اعترافات .. كنت قبوريًا - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4954 - عددالزوار : 2057040 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4529 - عددالزوار : 1325090 )           »          الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 65 - عددالزوار : 52101 )           »          الحرص على الائتلاف والجماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 80 - عددالزوار : 45885 )           »          الدِّين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 196 - عددالزوار : 64241 )           »          فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 374 - عددالزوار : 155291 )           »          6 مميزات جديدة فى تطبيق الهاتف الخاص بنظام iOS 18 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »          إيه الفرق؟.. تعرف على أبرز الاختلافات بين هاتف iPhone 12 و Google Pixel 9 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          برنامج الدردشة Gemini متاح الآن على Gmail لمستخدمى أندرويد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصور والغرائب والقصص > ملتقى القصة والعبرة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى القصة والعبرة قصص واقعية هادفة ومؤثرة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 29-04-2009, 12:18 AM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متصل
مراقبة الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
مكان الإقامة: أبو ظبي
الجنس :
المشاركات: 13,883
الدولة : Egypt
73 73 اعترافات .. كنت قبوريًا

اعترافات ..
كنت قبوريًا
للأستاذ : عبد المنعم الجداوي


((الخرافة ))عجوز متصابية تتعلق بصاحبها ... !
((
التوحيد ))
يهدم أولاً .. ثم يبني من جديد..!
ليس سهلاً أن يتراجع (( القبوري)) ..!
(( التوحيد )) يحتاج إلى إرادة واعية ... !
تردّدت كثيراً في كتابة هذه الاعترافات لأكثر من سبب .. ثم أقدمت على كتابتها لأكثر من سبب ، وأسباب الإحجام والإقدام واحدة .. فقد خشيت أن يقرأ العنوان بعض القراء ثم يقولون : ما لنا ولتخريف أحد معظِّمي القبور .. ولكن قد يكون بعض القراء في المنطقة النفسية التي كنت أعيشهـا قبل تصحيـح عقيدتي .. فيقرأون اعترافاتي فيفهمون ، ويعبرون من ظلمة الخرافات إلى نور العقيدة - وفي ذلك وحده ما يقويني على الكشف عن ذاتي أمام الناس - ما دام ذلك سوف يكون سببـاً في هداية بعضهمإلى حقيـقة التوحيد.. ؟
ولقد كنت من كبار معظّمي القبور ، فلا أكاد أزور مدينة بها أي قبر أو ضريح لشيخ عظيم إلا وأهرع فوراً للطواف به ... سواء كنت أعرف كراماته أو لا أعرفها .. أحياناً أخترع لهم كرامات ... أو أتصورها .. أو أتخيلها.. فإذا نجح ابني هذا العام .. كان ذلك للمبلغ الكبير الذي دفعته في صندوق النذور ..وإذا شُفيت زوجتي ، كان ذلك للسمنة التي كان عليها الخروف الـذي ذبحته للشيخ العظيم فلان ولي الله !..
وحينما التقيت بالدكتور جميل غازي ، وكان اللقاء لعمل مجلة إسلامية تقوم بالإعلان والنشر عن جمعية العزيز بالله القاهرية ، والتي تضم مساجد أخرى ، ورسالتها الأولى ((التوحيد ))، وتصحيح العقيدة ، وبحكم اللقاءات المتكررة .. كان لابد من صـلاة الجمعة في مسجـد العزيز بالله .. وهاجم (( الدكتور جميل )) في بساطة ، وبعقلانية شديدة هذا المنحنى المخيف في العقيدة ، وسماه : شركاً بالله ؛ وذلك لأن العبد في غفلة من عقله يطلب المدد والعون من مخلوق ميت!!..
أفزعني الهجوم ، وأفزعتني الحقيقة .. وما أفزع الحقيقةللغافلين ... ولو أن (( الدكتـور جميل )) اكتفى بذلك لهان الأمر .. لكنه في كل مرةيخطب لا بدّ أن يمس الموضوع بإصرار .. فالضّريح لا يضم سوى عبد ميت فقط .. بل قد يكونأحياناً خالياً حتى من العظام التي لا تنفع ولا تضرّ ..!
* في أول الأمراهتززت .. فقدت توازني .. كنت أعود إلى بيتي بعد صلاة كل جمعة حزيناً .. شيء مايجثم فوق صدري .. يقيد أحاسيسي ومشاعري .. أحاول في مشقة أن أخرج عن هذا الخاطر ... هل كنت في ضلالة طوال هذه الأعوام ؟ ..أم أن صديقي (( الدكتور )) قد بالغ في الأمر .. فأنا أعتقد أن كل من نطق بالشهادة لا يمكنأن يكون كافراً لهفـوة من الهفوات أو زلةٍ من الزلات.. !
شيءآخر أشعل فيفؤادي لهباً يأكل طمأنينتي في بطء ... إن الدكتور يضعني في مواجهة صريحة ضـد أصحابالأضرحة الأولياء ، والخطباء على المنابر صباح مساء .. يعلنونها صريحة : إن الذييؤذي ولياً .. فهو في حرب مع الله سبحانه وتعالى ، وهناك حديث صحيح في هذا المعنى .. وأنا لا أريد أن أدخـل في حرب ضد أصحاب القبور والأضرحة ؛ لأنني أعوذ بالله من أنأدخل في حرب معه - جل جلاله- ...!
وقلت : إن أسلم وسيلة للدفاع هي الهجوم .. واستعدت قراءة بعض الصفحات من كتاب ((الغـزالي))(( إحياء علوم الدين )) ، وصفحات أخرى منكتاب (( لطائف المنن ))(لابن عطاء الاسكندري )،وحفظت عن ظهر قلب الكرامات ،وأسماء أصحابها ، ومناسبات وقوعها ، وذهبت الجمعة الثانية ، وكظمت غيطي وأنا أستمعإلى الدكتور ، فلما انتهى من الدرس وأصرَّ على أن يدعوني لتناول طعام الغداء، وبعدالغداء .. تسلمته هجوماً بلا هوادة ، معتمداً على عاملين:
الأول : هو أنني حفظتكمية لا بأس بها من الكرامات.
والثاني : أنني على ثقة من أنه لن يتهورفيداعبني بكفيه الغليظتين ؛ لأنني في بيته ! وتناولت طعامه فأمنت غضبه ، وقلت له : والآتي هو المعنى ، وليس نص الحوار : (( إن الأولياء لا يدرك درجاتهم إلا من كان علىدرجتهم من الصفاء ، والشفافية ، وأنهم رجال أخلصوا لله .. فجعل لهم دون الناس ماخصهم به من آيات وأن .... وأن ... وأن .. وانتظر الدكتور حتى انتهيت من هجومي .. وأحسست أنه لن يجد ما يقوله .. وإذا به يقول :
•هل تعتقد أن أي شيخ منهم كانأكرم على الله من رسوله ..؟ •قلت مذهولاً : لا ..
-إذاً كيف يمشي بعضهمعلى الماء ... أو يطير في الهواء .. أو يقطف ثمـار الجنـة وهو على الأرض .. ورسولالله لم يفعل ذلك .. ؟

كان يمكن أن يكون ذلك كافياً لإقناعي أو لتراجعي .. لكنهالتعصب - قاتله الله - !! كَبُرَ عليّ أن أسلّم بهذه البساطة ، كيف ألقي ثقافة إسلاميةعمرها في حياتي أكثر من ثلاثين عاماً .. قد تكون مغلوطة .. غير أني فهمتها على أنهاالحقيقة ، ولا حقيقة سواها!!
*وعدت أقرأ من جديد في الكتب التي تملأمكتبتي .. وأعود إلى (( الدكتور )) ، ويستمر الحوار بيننا إلى ساعة متأخرة من الليل - فقدكنتُ من كبـار عشاق الصوفية .. لمـاذا ؟ لأني أحب أشعارهم وأحبّ موسيقاهم ،وألحـانهم التي هي مزيج من التراث الشعبي ، وخليط من ألحان قديمـة متنوعة ... شرقية، وفارسية ، ومملوكية ، وطبلة إفريقية أحياناً تدقّ وحدها .. أو ناي مصري حزين ينفردبالأنين ، مع بعض أشعارهم التي تتحدث عن لقاء الحبيب بمحبوبه وقت السَّحر..!
لهذا وللأسباب الأخرى .. أحببت الصوفية .. وكنت أعشقها ، وأحفظ عن ظهر قلبالكثير من شعر أقطابها ..لاسيما (( ابن الفارض ))،وكل حجـتي التي أبسطها فيمعارضة (( الدكتور ))، أنه وأمثاله من الذين يدعون إلى (( التوحيد )) لا يريدون للدينروحاً ، وإنما يجردونه من الخيال ، وأنهم لا بد أن يصلوا إلى ما وصل إليه أصحابالكرامات ؛ لكي يدركوا ما هي الكرامات .. ! فلن يعرف الموج إلا من شاهد البحر ، ولايعرف العشق إلا من كابد الحب - وهذا أسلوب صوفي - أيضاً - في الاستـدلال ، ولهم بيتشهير في هذا المعنى!.

وحتى لا يضطرب وجداني ، وتتمزق مشاعري ... حاولت أن أنقطع عن لقاء (( الدكتور )) .. ولكنه لم يتركني .. فوجئت به يدق جرس الباب ، ولم أصدق عيني .. كان هو .. قـد جاء يسأل عني .. وتكلمنـا كالعادة كثيراً وطويلاً .. فلمـا سألني عن سبب عدم حضوري لصـلاة الجمعة معه ... قلت له بصراحة :
- لقد يئست منك !..



رد مع اقتباس
  #2  
قديم 29-04-2009, 12:20 AM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متصل
مراقبة الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
مكان الإقامة: أبو ظبي
الجنس :
المشاركات: 13,883
الدولة : Egypt
افتراضي رد: اعترافات .. كنت قبوريًا

قال :ولكني لم أيأس منك .. أنت فيك خير كثير للعقيدة .
قلتُ : إنهيستدرجني على طريقته ، ولمحت معه كتاباً من وضعه عن سيرة الإمام (( محمد بن عبدالوهاب))

فقلت له : أعطني هذه النسخة .. هل يمكن ذلك ... ؟
قال : هذهالنسخة بالذات ليست لك ، وسوف أعدك بواحدة .
وهذههي طريقته للإثارة دائماً .. لا يعطيني ما أطلب من أول مرة .. فخطفتُ النسخة ، ورفضت إعادتها له !..

* وبعدمنتصف الليل بدأت القراءة .. وشدني الكتاب موضوعاً وأسلوباً .. فلم أنم حتى الصباح !..
كان الكتاب - على حجمه المتواضع - كالإعصار ، كالزلزال .. أخذني من نفسيليضعني على حافة آفاق جديدة .. حكاية الشيخ (( محمد بن عبد الوهاب )) نفسه .. ثم قصةدعوته ، وما كابده من معاناة طويلة .. حينما كانت في صدره حنيناً ، وكلما

قرأت صفحةوجدت قلبي مع السطور . فإذا أغلقت الكتاب لأمر من الأمور يتطلب التفكير أو البحث فيكتب أخرى .. استشعـرت الذنب؛ لأنني تركـت الشيـخ في(( البصرة )) ولم أصبر حتى يعود.. أو تركته في بغداد يستعد للسفر إلى ( كردستان ) .. ولا بد أن أصـبر معه حتى يعودمن غربته إلى بلده!..
يقول الدكتور في كتابه (( مجدد القرن الثاني عشر الهجريشيخ الإسلام الإمام محمد بن عبدالوهاب )) .
وبعد هذا التطواف والتجوال هل وجدضالته المنشودة ..؟ لا ، فإن العـالم الإسلامي كله كان يعـاني نوبات قاسية من الجهلوالانحطاط والتأخر .. عاد الرجل إلى بلده يحمل بين جوانحه ألماً ممضّاً ، لما أصـابالمسلمين من انتكاس وتقهقر في كل مناحي حياتهم .

عاد إلى بلده وفي ذهنه فكرة تساورهبالليل والنهار.
لماذا لا يدعو الناس إلى الله ؟

لماذا لا يذكرهم بهدي رسولالله .. ؟
لماذا ... لماذا...
إذًا ، فهذه العقيدة التي يريدها (( الدكتور))لم تأت من فراغ ... فمنذ القرن الثاني عشر الهجري ... والإمام محمد بن عبد الوهاب ... يُفكّر ، ويقدّم ؛ لكي يهدم صروح الأضرحة ، ويحطّم شبح الخرافات ، ويُطارد المشعوذينالذين لطخوا وجه الشريعة السمحاء...بخزعبلاتهم التي اكتسبت مع الأيام قداسـة ، تخلعقلوب المؤمنين ... إذا فكروا في إزالتهاوفي ذلك يقول الكاتب : (( ماذا كان وقْعهذه الأعمـال على نفوس القوم ..)).
ويجيب المؤرخون على ما يرويه الأستاذ أحمدحسين في كتابه (( مشاهداتي في جـزيرة العرب )) (( إن القوم لم يقبلوا مشاركة الرجلفيما قام به من قطع الأشجار ، وهدم القباب ، بل تركوا له وحده أن يقوم بهذا العمل ،حتى إذا ما كان هناك شر أصابه وحده ..!)) .
هل يكون ما يزلـزل كياني الآن هوالخوف الذي ورثتـه .. ؟ وهو نفس الذي جعل الناس في بلدة ( العُيَيْنة ) : موطنالشيخ ، يتركونه يزيل الأشجار ، وقبة قـبر ( زيد بن الخطاب ) بنفسه .. خوفاً من أنتصيبهم اللعنات المختلفة من كرامات هذه الأماكن وأصحابها .
ومضيت أقرأ ومع كلصفحة أشعر أنني أخلع من جدار الوهم في أعمـاقي حجراً ضخماً .. وحينما بلغت منتصفالكتاب كانت فجوةً كبيرةً داخلي قد انفتحت ، وتسلل منها ومعها نور اليقين .. ولكنفي زحمة الظلمة التي كانت تعشعش في داخلي .. كان الشعاع يُومض لحظة ويختفي لحظات ..!
* لقد استطاع (( الدكتور )) أن ينتصر ... تركني أحارب نفسي بنفسي ، بل جعلـنيأتابع مسـيرة التوحيد مع شيخها محمد بن عبد الوهاب ، وأشفق عليه من المؤامرات التيتحاك ضده ، وحوله، وكيف أنه حينما أقام الحد على المرأة التي زنت في ( العيينه)..غضب حاكم (( الإحساء )) ( سليمان بن محمد بن عبد العزيز الحميدي ) ، واستشعرالخطر من الدعوة الجديدة وصاحبها ... فكتب إلى حاكم العيينه (( ابن معمر )) يأمرهبكتم أنفاسها ، وقتل المنادي بها ، والعودة فوراً إلى حظيرة الخرافات والخزعبلات .
ولما كان (( ابن معمر )) قد ارتبط مع الشيخ في مصاهرة ... فقد زوجه ابنته ... فإنه تردد في قتله ، ولكنه دعاه إلى اجتماع مغلق ، وقرأ عليه رسالة حاكم (( الإحساء ))ثم رسم اليأس كله على ملامحـه ، وقال له : إنه لا يستطيع أن يعصي أمراً لحاكم((الإحساء )) ، لأنه لا قِبَل له به .... ولعلها لحظة يأس كشفت للشيخ عن عدم إيمان (( ابنمعمر )) ... ولم تزد الشيخ إلا إصرارًا على عقيدته ، وقوة توحيده .. فالحكام الطغاةلا يحاربون دائماً إلا داعيـة الحق .. وقبل الشيخ في غير عتاب أن يغادر ( العيـينة)..مهاجراً في سبيل الله بتوحيده .. باحثاً عن أرض جديدة يزرعه فيها!..
فيالصباح استيقظتُ على ضجة في البيت غير عـادية .. واعتـدلت في فراشي ،

ووصَلَتْ إلىأذني أصوات ليست آدمية خالصة ، ولا حيوانية خالصة .. ثغـاء ، وصيـاح ، وكلام ..غيرمفهوم العبارات .. وقلت : لا بد أنني أعاني من بقية حلم ثقيل .. فتأكدت من يقظتي ،ولكن (( الثغاء )) هذه المرة اخترق طبلة أذني .. ودخلت عليّ زوجتي تحمل إليَّ أنباءسارةً جدًا ... وهي تتلخص في أن ابنة خالتي ـ التي تعيش في أقصى الصعيد ، ومعهازوجها ، وابنها البالغ من العمر ثلاث سنوات ـ قد وصلوا في قطار الصعيد فجراً، ومعهم((الخروف ))...!وظننت أن زوجتي تداعبني .. أو أن ابنة خالتي - وكنت أعرف أنأولادها يموتون في السنوات الأولى -، قد أطلقت على طفل لها اسم ( خروف ) لكي يعيشمثلاً . وهي عادات معروفة في الصعيد . وقبل أن أتبين المسألة .. أحسست بمظاهرة منأولادي تقترب من باب حجـرة نومي .. وفجأة وبدون استئـذان اقتحم الباب (( خروف )) لهفروة ، وقرون ، وأربعة أقدام ... واندفع في جنـون من مطاردة الأولاد له .. فحطّم مااعترض طريقه .. ثم اتجه إلى المرآة ، وفي قفزة (( عنترية )) اعتدى على المرآة بنطحةقوية ، تداعت بعدها ، واحدثت أصواتاً عجيبة ، وهي تتحطم!..
تَمَّ كل ذلك فيلحظـة سريعـة .. وقبل أن استرد أنفاسي ، وخيل إليّ أن بيتنـا انفتح على حديقةالحيوانات .. رغم أنني أسكن في العباسيـة ، والحديقـة في الجيزة .. ولكن وجدت نفسيأقفز من على السرير ، وخشيت زوجتي ثورة (( الخروف ))، وتضاءلت فانزوت في ركن .. ترمقني بعينيها ، وتشجعني لكي أتصدى لهذا الحيوان المجنون .. الذي اقتحم علينا خلوتنا .. ولكن الصوت والزجاج المتناثر زاد من صياج الحيوان .. ولمحت في عينيه ، وفي قرنيهالموت الزؤام .. واستعدت في ذهني كل حركات مصارعي الثيران ، وأمسكت بملاءة السرير ،وقبل أن أجرب رشاقتي في الصراع مع (( الخروف )) دخلت ابنة خالتي وهي في حالة انزعاجكامل .. فقد خيل لها أنني سوف أقتله ... وصاحـت - وهي على يقـين من أنني سأصرع :
-حاسب ، هذا خروف (( السيد البدوي)) .
ونادته فتقدّم إليها في دلال ، وكأنهالطفـل المدلّل .. فأمسكت به تُربتُ على رأسه ، وروت لي أنها قدمتْ من الصعيد ،ومعها هذا الخروف البكر الرشيق الذي انفقت في تربيته ثلاثة أعوام هي عمر ابنها؛لأنها نذرت للسيد البدوي إذا عاش ابنها .. أن تذبح على أعتابه (( خروفاً )) ، وبعد غديبدأ العام الثالث موعد النذر!..
* كانت تقول كل هذه العبارات وهي سعيدة .. وخرجت إلى الصالة لأجد زوجها ، وهو في ابتهـاج عظيم .. يطلب مني أن أرافقهم إلى((طنطا )) .. لكي أرى هذا المهرجان العظيم ؛ لأنهم نظراً لبعد المسافة اكتفوا بالخروف .. فأما الذي على مقربة من (( السيد البدوي )) فإنهم يبعثون بِجِمال .. وأصبح عليّ أنأجامل ابنة خالتي لكي يعيش ابنها ، وإلا اعتُبرت قاطعاً للرحم ... لا يهمني أن يعيشابن خالتي أو يموت، ولا بد أن أذهب معهم إلى مهرجان الشرك ، وفي نفس الوقت كنت أسألنفسي .. كيف أقنعها بأنهـا في طريقها إلى الكفر .. ؟ وماذا سيحدث حينما أحطم لهاالحلم الجميل الذي تعيش فيه منذ ثلاث سنوات ... ؟
وقلت : أبدأ بزوجها أولاً ؛لأن الرجال قوامون على النساء .. وأخذت الـزوج إلى زاوية في البـيت ، وتعمدت أن يرى فييدي كتاب : (( الإمام محمد بن عبد الوهاب )) .. ومدّ يده فجعل الغـلاف في ناحيته ، وماكاد يقرأ العنوان حتى قفز كأنه أمسك بجمرة نار!..
قرأ زوج ابنة خالتي عنوانالكتاب - الذي يقول : إن في الصفحات قصة
(( الشيخ محمـد بن عبد الوهاب )) ودعوته - وهتف صارخاً : ما هذا الذي أقرؤه ...؟ وكيف وصلني هذا الكتاب ..؟ لا بد أن أحدهمدسه عليَّ !!.. فهو يعرف أنني رجل متزن ... أحرص على ديـني ، وعلى زيارة الأضرحة ،وتقديم الشموع ، والنذور ، وأحياناً القرابين المذبوحة والحية ، كما يفعل هو تماماً .. ورأيت في عينيه نظرة رثاء... إلى ما رماني به القدر في تلك النسخة ... وكان عليَّأن أقف منه موقف الدكتور جميل غازي مني سابقاً .. وشاء الله أن يكون ذلك بمثابةالامتحان لي .. وهل في استطـاعتي أن أطبق ما قـرأت أم لا .. ؟ وهـل استوعبت عن يقينما قرأت أم لا .. ؟ والأهم من ذلك هو مدى إصراري على عقيدتي وإقناع الآخرين بها- أيضاً - ، فالذي لا يؤثر في المحيط الذي يعيش فيه .. هو صاحب عقيدة سلبـية ... غيرإيجابيـة .. فليس من المعقول في شيء .. أن أطوي (( توحيدي )) على نفسي ، وأتركالآخرين يعيشون في ضلالة ؛ لأنهم بعد فترة سوف يغرقونني في خرافاتهم .. وعليه فلابد أن أجـادلهم بالتي هي أحسن .. لا أتركهم يشعرون أن الأمر هينّ .. لا بد أن أنفرهممن شركهم .. وهم لا بد أن يتراجعوا ؛ لأن (( الخـرافة )) - نظراً لأنها تقوم علىضلالات هشة - لا يكاد الشك يدخلها حتى يهدمها .. والحق في تعقبها إذا كان لحوحاً .. قضى عليها ... أو على أقل تقدير أوقف نموها حتى لا تصيب الآخرين .. ومن أجل ذلك كلهقررت أن أتوكل على الله ، وأبدأ الشرح للرجل ... ولم تكن المهمة سهلة .. فلا بدأولاً أن أطمئنه ، وأزيل ما بينه وبين سيرة الشيخ (( محمد بن عبد الوهاب )) .. ثم ماترسّب في ذهنه من زمن عن ( الوهابية والوهابيين ) .. ففي أول الحديث.. اتهم (( الوهاب ((بعدد من الاتهامات يعلم الله أن دعوة (( التوحيد )) بريئة منها .... براءة الذئب من دميوسف عليه السلام!..
ورحت أحاول في حماس شديد .. أشرح له سر حملات الكراهية، والبغضاء التي يشنها البعض على دعوة (( التوحيد )) .. وكيف أنها أحيت شعائر الشريعة، وأصول العبادات ، وفي ذلك القضاء على محترفي الدّجل ، وحراس المقابر ، وسدنةالأضرحة ، والذين يُكدّسون الأموال عاماًبعد عام .. من بيع البركات ، وتوزيع الحسناتعلى طلاب المقاعد في الجنة .. فالمقاعد محدودة والوقت قد أزف ..! ولا حول ولا قوةإلا بالله العلي العظيم ..!
ولمحت على ملامحه بعض سمـات الخير .. نظر في دهشة .. كأنه يفيق من غيبوبة ... ورغم ذلك فقد راح يتشنج ، ويدافع عن أهل الله الذينينامون في قبورهم لكن يتحكمون بأرواحهم في بقية الكـون ، وأنهـم يدعون كل ليلة جمعةللاجتماع عند قطب من الأقطاب ... وحتى النساء من الشهيرات يلتقين - أيضـاً - معالرجال الأقطاب ، وينظرون في شؤون الكون ...!

* ولم أكن أطمع في زحزحته عنمعتقدات في ضميره عمـرها أكثر من ثلاثين سنة ... فاكتفيت بأن طلبت منه أن ينظر فيالأمر .. هل هؤلاء الموتى من أصحاب الأضرحة... أكرم عند الله أم رسول الله ؟!! ثم يفكرطويلاً ، ويجيء إلىَّ بالنتيجة ... دون ما تحيّز أوتعصّب .. ووعدني بأن يُفكّر ، ولكنهفقـط يطلب مني أن أرافقهم في رحلتهم الميمونة إلى (( طنطـا )) ... فقلت له : إن هذاهو المستحيل لن يحدث .. وإذا كان مصمماً على الذهاب هو وزوجته إلى (( السيد البدوي ((حتى يعيش ابنهما .. فالمعنى الوحيد لذلك هو أن الأعمار بيد (( السيد البدوي).(..وحملق فيَّ وصاح :
لا تكفر يا رجل..؟
فقلت له :

- أينا يكفر الآن .. ؟ أنا الذي أطلب منك أن تتوجه إلى الله .. ؟ أم أنت الذي تُصرّ على أن تتوجه إلى (( السيد البدوي ))..؟
وسكت واعتبر هذا مني إهانة لضيافته ، وأخذت زوجته والخروف وابنها ، وانصرفـوا من العباسـية في القاهرة إلى (( طنطا )) ، وحيثما وقفت أودعهم .. همست في أذن الزوج : أنه إذا تفضل بعدم المرور علينا بعد العودة من مهرجان الشرك .. فإنني أكون شاكراً له ما يفعل ... وإلا لقي مني ما يضايقه .. وازداد ذهول الرجل ، ومضى الركب الغريب .. يسوق الخروف نحو ((طنطـا(( ..!
وانثنت زوجتي تلومني ؛ لأنني كنت قاسياً معهم ، وهم الذين يخافون على طفلهم .... الذي عاش لهم بعد أن تقدم بهما العمر ، ومات لهما من الأطفال الكثير .. وصحت في زوجتي ، إن الطفل سيعيش فذلك لأن الله يريد له أن يعيش ، وإن كان سيموت فذلك لأن الله يُريد له ذلك.. ولا شريك لله في أوامره ولا شريك له في إرادته.
وذهبت إلى إدارة الجريدة التي أعمل بها .. وإذا بالدكتور يتصل بي تل
يفونياً ؛ ليتحدث معي في شأن له، ولم يخطر بباله أن يسألني : ماذا فعل بي الكتاب ؟ أو ماذا فعلت به ؟ واضطـررت أن أقـول له : إنني في حاجة إلى مناقشة بعض ما جاء في الكتاب معه ... والتقينا في الليـل وحدثته عن الكارثة التي جاءتني من الصعيد ، ولم يعلق على محاولتي إقناعهم بالعـدول عن شركهم .. مع أنني منذ أيام فقط .. كنت لا أقل شركًا عنهم ، وقلت له : ألا يلفت نظرك أنني أقول لهم ما كنت تقوله لي ..؟
قال في هدوء يغيظ : إنه كان على يقين من أنني سوف أكون شيئاً مفيداً للدعوة .. وأردت الاحتجاج على أنني من ( الأشياء ) ولست من الآدميين ، لكن الدكتور لم يتوقف ، وقال : لقد صدر منك كل هذا بعد قراءة نصف الكتاب ، فكيف بك إذا قرأت الكتب الأخرى ؟! وأغرق في الضحك
!! .
وعلمت بعد أيام أن قريبتي عادت من (( طنطا )) إلى الصعيد مباشرة دون المرور علينا في القاهرة ، وأنها غاضبة مني ، وشكتني لكل شيوخ الأسرة ، وفي الأسبوع الثاني فوجئت بجرس الباب يدقّ .. وذهب ابني الصغير ؛ ليستطلع الأمر .. ثم عاد يقول لي :
-
إبراهيم الحران ...
(( الحران )).. إنه زوج ابنة خالتي .. ماذا حدث ..؟
هل
جاءوا بخروف جـديد ، ونذر جديد لضريح جديد ... أم ماذا .. ؟ وقررت أن يخرج غضبي من الصمت إلى العدوان هذه المرة ، ولو بالضرب .. ومشيت في ثورة إلى الباب .. وإذا بهذا (( الحران )) يمـد يده ليصافحني ، ودَعَوْته إلى الدخول فرفض .. إذًا لماذا جاء ..؟ وفيم جاء ؟ ، وابتسم ابتسامة مغتصـبة وهو يقول : إنه يطلب كتاب (( الشيخ محمد بن عبد الوهـاب )) الذي عندي ، وحملقـت فيه طـويلاً ، وجلست على أقرب مقعد ..!
سقطت قلعة من قلا ع الجاهلية .. لكن لماذا ؟ وكيف كان السقوط ؟ جاء صاحـبي إبراهيم يسعى بقدميه .. يطلب ويلحّ في أن يبدأ مسيرة التوحيد .. لا بد أن وراء عودته أمـراً ، ليس من المعقـول أن يحدث ذلك بلا أسباب قوية جعلت أعماقه تتفتح ،
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 29-04-2009, 12:21 AM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متصل
مراقبة الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
مكان الإقامة: أبو ظبي
الجنس :
المشاركات: 13,883
الدولة : Egypt
افتراضي رد: اعترافات .. كنت قبوريًا

وتفيق .. على حقائق غفل عنها طويلاً .. !
ورحمة بي من الذُّهول ، والإغماء الذي أوشك أن يصيبني .. بدأ يتكلم ، وكانتالجملة التي سقطت من فمه ثقيلة كالحجر الذي يهبط من قمة جبل .. صكت سمعي .. ثم ألقتبنفسها تتفجر على الأرض .. تصيب وتدمي شظاياها ، وقال :

-لقد مات ابني عقبعودتنا ... ! إنا لله وإنا إليه راجعـون .. هذا هـو الولد الرابع الذي يموتلإبراهيم تباعاً ، وكلما بلغ الطفل العام الثالث .. لحق بسابقه .. وبدلاً من أنيذهب إلى الأطباء ليعـالج مع زوجته ، بعد التحليلات اللازمة .. فقد يكون مبعث ذلكمرض في دم الأب أو الأم .. اقتنع ، وقنع بأن ينذر مع زوجته مرة للشيخ هذا ، ومرةللضريح ذاك ، وأخرى لمغارة في جبل بني سويف .. إذا عاش طفله ، ولكن ذلك كله لمينفعه .. ورغم الجهل والظلم الذي يظلمه لنفسه .. إلا أنني حزنت من أجله .. تألمتحقيقة .. أخذته من يده .. أدخلته .. جلست أستمع إلى التفاصيل..!
لقد عادمن طنطا مع زوجته إلى بلدهما ، وحملا معهما بعض أجزاء من (( الخروف )) الذي كان قدذبح على أعتاب ضريح (( السيد البدوي )) .. فقد كانت تعاليم الجهالة تقضي بأن يعوداببعضه .. التماساً لتوزيع البركة على بقية المحبين - وأيضاً - لكي يأكلوا من هذهالأجزاء .. التي لم تتوافر لهـا إجـراءات الحفظ الصالحة ففسدت .. وأصابت كل من أكلمنها بنـزلة معوية .. وقد تصدَّى لهـا الكبار وصمدوا .. أما الطفل .. فمرض ،وانتظرت الأم - بجهلها - أن يتدخل (( السيد البدوي )) .. لكن حالة الطفل ساءت .. وفي آخر الأمر .. ذهبت به للطبيـب الذي أذهله أن تترك الأم ابنهـا يتعذب طوالهذه الأيام ... فقد استغرق مرضه أربعة أيام ... وهزَّ الطبيب رأسه ، ولكنه لمييأس .. وكتب العلاج .. (( أدوية )) وحقـن ، ولكن الطفل .. اشتد عليه المرض ، ولم يقو جسمهعلى المقاومة .. فمات !

من موت الطفل بدأت المشـاكل .. كانت الصدمة على الأم.. أكبرمن أن تتحملها .. ففقدت وعيها .. أصابتها لوثة .. جعلتها تمسك بأي شيء تلقـاه ،وتحمله على كتفها وتهدهده وتداعبه على أنه ابنها .. أما الأب فقد انطوى يفكر فيجدية ، بعد أن جعلته الصدمة يبصر أن الأمر كله لله .. لا شـريك له .. وأن ذهابهعاماً بعد عام .. إلى الأضرحة والقبور .. لم يزده إلا خسـارة .. واعترف لي : بأنالحوار الذي دار بيني وبينه .. كان يطنّ في أذنيه .. عقب الكارثة ، ثم صمت .. ! فقلتله: بعض الكلام الذي يُخفّف عنه ، والذي يجب أن يُقال في مثل هذه المناسبات .. ولكن بقيفي نفسه شيء من حديثه . فهو لم يكمل .. ماذا حدث للسيدة المنكوبة ، وهل شفيت من لوثتها أم لا ؟
فقلت له : لعل الله قد شفي الأم من لوثتها .؟ !
فأجاب - وهومطأطئ الرأس - : إن أهلها يصرون على الطواف بها على بعض الأضرحة والكنائس - أيضاً - ويرفضون عرضها على أي طبيب من أطباء الأمراض النفسية والعصبية .. ليس ذلك فحسب .. بل ذهبوا بها إلى (( سيدة )) لها صحبة مع الجن فكتبت لها على طبق أبيض .. وهكذا تزدادالعلة عليها في كل يوم وتتفاقم .. وكل ما يفعله الدجالون يذهب مع النقود المدفوعةإلى الفناء..!
وحينما أراد أن يحسم الأمر .. وأصرّ على أن تُعْـرض على طبيب .. أو يطلقهـا لهم ؛ لأنهم سبب إفسادها .. برزت أمها تتحداه ، وركبت رأسها فاضطر إلىطلاقها وهو كاره ...!

* * * * *
* أثارتني قصته ، رغم حرصي على النسخة التي حصلت عليها من))الدكتور جميل )) إلا أنني أتيته بها وناولتها له .. فأمسك بها وقلبها بين يديه .. وعلى غلافهـا الأخير كان مكتوباً كلام راح يقرؤه بصوت عال .. كأنه يسمع نفسه قبل أنيسمعني (( نواقض الإسلام )) من كلمات شيخ الإسلام (( محمد بن عبد الوهاب )): { منيُشْرك بالله فقد حرَّم اللهُ عليه الجنّة ومأْواهُ النَّارُ وَما للظَّالمين مِنْأنصار } [المائدة:72 ] ، ومنه الذبح لغير الله كمن يذبح للجن أو للقبر.
ورفعرأسه فحملق في وجهي .. ثم أخذ الكتاب ، وانصرف واشترط أن يعيـده لي بعـد أيام ، وأنأحضر له من الكتب ما يعينه على المضي في طريق (( التوحيد))
انصرف إبراهيم ،والمأساة التي وقعت له تتسرب إلى كياني قطرة بعد قطرة .. فهي ليست مأساة فرد ، ولاجمـاعة ، وإنما هي مأساة بعض المسلمين في كثير من الأمصـار .. الخـرافة أحب إليهممن الحقيقة ، والضلالة أقرب إلى أفئدتهم من الهداية ، والابتداع يجتذبهم بعيداً عنالسنة ..!
حاولت الاتصـال تليفونياً (( الدكتور جميل )) .. فقد كنت أريد أنأنهـي إليه أخبار ( إبراهيم ) ولكني لم أجده فبدأت العمل في كتابات لمجلة شهريةتصدر في قطر .. اعتادت أن تنشر لي أبحاثاً عن الجريمة في الأدب العربي ، وصففت أماميالمراجع ، وبدأت مستعيناً بالله على الكتابة ، وإذا بالتليفـون يدق .. كان المتكلممصدراً رسمياً في وزارة الداخلية ـ يدعوني بحكم مهنتي كصحفي متخصص في الجريمة ـلحضـور تحقيق في قضية مصرع أحد عمال البلاط ، وكان قد عثر على جثته في جُوال منذيومين..!!
تركت كل ماكان يشغلني إلى مكان التحقيق .. والغريب في الأمر .. أنيكون الأساس الذي قامت عليه هذه الجريمة هو السقوط أيضاً .. في هاوية الشرك والدّجلوالشعوذة .. بشكل يدعو إلى الإشفاق .. فالقتيل كان يدّعي صحبة الجن ، والقدرة علىالتوفيق بين الزوجين المتـنافرين ، وشفاء بعض الأمراض وقضاء الحاجات المستعصية ... إلى جانب عمله في مهنة البلاط..!
أمّا المتهم القاتل .. فكان من أبناء الصعيد .. تجـاوز الخمسين من عمـره ،وكان متزوجاً من امرأة لم تنجب .. فطلقها وتزوج بأخرى في السابعة عشرة من عمرها لكنها هي الأخرى لم تنجب ... وبلغه من تحرياته أن مطلقته قامت بعمل سحر له - نكاية فيه - يمنعه منالإنجاب مع زوجته الجديدة . فاتصل بذلك الرجل الذي كان شاباً لم يتجاوز الأربعين .. واتفق معه على أن يقوم له بعمل مضاد .. وتلقف الدجـّال فرصة مواتية ... وذهـبمعه إلى البيت ..وكتب له الدجال بعد أن تناول العشاء الدّسم .. بعض مستلزمات حضـورالجن من بخور وشموع وعطور ، وذهب الرجل ليشتريها .. وترك ( الدجّال ) وزوجتهالحسناء في البيت..!
خرج الرجل مسرعاً يشتري البخور الذي سيحرق تمهيدًالاستحضار الجـن .. وترك الدجـّالالشاب مع الزوجة الحسناء ..وكان لا بد أن يحدثما يقع في مثل هذه المواقف .. فقد حاول المشعوذ أن يعتدي على الزوجة . إذ راودها فيعنف ليفتك بشرفها ، وهي العفيفة الشريفة .. فقامت لتغـادر البيت إلى جارة لها .. حتى يصل زوجها .. وإذا بهـا تجد زوجها على الباب .. فقد نسى أن يأخذ حافظة نقودهوروت له في غضب ما وقع من الدجّال ، وانفعل الزوج الصعيدي ، وحمل عصـاة غليظةودخل على الدجال في الغرفة ، وانهال عليه بالعصا .. حتى حطم رأسه .. بعدها وجد نفسهأمام جثة لا بد أن يتخلص منها .. فجلس يفكر !
خرج ليلاً فاشترى جُوالاً ،وعـاد فوضع الجثَّة فيه ، وانتظر حتى انتصف الليل .. ثم حمل الجثة على كتفه ، وألقىبها في خلاء على مقربة من الحي الذي يسكنون فيه .. وعاد إلى غرفته يحاول طمس الآثارومحوها .. وظن أنه تخلص من الدجال الشاب إلى الأبد !

ولكن رجال الشرطة .. بعدعثورهم على الجثة .. بدأوا أبحاثهم عن الجُوال الذي يحتوي على الجثـة .. وما كادوايعرضونه على البقالين في المنطقة ، حتى قال لهم أحدهم : إن الذي اشتراه منه هو فلان، وكان ذلك بالأمس فقط ، وألقت الشرطة القبض على الرجل ، وفتشت غرفتـه فوجـدتالآثار الدالة على ارتكاب الجريمة .. وضُيِّقَ عليه الخناق فاعترف بتفاصيل الجريمة!
**********
* لم يكن حضوري هذا التحقيق صدفة، فكل شيء يجري في ملكوت الله بقـدر ..إذيسـوق لي هذه الجريمة المتعلقة - أيضاً - بفساد العقيدة .. لتجعلني أناقش معالآخرين.. قضية العقيدة والخرافة من بذورها الأولى .. ولماذا تروج الخرافة ، وتتغلغلفي كيانات البشر دون وازع ؟ هل لأن الذين يتاجرون بها أوسع ذكاء من الضحايا ؟
وماذا يجعل الضحايا ـ وهم ملايين ـ يندفعون إلى ممارستها ، والإيمان بها،والتعصب لها... ؟ أم أن (( الوثنية )) التي هي الإيمان بالمحسوس والملموس .. التي ترسبتفي أذهان العالمين سنـين طويلة تفرض نفسهـا على الناس من جديد . تساندها الظروفالنفسية لبعض البشر . الذين يعجزون عن الوصول إلى تفسير لها!!؟
* فالقاتلوالقتيل في هذه الجريمة... كلاهما فاسد العقيدة .. لا يعرفان من الإسلام سـوى اسمه .. فالقتيل مشعوذ يمشي بين عباد الله بالسـوء ، ويكذب عليهم ، ويدّعي أنه على صلةبالجن ، وأنه يُشْفي ويُسْعد ، ويشفي ويمرض بمعـاونة الجن ، وفي ذلك شرك مضـاعف معالإضرار بالناس .. أما القاتل فهو من فرط جهالته يعتقد أن إنساناً مثله في وسعه أنيجعله ينجب ولدًا أو بنـتاً ! وقد يكون عـذره أنه في لهفته على الإنجاب ألغى عقله ... غير أنه لو أن له عقيدة سليمة .. تُرسِّـخُ في ذهنه أنَّ الله بلا شركاء ، وأنالنفع والضر بيد الله فقط ، وتُؤصِّل هذه المفاهيم في أعماقه .. ما كان يمكنه أنيستسلم لدجال .. ولا استطاعت عقيدته أن تحميه من السقوط في أيدي مثل هذا المشعوذ!!
* وفي كثير من الأحيان يصل الأمر... ببعض المتعصبين إلى أن يجعل من نفسه داعيةللخرافة ..يروج لها ، ويدافع عنها ، وعلى استعداد للقتال في سبيلها .. فقد نجد منينبري في المجالس .. فيروي كيف أن الشيخ الفـلاني أنقذه هذه الأيام من ورطة كانتتحيـق به ، وأنه كان لن يحصل على الترقية هذا العام لولا أن الشيخ الفلاني صنع لهتحويطة ، وأنه كان على خلاف مع زوجته وضَعَهُما علىحافة الطلاق لولا أن الشيخالفلاني كتب له ورقة وضعها تحت إبطه .. إلخ .. وتحضرني في هذا المجال قصـة سيدةتخرجت من جامعة القاهرة ، ودرست حتى حصلت على الدكتوراه في علوم الزراعة ، وتشغلالآن وظيفة مديرة مكتب وزير زراعة إحدى الدول العربية ، هذه السيدة حاملة الدكتوراه ... عثر زوجها ذات يوم على حجـاب تحت وسادته ، فسأل زوجته .. فقالت : إنها دفعت فيهما لا يقل عن خمسين جنيهاً ؛ لكي تستميل قلبه ؛ لأنهـا تشعر بجفوته في الأيامالأخيرة .. وكانت النتيجة أن زوجها طلقها طبعاً .. وراوي قصتها هو محاميها نفسهالذي تولى دعواها التي أقامتها ضد زوجها ...!
*وترتفع الخرافة إلى الذروة... حينما يعمد المتخصصون فيها إلى تقسيم تخصصات المشايخ والأضرحة... فضريح السيدة فلانةيزار لزواج العوانس ، والشيخ فلان يـزار ضريحه في مسائل الـرزق ، والقـادرة الشاطرةصاحبة الضريح الفلاني يحج إليها في مشـاكل الحب ،والهجر ، والفراق ، والطلاق ،وأخرى في أمراض الأطفال ، والعيون ، وعسر الهضم .. وهكذا... مؤامرة محكمةالحلقات .. تلف خيوطها حول السذَّج والمساكين ، وكأنهم لم يقرأوا في القرآن : { وإنيَمْسسك اللهُ بِضُرٍ فلا كاشف له إلاّ هُو وإن يمسسك بخيرٍ فهُو على كُلِ شيءٍقدير }[ الأنعام : 17]، وكأنهم لم يسمعوا بالحديث الشريف : (( من تَعَلَّق تميمةًفقد أشرك)) .
إن الانصياع إلى الخرافات ليس وقفاً على عامة الناس أو جهلتهم ،بل من المؤسف أنها تتمتع بسلطان كبير بين المتعلمين ، والذين درسوا في أرقىالجامعات . وإذاً فالأصل فيها هو أنها تتسلل إلى ضمائر الناس، الذين لا يحميهمعقيدة سليمة .. تصد عنهم هذه ( الشركيات ) الشرسة الضارية .. فالذي لا شك فيه ، هوأن الرجل الذي وثّق إيمـانه بالله واقتـنع بأن الله هو مالك كل شيء ، ورب كل شيء لاشريك ولا وسيط له .. هذا الرجل سوف يعيش في مناعة إيمانه .. متحصناً بعقيـدته .. لاتصـل إليه المفاسد ، بل وتنكسر على صخرة إيمانه كل هذه الخزعبلات .. لماذا ؟ لأنهأنهى أمره إلى الله ، ولم تعد المسألة في حسابه قابلة للمناقشة!

فالإيمان بالله ، واعتناق العقيدة السليمة شيء ليس بالضرورة في الكتب أو في الجامعات .. إنه أبسط من ذلك .. فالله سبحانه وتعالى جعله في متناول الجميع حتى لا يحرم منه فقير لفقره ... أو يستأثر به غني لغناه..!
وبينما أنا منهمك أكتب هذه الحلقة إذ بضجيـج تصحبه دقات عنيفة لطبل يمزق سكون الليل ويبدده . وراح هذا الضجيج يعلو ، ويعربد في ليل الحي .. دون أن يتوقف إلا لحظات .. يتغير فيها الإيقاع ثم يعود ضاربًا .. متوحشاً .. يهز الجدران .. وعرفت بخبرتي من الألحان ، والأصوات المنفردة التي تصاحبها أن إحدى المترفات من الجيران تقيم حفلة (
( زار )) .. وأنها لا بد أن تكون قد دعت كل صديقاتها المصابات مثلها بمس من الجنّ ... لكي يشهدن حفلها ؛ إذ لم تكن هذه هي المرة الأولى التي تقيم فيها مثل هذه الحفـلة ، فهي تقوم بعملها هذا مرة كل ستة شهور .. حرصاً على إرضاء الجن الذي يسكن جسدها...!
وعبثاً حاولت الوصول إلى وسيلة للهرب من تلك الكارثة التي تقتحم علي أذني .. فتركت الكتابة ، وحاولت أن أقرأ .. وفي خضم المعاناة .. جاء لي صديق
لي من كبار علماء الأزهر ، ومن الذين يعملون في وزارة الأوقاف وشئون الأزهر ، ليزورني واستقبلته فرحاً ؛ لأنني أحب النِّقاش معه ، ولأنه سوف يخلصني من عذاب الاستماع إلى الدقات الهمجية.
وشكوت إليه جارتي ، ودخلنا في المناقشة عن )) الجـن
)) وشكوى الناس منه ، وادّعاء السيدات أنه يركبهن ، والجيش الجرار من النساء ، والرجال الذين يحترفون عمل حفلات (( الزار )) . وإذا بالرجل الذي يحمل شهادة أزهرية عليا .. يؤكد لي أنه كانت له شقيقة مسَّها الجن عقب معركة نشبت بينها وبين زوجها فعطّل (( الجن )) ذراعها الأيمن عن العمل بضعة أيام .. ولم يتركها الجن إلا بعد أن أقاموا لها حفـلة (( الزار )) ، عقدت الشيخة بينها وبين ( الجن ) معاهدة تعايش سلمي .. وترك ذراعها على أن تقيم هذا الحفل مرة كل عام.
*كان هذا كلام الرجل العالم ... طال صمتي .. فقط كنت أفكر في المسكين
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 29-04-2009, 12:21 AM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متصل
مراقبة الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
مكان الإقامة: أبو ظبي
الجنس :
المشاركات: 13,883
الدولة : Egypt
افتراضي رد: اعترافات .. كنت قبوريًا

إبراهيم الحران ، وزوجته الأمية ... فلاعتاب عليهما ولا لوم .. ما دام هذا هو رأي مثل هذا الرجل في (( الزار )) .. وكانت الدقات العنيفة لا تزال تصل إلى آذاننا ، والصمت المسكين يتلاشى أمام الأصواتالمسعورة التي تصرخ في جنون تستجدي رضا الجن ، وتستعطف قلوب العفاريت.. !
انتهت سهرتي مع صديقي العالم الأزهري الخالص .. الذي فجعني فيه إخلاصي فيه .. إذوجدته من المؤمنين بالخـرافة ، المؤيدين لحكـايات الجن . .. وأحسست بأن وقتي ضاعبين هذا المغلوط العقيدة ، ودقات (( الزار )) التي كانت تقتحم عليَّ نوافذ مكتبي .. دون مجير شهم ينقذني من الاثنين..!
* وفي الصباح استيقظت على جرس التليفون .. يصيح صيحات طويلة ومعناها أنّ مكالمة قادمة من خارج القاهرة ... ورفعت السماعة .. لأجد أن المكالمة من الصعيد ، والمتكلم هو زوج خـالتي ، ووالد زوجة (( إبراهيمالحران )) ..يعلنني أنهم سوف يصلون غداً . وقد اتصل ليتأكد أنني في القاهرة .. خوفاً من أن أكون على سفر .. فهو يريدني لأمر هام .. ورحبت به ، وقلت : إنني فيانتظارهم .. ولم يكـن أمامي سوى أن أفعل هذا لألف سبب وسبب!
أولها : أن الرجلالذي اتصل بي أكنّ له كل الاحترام والحب ، وأنني لمست في صوته رقة الرجـاء ، وأناضعيف أمام اليائس الذي يلجأ إليَّ في حاجة وفي وسعي أن أقضيهـا له .. أخشى أن أرده - ولـو بالحسنى - وأحاول جاهداً أن أكون من الذين يجري الله الخير على أيديهم للناس .. رغم أن هـذا يسبب لي الكثير من المتاعب ، وضياع الوقت إلا أنني أحتسب كل ذلك عندالله..!
وفي الغد ومع الركب الحزين ، وكان مؤلفاً من زوج خالتي ، وخالتي أمزوجة (( إبراهيم الحران )) وابنتها التي أصابتها اللوثة بعد وفاة طفلها .. وكانت فيحالة يرثى لها . تفاقمت الحالة العقلية عندها ، ودخلت في مرحلة الكآبة العميقة .. رفضت معها الكلام ، وفقدت فيها الشعور بما يدور حولها .. لا تستطيع أن تفرق بينالنوم واليقظة ، ولا تجيب عمَّن يحدثها ... انتقلت من دنيا الناس .. إلى دنيا الوهموالكآبة .. حتى زوت ، وصارت هيكلاً عظمياً ليس فيها من علامات الحياة سوى عينينكآلة زجاج يرسلان نظرات بلا معنى .. وقال لي الأب وهو حزين : إنه يريد مني أنأتصل بابني وهو طبيب أمراض عصبية ، ونفسية ، ويعمل في (( دار الاستشفاء للأمراضالنفسية والعصبية بالعباسية )) لكي يجد لها مكاناً في الدرجة الأولى..!
كانتالأم تبكي وهي نادمة تعترف بآثامها .. وكيف أنها بإصرارها على علاج ابنتها عندالمشايخ ، وبالجري والطواف حول الأضرحة ، وضياع الوقت - جعلت المرض يستفحل ، ويهدمكل قدرة لابنتها على مقاومته ..واعترفت بأنها أخطأت في حق زوج ابنتها (( إبراهيمالحران )) واستفزته بإصرارها على الخطأ ، ولكن عذرها أنها كانت ضحيةً لجهلها ،ولعشرات السيدات اللاتي كنَّ يؤكدن لها : أن تجاربهن مع المشـايخ ، والأضرحةوالدجالين .. تجارب ناجحة ، والمثل يقول : (( اسأل مجرباً ولا تسأل طبيباً))..! واستطعنا بفضل الله أن نجد لها مكاناً ، وأن نلحقها في نفس اليوم بالدرجةالأولى ، وقال لي ابني : إنها حالة مطمئنة ولا تدعو إلى اليأس .. كل ما في الأمر أنالإهمال جعلها تتفاقم .. وبعد مضي أسبوع واحد من العلاج تحسنت السيدة ، وقد عُولجتبالصدمات الكهربائية .. إلى جانب وسائل علاجيـة أخـرى يعرفها المتخصصون ، وخلال ذلكاتصل بي (( إبراهيم الحران )) فقلت له : إنني أريده في أمر هام ، ولابد أنه يزورني فيالبيت ... وحينما جاء شرحت له الأمر ، وقلت له : إن الأطباء يرون في استردادهلزوجته جزءاً من العلاج - أيضاً - .. ولكن لفت نظري فيه .. أنه بعد قـراءته للكتب التيحصـلت له عليهـا من ( الدكتور جميل غازي ) في التوحيد أن أصبح إنساناً جديداً ... فالعبارات التي كانت تجري على لسانه .. من الإقسام تارة بالمصحف ، وتارة بالأنبياء، وتارة ببعض المشايخ قد اختفت نهائياً .. وعاد يمارس حياته بأسلوبه الرجل الذي لايعبد غير الله ، ولا يخشى إلا الله ، ولا يرجو سوى الله .. وحتى بعد أن حدثته في أنيعيد زوجته .. أصر على أن يجعل هذه العودة مشروطة بأن تقلع أم زوجتـه عن معتقـداتهاالقديمة ، وكذلك والد زوجته .. أما زوجته .. فقال : إنه كفيل بها ، وعقدت بينهمجميعـاً مجلساً لم ينقصـه إلا الزوجة ؛ لأنها كانت في المستشفى ، وقبلوا شروطه بعدهذا الدرس القاسي!!
كان لزيارته لزوجته في المستشفى... أكبر الأثر في شفائها ،وزادت بهجتها حينما عرفت أنه أعادها إلى عصمته . قال لي ابني الذي كان يشرف علىعلاجها : إن عودتها إلى زوجها ، وزيارته لها كانت العلاج الحقيقي الذي عجَّلبشفائها ، لأنها وهي وحيدة أبويها .. حطمتها صدمة وفاة ابنها .. ثم قضـت علىالبقية الباقية من عقلها صدمة طلاقها .. بعد شهر وعشرة أيام تقريباً تقرر خروجها ،وكان يتنظرها زوجها ووالدها ووالدتها في سيارة على الباب رحلت بهم إلى الصعيد فوراً!
* لم أستطع أن أنزع من نفسي بقايا هذه المأساة ، ولم يكن من السهل أنأتغافل عن الخرافة التي تخرب أو تهدم كل يوم بل وكل لحظة عشرات النفوس والبيوتفي عشيرتي ، و أبناء ديني .. وعلى امتداد الوطن الإسلامي كله ..ووجدتني أسأل نفسيلما ذا نحن الذين نعيش في الشرق الأوسط .. تمزقنا الخرافة وتجثم على صدر مجتمعناالخزعبلات، فتمسك بنا وتوقفنا عن ممارسة الحضارة.. ؟
* ومع أن الغرب ، والمجتمعالأوروبي ليس خاليـاً من الخرافات ، وليس خالياً من الخزعبلات ،ومع ذلك فهم يعيشونفي حضارة ويمارسونها . تدفع بهم ويدفعون بها دائماً إلى الأمام!
الواقع أنخزعبلاتهم وخرافاتهم في مجموعها معادية للروح ..تدفع بهم إلى الانزلاق أكـثر من الماديات ، وهذا هو ما يتفق وحضارتهم!!
أما هنا في الشرق .. فإن خرافاتنامعادية للعقل ، وللمادة معاً .. ! ولهذا كانت خرافاتنا هي المسئولة عن تدمير حياتنافي الحاضر والمستقبل.
وليس هناك من سبيل لخروجنا من هذا المأزقالاجتماعي ، والحضاري سوى تنقية العقيدة مما ألصق بها وعلق بها من الشوائب التي ليست من الدين في شيء ..!

فحينما يصبح (( التوحيد )) أسلوب حياة ، وثقافة ، وعقيدة ... سوف تختفي من أفقنا وإلى الأبد .. هذه الغيوم .. غيوم الخرافات ، والدجل ، والشعوذة ، والكهانة التي لا تقوى .
* وتلك مسئولية ينبغي أن تقوم بها أجهزة التربية المباشرة ، وغير المباشرة فإن ما نعيشه الآن هو صورة أسوأ مما قرأت في هذه الاعترافات ، ولو أنك اخترت مائة أسرة كعينة عشوائية وبحثت فيها لوجدت أن كل ما رويته لك في هذه الاعترافات لا يمثل إلا أقل القليل .!

{ ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين } .

تم بحمد الله نقل القصه من جهازي
أختكم ام عبد الله
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 29-04-2009, 04:16 PM
الصورة الرمزية عنان السماء
عنان السماء عنان السماء غير متصل
مراقبة قسم القصص والغرائب والصور
 
تاريخ التسجيل: Aug 2007
مكان الإقامة: ،، فى قلب الدنيا ،،
الجنس :
المشاركات: 3,842
افتراضي رد: اعترافات .. كنت قبوريًا


السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة

أختى فى الله
( أمـــ عبد الله )
ما أروع تلك القصص التى تقدمينها التى تفضح
تلك العقول المغيبة خلف ستار الصوفية وعبادة القبور وغيرها ،
نسأل الله الهداية لكل ضال
وأن يرزقنا الله الصراط المستقيم
وأن يحينا ويمتنا على سنة المصطفى _ صل الله علية وسلم _

بارك الله بكِ
وجزاكِ عنا كل خير .
__________________


( رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا )



{ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْداً و َأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ }
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 02-05-2009, 12:07 AM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متصل
مراقبة الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
مكان الإقامة: أبو ظبي
الجنس :
المشاركات: 13,883
الدولة : Egypt
افتراضي رد: اعترافات .. كنت قبوريًا

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

جزاك الله خيراً فتاة التوحيد على مرورك وكلامك الطيب
لابد من وضع قصص وموضوعات تكشف هؤلاء وافكارهم نسأل الله العفو والعافيه
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 112.56 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 108.58 كيلو بايت... تم توفير 3.98 كيلو بايت...بمعدل (3.53%)]