المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لعبة الموت - التفحيط الرجاء الدخو ل للشباب


مطلق
19-10-2007, 10:20 PM
الحمد لله الذي خلق فسوى .. وقدر فهدى .. وأمات وأحيا .. وأغنى وأقنى .. الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى .
والصلاة والسلام على عبده المصطفى .. ورسوله المجتبى .. وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجهم واقتفى .
أما بعد
السيارة نعمة من نعم الله ، وأي نعمة .. فكم قضت من حاجة .. وكم أسعفت من مريض .. وكم أغاثت من ملهوف .. ناهيك عن الطاعات والقربات من سير إلى المساجد .. أو حج وعمرة .. أو بر والدين .. أو صلة رحم .. أو عيادة مريض .
ولقد أشار الله إلى هذه النعمة المتجددة .. أعني نعمة وسائل النقل .. قبل ألف وأربعمائة سنة فقال سبحانه : ( وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس إن ربكم لرؤوف رحيم . والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق مالا تعلمون ) .
قال الشيخ ابن سعدي رحمه الله : " ويخلق ما لا تعلمون مما يكون بعد نزول القرآن ، من الأشياء التي يركبها الخلق في البر والبحر والجو ، ويستعملونها في منافعهم ومصالحهم " انتهى كلامه .
.
هذا هو جزء من واقع هذه الظاهرة بين شبابنا .. ولعل أخاً كريماً يعترض ويقول : : لماذا كل هذا الخوف والتحذير ؟ أنتم كل شيء عندكم حرام وممنوع ؟
فأقول : إليك أيها المبارك العنصر الثاني من المحاضرة وهو أضرار التفحيط .
العنصر الثاني : أضرار التفحيط :
أيها الأحبة .. للتفحيط آثارٌ وأضرارٌ خطيرة على الشاب والأسرة والمجتمع ، أول هذه الأضرار :
1ـ قتل النفس .. الموت وكفى به ضرراً .
فالمفحط وهو يقوم بهذه اللعبة .. يغامر بروحِه التي يحيا بها ..وحواسِّه التي يشعر بها ..وأطرافِه التي يتحرك بها .
لعبة الموت .. كم أزهقت من روح .. وكم فجرت من جروح ..إنها مسرحية الانتحار .. فكيف يرضى العاقل أن يقتل نفسه .. أو يَشُلَّ جسده .
ومن المؤسف أن أول من يتبرأ من المفحط عند وقوع الحادث رفقاؤه الذين يركبون معه ، أو يشجعونه .. فيتركونه يصارع الموت ويهربون .. وقد يعود أحدهم لأخذ جواله ولا يفكر في مساعدة رفيقه المصاب .
في أحد شوارع الرياض .. يقوم أحد المفحطين المشهورين بالتفحيط .. وبعد لحظات تصطدم سيارته بأحد الوايتات .. وفي حادث مؤلم تدخل السيارة تحت الوايت فيموت الشاب في الحال ، وينقل الشباب الذين معه إلى العناية المركزة .
وهذا أبو حبل ، أحد المفحطين ، يحدثنا بعد إيقافه ، يقول : كنت أركب مع أحد المفحطين .. فحلف علي أحد أصدقائي المقربين أن أنزل ويركب هو مع المفحط .. فقلت : والله ما أنزل .. فحلف علي ثانية حتى نزلت .. ثم ركب مع المفحط .. وبعد شوط واحد وقع عليه الحادث فمات .. فتأثرت كثيراً لفقد هذا الصديق .. وكرهت التفحيط من تلك اللحظة .

1 ـ ضعف الإيمان :
التفحيط أمر محرم شرعاً .. لا يقدم عليه إلا من ضعف إيمانه .. وقلت خشيته من الله تعالى .
وإلا كيف يرضى المسلم حقاً أن يؤذي نفسه أو إخوانه بهذه الأفعال . ولهذا يقول عليه الصلاة والسلام ( المسلم ـ أي المسلم الكامل ـ من سلم المسلمون من لسانه ويده ) .. فإذا رأيت إنساناً يؤذي عباد الله فاعلم أنه ضعيفُ الإيمانِ والصلةِ بالله تعالى .
2 ـ حب الظهور والشهرة :
وهذا من أهم الأسباب التي تدفع الشاب إلى ممارسة التفحيط .. رغبةً في الشهرة .. وطمعاً في تهافت المعجبين عليه .
هذا شاب عمره سبعة عشر عاماً موقوف في دار الملاحظة يقول :
أفحط لتشتهر سمعتي عند الشباب .. ويعرفوا أني سواق .. فقمت بسرقة سيارة ، وبعد قيامي بالتفحيط بها تم القبض علي .
إن كثيراً من المفحطين يفتن بالشهرة.. فالشباب يرونه إنساناً محترفاً .. سواق .. ملك الطارة .. فيتسابقون إلى التعرف عليه .. وهذا يجعله يدمن على التفحيط ولا يقلع عنه .
ومن الطرائف (في مسألة حب الظهور) ما حدثني به أحد الشباب الموقوفين ، يقول : لما رأيت زملائي متجمعين بجوار سور المدرسة ، أردت أن أظهر مهارتي أمامهم .. فأسرعت بالسيارة .. ومع المنعطف سحبت الجلنط .. فلم أشعر إلا والسيارة تتجه إلى إحدى الأشجار وتصطدم بها ، فيا للخزي والندم.
3 ـ الفراغ :
شباب .. يتسكعون في الأحياء .. ويجوبون الشوارع بلا مهمة .. وبلا هدف .. هذا هو حال كثير من المفحطين .. أكثرهم من أهل البطالة العاطلين عن العمل ..والآخرون ممن لم يستثمروا أوقاتهم الفائضة فيما ينفعهم .
48 ـ العلاقات الشاذة .. ومحاولة بعض الشباب لفتَ انتباه الأحداث والمردان .. واستدراجَهم لعلاقات حب شاذة .. أو لفعل الفاحشة والعياذ بالله ..
ومن خلال لقاءاتنا مع المفحطين .. تبين أن هذا السبب كان وراء قيام بعضهم بالتفحيط .

العنصر الخامس : العلاج :
ما هي أهم الحلول للتصدي لهذه الظاهرة ؟
هذه الظاهرة التي أقلقت المسؤولين والمربين والأسر .. جديرة بالاهتمام وتظافر الجهود من المجتمع بأكمله للقضاء عليها .
ولعلي أذكر ببعض الأمور التي يمكن القيام بها لعلاج هذه الظاهرة :
أولاً : لابد من رفع الوعي بين الشباب .. والتذكير بأضرار هذه الظاهرة .
فنخاطب المفحط أولاً ونقول :
أيها الشاب .. إلى متى وأنت تغامر بروحك وأرواح الآخرين .
ألم تر أو تسمع ببعض المفحطين الذين فقدوا حياتهم ، وأفضوا إلى ربهم بسبب هذا الفعل ؟
ألم تسمع نداء ربك ، وهو ينهاك عن قتل نفسك ؟ (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً) أيسرك أن تلقى الله وقد قتلت نفسك بهذا الفعل .. الانتحار .. طريق النار .. كما قال عليه السلام في المتفق عليه عن أبي هريرة ( من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً ) .
وهذا وعيد شديد .. نسال الله أن يحسن لنا ولك الختام .
فهل يسرك أن تلقى الله بهذه الخاتمة السيئة ؟ .
في بعض حوادث التفحيط يموت الشباب على ترك الصلاة .. يموتون على المعصية .. يموتون على الأغاني المحرمة .
فهذا شاب عمره واحد وعشرون عاماً موقوف في المرور ، يقول : كان معي أربعة من الشباب .. بدأت بالتفحيط وأنا أسير بسرعة مائة وثمانين كيلو متر .. كان أحد الشباب يرقص على الأغاني في المرتبة الخلفية .. ويشجعني بصوته المرتفع : ( دز البنزين ، دز البنزين ) .. وفي لحظة واحدة ، انحرفت السيارة فارتطمت بحاجز ترابي على جانب الطريق .. صرخ الصديق الذي كان يرقص صرخة قوية ، ثم انقطع صوته .. سكن كل شيء في السيارة إلا صوت الأغاني .. رفعت رأسي .. التفتُّ إلى الراكب الذي بجواري فإذا به يبكي ويداه مكسورتان .
أما الراكب الأوسط الذي في الخلف فقد ارتطم وجهه بدعسة الفرامل في الأمام .. رفعت وجهه ، وأخرجته من السيارة ، قلت له : اذكر الله .. قل لا إله إلا الله .. فلم يرد علي ، وكانت الدماء تخرج من فمه ، وروحه تكاد أن تخرج .
ثم رجعت إلى أحد المصابين في السيارة ، فسألته عن حاله ، فكان يصيح ويقول بغير شعور : عقّد .. عقّد .. كمل التفحيط ..
ونقل أحد الشباب إلى المستشفى وهو يغني .. ثم اتصلت بالمستشفى بالجوال ، فقالوا : ها هو في الإسعاف ، لا يزال يغني بغير شعور ، نسأل الله حسن الخاتمة .
أغمي علي بسبب ما شاهدت .. ثم استيقظت بعد حضور رجال الأمن والإسعاف .. شاهدت سيارتي وهي تحترق .. فتوجهت إلى القبلة .. وصليت ركعتين لله .. الذي نجاني من الموت .
أيها المفحط .. إن دماءَ المسلمين غاليةٌ عند الله .. فكيف تكون رخيصةً عندك .. ألم تسمع قول الحبيب عليه الصلاة والسلام كما عند ابن ماجه بسند صحيح : ( لزوال الدنيا أهون على الله من قتل مؤمن بغير حق ).
كم من نفس قتلتها .. وكم من أسرة حصدتها .. وكم من امرأة أرملتها .. وكم من طفلة يتمتها .
كم من بريء أصبح مشلولاً على الفراش لا يتحرك منه إلا رأسه أو عيناه .. يدعو عليك بأن ينتقم الله منك .. وكم من أم مكلومة تدعو عليك بأن يحرمك الله الجنة كما حرمتها ولدها .
في شارع ابن الجوزي بحي العريجاء بالرياض .. عجوز مسكينة تمشي مع ابنتها في طريقهما إلى المنزل .. وبعد عبورهما الشارع .. يقبل أحد الشباب وهو يفحط بسيارته.. فتزحف السيارة لتحصِد المرأة وابنتها .. ثم يهرب الشاب تاركاً ضحيتيه أمام الناس .. فزع الناس .. ونقلوا الضحيتين إلى المستشفى .. لتموتَ الأم .. وترقدَ البنتُ في العناية المركزة بسبب إصابة شديدة بالرأس .. ثم يقبض بحمد الله على هذا المفحط من قبل الدوريات الأمنية .
أخي .. أين خوفك من الله .. أين شهامتك ونخوتك .. ما هو شعورك لو كانت هذه المسكينة لا قدر الله أمَك .
.
سادساً :ولمدارسنا دور كبير في التصدي لهذه الظاهرة .. برفع الوعي بين أبنائنا .. ومتابعة وتقويم السلوكيات التي تصدر ممن يقومون بهذه الظاهرة .. والتعاون مع الجهات المختصة للقضاء عليها .
سابعاً :لابد من احتواء أوقات الشباب .. وامتصاص طاقاتهم في النشاطات النافعة ، أو البرامج الترفيهية البريئة .. عبر المراكز والمخيمات والملاعب وغيرها .
العنصر السادس : عقوبات التفحيط :
التفحيط معصية محرمة ..ومخالَفة للأنظمة .. يعرض الإنسان بها نفسه للعقوبة في الدنيا والآخرة.
أما العقوبة النظامية فقد تضمن القرار الوزاري الصادر من مقام وزارة الداخلية برقم 1607 في 28 / 3 / 1422 هـ تقريرَ عقوبة التفحيط على النحو التالي :
1ـ في المرة الأولى : التوقيفُ لمدة خمسة أيام والغرامةُ بحدها الأوسط وحجزُ المركبة لمدة شهر .
2 ـ في المرة الثانية:التوقيفُ لمدة عشرة أيام والغرامةُ بحدها الأعلى وحجزُ المركبة لمدة شهرين.
3 ـ في المرة الثالثة : تحجز السيارة ، ويربط المخالف بالكفالة ، ويرفع عنه لأمير المنطقة لتقرير ما يجب بحقه شرعاً ، مع المطالبة بمصادرة السيارة .
أما العقوبة الأخروية فهي أشد وأعظم ، فإن الله تعالى توعد من آذى عباده المؤمنين .. حيث قال سبحانه : ( والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً ) .
ويقول عليه الصلاة والسلام كما عند الطبراني وحسنه الألباني : " من آذى المسلمين في طرقهم وجبت عليه لعنتهم "
أخي الحبيب .. أسألك بالله .. إذا وجبت عليك اللعنة .. وطردت من رحمة الله .. فمن الذي ينجيك من عذاب الله .
العنصر السابع : حوار بين مفحط ورجل مرور :
هذه أبيات لطيفة تحكي حوارً طريفاً بين أحد المفحطين ، وأحد رجال المرور .
ولنبدأ بالمفحط .. فهذا المفحط يقول لرجل المرور :
دعني أفحط ما الشباب ببـاقي *** واكـتب مخـالفـة على الأوراق
يا أيها الجندي دعني ،كف عن *** جلدي وعن حبسي وطول لحـاقي
إني خبـيـر مـاهر متفـنن ٌ *** فاسأل ـ رعاك الله ـ كل رفـاقي
واسأل دروب الحي عن سيارتي *** تنـبيـك عن نـوعيـة السـواق
رد عليه رجل المرور ، فقال :
يا ذا المفحط هـاك من أعماق *** سـيلَ الـوعيد بغيبة الإشفاق
قسماً ـ وإنك عـالم ـ أني لها *** أن سوف يقرن ، راحتيك وثاقي
يـا أيهـا المسـكين إن إرادتي *** لم تستكن ـ يوماً ـ إلى الإرهاق
بالحزم لا بـتـوددي وتخـاذلي *** سترى الطريـق وفاضل الأخلاق
وهذه أبيات .. طلب مني أحد الإخوة إلقاءَها على مسامعكم .. أهديها لمحبي الشعر الشعبي .
(يقول الشاعر) :
لا تحسب التفحيط يا جاهل فنون *** مع جدعت الموتر يمين ويساره
كـم واحد باسبـابه اليوم محزون *** وكم واحد راحت حياته خساره
وكم واحد خلف لاطفال يدعون *** باسمـه وهـو عنهم بعيدٍ مزاره
هـذا يبي دفـتر وهذي تبي لون *** وزوجـه ترمّل بعـد موته بداره
وكم من بري حاله اليوم وشلون *** اتبـدلت عـقب الحـلا بالمراره
باسباب جـهَّل للمواتر يسوقون *** لا رخصة بيده ولا ايضا استماره
واطفال همَّل في الشوارع يدورون *** ومـع صغر سنه باليمين الزقاره
واليا سألته ليه تفحيط وجنون *** جالـك جوابه ذاك فن ومهاره
وإلى لقاء آخر بإذن الله تعالى ، والله ولي التوفيق .
النقيب سامي بن خالد الحمود
عضو إدارة الشؤن الدينية في الأمن العام حالياً ..
ومكافحة المخدرات سابقاً