العلم : سبب القوة في زمن لا يحترم إلا الأقوياء - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 5036 - عددالزوار : 2189793 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4618 - عددالزوار : 1470282 )           »          ليس ترفا..! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 109 - عددالزوار : 64132 )           »          مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 207 - عددالزوار : 125091 )           »          حيـــــــــاة الســــــعداء (متجدد إن شاء الله) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 229 - عددالزوار : 146938 )           »          السَّدَاد فيما اتفقا عليه البخاري ومسلم في المتن والإسناد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 110 - عددالزوار : 25276 )           »          إعانة الفقيه بتيسير مسائل ابن قاسم وشروحه وحواشيه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 69 - عددالزوار : 24525 )           »          (وَلَن تَرضى عَنكَ اليَهودُ وَلَا النَّصارى) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 49 )           »          من أعظم ما يُفسد العلاقة بين زوجين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 17-04-2025, 10:33 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 163,496
الدولة : Egypt
افتراضي العلم : سبب القوة في زمن لا يحترم إلا الأقوياء





العلم : سبب القوة في زمن لا يحترم إلا الأقوياء

محمد سيد حسين عبد الواحد



اَلْعَنَاصِرُ الْأَسَاسِيَّةُ :
الْعُنْصُرُ الْأَوَّلُ : عَالَمُ الْأَقْوِيَاءِ .
الْعُنْصُرُ الثَّانِي : الْقُوَّةُ الْعِلْمِيَّةُ وَالْحَاجَةُ إِلَيْهَا .
الْعُنْصُرُ الثَّالِثُ : الْأَنْبِيَاءُ وَالْعِلْمُ .
الْعُنْصُرُ الرَّابِعُ : زَوَالُ الْعَالِمِ مَرْهُونٌ بِزَوَالِ الْعِلْمِ .
الْمَوْضُوعُ
أَخْرَجَ الدَّارِمِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

««تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ وَعَلِّمُوهُ النَّاسَ، تَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ، وَعَلِّمُوهُا النَّاسَ، تَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ، وَعَلِّمُوهُ النَّاسَ، فَإِنِّي امْرُؤٌ مَقْبُوضٌ، وَالْعِلْمُ سَيَنْقُصُ، وَتَظْهَرُ الْفِتَنُ، حَتَّى يَخْتَلِفَ اثْنَانِ فِي فَرِيضَةٍ لَا يَجِدَانِ أَحَدًا يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا»»
أَيُّهَا اَلْإِخْوَةُ اَلْكِرَامُ : نَحْنُ لَا نَعِيشُ فِي اَلْعَالَمِ اَلْمِثَالِيِّ ، وَلَا نَعِيشُ فِي اَلْمَدِينَةِ اَلْفَاضِلَةِ . .
نَحْنُ نَعِيشُ فِي دُنْيَا ، وَنَحْتَكِمُ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا إِلَى قَوَانِينِ الدُّنْيَا ، تُعْزِلُ لِلْأَسَفِ الْقَوَانِينَ الْإِلَهِيَّةَ ، تَلْقَى خَلْفَ الظُّهُورِ الْقَوَانِينَ السَّمَاوِيَّةَ ، وَتُسَنُّ فِي الدُّنْيَا الْقَوَانِينُ الْوَضْعِيَّةُ الْبَشَرِيَّةُ النَّاقِصَةُ الْمَشْبُوهَةُ ، هَذِهِ الْقَوَانِينُ تُسَنُّ فَقَطْ لِتَحْمِيَ الْأَقْوِيَاءَ لِتَحْمَىَ الظَّلَمَةَ ، وَلَا تُطَبَّقُ هَذِهِ الْقَوَانِينُ إِلَّا عَلَى الضُّعَفَاءِ . .
وَقَدْ أَشَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى هَذَا الْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ «« إِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ »»
رَجَعْنَا فِي هَذَا الزَّمَنِ إِلَى مَا هُوَ أَمْرٌ مِنْ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ، أَصْبَحَ الْقَوِيُّ يَنْهَشُ فِي الضَّعِيفِ عِيَانًا بَيَانًا نَهَارًا جِهَارًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقُومَ مُنْصِفٌ فَيَقُولَ كَلِمَةَ حَقٍّ ، وَمِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْخُذَ أَحَدٌ عَلَى يَدِ مُعْتَدٍ ظَالِمٍ . .
مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ أَمَرَنَا رَبُّنَا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِأَنْ نَعِيشَ فِي الدُّنْيَا وَنَحْنُ نَأْخُذُ بِجَمِيعِ أَسْبَابِ الْقُوَّةِ ، لِسَبَبٍ بَسِيطٍ وَهُوَ أَنَّنَا نَعِيشُ فِي عَالَمٍ لَا يُسْمَعُ فِيهِ إِلَّا لِأَصْوَاتِ الْأَقْوِيَاءِ ، وَلَا يَرَى إِلَّا مَكَانَ الْأَقْوِيَاءِ ، وَلَا يَعْمَلُ فِيهِ إِلَّا مَا يُرِيدُهُ الْأَقْوِيَاءُ . .
قَالَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ {{وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ }} [ سُورَةُ الْأَنْفَالِ ]
فَسَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقُوَّةَ بِأَنَّهَا الرَّمْيُ فَقَالَ «« أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ »»

قُلْتُ : وَهَذَا لَا يَمْنَعُ مِنْ أَنْ يَتَّسِعَ مَفْهُومُ الْقُوَّةِ فَيَتَجَاوَزَ الْقُوَّةَ الْإِيمَانِيَّةَ إِلَى الْقُوَّةِ الْعَسْكَرِيَّةِ ثُمَّ يَتَّسِعُ لِيَشْمَلَ الْقُوَّةَ الْبَدَنِيَّةَ وَالْقُوَّةَ الْمَادِّيَّةَ وَالْقُوَّةَ الْعِلْمِيَّةَ . .
وَلَعَلَّ هَذَا مَا أَشَارَ إِلَيْهِ حَدِيثُ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ « الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ »
لِذَلِكَ : مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلَّا وَعَلَّمَهُ ، وَمَا أَرْسَلَ اللَّهُ رَسُولًا إِلَّا وَجَعَلَ مِنْ دَلَائِلِ صِدْقِهِ فِي دَعْوَى النُّبُوَّةِ وَمِنْ شَوَاهِدِ قُوَّةِ حُجَّتِهِ عَلَى قَوْمِهِ أَنَّهُ يَعْلَمُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى مَا لَا يَعْلَمُونَ . .
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي شَأْنِ آدَمَ {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَـٰؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} سُورَةُ الْبَقَرَةِ.
وَقَالَ نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ نَفْسِهِ {{أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ}} [سُورَةُ الْأَعْرَافِ] .
وَقَالَ ابْرَاهِيمُ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ نَفْسِهِ {{يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا}} [سُورَةُ مَرْيَمَ ] .
وَقَالَتْ الْمَلَائِكَةُ لِابْرَاهِيمَ فِي شَأْنِ اسْمَاعِيلَ {{ قَالُوا لَا تُوجِلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ }} [سُورَةِ الْحِجْرِ] .
وَقَالَ فِي شَأْنِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ ۚ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا ۚ وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ ۚ وَكُنَّا فَاعِلِينَ}
سُورَةُ الْأَنْبِيَاءِ .

وَقَالَ يَعْقُوبُ عَنْ نَفْسِهِ {{ قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنْ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ }} [سُورَةِ يُوسُفَ] .
وَقَالَ فِي شَأْنِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ {{ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا ۚ وكذلك نُجْزِي الْمُحْسِنِينَ }} [سُورَةِ يُوسُفَ] .
وَقَالَ يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ نَفْسِهِ {{ ذَٰلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي ۚ إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَّا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ}} [سُورَةُ يُوسُفَ] .
وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي شَأْنِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ {{وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَىٰ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ}} [ سورة القصص] .
وَقَالَ تَعَالِيَ فِي شَأْنِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ {{وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ}} [سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ] .
وَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ فِي شَأْنِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
{{وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ ۚ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا}} [سورة النساء] .
اِيُّهَا اَلْإِخْوَةُ اَلْكِرَامُ :
أَحَدُ أَسْبَابِ قُوَّةِ الْأُمَّةِ فِي أَنْ نَكُونَ أُمَّةً عَلَى عِلْمٍ ، فَأُمَّةُ إِقْرَأْ ، أُمَّةُ الْعُلَمَاءِ وَرَثَةِ الِانْبِيَاءِ ، أُمَّةٌ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا لَنْ تَقُومَ لَهَا قَائِمَةٌ إِلَّا إِذَا سَعَتْ جَاهِدَةً لِطَلَبِ الْعِلْمِ النَّافِعِ وَوَقَّرَتْ طَالِبَ الْعِلْمِ وَمُعَلِّمَهُ . .

بِالْأَمْسِ وَالْيَوْمَ وَغَدًا إِيمَانُ الْعَبْدِ بِاللَّهِ تَعَالِي لَا يَكْتَمِلُ إِلَّا بِأَنْ يَصْحَبَ الْإِيمَانُ الْعِلْمَ {{قُلْ هَـٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ۖ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} } [ سورة يوسف] .
بِالْأَمْسِ وَالْيَوْمَ وَغَدًا حِفَاظُكَ عَلَى دِينِكَ مِنْ الْفِتَنِ وَالْبِدَعِ لَا يَكُونُ بِالْإِيمَانِ فَقَطْ بَلْ لَابُدَّ مَعَ الْإِيمَانِ مِنْ عِلْمٍ
{{وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً ۚ فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}} [سُورَةُ التَّوْبَةِ] .
الْعِلْمُ سَبَبٌ مِنْ أَسْبَابِ الْقُوَّةِ فِي زَمَانٍ نَعِيشُهُ لَا يَعْتَرِفُ إِلَّا بِالْقُوَّةِ وَلَا يَسْمَعُ وَلَا يَرَى إِلَّا الْأَقْوِيَاءَ وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ {{ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ }} [سُورَةِ الْأَنْفَالِ]
قُوَّةٌ إِيمَانِيَّةٌ ، قُوَّةٌ عَسْكَرِيَّةٌ ، قُوَّةٌ بَدَنِيَّةٌ ، قُوَّةٌ مَالِيَّةٌ ، قُوَّةٌ عِلْمِيَّةٌ {{ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ }} [سُورَةِ الْأَنْفَالِ] .
بِالْأَمْسِ وَالْيَوْمَ وَغَدًا حِفَاظُكَ عَلَى كَرَامَتِكَ كَإِنْسَانٍ إِلَّا بِإِيمَانِكَ بِاللَّهِ تَعَالِي وَمَا اُوْتِيتَ مِنْ عِلْمٍ . .
الْعِلْمُ لَهُ مَهَابَةٌ ، الْعِلْمُ لَهُ انْعِكَاسٌ عَلَى شَخْصِيَّةِ صَاحِبِهِ ، وَعَلَى ثِقَتِهِ بِنَفْسِهِ ، وَعَلَى قُدُرَاتِهِ وَإِمْكَانَاتِهِ . .
بِالْأَمْسِ وَالْيَوْمَ وَغَدًا حِفَاظُكَ عَلَى حُرُمَاتِكَ وَمُقَدَّسَاتِكَ لَا يَكُونُ بِالْإِيمَانِ فَقَطْ بَلْ لَابُدَّ وَأَنَّ مَعَ الْإِيمَانِ عِلْمٌ .
الْعِلَمُ سِلَاحٌ يَتَسَلَّحُ بِهِ الْإِنْسَانُ ، يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ بِالْعِلْمِ ، كَيْدَ الْكَائِدِينَ ، وَيَقْلِمُ بِهِ أَظْفَارَ الْمُعْتَدِينَ ، بِالْعِلْمِ الْيَوْمَ نَسْمَعُ غَيْرَنَا وَنَرَى مَا حَوْلَنَا وَنَتَحَاوَرُ مَعَ غَيْرِنَا فِي أَطْرَافِ الْأَرْضِ وَبِالْعِلْمِ نَرْقُبُ بُيُوتَنَا وَأَمْوَالَنَا وَبِلَادَنَا وَبِالْعِلْمِ الْإِنْسَانُ الْيَوْمَ يَعِيشُ بِأَمَانٍ . .
فَمَا اِحْوَجْنَا لِأَنْ نَهْتَمَّ بِطَالِبِ الْعِلْمِ ، وَلَأَنْ نَهْتَمَّ بِمَنْ يُعَلِّمُ طَالِبَ الْعِلْمِ ، وَلِأَنْ نَهْتَمَّ بِمَنَاهِجِ الْعِلْمِ الَّتِي تُخْرِجُ لَنَا أَجْيَالًا مُتَفَتِّحَةً تَبْنِي وَلَا تَهْدِمُ وَتُعَمِّرُ وَلَا تُخَرِّبُ . .
{{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ ۖ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} } [سورة المجادلة] .
نَسْأَلُ اللَّهَ الْعَظِيمَ رَبَّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ أَنْ يُعَلِّمَنَا مَا يَنْفَعُنَا وَأَنْ يَنْفَعَنَا بِمَا عَلَّمْنَا إِنَّهُ وَلِيُّ ذَلِكَ وَالْقَادِرُ عَلَيْهِ .
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
بَقِيَ لَنَا فِي خِتَامِ الْحَدِيثِ عَنْ أَهَمِّيَّةِ قُوَّةِ الْعِلْمِ فِي هَذَا الْعَالَمِ الَّذِي لَا يَحْتَرِمُ إِلَّا الْأَقْوِيَاءَ بَقِيَ لَنَا أَنْ نَقُولَ :

