الغفلة المحمودة والغفلة المذمومة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الهوية الإمبريالية للحرب الصليبية في الشرق الأوسط (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          «ابن الجنرال» ونهاية الحُلم الصهيوني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          التغيير في العلاقات الأمريكية الروسية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          هل اقتربت نهاية المشروع الإيراني؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          الشيخ عثمان دي فودي: رائد حركات الإصلاح الديني في إفريقيا الغربية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          دور العلماء الرّواة والكُتّاب في نشأة البلاغة العربية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          مرصد الأحداث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          وقفات مع قول الله تعالى: ﴿وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          أصحّ ما في الباب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          التدريب على العجز!! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصور والغرائب والقصص > ملتقى القصة والعبرة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى القصة والعبرة قصص واقعية هادفة ومؤثرة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 29-04-2025, 06:14 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,446
الدولة : Egypt
افتراضي الغفلة المحمودة والغفلة المذمومة

الغفلة المحمودة والغفلة المذمومة



د. أحمد البراء الأميري


التذكرة نعمةٌ كبيرة على الإنسان، والنسيان نعمة كبيرة أيضًا، وإن كانت أصغر من نعمة التذكر، ولكنها لا بد منها لاستقامة الحياة.

ولا نعني هنا بالنسيان أن ينسى المرء ما حَفِظه من علم نافع، ولكن نعني نسيان الأحزان والمصائب، فكل شيء يكون صغيرًا، ثم يكبر بمرور الأيام، إلا المصائب؛ فإنها تصغر مع مرِّ الأيام، وقد تطويها صحائف النسيان، وربما تمحوها، ولولا هذه النعمة لَمَا استمرأ الناس طعامًا، ولا تهنَّؤوا بمنام.

عنوان هذا المقال: "الغفلة المحمودة، والغفلة المذمومة"، وهل الغفلة إلا نوع من النسيان؟ وقد يتساءل متسائل: وكيف تكون الغفلة محمودة؟

ذمَّ القرآنُ الكريم الغافلين في أكثر من موضعٍ، فقال مثلاً في سورة الأعراف: ﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴾ [الأعراف: 179].

وجواب هذا التساؤل: كل غفلة تنفع في الدين أو في الدنيا، فهي محمودة، وكل غفلة تؤثِّر في الدين أو في الدنيا، فهي مذمومة.

ولنتأمَّل في الحديث الشريف التالي؛ لعلَّه يُبرهِن على صدق هذه الدعوى: روى الإمام مسلم - رحمه الله - في صحيحه[1]، عن حَنْظَلةَ الأُسَيِّديِّ، وكان من كتَّاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لقيني أبو بكر، فقال: كيف أنتَ يا حنظلة؟ قال: قلتُ: نافق حنظلة، قال: سبحان الله! ما تقول؟ قال: قلت: نكون عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يذكِّرنا بالنار والجنة، حتى كأنا رأيُ عين، فإذا خرجنا من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عافسنا الأزواج، والأولاد، والضَّيعات، فنسينا كثيرًا، قال أبو بكر: فوالله إنا لنلقى مثل هذا، فانطلقت أنا وأبو بكر حتى دخلنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلت: يا رسول الله، نكون عندك تذكِّرنا بالنار والجنة، حتى كأنا رأي عين، فإذا خرجنا من عندك، عافسنا الأزواج، والأولاد، والضَّيعات، نسينا كثيرًا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((والذي نفسي بيده، إن لو تَدُومُونَ على ما تكونون عندي، وفي الذكر، لصافحتكم الملائكة على فُرُشكم وفي طرقكم، ولكن يا حنظلة، ساعة وساعة، ساعة وساعة، ساعة وساعة)).

وقول حنظلة - رضي الله عنه -: "عافسنا"؛ يعني: عالَجنا حظوظنا،واشتغلنا بها.

وفي رواية: "ثم جئتُ إلى البيت فضاحكت الصبيان، ولاعبت المرأة، والضيعات".

الضيعات: معاش الرجل؛ من مال، وحرفة، ووظيفة، وصنعة، قال الأُبِّيُّ - رحمه الله - في شرحه لحديث مسلم، ما مؤدَّاه: لما وجد حنظلة من نفسه في خلوتها خلافَ ما يظهر بحضرته - صلى الله عليه وسلم - خاف أن يكون ذلك من أنواع النفاق، فبيَّن له - عليه الصلاة والسلام - أن سنة الله - تعالى - في عالَم الإنسان التوسط، كما في حديث أبي ذر - رضي الله عنه -: ((وعلى العاقل أن تكون له ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يفكِّر في صنع الله، وساعة يخلو بها بحاجته من المطعم والمشرب)).

وفي الحديث ردٌّ على بعض الغلاة الذين يزعمون دوام الحالة العُلْيا معهم، فهذا أبو بكر - رضي الله عنه - أفضل الناس بعد نبيهم - صلى الله عليه وسلم - لم يدَّع خروجًا على جبلة البشر، ولا تعاطى دوام الذكر، الذي هو من خصائص الملائكة - عليهم السلام.

وقد ادَّعى قوم دوامَ الأحوال، وهو محال عادةً، وإنما الذي يدوم المقامات، وتكرار (ساعة وساعة) ثلاث مرات تأكيد؛ حتى يزيل عن حنظلة ما اتهم به نفسه من النفاق، وقيل: محتمل للترخيص؛ حتى لا تسأم النفس، وتمل من العبادة.

قال ابن الجوزي - رحمه الله -: "حضرنا يومًا جنازة شاب مات أحسن ما كانت الدنيا له، فرأيت من ذم الناس للدنيا، وعيب من سكن إليها، وغفل عن الموت، فقلتُ: نِعْم ما قلتم، ولكن اسمعوا مني مالم تسمعوه: إن العقل الذي أوجب القلق والخوف من الموت، أَمَر بما يوجب السكون، فقال: إنما خلق هذا البدن ليحمل النفس، كما تحمل الناقة الراكب، ولا بد من التلطف بالناقة ليحصل المقصود من السير، ولا يَحسن في الشرع ولا في العقل دوامُ وطول القلق؛ لأنه يؤثر في البدن، فتفوت أكثر المصالح، ومتى دام المؤذي عجل التلف، فلا يهولنكم ما ترون من غفلة الناس عن الموت، وعدم ذِكره حق ذكره، فإنها نعمة من الله - سبحانه - بها تقوم الدنيا ويصلح الدين، وإنما تُذم قوة الغفلة الموجبة للتفريط، وإهمال محاسبة النفس، ويضيع الوقت من غير التزود للآخرة وإعمار الدنيا، وربما قويت الغفلة فحملت على المعاصي، فأما إذا كانت باعتدالٍ، فهي الغفلة المحمودة، فإن غفلةً توجِب مصلحةَ القلب والبدن، والروح والجسد - لا تُذَم".

نسأل الله - تعالى - أن يصرف قلوبنا إلى طاعته، وأن يوجِّهها نحو ما فيه خيرنا، وأن يكرمنا في دنيانا بالقصد في أمرنا كله، وفي آخرتنا بروح وريحان وجنة نعيم.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

[1] برقم 2750.







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 50.34 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 48.67 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.31%)]