|
فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() خلاف الفقهاء في حكم الاستنجاء وهل يصح فعله بعد الوضوء؟ يحيى بن إبراهيم الشيخي في هذه المسألة مبحثان: المبحث الأول: حكم الاستنجاء عند الفقهاء. المبحث الثاني: حكم تقديم الاستنجاء على الوضوء، وهل هو من شروط صحة الوضوء أم لا؟ قبل ذلك نعرِّف الاستنجاء؛ كما قاله النووي: "الاستطابة والاستنجاء والاستجمار إزالة النَّجو[1]، فالاستطابة والاستنجاء يكونان بالماء والحجر، والاستجمار لا يكون إلا بالأحجار، مأخوذ من الجِمار؛ وهي الأحجار الصغار، والاستطابة لطِيب نفسه بخروج ذلك، والاستنجاء من نجوتُ الشجرة وأنجيتها: إذا قطعتها"[2]؛ بمعنى: الاستنجاء إزالة ما خرج من السبيلين بالماء أو ما يقوم مقامه؛ كالاستجمار بالأحجار أو ما في حكمها. المبحث الأول: حكم الاستنجاء عند الفقهاء: الاستنجاء: في الجملة واجب عند الجمهور: الحنابلة[3]، الشافعية[4]، المالكية[5]: يرَون أن الاستنجاء واجب لكل من أحدث بخروج بول أو غائط، سواء كان الماء متوفرًا أم لا، ويجوز الاستجمار بالمناديل أو الأحجار إذا لم يتوفر الماء. لقوله صلى الله عليه وسلم: ((إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليذهب معه بثلاثة أحجار، يستطيب بهن، فإنها تُجزئ عنه))[6]. إلا أن المالكية قالوا: "الأصل في الاستنجاء ونحوه أن يكون مندوبًا، إلا في أمور؛ منها: في بول المرأة سواء كانت بكرًا أو ثيبًا، فيجب عليها أن تغسل كل ما ظهر من فرجها حال جلوسها، سواء تعدى المحل الخارج منه إلى جهة المقعد أو لا، إلا أنه إن تعدى المحل، وأصبح ذلك لازمًا، بحيث يأتي كل يوم مرة فأكثر، فإنه يكون سَلَسًا يُعفى عنه، ومنها أن ينتشر الخارج على المحل انتشارًا كثيرًا، بحيث يزيد على ما جرت العادة بتلويثه، كأن يصل الغائط إلى الأَلْيَةِ، ويعم البول معظم الحَشَفة، وفي هذه الحالة يجب غسل الكل بالماء، بحيث لا يصح الاقتصار على غسل ما جاوز المعتاد"[7]. وسنة مؤكدة عند الحنفية. يرَون أن الاستنجاء بالماء سنة مؤكدة، ولا يجب إذا أمكن الاستجمار بالمناديل أو الأحجار، ولكن الأفضل والأكمل هو الاستنجاء بالماء[8]. وإنما يكون الاستنجاء بالماء أو الاستجمار بالأحجار الصغيرة ونحوها سنة مؤكدة، إذا لم يتجاوز الخارج نفس المخرج، والمخرج عندهم هو المحل الذي خرج منه الأذى، وما حوله من مجمع حلقة الدبر الذي ينطبق عند القيام، ولا يظهر منه شيء، فإذا جاوزت النجاسة المخرج المذكور، فإنه يُنظر فيها، فإن زادت على قدر الدرهم، فإن إزالتها تكون فرضًا، ويتعين في إزالتها الماء؛ لأنها تكون من باب إزالة النجاسة لا من باب الاستنجاء، وإزالة النجاسة يُفترض فيها الماء[9]. أدلة الحنفية: ما رُويَ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من استجمر فليُوتر، من فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج))، والاستدلال به من وجهين: أحدهما: أنه نفى الحرج في تركه، ولو كان فرضًا لكان في تركه حرج. والثاني: أنه قال: ((من فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج)) ومثل هذا لا يُقال في المفروض، وإنما يُقال في المندوب إليه، والمستحب، إلا أنه إذا ترك الاستنجاء أصلًا، وصلى يُكره؛ لأن قليل النجاسة جُعل عفوًا في حق جواز الصلاة دون الكراهة، وإذا استنجى زالت الكراهة[10]. المبحث الثاني: حكم تقديم الاستنجاء على الوضوء، وهل هو من شروط صحة الوضوء أم لا؟ للعلماء قولان: القول الأول: تقديم الاستنجاء من سنن الوضوء عند الحنفية والشافعية[11]، والرواية المعتمدة للحنابلة[12]، فلو أخَّره عنه جاز وفاتته السنية؛ لأنه إزالة نجاسة، فلم تشترط لصحة الطهارة، كما لو كانت على غير الفرج. وأدلتهم: أولًا: عدم الدليل على اشتراط الترتيب. ثانيًا: أن شرط الصلاة في إزالة النجاسة لا يشترط أن يكون قبل الوضوء، فلو كان على بطنه نجاسة، فأزالها بعد الوضوء صحَّ، فكذلك النجاسة التي على السَّبيلين. ثالثًا: أن المقصود من طهارة الخبث زوال النجاسة؛ فمتى ما زالت زال حكمها، ولا علاقة لها بالحدَث[13]. وصرح المالكية بأنه لا يُعد من سنن الوضوء، وإن استحبوا تقديمه عليه[14]. القول الثاني: وهو الرواية الأخرى عند الحنابلة؛ أن الاستنجاء قبل الوضوء - إذا وُجد سببه - شرط في صحة الصلاة، فلو توضأ قبل الاستنجاء لم يصح، وعلى هذه الرواية اقتصر صاحب كشاف القناع[15]. قال الشافعية: وهذا في حق السليم، أما في حق صاحب الضرورة - يعنون صاحب السلس ونحوه - فيجب تقديم الاستنجاء على الوضوء. وعلى هذا، فإذا توضأ السليم قبل الاستنجاء، يستجمر بعد ذلك بالأحجار، أو يغسله بحائل بينه وبين يديه، ولا يمَس الفرج[16]. قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: "كان عن الإمام أحمد في هذه المسألة روايتان: الأولى: أنه يصح الوضوء والتيمم قبل الاستنجاء. الثانية: أنه لا يصح؛ وهي المذهب. والرواية الأولى اختارها الموفَّق، وابن أخيه شارح «المقنع» والمجد. وهذه المسألة إذا كان الإنسان في حال السعة، فإننا نأمره أولًا بالاستنجاء ثم بالوضوء؛ وذلك لفِعل النبي صلى الله عليه وسلم، وأما إذا نسِيَ، أو كان جاهلًا، فإنه لا يجسر الإنسان على إبطال صلاته، أو أمره بإعادة الوضوء والصلاة"[17]. [1] النجو: ما يخرج من البطن؛ [المصدر: تبيين الحقائق للزيلعي: ج1/ ص76]. [2] تحرير ألفاظ التنبيه، ص36. [3] المغني لابن قدامة، 1/206. [4] المجموع للنووي: 2/95. [5] كتاب الذخيرة للقرافي: 1/211. [6] حديث حسن: أخرجه أبو داود (40)، والنسائي (44)، وأحمد (25056). [7] الفقه على المذاهب الأربعة، عبدالرحمن الجزيري: 1/84. [8] كتاب بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، الكاساني:1/18. [9] انظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق: ج1، ص78، وكتاب الفقه على المذاهب الأربعة، عبدالرحمن الجزيري، 1/83. [10] انظر: كتاب بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، الكاساني: 1/18. [11] انظر: كتاب الحاوي الكبير، الماوردي: ج1، ص174 [12] انظر: كتاب بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، الكاساني: 1/18. [13] الموسوعة الفقهية الكويتية، ج4، ص110. [14] كتاب التفريع في فقه الإمام مالك بن أنس، ابن الجلاب، ج1، ص47، وانظر: كتاب حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني: ج1، ص182. [15] المغني لابن قدامة: ج1، ص155، كشاف القناع: ج1، ص70. [16] الموسوعة الفقهية الكويتية: 4/110. [17] كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع، ابن عثيمين: ج 1، ص 142.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |