ابن القيم في ملتقى الشفاء؟؟؟؟؟؟؟بسرررررررررررعة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4936 - عددالزوار : 2024127 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4511 - عددالزوار : 1301393 )           »          تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 859 - عددالزوار : 118918 )           »          شرح كتاب الحج من صحيح مسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 56 - عددالزوار : 40216 )           »          التكبير لسجود التلاوة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          زكاة التمر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          صيام التطوع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          كيف تترك التدخين؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          حين تربت الآيات على القلوب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          تفسير القرآن الكريم ***متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3096 - عددالزوار : 367038 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > ملتقى اخبار الشفاء والحدث والموضوعات المميزة > رمضانيات
التسجيل التعليمـــات التقويم

رمضانيات ملف خاص بشهر رمضان المبارك / كيف نستعد / احكام / مسابقات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 26-08-2007, 02:04 AM
الصورة الرمزية ابومالك اليماني
ابومالك اليماني ابومالك اليماني غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: الرياض
الجنس :
المشاركات: 273
الدولة : Saudi Arabia
63 63 ابن القيم في ملتقى الشفاء؟؟؟؟؟؟؟بسرررررررررررعة

من كتاب زاد المعاد
الحلقة الاولى

فصل‏:‏ في هَدْيه صلى الله عليه وسلم في الصيام

لما كان المقصودُ مِن الصيام حبسَ النفسِ عن الشهواتِ، وفِطامَها عن المألوفات، وتعديلَ قوتها الشهوانية، لتستعِدَّ لطلب ما فيه غايةُ سعادتها ونعيمها، وقبول ما تزكو به مما فيه حياتُها الأبدية، ويكسِر الجوعُ والظمأ مِن حِدَّتِها وسَوْرتِها، ويُذكِّرها بحال الأكبادِ الجائعةِ من المساكين، وتضيق مجارى الشيطانِ من العبد بتضييق مجارى الطعام والشراب، وتُحبس قُوى الأعضاء عن استرسالها لحكم الطبيعة فيما يضرُّها في معاشها ومعادها، ويُسكِّنُ كُلَّ عضوٍ منها وكُلَّ قوةٍ عن جماحه، وتُلجَمُ بلجامه، فهو لجامُ المتقين، وجُنَّةُ المحاربين، ورياضة الأبرار والمقرَّبين، وهو لربِّ العالمين مِن بين سائر الأعمال، فإن الصائم لا يفعلُ شيئاً، وإنما يتركُ شهوتَه وطعامَه وشرابَه من أجل معبوده، فهو تركُ محبوبات النفس وتلذُّذاتها إيثاراً لمحبة اللَّه ومرضاته، وهو سِرٌّ بين العبد وربه لا يَطَّلِعُ عليهِ سواه، والعبادُ قد يَطَّلِعُونَ منه على تركِ المفطرات الظاهرة، وأما كونُه تركَ طعامَه وشرابَه وشهوتَه من أجل معبوده، فهو أمرٌ لا يَطَّلِعُ عليه بَشرٌ، وذلك حقيقةُ الصوم ‏.‏

وللصوم تأثيرٌ عجيب في حفظ الجوارح الظاهرة، والقوى الباطنة، وحِميتها عن التخليط الجالب لها المواد الفاسدة التي إذا استولت عليها أفسدتها، واستفراغ المواد الرديئة المانعة لها من صحتها، فالصومُ يحفظ على القلب والجوارح صحتها، ويُعيد إليها ما استلبته منها أيدى الشهوات، فهو من أكبر العونِ على التقوى كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏يأَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُم لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 183‏]‏‏.‏

وقال النبى صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏الصَّوْمُ جُنَّة‏)‏ ‏.‏ وأمَرَ مَنِ اشتدَّتْ عليه شَهوةُ النكاح، ولا قُدرة لَه عليه بالصِّـيام، وجعله وجَاءَ هذه الشهوة ‏.‏

والمقصود‏:‏ أن مصالحَ الصومِ لـمَّا كانت مشهودةً بالعقول السليمةِ، والفِطَرِ المستقيمة، شرعه اللَّهُ لعباده رحمة بهم، وإحساناً إليهم، وحِميةً لهم وجُنَّةً ‏.‏

وكان هَدْى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فيه أكَملَ الهَدْى، وأعظمَ تحصيل للمقصود، وأسهلَه على النفوس ‏.‏

ولما كان فَطْمُ النفوسِ عن مألوفاتِها وشهواتِها مِن أشق الأمور وأصعبها، تأخَّر فرضُه إلى وسط الإسلام بعد الهجرة، لما توطَّنَتِ النفوسُ على التوحيد والصلاة، وأَلِفَت أوامِرَ القرآنِ، فَنُقِلَت إليه بالتدريج ‏.‏

وكان فرضه في السنة الثانية من الهجرة، فتوفِّى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وقد صامَ تِسع رمضانات، وفُرِضَ أولاً على وجه التخيير بينه وبين أن يُطعِم عن كُلِّ يوم مسكيناً، ثم نُقِلَ مِن ذلك التخيير إلى تحتُّم الصومِ، وجعل الإطعام للشيخ الكبير والمرأة إذا لم يُطيقا الصيامَ، فإنهما يُفطِران ويُطعمان عن كُلِّ يوم مسكيناً، ورخَّص للمريض والمسافِر أن يُفطرا ويقضيا، ولِلحامِل والْمُرضِعِ إذا خافتا على أنفسهما كَذَلِكَ، فإن خافتا على ولديهما، زادتا مع القضاء إطعام مِسكين لِكُلِّ يوم، فإن فطرهما لم يكن لِخوف مرض، وإنما كان مع الصِّحة، فجُبِر بإطعام المسكين كفطر الصحيح في أوَّل الإسلام ‏.‏

وكان للصوم رُتَبٌ ثلاث، إحداها‏:‏ إيجابُه بوصف التخيير ‏.‏

والثانية تحتُّمه، لكن كان الصائمُ إذا نام قبل أن يَطْعَمَ حَرُمَ عليه الطعامُ والشرابُ إلى الليلة القابلة، فنُسِخ ذلك بالرتبة الثالثة، وهى التي استقر عليها الشرعُ إلى يوم القيامة ‏.‏
__________________


إخوتي وأخواتي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 26-08-2007, 06:35 PM
الصورة الرمزية خولــه*
خولــه* خولــه* غير متصل
عضو مشارك
 
تاريخ التسجيل: Aug 2007
مكان الإقامة: الرياض
الجنس :
المشاركات: 53
الدولة : Saudi Arabia
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزى الله العالم الامام الفقيه ابن القيم خير الجزاء

وجوزيت خير اخي الكريم

ثقل الله به موازيينك

اكمل بارك الله فيك 000متابعه معك

اللهم اجعلنا ممن يستمع القول فيتبع احسنه
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 28-08-2007, 12:49 PM
الصورة الرمزية ابومالك اليماني
ابومالك اليماني ابومالك اليماني غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: الرياض
الجنس :
المشاركات: 273
الدولة : Saudi Arabia
63 63

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فتاة شرقية مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزى الله العالم الامام الفقيه ابن القيم خير الجزاء

وجوزيت خير اخي الكريم

ثقل الله به موازيينك

اكمل بارك الله فيك 000متابعه معك

اللهم اجعلنا ممن يستمع القول فيتبع احسنه

وفقك الله اختي الفاضلة ابشري بما يسرك ان شاءالله
__________________


إخوتي وأخواتي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 28-08-2007, 12:52 PM
الصورة الرمزية ابومالك اليماني
ابومالك اليماني ابومالك اليماني غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: الرياض
الجنس :
المشاركات: 273
الدولة : Saudi Arabia
63 63 الحلقة الثانيه

