المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نظام تكوين الأسرة و أحكامها في الإسلام


الفراشة المتألقة
12-02-2009, 06:27 PM
يهدف الاسلام الى تكوين مجتمع انساني متميز له نواة واحدة وفروع متعددة

.. مجتمع سعيد ..

جذوره وأصوله تستمد من الايمان بالله عز جل

وسداه ولحمته المحبة والرحمة

ومعايره تقوم على القيم الفاضلة والأخلاق الكريمة

وغايته في حياته المعاشية والعمرانية رضا الله عز وجل

وقانونه الذي يظله وينظم علاقاته قائم على شرع الله ومنهجه


ولما كان الفرد هو اللبنة الأولى في بناء المجتمع فإن رعايته تأتي في المقام الأول ، وتنال النصيب الأوفى في منهج الإسلام ، ولذا أولى الاسلام المحضن الأساسي الذي يقوم على رعايته أهمية كبرى ، وليس هناك أجدر ولا أحق من الأسرة مكانا لهذه الرعاية ، بل لا يوجد بديل عنها على الاطلاق

لذا سيكون حديثي في موضوعي هذا عنها وعن أساس تكوينها - وهو الزواج - حديثا عن أساس تكوين المجتمع الاسـلامي


... فكونوا معي ...

الفراشة المتألقة
12-02-2009, 06:50 PM
مفهوم الزواج

المعنى الأساسي الذي يدورعليه لفظ الزواج هو الاقتران و الارتباط

ويقصد بالزواج في اللغة معان متعددة منها :

1- الاقتران
قال تعالى : " أو يزوجهم ذكرانا وإناثا "

2- التماثل والتناظر والتشابه
قال تعالى : " احشروا الذين ظلموا وأزواجهم " معناه : ونظائرهم وأشباههم

3- النكاح
قال تعالى : " فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها " أي أنكحناك اياها
وقال عليه الصلاة والسلام : " من استطاع منكم الباءة فليتزوج " أي فلينكح


والنكاح من مرادفات الزواج
تعريفه لغة : الضم والجمع
تقول العرب تناكحت الأشجار اذا تمايلت وانضم بعضها الى بعض

أما في الاصطلاح الشرعي فالزواج يراد به النكاح وهو: عقد بين الزوجين يحل به الوطء " الجماع "
أو بتعريف أوسع هو : العلاقة الناشئة بين زوجين ، بعقد شرعي ، يستوفي شروطه وأركانه ، يتم بالإيجاب والقبول ، وما ينشأ عنها من آثار

ويطلق على كل من الرجل والمرأة اسم الزوج إذا ارتبطا بعقد الزواج حيث قال تعالى مخاطبا آدم عليه السلام : " اسكن أنت وزوجك الجنة "

كما نص القرآن الكريم على أن الزواج من سنن المرسلين فقد قال تعالى : " ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية "

الفراشة المتألقة
12-02-2009, 07:28 PM
حكم الزواج


ذهب جمهور العلماء الى أن الزواج تعتريه الأحكام التكليفية الخمسة وذلك على النحو التالي :

* يكون الزواج واجب " يثاب فاعله ويعاقب تاركه "

إذا كان الرجل قادر على المهر والنفقة وتاقت نفسه الى الزواج وخشي على نفسه الوقوع في الحرام

فإن تاقت نفسه الى الزواج وعجز عن الانفاق فإنه يسعه قوله تعالى : " وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله "

وعليه أن يكثر من الصيام فإنه له وقاية وحماية من الوقوع في الحرام ، والشاهد على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : " يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء " أي وقاية وحماية


* يكون الزواج محرم " يثاب تاركه ويعاقب فاعله "

من علم من نفسه انه سيخل بحق الزوجة ، سواء من الناحية المعنوية أو المادية ، كمن به علة مرضية لا يقدر معها على المعاشرة أو يعجز عن النفقة على المرأة أو دفع مهرها أو اعطاءها شيء من حقوقها الواجبة عليه
إلا
إذا بين للمرأة عيبه - كيلا يغرها بنفسه - وعندها تكون المرأة مخيرة غير مجبره بين قبوله أو رفضه ، وإن تزوجت ثم تبين لها ذلك فلها الحق بأن تطلب من القاضي فسخ العقد


