من الذي قتل مسره وميسره

[بشرى فلسطين]

لا أدري كيف أبدأ هذه القصه المؤلمه المليئه بالمواقف والعبر ،إنها قصه واقعيه موثقة الأحداث ليس فيها أي إضافه من نسج الخيال
تبدأ في يوم الخميس 25 من شهر رمضان المبارك لعام 1429
عندما إستقبلت المستشفى فجرا الطفله مسره البالغه من العمر سبع سنوات وهي تلفظ أنفاسها الأخيره والطفل ميسره البالغ من العمر ثلاث سنوات الذي لقي ربه قبل سويعات من وفاة أخته مسره

لقد كانت مسره طفله سبحان الذي خلقها فقد أوتيت جمالا بعيونها الزرقاء وشعرها الأشقر ،كانت هذه الطفله بشوشه وضحوكه دائما تطلق ضحكات عاليه كأنها طفله كبيره
وعندما أتمت مسره السنه بدأت تتحدث بطلاقه ما عهدت لدى الأطفال وكانت دائما مسروره حتى كانت جدتها تقول سبحان الله لم أرها قط إلا مسروره
وفي سنين طفولتها الأولى كانت طفله ذات نشاط غير عادي وروح إستكشافيه محبه للمغامره والدعابه وعندما سجلت في المدرسه طانت قبل شهر كامل تستيقظ كل صباح فتعلق حقيبتها وتمسك المصحف في يدها اليمنى وتقول لأمها (خلاص أنا صرت كبيره وأستطيع أن أمسك المصحف )
وقد وهب الله هذه الطفله صوتا جميلا وتلاوه مميزة وكانت مسره مولعه بالقرآن ومتلهفه على أن تحفظ أكبر قدر ممكن حتى أنها صارت في السنه الثانيه تسبق المقرر الدراسي
وكانت تقول لأمها وأبيها (إللي يحفظ القرآن يلبس أمه وأبوه تاج الملك وأنا لا أريد أن تيبقني أختي وتلبسكم إياه قبلي )فقد كان لها أخت أكبر منها بأربع سنوات
وتمر الأيام وجاء يوم الأحد 4/4/1427وولد الطفل ميسر والذي كان يشبه أخته مسره كثيرا في الشكل وفي الطباع فكان الطفل ميسره مليئا بالحياه يدندن طول وقته بألحانه الخاصه وينشد كلمات يختلقها وينمقها وكان عندما يأوي إلى فراشه للنوم يصبح البيت هادئا موحشا بدون غنائه وروحه المرحه .

وطوال شهر شعبان كانت مسره وميسره يهيؤن أنفسهم لإستقبال العيد الذي لم يروه ،
فكل يوم تفرش مسره ملابس العيد وتخطط لأيام العيد وميسره الذي لم يبلغ الثالثه لا يستطيع الوصول إلى ملابسه فيخرج الملابس الداخليه التي يستطيع الوصول إليها ويفرشها مثل أخته ويسميها الجديده وظلوا طوال الشهر يفعلون ذلك .

وقبل وفاة مسره بشهر عبرت والتها عن خوفها عليها إذ أصبحت تحفظ القرآن بسرعه عجيبه ،صفحتين في اليوم أو يزيد

وعندما جاء شهر رمضان وقد كان آخر رمضان لمسره ،في يوم 25 إتصلت على أبوها فرحه وقد كان في صلاة التهجد وهي تقول لقد أتممت حفظ جزء كامل وسوره فوقه فهي هكذا تكون أكملت حفظ خمسة أجزاء من القرآن .فوعدها أباها بهديه
وبعد إنتهاء الصلاة عاد الوالد إلى البيت فوجدهما مستيقظين على غير عادتهما ,وتعلق الطفل ميسره بأبيه تعلقا عجيبا على غير عادته وكأنه يعلم أنها آخر ليلة يقضيها مع والديه ،فتسحر معهم وبقي إلى الفجر ثم نام ولكنه نام هذه المره في حضن أخته مسره الذي تعود مؤخرا أن ينام في حضنها
وعندما صارت الساعه الحاديه عشر صباحا جاءت فريال الأخت الكبرى وأيقظت أبوها وهي تتكلم بصعوبه وتقول (أنا وماما وإخواني تعبانين ) فذهب الأب ووجد زوجته وأطفاله الأربعه على الأرض ،ميسره ملقى على الأرض ووجهه شاحب وشفتاه زرقاويتين ،وزوجته تمسك ببطنها وكلهم يتقيأون ،
فلم ينتظر الأب الإسعاف وقام بحملهم جميعا إلى المستشفى وأقصى ما يدور في خلده أنها حالة تسمم وسيتم غسيل المعده ويعودوا إلى البيت
وفي قسم العنايه المركزه رقدت الأم وأطفالها الأربعه فقد فريال ومسره وميسره وبلال وهو طفل حديث الولاده
وفجأة قفز ميسره عن السرير ونظر إلى الباب وكأنه رأى شيئا غريبا وما هي إلا لحظات حتى إرتخت أطرافه وفارق الحياة وسط ذهول الأطباء

لم يستطع الأب إستيعاب الصدمه وجلس يراقب جهاز الصدمات الكهربائيه وينظر إلى الجهاز المعلق عل ضربات قلبه تعود لكن دون جدوى
إنهار الأب ولم يصدق الأمر ولكنه تذكر بقية أفراد الأسره فذهب يجري ليتفقدهم
فرأى إبنته مسره تحت أجهزة التنفس الصناعي فسألها كيف حالها فأشارت إليه أنها بخير وماهي إلا لحظات حتى أصبحت تتكلم بسرعه وتشير إلى الباب وهي تحاول أن تتكلم وتطالع للأعلى ،نفس النظره التي نظرها ميسره قبل أن يفارق الحياة والأب في حالة ذهول غير مصدق لكل ما يحدث تجمع الأطباء حول مسره وحاولوا إسعافها ولكنها هي الأخرى فارقت الحياة
وإنتهى كل شيء غابت مسره كما غاب ميسره
أما بقية أفراد الأسرة فبقيوا في العنايه المركزه حتى جاء العيد وهم في المستشفى ثم تماثلوا للشفاء
ولكن يبقى السؤال من قتل مسره وميسره ؟

لقد شخص الأطباء سبب وفاة الطفلين أنه ناتج عن إستنشاق غاز سام يطلق من مبيد حشري إسمه فوسفبد الألمنيوم قام أحد الجيران برشه في منزله قبل أن يسافر ،وهو مبيد فعال في تبخير صوامع الغلال ويستخدم لقتل الجرذان والفئران في الحقول ،
ووزارة الزراعه لا تمنح تراخيص لبيعه إلا بشروط وقيود ،ولكن للأسف الشديد هناك من يبيعها للتجار بدون ترخيص الذين يقومون بدورهم بتعبأته في علب بدون أن يكتب عليها شيء للمستهلك على أنها مبيد منزلي
والآن أسألكم من برأيكم الملام هل هو الأب الذي لم يستيقظ بعد من هول الصدمه أم الجار الذي إشترى مبيد لم يعرف ما هي مكوناته أم التاجر الذي عبأهذا المبيد في علب ولم يكتب أي تحذير عليه أم التاجر الذي أوصله للمستهلك وكل همه الكسب فقط أم وزارة الزراعه التي لم تضع القوانين التي تحد من المتاجره بأرواح الأطفال الأبرياء
فوالله الذي ذكرني بالقصة وجعلني أكتبها لكم أني قرأت في الجريده قبل أيام عن تسمم طفلين آخرين ووفاتهما بنفس المبيد ونفس السبب وهو قيام أحد الجيران برش منزله وخروجه منه
أنتظر آراءكم وإقتراحاتكم لعلها تصل إلى المسؤلين فأنا شخصيا أصبح عندي هاجس أسمه فوسفيد الألمنيوم الذي يفتك بأطفالنا ونحن لا حول لنا ولا قوة

معلومات تهمك
هناك ثلاث أنواع من المبيدات الحشريه :
1-مبيدات الإستخدام العام :مثل ريد وبيف باف وغيرها وهي منخفضة السميه ولا تسبب ضرر للإنسان إذا إلتزم بكيفية الرش وإبتعد عن المكان حتى تتلاشى رائحة المبيد
2-مبيدات مقيدة الإستخدام :مثل فوسفيد الألمونيوم وباراثيون وديازينون وتتميز بوضع علامة الجمجمه والعظمتين على العبوه وهي مبيدات عاليه السميه ويحظر إستخدامها داخل المواقع السكنيه ويقتصر بيعها على محلات بيع المبيدات والأدوات الزراعيه فقط
3-مبيدات محظورة الإستخدام:مثل د،د،ت وجامكسان بروميد الميثيل وهي تتسبب في أمراض خطيره كالسرطان ولا يسمح بالإتجار فيها
ماهي أعراض التسمم بفوسفيد الألمونيوم
1- ضيق في التنفس
2- التيه وعدم القدره على التركيز
3- برودة الأطراف
4- توقف القلب
5- الإغماء والموت
ملحوظه هامه
لا يوجد ترياق أو عقار خاص لعلاج التسمم بهذا المبيد

[غفساوية]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قصة مؤلمة مؤثرة حقا
وبها العبرة
بارك الله فيك
اختي الكريمة
حب رب ملا قلبي
دمت في رعاية الرحمن

[بشرى فلسطين]

شكرا لك غفساويه مشرفتنا الغاليه على أهتمامك بالموضوع