الحلقة الثانية
من كتاب زاد المعاد
فصل

وكان من هَدْيه صلى اللَّه عليه وسلم في شهر رمضان، الإكثارُ من أنواع العبادات، فكان جبريلُ عليه الصلاة والسلام يُدارسه القرآن في رمضان، وكان إذا لقيه جبريل أجودَ بالخير من الريح المرسلة، وكان أجودَ الناس، وأجود ما يكون في رمضان، يُكْثِرُ فيه مِن الصدقة والإحسان، وتلاوة القرآن، والصلاة، والذِّكرِ، والاعتكاف ‏.‏
وكان يَخُصُّ رمضانَ من العبادة بما لا يَخُصُّ غيرَه به من الشهور، حتى إنه كان ليُواصل فيه أحياناً لِيُوَفِّرَ ساعات لَيلِهِ ونهارِه على العبادة، وكان ينهى أصحابَه عن الوصال، فيقولون له إنَّك تُواصل، فيقول‏:‏ ‏(‏لَسْتُ كَهَيْئَتِكُم إنِّى أَبِيتُ وفى رواية‏:‏ إنِّى أَظَلُّ عِنْدَ رَبِّى يُطْعِمُنى وَيَسْقِينى‏)‏‏.‏
وقد اختلف الناسُ في هذا الطعام والشراب المذكورَيْنِ على قولين‏:‏
أحدهما‏:‏ أنه طعامٌ وشراب حِسِّى للفم، قالوا‏:‏ وهذه حقيقةُ اللفظ، ولا مُوجِبَ للعدُول عنها ‏.‏
الثانى‏:‏ أن المرادَ به ما يُغذِّيه اللَّه به من معارفه، وما يَفيضُ على قلبه مِن لذة مناجاته، وقُرةِ عينه بقُربه، وتنعُّمِه بحبه، والشوقِ إليه، وتوابع ذلك من الأحوالِ التي هي غذاءُ القلوب، ونعيمُ الأرواح، وقرةُ العين، وبهجةُ النفوسِ والرُّوح والقلب بما هو أعظمُ غذاء وأجودُه وأنفعه، وقد يقوى هذا الغذاء حتى يُغْنىَ عن غِذاء الأجسام مدةً من الزمان، كما قيل‏:‏
لَها أحَادِيثُ مِـنْ ذِكْـــراكَ تَشْغَلُهَــا ** عَنِ الشَّــرَابِ وَتُلْهِيهَـا عَــنِ الـزَّادِ
لَها بِوَجْهِـكَ نُــورٌ تَسْتَضِـىءُ بِـــهِ ** وَمِنْ حَدِيثِك في أعْقابِهَــا حَــادِى
إذا شَـكَتْ مِن كَلالِ السَّيْرِ أوْعـــدَهَا ** رَوْحُ القُــدومِ فَتَحْيــا عِنْــدَ ميعاد
ومَن له أدنى تجربةٍ وشوق، يعلم استغناء الجسم بغذاء القلب والروح عن كثير من الغِذاء الحيوانى، ولا سيما المسرورَ الفرحانَ الظافرَ بمطلوبه الذي قد قرَّت عينُه بمحبوبه، وتنعَّم بقربه، والرِّضى عنه، وألطاف محبوبه وهداياه، وتحفه تصل إليه كُلَّ وقت، ومحبوبُه حفى به، معتنٍ بأمره، مُكرِمٌ له غايةَ الإكرام مع المحبة التامة له، أفليسَ في هذا أعظمُ غِذاء لهذا المحب فكيف بالحبيب الذي لا شئ أجلُّ منه، ولا أعظم، ولا أجملُ، ولا أكملُ، ولا أعظمُ إحساناً إذا امتلأ قلبُ المُحِبِّ بحبُه، ومَلَكَ حبُّه جميعَ أجزاء قلبه وجوارحه، وتمكَّن حبُّه منه أعظمَ تمكُّن، وهذا حالُه مع حبيبه، أفليس هذا المُحِبُّ عند حبيبه يُطعمُه ويَسقيه ليلاً ونهاراً‏؟‏ ولهذا قال‏:‏ ‏(‏إنِّى أَظَلُّ عِنْدَ رَبِّى يُطْعِمُنى ويَسْقِينى‏)‏ ‏.‏ ولو كان ذلك طعاماً وشراباً للفم، لما كان صائماً فضلاً عن كونه مواصلاً، وأيضاً فلو كان ذلك في الليل، لم يكن مُواصِلاً، ولقال لأصحابه إذ قَالُوا له‏:‏ إنَّك تُواصِلُ‏:‏ ‏(‏لَسْتُ أواصلُ‏)‏ ‏.‏ ولم يقل‏:‏ ‏(‏لَسْتُ كَهَيْئَتِكُم‏)‏، بل أقرَّهم على نسبة الوصال إليه، وقطع الإلحاق بينه وبينهم في ذلك، بما بيَّنه من الفارق، كما في صحيح مسلم، من حديث عبد اللَّه بن عمر، أن رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم واصل في رمضان، فواصلَ الناسُ، فنهاهم، فقيل له‏:‏ أنت تُواصِلُ، فقال‏:‏ ‏(‏إنِّى لَسْتُ مِثْلَكُم إنِّى أُطْعَمُ وأُسْقَى‏)‏‏.‏
وسياق البخارى لهذا الحديث‏:‏ نهى رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم عَنِ الوِصَال، فقالوا‏:‏ إنك تُواصِلُ ‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏إنى لَسْتُ مِثْلَكُم إنِّى أُطْعَمُ وَأُسْقَى‏)‏ ‏.‏
وفى ‏(‏الصحيحين‏)‏ من حديث أبي هريرة‏:‏ نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن الوِصَال، فقال رجل من المسلمين‏:‏ إنكَ يا رسولَ اللَّه تُواصِل، فقال رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏وأَيُّكُم مِثْلى، إنِّى أَبيتُ يُطْعِمُنى رَبِّى وَيَسْقِينى‏)‏‏.‏
وأيضاً‏:‏ فإن النبى صلى الله عليه وسلم لما نهاهم عن الوِصَال، فأبوا أن ينتهوا، واصلَ بهم يوماً، ثم يوماً، ثم رأوا الهلال فقال‏:‏ ‏(‏لو تَأَخَّرَ الهِلال، لزِدْتُّكم‏)‏ ‏.‏ كالمُنكِّل لهم حينَ أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا عَنِ الوِصَال ‏.‏
وفى لفظ آخر‏:‏ ‏(‏لو مُدَّ لنا الشَّهْرُ لوَاصَلْنا وِصَالاً يَدَعُ المُتَعَمِّقُون تَعَمُّقَهم، إنِّى لَسْتَُ مِثْلَكُمْ أو قال‏:‏ إنَّكُم لَسْتُم مِثْلى فإنِّى أَظَلُّ يُطْعِمُنى ربِّى ويَسْقِينى‏)‏ فأخبر أنه يُطعَم ويُسقَى، مع كونه مُواصِلاً، وقد فعل فعلهم منكِّلاً بهم، معجِّزاً لهم فلو كان يأكل ويشرب، لما كان ذلك تنكيلاً، ولا تعجيزاً، بل ولا وِصَالاً، وهذا بحمد اللَّه واضح ‏.‏
وقد نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن الوِصَال رحمة للأُمة، وأذِن فيه إلى السَّحَر، وفى صحيح البخارى، عن أبي سعيد الخدرى، أنه سَمِعَ النبىَّ صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏(‏لا تُواصِلوا فَأَيُّكُم أراد أنْ يُواصِل فَلْيُوَاصِل إلى السَّحَر‏)‏ ‏.‏
فإن قيل‏:‏ فما حُكمُ هذه المسألة، وهل الوِصَال جائز أو محرَّم أو مكروه‏؟‏ قيل‏:‏ اختلف الناسُ في هذه المسألة على ثلاثة أقوال‏:‏
أحدها‏:‏ أنه جائز إن قَدَرَ عليه، وهو مروى عن عبد اللَّه بن الزبير وغيره من السَلَف، وكان ابن الزبير يُواصِل الأيام، ومِنْ حُجةِ أرباب هذا القول، أن النبى صلى الله عليه وسلم واصل بالصحابة مع نهيه لهم عن الوِصَال، كما في ‏(‏الصحيحين‏)‏ من حديث أبي هريرة، أنه نهى عن الوِصَال وقال‏:‏ ‏(‏إنِّى لستُ كَهَيْئَتِكُم‏)‏ فلما أَبَوْا أن يَنْتَهُوا، واصَلَ بِهِمْ يوماً، ثم يوماً، فهذا وِصاله بهم بعد نهيه عن الوِصال، ولو كان النهى للتحريم، لما أَبَوْا أن ينتهوا، ولما أقرَّهم عليه بعد ذلك ‏.‏ قالوا‏:‏ فلما فعلُوه بعد نهيه وهو يعلَم ويُقِرُّهم، عُلِمَ أنه أراد الرحمة بهم، والتخفيفَ عنهم، وقد قالت عائشةُ‏:‏ نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن الوِصال رحمة لهم متفق عليه ‏.‏
وقالت طائفة أخرى‏:‏ لا يجوز الوِصال، منهم‏:‏ مالك، وأبو حنيفة، والشافعى، والثورى، رحمهم اللَّه، قال ابنُ عبد البر وقد حكاه عنهم‏:‏ إنهم لم يُجيزوه لأحد ‏.‏
قلت‏:‏ الشافعى رحمه اللَّه نصَّ على كراهته، واختلف أصحابُه، هل هي كراهة تحريم أو تنزيه‏؟‏ على وجهين، واحتج المحرِّمون بنهى النبى صلى الله عليه وسلم، قالوا‏:‏ والنهىُ يقتضى التحريم ‏.‏ قالوا‏:‏ وقول عائشة‏:‏ ‏(‏رحمة لهم‏)‏ لا يمنع أن يكون للتحريم، بل يُؤكده، فإن مِن رحمته بهم أن حرَّمه عليهم، بل سائرُ مناهيه للأمة رحمةٌ وحِمْيةٌ وصيانةٌ ‏.‏ قالوا‏:‏ وأما مُواصلتُه بهم بعد نهيه، فلم يكن تقريراً لهم، كيف وقد نهاهم، ولكن تقريعاً وتنكيلاً، فاحتمل منهم الوِصال بعد نهيه لأجل مصلحة النهى في تأكيد زجرهم، وبيانِ الحِكمة في نهيهم عنه بظهور المفسدة التي نهاهم لأجلها، فإذا ظهرت لهم مفسدةُ الوِصال، وظهرت حِكمةُ النهى عنه، كان ذلك أدعى إلى قبولهم، وتركِهم له، فإنهم إذا ظهر لهم ما في الوِصال، وأحسُّوا منه الملل في العبادة والتقصير فيما هو أهمُّ وأرجحُ مِن وظائف الدِّين من القوةِ في أمر اللَّه، والخشوع في فرائضه، والإتيانِ بحقوقها الظاهرة والباطنة، والجوعُ الشديدُ يُنافى ذلك، ويحولُ بين العبد وبينه، تبيَّن لهم حِكمةُ النهى عن الوِصال والمفسدةُ التي فيه لهم دُونَه صلى اللَّه عليه وسلم ‏.‏ قالوا‏:‏ وليس إقرارُه لهم على الوِصال لهذه المصلحة الراجحة بأعظمَ مِن إقرار الأعرابي على البول في المسجد لمصلحة التأليف، ولئلا يُنَفَّرَ عن الإسلام، ولا بأعظم من إقراره المسيء في صلاته على الصلاة التي أخبرهم صلى اللَّه عليه وسلم أنها ليست بصلاة، وأن فاعلها غيرُ مصلٍّ، بل هي صلاةٌ باطلة في دِينه فأقرَّه عليها لمصلحة تعليمه وقبوله بعد الفراغ، فإنه أبلغُ في التعليم والتعلُّم، قالوا‏:‏ وقد قال صلى اللَّه عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إذا أمَرْتُكم بأَمْرٍ، فأْتوا مِنْه ما اسْتَطَعْتُم، وإذا نَهَيْتُكم عن شئ فاجْتَنِبُوه‏)‏‏.‏
قالوا‏:‏ وقد ذُكِرَ في الحديث ما يَدُلُّ على أن الوِصال مِن خصائصه ‏.‏ فقال‏:‏ ‏(‏إنِّى لَسْتُ كَهَيْئَتِكُم‏)‏ ولو كان مباحاً لهم، لم يكن من خصائصه ‏.‏
قالوا‏:‏ وفى ‏(‏الصحيحين‏)‏ من حديث عمر بن الخطاب رضى اللَّه عنه، قال‏:‏ قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إذا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَهُنا، وأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَهُنا، وَغَرَبت الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَر الصَّائِم‏)‏ ‏.‏
وفى ‏(‏الصحيحين‏)‏ نحوه من حديث عبد اللَّه بن أبي أَوفى‏.‏ قالوا‏:‏ فجعله مفطراً حكماً بدخول وقت الفطر وإن لم يفطر، وذلك يُحيل الوِصال شرعاً ‏.‏
قالوا‏:‏ وقد قال صلى اللَّه عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏لا تَزالُ أُمَّتى على الفِطْرة أو لا تَزالُ أُمَّتى بَخَيْر ما عَجَّلُوا الفِطْر‏)‏ ‏.‏
وفى السنن عن أبي هريرة عنه‏:‏ ‏(‏لا يَزَالُ الدِّينُ ظَاهِراً مَا عَجَّلَ النَّاسُ الفِطْرَ، إنَّ اليَهُودَ والنَّصَارَى يُؤخِّرُونَ‏)‏ ‏.‏
وفى السنن عنه، قال‏:‏ قال اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ‏:‏ ‏(‏أَحَبُّ عِبَادِى إلىَّ أَعْجَلُهُمْ فِطْراً‏)‏ ‏.‏ وهذا يقتضى كراهة تأخير الفِطر، فكيف تركُه، وإذا كان مكروهاً، لم يكن عبادة، فإن أقلَّ درجاتِ العبادة أن تكونَ مُستحَبة ‏.‏
والقول الثالث وهوأعدلُ الأقوال‏:‏ أن الوِصال يجوز من سَّحَر إلى سَّحَر، وهذا هو المحفوظ عن أحمد، وإسحاق، لحديث أبي سعيد الخُدرى، عن النبى صلى الله عليه وسلم‏:‏
‏(‏لا تُواصلوا فأَيُّكم أراد أنْ يُواصِل فليواصل إلى السَّحَر‏)‏ ‏.‏ رواه البخاري وهو أعدلُ الوِصال وأسهلُه علِى الصائم، وهو في الحقيقة بمنزلة عشائه إلا أنه تأخَّر، فالصائم له في اليوم والليلة أكلة، فإذا أكلها في السَّحَر، كان قد نقلها من أول الليل إلى آخره ‏.‏‏.‏ واللَّه أعلم ‏.‏
__________________


إخوتي وأخواتي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 28-08-2007, 12:56 PM
الصورة الرمزية ابومالك اليماني
ابومالك اليماني ابومالك اليماني غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: الرياض
الجنس :
المشاركات: 273
الدولة : Saudi Arabia
63 63 الحلقة الثالثة


الحلقة الثالثة
من كتاب زاد المعاد
فصل‏:

‏ في أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يدخل في صوم رمضان إلا برؤية محققة أو بشهادة شاهد واحد
وكان من هَدْيه صلى اللَّه عليه وسلم أن لا يدخُل في صوم رمضان إلا بُرؤيةٍ محقَّقة، أو بشهادة شاهدٍ واحد، كما صام بشهادة ابن عمر، وصام مرة بشهادة أعرابي، واعتمد على خبرهما، ولم يُكلِّفْهما لفظَ الشهادة ‏.‏ فإن كان ذلك إخباراً، فقد اكتفى في رمضان بخبر الواحد، وإن كان شهادة، فلم يُكلِّف الشاهدَ لفظَ الشهادة، فإن لم تكن رؤيةٌ، ولا شهادةٌ، أكمل عِدَة شعبان ثلاثين يوماً ‏.‏
وكان إذا حال ليلةَ الثلاثين دون منظره غيمٌ أو سحاب، أكمل عِدَّة شعبان ثلاثين يوماًً، ثم صامه ‏.‏ ولم يكن يصوم يومَ الإغمام، ولا أمرَ به، بل أمر بأن تُكمَّل عِدة شعبان ثلاثين إذا غُمَّ، وكان يفعل كذلك، فهذا فعله، وهذا أمرُه، ولا يُنَاقِضُ هذا قوله‏:‏ ‏(‏فإنْ غُمَّ عَلَيْكُم فاقْدُرُوا له‏)‏، فإن القدر‏:‏ هو الحِسابُ المقدَّر، والمراد به الإكمال كما قال‏:‏ ‏(‏فأَكْمِلُوا العِدَّة‏)‏ والمراد بالإكمال، إكمالُ عِدَّة الشهر الذي غُمَّ، كما قال في الحديث الصحيح الذي رواه البخارى‏:‏ ‏(‏فأَكْمِلُوا عِدَّة شَعبان‏)‏ ‏.‏ وقال‏:‏ ‏(‏لا تَصُوموا حَتَّى تَروهُ، ولا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْه، فإن غُمَّ عليكم فأكْمِلوا العِدَّة‏)‏ والذي أمر بإكمال عِدَّته، هو الشهرُ الذي يغم، وهو عند صيامه وعند الفطر منه، وأصرحُ من هذا قوله‏:‏ ‏(‏الشَّهْرُ تِسْعَةٌ وعِشْرون، فلا تَصُومُوا حَتَّْى تَرَوه، فإنْ غُمَّ عليكم فأَكْمِلُوا العِدَّة‏)‏، وهذا راجع إلى أول الشهر بلفظه وإلى آخره بمعناه، فلا يجوز إلغاء ما دلَّ عليه لفظُه، واعتبارُ ما دلَّ عليه من جهة المعنى ‏.‏ وقال‏:‏ ‏(‏الشَّهْرُ ثَلاثون، والشَّهْرُ تِسْعَةٌ وعِشْرون، فإنْ غُمَّ عليكم فَعُدُّوا ثَلاثين‏)‏ ‏.‏
وقال‏:‏ ‏(‏لا تَصُومُوا قَبْلَ رَمَضَانَ، صُومُوا لِرٌوْيَتِهِ، وأَفْطِروا لِرُؤيتِهِ، فإن حَالَتْ دَونَه غَمَامَةٌ فأكْمِلُوا ثلاثين‏)‏ ‏.‏
وقال‏:‏ ‏(‏لا تَقدَّموا الشَّهْرَ حَتَّى ترَوُا الهِلال، أوْ تُكْمِلوا العِدَّة، ثُمَّ صُومُوا حَتَّى تَرَوُا الهِلاَلَ، أَوْ تُكْمِلوا العِدَّة‏)‏‏.‏
وقالت عائشة رضى اللَّه عنها‏:‏
‏(‏كانَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم يتحفَّظُ مِنْ هِلالِ شَعْبَانِ مَا لاَ يَتَحَفَّظُ مِنْ غيره، ثم يَصُومُ لِرُؤيَتِهِ، فإن غُمَّ عَلَيْهِ، عَدَّ شَعْبَانَ ثَلاثينَ يَوْماً، ثُمَّ صَام‏)‏ صححه الدارقطنى وابن حبان ‏.‏
وقال‏:‏ ‏(‏صُومُوا لرُؤْيتِه، وأَفْطِروا لِرُؤْيتِه، فإنْ غُمَّ عَلَيْكُم، فاقْدُرُوا ثَلاثين‏)‏ ‏.‏
وقال‏:‏ ‏(‏لا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْه، ولا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْه، فإنْ أُغْمى عَلَيْكُم، فاقْدُرُوا لَهُ‏)‏ ‏.‏
وقال‏:‏ ‏(‏لا تَقَدَّمُوا رَمَضَان‏)‏ ‏.‏ وفى لفظ‏:‏ ‏(‏لا تَقَدَّمُوا بَيْنَ يَدَىْ رَمَضَان بِيَومٍ، أَوْ يَوْمَيْن، إلاَّ رَجُلاً كان يَصُومَ صِيَاماً فَلْيَصُمْهُ‏)‏ ‏.‏
والدليل على أن يومَ الإغمام داخلٌ في هذا النهى، حديثُ ابن عباس يرفعه‏:‏ ‏(‏لا تَصُومُوا قَبْلَ رَمَضان، صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فإن حَالَتْ دُونَهُ غَمَامَةٌ، فأَكْمِلُوا ثَلاثِينَ‏)‏ ذكره ابن حبان في صحيحه‏.‏
فهذا صريح في أن صومَ يوم الإغمام مِن غير رُؤية، ولا إكمالِ ثلاثين صومٌ قَبْلَ رمضان ‏.‏
وقال‏:‏ ‏(‏لا تَقَدَّمُوا الشَّهْرَ إلاَّ أَنْ تَرَوُا الهِلالَ، أَوْ تُكْمِلُوا العِدَّة، ولا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوُا الهِلالَ، أَوْ تُكْمِلُوا العِدَّةَ‏)‏ ‏.‏
وقال‏:‏ ‏(‏صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فإنْ حَالَ بَيْنَكُم وَبَيْنَهُ سَحَاب، فَأَكْمِلُوا العِدَّة ثَلاثين، ولا تَسْتَقْبِلُوا الشَّهْرَ اسْتِقْبَالاً‏)‏ ‏.‏
قال الترمذى‏:‏ حديث حسن صحيح ‏.‏
وفى النسائى‏:‏ من حديث يونس، عن سِماك، عن عكرمة، عن ابن عباس يرفعه‏(‏صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فإنْ غُمَّ عَلَيْكُم، فَعُدُّوا ثَلاثين يَوْماً، ثُمَّ صُومُوا، ولا تَصُومُوا قَبْلَه يَوْماً، فإن حَال بَيْنَكُم وبينه سَحَابٌ، فَأَكْمِلُوا العِدَّة عِدَّةَ شَعْبَان‏)‏ ‏.‏
وقال سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، تمارى الناسُ في رؤية هلال رمضان، فقال بعضُهم‏:‏ اليومَ ‏.‏ وقال بعضهم‏:‏ غداً ‏.‏ فجاء أعرابي إلى النبى صلى الله عليه وسلم، فذكر أنَّه رآه، فقال النبىُّ صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏أَتَشْهَدُ أَنْ لا إله إلاَّ اللَّه، وأَنَّ مُحَمَّداً رَسولْ اللَّه‏)‏‏؟‏ قال‏:‏ نعم ‏.‏ فأمَر النبىُّ صلى الله عليه وسلم بلالاً، فَنَادَى في النَّاسِ‏:‏ صُومُوا ‏.‏ ثم قال‏:‏ ‏(‏صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِه، فإنْ غُمَّ عَلَيْكُم فَعُدُّوا ثَلاثين يَوْماً، ثُمَّ صُومُوا، ولا تَصُومُوا قَبْلَه يَوْماً‏)‏‏.‏
وكل هذه الأحاديث صحيحةٌ، فبعضُها في ‏(‏الصحيحين‏)‏ وبعضها في صحيح ابن حبان، والحاكم، وغيرهما، وإن كان قد أُعِلَّ بعضُها بما لا يقدَحُ في صحة الاستدلال بمجموعها، وتفسير بعضها ببعض، واعتبار بعضها ببعض، وكلها يُصدِّقُ بعضُها بعضاً، والمراد منها متفق عليه ‏.‏
فإن قيل‏:‏ فإذا كان هذا هَدْيَه صلى اللَّه عليه وسلم، فكيف خالفه عُمَرُ بن الخطاب، وعلىُّ بنُ أبي طالب، وعبدُ اللَّه بن عمر، وأنسُ بن مالك، وأبو هريرة، ومعاوية، وعمرو بن العاص، والحكمُ بن أيوب الغفارى، وعائشةُ وأسماء ابنتا أبي بكر، وخالفه سالمُ بن عبد اللَّه، ومجاهد، وطاووس، وأبو عثمان النَّهْدى، ومطرِّف بن الشِّخِّير، وميمون بن مِهران، وبكر بن عبد اللَّه المزنى، وكيف خالفه إمامُ أهلِ الحديث والسُّـنَّة، أحمدُ ابنُ حنبل، ونحن نُوجدكم أقوال هؤلاء مسندة‏؟‏
فأما عمر بن الخطاب رضى اللَّه عنه، فقال الوليد بن مسلم ‏:‏ أخبرنا ثوبان، عن أبيه، عن مكحول، أن عمر بن الخطاب كان يصوم إذا كانت السماء في تلك الليلة مغيمة ويقول‏:‏ ليس هَذَا بالتقدُّم، ولكنَّه التحرِّى ‏.‏
وأما الرواية عن علىٍّ رضى اللَّه عنه، فقال الشافعى‏:‏ أخبرنا عبد العزيز بن محمد الدَّراوردى، عن محمد بن عبد اللَّه بن عمرو بن عثمان، عن أمه فاطمة بنت حسين، أن علىَّ بن أبي طالب قال‏:‏ لأن أصومَ يوماً من شعبان، أحبُّ إلىَّ من أن أُفْطِرَ يوماً من رمضان ‏.‏
وأما الرواية عن ابن عمر‏:‏ ففى كتاب عبد الرزاق‏:‏ أخبرنا معمر، عن أيوب، عن ابن عمر قال‏:‏ كان إذا كان سحابٌ أصبحَ صائماً، وإن لم يكن سحاب، أصبح مفطراً‏.‏
وفى ‏(‏الصحيحين‏)‏ عنه، أن النبى صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏إذا رَأَيْتُمُوه، فَصُومُوا، وإذا رَأَيْتُمُوه فَأَفْطِرُوا، وإنْ غُمَّ عَلَيْكُم فاقْدُرُوا له‏)‏ ‏.‏ زاد الإمام أحمد رحمه اللَّه بإسناد صحيح، عن نافع قال‏:‏ كان عبد اللَّه إذا مضى من شعبان تسعة وعشرون يوماً، يَبْعَثُ مَن ينظرُ، فإن رأى، فذاك، وإن لم يَر، ولم يَحُلْ دون منظره سحابٌ ولا قتر، أصبح مفطراً، وإن حال دون منظره سحابٌ أو قَتَر أصبح صائماً ‏.‏
وأما الرواية عن أنس رضى اللَّه عنه‏:‏ فقال الإمام أحمد‏:‏ حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، حدثنا يحيى بن أبي إسحاق قال‏:‏ رأيتُ الهِلال إما الظهرَ، وإِما قريباً منه، فأفطر ناسٌ من الناس، فأتينا أنسَ بن مالِكٍ، فأخبرناه برؤية الهلال وبإفطار مَن أفطر، فقال‏:‏ هذا اليوم يكمل لى أحد وثلاثون يوماً، وذلك لأن الحكم بن أيوب، أرسل إلىَّ قبلَ صيام الناس‏:‏ إنى صائم غداً، فكرهتُ الخلافَ عليه، فصمتُ وأنا مُتِمٌّ يومى هذا إلى الليل ‏.‏
وأما الرواية عن معاوية، فقال أحمد‏:‏ حدثنا المغيرة، حدثنا سعيد بن عبد العزيز، قال‏:‏ حدثنى مكحول، ويونس بن ميسرة بن حَلْبَس، أن معاوية ابن أبي سفيان كان يقول‏:‏ لأن أَصُومَ يوماً مِنْ شعبانَ، أحبُّ إلىَّ من أن أُفْطِرَ يوماً مِنْ رمضان ‏.‏
وأما الروايةُ عن عمرو بن العاص ‏.‏ فقال أحمد‏:‏ حدثنا زيدُ بن الحباب، أخبرنا ابن لهيعة، عن عبد اللَّه بن هُبَيْرَةَ، عن عمرو بن العاص، أنه كان يصومُ اليومَ الذي يُشَك فيه من رمضان وأما الرواية عن أبي هُريرة، فقال‏:‏ حدثنا عبدُ الرحمن بن مهدى، حدثنا معاويةُ بن صالح، عن أبي مريم مولى أبي هُريرة قال‏:‏ سمعتُ أبا هُريرة يقول‏:‏ لأن أتعجَّل في صَوْمِ رَمَضَانَ بيوم، أحبُّ إلىَّ من أن أتأخر، لأنى إذا تَعَجَّلْتُ لم يَفُتْنى، وإذا تأخَّرت فاتَنى ‏.‏
وأما الرواية عن عائشة رضى اللَّه عنها، فقال سعيدُ بن منصور‏:‏ حدثنا أبو عوانة عن يزيد بن خُمير، عن الرسول الذي أتى عائشة في اليوم الذي يُشك فيهِ من رمضان قال‏:‏ قالت عائشة‏:‏ لأن أَصُوم يَوْماً مِن شَعْبَانَ، أحبُّ إلىَّ مِن أَنْ أُفْطِرَ يوماً مِنْ رَمَضَانَ‏.‏
وأما الرواية عن أسماء بنت أبي بكر رضى اللَّه عنهما، فقال سعيد أيضاً‏:‏ حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن، عن هشام بن عروة، عن فاطمة بنت المنذر قالت‏:‏ ما غُمَّ هلالُ رمضان إلا كانت أسماءُ متقدِّمةً بيوم، وتأمُرُ بتقدُّمه ‏.‏
وقال أحمد‏:‏ حدثنا روح بن عبادة، عن حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن فاطمة، عن أسماء، أنها كانت تصومُ اليوم الذي يُشك فيه من رمضان ‏.‏
وكل ما ذكرناه عن أحمد، فمن مسائل الفضل بن زياد عنه ‏.‏
وقال في رواية الأثرم‏:‏ إذا كان في السماء سحابةٌ أو عِلَّة، أصبح صائماً، وإن لم يكن في السماء عِلَّة، أصبح مفطراً، وكذلك نقل عنه ابناه صالح، وعبد اللَّه، والمروزى، والفضل بن زياد، وغيرهم ‏.‏
فالجواب من وجوه ‏.‏
أحدها‏:‏ أن يُقال‏:‏ ليس فيما ذكرتُم عن الصحابة أثرٌ صالح صريح في وجوب صومه حتى يكون فعلُهم مخالفاً لهَدْى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وإنما غايةُ المنقولِ عنهم صومُه احتياطاً، وقد صرَّح أنس بأنه إنما صامه كراهةً للخلاف على الأمراء، ولهذا قال الإمام أحمد في رواية‏:‏ الناسُ تبعٌ للإمام في صومه وإفطاره، والنصوصُ التي حكيناها عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مِن فعله وقوله، إنما تدُلُّ على أنه لا يجب صومُ يوم الإغمام، ولا تدُلُّ على تحريمه، فَمَنْ أفطره، أخذ بالجواز، ومَنْ صامه، أخذ بالاحتياط ‏.‏
الثانى‏:‏ أن الصحابة كان بعضُهم يصومُه كما حكيتُم، وكان بعضُهم لا يصُومه، وأصحُ وأصرحُ مَن رُوى عنه صومُه‏:‏ عبد اللَّه بن عمر، قال ابن عبد البر‏:‏ وإلى قوله ذهب طاووس اليمانى، وأحمد بن حنبل، ورُوى مثلُ ذلك عن عائشة وأسماء ابنتى أبي بكر، ولا أعلم أحداً ذهب مذهب ابن عمر غيرهم، قال‏:‏ وممن رُوى عنه كراهةُ صومِ يومِ الشَّكِ، عُمَرُ بنُ الخطاب، وعلىُ بن أبي طالب، وابن مسعود، وحذيفة، وابن عباس، وأبو هريرة، وأنس بن مالك رضى اللَّه عنهم ‏.‏
قلت‏:‏ المنقول عن علىّ، وعمر، وعمار، وحذيفة، وابن مسعود، المنع من صيام آخر يوم من شعبان تطوعاً، وهو الذي قال فيه عمار ‏:‏ مَنْ صَامَ اليَوْمَ الذي يُشَكُّ فِيهِ فَقَدْ عَصَى أَبا القَاسِم ‏.‏
فأما صومُ يوم الغيم احتياطاً على أنه إن كان من رمضان، فهو فرضُه وإلا فهو تطوعٌ، فالمنقُولُ عن الصحابة، يقتضى جوازه، وهو الذي كان يفعلُه ابنُ عمر، وعائشة، هذا مع رواية عائشة‏:‏ أن النبى صلى الله عليه وسلم، كان إذا غُمَّ هلالُ شعبان، عدَّ ثلاثين يوماً ثم صام، وقد رُدَّ حديثُها هذا، بأنه لو كان صحيحاًِ، لما خالفته، وجعل صيامها عِلَّةً في الحديث، وليس الأمرُ كذلك، فإنها لم تُوجب صيامه، وإنما صامته احتياطاً، وفهمت من فعل النبى صلى الله عليه وسلم وأمره أن الصيامَ لا يجبُ حتى تكمُل العِدَّة، ولم تفهم هي ولا ابنُ عمر، أنه لا يجوز ‏.‏
