طاعة الزوج من طاعة المعبود، فهل أديت العهد المعقود؟ - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الْمَسْجِدُ الأَقْصَى أَوَّلُ قِبْلَة لِلْمُسْلِمِيْنَ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 54 )           »          اليهود وخطورة تحريفهم لمفهوم المسجد الأقصى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          هل وصل الضعف بالمسلمين إلى القول بأن للأقصى ربا يحميه؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          الصحابة من أحبهم أحبه الله، ومن أبغضهم أبغضه الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          توجيه عبارة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          السعادة للفتاة أساسها القرب من الله عزباء أو متزوجة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          التعامل بجدية في تربية أبنائنا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          الأخوة المفقودة.. بين الواجب والواقع! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 44 )           »          التعليم والإعلام شريكان في تحصين شبابنا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          القواعد والضوابط الفقهية في الأعمال الخيرية والوقفية متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 54 - عددالزوار : 27558 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الأسرة المسلمة > ملتقى الأخت المسلمة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الأخت المسلمة كل ما يختص بالاخت المسلمة من امور الحياة والدين

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 28-08-2025, 10:55 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 167,727
الدولة : Egypt
افتراضي طاعة الزوج من طاعة المعبود، فهل أديت العهد المعقود؟

طَاعَةُ الزَّوْجِ مِنْ طَاعَةِ الْمَعْبُودِ، فَهَلْ أَدَّيْتِ الْعَهْدَ الْمَعْقُودَ؟

حسام الدين أبو صالحة

ليتَ النِّساءَ يُدركنَ عِظَمَ الإيفاءِ بالعَهدِ المعقود، والميثاقِ الغليظ المَنْشُودِ؛ ذاك العهدُ الذي أُبرِمَ، ووُثِّقَ، وشُدِّدَ عليه، ميثاقٌ مؤكَّدٌ لا يُقبلُ فيه التهاونُ، كالعقدِ الذي يُلزِمُ الطّرفينِ بما تراضَيا عليه، وفي سياقِ الزّوجيّة، فإنّه إشارةٌ إلى عقدِ النكاح الذي جعله اللهُ عزّ وجلّ ميثاقًا غليظًا، كما قال تعالى: ﴿ وأخذنَ منكم ميثاقًا غليظًا ﴾ [النساء: 21]، فهو عهدٌ محمولٌ بالأمانةِ، مثقَلٌ بالمسؤوليةِ، محفوفٌ بالوفاءِ، وتذكيرٌ للمرأةِ بأنّها التزمتْ أمامَ اللهِ بحقوقٍ لا يجوزُ لها نقضها، ولا التهاونُ بها؛ فالرَّجُلُ كَالطِّفْلِ الصَّغِيرِ يَحْتَاجُ لِمَنْ يُدَلِّلُهُ، وَيَحْتَوِيهِ، وَيَفْهَمُهُ، وَيُحْسِنُ الْإِنْصَاتَ لَهُ، حَتَّى وَلَوْ تَكَلَّمَ بِمَا لَا فَائِدَةَ مِنْهُ، وَيُعْطِيهِ الْحَنَانَ الْمَفْقُودَ، وَالْعَطْفَ الْمَنْشُودَ، وَلَيْسَ أَحَقَّ بِالْقِيَامِ بِذَٰلِكَ مِنْ زَوْجَتِهِ؛ فَإِنْ لَمْ تُثْمِرْ عِبَادَةُ الْمَرْأَةِ سُمُوًّا فِي تَعَامُلِهَا مَعَ زَوْجِهَا، وَرُقِيًّا فِي تَفَاعُلِهَا، وَطَاعَةً لَهُ، وَمَحَبَّةً فِيهِ، وَاهْتِمَامًا بِهِ، وَانْشِغَالًا بِشَأْنِهِ، وَإِبْرَارًا لِقَسَمِهِ، وَنُزُولًا مِنْهَا عِنْدَ رَغَبَاتِهِ، وَتَنْفِيذًا لِكُلِّ طَلَبَاتِهِ – فِيمَا لَا تَعْصِي بِهِ اللَّهَ؛ لِأَنَّهُ لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ – فَلَا قِيمَةَ لِعِبَادَتِهَا، وَلَا ثَوَابَ لَهَا بِطَاعَتِهَا؛ بَلْ عِبَادَتُهَا حِينَئِذٍ لَا لَهَا، بَلْ عَلَيْهَا؛ إِذْ لَا قِيمَةَ تُذْكَرُ، وَلَا فَائِدَةَ تُؤَثِّرُ لِزَوْجَةٍ قَاسِيَةِ الطَّبْعِ، غَلِيظَةِ الْقَلْبِ، نَائِيَةِ الْوُدِّ، قَفْرَةِ الْحِسِّ، نَاضِبَةِ الْحَنَانِ، قَاطِعَةِ الْوِصَالِ.

إِنَّ الشِّيزُوفْرِينْيَا لَا تَعْنِي «اِنْفِصَامًا فِي الشَّخْصِيَّةِ» كَمَا يَعْتَقِدُ الْبَعْضُ، بَلْ تَعْنِي اضْطِرَابًا يُؤَدِّي إِلَى فُقْدَانِ الِاتِّصَالِ بِالْوَاقِعِ، وَلَيْسَ وُجُودَ شَخْصِيَّتَيْنِ دَاخِلَ الْإِنْسَانِ. وَهَٰذَا مَا أُعْنِيهِ بِمَقَالِي مِنْ فُقْدَانِ الْبَعْضِ – لَا سِيَّمَا النِّسَاءِ – الِاتِّصَالَ بِالْوَاقِعِ، حَيْثُ يَتِمُّ الْفَصْلُ التَّامُّ بَيْنَ الدِّينِ وَالْعَمَلِ، وَبَيْنَ الْعَقِيدَةِ وَالشَّرِيعَةِ، وَبَيْنَ التَّدَيُّنِ وَالْأَخْلَاقِ؛ فَالتَّعَامُلُ بَيْنَ الْبَشَرِ – خَاصَّةً الزَّوْجَيْنِ – هُوَ اِنْعِكَاسٌ لِلتَّدَيُّنِ، وَتَرْجَمَةٌ عَمَلِيَّةٌ لِلدِّينِ؛ فَبَعْضُهُنَّ يَفْهَمْنَ الدِّينَ قَصْرًا عَلَى أَرْكَانِهِ الَّتِي بُنِيَ عَلَيْهَا – مِثْلَ الشَّهَادَةِ، وَالصَّلَاةِ، وَالزَّكَاةِ، وَالصَّوْمِ، وَالْحَجِّ – وَإِنْ كَانَتْ لَا تَعْدُو أَنْ تَكُونَ الْأَسَاسَ الرَّصِينِ وَالْعِمَادَ الثَّمِينِ الَّذِي يَحْمِلُ مَا فَوْقَهُ؛ لَكِنْ مَا فَوْقَهُ لَا يَنْبَغِي تَغَافُلُهُ بِإِهْمَالِهِ أَوْ نِسْيَانِهِ.

– لَقَدْ لَخَّصَ الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ الْمَغْزَى مِنْ خَلْقِ الزَّوْجَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم: 21]. فَقَدْ قِيلَ: إِنَّ الْمَوَدَّةَ وَالرَّحْمَةَ عَطْفُ قُلُوبِهِمْ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، وَقَالَ السُّدِّيُّ: «الْمَوَدَّةُ هِيَ الْمَحَبَّةُ، وَالرَّحْمَةُ هِيَ الشَّفَقَةُ».

-لَقَدْ خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى الْمَرْأَةِ؛ لِتَكُونَ سَكَنًا، يَسْكُنُ الزَّوْجُ إِلَيْهَا وَيُسَاكِنُهَا، وَمَوَدَّةً بِكُلِّ مَعَانِي الْمَحَبَّةِ الصَّادِقَةِ، وَالْمَشَاعِرِ الْمُرْهَفَةِ، وَالْأَحَاسِيسِ الْوَارِفَةِ، وَرَحْمَةً؛ كَمَا خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى أُمَّنَا حَوَّاءَ لِأَبِينَا آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ؛ لِتُؤَانِسَ وَحْدَتَهُ الْمُرَّةَ – وَإِنْ عَاشَ بِالْجَنَّةِ – فَجَنَّةٌ بِلَا إينَاسٍ، أَوْ نَاسٍ لَا تُدَاسُ. فَتُحَدِّثُهُ بِابْتِسَامٍ، وَتُشْعِرُهُ بِاهْتِمَامٍ، وَتَسْتَمِعُ لَهُ بِاِنْسِجَامٍ؛ فَيَحِسُّ بِدِفْءِ الْمَشَاعِرِ، وَتَرَابُطِ الْوُدِّ، وَتَكَاثُرِ الْإِلْفِ، مِمَّا يَنْعَكِسُ عَلَى حَيَاتِهِ كُلِّهَا بِالْإِيجَابِ، وَعَلَى كِيَانِهِ، وَقَلْبِهِ، وَرُوحِهِ؛ فَيَنْهَمِرُونَ بِفَيْضٍ مِنَ الْمَحَبَّةِ بِلَا إِعْطَابٍ، لَكِنَّ فَاقِدَ الشَّيْءِ لَا يُعْطِيهِ، وَمَنْ حُرِمَ الْمَحَبَّةَ؛ فَلَا وُدَّ يَقِلُّهُ، وَلَا حُبَّ يَحْوِيهِ، أَوْ يَحْتَوِيهِ.

-فَإِذَا أَصْبَحَ السَّكَنُ مُنْعَدِمًا، فَأَيْنَ يَسْكُنُ الرَّجُلُ وَأَيْنَ يَأْوِي؟ تَأَمَّلْ هَذِهِ الْعِبَارَةَ فِي حَدِيثِ أَسْمَاءَ: «قَوَاعِدُ بُيُوتِكُمْ» وَكَيْفَ لِلْبُنْيَانِ أَنْ يَقُومَ إِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ قَاعِدَةٌ؟ وَهَٰذَا دَلِيلٌ عَلَى عِظَمِ دَوْرِ الزَّوْجَةِ، وَأَهَمِّيَّةِ مَا تَقُومُ بِهِ لِلزَّوْجِ؛ حَيْثُ مَا تَزْرَعُهُ مِنْ مَحَبَّةَ، وَتَحْرُثُهُ مِنْ مَوَدَّةٍ؛ يُثْمِرُ كُلَّ تَمَسُّكٍ، وَيُنْتِجُ كُلَّ تَعَلُّقٍ.

-لَقَدْ سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقِيلَ لَهُ: «أَيُّ النِّسَاءِ خَيْرٌ؟» قَالَ: «الَّتِي تُسِرُّهُ إِذَا نَظَرَ، وَتُطِيعُهُ إِذَا أَمَرَ، وَلَا تُخَالِفُهُ فِي نَفْسِهَا وَمَالِهَا بِمَا يَكْرَهُ».

إِنَّ الرَّجُلَ بِحَاجَةٍ إِلَى السَّكَنِ، وَإِلَى الْعَطْفِ، وَالْحَنَانِ، وَالْحُبِّ يَجِدُهَم فِي بَيْتِهِ، وَعِنْدَ زَوْجَتِهِ الَّتِي تَقُومُ بِرِعَايَةِ بَيْتِهِ، وَأَطْفَالِهِ، وَتَنْتَظِرُهُ عِنْدَ عَوْدَتِهِ بِالْحُبِّ، وَالرِّعَايَةِ، وَالْحَنَانِ، وَالرَّحْمَةِ، وَالِاهْتِمَامِ، وَهَٰذِهِ آيَةٌ مِنْ آيَاتِ قُدْرَةِ اللَّهِ، وَعَظَمَتِهِ.

