عبثًا لا مدلول له ولعبة بيد من يشاء، فبالأوْلى أنه لا يجوز تفسير القرءان إلا بناء على ما تقتضيه اللغة وتوافق عليه قواعدها، وتفسيره بناء على هذه القواعد يسقط كلام شيخكم نهائيًا، فكلامه ساقط على كلا التقديرين فكيف تتمسكون به بعد ذلك؟ وهذا مما لا جواب لهم عليه بإذن الله. الرد عليه في مسئلة القدر : والآن بعد هذه المقدمة المجملة نفند بعون الله ضلالة محمد أمين شيخو في مسئلة المشيئة والقدر (لو أردنا ذِكر كل ضلالاته لزادت على ألف كما عددناها) تفصيلاً بما يظهر مخالفتها للقرءان والسنة وإجماع الأمة قاصدين بذلك الذبّ عن حوزة الدين وفضح المنافقين. ثم نتبعه إن شاء الله تعالى بذكر ضلالاته الأخرى أو قسمٍ منها ولو على سبيل الإيجاز مع رد يُلقِمُ كلَّ من ينتصر لهذا الرجل الحجرَ ويُخرس ألسنة الحمقى من أتباعه ويَقِي عامة المسلمين فتنتهم ويحميهم من ضررهم بإذن الله سبحانه وتعالى وبه العصمة والتوفيق. وقد بلغنا أن جماعة عبد القادر الديراني تكفر جماعة عبد الهادي الباني وبالعكس، وأنهم يتنافسون على الدنيا والمناصب، فهذا يدل على فساد كلتا الفرقتين. من ضلالات محمد أمين شيخو قوله :"إن الله لم يشأ حصول المعاصي والشر وإن العباد اختاروا ذلك بغير مشيئته سبحانه". هذه الضلالة هي أُسُّ ضلال محمد أمين شيخو وانحرافه فإنه فكّر بذهنه القاصر فتخيل له أن الشرور والمعاصي لو كانت تحصل بمشيئة الله وأنه لو كان الله خالقًا لأفعال العباد لكان الله ظالمًا، فقرر في نفسه أنّ الله شاء السعادة لكل العباد وأنه سبحانه وتعالى لم يقدّر في الأزل حصول الشرور والمعاصي، لكن عقيدته هذه مصادمة للنصوص الصريحة في القرءان والحديث والتي تفيد أن الله هو الذي شاء وقدر وخلق كل ما يحصل في هذا العالم ومصادمة لإجماع علماء الأمة جميعًا على هذا، فبدل أن يتراجع عندئذ عن هذه الضلالة ويعودَ إلى الحق غلبه العُجْبُ فزعم أنه لا يشترط في تفسير القرءان التقيد باللغة ولا بقوانين الشريعة المنقولة إلينا ولا بأقوال أئمة الدين وإجماعهم، فقام لذلك بتفسير القرءان على خلاف قواعد التفسير المعتمدة بل زعم أن كل من قبله على الإطلاق لم يفهموا هذه النصوص ولا عقلوا معنى القدر ولا عرفوا معنى الإيمان به. وهذه الضلالة قادته إلى ضلالات أخرى واحدة بعد واحدة، ولذلك سنعرض عقيدة محمد أمين شيخو وخيالاته في هذه المسئلة جملة بعد جملة مع الرد عليها بإذن الله نقطة بعد نقطة ـ إذ هي كما ذكرنا أساس ضلاله ـ ثم نتعرض لعشرات من ضلالاته الأخرى المتفرعة عن هذه الضلالة مع رد موجز على بعض منها حتى يكون أمره وأمر طائفته واضحًا أشد وضوح، وليقوم المؤمنون بالتحذير من هؤلاء الضالين وقمع فتنتهم بقدر الوسع وبكل ما تصل إليه الطاقة صونًا لدين الله تعالى. يَدَّعي محمد أمين شيخو بأن الله تعالى لم يعلم في الأزل بكفر الكافرين وأنه إنما علم بذلك بعد حصوله منهم (وذلك في الكتاب المسمى "عصمة الأنبياء" (ص/35) فإنه يقول فيه بالنص فالله تعالى لما نادى الخلق في عالم الأزل بكلمة: {ألستُ بربكم} [سورة الأعراف/172] وأجابوه جميعًا بكلمة بلى نظر تعالى إليهم فعلم ما كمن في نفوس أولئك الذين نظروا إلى شهواتهم...إلخ.)، رءاه في صدورهم فعلمه واشتهر ذلك على ألسنة جماعته وأن الله يعلم الشىء بعدما ينويه الإنسان وأن هذا معنى وهو عليم بذات الصدور. قال محمد أمين إن الله خلق الإنسان وجاء به لهذه الدنيا ليسعده ويفيض عليه من بره وكرمه دنيا ءاخرة (هكذا لفظه) لكن الإنسان لما جاء وأُعطي اختياره حاد عن طريق سعادته وكسبه...إلخ اهـ. قلت: قوله هذا أوَّلاً فيه نسبة العجز إلى الله وفيه أن الله مغلوب والقرءان الكريم يقول: {واللهُ غالبٌ على أمرهِ} [سورة يوسف/21] أي تنفذ إرادته في كل شىء لأنه لو كانت تنفذ إرادته في بعض الأشياء ولا تنفذ في بعض لما قال {واللهُ غالبٌ على أمرهِ} وهو مخالف لقوله تعالى {إنَّ اللهَ عزيزٌ حكيم} [سورة البقرة/220] لأن العزيز هو الغالب الذي لا يُغْلب. وكلامه تكذيب للآية: {قال ربي بما أغويتني} [سورة الحجر/39] الآية فيها تصريح أن إبليس نسب الغَواية إلى الله، ولو كان كاذبًا لرَدَّ عليه القرءانُ ولو كان كما يقول محمد أمين شيخو لذكر الله مع هذه الجملة تكذيبه لإبليس بأنه ما أغواه، وهذا من محمد أمين شيخو تكذيب لقول الله تعالى: {لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون} [سورة الأنبياء/23] يريد من سخافته أن يحاكم الله.وفوق هذا فيه نسبة الجهل إلى الله تعالى، ويردّه قول الله عزَّ وجلَّ في سورة البقرة: {وهو بكلّ شىءٍ عليم} وقوله فيها {واعلموا أن الله بكلّ شىءٍ عليم} وقوله تعالى فيها أيضًا: {واللهُ بكلّ شىءٍ عليم}. ويكفي في رده أيضًا قول الله تبارك وتعالى في سورة الإسراء {وَإِن مَّن قَرْيَةٍ إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا كَانَ ذَلِك فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا (58)} وقوله تعالى في سورة النمل: {وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاء وَالأَرْضِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ (75)} وقوله تبارك وتعالى: {وكلّ شىءٍ أحصيناهُ في إمامٍ مبين} [سورة يس/12] وقوله تبارك وتعالى: {وَكُلُّ شَىْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ (52) وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ (53)} [سورة القمر] وثبت في أكثر من حديث مما رواه البخاريّ والترمذيّ والبيهقيّ وغيرهم أن الله تبارك وتعالى قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة أمر القلم فجرى على اللوح المحفوظ فكتب بقدرة الله كل ما يحدث إلى يوم القيامة اهـ، وصحّ عند الترمذي وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لابن عباس رضي الله عنهما: "واعلم أنّ الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك لم ينفعوك إلا بشىء قد كتبه الله لك ولو اجتمعوا على أن يضروك لم يضروك إلا بشىء قد كتبه الله عليك رُفعت الأقلام وجفت الصحف" اهـ وهوحديث معروف ذكره النووي في أربعينه ويحفظه صغار طلبة العلم فضلاً عن العلماء. بل قد ثبت في ما رواه الترمذي وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على أصحابه يومًا وفي يده كتاب فيه أسماء أهل الجنة كلهم وكتاب ءاخر فيه أسماء أهل النار كلهم، وأخبر عليه الصلاة والسلام عن كل من الكتابين أنه لا يزاد فيهم ولا ينتقص، فقالوا ففيم العمل يا رسول الله؟ قال: "إنّ عامل الجنة يختم له بعمل أهل الجنة وإن عَمِلَ أي عَمَلٍ ـ أي قبل ذلك ـ وإنّ عامل النار يختم له بعمل النار وإن عمل أيَّ عمل" اهـ. (أما محمد أمين شيخو فينكر كلام رسول الله عليه السلام ويرده فهو يقول في تفسيره في الصحيفة الرابعة والعشرين منه "يقولون هذا للجنة وهذا للنار هذا خلاف العدالة الإلهية وخلاف ما أنزل الله" انتهت عبارته بنصها جازاه الله بما يستحق) ولذلك كله أجمع المسلمون على أن الله تعالى علم في الأزل بكل ما يحصل من العباد خيرًا كان أو شرًا لم يختلف في ذلك اثنان منهم، كما قال الطحاويّ في كتابه ذكر بيان عقيدة أهل السنة والجماعة كلهم "وعلم ما هم عاملون قبل أن يخلقهم" اهـ. وهذا هو الذي يُحَتّمُهُ العقلُ أيضًا لأن الله لو لم يكن عالمًا في الأزل بما يحصل من العباد من الكفر والمعاصي لكان جاهلاً بها، والجهل نقص والنقص مستحيل على الخالق سبحانه وتعالى كما قال في سورة الملك: {ألا يعلم من خلَق وهو اللطيف الخبير}. قلت: فعلى زعمه كانت روح رسول الله عليه الصلاة والسلام مساوية لروح إبليس وروح موسى عليه السلام مساوية لروح فرعون وأرواح المؤمنين مساوية لأرواح الحشرات والبهائم والديدان لا يتفاضل أيٌّ منها على غيرها بشىء وكفاه بهذا خزيًا. قلت: يزعم محمد أمين شيخو إن النفوس في الأصل متساوية في المزايا والصفات ثم تفاضلت بعد ذلك بسعيها فلنا أن نسأل محمد أمين شيخو وأتباعه بماذا حصل هذا التفاضل وكيف تَرَجَّحَ سلوك درب التقوى عند نفس ودرب الضلال عند أخرى؟ إن قالوا: من غير ترجيح مرجّح فقد ضارعوا الدهرية ولحقوا بالملاحدة لإنكار وجود الله تعالى، وإن قالوا: بترجيح مرجح فقد رجعوا إلى قولنا إن الهداية والضلال بمشيئة الله تعالى وتقديره وخلقه وإن مشيئة العبد للهداية أو للضلال تابعة لمشيئة الله تعالى، ولا يقدرون بناء لأصلهم أن يقولوا بأن النفس التي اختارت التقوى وفعلت ذلك لمزية فيها لأنهم أثبتوا تساوي كل النفوس في الأصل فبطل قولهم وثبت فساده. على أن شاهد الوجود يدل على بطلانه أيضًا فكم من شخص أراد أن يهتدي وسعى لذلك فلم يصل إلى الهدي لأن الله تعالى لم يكتب له ذلك، فانظر إلى كثير من النصارى واليهود والبوذيين والهندوس وغيرهم يريدون أن يكونوا على الصراط المستقيم مرضيين عند الخالق يفعلون ما يفعلون ونياتهم نيل رضا الله سبحانه لكنهم مع ذلك يحيون 11 12 2ـ ثم يقول محمد أمين شيخو: إن المخلوقات كلها لما خلقها الله كانت متساوية متماثلة في الذات والصفات طاهرة لا تفاضل بينها ولا أعطى الله تعالى أحدًا منها مزية على غيرها اهـ (ص/13 من سيرته وص/76 من تفسيره ج2 وص/13 من كتابه المسمى عصمة الأنبياء). 3 ـ وقال: ثم إن هذه النفوس ـ التي خلقت متساوية ـ تتفاوت بعد ذلك بحسب سعيها كما قال في تفسيره (ص/16 من تفسيره ج2): يقولون الله خلق هذا للسعادة وهذا للشقاء وهذا القول كذب بل خلقهم مثل بعضهم البعض وكلٌّ وسعيه واجتهاده اهـ. يعني بذلك أنهم يسعون على حسب مشيئتهم استقلالاً عن مشيئة الله فعلى زعم محمد أمين شيخو الله لم يكتب على إنسان الشقاء (ص/24 من تفسيره ج2) ولم يشأ لأحد أن يَضِلّ ولا يوجد ثمة أمر مبرم على الإنسان (التفسير ج2 ص/349) بل كلُّ من شاء لنفسه الهداية يهديه الله (ص/152 وص/264 من تفسيره ج2) ومن يريد لنفسه الضلال يضله (ج2 ص/105 من تفسيره) فمشيئة الله بزعمه تابعة لمشيئة العبد ومرتبطة بسلوك العبد للقوانين (ج2 ص/144 من تفسيره) فانوِ النية الحسنة كي توفق إلى كل حسن وطيب وتنل (هكذا مجزومة في الأصل) سعادة الدارين (السيرة ص/141) واصدق في طلب الوصول إلى الحق يهدك الله (ج2 ص/130 من تفسيره) أما الله تعالى فإنه أراد أن يدخل الكل الجنة (ج1 ص/169 من تفسيره) اهـ. 14 13
__________________
|
#5
|
||||
|
||||
![]() على الضلال والزيغ ويموتون على ذلك كما قال ربنا تبارك وتعالى في القرءان الكريم: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104)} [سورة الكهف]، وهؤلاء الخوارج شهر عنهم أنهم أرادوا الحق واجتهدوا للوصول إليه لكنهم أخطأوا طريقه فلم ينفعهم ذلك وهلك منهم كثير من غير التوبة فقتلهم سيدنا عليّ وأبادهم في معركة واحدة ولم ينجُ منهم إلا نحو تسعة أشخاص وكان قال قبل المعركة: "لا يُقتل منا عشرة ولا ينجو منهم عشرة" اهـ ومأواهم في الآخرة النار، فهذا سعى وسلمان الفارسيّ سعى لكن الله شاء لسلمان الهداية فوصل بسعيه إلى الإيمان بفضل الله ورحمته وقضائه وقدره ولم يشأ لأولئك الهداية فلم يصلوا إلى الإيمان وذلك بعدل الله وقضائه وقدره أيضًا، فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، قال ابن عطاء الله السكندريّ الشاذليّ في لطائف المنن: "إذا أراد ـ أي الله ـ أن يضل عبدًا لم ينصره عقل ولم ينفعه علم. قال الله سبحانه: {وَمَن يُرِدِ اللهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللهِ شَيْئًا} [سورة المائدة/41]" اهـ. ولو شاء الله لكل الناس السعادة والجنة كما يزعمون ولو كان لم يشأ لهم إلا الخير والإحسان كما صرح محمد أمين شيخو مرارًا وتكرارًا لكان الله خلق الناس والجن كلهم في الجنة ولم يجعل في نفوسهم أيّ استعداد للشر ولا أيّ انسياق خلفه وهو قادر على ذلك، بل لما خلق إبليس أصلاً كما قال الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز: "لو شاء الله أن لا يُعصى لما خلق إبليس" اهـ. فأنت ترى أن كلام محمد أمين شيخو ضعيف ركيك متهاوٍ متهافت ليس عليه شمة من دليل ولا قبس من نور ومع هذا يزعم أتباعه أنه أتى فيه بما لم يسبقه إليه نبيّ ولا وليّ بل يزعمون أنه وحيٌ (كما قدم الديراني للجزء الأول من تفسير شيخه بقوله "تنزيل من حضرة الله ورسوله" عامله الله بما يستحق) فسبحان الذي يقسم العقول. ولشدة أهمية هذا المبحث يحسن أن نتوسع شيئًا ما في إيراد الأدلة النقلية من القرءان والسنة وإجماع علماء الأمة على رد مقالة محمد أمين شيخو الشنيعة ورد كفره وكفر من وافقه فيها أو في أصلها فنقول بعون الله: إن الله جلّ ثناؤه قدّر المقادير كلها في الأزل قبل خلق السموات والأرض كما قال الله عزَّ وجلَّ: {إِنَّا كُلَّ شَىْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (49)} [سورة القمر] فأخبر أن كل شىء خلقه إنما هو بحسب ما قدَّره قبل أن يخلقه، فَوُجِدَ المخلوق على ما قَدَّرَ الله عزّ وجلّ وشاء وعلم، فمن أطاع الله تعالى فبمشيئة الله وعلمه وتقديره وخلقه وتوفيقه ومن عصاه سبحانه فبمشيئة الله وعلمه وتقديره وتخليقه وخِذلانه، فأهل الجنة ميسَّرون لعمل أهل الجنة وأهل النار ميسَّرون لعمل أهل النار كما قال ربنا تبارك وتعالى: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8)} [سورة الشمس] فمن فجَر فإنما يَفْجُر بمشيئة الله ومن اتقى فإنما يتقي أيضًا بمشيئة الله وإنما الفرق أن الطاعة تحصل برضا الله وأمره والمعصية ليست برضا الله ولا بأمره ولا بمحبته وإن كان كلٌّ منهما بقضائه وقدره وعلمه ومشيئته كما ثبت في حديث مسلم عن عمران بن الحصين أن رجلين من مزينة أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالا: يا رسول الله أرأيت ما يعمل الناس اليوم ويكدحون فيه أشىء قُضيَ عليهم ومضى فيهم من قدر قد سبق أو فيما يستقبلون به مما أتاهم به نبيهم وثبتت الحجة عليهم؟ فقال: "لا، بل شىء قُضي عليهم ومضى فيهم"، قال: ففيم العمل إذن؟، قال: "من كان الله خلقه لإحدى المنزلتين فييسره لها وتصديقُ ذلك في كتاب الله عزّ وجلّ: { وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8)} [سورة الشمس] اهـ. والآيات التي تدل على أن ما يحصل من العباد خيرًا كان أو شرًّا إنما هو بمشيئة الله وخلقه كثيرة، فقد قال ربنا عزّ وجلّ: { وَلَكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (7) فَضْلاً مِّنَ اللهِ وَنِعْمَةً (8)} [سورة الحجرات] فلولا أن الله حبّب الإيمان إلى المؤمنين ما ءامنوا، ولولا أنه خلقه فيهم ما اطمأنت به قلوبهم فهو الذي يهدي من يشاء بفضله ويضل من يشاء بعدله، وهو معنى كلمة أجمع المسلمون على قولها "لا حول ولا قوة إلا بالله" أي لا حول عن معصية الله إلا بعصمة الله ولا قوة على طاعة الله إلا بعون الله كما روى أبو يعلى تفسير هذه الكلمة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسناد قويّ ولذلك قال ربنا تبارك وتعالى: {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ} [سورة المائدة/41] وقال عزَّ وجلَّ: {وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء} [سورة الأنعام/125] وقال تعالى: {ذَلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاء} [سورة الأنعام/88] {وَمَن يُضْلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (33)} [سورة الرعد] فأخبر ربنا تبارك وتعالى أن الاهتداء بخلقه وأن الإضلال بخلقه وأن من شاء الله له الإيمان ءامن ومن شاء له الغَواية غوى كما قال عزَّ وجلَّ: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَن يَشَاء} [سورة القصص/56]. وقد حَرَّفَ قوم معنى هذه الآية فجعلوا الضمير في قوله تعالى: {مَن يَشَاء} عائدًا على العبد فقالوا إن معنى الآية أن من شاء لنفسه الهداية يهديه الله عزَّ وجلَّ، ومرادهم بهذا أن ينفوا أن الله شاء حصول الضلال من قسم من العباد. قلنا: ما ذكروه تأباه فصاحة القرءان ويأباه أدنى من له ذوق بلغة العرب ويرده ويكذبه ما ذكرناه من الآي وقول الله تبارك وتعالى إخبارًا عن موسى عليه السلام أنه قال: {إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَاء وَتَهْدِي مَن تَشَاء} [سورة الأعراف/155] ففي هذه الآية بيان واضح أن الله تعالى هو أضل بتلك الفتنة وهي عبادة بني إسرائيل العجل في غَيبة موسى إلى الطور، والآية صريحة في أن الله من أراد أن يهديه هداه، وأن من أراد الله أن يضله يجعل صدرَه ضيقًا وهؤلاء عكسوا المعنى فالضمير في قوله {ومن يردْ أن يضله} [سورة الأنعام/125] أي الضمير المستتر الذي هو فاعلُ "يُضِلُّ" المقدّر هو عائِد إلى الله ليس إلى العبد كما تزعم هذه الفرقة أي أن الله تعالى من أراد هو أي الله أن يهديه يشرح صدره أي صدر العبد للإسلام ومن يرد أي من يرد الله أن يضله أي الله يجعل صدره ضيقًا حرجًا. فإن موهوا في هذه الآية وأمثالها تحريفهم على الناس فماذا يفعلون في قوله تعالى: {تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَاء وَتَهْدِي مَن تَشَاء} [سورة الأعراف/155] فإن {تضلّ} خطاب لله تعالى. ثم ماذا يفعلون بقوله تعالى: {وَمَن يُضْلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (33)} [سورة غافر] فإنه صريح في أن الله يضل من يشاء أي من يشاء الله أن يضله. موسى عليه السلام نسب إلى الله أنه شاء أن يضلهم بعبادة العجل وهؤلاء يردّون ذلك برأيهم. وقد وافق هؤلاء رجلان في عصر محمد أمين شيخو أحدهما محمد علي الزعبيّ والآخر رجل يقال له محي الدين الخطيب سوريّ عمل تفسيرًا قال فيه كما تقول هذه الفرقة إن الضمير في قوله: "يهدي من يشاء ويضل من يشاء" راجع إلى العبد ليس إلى الله، فعند هؤلاء الضمير في من يشاء في الموضعين عائد على العبد، فمعنى الآية عندهم يهدي الله العبد الذي يشاء الهداية ويضل العبدَ الذي يشاء الضلالة، وهذا خلاف ما عليه أهل السنة وأهل الطرق الصوفية بما فيها النقشبندية فإن اعتقادهم أن الله هو يهدي من شاء له الهدى ويضل هو من شاء له الضلال لا يوجد بين النقشبندية الحقيقيين من قال خلاف ذلك، وهذه الفرقة تدعي أنهم نقشبندية فهم في الحقيقة أعداء النقشبندية وأعداء كل طرق أهل الله ومع هذا الكذب والافتراء يقولون إن العلم يأتي من قلوب ساداتنا النقشبندية من قلب إلى قلب ليس بالدراسة، أما علوم الدنيا فهم يدرسونها من أساتذتها كغيرهم فهؤلاء جعلوا علم الدين لا يحتاج إلى دراسة بل عندهم يُنال بمجرد أخذ الطريقة النقشبندية، فجعلوا الاشتغال بطلب العلم الديني بالدراسة على المشايخ بطالة وما دَرَوا أن السلف والخلف علماء الإسلام الصوفية وغيرهم كانوا يقضون سنين في تعلم علم الدين على المشايخ الذين تعلموا ممن قبلهم إلى أن ينتهي التسلسل إلى الصحابة. هذا الإمام البخاري تلقى علم الحديث من ألف شيخ وقضى في طلبه سنين حتى حَصَّل فصار يُقْصَدُ ليُتَعَلَّم منه، وهذا الحافظ أبو القاسم ابن عساكر الدمشقي أخذ علم الحديث من ألف شيخ وثلاثمائة شيخة من المحدثات وقال بعضٌ: من ألف وثلاثمائة شيخ وبضعة وثمانين شيخة، وهذا الشيخ خالد النقشبنديّ قضى سنين في طلب علم الدين وقراءته على الشيوخ حتى صار محصلاً ثم سلك طريق التصوف على مشرب النقشبندية، والإمام الجنيد شيخ الصوفية تلقى علم الدين من عدة محدثين، ومثله أبو عبد الله بن خفيف وهو من أقران الجنيد صوفي مشهور اشتغل في البداية بتلقي العلوم وتحصيلها بالكتابة بخطه وكان يصلي بين صلاة الصبح والعصر ألف ركعة. فما أشد غباوة هذه الفرقة حيث ظنت أنها بمجرد تلقي الطريقة من شيخ نقشبندي يستغنون عن طلب علم الدين!! أين هم مما فعل الصحابي الجليل جابر بن عبد الله الأنصاريّ فإنه رحل من المدينة إلى مصر ليسمع حديثًا نبويًّا بلغه أنَّ صحابيًّا يقال له عبد الله ابن أُنيس رواه عن رسول الله ليتأكد أن الرسول قاله بسماعه من لفظ عبد الله بن أنيس رضي الله عنهما. علمُ الدين الذي كان يرحل له علماء السلف والخلف لتحصيله رحلات عديدة إلى نواح شتى جعله هؤلاء لا يحتاج إلى سعيٍ وكفاهم هذا خزيًا وجهلاً.فما أبعدهم عن هدي الرسول صلى الله عليه وسلم القائل: "يا أيها الناس تعلموا العلم فإنما العلم بالتعلم"، وهو الذي قال عليه السلام: "طلب العلم فريضة على كل مسلم"، وكلا الحديثين صحيح ثابت عند علماء الحديث يردُّ ما قالوه، روى الحديث الأول الطبرانيّ والثاني البيهقيّ. وقال الله تبارك وتعالى: {مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ إِلاَّ أَن يَشَاء اللهُ} [سورة الأنعام/111] وقال: {وَلَوْ شَاء اللهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى} [سورة الأنعام/35] وقال: {مَن يَشَإِ اللهُ يُضْلِلْهُ وَمَن يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (39)} [سورة الأنعام] فبيّن الله عزَّ وجلَّ أن مشيئة العباد هي تحت مشيئة الله، لا أن مشيئة العباد حاكمة على مشيئة الله تبارك وتعالى كما يقول محمد أمين شيخو وعبد الهادي الباني وأتباعهما. وهذا الذي يحكم به العقل قطعًا لأنه لو كان يحصل في ملك الله شىء غصبًا عن مشيئة الله لكان الله تبارك وتعالى مقهورًا عاجزًا وتعالى الله عن ذلك، فعلى قول هؤلاء الضالين المحرّفين إن الله تبارك وتعالى خلق العباد فأعطاهم القدرة والمشيئة فغلبوه في ملكه وأجروا فيه عكس ما شاء وأراد وقدّر، فجعلوا الله تعالى كما قيل في المثل أدخلته داري فأخرجني منها فعلى قولهم الفاسد إن الله تعالى عاجز عن إنفاذ مشيئته في ملكه، فأقبح برأيٍ غايته نسبة الجهل والعجز إلى الله تعالى. وقد بيّن لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم نصًّا وتصريحًا أن كل ما يوجد من خير وشر إنما هو بمشيئة الله عزّ وجلّ فقال فيما رواه أبو داود والبيهقي بإسناد صحيح: "ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن"، وهي كلمة أطبق عليها المسلمون كبيرهم وصغيرهم وشاعت وانتشرت بين العالِم منهم والجاهل وبين الشبّان والعجائز، ولذلك نصّ الطحاويّ على أن هذا القول إجماع بين المسلمين فقال في عقيدته المشتهرة في الشرق والغرب: "يهدي مَن يشاء ويعصم ويعافي فضلاً ويضل من يشاء ويَخذل ويبتلي عدلاً وكلهم يتقلبون في مشيئته بين فضله وعدله" اهـ. وقد قال ربنا تبارك وتعالى: {وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ} [سورة الأنفال/24] وقال تعالى: {أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا (83)} [سورة مريم] وقال سبحانه: {خَتَمَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} [سورة البقرة/7] وقال تعالى: {وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ} [سورة الأنعام/25] وقال سبحانه: {نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمًا} [سورة ءال عمران/178] وقال: {سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ (44)} [سورة القلم] وقال أيضًا: {كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ} [سورة الأنعام/108] ومعلوم من هذه الآيات وما في معناها أن الله لم يفعل ما أخبر عنه من الحول بين الكافر والإيمان ومن إرسال الشياطين والختم والطبع والغشاوة والأكنة والإملاء والاستدراج والتزيين إرادة للخير بهم في دينهم ولا ليزيدهم قربة إليه وإنما فعل ما فعل من ذلك إرادة الشر بهم وليزيدهم بُعدًا منه وفي هذا أبين دليل على أن الشر كما الخير يحصلان بمشيئة اللهِ تعالى وخلقه. فالعبد لا يخلق شيئًا من أعماله وإنما الذي يخلقها أي يبرزها من العدم إلى الوجود هو الله تعالى وحده، وليس للعبد إلا الكسب أي أن العبد يوجه إرادته ـ التي هي مخلوقة أيضًا ـ إلى الفعل فيخلقه اللهُ عند ذلك، فالكسب من العبد وليس الخلق إلا من الله تبارك وتعالى كما قال سبحانه: {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} [سورة يونس/22] وكما قال تعالى: {قَالُواْ رَبَّنَآ أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا} [سورة البقرة/250] وقوله جلّ وعزّ: {سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ} [سورة ءال عمران/151] وقوله: {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللهَ قَتَلَهُمْ} [سورة الأنفال/17] وقوله: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللهَ رَمَى} [سورة الأنفال/17] وقوله: {ءَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (64)} [سورة الواقعة] فسلب عن العبيد فعل القتل والرمي والزرع مع مباشرتهم إياه وأثبته لنفسه سبحانه ليدل بذلك على أن خروج القتل والرمي والزرع من العدم إلى الوجود هو بإيجاده سبحانه واختراعه وخلقه وتقديره وإنما وُجِدَ من عباده مباشرة تلك الأفعال بقدرة حادثة أحدثها الخالقُ على ما أراد، فهذه الأمور كَسْبٌ من العباد لكنها ليست خلقًا إلا من الله تعالى كما قال ربنا عزَّ وجلَّ: {واللهُ خلقَكُم وما تعملون} [سورة الصافات/96] وبيان ذلك أيضًا في حديث ابن حبان وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله خالق كل صانع وصنعته" قال البيهقي في كتاب القدر: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو بكر محمد بن الهيثم المطوّعي ببخارى، حدثنا محمد بن يوسف الفرَبري قال: سمعت أبا عبد الله محمد بن إسماعيل (أي الإمام البخاري) يقول: أفعال العباد مخلوقة، حدثنا عليّ بن عبد الله قال: حدثنا مروان بن معاوية قال: حدثنا أبو مالك، عن ربعيّ بن حراش، عن حذيفة قال: قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: "إن الله يصنع كل صانع وصنعته"، وهذا (أي إثبات الخلق لله والكسب للعبد) هو ما يدل عليه أيضًا حديث الصحيحين عن سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر: "لأعطِينّ هذه الراية رجلاً يفتح الله على يديه" ثم أعطاها عليّ بن أبي طالب وقال له "على رِسلك انفذ حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلى الإسلام فأخبرهم بما يجب عليهم 15 16 17 18
__________________
|
#6
|
||||
|
||||
![]() فيه من الحق فوالله لأن يهدي الله بك الرجل الواحد خير لك من حمر النَّعَم"، فأثبت النبيّ صلى الله عليه وسلم أن الفتح من الله تعالى على يدي من باشره حيث قال: "يفتح الله على يديه" وقال: "يهدي الله بك"، فأثبت الخلق والكسب جميعًا أي الخلق للهِ والكسب للعبد. فعقيدة المسلمين قاطبة أن ما علم الله بعلمه الأزليّ وجوده شاء وجوده بمشيئته الأزلية وخلقه أي أبرزه من العدم إلى الوجود بقدرته الأزلية فأوجده في الوقت الذي شاء وجوده فيه من غَير أن يتأخر وجوده عن ذلك الوقت ولا يتقدم، ومن خالف في ذلك كجماعة محمد أمين شيخو وعبد الهادي الباني فإنه يكفر إذ يكون من جملة طائفة القدرية الذين جاء فيهم حديث الطبريّ والبيهقي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "صنفان من أمتي ليس لهما في الإسلام نصيب المرجئة والقدرية"، وفي حديث أبي داود وغيره عن ابن الدَّيلميّ أن أبيًّا وحذيفة وعبد الله بن مسعود كلاًّ منهم قال له: "إن الله عزَّ وجلَّ لو عذب أهل سمواته وأهل أرضه لعذبهم وهو غير ظالم ولو رحمهم كانت رحمته خيرًا لهم من أعمالهم ولو أنفقت مثل أحد ذهبًا في سبيل الله ما قبله الله منك حتى تؤمن بالقدر وتعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك وأن ما أصابك لم يكن ليخطئك ولو مت على غير ذلك دخلت النار". قال ابن الديلميّ: فأتيت زيد بن ثابت فحدثني عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل هذا. اهـ. فهذا نصٌّ على كفرهم من النبي والصحابة إذ بيّن حكمَهُمْ رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ظهورهم ثم لما ابتدأ ظهور القول بالقدر أي القول بأن المعاصي تحصل من العباد بغير مشيئة الله تعالى في ءاخر أيام الصحابة كفّرهم الصحابة تصريحًا، فقد روى مسلم أن عبد الله ابن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما سئل عن من يقول ذلك فقال للسائل: "إذا لقيت هؤلاء فأخبرهم أني بريء منهم وأنهم مني برءاء والذي يحلف به عبد الله بن عمر لو أن لأحدهم مثل أحد ذهبًا فأنفقه ما قبله الله منه حتى يؤمن بالقدر"، ثم ذكر حديث جبريل المعروف وفيه: "الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره" اهـ فهذا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما تبرأ من هؤلاء الذين يقولون الأمر أُنُف أي أن الله لا يعلم الشىء قبل أن يخلقه، تبرأ منهم واعتبرهم كفارًا وأنتم تقولون الله يعلم بما في قلب الإنسان لما يصير الشىءُ في قلوبهم وتدّعون أن هذا معنى الآية: {وهو عليم بذات الصدور} [سورة الحديد/6]، جعلتم علم الله حادثًا ومن جعل علم الله أو صفة من صفاته حادثًا فقد جعل الذات المقدّس حادثًا ومن نسب الحدوث إلى الله فهو جاهل بالله كافرٌ به. وقبل عبد الله بن عمر كفّر والدُهُ من أنكر القدر فقد خطب عمرُ رضي الله عنه الناس في الشام فكان من جملة ما قال: "من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليًّا مرشدًا" وكان بين الحاضرين رجل كافر من أهل تلك البلاد فلما قال عمر ذلك نفض هذا الرجل ثوبه وتكلم بشىء بلغته فقال عمر للترجمان "ماذا يقول هذا" فقال: إنه يقول: إن الله لا يُضِلُّ أحدًا فقال له عمر: كذبتَ يا عدو الله، هو الذي أضلك وهو يدخلك النار إن شاء" ـ أي إن متّ على الكفر ـ "ولولا أنك من أهل الذمة لضربت الذي فيه عيناك" اهـ رواه البيهقي في كتاب القدر. وروى البيهقيّ في كتاب القدر أيضًا عن محمد بن عليّ الباقر عن أبيه قال: "قال أبي الحسين بن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنهم: والله ما قالت القدرية بقول الله ولا بقول الملائكة ولا بقول النبيين ولا بقول أهل الجنة ولا بقول أهل النار ولا بقول صاحبهم إبليس" فقالوا له: تفسره لنا يا ابن رسول الله، فقال: "قال الله عزَّ وجلَّ: {وَاللهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاء} [سورة يونس/25] الآية، وقالت الملائكة: {قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَآ إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا} [سورة البقرة/32] وقال نوح عليه السلام: {وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ اللهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ} [سورة هود/34] الآية، وأما موسى عليه السلام فقال: {إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَاء} [سورة الأعراف/155] الآية، وأما أهل الجنة فإنهم قالوا: {الْحَمْدُ للهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا} [سورة الأعراف/43] الآية، وأما أهل النار فإنهم قالوا: {لَوْ هَدَانَا اللهُ لَهَدَيْنَاكُمْ} [سورة إبراهيم/21] الآية، وأما أخوهم إبليس قال: {قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16)} [سورة الأعراف]الآية، فزعمت القدرية بأن الله لا يُغْوِي" اهـ. وكما كفّر الصحابةُ من أنكر أن يكون الله قد شاء حصول المعاصي من العباد كفّره التابعون كذلك، فقد روى عليّ بن المديني عن عبد الرزاق عن مَعمر عن الحسن البصريّ: "من كذّب بالقدر كذّب بالقرءان" اهـ. وسبق ذكر الرواية عن سعيد بن المسيب في ذلك. وروى البيهقي عن عكرمة بن عمار قال: سمعت القاسم وسالمًا يلعنان القدرية، قالوا لعكرمة: من القدرية؟ قال: "الذين يزعمون أن المعاصي ليست بقدر" اهـ. وروى أبو عبد الرحمن السُّلمي عن حارث بن شريح البزار قال: قلت لمحمد ابن عليّ: يا أبا جعفر إن لنا إمامًا يقول في هذا القدر فقال: يا ابن الفارسيّ انظر كلَّ صلاة صلّيتها خلفه فأعدها إخوان اليهود والنصارى قاتلهم الله أنّى يؤفكون. اهـ. وروى سعيد بن منصور عن عمر بن عبد العزيز أنه قال: "لو أراد الله أن لا يُعصى ما خلق إبليس" اهـ. وروى مالك عن عمه أبي سهيل قال: كنت أمشي مع عمر بن عبد العزيز فاستشارني في القدرية فقلت: أرى أن تستتيبهم فإن تابوا وإلا عرضتهم على السيف فقال عمر بن عبد العزيز: وذلك رأيي، قال مالك وذلك رأيي. اهـ. وكما كفّرهم التابعون كفّرهم أتباع التابعين فقد روى البيهقيّ في كتاب القدر عن سفيان بن عيينة ما يشبه روايته الآنفة عن الحسين بن عليّ رضي الله عنهما. اهـ. ورَوَى أن رجلاً قال لسفيان الثوري: إن لنا إمامًا قدريًّا، قال: لا تُقدّموه، قال: ليس لنا إمام غيره، قال: لا تقدموه. اهـ. وعند ابن عساكر في تاريخه أن غيلان الدمشقيّ لما أظهر القول في القدر أي كذّب به وادعى أن حصول المعاصي ليس بمشيئة الله وذلك في خلافة عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه استدعاه عمر فسأله عن ذلك فقال: يُكْذَبُ عليّ يا أمير المؤمنين، فتفرس فيه عمر الكذب وقال له: إن كنت كاذبًا أذاقك الله حَرَّ السيف، فلما مات عمر أظهر مقالته الفاسدة فاستدعاه هشام بن عبد الملك في خلافته وسأله عن ذلك فقال له: ائتِ يا أمير المؤمنين بمن يناظرني، فاستدعى الخليفة الإمامَ الأوزاعيّ فناظره فكسره الأوزاعيُّ بالحجة وقال لهشام: "كافر وربّ الكعبة يا أمير المؤمنين"، فأمر به فقطع يديه ورجليه ثم علقه بباب دمشق، وقال غيلان عندما قُدّم للقتل: أدركتني دعوة العبد الصالح عمر بن عبد العزيز. اهـ. وممن كفرهم من أتباع التابعين أيضًا الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه فقد قال: "الكلام بيننا وبين القدرية في حرفين نقول لهم هل علِم الله ما يحصل من العباد قبل أن يفعلوا فإن قالوا لا كفروا لأنهم جهّلوا ربهم، وإن قالوا نعم نقول لهم هل شاء الله غير ما علم فإن قالوا نعم كفروا لأنهم قالوا شاء أن يكون جاهلاً وإن قالوا لا رجعوا إلى قولنا". اهـ. وأما تكفير الإمام أحمد لهم فمشهور معلوم رواه ابن الجوزي في مناقب أحمد وغيره. وكذلك كفرهم الإمام الشافعيّ رضي الله عنه، فقد روى البيهقي أن الإمام الشافعي ناظر حفصًا الفرد المعتزليّ فقطعه أي أسكته بالحجة وقال له: لقد كفرتَ بالله العظيم اهـ. وتقدم قول مالك رضي الله عنه في تكفيرهم ونقل ذلك عنه أيضًا ابن العربيّ وغيره من المالكية. وعلى هذا جرى من جاء بعد أتباع التابعين من أعيان علماء الأمة فنقل الأستاذ أبو منصور عبد القاهر بن طاهر التميمي البغدادي إجماع الأشاعرة على تكفير من يقول بأن المعاصي ومنها الكفر تحصل بغير مشيئة الله، كما نقل الحافظ محمد مرتضى الزبيدي إجماع علماء ما وراء النهر من الماتريدية على تكفيرهم اهـ. فعلم مما تقدم أن محمد أمين شيخو وخليفته عبد الهادي الباني ومن سلك مسلكهما كفار بإجماع قرون الأمة الثلاثة الأولى ومحقّقي من جاء بعدهم فليَعْلَمْ ذلك من اتبعهم وليتب إلى الله قبل أن يفوت وقت التوبة. فمحمد أمين شيخو في الحقيقة خارج عن كل المسلمين بمن فيهم الفقهاء والعامة والصوفية حتى الذين يدّعي الانتساب إليهم زورًا وبهتانًا أي النقشبندية فهو مخالف لعقيدة وسيرة مولانا خالد النقشبندي ومن قبله ومن بعده من النقشبندية، فما انتسابك يا محمد أمين شيخو للنقشبندية وأنت مخالف لسيرتهم كلهم الأولين منهم والآخرين؟! 21 22 20
__________________
|
#7
|
||||
|
||||
![]() (انظر تراجمهم في إرغام المريد وما ذكره الفاروقي السرهندي في مكتوباته وما ذكره مولانا خالد في مكتوباته وغير ذلك) يكفيك ضلالاً أنك جعلت مشيئة الله تابعة لمشيئة العباد والله شاء وعلم قبل وجود الخلق كل ما سيحدث في الدنيا وفي الآخرة التي لا نهاية لها، فأنت شاذ عن النقشبندية شاذ عن الصوفية شاذ عن علماء المسلمين وعامتهم فإلى أين تذهب بعد هذا الشذوذ وما تسمي دينك هذا؟ بل ما انتسابك إلى الإسلام إلا كانتساب اليهود إلى موسى بعدما كفروا به وبعيسى وبمحمد. أنت تقول مشيئة الله تابعة لمشيئة العبد والمسلمون قاطبة يقولون لا مشيئة للعباد إلا ما شاء الله لهم كما بيّن ذلك الطحاويّ في عقيدته المشهورة شرقًا وغربًا بل قولك هذا ضد قول الله تعالى: {فعالٌ لما يريد} [سورة هود/107] فأنت جعلته فعال لما يريد العباد، أنت تقول الله يفعل ما يشاء العبادُ والقرءان يقول: {ويفعلُ اللهُ ما يشاء} [سورة إبراهيم/27]، والله تعالى يقول: {وما تشاءونَ إلا أن يشاء اللهُ} [سورة الإنسان/30] وأنت عكست الآية فقلت: وما يشاء الله إلا ما تشاءون. تتمة في أقوال أئمة الصوفية ومشاهيرهم في مسئلة القدر: ولزيادة الفائدة نورد بعض أقوال الصوفية المعروفين عند العامة والخاصة في هذه المسئلة ليزداد شذوذ محمد أمين شيخو وجماعته بيانًا ووضوحًا. قلت: انظر رحمك الله إلى نقْل الكلاباذيّ لإجماع مشايخ الصوفية في هذا الأمر وانظر رعاك الله لمخالفة محمد أمين شيخو في ذلك واحكم عليه بما يستحق. قلت: فيثبت الإمام الرفاعي أن ضلال العبد أو اهتداءه تابع لمشيئة الله تعالى وينكر محمد أمين شيخو ذلك فما انتسابه للصوفية بعد هذا؟ وقد تقدم قبلُ ذِكْرُ عبارة ابن عطاء الله السكندري وهو شافعيّ من أشهر الشاذلية. وقال مولانا خالد البغداديّ النقشبنديّ في ءاخر الرقعة الأولى من مكتوباته صحيفة 68: لا يقع شىء من غير إرادته ولا يكون في ملكه إلا ما يشاء من خير وشر، والكفر والمعصية بإرادته دون أمره ورضاه ومحبته اهـ. فهذه عبارات أكابر الصوفية من نقشبندية وغيرهم بما فيهم الفاروقيّ السرهنديّ ومولانا خالد النقشبنديّ الذين يدّعِي محمد أمين شيخو الانتساب إليهم والانتظام في سلكهم وهي تشهد على أنه في الحقيقة شاذٌّ عنهم مكذبٌ لهم مسفهٌ لكلامهم لا يسلك مسلكهم ولا ينتهج نهجهم. بل لو كان في زمانهم لذموه أشد الذم وجرحوه أشد الجرح وحذّروا منه كما نحن نفعل وكما فعل السيد الرفاعيّ في تحذيره من الحلاج وأمثاله، فإن نهج صوفية الصدق إنما هو اتباع شرع رسول الله صلى الله عليه وسلم من اتبعه رفعوه ومن كذّبه نبذوه وحاربوه، وعسى أن يقتدي بهم علماء سوريا فيشمروا عن ساعد الجد للتحذير من محمد أمين شيخو وعبد الهادي الباني وأمثالهما. توضيح: مما يشكل على بعض الناس أنهم يقولون كيف شاء الله للكفار أن يكفروا ثم يعاقبهم بعد ذلك على كفرهم. والجواب عن هذا أن مشيئة الله في الأزل لهم أن يكفروا باختيارهم لا تَنْفِي أنهم كفروا بإرادتهم لا مجبرين فاستحقوا العقوبة لذلك. بل لو شاء الله أن يعاقب الطائعين وينعّم الكفار في الآخرة لم يكن ذلك ظلمًا منه سبحانه لكنه لا يفعل ذلك لأنه وعد أن يثيب المؤمنين الطائعين كما أخبر بأن جزاء الكافرين هو النار، وخبره حقٌّ وصدقٌ لا يتخلف. ثم إن الظلم هو وضع الشىء في غير محله والله حكيم لا يفعل ذلك. وقد عُرّفَ الظلم بأنه مخالفة أمر ونَهْي مَن له الأمر والنهي والله تبارك وتعالى ليس له ءامرٌ ولا ناهٍ كما قال سبحانه وتعالى: {لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون} [سورة الأنبياء/23] فبيّن بذلك أنه لا يجري عليه حكم غيره ويجري حكمه على غيره، فغيره من المكلفين تحت حده فمن جاوز حَدَّهُ كان ظالمًا وليس هو تحت حدّ غيره حتى يكون بمجاوزته ظالمًا، ويدل على ذلك حديث القنوت الذي رواه الحسن بن عليّ بن أبي طالب عن رسول الله وفيه "فإنك تقضي ولا يُقْضَى عليك". خاتمة: اعلم أن ما ذكرناه إن هو إلا غيض من فيض من كفريات محمد أمين شيخو وتابعه عبد الهادي الباني ومن أخذ بكلامهما وتمسك بمقالتهما وإلا فإن لمحمد أمين شيخو كلمات أخرى شنيعة كثيرة يستبشعها أدنى من له مسكة من عقل أو طرف من عِلم فعلى زعمه كل المسلمين الذين في الدنيا الآن كفار إلا من تبعه وسار على منهاجه فعلى زعمه إن لم تفكر وتعقل هذا هو الكفر (التفسير ج1/ص52) وإن لم تبلغ درجة الولاية لن تدخل الجنة (التفسير ج2/ص130) فحكم بذلك على عامة المسلمين من البشر والجن بالكفر ومعلوم أن الأولياء قلة قليلة فيما بينهم، كما يفهم ذلك من النصوص الشرعية كقوله تعالى: {وقليلٌ من عباديَ الشَّكُور} [سورة سبإ/13] والتفكير والعقل وبلوغ درجة الولاية إنما هو على حسب ما يدعو إليه محمد أمين شيخو ويفصله لا على حسب ما عرفه المسلمون (كتابه المسمى درر الأحكام ص 22/23/39/40 إلخ)، فلذلك هو لا يتورع عن تكفير عامة المسلمين وسلب الإيمان عنهم وادعاء أن مصيرهم النار (التفسير ج2 ص 130) بل هو لا يتورع عن تكفير الأنبياء والزعم بأنهم قبل سلوكهم الطريق التي اشترطها كانوا ضلالاً غير مهديين (التفسير ج1 ص وهذا تكذيب لقول الله: {ولقد ءاتينا إبراهيمَ رشدَه من قبل} [سورة الأنبياء/51] ولقوله تعالى بعد ذِكْر عدد من الأنبياء: {وكُلاًّ فضلنا على العالمين} [سورة الأنعام/86] وهل فُضّل الأنبياء على غيرهم إلا بالإيمان وعلُوّ الشأن؟! وهو يحط من مرتبة النبوة ويجعلها مستحَقّةً عن طريق المجاهدة لا أنها بمجرد فضل الله وكرمه (كتابه المسمى عصمى الأنبياء ص 31) فخرق بذلك إجماع الأمّة ... ولعله فعل ذلك لأنه كان يطمع في ادعائها ولعله لأجل ذلك ادعى أن السنة النبوية ليست موحاة للنبي صلى الله عليه 1 ـ قال أبو بكر محمد الكلاباذي في كتابه المشهور المعتمد عند الصوفية "التعرف لمذهب أهل التصوف" صحيفة 60: أجمعوا أن الله تعالى خالق لأفعال العباد كلها كما أنه خالق لأعيانهم وأن كل ما يفعلونه من خير وشر فبقضاء الله وقدره وإرادته ومشيئته، ولولا ذلك لم يكونوا عبيدًا ولا مربوبين ولا مخلوقين وقال جلَّ وعزَّ: {قل الله خالق كل شىء وهو الواحد} [سورة الرعد/16] وقال: {وكل شىء فعلوهُ في الزبر} [سورة القمر/52] اهـ. 2 ـ قال إمام القوم أفضل أولياء الله بإجماعهم في زمانه أبو العلمين سيدنا أحمد الرفاعي رضي الله عنه: "الطاعات والمعاصي بقضاء الله تعالى وقدره وعبادتُهُ بإرادته ومشيئته فإنّ الطاعة مقدرة من الله تعالى بقضائه وقدره وكذا المعصية. والمعاصي مُكَوَّنةٌ مقدرةٌ بقضاء الله تعالى وقدره ومشيئته لكنها ليست برضائه ومحبته ولا بأمره، وما أراد الله أن يكون كان بلا محالة طاعة أو معصية وهذا معنى قولنا ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن... فمن هداه الله تعالى خلق الله فيه فعل الاهتداء ومن لم يهده لم يهتدِ وكل ذلك بمشيئة الله كما قال: {يضلّ من يشاء ويهدي من يشاء} [سورة النحل/93]" اهـ ذكره في المجالس الرفاعية صحيفة 54. 23 3ـ قال القطب الغوث والباز الأشهب سيدنا عبد القادر الجيلانيّ رضي الله عنه في عقيدته ـ وهي مطبوعة بهامش قلائد الجواهر للتادفي ـ "لا يتحرك متحرك في خير أو شر في سر أو جهر في بر أو بحر إلا بإرادته ردًا على القدرية" اهـ. 4 ـ وقد ناظر الشيخ أبو الحسن الشاذليّ رضي الله عنه الذين نفوا مشيئة الله للمعاصي وزعموا أن الله أراد الهداية للكل واحتج عليهم بقول الله تعالى: {فتوكل على الله إنك على الحق المبين * إنّك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصمَّ الدعاءَ إذا ولَّوا مدبرين} [سورة النمل/80،79] إلى قوله تعالى: {ووقع القول عليهم بما ظلموا فهم لا ينطقون} [سورة النمل/85]، رواه في المفاخر العلية صحيفة 40. قلت وهو حجة على محمد أمين شيخو ومن تبعه. 5 ـ وقال أحمد الفاروقيّ السرهنديّ النقشبنديّ المشهور بالإمام الربانيّ المجدد للقرن الثاني عشر في المنتخبات من مكتوباته صحيفة215 : إن أفعال العباد شرًّا كانت أو خيرًا كلها بتقدير الله تعالى ولكنه راضٍ عن الخير غير راضٍ عن الشر وإن كان كلاهما بإرادته ومشيئته تعالى. اهـ. 24 25
__________________
|
#8
|
||||
|
||||
![]() وسلم بل إن النبي استنبطها كلها من القرءان إذ في القرءان تفصيل كل شىء (كتابه المسمى عصمة الأنبياء ص 56) فكذّب بذلك حديث رسول الله الذي فيه: "كان جبريل ينزل عليّ بالسّنة كما ينزل عليّ بالقرءان". ونحن نقول له: ألا تعلم أيها الجاهل أن الحديث فيه شرح للقرءان. ثم قل لنا من أين عرف المسلمون عدد ركعات الصلوات وأوقاتها؟ ثم ادعى أنه استنبط مقدار الزكاة في الأموال من القرءان (كتابه المسمى درر الأحكام/مبحث الزكاة) وهو بذلك يَدَّعي أنه قادر على مساواة النبيّ صلى الله عليه وسلم ومؤهل لذلك. ومحمد أمين شيخو يشبّهُ الله بمخلوقاته ويصفه بصفاتهم (التفسير ج 2 ص 26 وص 139) ويجيز على البشر أن يتصفوا بصفات الخالق ويدعي ذلك لنفسه (التفسير ج 2 ص 150 والكتاب المسمى درر الأحكام في مقدمته والمبحث الأول) فكذَّب قول الله تعالى: {ليس كمثله شىء} [سورة الشورى/11] وقوله: {قل هو اللهُ أحد} [سورة الإخلاص/1] وقوله: {فلا تضربوا لله الأمثال} [سورة النحل/74] أي لا تشبّهوه بخلقه. وكذَّب قول رسول الله صلى الله عليه وسلم :"لا فكرة في الرب" رواه أبو القاسم الأنصاري أي أن الله لا تدركه تصورات العباد لأنه ليس جسمًا، أما لو كان جسمًا لأمكن تصوره ولو من بعض الوجوه. فتبًّا لمن يشبّه الله بخلقه ثم تبًّا. وينكر رفع عيسى إلى السماء (الكتاب المسمى عصمة الأنبياء ص 279) فكذّب بذلك قوله عليه الصلاة والسلام: "رُفِع عيسى عليه السلام مِن رَوزنة في البيت". رواه النَّسائي وقوله عليه السلام: "إن عيسى ابن مريم نازلٌ فيكم فاعرفوه" رواه البيهقي وغيره. ويدعي أن الله جعله في حال النوم وأخفى جسده عن الأنظار (الكتاب المسمى عصمة الأنبياء ص 278) ويُسَمِي الله يدًا (الكتاب المسمى درر الأحكام ص 13 و 19) ويدعي أن الصلاة ليست لإظهار العبودية لله (الكتاب المسمى درر الأحكام ص 6) وينكر الشفاعة في الآخرة ويدعي أن معناها أن نفس المؤمن تشتبك بنفس رسول الله وتختلط بها فيصيران واحدًا (الكتاب المسمى درر الأحكام ص 46) وأن الكفار والمؤمنين إخوة في الله يحبهم جميعًا ويجب عليك أن تحبهم جميعًا (التفسير ج 2 ص 146 و 150 و 279 و 259)، هذا تكذيب لقول الله تعالى: {قل أطيعوا اللهَ والرسولَ فإن تولَّوا فإن الله لا يحب الكافرين} [سورة ءال عمران/32] وتكذيب لقول الله: {إنما المؤمنون إخوة} [سورة الحجرات/10] وهو يهين سيدنا ءادم بأنه لما كان في الجنة لم يكن له فكر (التفسير ج2 ص 191) ويمدح إبليس بأنه دواء وعلاج (التفسير ج2 ص 195) (إبليس نفسه لم يقل ذلك!) وهو أيضًا ينكر مشاهدة ليلة القدر (السيرة ص 63) ويفتري حديثًا أننا أمة لا تؤمن إلا بما نرى ونشهد (السيرة ص 70) فنحن نقول له هل تنكر وجود الأنبياء لأنك لم تشاهدهم وهل تنكر وجود الله عزّ وجلَّ لأنك لم تره؟ وهذا تكذيب منك لهذه الآية: {هدًى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاةَ} [سورة البقرة/3،2] كل ذلك لأنه سهر مرة في العشر الأخير من رمضان ولم ير تلك الليلة العظيمة! (السيرة ص 69) وهو يشبّه الله بالكنز (السيرة ص 12 والتفسير ج2 ص185) ويحتج بالحديث المكذوب بإجماع المحدثين كنت كنزًا مخفيًا فأحببت أن أعرف... إلخ فكفر بقوله هذا حيث إنه وصف الله بما يوصف به الخلق. (مع العلم بأن كلمة مخفيًا معناها أن غيره أخفاه!) ويحرّم الصيد (التفسير ج 2 ص 12 و 96 و 169) ويحرم كشف المرأة لوجهها (التفسير ج2 ص 24) وتكليمها للرجال إن كانت في العدة (التفسير ج1 ص 159) وهذا أيضًا من الأمور التي خرق بها الإجماع وضلّ عن سواء السبيل. ويقول في قوله تعالى: {فاليوم ننساهم} (المعنى الصحيح للآية أي نتركهم في النار) أي لا ننساهم!! (التفسير ج 2 ص 208) فانظروا كيف يعكس الآية صاحب القلب المعكوس. ويجيز التكبر على المتكبر بل يقول إنه حسنة (التفسير ج2 ص 242) وهل يقول عن التكبر الذي هو ردّ الحق واستحقار الناس إنّه حسنة إلا مجنون. وينفي أحاديث البخاري ومسلم وأصحاب السنن عن الدجال (التفسير ص 128) قلت: إنما يفعل ذلك لأنه يريد إحداث دين جديد لم يسبقه إليه أحد. ويحرّم إرسال الأولاد إلى بلاد الكفار للتعلم (التفسير ج 2 ص 168) وينكر شق صدر الرسول ونزع العلقة منه (التفسير ج2 ص 160) وهو ينكر الكرامات ككرامة سيدنا خالد بن الوليد المشهورة (لأنها لم تحصل له ولا لأتباعه) (السيرة ص 214) فكذب بذلك النصوص الدالة على وجود الكرامات كقوله تعالى: {كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقًا قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله} [سورة ءال عمران/37]. وقوله تعالى: {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (25)} [سورة مريم]. وقوله تعالى: {قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا ءاتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَءاهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي} [سورة النمل/40]. ويدّعي أن غير المؤمن هو الذي يخاف غير الله ولو كان مؤمنًا لما هاب أحدًا (التفسير ج2 ص 285) (ومن المعلوم أن سيدنا موسى خاف أن يقتله أقباط مصر وخاف من الحيّة الخوف الطبيعي كما هو منصوص في القرءان) ويدّعِي بأنه بعد الإيمان لا يحصل تراجع أبدًا ولا كفر (التفسير ج2 ص 357) وهذا تكذيب لقول الله تعالى: {قد كفرتم بعد إيمانكم} [سورة التوبة/66] وقوله: {من كفر بالله من بعد إيمانه} [سورة النحل/106]. وقوله: {ومن يرتدد منكم عن دينه فيمُت هو كافر} [سورة البقرة/217] الآية (وكأنه لم يسمع بحروب الرّدة قط) وكأنه لم يسمع بحديث المرأة التي ارتدت فقتلها زوجها فقال الرسول: "اشهدوا أن دمَها هدَر". وكأنه لم يسمع بحديث: "من بدّل دينه فاقتلوه" ومن أين لمثله أن يسمع وقد أقفل الله قلبه. ويفسر الملائكة بأنه جَمْعُ مَلَكٍ وهو المملوك لله! (التفسير ج2 ص 186) ويزعم بأن الله أعطى إبليس ما طلبه من الحياة إلى يوم القيامة حتى يخرج ما في نفسه من خبث! (التفسير ج2 ص 187) ويقول بأن زعماء بني إسرائيل فقط عبدوا العجل (التفسير ج2 ص 243) ويدّعي أن الربا هو أن يربح الشخص في البيع أكثر من الربح القانوني أو الربح العام (التفسير ج1 ص 186 و268) وتفسيره للربا بهذا التفسير باطل لم يقل به عالم إنما الذي شهر بين الناس هو ربا القرض الذي ورد فيه الحديث: "كل قرض جر منفعة فهو ربا" هذا شَرْعُ دين جديد لنفسه وهو كفر صريح فلم يزل البشر المسلمون منهم والكافرون يطلبون الربح برفع الثمن فوق العادة وهو جائز شرعًا. وقوله هذا تكذيب لقول الرسول: "إنما البيع عن تراضٍ". وأي تاجر لا يربح في بعض أوقاته أكثر مما قرره القانون؟! فكل التجار على دينه واقعون في الربا. ويقول بأن الله يعطي المؤمنين ريشًا يعلون به في الرتبة! (التفسير ج2 ص 192) ويزعم أن كل رسول لا بد أن يأكل من الشجرة كما أكل ءادم (التفسير ج2 ص 194) ونحن نقول له الله تعالى يقول: {قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين} [سورة البقرة/111] ولا شك أن أمثال هذا الرجل لا برهان له ولا نور. ويَدّعِي أن قول الله تعالى خطابًا لآدم {أنبئهم بأسمائهم} [سورة البقرة/33] معناه أسماء الله الحسنى وينكر أن الله علم ءادم أسماء كل شىء (التفسير ج2 ص 50 و51) فيخالف حديث رسول الله المتفق على صحته الذي فيه أن الناس يقولون لآدم يوم القيامة "علّمك أسماء كلّ شىء" وهل يليق أن يقال في الملائكة أنهم لا يعلمون أسماء الله الحسنى؟! من أين عرف البشر المؤمنون أسماء الله الحسنى إلا بالوحي الذي هو بواسطة الملائكة؟! ومَن مُعلم الرسول؟! أليس جبريل؟! ثم بعد تعليمه الرسول بطريق الوحي علَّم الرسول المؤمنين أسماء الله الحسنى. فما أشبه هذا الرجل في إفساده في تفسير ءايات القرءان بخنزير البر إذا دخل في الزرع فأفسده. خنزير البر إذا دخل الزرع يحطم الزرع تحطيمًا. وهو يُخَطّئ كلَّ أهل السِّيَر في عدد المشركين في معركة بدر (مقدمة الجزء الثاني من التفسير ص8) وما ذكروه في كيفية فتح مكة (مقدمة الجزء الثاني من التفسير ص 7) ويزعم أن المدينة المنورة ليست فقط الموجودة في الحجاز بل إنها أصبحت أيضًا في الشام (أي حيث هو كان) (السيرة ص 364) قلت: وهذا يكذبه الحديث والتاريخ الرسول قال: "إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم" لو كانت المدينة من الشام ما قال هذا، وهذا حديث صحيح رواه ابن حبان وصححه. المدينة من الحجاز هذا الذي عرفه التاريخ ما لها دخل بالشام، فجهل محمد أمين شيخو ليس مقصورًا في ناحية واحدة بل جاهل بعلم الدين والتاريخ واللغة والنحو وغير ذلك. ثم يزعم محمد أمين شيخو أن الأنبياء لم يُقْتَلْ منهم أحد وإنما الذي قتل دعوتهم فيقول إنه لا يمكن أن يُقتل النبيّ أو أن يصاب أو يهان. بل قال إن كل من تمسك بالدين على التمام والكمال لا يصاب ولا يهان بل لا يسلط حاكم غاشم إلا على امرئ مسيء ظالم ولا يُعان الجاني المجرم إلا على معتد ءاثم ولا يُقتل إلا قاتل اهـ (التفسير ج2 ص 54 وج1 ص 28 ومواضع أخرى) قلنا هذا تكذيب صريح لما جاء في القرءان الكريم من أن قسمًا من الأنبياء قُتِلوا فقد قال الله عزَّ وجلَّ في سورة ءال عمران في حق اليهود {وقتلهمُ الأنبياءَ بغير حقٍّ} [سورة ءال عمران/181] وقال أيضًا في سورة البقرة {ففريقًا كذبتُم وفريقًأ تقتلون (87)} وقال أيضًا في سورة البقرة {فلم تقتلون أنبياء 26 27 الله من قبل إن كنتم مؤمنين (91)} وقال سبحانه في سورة ءال عمران {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّنَ بِغَيْرِ حَقٍّ} الآية إلى غير ذلك من ءايات تنص بلا لبس على أن اليهود قد قتلوا بعض أنبياء الله عز وجل. وتأويل جماعة محمد أمين شيخو وعبد الهادي الباني للقتل المذكور في القرءان بقتل دعوتهم باطل لأنه غير معروف في لغة العرب وكل تفسير للقرءان لا يوافق لغة العرب فهو مردود لأن الله عز وجل قال {إنَّا أنزلناه قرءانًا عربيًّا} [سورة يوسف/2] ثم إن المسلمين وغير المسلمين اتفقوا على أن يحيى بن زكريا قتل قتلاً فقطع رأسه وكذلك زكريا أبوه عليه السلام أيضًا. وقد ثبت في كتب الحديث المتداولة بين المسلمين منذ أكثر من ألف سنة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كسرت رباعيته وشجّ وجهه بل إنه وضع له السمّ عليه الصلاة والسلام فمات من أثره شهيدًا لكن لم يمت فورًا بعد تناوله مع أنه كان سمًّا يقتل في ساعته بل تأخر الموت بتأثير السم ثلاث سنوات وذلك معجزة له عليه الصلاة والسلام. وقد سُمَّ بعده أبو بكر رضي الله عنه وقتل عمر بيد كافر طعنًا بالخنجر وقُتل عثمان وهو يقرأ القرءان وقتل عليّ وهو خارج إلى الصلاة وقتل الحسين بن عليّ رضي الله عنه وقطع رأسه وحمل إلى دمشق ثم إلى القاهرة على قول بل ونصَّ القرءان والحديث على أن ابن ءادم قابيل قتل أخاه التقيّ الوليّ هابيل (ولم يكن قبل ذلك قتل قط في البشر) إلى غير ذلك من ءايات وأحاديث وأخبار ثابتة تظهر أن هذه الطائفة محمد أمين شيخو وعبد الهادي الباني وأتباعهما دجالون كذابون يحرفون كتاب الله ويكذّبون التاريخ الإسلامي بل وتاريخ اليهود والنصارى أيضًا فما أقل حياءهم، ألا يستحون من الناس إن لم يستحوا من الله عز وجل؟! لكن بما أنه طال سكوت علماء دمشق عن التحذير منهم أظهروا الآن ما كانوا يُسِرُّونه من مقالاتهم فصاروا يدرّسون علانية وينشرون كتبهم علانية. ولو قام علماء دمشق بما أوجب الله عليهم من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لما تجرأ أمثال هؤلاء على الجهر بسخافاتهم وكفرياتهم. ويا ليتهم اقتدوا بالشيخ أبي اليسر عابدين مفتي سوريا السابق رحمه الله لمَّا بلغه ما يقول محمد أمين شيخو في البخاريّ ومسلم رحمهما الله وذلك أن عبد الهادي الباني وأتباعه لا يتفقون مع أيّ من علماء الأمة سلفهم وخلفهم في مقالاتهم، فعلماء الأمة يرفعون شأن علم الدين ويثبتون القدر ويعتقدون أنه لا خالق لشىء من الأشياء مبرز له من العدم إلى الوجود إلا الله، ويثبتون الأحاديث التي تناقض تمامًا أكاذيب هؤلاء الضالين فلا يُستغرب أن تقوم هذه الجماعة المنحرفة بالطعن فيهم بل هم قد وصلوا إلى الطعن في البخاريّ ومسلم وهما من هما قدرًا وعلمًا بإجماع الأمة، فقد ذهب شابان مرة إلى مجلس محمد أمين شيخو فسمعاه يقول إن البخاريّ ومسلمًا يهوديان فشهدا عليه عند المفتي وكان المفتي في ذلك الوقت هو الشيخ أبو اليسر عابدين صاحب الغيرة الدينية رحمه الله تعالى فلما ثبت عنده هذا الكلام عن محمد أمين شيخو استدعاه فحبسه. فيا لله ويا للمسلمين إن كان البخاري ومسلم اللذان أجمعت الأمة على علو شأنهما يهوديين في نظر جماعة محمد أمين شيخو وعبد الهادي الباني فأين العلماء الربانيون في هذه الأمة إذن؟ وإذا كان الحبس والأذى والإهانة لا تصيب إلا المنحرف فبماذا يحكم أتباع محمد أمين شيخو على قدوتهم وزعيمهم على مقتضى هذه الحادثة؟ وعلى كلٍّ من لم يستحِ قال ما شاء. وبعد كل ما تقدم لا يُستغرب أن لا تَجِدَ عالمًا واحدًا من علماء الإسلام قد مدح محمد أمين شيخو أو زكاه بل لا يجد أتباعه بعد طول البحث والتنقيب إلا رجلاً إنكليزيًا مزعومًا قالوا اسمه السير بينت وزعموا أنه كان دبلوماسيًّا ذا شهرة عالية في ذلك السلك وكان فلكيًّا ذا مؤهلات عالمية تدرس نظرياته في معظم جامعات الأرض (هل سمع أحد منكم بهذا الاسم يومًا؟!) ولم يذكروا عنه لا تاريخ مولد ولا وفاة ولا أي مستند يدعم كلامهم (الكتاب المسمى مصادر مياه الينابيع ص 14) إلا الادعاء أن محمد أمين شيخو أجابه على الأسئلة التي حيرت ألباب وعقول المفكرين والفلاسفة على مر الأجيال والقرون وأتى بما لم يستطع أن يأتي به أحد قبله (الكتاب المسمى مصادر مياه الينابيع ص 14) ومن ادعى مثل هذه الدعوى بل وادعى أن ما يأتي به هو وحيٌ منزل (كما في مقدمة الجزء الأول من التفسير) وهذا تكذيب لما ثبت عن عمر رضي الله عنه: أن أناسًا كانوا يؤخذون بالوحي في عهد رسول الله وإن الوحي قد انقطع فكيف يمدحه عالم وكيف يشهد له بالفضل مسلم أو مطلق عاقل. بل إن تفسيرات هذا الرجل ما هي إلا كتفسيرات الباطنية الذين أدى بهم الأمر إلى استحلال فروج المحارم الأمهات والبنات لأنهم ما توصلوا إلى ذلك إلا بتحريف الآيات والأحاديث عما عرفه علماء المسلمين إلى ما هو بعيد من ذلك. وتفسير هذا الرجل للقرءان وتفسير أولئك منبعهما واحد. ولست أدري علامَ سكوت مشايخ عصرنا بعد أن أسفر هؤلاء الضالون عن حقائق عقائدهم بما لا يترك مجالاً لضعيف فهم ليؤول كلامهم ويحمله على غير ما قصدوه وصرحوا به؟ وماذا ينتظر مشايخها أكثر من ذلك ليقوموا بالتحذير من محمد أمين شيخو وعبد الهادي الباني وأمثالهما؟ فإن فعلوا فنِعْمَ الأمر وهو المأمول منهم وإن لم يفعلوا فإن يوم القيامة قريبٌ، وليس غيرُهُمْ من أهل العلم وأصحاب الفضل بمتماوتين بل همهم بذل الجهد والوقت بل وبذل المال والمهج في سبيل حماية دين الإسلام والذب عن حرمة رسول الله عليه الصلاة والسلام رضي من رضي وسخط من سخط، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تزال طائفة من أمتي قائمين على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى تقوم الساعة"، رواه مسلم. ربّ اجعلنا منهم وأحسن لنا الختام ءامين. خاتمة الخاتمة: قال الفقهاء منهم القاضي عياض المالكيّ والشيخ محيى الدين النووي والإمام أبو القاسم الرافعيّ وابن حجر الهيتمي وغيرهم ممن ألف في بيان الكفريات من الحنفية كملا علي القاري: يُقْطَعُ بكفر من قال قولاً يؤدّي إلى تضليل الأمة. اهـ. وهذه الفرقة قالت قولاً يؤدي إلى تضليل المسلمين لأنهم بقولهم وصف الله بالعقاب ليس معناه التعذيب إنما معناه التعقب وبنفيهم عن الله صفة التعذيب للكفار وبعض العصاة المسلمين نسبوا الضلال لكل علماء الإسلام سلفهم وخلفهم فيكونون ضللوهم بذلك فينطبق هذا الحكم على هذه الفرقة، فيجب تحذيرُ المسلمين منهم وعدمُ تزويجهم بنات المسلمين وتركُ أكل ذبائحهم وتطبيقُ أحكام الردة عليهم. ولا يجوز أن يقال إنهم متأولون فيعذرون من التكفير لأن التأويل البعيد لا عبرة به كما قال العلماء من المالكية والشافعية وغيرهم لأنه لو كان يُقْبَلُ كل تأويل لأدى ذلك إلى تعطيل أحكام الردة التي وضع لها الفقهاء بابًا خاصًّا في المذاهب الأربعة. قال الفقيه المشهور عند المالكية حبيب بن الربيع: ادعاء التأويل في لفظ صراح لا يقبل. اهـ. قال الأردبيلي في كتابه أنوار أعمال الأبرار في الصحيفة السابعة والثمانين بعد الأربعمائة من الجزء الثاني ما نصه: ولو قال لم يكن أبو بكر رضي الله تعالى عنه من الصحابة كفر اهـ ثم قال أيضًا في الصحيفة الثامنة والثمانين بعد الأربعمائة ويقطع بتكفير كل قائل قولا يُتَوَصَّل به إلى تضليل الأمة أو تكفير الصحابة اهـ قال المحشّي في تعليل قول من قال لم يكن أبو بكر من الصحابة كفر لأن الله تعالى نص على صحابيته في قوله: {إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا} اهـ فإذا كان هذا الذي نفى صحابية أبي بكر كافرًا مرتدًا لأنه خالف إجماع المسلمين في تفسيرهم الآية {إذ يقول لصاحبه} [سورة التوبة/40] فكيف الذي ينكر قتل الكفار الأنبياء؟! مع أن صحابية أبي بكر ذُكِرَت في ءاية واحدة وقتلَ الكفار لبعض الأنبياء ورد في عدة ءايات فمنكر قتل الأنبياء أولى بالتكفير. فهذه الفرقة ينطبق عليها ما ذكره الفقهاء. ومن العجب العجاب زعم هؤلاء أنهم صوفية نقشبندية ولا يدرون أن الصوفية النقشبندية وغيرهم على أن تعلم علم الدين القدرِ الضروريّ منه فرض على كل مسلم وأن من لم يتعلمه فهو فاسق. وأعجب من ذلك زعمهم أنهم مستغنون عن تعلمه وأنه يكفيهم انتسابهم إلى شيخهم (الذي ترقى على ما زَعَموا بركوب الكلاب في الصغر وبالتدرج إلى الولاية بالزعامة على المجرمين بعد ذلك وبالتمشيخ بوظيفة الجندرمة (الدرك) في الكبر) فاعجب لسخافة عقولهم ثم اعجب. 29 30 31
__________________
|
#9
|
||||
|
||||
![]() ألا يعرفون أن الصوفية المتقدمين المعتبرين سلفهم وخلفهم كانوا يتعلمون علم الدين من أهل المعرفة فهذا الشيخ عبد القادر الجيلاني كان درس العلم على أهل العلم ثم تجرد فساح سياحة واسعة على قدم التجريد ثم عاد إلى بغداد فدرس العلم مرة ثانية. وأين هم من قول سيد الطائفة الصوفية الجنيد بن محمد البغدادي رضي الله عنه: "طريقنا هذا مقيّد بالكتاب والسنة" اهـ وقوله رضي الله عنه: "ربما تخطر لي النكتة من نكت القوم فلا أقبلها إلا بشاهدي عدل من الكتاب والسنة" اهـ. ولو كان الأمر كما يقول محمد أمين شيخو فلم قال الله تعالى {فاسألوا أهلَ الذّكرِ إن كنتم لا تعلمون} [سورة النحل/43]؟ وأهل الذكر هم أهل العلم. ولمَ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو داود وغيره: "العلماء ورثة الأنبياء"؟ ولمَ درَّس الصحابة التابعين ثم هم درّسوا أتباع التابعين وهلم جرًا إلى أيامنا فكان الناس يأتون ويستفتون هذا أو يستفتون ذاك من غير أن يسألوا هل أنت نقشبنديّ أم لا؟ بل لم تظهر الطريقة النقشبندية إلا في عصور متأخرة ولم يرشد مشايخها الصادقون أتباعهم إلا إلى طلب العلم من أهله والعمل به ولم يدّعوا قط أن العلم يؤخذ بالإلهام من قلب شيخ نقشبندي إلى شيخ نقشبندي كما زعم هذا الزاعم. ومن أشهر مشايخ النقشبندية المتأخرين في سوريا الشيخ عز الدين الخزنويّ رحمه الله تعالى وكان له من المريدين أكثر من مليون وقد كان هو نفسه فقيهًا شافعيًّا درس الفقه في الكتب على العلماء ودرسها وكان رحل إلى "رضا" في شرق تركيا في طلب العلم ومكث هناك نحو عشر سنوات وأبوه هو شيخ النقشبندية في عصره، بل إنه قال كما نقل عنه عدة من الثقات إنّ الطريقة ليست فرضًا أصلاً إنما هي سنة حسنة اهـ وما قاله رحمه الله هو الحق الذي لا مرية فيه وهو المنسجم مع أحكام الدين وطريق الصوفية الصادقين فإذا كان الجنيد البغدادي رئيس الصوفية قال إنه ليرد عليّ الوارد فلا أقبله إلا بشاهدي عدل كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم اهـ رواه الخطيب في تاريخه، وإذا كان الوليّ المتفق على ولايته أعلى المشايخ قدرًا في زمانه بإجماع القوم سيدنا أحمد الرفاعي قال: "لا تقولوا قال فلان قال فلان ـ أي من مشايخ التصوف ـ ولكن قولوا قال الشافعي وقال مالك فإنه أقرب الطرق وأسد المسالك" اهـ قاله في البرهان، وإذا كان الوليّ القطب الكامل الشيخ عبد القادر الجيلاني قال: "إذا رأيت من الشيخ خطأ فنبهه فإن رجع فذاك الأمر وإلا فاتركه واتبع الشرع" اهـ ذكره في أدب المريد، أقول إذا كانت هذه أقوال أعلام الصوفية فماذا يكون قول محمد أمين شيخو أو عبد الهادي الباني بجانب أقوالهم؟! وإنما قال محمد أمين وعبد الهادي ما قالا ليسهل عليهما الانحلال من ربقة الشريعة فيحللان ما يشاءان ويحرمان ما يشاءان من غير أن يصدر من أتباعهما عليهما اعتراض ما داما قررا في قلوبهم أن ما قالاه فهو الشريعة وإن خالف القرءان والسنة ما دام يسهل عليهما أن يبررا كل ما يفعلان بالقول أنهما تلقياه إلهامًا من مشايخ الطريقة النقشبندية. والله حسيبهما وإليه المرجع والمئاب. وهذه سيرة مشايخ السلسلة النقشبندية شيخًا عن شيخ تشهد على بطلان دعوى محمد أمين شيخو وفساد كلامه فها هو إمام الطريقة وقطبها محمد بهاء الدين شاه نقشبند درس على مولانا عارف وسافر في الطلب إلى الحجاز مرتين وكان تلميذه يعقوب الجرخي من كبار العلماء رحل لتحصيل علوم الشريعة إلى هرات ثم إلى مصر وتلقى العلوم الشرعية والعقلية عن علمائها ثم خلفه الشيخ عبيد الله أحرار وهو قد رحل إلى سمرقند في طلب العلوم الشرعية وتعلمها ثم خلفه مولانا محمد زاهد البدخشيّ الوخشوراي وكان من أكابر علماء الظاهر كما هو من أعاظم مشايخ السلسلة ثم جاء بعده مؤيد الدين محمد النقشبنديّ وكان عالمًا مشهورًا درس في سمرقند العلوم الظاهرة على علمائها وأخذ الطريقة من الأمكنكي خليفة الوخشوراي ثم خلفه أحمد الفاروقيّ السرهنديّ الملقب بمجدد القرن الثاني عشر وكتاباته تشهد على طلبه لعلوم الشريعة الظاهرة وحثه على تلقيها ودراستها (تمامًا على خلاف كلام محمد أمين شيخو وأمثاله من الكسالى العاطلين عن الجد) وقد درس على والده العلوم المعروفة من معقول ومنقول وتلقى الحديث على يعقوب الكشميري ثم خلفه ابنه محمد معصوم وهو تلقى العلوم الظاهرة من والده وغيره وكان يدرّسها جامعًا بين الاشتغال بالعلم وبالعمل وأوراد الطريقة حتى بلغ خلفاؤه فيما يقال تسعمائة ألف خليفة ثم خلفه ابنه سيف الدين وكان على قدر عظيم من المعرفة بعلوم الشريعة وتلاه سيد نور محمد البدواني وكان صاحب يد طولى في العلوم العربية والفنون الأدبية سوى ما حازه من العلوم الشرعية ثم جُذِبَ واستغرق خمس عشرة سنة قبل أن يفيق من جديد ثم جاء بعده الشيخ عبد الله الدهلوي المعروف بشاه غلام عليّ الدهلوي حفظ القرءان في شهر واحد وأكب على تحصيل العلوم معقولها ومنقولها حتى أصبح عالم عصره وهو أخذ الطريقة عن ميرزاجانان عن البدواني. ومن الشيخ عبد الله الدهلوي أخذ مولانا ضياء الدين محمد خالد النقشبنديّ الشهرزوريّ الشافعيّ وقد تقدم بيان حاله وما حَصَّل من علوم ثم خلفه العالم المشهور أحمد بن سليمان الطرابلسيّ الأرواديّ الحسيني درس في بلده أرواد ثم ارتحل إلى مصر وحضر على مشاهير علمائها كالشيخ محمد الفضالي ومفتي الديار المصرية السيد أحمد التميمي الخليلي وإبراهيم الباجوري والأشموني والشيخ مصطفى المبلط وحضر في الشام على محدثها عبد الرحمن الكزبريّ وفقيهها ابن عابدين وغيرهم حتى فاق كثيرًا من شيوخه وأجيز بطرق عديدة غير النقشبندية كالرفاعية والبدوية والخلوتية والدسوقية ثم خلفه المحدث الفقيه الحنفي أحمد ضياء الدين الكموشخانويّ شرع في طلب العلم وهو في الخامسة عشرة من عمره وسافر إلى اسطنبول لذلك ودرس في مدرسة السلطان بايزيدخان حتى أصبح فيما بعد رئيس علماء الديار التركية ثم سافر إلى مصر ولقي علماءها كالشيخ مصطفى المبلط وتصدر للتدريس وإقراء كتب العلم حتى صار مقصد الطلبة وله مؤلفات في الفقه والحديث وغير ذلك ثم خلفه حسن حلمي القسطموني وقد رحل إلى اسطنبول في طلب العلم وتلقى العلوم العقلية والنقلية من شيخه وغيره ومنه تلقى الطريقة الشيخ محمد زاهد الكوثريّ ءاخر وكيل مشيخة في اسطنبول زمن الخلافة العثمانية وكان عالمًا متوسعًا درس العقيدة والفقه الحنفيّ والحديث واللغة والقراءات والتفسير وتوفي منذ أقل من خمسين سنة في مصر وكتبه تشهد على شدة طلبه للعلوم العقلية والنقلية وتوسعه فيها. ليس هذا فقط بل إن مدار فخر محمد أمين شيخو على أخذه للطريقة النقشبندية من الشيخ أمين كفتارو الذي تلقى الطريقة من الشيخ عيسى الكردي الذي تتصل سلسلته بالشيخ خالد النقشبندي رضي الله عنه فدونك أيها القارئ الكتاب الذي عمله محمد الحبش في حياة ومناقب الشيخ أمين كفتارو ـ ومحمد الحبش زوج حفيدته ـ ودونك كتاب الشيخ مطيع الحافظ في علماء دمشق في القرن الرابع عشر تجد فيهما التصريح بأن الشيخ أمين كفتارو طلب العلم من المشايخ الأكراد وقرأ عليهم في الكتب المعروفة (كتاب الشيخ أمين كفتارو دار المعرفة دمشق ص 23) بل وكان يدرّس كتب العلم بعد ذلك في المسجد على ما جرت به عادة المشايخ قبله ومما كان يقرؤه كتاب "بداية المجتهد" لابن رشد المالكيّ وهو في أصول الفقه وكتاب "كشف الغمة" لعبد الوهاب الشعراني في الأحاديث التي يستدل بها أهل المذاهب الأربعة جاريًا على سَنن من قبله مستندًا إلى أقوالهم وتحقيقاتهم يعتمد على ما صححه الحفاظ منهم من الأحاديث من غير أن يدّعي أنه لا حاجة إلى ذلك كله للتعلم بل يكفي التلقي من قلب الشيخ إلى قلب المريد من النقشبندية كما زعم ذلك الشاذ محمد أمين شيخو فيما بعد. وأما الشيخ عيسى الكردي وهو شيخ الشيخ أمين كفتارو في الطريقة فقد رحل في طلب العلم إلى الحجاز ثم مصر ثم رجع إلى بلاده في الجزيرة في شمال سوريا حيث تلقى العلم والطريقة من الشيخ قاسم الهادي وهو من علماء الأكراد البارزين الذي أجازه في اثني عشر علمًا!! (كتاب الشيخ أمين كفتارو دار المعرفة دمشق ص 77). فنحن نقول لأتباعه الذين خلفوه استحوا من الله أن تعدوا محمد أمين شيخو شيخ النقشبندية وليس له سابقية إلا الجندرمة والبوليسية، فمشايخ النقشبندية لهم مفاخر وءاثار طيبة وأنتم من شدة ضيق عقولكم وغباوتكم تفضلون هذا الجاهل عليهم. مشايخ النقشبندية كلٌّ منهم تعلموا علم الدين ثم اشتغلوا بالطريقة. أولئك وصلوا إلى ما وصلوا بالعلم والعمل. وأما العلم فبطريقة التلقي لا بمجرد الدعوى. ولم يقل أحد منهم إنَّ علم الدين يُتلقى من قلوب مشايخنا بالتسلسل. فماذا بقي لشيخكم إلا خدمته في الدرك؟ وهل خَرَّجته البوليسية شيخًا صوفيًّا نقشبنديًّا؟ فإن لم يستحِ هو من حاله ألا تستحون أنتم من ذلك؟ لو أريد بكم خير لعملتم بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "طلب العلم فريضة على كل مسلم"، رواه البيهقي، وبقوله عليه السلام: "يا أيها الناس تعلموا فإنما العلم بالتعلم والفقه بالتفقه"، رواه الطبرانيّ، فأنتم رددتم على الرسول وقلتم العلم يأتي من قبل قلوب مشايخنا ومع هذا تدعون أنكم من أتباع الرسول! وإن كنتم صادقين فأعطونا شيخًا من النقشبندية قال بمقالتكم هذه ولن تستطيعوا. والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل. 24 هذا وإننا نوجه 32 33 هذا وإننا نوجه إليكم يا أتباع محمد أمين شيخو في معتقداته الفاسدة نصيحة أن ترجعوا عن أفكاره هذه وتكذبوها وتتعلموا عقيدة التوحيد أن الله موجود ليس كشىء من الأشياء ثم تتشهدوا بنية الدخول في الإسلام وإلا فأنتم تحشرون مع بقية الكفار، انتبهوا قبل أن تموتوا. عبد الهادي الباني شذوذه وأخطاؤه: جامعيها. وبناء على ذلك أنكروا الأحاديث الصحيحة الواردة في موضوع القضاء والقدر والمعراج والرجم وشق الصدور... ولو أنهم اعتمدوا في فهمهم للقرءان على أسس لغوية سليمة ولو أنهم استعانوا بطرق استنباط الأحكام التي نص عليها العلماء لكان الخطب سهلاً ولاستطعنا أن نلزمهم بالسنة بأدلة من القرءان ولكن الأمر ليس كذلك فتفسيرهم مبني على الأهواء. ومن هذه التفسيرات الشاذة: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [سورة الأحزاب/36]. ـ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ} [سورة الحجرات/1]. ـ {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ ءامَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ} [سورة النور/62]. ـ {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63)} [سورة النور]. وسكنة وفي كل كلمة يقولها على حق وهو المهدي المنتظر الذي سينزل عقبه سيدنا عيسى وهو خليفة الله في الأرض وهو المقدس المنزه عن النقائص بزعمهم. فالصلاة عندهم: هي الصلة. والمروة: من المروءة. والصفا: من الصفاء. 37 يعتبرون الشيخ رأس الجماعة ولا يجوز أن يحضر عنده إلا من كان على استعداد. ويتم إعداد الطلاب عند مساعدي الشيخ أمثال بشير خولة وزهير تيناوي وأحمد كناكري وراتب نابلسي وغيرهم ووظيفة هؤلاء غسل دماغ المريد من كل فكرة سابقة وتهيئته لقبول كلام الشيخ واتباعه في كل ما ذكر وما لم يذكر من الشذوذ. فيا خسارة من تبعه، يتركُ قول الله ورسول الله وإجماع الصحابة واتفاق التابعين وكلّ مسلم موحد سلفًا وخلفًا ليتبع وساوس أمثال هؤلاء فإنا لله وإنا إليه راجعون، واللهَ نسأل أن يحمي أمة الإسلام من شرهم ويحفظ عقيدتها من دسّهم وشركهم. 1 ـ إنكاره علم الله الأزلي وإنكار القضاء والقدر. 2 ـ إنكاره مشروعية رجم الزاني المحصن. 3 ـ إنكاره المعراج بالجسد. 4 ـ إنكاره حادثة الفتنة وشجار الصحابة. 5 ـ إنكاره حادثة شق الصدر. 6 ـ إنكاره أنه عمل سحر للنبي صلى الله عليه وسلم. 7 ـ إنكارهم قتل الأنبياء، ويتأولون النصوص القرءانية الصريحة ويقولون: "قتلهم قتل شرائعهم" فبنو إسرائيل لم يقتلوا أنبياءهم. 8 ـ إنكاره حادثة تأبير النخل. 9 ـ إنكاره إشارة سلمان الفارسي على النبي صلى الله عليه وسلم في حفر الخندق. 10 ـ إنكارهم إشارة الحباب بن المنذر على النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة بدر بالنزول عند أدنى ماء. 11 ـ يقولون: "النبوة وهبية لأنها كسبية" وفي هذا الكلام من المغالطة ما هو واضح إذ مؤدى هذا الكلام أن النبوة كسبية وهذا هو الشذوذ بعينه ومن قال بهذا فقد سوغ لنفسه ولغيره ادعاء النبوة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم. 12 ـ يقولون: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ ويكتب ويتأولون النصوص القطعية". 13 ـ يقولون: بحرمة رؤية الأخت من الرضاع، وهذا تحريم لما أحل الله. 14 ـ سخريتهم من علم القراءات. 15 ـ ينهون عن الحج بشكل غير مباشر، بقولهم: يجب على الإنسان قبل أن يحج أن يبلغ مرتبة التقوى إذ هذه المرتبة شرط قبول الحج، وهذه التقوى ليس لها ضابط إلا شهادة الشيخ فهو يقرر أن فلانًا بلغ هذه الرتبة أو لم يبلغها، ولا ندري لماذا لم يصل أحد بعد إلى هذه المرتبة المزعومة. 16 ـ الاستهتار بالصحاح وبالأحاديث الصحيحة واتباع منهج التوسم "الحدس الشخصي" في تصحيح الأحاديث وجعلوا من هذا المعيار غير المنضبط مسوغًا لتصحيح الموضوعات وإبطال صحة الأحاديث الصحيحة حتى ولو كانت في الكتب الصحاح التي أجمعت الأمة الإسلامية على قبولها وتواترت من عهد 35 17 ـ القرءان هو المرجع الوحيد وهو يغني عن السنة. 1 ـ {مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ} [سورة القصص/68] يزعمون أنها استفهام استنكاري. 2 ـ {لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أُنذِرَ ءابَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ} [يس/6]. يزعمون أنها استفهام استنكاري. 3 ـ {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاء اللاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ} [سورة النور/60] يزعمون أنها استفهام استنكاري. 4 ـ {لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلا عَلَى أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُوا مِن بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ ءابَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُم مَّفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا} [النور/16]. يزعمون أنها استفهام استنكاري. 5 ـ {وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى (49)} [سورة النجم] يزعمون أن الشعرى هي الشعور. 6 ـ {أَذَلِكَ خَيْرٌ نُّزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ (62)} [سورة الصافات]. يزعمون أن شجرة الزقوم هي الدنيا. 7 ـ {وَعَلَّمَ ءَادَمَ الأَسْمَآءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ} [سورة البقرة/31] يزعمون أن الأسماء هي أسماء الله الحسنى حصرًا. 8 ـ {وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ} [سورة الأعراف/46]. يزعمون أن رجال الأعراف هم رجال أصحاب معرفة بالله وهم من أولياء الله. 9 ـ {وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} [سورة الأعراف/40] يزعمون أن الجمل هو النفس المتكبرة. 10 ـ {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1)} [سورة النجم] يزعمون أن النجم هو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. 11 ـ يستشهد الشيخ لنفسه بآيات نزلت في رسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة مثل قوله تعالى: 36 18ـ قال عبد الهادي الباني بالعامية في شريط مسجل بصوته: "القدوس معناه المنزه عن النقائص والعيوب، ويخلق ناس بيزنوا وناس يلوطوا وكذابين ولصوص ايه شو هالقدوس هاد، لو كنت أنت إله بتعمل هيك" ثم قال: "غسّلوا أيديكم من عقيدة القضاء والقدر، عقيدة اليهود والمجوس أحسن منها". 19- منهجهم: 1 ـ مدح أنفسهم: فكثيرًا ما يتحدث الشيخ خصائصه وميزاته. 2 ـ الطعن في المسلمين وعلمائهم: فيرصدون ويقتنصون هفوات غيرهم فيجعلونها مواضيع لدروسهم ويبنون مجدهم على أنقاض الآخرين. 3 ـ الطعن في التفاسير فهي في نظرهم كتبها يهود وفرس. 4 ـ الطعن في كتب الحديث. 5 ـ الطعن في كتب العقيدة فهي تحتوي بزعمهم على عقائد زائغة. 6 ـ إشعال الغرور في نفوس طلابهم فالجهال الماردون وشذاذ الآفاق إذا التزموا معهم صاروا على الحق المبين لماذا؟ لأن عقيدتهم هي الصحيحة لا عقيدة غيرهم بزعمهم. 7 ـ يزرعون في نفوس طلابهم أن الشيخ كامل مكمّل لا يخطئ ولا ينسى ولا يهفوا فهو في كل حركة 8 ـ يزعمون أن الشيخ هو مصدر السعادة للإنسان لأنه باب الله الوحيد فيجب على المريد أن يطيع الشيخ طاعة عمياء دون تردد أو تذمر ويرددون عبارات: (هلّي بيعترض بينطرد) أي من رحمة الله. 9 ـ يقولون باستشارة الشيخ في كل صغيرة وكبيرة والتسليم لأمر الشيخ فهو يعرف ما يناسبك وما لا يناسبك. 10 ـ دأبهم العيش على أكتاف المريدين فهذا يأتي بالخبز وءاخر بالحليب وثالث يدفع فواتير الكهرباء والفيجة والهاتف وذاك يذهب إلى المؤسسة ليأتي بالسكر والرز وهناك من يخلع له نعليه ويحمل له عكازه وإذا كنت في حال ضيق وفتور فقدم بين يدي نجواك هدية بزعمهم. 11 ـ الإتيان بمصطلحات جديدة خطرة تهدم أركان الإسلام: 12 ـ لا يفرقون بين مرتكب الصغيرة ومرتكب الكبيرة. 13 ـ يتزوجون من بعضهم ولا يزوجون أحدًا من خارج جماعتهم. 14 ـ يحاولون ربط طلابهم مع بعض بعلاقات مادية "شركة، عمل..." ونجد فيما تقدم كفيلاً يضمن لهم فصل طلابهم عن العلم والعلماء والمجتمع. 15 ـ أسلوبهم في اقتناص طلابهم:
__________________
|
#10
|
||||
|
||||
![]() بارك الله بكِ خالتو حبيبتي قمتِ بتوضيح فكر منحرف وبيان كذبه وتدليسه رفع الله قدرك وأعلى مكانتك واصلي وربي يكتب أجرك دمتِ محفوفة برعاية الرحمن
__________________
وانقضت الأيام
وصرت أُنَادى بأم البراء بين الأنام ربِّ احفظه لي وأقر عيني فيه حافظا لكتابك و إمام |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |