خطبة عيد النحر 1446 هـ - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4955 - عددالزوار : 2058245 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4531 - عددالزوار : 1326760 )           »          How can we prepare for the arrival of Ramadaan? (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          الأسباب المعينـــــــة على قيام الليل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          حكم بيع جوزة الطيب واستعمالها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          تريد لبس الحجاب وأهلها يرفضون فهل تطيعهم ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          ما هي سنن الصوم ؟ . (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          هل دعا الرسول صلى الله عليه وسلم للمسلمين الذين لم يروه ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          حكم قول بحق جاه النبي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          ليلة النصف من شعبان ..... الواجب والممنوع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 05-06-2025, 11:50 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,610
الدولة : Egypt
افتراضي خطبة عيد النحر 1446 هـ

خطبة عيد النحر 1446 هـ

الشيخ عبدالله بن محمد البصري

أَمَّا بَعدُ، فَأُوصِيكُم أَيُّهَا النَّاسُ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ وَتَعظِيمِ شَعَائِرِهِ، ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾ [الحج: 32]، اللهُ أَكبَرُ اللهُ أَكبَرُ اللهُ أَكبَرُ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكبَرُ، اللهُ أَكبَرُ وَللهِ الحَمدُ.

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّكُم في يَومٍ عَظِيمٍ، خَتَمَ اللهُ بِهِ عَشرًا مُبَارَكَةً، لَيسَ العَمَلُ في أَيَّامٍ هُوَ أَحَبَّ إِلى اللهِ مِنهُ فِيهِنَّ، ذَكَرتُمُ اللهَ وَكَبَّرتُم، وَقَرَأتُمُ القُرآنَ وَصَلَّيتُم وَتَنَفَّلتُم، وَصُمتُم وَتَصَدَّقتُم، وَشَكَرتُم وَصَبَرتُم، وَدَعَوتُم وَرَجَوتُم، وَفي المُسلِمِينَ مَن حَجَّ البَيتَ، وَفِيهِم مَن أَمسَكَ عَن شَعرِهِ وَبَشَرِهِ لِيَذبَحَ أُضحِيَتَهُ، قُرُبَاتٌ وَطَاعَاتٌ وَعِبَادَاتٌ، وَأُجُورٌ مُضَاعَفَةٌ وَثَوَابٌ وَحَسَنَاتٌ، فَللهِ الحَمدُ عَلَى التَّوفِيقِ وَالتَّيسِيرِ، وَنَسأَلُهُ الثَّبَاتَ عَلَى صِرَاطِهِ المُستَقِيمِ، وَحُسنَ العَمَلِ بِإِخلاصِهِ لِوَجهِهِ، وَاتِّبَاعِ السُّنَّةِ فِيهِ.

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، اِحمَدُوا اللهَ الَّذِي هَدَاكُمُ لِلإِيمَانِ وَاصطَفَاكُم، ﴿ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ ﴾ [الحج: 78].

أَكثَرُ النَّاسِ في الأَرضِ يَعِيشُونَ كَالبَهَائِمِ، يَأكُلُونَ وَيَشرَبُونَ وَيَتَمَتَّعُونَ وَيُلهِيهِمُ الأَمَلُ، وَيَعِيشُ كُلٌّ مِنهُم لِنَفسِهِ وَيَتَّبِعُ شَهَوَاتِهِ وَيَنقَادُ لِرَغَبَاتِهِ، غَيرَ مُهتَمٍّ بِمَن سِوَاهُ وَلَو كَانَ أَقرَبَ قَرِيبٍ، وَلا مُحتَسِبًا أَجرًا وَلا رَاجِيًا ثَوَابًا، وَلا خَائِفًا رَبًّا وَلا حَاذِرًا عَذَابًا، يَحيَا لِنَفسِهِ ثم يَمُوتُ وَيُدفَنُ كَالجِيفَةِ، لا يُصَلَّى عَلَيهِ وَلا يُدعَى لَهُ، وَلا يُحَجَّ عَنهُ وَلا يُضَحَّى، وَلا يُتَصَدَّقُ عَنهُ وَلا يُرجَى لَهُ خَيرٌ، وَأَمَّا أَنتُم فَمُسلِمُونَ للهِ مُستَسلِمُونَ، عَابِدُونَ حَامِدُونَ، ذَاكِرُونَ شَاكِرُونَ، بِهَديِ نَبِيِّكُم مُتَمَسِّكُونَ، وَبِسُنَّتِهِ مُقتَدُونَ، وَعَلَى طَرِيقِ سَلَفِكُمُ الصَّالِحِ سَائِرُونَ، تُصَلُّونَ وَتَصُومُونَ، وَتُزَكُّونَ وَتَحُجُّونَ، وَتَتَصَدَّقُونَ وَتُضَحُّونَ، وَتَبذُلُونَ الخَيرَ مُنشَرِحَةً صُدُورُكُم بِالإِيمَانِ، وَتُنَوِّعُونَ البِرَّ مُطمَئِنَّةً قُلُوبُكُم بِالإِحسَانِ، وَكُلُّ ذَلِكُم نِعمَةٌ مِنَ اللهِ عَلَيكُم وَمِنَّةُ مِنهُ، ﴿ يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [الحجرات: 17].

فَهَل وَجَدنَا حَلاوَةَ الإِيمَانِ حَقًّا؟! هَل جَعَلنَا ما في قُلُوبِنَا مِنهُ هُوَ مُحَرِّكَ أَعمَالِنَا وَضَابِطَ تَصَرُّفَاتِنَا وَأَقوَالِنَا؟! كُلٌّ مِنَّا أَبصَرُ بِنَفسِهِ وَأَدرَى، لَكِنَّهُ كُلَّمَا قَوِيَ الإِيمَانُ في القُلُوبِ وَوَقَرَ فِيهَا، عَلِمَ الإِنسَانُ عِظَمَ الغَايَةِ الَّتي يَسعَى إِلَيهَا، فَهَانَت عِندَهُ الدُّنيَا وَزِينَتُهَا، وَالتَفَتَ عَن زَخَارِفِهَا وَفِتَنِهَا، وَجَعَلَ احتِسَابَ الأَجرَ وَطَلَبَ الثَّوَابِ هُوَ بُغيَتَهُ، وَصَارَ ابتِغَاءَ مَا عِندَ اللهِ هَمَّهُ وَغَايَتَهُ، وَتَعَرَّضَ لِنَفَحَاتِ رَحمَتِهِ وَطَلَبَ جَنَّتَهُ، إِنْ أَحَبَّ أَحَبَّ للهِ، وَإِنْ أَبغَضَ أَبغَضَ للهِ، وَإِنْ أَعطَى أَعطَى للهِ، وَإِنْ مَنَعَ مَنَعَ للهِ، يَصِلُ للهِ، وَيَقطَع ِللهِ، وَيَتَقَدَّمُ للهِ، وَيَتَأَخَّرُ للهِ، وَيَغضَبُ وَيَهجُرُ للهِ، وَيَعفُو وَيَصفَحُ وَيَتَجَاوَزُ للهِ، فَهُوَ للهِ وَبِاللهِ وَمِنَ اللهِ وَإِلى اللهِ، يَأتَمِرُ بِأَمرِهِ وَيَقِفُ عِندَ نَهيِهِ وَلا يَتَجَاوَزُ حُدُودَهُ، النَّاسُ في وِديَانِ الغِوَايَةِ وَبُحُورِ الشُّبَهَاتِ، تَجذِبُهُمُ الأَطمَاعُ وَتُحَرِّكُهُمُ الشَّهَوَاتُ، وَيَصرِفُهُمُ الشُّحُّ وَتَتَمَكَّنُ مِنهُمُ الأَثَرَةُ، وَيَغُرُّهُمُ التَّفَاخُرُ وَيُلهِيهِمُ التَّكَاثُرُ، وَيُعمِي بَصَائِرَهُمُ التَّعَالي وَتُهلِكُهُمُ العَصَبِيَّاتُ وَالجَاهِلِيَّاتُ، وَهُوَ في وَادٍ مُخصِبٍ بِطَاعَةِ اللهِ وَالبِرِّ وَالصِّلَةِ، مَشغُولٌ بِالإِحسَانِ وَالعَطَاءِ وَالبَذلِ، يُجَاهِدُ نَفسَهُ وَيُحَاسِبُهَا، وَيُحِبُّ لإِخوَانِهِ مِنَ الخَيرِ مَا يُحِبُّ لِنَفسِهِ، وَيَرفُقُ بِهِم وَيَرحَمُهُم وَيُحسِنُ إِلَيهِم وَيُشفِقُ عَلَيهِم، يُعطِي مَن مَنَعَهُ، وَيَصِلُ مَن قَطَعَهُ، وَيُحسِنُ إِلى مَن أَسَاءَ إِلَيهِ، يُفشِي السَّلامَ، وَيُطعِمُ الطَّعَامَ، وَيَزُورُ المَرِيضَ وَيَتبَعُ الجَنَائِزَ، وَيُعطِي الفَقِيرَ وَيُسَاعِدُ المُحتَاجَ، وَيَرفِدُ الضَّعِيفَ وَيُفَرِّجُ عَنِ المَكرُوبِ، شِعَارُهُ وَدِثَارُهُ ﴿ إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا ﴾ [الإنسان: 9].

وَلَيسَ هَذَا لِلرِّجَالِ فَحَسبُ، بَل هُوَ لِكُلِّ مَن وَفَّقَهُ اللهُ وَهَدَاهُ، ﴿ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ ﴾ [النساء: 32]، غَيرَ أَنَّ نِسَاءَ المُسلِمِينَ وَلِحُسنِ حَظِّهِنَّ في عِبَادَاتٍ عَظِيمَةٍ لا يَنَالُهَا الرِّجَالُ إِلاَّ بِتَعَبٍ وَمَشَقَّةٍ، وَأَمَّا هُنَّ فَيَكتَسِبنَهَا وَهُنَّ في بُيُوتِهِنَّ، تُصَلِّي إِحدَاهُنَّ خَمسَهَا، وَتُطِيعُ زَوجَهَا، وَتَحفَظُ فَرجَهَا، وَتَلزَمُ بَيتَهَا، وَتُدنِي عَلَيهَا جِلبَابَهَا، وَتُرَبِّي أَبنَاءَهَا وَبَنَاتِهَا، وَبِهَذَا فَهِيَ في عِبَادَاتٍ مُستَمِرَّةٍ لا تَتَوَقَّفُ، وَأَجرٍ دَائِمٍ لا يَنقَطِعُ، فَوَيٌل ثُمَّ وَيلٌ لِمَن خَادَعَ النِّسَاءَ وَتَلاعَبَ بِعُقُولِهِنَّ وَدَغدَغَ شُعُورَهُنَّ، فَزَعَمَ أَنَّهُنَّ أَقوَى وَأَعظَمُ مِن أَن يَقتَرِنَّ بِالرِّجَالَ وَيَكُنَّ تَحتَ وِلايَتِهِم، أَو يَلزَمنَ البُيُوتَ وَيَخدِمنَ مَن فِيهَا، وَأَنَّهُنَّ بِرَوَاتِبِهِنَّ وَسَيَّارَتِهِنَّ قَادِرَاتٌ عَلَى الاستِقلالِ عَنِ الرِّجَالِ، وَيلٌ لَهُ ثُمَّ وَيلٌ لَهُ، وَوَيلٌ لِمَنِ انخَدَعَت وَانجَرَفَت وَانحَرَفَت، فَخَلَعَت زَوجًا لأَدنَى خِلافٍ، أَو نَشَزَت عَن طَاعَتِهِ طَاعَةً لِلشَّيَاطِينِ، أَو خَرَجَت عَن وِلايَتِهِ استِكبَارًا، أَو تَرَكَت بَيتَهَا لِتَخدِمَ غَيرَ زَوجِهَا وَأَبنَائِهَا، أَو خَلَعَت ثَوبَ الحِيَاءِ فَخَالَطَتِ الرِّجَالَ في الأَعمَالِ وَفي الأَسوَاقِ وَفي الحَدَائِقِ وَالمُتَنَزَّهَاتِ، أَو خَرَجَت في وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ جَاعِلَةً مَفَاتِنَهَا سِلعَةً تَبِيعُ بِهَا وَتَشتَرِي وَتَجذِبُ المُتَابِعِينَ، لِتُحَصِّلَ بِذَلِكَ مَالاً سُحتًا غَيرَ مُبَارَكٍ فِيهِ، لا وَاللهِ، لَيسَت هَذِهِ هِيَ فِطرَةَ اللهِ الَّتي فَطَرَ الخَلقَ عَلَيهَا، وَلا هِيَ بِأَخلاقِ المُسلِمَاتِ المُؤمِنَاتِ القَانِتَاتِ العَابِدَاتِ التَّائِبَاتِ، فَاللهَ اللهَ يَا نِسَاءَ المُسلِمِينَ، اِصبِرنَ وَصَابِرنَ، وَرَابِطنَ في بُيُوتِكُنَّ، فَأَنتُنَّ أَعمِدَةُ الأُسَرِ وَأَركَانُهَا، وَأَنتُنَّ مَدَارِسُ الأَجيَالِ وَمَوَاطِنُ تَربِيَتِهِم، وَأَنتُنَّ مَعَادِنُ الخَيرِيَّةِ في البُيُوتِ وَمَنبَعُ الصَّلاحِ فِيهَا، فَكَم لإِحدَاكُنَّ مِنَ الأَجرِ إِذَا هِيَ سَارَت كَمَا أَرَادَهُ اللهُ مِنهَا، لَهَا أَجرُ طَاعَةِ الزَّوجِ وَخِدمَتِهِ، وَأَجرُ حَملِ الابنِ وَرَضَاعَتِهِ وَتَربِيَتِهِ، وَأَجرُ تَسَتُّرِهَا وَقَرَارِهَا في بَيتِهَا، وَأَجرُ حِفظِهَا فَرجَهَا وَصِيَانَةِ عِرضِهَا، مَا أَسعَدَكُنَّ وَمَا أَسعَدَ بَيتًا أَنتُنَّ فِيهِ صَالِحَاتٌ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلغَيبِ بِمَا حَفِظَ اللهُ، وَمَا أَشقَى البَعِيدَاتِ وَأَشقَى بُيُوتًا تَقضِي نِسَاؤُهَا أَوقَاتَهُنَّ خَارِجَهَا!

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّ ذَبحَ الأَضَاحِي في هَذَا اليَومِ المُبَارَكِ، لَيُذَكِّرُنَا قِصَّةَ الخَلِيلِ وَابنِهِ الذَّبِيحِ إِسمَاعِيلَ، إِذِ استَسلَمَا لأَمرِ اللهِ وَلم يُخَالِفَاهُ، وَبِهَذَا صَارَ إِبرَاهِيمُ إِمَامَ الحُنَفَاءِ، وَفَدَى اللهُ إِسمَاعِيلَ بِذِبحٍ عَظِيمٍ وَكَبشٍ أَنزَلَهُ مِنَ الجَنَّةِ، وَهَكَذَا يَجِبُ أَن يَكُونَ المُسلِمُ، مُستَسلِمًا لأَمرِ اللهِ، مُنقَادًا طَائِعًا رَاضِيًا، ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [النساء: 65]، اللهُ أَكبَرُ اللهُ أَكبَرُ اللهُ أَكبَرُ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكبَرُ، اللهُ أَكبَرُ وَللهِ الحَمدُ.

الخطبة الثانية
أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ وَكَبِّرُوهُ وَاشكُرُوهُ، اللهُ أَكبَرُ اللهُ أَكبَرُ اللهُ أَكبَرُ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكبَرُ، اللهُ أَكبَرُ وَللهِ الحَمدُ.

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، أَفضَلُ عَمَلٍ في يَومِكُم هَذَا مَعَ صَلاتِكُم هَذِهِ، هُوَ إِرَاقَةُ دِمَاءِ أَضَاحِيكُم لِوَجهِ رَبِّكُم؛ قَالَ تَعَالى: ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾ [الكوثر: 2]، وَقَالَ جَلَّ وَعَلا: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الأنعام: 162، 163].

وَفي الصَّحِيحِينِ عَن أَنسِ بنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: ضَحَّى النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بِكَبشَينِ أَملَحَينِ أَقرَنَينِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ وَسَمَّى وَكَبَّرَ، وَوَضَعَ رِجلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا.

وَعَنِ البَرَاءِ بنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَن ذَبَحَ قَبلَ الصَّلاةِ فَإِنَّمَا يَذبَحُ لِنَفسِهِ، وَمَن ذَبَحَ بَعدَ الصَّلاةِ فَقَد تَمَّ نُسُكُهُ، وَأَصَابَ سُنَّةَ المُسلِمِينَ"؛ رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ.

وَأَخرَجَ التِّرمِذِيُّ عَن عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَا عَمِلَ آدَمِيٌّ مِن عَمَلٍ يَومَ النَّحرِ أَحَبَّ إِلى اللهِ مِن إِهرَاقِ الدَّمِ، وَإِنَّهَا لَتَأتي يَومَ القِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَشعَارِهَا وَأَظلافِهَا، وَإِنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنَ اللهِ بِمَكَانٍ قَبلَ أَن يَقَعَ مِنَ الأَرضِ، فَطِيبُوا بِهَا نَفسًا". أَلا فَضَحُّوا أَيُّهَا المُسلِمُونَ وَكُلُوا وَأَهدُوا وَتَصَدَّقُوا وَادَّخِرُوا، وَاجتَنِبُوا مَا نُهِيتُم عَنهُ مِمَّا لا يُجزِئُ، وَاستَسمِنُوا ضَحَايَاكُم وَاختَارُوا أَطيَبَهَا، ﴿ لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ ﴾ [الحج: 37].

اللهُ أَكبَرُ اللهُ أَكبَرُ اللهُ أَكبَرُ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكبَرُ، اللهُ أَكبَرُ وَللهِ الحَمدُ.

عِبَادَ اللهِ، مَا أَجمَلَ العِيدَ بِصَفاءِ القُلُوبِ، وَالغَضِّ عَنِ الزَّلاَّتِ وَالعُيُوبِ، مَا أَجمَلَ العِيدَ بِالصَّفَاءِ وَصِدقِ الإِخاَءِ، وَنَزعِ بُذُورِ الشَّحنَاءِ وَالبَغضَاءِ، مَا أَجمَلَ العِيدَ بِالعَفوِ وَالصَّفحِ وَالتَّغَاضِي، وَالقَبُولِ وَالإِقبَالِ وَالتَّرَاضِي، فَافرَحُوا بِعِيدِكُم وَتَزَاوَرُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقوَى، وَلا تَنسَوا في غَمرَةِ الفَرَحِ وَالسُّرُورِ إِخوَةً لَكُم في الأَجدَاثِ وَالقُبُورِ، وَآخَرِينَ مَنَعَهُمُ المَرَضُ مِن شُهُودِ هَذَا العِيدِ وَالحُضُورِ، فَادعُوا لِلمَيِّتِ بِالرَّحمَةِ، وَلِلمُبتَلَى بِالعَافِيَةِ، وَلِلمَرِيضِ بِالشَّفَاءِ، هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى مَن أُمِرتُم بِالصَّلاةِ عَلَيهِ...




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 55.18 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 53.51 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.03%)]