-وَلَيْسَ أَدَلَّ عَلَى ذٰلِكَ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِخَطِيبَةِ النِّسَاءِ السَّيِّدَةِ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ الْأَنْصَارِيَّةِ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا – حِينَ جَاءَتْهُ تَطْلُبُ حَقَّهَا الَّذِي أَعْطَاهَا رَبُّهَا، وَخَالِقُهَا، وَلَا تُرِيدُ سِوَاهُ، فَقَالَ لَهَا: «اِنْصَرِفِي أَيَّتُهَا الْمَرْأَةُ، وَأَعْلِمِي مَنْ وَرَاءَكِ مِنَ النِّسَاءِ أَنَّ حُسْنَ تَبَعُّلِ إِحْدَاكُنَّ لِزَوْجِهَا، وَجَلْبَهَا لِمَرْضَاتِهِ، وَاتِّبَاعَهَا مُوَافَقَتَهُ يَعْدِلُ ذَٰلِكَ كُلَّهُ»، فَأَدْبَرَتِ الْمَرْأَةُ، وَهِيَ تُهَلِّلُ، وَتُكَبِّرُ اسْتِبْشَارًا، وَذٰلِكَ حِينَ جَاءَتْهُ سَائِلَةً عَنْ أَجْرِهَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَكَانَتِهَا لَدَيْهِ – دُونَ مُنَازَعَةٍ مِنْهَا لِلرِّجَالِ فِي حُقُوقِهِمْ – بِقَوْلِهَا: «إِنَّ اللَّهَ بَعَثَكَ إِلَى الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ كَافَّةً؛ فَآمَنَّا بِكَ وَبِإِلٰهِكَ. وَإِنَّا – مَعْشَرَ النِّسَاءِ – مَقْصُورَاتٌ، قَوَاعِدُ بُيُوتِكُمْ، وَمَقْضَى شَهَوَاتِكُمْ، وَحَامِلَاتُ أَوْلَادِكُمْ، وَأَنَّكُمْ – مَعَاشِرَ الرِّجَالِ – فُضِّلْتُمْ عَلَيْنَا بِالْجُمْعِ وَالْجَمَاعَاتِ، وَعِيَادَةِ الْمَرْضَى، وَشُهُودِ الْجَنَائِزِ، وَالْحَجِّ بَعْدَ، وَأَفْضَلُ مِنْ ذٰلِكَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؛ وَأَنَّ الرَّجُلَ مِنْكُمْ إِذَا خَرَجَ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا أَوْ مُرَابِطًا حَفِظْنَا لَكُمْ أَمْوَالَكُمْ، وَغَزَلْنَا لَكُمْ أَثْوَابَكُمْ، وَرَبَّيْنَا أَوْلَادَكُمْ؛ أَفَلَا نُشَارِكُكُمْ فِي هٰذَا الْخَيْرِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟»

-لَقَدْ أَكْرَمَ الْإِسْلَامُ الزَّوْجَةَ؛ فَأَعْطَاهَا مِثْلَ مَا لِلرَّجُلِ مِنَ الْأَجْرِ، وَالثَّوَابِ؛ لِتَفْرَحَ بِمَا عِنْدَ اللَّهِ، وَيَطْمَئِنَّ قَلْبُهَا؛ بِأَنَّ اللَّهَ أَكْرَمَهَا، وَأَجْزَلَ لَهَا الْجَزَاءَ – وَهِيَ فِي بَيْتِهَا سَاكِنَةٌ – إِذْ لَزِمَتْ بَيْتَهَا مُصَلِّيَةً عَابِدَةً قَانِتَةً مُطِيعَةً لِرَبِّهَا، وَخَالِقِهَا، مُرَاعِيَةً حَقَّ زَوْجِهَا.

