|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() انقضى رمضان فأقبل شوال محمد بن عبدالله بن فياض العلي الحمد لله رب العالمين، إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهدِهِ الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلن تجد له وليًّا مرشدًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله، وصفيُّه من خلقه وخليله، أرسله بالهدى ودين الحق ليُظهره على الدين كله، ولو كره المشركون. اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه الذين آمنوا به وعزَّروه ونصروه، واتبعوا النور الذي أُنزل معه، أولئك هم المفلحون. أوصيكم - عباد الله - ونفسي بتقوى الله العظيم، وأحثُّكم على طاعته، وأحذركم وَبالَ عصيانه ومخالفة أمره؛ أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخيرَ الهَدْيِ هَدْيُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمور مُحدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. أيها المسلمون، لقد فارقنا منذ أيام قليلة ضيفًا عزيزًا كريمًا، ضيفًا استقبله المؤمنون من عباد الله بالفرح والسرور، وقضَوا أيامه بالطاعات والقُرُبات والمَبرات، وودَّعوه بالدعاء والرجاء بأن يتقبل الله منهم، ويدَّخر لهم أعمالهم وأجورها، ليجزِيَهم بها يومَ يلقَونه، فيُدخلهم الجِنان، ويُنجِّيهم من النيران. أيها المسلمون، تقول السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ﴾ [المؤمنون: 60]، قالت عائشة: أهُمُ الذين يشربون الخمر ويسرقون؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يا بنت الصِّدِّيق، ولكنهم الذين يُصلون ويصومون ويتصدقون، وهم يخافون ألَّا يُقبل منهم؛ ﴿ أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ﴾ [المؤمنون: 61]))؛ [رواه الترمذي وابن ماجه]. نعم يا عباد الله، إنهم الذين صاموا وصلُّوا، وتصدقوا وعملوا الصالحات، وفعلوا الخيرات، ولكن قلوبهم وجِلَةٌ خائفة ألَّا يُقبل منهم، وأن يكون نصيبَهم من صيامهم الجوعُ والعطش، ومن قيامهم السهرُ والتعب؛ ولذا فإن العبد المسلم يهتم بقبول العمل، كما يهتم بالعمل نفسه، وصلاح نيته، وإخلاص العبادة لله. أيها المسلمون، إن الله سبحانه وتعالى فرض الصيام على هذه الأمة، وجعل من أجلِّ وأبرز مقاصده تحقيق التقوى؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183]. فبتحقيق التقوى تُقبل الأعمال وتُرفع الدرجات؛ قال الله تعالى: ﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [المائدة: 27]، إنما يتقبل الله من المتقين، والصيام إنما من غاياته تحقيق التقوى، نسأله سبحانه أن يجعلنا من المتقين. فالتقوى - يا عباد الله - هي وصية الله لعباده؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [الحشر: 18]. وقال: ﴿ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ﴾ [النساء: 131]. جعلني الله وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يرزقنا التقوى والإخلاص وصلاح النية، إنه سميع مجيب، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم وللمسلمين. الخطبة الثانية الحمد لله رب العالمين، حمَد عباده الشاكرين.يا ربِّ لك الحمد حمدًا طيبًا كثيرًا مباركًا فيه، ملءَ السماوات والأرض، وملء ما شئت من شيء بعدُ. وأشهد أن لا إله إلا الله وليُّ الصالحين، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله إمام المتقين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليمًا كثيرًا؛ أما بعد أيها المسلمون: فإذا انقضى رمضان، فإن العبادات والطاعات والقربات لا تنتهي ولا تتوقف، بل ينبغي للإنسان المسلم أن يسعى في المَبرَّات والقربات، وأن يعمل الصالحات، كله رجاءٌ بالقبول والتوفيق من الله؛ قال الله تعالى: ﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾ [الحجر: 99]. قال الحسن البصري رحمه الله تعالى: "إن الله لم يجعل لعملِ المؤمن أجلًا دون الموت". أيها المسلمون، إننا في بدايات شهر شوال الذي شُرع لنا فيه الصيام؛ كما ورد في الحديث النبوي الشريف الذي يرويه الصحابي الجليل أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ، كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ))؛ [رواه مسلم]. فإن الله تعالى بارك لهذه الأمة وأكرمها بمضاعفة الحسنات؛ تعويضًا لها عن قصر أعمارهم قياسًا بالأمم السابقة؛ إذ جعل الحسنة بعشر أمثالها، فإن صيام رمضان وستٍّ من شوال يعدِل صيام السنة كلها، بفضل الله وكرمه وجُوده لهذه الأمة المرحومة. عباد الله، أمرنا الله بالصلاة والسلام على رسوله الكريم؛ فقال سبحانه: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]. اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وارضَ اللهم عن أصحاب سيدنا رسول الله أجمعين، وعن التابعين وتابعي التابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. اللهم رُدَّنا والمسلمين إلى ديننا ردًّا جميلًا، وامنُن علينا بصفاء المعرفة، وهَبْ لنا تصحيح المعاملة فيما بيننا وبينك على السنة، اللهم أحيِنا ذاكرين، وأمِتْنا ذاكرين، واحشرنا في زمرة الذاكرين تحت لواء سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، اللهم نسألك الهدى والتقى، والعفاف والغِنى، اللهم استر عوراتنا، وآمن روعاتنا. اللهم إنا نسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وأن تغفر لنا وترحمنا، وإذا أردت بعبادك فتنة، فاقبضنا إليك غير مفتونين. ربنا اغفر لنا وارحمنا ولوالدينا، وللمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، إنك يا مولانا سميع قريبٌ مُجيب الدعوات. والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |