جرائم روسيا مبرّزة في جورجيا مخفيّة في الشيشان

[flower3]

بسم الله الرحمن الرحيم

جرائم روسيا مبرّزة في جورجيا مخفيّة في الشيشان

الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه لا انتهاء له، باق بقاء سلطانه القديم وعرشه العظيم، والصلاة والسلام على الرسول الأمين محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه وسلم؛ أما بعد:-

تنبه الإعلاميون فجأة وبلا مقدمات إلى أن روسيا تخوض حربا في القوقاز وتحرك جيشها وتستخدم أسلحتها في القصف والتخريب، وتذكروا أن لهم رسالة سامية يجب أن يؤدوها دون الإخلال بالأمانة الصحفية والشروط المهنية وميثاق الشرف الصحفي.

فرأينا المندوبين الصحفيين يتقاطرون إلى جورجيا لتغطية الجريمة التي يرتكبها الجيش الروسي في تلك البلاد، ووصل أولئك الإعلاميون الليل بالنهار يلاحقون الأحداث وينشرون الأخبار ويحدثون الجماهير مباشرة من ميدان المعركة لينقلوا إلينا صورا من الجرائم البشعة الواقعة.

وبمتابعة وسائل الإعلام عرفنا أن جورجيا دولة قامت بعد انهيار الاتحاد السوفييتي في أعقاب خسارته للحرب أمام المجاهدين الأفغان _وقيام دولة إسلامية حقيقية لأول مرة في التاريخ الحديث منذ سقوط الخلافة الإسلامية العثمانية على أيدي الصليبيين الجدد بمعاونة القوميين والوطنيين_.

وظهرت الصور التي تثير كوامن الغضب في النفوس وتولدت في القلوب مشاعر الكره للروس الذين تبين المشاهد ، والأشلاء المقطعة والبيوت المحترقة مدى إجرامهم ومستوى أحقادهم.
ولكن ماذا عن جرائمهم في الشيشان ؟؟ أين الصور؟؟ وأين أصحاب الرسالة؟؟ أين ميثاق الشرف الصحفي بل وأين الشرف؟؟..

آلاف القصص التي تحفظها شوارع وجدران الشيشان عن الروس وبشاعة أفعالهم، وعشرات الأحداث اليومية التي تنشرها وكالة كفكاز سنتر والمواقع الإعلامية الشيشانية عن آلام الناس ومذابح الروس بحق أهالي الشيشان مصيرها التعتيم الإعلامي وليس لها في وسائل إعلام الرأي والرأي الآخر مساحة للنشر أو وقتا للبث.

ألم يثبت من خلال التحقيقات أن الجيش الروسي متورط في قتل مواطنيه في المدرسة التي سيطر عليها المجاهدون الشيشان بأوسيتيا الجنوبية من خلال القصف المباشر عليها دون الاكتراث بمصير من فيها من الروس؟.

كما استخدم الجيش الروسي غازا ساما لإنهاء أزمته في المسرح الذي سيطر عليه المجاهدون الشيشان عندما تعذر عليه اقتحامه فأوقع من مواطنيه قتلى يفوق عدد الخاطفين بأضعاف في جرائم لم يسمع مثلها العالم إلا على أيدي الأمريكان حيث سبق لهم أن فجروا الطائرة التي تقل الرئيس الباكستاني الأسبق ضياء الحق مع السفير الأمريكي في إسلام أباد لما تعذر عليهم اغتياله بمفرده.

كنت أتوقع أن تكون أعمال الجيش الروسي الإجرامية في بلاد الشيشان مادة إعلامية دسمة للنشر في وسائل الإعلام المرافقة للحملة الصليبية كالحرة و العربية والجزيرة والسي إن إن والبي بي سي ولكن الأمر ليس كذلك، فعلى ما يبدو أن الأمم التي تكالبت على أمتنا استباحتها حتى آخر قطرة دم من دماء المسلمين.

وبالتدقيق في صياغة الأخبار القليلة التي نشرت في تلك الوسائل الإعلامية نجد أنها وقفت معادية للروس والشيشانيين معا، واستخدمت أساليب متنوعة من التضليل الإعلامي والدعاية ليظهر الجلاد وضحيته في ميزان واحد عندها.

فمثلا نشرت البي بي سي على موقعها بالعربية يوم الثلاثاء 29 نوفمبر 2005 خبرا عنوانه : " رئيس الشيشان يعتزم لقاء المتمردين". طبعا قصدت هيئة الإذاعة البريطانية الرئيس الدمية الذي وضعته روسيا لتحقيق مصالحها وتنفيذ مخططاتها، وتقصد بالمتمردين المجاهدين الذين لهم دولة اعترفت بها روسيا ذاتها في يوم من الأيام ثم قلبت لها ظهر المجن بعد أن التقطت أنفاسها من حرب طويلة أهرقت ماء وجهها.

وفي التفاصيل: " ومنذ طرد المتمردين من البلاد صوّت الشيشانيون لدستور جديد يثبّت موقع الإقليم كجزء من روسيا، في عملية تصويت شابتها انتقادات واسعة بالتزوير ". هنا تكرار لمصطلح المتمردين، وقالت بي بي سي أن الشيشانيين صوّتوا لدستور جديد يثبت موقع الإقليم كجزء من روسيا في حين ذكرت أن هناك انتقادات واسعة بالتزوير وهذا الأمر فيه إثبات لنجاح التصويت وتشكيك في نزاهته.

أما السي إن إن فلم تختلف كثيرا عن البي بي سي فقد نشرت على موقعها بالعربية يوم السبت 17 يونية 2006 خبرا عنوانه: " "مقتل القائد الشيشاني سعيدولاييف في عملية أمنية خاصة "، وفيه نوع من التخويف والتهويل من شأن الخصم، كما أن اعتبارا قائدا جرده من صفته الرسمية في جمهورية الشيشان الإسلامية السابقة."

وفي التفاصيل: " وسيثبت مقتل سعيدولاييف، حال تأكيده،" تضعضع موقف الانفصاليين الشيشان. وتولى سعيدولاييف، الذي لا يُعرف عنه الكثير خارج دائرة المتمردين، منصب رئيس لجنة الشريعة، ورئيس المحكمة الشرعية العليا التي اُسست إبان فترة رئاسة مسخادوف للشيشان في التسعينات"."

ويتضح هنا بجلاء أسلوب التخويف من تضعضع المجاهدين الشيشان، واستخدمت السي إن إن مصطلح المتمردين كما فعلت البي بي سي تماما وكأنهم تواصوا به.

وبعد فترة طويلة من الزمن نشرت السي إن إن خبرا جديدا من الشيشان يوم الأحد 24/8/2008م : أعلنت الشرطة الروسية الأحد مصرع اثنين من كبار ضباط الجيش في هجوم على عربة مدرعة في إقليم "الشيشان."ونقلت وكالة الأسوشيتد برس أن عقيداً ورائداً في الجيش قتلا في الهجوم فيما أصيب ضابطان آخران بجراح خطيرة.

انظر أيها القارئ الكريم كيف جعلت « سي إن إن » الشيشان إقليما من أقاليم روسيا في صياغته للخبر، وجاءت بالخبر من مصادر الشرطة الروسية لتشير ضمنا إلى أن الأخبار عن مقتل جنود روس مصدرها المؤكد هي الشرطة الروسية أو الجيش الروسي، أقول ذلك بعد الرجوع إلى وكالة كفكاز سنتر فمنذ بداية شهر أغسطس وحده هناك الكثير من المعلومات التي تستحق النشر حول مقتل ضباط وجنود روس لم تنشر.

ومثلها فعلت قناة الجزيرة في قطر حيث نشرت خبرا يوم الجمعة 4/7/2008م جاء في مقدمته : « طلب المحقق الرسمي في انتهاكات حقوق الإنسان في جمهورية الشيشان الروسية نوردي نوخاجييف من نيابة روسيا فتح تحقيق رسمي في قصف روسي في 1999 أودى بحياة نحو 300 لاجئ شيشاني ».

وعلى ما يبدو أن المخطط الإعلامي للجزيرة والبي بي سي والسي إن إن واحد فكلها تظهر عداءها للحركات الإسلامية الساعية لإقامة الشريعة، وتخفي عداءها هذا وراء الكلمات وخلف الصياغة الصحفية المبرمجة عصبيا.

وجعلت قناة الجزيرة منطقة القوقاز كلها روسية في خبر آخر نشرته يوم الأحد 3/8/2008م : « وغالبا ما تتعرض القوى الأمنية الروسية لهجمات في منطقة القوقاز الروسي حيث ينشط المقاتلون، وذلك رغم انتهاء الحرب في الشيشان رسميا».

وعلى الرغم من أن الشيشان جمهورية مسلمة اعترفت بها الكثير من الدول وفتحت لها سفارات قبل أن ينكث الروس عهودهم ويحركوا جيوشهم نحوها إلا أن الجزيرة لا تقرّ بذلك وتعد عملاء الروس الحكومة الممثلة لأهل الشيشان تماما كما جاء في البي بي سي فجاء في حاشية خبر حول مقتل خمسة من شرطة المرتدين في الشيشان نشر يوم الثلاثاء 6/5/2008م : « وفي عام 2004 قتل الرئيس الشيشاني أحمد قديروف في انفجار قنبلة داخل الملعب حيث كان يحضر الاحتفالات بيوم النصر ».