وهذا أعدل الأقوال في المسألة، وبه تجتمِع الأحاديثُ والآثار، ويدل عليه ما رواه معمر، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لهلال رمضان‏:‏ ‏(‏إذا رأيتُمُوه فصُوموا، وإذا رأيتُمُوه فأفطروا، فإنْ غُمَّ عليكم، فاقْدُرُوا له ثلاثين يوماً‏)‏ ‏.‏ ورواه ابن أبي روّاد، عن نافع عنه‏:‏ ‏(‏فإنْ غُمَّ عليكم، فأكْمِلُوا العِدَّة ثَلاثين‏)‏ ‏.‏
وقال مالك وعبيد اللَّه عن نافع عنه‏:‏ ‏(‏فاقْدُرُوا لَه‏)‏ ‏.‏ فدل على أن ابن عمر، لم يفهم من الحديثِ وجوب إكمال الثلاثين، بل جوازه، فإنه إذا صام يومَ الثلاثين، فقد أخذ بأحد الجائزين احتياطاً، ويدل على ذلك، أنه رضى اللَّه عنه، لو فَهِم من قوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏اقْدُرُوا له تسعاً وعشرين، ثم صُومُوا‏)‏ كما يقولُه الموجبون لصومه، لكان يأمر بذلك أهلَه وغيرهم، ولم يكن يقتصِرُ على صومه في خاصة نفسه، ولا يأمر به، ولبيَّن أن ذلك هو الواجب على الناس‏.‏
وكان ابن عباس رضى اللَّه عنه، لا يُصومه ويحتجُّ بقوله صلى اللَّه عليه وسلم‏:‏ ‏(‏لا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوُا الهِلاَلَ، ولا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ، فإنْ غُمَّ عَلَيْكُم، فأَكْمِلُوا العِدَّةَ ثلاثين‏)‏ ‏.‏
وذكر مالك في موطئه هذا بعد أن ذكر حديث ابن عمر، كأنه جعله مفسِّراً لحديث ابن عمر، وقوله‏:‏ ‏(‏فاقْدُرُوا لَه‏)‏ ‏.‏
وكان ابن عباس يقول‏:‏ عجبتُ ممن يتقدم الشهر بيوم أو يومين، وقد قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏لا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِيَوْمٍ وَلاَ يَوْمَيْنِ‏)‏ كأنه يُنكِرُ على ابن عمر ‏.‏
وكذلك كان هذان الصاحبان الإمامان، أحدهما يميل إلى التشديد، والآخر إلى الترخيص، وذلك في غير مسألة ‏.‏ وعبد اللَّه بن عمر‏:‏ كان يأخذ من التشديدات بأشياء لا يُوافقه عليها الصحابة، فكان يغسِلُ داخل عينيه في الوضوء حتى عَمِىَ من ذلك، وكان إذا مسَح رأسه، أفردَ أُذنيه بماءٍ جديد، وكان يمنعُ مِن دخول الحمَّام، وكان إذا دخله، اغتسل منه، وابن عباس‏:‏ كان يدخل الحمَّام، وكان ابن عمر يتيمم بضربتين‏:‏ ضربةٍ للوجه، وضربةٍ لليدين إلى المرفقين، ولا يقتصر على ضربة واحدة، ولا على الكفَّين، وكان ابن عباس يُخالفه، ويقول‏:‏ التيمم ضربة للوجه والكفَّين، وكان ابنُ عمر يتوضأ من قُبلة امرأته، ويُفتى بذلك، وكان إذا قبَّل أولاده، تمضمض، ثمَّ صلَّى، وكان ابنُ عباس يقول‏:‏ ما أبالى قبَّلتُها أو شَمَمْتُ ريحاناً ‏.‏
وكان يأمر مَن ذكر أنَّ عليه صلاةً وهو في أخرى أن يُتمَّها ثم يُصلى الصلاة التي ذكرها، ثم يُعيد الصلاة التي كان فيها، وروى أبو يعلى المَوْصِلى في ذلك حديثاً مرفوعاً في مسنده والصواب‏:‏ أنه موقوف على ابن عمر ‏.‏ قال البيهقى‏:‏ وقد روىَ عن ابن عمر مرفوعاً ولا يصح، قال‏:‏ وقد روىَ عن ابن عباس مرفوعاً، ولا يصح ‏.‏ والمقصود‏:‏ أن عبد اللَّه بن عمر كان يسلُك طريق التَّشديد والاحتياط ‏.‏ وقد روى معمر، عن أيوب، عن نافع عنه، أنه كان إذا أدرك مع الإمام ركعة أضاف إليها أخرى، فإذا فرغ من صلاته، سجد سجدتى السهو، قال الزهرى‏:‏ ولا أعلم أحداً فعله غيره‏.‏
قلت‏:‏ وكأنَّ هذا السجود لِمَا حصَل له مِن الجلوس عقيبَ الركعة، وإنما محلُّه عقيبَ الشفع ‏.‏
ويدل على أن الصحابة لم يصُومُوا هذا اليوم على سبيل الوجوب، أنهم قالُوا‏:‏ لأن نَصُومَ يوماً من شعبان، أحبُّ إلينا من أن نُفطر يوماً من رمضان، ولو كان هذا اليومُ من رمضان حتماً عندهم، لقالُوا‏:‏ هذا اليوم من رمضان، فلا يجوز لنا فطره ‏.‏ واللَّه أعلم ‏.‏
ويدل على انهم إنما صاموه استحباباً وتحرِّياً، ما رُوى عنهم من فطره بياناً للجواز، فهذا ابن عمر قد قال حنبل في مسائله‏:‏ حدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا وكيع، عن سفيان، عن عبد العزيز بن حكيم الحضرمى قال‏:‏ سمعتُ ابن عمر يقول‏:‏ لو صمتُ السنة كُلَّها لأَفْطرتُ اليومَ الذي يُشَكُّ فيه ‏.‏
قال حنبل‏:‏ وحدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا عبيدة بنُ حُميدٍ قال‏:‏ أخبرنا عبد العزيز بن حكيم قال‏:‏ سألوا ابنَ عمر ‏.‏ قالوا‏:‏ نَسْبِقُ قبل رمضانَ حتىلا يفوتنا منه شئ‏؟‏ فَقَال‏:‏ أُفٍّ، أُفٍّ، صُومُوا مع الجماعة، فقد صح عن ابنِ عُمَرَ، أنه قال‏:‏ لا يتقدَّمَنَّ الشهرَ منكم أحدٌ، وصح عنه صلى الله عليه وسلم ‏.‏ أنه قال‏:‏ ‏(‏صُومُوا لِرُؤية الهِلالِ، وأفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فإنْ غُمَّ عَلَيْكُم، فَعُدُّوا ثَلاثِينَ يوماً‏)‏ ‏.‏
وكذلك قال علىُّ بن أبي طالب رضىَ اللَّه عنه‏:‏ إذا رأيتم الهِلال، فصُومُوا لرؤيته، وإذا رأيتُمُوه، فأفطِروا، فإن غُمَّ عليكم، فأكْمِلُوا العِدَّة ‏.‏
وقال ابن مسعود رضى اللَّه عنه‏:‏ فإنْ غُمَّ عليكم، فعُدُّوا ثلاثين يوماً ‏.‏
فهذه الآثار إن قُدِّرَ أنها معارِضة لتلك الآثار التي رُويت عنهم في الصوم، فهذه أولى لموافقتها النصوص المرفوعة لفظاً ومعنى، وإن قُدِّرَ أنها لا تعَارُضَ بينها، فههنا طريقتان من الجمع، إحداهما‏:‏ حملها على غيرِ صورة الإغمام، أو على الإغمام في آخر الشهر كما فعله الموجبون للصوم ‏.‏
والثانية‏:‏ حملُ آثارِ الصوم عنهم على التحرِّى والاحتياط استحباباً لا وجوباً، وهذه الآثارُ صريحة في نفى الوجوب، وهذه الطريقة أقربُ إلى موافقة النصوص، وقواعدِ الشرع، وفيها السلامةُ من التفريق بين يومين متساويين في الشَّكِ، فيُجعلُ أحدهما يوم شك، والثانى يومَ يقين، مع حصولِ الشك فيه قطعاً، وتكليفُ العبد اعتقاد كونه من رمضان قطعاً، مع شكِّه هل هو منه، أم لا‏؟‏ تكليفٌ بما لا يُطاق، وتفريقٌ بين المتماثلين، واللَّه أعلم ‏.‏
__________________


إخوتي وأخواتي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 28-08-2007, 01:00 PM
الصورة الرمزية ابومالك اليماني
ابومالك اليماني ابومالك اليماني غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: الرياض
الجنس :
المشاركات: 273
الدولة : Saudi Arabia
63 63 الحلقة الرابعة

الحلقة الرابعة

من كتاب زاد المعاد


فصل‏:‏ في الصوم في السفر
وسافر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في رمضان، فصام وأفطر، وخيَّرَ الصحابة بين الأمرين ‏.‏
وكان يأمرهم بالفطر إذا دَنَوْا مِنْ عدوهم لِيتقوَّوْا على قتالِهِ فلو اتفق مثلُ هذا في الحَضَر وكان في الفطر قُوة لهم على لقاء عدوِّهم، فهل لهم الفطر‏؟‏ فيه قولان، أصحُّهُما دليلاً‏:‏ أن لهم ذلك وهو اختيارُ ابن تيمية، وبه أفتى العساكر الإسلامية لمَّا لَقُوا العدوَّ بظاهر دمشق، ولا ريبَ أن الفِطر لذلك أولى مِن الفطر لمجرد السفر، بل إباحةُ الفطر للمسافر تنبيهٌ على إباحته في هذه الحالة، فإنها أحقُّ بجوازه، لأن القوة هناك تختصُّ بالمسافر، والقوة هنا له وللمسلمين، ولأن مشقة الجهاد أعظمُ مِن مشقة السفر، ولأن المصلحة الحاصلَة بالفطر للمجاهد أعظمُ من المصلحة بفطر المسافر، ولأن اللَّه تعالى قال‏:‏ ‏{‏وأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّنْ قُوَّةٍ‏}‏ ‏[‏الأنفال‏:‏ 60‏]‏‏.‏ والفِطرُ عند اللقاء، من أعظم أسباب القوة ‏.‏
والنبى صلى الله عليه وسلم قد فسَّرَ القوة، بالرمى وهو لا يَتِمُّ ولا يحصلُ به مقصوده، إلا بما يُقوى ويعين عليه من الفطر والغذاء، ولأن النبى صلى الله عليه وسلم قال للصحابة لما دنوا من عدوهم‏:‏ ‏(‏إنَّكُمْ قَدْ دَنَوْتُمْ مِنْ عَدُوِّكُم، والفِطْر أَقْوَى لَكُم‏)‏ ‏.‏ وكانت رُخْصَةً، ثُمَّ نَزَلُوا مَنْزِلاً آخَرَ فَقَال‏:‏ ‏(‏إنَّكُم مُصَبِّحُو عَدُوِّكُم، والفِطْرُ أَقْوَى لَكُم، فَأَفْطِرُوا‏)‏ فَكَانَتْ عزمةً فأفطرنا، فعلَّل بدنوهم من عدوهم واحتياجهم إلى القوة التي يلقَوْن بها العدوَّ، وهذا سببٌ آخرُ غير السفر، والسفرُ مستقِلٌ بنفسه، ولم يذكره في تعليله، ولا أشار إليه، فالتعليل به اعتباراً لما ألغاه الشارع في هذا الفطر الخاص، وإلغاءُ وصف القوة التي يُقاوَم بها العدو، واعتبارُ السفر المجرد إلغاءٌ لما اعتبره الشارع وعلَّل به ‏.‏
وبالجملة ‏.‏‏.‏ فتنبيهُ الشارع وحِكمته، يقتضى أن الفطر لأجل الجهاد أولى منه لمجرد السفر، فكيف وقد أشار إلى العِلَّة، ونبَّه عليها، وصرَّح بحكمها، وعزم عليهم بأن يفطروا لأجلها ‏.‏ ويدل عليه، ما رواه عيسى بن يونس، عن شعبة، عن عمرو بن دينار قال‏:‏ سمعتُ ابنَ عمر يقول‏:‏ قالَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم لأصحابه يَوْمَ فَتْحِ مَكَّة‏:‏ ‏(‏إنَّه يَوْمُ قِتَالٍ فَأَفْطِرُوا‏)‏ تابعه سعيد بن الربيع، عن شعبة، فعلَّل بالقتال، ورتب عليه الأمر بالفطر بحرف الفاء، وكل أحد يفهمُ من هذا اللفظ أن الفطر لأجل القتال، وأما إذا تجرَّد السفرُ عن الجهاد، فكان رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول في الفطر‏:‏ هي رُخْصَةٌ مِنَ اللَّه، فمَن أخذ بها، فحسن، ومَن أحبَّ أن يصوم، فلا جُنَاح عليه ‏.‏
فصل
لم يكن من هَدْيه صلى الله عليه وسلم تقدير المسافة التي يفطر فيها الصائم بحد
ولم يكن من هَدْيه صلى اللَّه عليه وسلم تقديرُ المسافةِ التي يفطر فيها الصائِمُ بحَدٍّ، ولا صحَّ عنْهُ في ذَلِكَ شئ ‏.‏ وقد أفطر دِحيةُ بن خليفة الكَلْبِى في سَفَرِ ثلاثةِ أميال، وقالَ لمن صامَ‏:‏ قد رَغِبُوا عَنْ هَدْى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم‏.‏
وكان الصحابة حين يُنشئون السَّفر، يُفطِرُون مِن غير اعتبار مجاوزةِ البُيوت، ويُخبرون أن ذلك سُّـنَّته وهَدْيُه صلى اللَّه عليه وسلم، كما قال عُبيد بن جَبْرٍ‏:‏ ركِبْتُ مع أبي بَصرة الغفارى صاحب رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم في سفينةٍ من الفُسْطَاطِ في رَمَضَانَ، فلم يُجَاوِزِ البُيُوتَ حَتَّى دَعَا بالسُّفْرَة ‏.‏ قال‏:‏ اقترِبْ، قلتُ‏:‏ ألستَ ترى البيوتَ‏؟‏ قال أبو بصرة‏:‏ أترغب عن سُّـنَّةِ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم‏؟‏ رواه أبو داود وأحمد‏.‏ ولفظ أحمد‏:‏ ركبتُ مع أبي بَصَرةَ من الفُسطاط إلى الإسكندرية في سفينة، فلما دَنَوْنَا مِن مَرْسَاها، أمر بسُفرته، فقُرِّبَتْ، ثم دعانى إلى الغِذاء وذلك في رمضان ‏.‏ فقلتُ‏:‏ يا أبا بَصْرَة، واللَّه ما تغيَّبت عنا منازِلُنا بعدُ‏؟‏ قال‏:‏ أترغبُ عن سُّـنَّة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم‏؟‏ فقلتُ‏:‏ لا ‏.‏ قال‏:‏ فَكُل ‏.‏ قال‏:‏ فلم نَزَلُ مُفطِرِينَ حتى بلغنا ‏.‏
وقال محمد بن كعب ‏:‏ أتيتُ أنسَ بنَ مالك في رمضان وهو يُريد سفراً، وقد رُحِلَتْ له راحِلَتُه، وقد لَبِسَ ثِيابَ السفر، فدعا بطعامٍ فأكل، فقلتُ له‏:‏ سُّـنَّة‏؟‏ قال‏:‏ سُّـنَّة، ثم رَكِبَ‏.‏ قال الترمذى‏:‏ حديث حسن، وقال الدارقطنى فيه‏:‏ فأَكل وقد تقارب غروب الشمس ‏.‏
وهذه الآثار صريحة في أن مَن أنشأ السفر في أثناء يوم من رمضان فله الفطر فيه‏.‏
فصل‏:‏ في الصوم جُنباً وتقبيل الزوجة للصائم
وكان مِن هَدْيه صلى اللَّه عليه وسلم أن يُدركه الفجر وهو جُنبٌ من أهله، فيغتسِلُ بعد الفجر ويصوم‏.‏
وكان يُقبِّلُ بعض أزواجه وهو صائم في رمضان وشبَّه قُبلة الصائِم بالمضمضة بالماء‏.‏
وأما ما رواه أبو داود عن مِصْدَع بن يحيى، عن عائشة، أن النبىَّ صلى الله عليه وسلم، كان يُقبِّلُها وهو صَائِم، ويَمُصُّ لِسَانَها‏.‏ فهذا الحديث، قد اختُلِفَ فيه، فضَّعفه طائفة بمِصْدَع هذا، وهو مختلَف فيه، قال السعدى‏:‏ زائغ جائر عن الطريق، وحسَّنه طائفة، وقالوا‏:‏ هو ثقة صدوق، روى له مسلم في ‏(‏صحيحه‏)‏ وفى إسناده محمد بن دينار الطاحى البصرى، مختلف فيه أيضاً، قال يحيى‏:‏ ضعيف، وفى رواية عنه، ليس به بأس، وقال غيره‏:‏ صدوق، وقال ابن عدى‏:‏ قوله‏:‏ ‏(‏ويمص لسانها‏)‏، لا يقوله إلا محمد بن دينار، وهو الذي رواه، وفى إسناده أيضاً سعد بن أوس، مختلف فيه أيضاً، قال يحيى‏:‏ بصرى ضعيف، وقال غيره‏:‏ ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات‏.‏
وأما الحديث الذي رواه أحمد، وابن ماجه، عن ميمونة مولاة النبى صلى الله عليه وسلم، قالت‏:‏ سُئِلَ النبىُّ صلى الله عليه وسلم عن رجل قبَّل امرأته وهما صائمان، فقال‏:‏ ‏(‏قد أفطر‏)‏ فلا يصح عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وفيه أبو يزيد الضِّنِّى رواه عن ميمونة، وهى بنت سعد، قال الدارقطنى‏:‏ ليس بمعروف، ولا يثبت هذا، وقال البخارى‏:‏ هذا لا أُحدِّث به، هذا حديثٌ منكر، وأبو يزيد رجل مجهول‏.‏
ولا يَصِحُّ عنه صلى اللَّه عليه وسلم التفريقُ بين الشاب والشيخ، ولم يجئ من وجه يثبت، وأجودُ ما فيه، حديث أبي داود عن نصر بن على، عن أبي أحمد الزبيرى‏:‏ حدثنا إسرائيل، عن أبي العنبس، عن الأغرِّ، عن أبي هُريرة، أن رجلاً سأل النبى صلى الله عليه وسلم عن المباشرة للصَّائِم، فرخَّصَ له، وأتاه آخرُ فسأله فنهاه، فإذَا الذي رخَّصَ له شَيْخٌ، وإذا الذي نهاه شاب‏.‏ وإسرائيل وإن كان البخارى ومسلم قد احتجا به وبقية الستة فعِلَّة هذا الحديث أن بينه وبين الأغرِّ فيه أبا العنبس العدوى الكوفى، واسمه الحارث بن عبيد، سكتوا عنه‏.‏
فصل‏:‏ في إسقاط القضاء عمن أكل أو شرب ناسياً
وكان من هَدْيه صلى اللَّه عليه وسلم ‏:‏ إسقاطُ القضاءِ عمن أكلَ وشرِب ناسياً، وأن اللَّه سبحانه هو الذي أطعمه وسقاه، فليس هذا الأكلُ والشربُ يُضاف إليه، فَيَفْطِرُ به، فإنما يُفْطِرُ بما فعله، وهذا بمنزلة أكلِهِ وشُربه في نومه، إذ لا تكليفَ بفعل النائم، ولا بفعل الناسى ‏.‏
فصل‏:‏ في الأشياء التي يفطر بها الصائم
والذي صح عنه صلى اللَّه عليه وسلم‏:‏ أن الذي يُفْطِرُ به الصَّائِمُ‏:‏ الأكلُ، والشربُ، والحِجامة والقئ، والقرآن دال على أن الجِماعَ مفطر كالأكل والشُّرب، لا يُعرف فيه خِلاف ولا يَصِحُّ عنه في الكُحل شئ ‏.‏
وصح عنه أنه كان يستاك وهو صائم‏.‏
وذكر الإمام أحمد عنه، أنه كان يَصُبُّ المَاءَ عَلَى رَأْسِهِ وَهُوَ صَائِمٌ‏.‏
وكان يتمضمض، ويستنشق وهو صائم، ومنع الصَّائِمَ مِن المُبالغةِ في الاستنشاق، ولا يَصِحُّ عنه أنه احتجَمَ وهو صائم، قاله الإمام أحمد، وقد رواه البخارى في ‏(‏صحيحه‏)‏ قال أحمد‏:‏ حدثنا يحيى بن سعيد قال‏:‏ لم يسمع الحكمُ حديثَ مِقْسم في الحِجامة في الصيام، يعنى حديثَ سعيد، عن الحكم، عن مِقْسم، عن ابن عباس، ‏(‏أن النبى صلى الله عليه وسلم، احتجم وهُوَ صَائِمٌ مُحْرِمٌ‏)‏‏.‏
قال مهنا‏:‏ وسألتُ أحمد عن حديث حبيب بن الشهيد، عن ميمون بن مِهران، عن ابن عباس، أن النبى صلى الله عليه وسلم، احتجم وهو صائم مُحْرِمٌ ‏.‏ فقال‏:‏ ليس بصحيح، قد أنكره يحيى بن سعيد الأنصارى، إنما كانت أحاديثُ ميمون بن مهران عن ابن عباس نحو خمسة عشر حديثاً ‏.‏
وقال الأثرم‏:‏ سمعتُ أبا عبد اللَّه ذكر هذا الحديثَ، فضعَّفه، وقال مهنا‏:‏ سألتُ أحمد عن حديث قَبيصة، عن سفيان، عن حماد، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس‏:‏ احتجم رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم صائماً مُحْرِماً ‏.‏ فقال‏:‏ هو خطأ مِن قِبَل قَبيصة، وسألت يحيى عن قبيصة بن عقبة، فقال‏:‏ رجل صدق، والحديث الذي يحدِّث به عن سفيان، عن سعيد بن جبير، خطأ من قِبَله ‏.‏ قال أحمد‏:‏ في كتاب الأشجعى عن سعيد بن جبير مرسلاً أن النبى صلى الله عليه وسلم، احتجم وهو محرم، ولا يذكر فيه صائماً ‏.‏
قال مهنا‏:‏ وسألتُ أحمد عن حديث ابنِ عبَّاس، أن النبى صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم محرم‏؟‏ فقال‏:‏ ليس فيه ‏(‏صائم‏)‏ إنما هو ‏(‏محرم‏)‏ ذكره سفيان، عن عمرو بن دينار، عن طاووس، عن ابن عباس‏:‏ احتجم رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم على رأسه وهُوَ مُحْرِمٌ، ورواه عبد الرزاق، عن معمر، عن ابن خُثيم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، احتجم النبى صلى الله عليه وسلم وهو محرم ‏.‏ وروح، عن زكريا بن إسحاق، عن عمرو بن دينار، عن عطاء وطاووس، عن ابن عباس، أن النبى صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم ‏.‏ وهؤلاء أصحاب ابن عباس، لا يذكرون ‏(‏صائماً‏)‏‏.‏
وقال حنبل‏:‏ حدثنا أبو عبد اللَّه، حدثنا وكيع، عن ياسين الزيات، عن رجل، عن أنس، أن النبى صلى الله عليه وسلم احتجم في رمضان بعد ما قال‏:‏ ‏(‏أَفْطَرَ الحَاجِمُ والمَحْجُومُ‏)‏ ‏.‏ قال أبو عبد اللَّه‏:‏ الرجل‏:‏ أراه أُبان بن أبي عياش، يعنى ولا يُحتج به‏.‏
وقال الأثرم‏:‏ قلت لأبي عبد اللَّه ‏:‏ روى محمد بن معاوية النيسابورى، عن أبي عوانة، عن السُّدى، عن أنس، أن النبى صلى الله عليه وسلم، احتجم وهو صائم، فأنكر هذا، ثم قال‏:‏ السُّدى، عن أنس، قلت‏:‏ نعم فَعَجِبَ مِنْ هذا ‏.‏ قال أحمد‏:‏ وفى قوله‏:‏ ‏(‏أفطر الحاجِمُ والمحجومُ‏)‏ غيرُ حديث ثابت ‏.‏ وقال إسحاق‏:‏ قد ثبت هذا مِن خمسة أوجه عن النبى صلى الله عليه وسلم ‏.‏ والمقصود، أنه لم يصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه احتجم وهو صائم، ولا صح عنه أنه نهى الصائم عن السواك أوَّل النهار ولا آخره، بل قد روى عنه خلافُه ‏.‏
ويُذكر عنه‏:‏ ‏(‏مِنْ خَيْرِ خِصَالِ الصَّائِمِ السِّواكُ‏)‏، رواه ابن ماجه من حديث مجالد وفيه ضعف‏.‏
فصل‏:‏ في حكم الكحل للصائم
وروى عنه صلى اللَّه عليه وسلم، أنه اكتحل وهو صائم، ورُوى عنه، أنه خرج عليهم في رمضان وعيناه مملوءتان من الإثْمِدِ، ولا يَصِحُّ، وروى عنه أنه قال في الإثمد‏:‏ ‏(‏لِيَتَّقِهِ الصَّائِم‏)‏ ولا يصح ‏.‏ قال أبو داود‏:‏ قال لى يحيى ابن معين ‏:‏ هو حديث منكر ‏.‏
__________________


إخوتي وأخواتي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 28-08-2007, 07:32 PM
الصورة الرمزية منيع البوح
منيع البوح منيع البوح غير متصل
قلم مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2006
مكان الإقامة: العاصمة المقدسة
الجنس :
المشاركات: 3,676
الدولة : Saudi Arabia
افتراضي

بسم الله الرحمن الريحم
جزاك الله خير اخي الفاضل
جعله الله في ميزان حسناتك
واساله تعالى ان يرزقك الجنه وان يحرمك على النار
وفقكم الله
__________________
أسأل الله ان يرزقني رقة كرقة قلبك

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 29-08-2007, 02:42 PM
الصورة الرمزية ابومالك اليماني
ابومالك اليماني ابومالك اليماني غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: الرياض
الجنس :
المشاركات: 273
الدولة : Saudi Arabia
63 63

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الرايات السود مشاهدة المشاركة
بسم الله الرحمن الريحم
جزاك الله خير اخي الفاضل
جعله الله في ميزان حسناتك
واساله تعالى ان يرزقك الجنه وان يحرمك على النار
وفقكم الله

وفقك الله اخي الفاضل وجزاك خير الجزاء واشكرك على مرورك الطيب
__________________


إخوتي وأخواتي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 29-08-2007, 09:50 PM
الياس الجزائري الياس الجزائري غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Aug 2007
مكان الإقامة: RELIZANE
الجنس :
المشاركات: 23
الدولة : Algeria
افتراضي

بسم الله الرحمن الريحم
جزاك الله خير اخي الفاضل
جعله الله في ميزان حسناتك
واساله تعالى ان يرزقك الجنه وان يحرمك على النار
وفقكم الله
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 29-08-2007, 10:18 PM
الصورة الرمزية خولــه*
خولــه* خولــه* غير متصل
عضو مشارك
 
تاريخ التسجيل: Aug 2007
مكان الإقامة: الرياض
الجنس :
المشاركات: 53
الدولة : Saudi Arabia
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اللهم لاتحرمه الاجر 00واجري حسناته مجرى النهر
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 117.20 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 111.35 كيلو بايت... تم توفير 5.85 كيلو بايت...بمعدل (4.99%)]