إِنَّ بَقَاءَ هَذَا الْعَالِمِ مَرْهُونٌ بِبَقَاءِ الْعِلْمِ وَالْعُلَمَاءِ ، فَإِذَا حَضَرَ الْعِلْمُ حَضَرَ مَعَهُ الْامْنُ وَالْأَمَانُ ، وَحَضَرَ مَعَهُ الرِّضَا وَالْغِنَى وَالْهُدَى وَالْتَقَى . .
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {{وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ] .
وَإِنَّ زَوَالَ هَذَا الْعَالَمِ بِسُكَّانِهِ بِمُنْشَآتِهِ بِأَرْضِهِ وَسَمَاءَهُ سَيَكُونُ نَتِيجَةً لِقِلَّةِ الْعِلْمِ وَمَوْتِ الْعُلَمَاءِ . .
قَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ « لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى يُقْبَضَ العِلْمُ، وتَكْثُرَ الزَّلَازِلُ، ويَتَقَارَبَ الزَّمَانُ، وتَظْهَرَ الفِتَنُ، ويَكْثُرَ الهَرْجُ - وهو القَتْلُ القَتْلُ - حتَّى يَكْثُرَ فِيكُمُ المَالُ فَيَفِيضَ. »
خِرَابُ هَذَا الْعَالَمِ يَأْتِي مِنْ زَاوِيَةِ الْجَهْلِ ، يَأْتِي مِنْ زَاوِيَةِ الْفَتْوَى بِغَيْرِ عِلْمٍ ، اَلْجَهْلُ بِاللَّهِ تَعَالِيَ يُوَلِّدُ كُفْرًا ، وَالْجَهْلُ بِأُمُورِ الدُّنْيَا يُوَلِّدُ شِقَاقًا وَفَسَادًا ، وَالْجَهْلُ بِأُمُورِ الدِّينِ يُوَلِّدُ ضَلَالًا . .
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ : " إنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْ الْعِبَادِ ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ ، حَتَّى إذَا لَمْ يَبْقَ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤُوسًا جُهَّالًا ، فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا " .
لِذَلِكَ كَانَتْ دَعْوَةُ سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ الْعَظِيمَةُ لِأَهْلِ مَكَّةَ أَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ نَبِيًّا مِنْ بَنِي جِلْدَتِهِمْ ( مُعَلِّمًا ) يَتْلُو عَلَيْهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ وَيَفَهُهُمْ
{{رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ] .
فَاسْتَجَابَ اللَّهُ تَعَالَى دَعْوَةَ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَبَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ الْآيَاتِ وَيُزَكِّي نُفُوسَهُمْ وَيُطَهِّرُهَا وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ . .
وَهَذَا الْمَبْعُوثُ ( مُعَلِّمًا ) هُوَ سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، الَّذِي بُعِثَ لِيُعَلِّمَ النَّاسَ أُمُورَ دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ..
قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ( إِنَّمَا بُعِثْتُ مُعَلِّمًا )
وَفِي صَدْرِ سُورَةِ الْجُمُعَةِ يَقُولُ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ، هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ} سُورَةُ الْجُمُعَةِ

نَسَالُ اللَّهَ الْعَظِيمَ أَنْ يَرْزُقَنَا الْعِلْمَ النَّافِعَ ، وَالْعَمَلَ الْخَالِصَ ، وَأَنْ يَرْزُقَنَا الْهُدَى وَالتَّقَى وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى إِنَّهُ وَلِيُّ ذَلِكَ وَمَوْلَاهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ .
-------------------------------
- جَمْعُ وَتَرْتِيبُ الشَّيْخِ / مُحَمَّدِ سَيِّدِ حُسَيْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ .










__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 85.82 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 84.10 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.01%)]