وإلى هنا لم ينته التضليل الإعلامي الذي تمارسه القنوات الفضائية ووسائل الإعلام المرافقة للحملة الصليبية ضد الأمة الإسلامية فهم يمارسون أشد أنواع التعتيم الإعلامي على الجهاد في بلاد القوقاز ويتجاهلون ما يصدر عن إمارة القوقاز الإسلامية من مواقف وتصريحات لها أثرها في الواقع السياسي والأمني في المنطقة.

ومن أمثلة الوقائع الكبيرة التي تجاهلتها تلك الوسائل الإعلامية:
- إعلان قيام إمارة القوقاز الإسلامية.
- الجرائم اليومية التي يرتكبها جيش الاحتلال الروسي وتنشرها وكالات الأنباء والمواقع الشيشانية ويمكنكم مراجعة وكالة كفكاز سنتر لتكتشفوا حجم التعتيم الإعلامي على تلك الجرائم.
- حالة الاقتتال المستمرة بين عملاء الروس أنفسهم.
- البيانات الرسمية التي تصدر عن المجاهدين حول مقتل جنود روس في معارك.
- المواقف السياسية الصادرة عن إمارة القوقاز الإسلامية وآخرها دعوة أمير المؤمنين دكو عمروف سكان القوقاز لعدم مساعدة روسيا في الحرب ضد جورجيا. وعلى الرغم من أن الحرب في جورجيا وضعت تحت المجهر في وسائل الإعلام وأخذت مساحات واسعة من النشر والبث حتى وردت تصريحات لا وزن لها في القضية كمثل دعم حركة حماس على لسان خالد مشعل لموقف روسيا من جورجيا في حين أن موقفا سياسيا ذا قيمة وذا وزن ومؤثر واقعي في ساحة المعركة كالذي وقفته إمارة القوقاز الإسلامية لم يظهر إطلاقا في وسائل الإعلام.

ونشرت كفكاز سنتر في 13 أغسطس 2008 بيانا مصورا لأمير القوقاز أبو عثمان و نائبه سفيان عبداللهييف حول الحرب بين روسيا و جورجيا. و لم يعرض أبو عثمان و سفيان عبداللهييف أي دعم مباشر لأعمال جورجيا في أوسيتيا الجنوبية, لكن دعا ببساطة إلى السلام بين جورجيا من جهة, و أوسيتيا الجنوبية و أبخازيا من جهة أخرى. و كان الهدف الرئيسي من الإعلان بأنه يجب على جميع شعوب القوقاز أن تتحد ضد روسيا.

و قال الأميرين كانت روسيا تزيد من العداء بين جورجيا, و أبخازيا, و أوسيتيا الجنوبية خلال السنوات الأخيرة. وقد انتقدا قادة الانفصاليين في أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية ووصفوهم بعبيد الكرملين. وفي الوقت نفسه قالا أنه ليس هناك منتصر في الحرب بين الشعوب القوقازية – رسالة يمكن أن تكون موجهة لكل من الجورجيين والأوسيتيين. و قال قادة المجاهدين بأن لدى جميع القوقازيين عقلية و ثقافة مشتركة, بينما روسيا تكرههم جميعا و الكرملين يحرض على كراهية القوقازيين بين الروس. حيث جاء في الإعلان القيادة الروسية كذلك تتصرف كلصوص فاشيين بقتل القوقازيين في الشوارع الروسية. و دعا الأمير دوكو عمروف جميع القوقازيين لعدم دعم قتال. (عن مدونة إمارة القوقاز صفحة غير رسمية لنشر بيانات و أخبار إمارة القوقاز).

أليست روسيا التي تقاتل في جورجيا وترتكب الجرائم هي ذاتها التي تقاتل في الشيشان وترتكب الجرائم؟!، أليست جورجيا من القوقاز والشيشان كذلك؟!، أليست الحرب في جورجيا ظالمة وفي الشيشان كذلك؟!؛ إذن فنحن أمام دعاية موجهة وليس إعلاماً يقدم الحقائق وينشر المعلومات بعد تمحيصها ولا يحجب منها شيئا ويتقيد بالدقة والموضوعية ويتسم بالمصداقية، فاحذروا يا كرام وأنتم تشاهدون وسائل الإعلام وتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين.

كتبه أبو طه المقداد