|
ملتقى القصة والعبرة قصص واقعية هادفة ومؤثرة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() ماذا لو تكلم الياسمين؟ ماهر غازي القسي في حياتنا الاجتماعية من عائلة وجيران وعملٍ يحدُث بعض الخلاف والشِّقاق، فهناك من يُرغي ويُزبد في خلافه، وهناك أيضًا من يعفو ويصفح، والمنتصر في الحقيقة هو من يحفظ الود والعهد، ويتغافل عن الردِّ وأخذِ الحق باليد. والمؤمن هيِّن لينٌ، سهل لطيف، يألَف الناس ويألفه الناس، وخُلُقه الطيب يعبِّر عن معدِنه الأصيل، ومما يُزيِّن شخصية المسلم الحقيقية أنه لا يحبُّ الجدال، ولا يُكثر الخصومة، ولا يفجر فيها إن وُجدت، بل هو سهل ليِّن، ويدرك المؤمن بأن المعارك الجانبية تعكِّر عليه صفوَ حياته، وصفاء قلبه؛ لذلك فهو يتجنَّبها، فبئس القرين قرين الجدال والخصومة: بعض المعارك في خسرانها شرفٌ ![]() من عاد منتصرًا من مثلها انهزما ![]() ومعركتك - إن صح التعبير - مع أخيك وجارك وزميلك، لا يصح أن تعود منها منتصرًا، فأنت الخاسر فيها، سواء ربحت أو هُزِمت، بل لين الجانب والعفو، والصفح والتغافل تجعلك منتصرًا على الحقيقة وفي المآل، حتى وإن ظهرت بمظهر الخاسر في النقاش والجدال. وكن كالياسَمين يفوح بريح عِطره، فقد جعلوا منه عطرًا، وجعلوا منه مشروبًا يداوي الآلام، وكان أيضًا مما يُتزيَّن به في المجالس وعلى جباهِ الأمهات. وماذا لو تكلم الياسمين وأفصح؟ فبماذا يخبرنا حاله؟ وعن أي شيء يتكلم؟ وهل هو بحاجة إلى أن يتكلم؟ فحالُه يخبر عن حقيقته، فالياسمين بريح العطر فوَّاح، لا يحتاج إلى خطب رنَّانة، ولا إلى مقالات منمَّقة، كلما اقتربت منه، شممتَ منه ريحًا طيبة بسهولة ويُسر، والياسمين بمنهجه اللطيف يُكذِّب أمرًا شائعًا أنَّ لكل وردة شوكًا في طريقك حتى تصل إليها: كل الورود لها شوك لتلمسها ![]() والياسمين بريح العطر فوَّاح ![]() والياسمين يخبرنا حاله بأن الحياة بسيطة سهلة، بل كن لطيفًا سهلًا يحبك الناس ويرتاحون بقربك، فالحياة أصبحت مليئة بالكذب، مليئة بتزوير الحقائق، وزادت وسائل التواصل الاجتماعي من البعد عن الشخصية الحقيقية، فكله مزوَّر، وكله مزركش، وكله جميل، فهل الحقيقة مثل هذا؟ كن متعاليًا فوق الخصومة والجدال؛ لأنك عظيم ولأنك جميل: لا يحملُ الحقدَ مَن تعلو به الرتبُ ![]() ولا ينال العلا مَن طبعه الغضبُ ![]() كيف لحقود غضوب أن يكون صديقًا ومؤنسًا؟ بل الأحرى به أن يُهجَر حتى يرتدع، أو ينزجر بعد أن يُنصح. ومنهج الجمال اللطيف، والعطاء الخفيف، والصدقة القليلة الدائمة، وهذا هو منهج الياسمين في منح العِطر والجمال، هو منهج المسلم الذي لا يستثقل أي خير مهما قلَّ؛ ومنه حديث النبي صلى الله عليه وسلم: ((وتبسُّمُك في وجه أخيك صدقة))، وحديث: ((ولا تحقرنَّ من المعروف شيئًا، ولو أن تلقى أخاك بوجه طلقٍ))، ومنه حديث: ((والكلمة الطيبة صدقة))، فإذا ظننت بأن تبسمك أو كلمتك الطيبة لا تُجدي نفعًا؛ فتذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا قامت القيامة وفي يد أحدكم فسيلة، فليغرسها))، وأن كلمتك الطيبة وبسمتك اللطيفة تعبِّر عن حقيقتك، وتُفصح عن بياض قلبك وصدق طويَّتك. ازرع جميلًا ولو في غير موضعه ![]() فلا يضيع جميلٌ أينما زُرعا ![]() إن الجميل وإن طال الزمان به ![]() فليس يحصده إلا الذي زَرعا ![]()
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |