|
|||||||
| فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
![]() |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
|
أسباب وأهداف الحرب في الإسلام الشيخ ندا أبو أحمد كما مرَّ بنا فالسِّلم هو الأصل في الإسلام، وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يُعلِّم أصحابه ويوجههم فيقول لهم مربيًا: "لاَ تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ العَدُوِّ، وسَلُوا اللَّهَ العَافِيَةَ..."؛(رواه البخاري ومسلم). فالمسلم بطبيعة تربيته الأخلاقية التي يتربَّى عليها من خلال القرآن الكريم وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، يكره القتل والدماء، ومِن ثَمَّ فهو لا يبدأ أحدًا بقتال، بل إنه يسعى بكل الطرق لتجنُّب القتال وسفك الدماء، وفي آيات القرآن الكريم ما يؤيد هذا المعنى جيدًا، فالإذن بالقتال لم يأت إلا بعد أن بُدِئَ المسلمون بالحرب، وحينئذ لابد من الدفاع عن النفس والدين، وإلا كان هذا جُبنًا في الخُلُق، وخورًا في العزيمة؛ قال تعالى: ﴿ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أخرجوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ ﴾[الحج: 39-40]، وعلَّة القتال واضحة في الآية، وهي أن المسلمين ظُلموا وأُخرجوا من ديارهم بغير حق. ويقول سبحانه وتعالى: ﴿ وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾[البقرة: 190]. يقول القرطبي: "هذه الآية أول آية نزلت في الأمر بالقتال، ولا خلاف في أن القتال كان محظورًا قبل الهجرة بقوله: ﴿ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ [فصلت: 34]، وقوله: ﴿ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ ﴾ [المائدة: 13]، وما كان مثله مما نزل بمكة، فلمَّا هاجر إلى المدينة أُمر بالقتال"؛ (الجامع لأحكام القرآن للقرطبي: 1/718). والملاحظ أن الأمر بالقتال هنا إنما جاء لمحاربة من بدأ بالقتال فقط، دون المسالم، وجاء التأكيد الشديد على ذلك المعنى بقول الله تعالى: ﴿ وَلَا تَعْتَدُوا ﴾،ثم التحذير للمؤمنين: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾، فالله عز وجل لا يحب الاعتداء، ولو كان على غير المسلمين، وفي هذا تحجيمٌ كبير لاستمرار القتال، وهذا فيه من الرحمة بالإنسانية جميعًا ما فيه. ويقول تعالى: ﴿ وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً ﴾ [التوبة: 36]، فالقتال هنا مُقيَّد وبحسب قتالهم واجتماعهم لنا يكون فرض اجتماعنا لهم؛ (الجامع لأحكام القرآن للقرطبي: 4/474). وعلَّة قتال المشركين كافة أنهم يقاتلون المسلمين كافة، ومن هنا فإنه لا يجوز للمسلم أن يقاتل من لم يقاتله إلا بعلة واضحة، كسلبٍ أو نهبٍ، أو اغتصاب لحقوق المسلمين، أو بسبب ظلمٍ أوقعوه بأحدٍ، والمسلمون يريدون رفع هذا الظلم، أو بسبب منعهم للمسلمين من نشر دينهم، أو إيصال هذا الدين للآخرين. ومثل الآية السابقة يقول الله تعالى أيضًا: ﴿ أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَؤُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾[التوبة: 13]. والمقصود بمن نكثُوا أيمانهم كفَّار مكة، وكان منهم سبب خروج النبي صلى الله عليه وسلم، فأُضيف الإخراج إليهم، وقيل: أخرجوا الرسول صلى الله عليه وسلم من المدينة لقتال أهل مكة للنكث الذي منهم، وعن الحسن: ﴿ وَهُمْ بَدَؤُوكُمْ ﴾بالقتال، ﴿ أَوَّلَ مَرَّةٍ ﴾؛أي نقضوا العهد، وأعانوا بني بكر على خزاعة، وقيل: بدؤوكم بالقتال يوم بدر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم خرج للعير، ولَمَّا أحرَزوا عِيرَهم كان يُمكنهم الانصراف، فأبَوْا إلا الوصول إلى بدر، وشرب الخمر بها، وقيل: إخراجهم الرسول صلى الله عليه وسلم: منعهم إياه من الحج والعمرة والطواف، وهو ابتداؤهم؛ (انظر الجامع لأحكام القرآن للقرطبي: 4/434). وبقطع النظر عن حقيقة متى كانت البداية، فإن علة القتال عند المسلمين واضحة، وهي أن أعداءهم بدؤوهم بالقتال. فهذه هي الأسباب والدوافع التي تدعو المسلمين إلى الحرب، وواقع المسلمين في زمان الخلفاء الراشدين بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم يُصدِّق ذلك؛ فالمسلمون في فتوحاتهم لم يقاتلوا أو يقتلوا كلَّ المشركين الذين قابلوهم في هذه الفتوحات، بل على العكس لم يقاتلوا إلا من قاتلهم من جيش البلاد المفتوحة، وكانوا يتركون بقية المشركين على دينهم. وهي - كما نرى - أسباب ودوافع لا يُنكرها منصف، ولا يعترض عليها محايد؛ فهي تشمل رد العدوان، والدفاع عن النفس والأهل والوطن والدين، وكذلك تأمين الدين والاعتقاد للمؤمنين الذين يحاول الكافرون أن يفتنوهم عن دينهم، وأيضًا حماية الدعوى حتى تبلغ للناس جميعًا، وأخيرًا تأديب ناكثي العهد؛ (بماذا انتصر المسلمون، لأنور الجندي ص 57 – 62).
__________________
|
![]() |
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |