|
|||||||
| الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
|
الإسراء والمعراج - 3 الشيخ: محمد عبد الحميد البوشي الإسراء: هو تلك الرحلة الأرضية التي قام بها خاتم رسل الله محمد صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام بمكة إلى بيت المقدس بالشام على دابة خاصة اسمها البراق. والمعراج: هو تلك الرحلة السماوية التي قام بها صلى الله عليه وسلم من بيت المقدس إلى السموات العلا. وقبل الكلام على الإسراء والمعراج نحن أن نعرف شيئاً عن المسجد الحرام، والمسجد الأقصى. المسجد الحرام: هو أول مسجد في الأرض بني لعبادة الله وحده: بناه خليل الله إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام، قال الله تعالى:[إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ] {آل عمران:96}.ويقول في شأنه أيضاً:[وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ القَوَاعِدَ مِنَ البَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ] {البقرة:127}. وهو أحد المساجد الثلاثة التي تشد إليها الرحال: المسجد الحرام، و مسجد المدينة المنورة، والمسجد الأقصى. وكان معظماً في الجاهلية والإسلام. المسجد الأقصى: هو بيت المقدس وثاني المساجد التي أسست على الأرض لعبادة الله، وقد بناه سليمان بن داود عليهما السلام، روى السيوطي في كتابه الدر المنثور: (أن سليمان عليه السلام بعد أن بنى بيت المقدس فرش أرضه بالذهب والفضة، فلما كان عهد بختنصر خربه واحتمل منه ثمانين عجلة من الذهب والفضة، وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن سليمان عليه السلام لما بنى بيت المقدس سال ربه ثلاثاً فأعطاه اثنتين، وأنا أرجو أن يكون أعطاه الثالثة: سأله حكماً يصادف حكمه فأعطاه إياه، وسأله ملكاً لا ينبغي لأحد من بعده فأعطاه إياه، وسأله أيما رجل يخرج من بيته لا يريد إلا الصلاة في هذا المسجد ـ المسجد الأقصى ـ خرج من خطيئته كيوم ولدته أمه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ونحن نرجو أن يكون الله أعطاه ذلك. وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله أي المساجد وضع في الأرض أولاً ؟ قال: المسجد الحرام، قلت: ثم أي ؟ قال: المسجد الأقصى. وبيت المقدس كان ولا يزال محل احترام العرب وغيرهم في الجاهلية والإسلام، كما كان قبلة المسلمين في الصلاة أو مشروعيتها، ثم حولت القبلة بعد ذلك إلى المسجد الحرام. وبين هذين المسجدين كان حادث الإسراء والمعراج، وقد اختلف المؤرخون والمحدثون في السنة والشهر والليلة التي حدث فيها الإسراء والمعراج، وأصح هذه الروايات وأقربها إلى الصواب أنه كان في السنة الثانية قبل الهجرة ليلة سبع وعشرين من شهر رجب وعليه عمل المسلمين. أدلة الإسراء والمعراج: ثبت الإسراء بالقران الكريم والحديث النبوي، أما القرآن فقوله تعالى:[سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ] {الإسراء:1}. وأما الأحاديث فكثيرة بلغت أكثر من ثلاثين حديثاً. وثبت المعراج بالأحاديث الكثيرة، ويرى بعض المفسرين للقرآن الكريم أن أول سورة النجم من قوله تعالى:[وَلَقَدْ رَآَهُ نَزْلَةً أُخْرَى] {النَّجم:13}. وقوله تعالى:[لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ] {الانشقاق:19} . يدلان على المعراج أيضاً. وهل كان الإسراء بالروح فقط، أو بالروح والجسد معاً؟ يقول الله تعالى::[سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ] {الإسراء:1}. والعبد اسم لمجموع الجسد والروح معاً، نعم روى البخاري عن أنس رضي الله عنه أن الإسراء قد حصل للرسول صلى الله عليه وسلم قبل البعثة، بروحه في المنام توطئة للإسراء بجسده بعد البعثة، كما كانت الرؤيا الصادقة قبل النبوة توطئة لبعثته صلى الله عليه وسلم، وما ورد منسوباً لعائشة رضي الله عنها أنها قالت: (ما فارق جسده جسدي) فهو حديث مدخول عليها ينافيه القرآن الكريم والتاريخ، أما القرآن فقوله تعالى: (بعبده) والعبد اسم لمجموع الروح والجسد. وأما التاريخ، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يدخل بالسيدة عائشة إلا بعد الهجرة، وحادث الإسراء كان قبل الهجرة. هذا ولو كان الإسراء بالروح فقط لما كذب كفار قريش، لأن كل إنسان تسري روحه في المنام في عالم الأرض، بل وفي عالم السماء والهواء. وقد كان الإسراء من البيت الحرام إلى المسجد الأقصى في جزء يسير من الليل، يدل على ذلك قوله تعالى: (أسرى). وقولة تعالى: (ليلاً) فأسرى كالسرى خاص بالسفر ليلاً وليلاً بالتنكير يدل على التبعيض. وإنما أسرى به ليلاً لمزيد الاحتفال به صلى الله عليه وسلم فإن الليل وقت الخلوة، والليل كالأصل للنهار، والاهتداء فيه للمقصد أبلغ من النهار، وأيضاً ليكون ما يعرج إليه من عالم النور المحض أبعد عن الشبه بما يعرج منه من عالم الظلمة. الشبهات الواردة على الإسراء والمعراج ودفعها: يتحدث كثير من المتعلمين وأنصاف المتعلمين في استبعاد الإسراء والمعراج ويوردون بعض الشبهات الآتية: 1 ـ أن الحركة البالغة السرعة إلى هذا الحد غير معقولة. 2 ـ صعود الجسم الثقيل إلى السموات غير معقول. 3 ـ الصعود إلى السموات يوجب خرق الأفلاك، وفي السماء طبقات لا يتخللها الهواء وتمتنع فيها حياة أي حيوان. هذه بعض الشبهات التي يوردها المنكرون الذين لا يؤمنون بالقرآن ولا بالحديث ولا بالمعجزات، وهذه الشبهات إن وجدت في العصور الأولى من يعتقدها كيف يسوغ في هذا العصر اعتقادها؟ فنحن في عصر استطاع أن يسخر للإنسان الأرض والهواء والماء، وأخذ العلماء في اختراع صاروخ يصلون بواسطته إلى المريخ والعيش هناك وغيره من الكواكب السيارة، فإذا كان الإنسان على ضعفه استطاع أن يفعل ذلك فهل تستبعد على خالق الإنسان سبحانه أن يغير بعض النواميس الأرضية والسماوية؟! هذا والمقام مقام إعجاز، والإنكار فيه مكابرة وعناد، وإن عروج سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم إلى السماء كنزول جبريل عليه السلام من السماء، فالله سبحانه قد أزال عن محمد عليه الصلاة والسلام الحجب الجسمانية حتى ظهر في روحه من المكاشفات والمشاهدات بعض ما كان خاصاً لجبريل عليه السلام، حين نزوله من عالم الأفلاك، وأي فرق بين معجزات الإسراء والمعراج ومعجزة تسخير الرياح لسيدنا لسليمان عليه السلام غدوها شهر ورواحها شهر، و معجزة إحضار عرش بلقيس في لمح البصر من اليمن إلى الشام، ومعجزة انقلاب العصا في يد سيدنا موسى عليه السلام، ومعجزة خروج ناقة سيدنا صالح عليه السلام من الجبل الأصم؟! كان المقصود الأول من الإسراء والمعراج هو فرضية الصلوات الخمس وهي النتيجة التي انتهى إليها المعراج، وفي هذا دليل على أن شأن الصلاة ومقامها على رأس العبادات، وهو مصداق قوله عليه الصلاة والسلام ( الصلاة عماد الدين). وكانت الصلاة قديماً مشروعة كالصوم في شريعة الأنبياء السابقين، وإن اختلفت في الوصف والنوع، وكان رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم يقوم بهذه الصلاة مثنى قبل فرضيتها، يدل لهذا قول الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث الإسراء حين وصل إلى بيت المقدس: (ثم دخلت إلى بيت المقدس فصليت فيه ركعتين). أما الآيات التي يشير إليها رب العزة سبحانه في قوله:[لَقَدْ رَأَى مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِ الكُبْرَى] {النَّجم:18}.فقد قال المفسرون بعد تجويزهم أن تكون من زائدة أو للتبعيض: إن الآيات التي أراها الله لرسوله يتلخص بعضها فيما يأتي: 1 ـ تسخير البراق للرسول عليه الصلاة وقد كان دابة خصصها الله للأنبياء جميعاً. 2 ـ قيام كبير الملائكة جبريل عليه السلام ومعه ميكائيل في خدمته وفي ركابه، فقد ورد في بعض الأحاديث: (فقد كان جبريل هو الآخذ بركابه، وميكائيل هو الآخذ بزمامه إلى أن وصل إلى بيت المقدس). 3 ـ ذهابه صلى الله عليه وسلم إلى المسجد الأقصى وعروجه إلى السماء، ورجوعه إلى مكة في برهة من الليل. 4 ـ صلاته صلى الله عليه وسلم إماماً بالأنبياء والمرسلين، في بيت المقدس بعد أن أحياهم الله، أو بعد أن تمثلت أرواحهم في صورة أجسام، وإمامته عليه الصلاة والسلام غشعار بعلو مقامه، وأنه مقدم على سائر الأنبياء، ويقول الحافظ ابن كثير: إن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى بالأنبياء إماماً قبل العروج وبعد العروج. 5 ـ ومن الآيات أنه رأى في السماء حين عروجه من عجائب الملك والملكوت مالا تحيط به العبارة، اقرأ قوله تعالى في سورة النجم: [لَقَدْ رَأَى مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِ الكُبْرَى] {النَّجم:18}.وقوله [ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى(8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى(9) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى(10) مَا كَذَبَ الفُؤَادُ مَا رَأَى(11) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى(12) ]. {النَّجم}.. هذه بعض الآيات التي أراها الله لرسوله وحبيبه صلى الله عليه وسلم حين دعاه لزيارته، وأرسل إليه بعثة الشرف برئاسة كبير الملائكة جبريل، لتكون في ركابه من بدء رحلته حتى وصل إلى ما وصل إليه، فأي مسافة تطول على ذلك الحبيب الرباني، وأي جسم يمتنع أمام ذلك الجسد النوراني. موقف قريش من الإسراء والمعراج: روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أخبر قومه بالإسراء كانوا بين مصفق استهزاءً، وبين واضع يده على رأسه تعجباً وإنكاراً، وارتد كثير ممن أسلموا، وسعى رجال إلى أبي بكر رضي الله عنه فقالوا له: هل لك في صاحبك يزعم أنه أسرى به إلى بيت المقدس ثم رجع في ليلة واحدة؟ فقال لهم أبو بكر رضي الله عنه: أو قال ذلك؟ قالوا: نعم. قال: فأشهد إن كان قال ذلك لقد صدق. قالوا: أفتشهد أنه جاء الشام في ليلة واحدة ؟ قال: إني أصدقه في خبر السماء، أفلا أصدقه في خبر الأرض؟ ثم رجعوا إلى محمد عليه الصلاة والسلام فطلبوا منه أن يصف لهم بيت المقدس، وهم يعلمون أنه لم يره من قبل، فأراه الله إياه كأنه أمامه، وأخذ يصفه لهم وصفاً دقيقاً، ثم سألوه عن عير لهم قد سافرت إلى الشام في تجارة لهم، فوصف لهم العير الذاهبة إلى الشام والقادمة من الشام، وعيَّن لهم اليوم الذي تصل فيه إلى مكة، فلما كان ذلك اليوم أشرفت قريش ينتظرون ذلك وقد ولى النهار، ولم تجيء حتى كادت الشمس أن تغرب، فدعا الله فحبست الشمس عن الغروب حتى قدم العير، وفي هذا يقول الإمام السبكي في تائيته: وشمس الضحى طاعتك وقت مغيبها=فما غربت بل وافقتك بوقفة وردت عليك الشمس بعد مغيبهـــــــا=كما أنها قدما ليوشـــــــع ردت هذه صورة مصغرة لقصة الإسراء والمعراج التي كانت تكريماً لمحمد عليه الصلاة والسلام وامتحاناً لقومه: [لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ] {الأنفال:42}. نرجو أن يكون لنا منها ذكرى ننتفع بها وعظة بها إلى الإيمان الصحيح بشريعة سيد المرسلين.وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم المصدر : مجلة الأزهر، المجلد السابع والعشرين، رجب 1375هـ، العدد السابع بتصرف يسير.
__________________
|
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |