|
ملتقى القصة والعبرة قصص واقعية هادفة ومؤثرة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الاستقامة وأثرها في حسن الخاتمة الدخلاوي علال من عظَمة الشــريعة أنها ما تركت خيْرًا إلا وأمَرَتْ به، ولا شـــرًّا إلا وحذَّرت منه، ومن ذلكُم أنَّها أمرت بالاســتقامة، وحذَّرت من الــزَّيْغ واتِّباع السُّبُل المضلَّة عن طَريقِ الله، قال تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ ﴾ [فصلت: 6]، ومعنى الاستقامة: التمسُّك بأمر الله فِـــــــعلًا وتركًا[1]؛ ولهذا لما جاء سُفْيَان بْن عَبْدِاللهِ الثَّقَفِيِّ إلى النبي- صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- فقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، قُلْ لِي فِي الْإِسْلَامِ قَــوْلًا لَا أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَدًا بَعْدَكَ، فقال لهُ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "قُـــــلْ: آمَنْتُ بِاللهِ، فَاسْتَقِمْ"[2]، ومعْنى: اسْتقِم؛ أي: افــعلْ ما أمرك الله عزَّ وجل به، وانتهِ عما نهاكَ الله عزَّ وجلَّ عنه، دَائِمًا وأبَدًا. ولِلاستقَامَةِ ثمراتٌ كَثيرةٌ، منْ أعْظَمِها: حُسْنُ الخَاتِمةِ، فقَدْ جَرَتْ سُنّةُ اللهِ في العِبادِ، أنَّ من عَاش عَلى شَيء ماتَ عليه، ومن ماتَ على شيءٍ بُعِثَ عليه يوْم القِيامةِ، فمَن عاشَ على الاسْــــــــتِقامَة مات عليْهَا، وبُعِث عليْهايوْم القِيامةِ، ومن الأمْثِلَة التي وَرَدَتْ في السُّنة تبينُ هذا، حدِيثُ الرّجلِ الذِي وقَصَتْهُ ناقَتهُ وهو في الحجِّ، فـــــــــــــعن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَنَّ رَجُلًا وَقَصَهُ بَعِيرُهُ وَنَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اغْـــــسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ،وَلَا تُمِسُّوهُ طِيبًا، وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا"[3]. قال النَّــووي: معْناهُ علَى هيْأتهِ التِي ماتَ عليْها[4]. وفي الحَدِيثِ دلَالَةٌ علَى أنَّ الموتَ على الطَّاعَةِ منْ علَاماتِ حُسْنِ الخَاتمة. وفي الحَدِيثِ عنهُ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا اسْتَعْمَلَهُ، فَقِـــــيلَ: كَيْفَ يَسْتَعْمِلُهُ يَا رَسُـــــــولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "يُوَفِّقُهُ لِعَمَلٍ صَالِحٍ قَبْلَ المَوْتِ"[5]. فعَلى الإنْسانِ أن يجْتهدَ في طاعَةِ الله، حتى يُوَفّقَهُ اللهُ تعَالَى لما يُحِبُّ، فالإِنْسَانُ لا يدْري متَى يَمُوتُ، ولا عَلى أيِّ طَاعةٍ يمُوت. وأَسْتحضرُ هنا قصَّة خاتِمة أبي زُرْعَة الـــرَّازي- رحمهُ الله- وهي قِصَّةٌ حَكاهَا صاحِبُهُ أَبُو عَبْدِاللَّهِ مُحَمَّد بْن مُسْــــــلِمِ بْنِ وَارَةَ، حيثُ قال: حَضَرْتُ مَعَ أَبِي حَاتِمٍ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ الرَّازِيِّ عِنْدَ أَبِي زُرعَةَ عُبَيْدِاللَّهِ بْنِ عَبْدِالْكَرِيمِ الرَّازِيِّ، وَهُوَ فِي النَّزْعِ، فَقُلْتُ لِأَبِي حَاتِمٍ: تَعَالَ حَتَّى نُلَقِّنَهُ الشَّهَادَةَ، فَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: إِنِّي لَأَسْتَحْيِي مِنْ أَبِي زُرْعَةَ أَنْ أُلَقِّنَهُ الشَّهَادَةَ، وَلَكِنْ تَعَالَ حَتَّى نَتَذَاكَرَ الْحَدِيثَ، فَلَعَلَّهُ إِذَا سَمِعَهُ يَقُولُ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ: فَبَدَأْتُ، فَقُلْتُ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُالْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، فَأُرْتِجَ[6] عَلَيَّ الْحَدِيثُ حَتَّى كَأَنِّي مَا سَمِعْتُهُ وَلَا قَرَأْتُهُ. فَبَدَأَ أَبُو حَاتِمٍ، وَقَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ، عَنْ عَبْدِالْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ، فَأُرْتِجَ عَلَيْهِ حَتَّى كَأَنَّهُ مَا قَرَأَهُ وَلَا سَمِعَهُ. فَبَدَأَ أَبُو زُرْعَةَ، وَقَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُالْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ [أَبِي] عَرِيبٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ مِنَ الدُّنْيَا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ". وَخَرَجَتْ رُوحُهُ مَعَ الْهَاءِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَقُولَ: "دَخَلَ الْجَنَّةَ"[7]. وهَذا منْ توفِـــيقِ الله تعالى، فكَما عاشَ هذا العالمُ خادمًا لسُنَّة رسُولِ الله صلى اللهُ عليْه وسَلَّم جعل اللهُ خاتِمَتهُ وفقَ ما بشَّـــرَ بهِ صلى اللهُ عليْه وسَلَّم. [1] فتح الباري شرح صحيح البخاري، ج13، ص257. [2] صحيح مسلم، باب جامع أوصاف الإسلام. [3]صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب كيف يكفن المحرم. [4] شرح النووي على مسلم، ج8، ص129. [5] سنن الترمذي، باب ما جاء أن الله كتب كتابًا لأهل الجنة وأهل النار. [6] أرتج:أرتج على فلان إذا أراد قولًا، فلم يصل إلى تمامه. الدلائل في غريب الحديث لقاسم بن ثابت بن حزم العوفي السرقسطي، أبو محمد (المتوفى: 302هـ) تحقيق: د. محمد بن عبدالله القناص، الناشر: مكتبة العبيكان، الرياض، الطبعة: الأولى، 1422 هـ - 2001 م. [7] فضل التهليل وثوابه الجزيل، الحسن بن أحمد بن عبدالله بن البَنَّا، أبو علي، البغدادي الحنبلي (المتوفى: 471هـ) المحقق: عبدالله بن يوسف الجديع، الناشر: دار العاصمة، الرياض، الطبعة: الأولى، 1409 هـ.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |