أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4939 - عددالزوار : 2029889 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4514 - عددالزوار : 1306172 )           »          تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1009 - عددالزوار : 123562 )           »          سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 121 - عددالزوار : 77600 )           »          الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 62 - عددالزوار : 49035 )           »          الدِّين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 191 - عددالزوار : 61504 )           »          شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 76 - عددالزوار : 42907 )           »          الدورات القرآنية... موسم صناعة النور في زمن الظلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          تجديد الحياة مع تجدد الأعوام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          الظلم مآله الهلاك.. فهل من معتبر؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 25-05-2025, 05:43 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,564
الدولة : Egypt
افتراضي أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها

أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)

د. محمد جمعة الحلبوسي
أما بعد:
فنقف اليوم مع صحابية جليلة من صحابيات سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، هذه الصحابية لا تُشبه غيرها من النساء، تميَّزت لا بمال ولا بجاهٍ أو منصب ولا بحسب ولا نسب، بل بإيمانٍ ملأ قلبها، وصبرٍ ثبَّتها عند المصائب والشدائد، وحكمة أضاءت طريقها.

هذه الصحابية تقدم لنا من خلال مواقفها دروسًا خالدةً، نحن اليوم أحوجُ ما نكون إليها، وخاصة في هذا الزمن الذي كثُرت فيه المحن والمُغريات والشهوات المحرَّمة، هذه الصحابية هي أم سُلَيم سهلةُ بنت مِلحان الأنصارية رضي الله عنها، والدة الصحابي الجليل، خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه.

فتعالَوا لنستمع إلى قصتها، ونتعلم من مواقفها؛ فإن في سيرتها نورًا لكل بيت، وسَكينةً لكل قلب، وثباتًا في زمن الفتن والتقلبات.

أيها الأحِبة في الله: كانت أم سُلَيم رضي الله عنها زوجًا لمالك بن النضر، والد أنس بن مالك رضي الله عنه، فلما شرح الله صدرها للإسلام، وآمنت بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم، ثار زوجها غضبًا، وحاول أن يَثنيَها عن دينها، وأن يردها إلى ما كانت عليه من جاهلية وضلال، فما استطاع إلى ذلك سبيلًا، حاول بكل ما يملك من سلطان الزوج وسطوة الرجل، لكنها ثبتت ثبات الجبال الراسيات، وتمسكت بإيمانها وعقيدتها، لا تلتفت إلى تهديدٍ، ولا تخشى وعيدًا.

ثم خيَّرها بين أمرين لا ثالث لهما: إما أن تترك دين محمد صلى الله عليه وسلم، وإما أن يتركها، وهنا اشتد الصراع بين السعادة الزوجية وبين الإيمان، بين متاع الحياة الدنيا وبين رضا الله والدار الآخرة، فماذا فعلت؟

آثرت دينها وعقيدتها على زوجها وحياتها، ضحَّت بسعادتها الزوجية ولم تفرِّط في إيمانها بالله ورسوله، فما كان من زوجها إلا أن هجرها وتخلى عنها، لا لذنب جَنَتْهُ، بل لأنها نطقت بشهادة الحق: لا إله إلا الله محمد رسول الله؛ فتركها وولدَه، وفرَّ بدينه الباطل إلى الشام، وهناك - أيها الإخوة - لقِيَه عدوٌّ له فقتله شر قتلة، ودُفن في أرض غريبة، لا يعرفها أحد، بعيدًا عن وطنه وأهله، بعيدًا عن الزوجة التي كانت ستكون طريقه إلى الجنة، لكنه أبى واستكبر[1].

أرأيتم ما تصنع العقيدة في قلوب المؤمنات؟ أرأيتم كيف تكون المرأة المسلمة إذا استقر الإيمان في قلبها؟

انظروا إلى تلك الصحابية الجليلة، كيف ضحَّت بحياتها الزوجية، وتخلت عن بيت كان يمكن أن يكون سببًا في سعادتها الدنيوية، لكنها آثَرَت سعادة الآخرة، ورضا الله، على كل شيء، لم تغُرها الدنيا، ولم تُضللها العواطف.

فكأن هذه الصحابية تقول لنا من خلال موقفها: السعادة الحقيقية لا تُشترى، بل تُنال بالثبات على الدين، وبالتضحية من أجل الله، فمن باعت دنياها لله، كسبت كل شيء، ومن باعت دينها للدنيا، خسرت كل شيء.

فأين تلك المرأة التي تتمسك بدينها في زمن الفتن، وتثبت على طاعتها؟ أين تلك الفتاة التي تحافظ على صلاتها في أوقاتها، وتحافظ على صيامها، وتعتز بحجابها، وتفتخر بعفافها؟ أين المرأة التي تتمسك بأخلاق الإسلام، وتقول: لا للعلاقات الزائفة، لا للمسلسلات التافهة، لا للأغاني الماجنة، لا للاختلاط المحرم مع الرجال، لا للملابس الفاضحة.

وبعد وفاة زوجها، تقدم لخطبتها أبو طلحة الأنصاري زيد بن سهل، وكان رجلًا ثريًّا من أغنياء المدينة، يطلب يدها للزواج، لكنه كان يومئذٍ كافرًا، وهنا بدأ الصراع بين العقيدة والمال، بين الإيمان وزخارف الدنيا، وهو صراع قد يمر به كثير من الناس في حياتهم اليومية.

فيا تُرى، هل ستبيع هذه المرأة دينها من أجل المال؟ هل تتنازل عن عقيدتها طمعًا في متاع زائل؟ كم من الناس اليوم من باع دينه وعقيدته وضميره بثمن بخس!

لكن انظروا إلى ثبات هذه المرأة المؤمنة، انظروا ماذا قالت هذه الصحابية الجليلة لأبي طلحة الكافر صاحب المال: قالت له: "يا أبا طلحة، ما مثلُك يُرد، ولكنك امرؤ كافر، وأنا امرأة مسلمة لا يحل لي أن أتزوجك، فإن تُسلم فذلك مهري لا أسألك غيره"[2]، الله أكبر، قالت له بثبات: والله لا أتزوجك حتى تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله.

هكذا كانت الإجابة: ثبات على الإيمان، تضحية في سبيل الرحمن، إعراض عن الدنيا وزخرفها، مهما بدت برَّاقةً لامعةً خادعة.

فكر أبو طلحة في الأمر، وعلِم أن لهذا الكون خالقًا لا شريك له، فنطق بالشهادتين: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله، ثم جاء يخطبها مرةً أخرى، يسألها عن مهرها، فتجيبه إجابةً تهز القلوب: يكفيني مهرًا أنك نطقت بلا إله إلا الله، ما طلبت منه درهمًا ولا دينارًا، ما طلبت قصرًا ولا عقارًا حتى قيل: ما سمعنا بامرأة أكرمَ مهرًا من أم سُلَيم.

كان مهرها الإسلام، كان مهرها الإيمان، لا المال، ولا الجاه، ولا السلطان.

أيها الأحبة الكرام: موقف أم سُلَيم يصرخ في وجوهنا: أين نحن من هذه التضحية؟ أين نحن من هذا الإيمان؟

أسألك أيها المسلم: لو خُيرت بين صفقة مربحة ومعصية لله، فبماذا تختار؟ لو خُيرت بين صلاة الجمعة وبين وظيفة تُغضب الله، فأيهما تقدم؟ لو عُرض عليك مال وفير من حرام، فهل ستقول كما قالت أم سليم: لا حاجة لي بمال يُغضب ربي، أم ستقول: أعطِني المال، لأُكمل بناء بيتي، وأشتري الأراضي والمزارع، ثم أستغفر الله بعد ذلك؟ ألَا تخشى أن تكون من الذين قال عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليأتين على الناس زمانٌ لا يبالي المرء بما أخذ المال، أمن حلال أم من حرام))[3].

فأنا من خلال موقف أم سُلَيم أقول لكم: تعالَوا لنُعيد ترتيب أولوياتنا: الدين أولًا، الإيمان أولًا، العقيدة أولًا، فمن قدم دينه على دنياه، ربح الدنيا والآخرة، ومن قدم دنياه على دينه، خسرهما جميعًا:
يا من بدنياه اشتغلْ
وغرَّه طولُ الأملْ
الموت يأتي بغتةً
والقبر صندوق العملْ


يا تُرى، ما ذلك الموقف العظيم الذي وقفته أم سُلَيم حين مات ولدها؟ وكيف ثبتت ثبات الجبال الراسيات؟ وكيف صبَّرت زوجها في تلك اللحظة؟ هذه أسئلة سأجيب عنها بإذن الله في خطبة الجمعة القادمة، إن مد الله في أعمارنا.

اللهم ارزقنا ثباتًا كـثبات أم سُلَيم، وإيمانًا لا يتزلزل، وعقيدة لا تُباع، اللهم اجعلنا من الثابتين على دينك، ووفِّقنا لما تحب وترضى، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:
مسألتنا الفقهية تتعلق بالتنبيه على خطأ شائع عند بعض المصلين:
من الأخطاء الشائعة التي تقع من بعض المصلين عند دخولهم المسجد وإدراكهم الجماعةَ في حال السجود أو التشهد، توقُّفهم وانتظارهم حتى يقوم الإمام إلى الركعة التالية، بدعوى أن السجود أو التشهد ليسا من الأركان التي تُدرك بها الجماعة، أو ظنًّا منهم أن إدراك الركعة هو المقصود فقط.

وهذا الفعل مخالف لِما دلَّت عليه السنة النبوية، فإن المشروع للمسلم إذا جاء إلى المسجد، ووجد الجماعة في أي حال من أحوال الصلاة، أن يدخل معهم على الفور، سواء كانوا في القيام أو الركوع، أو السجود أو الجلوس للتشهد، ولا ينتظر حتى يقوموا؛ وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: ((إذا سمعتم الإقامة، فامشوا إلى الصلاة، وعليكم بالسَّكينة والوقار، ولا تُسرعوا، فما أدركتم فصلُّوا، وما فاتكم فأتِمُّوا))[4].

فهذا الحديث فيه توجيه نبوي صريح بإدراك الجماعة في أي موضع تُدرك فيه، دون اشتراط إدراك الركوع أو القيام.

لذلك ينبغي على المأموم إذا أدرك الإمام في أي حال من أحوال الصلاة أن يدخل معه مباشرة، ولا ينتظر انتقاله إلى حالة أخرى.

[1] ينظر: الطبقات الكبرى لابن سعد: (8/ 312)، وسير أعلام النبلاء للذهبي: (3/ 531).

[2] ينظر: معرفة الصحابة لأبي نعيم: (3/ 1146)، وأسد الغابة في معرفة الصحابة لابن الأثير: (2/ 361).

[3] صحيح البخاري، كتاب البيوع باب: قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً ﴾ [آل عمران: 130]: (3/ 77)، برقم: (2083).

[4] صحيح البخاري، كتاب الأذان باب: لاَ يَسْعَى إِلَى الصَّلاَةِ وَلْيَأْتِ بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ: (1/ 164)، برقم: (636).






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 69.32 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 67.60 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.48%)]