-إِنَّ الزَّوْجَ هُوَ جَنَّةُ الزَّوْجَةِ، وَنَارُهَا – أَيْ: مِنْ أَهَمِّ أَسْبَابِ دُخُولِهَا الْجَنَّةَ، أَوْ النَّارَ – بَعْدَ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ، وَطَاعَةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَعَنْ حُصَيْنِ بْنِ مِحْصَنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ عَمَّةً لَهُ أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهَا: «أَذَاتُ زَوْجٍ أَنْتِ؟» قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: «فَأَيْنَ أَنْتِ مِنْهُ؟» قَالَتْ: مَا آلُوهُ إِلَّا مَا عَجَزْتُ عَنْهُ. قَالَ: «فَكَيْفَ أَنْتِ لَهُ؟ فَإِنَّهُ جَنَّتُكِ، وَنَارُكِ»؛ رَواهُ أَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيُّ بِإِسْنَادَيْنِ جَيِّدَيْنِ، وَالْحَاكِمُ، وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ.

ـــ وَالْمَعْنَى: فِي أَيِّ مَنْزِلَةٍ أَنْتِ مِنْهُ؟ أَقَرِيبَةٌ مِنْ مَوَدَّتِهِ، مُسْعِفَةٌ لَهُ عِنْدَ شِدَّتِهِ، مُلَبِّيَةٌ لِدَعْوَتِهِ، أَمْ مُتَبَاعِدَةٌ مِنْ مَرَامِهِ، كَافِرَةٌ لِعِشْرَتِهِ وَإِنْعَامِهِ؟ فَإِنَّمَا هُوَ ـ أَيْ: الزَّوْجُ ـ جَنَّتُكِ، وَنَارُكِ؛ أَيْ: هُوَ سَبَبٌ لِدُخُولِكِ الْجَنَّةَ؛ بِرِضَاهُ عَنْكِ، وَسَبَبٌ لِدُخُولِكِ النَّارِ؛ بِسَخَطِهِ عَلَيْكَ، فَأَحْسِنِي عِشْرَتَهُ، وَلَا تُخَالِفِي أَمْرَهُ فِيمَا لَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: «إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَصَّنَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ بَعْلَهَا؛ دَخَلَتْ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شَاءَتْ»؛ رَواهُ ابْنُ حِبَّانَ (1296)، وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ فِي «صَحِيحِ الْجَامِعِ» (660).

ـــ إِنَّ مِنْ عِظَمِ حَقِّ الزَّوْجِ عَلَى زَوْجَتِهِ أَنَّهُ لَوْ صَلَحَ أَنْ يَسْجُدَ بَشَرٌ لِبَشَرٍ؛ لَأَمَرَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا مِنْ عِظَمِ حَقِّهِ عَلَيْهَا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ أَنَّ مِنْ قَدَمِهِ إِلَى مِفْرَقِ رَأْسِهِ قُرْحَةً تَنْبَجِسُ بِالْقَيْحِ وَالصَّدِيدِ، ثُمَّ أَقْبَلَتْ تَلْحَسُهَا، مَا أَدَّتْ حَقَّهُ». صَحِيحُ الْجَامِعِ، فَقَدْ قَدِمَ مُعَاذٌ الْيَمَنَ ـ أَوْ قَالَ: الشَّامَ ـ فَرَأَى النَّصَارَى تَسْجُدُ لِبَطَارِقَتِهَا وَأَسَاقِفَتِهَا، فَرَوَّى فِي نَفْسِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَحَقُّ أَنْ يُعَظَّمَ. فَلَمَّا قَدِمَ، قَالَ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ رَأَيْتُ النَّصَارَى تَسْجُدُ لِبَطَارِقَتِهَا، وَأَسَاقِفَتِهَا، فَرَوَّيْتُ فِي نَفْسِي أَنَّكَ أَحَقُّ أَنْ تُعَظَّمَ" فَقَالَ: «لَوْ كُنْتُ آمُرُ أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِأحَدٍ؛ لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا، وَلَا تُؤَدِّي الْمَرْأَةُ حَقَّ اللَّهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ عَلَيْهَا كُلَّهُ حَتَّى تُؤَدِّيَ حَقَّ زَوْجِهَا عَلَيْهَا كُلَّهُ، حَتَّى لَوْ سَأَلَهَا نَفْسَهَا وَهِيَ عَلَى ظَهْرِ قَتَبٍ لَأَعْطَتْهُ إِيَّاهُ». الرَّاوِيُ: عَبْدُاللَّهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى، تَخْرِيجُ «الْمُسْنَدِ» لِشُعَيْبٍ، الرَّقْمُ: 19403.

ـــ لَقَدْ شَدَّدَ الْإِسْلَامُ فِي أَمْرِ التَّوْحِيدِ، وَإِخْلَاصِ الْعِبَادَةِ لِلَّهِ ـ تَعَالَى ـ، وَكَذَلِكَ شَدَّدَ عَلَى طَاعَةِ الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا، وَلَا تُؤَدِّي الْمَرْأَةُ حَقَّ اللَّهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ عَلَيْهَا كُلَّهُ حَتَّى تُؤَدِّيَ حَقَّ زَوْجِهَا عَلَيْهَا كُلَّهُ، كَمَا يُبَيِّنُ هٰذَا الْحَدِيثِ، قَالَ: «لَوْ كُنْتُ آمُرُ أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ ـ يَعْنِي: لَوْ كَانَ السُّجُودُ جَائِزًا بَيْنَ الْعِبَادِ ـ لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا». وَلَكَانَ هُوَ الْأَوْلَى بِسُجُودِ زَوْجَتِهِ لَهُ؛ لِمَا لِلزَّوْجِ مِنْ فَضْلٍ، وَقِوَامَةٍ تُوجِبُ تِلْكَ الطَّاعَةَ، وَلِكَثْرَةِ حُقُوقِهِ عَلَيْهَا، وَعَجْزِهَا عَنْ الْقِيَامِ بِشُكْرِهِ؛ وَفِي هٰذَا غَايَةُ الْمُبَالَغَةِ لِوُجُوبِ طَاعَةِ الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا.

ــ بَلِ الأَكْثَرُ مِنْ ذٰلِكَ: إِذَا دَعَا الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ، وَلَوْ كَانَتْ عَلَى قَتَبِ بَعِيرٍ، لَوَجَبَ عَلَيْهَا تَلْبِيَةُ رَغْبَتِهِ؛ فَلَا تُؤَدِّي الْمَرْأَةُ حَقَّ اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ عَلَيْهَا كُلَّهُ، حَتَّى تُؤَدِّيَ حَقَّ زَوْجِهَا عَلَيْهَا كُلَّهُ. فَقَرَنَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ حَقَّ الزَّوْجِ عَلَى الزَّوْجَةِ بِحَقِّ اللهِ؛ فَإِذَا كَفَرَتِ الْمَرْأَةُ حَقَّ زَوْجِهَا، وَقَدْ بَلَغَ مِنْ حَقِّهِ عَلَيْهَا هٰذِهِ الْغَايَةَ، كَانَ ذٰلِكَ دَلِيلًا عَلَى تَهَاوُنِهَا بِحَقِّ اللهِ، «حَتَّى لَوْ سَأَلَهَا نَفْسَهَا» لِلْجِمَاعِ، «وَهِيَ عَلَى ظَهْرِ قَتَبٍ»، وَالْقَتَبُ لِلْجَمَلِ كَالْإِكَافِ، وَكَالْبَرْذَعَةِ لِلْحِمَارِ، «لَأَعْطَتْهُ إِيَّاهُ». وَمَعْنَاهُ: الْحَثُّ عَلَى مُطَاوَعَةِ أَزْوَاجِهِنَّ، وَأَنَّهُنَّ لَا يَنْبَغِي لَهُنَّ الِامْتِنَاعُ فِي هٰذِهِ الْحَالَةِ، فَكَيْفَ فِي غَيْرِهَا؟!

-وَفِي الْحَدِيثِ: النَّهْيُ عَنْ السُّجُودِ لِغَيْرِ اللهِ، وَفِيهِ: بَيَانٌ لِعِظَمِ حَقِّ الزَّوْجِ عَلَى زَوْجَتِهِ.

ــ إِنَّ غَضَبَ الزَّوْجِ عَلَى زَوْجَتِهِ، وَعَدَمَ رِضَاهُ عَنْهَا، كَفِيلٌ بِلَعْنَةِ أَهْلِ السَّمَاءِ لَهَا ـ أَيْ: الْمَلَائِكَةِ ـ فَتَدْعُوا عَلَيْهَا؛ بِالطَّرْدِ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ ـ تَعَالَى ـ حَتَّى تُصْبِحَ، أَوْ حَتَّى تُلَبِّيَ رَغْبَتَهُ، وَتَقُومَ بِحَاجَتِهِ:"«إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ، فَأَبَتْ، فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهَا، لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ».الرَّاوِي: أَبُو هُرَيْرَةَ، صَحِيحُ الْبُخَارِيِّ، الصَّفْحَةُ أَوِ الرَّقْمُ: 3237.

ــ يُبَيِّنُ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ حُكْمَ امْتِنَاعِ الْمَرْأَةِ مِنْ فِرَاشِ زَوْجِهَا إِذَا دَعَاهَا، وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنِ الْمُعَاشَرَةِ وَالْجِمَاعِ، فَإِذَا طَلَبَ الرَّجُلُ مِنَ الْمَرْأَةِ أَنْ يُجَامِعَهَا، فَامْتَنَعَتْ عَنْ إِجَابَتِهِ، فَغَضِبَ عَلَيْهَا زَوْجُهَا، وَبَاتَ عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ؛ كَانَ عَاقِبَةُ ذٰلِكَ وَخِيمَةً عَلَى الزَّوْجَةِ، حَيْثُ تَلْعَنُهَا الْمَلَائِكَةُ، فَتَدْعُو عَلَيْهَا بِالطَّرْدِ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ ـ تَعَالَى ـ حَتَّى الصَّبَاحِ؛ لِأَنَّهَا عَصَتْ زَوْجَهَا، وَمَنَعَتْهُ حَقَّهُ الشَّرْعِيَّ.

-وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْبُخَارِيِّ: «لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تَرْجِعَ»، وَمَعْنَى ذٰلِكَ: أَنَّ اللَّعْنَةَ تَسْتَمِرُّ عَلَيْهَا حَتَّى تَزُولَ الْمَعْصِيَةُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ، وَالِاسْتِغْنَاءِ عَنْهَا، أَوْ بِتَوْبَتِهَا، وَرُجُوعِهَا إِلَى الْفِرَاشِ.

-وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذٰلِكَ مَا لَوْ كَانَ لَدَيْهَا عُذْرٌ شَرْعِيٌّ مِنْ مَرَضٍ وَنَحْوِهِ؛ فَلَا حَرَجَ عَلَيْهَا، وَفِي الْحَدِيثِ: دَلِيلٌ عَلَى عِظَمِ حَقِّ الزَّوْجِ عَلَى زَوْجَتِهِ، وَفِيهِ: النَّهْيُ عَنْ عِصْيَانِ الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا، وَفِيهِ: دَلِيلٌ عَلَى قَبُولِ دُعَاءِ الْمَلَائِكَةِ؛ لِكَوْنِهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ خَوَّفَ بِذٰلِكَ.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 79.18 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 77.46 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.17%)]