* يكون الزواج مكروه " يثاب تاركه ولا يعاقب فاعله "

من يُخل في حق من حقوق المرأة ولكن لا يقع ضرر عليها جراء ذلك
بأن تكون المرأة غنية وليس لها رغبة في الزوج ويمكن لها أن تحتمل تقصير الزوج في حق النفقة عليها .. هنا يكون الزواج في حق الرجل مكروه
كما يكره اذا أخل بشيء من الطاعات


* يكون الزواج مستحب " يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه "

إذا كان معه سيتحقق هدف من أهداف الزواج التي شرع لأجلها كالإعفاف و الاحصان وطلب الولد


* يكون الزواج مباح " لا يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه " ... إلا اذا نوى أن الأمر هذا لأجل الله هنا تحصل المثوبة

اذا لم توجد هناك دوافع ولا موانع



وقد صرح جمهور أهل العلم بأن هذه الأحكام للمرأة والرجل لا فرق بين الاثنين

فما ينطبق عليه ينطبق عليها ، لأنه متى وجد السبب لابد أن يوجد المسبب

الفراشة المتألقة
12-02-2009, 07:53 PM
الهدف من الزواج


هدف إيماني

يتمثل في التدين والتعبد استجابة لأمر الله ورسوله وفيه الأجر والثواب وهو طاعة وعبادة


هدف نفسي

يتحقق بالسكينة والأمن النفسي والاستقرار الروحي والفكري وإشباع الغريزة الجنسية التي اذا تجاهل الانسان نداءها أصابه الكثير من القلق والاضطراب
ومن أبرز الجوانب النفسية التي يشبعها الزواج غريزة الأبوة والأمومة التي تنمو وتتكامل في ظلال الطفولة


هدف قانوني

فقد جعل الاسلام للزواج عقد يُثْبت هذه العلاقة ويوثقها ويقويها ويوضح شروطها وسماه القرآن ميثاق غليظ
يتضح عظم هذا العقد بأن له شروط ، وقد جد في عصرنا كتابته والتوقيع عليه ولزوم توثيقه من القاضي أو المأذون الشرعي


هدف مادي

بإشعار الزوج بمسؤوليته المالية تجاه أفراد أسرته منذ الوهلة الأولى للزواج ، المتمثلة في المهر كخطوة أولى لما بعدها ، ومقدمة لما يتبعها من تبعات الانفاق


هدف اجتماعي

يتجلى في بقاء النوع الانساني ، وتكثير النسل ، واستمرار الحياة مع المحافظة على الأنساب التي يوليها الاسلام عناية فائقة ، لذا حث النبي عليه الصلاة والسلام على الزواج بالودود الولود حيث قال : " تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة "
كما أن في الزواج ترابط للأسر ، وتقوية لأواصر المحبة بين العائلات المسلمة ، وتدعيم للصلات الاجتماعية ، مما يباركه الاسلام ويعاضده ويسانده، فيجعل المجتمع قويا وسعيدا

الفراشة المتألقة
12-02-2009, 07:56 PM
مقدمات الزواج

الفراشة المتألقة
12-02-2009, 11:40 PM
لا شك في أن اختيار الزوجين الذين يقام عليهما بناء الأسرة مهمة صعبة تتطلب التأني والتفكير الطويل والاستشارات الكثيرة من ذوي الرأي والتجربة للوصول الى الاختيار الأمثل ومن ثم النجاح المأمول

لم يترك الاسلام الرجل حائر بل وضع له منارات في الطريق تكشف له عن خصائص ومواصفات المرأة الصالحة التي تعينه في دينه وتسعده في دنياه

والمرأة بتزويجها تدخل تحت رعاية الزوج ، وعليها تجاهه واجبات شرعية لا تقل عما يجب عليها لوالديها ، وبالتالي فموافقتها واختيارها له أهمية كبيرة تزيد على أهمية اختيار الرجل للزوجة ، لأن الرجل يسهل عليه الانفصال عن زوجته بخلافها هي
لذا كان أصحاب الرعيل الأول يبذلون ما بوسعهم في تلمس البيئة المناسبة لبناتهم ولا مانع لديهم أن يقوم الوالد بعرض ابنته على من يجده كفء لها ، كما فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما عرض ابنته حفصة على النبي عليه الصلاة والسلام وأبي بكررضي الله عنهم أجمعين

لذلك وضع الاسلام أسس وصفات على أساسها يتم اختيار كل من الرجل والمرأة ليتحقق الهدف بتكوين أسرة مسلمة قوية مترابطة أجملها في التالي

الفراشة المتألقة
15-02-2009, 04:26 PM
أسس اختيار الزوجة

اختيار الزوجة هو الخطوة الأولى في طريق تكوين الأسرة المسلمة ، ولا بد فيها من حسن الاختيار وفق معايير تؤدي الى استمرار الحياة الزوجية وتحقيق الزواج للمقاصد الشرعية منه

وفي هذا المجال قال عليه الصلاة والسلام : " تنكح المرأة لأربع : لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك "


بالنسبة للمال

قد يقصد الرجل الاقتران بمرأة غنية ، لتكفيه مؤونة نفسها ، أو لتساعده على اعباء الحياة ، لكن من المعلوم شرعا أن النفقة واجبة على الزوج يجب أن يكيف حياته ونفقاته بحسب قدرته ولا يتنازل عن النفقة لأنها من مسوغات استحقاقه للقوامة على المرأة ، ولا حق للزوج في مال زوجته أبدا ، فإن رضيت الزوجة الغنية بطيب نفس- لا مكرهة ولا مجبره - بل بتفاهم الزوجين أن تتحمل هي شيئا مما يجب على الزوج أو يعينه على أسباب الحياة فلا حرج في ذلك ولها في الدنيا حب زوجها لها ، وفي الآخرة الأجر العظيم عند الله
والرجل الحق الذي لا يتطلع الى مال زوجته مهما كان السبب
ولا يجوز شرعا أن يختار المرأة لمالها اذا لم تكن ذات دين واستقامة


بالنسبة للجمال

فإنه وإن كان محببا لكل نفس بشرية ، لكنه لا ينبغي أن يكون العامل الوحيد أو الأساسي الذي يقدم على ما سواه ، ومع ذلك فلا بأس من البحث عنه بالقدر الذي يتحقق معه غض البصر وسكون النفس على أن يكون محفوف بالدين والخلق القويم
وعندما سئل عليه الصلاة والسلام عن خير النساء وأفضلهن قال : " التي تطيع اذا أمر ، وتسر اذا نظر ، وتحفظه في نفسها وماله "
ولو خلا الجمال من الدين فلا ينبغي تقديمه ، لأنه قد يكون وبالاً علىمن اختاره

الفراشة المتألقة
15-02-2009, 04:35 PM
الصفات التي ينبغي مراعاتها في اختيار الزوجة

اضافة لما ذكر في الحديث السابق أذكر التالي :

1- الدين

هو الوصف الذي جعله نبي الهدى عليه الصلاة والسلام أساسا لطيب العيش وحصول المقصود من الزواج ، حيث أن الدين هو الدافع الذي يدفع الزوجة للتمسك بالفضائل ورعاية حق زوجها وتربية أبناءه وأداء الحقوق والطاعة وحفظه في نفسها ومالها
كما ورد الحديث بذلك : " خير النساء من إذا نظرت اليها سرتك ، وإذا أمرتها أطاعتك ، وإذا أقسمت عليها أبرتك ، وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك "
بل جعله القرآن الكريم وصفا للكاملات من النساء قال تعالى : " قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله "


2- الولود

أن تكون المرأة ولود - أي تنجب - ، لأن هناء الأسرة وسعادتها واستقرار حياتها يتم بإنجاب الأطفال الذين هم أمل كل زوجين ، وبهم تقر العين ، ويمتد النسل
والله جل وعلا يقول في صفات عباد الرحمن : " والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا ذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما "
ويقول الحبيب عليه الصلاة والسلام : " تزوجوا الولود الودود ، فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة "


كيف يمكن معرفة هل المرأة ولود أم لا ؟
ان كانت بكر : بأصولها - أمها وجداتها - وأخواتها المتزوجات قبلها
وان كانت ثيب : بعدد مرات انجابها من الزوج الذي قبله
وصحة المرأة وعمرها من أمارات معرفة صلاحيتها للإنجاب أيضا


3- البكارة

يستحب الزواج بالبكر ليتمكن الحب وتكتمل المتعة ويتم الأُنس ، لأن الطبع البشري مجبول على الأُنس بأول محبوب ولهذا قال الحبيب عليه الصلاة والسلام لجابر بن عبد الله عندما أخبره بالزواج من مرأة ثيب : " هل لا تزوجت بكرا تضاحكك وتضاحكها ، وتلاعبك وتلاعبها؟ " والسؤال هنا يدل على الأفضلية لا السؤال
وعن عبد الرحمن بن سالم الأنصاري عن أبيه عن جده أن النبي عليه الصلاة والسلام قال : " عليكم بالأبكار ، فإنهن أعذب أفواهاً وأنتق أرحاماً وأرضى باليسير "

الفراشة المتألقة
15-02-2009, 06:32 PM
الصفات التي يجب مراعاتها في اختيار الزوج

أكد الدين الاسلامي في هذا الشأن على عدة أمور منها :

1- الدين

على المرأة المسلمة ووليها الحرص في اختيار وقبول الزوج ، فلا يرضون بتزويج الا من له دين وخلق وشرف وحسن سمت ، فمثل هذا الزوج خير للزوجة فإنه ان عاشرها عاشرها بمعروف ، وإن سرحها سرحها باحسان

والاسلام يرغب في الزوج الدّين التقي الذي يخشى الله في زوجته ويراقب ربه في معاملتها ويؤدي لها واجبها الذي فرضه الله تعالى عليه حيث قال الحبيب عليه الصلاة والسلام : " إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض "

ويروى أن رجلا قال للحسن بن علي - رضي الله عنهما - : إن لي بنتا ، فم ترى أن أزوجها له ؟ قال : زوجها ممن يتقي الله تعالى ، فإن أحبها أكرمها ، وإن أبغضها لم يظلمها


2- حسن الخلق

وهو مظهر من مظاهر التدين
يقصد به :دماثة أخلاقه وسماحته ولطف معاشرته ، ليحسن معاملتها ، ويحفظ كرامتها ، وينسيها غربتها ، ولا يسيء اليها أو يهينها بقوله او فعله ، ويكون فطن يقظ لمواطن الذلة والهوان فيجنبها نفسه وبيته


3- الجمال

بمعنى ألا يكون في الزوج عيب مُنَفر يجعل المرأة لا تحس معه بالسعادة ، والنفس بطبيعتها تتطلع الى الجمال وتتلمسه في كل شي ، وهو من عوامل دوام الألفة وتمام الصحبة ، والنسوة يرغبن فيه ويبحثن عنه كما يهفو اليه الرجال وينقبون عنه
ولا أجمل من رجل ووقور الهيئة ، تزين وجهه لحية سوداء

والجدير بالذكر هنا .. إن كان في الرجل عيب خَلْقي فالواجب عليه أن يوضحه للمرأة أو لأهلها كي لا يغرر المرأة بنفسه ، ومن حق الإختيار للفتاة أن لا تقبل بمن فيه عيب خَلْقي ، وإن تم الزواج دون علمها بعيب الرجل فلها الحق بمطالبة الحاكم بفسخ العقد


4- المال

لا ينبغي أن يأخذ النظر الى مال الزوج أكبر من حجمه ، أو يتجاوز حده بحيث يتغالى في تقديره الى ان يطغى على الاعتبارات الأخرى والصفات المثلى ، وقد نبه الله تعالى الى خطر الاعتماد على هذه النظرة المادية وجعْلها الأساس ، وذلك من خلال بيان عون الله للفقير وأن عدم الغنى لا يعيبه حيث قال سبحانه :" إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله "
وفي الحديث الشريف : " ثلاثة حق على الله عونهم : المجاهد في سبيل الله ، والمكاتب الذي يريد الأداء ، والناكح الذي يريد العفاف "

ومع ذلك فلا مانع من رغبة الفتاة في أن يكون للزوج مال يغنيه ، فقد يشترط البعض لنفسه في الزوج أن يكون غنيا بالقدر الذي تنال به الزوجة في كنفه ما تريد من أساسيات الحياة ، وهذا أمر مقبول لا بأس به ، والطلب معقول
وقد جاء في الحديث : " نعم المال الصالح للعبد الصالح "


5- الحسب والنسب

لا بأس أن تتطلع الفتاة أن يكون زوجها ذا نسب معروف كريم يشبهها به وهذا أمر معروف في المجتمعات وهو من أسباب التجانس إذ أن التفاوت - عند من تغلبهم الأعراف والتقاليد - يكون مؤثر بصورة سلبية ،
ولكن لا ينبغي أن يأحذ الحسب والنسب اعتبارا يصبح معه كاعتبار الدين والخلق ، أويكون مقرر للطبقة والعنصرية ، ومحققا قيم الجاهلية في افتخارها بالأنساب

الفراشة المتألقة
22-02-2009, 04:30 PM
مفهوم الخِطبة

بما أن الأسرة ركيزة المجتمع ، ولبنة في بناء الأمة ، وصرح يقام عليه المجتمع الانساني الكبير

وبناء الأسرة دعامته زواج موفق يربط بين زوجين برباط قوي متين يمنحها الوئام ويعصمها من الآثام

لهذا ، فإنه يجب على كل من يريد الزواج رجلا كان أوامرأة أن يكون على علم وبينة من أمر الطرف الآخر وفق ما مضى ذكره من الصفات ، حتى اذا لقي كل واحد منهما القبول لدى الآخر أقبلا على اتمام الزواج وهما مطمئنان ، لذلك شرعت الخطبة ، ونظمت أحكامها في كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام لتكون مقدمة من مقدمات عقد الزواج وتمهيدا له

الحكمة من مشروعية الخِطبة
هي الطريق تُعرّف كل من الخاطبين على الآخر ، لأنها تتيح بعض الفرص لمعرفة أخلاق وطبائع وميول الطرفين ، وذلك بالقدر المسموح به شرعا ، وهو كافٍ جدا لجريان العقد الشرعي حينما يجد الطرفان أن نقاط التلاقي والإتفاق والتجاوب متوفرة ومن هنا تكمن أهمية هذه المرحلة ومشروعيتها

والسبب في اهتمام الشرع بهذه المقدمات : هو الحرص على إقامة الزواج على أمتن الأسس وأقوى المبادئ ، لتحقيق الغاية الطيبة منه ، وهي سعادة الأسرة ، ودوامها واستمرارها واستقرارها ومنعها من التصدع الداخلي ، وحمايتها من النزاع والخلاف لينشأ الأولاد في جو من الحب والألفة والود والسكينة واطمئنان كل طرف إلى الآخر.

تعريف الخِطبة شرعا : هي التماس الخاطب النكاح من المخطوبة أو من وليها ، فهي بمعنى طلب المرأة للزواج ، يقال:خطب فلان إلى فلان ابنته ، أي: طلب الزواج منها.

الفراشة المتألقة
04-07-2009, 02:39 PM
أحكام الخِطبة
الخطبة مشروعة لمن أراد الزواج ، لقوله تعالى : " وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ " ، وأقصى ما ذهب إليه أهل العلم هو القول باستحبابها ، ووجه الإستحباب أن النبي عليه الصلاة والسلام فعلها في زواجه من أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها حيث خطبها من أبي بكر ، كما خطب عليه الصلاة والسلام أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها ، ولم يذهب أحد من أهل العلم إلى القول بوجوبها ، فهي مستحبة وليست واجبة .

ويكره فسخها بدون مبرر أو داعٍ شرعي مراعاة لحرمة البيوت ، ولأن الإلتزام بها من باب الوفاء بالوعد وحسن الديانة ، فالإسلام لا ضرر فيه ولا ضِرار .

في حالة العدول والرجوع عن الخِطبة

لا يترتب على هذا الأمر أي أثر ما دام لم يحصل عقد شرعي

الحكم الشرعي فيما قدمه الخاطب لمخطوبته في حالة فسخ الخطوبة

ما قدمه الخاطب على حساب المهر فإنه يُرد له ، لأن المرأة لا تستحق المهر إلا بالعقد عليها عقداً شرعيا .

أما ما قدمه للمخطوبة من باب الهدية ، فأوسط آراء العلماء وأقربها أنه أنه إن كان هناك شرط أو عرف عمل به ، وإن لم يكن هناك عرف أو عادة فننظر:
إن كان الرفض من جهته ، لم يرجع بشيء مما أعطى ، حتى لا يجمع عليها كسر قلبها بالرفض والغرامة المالية بإعادة ما دفعه إليها
وإن كان الرفض من جهتها ، كان من حقه الرجوع بهديته ، حتى لا يجتمع عليه كسر قلبه برفض خطبته وضياع ماله عليه .

الفراشة المتألقة
04-07-2009, 03:00 PM
آثار الخِطبة ، وحكم النظر إلى المخطوبة

الخِطبة مجرد وعد بالزواج وليست زواجا ، فإن الزواج لا يكون إلا بانعقاد العقد الشرعي ، فلا يجوز للخاطب الخلوة بالمخطوبة أو الخروج معها دون محرم لأنها ما زالت أجنبية عنه ولم تصبح زوجة لها بعد .

من الآثار المترتبة على نظر الخاطب إلى مخطوبته :
1- إباحة النظر إلى المخطوبة
أبيح للخاطب أن ينظر إلى مخطوبته لأنه وسيلة إلى الترغيب في عقد النكاح وإتمام الزواج ، والنظر للمخطوبة مستحب ، لأن النبي عليه الصلاة والسلام حث من أراد التزوج من امرأة أن ينظر إليها قبل عقد القران ، فعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أنه خطب امرأة ، فقال له النبي عليه الصلاة والسلام : " انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما "
فهذا دليل على استحباب النظر إلى المخطوبة ، وأنه مؤثر في حسن ودوام العشرة.

ومن حق المرأة أن تنظر إلى من تقدم لخطبتها ، فإنه يعجبها منه ما يعجبه منها ، لأن المصلحة التي أشار إليها النبي عليه الصلاة والسلام من النظر هي دوام الألفة والود تتحقق بنظر المرأة كما تتحقق بنظر الرجل .

2- تحريم الخِطبة على الخِطبة
عند إتمام الخطبة لا يجوز لغير الخاطب أن يخطب تلك الفتاة ، حتى يترك الخاطب الأول الخِطبة ويصرف النظر عنها إلى غيرها ، وقد ورد النهي عن ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم : " لا يبيع الرجل على بيع أخيه ، ولا يخطب على خِطبة أخيه إلا أن يأذن له "

الفراشة المتألقة
04-07-2009, 03:10 PM
ضوابط العلاقة مع المخطوبة

1- النظر إلى ما يظهر منها غالبا كالوجه والكفين
الحكمة من الإقتصار على الوجه والكفين ، أن في الوجه ما يستدل به على جمال المرأة ، وفي اليدين ما يستدل به على خصب البدن ( لونه ، نحولته ....الخ)

2- عدم الخلوة بها عند النظر ، بل يكون في حضور أحد محارمها

3- لا تجوز مصافحتها ولا ملامستها ، لأنها ما زالت أجنبية عنه وليست زوجة

4- لا يجوز الخروج معها أو الخلوة بها بدون محرم

5- تجوز محادثتها في حدود الضوابط الشرعية والآداب المرعية

6- جميع ما سبق بكون الخاطب عازم على الخطبة لا لاهيا أو راغبا في التعرف والتحدث مع الفتاة فقط

الفراشة المتألقة
04-07-2009, 04:33 PM
مسألة التعرف على المخطوبة بالوسائل الحديثة

1- حكم النظر إلى الصورة الفوتوغرافيه للمخطوبة:
إذا كانت الرؤية مشروعة مباحة ، فإنه يجوز للخاطب كذلك أن ينظر إلى الصورة الفوتوغرافية للمخطوبة ، على أن تكون الصورة لا تظهر إلا الوجه والكفين ، لدخولها في قوله صلى الله عليه وسلم: " إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل "

إلا أنه يحسن التنبيه إلى أن هذا الطريق قد يدخل فيه التدليس إلى حد كبير ، فالصورة قد تكون خادعة لا تظهر الشخص المصور على حقيقته لا سيما مع تقدم التقنيات الحديثة في مجال التصوير.

كما أنبه إلى خطر آخر ، وهو أنه يمكن أن تنتقل الصورة إلى عدد كبير من الأشخاص ( الخاطب وأمه وأخته وخالته وعمته وغيرهم ) وفي ذلك ضرر كبير للمخطوبة وأسرتها .

وفي جميع الأحوال لا يجوز النظر إلا إذا كان للرجل نية صادقة في الزواج ، ولا يكون عابثا وغير عازم ولا جاد في قصد الزواج ، فمثل هذا لا يحل له النظر ، وعمله غير مشروع لأنه يتحايل على الشرع ، ويتلاعب بأعراض وسمعة بنات المسلمين وذلك من الآثام والدنوب.

2- حكم محادثة المخطوبة عبر الهاتف
قد يحتاج الرجل - خاصة في الحالات التي يستطيع فيها رؤية المخطوبة - أن يخادثها عن طريق الهاتف ليتعرف على صوتها الذي يعبر عن شخصيتها ، وليقف على رأيها فيما له أثر في الحياة الزوجية المقبلة ، ولكن ينبغي أن تكون المحادثة جادة وهادفة للمقصود ، وأن تكون بعلم ولي الزوجة وأهلها ، وبحضور واحد منهم أثناء المحادثة ، فالمحادثة التي تكون بعيدة عن معرفة الأهل وعلمهم تجلب الشك والظنون ، كما أنها قد تأخذ منحنى آخر غير المقصود ، وينبغي التنبيه إلى أن تكون المحادثة بقدر الحاجة ، كما أن الرؤية تكون بقدر الحاجة التي تؤدي إلى تحقيق المطلوب .

الفراشة المتألقة
04-07-2009, 04:38 PM
عقد الزواج

أركانه وأحكامه وآثاره

الفراشة المتألقة
04-07-2009, 04:58 PM
اعتنى الإسلام عناية كبيرة بـ ( عقد النكاح ) ، و وصفه في القرآن الكريم بـ " الميثاق الغليظ " ، فقال في شأن الزواج : " وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقا غَلِيظَا "

وهذا الوصف لم يوصف به إلا عقد النبوة بين الأنبياء - عليهم السلام - وربهم جل جلاله كما قال تعالى : " وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيْسَى ابنَ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا ِمنْكُمْ مِيْثَاقاً غَلِيظاً "

ومن هنا قدر الإسلام الزواج حق قدره ، واتخذ في تشريعاته من الأحكام والآداب ما يوفر له أسباب الوقاية والحماية ، وما يجعله يحقق مقصوده ويؤدي مطلوبه

سنتناول الآن أحكامه وآدابه بشيء من التفصيل